1- لما كان الحكم قد أعمل فى حق الطاعن حكم المادة 85 من قانون العقوبات بعد أن خلص إلى إنطباقها على منظمة الصاعقة السورية التى يتبعها و رد على دفاعه فى هذا الصدد بما مؤداه أن تلك المنظمة هى الجناح العسكرى لحزب البعث السورى طبقاً لما جاء بإعتراف الطاعن - و أنها جزء من دولة سوريا و السلطات الحاكمة بها - و إلى واقع الحال من قطع سوريا للعلاقات الدبلوماسية مع مصر و مناصبة حزب البعث السورى العداء لمصر - و كان الشارع لم يشترط فى الجماعة السياسية لكيما تصير فى حكم الدولة طبقاً للمادة 85/أد من قانون العقوبات أن تكون جماعة معادية لمصر ، و إنما أحال فى شأنها - إذ إعتبرها فى حكم الدولة - إلى أحكام الباب الأول من الكتاب الثانى من قانون العقوبات برمته - بما فى ذلك جريمة التخابر سواء تم مع دولة معادية وفقاً للمادة 77/ه أو مع مجرد دولة أجنبية ، و لو لم تكن معادية وفقاً للمادة 77/د ، بما مفاده وجوب تطبيق البندين ج ، د من المادة سالفة الذكر - حسبما يقتضيه الحال على الجماعات السياسية . لما كان ذلك فإن رمى الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون و القصور فى التسبيب فى هذا الخصوص يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 6049 لسنة 53 ق - جلسة 1984/02/19 س 35 ص 168 ق 34)
2- نية الإضرار بالمصالح القومية للبلاد ليست ركناً من أركان جريمة التخابر المنصوص عليها فى المادة 77/د من قانون العقوبات ، و إذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 6049 لسنة 53 ق - جلسة 1984/02/19 س 35 ص 168 ق 34)
3- يترتب على قيام حالة الحرب إنقطاع العلاقات السلمية بين الدول المتحاربة و إنقضاء معاهدات الصداقة و التحالف التى تكون مبرمة بينها ، و نشوء حق الدولة المحاربة فى مصادرة أموال دولة العدو الموجودة فى إقليمها .
(الطعن رقم 359 لسنة 30 ق - جلسة 1960/06/20 س 11 ع 2 ص 591 ق 113)
ملحوظة: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.
ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.
(مركز الراية للدراسات القانونية)
وتتطلب هذه الجريمة ركنا مادياً يتكون من عنصرين:
(أ) النشاط الإجرامي، وهو السعي أو التخابر، وهو ما سبق بيانه في المواد السابقة .
(ب) أن يكون من شأن هذا النشاط الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي، وهو ما سنبحثه فيما يأتي. وفوق هذا يتعين توافر القصد الجنائي.
صور الأضرار التي من شأن السعي أو التخابر أن يؤديا إليها :
يتعين أن يكون من شأن السعي أو التخابر الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي. ولم يتطلب القانون حصول ضرر فعلي بالبلاد، فهذه الجريمة هي من جرائم الخطر التي عاقب القانون فيها على نشاط إجرامي معين من شأنه أن يجلب الضرر على البلاد، ولو لم يحدث هذا الضرر بالفعل ، وإنما يجب أن يكون الفعل من شأنه أن يحدث هذا النوع من الضرر سواء كان ذلك في زمن السلم أو في زمن الحرب. فإذا لم يكن من طبيعة الفعل إحداث هذا النوع من الضرر لم تقع الجريمة. ولا محل هنا لإثارة فكرة الشروع إذا لم يتحقق الضرر، وذلك بحسب أن هذه الجريمة لا تتطلب نتيجة مادية معينة لوقوعها حتى يقال بوقوفها عند مرحلة الشروع عند تخلف هذه النتيجة، بل إن الجريمة تتم وتنتهي بمجرد حصول السعي أو التخابر ولم يحدث ضرر ما. والواقع من الأمر أن بحث الشروع في هذه الجريمة لا يكون إلا بالنظر إلى فعل السعي أو التخابر نفسه، فإذا أوقف نشاط الجاني نحو هذا السعي أو التخابر أو خاب أثره كان فعله شروعاً.
ويلاحظ أن المشرع وإن كان قد شدد العقاب إذا اتحه قصد الجاني إلى الإضرار بالمصلحة القومية، إلا أنه لم يجعل صورة الإضرار بهذه المصلحة عنصراً لازماً للسعي أو التخابر متميزاً عن صور الإضرار الأخرى.
(أ) الإضرار بالمركز الحربي: يتحقق ذلك بكل فعل من شأنه أن يؤثر في نشاط القوة العسكرية للبلاد سواء كان ذلك في دور الاستعداد أو الطوارئ أو العمل، وسواء كان الدور الذي تقوم به هو الدفاع أو الهجوم. ومن أمثلة ذلك السعي أو التخابر لإلغاء تحالف عسكري، وإلغاء أو عرقلة اتفاق توريد أسلحة، والإضعاف من روح الجنود، واختلال ميزان القوات العسكرية. ويلاحظ أن إفشاء أسرار الدفاع الحربي عن البلاد ينطوي في الوقت ذاته على إضرار بمركزها الحربي.
(ب) الإضرار بالمركز السياسي: ويراد به كل ما من شأنه أن يمس استقلال الدولة وسياستها الخارجية. ومن أمثلة ذلك السعي أو التخابر لخذلان البلاد في منظمة دولية سياسية أو عرقلة مفاوضات سياسية أو تمكين دولة أجنبية من اکتساب نفوذ سياسي على الدولة أو تفويت الأغراض السياسية التي تهدف إلى تحقيقها من وراء عمل معين.
(ج) الإضرار بالمركز الدبلوماسي: ويراد به كل ما يؤدي إلى الإضرار بالتمثيل الدبلوماسي بين الدول، ومن أمثلته السعي أو التخابر لقطع العلاقات السياسية بين مصر ودولة أخرى، أو انحراف أحد الممثلين الدبلوماسيين عن أداء واجبه، مما يسيء إلى المصلحة الوطنية.
(د) الإضرار بالمركز الاقتصادي: وقد استحدث تعديل سنة 1957 هذا النوع من الأضرار، بالنظر إلى ما للأحوال الاقتصادية من أثر مهم على كيان الدولة وأمنها في حالة السلم أو حالة الحرب على السواء. ويراد به كل ما من شأنه أن يلحق الضرر بالنظام العام الاقتصادي للدولة، وهو الذي تحدده سياستها الاقتصادية، كنظام الرقابة على النقد وكل ما يتصل بالإنتاج الزراعي أو الصناعي والتجارة الخارجية والتموين. ويختلف هذا النظام في الدول الاشتراكية عنه في الدول الرأسمالية.
القصد الجنائي :
القاعدة: تتطلب هذه الجريمة قصداً جنائياً عاماً، فلا تقع الجريمة ما لم يعلم الجاني بأنه سعى أو تخابر مع دولة أجنبية أو شخص يعمل لمصلحتها، وما لم يعلم أن سعيه أو تخابره هذا مما من شأنه إلحاق الضرر بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي. ولا شك في أن خطورة الأسرار التي يفشيها الجاني نتيجة سعيه أو تخابره تصلح قرينة على علمه بأن من شأنها إلحاق الضرر بالبلاد في إحدى الصور سالفة الذكر، فلا جريمة إذا انتفى هذا القصد. مثال ذلك أن يتخابر الجاني مع دولة أجنبية لإنشاء معلومات مما من شأنه الإضرار بالمركز الحربي للبلاد غير عالم بهذا الخطر الذي يتهدد الوطن.
ومتى تحقق هذا القصد فلا عبرة بالباعث على ارتكاب الجريمة، كما إذا قصد الحاني مجرد الحصول على منفعة خاصة. هذا دون إخلال بمساءلة الجان في هذه الحالة الأخيرة عن الجريمة المنصوص عليها في المادة 78 عقوبات إذا توافرت سائر أركانها.
القصد الخاص كظرف مشدد :
ولا يتطلب القانون فوق هذا قصداً جنائياً خاصاً لقيام هذه الجريمة، وإنما يتطلب هذا القصد كمجرد ظرف مشدد لعقوبتها، إذا نصت الفقرة الثانية من المادة 77/د على أنه إذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها - كانت العقوبة السجن المؤقت في زمن السلم، والسجن المؤبد في زمن الحرب. وقد بينا فيما تقدم المقصود بالمركز الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي للبلاد، فما المقصود بالمصلحة القومية للبلاد؟
المصلحة القومية للبلاد: يراد بها كل ما يتعلق بمصالح البلاد سواء من ناحية نظام الحكم الداخلي أو المرافق العامة، أو من الناحية الحربية أو السياسية أو الاقتصادية. ومن أمثلة ذلك: التآمر على إحداث قلاقل واضطرابات داخلية أو مشروعات على نحو يؤدي إلى إلحاق الغبن بالدولة، أو التجاء إلى محاولة قلب نظام الحكم والتحريض على كراهيته وازدرائه.
إثبات القصد: وتستخلص المحكمة توافر القصد الجنائي من ظروف الدعوى وما يحيط بها من قرائن وموقف الدولة الأجنبية من جمهوريتنا وما إذا كانت تضمر لها العداء أو لا، وكذا ماضي المتهم وسلوكه. كل ذلك وغيره من الشواهد يكون للمحكمة أن تستدل منها على توافر القصد الجنائي في حدود سلطتها التقديرية.
وقد لاحظ البعض أنه من الصعوبة إثبات قصد الإضرار بالمركز السياسي للبلاد، إذ يصعب أو يتعذر في كثير من الأحيان إثبات أن المتهم كان ملماً بأساليب السياسية وأغراضها ومراميها، وخاصة في وقت الحرب أو بعض الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد.
العقوبة :
ميز القانون بين الجريمة التي تقع في حالة سلم وتلك التي تقع في حالة حرب وقد سبق أن بينا فيما سبق المقصود بحالة الحرب، فنحيل إليه إلا أنه يلاحظ أنه لا يشترط لتوافر الحرب كظرف مشدد أن تقع بين الوطن وبين الدولة الأجنبية التي كانت طرفاً في السعي أو التخابر أو تم ذلك لمصلحتها.
فإذا وقعت الجريمة في حالة الحرب كانت العقوبة السجن المشدد، وإذا توافر قصد الإضرار شددت إلى السجن المؤبد أما إذا وقعت الجريمة في حالة سلم كانت العقوبة هي السجن، فإذا توافر قصد الإضرار سالف الذكر شددت العقوبة إلى السجن المشدد.
ولا يجوز تطبيق المادة 17 عقوبات بأي حال إذا وقعت الجريمة من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة: 53).
يشترط لتوافر الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى وجود النشاط الإجرامي ذاته المتمثل في السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها. وأن يكون من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي ولم يشترط القانون وقوع الضرر فعلا بالبلاد بل يكفى تحقق النموذج الإجرامي المنصوص عليه بالمادة محل التعليق. وفوق ذلك فإنه يتعين أن يتوافر القصد الجنائي لدى الجاني ويكتفي في ذلك بالقصد الجنائي العام وهو أن يعلم الجاني بأنه يسعى أو يتخابر مع دولة أجنبية بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي.
إتلاف الوثائق المتعلقة بأمن الدولة :
تنص الفقرة الثانية من المادة 77 (د) على عقاب كل من (أتلف عمداً أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقاً أو وثائق وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة أو بأية مصلحة قومية أخرى) والمستفاد من ذلك أن الفعل المادي لهذه الجريمة يتحقق بإحدى صور أربع هي الإتلاف أو الإخفاء أو الاختلاس أو التزوير. ولابد فضلاً عن ارتكاب الفعل المادي في إحدى صوره الأربعة من أن يتوافر لدي مقارفة قصد جنائی عام وتلك بأمن الدولة أو بأي مصلحة قومية أخرى.
العقوبة:
إذا توافرت عناصر الجريمة سواء بالنسبة للجريمة المنصوص عليها - بالفقرة (أ) أو تلك المنصوص عليها بالفقرة (ب) عوقب الجاني بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن السلم وبالسجن المشدد إذا ارتكبت في زمن حرب. فإذا توافر لدى الجاني فضلاً عن العلم نية أو غاية الإضرار بالمصلحة القومية كانت العقوبة السجن المشدد في زمن السلم والسجن المؤبد في زمن الحرب. وذلك كله ما لم ينطبق على الواقعة وصف جريمة أشد. ولا يجوز بأية حال تطبيق المادة 17 عقوبات في هذه الجريمة إذا وقعت من موظف عام أو من شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة، مع ملاحظة جواز الحكم بغرامة لا تجاوز عشرة آلاف جنيه فضلاً عن العقوبة المقررة وذلك عملاً بنص المادة 83 عقوبات.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة: 14)
إذا لم تكن الغاية من التخابر استعداء دولة أجنبية على مصر، أو تمكين دولة معادية من العدوان عليها بإعانتها في عملياتها الحربية، فليس معنى ذلك انتفاء الخطر فيه كلية. فقد يكون من شأنه حتى مع انتفاء هذه الغاية أن يؤدي إلى الإضرار بمركز البلاد الحربي عموماً أو بوضعها السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي، وفي هذا ما يكفي لضرورة تجريمه. ولذلك نصت المادة (77/د) عقوبات على ذلك.
وهذه الجريمة تقع في زمن السلم والحرب على السواء ولا تتطلب في مبدأ التجريم صفة خاصة بالجاني، فيصح إذن أن يكون مصرياً أو أجنبياً باستثناء الممثلين الدبلوماسيين أو السياسيين لما يتمتعون به من حصانة.
الركن المادي :
و يتمثل الركن المادي في السعي أو التخابر لدى دولة أجنبية أو من يعمل لمصلحتها بشرط أن يكون من شأنه الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي.
ولا يختلف معنى السعى أو التخابر عما سبق، مع ملاحظة أنه يجب أن يكون حاصلاً مع دولة أجنبية أو من يعمل لمصلحتها، ولو كانت هذه الدولة غير معادية. ولا يشترط أن يترتب الإضرار بأحد المراكز المذكورة، وإنما يكفي أن يكون من شأن السعي أو التخابر أن يترتب هذا الأثر، وتقدير ذلك مسالة موضوعية.
فإذا ترتب الضرر فعلاً كان ذلك أوجب لانطباق النص، ما دام بين الفعل وهذه النتيجة علاقة السببية.
المركز الحربي :
والمركز الحربي في حالة السلم يراد به القوة الدفاعية والهجومية للدولة، ووسائل إمدادها بالرجال والعتاد، ومستوى إعدادها من الناحية الفنية، ووسائل مساندتها القائمة في الداخل أو الخارج.
فالمركز الحربي إذن يقوم على عدة عناصر منها القوة المعدة للقتال فعلاً، عاملة كانت أم احتياطية، ونظام التجنيد الذي يؤدي إلى تنميتها أو إنقاصها، ونظام التدريب والتسليح.
والارتباطات العسكرية الدفاع المشترك تكون من عناصر المركز الحربي، لأن قوات الدول الأطراف تعد من دعائم المساندة لبعضها.
أما إذا نشبت الحرب فان المركز الحربي يتجسد في حالة "العمليات الحربية" ذاتها، سواء في جانبها الاستراتيجي أو التكتيكي، لأن الجانب الاستراتيجي وحده على الأقل يشمل مجموع القوات المحتشدة، ووسائل إمدادها من المساند البشري، ومن ناحية العتاد، من داخل الدولة أو من الدول المتحالفة معها عسكرياً، كما يشمل هذا الجانب خطوط التموين والانتقال والانسحاب.
وعلى ذلك لا يخرج تفسير المركز الحربي" وقت الحرب عن أن يكون "العمليات الحربية" ذاتها من كل نواحيها. وبعبارة أخرى، حالة أو وضع المحاربين في الدولة.
المركز الاقتصادي:
هو قدرة الدولة في كل نواحي الإنتاج والخدمات وفقاً لنظامها المتبع، وما يترتب على ذلك في حالة ميزان مدفوعاتها، ومن تقييم معين لنقدها في الخارج، ومن ثقة في قدرتها على التنمية وعلى الوفاء بكافة التزاماتها.
وقد أضيف النص على المركز الاقتصادي بالقانون 112 لسنة 1957، حتى لا يفلت السعي أو التخابر الذي من شأنه أن يضر به من العقاب، إذ أنه غير خاف أثر الأحوال الاقتصادية على كيان الدولة وأمنها في حالة السلم والحرب على السواء.
وعلى ذلك فكل اتصال أو تفاهم مع دولة أجنبية يكون من شأنه الإضرار بإنتاج الدولة في مجال الزراعة مثلاً، أو بالصناعة أو بتجارتها الخارجية أو بسعر نقدها، أو بائتمانها في الداخل أو الخارج يقع تحت طائلة هذا النص.
ويراد بالمركز السياسي حالة الدولة من حيث تمتعها بسيادتها في الداخل والخارج، ومن حيث علاقاتها بغيرها من الدول، ومن حيث مكانتها والدور الذي تقوم به في محيط العائلة الدولية.
وعلى ذلك فالتخابر أو السعي الذي من شأنه أن يؤدي إلى المساس بسيادة الدولة في مباشرة شئونها الداخلية أو الخارجية أو إلى المساس بمكانتها في الهيئات الدولية يدخل تحت طائلة العقاب وفقا لهذا النص.
المركز الدبلوماسي :
يعني علاقات التمثيل الدبلوماسي" المتبادلة بين الجمهورية وغيرها من الدول. إذ ليس من شك في أن الحاجة قد أصبحت ماسة في الوقت الحاضر لإقامة الروابط بين الدول المستقلة لحماية مصالحها ولتنمية أواصر الود والثقة بينها عن طريق التمثيل الدبلوماسي.
القصد الجنائي :
والقصد الجنائي الواجب توافره هو القصد العام. فيلزم لمساءلة الجاني أن يكون عالماً بأنه يسعى أو يتخابر مع من يعمل لمصلحة دولة أجنبية، وأن يكون عالماً بأن من شأن فعله الإضرار بمركز البلاد الحربي أو الاقتصادي أو السياسي أو الدبلوماسي، وذلك بغض النظر عن بواعثه الدافعة.
العقوبة :
والعقوبة المقررة هي السجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن السلم، والأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن الحرب.
فإذا كان لدى الجاني "غاية الإضرار" بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي كانت عقوبته الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب.
ولا يجوز تطبيق المادة (17) عقوبات في هذه الجريمة إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.
الفقرة الثانية من المادة (77/د) عقوبات: إتلاف الوثائق المتعلقة بأمن الدولة :
ومحل الحماية هو الأوراق والوثائق أي المحررات التي تصلح للإثبات، وتكون متعلقة في موضوعها بأمن الدولة سواء من الخارج أو من الداخل، أو بأي مصلحة قومية أخرى.
والجاني في هذه الجريمة هو كل شخص حتى ولو كان أجنبية، وسواء وقع الفعل منه في مصر أو في الخارج.
الركن المادي :
ويتحقق الركن المادي في إحدى صور أربع هي:
(1) الإتلاف للأوراق أو الوثائق محل الحماية :
ويراد بالإتلاف إعدام ذاتية الشيء أو مضمونه بأي وسيلة، وقد يقع ذلك بتمزيق الوثيقة أو إحراقها، أو إزالة محتوياتها بآلة أو بمادة، أو طمس كتابتها، أوغير ذلك.
(2) الإخفاء للأوراق أو الوثائق :
وذلك إما بنقلها من حائزها أو من مكان حيازتها. فالأصل في الإخفاء أن يكون بفعل ينقل به الجاني الشيء إلى حيازته، مهما كان سببه أو الغرض منه، ومهما كانت ظروف زمانه أو مكانه أو سائر أحواله، ودون اشتراط أن يكون الجاني قد أخفاه في مكان بعيد عن الأنظار وعن متناول الناس، ولكنه يمتد في حكم هذا النص إلى نقل الوثيقة من موضعها خفية لتخبئتها حتى لا يمكن العثور عليها في مناسبة معينة، ولذلك فإنه يصح أن يقع من الحائز قانونا للوثيقة، أى الشخص الذي عهد بها إليه، إذا أبعدها ولو مؤقتاً مدعياً فقدها.
3) الاختلاس :
وهو إن وقع من غير الحائز كان سرقة، أي سلب حيازة المستند بنية تملكه بدون رضاء حائزه السابق.
ولا يشترط أن يكون سلب الحيازة بغير علم الحائز، إذ يصح أن يقع تحت بصره وباستعمال العنف معه أو التهديد وإذا وقع من الحائز فانه يكون بكل فعل يدل على أنه قد حول حيازته للأوراق من ناقصة إلى تامة بنية التملك. أي بكل فعل يدل على أن الحائز قد استولى على المستندات لنفسه وتصرف فيها تصرف المالك، كما لو عرضها للبيع أو باعها فعلاً، أو أعطاها ولو بدون مقابل إلى دولة أجنبية أو من يعمل لمصلحتها وما إلى ذلك.
(4) التزوير :
وهو تغيير الحقيقة في المحرر بطريقة مادية دون الاصطناع. ذلك أن في التزوير كما في غيره من صور الفعل الإجرامي المعادلة يجب أن ينصب النشاط على أوراق أو وثائق موجودة من قبل وصحيحة في نفس الوقت حتى يمكن الاستناد إليها لإثبات حقوق مصر قبل دولة أجنبية، ولو لتحقيق أية مصلحة أخرى قومية.
وعلى ذلك فاصطناع ورقة مزورة، أو ذكر وقائع غير صحيحة على أنها صحيحة لا تدخل في حكم هذا النص، وأن عد الفعل تزويراً رسمياً مما نحكمه المادتان (212، 213) من قانون العقوبات على حسب الأحوال.
الركن الشرعي :
ولا بد فضلاً عن ارتكاب الفعل المادي في إحدى صوره الأربعة من أن يتوفر لدى الجاني قصد جنائي "عام".
وذلك بأن يكون عالماً بأن الورقة أو الوثيقة التي يتلفها أو يختلسها أو يخفيها أو يزور فيها تتعلق بأمن الدولة أو بأي مصلحة قومية أخرى.
وأمن الدولة يشمل كل مصلحة لها في حماية وجودها، أو وحدتها، أو تدعيم كيانها، أو تتعلق بصيانة سلامها، أو دفاعها الحربي أو المدني.
والنص على أي مصلحة قومية أخرى يفيد دون أي شك أن تتعلق الأوراق والوثائق بأمن الدولة قد جاء على سبيل المثال وأن ذلك ينطوي تحت تعبير "المصالح القومية الذي يتسع معناها بكل ما يهم الدولة في المجال السياسي، سواء في ذلك صيانة أمنها وأنظمتها الداخلية، أو صيانة مصالحها وحقوقها في مواجهة الدول الأخرى.
فتعبير المصالح القومية يقصد به في إيجاز كل شئون الدولة السياسية، سواء في الداخل أي في مواجهة المحكومين أو في الخارج.
ويدخل في ذلك بالطبع "الأوراق أو الوثائق التي تصلح في أي وقت لإثبات حقوق مصر قبل دولة أجنبية".ومتى توفر القصد العام، فلا اعتداد بالبواعث.
العقوبة :
إذا توافرت عناصر الجريمة السابق شرحها، عوقب الجاني بالسجن إذا ارتكب الفعل في زمن السلم، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا وقع في زمن الحرب.
فإذا توفر لدى الجاني فضلاً عن العلم نية أو غاية الإضرار بالمصلحة القومية كانت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم، والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب.ولا يجوز بأية حال تطبيق المادة (17) عقوبات في هذه الجريمة إذا وقعت من موظف عام أو من شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة: 40)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 159 .
(مادة 294)
يعاقب بالسجن المؤقت كل من أتلف عمداً أو أخفى أو اختلس أو زور أوراقاً أو وثائق، وهو يعلم أنها تتعلق بأمن الدولة، أو بأية مصلحة قومية أخرى للوطن.
وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي أو السياسي أو الاقتصادي، أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها، أو إذا وقعت الجريمة من موظف عام أو من في حكمه، أو من شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 314
حَالاَتُ الْحَبْسِ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى نِظَامِ الدَّوْلَةِ :
أ - حَبْسُ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ :
- الْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْحَاكِمَ لاَ يَقْتُلُ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ بَلْ يُعَزِّرُهُ بِمَا يَرَاهُ. وَنَصَّ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى حَبْسِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: يُطَالُ سَجْنُهُ وَيُنْفَى مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَسُحْنُونٌ: لِلْحَاكِمِ قَتْلُ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ الْمَصْلَحَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ. وَسَبَبُ الاِخْتِلاَفِ فِي عُقُوبَةِ الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ تَعَدُّدُ الأْقْوَالِ فِي حَادِثَةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قُبَيْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، حِينَ كَتَبَ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِمَسِيرِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ.