loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- لما كانت الأحكام فى المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال ، وكان الشارع يوجب فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة ؛ حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة سالفة البيان هو أن يثبت قاضي الموضوع فى حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، وأنه ينبغي ألا يكون هذا الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام يتعذر معه تبين مدى صحته من فساده فى التطبيق القانوني على واقعة الدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبته أو نقله من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على أوجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها فى موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما يتعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكانت المادة 86 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992 قد عرفت الإرهاب بقولها : ( يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ، يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو أمنه للخطر ، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح ) ، وكان الحكم قد دان الطاعنين من الأول حتى الخامس بجريمة قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوى إلى تعطيل أحكام الدستور ومنع سلطات الدولة من ممارسة أعمالها والإضرار بالوحدة الوطنية وكان الإرهاب وسيلتها فى تنفيذ هذه الأغراض ، ودان الطاعنين من الأول وحتى الثاني عشر بجريمة إمداد هذه الجماعة بمعونات مادية ومالية مع علمهم بالغرض الذي تدعو إليه ، كما دان الطاعنين من السادس وحتى الطاعن الأخير بجريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون مع علمهم بأغراضها ، وهذه الجرائم الثلاث مؤثمة بالمادتين 86 مكرراً /1،3 ، 86 مكرراً أ/1 من قانون العقوبات ، وهي لا تتحقق إلا بتوافر ركنين أولهما مادي ويتمثل فى مظاهرالقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ؛ فالسلوك الإجرامي فى جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بمايشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذي حدده القانون ، ويتسع هذا المعنى إلى الصورالتي خلفتها التكنولوجيا الحديثة ، فلا يقف عند المعنى المادي للعنف ، فيعتبر من قبيل العنف المكون للإرهاب استخدام نظم المعلومات لأغراض إرهابية ، أما الركن الثاني فهو معنوي ويتمثل فى القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة ، فيشترط اتجاه إرادته إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 سالفة البيان ، فيشترط أن يكون الهدف من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب فى عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام وإكراه إحدى السلطات على تغيير موقفها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء فى معرض إيراده لواقعة الدعوى أو فى سرده لأدلة الثبوت فيها على وجود جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والغرض من تأسيسها وكيفية الانضمام إليها ، وكيف أنها اتخذت الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها ، وماهية المعونات التي تم إمدادها بها وكيفية إمدادها بها، وماهية الأفعال التي قارفها الطاعنون سالفوا الذكر والمثبتة لارتكابهم للجرائم الثلاث سالفي البيان ، هذا فضلاً عن أنه دان الطاعنين من الثاني حتى الطاعن الأخير بجريمة الاشتراك فى اتفاق جنائي الغرض منه قلب دستور الدولة وشكل حكومتها والمنصوص عليها فى المادة 96 من قانون العقوبات ، ودان الطاعن الأول بجريمة الاشتراك بطريق التحريض على ارتكاب تلك الجريمة - المنصوص عليها بالمادة 95 من ذات القانون - دون أن يدلل على قيام هذا الاتفاق ما بين الطاعنين من الثاني وحتى الأخير ؛ إذ لم يكشف فى أسبابه عن شواهد هذا الاتفاق أو يورد فيه ما يرشح لقيامه ، كما أنه لم يبين كيفية اشتراك الطاعن الأول بتحريضه على ارتكاب تلك الجريمة مكتفياً بما نسبه له من أنه حرض على مقارفتها ، ودان الطاعنين السابع ومن التاسع والعشرين حتى الخامس والثلاثين بجريمة حيازة أجهزة اتصالات وبث دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة والمعاقب عليها بالمواد 44،70 ، 77 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات دون أن يدلل تدليلاً سائغاً على حيازة أي متهم لها ، كما دان الطاعنين الخامس ومن الثامن حتى العاشر ومن السادس عشر حتى الثالث والثلاثين بجريمة إذاعة أخبار وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام المنصوص عليها بالمادة 80 من قانون العقوبات دون أن يستظهر ما إذا كانت المواد الإعلامية المضبوطة قد تم تغيير الحقيقة فيها بمعرفة أي من الطاعنين سالفي الذكر وجرى بثها ، ومن ثم فإن الحكم يكون قاصراً فى بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم سالفة البيان والظروف التي وقعت فيها وفى بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيباً بما يوجب نقضه .

(الطعن رقم 21819 لسنة 85 جلسة 2015/12/03)

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله " من أنه بتاريخ .... رصد الرائد .... رئيس مباحث قسم .... ثلاث مظاهرات نظمتها جماعة .... بدائرة القسم ، الأولى مكونة من مائتي وخمسون فرداً أمام جامع .... والثانية بذات العدد من أمام مسجد .... والثالثة من أربعمائة شخص أمام مسجد .... وحملوا جميعاً لافتات تدعم الرئيس المعزول مرددين هتافات مناهضة للجيش والشرطة والتقت التظاهرات الثلاثة بشارع .... وأغلقوه من الاتجاهين مما أثار استياء أهالي المنطقة وعلى أثر مشادات كلامية فيما بينهم قام المتظاهرون من جماعة .... بإلقاء الحجارة وإطلاق الأعيرة النارية من أسلحة نارية خرطوش كانت بحوزتهم صوب قوات الأمن التي تمكنت بمعاونة الأهالي من ضبط المتهمين من الأول حتى الثاني والثلاثين ... وأثناء الضبط شاهد المتهم الثالث والثلاثين .... حاملًا حقيبة جلدية سوداء أخرج منها عبوة مبتكرة من الألعاب النارية وألقاها صوب القوات فأحدثت صوت انفجار شديد فتم ضبطه وضبط العبوة ، كما ضبط معه ورق مقوى مدون عليه إشارات .... وواجهه بالمضبوطات فأقر له بأن العبوة عبارة عن قنبلة أمده بها المتهمان السادس والثلاثون والسابع والثلاثون وكان برفقته وقتها المتهمان الرابع والثلاثون .... والخامس والثلاثون .... ، كما قرر أنه يكفر عناصر الجيش والشرطة وينتمي لجماعة .... ، وأثناء ضبط الواقعة أصيب أمين الشرطة .... بسلاح أبيض أحدث به جرح قطعي بالذراع الأيمن وثبت من تقرير قسم المفرقعات أن العبوة المضبوطة تدخل فى حكم المفرقعات " ، واستند الحكم فى ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بتقرير قسم المفرقعات . لما كان ذلك ، وكان القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها ، وإلا كان الحكم قاصرًا . لما كان ذلك ، وكانت المادة 86 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992 قد نصت على أنه " يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل الدستور أو القوانين أو اللوائح " ، وكانت الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 86 مكرراً ، 86 مكرراً (أ) من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما : مادي يتمثل فى مظاهر القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ؛ فالسلوك الإجرامي فى جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذي حدده القانون . وثانيهما : يتمثل فى القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة فيشترط اتجاه إرادة الجاني إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 سالفة البيان ، فيشترط أن يكون الهدف من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب فى عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام أو إكراه إحدى السلطات على تغيير موقفها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها دون أن يدلل على وجود تلك الجماعة والغرض من تأسيسها قبل انضمامهم إليها ، وكيفية انضمامهم لتلك الجماعة وعلمهم بالغرض من تأسيسها ، كما دانهم بهتافات مناهضة للجيش والشرطة وحيازة مطبوعات ومحررات تتضمن ترويجاً لأغراض تلك الجماعة ولم يبين مضمونها وما حوته من عبارات وألفاظ للوقوف على مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة قانونًا وما إذا كانت تلك المطبوعات والمحررات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها . كما أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر فى التدليل على اقتراف الطاعنين لجريمة الانضمام لجماعة .... الإرهابيين على ما حصله من أقوال الضابط .... الضابط بالأمن الوطني من أن تحرياته أكدت انضمامهم للجماعة سالفة الذكر دون أن يورد فى هذا الخصوص دليلاً يعزز هذه التحريات ويساندها . لما كان ذلك ، ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلًا بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، وكان الحكم قد اتخذ من التحريات دليلًا وحيدًا على ثبوت التهمة فى حق الطاعنين ، فإنه يكون فضلًا عن فساد استدلاله قاصرًا فى بيانه .

(الطعن رقم 22781 لسنة 84 جلسة 2015/05/09)

شرح خبراء القانون

ملحوظة 1: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.

ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.

(مركز الراية للدراسات القانونية)

المقصود بكلمة "الترويع" :

كان النص المعروض للمادة 86 عقوبات على مجلس الشعب يقرر بأنه " يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد وعند مناقشة المشروع في صورته النهائية إقترح السيد المستشار وزير العدل بأن يضاف إلى النص كلمة "الترويع" وشرح سيادته وجهة نظره بأن " المقصود بالترويع هو الترويع العام لأن صورة الأمثلة التي تقع في التطبيق بالنسبة لجرائم الإرهاب بالذات أن يأتي الإرهابي أو المجموعة الإرهابية إلى قرية من القرى ويقومون بتسميم موارد المياه، ففي هذه الصورة لاتوجد قوة ولا عنف ولا عصابة مسلحة والناس تشرب وتموت والمقصود بها تنفيذ مشروع إجرامي يقصد كيت وكيت وكيت ليس في هذا استعمال قوة لنفترض أن هذه المجموعة الإرهابية قامت بفك أحد فلنكات السكة الحديد فانقلب القطار. ففي هذه الصورة لا توجد قوة ولا عنف ولا يوجد تهديد بها ولكنه ترويع، ولنفرض أن أحد الإرهابيين قام بفك جزء من إحدى الطائرات وأدى ذلك إلى إنفجارها بعد إقلاعها فهذا عمل ليس فيه القوة ولا التهديد ولا العنف ولكنه الترويع ولهذا جاء القانون الفرنسي- وبحق- وقال الترويع.

عناصر جريمة الإرهاب :

لابد لتكامل جريمة الإرهاب من توافر عناصر أربعة- العنصر الأول هو استخدام قوة أو عنف أو تهديد أو ترويع وهذا العنصر بمفرده ليس جريمة إطلاقاً ولابد من توافر العنصر الثاني ويتكامل معه على أن يكون ذلك تنفيذاً المشروع إجرامي وهذان عنصران، أما العنصر الثالث الهدف وهو الإخلال بأن يكون استخدام القوة والمشروع الإجرامي يهدفان إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة وأمن الدولة للخطر ليس هذا فقط بل لابد أن ينتج عن هذه العناصر الثلاثة عنصر رابع وهو أن تكون العناصر الثلاثة وهي استخدام القوة والمشروع الإجرامي و الإخلال بالنظام العام وتعريض أمن وسلامة الدولة للخطر ينتج عنها إيذاء للأشخاص وإلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم للخطر هنا تكتمل جريمة الإرهاب .

وهنا يحسن أن نورد تعقيب السيدة العضو الدكتورة فوزية عبد الستار رئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في ذات الجلسة لما له من أهمية في تفسير النص إذ قالت سيادتها أراد المشرع في المشروع الجديد أن يضع تعريفا للإرهاب من باب التيسير على القضاء حتى لا تختلف الأحكام من قاض إلى آخر أو من محكمة إلى أخرى حتى يكون هناك توحيد في معنى الإرهاب.

ومعنى الإرهاب كما ورد في المشروع في تصوري يتضمن شرطين أساسيين :

فهو يتكلم عن وسيلة وأن يكون هناك هدف يقصد به في دراسات القانون الجنائي ألا يكون قصد الجاني من الجريمة التي يستعمل فيها القوة أو العنف أو التهديد إلى آخره، لا يكون قصده هو القصد العام في الجريمة العادية وإنما يكون هناك قصد خاص وغاية أبعد هي ترويع المجتمع والإخلال بالنظام فيه والإخلال بالأمن في المجتمع أي يكون ملحوظاً ويثبت أمام القضاء فليس مجرد إستعمال الجاني للقوة يعتبر إرهابياً طبعاً لا فهناك جرائم كثيرة ترتكب بالقوة وتعتبر جرائم عادية وإنما لابد أن يضاف إلى هذا غرض آخر وهدف بعيد وغاية يتغاياها الجاني ليس مجرد ارتكابه الجريمة لا، فلابد أن يكون هناك شئ أبعد من هذا وهو ترويع المجتمع والإخلال بالأمن فيه. .. فمثلاً شخص يرتكب جريمة قتل أو جريمة ضرب بالقوة فهذه جريمة عادية توقع بشأنها النصوص العادية.

ولكن إذا كان يقصد من هذا تخويف الناس الموجودين وإثارة الرعب بينهم هنا يكون القصد الخاص قد توافر ولذلك تشدد العقوبة. وهذا يذكرني يا سيادة الرئيس بجريمة الحرابة في الشريعة الإسلامية لأن الحرابة كما نفهم هي عبارة عن قطع الطريق بارتكاب جرائم سرقة أو إعتداء على الأشخاص أو الأموال طبعا فلو جاء شخص وارتكب جريمة سرقة داخل المدينة فهذه تعتبر جريمة عادية لكن لو ارتكب هذه الجريمة كقاطع طريق هنا يستهدف ليس فقط الحصول على المال وإنما إثارة الرعب والذعر بين الناس أي ترويع الآمنين وهذا هو القصد الخاص فهذا هو المقصود من تعريف الإرهاب عدم الإقتصار على الجريمة العادية وإنما يكون هناك هدف أبعد هو الإخلال بالنظام في المجتمع وزلزلة الطمأنينة بين الناس وإحداث الرعب بينهم . (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 59 )

إنتهت لجنة الشئون التشريعية بمجلس الشعب إلى أنه "يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى الإخلال بالنظام أو تعريض سلامة المجتمع أو أمنه للخطر.

إضافة كلمة الترويع

عند مناقشة مشروع القانون في صورته النهائية اقترح السيد المستشار وزير العدل إضافة كلمة الترويع للنص وحدد أن المقصود منها هو الترويع العام لأن صورته المثلى التي تقع في التطبيق العملي أن يأتي الإرهاب من جماعة مثلا إلى قرية من القرى فيقوموا بتسميم مورد المياه، ففي هذه الحالة لا توجد قوة ولا عنف فمثل هذه الأفعال يطلق عليها ترويع.

أسباب الإرهاب ووسائله :

يتمثل الإرهاب في القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع و يكفي توافر إحداها.

مدلول القوة القوة التي يعنيها النص هي القوة المادية التي تتمثل في جميع أفعال الإكراه أو العنف وهي في مجموعها تهدف إلى تعطيل إرادة من توجه إليه هذه الأفعال، فالقوة هي مجرد وسيلة لتغيير إرادة الغير وحملها على نحو الإنصياع لمطلب صاحب القوة.

القصد الجنائي :

القصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي الخاص وهو يهدف إلى الإخلال بنظام المجتمع وأمنه. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 141)

ويتوافر النموذج العام للجريمة الإرهابية وفقا لركنين يجب قيامهما، أحدهما مادي والآخر معنوي.

أولاً : الركن المادي :

يتمثل الركن المادي في سلوك إجرامي معين، وفي نتيجة قانونية معينة هي الخطر الذي يهدد مصلحة محمية معينة، وفيما يأتي نحدد المقصود بهذين العنصرين.

1- السلوك الإجرامي

يتخذ السلوك الإجرامي في النموذج القانوني العام للجريمة الإرهابية شكل الأفعال المادية التي يقوم عليها العمل الإرهابي كما عرفته المادة الثانية من القانون، وهو كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج.

وقد استظهر المقرر في تقريره المقدم إلى لجنة القانون الدولي أن الإرهاب يتصف بإستعمال العنف، وأن هذه الخصيصة التقليدية هي التي تميز الإرهاب وتشير إلى إستخدام القوة أو التهديد بها، ويتسع هذا المعنى إلى الصور الجديدة التي خلقتها التكنولوجيا الحديثة حتى أصبح لا يقف عند المعنى العادي للعنف، فصار من قبيل العنف المكون للإرهاب إستخدام نظم المعلومات الأغراض إرهابية، وتدمير المعلومات الإلكترونية، والعبث بنظم التوجيه والمراقبة في مجال الطيران وفي مجال الإتصالات أو في مجال إطلاق الصواريخ، فهناك أعمال كثيرة تندرج تحت إصطلاح العنف المعتبر عنصراً في الإرهاب ولو لم تتصف بهذا المعنى وفقاً للمفهوم العادى، كما أن إستخدام الغازات والسموم لا يفلت من وصف العنف الإرهابي لأن هذا الإستخدام يتم بالقوة ضد إرادة من وجه إليه.

ولا يشترط في النموذج العام لجريمة الإرهاب أن يكون العنف مسلحاً، فهذا النموذج يتسع لأية وسيلة غير مشروعة بما في ذلك إستعمال السلاح مادام يتحقق بها استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج، ويكفي في السلوك لكي يعد إرهابيا أن يكون من شأنه الإضرار بنوع معين من المصالح المحمية و هي الإتصالات أو النظم المعلوماتية أو النظم المالية أو البنكية، أو الإقتصاد الوطني، أو مخزون الطاقة أو المخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه، أو بسلامتها، أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.

نموذج السلوك الإجرامي في القانون المصري :

حول مدى الأخذ بهذا النموذج العام في القانون المصري، فقد كان قانون العقوبات المصري ينص في المادة 86 على أنه يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي. ولا يعني ذلك اشتراط حد أدنى من التنظيم في السلوك الإجرامي، فاصطلاح المشروع الإجرامي ينصرف إلى الخطة المرسومة للجاني لارتكاب جريمته وليس إلى الأسلوب التنظيمي لإرتكابها، كما أن النص على أن المشروع الإجرامي قد يكون فردياً يعني أن الخطة الإجرامية قد تكون لفرد واحد، ومن ثم، فإن وبالتالي فإن السلوك الإجرامي المعتمد لتوافر النموذج القانوني لجريمة الإرهاب في القانون المصري قد يقوم على عمل واحد هو استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، دون اشتراط عمل آخر، وهو ما يؤدي بنا إلى القول أن النموذج القانوني لجريمة الإرهاب في القانون المصري يتعلق بالجريمة البسيطة لا الجريمة المركبة، وهذا هو ما أخذ به أيضاً قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 ، وقد تجلى ذلك في مادته الثانية في تعريفها للعمل الإرهابي، لأنه لم يشترط أكثر من استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع.

ولم يتطلب القانون الجديد أن يكون العنف «وما نحوه» تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، أي تنفيذا لخطة إجرامية رسمها الجاني وحده أو مع غيره «عند تعدد الجناة»، وهو ما يتطلب في جريمة الإرهاب التي وقعت أن تكون تنفيذاً لخطة عمل رسمها الجاني، الأمر الذي يفترض توافر سبق الإصرار لتحقيق أهدافه، دون اشتراط التنظيم لقيام النموذج القانوني للجريمة.

وقد كان قانون العقوبات المصرى يستخدم تعبير المشروع الإجرامي الفردي أو الجماعي نقلا عن قانون العقوبات الفرنسي (المادتان: 421 - 1 و 421 - 2 ). ولم يخرج قانون  مكافحة الإرهاب الصادر بالقرار بقانون رقم 94 لسنة 2015 عن هذا المفهوم . فقد تجلى ذلك في تعريف الإرهابي في البند (ب) من مادته الأولى، فبعد أن تضمن هذا النص أن الإرهابي هو كل شخص طبيعي يرتكب أو يشرع في إرتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت أضاف عبارة «ولو بشكل منفرد أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامي مشترك».

ولا تعني عبارة «مشروع إجرامي مشترك» أكثر من وجود التخطيط والتحضير المسبق للعمل الإرهابي من خلال المساهمة مع غيره، فلا يشترط أن يكون العمل الإرهابي الذي قارفه ضمن مشروع إجرامي يدخل في منظومة لأعمال إرهابية بل يكفي أن يتم في إطار حركة إجرامية من أجل إرتكاب العمل الإرهابي. وقد يكون السلوك الإجرامي في إطار الإشتراك في منظمة إرهابية، مما يعتبر في حد ذاته جريمة إرهابية، وفي هذه الحالة تكون حيال تعدد مادي بين الجرائم ينطوي على تعدد معنوي أو إرتباط لا يقبل التجزئة، وفقاً لظروف الواقعة، هذا دون إخلال بإنطباق وصف الإرهابي على من يرتكب الجريمة الإرهابية بشكل منفرد.

ولا يجوز الخلط أيضاً بين النموذج العام لجريمة الإرهاب وبين نماذج بعض الجرائم الخاصة بالإرهاب، مثل المشاركة في الجماعات الإرهابية أو الإنضمام إليها مما يعد في ذاته مشروعاً إجرامياً جماعياً ينصب عليه وحده التجريم ولو لم يصدر تطبيقاً له أي عمل تنفيذي، كما سنبين فيما بعد.

ويعتبر هذا السلوك المادي عن وسيلة الإرهاب التي تميز الجريمة الإرهابية، ونلاحظ أن البند 3 من المادة الأولى من قانون مكافحة الإرهاب في تعريفه للجريمة الإرهابية قد ساوى بين استخدام إحدى وسائل الإرهاب وبين تحقيق أو تنفيذ غرض إرهابي، أو الدعوة إلى ارتكاب أي جريمة مما تقدم أو التهديد بها، ومع ذلك، فإن الارتباط بين وسيلة الإرهاب والغرض الإرهابي - كما بينا من قبل - يبدو لازماً القيام العمل الإرهابي وفقاً لتعريفه في المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب، فالعمل لا يعد إرهابياً من مجرد سلوك إرهابي ما لم يقترن بأغراض معينة وردت في هذا البند تمثل المقصود بالغرض الإرهابي. مما مقتضاه أن الغرض المشار إليه في هذا البند لا يعد الهدف إلى تحقيقه عملاً إرهابياً ما لم يكن مقترناً بسلوك إرهابي معين، وعلى ذلك فإن الإرهاب كوسيلة هو العنصر المميز للجريمة الإرهابية، وهو ما تحلى في تعريف الجماعة الإرهابية في البند الأول من المادة الأولى من قانون مكافحة الإرهاب الذي نص على أن الجماعة تعتبر إرهابية إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم تلحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية كما تجلى في عدد من جرائم الإرهاب التي نص عليها القانون واعتبر وقوعها من خلال أحد الأعمال المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون عملاً إرهابياً .

وقد اهتم قانون مكافحة الإرهاب بالصور الجديدة للسلوك الإرهابي في ضوء التكنولوجيا الحديثة، والتي تتجاوز المعنى المادي لهذه الوسيلة، فكما بينا من قبل نص في الفقرة الثانية من المادة الثانية في صدد تعريف العمل الإرهابي على أنه كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق أحد الأغراض المبينة بالفقرة السابقة أو الإعداد لها أو التحريض عليها، إذا كان من شأنه الإضرار بالإتصالات أو النظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية، أو بالاقتصاد الوطني أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه، أو بسلامتها، أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.

ومؤدى ما تقدم أن السلوك الإجرامي في نموذج الجريمة الإرهابية لا يتطلب في . جميع الأحوال المظهر المادي للوسيلة الإرهابية وهو إستعمال القوة وما نحوها من العنف أو التهديد أو الترويع إكتفاء بما يكمن فيها من خطر إحداث الضرر الإرهابي كما حدده القانون حسبما تقدم.

ونلاحظ أن المشرع قد توسع في المقصود بالعمل الإرهابي فلم يقصره على العمل التنفيذي للجريمة، بل مده إلى ما يعد تحضيرا له أو تحريضاً عليه، بما نص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من أن العمل الإرهابي هو كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق أحد الأغراض المشار إليها أو الإعداد لها أو التحريض عليها، شريطة . أن يكمن في هذا السلوك القدرة على إحداث الضرر بالمصالح التي حددتها هذه الفقرة الثانية والتي أشرنا إليها فيما تقدم.

وبناءً على ما تقدم، يتمثل السلوك الإرهابي في النموذج القانوني العام للإرهاب - كما اعتنقه قانون مكافحة الإرهاب - في إحدى صورتين :

(الأولى) استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويج في الداخل أو الخارج (الفقرة الأولى من المادة الثانية).

(الثانية) كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق أحد هذه الأغراض أو الإعداد لها أو التحريض عليها إذا كان من شأنه الإضرار بمصالح معينة، هي الاتصالات أو النظم المعلوماتية أو النظم المالية أو البنكية، أو الاقتصاد الوطني أو مخزون الطاقة أو المحزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه، أو سلامتها أو الخدمات الطبية في الكوارث والأزمات (الفقرة الثانية من المادة الثانية).

2 - النتيجة

الأصل أن تتوافر النتيجة القانونية اللازمة لوقوع الإرهاب بمجرد المساس، بالحقوق أو بالمصالح المحمية التي يقع عليها العنف الإرهابي سواء بوقوع الضرر، أو بمجرد التعريض للخطر.

ولا يشترط لتوافر النموذج القانوني للإرهاب وقوع نتيجة مادية معينة إذ يكفي، لإنطباق وصف الإرهاب مجرد مباشرة وسيلة الإرهاب بغرض المساس بالحقوق أو المصالح المحمية، سواء تم هذا المساس في صورة ضرر أو في شكل التعريض للخطر وهو ما يعني أن هذه الجريمة يكفي لوقوعها قانوناً توافر مجرد الخطر، وآية ذلك أن العمل الإرهابي يقع بمجرد وقوع السلوك الإرهابي بغرض المساس بالمصالح المحمية التي حددها القانون أو أن يكون هذا السلوك من شأنه الإضرار بنوع معين من المصالح المحمية المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الثانية، وهو ما يعني أنه يكفي مجرد تعريض المصالح المحمية للخطر ولو لم يلحقها ضرر فعلي.

وقد سبق أن أشار قرار مجلس الأمن رقم 566 لسنة 2004 إلى أن الخصيصة الأولى لأعمال الإرهاب أن تكون بقصد إحداث الموت أو الجرح البدني الجسيم، أو أخذ الرهائن، ولا تعد جسامة النتائج المادية في صورة الضرر المادي - عنصراً حاكماً في قيام الركن المادي لجريمة الإرهاب، فإذا وقع الإرهاب مثلاً بوضع متفجرات في مكان عام، فإن هذا السلوك الإجرامي وحده - متى اقترن بالقصد الجنائي - تقع به جريمة الإرهاب، سواء ترتب على هذا السلوك موت شخص أو أكثر أو تدمير ممتلكات معينة، أو لم يترتب عليه أية نتيجة مادية مما تقدم.

وعلى ذلك يمكن القول بأن جريمة الإرهاب من جرائم الخطر، التي لا يشترط في نموذجها القانوني وقوع الضرر. وبناءً على ما تقدم، فإن العبرة في تحديد النتيجة في هذه الجريمة يكون بالنظر إلى النتيجة القانونية التي تقع مساساً بالحقوق والمصالح التي يحددها القانون، سواء عن طريق تعطيلها كلية أو إنقاصها، أو مجرد تعريضها للخطر.

النتيجة القانونية في النموذج القانوني لجريمة الإرهاب في القانون المصري :

كان قانون العقوبات المصرى وفقا لنص المادة 86 عقوبات يشترط لوقوع الفعل تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، أن يكون من شأنه وقوع نوع من جرائم الإعتداء على الأشخاص أو الأموال أو البيئة أو الإعتداء على المصلحة العامة حسبما حددتها المادة 86 المذكورة.

وجاء قانون مكافحة الإرهاب فعني بتحديد المصالح المحمية التي يعد المساس بها نتيجة قانونية للعمل الإرهابي على النحو الآتي :

(1) النظام العام، وهو ما يعبر عن نظام الدولة ومقومات المجتمع، كما يحدده الدستور والقانون، ويشمل ذلك كثيراً من أوجه المساس بالمصالح المحمية التي حددتها المادة الثانية من القانون.

(2) سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر.

(3) شعور الأفراد بالسكينة والأمن، وقد عبر المشرع في المادة الثانية عن المساس بها بأنه إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم.

(4) حياتهم الأفراد أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر، أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون.

(5) الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي

(6) البيئة.

(7) الموارد الطبيعية.

(8) الآثار.

(9) الأموال، وقد عرفتها المادة الأولى (الفقرة و) بأنها جميع الأصول أو الممتلكات أياً كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، بما في ذلك المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم، وأياً كان شكلها بما في ذلك الشكل الرقمي أو الإلكتروني، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها.

(10) المباني أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الإستيلاء عليها.

(11) السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية أو المنظمات أو الهيئات الإقليمية الدولية في مصر - من القيام بعملها أو ممارستها الكل أو بعض أوجه نشاطها، أو مقاومتها.

(12) أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح.

(13) الاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية .

(14) الاقتصاد الوطني أو مخزون الطاقة أو المخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه.

(15) الخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.

وعلى هذا النحو، فإن جريمة الإرهاب وفقاً للقانون المصرى تستلزم وقوع نتيجة قانونية تتمثل في المساس بنوع من الحقوق والمصالح المحمية الذي يهدف السلوك الإجرامي إلى تحقيقه، ويعد هذا المساس في حد ذاته نتيجة قانونية مباشرة للعمل الإرهابي، وهي نتيجة حتمية بمباشرة هذا العمل وهو الاعتداء بواسطة استخدام القوة أو «العنف» أو التهديد أو الترويع، وكما قلنا لا يشترط لتوافر هذه النتيجة القانونية للجريمة أن يتحدد هذا المساس في صورة ضرر فعلي أو مجرد خطر. وبالنسبة للمصالح التي أشرنا إليها تحت أرقام (13، 14، 15) فإن النتيجة القانونية تتحقق إذا كان السلوك المرتكب يكمن في الإضرار بها.

ولا يشترط في النتيجة القانونية أن يكون المجني عليه في الحقوق والمصالح التي يحميها القانون عند المساس بها شخصاً أو شيئاً محدداً، بل يستوى لوقوع الجريمة أن يكون العنف عشوائياً كما يتحقق الإرهاب بغض النظر عن شخصية المجني عليهم وبناءً على ما تقدم، فإن الإرهاب من الناحية القانونية لا يتوقف على شخصية المجنى عليه ولا على عدد الضحايا كما أنه لا محل للأخذ بقانون الحرب الذي يميز بين المقاتلين وغير المقاتلين فهذا التمييز يجد مجاله فقط في جرائم الحرب ولا مجال له في أعمال الإرهاب بالمعنى القانوني.

وتتمثل النتيجة القانونية في جريمة الإرهاب الدولية في المساس بالقيم والمصالح الدولية. وهو ما يتحقق عندما يتجاوز وقوع العمل الإرهابي حدود أكثر من دولة أو يقع خارج ولاية أى دولة، أو تمتد آثاره إلى دول أخرى غير التي وقع فيها. وقد تبدو هذه النتيجة في صورة تهديد للسلم والأمن الدوليين.

ثانياً : الركن المعنوي :

يؤدي الركن المعنوي دوراً مهماً في إضفاء الوصف القانوني لجريمة الإرهاب وفقاً لنموذجها العام.

وتتطلب جريمة الإرهاب وفقا لنموذجها القانوني توافر القصد الجنائي العام بوصفها جريمة عمدية، و قصداً جنائياً خاصاً يعبر عنه بالنية الإرهابية، وفيما يأتي نعرض لتحديد القصد الجنائي وفقاً للمبادئ الدولية، مع بيان موقف قانون العقوبات المصري.

القصد الجنائي العام

يتوافر القصد الجنائي العام باتجاه إرادة الجاني إلى السلوك الإجرامي الذي باشره والي النتيجة المترتبة عليه، مع علمه بها، واشترطت المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب بمناسبة تعريفها للعمل الإرهابي - إتجاه إرادة الجاني إلى استخدام القوة أو العنف او التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج مع علمه أن هذا السلوك يهدف إلى تحقيق الأغراض التي حددتها هذه المادة والتي تتمثل في الإخلال بالنظام العام وغير ذلك من المصالح المحمية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة والسابق بيانها.

فإذا اتخذ سلوك الجاني صورة أخرى غير استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج، وجب أن يعلم أن سلوكه هذا من شأنه الإضرار بالمصالح التي حددتها الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب .

والأصل في القصد الجنائي العام أن تتجه إرادة الجاني إلى إحداث النتيجة كمن يطلق النار على شخص راغبا في إزهاق روحه، فإذا كانت النتيجة المترتبة على السلوك الإجرامي ممكنة الوقوع تعين بوضوح أن تتجه إرادة الجاني إلى إحداث النتيجة فضلا عن إرادة السلوك، أما إذا كانت النتيجة حتمية ولا زمة كمن يضع قنبلة في طائرة بقصد تخريبها، فإن إرادة السلوك الإجرامي (التخريب) تنطوي حتما على إرادة النتيجة المترتبة عليه وهي قتل ركاب الطائرة.

وفي صدد جريمة الإرهاب في القانون المصري، فإن القصد الجنائي العام يتوافر باتجاه إرادة الجاني إلى السلوك الإجرامي مع علمه به وبنتيجته، وهو ما ينطوي حتماً على إرادته وعلمه بالمساس بالحقوق والمصالح الأخرى التي حددتها المادة الثانية من قانون مكافحة الإرهاب، وذلك بإعتبار أن هذا المساس هو نتيجة حتمية للسلوك الإجرامي.

النية الإرهابية والقصد الخاص :

أدى تحديد الغرض الإرهابي في العمل الإرهابي إلى الخلط بين النتيجة القانونية الواجب توافرها في النموذج القانوني للجريمة كما بيناه فيما تقدم، والتي تتطلب الإضرار بالمصلحة المحمية أو تعريضها للخطر، وبين القصد الجنائي الخاص.

ولما كان مطلق استخدام القوة وما نحوها يعد سلوكاً إجرامياً في الجريمة الإرهابية يحدث نتيجة تقع به جريمة من جرائم قانون العقوبات، إلا أنه لكي تعد هذه الجريمة من الجرائم الإرهابية فلابد من وقوع نتيجة أخرى تتمثل في الإعتداء على مصلحة قانونية معينة حددها المشرع في مجال التعبير عن الغرض من إستخدام القوة وما نحوها، ويتمثل هذا الإعتداء في الإخلال أو الإضرار أو غير ذلك من الصور التي تنطوي على تحديد النتيجة، وإذ يعير الغرض الإرهابي في النموذج القانوني للجريمة عن نتيجة القانونية الواجب توافرها في الجريمة الإرهابية بعيداً عن النتيجة القانونية التي يكفي حدوها لإعتبار الفعل جريمة أخرى، فإن النية تعبر عن القصد الخاص، الإرهابي الذي يميز هذا النوع من الجرائم عن غيرها من جرائم القانون العام.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016، الصفحة: 138)

الفقة الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 77 ، 78 ، 79 .

 

الباب الثاني 

حد الحرابة 

 

(مادة 100)

يعد محارباً كل من ارتكب جريمة ضد النفس أو العرض أو المال أو إرهاب المارة، سواء وقع الفعل في طريق عام، أو في أي مكان داخل العمران، مع اجتماع الشروط الآتية: 

(أ) أن يقع الفعل من شخصين فأكثر، أو من شخص واحد، متى توافرت له القدرة 

على ارتكاب الجريمة.

(ب) أن يقع الفعل باستعمال السلاح، أو أية أداة صالحة للإيذاء أو بالتهديد بأي منها. (ج) أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً مختاراً غير مضطر. 

(د) أن يكون الجاني قد باشر ارتكاب الجريمة بنفسه، أو اشترك فيها بالتسبب أو 

المعاونة، بشرط أن تقع الجريمة بناءً على هذا الاشتراك. 

(مادة 101) 

يعاقب المحارب حداً بالعقوبات الآتية:

(أ) بالإعدام إذا قتل نفساً عمداً، سواء استولى على مال أو لم يستول عليه. 

(ب) بقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو السجن، إذا اعتدى على المال أو العرض 

أو الجسم، ولم يبلغ القتل أو الزنا.

(ج) بالسجن إذا أخاف السبيل فقط. 

(مادة 102) 

لا يجوز إبدال العقوبات المبينة في المادة السابقة، ولا العفو عنها. 

(مادة 103) 

يعاقب على الشروع في هذه الجريمة بالعقوبة التعزيرية المقررة في هذا القانون، أو أي قانون آخر. 

(مادة 104) 

يسقط الحد المبين في المادة (101) من هذا القانون، إذا ترك الجاني تائبا باختياره ما هو عليه من الحرابة قبل القدرة عليه، وذلك بإحدى الطريقتين الآتيتين: 

(أ) إذا ترك فعل الحرابة قبل علم السلطات بالجريمة وبشخص مرتكبها، بشرط إعلان توبته إلى سلطات الأمن أو النيابة العامة بأية وسيلة كانت. 

(ب) إذا سلم نفسه تائباً بعد علم السلطات بالجريمة، وقبل القبض عليه.

ولا يخل سقوط الحد بالتوبة بحقوق المجني عليهم من قصاص، أو دية، أو رد المال. 

كما لا يخل بالعقوبات التعزيرية المقررة في هذا القانون أو أي قانون آخر، إذا كون الفعل جريمة معاقباً عليها قانوناً. 

(مادة 105)

إذا تحققت النيابة العامة من توبة الجاني وفقاً لأحكام المادة السابقة - أمرت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى. 

(مادة 106) 

إذا لم يكن الجاني بالغاً بالأمارات الطبيعية وقت ارتكاب الجريمة - يعزر على الوجه الآتي: 

(أ) إذا كان قد أتم السابعة ولم يتم الثانية عشرة، فللقاضي أن يوبخه في الجلسة، أو أن يأمر بتسليمه إلى أحد والديه أو إلى ولي نفسه، أو بإيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية المبينة في القانون رقم (31) لسنة 1974 بشأن الأحداث. 

(ب) إذا أتم الثانية عشرة، ولم يتم الخامسة عشرة، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.

(ج) إذا أتم الخامسة عشرة، ولم يتم الثامنة عشرة، يعاقب بالسجن من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات. 

(مادة 107) 

إثبات جريمة الحرابة المعاقب عليها حداً يكون في مجلس القضاء بإحدى الوسيلتين 

الآتيتين: 

الأولى: إقرار الجاني قولا أو كتابة ولو مرة واحدة، ويشترط أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً مختاراً وقت الإقرار، غير منهم في إقراره، وأن يكون إقراره صريحاً واضحاً منصباً على ارتكاب الجريمة بشروطها. 

الثانية: شهادة رجلين بالغين عاقلين عدلين مختارين، غير متهمين في شهادتها، 

مبصرین قادرين على التعبير قولاً أو كتابة، وذلك عند تحمل الشهادة وعند أدائها. 

وتثبت عند الضرورة بشهادة رجل وامرأتين أو أربع نسوة.

ويفترض في الشاهد العدالة ما لم يقم الدليل على غير ذلك قبل أداء الشهادة . 

ويشترط أن تكون الشهادة بالمعاينة، لا نقلاً عن قول الغير، وصريحة في الدلالة على وقوع الجريمة بشروطها.

ولا يعد المجني عليه شاهدا إلا إذا شهد لغيره. 

(مادة 108)

يجوز للجاني العدول عن إقراره إلى ما قبل الحكم النهائي من محكمة الجنايات، وفي هذه الحالة يسقط الحد إذا لم يكن ثابتاً إلا بالإقرار. 

(مادة 109)

إذا سقط الحد لعدم اكتمال شروط الدليل الشرعي المبينة في المادة (107) من هذا القانون، أو لعدول الجاني عن إقراره طبقاً للمادة (108)، ولم تكن الجريمة ثابتة إلا به - تطبق العقوبات التعزيرية الواردة في هذا القانون أو أي قانون آخر، إذا كون الفعل جريمة معاقباً عليها قانوناً، وذلك متى ثبت للقاضي وقوعها بأدلة أو قرائن أخرى. 

(مادة 110)

إذا عاد الجاني الذي نفذت عليه عقوبة القطع في جريمة الحرابة إلى ارتكاب فعل من أفعال الحرابة يوجب حد الإعدام، وقعت عليه هذه العقوبة، فإذا ارتكب من أفعال الحرابة ما يوجب توقيع عقوبة أخرى، يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات. 

فإذا تكرر العود، تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات. 

(مادة 111) 

يجوز للجاني العائد طبقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة السابقة بعد انقضاء ثلاث سنوات هجرية على سجنه - أن يتقدم بطلب إلى النيابة العامة يعلن فيه توبته عن جريمة الحرابة، وعلى النيابة أن تحيل الطلب بعد تحقيقه إلى المحكمة التي أصدرت الحكم. 

وتحكم المحكمة بالإفراج عن الجاني إذا ثبتت لها توبته، ويجوز لها أن تأمر بوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة لا تزيد عن باقي العقوبة المحكوم بها. 

وإذا رفضت المحكمة الطلب، فلا يجوز تجديده قبل انقضاء سنة هجرية على الأقل 

من تاريخ الحكم برفضه. 

(مادة 112)

إذا رأت النيابة العامة بعد انتهاء التحقيق توافر أركان الجريمة الحدية ودليلها الشرعي - أصدر رئيس النيابة أو من يقوم مقامه أمرا بإحالتها إلى محكمة الجنايات مباشرة. 

(مادة 113) 

لا تسري على جريمة الحرابة الأحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، بشأن انقضاء الدعوى الجنائية، أو سقوط العقوبة بمضي المدة. 

(مادة 114)

تعتبر عقوبة قطع اليد والرجل من خلاف سابقة في الترتيب على العقوبات المبينة في المادة (72) من هذا القانون. 

وفي جميع الأحوال تجب هذه العقوبة باقي العقوبات السالبة للحرية الواردة في هذا القانون، إذا كانت عن جرائم وقعت قبل الحكم بعقوبة الحد. 

(مادة 115)

تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى للمحكوم عليه ولو كانت شلاء أو مقطوعة الإبهام أو الأصابع إذا لم يخش عليه من الهلاك في حالة الشلل. 

ويمتنع القطع في الحالات الآتية:

(أ) إذا كانت يده اليسرى مقطوعة أو شلاء، أو مقطوعة الإبهام أو إصبعين غير الإبهام. 

(ب) إذا كانت رجله اليمنى مقطوعة أو شلاء، أو بها عرج يمنع المشي عليها.

(ج) إذا ذهبت يده اليمنى ورجله اليسرى لسبب وقع بعد ارتكابه جريمة الحرابة. 
وإذا امتنع القطع يستبدل به السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وفي هذه الحالة يعرض رئيس النيابة أو من يقوم مقامه الأمر على المحكمة التي أصدرت الحكم؛ للقضاء بعقوبة السجن بعد التحقق من امتناع القطع للأسباب المبينة بالفقرة السابقة. 

حد الحرابة 

تعتبر الحرابة - أو قطع الطريق - من أخطر الجرائم على أمن المجتمع؛ لما فيها من خروج على سلطان الدولة، وترويع للآمنين من مواطنيها، واعتداء على أموالهم وأرواحهم وأعراضهم، لذلك واجهت الشريعة الغراء هذه الجريمة بأشد العقوبات؛ ردعا للجناة وإرهاباً لنفوسهم، وتأميناً لسلامة المجتمع، ومحافظة على أمنه واستقراره. 

والأصل في جريمة الحرابة قول الله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الآيتان (33)، (34) من سورة المائدة. 

ومن الأحاديث النبوية ما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا » 

وقد التزم المشروع في تقنين جريمة الحرابة أحكام الفقه الإسلامي دون التقيد بمذهب معين، مؤثراً عند الخلاف الرأي الذي قدر أنه أوفي بالمصلحة، وأكثر مسايرة لتطور المجتمع. 

مادة (100): 

يعد محارباً كل من ارتكب جريمة ضد النفس أو المال أو إرهاب المارة، سواء وقع الفعل في طريق عام، أو في مكان داخل العمران، مع اجتماع الشروط الآتية: 

(أ) أن يقع الفعل من شخصين فأكثر، أو من شخص واحد، متى توافرت له القدرة على ارتكاب الجريمة. 

(ب) أن يقع الفعل باستعمال السلاح، أو أية أداة صالحة للإيذاء، أو بالتهديد بأي منهما. 

(ج) أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً مختاراً غير مضطر. 

(د) أن يكون الجاني قد باشر ارتكاب الجريمة بنفسه، أو اشترك فيها بالتسبب أو المعاونة بشرط أن تقع الجريمة بناء على هذا الاشتراك. 

الإيضاح 

الجريمة وشروطها: 

استهل المشروع أحكامه بتعريف لهذه الجريمة بين فيه الحالات التي يعتبر فيها الجاني مرتكباً لجريمة الحرابة، وأوضح شروطها، وأولها: أن تقع في طريق عام، وقد اتفق الفقهاء على ذلك فيما عدا الإمام مالك وأهل الظاهر، الذين يوسعون معنى الحرابة حتى تشمل كل الأماكن حتى الدار إذا دخل الجاني مسلحاً ومعه قوة، كما اختلف الفقهاء في مكان الطريق، وهل ينبغي أن يكون خارج العمران؟ أم تقع الحرابة ولو كان الطريق داخل المدينة. فقال أبو حنيفة ومحمد: إن العمل المكون للجريمة يعتبر حرابة، إذا حصل خارج المصر أي خارج العمران. أما داخل العمران فلا يكون حرابة ولا قطعاً للطريق، لإمكان الغوث غالباً داخل العمران. (البدائع، الجزء السابع ص 92 ، شرح فتح القدير، ج 4 / ص 275). وأخذ بهذا الرأي أكثر فقهاء الشيعة. وحجة هذا الرأي أن قطع الطريق يقتضي الانقطاع عن الناس وعن قوة الدولة، والطريق لا ينقطع فيه المرور أو يمكن قطعه على المارين إلا خارج الأمصار والقرى، وجدير بالذكر أن هذا الرأي هو الذي أخذ به الفقه الحديث في القوانين الوضعية، حيث يجمع فقهاء القانون الجنائي في جريمة السرقة بإكراه في الطريق العام، على أن المقصود بالتجريم هو حماية الطرق التي تقع خارج المدن، وتصل بين مواقع العمران، وذلك لقلة المرور فيها، وحاجتها إلى التأمين والحماية. 

وذهب أبو يوسف، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (مواهب الجليل، ج 6 / ص 314 ، مغني المحتاج، ج 4 / ص 180 ، المغني، ج 10/ ص 303). إلى أن قطع الطريق يتحقق داخل العمران أو خارجه، إذ العبرة فيه بإمكان الغوث لا بموقع الطريق (البحر الرائق، الجزء الخامس ص 66، والبدائع، الجزء السابع ص 92). 

وقد أخذ المشروع باعتبار الفعل حرابة، سواء وقع في طريق عام، أو في مكان داخل العمران. 

كما وقع الخلاف بين الفقهاء فيما إذا كان يشترط في جريمة الحرابة تعدد الجناة، أم تتحقق الجريمة ولو وقعت من شخص واحد ؛ فذهب رأي إلى أنه يشترط التعدد؛ لأن المحاربين هم الذين يجتمعون في قوة وشوكة يحمي بعضهم بعضاً ، وتكون لهم القدرة على إخافة الناس وإثارة القلق والفزع بينهم. وذهب أبو حنيفة وبعض فقهاء الشافعية إلى جواز وقوع الجريمة من جماعة أو من شخص واحد، متى كانت له قوة القطع (ابن عابدین، جزء 3 ص 293 ، والبدائع، جزء 7 ص 10). وبهذا الرأي أخذ المشروع؛ نظراً لتطور الأسلحة الحديثة وشدة فتكها، وإمكان استخدامها من شخص واحد، بحيث تكون له القدرة بمفرده على ارتكاب الجريمة، والتغلب على عديد من الناس. 

كما تناولت الفقرة (ج) من هذه المادة الشروط الواجب توافرها في المحارب الذي يقام عليه الحد وأولها العقل والبلوغ، وهما شرطان لا خلاف عليها؛ لأنها أساس التكليف. ثم يأتي بعد ذلك الاختيار؛ لأن المكره لا إرادة له، ولا حد عليه باتفاق الفقهاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». (مواهب الجليل) جزءاً ص312 ، وحاشية الدسوقي جزء ص340، وبدائع الصنائع، جزء 7 ص 176، والمغني جزء 8 ص 260 ، ومغني المحتاج، جزء 4 ص 174). 

کا اشترط المشروع في الجاني عدم الاضطرار، فإذا كان الجاني مضطراً للحرابة لدفع الهلاك عن نفسه بأخذ مأكل أو ملبس أو ما أشبه - سقط عنه الحد والتعزير جميعاً ؛ لقوله تعالى: ومن أضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه . وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا قطع في مجاعة مضطر». كما أسقط عمر بن الخطاب الله عنه الحد في عام المجاعة. 

وقد اختلف الفقهاء في تحقيق الحرابة من المرأة، فذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أن الحرابة لا تتحقق من المرأة، وأنه يشترط في المحارب الذكورة: «البدائع جزء 7 ص 91). وذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والزيدية، وأهل الظاهر إلى أن المرأة والرجل سواء يؤخذون بالحد جميعا؛ لأن النص عام. مواهب الجليل جزء 6 ص 313 - والمدونة جزء 16 ص 102 وحاشية الدسوقي جزء 4 ص 348 ، ومغني المحتاج جزء 4 ص 180) وقد أخذ المشروع برأي الجمهور فلم يشترط الذكورة في المحارب. 

کما اختلف الفقهاء في اشتراط وجود سلاح مع الجاني فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يشترط السلاح ويكفي أن يعتمد المحارب على قوته الجسدية. مواهب الجليل ج6/ ص 314، أسنى المطالب، ج 4 / ص 154). وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه يجب أن يكون للجاني قوة القطع بسلاح أو غيره مما في حكمه کالعصا والحجر والخشب ونحوها (بدائع الصنائع، ج ۷ ص ۹۰، المبسوط، ج ۹ ص ۱۹۸، والمغني، ج ۱۰/ ص ۳۰۶). 

وقد أخذ المشروع بهذا الرأي الأخير. 

وقد وقع الخلاف فيما إذا كان يشترط لتوقيع حد الحرابة أن يبلغ المال المأخوذ نصاباً معيناً أو أن يكون في حرز مثله. فذهب الحنفية والشافعية إلى اشتراط النصاب والحرز الإيقاع الحد (شرح فتح القدير، جزء 4 ص 269 ، والمبسوط، جزء 9 ص 200) وذهب مالك إلى عدم اشتراط ذلك، على أساس أن العقوبة إنها توقع على المحاربة لله ورسوله دون نظر إلى قدر المال وحرزه. ( مواهب الجليل، جزء 6 ص 314 ، وحاشية الدسوقي، جزء 4 ص 348 ، والمدونة جزء 16 ص 100). ولذات العلة يرى مالك، وأهل الظاهر عدم سقوط حد الحرابة ليكون بعض الجناة من ذوي الأرحام لأن العقوبة لحق الله، لحماية أمن الأمة ولا ينظر فيها إلى الآحاد، وإنما ينظر فيها إلى الاعتداء على محارم الله تعالى المغني ج 10 / ص 318 . وقد أخذ المشروع في هذا الصدد برأي مالك فلم يشترط النصاب أو الحرز، ولم يسقط الحد عن ذوي الأرحام استناداً إلى أن المقصود بالحد في الحرابة هو خطورة الفعل في ذاته، وما ينطوي عليه من اعتداء على أمن الجماعة، والسعي في الأرض فساداً بغض النظر عن المال موضوع الجريمة، أو أشخاص آخذيه. 

الاشتراك في الجريمة: 

الأصل في القانون الوضعي هو التسوية في التأثيم والعقاب بين الفاعل الأصلي الذي يباشر الجريمة بنفسه، وبين الشريك الذي يساهم في ارتكابها بالاتفاق أو التحريض أو المساعدة. أما في الفقه الإسلامي فهناك خلاف في الرأي: ذهب الشافعي إلى أنه لا يعتبر محارباً إلا من باشر فعل الحرابة بنفسه، أما المتسبب فيه أو المعين عليه فلا يعد محارباً ، ولو كان حاضراً وقت المباشرة فيكتفى بتعزیره ؛ إذ الحد لا يجب إلا بارتكاب المعصية التي تستوجبه الأحكام السلطانية للماوردي، ص 59 و 61، ونهاية المحتاج جزء 7 ص 164، والمغني جزء 10 ص 318). 

وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن كل من ساهم في أفعال الحرابة يعتبر محارباً وتوقع عليه ذات العقوبة، سواء كان شریكاً بالمباشرة أو متسبباً في الجريمة (محرضاً) أو معيناً عليها. واستندوا في ذلك إلى أن المحاربة على خلاف غيرها من الحدود - تقوم على التكاليف والمعاضدة والمناصرة، وأن دور الردء والمعين فيها لا يقل أهمية عن دور المباشر، إذ لا يتمكن المباشر من ارتكابها في الغالب إلا بقوة المعين وشوكته (المدونة جزء 16 ص100 ، وشرح الزرقاني جزء 8 ص 110 ، والبدائع جزء 7 ص 91 ، وشرح فتح القدير جزء 4 ص 271 ، والمغني جزء 10 ص 319). 

وقد أخذ المشروع بهذا الرأي الأخير، فنص في البند (د) من المادة (100) على أنه يشترط في الجاني أن يكون قد باشر الجريمة بنفسه، أو اشترك فيها بالتسبب أو المعاونة، بشرط أن تقع الجريمة بناء على هذا الاشتراك». . 

مادة (101): يعاقب المحارب حدا بالعقوبات الآتية:

 (أ) بالإعدام إذا قتل نفسا عمدا، سواء استولى على مال، أو لم يستول عليه. 

(ب) بقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو السجن، إذا اعتدى على المال أو العرض أو الجسم، ولم يبلغ القتل أو الزنا.

 (ج) بالسجن إذا أخاف السبيل فقط. 

الإيضاح 

العقوبة: 

اختلف الفقهاء فيما إذا كانت العقوبات الواردة في الآية الكريمة قد وردت على سبيل 

التخيير، أو على سبيل التنويع. 

فذهب رأي إلى أن هذه العقوبات قد وردت على سبيل التخيير، حيث عبرت الآية الكريمة بلفظه أو ، وهي في اللغة أداة تخيير، فيكون الإمام - بناء على ذلك مخيراً - في توقيع هذه العقوبات على من يرتكب فعل الحرابة غير مفيد بنوع الفعل المرتكب، وإنها يترك لتقديره فيوقع ما يراه مناسباً من العقوبات لظروف كل فعل، وممن رأى هذا الراي سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح، ومن الفقهاء مالك وأهل الظاهر. (شرح الخرشي، ج5/ ص 248 ، وحاشية الدسوقي، ج 4 / ص 349). 

وذهب رأي آخر إلى أن الآية الكريمة قد جعلت عقوبة لكل نوع من أفعال الحرابة،  وأن لفظ «أو» إنما يفيد تنوع العقاب بتنوع الفعل. وبهذا الرأي أخذ الشافعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد في بعض الروايات. وحجة هذا الرأي أنه لا يمكن إجراء التخيير على ظاهره، بل لا بد أن تكون العقوبة متناسبة مع قدر الاعتداء، ويقول الكاساني في البدائع « إن قطع الطريق متنوع في ذاته، وإن كان متحداً من حيث الأصل، فقد يكون بأخذ المال وحده، وقد يكون بالقتل لا غير، وقد يكون بالجمع بين أمرين، وقد يكون بالتخويف لا غير، فكان سبب الوجوب مختلفاً ، فلا يحمل على التخيير بل على بيان الحكم لكل نوعه البدائع، جزء 7 ص 94، المبسوط، ج 9 ص 195، مغني المحتاج ج 4 / ص 182). 

ويستند هذا الرأي إلى ما روي عن ابن عباس في تفسير النص القرآني، من أنهم: « إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا؛ وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً نفوا من الأرض». وقد روى الشافعي هذا الأثر في مسنده. 

وقد أخذ المشروع بهذا الرأي الأخير، فجعل العقاب قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو السجن، إذا اعتدى المحارب على المال أو العرض أو الجسم، ولم يبلغ الاعتداء القتل أو الزنا، ويعاقب المحارب بالسجن إذا أخاف السبيل فقط، وبالإعدام إذا قتل نفساً عمداً ، سواء استولى على مال أو لم يستول عليه (شرح فتح القدير، ج 4 / ص 268 ، المبسوط، ج 6 / ص 195 ، البدائع، ج 7 ص 93). كما اختار المشروع السجن في تطبيق عقوبة النفي أخذاً برأي الحنفية، الذين قالوا بأن النفي من الأرض لا يمكن أن يراد بحقيقته ؛ لأن الخروج من أرض الله مستحيل، فلا بد من المجاز الذي يتفق مع إرادة العقاب والزجر وكف الأذى عن المسلمين، وهو ما يتحقق بالحبس ( البدائع جزء 7 ص 95، و الجصاص أحكام القرآن، جزء 2 ص 412، وبداية المجتهد جزء 4 ص 456). 

 مادة (102): لا يجوز إبدال العقوبات المبينة في المادة السابقة ولا العفو عنها. 

الإيضاح 

ولما كانت حدود الله عقوبات مقدرة محددة لا مجال لتخفيضها، أو استبدال غيرها بها، أو وقفها، كما أنه لا عفو فيها ولا شفاعة - فقد حرص المشروع على تأكيد هذا المعنى في هذه المادة، فنص على أنه لا يجوز إبدال العقوبات الجدية في جريمة الحرابة، ولا العفو عنها. 

مادة (103): يعاقب على الشروع في هذه الجريمة بالعقوبة التعزيرية المقررة في هذا القانون، أو أي قانون آخر. 

الإيضاح 

الشروع في الجريمة :

وإذا كانت جرائم الحدود هي أشد أنواع الجرائم في نظر الشارع الإسلامي - فقد نص المشروع في هذه المادة على اعتبارها جناية، ولما كان لا خلاف على أن الحد في الحرابة لا يجب إلا على الجريمة التامة، أما الشروع أو الجريمة غير التامة فلا حد عليها، وإنما يعزر الجاني إذا اشتمل فعله على معصية (المبسوط للسرخسي، ج 9 ص 199 ، والهداية، جزء 2 ص 98 ، و درر الأحكام، جزء 2 ص 85 ، ونهاية المحتاج، جزء 7 ص 162 ، والمغني، جزء 10 ص 313 و 314). فقد نص المشروع على أنه يعاقب على الشروع في الحرابة بالعقوبة التعزيرية المقررة في هذا القانون، أو أي قانون. 

مادة (104): يسقط الحد المبين في المادة (101) من هذا القانون، إذا ترك الجاني تائباً باختياره ما هو عليه من الحرابة قبل القدرة عليه، وذلك بإحدى الطريقتين الآتيتين: 

(أ) إذا ترك فعل الحرابة قبل علم السلطات بالجريمة وبشخص مرتكبها، بشرط إعلان توبته إلى سلطات الأمن أو النيابة العامة بأية وسيلة كانت. 

(ب) إذا سلم نفسه تائباً بعد علم السلطات بالجريمة وقبل القبض عليه. 

ولا يخل سقوط الحد بالتوبة بحقوق المجني عليهم من قصاص أو دية أو رد المال. 

كما لا تخل بالعقوبات التعزيرية المقررة في هذا القانون أو أي قانون آخر، إذا کون الفعل جريمة معاقباً عليها قانوناً . 

الإيضاح  

سقوط الحد بالتوبة: 

ولما كان حد الحرابة يسقط بالتوبة عملاً بقوله تعالى: ( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ). 

فقد عالج المشروع في المادة (104) سقوط الحد بتوبة الجاني. وقد فرض المشروع 

حالتين للتوبة، الأولى: أن يترك الجاني فعل الحرابة قبل علم السلطات بالجريمة وبشخص مرتكبها، بشرط إعلان توبته لسلطات الأمن أو النيابة العامة بأي وسيلة كانت. والثانية: أن يسلم الجاني نفسه تائباً بعد اكتشاف الجريمة وقبل القبض عليه من السلطات. 

وفي كلا الحالتين لا يخل سقوط الحد بالتوبة بحقوق المجني عليهم من قصاص أو دية أو رد المال؛ لأنها من حقوق العباد، كما لا يخل بتوقيع العقوبات التعزيرية المقررة في هذا القانون أو أي قانون آخر، إذا كان الفعل جريمة معاقباً عليها قانوناً » 

کا نصت المادة (105) من المشروع على أنه إذا تحققت النيابة من توبة الجاني وفقاً  لأحكام المادة السابقة - أمرت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى. 

مادة (106): إذا لم يكن الجاني بالغا وقت ارتكاب الجريمة، يعزر على الوجه الآتي: 

(أ) إذا كان قد أتم السابعة ولم يتم الثانية عشرة، فللقاضي أن يوبخه في الجلسة، أو أن يأمر بتسليمه لوالديه، أو لمن له حق الولاية على نفسه، أو إيداعه إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية المبينة في القانون رقم (31) لسنة 1974 بشأن الأحداث. 

(ب) إذا أتم الثانية عشرة ولم يتم الخامسة عشرة، يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات. 

(ج) إذا أتم الخامسة عشرة ولم يتم الثامنة عشرة، يعاقب بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات. 

تعزير الصبي: 

يمر الإنسان وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية بمرحلتين قبل أن يصل إلى البلوغ، الذي يفترض أنه قد اكتمل له فيه الإدراك والإرادة وأصبح مسئولاً عن أفعاله بصورة كاملة الأولى: مرحلة عدم التمييز، وهي من تاريخ الولادة حتى قبل إتمامه السابعة، وفيها لا يكون مسئولاً جنائياً. والثانية: وتبدأ من السابعة حتى البلوغ، وفيها يعزر على الجرائم التي يرتكبها بأوجه التعزير المناسبة لسنه، مع العمل على إصلاح شأنه ، وهو ما التزمه المشروع في المادة (106) عند تحديد عقوبات التعزير التي توقع على الصغير  . 

وإذا كانت سن البلوغ - حسبما تقضي المادة (31) من المشروع - هو بإتمام ثاني عشرة سنة هجرية، ما لم يثبت بلوغ الجاني قبل ذلك بالطريق الشرعي - فإنه إذا أثبت للمحكمة أنه قد ظهرت على الصبي أمارات البلوغ الطبيعية قبل تمام الثامنة عشرة - فتوقع عليه عقوبة الحد التي توقع على البالغ، متى توافرت شروط توقيعها. 

الإثبات: 

مادة (107): 

إثبات جريمة الحرابة المعاقب عليها حداً يكون في مجلس القضاء بإحدى الوسيلتين الآتيتين: 

الأولى: إقرار الجاني قولاً أو كتابة ولو مرة واحدة، ويشترط أن يكون الجاني بالغاً عاقلاً مختاراً وقت الإقرار، غير متهم في إقراره، وأن يكون إقراره صريحاً واضحاً منصباً على ارتكاب الجريمة بشروطها. 

الثانية: شهادة رجلين بالغين عاقلين عدلين مختارين، غير متهمين في شهادتها، مبصرین قادرين على التعبير قولاً أو كتابة، وذلك عند تحمل الشهادة وعند أدائها.  

وتثبت عند الضرورة بشهادة رجل وامرأتين أو أربع نسوة. 

ويفترض في الشاهد العدالة ما لم يقم الدليل على غير ذلك قبل أداء الشهادة، ويشترط أن تكون الشهادة بالمعاينة، لا نقلاً عن قول الغير، وصريحة في الدلالة على وقوع الجريمة بشروطها، ولا يعد المجني عليه شاهداً إلا إذا شهد لغيره. 

الإيضاح تثبت جريمة الحرابة بها تثبت به جرائم الحدود عامة، وقد أخذت الشريعة الغراء في إثبات جرائم الحدود بنظام الدليل المحدد، حتى لا يترك الأمر فيها المحض تقدير القاضي، والدليل الشرعي المقبول في جرائم الحدود هو الإقرار والشهادة، وهو ما التزمه المشروع في إثبات حد الحرابة. 

كما حرص المشروع على النص على أنه يكفي الإقرار مرة واحدة؛ نظراً لاختلاف الرأي فيما إذا كان ينبغي أن يتكرر الإقرار بمقدار عدد الشهود، أم يكفي الإقرار مرة واحدة، وقد أخذ المشروع في ذلك برأي الجمهور من أنه لا حاجة للتكرار إلا في حد الزنا، ولا يقاس عليه. «المبسوط، ج 9 ص 182 ، البدائع ج 7 ص 51 ، ابن عابدين جزء 2 ص 294». كما نص المشروع على أن تكون البينة بشهادة رجلين، وتثبت الجريمة عند الضرورة بشهادة رجل وامرأتين أو أربع نسوة. 

شروط صحة الإقرار والشهادة: 

کا حرص المشروع على أن تضم نصوصه شروط صحة الإقرار والشهادة، دون إحالة في ذلك إلى كتب الفقه - کا جرت بعض التشريعات العربية -، وذلك التزاماً منه بمبدأ الشرعية الذي يقضي بأن يبين القانون الجنائي كل ما يتصل بالجريمة والعقوبة من أركان وشروط وأحكام، دون أن يكمل في ذلك بها يخرج عن نصوصه، هذا فضلاً عن مشقة الرجوع إلى كتب الفقه، وصعوبة تحديد الراجح بين المذاهب أو داخل المذهب الواحد. 

وقد تناولت المادة (107) من المشروع شروط صحة الإقرار، وهي أن يكون الجاني عاقلاً بالغاً مختاراً وقت الإقرار، غير متهم في إقراره، وأن يكون إقراره صريحاً واضحاً لا خفاء فيه، تفصح عبارته عن حقيقة المقصود به دون لبس أو غموض، وأن يكون منصباً على ارتكاب الجريمة بكل أركانها وشروطها «تبصرة الحكام، جزء 2 ص 40». 

کا نص المشروع في المادة (108) على جواز رجوع الجاني عن إقراره آخذاً برأي الجمهور. وفي هذه الحالة يسقط الحد إذا لم يكن ثابتاً إلا بالإقرار « شرح الخرشي، جزء 5 ص 344، حاشية الدسوقي، جزء 4 ص 345، مواهب الجليل، جزء 6 ص 312 ، وأسني المطالب، جزء 4 ص 150 ، والبدائع، جزء 7 ص 88 ، وفتح القدير، ج 4 / ص 258. 

ولا خلاف بين الفقهاء في اشتراط العدالة في الشاهد؛ لقوله سبحانه وتعالى (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ)، ولقوله تعالى: (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ). والمراد بالعدالة أن يجتنب الشخص الكبائر، ويتقي في الغالب الصغائر. ومن المتفق عليه أن مما يخل بالعدالة ارتكاب أفعال الفسق، والأفعال التي تنال من المروءة، أو تجرح الكرامة. «شرح الخرشي، ج5/ ص 177 ، ومواهب الجليل، ج 6 / ص 150 ، وشرح فتح القدیر، ج 4 / ص 407، وتبصرة الحكام، ج 1 / ص 217». 

وقد اختلف الفقهاء في ثبوت العدالة، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب على القاضي التحري عن عدالة الشهود، والتحقق من ثبوتها ولو لم يجرحهم المشهود عليه، لأن عدالة الشاهد شرط لازم للحكم بمقتضى شهادته « مواهب الجليل، ج 6 / ص 150 ، وأسنى المطالب ج 4 / ص 312 ، والمغني، ج 9 ص 165». 

وذهب أبو حنيفة إلى أنه يفترض في الشاهد العدالة ما لم يجرحه المشهود عليه قبل أداء الشهادة. واستثنى من ذلك الحدود والقصاص فإنه يسأل فيها عن الشهود وإن لم يجرحهم الخصم لأنه يحتال لإسقاطها فيشترط الاستقصاء فيها. (شرح فتح القدير ج4 ص 116، البدائع ج 6 / ص 270 ، المبسوط ج 9 ص 38). 

وذهب المالكية إلى أنه يكتفى بظاهر عدالة الشاهد ولا يسأل عنه، إلا إذا جرحه المشهود عليه؛ وذلك استنادا إلى ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الناس عدول بعضهم على بعض، إلا محدودا في قذف». (حاشية الدسوقي، ج 4 / ص 319). 

وبهذا الرأي الأخير أخذ المشروع، فنص في المادة (107) الفقرة الثالثة على أنه «فترض في الشاهد العدالة، ما لم يقم الدليل على غير ذلك قبل أداء الشهادة». وقد آثر المشروع هذا الرأي عملاً على سرعة البت في القضايا، ولصعوبة تحقيق صفة تتناول كل حياة الشاهد ولا تقتصر على وقائع محددة، وهو تحقيق قد يطول أمده، ويتعذر في أغلب الأحيان إجراؤه. ولذلك اعتبر المشروع أن الأصل في الشاهد العدالة، ما لم يثبت العكس بأن يجرحه المشهود عليه قبل أداء الشهادة بنسبة وقائع معينة محددة من شأنها أن تحل بعدالته، فإذا ثبت للقاضي من التحقيق صدق ادعائه، رد شهادة الشاهد لانتفاء العدالة. 

كما اشترط المشروع في الشاهد الإبصار والقدرة على التعبير قولاً أو كتابة، وإنما اشترط المشروع الإبصار رغم وقوع الخلاف عليه في الفقه؛ لأن جريمة الحرابة تقوم على الأفعال المرئية التي تقتضي تمييز الأشخاص والأفعال بالبصر. ويستند المشروع في ذلك إلى ما يراه الحنفية من اشتراط الإبصار في الشاهد عند التحمل وعند الأداء؛ لأن الشهادة تقتضي العلم بالواقعة وتمييزها بأوصافها الخاصة ومعرفة المشهود له والمشهود عليه « المبسوط، ج 16 / ص 129 ، وشرح فتح القدير، ج 6 / ص 29 » كما يستند المشروع كذلك إلى ما يراه الشافعية من عدم جواز شهادة الأعمى في الأفعال المرئية كالقتل والسرقة وقطع الطريق «المهذب، ج2/ ص 33، ومغني المحتاج، ج 4 / ص 44 » 

أما اشتراط القدرة علي التعبير قولاً أو كتابة، فقد أخذ المشروع فيه برأي المالكية من قبول شهادة الأخرس إذا استطاع أن يؤديها بالكتابة، ذلك أن الكتابة تستوي مع القول في إمكان التعبير عن الفكرة في وضوح. «حاشية الدسوقي، ج4/ ص167، شرح الخرشي ج5/ ص 179 ومواهب الجليل ج6 ص154،،. 

وإذا كان لا خلاف في الفقه حول قطعية الشهادة وصراحتها وورودها على كافة وقائع الجريمة وزمانها و مكانها، فقد اشترط المشروع في الفقرة الرابعة من المادة (107) لصحة الشهادة أن تكون صريحة الدلالة على وقوع الجريمة بالشروط المبينة في القانون، فلا يكفي أن يشهد الشاهد على بعض وقائع الجريمة وشروطها، ويشهد الآخر على باقيها بحيث تتكامل الشهادتان، بل ينبغي أن يشهد كل شاهد منها على كافة وقائع الجريمة وشروطها المبينة في القانون، أما إذا زاد عدد الشهود عن اثنين، فيكفي أن يتوفر نصاب الشهادة بالنسبة لكل واقعة على حدة، فيجوز أن يشهد شاهدان على واقعة، ويشهد آخران على واقعة أخرى، وتثبت الجريمة بشهادتهم جميعاً طالما اكتمل نصاب الشهادة بالنسبة لكل واقعة. 

كما أفسح المشروع للجاني مجال الرجوع في إقراره طوال مراحل نظر الدعوى، حتى صدور الحكم النهائي من محكمة الجنايات، إذ بهذا الحكم تخرج الدعوى من ولاية المحكمة. 

عدم اكتمال شروط الدليل الشرعي: 

عني المشروع بالنص في المادة (109) على أنه في حالة عدم اكتمال شروط الدليل الشرعي المبينة في المواد (107) من المشروع، أو لعدول الجاني عن إقراره طبقاً للمادة (108)، ولم تكن الجريمة ثابتة إلا به تطبق العقوبات التعزيرية الواردة في قانون العقوبات أو أي قانون آخر إذا كون الفعل جريمة معاقبا عليها قانوناً ، وذلك متى ثبت للقاضي ارتكابها بأي دليل أو قرينة أخرى، وذلك على أساس أن الإثبات في الحدود يعتبر ركناً موضوعياً في الجريمة الحدية، بحيث إذا لم يتوافر انتفت الجريمة لفقدان أحد أركانها، فإذا كون ذات الفعل المادي جريمة معاقباً عليها تعزيراً بمقتضى هذا القانون أو أي قانون آخر، وجب معاقبة الجاني عليها على أساس أنها تعتبر جريمة أخرى تختلف عن الجريمة الحدية في أركانها. إذ ينقصها ركن الإثبات وإن اتحدت مع الجريمة الحدية في باقي الأركان، ويكون إثباتها في هذه الحالة متروكاً المطلق تقدير القاضي الجنائي دون التقيد بدليل أو قرينة معينة تمشياً مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، من أن إثبات جرائم التعزير - خلافاً لجرائم الحدود والقصاص - لا يتقيد بطرق خاصة « الفتاوی الهندية، ج 2 ص 167». وهو ما يتفق مع مبدأ حرية الإثبات في المسائل الجنائية المعمول به في القانون الوضعي. 

العود: 

کا عالج المشروع في المادة (110) عود الجاني إلى ارتكاب الجريمة بعد توقيع الحد، عليه. وإذا كان الأصل في القوانين الوضعية هو تشديد العقاب في حالة العود؛ زيادة في ردع الجاني الذي لم تردعه عقوبة الجريمة الأولى - فإن الوضع يختلف بالنسبة للحدود، فالعقوبة الحدية لا يجوز تشدیدها مهما تكرر العود؛ ذلك أن الحدود عقوبات معينة محددة لا مجال للزيادة فيها أو النقص منها، ولا يحل للحاكم أو القاضي تجاوزها، وإلا كان متجاوزاً حدود الله، هذا أمر لا جدال فيه ولا خلاف عليه، وإنما وقع الخلاف في إمكان توقيع حد القطع في الجريمة التالية على الجاني العائد الذي سبق قطع يده اليمنى ورجله اليسرى، وهل تقطع باقي أطرافه، أو تستبدل بعقوبة القطع عقوبة أخرى؟ 

ذهب رأي إلى جواز تكرار القطع حتى تقطع كل أطرافه، وحجته خبر روي عن أبي هريرة رضي الله عنه مضمونه أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في السرقة الثالثة والرابعة، كما يستدل هذا الرأي من القياس بأن الأطراف تقطع جميعها في القصاص لأجل حقوق العباد، فتقطع أيضاً إذا تكررت السرقة، ومن هذا الرأي مالك والشافعي. 

وذهب رأي آخر إلى أنه بعد قطع يده اليمنى ورجله اليسرى لا تقطع له يد ولا رجل، بل يحبس حتى تستبين توبته. وحجة هذا الرأي أن قطع شيء بعد اليد اليمنى والرجل اليسرى لا يمكن معه أن يقوم المقطوع بحاجاته، ويستند هذا الرأي إلى ما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه من أنه أتي برجل مقطوع اليد والرجل اليسرى، فقال لأصحابه ما ترون في هذا؟ قالوا: « اقطعه يا أمير المؤمنين». قال: « قتلته إذن، وما عليه القتل». ومن هذا الرأي الحسن البصري، والشعبي، وإبراهيم النخعي، وأبو سفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل. 

وبهذا الرأي الأخير أخذ المشروع؛ لأن فيه إبقاء على حياة الجاني، وحتى يستطيع أن ينال بنفسه المطالب الضرورية لحياته، وفي هذا الأساس جرى المشروع في المادة (110) على أنه إذا ارتكب العائد من أفعال الحرابة ما يستوجب الإعدام أو الإعدام والصلب - وقعت عليه هاتان العقوبتان، أما إذا اقتصر على ارتكاب ما يوجب حد القطع، فإنه لا قطع عليه، ويكتفى بعقوبة السجن. 

أما ما نصت عليه المادة (111) بشأن إجراءات التحقق من توبة العائد، فهي إجراءات تنظيمية قصد بها التثبت من حصول التوبة بالفعل، والاطمئنان إلى عدم عودة الفاعل للجريمة مرة أخرى، ولكن كانت التوبة في ذاتها أمراً مضمراً بين العبد وربه، إلا أنه لما كانت الأحكام لا تناط إلا بالمظاهر الخارجية الواضحة - فقد وضعت هذه الإجراءات التحقيق هذه الغاية. 

أحكام خاصة في القطع: 

وقد يحدث أحياناً أن تكون يد السارق اليمني ورجله اليسرى شلاء أو مقطوعة الإبهام أو الأصبع، وفي هذه الحالة اختلف الفقهاء في شأن القطع، فذهب الحنفية إلى أنها تقطع؛ لأنها لو كانت سليمة تقطع باتفاق، فالناقصة المعيبة أولى بالقطع « البدائع، ج 7/ ص 87». وبهذا الرأي أخذ المشروع في الفقرة الأولى من المادة (115).  

كما أن هناك حالات أخرى رأى الفقهاء ألا قطع فيها، وهي الحالات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة. 

فبالنسبة للحالتين (أ)، (ب) أخذ فيهما المشروع بمذهب الحنفية؛ لأن القطع شرع للزجر لا للإهلاك «شرح فتح القدير، ج 4 / ص 250 ، المبسوط، ج 9 ص 168). 

أما بالنسبة للحالة (ج) فقد أخذ المشروع فيها برأي الجمهور الذي يرى أن القطع يسقط، ولا ينتقل الحد إلى عضو آخر «شرح الخرشي، ج5/ ص 345، حاشية الدسوقي ج 4 / ص 347 ، مواهب الجليل، ج 6 / ص 313 ، البدائع ج 7 ص 88 ، المغني ج 10/ ص 269 . 

على أن امتناع القطع في الحالات السابقة لا يعفي الجاني من عقوبة التعزير، ولذلك قضى المشروع في الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أن تستبدل بالقطع في هذه الحالات السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الحادي عشر ، الصفحة / 65 

تَخْوِيفٌ

التَّعْرِيفُ:

التَّخْوِيفُ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: جَعْلُ الشَّخْصِ يَخَافُ، أَوْ جَعْلُهُ بِحَالَةٍ يَخَافُ النَّاسَ. يُقَالُ: خَوَّفَهُ تَخْوِيفًا: أَيْ جَعَلَهُ يَخَافُ، أَوْ صَيَّرَهُ بِحَالٍ يَخَافُهُ النَّاسُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ) :إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ (أَيْ يَجْعَلُكُمْ تَخَافُونَ أَوْلِيَاءَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يُخَوِّفُكُمْ بِأَوْلِيَائِهِ.

وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

الإْنْذَارُ:

الإْنْذَارُ هُوَ: التَّخْوِيفُ مَعَ إِعْلاَمِ مَوْضِعِ الْمَخَافَةِ. فَإِذَا خَوَّفَ الإْنْسَانُ غَيْرَهُ وَأَعْلَمَهُ حَالَ مَا يُخَوِّفُهُ بِهِ، فَقَدْ أَنْذَرَهُ.

فَالإْنْذَارُ أَخَصُّ مِنَ التَّخْوِيفِ. 

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

مَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا:

أ - التَّخْوِيفُ بِالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ:

يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الإْكْرَاهَ يَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ طَوِيلٍ.

أَمَّا التَّخْوِيفُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ الْيَسِيرَيْنِ فَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ، فَالتَّخْوِيفُ بِضَرْبِ سَوْطٍ أَوْ حَبْسِ يَوْمٍ فِي حَقِّ مَنْ لاَ يُبَالِي لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، إِلاَّ أَنَّ التَّخْوِيفَ بِهِمَا يُعْتَبَرُ إِكْرَاهًا فِي حَقِّ ذِي جَاهٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَضِرُّ بِهِمَا، كَمَا يَتَضَرَّرُ وَاحِدٌ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَذَلِكَ كَالْقَاضِي وَعَظِيمِ الْبَلَدِ، فَإِنَّ مُطْلَقَ الْقَيْدِ وَالْحَبْسِ إِكْرَاهٌ فِي حَقِّهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ - أَنَّ الإِكْرَاهَ يَحْصُلُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ فَقَطْ.

وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّخْوِيفَ بِالْحَبْسِ لاَ يَكُونُ إِكْرَاهًا.

ب - التَّخْوِيفُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَإِتْلاَفِهِ:

يَرَى الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - حُصُولُ الإْكْرَاهِ بِالتَّخْوِيفِ بِأَخْذِ الْمَالِ «إِذَا قَالَ مُتَغَلِّبٌ لِرَجُلٍ: إِمَّا أَنْ تَبِيعَنِي هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَدْفَعَهَا إِلَى خَصْمِكَ، فَبَاعَهَا مِنْهُ، فَهُوَ بَيْعُ مُكْرَهٍ.

وَيَشْتَرِطُ الْقُهُسْتَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِحُصُولِ الإْكْرَاهِ - كَمَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ عِبَارَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ - كَوْنُ التَّخْوِيفِ بِإِتْلاَفِ كُلِّ الْمَالِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - إِنَّ الإْكْرَاهَ يَحْصُلُ بِأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ وِإِتْلاَفِهِ. وَهُنَاكَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ أَحَدُ الأْقْوَالِ الثَّلاَثَةِ لِلْمَالِكِيَّةِ - أَنَّ التَّخْوِيفَ بِأَخْذِ الْمَالِ لَيْسَ إِكْرَاهًا.

وَلِلْفُقَهَاءِ تَفَاصِيلُ فِي مَعْنَى الإْكْرَاهِ وَأَنْوَاعِهِ وَشُرُوطِهِ وَأَثَرِهِ وَمَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا تُنْظَرُ فِي مَوَاطِنِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَفِي مُصْطَلَحِ (إِكْرَاهٌ).

الْقَتْلُ تَخْوِيفًا:

لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي إِمْكَانِ حُصُولِ الْقَتْلِ بِالتَّخْوِيفِ. كَمَنْ شَهَرَ سَيْفًا فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ، أَوْ دَلاَّهُ مِنْ مَكَانٍ شَاهِقٍ فَمَاتَ مِنْ رَوْعَتِهِ، وَكَمَنْ صَاحَ فِي وَجْهِ إِنْسَانٍ فَجْأَةً فَمَاتَ مِنْهَا، وَكَمَنْ رَمَى عَلَى شَخْصٍ حَيَّةً فَمَاتَ رُعْبًا وَمَا إِلَى ذَلِكَ.

وَتُنْظَرُ التَّفَاصِيلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَنْوَاعِ الْقَتْلِ، وَصِفَةِ كُلِّ نَوْعٍ، وَحُكْمِ الْقَتْلِ بِالتَّخْوِيفِ فِي مُخْتَلَفِ صُوَرِهِ فِي مُصْطَلَحِ (قَتْلٌ).

الإْجْهَاضُ بِسَبَبِ التَّخْوِيفِ:

يَرَى الْفُقَهَاءُ وُجُوبَ الضَّمَانِ عَلَى مَنْ خَوَّفَ امْرَأَةً فَأَجْهَضَتْ بِسَبَبِ التَّخْوِيفِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ فِي الإْجْهَاضِ الْمُعَاقَبِ عَلَيْهِ،وَعُقُوبَةُ الإْجْهَاضِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِجْهَاضٌ).