1- لما كانت الأحكام فى المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال ، وكان الشارع يوجب فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة ؛ حتى يتضح وجه استدلالها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً ، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة سالفة البيان هو أن يثبت قاضي الموضوع فى حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، وأنه ينبغي ألا يكون هذا الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام يتعذر معه تبين مدى صحته من فساده فى التطبيق القانوني على واقعة الدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبته أو نقله من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على أوجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها فى موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما يتعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكانت المادة 86 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992 قد عرفت الإرهاب بقولها : ( يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع ، يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو أمنه للخطر ، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح ) ، وكان الحكم قد دان الطاعنين من الأول حتى الخامس بجريمة قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوى إلى تعطيل أحكام الدستور ومنع سلطات الدولة من ممارسة أعمالها والإضرار بالوحدة الوطنية وكان الإرهاب وسيلتها فى تنفيذ هذه الأغراض ، ودان الطاعنين من الأول وحتى الثاني عشر بجريمة إمداد هذه الجماعة بمعونات مادية ومالية مع علمهم بالغرض الذي تدعو إليه ، كما دان الطاعنين من السادس وحتى الطاعن الأخير بجريمة الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون مع علمهم بأغراضها ، وهذه الجرائم الثلاث مؤثمة بالمادتين 86 مكرراً /1،3 ، 86 مكرراً أ/1 من قانون العقوبات ، وهي لا تتحقق إلا بتوافر ركنين أولهما مادي ويتمثل فى مظاهرالقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ؛ فالسلوك الإجرامي فى جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بمايشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذي حدده القانون ، ويتسع هذا المعنى إلى الصورالتي خلفتها التكنولوجيا الحديثة ، فلا يقف عند المعنى المادي للعنف ، فيعتبر من قبيل العنف المكون للإرهاب استخدام نظم المعلومات لأغراض إرهابية ، أما الركن الثاني فهو معنوي ويتمثل فى القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة ، فيشترط اتجاه إرادته إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 سالفة البيان ، فيشترط أن يكون الهدف من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب فى عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام وإكراه إحدى السلطات على تغيير موقفها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء فى معرض إيراده لواقعة الدعوى أو فى سرده لأدلة الثبوت فيها على وجود جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والغرض من تأسيسها وكيفية الانضمام إليها ، وكيف أنها اتخذت الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها ، وماهية المعونات التي تم إمدادها بها وكيفية إمدادها بها، وماهية الأفعال التي قارفها الطاعنون سالفوا الذكر والمثبتة لارتكابهم للجرائم الثلاث سالفي البيان ، هذا فضلاً عن أنه دان الطاعنين من الثاني حتى الطاعن الأخير بجريمة الاشتراك فى اتفاق جنائي الغرض منه قلب دستور الدولة وشكل حكومتها والمنصوص عليها فى المادة 96 من قانون العقوبات ، ودان الطاعن الأول بجريمة الاشتراك بطريق التحريض على ارتكاب تلك الجريمة - المنصوص عليها بالمادة 95 من ذات القانون - دون أن يدلل على قيام هذا الاتفاق ما بين الطاعنين من الثاني وحتى الأخير ؛ إذ لم يكشف فى أسبابه عن شواهد هذا الاتفاق أو يورد فيه ما يرشح لقيامه ، كما أنه لم يبين كيفية اشتراك الطاعن الأول بتحريضه على ارتكاب تلك الجريمة مكتفياً بما نسبه له من أنه حرض على مقارفتها ، ودان الطاعنين السابع ومن التاسع والعشرين حتى الخامس والثلاثين بجريمة حيازة أجهزة اتصالات وبث دون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة والمعاقب عليها بالمواد 44،70 ، 77 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات دون أن يدلل تدليلاً سائغاً على حيازة أي متهم لها ، كما دان الطاعنين الخامس ومن الثامن حتى العاشر ومن السادس عشر حتى الثالث والثلاثين بجريمة إذاعة أخبار وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام المنصوص عليها بالمادة 80 من قانون العقوبات دون أن يستظهر ما إذا كانت المواد الإعلامية المضبوطة قد تم تغيير الحقيقة فيها بمعرفة أي من الطاعنين سالفي الذكر وجرى بثها ، ومن ثم فإن الحكم يكون قاصراً فى بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم سالفة البيان والظروف التي وقعت فيها وفى بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيباً بما يوجب نقضه .
(الطعن رقم 21819 لسنة 85 جلسة 2015/12/03)
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله " من أنه بتاريخ .... رصد الرائد .... رئيس مباحث قسم .... ثلاث مظاهرات نظمتها جماعة .... بدائرة القسم ، الأولى مكونة من مائتي وخمسون فرداً أمام جامع .... والثانية بذات العدد من أمام مسجد .... والثالثة من أربعمائة شخص أمام مسجد .... وحملوا جميعاً لافتات تدعم الرئيس المعزول مرددين هتافات مناهضة للجيش والشرطة والتقت التظاهرات الثلاثة بشارع .... وأغلقوه من الاتجاهين مما أثار استياء أهالي المنطقة وعلى أثر مشادات كلامية فيما بينهم قام المتظاهرون من جماعة .... بإلقاء الحجارة وإطلاق الأعيرة النارية من أسلحة نارية خرطوش كانت بحوزتهم صوب قوات الأمن التي تمكنت بمعاونة الأهالي من ضبط المتهمين من الأول حتى الثاني والثلاثين ... وأثناء الضبط شاهد المتهم الثالث والثلاثين .... حاملًا حقيبة جلدية سوداء أخرج منها عبوة مبتكرة من الألعاب النارية وألقاها صوب القوات فأحدثت صوت انفجار شديد فتم ضبطه وضبط العبوة ، كما ضبط معه ورق مقوى مدون عليه إشارات .... وواجهه بالمضبوطات فأقر له بأن العبوة عبارة عن قنبلة أمده بها المتهمان السادس والثلاثون والسابع والثلاثون وكان برفقته وقتها المتهمان الرابع والثلاثون .... والخامس والثلاثون .... ، كما قرر أنه يكفر عناصر الجيش والشرطة وينتمي لجماعة .... ، وأثناء ضبط الواقعة أصيب أمين الشرطة .... بسلاح أبيض أحدث به جرح قطعي بالذراع الأيمن وثبت من تقرير قسم المفرقعات أن العبوة المضبوطة تدخل فى حكم المفرقعات " ، واستند الحكم فى ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بتقرير قسم المفرقعات . لما كان ذلك ، وكان القانون قد أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى تلك الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها ، وإلا كان الحكم قاصرًا . لما كان ذلك ، وكانت المادة 86 من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992 قد نصت على أنه " يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها أو تعطيل الدستور أو القوانين أو اللوائح " ، وكانت الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 86 مكرراً ، 86 مكرراً (أ) من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما : مادي يتمثل فى مظاهر القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع الحاصلة من الجاني ؛ فالسلوك الإجرامي فى جريمة الإرهاب يتخذ شكل العنف بمعناه الواسع بما يشير إليه من معان مختلفة تتضمن استخدام القوة أو التهديد أو الترويع بها على النحو الذي حدده القانون . وثانيهما : يتمثل فى القصد الجنائي العام وهو إدراك الجاني لما يفعله وعلمه بشروط الجريمة فيشترط اتجاه إرادة الجاني إلى استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع مع علمه أن هذا السلوك من شأنه أن يؤدي إلى المساس بالحقوق والمصالح التي حددتها المادة 86 سالفة البيان ، فيشترط أن يكون الهدف من العمل الإرهابي هو الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ، وبذلك يشمل كل الأعمال الإجرامية التي تتجه ضد الدولة أو أن يكون من شأنها خلق حالة من الرعب فى عقول أشخاص معينين أو لدى جماعات من الأشخاص أو لدى الجمهور العام أو إكراه إحدى السلطات على تغيير موقفها سواء بإرغامها على أداء عمل أو الامتناع عنه أو خلق حالة من الأزمة أو خلق حالة تمرد عام أو تهديد الاستقرار أو السلامة أو الوحدة السياسية أو سيادة الدولة ، ويستخلص القصد الجنائي من مضمون أعمال الإرهاب التي ارتكبها الجاني والتي اعتبرها المشرع صورة للسلوك الإجرامي ونتيجته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون وتتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها دون أن يدلل على وجود تلك الجماعة والغرض من تأسيسها قبل انضمامهم إليها ، وكيفية انضمامهم لتلك الجماعة وعلمهم بالغرض من تأسيسها ، كما دانهم بهتافات مناهضة للجيش والشرطة وحيازة مطبوعات ومحررات تتضمن ترويجاً لأغراض تلك الجماعة ولم يبين مضمونها وما حوته من عبارات وألفاظ للوقوف على مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة قانونًا وما إذا كانت تلك المطبوعات والمحررات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها . كما أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر فى التدليل على اقتراف الطاعنين لجريمة الانضمام لجماعة .... الإرهابيين على ما حصله من أقوال الضابط .... الضابط بالأمن الوطني من أن تحرياته أكدت انضمامهم للجماعة سالفة الذكر دون أن يورد فى هذا الخصوص دليلاً يعزز هذه التحريات ويساندها . لما كان ذلك ، ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلًا بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها ، وكان الحكم قد اتخذ من التحريات دليلًا وحيدًا على ثبوت التهمة فى حق الطاعنين ، فإنه يكون فضلًا عن فساد استدلاله قاصرًا فى بيانه .
(الطعن رقم 22781 لسنة 84 جلسة 2015/05/09)
3- لا يلزم فى الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون اتخذت من الإرهاب وسيلة من وسائل تحقيق أغراضها المنصوص عليها بالمادتين 86 مكرراً /2 ، 86 مكرراً(أ) /2 من قانون العقوبات مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، ومن المقرر كذلك أن العلم فى جريمة الانضمام إلى جماعة إرهابية هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به من ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال مادامت الوقائع كما أثبتها تفيد بذاتها توافره ، كما أنه من المقرر أن العبرة فى عدم مشروعية أي جماعة أسست على خلاف أحكام القانون المشار إليها سلفاً هو بالغرض الذي تهدف إليه والوسائل التي تتخذها للوصول لمبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته غرض جماعة الإخوان المسلمين التي انضم إليها الطاعنان هو الإطاحة بالسلام والأمن الداخليين للدولة ومنع مؤسساتها من أداء عملها وتعطيل أحكام الدستور والقانون والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين بمنعهم من إبداء رأيهم فى الاستفتاء على الدستور ، وأنها استخدمت القوة ووسائل غير مشروعة للوصول إلى هدفها مع علم المنضمين إليها بذلك – وعلى النحو الذي أوضحه الحكم – وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى بيان أركان جريمة انضمام الطاعنين لجماعة أسست على خلاف القانون تتخذ من الإرهاب من وسائل لتحقيق أغراضها وحسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن نعي الطاعنين على الحكم بالقصور فى هذا الصدد لا يكون سديداً
(الطعن رقم 32589 لسنة 84 جلسة 2015/11/11)
ملحوظة 1: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.
ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.
(مركز الراية للدراسات القانونية)
نصت الفقرة الأولى على تجريم كل إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أي جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة وذلك على خلاف أحكام القانون .. يكون الغرض منها الدعوى بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الإعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التى كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي بإعتبار أن هذه التنظيمات هي النواة الأولى للعنف والإرهاب.
ويلاحظ أن المشرع هنا يريد أن يواجه الجماعات والتنظيمات السرية التي تنشأ غالباً في السر وعلى خلاف أحكام القانون. ومن ثم فإن الجمعيات والهيئات والمنظمات التي تنشأ وفقاً لأحكام القانون أى المصرح بها من وزارة الشئون الإجتماعية لا ينطبق عليها النص وتخرج عن نطاق دائرة التجريم هنا.
كان من الأوفق أن يكتفي في النص بعبارة " كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة " ويحذف من النص كلمة " أو عصابة " إذ أن القانون لايصرح بإنشاء العصابات. وكلمة " عصابة" تعني أنها مخالفة لأحكام القانون.
وإعمالا للنص فإنه لا يكفي أن يكون إنشاء الجهة أو الهيئة أو المنظمة على خلاف أحكام القانون إذ أن مجرد قيام ذلك الفعل مجرم بنصوص أخرى، بل بأن يتحقق شرط آخر وأن يكون الغرض من هذا الفعل هو الدعوى بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القانون إلى آخر ما جاء بالنص.
ويلاحظ هنا أن تعطيل أحكام الدستور قائم والمطلوب هو تعطيل أعماله، أما تعديل أحكامه فيعنى المطالبة بتعديل بعض مواده فقط، ولما كان الدستور هو المنظم لمؤسسات الدولة والعلاقة بينها ومن ثم فإن الدعوى إلى تعطيله يصيب تلك المؤسسات و لاشك بالشلل التام ولابد أن تكون تلك الدعوة صادرة عن تنظيم مخالف للقانون فقد أوضح السيد الدكتور رئيس المجلس تلك النقطة حيث قال سيادته المشروع هنا لا يعاقب على مجرد الدعوى حتى إلى التعطيل إنما هذه جمعية أي تنظيم معين يهدف إلى هذه الدعوى فلو أنك غير منتمي إلى تنظيم معين ونشرت مقالاً معيناً أو شيئاً من هذا القبيل فلا يتعرض لك أحد حتى ولو طالبت بتغير القانون لأنك لا تطالب بتعطيل الدستور أو القانون خلافاً لما رسمه الدستور وبالتالي لا يجوز أن نعصر النصوص ونؤولها هذا المشروع لا يعاقب على مجرد الدعوة وإنما يعاقب على الدعوة إلى مناهضة الدستور والقانون في إطار تنظیم مخالف للقانون أي تنظيم سري وبالتالي يكمن عنصر الخطر على المجتمع .
وخلاصة ذلك أن مجرد الدعوة إلى أي فكر ليست محلا للتجريم بذلك النص وإنما محل التجريم هو الدعوة إلى أمور غير مشروعة حددها النص في إطار تنظيم سرى أو أنشأ على خلاف أحكام القانون.
العقوبة :
العقوبة هي السجن أي من ثلاثة سنوات إلى خمسة عشرة سنة.
ظرف مشدد :
نص المشرع في نهاية الفقرة الأولى من المادة 86 مكرر على ظرف مشدد وذلك بنصه " ويعاقب بالسجن المشدد من تولى زعامة أو قيادة ما فيها أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه ".
الجريمة الثانية :
الإنضمام إلى إحدى الجمعيات المشار إليها بالفقرة الأولى :
عملا بنص الفقرة الثانية من المادة 86 مكرر محل التعليق فإن المشرع قد جرم الإنضمام إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة الأولى أو شارك فيها بأية صورة وذلك مشروط بأن يكون الجاني عالماً بأغراضها، أي أن أركان الجريمة هي الإنضمام إلى إحدى الجمعيات سالفة الذكر أو المشاركة في أعمالها مع العلم بالغرض الذي تدعو إليه، واستخلاص العمل من عدمه مسألة تقديرية لمحكمة الموضوع وذلك حتى لا يقع تحت طائلة العقاب إلا من كان على بينة من حقيقة هذه الأغراض.
العقوبة :
السجن مدة لاتزيد على خمس سنوات أي من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات.
الجريمة الثالثة :
الترويج أو الحيازة :
نص المشرع في الفقرة الثالثة من المادة محل التعليق على أنه "ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة السابقة كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى - وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أياً كان نوعها تتضمن ترويجاً أو تجنياً لشئ مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية استعملت أو أعدت للإستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر ".
وفي الحقيقة فإن هذه الفقرة تحتوي على جريمة خاصة بالترويج وجرائم أخرى خاصة بالحيازة والإحراز.
فأما الجريمة الأولي الخاصة بالترويج فهي معاقبة كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى.
ويلاحظ أن النص هنا عام يعاقب كل من روج بالقول أو بالكتابة أو بأية طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى ومن ثم فهو ينطبق على شخص يأتي ذلك الفعل، ولم يشترط القانون في هذا الشخص أن يكون ممن ورد ذكرهم في الفقرتين الأولى والثانية من نص المادة 86 مكرر، بمعنى أنه لا يشترط أن يكون مؤسساً أو منظماً لهيئة أو منظمة أو جماعة على خلاف أحكام القانون أو منظماً لها، وفي الواقع فإن هذه الصورة تعتبر من صور التحريض المعاقب عليه والتحريض صورة من صور الإشتراك في الجريمة.
أما جرائم الحيازة والإحراز فهی :
1- كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أياً كان نوعها تتضمن ترويجا أو تجنيدا لشئ مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها، وقد آثار هذا النص مخاوف بعض أعضاء مجلس الشعب ولكن السيد المستشار وزير العدل قد أوضح المقصود منه بقوله " أما فيما يتعلق بمعدة للتوزيع فأنني أود أن أوضح أمراً هاماً وهو أن هذا النص مطبق وموجود في المادة 98 (أ) وكذلك – وهذا في النص القائم - "كل من حاز بالذات أو بالواسطة وأحرز محررات أو مطبوعات تتضمن ترويجاً أو تجنيداً لشئ مما ذكر إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها " فكل هذا مشروط بأن يكون معداً للتوزيع يعني من لديه كتاب واحد فلا أما من لديه أكثر من کتاب ومعد للتوزيع هنا العقاب وصل إليه منشور في صندوق البريد الخاص فلا يترتب على ذلك الشئ لكن إذا كان حائزاً لمئات من المنشورات وضبطت لديه فهذه تكون معدة للتوزيع " .
2- كل من حاز أو أحرز وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أو إذاعة شيء مما ذكر، ومن ثم فإن تجريم حيازة أو إحراز إحدى وسائل الطبع أو التسجيل مرتبط بكونها استعملت أو أعدت للإستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.
وخلاصة التعليق على نص المادة 86 مكرر عقوبات أنها طوت ثلاث فقرات مختلفة كل فقرة تتكلم عن فعل مختلف عن الآخر ففي الفقرة الأولى تكلم المشرع عن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار وفي الفقرة الثانية تحدث المشرع عن كل من انضم إلى إحدى الجمعيات المنشأة على خلاف أحكام القانون وفي الفقرة الأخيرة تحدث عن كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى للأغراض المذكورة في الفقرة الأولى. ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 63)
والبين من هذا النص أن هناك ثلاث أقسام من الجرائم تناولتها المادة بالبيان والتفصيل.
القسم الأول :
جريمة إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة جمعية أو هيئة أو منظمة أو عصابة على خلاف القانون وهذه الجريمة حتى تقوم لابد من توافر الأركان والشروط الآتية :
أولا: إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أي جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة على خلاف أحكام القانون .
ثانيا: أن يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة لتعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الإعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو الحريات والحقوق العامة، أو يكون الغرض منها الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي.
العقوبة:
السجن أي من ثلاث سنوات إلى خمسة عشر سنة.
الظرف المشدد:
نص المشرع في نهاية الفقرة الأولى من المادة التي نحن بصددها على ظرف مشدد يتمثل في عقاب متولي الزعامة للتنظيم أو قيادته أو مدة بالمعونات المادية أو المالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه. فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة.
القسم الثاني:
جريمة الإنضمام إلى إحدى الجمعيات التي أشارت إليها المادة (86) في فقرتها الثانية.
العقوبة:
السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات.
القسم الثالث:
جريمة الترويج أو الحيازة قد تضمنتها الفقرة الثالثة وفيها تناول المشرع بالتجريم كل من قام بالترويج سواء بالقول أو بالكتابة أو حيازة أو إحراز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات تتضمن ترويجا لشيء من السالف ذكره بشرط أن تكون معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها، وكذلك حيازة أو إحراز وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أو إذاعة شيء مما ذكر.
العقوبة:
السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات . (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 143)