1- محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الطاعن إلى طلب إعادة المأمورية إلى الخبير متى إقتنعت بكفاية الأبحاث التى أجراها و بسلامة الأسس التى بنى عليها رأيه .
(الطعن رقم 631 لسنة 43 جلسة 1977/04/27 س 28 ع 1 ص 1067 ق 183)
2- إذ كانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب ندب خبير أصلاً ، فإن عدم إشارتها صراحة إلى طلب ندب خبير يعتبر بمثابة قضاء ضمنى برفض هذا الطلب إذ إقامة الحكم على إعتبارات تبرره يعتبر رداً ضمنياً على ما أثير من دفاع .
(الطعن رقم 261 لسنة 39 جلسة 1974/04/29 س 25 ع 1 ص 761 ق 125)
3- ندب خبير آخر ليس مما يجب على محكمة الموضوع إجراؤه بل أن هذا الإجراء و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة جوازى لمحكمة الموضوع متروك لمطلق تقديرها ، و من ثم فلا تثريب عليها إن هى لم تر إستعمال هذه الرخصة التى منحها المشرع لها ، ذلك أن تقدير المحكمة لعمل الخبير هو مما يدخل فى سلطتها الموضوعية ، و هى بإعتبارها الخبير الأعلى لها أن تقدر رأى الخبير ، و لو كان فى مسألة فنية دون حاجة إلى الإستعانة فى ذلك برأى خبير آخر ما دامت لم تر لزوماً لهذا الإجراء .
(الطعن رقم 99 لسنة 37 جلسة 1972/12/12 س 23 ع 3 ص 1357 ق 212)
4- محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب تعيين خبير مرجح ، متى كانت قد وجدت فى تقرير الخبير المنتدب و من القرائن الأخرى ما يكفى لإقناعها بالرأى الذى إنتهت إليه ، و كان لها فى حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو بعضه طبقا لما تطمئن إليه من قضائها
(الطعن رقم 340 لسنة 35 جلسة 1970/01/22 س 21 ع 1 ص 159 ق 27)
للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تعين خبيراً للاستعانة به في ناحية فنية مثلاً وتحدد له جلسة لتسمع فيه رأيه شفاهة بدون تقديم تقرير ويثبت رأيه في المحضر كما يجوز للخصوم طلب سماع خبير شفاهة في الدعوى والأمر جوازي للمحكمة.(الشرح والتعليق على قانون الإثبات المدني، المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، طبعة 2014، 2015 دار محمود، المجلد : الثاني ، الصفحة : 501)
أجازت هذه المادة للمحكمة أن تعين خبيراً لإبداء رأيه شفاهة بالجلسة، وتقوم المحكمة بذلك إما من تلقاء نفسها، وإما بناء على طلب من أحد الخصوم غير أن المحكمة ليست ملزمة بإجابة الخصم إلى طلبه في هذا الصدد.(التعليق على قانون الإثبات، المستشار/ عز الدين الديناصوري، والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات الأستاذ/ خيري راضي المحامي، الناشر/ دار الكتب والدراسات العربية، الجزء الرابع ، الصفحة : 1579)
تعيين المحكمة خبيراً لإبداء رأيه مشافهة:
للمحكمة أن تعين خبيراً لإبداء رأيه مشافهة في الجلسة بدون تقرير يقدمه وإنما يثبت رأيه في المحضر فقط.
والمحكمة تعين الخبير إما من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.
غير إنه إذا طلب أحد الخصوم تعيين خبير لإبداء رأيه شفاهة أمام المحكمة، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابته إلى طلبه.(موسوعة البكري القانونية في قانون الإثبات، المستشار/ محمد عزمي البكري، طبعة 2017، دار محمود، المجلد : الرابع ، الصفحة : 2256)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون التقاضي والإثبات ، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 188 .
(مادة 174):
للمحكمة أن تعين خبيراً لإبداء رأيه مشافهة بالجلسة بدون تقديم تقریر، ویثبت رأيه في المحضر.
م (155) إثبات مصري، و م (213) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية: «يجوز للمحكمة أن تعين أهل خبرة ليعطوا رأيهم أمام الجلسة شفهياً بدون احتیاج لتقديم تقرير، وفي هذه الحالة يكتب رأيهم بمحضر الجلسة».
وم (142) بینات سوري: «للمحكمة أن تعين خبراء ليدلوا برأيهم شفوياً في الجلسة، دون حاجة إلى تقديم تقرير، وفي هذه الحالة يثبت رأيهم في محضر الجلسة». وم (88) إثبات سوداني: «للمحكمة أن تعين خبيراً أو أكثر لإبداء الرأي أمامها بالجلسة دون حاجة إلى تقديم تقرير مكتوب ، وفي تلك الحالة بدون رأي الخبير في محضر الجلسة»).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 248
الْقَضَاءُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (الْخِبْرَةِ):
اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِيمَا يَخْتَصُّونَ بِمَعْرِفَتِهِ إِذَا كَانُوا حُذَّاقًا مَهَرَةً. وَمِنْ ذَلِكَ الاِسْتِعَانَةُ فِي مَعْرِفَةِ قِدَمِ الْعَيْبِ أَوْ حَدَاثَتِهِ.
وَيُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الطِّبِّ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْجِرَاحِ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ الْجُرْحِ وَعُمْقِهِ وَعَرْضِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ. وَكَذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ النِّسَاءِ فِيمَا لاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ كَالْبَكَارَةِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 17
خِبْرَةٌ
التَّعْرِيفُ :
- الْخِبْرَةُ فِي اللُّغَةِ - بِكَسْرِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا - الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ، وَمَعْرِفَتُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: خَبَرْتُ بِالشَّيْءِ إِذَا عَرَفْتُ حَقِيقَةَ خَبَرِهِ. وَمِثْلُهُ الْخِبْرُ وَالْخُبْرُ، وَالْمَخْبُرَةُ. وَالْمُخْبِرَةُ. وَالْخَبِيرُ بِالشَّيْءِ، الْعَالِمُ بِهِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ، مِثْلُ عَلِيمٍ، وَقَدِيرٍ، وَأَهْلُ الْخِبْرَةِ ذَوُوهَا
وَاسْتُعْمِلَ فِي مَعْرِفَةِ كُنْهِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) وَالْخَبِيرُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ الْعَالِمُ بِكُنْهِ الشَّيْءِ الْمُطَّلِعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. هَذَا فِي الأْصْلِ. وَعِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ فِيمَا غَمُضَ مِنَ الأْشْيَاءِ وَلَطُفَ، وَفِيمَا تَجَلَّى مِنْهُ وَظَهَرَ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَقَدْ عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْخِبْرَةِ بِلَفْظِ الْبَصِيرَةِ، كَمَا عَبَّرُوا عَنْهَا بِلَفْظِ الْمَعْرِفَةِ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْعِلْمُ وَالْمَعْرِفَةُ :
أَوَّلاً: الْعِلْمُ :
- الْعِلْمُ يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ: مِنْهَا مَا يَصِيرُ بِهِ الشَّيْءُ مُنْكَشِفًا، وَمِنْهَا الصُّورَةُ الْحَاصِلَةُ مِنَ الشَّيْءِ عِنْدَ الْعَقْلِ، وَمِنْهَا الإْدْرَاكُ، وَمِنْهَا الاِعْتِقَادُ الْجَازِمُ الْمُطَابِقُ لِلْوَاقِعِ.
ثَانِيًا: الْمَعْرِفَةُ :
- أَمَّا الْمَعْرِفَةُ فَهِيَ إِدْرَاكُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَهِيَ مَسْبُوقَةٌ بِجَهْلٍ، بِخِلاَفِ الْعِلْمِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخِبْرَةِ، أَنَّ الْخِبْرَةَ الْعِلْمُ بِكُنْهِ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى حَقَائِقِهَا، فَفِيهَا مَعْنًى زَائِدٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ
ب - التَّجْرِبَةُ :
- التَّجْرِبَةُ مَصْدَرُ جَرَّبَ، وَمَعْنَاهُ الاِخْتِبَارُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَعَلَى ذَلِكَ فَالتَّجْرِبَةُ اسْمٌ لِلاِخْتِبَارِ مَعَ التَّكْرَارِ؛ لأِنَّهَا مِنَ التَّجْرِيبِ الَّذِي هُوَ تَكْرِيرُ الاِخْتِبَارِ وَالإْكْثَارُ مِنْهُ، وَلاَ يَلْزَمُ فِي الْخِبْرَةِ التَّكْرَارُ .
ح - الْبَصَرُ أَوِ الْبَصِيرَةُ :
- الْبَصِيرَةُ لُغَةً: الْعِلْمُ وَالْخِبْرَةُ، يُقَالُ: هُوَ ذُو بَصَرٍ وَبَصِيرَةٍ، أَيْ ذُو عِلْمٍ وَخِبْرَةٍ. وَيُعْرَفُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ مِمَّا أَوْرَدَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي أَنَّ الْقَاضِيَ يَرْجِعُ فِي تَقْدِيرِ الْقِيمَةِ إِلَى أَهْلِ الْبَصِيرَةِ وَهُمْ أَهْلُ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي قِيمَةِ الشَّيْءِ .
د - الْقِيَافَةُ :
- الْقِيَافَةُ مَصْدَرُ قَافَ الأَْثَرَ قِيَافَةً إِذَا تَتَبَّعَهُ. وَالْقَائِفُ هُوَ مَنْ يَعْرِفُ الآْثَارَ وَيَتَتَبَّعُهَا، وَيَعْرِفُ شَبَهَ الرَّجُلِ بِأَخِيهِ، وَأَبِيهِ، وَالْجَمْعُ الْقَافَةُ. وَتُسْتَعْمَلُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ فِي نَفْسِ الْمَعْنَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي: الْقَافَةُ قَوْمٌ يَعْرِفُونَ الإْنْسَانَ بِالشَّبَهِ.
هـ - الْحِذْقُ :
- الْحِذْقُ الْمَهَارَةُ، يُقَالُ: حَذَقَ الصَّبِيُّ الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ يَحْذِقُهُ حِذْقًا وَحَذْقًا إِذَا مَهَرَ فِيهِ، وَحَذِقَ الرَّجُلُ فِي صَنْعَتِهِ أَيْ مَهَرَ فِيهَا، وَعَرَفَ غَوَامِضَهَا وَوَقَائِعَهَا .
فَالْحِذْقُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَهَارَةِ فِي الصَّنْعَةِ غَالِبًا، وَهُوَ لِهَذَا الاِعْتِبَارِ أَخَصُّ مِنَ الْخِبْرَةِ
و - الْفِرَاسَةُ :
- الْفِرَاسَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ هِيَ التَّثَبُّتُ وَالتَّأَمُّلُ لِلشَّيْءِ وَالْبَصَرُ بِهِ، يُقَالُ: إِنَّهُ لَفَارِسٌ بِهَذَا الأْمْرِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: « اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ » .
وَيَقُولُ ابْنُ الأْثِيرِ: الْفِرَاسَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ تُتَعَلَّمُ بِالدَّلاَئِلِ وَالتَّجَارِبِ وَالْخُلُقِ وَالأْخْلاَقِ فَتُعْرَفُ بِهِ أَحْوَالُ النَّاسِ. يَقُولُ ابْنُ فَرْحُونَ: الْفِرَاسَةُ نَاشِئَةٌ عَنْ جَوْدَةِ الْقَرِيحَةِ وَحِدَّةِ النَّظَرِ وَصَفَاءِ الْفِكْرِ .
فَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى قَرِيبَةٌ لِمَعْنَى الْخِبْرَةِ.
حُكْمُ الْخِبْرَةِ :
- تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَنِ الْخِبْرَةِ وَاعْتَمَدُوا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا تَبَعًا لِمَوْطِنِهَا.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُهَا:
الْخِبْرَةُ فِي التَّزْكِيَةِ :
- ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ حَالَ الشُّهُودِ يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ مَنْ يُزَكِّيهِمْ عِنْدَهُ لِيَعْلَمَ عَدَالَتَهُمْ، لقوله تعالي : ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ تَزْكِيَةَ السِّرِّ ضَرُورِيَّةٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَيَرَى بَعْضُهُمْ تَزْكِيَةَ الشَّاهِدِ، التَّزْكِيَةُ الْعَلاَنِيَةُ أَيْضًا.
وَتَزْكِيَةُ الشُّهُودِ تَكُونُ بِاخْتِيَارِ الْقَاضِي مَنْ هُمْ أَوْثَقُ النَّاسِ عِنْدَهُ، وَأَوْرَعُهُمْ دِيَانَةً، وَأَدْرَاهُمْ بِالْمَسْأَلَةِ وَأَكْثَرُهُمْ خِبْرَةً، وَأَعْلَمُهُمْ بِالتَّمْيِيزِ فِطْنَةً، فَيَكْتُبُ لَهُمْ أَسْمَاءَ وَأَوْصَافَ الشُّهُودِ، وَيُكَلِّفُهُمْ تَعَرُّفَ أَحْوَالِهِمْ مِمَّنْ يَعْرِفُهُمْ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالأْمَانَةِ، وَجِيرَانِهِمْ وَمُؤْتَمَنِي أَهَالِي مَحَلَّتِهِمْ، وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِمْ، وَمِمَّنْ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ مِنْ مُعْتَمَدِي أَهْلِ صَنْعَتِهِمْ (أَيْ نَقِيبِ الْحِرْفَةِ مَثَلاً). فَإِذَا كَتَبُوا تَحْتَ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمْ: (عَدْلٌ، وَمَقْبُولُ الشَّهَادَةِ) يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِلاَّ فَلاَ .
وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُزَكِّيَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ أَسْبَابِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَمَعْرِفَةُ خِبْرَةِ بَاطِنِ مَنْ يُعَدِّلُهُ، لِخِبْرَةٍ، أَوْ جِوَارٍ، أَوْ مُعَامَلَةٍ لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ بِمَا يَشْهَدُ. وَلأِنَّ عَادَةَ النَّاسِ إِظْهَارُ الصَّالِحَاتِ وَإِسْرَارُ الْمَعَاصِي، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَا خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ، رُبَّمَا اغْتَرَّ بِحُسْنِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ فَاسِقٌ فِي الْبَاطِنِ .
هَذَا فِي تَزْكِيَةِ السِّرِّ، أَمَّا تَزْكِيَةُ الْعَلاَنِيَةِ فَتَحْصُلُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ وَالْخَصْمَيْنِ. وَبِمَا أَنَّ تَزْكِيَةَ الْعَلاَنِيَةِ تُعْتَبَرُ شَهَادَةً، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ مِنَ التَّعَدُّدِ وَالْعَدَالَةِ وَغَيْرِهِمَا . أَمَّا تَزْكِيَةُ السِّرِّ فَفِيهَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (تَزْكِيَةٌ، وَشَهَادَةٌ).
الْخِبْرَةُ فِي الْقِسْمَةِ :
- الْقِسْمَةُ تَحْتَاجُ إِلَى قَاسِمٍ، وَقَدْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ الشُّرَكَاءُ أَنْفُسُهُمْ إِذَا كَانُوا ذَوِي أَهْلِيَّةٍ وَمِلْكٍ وَوِلاَيَةٍ، فَيَقْسِمُونَ الْمَالَ بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي، وَقَدْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ غَيْرُ الشُّرَكَاءِ مِمَّنْ يُعَيِّنُونَهُ أَوْ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ .
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاسِمِ بِجَانِبِ سَائِرِ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا، عَالِمًا بِالْقِسْمَةِ، عَارِفًا بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ، لِيُوصِلَ إِلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ لأِنَّهَا مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْقَضَاءِ، وَلاَ بُدَّ مِنَ الاِعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ بِالأْمَانَةِ وَالْعِلْمِ .
وَلاَ فَرْقَ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْنَ الْقَاسِمِ الَّذِي عَيَّنَهُ الشُّرَكَاءُ، وَالَّذِي نَصَّبَهُ الإْمَامُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ لأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ.
وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ مُتَعَدِّدًا، فَيَكْفِيَ أَنْ يَكُونَ شَخْصًا وَاحِدًا ذَا مَعْرِفَةٍ وَخِبْرَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأِنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ عَنْ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ، كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ لِلسِّلْعَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ قَاسِمَانِ؛ لأِنَّ التَّقْوِيمَ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ
وَجَاءَ فِي فَتْحِ الْعَلِيِّ الْمَالِكِ: إِذَا اطَّلَعَ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ عَلَى عَيْبٍ فِيمَا خَصَّهُ، وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَهُوَ خَفِيٌّ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي أَكْثَرِ نَصِيبِهِ، خُيِّرَ بَيْنَ إِمْسَاكِ النَّصِيبِ وَلاَ شَيْءَ لَهُ، وَبَيْنَ رَدِّ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ كَانَ النَّصِيبَانِ قَائِمَيْنِ رَجَعَا شَائِعَيْنِ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَإِنْ فَاتَ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ بِنَحْوِ صَدَقَةٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ هَدْمٍ، رَدَّ آخِذُهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ، وَكَانَ النَّصِيبُ الْقَائِمُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ فَاتَا تَقَاصَّا .
وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي مُصْطَلَحَيْ: (قِسْمَةٌ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ).
الْخِبْرَةُ فِي الْخَارِصِ :
- الْخَرْصُ: الْحَزْرُ وَالتَّحَرِّي، وَهُوَ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِ الشَّيْءِ (مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ) لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الزَّكَاةِ فِيهِ. فَإِذَا بَدَا صَلاَحُ الثِّمَارِ مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَحَلَّ بَيْعُهُمَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْعَثَ الإْمَامُ مَنْ يَخْرُصُهَا، وَيَعْرِفَ قَدْرَ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ).
وَيُشْتَرَطُ فِي الْخَارِصِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْخَرْصِ؛ لأِنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الثَّمَرِ وَالزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ، وَالْجَاهِلُ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الاِجْتِهَادِ فِيهِ، وَيُجْزِئُ خَارِصٌ وَاحِدٌ إِنْ كَانَ عَدْلاً عَارِفًا، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيُشْتَرَطُ اثْنَانِ كَالتَّقْوِيمِ وَالشَّهَادَةِ .
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْخَارِصُونَ فَيُعْمَلُ بِتَخْرِيصِ الأْعْرَفِ مِنْهُمْ .
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْخَرْصِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا، مَا ثَبَتَ « أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودَ، فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حَتَّى يَطِيبَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ » .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْخَرْصُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ فَلاَ يَلْزَمُ بِهِ حُكْمٌ . وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « نَهَى عَنِ الْخَرْصِ » . وَقَالُوا: إِنَّ الْخَرْصَ الْوَارِدَ فِي بَعْضِ الأْحَادِيثِ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَعْلَمَ مِقْدَارَ مَا فِي نَخْلِهِمْ، ثُمَّ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الزَّكَاةُ وَقْتَ الصِّرَامِ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ فِيهَا. وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ تَخْوِيفًا لِلْمُزَارِعِينَ لِئَلاَّ يَخُونُوا لاَ لِيَلْزَمَ بِهِ حُكْمٌ . (ر: خَرْصٌ).
خِبْرَةُ الْقَائِفِ :
- الْقَائِفُ مَنْ يَعْرِفُ الآْثَارَ وَيَتَتَبَّعُهَا، وَيَعْرِفُ شَبَهَ الرَّجُلِ بِأَخِيهِ وَأَبِيهِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْقَائِفِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إِذَا كَانَ خَبِيرًا مُجَرَّبًا، وَلَمْ تُوجَدْ لإِثْبَاتِ نَسَبِ الطِّفْلِ بَيِّنَةٌ، أَوْ تَسَاوَتْ بَيِّنَةُ الطَّرَفَيْنِ .
وَقَدْ وَرَدَ فِي الأْخْذِ بِقَوْلِ الْقَائِفِ أَحَادِيثُ مِنْهَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: « دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأْقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ » .
وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ فِي إِلْحَاقِ النَّسَبِ لأِنَّهُ كَحَاكِمٍ، فَيَكْفِي مُجَرَّدُ خَبَرِهِ.
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ بِجَانِبِ سَائِرِ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا مُجَرَّبًا فِي الإْصَابَةِ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : « لاَ حَكِيمَ إِلاَّ ذُو تَجْرِبَةٍ » وَلأِنَّهُ أَمْرٌ عِلْمِيٌّ فَلاَ بُدَّ مِنَ الْعِلْمِ بِعِلْمِهِ لَهُ وَذَلِكَ لاَ يُعْرَفُ بِغَيْرِ التَّجْرِبَةِ فِيهِ.
وَمِنْ طُرُقِ تَجْرِبَتِهِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ، فَإِذَا أَصَابَ فِي كُلٍّ فَهُوَ مُجَرَّبٌ . وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (قِيَافَةٌ).
الْخِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ :
- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الأْخْذِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنَ التُّجَّارِ، وَأَهْلِ الصَّنْعَةِ فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ، وَقِيَمِ السِّلَعِ الْمَبِيعَةِ، أَوِ الْمَأْجُورَةِ لإِثْبَاتِ الْعَيْبِ، أَوِ الْجَوْرِ، أَوِ الْغَرَرِ وَنَحْوِهَا. قَالَ فِي الدُّرِّ: لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ثُمَّ طُلِبَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ رَجَعَ فِيهِ الْقَاضِي إِلَى أَهْلِ الْبَصِيرَةِ، أَيْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ . وَنُصُوصُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الأْمُورِ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا: مَا ذُكِرَ فِي مَجَلَّةِ الأْحْكَامِ أَنَّ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْخَالَيْنِ عَنِ الْغَرَضِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ الثَّوْبُ سَالِمًا ثُمَّ يُقَوَّمَ مَعِيبًا، فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنَ التَّفَاوُتِ يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ .
وَيَقُولُ ابْنُ فَرْحُونَ: يُرْجَعُ إِلَى قَوْلِ التَّاجِرِ فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ إِلاَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْقِيمَةِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، كَتَقْوِيمِ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ، هَلْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ النِّصَابَ أَوْ لاَ ؟ فَهَاهُنَا لاَ بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ .
لأِنَّ الْمُقَوِّمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَشْبَاهٍ: شَبَهُ الشَّهَادَةِ؛ لأِنَّهُ إِلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَشَبَهُ الرِّوَايَةِ؛ لأِنَّ الْمُقَوِّمَ مُتَصَدٍّ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لأِنَّ الشَّاهِدَ كَذَلِكَ، وَشَبَهُ الْحَاكِمِ؛ لأَِنَّ حُكْمَهُ يَنْفُذُ فِي الْقِيمَةِ. فَإِنْ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهِ حَدٌّ تَعَيَّنَ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ أَيْضًا: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَوِّمِ الْوَاحِدِ لأِرْشِ الْجِنَايَاتِ.
وَقَالَ الْخَرَشِيُّ: الْمُقَوِّمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى تَقْوِيمِهِ قَطْعٌ، أَوْ غُرْمٌ فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّعَدُّدِ وَإِلاَّ فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: وَيُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مِنَ التِّجَارَةِ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَعُيُوبِ الثِّيَابِ .
وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَنَقْصِ الثَّمَنِ إِلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ، وَتَقْوِيمُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الصَّنْعَةِ. لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ التَّقْوِيمَ لاَ يَكُونُ بِالْوَاحِدِ بَلْ يَحْتَاجُ إِلَى اثْنَيْنِ؛ لأِنَّهُ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّعَدُّدِ .
وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي أَبْوَابِهَا مِنَ الضَّمَانِ، وَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَالشَّهَادَةِ وَالْغَرَرِ وَنَحْوِهَا.
الْخِبْرَةُ فِي مَعْرِفَةِ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ :
- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ لاَ يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ.
وَمَعَ تَفْصِيلِهِمْ وَخِلاَفِهِمْ فِي وَضْعِ ضَابِطٍ لِلْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَقِدَمِهِ قَوْلُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ: (الْعَيْبُ هُوَ مَا يُنْقِصُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عِنْدَ التُّجَّارِ وَأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ. وَنُقْصَانُ الثَّمَنِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ). وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ وَالزَّيْلَعِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ .
وَنَحْوُهُ مَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ مَعَ اخْتِلاَفٍ فِي الْعِبَارَةِ حَيْثُ قَالُوا: الْقَوْلُ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ أَوْ نَفْيِ قِدَمِهِ لِلْبَائِعِ إِلاَّ بِشَهَادَةِ الْعَادَةِ أَيْ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لِلْمُشْتَرِي.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ مِنَ النَّخَّاسِينَ فِي مَعْرِفَةِ عُيُوبِ الْحَيَوَانَاتِ .
كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ لَوِ اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ أَوْ لاَ ؟ أَوِ اخْتَلَفَا فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، رُجِعَ فِيهِ لأِهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هُوَ عَيْبٌ، فَلَهُ الْفَسْخُ، وَإِلاَّ فَلاَ . يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (خِيَارُ الْعَيْبِ).
خِبْرَةُ الطَّبِيبِ وَالْبَيْطَارِ :
- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إِلَى الأْطِبَّاءِ مِمَّنْ لَهُمْ خِبْرَةٌ فِي مَعْرِفَةِ الْعُيُوبِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَفِي مَعْرِفَةِ الشِّجَاجِ وَالْجِرَاحِ وَتَحْدِيدِ أَسْمَائِهَا مِنَ الْمُوضِحَةِ، وَالدَّامِيَةِ، وَالدَّامِغَةِ وَنَحْوِهَا.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى الأْخْذِ بِقَوْلِ الْبَيَاطِرَةِ مِمَّنْ لَهُ خِبْرَةٌ فِي عُيُوبِ الدَّوَابِّ. وَفِيمَا يَأْتِي بَعْضُ النُّصُوصِ مِنْ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَجَالِ:
قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: يُرْجَعُ إِلَى أَهْلِ الطِّبِّ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْجِرَاحِ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ الْجُرْحِ، وَعُمْقِهِ، وَعَرْضِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ الْقِصَاصَ فَيَشُقُّونَ فِي رَأْسِ الْجَانِي أَوْ فِي بَدَنِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ .
وَجَاءَ فِي الْمُغْنِي: إِذَا اخْتُلِفَ فِي الشَّجَّةِ هَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أَوْ لاَ، أَوْ فِيمَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالْهَاشِمَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالآْمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ، أَوْ أَصْغَرَ مِنْهَا كَالْبَاضِعَةِ، وَالْمُتَلاَحِمَةِ، وَالسِّمْحَاقِ، أَوْ فِي الْجَائِفَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي لاَ يَعْرِفُهَا إِلاَّ الأْطِبَّاءُ، أَوِ اخْتَلَفَا فِي دَاءٍ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الأْطِبَّاءُ أَوْ فِي دَاءِ الدَّابَّةِ، يُؤْخَذُ بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ أَوْ بَيْطَارَيْنِ إِذَا وُجِدَا، فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى اثْنَيْنِ أَجْزَأَ وَاحِدٌ؛ لأِنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ .
وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي مَوَاضِعِهَا (ر: شَهَادَةٌ، شِجَاجٌ، خِيَارُ الْعَيْبِ).
عَدَدُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ :
- الأْصْلُ أَنَّ قَوْلَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ إِنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الشَّهَادَةِ يَجِبُ فِيهِ اثْنَانِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، إِلاَّ إِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى اثْنَيْنِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الإْخْبَارِ وَالرِّوَايَةِ فَلاَ يَجِبُ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَيَكْفِي فِيهِ الْمُخْبِرُ الْوَاحِدُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْعُيُوبِ، وَمِنْهُمُ الطَّبِيبُ وَالْبَيْطَارُ، وَالْخَارِصُ، وَالْقَائِفُ، وَالْقَسَّامُ، وَقَائِسُ الشِّجَاجِ وَنَحْوُهُمْ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ: الْقِيمَةُ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَدٌّ كَتَقْوِيمِ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ، هَلْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ النِّصَابَ أَمْ لاَ ؟ فَهَاهُنَا لاَ بُدَّ مِنَ اثْنَيْنِ. وَقَالَ نَقْلاً عَنِ الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا اجْتَمَعَ عَدْلاَنِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ .
وَقَالَ: وَيَكْفِي الْوَاحِدُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ، وَفِيمَا كَانَ عِلْمًا يُؤَدِّيهِ.
وَمِثْلُهُ مَا قَالَ فِي قَائِسِ الْجِرَاحِ مِنَ الاِكْتِفَاءِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، لأِنَّهُ لَيْسَ عَلَى جِهَةِ الشَّهَادَةِ.
وَجَاءَ فِي مَعِينِ الْحُكَّامِ: مَا بَطَنَ مِنَ الْعُيُوبِ فِي حَيَوَانٍ - فَالطَّرِيقُ هُوَ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِ الْبَصَرِ إِنْ أَخْبَرَ وَاحِدٌ عَدْلاً يَثْبُتُ الْعَيْبُ فِي الْخُصُومَةِ. وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الاِكْتِفَاءُ بِقَوْلِ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ فِي النَّسَبِ، وَالتَّاجِرِ الْوَاحِدِ فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفَاتِ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونَ.
وَقَالَ الْخَرَشِيُّ: الْقَاسِمُ الْوَاحِدُ يَكْفِي؛ لأِنَّ طَرِيقَهُ عَنْ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ كَالْقَائِفِ، وَالْمُفْتِي، وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ وَجَّهَهُ الْقَاضِي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ .
وَمِثْلُهُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي مُصْطَلَحِ: (شَهَادَةٌ).
اخْتِلاَفُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ :
- إِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي التَّقْوِيمِ، أَوِ الْخَرْصِ، أَوِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ آرَاءٌ تُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا، وَفِيمَا يَلِي أَمْثِلَةٌ مِنْهَا:
أ - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ التُّجَّارُ، أَوْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ عَيْبٌ، وَقَالَ الآْخَرُونَ لاَ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، إِذْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا بَيِّنًا عِنْدَ الْكُلِّ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي اخْتِلاَفِ شُهُودِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي تَعَيُّبِ السِّلْعَةِ وَقِدَمِ الْعَيْبِ فِيهَا رَأْيَانِ: الأْخْذُ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الْمُبْتَاعِ .
قَالَ ابْنُ فَرْحُونَ نَقْلاً عَنِ الْمُتَيْطِيَّةِ: إِذَا أَثْبَتَ مُبْتَاعُ الدَّارِ تَشَقُّقَ الْحِيطَانِ، وَتَعَيُّبَهَا، وَأَنَّهَا مُتَهَيِّئَةٌ لِلسُّقُوطِ، وَإِنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يَحُطُّ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا، وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَظْهَرُ مِنْ خَارِجِ الدَّارِ لاَ مِنْ دَاخِلِهَا، وَشَهِدَ لِلْبَائِعِ شُهُودٌ أَنَّ الدَّارَ سَالِمَةٌ مِمَّا ادَّعَى الْمُبْتَاعُ، مَأْمُونَةُ السُّقُوطِ لاِعْتِدَالِ حِيطَانِهَا وَسَلاَمَتِهَا مِنَ الْمَيْلِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ التَّهَدُّمِ، وَأَنَّ التَّشَقُّقَ لاَ يَضُرُّهَا مَعَ أَنَّهُ لاَ يَخْفَى عَلَى مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا، وَثَبَتَ جَمِيعُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ: يُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِمَّنْ لَهُ بَصَرٌ بِعُيُوبِ الدُّورِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: بَيِّنَةُ الْمُبْتَاعِ أَوْلَى؛ لأِنَّ الْبَيِّنَةَ الَّتِي تُوجِبُ الْحُكْمَ إِذَا قُبِلَتْ أَعْمَلُ مِنَ الَّتِي تَنْفِيهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى الأْخْذِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِيمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَقِدَمِهِ. فَلَوْ فُقِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَوِ اخْتَلَفُوا، صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِتَحَقُّقِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَالشَّكِّ فِي مُسْقِطِ الرَّدِّ.
وَمِثْلُهُ مَا فِي كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ فِي بَابِ الإْجَارَاتِ .
وَتَفْصِيلُهُ فِي (خِيَارُ الْعَيْبِ).
ب - إِذَا اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ لِلسَّرِقَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ تَبْلُغُ قِيمَتُهَا ثَلاَثَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: قِيمَتُهَا ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِذَا اجْتَمَعَ عَدْلاَنِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ، وَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ عِيسَى: إِذَا اجْتَمَعَ عَلَى السَّرِقَةِ رَجُلاَنِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى مَنْ خَالَفَهُمَا، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلاً عَنْ مَالِكٍ: إِنْ دُعِيَ أَرْبَعَةٌ فَاجْتَمَعَ رَجُلاَنِ عَلَى قِيمَةٍ قَالَ: يَنْظُرُ الْقَاضِي إِلَى أَقْرَبِ التَّقْوِيمِ إِلَى السَّدَادِ، بِأَنْ يَسْأَلَ مَنْ سِوَاهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ السَّدَادُ مِنْ ذَلِكَ.
ج - إِنِ اخْتَلَفَ الْخَارِصُونَ فِي قَدْرِ التَّمْرِ الَّذِي خَرَصُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يُعْمَلُ بِتَخْرِيصِ الأْعْرَفِ مِنْهُمْ، وَيُلْغَى تَخْرِيصُ مَا سِوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَعْرَفُ، فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ جُزْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ . (ر: خَرْصٌ).

