1 ـ لما كانت المادة 297/3 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أن : " فى حالة عدم وجود تزوير تقضي المحكمة بإلزام مدعي التزوير بغرامة لا تجاوز خمسة آلاف جنيه " ، إلا أنه من المقرر أن هذه الغرامة مدنية وليست من قبيل الغرامات المنصوص عليها فى قانون العقوبات ؛ ذلك أن الغرامة التي تقصدها المادة 22 من قانون العقوبات هي الغرامة الجنائية وهي عقوبة تخضع لكل خصائص العقوبات ومنها أن يصدر بها الحكم من محكمة جنائية بناءً على طلب سلطة الاتهام وتتعدد بتعدد المتهمين ويعد الحكم بها سابقة فى العود وتنقضي الدعوى بشأنها حتى بعد صدور الحكم الابتدائي بها بكل أسباب انقضاء الدعوى الجنائية كالتقادم الجنائي والعفو الشامل والوفاة وينفذ بها بالإكراه البدني ، وهي فى هذا كله تختلف عن الغرامة المدنية التي تتميز بخصاص أخرى عكس ما تقدم ، وقد أراد الشارع بتوقيع غرامة التزوير أن يضع حداً لإنكار الناس ما سطرته أيديهم فقرر إلزام مدعي التزوير بدفعها لتسببه فى عرقلة سير القضية بغير حق أو على إيجاده نزاعاً كان فى الإمكان حسمه لو أقر بالكتابة المدعى بتزويرها ، فهي غرامة مدنية محضة يحكم بها القاضي كاملة ولا محل للالتفات فيها إلى الظروف المخففة ، ولا يقدح فى ذلك ما نصت عليه المذكرة الايضاحية للفصل الثامن من قانون الإجراءات الجنائية فى شأن دعوى التزوير الفرعية من أن المادة 297 منه توجب توقيع جزاء على مدعي التزوير إذا ترتب على طعنه إيقاف الدعوى الأصلية ثم ثبت عدم صحة دعواه ، أو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض المدنية من أن غرامة التزوير هي جزاء أوجبه القانون على مدعي التزوير عند تقرير سقوط حقه فى دعواه أو عجزه عن إثباتها وأن إيقاعها بوصفها جزاء هو أمر متعلق بالنظام العام ولمحكمة النقض أن تتعرض له من تلقاء نفسها ؛ ذلك أن هذه الغرامة مقررة كرادع يردع الخصوم عن التمادي فى الإنكار وتأخير الفصل فى الدعوى وليست عقاباً على جريمة ؛ لأن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعاً فى الدعوى لا يوجب وقفها حتماً وليس فعلاً مجرماً ، ولأنه ليس هناك ما يمنع من أن يكون الجزاء مدنياً كالتعويض وغيره ، وقانون العقوبات حين يؤثم فعلاً فإنه ينص على مساءلة مقترفه بلفظ العقاب أو الحكم ، وكذلك الحال فى قانون الإجراءات الجنائية فى الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكامه كجرائم الامتناع عن الحلف أو تأدية الشهادة أو غيرها ، ومن ثم فإن وصف غرامة التزوير بأنها جزاء يلزم به مدعي التزوير هو أدنى إلى مراد الشارع فى التمييز بينها كغرامة مدنية وبين الغرامات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان نص المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها لا يعتبر أصلح للمتهم ؛ إذ لا شأن له بقواعد التجريم والعقاب وإنما هو نص جزائي أورد حكماً خاصاً على مدعي التزوير إذا ترتب على طعنه إيقاف الدعوى الأصلية ثم ثبت عدم صحة دعواه . لما كان ما تقدم ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل .
(الطعن رقم 2788 لسنة 5 ق - جلسة 2015/09/05)
2 ـ لما كان الحكم قد دان الطاعن بجرائم الاختلاس و الاشتراك فيه و الاشتراك فى تزوير المحررات الرسمية و استعمالها و أوقع عليه العقوبة المقررة فى القانون للاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 22 من قانون العقوبات للارتباط فإنه لا يجدى الطاعن ما يثيره فى صدد جرائم الاشتراك فى التزوير و الاستعمال من قصور الحكم فى التدليل عليها أو عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المثبتة لها و أن ذلك يشكل بطلانا فى الإجراءات .
(الطعن رقم 12487 لسنة 59 ق - جلسة 1989/12/19 س 40 ص 1246 ق 201)
الغرامة هي إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من النقود يقدره الحكم القضائي إلى خزانة الدولة، وقد عرفتها المادة 22 من قانون العقوبات في قولها « العقوبة بالغرامة هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم ولا يجوز أن ينقص هذا المبلغ عن مائة قرش ولا يزيد حدها الأقصى في الجنح على خمسمائة جنيه، وذلك مع عدم الإخلال بالحدود التي يعينها القانون لكل جريمة » والإلتزام بالغرامة يعنی علاقة دائنية: المدين فيها هو المحكوم عليه، والدائن هو الدولة، وسببها الحكم القضائي الذي أثبت مسئولية المحكوم عليه عن جريمته وقرر إلتزامه بعقوبتها، أما موضوعها فهو المبلغ الذي يتعين أداؤه.
خصائص الغرامة :
على الرغم من أن الغرامة إلتزام مالی کالعديد من الإلتزامات المالية ، فان فروقاً أساسية تميز ما بين الغرامة وبينها، وتعطى الغرامة في الوقت ذاته خصائصها كنظام قانوني له ذاتيته، وترد هذه الفروق إلى كون الغرامة عقوبة: فلها خصائص العقوبات وأحكامها، وهی تفترق بذلك عن الإلتزامات المالية غير ذات الطابع الجنائی، فالغرامة تخضع لمبدأ الشرعية ، فلا بد أن يقررها القانون ، ولا يستطيع القاضي أن يقضي بالغرامة من أجل جريمة لم يجعل القانون الغرامة إحدى عقوباتها، وحين يقرر القانون الغرامة عقوبة لجريمة فلا يستطيع القاضي أن يتخطی الحدود التي وضعها القانون فيها، وفي ذلك تختلف الغرامة عن الإلتزامات المالية التي تنشأ عن العقود، والغرامة كعقوبة لا توقع إلا بناءً على حكم قضائي، ويقوم القاضي في توقيعها بذات الدور الذي يقوم به حسین يوقع أية عقوبة أخرى: فهو يتحقق من توافر أركان الجريمة وإنتفاء الأسباب المانعة من توقيع عقابها ثم يحدد مقدار الغرامة في نطاق السلطة التقديرية التي يخولها له القانون، والاختصاص بتوقيع الغرامة هو اللقاضى الجنائي الذي يتعين عليه إتباع القواعد التي يحددها قانون الإجراءات الجنائية، وبإعتبار الغرامة عقوبة فإن المطالبة بها هي للنيابة العامة، ويجوز العفو عنها، ولا إرتباط بينها وبين ضرر الفعل، وتتعدد الغرامات بتعدد المسئولين عن الجريمة ، ولا يجوز الحكم بها على شخص غير مسئول عن الجريمة ، ولو كان وارثاً له أو كان مسئولاً مدنياً عن ضررها، ويقتصر على الغرامة الأشد في حالة تعدد الجرائم التي وقعت لغرض واحد وارتبطت بحيث لا تقبل التجزئة، ويجوز أن يشملها إيقاف التنفيذ، وتعتبر سابقة في العود، وتنقضي بالتقادم المقرر في قانون الإجراءات الجنائية، ويجوز رد الإعتبار للمحكوم عليه بها، وغنى عن البيان أن الإختلاف أساسي - في كل الوجهات السابقة - بین الغرامة وما عداها من الإلتزامات المالية غير الجنائية.
(شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 847)
الغرامة كما عرفها المشرع في المادة 22 عقوبات هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة المحكومة المبلغ المقدر في الحكم، وهي بذلك تعتبر عقوبة مالية تتوافر فيها كل مقومات وخصائص العقوبة الجنائية بإعتبار أنها إيلام مقصود ينال من الحقوق المالية للفرد المحكوم عليه بها، والغرامة الجنائية هي العقوبة المالية الأصلية الوحيدة في القانون المصري.
والغرامة بوصف كونها عقوبة جنائية فأنه يترتب عليها كل الآثار الجنائية للعقوبة، فهي شخصية لا توقع إلا على من توافر في حقه ثبوت إرتكاب فعل إجرامي مستوجب العقاب، كما أنها ينبغي أن يصدر بها حكم قضائي بناءً على دعوى جنائية مرفوعة بالطرق المقررة قانوناً، ويسري عليها ما يسري على العقوبات الجنائية من أسباب السقوط كالتقادم والعفو والوفاة.
وطالما أن الغرامة عقوبة جنائية فإن تقديرها يراعى فيه جسامة الفعل المرتكب، ودرجة الإثم أو المسئولية وظروف الجاني الشخصية حتى تحقق غرض العقوبة في الزجر والردع، وهي بذلك تختلف عن التعويض الذي يراعى في جبر الضرر الناشئ عن الفعل المرتكب ويخضع في أحكامه لما هو مقرر بالقانون المدني، ولذلك يمكن الجمع بين الغرامة والتعويض في الحكم إذا ما ادعى المضرور من الجريمة مدنياً أمام المحكمة الجنائية، كما أن العفو عن عقوبة الغرامة لا يسقط حق المضرور في التعويض.
والغرامة الجنائية تختلف أيضاً عن الغرامات المدنية التي تنص عليها بعض القوانين كجزاء لسلوك أو الأفعال تشكل مخالفة لأحكام قواعد غير جنائية كما هو الشأن في الغرامات المقررة بقانون المرافعات في حالة رفض طلب رد المحكمة أو ما يحكم به في حالة الحكم بصحة المستند المدعي بتزويره، وكذلك ما هو مقرر في قانون الإجراءات الجنائية في حالة الحكم برفض الطعن والحكم برفض التزوير الفرعية. فالمشرع في الغرامات المدنية لا يهدف بتقريرها إلى زجر المحكوم عليه أو إيلامه، وإنما يهدف إلى إلزام الخصوم والأفراد بضرورة مراعاة الجدية في الإجراءات التي يباشرونها تبعاً لتعطيل الفصل في الدعوى.
كما تختلف الغرامة الجنائية عن الغرامات التأديبية التي تنص عليها بعض القوانين الإدارية والتنظيمية كجزاء تأديبي نتيجة الإخلال بواجبات معينة كما هو الشأن في الغرامة التي ينص عليها القانون رقم 92 لسنة 1949 في شأن المهن الطبية غير أن الأمر يدق بالنسبة للغرامات المالية المقررة بالقوانين المالية كقوانين الضرائب والجمارك. ففي هذه القوانين نجد أن المشرع يقرر غرامة على مرتكب جريمة التهرب الضريبي أو الجمركي يراعى فيها زيادة الرسوم أو المبالغ المستحقة للدولة، ومعنى ذلك أن المشرع أراد بهذه الغرامات ليس فقط زجر المخالفين وردعهم ولكن تعويض خزانة الدولة.
ولذلك فقد استقر قضاء النقض المصري على أن الغرامات المالية هي ذات طبيعة مختلفة أي تجمع بين معنى العقوبة ومعنى التعويض، فهي بحكم صفتها الجنائية لابد أن يصدر بها حكم بين مقدارها على وجه التحديد وأن المحكمة تقضي بها من تلقاء نفسها ودون حاجة للإدعاء المدني من قبل الإدارة، وبحكم صفتها كتعويض لا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها.
النظام القانوني للغرامة الجنائية :
الغرامة الجنائية قد تكون عقوبة أصلية وقد تكون عقوبة تكميلية.
وهي كقاعدة عامة تكون عقوبة أصلية في الجنح والمخالفات، وقد رأينا أن معيار التمييز بين الجنح والمخالفات المعاقب عليها بالغرامة هو الحد الأقصى المقرر قانوناً للغرامة، فالجنح هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي يزيد حدها الأقصى عن مائة قرش، بينما المخالفة هي الجريمة المعاقب عليها بغرامة لا تزيد عن مائة قرش، وقد تكون الغرامة عقوبة أصلية بمفردها وقد توجد إلى جانب الحبس، وفي هذه الحالة قد تكون تخييرية مع الحبس أو وجوبية.
أما الغرامة كعقوبة تكميلية فهي مقررة في مواد الجنايات كما هو الشأن في الغرامات المنصوص عليها في جرائم الرشوة والأموال العامة وذلك لمواجهة باعث الإثراء على حساب الدولة، وبعض جرائم أمن الدولة الخاصة بإنشاء جمعيات أو منظمات مناهضة لنظم الدولة.
والغرامة الجنائية قدرها المشرع في حدها الأدنى بمائة قرش، فقد نصت المادة 22 عقوبات بعد تعديلها على أنه لا يجوز أن ينقص مبلغ الغرامة عن مائة قرش، أما الحد الأقصى فقد حدده المشرع في الجنح بخمسمائة جنيه مع عدم الإخلال بالحدود التي يبينها القانون لكل جريمة.
ومؤدي ذلك أنه إذا حدد المشرع حداً أقصى أكثر من خمسمائة جنيه في الجنح فيجوز الحكم بما يزيد عن خمسمائة جنيه طالما كان ذلك في إطار الحد الأقصى ولذلك فإن قيمة هذا النص إنما تبدو في الأحوال التي لا يحدد فيها المشرع بالنص حداً أقصى للغرامة في الجنح فيلتزم القاضي بالحد الأقصى العام، أما إذا حدد المشرع حدا أقصى دون الحد الأدنى فلا يجوز أن ينقص ما يحكم به القاضي عن مائة قرش.
الغرامة النسبية :
وإذا كانت الغرامة كعقوبة جنائية يلزم أن تكون محددة من قبل المشرع بصدد كل نص تجريمي يبين الأقصى لها على الأقل فقد خرج المشرع عن هذه القاعدة بالنسبة لبعض الحالات التي تكون فيها الغرامة عقوبة تكميلية.
ففي هذه الحالات يجعل المشرع الحد الأقصى للغرامة غير ثابت ويختلف من واقعة لأخرى تاركاً تحديد مقدار الغرامة للمحكمة، ومعنى ذلك أن الغرامة تكون نسبية في تحديدها تقدرها المحكمة بحسب مقدار الضرر الذي ترتب وما حققه الجاني أو أراد تحقيقه من فائدة.
وقد يحدد المشرع للغرامة النسبية حداً أدني غير الحد الأدنى العام ويترك الحد الأقصى نسبي التحديد، ومثال ذلك الغرامة المنصوص عليها في المادة 103 عقوبات حيث يحكم على المرتشي بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به، وكذلك ما نصت عليه المادة 118 عقوبات والخاصة بجرائم الأموال العامة حيث قضت بأن يحكم على الجاني بغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه، ويلاحظ أنه لا يسري الحد الأقصى العام المنصوص عليه في المادة 22 بالنسبة للجنح وذلك فيما يتعلق بالغرامات النسبية.
ونظراً لأن الغرامة النسبية يراعى فيها التعويض فقد استثناها المشرع من حكم الإلزام الشخصي بالغرامة كعقوبة ونص على التضامن بين المتهمين في الإلزام بها، فقد نصت المادة 44 عقوبات على أنه إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامة يحكم بها على كل منهم على إنفراد خلافاً للغرامات النسبية فأنهم يكونون متضامنين فى الإلزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك.
(قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الثالث، الصفحة : 790)
تكون الغرامة عقوبة أصلية في الجنح والمخالفات، وقد تكون الغرامة عقوبة تكميلية، ولكنها لا تكون أبداً عقوبة تبعية، لأنه يتعين تحديد مقدارها والعقوبات التبعية لا ينطق بها القاضي
والغرامة كعقوبة أصلية تقرر بمفردها في المخالفات، وفي الجنح قد ينص علي الغرامة بمفردها (المادتان 157، 158 عقوبات)، وكثيراً ما تكون علي سبيل التخيير مع الحبس (المواد 242 ،278 ، 280 ، 287 من قانون العقوبات). والغرامة كعقوبة تكميلية يحكم بها إلى جانب عقوبة أصلية سالبة للحرية.
ففي الجنح قد تكون وجوبية مع الحبس المادة (308) وقد تكون جوازيه معه، أي يحق للقاضي أن يحكم بها أو لا وفقاً لتقديره (المادتان 341 ، 340 أج) وفي الجنايات نص المشرع على الغرامة كعقوبة تكميلية وجوبيه في المواد (103، 106، 118، 174) عقوبات.
تحديد الغرامة:
تضع المادة (22) عقوبات حداً أدني للغرامة لا يجوز أن تنقص عنه، وهو مائة قرش، ووضع القانون حداً أقصى عام للغرامة في المخالفات وهي مائة جنيه (المادة 12 عقوبات)، وفي الجنح لا يجوز أن يزيد الحد الأقصى العام عن الخمسمائة جنيه.
ومن المناسب أن يكون الحد الأقصى للغرامة مرتفعة وأن يكون المدى بينه وبين الحد الأدنى واسعاً حتى يكون المجال أمام القاضي فسيحاً في ملائمة الغرامة للمركز المالي للمتهم، ولكن لا يجوز بأية حال أن ينص على تغريم المتهم كل ماله لأن الغرامة تكون عندئذ مصادرة عامة وهي محظورة بنص الدستور.
الغرامة النسبية:
إلى جانب الطريقة التي يلجأ إليها المشرع عادة في تحديد الغرامة بوضع حد أدنى و حد أقصى لها، فإنه يعمد أحياناً إلى تقديرها بطريقة مختلفة، وذلك بأن يحددها بطريقة تتناسب مع مقدار الكسب الذي أراد الجاني تحقيقه أو حققه فعلاً من الجريمة أو مع مقدار الضرر الناتج عنها، كأن تكون الغرامة هي نصف أو مثل أو ضعف المبلغ الذي حصل عليه الجاني أو أراد الحصول عليه.
وفي هذا النوع من الغرامات إذا تعدد المسئولون عن الجريمة فإنه يحكم عليهم جميعاً بغرامة واحدة، و يكون كل منهم مسئولاً بالتضامن مع غيره من المحكوم عليهم بكامل المبلغ المحكوم به، ويعني ذلك أنه يمكن التنفيذ على أي منهم بكل مبلغ الغرامة المحكوم به.
ويجوز للقاضي أن يقرر إلزام كل منهم بمبلغ محدد (المادة 44 عقوبات).
ومن أمثلة الغرامة النسبية ما تقرره المادة (103) عقوبات الخاصة بجريمة الرشوة، المادة (118) عقوبات الخاصة بجريمة إختلاس الأموال الأميرية وكثيرة ما يلجأ إليها المشرع في القوانين الخاصة التي تتضمن جرائم ذات طبيعة اقتصادية، لأنها في هذه الحالات تكون أبلغ تأثيراً، إذ تفوت على مرتكبي هذه الجرائم أغراضهم.
تنفيذ الغرامة:
كل حكم يصدر بغرامة يكون واجب التنفيذ فوراً ولو مع حصول استئنافه (المادة 463 إجراءات) وتيسيراً للوفاء بالغرامة تنص المادة (510) إجراءات على أن لقاضي المحكمة الجزئية في الجهة التي يجري التنفيذ فيها أن يمنح المتهم في أحوال استثنائية - بناءً على طلبه وبعد أخذ رأي النيابة العامة - أجلاً لدفع المبالغ المستحقة للحكومة أو أن يأذن له بدفعها على أقساط بشرط ألا تزيد المدة على تسعة أشهر .
والمفروض أن تكون الغرامة كسائر الجزاءات الجنائية شخصية حيث تنفذ على المحكوم عليه وحده، وكان مقتضى ذلك أنه إذا مات المحكوم عليه بعد الحكم فإن الغرامة لا تنفذ على ورثته، إلا أن المادة (535) إجراءات جنائية نصت علی خلاف ذلك فقررت أنه إذا توفي المحكوم عليه بعد الحكم عليه نهائياً فإن العقوبات المالية والتعويضات وما يجب رده والمصاريف تنفذ في تركته، ويعني ذلك أن عقوبة الغرامة التي يصدر بها حكم نهائي لا تنقضي بوفاة المحكوم عليه بعد الحكم، بل ينفذ بها على ورثته في حدود التركة، وإذا لم يقوموا بسدادها فإنه ينفذ عليهم بالطريق المدني دون طريق الإكراه البدني، ويبرر ذلك بأن الغرامة بعد الحكم بها نهائياً تصبح ديناً مدنياً لصالح الدولة في مواجهة المحكوم عليه وهو ينتقل بوفاته إلى ورثته.
وإذا لم يقم المحكوم عليه بسداد الغرامة فإنها تنفذ عليه بأحد طريقين :
الطريق الأول :
هو الطريق المدني ويتم بالتنفيذ على ممتلكات المحكوم عليه بالطرق المقررة في قانون المرافعات أو بالطرق الإدارية المقررة لتحصيل الأموال الأميرية .
الطريق الثاني:
وهو الطريق الجنائي وذلك عن طريق الإكراه البدني المنصوص عليه في المواد من (511) إلى (523) من قانون الإجراءات الجنائية .
(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 225)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: .
(مادة 45)
الغرامة: هي إلزام المحكوم عليه بأن يدفع للدولة المبلغ المحكوم به، وإذا تعدد المساهمون في الجريمة ، يحكم بالغرامة على كل منهم على انفراد، ما عدا الغرامة النسبية التكميلية، فإنهم يكونون متضامنين في الإلتزام بها، ما لم يقض الحكم بغير ذلك.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاثون ، الصفحة / 231
مَحْكُومٌ عَلَيْهِ
التَّعْرِيفُ :
الْمَحْكُومُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ يُقَالُ: حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِكَذَا: إِذَا مَنَعْتَهُ مِنْ خِلاَفِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَكَمْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: فَصَلْتُ بَيْنَهُمْ فَأَنَا حَاكِمٌ وَحَكَمٌ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يُقْضَى عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ.
وَفِي اصْطِلاَحِ الأْصُولِيِّينَ هُوَ الْمُكَلَّفُ: وَهُوَ مَنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِهِ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ.
الأْحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ :
تَتَعَلَّقُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ مِنْهَا:
أ - لُزُومُ إِصْدَارِ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ
إِذَا قَامَتِ الْحُجَّةُ وَتَوَفَّرَتْ أَسِبَابُ الْحُكْمِ لَزِمَ الْقَاضِيَ إِصْدَارُ الْحُكْمِ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِذَا طَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ ذَلِكَ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (قَضَاءٌ ف 75 وَمَا بَعْدَهَا).
ب - طَلَبُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَسْخَ الْحُكْمِ
الأْصْلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: أَنْ لاَ يُتَتَبَّعَ أَحْكَامُ الْقُضَاةِ، وَلاَ _يُمَكَّنَ الْعَامَّةُ مِنْ خُصُومَةِ قُضَاتِهِمْ لأِقْضِيَةِ حَكَمُوا بِهَا، وَلاَ تُسْمَعَ عَلَيْهِمْ دَعْوَاهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، لأِنَّ فِي ذَلِكَ امْتِهَانًا لِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ، وَإِهَانَةً لِلْقُضَاةِ وَاتِّهَامًا لِنَزَاهَتِهِمْ، وَلأِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى رَغْبَةِ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْقَضَاءِ، وَلأِنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ أَحْكَامِهِمْ وَكَوْنُهَا صَوَابًا، لأِنَّهُ لاَ يُوَلَّى إِلاَّ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْوِلاَيَةِ، وَتَتَبُّعُ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ تَشْكِيكٌ فِي نَزَاهَتِهِمْ، وَاتِّهَامٌ لَهُمْ فِي عَدَالَتِهِمْ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (نَقْضٌ).
الأْحْكَامُ الأْصُولِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ :
لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ - وَهُوَ الْمُكَلَّفُ عِنْدَ الأْصُولِيِّينَ - شُرُوطٌ مِنْهَا: أَحَدُهَا: الْحَيَاةُ، فَالْمَيِّتُ لاَ يُكَلَّفُ، وَلِهَذَا لَوْ وَصَلَ عَظْمُهُ بِنَجَسٍ لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ.
الثَّانِي: كَوْنُهُ مِنَ الثَّقَلَيْنِ: الإْنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلاَئِكَةِ.
الثَّالِثُ: الْعَقْلُ، فَلاَ تَكْلِيفَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ صَبِيٍّ لاَ يَعْقِلُ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.