loading

موسوعة قانون العقوبات​

شرح خبراء القانون

ملحوظة 1: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.

ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.

ملحوظة 3 : كانت المادة 80 (أ) قبل تعديلها بموجب القانون رقم 150 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية في 20 /11 /2021 تنص على ما يلي:

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه.

1-  كل من حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد ولم يقصد تسليمه أو إفشاءه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها.

2-    كل من أذاع بأية طريقة سراً من أسرار الدفاع عن البلاد.

  1. كل من نظم أو أستعمل أية وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته .

 وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن الحرب.

(مركز الراية للدراسات القانونية )

تتناول هذه المادة ثلاثة أنواع من الجرائم هي:

(1) الحصول على أسرار الدفاع المادة (80) فقرة أولى.

(2) إذاعة سر الدفاع  المادة (80 أ)  فقرة ثانية.

(3) تنظيم أو استعمال وسائل التراسل عن بعد المادة (80 أ) فقرة ثالثة.

أولاً : الحصول على أسرار الدفاع:

تنص المادة (80 أ ) فقرة أولى على عقاب "كل من حصل بأية وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد ولم يقصد تسليمه أو إفشاءه لدولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها"  وهذه الجريمة وان أشبهت الصورة الثانية للجناية التي نصت عليها المادة (80) عقوبات، من حيث أن الفعل المادي في كل منها هو مجرد الحصول على أسرار الدفاع، إلا أنها تختلف عنها في أنها ليست من جرائم الخيانة أو التجسس ، إذ لا يهدف الجاني في هذه الجريمة إلى تسليم السر أو إفشاءه إلى دولة أجنبية.

فالفعل المادي في هذه الجريمة هو الحصول على سر للدفاع، مجرداً عن غاية تسليمه إلى دولة أجنبية، إلا أنه يشترط أن يكون التوصل إلى السر أو الوقوف عليه قد تحقق بوسيلة غير مشروعة، وذلك بان يكون الجاني قد سعى أو تحايل للوصول إلى سر للدفاع، فلا جريمة حيث يكون الشخص قد وصل إلى مغرمته صدفة.

القصد الجنائي :

ويكفي للمسئولية عن هذه الجريمة قيام القصد الجنائي العام، وهو علم الشخص بأنه تحايل للحصول على سر للدفاع.

العقوبة :

أما العقوبة فهي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيها إذا وقعت الجريمة في زمن السلم، وتكون السجن إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب.

ثانياً : إذاعة سر الدفاع :

تقضي المادة (80 ) فقرة ثانية بانطباق العقوبة المتقدمة على كل من أذاع بأية طريقة سراً من أسرار الدفاع عن البلاد.

وهذه الجريمة تقوم من الناحية المادية على مجرد إذاعة سر للدفاع، أي بمجرد الإفضاء بالسر أو إفشائه أو نقله إلى الغير بأية وسيلة وعلى أي وجه.

فلا يشترط إذن أن تكون إذاعة السر حاصلة لعدد غير محدود من الأشخاص، أو بإحدى طرق العلانية المنصوص عليها في المادة (171) عقوبات، وإنما يكفي أن يكون الجاني قد أفضى به ولو لشخص واحد لا صفة له في الوقوف عليه، بالتحدث في مجلس خاص أو بالهاتف، أو بغير ذلك من الوسائل.

ويستوي أن يكون السر قد أذيع أو أفشي كلياً أو جزئياً ، صحيحاً كان أم خاطئاً في معظم أجزائه، إذ في كل هذه الأحوال تحقق واقعة الجريمة.

والمفهوم بيقين أن من يذيع سر الدفاع يكون في هذه الجريمة قد حصل عليه بطريقة مشروعة، دون أن يكون قد قصد إبلاغه إلى دولة أجنبية، إذ لو كان قد حصل عليه بطريقة غير مشروعة لأغنت الفقرة الأولى من ذات النص، ولو كان يقصد تسليمه إلى دولة أجنبية لوقع تحت طائلة المادة (80) عقوبات، وهي تقضي بالإعدام.

القصد الجنائي :

ولابد لمسالة الجاني في هذه الجريمة من توافر القصد الجنائي العام، فيجب أن يكون عالما بان ما يذيعه هو من أسرار الدفاع ، ولا إعتداد بعد ذلك ببواعثه الدافعة.

العقوبة :

والعقوبة هو ما بيناه في نص الفقرة الأولى من نفس المادة منعاً للتكرار.

ثالثاً : تنظيم أو إستعمال وسائل التراسل عن بعد:

لقد أظهرت الحرب الحديثة أهمية وسائل المخابرات السرية التي تستعمل لجمع المعلومات الحربية أو غيرها وإرسالها، فلولا هذه الوسائل لتعذر في كثير من الأحوال تسليم الأسرار إلى الدول الأجنبية.

الركن المادي : 

والفعل المادي في هذه الجريمة هو إعداد أو استعمال الوسائل التي يتم بها إرسال وتلقي المعلومات بين الأشخاص عن بعد، مثل إنشاء جهاز لاسلكي للإرسال والاستقبال، أو تنظيم التراسل بالوسائل العادية كالبريد أو التليفون، والمهم هو أن تكون الوسيلة صالحة لتبادل المراسلة، بما في ذلك إمكان الإرسال خاصة ، لان محور التجريم هو حماية أسرار الدفاع من أن تنقل إلى دولة أجنبية، فإذا كانت الوسيلة للإستقبال دون الإرسال فان النص لا ينطبق.

القصد الجنائي :

ويجب القيام المسئولية عن هذه الجريمة أن تكون غاية الجاني من إفشاء وسيلة التراسل عن بعد أو استعمالها في الحصول على أسرار الدفاع أو تبليغها أو إذاعتها الإفشائها، وعبارة النص واضحة في ذلك.

والمفروض أن الجاني لم يحقق هذه الغاية بالفعل، ولم يحصل منه بدء في تنفيذها، وإلا توافرت في حقه إحدى جنايات المادة (80) عقوبات، ولا اعتداد في وجود القصد أو انتفائه بالبواعث الدافعة.

العقوبة :

أما العقوبة فهي الحبس مدة لا عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، والسجن إذا ارتكبت في زمن الحرب.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 92)

ويتحقق هذا الانتهاك في عدة صور ، هي:

1- الحصول على السر :

بينا فيما تقدم مدلول هذا الفعل، فيتعين الرجوع إلى ما سلف، ويلاحظ أن القانون قد عاقب بذلك على مجرد حيازة السر دون موجب من القانون، مع علم الجاني بذلك، متى كان قد سعى إلى هذه الحيازة أياً كان الباعث على ذلك، مشروعاً أو غير مشروع كما سنبين عند دراسة القصد الجنائي.

2- إذاعة السر :

يراد بإذاعة السر كشفه للجمهور دون تمييز. ويتحقق بمجرد إطلاع شخص غير معين بالذات على مضمون هذا السر، ولا يشترط حصول الاطلاع لعدد معين من الناس فيكفي مجرد إذاعته لشخص واحد طالما أن نية الجاني لم تتجه إلى استئثاره وحده بهذا السر.

ويستوي حصول الإذاعة في مكان خاص أو عام، ولا عبرة بوسيلة هذه الإذاعة، فقد تتم شفاهة (كالإدلاء بالسر في خطبة أو تصريح صحفي) أو كتابة في مقال أو إعلان، ويستوي ورودها على السر كله أو بعضه، كما أنه لا عبرة بما إذا كان السر قد أذيع على وجه خاطئ، طالما أن ذلك لم يحل دون کشف بعض خباياه، فلا تقع هذه الجريمة إذا كان السر المذاع ليس إلا إشاعة لا نصيب لها من الصحة، ويلاحظ أن الالتزام بعدم إذاعة أسرار الدفاع يقع على كافة المواطنين، ولا يسقط عن كاهلهم إلا برفع حجاب السرية بإرادة الدولة، ومن ثم فلا يجوز لأحد الشهود أن يشهد أمام القضاء بسر من أسرار الدفاع، طالما بقيت له طبيعته السرية.

3- تنظيم أو استعمال وسائل التراسل :

ويراد بوسائل التراسل كل ما من شأنه إيصال الأسرار إلى شخص آخر بأية وسيلة كانت، بالبريد أو بالتلغراف، أو بالتليفون أو باللاسلكي أو غيره، ويتحقق التنظیم بإعداد الرسائل اللازمة لتحقيق هذا سواء بتركيب جهاز اللاسلكي أو توصيل آلة تسجيل بتليفون أحد المسئولين المحيطين بالأسرار، ويتحقق الإستعمال بمجرد استخدام وسائل التراسل ولو لمرة واحدة، ويلاحظ أن التنظيم في حد ذاته يصلح أن يكون وسيلة للإشتراك بالاتفاق والمساعدة، كما أن إستعمال وسائل التراسل دون الحصول على الأسرار يعد وحده شروعاً في الحصول على السر وفقاً للقواعد العامة، إلا أن المشرع خرج على هذه القواعد، إذ ساءل المنظم بوصفه فاعلا لا شريكاً، ولو لم يقع أدنى إفشاء أو إذاعة الأسرار الدفاع، واعتبر إستعمال وسائل التراسل جريمة تامة لا شروعاً فحسب.

4- إفشاء السر :

بيناً فيما تقدم مدلول الإفشاء، فيتعين الرجوع إليه، ويلاحظ أن القانون قد حظر الإفشاء حظراً مطلقاً، فلا يجوز لمن يحيط بالسر أن يفضي به إلى أحد أعضائه، كصديقه أو شقيقه أو زوجته أو ابنه دون عبرة بما إذا كان قد ائتمن أحدهم على ما أفضى به إليه.

وهذه جريمة عمدية، ومن ثم يتعين توافر القصد الجنائي بعنصریه: الإرادة والعلم. والفرض في هذه الجريمة أن الجاني لم يقصد الحصول على السر بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها، أو إذاعته، أو تنظیم استعمال وسائل التراسل، أو إفشائه لهذا الغرض، وإلا وقعت الجريمة المنصوص عليها في المادة 80 عقوبات.

على أن القانون قد تطلب قصدا خاصا متميزا في جريمة تنظيم أو استعمال وسائل التراسل، وهي الجريمة المنصوص عليها في البند 3 من المادة 80 (أ) عقوبات، إذ أوجب أن يكون هذا الفعل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته، دون أن يتوافر لدى الجاني قصد إبلاغ هذا السر الدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها.

ونلاحظ أن القانون إذ نص على قصد تسليم أسرار الدفاع قد أثار جدلاً قانونياً حول تفسير هذا القصد. فقد رأينا في المادة 80 عقوبات أن التسليم الذي جرمه القانون هو ما يكون لمصلحة دولة أجنبية، فإذا جاءت المادة 80/ أ وعبرت عن قصد التسليم، فما الذي يعنيه ذلك ؟

يجب أن نستبعد قصد تسليم السر لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها، فقد استبعده البند (أ) من المادة 80/ أ ذاتها بالنسبة إلى فعل الحصول على السر، هذا إلى جانب أن تنظيم أو استعمال وسائل التراسل بقصد تسلیم أسرار الدفاع لمصلحة دولة أجنبية يعد شروعاً في الجناية المنصوص عليها في المادة 80 عقوبات، وعقوبة هذا الشروع تزيد بكثير عما نصت عليه الجريمة المنصوص عليها في المادة 80/ أ سالفة الذكر ولذا، فإنه عند تفسير المقصود بقصد التسليم المنصوص عليه في المادة 80/ أ المذكورة يجب أن نستبعد غرض التسليم لدولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها، ونرى تعديل هذا النص تشريعياً لما يثيره من لبس ولعدم فائدته القانونية.

عاقبت المادة 80/ أ على الحصول على أسرار الدفاع أو إذاعتها أو تنظيم أو إستعمال وسائل التراسل - لغير مصلحة دولة أجنبية - بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016،  الصفحة: 81 )