ملحوظة 1: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.
ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.
(مركز الراية للدراسات القانونية)
ويواجه هذا النص السعي أو التخابر من خلال الرشوة الذي يهدف إلى الإضرار بمصر. وقد حرص هذا النص على معاقبة الراشي والوسيط بالعقوبة نفسها المقررة للجريمة تطبيقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات التي نصت على أن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها.
وفيما يأتي نشرح أحكام هذه الجريمة .
الركن المادي :
يتمثل الركن المادي في هذه الجريمة في الارتشاء للإضرار بمصالح مصر. وسوف ندرس فيما بعد جريمة الرشوة فنحيل إليها بصدد المقصود بأفعال الرشوة التي تصدر من المرتشي وتلك التي تصدر من الراشي والتي تصدر من الوسيط
وقد عنيت المادة 78 عقوبات المشار إليها سابقاً بتحديد أن الرشوة التي تقع تحت طائلها تتطلب ثلاثة عناصر:
العنصر الأول: أن يقع فعل مما يأتي:
(1) الطلب للنفس أو للغير. (2) القبول. (3) الأخذ.
العنصر الثاني: أن يرد هذا الفعل على أموال سائلة أو منقولة أو عتاد أو آلات أو أسلحة أو ذخائر أو ما في حكمها أو أشياء أخرى أو الحصول على وعد بشيء من ذلك.
العنصر الثالث: أن يتوجه بهذا الفعل إلى طرف آخر هو إما دولة أجنبية أو من يعمل لمصلحتها أو شخص طبيعي أو اعتباري أو منظمة محلية أو أجنبية أو أي جهة أخرى لا تتبع دولة أجنبية ولا تعمل لمصلحتها. ويلاحظ من هذا العنصر أنه يستوي فيه أن يكون الارتشاء من دولة أجنبية أو من غيرها. وإذا كان القانون قد ساوى في هذا الصدد بين الدولة الأجنبية وغيرها لكنه وحد بينهما في القصد الخاص الذي سنبينه حالاً، وهو قصد الإضرار بمصالح مصر. وعلة ذلك أن التجريم يستند أساساً على الرشوة التي تهدف إلى هذا الإضرار بغض النظر عن المركز القانوني للطرف الآخر.
ولا يقع هذا الركن المادي إلا من الفاعل الأصلي. ولكن قد يسهم في الجريمة شريك بالمساعدة التي تتمثل في الإعطاء أو العرض أو الوعد بشيء مما ترد عليه الرشوة، أو بالوساطة في شيء من ذلك. وقد تقترن هذه المساعدة بالاتفاق أو التحريض حسب كل حالة على حدة.
وقد عني القانون في الفقرة الأخيرة من المادة 78 عقوبات المشار إليها بتحديد أن الفعل الأصلي للرشوة يتمثل في الطلب أو القبول، وأن الاشتراك بالمساعدة متمثل في العرض أو التوسط. وأشار نص المادة 78 المذكورة إلى أنه إذا كان هذا الفعل الأصلي أو الاشتراك بالمساعدة بطريق الكتابة فإنه يستوي أن تكون هذه الكتابة ورقية أو إلكترونية. وإن كان التحديد القانوني لتاريخ وقوع الجريمة يمكن الوصول إليه من خلال القواعد العامة للتفسير لكن المشرع حسمه في هذه المادة فجري على أن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب أو البيان، وهو ما مؤداه أنه لا عبرة بوصوله إلى علم الطرف الآخر الموجه إليه.
ونلاحظ في هذا الصدد أن الجريمة حين تتم مع دولة أجنبية أو من يعمل لمصلحتها تتطلب السعي أو التخابر معها من خلال الرشوة.
الركن المعنوي :
هذه الجريمة عمدية تتطلب قيام القصد الجنائي. وغني عن البيان أنه لابد من توافر القصد العام بعنصرية الإرادة والعلم، ولكن يشترط بالإضافة إليه توافر قصد خاص يتمثل في نية ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر، أو الإخلال بالأمن والسلم العام. ولا يشترط لوقوع الجريمة تحقيق الهدف الذي يرمي إليه هذا القصد.
العقوبة :
نصت المادة 78 من قانون العقوبات على أن يعاقب مرتكب هذه الجريمة بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به. وهنا نلاحظ أن هذه الجريمة حين تقع مع دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها تنطوي حتماً ولزوماً على توافر السعي أو التخابر بمعناه الذي سبق أن حددناه آنفا، ومن ثم تكون العقوبة هي الإعدام طبقاً للمادة 77 ب إذا كان القصد الخاص هو القيام بأعمال عدائية ضد مصر، وطبقاً للمادة 77 ج إذا كان القصد الخاص هو الإضرار بالعمليات الحربية للدولة المصرية.
وقد نصت المادة 78 من قانون العقوبات المذكورة على ثلاثة ظروف مشددة، هي صفة الجاني من حيث كونه موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة، وزمن ارتكاب الجريمة وهو زمن الحرب، والغرض من ارتكابها وهو الغرض الإرهابي. ويترتب على توافر أحد هذه الظروف المشددة أن تكون العقوبة هي الإعدام أو السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه.
ومن حيث صفة الجاني، فإن هذه الصفة لابد أن تكون لها علاقة بالجريمة، ومن حيث زمن الحرب فقد سبق تحديد المقصود بحالة الحرب، وعند دراسة جرائم الإرهاب سوف يتجلى المقصود بالغرض الإرهابي. ويكفي في هذا الصدد أن نشير إلى أنه لا يشترط تحقيق هذا الغرض لتوافر الظرف المشدد.
وطبقاً للمادة (41/ 1) من قانون العقوبات الخاصة بالاشتراك، نصت المادة (78/ 2)، 3 المذكورة على أن يعاقب بالعقوبة نفسها كل من أعطى أو عرض أو وعد بشيء مما ذكر، وكذلك كل من توسط في ارتكابها.
ونلاحظ أن المادة 78 عقوبات لم تتضمن نصاً شبيهاً بنص المادة 109 مكرراً (أولاً) من قانون العقوبات الخاص بعرض الرشوة دون قبولها. كما أن هذه المادة، بوصفها من جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج لا يسري عليها حكم المادة 107 مكرراً عقوبات بشأن إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها، دون الإخلال بحكم المادة 48 (أ) عقوبات بشأن أحوال الإعفاء من العقوبات المقررة في جرائم الاعتداء على أمن الدولة من جهة الخارج. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة:60)
تقتضي جريمة الرشوة توافر طرفين المرتشي الراشي.
وقد يتدخل في الرشوة ما يسمى الوسيط والذي يكون ممثلاً لأحد طرفي الرشوة أو كليهما. والمرتشي في الجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 78 هو كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملن لمصلحتها نقداً أو أية منفعة أخرى أو وعد بشئ من ذلك ومفاد ذلك أن المرتشي قد يكون مصرياً كما قد يكون أجنبياً كما قد يكون موظفاً أو غير موظف.
أما الراشي فلا بد وأن تتوافر فيه صفة الممثل للدولة الأجنبية أو أحد الذين يعملون لمصلحتها.
والهدف من الرشوة هو ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية ويخضع تقدير ذلك لتقدير محكمة الموضوع ولا يشترط لتمام جريمة الرشوة تنفيذ العمل الضار بالمصلحة القومية. إذ أن تنفيذ الغرض من الرشوة ليس ركناً من أركانها ولكنها تتم بالنسبة للمرتشي بمجرد طلبه أو قبوله أو أخذه النقود أو المنفعة الأخرى أو الوعد بذلك.
إذا تمت جريمة الرشوة على النحو السالف الذكر يعاقب المرتشي بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به. وتكون العقوبة الإعدام أو السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجاني موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة في زمن الحرب أو تنفيذاً لغرض إرهابي.
ويعاقب بنفس العقوبة كل من أعطى أو عرض أو وعد بشيء مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية.
كما يعاقب بنفس العقوبة أيضا كل من توسط في ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة أي أن القانون قد سوى بين عقوبة المرتشي والوسيط.
وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة بأنه إذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط كتابة فإن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب. ولا يهم بعد ذلك تنفيذ الغرض من الرشوة من عدمه. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة: 20)
هذا النص يحمي المصالح القومية للدولة في زمن السلم والحرب من الاتصال الخارجي الذي يرمي إلى التدخل للمساس بها حين تتخذ دولة أجنبية أحد الأفراد، أو يتصل هو بها، ليرتكب عملاً بقصد الإضرار بهذه المصالح، مدفوعاً بإغراء المال أو غيره من المنافع، مما يهدد بإلحاق الضرر بها. فمحل الحماية يشمل كل مصلحة قومية، داخلية كانت أم خارجية. ويدخل في ذلك بداهة كل من يتصل بدعم كيان الدولة ووحدتها واستقلالها وأمنها الداخلي.
الجاني :
والرشوة بحسب الأصل جريمة ذات فاعل متعدد وهي تتطلب في جميع الصور حالياً وجود شخصين على الأقل أحدهما، وهو من يتلقى أو يطلب النقود أو المنفعة أو الوعد بها ويسمى "المرتشي" والثاني، هو من يقدم العطية أو يعرض الوعد بها أو يقبل ما يطلب منه من ذلك، ويقال له الراشي.
والجاني في هذه الجريمة، سواء أكان راشياً أو مرتشياً هو"كل شخص". فيستوي إذن أن يكون مصرياً أو يكون أجنبياً. ولا يشترط في المرتشي صفة خاصة، فيصح أن يكون موظفاً أو قائماً بخدمة عامة، كل ما هنالك أن صفة الموظف أو المكلف بخدمة عامة تعد سبباً لتشديد العقاب وفقاً للفقرة الثانية من النص أما الراشي فلا بد من أن تتوفر فيه صفة الممثل للدولة الأجنبية أو من يعمل لمصلحتها.
ولا يشترط بعد ذلك أن يكون من رعاياها، إذ يصح أن يكون أجنبياً عنها أو مصرياً خائناً .وتقدير وجود هذه الصفة مسالة موضوعية.
الركن المادي :
الركن المادي في الرشوة يتحقق من جانب المرتشي في إحدى صور ثلاث :
الأخذ أو القبول أو الطلب.
الصورة الأولى "الأخذ": ويراد به تسلم العطية أو تلقي الفائدة بالفعل. إذ الغالب أن المرتشي يتقاضى ثمن ما يطلب منه أو ما يعرضه مالاً أو فائدة حاضرة، وهذا ما يعنيه المشرع بقوله "أخذ" بمعنى أن الأخذ تعبير عن الدفع المعجل.
الصورة الثانية "القبول": وينصرف إلى الوعد بالعطية أو الفائدة، لأنه قد لا يتقاضى المرتشي مقابل عمله "معجلاً، وإنما يكفي " بقبول وعد" بتقديمه في المستقبل، وهذا ما يعنيه المشرع بقوله "قبل". فالقبول إذن تعبير عن الرشوة المؤجلة. ولا يشترط فيه أن يكون صريحاً، إذ يصح أن يكون ضمنياً تفيده ظروف الحال، والأمر في ذلك متروك لمطلق تقدير المحكمة. غير أنه يجب أن يكون حقيقية، فلو تبين من ظروف الواقعة أن الشخص قد تظاهر به لتمكين السلطات من القبض على الراشي، فان القبول الذي به يتحقق إجرام المرتشي يكون منعدماً. ولكن لا يلزم أن يكون عرض الراشي حقيقياً متى كان جديا في ظاهره، وكان الجاني قد قبله منتوياً الإضرار بالمصلحة القومية.
الصورة الثالثة "الطلب": كذلك تقع الرشوة بمجرد الطلب" للعطية أو الفائدة من الدولة الأجنبية أو من يعمل لمصلحتها، حتى ولو تم رفض هذا الطلب ما دام الجاني يعرض مقابلة ما يجرمه القانون، وهو إتيان عمل ضار بمصلحة قومية.
وإثبات الفعل المادي في أي صورة جائز بكل الطرق، ومنها البينة والقرائن، مهما بلغت قيمة العطية أو الفائدة، فالأمر يتعلق بجريمة، ولا تتقيد المحكمة في إثباتها بطرق أو وسائل الإثبات المدنية.
ويجب أن يتعلق فعل الأخذ أو القبول أو الطلب بنقود أو بأية منفعة أخرى، ومعنى "النقود واضح، فهي العملة وطنية كانت أم أجنبية.
أما المنفعة فهي كل ما يشبع حاجة للنفس كبرت هذه الحاجة أم صغرت، وسواء أكانت ذات قيمة مادية كالسندات والمجوهرات والملابس والمأكولات وما إلى ذلك، أم كانت قيمتها أدبية لا تقوم بمال، كالحصول على وظيفة أو ترقية المرتشي أو لأحد أقاربه.
ولا يشترط أن تقدم النقود أو المنفعة إلى المرتشي نفسه، إذ يصح أن ترسل إليه بواسطة شخص آخر من ذويه.
وقد أكدت المادة (78) عقوبات هذا المعنى بقولها: "أخذ.... ولو بواسطة". ولا فرق في الحالتين، أن تكون النقود أو المنفعة لصالح المرتشي بالذات، أو أن تكون المصلحة شخص آخر يعينه لذلك أو يعلم به أو يوافق عليه.
وتتم جريمة الرشوة بمجرد ارتكاب المرتشي فعل الأخذ للنقود أو غيرها من المنافع، أو قبوله الوعد بها، أو طلبها لنفسه أو لغيره، وذلك بغض النظر عن القيام بالعمل الذي من أجله بذلت العطية أو الوعد، لان القيام بهذا العمل أمر زائد عن مادية الجريمة.
وقد أضاف النص بموجب القانون رقم 112 لسنة 1957 حكما يقضي بأنه "إذا كان الطلب والقبول والعرض أو الوعد أو التوسط كتابة فإن الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب". وبغير هذه الإضافة كانت ستبقى تلك الصورة على خطورتها وافصاحها عن النوايا الإجرامية ضد الدولة من أعمال التحضير التي لا يعاقب عليها القانون.
الركن المعنوي :
وفضلاً عن ارتكاب الفعل المادي، يجب أن يكون لدى المتهم قصد جنائي، والمستفاد من المادة (78) عقوبات أن القصد اللازم هو القصد الجنائي الخاص" لأن عبارتها تقول "بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية".
وعلى ذلك فإن وجود القصد الجنائي لدى المرتشي يقتضي توافر عنصرين :
الأول: أن يعلم بارتكابه أحد أفعال الارتشاء، ولو بالواسطة، من دولة أجنبية أو ممن يعمل لمصلحتها. وأن يعلم بان ما يتلقاه من مال أو منفعة أخرى هو المقابل لارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية.
الثاني: أن يكون لدى المرتشي نية الإضرار بالمصلحة القومية. ومقتضى ذلك أن يكون حين تلقى الفائدة أو الوعد بها أو حين طلبها مستهدفاً أو منتوياً ارتكاب العمل الذي يضر بتلك المصلحة وغني عن البيان أن "المصلحة القومية" تشمل كل مصلحة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية للدولة حكومة وشعباً، باعتبارها جمهورية ذات سيادة في الخارج، ولها نظامها الذي تجب المحافظة على إرساء دعائمه في الداخل، ويشمل ذلك في المقام الأول تخطيطها الإصلاحي لتحقيق التضامن الاجتماعي بالتوزيع العادل للدخل، وبتوفير كافة الخدمات اللازمة للنهوض بمستوى المجدوع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، إذ لا شك في أن هذه الأمور كلها مما ترتكز عليه السياسة الداخلية للحكم.
العقوبة: يعاقب المرتشي إذا كان من آحاد الناس بالسجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به. ويعاقب الراشي بنفس العقوبة في الحالتين، كذلك كل من توسط في ارتكاب الرشوة، إذ أنه يعد شريكاً لمن توسط له وفقاً للقواعد العامة والغرامة المنصوص عليها عقوبة أصلية يجب الحكم بها دون تقص في حدها الأدني حتى لو طبقت المادة (17) عقوبات، أما الحد الأقصى فلا يزيد على ما أعطى أو وعد به المرتشي.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 52)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 158 ، 160 .
(مادة 296)
يعاقب بالسجن المؤقت، وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما طلب أو قبل أو وعد به - كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ، ولو بالوساطة من دولة أجنبية أو من أحد ممن يعملون لمصلحتها - عطية، أو منفعة من أي نوع، أو وعدا بشيء من ذلك، بقصد ارتکاب عمل ضار بمصلحة قومية للوطن.
وتكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به - إذا كان مرتكب الجريمة موظفاً عاماً أو من في حكمه أو شخصاً ذا صفة نيابية عامة أو مكلفاً بخدمة عامة أو إذا ارتكبت الجريمة فى زمن حرب.
ويعاقب على الوجه المبين بالفقرتين السابقتين من أعطى أو عرض أو وعد بشيء مما ذكر، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية للوطن.
كما يعاقب بالعقوبات ذاتها من توسط في ارتكاب جريمة من الجرائم المذكورة.
وإذا وقعت الجريمة بطريق المراسلة تعتبر أنها تمت بمجرد تصدير الرسالة.
(مادة 287)
يعاقب بالسجن المؤقت كل من أدى لقوات العدو أو لفرد فيها خدمة ما للحصول على منفعة أو فائدة، أو وعد بها لنفسه أو لغيره، سواء كان ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر، وأياً كانت طبيعة المنفعة أو الفائدة .
هذا وقد ارتأى المشروع ألا وجه لتقسيم جرائم الكتاب الثالث (الجرائم التعزيرية) إلى جرائم مضرة بالمصلحة العامة، وأخرى مضرة بمصلحة الأفراد؛ ذلك بأن كافة الجرائم تضر بالمصلحة العامة بصفة مباشرة أو غير مباشرة من خلال إضرارها بالمصلحة الخاصة.
خيانة، ذلك أن واجب الولاء للوطن لا يقوم إلا فيمن يتصف بصفة مواطن، وهو من يحمل الجنسية المصرية، فإذا انحسرت عنه فلا يجوز أن يطلق على جريمته وصف الخيانة، وهكذا في كل حالة فيما يرد من نصوص هذا الفصل، إذا ارتكبت الجريمة من مواطن مصري يقصد تعريض سلامة الوطن للخطر، وتشمل جرائم هذه المادة جرائم المساس باستقلال الوطن أو وحدته أو سلامة أراضيه، أو رفع المصري السلاح ضد الوطن، أو التحاقه بصفوف بلد معاد، أو بالقوات المسلحة لبلد في حالة حرب مع مصر، وكذلك الحال إذا التحق المصري بقوة مسلحة لجماعة معادية لمصر ليست لها صفة المحاربين، كما تضمن جرائم التدخل لمصلحة العدو لزعزعة إخلاص القوات المسلحة، أو إضعاف روحها المعنوية، أو روح الشعب المعنوية، أو قوة المقاومة عندهما، وكذلك من حرض أو سهل لجند الانخراط في خدمة دولة أجنبية، أو سهل ذلك لهم، أو تدخل بأية كيفية في جمع جند أو رجال أو أموال أو غيرها مما ورد بالنص، أو تدبير شيء من ذلك، وذلك كله المصلحة دولة إبان حربها مع مصر، أو جماعة لها صفة المحاربين تقاتل مصر، وكذلك من عمل على تسهيل دخول العدو إقليم الوطن، أو تسليمه جزءاً من أراضيه أو منشأة أو مواقع عسكرية أو سفناً أو طائرات، أو غير ما تقدم مما جاء به النص، متى كان ذلك قد أعد للدفاع عنه، كما أن من يخدم العدو وينقل أخباراً له أو عمل له مرشداً - يدخل في نطاق التأثيم الوارد بالنص.
وحتى لا يفلت من يعين العدو عمدا بوسيلة غير ما ورد بنص المادة (285)، فقد رأى المشرع أن يكون نص المادة (286) نصاً فيه من المرونة والاتساع ما يواجه الحالات التي لم يشملها نص المادة (285)؛ وذلك تحسبا لما قد يستجد من وسائل غير معروفة الآن، أو ما عساه يكون موجودا منها وليس في الحسبان.
کا تکفل نص المادة (287) بعقاب كل من يؤدي لقوات العدو أو فرد فيها خدمة، مقابل حصوله على فائدة أو منفعة أو وعد بها، وذلك لنفسه أو لغيره، وبصرف النظر عن طبيعة المنفعة أو الفائدة، ويستوي في التجريم أن تكون الخدمة المؤداة لقوات العدو أو إلى فرد في هذه القوات، ويؤثم نص المادة (288) من المشروع الإتلاف والتخريب أو التعطيل الأشياء أعدت للدفاع عن الوطن، أو مما يستعمل للدفاع عنه، وألحق بها جعل هذه الأشياء غير صالحة ولو بصفة مؤقتة للاستعمال فيها أعدت له، أو كان ما أتاه من شأنه أن يسفر عن حادث، كما أثم أيضا بذات العقوبة الواردة بالنص الإساءة عمداً في صنع أو إصلاح شيء من الأشياء المتقدمة، وجعل النص من حالة الحرب ظرفاً مشدداً، فغلظ العقوبة ورفعها إلى الإعدام.
وتعالج المادتان (289)، (290) من المشروع الإخلال العمد الناشئ عن إهمال أو تقصير في تنفيذ الالتزامات التعاقدية المفروضة عليه، بموجب عقد من العقود المنصوص عليها، بين من يأتي هذا الإخلال وجهة من الجهات المبينة بالنص، متى كان ذلك في زمن الحرب، وكان محل التعاقد يتعلق بحاجات القوات المسلحة، أو الحاجات الضرورية للمدنيين، كما ساوى المشرع في العقاب بين جريمة الإخلال العمدي سالفة الذكر وجريمة الغش في شيء من العقود السابق بيانها، وجعل المشرع عقوبة الجريمة العمدية السجن المؤقت، فإذا كان الإخلال أو الغش بقصد الإضرار بالدفاع عن الوطن أو بعمليات قواته المسلحة - كان ذلك ظرفا مشددا يغلظ العقوبة لتكون الإعدام، إذ الجريمة في هذه الحالة هي خيانة للوطن بمعنى الكلمة، هذا والفقرة الأخيرة من المادة (289) من المشروع يتسع حكمها ليشمل سريان الأحكام الواردة في النص على المتعاقدين من الباطن والوكلاء والوسطاء والبائعين، متى كان الإخلال أو الغش يرجع إلى فعلهم، ومن البداهة أنه لا بد أن يتوافر بفعلهم القصد الجنائي العام، فضلا عن القصد الخاص حسب الأحوال.
أما إذا كان الإخلال في تنفيذ ما ذكر من التزامات كلها أو بعضها نتيجة إهمال أو تقصير فتكون الجريمة جنحة عقوبتها الحبس، أو الغرامة التي لا تجاوز ألفي جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين.
والمادة (291) من المشروع تتناول بالعقاب كل من قدم سكناً أو مأوى أو طعاماً أو لباساً أو غير ذلك من صور المساعدة لجندي من جنود العدو المكلفين بعملية الاستكشاف، أو غير ذلك من الأعمال، أو ساعده على الهرب، وتتناول الفقرة الثانية من المادة تسهیل فرار أسير حرب أو أحد رعايا العدو المعتقلين بأمر من جهة الاختصاص، ومناط التأثيم الوارد في المادة هو أن يكون الجاني عالماً بصفة من يقدم له المساعدة، أو يسهل له الفرار، فضلا عن علمه بمهمة جندي العدو على ما ورد بنص الفقرة الأولى.
والمادتان (292)، (293) من المشروع تؤثمان السعي لدى دولة أجنبية معادية أو غير معادية والتخابر معها، أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها، متى كان من شأن ذلك - إذا كان السعي والتخابر مع دولة معادية - الإضرار بالعمليات الحربية لمصر، أو بمركزها الحربي أو السياسي أو الاقتصادي، فإذا كان السعي والتخابر مع دولة أجنبية ليست معادية أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها - فإن الجريمة لا تتحقق إلا إذا كان ذلك لتقوم هذه الدولة بأعمال عدائية ضد مصر.
والمادة (294) من المشروع تعاقب على الإتلاف العمدي أو إخفاء أو اختلاس أو تزوير الأوراق والوثائق المتعلقة بأمن الدولة، أو المتعلقة بأية مصلحة قومية أخرى للوطن، فإذا كان القصد منها الإضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الاقتصادي أو الإضرار بمصلحة.