loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 287

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- عرض المشروع في هذه المواد من 42 – 48 للقاعدة العامة في الالتزامات التعاقدية والصور خاصة من صور العقود وتنفيذها ثم قرر في نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد الآمرة في حدود معينة . ويراعى بادىء ذي بدء أن فقه القانون الدولي الخاص لا يزال غير مستقر فيما يتعلق بتعيين القانون الواجب تطبيقه في شأن الالتزامات التعاقدية لتنوع صور العقود وتباين القواعد التي تسري عليها من حيث أركان الانعقاد وشروط الصحة و ترتيب الآثار .

2-ولذلك توخي المشروع تجنب التفاصيل واقتصر على أكثر الأحكام استقراراً في نطاق التشريع . فقرر في المادة 42 أن الالتزامات التعاقدية يسري عليها القانون الذي يقرر المتعاقدان الخضوع لأحكامه صراحة أو ضمناً مع مراعاة الأحكام المقررة في المادتين 44 و 48 وهذا حكم عام يمكن لسلطان الإرادة ويضمن وحدة القانون الواجب تطبيقه على العقد - وهي وحدة لا تكفلها فكرة تحليل عناصر العقد واختيار القانون الذي يتلاءم مع طبيعة كل منها - وقد استرشد المشروع فيه بالمادة 7 من القانون الملحق بالتقنين المدني الياباني والمادة 15 من التقنين الإيطالي الجديد . فالأولى تقضي بأن القانون الذي يطبق في شأن وجود التصرف القانوني وما يترتب عليه من آثار هو القانون الذي يختاره المتعاقدان . والثانية تنص على أن الالتزامات التي تنشأ عن العقود يسرى عليها قانون جنسية المتعاقدين إذا اتحدوا جنسية وإلا قانون محل انعقاد العقد وهذا كله ما لم يتفق على خلافه.

ويلاحظ أن المشروع قد اختار صيغة مرنة لا تقطع على القضاء سبيل الاجتهاد ولا تحول دون الانتفاع من كل تطور مقبل في حركة الفقه . وقد قرن المشروع هذه الصيغة بنصوص خاصة بعضها يعين اختصاصاً تشريعياً آمراً بالنسبة لعقود معينة وبعضها يضع قرائن يستخلص منها الإرادة عند عدم الاتفاق وبعض آخر يعين اختصاصاً تشريعياً لمسائل تتعين بتنفيذ العقود .

3- وقد بذلت الجمعيات والمعاهد العلمية جهوداً موفقة لمسايرة الاتجاهات العملية فلم تقنع بإقرار القاعدة العامة التي تقدمت الإشارة إليها ولكنها تناولت العقود الهامة وعينت لكل عقد منها الاختصاص التشريعي الذي يناسبه ( معهد القانون الدولي في اجتماعه في فلورنسا سنة 1908 ومشروعات جمعية القانون الدولي الخاصة بالبيع وعقد العمل وإجارة الأشخاص وقد أعدت في اجتماعات فيينا في سنة 1926 و فرسوفيا في سنة 1928 و أكسفورد في سنة 1932 ومشروعات المعاهدات الخاصة بالبيع التي أعدها مؤتمر ( لاهاي السادس ). وبذلك تسنى لها أن تؤثر في حركة التشريع ( انظر اتفاقية مو نتفيد يو سنة 1899 ومشروعات القوانين التي أعدت في النمسا (1913) ورومانيا سنة 1932 وتشيكوسلوفاكيا سنة 1924 والتشريع البولوني الصادر في سنة 1926 و تقنين بوستامنتي ) بما أعدت من مشروعات . وقد وقف المشروع من هذه المشروعات موقف تحفظ فلم ينقل عنها من القواعد إلا ما تثبت من سلامة صلاحيته وهذه القواعد هي التي تقررت في المواد التالية للمادة 43.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 42 واقترح معالي السنهورى باشا تحوير النص بحيث يتضمن قرائن قانونية مفيدة إذا انعدمت إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية .

فوافقت اللجنة - وأصبح نص المادة ما يأتي :

1- الالتزامات التعاقدية يسرى عليها قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً . فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا كله إذا لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه .

2- على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت في شأن هذا العقار.

وأصبح رقم المادة 22 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 22.

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الخمسين

تليت المادة 22 فوافقت عليها اللجنة مع تعديل صدر الفقرة الأولى كالآتي : يسرى على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة ... الخ .

تقرير اللجنة :

تعدیل صدر الفقرة الأولى كالآتي :

ويسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة ... الخ .

وأصبح رقها 19.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على هذه المادة كما أقرتها اللجنة. 

الأحكام

1 ـ النص فى الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني يدل على أن المشرع إعتد أساساً بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسناد فى الإلتزامات التعاقدية، فإذا سكت المتعاقدان عن إعلان رغبتهما الصريحة فى تطبيق قانون معين، وإذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد، إلا أنه إستثناءً من هذه القاعدة نص فى الفقرة الثانية من المادة المشار إليها على أن "قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أُبرمت فى شأن هذا العقار"، وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود فى مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصي كعقد الإيجار أو تتعلق بحق عيني كعقد البيع.

(الطعن رقم 8714 لسنة 66 جلسة 1999/03/14 س 50 ع 1 ص 388 ق 74)

2 ـ تقضي الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون المدني بسريان قانون الدولة التي تم فيها العقد عند إختلاف الموطن ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، وتنص المادة 22 من هذا القانون على أنه يسري على قواعد الإختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات وإذ كان الثابت من الأوراق أن وثائق التأمين قد أبرمت فى مصر وأن المستأنف وهو المدين المحجوز عليه مصري الجنسية وأن الدعوى الماثلة دعوى بطلان حجز ما للمدين لدى الغير موقع فى مصر على أموال موجودة فيها فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق علاوة على أن المحاكم المصرية تكون هي المختصة وحدها بنظر دعوى البطلان والطلبات الموضوعية المرتبطة بها.

(الطعن رقم 383 لسنة 39 جلسة 1975/04/30 س 26 ع 1 ص 873 ق 169)

3 ـ النص فى المادة 19 من القانون المدني على أن يسرى على الإلتزامات التعاقدية قانون الدولة التي توجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا إتحدا موطناً فإن إختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو تبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه.............. يدل على أنه يتعين الوقوف إبتداءاً على ما تتجه إليه إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية لتحديد القانون الواجب التطبيق على الإلتزامات التعاقدية فإذا لم يفصح المتعاقدان عن إرادتهما فى هذا الشأن وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها العقد.

(الطعن رقم 1114 لسنة 52 جلسة 1989/12/04 س 40 ع 3 ص 244 ق 360)

4 ـ متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى أن التعاقد على شحن البضاعة المؤمن عليها بمعرفة الطاعنة تم بمشارطة إيجار لا تخضع لأحكام معاهدة سندات الشحن ، أعمل ما تم إتفاق الطرفين عليه من تطبيق أحكام قانون نقل البضائع بحراً الصادر بإنجلترا فى سنة 1924 - و القواعد الملحقة به ، و كانت المادة الرابعة من تلك القواعد تقضى بعدم مسئولية الناقل أو السفينة عن الهلاك أو التلف الناتج عن أعمال أو أهمال أو خطأ البحارة أو المرشد أو مستخدمى الناقل فى الملاحة أو فى إدارة السفينة ، و كان تحصيل الحكم لما ورد بمشارطتى الإيجار و سند الشحن من أنه يفيد الإتفاق على تطبيق القانون المذكور هو من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يستقل به قاضى الموضوع متى كان سائغاً و له أصله الثابت فى الأوراق و يكفى لحمل قضائه ، فإن المحكمة لا تكون بعد ملزمة بتتبع أسباب الحكم الإبتدائى - الذى ألغته - و الرد عليها و يكون النعى بما ورد فى هذا السبب على غير أساس .

(الطعن رقم 214 لسنة 38 جلسة 1974/06/13 س 25 ع 1 ص 1045 ق 172)

5 ـ يسرى على العقود التى يبرمها أصحاب الأعمال مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به فى الجهة التى يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال ، فإذا كان المركز رئيسى فى الخارج وكانت فروعها فى مصر هى التى أبرمت هذه العقود فإن القانون المصرى يكون هو الواجب التطبيق .

(الطعن رقم 371 لسنة 32 جلسة 1967/04/05 س 18 ع 2 ص 798 ق 123)

6 ـ تحصيل الحكم لما ورد بسند الشحون من أنه يفيد الاتفاق على تطبيق قانون أجنبى ، بما يؤدى إلى إنقاص أو زيادة المواعيد المقررة فى المادتين 274 ، 275 من قانون التجارة البحرى أو لا يفيد تذلك ، يعد من قبيل فهم الواقع فى الدعوى مما يستقل به قاضى الموضوع ، ما دام قد أقام قضاءهم فى هذا الخصوص على أسباب تحمله .

(الطعن رقم 186 لسنة 34 جلسة 1970/05/19 س 21 ع 2 ص 843 ق 136)

7 ـ  لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسس قضائه بإلزام الطاعن بالفوائد القانونية على المادة 226 من القانون المدنى المصرى، وكان دفاع الطاعن الذى ركن إليه فى رده على طلب الفوائد أن قانون المملكة العربية السعودية -الواجب لتطبيق على القرض كنص المادة 19 من التقنين المدنى - يحرم تقاضى الفوائد فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالخطأ فى فهم الواقع بما يوجب نقضه.

(الطعن رقم 986 لسنة 58 جلسة 1995/02/06 س 46 ع 1 ص 340 ق 66)

شرح خبراء القانون

حددت المادة 19 في فقرتيها القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية، فنصت أولاً على تطبيق القانون الذي اختاره المتعاقدان صراحةً، فإن لم تتوفر هذه الإرادة الصريحة لجأ القاضي إلى استقصاء الإرادة الضمنية للمتعاقدين من الظروف الملابسة للعقد ولما ينشأ عنه من التزامات ليتوصل إلى القانون الواجب التطبيق على النزاع، فإن لم يتيسر له من تلك الظروف تحديد القانون الواجب تطبيقه، طبق القاضي قانون الموطن المشترك للمتعاقدين وهو المكان الذي يقيمان فيه عادة ولو شابه انقطاع من حين لآخر، فإن لم يكن للمتعاقدين موطناً مشتركاً فإنه يتعين تطبيق قانون الدولة التي تم فيها العقد، أما إذا تعلق العقد بعقار فإن قانون موقع العقار هو الذي يسري دون ما سبق ولو توافرت الإرادة الصريحة على خلافه. (مركز الراية للدراسات القانونية).

وفيما يلي شرح بعض الفقهاء والخبراء لهذا النص:

يقصد باصطلاح قانون إرادة المتعاقدين في القانون الدولي الخاص أنه في مجال تنازع القوانين بشأن العقود يؤخذ بالقانون الذي اختاره المتعاقدان صراحة أو ضمناً.

وأساس إعمال قانون إرادة المتعاقدين هو احترام تلك الإرادة إذ من الطبيعي والمعقول أن يصبح في مقدور المتعاقدين، إذا أنشئا فيما بينهما رابطة التزام اختيار القانون الذي يحكم هذه الرابطة أو العلاقة من حيث الصحة ومن حيث الآثار. فكما أن المشرع يحمي الأشخاص بتطبيق قانون جنسيتهم على مسائل أحوالهم الشخصية ويحمى أرواحهم ومصالحهم بتطبيق القانون المحلى ويحمي ثرواتهم بتطبيق قانون موقع المال (القانون الإقليمي) فيجب عليه أن يحمى إرادتهم ويحترمها بالسماح بتطبيق القانون الذي يقع عليه اختيارهم لحكم التزاماتهم التعاقدية.

اعتد المشرع في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد بإرادة المتعاقدين. وهذه الإرادة قد تكون إرادة صريحة أو إرادة ضمنية، والإرادة الضمنية هي التي يستخلصها القاضي من ظروف التعاقد، فيمكنه أن يستشف هذه الإرادة.

مجال الأخذ بقانون إرادة المتعاقدين هو الالتزامات التعاقدية على العموم ومن ثم فإذا أختار المتعاقدان قانوناً معيناً، صراحة أو ضمناً، فيجب تطبيق هذا القانون على العقد من كافة نواحيه فيما عدا الأهلية والشكل، بحيث يسري هذا القانون بالنسبة لأركان انعقاد وشروط الصحة والإثبات وترتيب الآثار. فحرية المتعاقدين هنا أوسع منها في القانون الداخلى إذ هي في هذا الأخير مقيدة بالقواعد الآمرة التي لا يجوز للأفراد أن يتفقوا على عكسها وقاصرة على قواعده المفسرة والمخيرة التي يجوز لهم مخالفتها، أما بالنسبة للعلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي فحريتهم في اختيار القانون الواجب التطبيق لا تعرف هذه القيود فهي تجمع بين مبدأ حرية التعاقد المذكور وتمتد إلى أبعد من ذلك فتشمل القواعد المتعلقة بالسبب والموضوع وعيوب الرضا، إذ المقصود هو تشجيع الاتجار والعلاقات الاقتصادية الدولية الخاصة.

ومع ذلك فإن حرية المتعاقدين ليست مطلقة بل هي تخضع لقيدين هما:

(أولاً): هناك عقود لا تخضع للقانون الذي يريده العاقدان وهي العقود التي نظمها المشرع تنظيماً دقيقاً وتخضع للرقابة الإدارية بحيث تفلت، في حدود هذه الرقابة، من أحكام القانون العام للعقود، ومن أمثلة ذلك عقود التأمين التي تتم في الجمهورية أو تنفذ فيها فالقانون الذي يحكم رقابتها وهو القانون المصري يعتبر متعلقاً بالبوليس حيث يلعب بمقتضاه عمال الدولة ووكلاؤها دوراً إيجابياً ضرورياً بالنسبة لها، ويجب على المنظمات الأجنبية التي تتعاطى مهنة التأمين في جمهورية مصر أن تكون لها مؤسسات قادرة على توفير مستلزمات ومقتضيات الرقابة.

(ثانياً): يستبعد القانون الواجب التطبيق عملا بإرادة المتعاقدين إذا ثبت أن أعماله قد تم غشاً نحو القانون، أو إذا كان القانون الأجنبي الذي اختير تتجافى أنظمته مع الأنظمة الأساسية في قانون القاضي وذلك أخذا بفكرة النظام العام.

وبالترتب على ذلك، إذا لم يتفق المتعاقدان على القانون الذي يسرى على العقد أو تبين من الظروف أن قانوناً آخر هو الذي يراد تطبيقه، بالتفصيل الذي أوردناه فيما سلف، فإنه يتعين التفرقة في تحديد القانون الذي يسرى على الالتزامات التعاقدية بين حالتين:

(الأولى): إذا كان يوجد موطن مشترك للمتعاقدين، أي موطن واحد، فإنه يسرى على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد بها الموطن المشترك.

(الثانية): إذا كان لا يوجد موطن مشترك للمتعاقدين، وإنما كان لكل منهما موطنا مستقلا فإنه يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي تم فيها العقد أى التي أبرم فيها العقد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول، الصفحة/  374).

المقصود بقانون الإرادة : هو القانون الذي يفصح المتعاقدان عن إرادتهما في إخضاع تعاقدهما لأحكامه، سواء كانت الارادة صريحة، أو ضمنية، ويكشف القاضي عن هذه الارادة الضمنية من ظروف وملابسات التعاقد ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، وقد يستخلص هذه الارادة من النص على اختصاص محاكم دولة معينة بالفصل في المنازعة ومن الإشارة إلى نصوص قانون معين أو استخدام اصطلاحاته أو تحرير العقد بلغته أو بواسطة موثق تابع لدولة معينة أو من اتصال العقد بقانون دولتين يتضمن أحدهما دون الآخر تنظيماً لهذا النوع من العقود، أو يعترف به احدهما دون الآخر، أو من الاتفاق على تنفيذ العقد في بلد معي، فإذا لم تتحدد الارادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك ولا قانون الدولة التي تم فيها العقد .

شروط إعمال قانون الإرادة : يشترط لإعمال قانون الإرادة طبقاً للرأي الراجح ثلاثة شروط: أولها :أن يكون القانون الذي اختاره المتعاقدان على صلة بالعقد سواء قامت هذه الصلة على جنسية المتعاقدين أو موطنهما أو محل إبرام العقد أو محل تنفيذه أو على مجرد جریان المعاملات الدولية على إجراء العقد في صورة نموذجية تخضع له ، فإذا انتفت كل صلة بين قانون الارادة وبين العقد وعناصره أهدر القاضي هذه الإرادة واعمل بالتالي قانون الموطن المشترك أو قانون الدولة التي تم فيها العقد ، وثانيها : انتفاء الغش نحو القانون وهو يتوافر كلما استهدف المتعاقدان من اختيار قانون بعينه التهرب من الأحكام الآمرة في قانون آخر يرتبط بالعقد، كما يتحقق ذلك في حالة اصطناع صلة بين العقد وبين القانون المختار لأغراض غير مشروعة ، وثالثها : عدم تعارض القانون المختار مع النظام العام في بلد القاضي وأكثر ما يثار ذلك يكون في شأن اختيار قانون يجيز الاتفاق على فائدة تزيد على الحد الأقصى للفائدة في قانون القاضي، وفي اختيار العملة التي يتعين الوفاء بها، والراجح اعتبار تحديد الحد الأقصى للفائدة مما يتعلق بالنظام العام - كما أن المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 1935  قد نص على بطلان شرط الدفع بالذهب وذهب القضاء إلى سريان هذا الحظر على شرط الدفع بعملة أجنبية لأنه يتفق مع شرط الدفع بالذهب في عدم الثقة بالعملة الأجنبية.

  • استثناء العقد المتعلق بالعقار من القاعدة العامة التي وردت في الفقرة الأولى حيث نصت الفقرة الثانية على إخضاعه لقانون موقع العقار وعلى ذلك فإن كافة العقود المتعلقة بعقار موجود في مصر تخضع للقانون المصري سواء كانت تتعلق بحق شخصی کعقد الايجار او تتعلق بحق عيني كعقد البيع.

تحديد ما يدخل في نطاق أحكام العقد التي تخضع لحكم النص : يستبعد ابتداء ما يخص أهلية التعاقد وما يتعلق بشكل التصرف اذ يخضع كل منهما للقاعدة الخاصة به. ويبقى بعد ذلك ما يتصل بتكوين العقد ويشمل التراضي والمحل والسبب والبطلان، أو باثار العقد سواء من حيث الأشخاص أو الموضوع.

أما التراضي : فإنه من حيث وجوده يدخل في مضمون فكرة الأهلية فيخضع لقانون الجنسية وفقاً للمادة 11، أما من حيث كيفيته اي ما يتصل بالتعبير الصريح أو الضمني ومدى الأخذ بالارادة الظاهرة أو الباطنة، ومتى ينتج التعبير عن الارادة أثره ومدى القوة الملزمة للايجاب والميعاد الذي يصح فيه القبول وكيفية مطابقته للإيجاب ومدى اعتبار السكوت قبولا وكيفية تحديد زمان العقد بين الغائبين ومكانه فالراجح أن يخضع ذلك كله لقانون العقد وإن رأى البعض إخضاع قيمة السكوت وما إذا كان يعتبر قبولا لقانون من وجه اليه الإيجاب أو القانون مرکز اعماله كما ذهب البعض إلى أن تحديد زمان ومكان التعاقد بين الغائبين يخضع لقانون القاضي. وأما من حيث صحة التراضي وتشمل عيوب الارادة فالراجح كذلك خضوعها لقانون العقد. 

وأما عن المحل فهو يخضع لقانون العقد سواء من حيث شروط الوجود أو الأمكان أو التعيين أو القابلية للتعامل. وأن ذهب البعض إلى أن قانون العقد يحكم شرط القابلية للتعامل من الناحية المجردة فإن قرر ضرورة وجوده خضع الشرط القانون موقع المال أن كان محله شيئاً وللقانون الذي يحكم عقد العمل ان كان محله عملاً، وعلى كل حال فإن القاعدة تتقيد بالنظام العام في بلد القاضي فإن كان قانون العقد لا يستلزم مشروعية المحل أو يعتبر محل العقد مشروعاً على خلاف قانون القاضي طبق قانون القاضي.

وأما بالنسبة الى السبب : فيخضع لقانون العقد من حيث وجوده ومشروعيته مع ملاحظة التقيد بالنظام العام في قانون القاضي وهو ما يستتبع استبعاد قانون العقد إذا كان السبب مشروعا وفقا له على خلاف قانون القاضي.

  • وأما عن البطلان كجزاء عن تخلف ركن من أركان انعقاد العقد أو شرط من شروط صحته فيخضع لقانون العقد، غير أن الآثار التي تترتب على تقرير البطلان كالالتزام بالرد أو التعويض فهي لا تخضع لقانون العقد وإنما تخضع للقانون المحلى وفقاً لنص المادة 21 بتقدير أنها لا تستند إلى العلاقة العقدية .

وأما آثار العقد من حيث الأشخاص: فتخضع لقانون العقد فهو الذي يحدد الملتزمين بالعقد والمستفيدين منه سواء كانوا من المتعاقدين أو خلفهم أو من الغير وان كان مدي انصراف العقد الى الخلف العام يتصل بالميراث فيخضع للقانون الذي يحكمه، كما أن البعض يذهب إلى أن انصراف اثر العقد الى الخلف الخاص يخضع القانون موقع المال.

أما أثار العقد من حيث الموضوع : فتخضع لقانون العقد فهو الذي يحكم تفسيره ويحدد نطاقه وإلزام المتعاقدين بتنفيذه ومتى يكون التنفيذ العيني وشروطه وإجراءاته أو التنفيذ بمقابل وشروطه وإجراءاته، وكيفية تقدير التعويض وعناصره وحكم التعويض الاتفاقي او الفوائد، كما يخضع لقانون العقد فسخه لعدم التنفيذ والدفع بعدم التنفيذ إلا إذا أخذ صورة حق الحبس وورد على مال وكان قانون موقع المال يجعل حق الحبس من الحقوق العينية فانه يخضع لهذا القانون. وإذا كان قانون دولة التنفيذ لا يقر وسائل التنفيذ التي ينص عليها قانون العقد، فإن ذلك يعتبر قوة قاهرة تخضع في أثرها لقانون العقد. كما يحكم قانون العقد أوصاف الالتزام وانتقاله .

القانون الذي يخضع له انقضاء الالتزام : يخضع انقضاء الالتزام بالوفاء . القانون العقد ، مع ملاحظة مقتضيات فكرة النظام العام، وكذلك الشأن بالنسبة إلى انقضاء الالتزام بالتجديد غير أنه إذا ترتب عليه نشأة التزام جديد تعين أن يقع هذا الالتزام صحيحا وفقاً للقانون الذي يحكم الالتزام القديم ووفقا للقانون الذي يسرى على الالتزام الجديد (أما بالنسبة إلى المقاصة فيفرق بين المقاصة الاتفاقية حيث تخضع لقانون العقد، والمقاصة القضائية فتخضع لقانون القاضي، والمقاصة القانونية التي تخضع للقانون الذي يحكم الدينين وأما الإبراء فيخضع بوصفه تصرفاً قانونياً مستقلاً للقانون الخاص به ويخضع من حيث أثره في انقضاء الالتزام القانون العقد الذي رتب هذا الالتزام، وكذلك الشأن بالنسبة إلى اتحاد الذمة الذي يخضع من حيث وجوده القانون الخاص به كالشأن في اتحاد الذمة بسبب الميراث فتخضع لقانون الميراث، ولكنه من حيث أثره في القضاء الالتزام فيخضع القانون العقد الذي رتب هذا الالتزام. وأما عن التقادم المسقط فالسائد خضوعه القانون العقد من حيث آثاره ومدته وأسباب الانقطاع و الوقف. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 364 ) .

النص في المادة 19 من القانون المدني على أن يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي توجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو تبين من الظروف أن قانون آخر هو الذي يراد تطبيقه ..... يدل على أنه يتعين الوقوف إبتداءاً على ما تتجه إليه إرادة المتعاقدين الصريحة أو الضمنية لتحديد القانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية فإذا لم يفصح المتعاقدان عن إرادتهما في هذا الشأن وجب تطبيق قانون الموطن المشترك و إلا لقانون الدولة التي تم فيها العقد. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول صفحة 117) .

 

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية 

( مادة ۲۱)

يسري على المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية على المال والوصاية والقوامة وغيرها من نظم حماية القصر والمحجورين ومن يلحق بهم قانون الشخص الذي تجب حمايته .

٢- ومع ذلك يرجع في شان اسباب الامتناع عن قبول الوصاية او القوامة او الاشراف إلىقانون الوصي او القيم او المشرف .

 

يقابل هذا النص المادة 16 من التقنين الحالي ، وهي تنص على ما ياتی :

و يسري على المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعة لحماية المحجورین والغائبين قانون الشخص الذي يجب حمايته

ويبين النص المقترح في فقرته الأولى أن المقصود بالولاية هي الولاية على المال ، إذ هي التي يجمعها مع الوصاية والقوامة كونها جميعاً توفر النيابة عن القاصر ومن في حكمه بما يسد عجزه عن مباشرة التصرف القانوني ، وبذلك حسم النص خلافا قام في أحكام القضاء في فهم المقصود بالولاية في نص التقنين الحالي ، کما عني المشروع بالنصي في المادة ۱۹ السالفة الذكر على أن قانون الأب هو الذي يسري على الولاية على النفس .

كما جاءت عبارة هذه الفقرة شاملة للقصر والمحجورین ومن يلحق بهم من الغائبين ومن تقررت لهم المساعدة القضائية .

وتضمنت الفقرة الثانية من النص المقترح الحكم الوارد في المادة ۱۰۰۲ فقرة ثانية من تقنين المرافعات مراعاة لمصلحة الشخصي المقصود بالحماية ، ولأن المكان المناسب له بين قواعد تنازع القوانين في التقنين المدني لا في تقنين المرافعات .