loading

موسوعة القانون المدني

المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 212

تطبيق القانون

تنازع القوانين من حيث الزمان

مذكرة المشروع التمهيدي :

نظرة عامة :

جرت التقنينات القديمة على الاكتفاء بالنص على عدم جواز سريان القانون على الماضي في عبارة يتفاوت اقتضابها وما تشفع به من استثناءات تفاوت الأحوال ( المادة 2 من التقنين الفرنسي والمادة 5 من التقنين النمساوي والمادة 3 من التقنين الأسباني ) ولذلك قضت المادة 3 من الأمر العالى الصادر في 14 يونيه سنة 1883 بخصوص لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بأن أحكام القوانين والأوامر لا تسري إلا على الحوادث التي تقع من تاريخ العمل بمقتضاها ولا يكون لها تأثير على الوقائع السابقة عليها ما لم يكن منبهاً عن ذلك بنص صريح فيها . ولم يتجاوز الدستور المصري هذا المعنى في المادة 27 فقد ردد عبارة النص المتقدم ذكره مع تعديل لفظی طفيف، وكانت المادة 2 التي ألغيت من القانون المدني المختلط تقتصر على تقرير قاعدة عدم استناد القانون وتستدرك فيما يتعلق بقوانين المرافعات والاختصاص القضائي فتنص على أنها تنطبق على المنازعات الخاصة بالتزامات نشأت قبل العمل بهذه القوانين.

على أن اتساع نطاق النشاط التشريعي في العصر الحديث أفضى إلى زيادة كبيرة في أحوال تعاقب القوانين في الزمان وكان من أثر هذه الزيادة أن توفر الفقه على دراسة مسألة عدم استناد القانون دراسة تتكافأ مع أهميتها العملية، ثم تأثر التشريع بدوره فلم تعد التقنينات الحديثة تقنع بمجرد التنويه بعدم استناد القانون، وإنما هي تعمد إلى تنظيم أشمل يتناول كيفية الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية القانون الجديد، ومن هذا القبيل التقنين الألماني ( المواد من 153 إلى 218 من قانون الإصدار)، والتقنين السويسري في بابه الختامي والقانون الصادر في أول يونيه سنة 1925 في شأن إدخال التشريع المدني الفرنسي في الألزاس واللورين، وتكاد القواعد التي نبتت في ظل حركة الفقه والتشريع تستقل بكيان ذاتي وتعتبر شعبة خاصة من شعب القانون.

وتمشياً مع هذه الحركة رؤى أن يتضمن المشروع في بابه التمهيدي تنظمها مفصلاً لما يعرض من مسائل تنازع القوانين في الزمان، فأفرد نصه القاعدة العامة (م 7) وصاغها صياغة نبذ فيها فكرة اعتبار استناد القانون استثناء من قاعدة عامة وجاری اتجاهات الفقه الحديث ثم عقب على ذلك بأهم التطبيقات العملية فعرض للأهلية (م 8) والوصاية والقوامة (م 9) والالتزامات غير التعاقدية (م 10) وللتقادم (م 11 و 12 ) وقوانين الإجراءات (م 13 و 16 ) وأهلية التقاضي (م 14) والتنظيم القضائي واختصاص المحاكم (م 15 ) والإثبات (م 17 و 18 و 19) والأحكام وآثارها، وبذلك تدارك المشروع نقصاً لم يكن يتيسر لاجتهاد القضاة أن يتداركه على نحو يكفل استقرار الحقوق والمعاملات .

مذكرة المشروع التمهيدي للمادة (6) :

1- تعرض المادتان 8 و 9 من المشروع لتطبيقين من تطبيقات القاعدة العامة التي بسطتها المادة 7 فتقرر المادة 8 أن النصوص المتعلقة بأهلية الأداء تسرى من وقت العمل بها و مؤدى هذا أن تلك النصوص ترد من كان يعتبر رشيداً إلى حالة القصر فيما لو رفعت سن الرشد مثلاً و تدخل من كان يعتبر قاصراً في ظل القانون القديم في عداد الراشدين فيها لو خفضت السن . ذلك أن تحديد أهلية الأداء - وهي صلاحية الالتزام بالتصرفات الإرادية - يراعى فيه حماية فريق من الأشخاص وهذه الحماية أمر يتعلق بالنظام العام. وقد أخطأ واضع المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925 بترتيب المجالس الحسبية إذ ذكر أن الحكم المتعلق برفع سن الرشد ( من 18 سنة إلى 21 سنة ) في هذا المرسوم "لا ينطبق على الأشخاص الذين يكونون قبل العمل بالقانون الجديد قد بلغوا سن الثاني عشرة المحددة لانتهاء الوصاية بمقتضى القانون القديم، بل هؤلاء الأشخاص يعتبرون أنهم راشدون قانوناً" .

2- على أن عودة الشخص إلى حالة القصر بمقتضى قانون جديد بعد أن اعتبر رشیداً تحت سلطان التشريع القديم لا تؤثر في صحة التصرفات التي صدرت منه في ظل هذا التشريع فهذه التصرفات لا يجوز الطعن عليها بسبب نقص الأهلية متى كان العاقد كامل الأهلية وقت انعقادها إذ القانون الجديد يعيد الأشخاص إلى حالة القصر بالنسبة إلى المستقبل فحسب. 

الأحكام

1 ـ تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب من الخصوم ، بل هو واجب القاضى الذى عليه ، و من تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانونى المنطبق على الواقعة المطروحة عليه و أن ينزل هذا الحكم عليها .

(الطعن رقم 1265 لسنة 47 جلسة 1982/02/18 س 33 ع 1 ص 261 ق 47)

2 ـ لا يجوز للمحكوم له أن يتقاضى فائدة إتفاقية تزيد على سبعة فى المائه من تاريخ سريان المادة 227 مدنى التى استقر قضاء هذه المحكمة على سريانها من تاريخ صدور القانون على الاتفاقات السابقة على العمل به - و لا يحد من هذا أن يكون قد صدر حكم بالدين مع فوائده الاتفاقية بواقع 9 % حتى تمام الوفاء - على أساس هذا الاتفاق - قبل العمل بأحكام القانون المدنى الجديد .

(الطعن رقم 207 لسنة 24 جلسة 1958/12/25 س 9 ع 1 ص 839 ق 110)

3 ـ النص التشريعى لا يسرى إلا على ما يلى نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجاً على هذا الأصل و فى الحدود التى يجيزها الدستور برجعية أثره ، و لا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام ، إذ لا يجاوز ذلك أن تسرى أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ، ما دامت آثارها سارية فى ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لإعتبارات النظام العام التى دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين فى تحديد إلتزاماتهما و حقوقهما التعاقدية الحال منها والمستقبل على السواء .

(الطعن <هيئة عامة >رقم 1596 لسنة 63 جلسة 1994/05/12 س 41 ع 2 ص 5 ق 1)

4 ـ المقرر فى قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة و الإمتداد القانونى و تعيين أسباب الإخلاء هى قواعد آمره و متعلقة بالنظام العام و من ثم فإنها تسرى بأثر فورى على جميع المركز و الوقائع القائمة و التى لم تستقر نهائياً وقت نفاذها و لو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها و مؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه إستحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى مباشر على المراكز و الوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو إستوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو إتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضى أو الإثبات لم تكن مطلوبة و لا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه و على الوقائع و المراكز التى تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التى نشأت فى ظل القانون السابق بإعتبار أن القانون الذى وقعت الدعوى فى ظله هو الذى يحكم شروط - قبولها و إجراءاتها و قواعد إثباتها و قد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن " كل إجراء تم من إجراءات المرافعات تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك .

(الطعن <هيئه عامة> رقم 2219 لسنة 53 جلسة 1982/03/25 س 33 ع 1 ص 629 ق 1)

5 ـ من الأصول الدستورية المقررة - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام القوانين لا تسرى كقاعدة عامة إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، و أنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز إنسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل ذلك من تصرفات أو تحقق من آثار إذ بحكم هذه و تلك القانون الذى كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين إلا أن ذلك لا ينتقض من وجوب سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من آثار و لو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالاً لمبدأ الأثر المباشر للقانون ، و مع ذلك فإنه إذا إستحدث القانون الجديد أحكاماً متعلقة بالنظام العام فإنها تسرى بأثر فورى على المراكز القانونية القائمة وقت نفاذه ، و لو كانت ناشئة قبله .

(الطعن رقم 99 لسنة 55 جلسة 1990/01/31 س 41 ع 1 ص 379 ق 69)

6 ـ المشرع إستحدث بالتعديل الوارد بالمادة 18 - من القانون 136 لسنة 1981 - أمرين أولهما أنه عدل سبب الإخلاء الذى كان مقرراً بنص المادة 31/ج من القانون رقم 49 لسنة 1977 بأن جعله قاصراً على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الاضرار المؤجر و هو أعم و أشمل - و هو مناط الإخلاء فى مجال تطبيق الحالة و الأمر الثانى أنه حدد وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الإستعمال الضار بسلامة المبنى أمام محكمة الإخلاء بصدور حكم نهائى بذلك . لما كان ما تقدم و كان ما إستحدثه القانون رقم 136 لسنة 1981 فى الأمر الأول من تعديل فى سبب الإخلاء يتصل بقاعدة موضوعية آمرة و متعلقة بالنظام العام و من ثم فإنها تسرى أثر فورى مباشر على المراكز القانونية القائمة و التى لم تستقر بحكم نهائى وقت العمل به و لو كانت قد نشأت فى ظل القانون السابق.

(الطعن <هيئة عامة>رقم 2219 لسنة 53 جلسة 1982/03/25 س 33 ع 1 ص 629 ق 1)

7 ـ من الأصوال الدستورية المقررة أن النص التشريعى لا يسرى إلا على ما يلى نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجاً . على هذا الأصل و فى الحدود التى يجيزها الدستور - برجعية أثره . و كان لا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام و إذ لا يجاوز أثر ذلك أن تسرى أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية فى ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التى دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين فى تحديد إلتزاماتهما و حقوقهما التعاقية الحال منها و المستقبل على السواء إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة .

(الطعن رقم 1038 لسنة 45 جلسة 1980/05/31 س 31 ع 2 ص 1623 ق 303)

8 ـ الأصل فى القوانين ألا تكون ذات أثر رجعى إلا ما إستثنى بنص خاص ، و إذ إنتفى هذا الإستثناء ، و إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإن النعى عليه بمخالفته القانون و الخطأ فى تطبيقه و تأويله يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 181 لسنة 37 جلسة 1972/03/30 س 23 ع 1 ص 601 ق 93)

9 ـ الأصل أنه لا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها و لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضى لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونيه نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التى ترتبت فى الماضى على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضى عند بحثه فى هذه العلاقات و ما يترتب عليها من آثار أن يرجع الى القانون السارى عند نشوئها و عند إنتاجها هذه الآثار.

(الطعن رقم 482 لسنة 39 جلسة 1977/02/23 س 28 ع 1 ص 511 ق 97)

10 ـ الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى مباشر على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو فى إنقضائها ، و هو لا يسرى على الماضى ، فالمراكز القانونية التى نشأت و إكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث ، تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله ، أما المراكز القانونية التى تنشأ و تكتمل خلال فترة تمتد فى الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر و الآثار التى تحققت فى ظله ، فى حين يحكم القانون الجديد العناصر و الآثار التى تتم بعد نفاذه ، و لئن كانت المراكز القانونية الإتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى نشآت فى ظله بإعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن فى نشوئها أو آثارها أو فى إنقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة ، فحينئذ يطبق القانون الجديد فوراً على ما لم يكن قد إكتمل نشوءه من عناصرها . و على آثار هذه المراكز الحاضرة و المستقبلة ، كما يحكم إنقضائها .

(الطعن رقم 402 لسنة 50 جلسة 1981/02/07 س 32 ع 1 ص 425 ق 83)

شرح خبراء القانون

هذه أولى قواعد تنازع القوانين من حيث الزمان والتي قررها المشرع لمعالجة سنة تعاقب القوانين التي دأبت عليها كافة التشريعات لمواكبة تطور المجتمع واحتياجاته، وقد تناول النص محل التعليق كافة النصوص المتعلقة بأهلية الأداء والواردة في التقنين المدني فقرر سريان القانون الجديد المتعلق بتلك الأهلية بأثر فوري مباشر على كافة الأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط الواردة في القانون الجديد دون القديم، فإذا كان القانون الجديد قد تناول سن الرشد بالتخفيض فإن من كان قاصراً في ظل القانون القديم يصبح راشداً منذ تاريخ سريان النص الجديد طالما توافر فيه شرط السن في القانون الجديد، وكذا إذا كان من شأن القانون الجديد أن يرفع سن الرشد فإن كل من لم يبلغ هذا السن في تاريخ بدء سريان القانون الجديد يغدو قاصراً ولو كانت له في ظل القانون القديم الأهلية الكاملة، ولذلك فقط اضطر المشرع لمعالجة هذه الحالة الأخيرة بالنص الصريح على صحة التصرفات التي أبرمها من أصبح ناقص الأهلية طالما كان، وقت إبرامها، كامل الأهلية في ظل القانون الساري ساعتها. (مركز الراية للدراسات القانونية).

وفيما يلي شرح الفقهاء والخبراء لهذا النص:

تسرى النصوص المتعلقة بأهلية الشخص بأثر مباشر، فإن كان سن الرشد في القانون القديم ثمانية عشرة سنة ثم صدر قانون جديد ورفع سن الرشد إلى الحادية والعشرين، سرى القانون الجديد فور نفاذه، فلا يكون رشيدًا إلا من بلغ الحادية والعشرين أما من هو دون ذلك فيكون قاصرًا حتى لو كان رشيدًا في ظل القانون القديم فإذا خفض القانون الجديد سن الرشد فيجعله ثمانية عشرة سنة بدلًا من إحدى وعشرين سنة، فيصبح كل من بلغ الثامنة عشرة وقت نفاذ القانون الجديد رشيدًا حتى لو كان معتبرًا قاصرًا في ظل القانون القديم.

وتخضع التصرفات للقانون الذي تمت في ظله، فإن كان القانون يعتبر من بلغ الثامنة عشرة رشيدًا فإن التصرفات التي يبرمها في ظله تكون صحيحة حتى لو صدر قانون بعد ذلك ورفع سن الرشد، وأيضًا إذا صدر قانون يخفض سن الرشد إلى ثمانية عشرة سنة بدلًا من إحدى وعشرين فإن من هو دون الواحدة والعشرين في ظل القانون القديم يعتبر قاصرًا فتخضع تصرفاته التي أبرمت في ظل هذا القانون لأحكامه فتكون باطلة أو قابلة للإبطال رغم اعتباره رشيدًا وفقًا للقانون الجديد.

ولا يستطيع من كان رشيدًا وأصبح قاصرًا أن يحتج قبل المشرع بالحق المكتسب لتعلق نصوص الأهلية بالنظام العام.

ويصبح الحق مكتسبًا يتحقق سلطة لشخص وفقًاً للقانون، والأصل أنه لا يجوز المساس بهذا الحق ولا حرمان صاحبه منه ويتحقق ذلك بألا يكون للقانون الجديد أثر رجعي بل يقتصر على الأثر المباشر من وقت نفاذه، فما استعمل من الحق في ظل القانون القديم يظل حقًا مكتسبًا لا يمس، أما ما حال القانون الجديد دون استعماله فليس إلا أمل للمشرع أن يحققه لصاحبه فيكون حقًا مكتسبًا أو يحرمه منه فيكون أملًا لم يتحقق، وليس للشخص في هذه الحالة أن يحتج بالحق المكتسب إذ لا يحاج المشرع بذلك فالاعتبارات التي يهدف إليها تسمو على ما كان للأشخاص من حقوق.

ويكون للمشرع ألا يكتفى بالأثر المباشر للقانون فحسب، بل له أن يعود بالقانون الجديد إلى الماضي فيجعل له أثرًا رجعيًا، على أن يلزم هذه الحالة أن ينص صراحة على الأثر الرجعي بحيث إذا جاء القانون خلواً من هذا النص، فلا يكون رجعيًا.

وللقانون المتعلق بالنظام العام أو الآداب، أثر مباشر دائمًا فيسرى على الوقائع التي تتحقق في ظله حتى لو كانت من قبل خاضعة لأحكام  أخرى كما في نصوص الأهلية. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 318).

الأصل أن القانون يسري بأثر فوري مباشر على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها أو في إنتاجها آثارها أو في انقضائها وهو لا يسري على الماضي.

فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد کالميراث تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه.

النصوص المتعلقة بالأهلية:

تطبق النصوص المتعلقة بالأهلية بأثر فوري على جميع الأشخاص بغض النظر عن مركزهم في ظل القانون القديم.

فإذا صدر قانون جديد يعدل في سن الأهلية، فإن هذا القانون يسري على كافة الأشخاص الموجودين وقت نفاذه، فإذا كان التعديل بالرفع فيخضع له كافة الأشخاص، سواء من كان منهم قد بلغ سن الرشد وفقا للقانون القديم أو من لم يبلغ منهم هذا السن.

والمثال على ذلك أن قانون المجالس الحسبية الصادر سنة 1925 قضى برفع سن الرشد من 18 سنة إلى 21 سنة فيسرى هذا القانون على الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة فيه، فيعتبر قاصراً كل من لم يبلغ الحادية والعشرين ولو كان قد جاوز الثامنة عشر واعتبر بالغاً وفقاً للقانون القديم.

أما إذا كان التعديل بالخفض - أي خفض سن الأهلية - استفاد من هذا التخفيض جميع الأشخاص الذين كانوا لا يبلغون سن الرشد وفقاً للقانون القديم. فإذا خفض القانون الجديد سن الرشد إلى عشرين سنة فقط، فإن كل من بلغ هذا السن وقت نفاذ القانون الجديد يعتبر كامل الأهلية في الحال.

معنى ذلك أن قوانين الأهلية تسري بأثر مباشر على الكافة، فهي قوانین تستدعي طبيعتها توحید مراكز كافة الأشخاص بالنسبة لها فلا يجوز أن يختلف سن الرشد باختلاف الأشخاص.

ويتعين التفرقة في بيان حكم تصرفات الشخص التي صدرت منه، بصدد قواعد الأهلية بين نوعين من التصرفات:

الأول: التصرفات المبرمة بعد نفاذ القانون الجديد. وهي تعتبر صحيحة إذا صدرت من أشخاص يعتبرهم القانون الجديد كاملي الأهلية.

وهي باطلة أو قابلة للإبطال إن كان هذا القانون يعتبرهم عديمي الأهلية أو ناقصي الأهلية.

الثاني: التصرفات المبرمة في ظل القانون القديم، وهذه تحتفظ بالحكم الذي يقضي به القانون القديم سواء كان بالصحة أو بالبطلان. 

فمثلاً لو أبرم شخص عمره 19 سنة تصرفاً اعتبره القانون القديم صحيحاً لأن سن الرشد فيه 18 سنة، فإن صدور قانون جديد يجعل سن الرشد 21 سنة لا يغير من حكم التصرف المبرم في ظل القانون القديم، أي أن التصرف يظل صحيحاً، لأنه صدر من شخص كان القانون يعتبره رشيداً. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/الأول، الصفحة/  255 ).

 الأصل أن القانون يسري بأثر فوري على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه، سواء في نشأتها أو في إنتاجها لآثارها أو انقضائها، وهو لا يسري على الماضي فالمراكز القانونية التي نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد، تخضع للقانون القديم الذي حصلت في ظله ، أما المراكز القانونية التي تنشأ وتكتمل خلال فترة من الزمان فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التي تحققت في ظله، في حين يحكم القانون الجديد العناصر والآثار التي تتم بعد نفاذه، ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله، بإعتبار أنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن في نشوئها أو في آثارها أو في إنقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان القواعد آمره، فحينئذ يطبق القانون الجديد على ما لم يكن قد اكتمل نشوءه من عناصرها، وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضائها. ومن ذلك ما نصت عليه المادة السادسة من القانون المدني من قواعد أمرة فقررت أن النصوص المتعلقة بالأهلية تسري على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في هذه النصوص وإذا عاد شخص توافرت فيه الأهلية، بحسب نصوص قديمة، ناقص الأهلية بحسب نصوص جديدة ، فان ذلك لا يؤثر في تصرفاته السابقة. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول، صفحة 67).