loading

موسوعة القانون المدني

المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 195

مذكرة المشروع التمهيدي

1-احتذى المشروع في هذا النص مثال التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة 1938 في مادته الخامسة فلم يقتصر على التصريح بالقاعدة العامة في النسخ کما تقررها المادة (4) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بل عنى بمواجهة صور النسخ الضمني وبذلك  قنن القواعد التي استقر عليها قضاء المحاكم الأهلية والمختلطة من قبل .

2- والأصل في نسخ التشريع أن يتم بنص صريح يتضمنه تشریع لاحق وهذا هو النسخ الصريح، إلا أن النسخ قد يكون ضمنياً وللنسخ الضمني صورتان : فإما أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع القديم وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض . وإما أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً کاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوص هذا التشريع ونصوص التشريع الذي تلاه، وقد أخذ القضاء بهذه التفرقة فقضت محكمة الاستئناف المختلطة ( 15 يناير سنة 1914 ب 26 ص 141 ) بأنه . إذا تعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق وجب أن يتناول النسخ أحكام هذا التشريع جميعاً وفي غير هذه الحالة لا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد .

3- وغني عن البيان أن النص على عدم جواز نسخ التشريع إلا بمقتضى تشريع آخر يستتبع عدم جواز نسخ النص التشريعي بمقتضى عرف لاحق ( أنظر المادة 5 من التقنين المدني الأسباني).

الأحكام

1 ـ مؤدى نص المادة الثانية من القانون المدني أن النص التشريعى الذى يتضمن قاعدة عامة يجوز إلغاؤه بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا إلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، ويقصد بالتعارض فى هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد يستحيل إعمالهما فيه معا.

(الطعن رقم 854 لسنة 57 جلسة 1992/04/15 س 43 ع 1 ص 601 ق 128)

2 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص التشريعي لا يتم - وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدني- إلا تشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، ويقصد بالتعارض فى هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معا.

(الطعن رقم 69 لسنة 55 جلسة 1992/05/18 س 43 ع 1 ص 685 ق 143)

3 ـ المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، والإلغاء - على ما تقضي به المادة الثانية من القانون المدني يكون إما صراحة أو ضمنا بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده، ويقصد بالتعارض - فى هذا الخصوص - أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معا.

(الطعن رقم 4780 لسنة 63 جلسة 2002/02/13 س 53 ع 1 ص 291 ق 53)
 (الطعن رقم 1062 لسنة 58 جلسة 1993/06/06 س 44 ع 2 ص 553 ق 227)

4 ـ إلغاء التشريع ونسخه يتم وفقا لما تقضي به المادة الثانية من القانون المدني بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمنا بأن يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده.

(الطعن رقم 4865 لسنة 61 جلسة 2002/04/09 س 53 ع 1 ص 477 ق 91)

5 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن إلغاء النص التشريعى لا يتم حسبما تقضى به المادة الثانية من القانون المدنى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع إلا أن إلغاء التشريع - كقاعدة عامة - يزيله بالنسبة للمستقبل فقط وليس بالنسبة للماضى .

(الطعن رقم 7192 لسنة 80 جلسة 2012/04/08 س 63 ص 581 ق 87)

6 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الغاء النص التشريعى يتضمن قاعدة عامة لا يتم - وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدنى - إلا بتشريع لاحق بنص صراحة على هذا الإلغاء أو يشمل على نص بتعارض مع التشريع لاحق بنص صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعرض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، وكان المقصود بالتعارض فى هذا الخصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون النصان واردين على محل واحد يستحيل إعمالهما فيه معاً .

(الطعن رقم 3869 لسنة 61 جلسة 1997/05/24 س 48 ع 1 ص 783 ق 154)
(الطعن رقم 3674 لسنة 58 جلسة 1993/06/10 س 44 ع 2 ص 620 ق 237)

7 ـ المقرر - وعلى ما جرى بعه قضاء هذه المحكمة - ان الغاء النص التشريعى لا يتم حسبما تقضى به المادة الثانية من القانون المدنى الا بتشريع لاحق ينص صراحه على هذا الالغاء او يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم او ينظم من جديد الموضوع الذى سبق ان قرر قواعده ذلك التشريع، وان الاصل ان النصوص التشريعية تسرى على جميع المسائل التى تتناولها فى لفظها وفحواها .

(الطعن رقم 3173 لسنة 61 جلسة 1996/12/14 س 47 ع 2 ص 1519 ق 277)

8 ـ المقرر فى قضاء محكمة النقض أن مؤدى نص المادة الثانية من القانون المدنى أن النص التشريعى يجوز إلغاءه بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمنا بأن يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم او ينظم من جديد الموضوع الذى سبق ان قرر قواعده، ويقصد بالتعارض فى هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معا.

(الطعن رقم 2295 لسنة 62 جلسة 1996/05/29 س 47 ع 1 ص 884 ق 167)
(الطعن رقم 121 لسنة 62 جلسة 1995/10/18 س 46 ع 2 ص 1021 ق 197)

9 ـ المقرر - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن النص فى الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 34 لسنة 1978 و قبل تعديله بالقانون رقم 2 لسنة 1982 يدل على أن لكل من عبارتى " المبانى السكنية " و مبانى الإسكان الإدارى " - مدلولاً يختلف عن مدلول العبارة الأخرى و مفاد نص الفقرة الرابعة من المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه و تنظيم أعمال البناء و نص المادة - الرابعة عشرة منها و النماذج الملحقة بها و من أحكام المادتين 49 ، 51 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن الفنادق و المحال التجارية و المنشآت السياحية لا تدخل فى عبارة " المبانى السكنية " . و كانت تشريعات الإسكان و المبانى المشار إليها قد خلت من تحديد معنى خاص لعبارة " مبانى الإسكان الإدارى " . و كان المعنى الظاهر لهذه العبارة بذاتها لا يتسع أيضاً لمبانى الفنادق و المحال التجارية و المنشآت السياحية و هو ما أكده منشور وزير الإسكان الصادر بتاريخ 1980/5/10 لما كان ذلك فإن مبانى الفنادق لا تكون داخلة فى مدلول عبارة المبانى السكنية و مبانى الإسكان الإدارى الواردة بنص المادة السادسة المشار إليها ..... و إذا كان مؤدى المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 الصادر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 و المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 أن المشرع نظم من جديد الحالات التى يخضع الترخيص ببنائها لشرط الإكتتاب فإستبعد مبانى الإسكان الإقتصادى و المتوسط و فوق المتوسط من الخضوع لهذا الشرط مهما بلغت قيمتها - بعد أن كانت خاضعة له متى بلغت قيمتها خمسين ألف جنيه فأكثر - و أخضع لهذا الشرط مبانى الإسكان الإدارى و مبانى الإسكان الفاخر و لو قلت قيمتها عن النصاب المشار إليه - بعد أن كان خضوعها منوطاً ببلوغ هذا النصاب - كما أخضع لهذا الشرط - و بصرف النظر عن هذا النصاب أيضاً - مبانى المكاتب و المحال التجارية و الفنادق و المنشآت السياحية التى إعتبرها فى تطبيق هذا التنظيم الجديد من مبانى الإسكان الإدارى بعد أن كانت عدا النوع الأول منها غير خاضعة له - و لم تكن تحتملها عبارات النص السابق ، و كان هذا التنظيم الجديد لأحوال الإكتتاب من شأنه أن يلغى التنظيم السابق المنصوص عليه فى الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 و ذلك تطبيقاً لنص المادة الثانية من القانون المدنى فإن نص المادة الثانية من القانون رقم 2 لسنة 1982 لا يعد نصاً تفسيرياً لتلك الفقرة التى ألغاها و لا كاشفاً عن المقصود منها بما لا محل معه للإستدلال بما تضمنه من تحديد المقصود بالإسكان الإدارى فى كشف ما أورده نص المادة السادسة من القانون رقم 107 لسنة 1976 فى هذا الخصوص .

(الطعن رقم 600 لسنة 58 جلسة 1990/01/28 س 41 ع 1 ص 277 ق 54)

10 ـ إلغاء النص التشريعى الذى يتضمن قاعدة عامة لا يتم - و على ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدنى - ألا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، و المقصود بالتعارض فى هذا الخصوص - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون النصان واردين على محل واحد و يستحيل إعمالهما فيه معاً و إذ كان نص المادة 1/177 من القانون المدنى قد نظم أحكام مسئولية حارس البناء عن الأضرار الناشئة عن تهدمه بسبب قدمه أو عيب فيه أو الأهمال فى صيانته ، و كانت نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 التى خلت من النص صراحة على إلغاء تلك المادة - لم تتضمن تنظيماً لأحكام تلك المسئولية بل إقتصرت على تحديد الإجراءات و الأحتياطات الواجب أتباعها فى شأن المنشأت الآيلة للسقوط أو تلك التى تحتاج إلى ترميم أو صيانة و طرق الطعن فى القرارات الصادرة بشأنها و هو ما لا يحول دون أعمال هذه القواعد و قاعدة مسئولية حارس البناء معاً كل فى مجاله الخاص فى التطبيق ، فإن نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تكون ناسخة لنص المادة 1/177 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 2348 لسنة 53 جلسة 1986/02/20 س 37 ع 1 ص 241 ق 55)

11 ـ مؤدى نص المادة الثانية من القانون المدنى أن النص التشريعى الذى يتضمن قاعدة عامة يجوز إلغاؤه بتشريع لآحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع .

(الطعن رقم 5683 لسنة 62 جلسة 1993/10/25 س 44 ع 3 ص 57 ق 300)

12 ـ إذ نصت المادة الثانية من القانون المدنى على أنه " لا يجوز إلغاء نص تشريعى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء ، أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع " ، و كان القانون رقم 138 لسنة 1964 لم ينص صراحة على إلغاء القانون رقم 44 لسنة 1964 ، و قد إختلف مجال تطبيق أحكام كل منهما ، و ليس ثمة تعارض بين أحكامهما ، فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب فى أسبابه إلى أن القانون رقم 138 لسنة 1964 قد ألغى القانون رقم 44 لسنة 1964 الصادر بالتيسير على صغار الزراع المشترين للأراضى الزراعية ممن صودرت أموالهم و ذلك بإعادة تقسيط ما لم يؤد من الثمن على عشر سنوات أخرى بفائدة قدرها 3% سنوياً ، فحجب نفسه عن إعمال الآثار التى يرتبها هذا القانون على واقعة الدعوى ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 62 لسنة 47 جلسة 1981/01/13 س 32 ع 1 ص 197 ق 40)

13 ـ إذا كانت معاهدة بروكسل لا تنطبق فى صدد النقل البحرى الدولى إلا فى نطاق محدود فإنه لا يكون من شان هذه المعاهدة أن تؤثر خارج هذا النطاق فى أحكام قانون التجارة البحرى السابقة عليها بما يعد نسخاً لها لأن التعارض الذى يستتبع إلغاء نص تشريعى بنص فى تشريع لاحق لا يكون ، فى حكم المادة الثانية من القانون المدنى إلا إذا ورد النصان على محل واحد يكون من المحال إعمالها فيه معاً . أما إذا إختلف المحل فإنه يتعين العمل بكل قانون فى محله بصرف النظر عما بينهما من مغايرة طالما أن لكل منهما مجاله الخاص فى التطبيق . ولا يمنع من ذلك إزدواج التشريع فى قانون البلد الواحد ، لأن الشارع هو الذى يقدر الحكمة من هذا الزدواج وليس للقاضى إلا أن يطبق التشريع على ما هو عليه .

(الطعن رقم 303 لسنة 31 جلسة 1966/05/10 س 17 ع 3 ص 1050 ق 142)

14 ـ مجال تطبيق الأمر العسكرى رقم 469 يختلف عن مجال تطبيق القانون رقم 317 لسنة 1952 ، ذلك أن هذا الأمر تنطبق أحكامه فى الحدود المبينة به على جميع العمال فى مديريتى قنا و أسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة عن العمران أو غير بعيدة عنه ، فى حين أن الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون 317 لسنة 1952 لا تنطبق إلا حيث يكون العمال فى المناطق البعيدة عن العمران التى حددها وزير الشئون الإجتماعية، و من ثم فلا محل للقول بأن القانون رقم 317 لسنة 1952 قد نظم من جديد ما سبق أن نظمه الأمر العسكرى 469 و لا يكون بالتالى ثمة محل للتحدى بنص المادة الثانية من القانون المدنى فيما نصت عليه من أنه يلغى التشريع السابق إذا صدر تشريع لاحق ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع .

(الطعن رقم 270 لسنة 25 جلسة 1959/12/17 س 10 ع 3 ص 820 ق 124)

15 ـ إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن مالك الأرض قد آجرها المستأجر ليقيم عليها منزلاً و أقام المستأجر المنزل و ظل قائماً إلى أن بيع و ربطت عليه عوائد مبان و بلدية و خفر و أدخلت فيه المياه و النور ، فهذا المنزل هو مال ثابت ينطبق عليه تعريف المادة الثانية من القانون المدنى . و لا يؤثر فى ذلك أن مالك الأرض اشترط فى عقد الإيجار أن يكون له حق الفسخ و إسترداد الأرض بما عليها من مبان فى أى وقت على أن يدفع قيمة المبانى التى إتفق على إقامتها بحسب تقدير أهل الخبرة . و ذلك لأنه لا يشترط لإعتبار البناء عقاراً أن تكون إقامته مؤبدة بل يكفى أن تكون مؤقتة لأنه فى الحالتين لا يمكن فصله عن الأرض بدون أن يتلف . و على ذلك فإذا قضت المحكمة بأن هذا البناء يعتبر أنقاضاً و أن بيعه يعتبر بيع منقول ناقلاً للملكية بمجرد العقد طبقاً للمادة 267 مدنى ثم أبطلت فى حق المشترى بيعاً ثابتاً مسجلاً صدر من البائع بعد ثبوت تاريخ البيع الأول ، فهذا الحكم يكون مخطئاً فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 38 لسنة 15 جلسة 1946/01/31 س ع ع 5 ص 93 ق 36)

16 ـ ما نصت عليه المادة 191 من الدستور من أن " كل ما قررته القوانين و اللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحاً و نافذاً ، و مع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقاً للقواعد و الإجراءات المقررة فى هذا الدستور " فحكمه لا ينصرف بداهة إلا إلى التشريع الذى لم يعتبر ملغياً أو معدلاً بقوة نفاذ الدستور ذاته ، بغير حاجة إلى تدخل من المشرع .

(الطعن رقم 1097 لسنة 47 جلسة 1979/02/15 س 30 ع 1 ص 539 ق 103)

17 ـ التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق مماثل له أو أقوى منه ، فلا يجوز لسلطة أدنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو أن تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى ، أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون .

(الطعن رقم 272 لسنة 37 جلسة 1972/05/18 س 23 ع 2 ص 971 ق 151)

18 ـ إنه وإن كانت المحاكم لا تملك إلغاء أو تعديل القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية إلا أن القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية وإن كان لها فى موضوعها قوة القانون التي تمكنها من إلغاء وتعديل القوانين القائمة، إلا أنها تعتبر قرارات إدارية لا تبلغ مرتبة القوانين فى حجية التشريع، فيكون للقضاء الإداري بما له من ولاية الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أن يحكم بإلغائها إذا جاوزت الموضوعات المحددة بقانون التفويض أو الأسس التي يقوم عليها، ولا تحوز هذه القرارات حجية التشريع إلا إذا أقرها المجلس النيابي شأنها فى ذلك شأن أي قانون آخر.

(الطعن رقم 26 لسنة 41 جلسة 1972/12/21 س 23 ع 3 ص 1191 ق 187)

19 ـ إن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق مماثل له أو أقوى منه يجوز لسلطة أدنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعدل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون .

(الطعن رقم 326 لسنة 33 جلسة 1967/05/25 س 18 ع 2 ص 1121 ق 166)

20 ـ من المقرر أنه لا يجوز لسلطة أدنى فى مدارج التشريع أن تلغى أو تعمل قاعدة تنظيمية وضعتها سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة إلا بتفويض خاص من هذه السلطة العليا أو من القانون ، و كان القانون رقم 1 لسنة 1973 لم يترك البضائع التى تتمتع بالإعفاء فى هذه الحالة لمصلحة الجمارك ، و من ثم فلا يجوز الإعتداد فى هذا الصدد بما تصدره تلك المصلحة من قواعد أو قوائم بالسلع المعفاه وفقاً لذلك القانون ما لم تكن مفوضه من وزير المالية بإصدارها .

(الطعن رقم 2714 لسنة 56 جلسة 1989/05/22 س 40 ع 2 ص 366 ق 219)

21 ـ إلغاء التشريع لا يكون إلا بتشريع لاحق ينص على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الوضع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع . و إذ كان القانون رقم 325 لسنة 1953 لم ينص على إلغاء القاعدة الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر فى 1953/2/25 بأن يخصم من إعانه الغلاء بما يعادل نصف علاوة الترقية أو العلاوة الدورية عند استحقاق أيهما و لم يشتمل القانون سالف الذكر على نص يتعارض مع أحكام القرار المذكور و إنما قصد إلى تنظيم جديد من حيث كيفية الخصم لا من حيث مبدئه فجعل هذا الخصم يلحق العلاوة ذاتها رأسا بمقدار النصف بدلا من أن يلحق الخصم اعانة الغلاء بمقدار نصف العلاوة و ذلك بالنسبة للعلاوات التى استحقت منذ نفاذه فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر يبقى مطبقا من حيث طريقته فى الخصم بالنسبة للعلاوات التى استحقت فى مدة سريانه .

(الطعن رقم 94 لسنة 26 جلسة 1964/07/07 س 15 ع 2 ص 482 ق 77)

22 ـ إذ كان المطعون ضده الأول فى الطعنين قد استند فى دعواه أمام محكمة أول درجة إلى العقدين الصادرين له من ورثة مؤلفى الشطر الموسيقى بتاريخ 5 ، 9 من نوفمبر سنة 1996 خلال فترة نفاذ أحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف باعتباره القانون الذى كان سارياً عند إبرامهما ، فلا يطبق على هذين العقدين ما استحدثه قانون حماية الملكية الفكرية الجديد رقم 82 لسنة 2002 - والمعمول به اعتباراً من 3 من يونيه سنة 2002 - من أحكام ومنها حكم المادة 174 منه التى تنص على أنه " إذا اشترك أكثر من شخص فى تأليف مصنف بحيث لا يمكن فصل نصيب كل منهم فى العمل المشترك اعتبر جميع الشركاء مؤلفين للمصنف بالتساوى فيما بينهم ما لم يتفق كتابة على غير ذلك .. " باعتبار أن هذا الحكم ليس من النظام العام والذى يقصد به تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد بما يوجب ألا تنطبق على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت فى الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بهذا القانون الجديد . وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه قصوره فى أسبابه القانونية إذ لمحكمة النقض أن تضيف إليها ما يقومه دون أن تنقضه .

(الطعن رقم 791 لسنة 72 جلسة 2005/03/22 س 56 ص 266 ق 47)

23 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن المستفاد من نصوص المواد الثالثة والتاسعة والحادية والعشرين من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية فى المواد المدنية المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الرسم النسبى يحسب عند رفع الدعوى أو الاستئناف على قيمة المدعى به أو على ما رفع عنه الاستئناف من الحكم الابتدائى ولا يحصل من هذا الرسم مقدماً الا ما هو مستحق على الألف جنيه الأولى ، وأن الرسم الذى يستحقه قلم الكتاب بعد الحكم فى الدعوى أو الاستئناف يكون على نسبة ما يحكم به فى أخر الأمر زائداً على الألف جنيه الأولى .

(الطعن رقم 6550 لسنة 72 جلسة 2004/05/04 س 55 ع 1 ص 487 ق 88)

24 ـ النص فى المادة 175 من الدستور على أنه (تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين فى القانون) والنص فى المادة 178 من على أن (تنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار) والنص فى المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه (أحكام المحكمة فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة......ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا أخر، على أن الحكم بعد دستورية نص ضريبي لا يكون له فى جميع الأحوال إلا أثر مباشر.....) يدل وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص فى القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفى صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص فى القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه مادام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها .

(الطعن رقم 2944 لسنة 64 جلسة 1999/12/12 س 50 ع 2 ص 1263 ق 249)

شرح خبراء القانون

تنص المادة الثانية من التقنين المدني على أنه:

"لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع."

يظل النص التشريعي قائماً ونافذاً وملزماً ما لم يتقرر إلغاؤه بنص تشريعي يصدر عن السلطة المختصة بالتشريع أو من سلطة تشريعية أعلى منها في سلم التدرج التشريعي أو من المحكمة الدستورية العليا لدى نظرها للطعن في عدم دستورية هذا النص، وتلك هي القاعدة التي لا محيد عنها، مهما طال الزمان على وجود النص التشريعي ومهما قلت أو انعدمت فرص تطبيقه لأي سبب، ليس هذا فحسب بل إن النص التشريعي الجديد يجب أن يكون صريحاً في إلغائه لهذا النص أو أن يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع السابق فيُعمل به باعتباره ناسخاً للنص القديم، أو أن ينظم التشريع الجديد الموضوع الذي تضمنه النص السابق على النحو الذي يبتغيه المشرع وهاتين الحالتين الأخيرتين هما الإلغاء الضمني. (مركز الراية للدراسات القانونية)  

وفيما يلي أقوال الفقهاء والخبراء في شرح هذا النص:

وإلغاء التشريع أو نسخه هو وقف العمل به نهائياً أو تجريده من القوة الملزمة له بالنسبة الى المستقبل، سواء أكان ذلك للاستغناء عنه نهائيا أم كان لاستبدال غيره به ولا يلغي التشريع إلا بتشريع لاحق مماثل له أو أقوى منه والقاعدة أن السلطة التي سنت التشريع هي التي تملك إلغاءه .

والتشريع الأساسي لا تملك إلغاء شيء منه الا الهيئة التي نص عليها الدستور وطبقاً للإجراءات التي قررها، والتشريع الرئيسي أو العادي تلغيه السلطة التشريعية العادية بتشريع رئيسي أو عادي مثله، واللوائح والقرارات تلغيها السلطة التي وضعتها بلوائح وقرارات مثلها، وقد تقدم أنه يترتب على تدرج التشريع أن التشريع الأدني يتقيد بالأعلى والعكس غير صحيح ، وكذلك يترتب عليه أن التشريع الأعلى يملك الغاء الأدنى، والعكس غير صحيح أيضاً ، فاللوائح والقرارات مثلاً لا تلغي التشريع الرئيسي ولكن التشريع الرئيسي يلغيها.

 والإلغاء إما أن يكون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً:

والإلغاء الصريح يتم غالباً بصدور تشريع جديد يتضمن نصاً خاصاً يقضى بإلغاء تشريع سابق كالنص الذي ورد في المادة الأولى من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني الحالي حيث قضى صراحة بإلغاء القانون المدني المعمول به أمام المحاكم الوطنية والصادر في 28 أكتوبر 1883 والقانون المدني المعمول به أمام المحاكم المختلطة والصادر في 28 یونیه 1875 والاستعاضة عنهما بالقانون المدني الحالى وكذلك نص المادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث قضت صراحة بإلغاء قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 عدا الباب السابع من الكتاب الأول الخاص بإجراءات الإثبات والفصل الثاني من الباب الثاني عشر من الكتاب الأول الخاص بالمعارضة والمواد من 868 الي 1022 من الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية، كما قضت تلك المادة بإلغاء الباب الأول من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .

ويعتبر إلغاءً صريحاً توقيت التشريع بزمن معين من وقت صدوره، فينتهي العمل به بمجرد انقضاء الزمن المعين فيه، كالقوانين التي تصدر في أثناء الحرب مثلاً وينص فيها على أن يعمل بها مدة قيام الحرب فقط، وكالأوامر العسكرية التي تستند إلى قانون الأحكام العرفية شأنها تلغي تبعاً لإلغاء الأحكام العرفية والأمر كذلك أيضاً في رأينا بالنسبة إلى القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 بإيقاف إجراءات التنفيذ أو الإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء حتى إزالة آثار العدوان.

والإلغاء الضمني يكون بصدور تشريع جديد يتضمن حكماً يتضارب مع حكم تشريع سابق . فيعتبر الحكم الجديد ناسخاً ضمناً للحكم القديم، لاستحالة إعمال الحكمين المتضاربين في وقت واحد، وتغليها الإرادة المشرع الحديثة على إرادته السابقة .

وقد كانت المادة 4 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية التي ألغاها قانون نظام القضاء تقضي بأن «لا يحلل نص من القوانين والأوامر إلا بنص قانون أو أمر جديد يتقرر به بطلان الأول، فكان نصها مقصوراً على الإلغاء الصريح دون الإلغاء الضمني غير أن الفقه والقضاء سلما بالإلغاء الضمني باعتباره نتيجة لازمة لوقوع التضارب بين القوانين الجديدة والقوانين السابقة ولضرورة تطبيق أحد النصين المتضاربين دون الآخر، وعلى المشرع بالنص على ذلك في التقنين المدني الحالي : فقضى في المادة الثانية منه بأنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع .

ويبين من ذلك أن الإلغاء الضمني له صورتان :

1- الأولى أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع السابق وفي هذه الحالة يقتصر إلغاء التشريع السابق إلغاء ضمنياً على القدر اللازم لرفع التضارب بينه وبين التشريع الجديد، وفيما عدا هذا القدر يستمر العمل بالتشريع السابق مع العمل بالتشريع الجديد.

ومثل ذلك في التقنين المدني الحالي أن المادة 172 منه تنص على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع . فلما صدر دستور 1971 نصت المادة 57 منه على عدم سقوط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عن جريمة الاعتداء على الحرية الشخصية بالتقادم وقد أصبح هذا النص الأخير متعارضاً مع نص المادة 172 من القانون المدني، ومن ثم اعتبر حكم هذه المادة الأخيرة ملغى ضمناً بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن الجريمة المشار إليها، وذلك بقوة نفاذ الدستور ودون حاجة الى تدخل من المشرع .

ويقع الإلغاء الضمني في هذه الصورة بمجرد حصول التضارب بين التشريع الجديد والتشريع القديم، وقد يتضمن التشريع الجديد نصاً على إلغاء كل نص سابق يخالف أحكامه، ويعتبر هذا النص في التشريع الجديد مقرراً فقط للأمر الواقع .

ومحل الإلغاء الضمنى أن يكون التشريع الجديد متضمناً حكماً عاماً يناقض حكماً عاماً سابقاً، أو حكماً خاصاً يناقض حكماً خاصاً سابقاً ، ففي هاتين الحالتين ينسخ الجديد القديم، وإذا كان الجديد حكماً خاصاً يناقض حكماً عاماً سابقاً، يعتبر الجديد ناسخاً للقديم بالنسبة إلى الحالة الخاصة التي نص عليها فقط، ويستمر العمل بالقديم فيما عدا هذه الحالة.

و أما إذا كان الجديد حكماً عاماً والقديم حكماً خاصاً، فيعمل بالجديد على أنه القاعدة العامة ويبقى العمل بالقديم على حاله ولكنه يعتبر استثناء لأن النص العام لا يمكن أن يلغى النص الخاص السابق إلغاء ضمنياً ولابد له في إلغائه من النص على ذلك صراحةً، ومثل الحالة الأخيرة نص المادة 204 من التقنين المدني الحالى الصادر بعد قانون سنة 1946 الخاص بالشهر العقارى فقد نصت هذه المادة على أن « الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عینی آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق، إذا كان محل الالتزام شیئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل» إذ يعتبر حكمها حكماً عاماً شاملاً العقار والمنقول ومتعارضاً مع الحكم الخاص الوارد في قانون الشهر العقاري والذي يعلق انتقال الحقوق العينية المتعلقة بالعقارات فقط على تسجيل العقود المنشئة لهذه الحقوق، فلا ينسخ هذا الحكم العام الحكم الخاص السابق وروده في قانون الشهر العقاري، وكان المشرع في غنى عن النص على ذلك ولكنه آثر أن ينبه إليه بالتحفظ الذي أورده في نهاية المادة 204 بقوله :وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل.

2 - والصورة الثانية للإلغاء الضمني أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق؛ وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوصه ونصوص التشريع الجديد، وذلك دون حاجة إلى النص في التشريع الجديد على هذا النسخ.

ويشترط في ذلك أن يتعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق، وإلا فلا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد.

ومن أمثلة ذلك تنظيم الشهر العقارى بقانون سنة 1946 فإنه يعتبر ناسخاً قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ونصوص التقنين المدني القديم المتعلقة بقيد الحقوق العينية ولو لم يكن قد نص فيه صراحة على إلغائها، وكذلك قانون المحاكم الحسابية الصادر في سنة 1947 بالنسبة إلى قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925، وقانون نظام القضاء الصادر في سنة 1949 بالنسبة إلى لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في سنة 1883 والی قانون المحاكم الحسبية الصادر في سنة 1946 فان هذه القوانين الجديدة كان صدورها كافياً لإلغاء القوانين السابقة إلغاء ضمنياً لو أنه لم ينص فيها على الإلغاء الصريح .

واذا ألغي التشريع الجديد صراحة أو ضمناً مبدأ أو نظاماً قانونياً معيناً فان النصوص التي تشمل في أحكامها وجود هذا النظام تصبح ملغاة إلغاء ضمنياً.

ومثل ذلك قانون سنة 1816 الذي ألغى الطلاق في فرنسا قد ترتب عليه إلغاء جميع نصوص قانون نابليون التي كانت تنظم أحكام الطلاق، وقد ظلت هذه النصوص ملغاة حتى بعد صدور قانون سنة 1884 الذي أعاد الطلاق  واقتضى الأمر وضع أحكام جديدة للطلاق.

ومن هذا القبيل في مصر الأمر العالي الصادر في 3 سبتمبر 1896 بإزالة التفرقة بين الأطيان الخراجية والأطيان العشورية واعتبار جميع الأطيان عشورية ، فقد ترتب على صدوره نسخ المادة 553 مدني قديم التي كانت تنظم رهن الغاروقة للأطيان الخراجية.

ومع ذلك فإن إلغاء نظام قانوني معين ليستبدل به نظام قانوني جديد وأن ترتب عليه نسخ القواعد القديمة حتى تلك التي تتعارض مع النظام القانوني الجديد إلا أن ما صدر من لوائح الإدارة العامة تنفيذاً للقانون القديم وبالنسبة للنصوص الواردة فيها التي تتوافق مع القانون الجديد فإنها تبقى نافذة المفعول إلى ما بعد صدور القانون الجديد ما لم ينص صراحة على إلغاء مثل هذه اللوائح.

ويسري التشريع من وقت اصداره أو بعبارة أدق بمجرد نشره في الجريدة الرسمية في الأحوال العادية . ويستمر العمل به إلى وقت إلغائه أي إلى تاريخ نشر التشريع التالي له الذي يتضمن إلغاءه صراحة أو ضمناً.

فاليوم الذي يصبح فيه التشريع الجديد واجب التطبيق هو الحد الفاصل بين مدة سريان التشريع القديم ومدة سريان التشريع الجديد، فتنتهى به الأولى وتبدأ الثانية  فلا يسري التشريع القديم على ما يقع بعده ولا التشريع الجديد يسري على ما سبقه.

فإذا كان التشريع القديم مثلاً يرتب انتقال الملكية بالبيع على مجرد العقد ( المادة 45 من التقنين المدني القديم ) ثم صدر تشريع جديد يجعل البيع لا ينقل ملكية العقار المبيع الا بتسجيل العقد ( المادة الأولى من القانون رقم 18 لسنة 1923)، البيوع التي انعقدت قبل صدور التشريع الجديد يسري عليها التشريع القديم دون الجديد، فتنتقل بها الملكية دون حاجة الى تسجيلها، ويستمر انتقال الملكية معتبراً حتى بعد صدور التشريع الجديد أما العقود التي تبرم بعد صدور التشريع الجديد، فيسري عليها هذا التشريع دون القديم، ولا تنتقل بها الملكية إلا بعد تسجيلها. فالقاعدة إذن في تحديد سريان التشريع من حيث الزمن هي أن التشريع الجديد يسري على الوقائع التي تحدث فيما بين بدء العمل به وتاريخ الغائه وأنه يسري في الحال وفي المستقبل القريب الذي ينتهي بإلغائه، ولا يسري في الماضي ولا في المستقبل البعيد الذي يبدأ بهذا الإلغاء. وتسمى هذه القاعدة قاعدة عدم سريان القوانين على الماضي أو مبدأ عدم رجعية التشريع. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الاول  الصفحة/ 224 ).

إلغاء النص التشريعي قد يكون صريحاً وقد يستفاد ضمناً بصدور تشريع جديد يتضمن نصاً يتعارض مع تشريع قائم تعارضاً يستحيل معه إعمالهما معًا، وإما بصدور تشريع جديد يتناول بالتنظيم ذات المسائل التي كان ينظمها قانون أخر, ونتناول هذه الفروض مع كافة الآثار التى قد تترتب على الإلغاء.

الإلغاء الصريح والإلغاء الضمني :

يكون إلغاء النص التشريعي صريحًا عندما يتضمن التشريع الجديد نصًا يقضي بإلغاء القانون السابق رقم .. لسنة ... أو بإلغاء أحد أبوابه أو بعض نصوصه.

مثال ذلك ما نصت عليه المادة التاسعة من قانون إصدار قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 مع أنه (مع عدم الإخلال بأحكام المادة الثانية من قانون الإصدار، يلغي قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 وقانون الإجراءات والرسوم أمامها الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 والقانون رقم 79 لسنة 1976 ببعض الأحكام الخاصة بالمحكمة العليا، كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق وذلك فور تشكيل المحكمة الدستورية العليا).

وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية من أن (يلغى الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات المدنية والتجارية  الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 ويستعاض عن النصوص الملغاة بنصوص القانون المرافق كما يلغى كل نص أخر يخالف أحكامه).

وما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، على أنه (وتلغى المادة 61 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 13 من القانون رقم 78 لسنة 1974 وذلك إعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون).

فيتضمن الإلغاء الصريح النصوص التي أراد المشرع إلغاءها بالنص على ذلك صراحة، أما إن لم يوضح المشرع تلك النصوص كما لو نص على أن ( ويلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون) فإن الإلغاء في هذه الحالة يكون ضمنيًا، وذلك لتعارض النص الجديد مع النص القديم وفقًا لما تنص عليه المادة الثانية من القانون المدني، ومتى كان النص الجديد عامًا فإنه لا يلغى ضمنًا نصًا خاصًا ولكن للنص الخاص أن يلغى ضمنًا نصًا خاصًا  مثله أو نصًا عامًا فيما تعارض فيه مع النص الخاص، ومتى ألغى النص، زالت قوته ولا تعود له حتى لو ألغى القانون الذي ألغاه ما لم ينص القانون الجديد على غير ذلك.

مفاد ما تقدم أن عبارة ( ويلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون ) لا تقرر سوى مبدأ الإلغاء الضمني، ومتى وردت في قانون عام فإنها لا تؤدي إلى إلغاء نص ورد في قانون خاص، ولا ينال من ذلك ما تضمنه حكم النقض التالي إذ استدلت محكمة النقض بتقرير اللجنة التشريعية لمجلس الشيوخ للفصل في النص المنصرف إلى اعتبار قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ملغى بصدور القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 وخلصت إلى أن مفاد المادة الثانية من القانون الأخير إنما قصد بها إحلال القانون المدني المشار إليه محل القانون المدني القديم الصادر في سنة 1883 دون أن يمتد الى القوانين الخاصة، لأن التشريعات الخاصة لا تلغى ضمنًا بتشريع عام، إذا قضت بأن: يعتبر التقنين المدني الشريعة العامة فتسود أحكامه سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هى الواجبة التطبيق أصلًا ما لم تطرأ ظروف معينة يرى المشرع معها تعطيل بعض أحكامه أو أحلال تشريعات خاصة بديلًا عنها، ويعتبر القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين تشريعًا خاصًا في طبيعته ونطاقه إذ خرج به المشرع عن الأحكام العام لعقد الإيجار ووضع لها أحكامًا خاصة، فرض بمقتضاها التزامات معينة على كل من المؤجر والمستأجر قصد بها الحد من حرية المؤجر في تحديد الأجرة وفي طلب الإخلاء، وقصر تطبيقه على الأماكن المشار إليها فيه وكان القانون الخاص لا يلغيه إلا قانون خاص مثله ولا ينسخ بقانون عام ما لم يكن التشريع الجديد الذى أورد الحكم العام قد أشار بعبارة صريحة إلى الحالة التي كان يحكمها القانون الخاص وجاءت عباراته واضحة في سريان حكمه في جميع الأحوال ومن ثم فإن القانون رقم 121 لسنة 1947 يظل نافذاً وقائمًا حتى بعد صدور القانون رقم 131 لسنة 1948 بشأن القانون المدني، ولا يسوغ القول بأن القانون المدني قد نظم أحكام عقد الإيجار من جديد فيعتبر وفقًا للمادة الثانية ملغيًا لكل ما سبقه من قوانين متعلقة بعقد الإيجار وبالعلاقة التي بين المؤجرين والمستأجرين، لأن الأعمال التحضيرية لهذا القانون صريحة في الإبقاء على نصوص قانون إيجار الأماكن بدليل حذف اللجنة التشريعية لمجلس الشيوخ الفقرة الثانية من المادة الثانية سالفة البيان والتي كانت تقضي بإلغاء كل نص يخالف أحكام القانون المدني، وبررت اللجنة هذا الحذف بأن (المقصود هو الإبقاء على التشريعات الخاصة التي صدرت استثناء من القانون المدني منشئة أوضاعًا دائمة أو موقوتة حتى لا ينصرف النص في عمومه إلى الغاء هذه الأوضاع الأمر الذي لا يدخل في قصد المشرع ) مما مفاده أن المادة الثانية سالفة الذكر إنما قصد بها مجرد إحلال القانون المدني الحالي محل نصوص القانون المدني القديم الصادر في سنة 1883 دون أن يستطيل إلى إبطال القوانين الخاصة ومن بينها القانون رقم 121 لسنة 1947 إذ لكل من القانونين مجاله. نقض 7/6/1978 س 29 ص 1428 وننوه إلى أن عبارة ( في عمومه إلى إلغاء هذه الأوضاع ) الواردة بتقرير اللجنة التشريعية لا تنصرف إلى إعتبار الفقرة المحذوفة تتضمن إلغاء صريحًا لما يتعارض مع أحكام القانون المدني، إلى أن عموم هذه الفقرة يؤدي إلى إلغاء النصوص الخاصة التي تتعارض مع هذه الأحكام، وقد رأينا أن العام لا يلغي الخاص.

فالنص الوارد في قانون عام لا يلغى نصًا في قانون خاص، إلا إذا ذكر المشرع ذلك صراحة بأن ينوه إلى النص الخاص أو إلى الحالة التي كان ينظمه هذا النص إذ يعتبر الإلغاء في هذه الحالة صريحًا، ولكن النص العام يلغى بنص عام مماثل.

ويشترط للإلغاء الضمني :(1) وحدة المحل : بأن يكون المحل الوارد عليه النص الجديد هو ذات المحل الذي ورد عليه النص السابق، وينحصر الإلغاء على نطاق المحل الذى حدده النص الجديد، فيظل النص السابق ساريًا خارج هذا النطاق، مثال ذلك، أن ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية كان ثمانية عشر يومًا وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات التي ألغيت صراحة بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض ونص على جعل ميعاد الطعن بالنقض في كافة المسائل ستين يومًا ولما صدر القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية قرر العودة إلى الأحكام المنظمة للطعن بالنقض ومن بينها الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات، وقد صاحب هذا القانون رقم 43 لسنة 1965 القانون رقم 4 لسنة 1967 والذي نص على إعتبار ميعاد الطعن بالنقض ستين يومًا منذ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 ومفاد ذلك أن ظلت الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات منسوخة ضمنًا إعتبار بأن محلها وهو ميعاد الطعن يتعارض مع محل النص الجديد وهو ذات الميعاد.

وأيضًا إذا كان القانون يجيز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أجر المستأجر العين أو جزء منها من الباطن بدون إذن كتابي من المؤجر، ثم صدر قانون خاص بعد ذلك يجيز للمستأجر التأجير من الباطن بدون موافقة المؤجر في حالات معينة، فإن النص الجديد يلغي النص السابق ضمنًا في نطاق هذه الحالات التى تعتبر محلًا اتحد فيه النصان، أما في غيرها فيظل للنص السابق قوته لأن المحل لا يكون واحدًا في النصين.

وقضت محكمة النقض بأنه لامحل للاحتجاج بأن النص الأول - الوارد في القانون القديم - قد ألغى ضمنًا بالنص الثاني - الوارد في القانون الجديد - لأن هذا الإلغاء لا يكون إلا إذا توارد النصان في القانون الجديد وفي القانون القديم على محل واحد يستحيل مع أعمالهما معًا. نقض 29/3/1972 س 23 ص 564.

وبأن إلغاء التشريع لا يكون إلا بتشريع لاحق ينص على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الوضع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان القانون رقم 325 لسنة 1953 لم ينص على إلغاء القاعدة الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 25/2/1953 بأن يخصم من إعانة الغلاء ما يعادل نصف علاوة الترقية أو العلاوة الدورية عند استحقاق أيهما  ولم يشتمل القانون سالف الذكر على نص يتعارض مع أحكام القرار المذكور وإنما قصد إلى تنظيم جديد من حيث كيفية الخصم لا من حيث مبدئه، فجعل هذا الخصم يلحق العلاوة ذاتها راسًا بمقدار النص بدلًا من أن يلحق الخصم إعانة الغلاء بمقدار نص العلاوة وذلك بالنسبة للعلاوات التي استحقت منذ نفاذه، فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر يبقى مطبقًا من حيث طريقته في الخصم بالنسبة للعلاوات التي استحقت في مدة سريانه. نقض 7/7/1964 س 15 ص .482

ويستدل على وحدة المحل، باستحالة تطبيق النصين، الجديد والقديم، على الواقعة المطروحة إذا اعتبرناهما ساريين معًا، وأن لا سبيل للفصل في الواقعة إلا باستبعاد أحدهما، وإعمالًا لإرادة المشرع الضمنية يتعين استبعاد النص القديم.

واستخلاص وحدة المحل، مسألة قانونية، لتعلقها بتطبيق القانون يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض، وهي مسألة قانونية صرفة فيجوز التمسك بها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولكن لا يجوز لمحكمة النقض التصدي للإلغاء من تلقاء نفسها، ولا لنيابة النقض اثارة ذلك، إلا إذا كان النص الجديد متعلقًا بالنظام العام، فإن تبين أن قاضى الموضوع قال بانتفاء شرط وحدة المحل رغم تحققه، وكان حكمه مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون. أما إذا تبين انتفاء هذا الشرط، فإن النص السابق تظل له قوته، ومن ثم لا يجوز لمحكمة النقض التصدي من تلقاء نفسها له إلا إذا تعلق سبب النعي بالنظام العام وكانت عناصر الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع اما اذا تمسك الطاعن بالإلغاء كان نعيه في غير محله لتخلف شرط وحدة المحل.

(2) أن يكون للنص الجديد قوة إلغاء النص القديم : فلا يكفى وحده المحل في النصين، الجديد والقديم، بل يجب أن تكون للنص الجديد القوة التي تمكنه من إلغاء النص القديم الذي تعارض معه.

فإن كان النص الجديد خاصًا, وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص عام فإن نسخ النص القديم يقتصر على النطاق الذي نظمه النص الجديد، فيظل النص القديم ساريًا فيما جاوز هذا النطاق. مثال ذلك، أن المادة 230 من قانون المرافعات تنص على أن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف, وهذا نص عام. ثم صدر بعد ذلك قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 ونص المادة 113 منه على أن يكون استئناف القرارات التى يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان القرار وهذا نص خاص، مفاد ذلك، أن نص المادة 230 من قانون المرافعات يكون قد نسخ في النطاق الذي نص المادة 113 من قانون المحاماة أما خارج هذا النطاق فيظل النص العام ساريًا.

وكانت الملكية في ظل القانون المدني القديم تنتقل بالعقد العرفي، فلما صدر قانون التسجيل في 26/6/1923 اشترط التسجيل لإنتقال الملكية في العقار، وباعتبار قانون التسجيل خاصًا، فقد نسخ حكم القانون المدني القديم فيما يتعلق بانتقال الملكية، ذلك أن المحل في النصين هو انتقال الملكية، ولما كان بمكنة النص الخاص إلغاء النص العام فإن انتقال الملكية في العقار بعد العمل بقانون التسجيل لا يتم إلا بالتسجيل، أما العقد العرفى فلا يرتب إلا التزامات شخصية ولا تنتقل الملكية إلا بتسجيله.

فإن كان النص الجديد عامًا, وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص عام مثله، فإن النص الجديد يلغى النص القديم في حدود التعارض بينهما، فإن كان التعارض شاملًا، فإن الإلغاء يكون كاملًا.

أما ان كان النص الجديد عامًا، وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص خاص، فإن النص الجديد العام لا تكون له القوة على إلغاء النص القديم الخاص الذي يظل قائمًا ونافذًا باعتباره استثناء من القاعدة التي أوردها النص الجديد العام، فلا يلزم أن يكون الاستثناء لاحقًا على القاعدة العامة إنما يجوز أن يكون سابقًا عليها، فيسرى الخاص كاستثناء وتبقى للعام قوته بعيدًا عن هذا الاستثناء.

وتكون للنص الجديد العام القوة على إلغاء النص الخاص في حالتين، الأولى عندما ينص صراحة على هذا الإلغاء، والثانية عندما تجئ عبارته قاطعة على سريان حكمه على الحالة التي انتظمها من قبل النص الخاص.

(3) أن يصدر النص الجديد من سلطة تملك الإلغاء : ويتعلق هذا الشرط بالمبادئ المقررة فيما يتعلق بتدرج التشريع، يتصل بها اتصالًا مباشرًا، ومفاد ذلك، أنه لا يكفي لإلغاء نص في التشريع أن يتحدد المحل في النص الجديد والنص القديم وأن تتوافر القوة للنص الجديد بل يلزم فوق ذلك، أن يصدر النص الجديد من سلطة دستورية تملك حق إلغاء النص السابق.

إلغاء القانون لا يستتبع إلغاء لائحته التنفيذية :

تستمد اللائحة التنفيذية قوتها من القانون المنفذة لأحكامه، وهو مصدرها وأساس وجودها التشريع، ويعتبر أصلًا بالنسبة، ولما كان الفرع يتبع الأصل وجودًا وعدمًا، فكان مفاد ذلك أن إلغاء الأصل يستتبع حتمًا إلغاء الفرع، إلا أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء فيما يتعلق بالقانون ولائحته التنفيذية مؤداه أن إلغاء القانون لا يستتبع إلغاء لائحته التنفيذية إلا في حالتين، الأولى أن ينص القانون الجديد على ذلك، والثانية أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون الجديد وقت العمل بأحكامه.

أما إن لم ينص القانون الجديد - الذي ألغى القانون السابق - على إلغاء اللائحة التنفيذية، ولم تصدر معه لائحته التنفيذية، فإن لائحة القانون السابق تظل سارية ومنفذة للقانون الجديد في الحدود التي لا تتعارض فيها مع أحكامه، إذ تعتبر نصوصها المتعارضة مع أحكام القانون الجديد منسوخة ضمنًا. فإن كانت متعارضة معها ظلت على قوتها، وقد يحيل القانون الجديد - كما كان القانون القديم يفعل- بالنسبة لحكم معين إلى الشروط التي تتضمنها اللائحة فيتخذ إجراء وفقًا لهذه الشروط، وقبل الفصل في النزاع المتعلق به تصدر اللائحة التنفيذية للقانون الجديد وتتطلب شروطًا أخرى، وحينئذ يفصل في النزاع على أساس التشريع الذي اتخذ الإجراء في ظله وهو اللائحة السابقة.

مثال ذلك أن قانون إيجار الأماكن كان يحيل إلى لائحة التنفيذية في بيان شروط تبادل الوحدات السكنية بعد أن قرر مبدأ التبادل، فإن ألغى بقانون لاحق لم ينص على إلغاء تلك اللائحة، فإن الشروط الواردة بها تظل سارية في ظل القانون الجديد الذي أورد بدوره مبدأ التبادل وأحال بالنسبة لشروط التبادل إلى لائحته التنفيذية التي تراخت إلى ما بعد العمل به. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/  الأول، الصفحة/    220).

إلغاء التشريع إما أن يكون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً:

والإلغاء الصريح يتم غالباً بصدور تشريع جديد يتضمن نصًا خاصًا يقضي بإلغاء تشريع سابق، كالنص الذي ورد في المادة الأولى من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني الجديد حيث قضى صراحة بإلغاء القانون المدني القديم إذ نص صراحة على إلغاء القانون المدني المعمول به أمام المحاكم الوطنية والصادر في 28 أكتوبر 1983 والقانون المدني المعمول به أمام المحاكم المختلطة والصادر في 28 يونيو 1875 والاستعاضة عنها بالقانون المدني الجديد.

فالإلغاء الضمني له حالتان:

الحالة الأولى:  صدور تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض مع نص قديم:

قد يصدر تشريع جديد يتضمن نصاً يتعارض مع نص في تشريع سابق قديم. فإذا لم يكن في الإمكان التوفيق بين النصين، فإن المفهوم ضمناً - وتطبيق النصين معاً مستحيل - أن النص الأحدث منهما قد نسخ وألغى النص الأقدم.

الحالة الثانية : صدور تشريع جديد ينظم الموضوع الذي سبق أن نظمه تشريع قدیم:

الحالة الثانية للإلغاء الضمنى أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظیماً کاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوصه ونصوص التشريع الجديد، وذلك دون حاجة إلى النص في التشريع الجديد على هذا النسخ. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 190 ).

إلغاء القاعدة القانونية هو رفع حكمها القانوني بموجب قاعدة قانونية أخرى متأخرة عنها وأعلى منها أو مساوية لها في مدارج التشريع، وهو لا يتم إلا بأحد الوسائل التي تضمنها النص، ويترتب عليه إبطال العمل بالقاعدة الأولى وتجريدها من قوتها الملزمة، بالنسبة للمستقبل أي اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون الناسخ، وفي ذلك يختلف إلغاء التشريع عن إبطاله سواء لتعارضه مع نص اعلى في مدارج التشريع كما لو كان النص التشريعي مخالفة لنص في الدستور واجب الاعمال دون حاجة الى صدور تشريع آخر أو يكون قد صدر من المحكمة الدستورية العليا حكم بعدم دستوريته.

ولا يترتب على إلغاء القانون إلغاء لوائح الإدارة العامة الصادرة تنفيذا له ما دامت تتوافق مع القانون الجديد إلا إذا نص هذا القانون على إلغائها.

والالغاء الصريح يكون بافصاح التشريع الجديد عن نسخ تشريع معين سابق، وفي هذه الحالة لا يلزم أن يتضمن التشريع الناسخ تنظيماً بديلاً عن التشريع المنسوخ، كما يكون إلغاء صريحاً للتشريع توقيته بزمن معين من وقت صدوره فينتهي العمل به بمجرد انقضاء الزمن المعين فيه كالاوامر العسكرية التي تستند إلى قانون الطوارئ فإنها تعتبر ملغاة بإنهاء حالة الطوارئ.

ولا يعتبر التشريع ملغياً بعدم استعماله مدة طويلة إلى المستقر أن التشريع لا يلغي بالعرف عملاً بصريح نص المادة التي تنص على أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق.

وقد يكون الالغاء الصريح بالنص في التشريع اللاحق على إلغاء كل ما يخالفه من نصوص ، فيترتب على ذلك الغاء الاحكام القانونية السابقة المخالفة ولو كان التشريع اللاحق تشريعاً عاماً وكانت الأحكام المخالفة السابقة وردت في تشريع خاص، إذ أن القاعدة التي تقضي بان التشريع العام اللاحق لا يلغي التشريع الخاص السابق يقتصر مجال أعمالها على حالة الإلغاء الضمني دون الإلغاء الصريح.

ويتم الالغاء الضمني بتصدي القانون اللاحق لتنظيم الموضوع نفسه:

 والإلغاء الضمني لا يكون إلا حيث يرد كل من النص القديم والنص الجديد على محل واحد يستحيل معه إعمالهما فيه ، وفي هذه الحالة يفهم ضمناً أن التشريع الجديد الغي التشريع القديم، على أنه يلاحظ أن هذا الإلغاء الضمني يتحدد بدواعيه، فيقتصر على ما يقوم فيه التعارض بين التشريعين بصورة يستحيل معها الجمع بينهما، فإن قام التعارض على هذه الصورة بين التشريعين تاماً کاملاً اعتبر التشريع الجديد ناسخاً للتشريع القديم كله، أما إذا كان التعارض جزئياً بأن وقع بين بعض أحكام التشريعين فقط تحدد الإلغاء بالأحكام المتعارضة فقط وذلك كله مرهون بأن تكون قواعد التشريع القديم عامة وقواعد التشريع الجديد عامة، أو أن تكون قواعد التشريع القديم خاصة وقواعد التشريع الجديد خاصة، أما إذا كان التشريع الجديد تشريعاً خاصاً والتشريع القديم عاماً أو العكس فالأمر يختلف : 1- فعند التعارض بينهما لا يستخلص أن الجديد نسخ القديم بل يبقى التشريع القديم العام والجديد الخاص سارياً ويعتبر التشريع الجديد استثناء من حكمه ناسخاً لما جاء بتخصيصه فقط. 2- عند قيام التعارض بين القديم الخاص والجديد العام لا يستخلص كذلك أن الجديد نسخ القديم بل يعتبر مجرد استثناء من أحكامه إذ الحكم الخاص لا يلغيه إلا حكم خاص مثله.

فيشترط في التعارض بين النص الجديد والنص القديم أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معا.

ويقتصر إلغاء التشريع بصدور تشريع جديد ينظم الوضع الذي تناوله التشريع السابق، على نطاق التنظيم الجديد، غير أنه لا يشترط أن يكون هناك تعارض بين التشريعين .

كما يلغي التشريع ضمنياً بزوال المركز القانوني الذي كان ينظمه كالشأن بالنسبة إلى زوال الملكية في مصر الذي استتبع إلغاء كل القواعد القانونية التي كانت تنظم كيفية ولاية العرش ومزايا الملك، وكالشأن بالنسبة إلى إلغاء الوحدة بين مصر وسوريا الذي استتبع إلغاء القوانين المتعلقة بالوحدة كقانون محاكمة الوزراء في الإقليمين المصري والسوري. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003  الصفحة : 194 ).

إلغاء النص التشريعي يتضمن قاعدة عامة لا يتم وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدنى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشمل على نص يتعارض مع بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، والمقصود بالتعارض في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد يستحيل إعمالهما فيه معاً . والمادة الثانية من القانون المدني إنما قصدت - على ضوء المذكرة التفسيرية للقانون المدني - إلى تقرير صورتين للنسخ التشريعي، وهما النسخ الصريح، والنسخ الضمني، وأن النسخ الضمني بدوره صورتين: فإما أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع القديم، وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض، وإما أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً إذا تعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق، وفي غير هذه الحالة لا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول)

الفقة الإسلامي

المذكرة الايضاحية للاقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية

(مادة 2 )

لا يلغى نص تشريعي الا بتشريع لاحق صراحة على هذا الالغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم ، او ينظم من جديد الموضوع الذى سبق ان نظم قواعده ذلك التشريع

تطابق المادة (2) من التقنين الحالي فيما عدا التعديلين الآتيين :

أولا - استبدال عبارة (لا يلغي) بعبارة (لا يجوز إلغاء) لأن القانون يخاطب القاضي لا المشرع، ولا محل لتوجيه النهي إلى القاضي فهو لا يقوم بإلغاء التشريع .

ثانيا - استبدال عبارة ( نظم قواعده ) بعبارة ( قرر قواعده ) لأن الواضح أن التشريع الملغي كان ينظم الموضوع تنظيماً كاملاً ولم يقتصر على تقرير قواعده

ويتفق النص المقترح مع قواعد النسخ المقررة في علم أصول الفقه .