1 ـ المراقبة التى فرضها الشارع فى المادة 28 من قانون العقوبات و ما نص عليه منها فى الفقرة الثانية من المادة 75 من هذا القانون تندرجان تحت وصف واحد هو أن كلاً منهما عقوبة تبعية مصدرها القانون ، و لا تحتاج فى توقيعها إلى حكم القضاء إلا أنهما ما زالتا تختلفان فى السبب الذى جعله الشارع أساساً لتوقيع كل منهما . ذلك بأن المراقبة المفروضة بالمادة 28 إنما يتحملها المحكوم عليهم لجرائم معينة بالنص و لمدة مساوية لمدة العقوبة بدون أن تزيد على خمس سنين فى حين أن المراقبة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة 75 لا تفرض إلا عند العفو عن محكوم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لأى جناية بغض النظر عن وصفها ، و ذلك عقب صدور الحكم بها أو فى أثناء تنفيذها و قد حدد الشارع أمدها بخمس سنين ما لم ينص أمر العفو على إنقاصها أو التجاوز عنها جملة .
(الطعن رقم 1410 لسنة 25 ق - جلسة 1956/03/13 س 7 ع 1 ص 324 ق 97)
2 ـ من المقرر أنه يشترط لصحة الحكم بالإدانة فى جريمة مخالفة شروط الوضع تحت مراقبة البوليس أن يبين الحكم منطوق وتاريخ الحكم أو القرار الذى صدر بوضع الطاعن تحت المراقبة أو ترتب عليه ذلك والجهة التى صدر منها وتاريخ بدء المراقبة وانتهائها وأوجه مخالفة شروط المراقبة . وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين ذلك وخلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها واكتفى فى بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونه ولم يبين وجه استدلاله به على ثبوت التهمة بعناصرها القانونية كافة فإنه يكون معيباً بالقصور .
(الطعن رقم 1097 لسنة 61 ق - جلسة 1998/01/27 س 49 ص 163 ق 23)
( ملحوظة من مركز الراية للدراسات القانونية : صدر القانون رقم 181 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس ، وقد تم نشر هذا القانون الجديد في الجريدة الرسمية - العدد رقم 36 مكرر في تاريخ 5 / 9 / 2020 ، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ، ونص في مادته الأولى على أن :
يُستبدل بنص المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس ، النص الآتي :
مادة 2 : يعين وزير الداخلية محل تنفيذ عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة بديوان القسم أو المركز أو نقطة الشرطة أو بمقر العمودية ، أو بأي مكان آخر يُتخذ كمحل إقامة للمراقب خارج دائرة المحافظة أو المديرية التي وقعت فيها الجريمة .
ويجوز لمدير الأمن قبول طلب المحكوم عليه تنفيذ عقوبة المراقبة في الجهة التي يقيم بها ، وذلك بعد التحقق من توافر الضمانات الكافية لتنفيذ العقوبة ، وعدم وجود خطر على حياة المحكوم عليه . )
ماهية مراقبة البوليس :
مراقبة البوليس في حقيقتها تدبير إحترازي، إذ تستهدف فرض قيود على حرية المحكوم عليه بغية إخضاعها لإشراف السلطات العامة کی تحول بينه وبين أن يوجد في ظروف من شأنها أن تغريه بارتكاب جريمة تالية، ويعني ذلك أن هدف مراقبة البوليس هو احتمال الإقدام على جريمة تالية، أي مواجهة خطورة إجرامية، وهذه هي وظيفة التدابير الإحترازية، ولكن الشارع قد جعلها من قبيل العقوبات، باعتباره لا يعرف التدابير الإحترازية كنظام قانوني مستقل.
ومراقبة البوليس - وفق خطة الشارع - عقوبة مقيدة للحرية، وهي عقوبة جنايات وجنح ، وقد تكون عقوبة أصلية أو تبعية أو تكميلية .
نصت عليها المادة 28 من قانون العقوبات في قولها كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو السجن المشدد أو السجن لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 من هذا القانون أو لجناية من المنصوص عليها في المواد 354، 366، 367 ، يجب وضعه بعد إنقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو أن يقضي بعلمها جملة، تتطلب هذه الحالة أن يكون المتهم قد حكم عليه بإحدى عقوبتين أصليتين، وأن تكون هذه العقوبة قد حكم بها عليه من أجل إحدى جرائم يحددها على سبيل الحصر، فالعقوبتان هما السجن المؤبد أو السجن المشدد والسجن، والجرائم هي الجنايات المخلة بأمن الدولة وتزييف النقود وجنايات السرقة والقتل في الأحوال التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات و جنایات قتل الحيوانات وإتلاف المزروعات، ويجعل القانون مدة مراقبة البوليس معادلة لمدة العقوبة المحكوم بها، ويضع لها حداً أقصى لا تتعداه في أية حال، هو خمس سنوات، ويخول القاضي سلطة تخفيض مدة هذه العقوبة أو الإعفاء منها.
(شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 877 ).
والمراقبة هنا توقع بقوة القانون ودون حاجة للنص عليها. ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدتها أو يعفى المحكوم عليه منها كلية.
( قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الثالث، الصفحة : 808) .
مراقبة البوليس كمراقبة تبعية :
تكون مراقبة البوليس كمراقبة تبعية في حالتين :
الحالة الأولى :
نصت عليها المادة 28 عقوبات وهي كل من يحكم عليه بالأشغال الشاقة أصبحت السجن المؤبد والسجن المشدد لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 القتل المقترن و المرتبط بجنحة. أو لجناية من المنصوص عليها في المادتين 356 (التخريب) 368 (أتلاف المزروعات) يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو يقضي بعدمها جملة، والمراقبة هنا توقع بقوة القانون ودون حاجة للنص عليها ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدتها أو يعفي المحكوم عليها منها كلية.
والحالة الثانية :
نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 75 عقوبات وهي حالة ما إذا عفي عن المحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بدلت عقوبته وجب وضعه حتما تحت مراقبة البوليس مدة خمس سنين، وهذا إذا لم ينص في العفو على خلاف ذلك ومعنى ذلك أنه يجوز أن يخفض – بمقتضى قرار العفو ذاته - مدة المراقبة أو أن ترفع كلية.
وقيل بأن هذا الحكم واجب التطبيق من باب أولى إذا كانت العقوبة هي الإعدام و عفی عن المحكوم عليه أو بدلت عقوبته .
وخلاصة ما تقدم أن المراقبة التي فرضها الشارع في المادتين 28، 75 عقوبة تبعية مصدرها القانون ولاتحتاج في توقيعها إلى حكم من القضاء ثم أنها اختيارية فيجوز للقاضي أن يخفضها أو يعدمها في حكمه كما يجوز أن ينص في أمر العفو على إنقاصها أو التجاوز عنها جملة. إلا أن السبب الذي جعله الشارع أساسا لتوقيع المراقبة يختلف في الحالتين فالمراقبة المفروضة بالمادة 28 يتحملها المحكوم عليهم لجرائم معينة بالنص ولمدة مساوية لمدة العقوبة بدون أن تزيد على خمس سنين في حين أن المراقبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 75 لاتفرض إلا عند العفو عن المحكوم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والتي أصبحت السجن المؤبد بعد العمل بالقانون 95 لسنة 2003 ولأية جناية بغض النظر عن وصفها وذلك عقب صدور الحكم بها أو أثناء تنفيذها وقد حدد الشارع أمدها بخمس سنين.
مراقبة البوليس كعقوبة تكميلية :
تكون المراقبة عقوبة تكميلية في بعض أحوال نص عليها القانون صراحة في بعض الجرائم وهي بالذات الجرائم التي يتم إرتكابها عن خطورة إجرامية وتذر بارتكاب جريمة لاحقة ودور مراقبة البوليس هنا هو مراقبة سلوك المحكوم عليه للحيلولة بينه وبين إرتكاب الجريمة، وقد تكون المراقبة كعقوبة تكميلية وجوبية كما هو الشأن في جريمتى العود للتشرد والعود للاشتباه تنص المادتان 2/2 ،6/2 من المرسوم بقانون المذكور على أن تكون عقوبة المتشرد والمشتبه فيه في حالة العود هي الحبس والوضع تحت مراقبة البوليس مدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر ومن ذلك أيضاً ما تنص عليه المادة 336 عقوبات من جواز جعل الجاني في النص أو الشروع فيه في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وأيضاً يجوز في جرائم قتل الحيوانات وضع الجاني تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر (المادة 355 عقوبات). وكذلك في جرائم قطع أتلاف الزراعة وإقتلاع الأشجار يجوز وضع الجاني تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر.
مدة مراقبة البوليس :
يحدد القانون مدة المراقبة في كل حالة سواء أكانت أصلية أم تبعية أم تكميلية وفي حدود النص يكون تحديد القاضي لمدتها إلا في الأحوال التي تكون فيها عقوبة تبغية فإنها محددة بالنص أما على قدر العقوبة الأصلية بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين (م 28 عقوبات) وأما بمدة معينة كما تنص المادة 75 عقوبات.
وقد جعل القانون للمراقبة حداً أقصى لايجوز أن تتعداه فيقضي بأنها لاتزيد على خمس سنوات حتى ولو تعددت المادة 38 والمادة 28 عقوبات .
وليس للمراقبة حداً أدني عام معين في القانون إلا إذا كانت عقوبة أصلية ولم يبين لها القانون حداً أدني فأنها تتقيد بالحدود بعقوبة الحبس على إعتبار أنها مماثلة لها في تطبيق أحكام قانون العقوبات.
وتجيز المادة 28 من قانون العقوبات للمحكمة أن تخفض مدة المراقبة التبعية ولم تنص على الحدود التي تلتزمها في التخفيض وإزاء سكوت النص يجوز أن يخفضها إلى 24 ساعة قياساً على الحبس والمراقبة كعقوبة أصلية لايتصور تخفيضها إلى أقل من ذلك.
تنفيذ المراقبة :
يبدأ تنفيذ المراقبة كعقوبة تبعية تعقب قضاء العقوبة الأصلية فوراً، أما المراقبة كعقوبة تكميلية وكعقوبة أصلية فيبدأ تنفيذها من اليوم المحدد في الحكم.
ومدة المراقبة لا تقبل التجزئة أو الوقف حتى ولو تغيب المحكوم عليه عن محل المراقبة أو قبض عليه أو حبس لأي سبب من الأسباب ومن أجل ذلك يتعين على المحكمة أن تحدد في حكمها مبدأ المراقبة التي يحكم بها سواء أكانت عقوبة أصلية أم عقوبة تكميلية ولما كانت المراقبة تنتهي من تلقاء نفسها بإنتهاء مدتها فلا يتصور سقوطها بمضي المدة كغيرها من العقوبات.
وقد منح المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 وزير الداخلية سلطة الإعفاء من المراقبة في جزء منها بشرط ألا يزيد على نصف المدة وسواء أكانت تبعية أم أصلية أم تكميلية وقد حدد المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 القواعد التي يخضع لها المحكوم عليه لمراقبة البوليس وإعتبر مخالفة أحكامه جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة (م 13 من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 ومادة 29 من قانون العقوبات).
( موسوعة هرجة الجنائية ، للمستشار / مصطفى مجدي هرجه ، المجلد / الأول ، دار محمود الصفحة / 232).
وفقاً لهذه المادة فإن المحكوم عليه يخضع لعقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس دون حاجة إلى صدور حكم قضائي بها، وذلك لأن عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس تعتبر عقوبة تبعية طبقاً لنص المادة (28) عقوبات.
ولإنطباق هذه المادة لابد من توافر شرطين :
الشرط الأول : أن يقضي الحكم بعقوبة الأشغال الشاقة أو السجن.
الشرط الثاني : أن تكون العقوبة محكوماً بها كجزاء لإحدى الجنايات التي أوردتها المادة على سبيل الحصر، وهي الجنايات المخلة بأمن الدولة وتزييف النقود وجنايات السرقة والقتل العمد المقترن بجناية أو المرتبط بجنحة وجنایات قتل الماشية أو سمها أو سم الأسماك ليلاً وجنايات إتلاف المزروعات وما في حكمها إذا اقترنت بظرف من الظروف المنصوص عليها في المادة (367) عقوبات.
فإذا توافر هذان الشرطان انطبقت عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس بقوة القانون، وتكون مدتها في هذه الحالة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها بحد أقصى خمس سنوات، ولقد أجاز المشرع للقاضي أن يخفض مدتها أو أن يعفي المحكوم عليه منها كلياً .
وعقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس تبدأ من اليوم التالي لإنتهاء العقوبة الأصلية .
ويقرر القانون أن التاريخ المحدد لإنقضاء مراقبة البوليس لا يجوز أن يمتد بسبب قضاء الشخص المراقب مدة في الحبس أو بسبب تغيبة عن محل إقامته، ويعني ذلك أن اليوم المحدد لإنقضاء مراقبة البوليس لا يقبل إرجاء، ولو تهرب المحكوم عليه أثناء مدة المراقبة من الخضوع لأحكامها، وتعليل ذلك أنه إذا كانت الغاية من مراقبة البوليس هي الحيلولة بين الخاضع لها وبين ارتكاب الجرائم خلال المدة المحددة لها، فإن إنقضاء هذه المدة - أيا كانت كيفية ذلك - دون ارتكابه جريمة يعني أن المراقبة قد حققت الغاية منها فلا يكون ثمة مبرر لإمتدادها، ويترتب على هذا الانتهاء الحتمي لمراقبة البوليس أنها تعتبر منفذه من تلقاء ذاتها أي أنه لا يتصور أن تبقى دون تنفيذ، ومؤدى ذلك أنها لا تسقط بالتقادم لأن هذا السبب الإنقضاء العقوبة يفترض عدم تنفيذها.
(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 257).
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 45 .
(مادة 51)
كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المؤقت من أجل جناية مخلة بأمن الدولة، أو تزييف نقود ، أو سرقة ، أو قتل بالاقتران أو الارتباط ، أو لجناية من الجنايات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (608) ، والفقرة الثانية من المادة (614) يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على خمس سنين .
ومع ذلك يجوز للقاضي الجزئي أن يخفض مدة المراقبة، أو أن يعفي منها كلية بعد انقضاء نصف مدتها على الأقل .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والثلاثون ، الصفحة / 337
مُرَاقَبَةٌ
التَّعْرِيفُ :
الْمُرَاقَبَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ رَاقَبَ، وَيُقَالُ: رَاقَبَهُ مُرَاقَبَةً وَرِقَابًا: رَقَبَهُ: أَيْ حَرَسَهُ وَلاَحَظَهُ، وَيُقَالُ: رَاقَبَ اللَّهَ أَوْ ضَمِيرَهُ فِي عَمَلِهِ أَوْ أَمْرَهُ: خَافَهُ وَخَشِيَهُ، وَفُلاَنٌ لاَ يُرَاقِبُ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ: لاَ يَنْظُرُ إِلَى عِقَابِهِ فَيَرْكَبُ رَأْسَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ :
تَتَعَلَّقُ بِالْمُرَاقَبَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى
- يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ مَا يَأْتِي وَمَا يَدَعُ مِنَ الأْمُورِ، لأِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ وَمُحَاسَبٌ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلأِنَّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مُسَجَّلٌ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) وَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ).
وَمُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ، قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ مُرَاقَبَةُ الْحَقِّ عَلَى دَوَامِ الأْوْقَاتِ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ جِبْرِيلَ رضى الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإْحْسَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ الزُّبَيْدِيُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» إِشَارَةٌ إِلَى حَالِ الْمُرَاقَبَةِ، لأِنَّ الْمُرَاقَبَةَ عِلْمُ الْعَبْدِ بِاطِّلاَعِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتِدَامَتُهُ لِهَذَا الْعِلْمِ مُرَاقَبَةٌ لِرَبِّهِ، وَهَذَا أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ.
دَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ لِتَحَقُّقِ الْحِرْزِ
- قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمَسْرُوقِ لِوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ أُمُورٌ مِنْهَا:
أَنْ يَكُونَ مُحْرَزًا بِمُلاَحَظَةِ أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ، وَشَرْطُ الْمُلاَحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوِ اسْتِغَاثَةٍ، وَالدَّارُ الْمُنْفَصِلَةُ عَنِ الْعِمَارَةِ إِنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلاَقِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ، وَالدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْعُمْرَانِ حِرْزٌ مَعَ إِغْلاَقِهِ وَمَعَ حَافِظٍ وَلَوْ نَائِمٍ، وَمَعَ فَتْحِهِ وَنَوْمِهِ غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلاً وَكَذَا نَهَارًا فِي الأْصَحِّ، وَكَذَا يَقْظَانُ فِي دَارٍ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ وَسَرَقَ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ فِي الأْصَحِّ، لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِ الْمُرَاقَبَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، وَالثَّانِي مُقَابِلُ الأْصَحِّ: أَنَّهَا حِرْزٌ لِعُسْرِ الْمُرَاقَبَةِ دَائِمًا.
وَأَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ الآْخَرُونَ الْحُكْمَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا لَفْظَ الْمُرَاقَبَةِ.
وَالتَّفْصِيلُ فِي (سَرِقَةٌ ف 37 - 41).