loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1 ـ لما كان يبين إعمالا لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقا للقانون وإعمالا لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، ولا ضير على المحكمة فى عدم النص على طريقة الإعدام - لأن هذا من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم - كما خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو فى تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أنه يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات.

(الطعن رقم 32586 لسنة 68 ق - جلسة 2000/01/04 س 51 ص 38 ق 4)

2 ـ النص على وجوب الإجماع عند إصدار الحكم بالإعدام الذى إستحدثه الشارع بتعديل الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 107 لسنة 1962 لا يعدو أن يكون إجراء من الإجراءات المنظمة لإصدار الحكم بالإعدام و قد أصبح النص عليه فى الحكم شرطاً لصحته و لكنه لا يمس أساس الحق فى توقيع عقوبة الإعدام ذاتها و لا ينال الجرائم التى يعاقب عليها القانون بهذه العقوبة بالإلغاء أو التعديل و لا ينشئ لمقارفها ظروفاً تغير من طبيعة تلك الجرائم و العقوبة المقررة لها بل إقتصر على تنظيم الحكم بهذه العقوبة . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون إذ قضى بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التى دان الطاعن بها بعد إعماله للمادة 17 من قانون العقوبات بدلاً من عقوبة الإعدام المقررة لهذه الجريمة دون النص على الإجماع فى الحكم فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به .

(الطعن رقم 2040 لسنة 49 ق - جلسة 1980/03/09 س 31 ع 1 ص 343 ق 64)

3 ـ يكفى أن ينص فى الحكم على نوع العقوبة التى أرادت المحكمة تطبيقها أما طريقة تنفيذ تلك العقوبة فعمل من أعمال سلطة التنفيذ ولا شأن فيه لسلطة الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم نصه على ذكر طريقة الإعدام.

(الطعن رقم 3419 لسنة 62 ق - جلسة 1993/11/21 س 44 ع 1 ص 1049 ق 161)

4 ـ إن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة فى مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل هو عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق إستثنائى - إلا فى الأحكام الصادرة فى الموضوع والتى تنتهى بها الدعوى، أما القرارات والأوامر - أياً كان نوعها - فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص، ولما كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية قبل الحكم بالإعدام، مما مفاده أن إستطلاع رأى المفتى لا يعدو أن يكون إجراء لازماً لصحة الحكم بتلك العقوبة، اى انه اجراء سابق على صدور الحكم ، ولكنه ليس حكماً تنتهى به الدعوى، ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز.

(الطعن رقم 14725 لسنة 62 ق - جلسة 1994/01/17 س 45 ص 115 ق 17)

5 ـ لما كان الحكم المعروض بعد أن حصل واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها لديه إنتهى بعد أخذ رأى مفتى الجمهورية إلى القضاء حضوريا بمعاقبة المتهمين بالإعدام وقد خلا منطوق الحكم مما يفيد صدوره بالإجماع كما خلا رول الجلسة الموقع عليه من هيئة المحكمة وكذلك محضرها من إثبات صدور الحكم بالإجماع لما كان ذلك، وكان النص فى الفقرة الثانية من المادة رقم381من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم107لسنة1962قد جرى على أنه "ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية__"مفادة أن الشارع قد ربط بين مبدأ الإجماع وبين أخذ رأى المفتى وهو الإجراء الذى كان يستلزمه الشارع قبل التعديل لإصدار الحكم بالإعدام فأصبح الحكم به وفقا لهذا التعديل مشروطا بإستيفاء الإجرائين سالفى الذكر بحيث إذا تخلف أحدهما أو كلاهما بطل الحكم، وإذ كان منطوق الحكم المعروض قد خلا مما يدل على صدوره بالإجماع فإنه يكون باطلا، ولا يقدح فى ذلك ما ورد بأسباب الحكم من أن المحكمة قررت بإجماع آراء قضاتها إستطلاع رأى المفتى وذلك لما هو مقرر عملاً بنص المادة381من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الإشارة من أن النص على إجماع الآراء بالحكم بالإعدام شرط لازم لصحة صدور الحكم بهذه العقوبة، وهو ما خلا منه منطوق الحكم المعروض.

(الطعن رقم 6777 لسنة 62 ق - جلسة 1993/11/03 س 44 ع 1 ص 919 ق 144)

شرح خبراء القانون

1- الإعدام في قانون العقوبات المصري :
  
عقوبة جنائية تقضي بإزهاق روح المحكوم عليه شنقاً وهذه العقوبة محصورة في نطاق عدد قليل من الجرائم هي بالذات بعض جرائم الإعتداء على الحياة وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة، ويثور الجدل في الفقه حول مدى ملائمة الأخذ بهذه العقوبة في التشريعات الجنائية فبينما يطالب البعض بإلغائها يتمسك البعض بها على أساس ضرورتها في مكافحة الإجرام وإن كان يطالب بحصرها في أضيق نطاق هو نطاق الجرائم التي تعدو على حق الحياة دون غيرها من الجرائم ومهما كان الرأي أو ذاك فالمهم أن هذه العقوبة مقررة في قانون العقوبات المصري لبعض الجنايات.

 2- سلطة المحكمة :
كان يشترط في القانون أن لايحكم بالإعدام إلا إذا إعترف المتهم أو شهد عليه شاهداً رؤية ولكن ألغي هذا بأمر عالٍ في ديسمبر سنة 1897 وأصبح الآن الحكم الإعدام يكفي لصدوره أن تقتنع محكمة الموضوع من الأدلة القائمة أياً كان نوعها بقيام الجريمة التي وضع لها الشارع عقوبة الإعدام وإسنادها للجاني مادياً ومعنوياً.

 3- إجراءات صدور الحكم بالإعدام :
تنص الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية والمستبدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 على أنه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع أراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى وفي حالة خلو وظيفة المفتي أو غيابية أو قيام مانع لديه يندب وزير العدل - بقرار منه - من يقوم مقامه .

المستفاد من هذا النص أن الشارع يتطلب إجرائين جوهريين لصحة الحكم بالإعدام يترتب على إغفال إحداهما بطلان الحكم وهما :

- الإجراء الأول : هو أنه يجب على المحكمة قبل أن تصدر حكم الإعدام أن ترسل أوراق القضية إليه، وذلك بأن تقرر في الأوراق مثلاً قررت المحكمة بإجماع الآراء إرسال ملف القضية رقم...... جنايات....... للسيد مفتي جمهورية مصر العربية لأخذ رأيه بالنسبة للمتهم،....... ونرى أن ينص في هذا القرار على الإجماع إذ أنه مقدمة لصدور حكم بالإعدام ورأي المفتي استشاري للمحكمة. وإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى ويتكرر ذلك الإجراء إذا رأت محكمة الجنايات بعد نقض الحكم توقيع عقوبة الإعدام على المتهم مرة أخرى .

- الإجراء الثاني: هو أن يصدر الحكم بالإعدام بإجماع أراء الدائرة مصدرة الحكم، ويكون منطوق الحكم كالتالى " حكمت المحكمة بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم...... بالإعدام شنقاً ".

4- ضرورة عرض النيابة القضية على محكمة النقض :

تنص المادة 46 من القانون رقم 57 في شأن حالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض بأنه مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 أي في ظرف أربعين يوم من تاريخ الحكم الحضوری وبمقتضى هذا النص تلتزم النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 أي في ظرف أربعين يوم من تاريخ الحكم الحضوری وبمقتضى هذا النص تلتزم  النيابة العامة بالطعن في الحكم الحضوري الصادر بالإعدام ولو كان لها رأي آخر أى ولو كان رأيها أن الحكم لا عيب فيه ولا مطعن عليه وعلة ذلك أن الحكم بالإعدام حكم خطير إذ يقضي بأشد العقوبات ولذا أراد المشرع أن يستوثق من سلامة الحكم ومطابقته للقانون فألزم النيابة العامة بالطعن فيه ولو لم يتقدم أحد غيرها بهذا الطعن وواجب النيابة العامة أن تطعن في الحكم خلال ميعاد الطعن (وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم) انقضاء هذا الموعد لايعني النيابة من واجبها فيقبل منها الطعن ولو بعد ذلك إذ أن المشرع قصد بهذا الموعد مجرد وضع قاعدة تنظيمية تستهدف التعجل بالعرض .

 5- الإعدام بطريق الشنق :
تنص المادة 13 من قانون العقوبات على أن كل محكوم عليه بالإعدام يشنق - وكان الشنق يحصل علناً في مصر في أحد الميادين العمومية على مرأى من الجمهور ولكن قامت اعتراضات شديدة على هذه العلنية بناء على أنها ليست أبلغ من الزجر كما يتوهم لأن الناس لا تلبث أن تألف مرأى الشنق فتضيع رهبته في نفوسهم ويقل خوفهم منه وفوق ذلك فإن علنية الشنق كانت مصدر الخرافات كثيرة حيث كان النساء يعتقدون بأن المرور بين أعمدة المشنقة بعد التنفيذ أو الحصول على جزء من الحبل الذي استعمل فيه يفيد في إزالة موانع الحمل لذلك تقرر إبتداء من سنة 1904 أن يكون تنفيذ هذه العقوبة سرياً داخل السجن بحضور الموظفين المختصين ومن يرخصله من مندوبي الصحف .

 6- في تنفيذ عقوبة الإعدام :
متى صار الحكم بالإعدام نهائياً وجب رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل - وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة في ظرف أربعة عشر يوماً (م 740إجراءات جنائية).

إذا صدر حكم بالإعدام فيودع المحكوم عليه السجن إلى أن ينفذ فيه الحكم ويجرى إيداعه بمقتضى أمر تصدره النيابة المختصة على النموذج المعد لذلك وعلى رئيس النيابة المختص أن يتصل فوراً بالمحامي الذي قام بالدفاع عن المحكوم عليه ليتخذ في الميعاد القانوني إجراءات الطعن بطريق النقض في الحكم المذكور إذا كان لذلك وجه أو أن يقرر كتابة بأنه لا وجه للطعن مع المبادرة بين النائب العام بما يتم في هذا الشأن وهذا بغير إخلال بما للمحكوم عليه من الحق في رفع الطعن بنفسه أو بواسطة محام آخر ويراعى أنه لا يشترط أن يكون المحامي المذكور موكلاً كان أو معيناً قد قيد بجدول المحامين المقررين أمام محكمة النقض إذ أن القانون لا يشترط هذا التقيد بالنسبة إلى المحامي الذي يتولى إجراءات الطعن في المواد الجنائية سواء بالنسبة إلى التقرير بالطعن أو بالنسبة إلى تقديم أسبابه وشرط القيد بجدول محكمة النقض مقصور على المرافعة فقط أمام المحكمة المذكورة (البند 834 من التعليمات العامة للنيابات).

- الأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه في اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ وإذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الإعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته (م 473 إجراءات جنائية).

تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن أو في مكان آخر مستور بناء على طلب كتابي من النائب العام يبين فيه استيفاء الإجراءات المنصوص عليها في المادة 470 (م 473 إجراءات جنائية).

- يجب أن يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة ولايجوز لغير من ذكروا أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة ويجب دائما أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور.

 - ويجب أن يتلى من الحكم بالإعدام منطوقه والتهمة المحكوم من أجلها على المحكوم عليه وذلك في مكان التنفيذ بمسمع من الحاضرين وإذا رغب المحكوم عليه في إبداء أقوال حرر وكيل النائب العام محضراً بها وعند تمام التنفيذ يحرر وكيل النائب العام محضرا بذلك ويثبت فيه شهادة الطبيب بالوفاة وساعة حصولها (م 474 من قانون الإجراءات الجنائية ).

 7- أرجاء تنفيذ حكم الإعدام :
لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه (م 475 من قانون الإجراءات الجنائية).

ويوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الحبلي إلى ما بعد شهرين من وضعها (476 من قانون الإجراءات الجنائية) ويجب على النيابة في هذه الحالة ندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليها للإستيثاق من حملها.

ويراعى أنه لا محل لوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في حالة ادعاء الجنون من المحكوم عليه بهذه العقوبة (البند 839 فقرة أخيرة من التعليمات العامة لنيابات).

 8- دفن الجثة :
تدفن الحكومة على نفقتها جثة من حكم عليه بالإعدام ما لم يكن له أقارب يطلبون القيام بذلك.

ويجب أن يكون الدفن بغير إحتفال (م 477 ) من قانون الإجراءات الجنائية.
(موسوعة هرجة الجنائية ، للمستشار /  مصطفي مجدي هرجه ، المجلد / الأول ، دار محمود  الصفحة /  137)

العقوبات الأصلية تشمل عقوبات بدنية وعقوبات ماسة بالحرية وعقوبات مالية.
والعقوبة البدنية الوحيدة في القانون المصري هي الإعدام والعقوبات الماسة بالحرية هي الأشغال الشاقة والسجن والحبس، والعقوبات المالية الأصلية الوحيدة فيه هي الغرامة.

 تعريف عقوبة الإعدام :
الإعدام هو إزهاق روح المحكوم عليه وهي أشد العقوبات من حيث الجسامة فهي تسلب المحكوم عليه حق الحياة، ولاشك أن هذه العقوبة بالغة الخطورة لأنها عقوبة استئصال.
(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول،  الصفحة: 175)

الفقة الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 41  .

 

الباب الرابع

 العقوبة 

الفصل الأول

 مبادئ عامة 

(مادة 36) 

الحد: هو العقوبة المقدرة شرعاً في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. 

(مادة 37) 

العقوبات التعزيرية الأصلية هي: 

1- الإعدام تعزیراً . 

2- السجن المؤبد. 

3- السجن المؤقت. 

4 - الحبس. 

5- الجلد تعزيراً . 

6- الغرامة. 

7- التدابير 

(مادة 38)

 كل محكوم عليه بالإعدام حداً أو قصاصاً أو تعزيراً ينفذ فيه الحكم شنقاً ، إلا إذا نص القانون على تنفيذه بطريقة أخرى. 

(مادة 39) 

القطع: هو قطع اليد أو الرجل، وفقاً للأحكام المبينة في الكتاب الثاني من هذا القانون. 

(مادة 40)

 الجلد: هو ضرب المحكوم عليه العدد المحدد من الضربات وفقاً لأحكام هذا القانون. 

(مادة 41) 

الدية: هي بدل النفس أو ما دونها على الوجه المبين في هذا القانون. 

فقد نصت المادة (36) على تعريف الحد بأنه: العقوبة المقدرة شرعاً في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وقد انفرد الكتاب الثاني من هذا المشروع بقانون ببيان هذه الحدود. 

واقتصرت المادة (37) على تحديد العقوبات التعزيرية الأصلية، بينما تولت المادة (47) تحديد العقوبات التبعية. 

والتعزير يمثل الجانب الشرعي الذي يواجه به المشروع كل متطلبات حماية المصالح والقيم الاجتماعية، والتي يطرأ عليها التغير بتطور الزمان، وهو يطبق على جميع الجرائم الخارجة عن نطاق الحدود الشرعية وقد تضمنها الكتاب الثالث من هذا المشروع بقانون. 

وفي مجال العقوبات التعزيرية الأصلية حددت المادة (37) خمسة أنواع هذه العقوبات، عقوبة سالبة للحياة هي الإعدام، وعقوبة سالبة للحرية هي السجن المؤبد، والسجن المؤقت، والحبس، وعقوبة بدنية، هي الجلد تعزيراً ، وعقوبة مالية هي الغرامة، ثم التدابير. 

وفي صدد العقوبة السالبة للحرية عمد المشروع إلى تحديدها من معنى العذاب البدني المصاحب لها في صورة السجن. 

وبالنسبة إلى العقوبة البدنية (الجلد) فهي أصلاً من العقوبات المقررة للحدود، إلا أنها مقررة أيضاً في بعض الجرائم التعزيرية. وقد لوحظ في الفقه الإسلامي أنها أكثر ردعاً للمجرمين الخطرين، وأنها ذات حدين فيمكن أن يعاقب بها كل مجرم بالقدر الذي يلائم جريمته، ويتفق مع شخصيته في آن واحد، وتمتاز هذه العقوبة بأنها تنفذ في الحال، فلا تثقل کاهل الدولة ولا تعطل المحكوم عليه عن عمله، ولا تعرض المحكوم عليه لخطر السجن ومخالطة الأشرار بداخله، ولا تمس آثارها سوى المحكوم عليه ممن يعولهم أو يلتزم نحوهم بالتزام شرعي. 

وبالنسبة إلى التدابير فقد أريد بها مواجهة خطورة بعض المجرمين، وتتسع الشريعة لكل عقوبة تصلح الجاني وتؤدبه، وتحمي الجماعة من الإجرام، والقاعدة العامة في الشريعة أن كل عقوبة تؤدي إلى تأديب المجرم، واستصلاحه، وزجر غيره، وحماية الجماعة من شر الإجرام والجريمة - هي عقوبة مشروعة. 

وقد بينت المادة (38) أن الإعدام حدا أو قصاصاً أو تعزيراً ينفذ شنقاً ، إلا إذا نص القانون على عكس ذلك، ثم بينت المواد (39)، (40) المقصود بالقطع والجلد. 

ونصت المادة (41) على أن الدية هي بدل النفس أو ما دونها على الوجه المبين في هذا القانون، وهو ما تكفل الكتاب الثاني بتحديده. 

ويهمنا في هذا الصدد أن نشير إلى أن الشريعة جعلت الدية عقوبة أصلية للقتل والجرح في شبه العمد والخطأ، ومصدر هذه العقوبة القرآن والسنة، فقد قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إلا أن في قتیل شبه العمد الخطأ قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل» . 

والدية مقدار معين من المال، وهي وإن كانت عقوبة إلا أنها تدخل في مال المجني عليه، ولا تدخل خزانة الدولة وهي من هذه الناحية أشبه بالتعويض، خاصة وأن مقدارها وطريقة أدائها يتوقف على جسامة الإصابات، وعلى ما إذا كان الجاني متعمداً للجريمة أو غير متعمد لها. 

ونصت المادة (80) على لزوم أن يصدر حكم الإعدام قصاصاً ، أو بالرجم حتى الموت بإجماع الآراء، ولا يجوز أن يتوقف صدور هذا الحكم على الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (381) من قانون الإجراءات الجنائية، وهو وجوب استطلاع رأي مفتي الجمهورية. 

وفي بيان شرط الإجماع: 

ولما كانت كل من عقوبتي الإعدام قصاصا أو الرجم حتى الموت تعني إزهاق الروح، ووضع حد لحياة الجاني بما لا يمكن إدراكه أو محاولة إصلاح أي خطأ يمكن اكتشافه بعد تنفيذ تلك العقوبة الحاسمة - اقتضى الحال أن تحاط إجراءات التقاضي فيها بالضمانات الكافية، والتحوط قدر الإمكان في إصدارها؛ حتى يكون الحكم بها سليماً مبرأ من كل عیب، خاليا من أية شبهة، لذلك اشترطت المادة أن يكون الحكم الذي يصدر بالإعدام قصاصاً ، أو الرجم - صادراً بإجماع آراء قضاة المحكمة، فإذا تخلف الإجماع ولو برأي قاض واحد مخالف لغيره ممن يرى الحكم على الجاني بالإعدام أو الرجم - فإنه لا يجوز للمحكمة حينئذ أن تقضي بالإعدام أو الرجم، وإن كان هذا لا يمنع من إنزال عقوبة تعزيرية تراها مناسبة لما يثبت لديها على الجاني من جرائم؛ وفقاً للإجراءات العادية في إصدار الأحكام ولو بأغلب الآراء واشتراط الإجماع عند إصدار حكم الإعدام ورد في قانون الإجراءات الجنائية في الفقرة الثانية من المادة (381) حيث جاء بها: (ولا يجوز المحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها). ولا ينكره الفقه الإسلامي الذي جرت أحكامه في عمومها على أن الأحكام تصدر من قاض واحد. 

فإذا تعدد القضاة في قضية واحدة، وجب أن يكون الحكم صادراً باتفاق دون تمييز بين أحكام الإعدام وغيرها وإن كانت النصوص في ذلك قليلة، حيث إن التعدد الحالي في دوائر المحاكم التي يشترك فيها ثلاثة من القضاة - لم يكن معروفاً عند المتقدمين من الفقهاء مثلما هو في عصرنا هذا، ولعلنا ندرك من هذه النصوص الواردة في هذا الشأن ما يمكن أن يؤكد وجوب صدور الأحكام بالاتفاق. 

من ذلك ما جاء في مذهب المالكية في كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد ((2)/ (382)) لابن رشد في كتاب الأقضية، الباب الأول ما يأتي: (ومن شرط القضاء عند مالك أن يكون واحداً ، والشافعي يجيز أن يكون في المقر قاضيان اثنان إذا رسم لكل منها ما يحكم فيه، وأن شرط اتفاقها في كل حكم لم يجز، وأن شرط الاستقلال لكل واحد منهما فوجهان: الجواز، والمنع، قال: وإذا تنازع الحصان في اختيار أحدهما وجب أن يقترعا عنده). 

وجاء في الشرح الكبير ((4)/ (120)) في باب القضاء ما يأتي: (وجاز تعدد مستقل، أي جاز للإمام نصب قاض متعدد يستقل كل واحد بناحية يحكم فيها بجميع أحكام الفقه، بحيث لا يتوقف حكم الواحد منهم على الآخر، كقاضي رشيد، وقاضي المحلة، وقاضي قليوب، أو تعدد مستقل ببلد. أو خاص، أي: خاص بناحية الغربية أو المنوفية، أو بنوع، أي باب من أبواب الفقه کالأنكحة، أو البيوع، أو الفرائض وعلق في حاشية الدسوقي على ذلك قائلاً : (ويجوز له أيضا تولية متعددين كل منهم مستقل، لكنه خاص بناحية يحكم فيها بجميع أبواب الفقه، أو بعضها، أو البعض كذا والبعض كذا فعلم من هذا أنه لا بد من الاستقلال في العام والخاص، فلا يجوز للخليفة أن يفرق بين قاضيين، هذا إذا كان التشريك في كل قضية، بل ولو كان في قضية واحدة بحيث يتوقف حكمه على حكم صاحبه؛ لأن الحاكم لا يكون نصف حاكم كذا قال ابن شعبان بن عرفة، وما قاله إنما هو في القضاة أما تحكيم شخصين في نازلة معينة، فلا أظنهم يختلفون في جوازه، وقد فعله على ومعاوية في تحكيمها أبا موسى وعمرو بن العاص). وعند الحنفية: كما يجوز تولية قاض واحد لبلدة يجوز تولية شخصين أو أكثر القضاء فيها، ومتى حصل ذلك لم يجز أحدهما القضاء وحده على انفراده بدون حضور الآخر كالوكيلين، إلا إذا قلدهما على أن ينفرد كل منهما بالقضاء، فإنه يجوز حينئذ الانفراد. 

ولا يخفى أن هذا فيما إذا قلدهما القضاء بتقليد واحد لا بتقلیدین متعاقبين (الأصول 

القضائية في المرافعات الشرعية، ص (295)). 

والذي يستفاد من هذه الآراء أن المالكية يشترطون أن يكون القاضي منفرداً في القضاء ويجوز للإمام أن يولي أكثر من قاض، ويخصص كل واحد ببلدة أو ناحية يحكم فيها في جميع الأقضية دون أن يتوقف حكم أحدهم على حكم الآخر، أو يولي أكثر من قاض في ناحية يستقل كل منهم بالحكم في نوع من الأقضية كالأنكحة ، والبيوع وغيرها فعلم من مذهبهم أنه من الاستقلال في القضاء العام والخاص، فلا يجوز للخليفة أن يشرك بين قاضيين في القضايا ، بل ولا في القضية الواحدة بحيث يتوقف حكم كل على حكم الآخر. 

وأما الشافعية فيرون جواز تولية قاضيين في المصر الواحد، إذا رسم لكل ما يقضي فيه، وأنه لا يجوز للإمام أن يأمرهما بالاتفاق في كل حكم، وأنه إذا شرط استقلال كل في قضائه، فبعضهم يجيز ذلك وبعضهم يمنعه. 

وأما الحنفية فيجيزون تولية أكثر من قاض لبلدة واحدة، لكن لا يجوز حينئذ أن ينفرد أحدهم بالقضاء وحده دون الآخر، إلا إذا كان قرار تعينهم قد نص فيه على انفراده بالقضاء، فيجوز حينئذ أن ينفرد بالقضاء، فإذا كان تعيين كل بقرار مستقل فإنه يجوز الانفراد. 

وإذا كان المستفاد من ذلك أن القضاء فصل في الخصومة بحكم يصدر من القاضي، ومن ثم فإنه يقتضي أن يكون الحكم صادراً ممن يملكه وهو القاضي قولاً واحداً ، فإن اتجاه الفقهاء إلى القول بعدم تعدد القضاة في القضية الواحدة، أو الخصومات المتعددة - يكون متسقاً مع وظيفة القضاء، التي تعني فصل الخصومات بقول واحد لا خلاف فيه، فإذا التمسنا رأي الفقه في صدر موضوع المادة، فإن اللجنة تستند إلى مذهب الحنفية في جواز تعدد القضاة، بحيث لا ينفرد أحدهم بالقضاء وحده دون الآخرين، كما يحدث الآن في تولية القضاة في القضاء المتعدد، کدوائر القضاء الكلي أو الاستئناف، والمعروف أنه يصدر بتعيين قضاة تلك الدوائر قرارات واحدة تحتم اجتماعهم في نوع القضاء الذي يجلسون له بتقليد ولي الأمر، بحيث لا ينفرد أحدهم فيه عن الآخرين. 

أما إصدار حكمهم بالإجماع في بعض أنواع الأقضية كأحكام الإعدام، ومنها حكم الإعدام قصاصا، أو الرجم الذي تجري بصدده تلك المادة - فإن اشتراط ذلك بعيد عن فرض حكم بذاته في تلك القضايا، وإنما هو تأكيد بالتشريع للإتجاه الفقهي عند جمهور فقهاء الشريعة الإسلامية الذين يوجبون صدور الحكم في القضايا بدون خلاف عند تعدد القضاة؛ استلهاما للمنهج الشرعي، وتحقيقاً للمصلحة العامة التي نوهنا عنها في بداية هذا الإيضاح، واعتباراً للشبهة التي لابست الحد من تخلف رأي قاض أو أكثر من القضاة المنوط بهم الفصل في هذه الجناية، والتي لا شك تقوم في رأي المخالف، تحجبه عن الاتفاق مع القائلين من باقي القضاة المشتركين معه - بالإعدام قصاصاً أو الرجم -، وتلك ولا ریب شبهة دارئة للحد. 

أما بالنسبة لما نصت عليه المادة (80) على أن إصدار حكم الإعدام أو الرجم عند إجماع الآراء لا يتوقف على الإجراء المبين بالفقرة الثانية من المادة (381) من قانون الإجراءات الجنائية، وهو استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل الحكم بتلك العقوبة - فإن المشرع لم يشترط في الفقرة سالفة الذكر اتفاق الحكم مع أحكام الشريعة الغراء، مع أنه في  الوقت ذاته قد لا تتوافر في الجريمة أدلة الثبوت التي تطلبها الشريعة الإسلامية لتوقيع عقوبة الإعدام ولذلك كان رأي المفتي - من حيث بيان مدى جواز توقيع عقوبة الإعدام في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية - له جدواه، أما وقد أخذ المشروع بأحكام الشريعة الإسلامية ذاتها من حيث توافر أركان الجريمة وأدلة الثبوت مناطاً لتوقيع العقوبة - فإن ذلك يعني بالقطع أنه لا يمكن الحكم بعقوبة الإعدام قصاصاً أو الرجم، إلا إذا توافرت شروط القضاء بها وفق أحكام الشريعة، وإلا كان الحكم مخطئاً ، ومن ثم فلا محل لأخذ رأي المفتي قبل القضاء بالعقوبة المذكورة، وإلا كان في ذلك خلق لأوضاع تنال من سلطة القضاء وقدسية الأحكام في ظل نظام تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الذي يستقل به القاضي شرعاً .

ولما كانت العقوبات المنصوص عليها في المادة (81) لها خطورتها مما لا يمكن تدارکه عند اكتشاف خطأ ما - فقد رئي زيادة في الاحتياط، وكفالة لعدالة المحاكمة بالقدر الممكن، وتمكيناً للجاني من استنفاد كل جهده في الدفاع عن نفسه، واستيثاقاً من سلامة الحكم من كل العيوب، وتيقناً من موافقته للقانون، رئي عرض القضايا المحكوم فيها بهذه العقوبات على محكمة النقض، وهي أعلى درجات القضاء، ويتوافر فيها من الضمانات ما يكفي للاطمئنان على تحقيق العدالة ؛ لزيادة عدد مستشاريها ممن توافرت لهم خبرة طويلة في حقل القضاء، وتقوم النيابة ولو لم يطعن الجاني بعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة برأيها في الحكم وفقاً للإجراءات المقررة أمامها، وهذا الذي أوردته المادة تحوط في إجراءات المحاكمة لضمان العدالة، ودرءاً لكل ما عساه أن يطعن به على هذا الحكم، وإتاحة للمتهم من إفراغ دفاعه و شبهاته وقد رأت اللجنة أنها إجراءات سليمة لا تخالف المبادئ الشرعية، بل تجري في نطاق المبدأ المقرر في هذه الحدود وهو سقوطها بالشبهات، وفي ذلك إفساح المجال أمام الجاني، وتمكينه من طرح مبررات الدفاع عن نفسه أمام القضاء حتى يجيء الحكم بعد ذلك كله، إن لم تقتنع بدفاعه مبرأ من كل قصور، خالياً من كافة العيوب، مستوعباً لكل دفع ودفاع أبداه الجاني بقدر الاستطاعة البشرية. والله وحده أعدل الحاكمين. 

وغني عن الذكر أن الأحكام التي تصدر بالدية والعقوبة التعزيرية في جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون - لا يوجب المشروع عرضها على محكمة النقض، وكذلك إذا كان الحكم صادراً في جريمة تعد جنحة بالدية والعقوبة التعزيرية (كما في جريمة الإصابة الخطأ مثلاً)، وفي هذه الأحكام يستطيع الخصوم أن يطعنوا فيها بطريق النقض طبقا للإجراءات والقواعد وفي الأحوال المقررة قانوناً . 

وأحالت المادة (82) في إجراءات تنفيذ العقوبة إلى المواد من (471) إلى (477) من قانون الإجراءات الجنائية، دون المادة (470) منه ؛ لأنها خاصة بالتوطئة للعرض على ولي الأمر، للنظر في الأمر بالعفو أو إبدال العقوبة، وكلاهما غير جائز شرعاً ؛ لأن العفو مقصور على المقتول أو أولياء دمه دون سواهما على ما هو مبين بالبند (أ) من المادة (194) من المشروع، والمادة (221) منه. 

کا نصت المادة على وقف تنفيذ العقوبة على الوالدة المرضع إلى أقرب الأجلين: إتمامها رضاعة وليدها، أو حولين كاملين، وذلك أخذا بهدي القرآن الكريم في تحديد مدة الإرضاع، وقد أجل النبي ة تنفيذ عقوبة الإعدام رجماً في المحكوم عليها الحامل، حتى أتمت حملها ورضاعة المولود و فطامه، وذلك في حديث مشهور وهو حديث الغامدية. 

ونصت كذلك على وقف التنفيذ على المجنون، أو من به عاهة في العقل حتى يعود إليه رشده ؛ لأن العقوبة يقصد بها الزجر، وهو لا يحصل بالتنفيذ في هذه الحالة، كما نظم المشروع في المادة (83) كيفية تنفيذ عقوبة القطع، مراعياً في ذلك التيسير على المحكوم عليه، وعدم تعريضه لأخطار تهدر حياته، أو تصيبه بأذى لم يقصده الشارع من وراء تقرير العقوبة التي تغيا بها الردع والزجر، لا التعذيب والإعنات (المغني جـ (8) ص (261)). 

كما نصت الفقرة الأولى من المادة (84) على أن ينفذ حد الجلد فور الحكم به حضورياً من محكمة الجنايات، حتى يكون له الأثر الرادع، وأنه لا يشترط عرض الحكم على محكمة النقض أسوة بالعقوبات الحدية الأخرى؛ نظراً لأن عقوبة الجلد تحدث الزجر للجاني ولا يترتب على تنفيذها أثار لا يتحمل زوالها. 

وفي الفقرة الثانية: نص على نوع آخر من الاستيثاق لدفع الضرر المترتب على الجلد، إذا لم يكن المحكوم عليه قادراً على احتماله وذلك بضرورة الكشف عليه طبياً من الطبيب المختص قبل التنفيذ ليقرر ما يمكن أن ينتج عن تنفيذ الجلد من آثار، فإن ثبت أن في ذلك خطورة على حياة الجاني، قرر ذلك حتى يمكن تخفيف الجلد بالطريقة الشرعية التي تراها المحكمة مناسبة لحالة المحكوم عليه، أو تأخير التنفيذ حتى يبرأ، وكذلك يؤخر تنفيذ الجلد على من جن أو أصيب بعاهة عقلية قبل أو أثناء التنفيذ عليه، حتى يبرأ من جنونه أو يفيق، حتى تكون لدى المحكوم عليه فرصة الرجوع في إقراره، إذا كان الإثبات وسيلته إقراره بالجريمة فقط، فيسقط عنه الحد أو ما بقي منه وفقاً لأحكام هذا القانون، وفي التنفيذ عليه أثناء جنونه ونقص عقله حرمانه من هذا الحق، وإقامة الحدود فريضة ولا يجوز تأخيرها بغير عذر؛ لأن في تأخيرها اعتداء على حدود الله الذي نهى عن ذلك فقال تعالى: ( لْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ) [البقرة: 229]. 

فإذا كان الزمان معتدلا، والمحكوم عليه بالجلد ليس به ما يدعو إلى تأخير الحد عنه - أقيم عليه الحد فور القضاء النهائي به أما إذا قرر الطبيب المختص أنه يخشى على المحكوم عليه الهلاك أو تلف عضو منه أثناء إقامة الحد عليه بالجلد، كما إذا كان الحر شديداً أو البرد قارضاً أو كانت المحكوم عليها بالجلد حاملاً أو نفساء، فإنه يترك في كل هذه الأحوال، ولا يقام عليه الحد حتى يعتدل الزمان، أو يبرأ المريض، أو تضع الحامل، أو تبرأ النفساء، فإذا زال العذر أقيم الحد دون تأخير. 

فقد روي عن علي رضى الله عنه (أن امرأة زنت، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلدها ، فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس، فخشي علي أن يجلدها فيقتلها. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : (أحسنت، اتركها حتى تتماثل»). نيل الأوطار جـ (7)/ ص (118). 

ومن ذلك يعلم أنه إنها أخر علي - کرم الله وجهه - إقامة الحد على المحكوم عليها لعذر طارئ وهو النفاس، حتى لا يكون جلدها حال نفاسها مفضيا هلاكها، وإنه بزوال العذر يقام الحد - وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وبعض فقهاء الحنابلة منهم الخرقي (فتح القدير، جـ (4) ص(128)، التاج والإكليل، جـ (6) ص (296)، المهذب جـ (2) ص .(288)) 

واختارت اللجنة الأخذ بهذا الرأي لسلامة حجته، ولأن في تأخير إقامة الحد على المريض الذي يرجى برؤه إلى أن يبرأ من مرضه؛ إقامة للحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى، وكذلك في تأخير إقامته لشدة الحر والبرد، وخالف في ذلك الظاهرية وبعض فقهاء الحنابلة، وهو قول (إسحاق وأبي ثور)، وحجتهم لا تقوى على مناهضة الرأي الذي أخذت اللجنة به. 

أما إذا كان المحكوم عليه بالجلد مريضاً مرضاً لا يرجى شفاؤه، أو كان ضعيف الحلقة - أقيم عليه الحد بسوط يؤمن معه التلف، أو بقضيب صغير، أو شمراخ النخل، ولا يؤخر الحد، فإن خيف عليه من ذلك أقيم عليه الحد بواسطة عثكال (عنقود النخل المشتمل على شماريخه) فيه مائة شمراخ، يضرب به ضربة واحدة، ولا بد أن يكون مبسوطاً ، وأن يصل كل شمراخ فيه إلى جسد المحدود. 

وبهذا قال الشافعي، والحنفية، وأنكر مالك هذا، وقال: إن الله تعالى يقول:( فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ )(النور :2)، وهذه جلدة واحدة. 

وأجيب عليه بأن أبا أمامة بن سهيل بن حنیف روی عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً اشتكى حتى ضني، قد دخلت عليه امرأة فهشت له فوقع بها، فسأل الصحابة له النبي صلى الله عليه وسلم فأمر أن يأخذوا شمراخاً فيضربوه ضربة واحدة). رواه أبو داود، والنسائي. 

والحكمة في ضربه بالعثكال أنه لا يمكن ضربه بالسوط؛ لأنه يتلف به، ولا يمكن ترکه؛ لأنه يؤدي إلى تعطيل حد الله. وضربه بالعثكال أولى من إتلافه أو ترکه مطلقا دون إقامة الحد يقول الشافعي رحمه الله: (ولأنه إذا كانت الصلاة تختلف باختلاف حالة الشخص فالحد بذلك أولى). شرائع الإسلام ((2)/ (246)، ونيل الأوطار (7)/ (120)، والمهذب (2)/ (28)، والشرح الكبير (10)/ (132)، ابن عابدین (3)/ (153) المغني لابن قدامة (8) /(173)) .

وقد رأت اللجنة أن تأخذ برأي الجمهور؛ لقوة حجتهم دون رأي المالكية. 

وغني عن البيان أن إعادة قيام عذر لدى المحكوم عليه تفصل فيه المحكمة التي أصدرت الحكم بعد طرحه عليها مقرونا بالتقرير الطبي، فإن رأت قبوله تأخر التنفيذ إلى الوقت الذي تراه، أو إقامة الحد على الوجه المناسب لحالة المحكوم عليه، وإلا رفضت الطلب وأمرت باستمرار التنفيذ. 

أما الفقرة الرابعة فتنص على أن الرجل يجلد قائماً ، روي ذلك عن أبي هريرة ؛ لأنه جلد رجلاً قائماً في القذف ولأنه مبني على التشهير والوقوف فيه أبلغ وتجلد المرأة قاعدة لأنه أستر لها ولقول علي كرم الله وجهه يضرب الرجل قائماً وتضرب المرأة قاعدة) وتمسك يداها، وتشد عليها ثيابها للستر، وحتى لا تنكشف. 

ولا يمد الجلاد عند إقامة الحد أي لا يفصل عضده عن إبطه أثناء الضرب، وقيل: لا يمد يده فوق رأسه ؛ لأنه زيادة بالغة لم يستحق عليها ذلك، لأنه ربما يؤدي إلى التلف، والتحرز عن ذلك واجب شرعا في موضع لا يستحق الإتلاف شرعاً ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحسم السارق بعد القطع للتحرز عن الإتلاف، ولا بأس من ربط المحدود وإمساكه إذا امتنع عن إقامة الحد عليه فلم يصبر أو يقف حتى يقام الحد، أو دفع بيديه ما يضرب به، وذلك حتى يقام عليه الحد الذي شرعه الله تعالى. ويراعى كذلك في الجلد أن يفرق على الأعضاء باتقاء الوجه والرأس والمواضع المهلكة، فيعطى كل عضو حظه من الضرب، ولأن جمع الجلدات في عضو واحد يؤدي إلى الإتلاف المحظور. 

وتنص الفقرة الرابعة من هذه المادة أيضا على أنه ينزع عن المحكوم عليه بالجلد من لباسه ذكراً أو أنثى ما يمنع وصول الألم إلى الجسد - الحشو والفرو - ليخلص الألم إلى بدنه ولما روي من أن أبا عبيدة بن الجراح أتي برجل في حد، فجعل الرجل ينزع قميصه قائلاً: ينبغي لجسدي هذا المذنب أن يضرب. وعليه قميص، فقال أبو عبيدة: لا تدعه ينزع قميصه فضربه عليه. 

وبهذا قال جمهور الفقهاء (المبسوط، ج (9) ص (32)، (33)، فتح القدير، جـ (4) ص (128)، الجصاص جـ (3)، (23)، المهذب جـ (2) ص (288)، الإقناع جـ (4) ص (246)، شرائع الإسلام، جـ (2) ص (246)). 

ويكون الضرب وسطاً لا شديداً فيقتل، ولا ضعيفاً فلا يردع، ولا يبالغ الجلاد فيه حتى يخرق به جلداً أو يقطع به لحماً ؛ لما روي عن عمر روال عنه أنه أتي بفتاة قد فجرت، فقال: اذهبا بها، واضرباها، ولا تخرقا لها جلداً ولما روي عن - علي كرم الله وجهه - وأبي هريرة والله عنه أنها قالاً: (ضرب بين ضربين، وسوط بين سوطين). أي: ضرب وسط بسوط وسط. 

ويراعى كذلك أن يفرق الجلد على الأعضاء باتقاء الوجه والرأس والمواضيع المهلكة، لأن الوجه يجمع المحاسن، فلا يؤمن فوات شيء منها بالضرب وذلك إهلاك معنى، ولأن الرأس يجمع الحواس الباطنة، وربما تفسد بالضرب، وقد يظلم به البصر ويختلط به العقل،  وهذا إهلاك معنی و غیر مستحق. ويحسن الإكثار من ضرب الأليتين والفخذين وما شابهها من المواضع التي يكثر فيها اللحم؛ لأن ضربها أشد إيلاماً للمحدود من غيرها، مع أمن لحوق الضرر به؛ لأن المقصود من ضرب الحد هو الردع لا القتل (منتهى الإرادات، (3)/ (69)، الإقناع (48)/ (246)، والمراجع السابقة). 

کا حددت الفقرة الخامسة من المادة آلة الجلد التي يقام بها الحد، فقررت أنها يجب أن تكون سوطاً من الجلد متوسط الطول، لا بالطويل ولا بالقصير بين القضيب والعصا، وأن يكون خالياً من العقد، غير يابس حتى لا يخرق جلد المحكوم عليه ويقطعه، ولا خلقاً (بالياً) يقصر عن إيصال الألم إلى جسد المجلود، بل يكون وسطاً بين الاثنين. روي عن حنظلة السنوسي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته، ثم يدق بين حجرين حتى يلين، ثم يضرب به الناس. قلنا لأنس: في زمان من كان هذا؟ قال: في زمان عمر بن الخطاب. (نصب الراية (3)/ (123)) ولما روي عن يحيى بن كثير أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أصبت حداً فأقمه علي فدعا عليه الصلاۃ والسلام بسوط فأتي بسوط شديد له ثمرة فقال: «سوط دون هذا». فأتي بسوط مكسور لين فقال: «سوط فوق هذا». فأتي بسوط بين سوطين فقال: «هذا». فأمر به، فجلد (نيل الأوطار (7)/ (120) و(121) ونصب الراية (3)/ (323)، والموطأ بهامش الباجي (7)/ (142)). 

کا اشترط الفقهاء ألا يكون للسوط أكثر من ذنب (طرف واحد، فإن تعددت أطرافه احتسبت الضربة بعدد الأطراف (فتح القدیر، جـ (8) ص (126) و (128)). 

ورأت اللجنة الأخذ برأي جمهور الفقهاء القائلين بأن الضرب يكون بالسوط دون غيره ؛ لقوة أدلتهم دون رأي الظاهرية القائلين بجواز إقامة الحد بكل ما يضرب به كحبل من الشعر، أو الكتان أو قضيب من الخيزران، ونحوها؛ لقوة حجة الجمهور، كما رأت اللجنة تحديد نوع السوط بأن يكون من الجلد؛ لأنه النوع السائد المعروف في زماننا الذي يتحقق به الهدف الشرعي من إقامة الحد؛ إذ إنه أبلغ في الردع، وأدعى إلى الزجر. 

وفي تحديد وصف هذا السوط بأن يكون خالياً من العقد، وألا يكون بابساً ولا متعدد الأطراف؛ رعاية للمحكوم عليه، وأماناً له من هلاك النفس أو تلف الأعضاء. 

وقرر الفقهاء أن الضرب في حد الزنا يكون أشد من الضرب في حدي الشرب والقذف؛ 

 لأن حد الزنا يتلى في القرآن، وساه الله عذابا فقال تعالى: ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) [النور: 2]. وقال جل شأنه: (وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ولأن المقصود هو الزجر، ودعاء الطبع إلى الزنا عند غلبة الشبق أكثر منه إلى شرب الخمر. (المبسوط، ج (9) ص (71) و (72)). 

والأحكام التي نص عليها المشروع فيما يتقدم تتفق مع اتجاه عام في الفقه الإسلامي يستند إلى السنة النبوية، في أن تكون العقوبة وسيلة للإصلاح وليس الانتقام، وأن توقع في الإطار الذي يحقق الهدف منها، ولا تتجاوزه إلى الإضرار بالمحكوم عليه بغير حق. 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  العشرون ، الصفحة / 38

خَنِقٌ

التَّعْرِيفُ:

الْخَنِقُ بِكَسْرِ النُّونِ وَالْخَنْقُ (بِسُكُونِهَا) مَصْدَرُ خَنَقَ يَخْنُقُ إِذَا عَصَرَ حَلْقَهُ حَتَّى يَمُوتَ، وَالتَّخْنِيقُ مَصْدَرُ خَنَّقَ وَمِنْهُ الْخِنَاقُ، وَالْخِنَاقُ الْحَبْلُ الَّذِي يُخْنَقُ بِهِ.

وَيُسْتَعْمَلُ فِي الاِصْطِلاَحِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي نَفْسِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَ الْخَنْقُ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَأَنْ جَعَلَ فِي عُنُقِهِ حَبْلاً ثُمَّ عَلَّقَهُ فِي شَيْءٍ عَنِ الأَْرْضِ، أَوْ خَنَقَهُ بِيَدَيْهِ أَوْ سَدَّ فَمَهُ وَأَنْفَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

فِي الْقَتْلِ:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالْخَنْقِ قَتْلُ عَمْدٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ، فَيُقْتَلُ بِهِ الْجَانِي قِصَاصًا، لأِنَّ الْعَمْدَ قَصْدُ الْفِعْلِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْقَتْلُ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا جَارِحًا أَوْ لاَ، كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهَذَا يَشْمَلُ التَّخْنِيقَ وَالتَّغْرِيقَ، كَمَا يَشْمَلُ الإْلْقَاءَ مِنْ شَاهِقٍ، وَالْقَتْلَ بِمُثَقَّلٍ، وَلأِنَّ قَصْدَ الْعُدْوَانِ يَكْفِي لِيَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، سَوَاءٌ أَقَصَدَ الْجَانِي قَتْلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَمْ قَصَدَ مُجَرَّدَ ضَرْبِهِ وَتَعْذِيبِهِ فَمَاتَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ قِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِالْخَنْقِ

وَالتَّغْرِيقِ وَالْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ، لأِنَّهُ لَيْسَ عَمْدًا، بَلْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَالَ: الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِالْحَدِيدِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالْخِنْجَرِ وَالنُّشَّابَةِ وَالإْبْرَةِ وَالإْشْفَى.وَنَحْوِهَا مِمَّا يُفَرِّقُ أَجْزَاءَ الْبَدَنِ. وَذَلِكَ لأِنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لاَ يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِدَلِيلِهِ مِنِ اسْتِعْمَالِ آلَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْقَتْلِ، فَلاَ قَوَدَ فِي الْقَتْلِ بِالْخَنْقِ، لأِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرْبَهُ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْقَتْلِ.

هَذَا إِذَا لَمْ يَتَكَرَّرِ الْقَتْلُ بِالْخَنْقِ، أَمَّا إِذَا اعْتَادَ الْخَنْقَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَوْ مَرَّتَيْنِ قُتِلَ بِهِ بِلاَ خِلاَفٍ، إِلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: مَنْ خَنَقَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ قُتِلَ سِيَاسَةً لِسَعْيِهِ فِي الأْرْضِ بِالْفَسَادِ.

هَذَا، وَإِذَا حُكِمَ فِي الْخَنْقِ بِالْقِصَاصِ فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ (الْخَانِقَ) لاَ يُقْتَصُّ مِنْهُ إِلاَّ بِالسَّيْفِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «لاَ قَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ»وَلأِنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْقَوَدِ إِتْلاَفُ جُمْلَتِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَلاَ يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ إِلاَّ فِي حَالاَتٍ خَاصَّةٍ تُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاصٌ)، : لقوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَيُخْنَقُ الْخَانِقُ حَتَّى يَمُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا اخْتَارَ مُسْتَحِقُّ الْقَوَدِ السَّيْفَ فَيُمَكَّنُ مِنْهُ، لأِنَّهُ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ غَالِبًا، وَلأِنَّهُ الأْصْلُ فِي الْقِصَاصِ.وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (جِنَايَةٌ، وَقِصَاصٌ).