loading

موسوعة قانون العقوبات​

المذكرة الإيضاحية

موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني،

كفل نص المادة 98 (أ) الجديد العقاب على مجرد إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات المحظور تكوينها بمقتضى هذه المادة سواء أكانت ذات صفة دولية أم غير ذلك وحتى ولو كان غرضها قاصر على تحبيذ أو ترویج شئ مما هو منصوص عليه في نفس المادة ولو لم تقم بأي مجهود نحو تنفيذ هذه الأغراض وبذلك يمكن القضاء على مثل هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات وهي في مهدها دفعا لشرها وخطرها المتوقع كما ضمن النص الحكم على تغليظ العقاب على الأجنبي المقيم في مصر وكذلك المصري المقيم في الخارج إذا أنشأ أحدهما أو أدار فرعاً في الخارج لإحدى هذه الجمعيات أو المنظمات أو الهيئات وكذلك الحال لو أدار في مصر فرعاً لمثل هذه الجمعيات أو المنظمات التي يكون مقرها في الخارج وهو ما لم تحققه المواد القديمة.

الأحكام

1- إذا كان الحكم الصادر بإدانة المتهمين بجريمتى الإنضمام إلى منظمة شيوعية ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات كما ترمى إلى القضاء على طبقة اجتماعية ملحوظا فى تحقيق هذه الأغراض استعمال القوة والوسائل الأخرى غير المشروعة ، وجريمة التحبيذ والترويج لهذه المبادئ - إذ قال ردا على ما يثيره الدفاع فى خصوص زوال المملكة المصرية و الدستور المصرى اللذين كانا موجودين وقت الحادث " إن تغيير شكل الدولة من ملكية إلى جمهورية أو تغيير الدستور لا يلغى الجريمة التى لا زالت فى نظر المشرع معاقبا عليها من وقت حصوله حتى الآن " ، فإن ما قاله الحكم من ذلك صحيح فى القانون ، ويكفى الإستناد إليه فى رفض ما يثيره الدفاع فى هذا الخصوص .

( الطعن رقم 1013 لسنة 28 ق - جلسة 1959/02/03 - س 10 ع 1 ص 131 ق 30 )

2- لما كانت الفقرة الأولى من المادة 98 أ من قانون العقوبات قد نصت على أنه " يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنين وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من انشأ أو أسس أو نظم أو أدار جمعيات أو تنظيمات ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو إلى القضاء على طبقة اجتماعية أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى تحبيذ شيء مما تقدم أو الترويج له متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً فى ذلك " فقد استهدف المشرع من وراء تأثيم الأفعال المشكلة لهذه الجريمة حماية السيادة الداخلية للدولة ضد خطر التنظيم الهدام الذي يرمي إلى المساس بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها . فسياسة التجريم التي عبر عنها المشرع فى تلك المادة تنصرف إلى حماية المصالح الأساسية للدولة التي تقوم عليها سيادتها الداخلية ضد نوع معين من الاعتداء هو التنظيم الهدام أو الترويج له . ولكي يعتبر التنظيم مناهضاً يجب توافر شرطين ، الأول يتعلق بالهدف والثاني يتعلق بالوسيلة . فبالنسبة للهدف أن يرمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو إلى القضاء على طبقة اجتماعية أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو إلى تحبيذ شيء مما تقدم أو الترويج له . وبوجه عام ، فإن المشرع انصرف مراده إلى حماية النظام الاجتماعي والاقتصادي للدولة من خطر المذاهب المتطرفة التي ترمي إلى بسط طبقة على أخرى وتحقيق ديكتاتورية البروليتاريا . وغنى عن البيان ، أن هذه الأهداف يجب أن تتجاوز حدود النقد المباح الذي شرعه الدستور وكفله القانون . وبناء على ذلك فإن ضبط منشورات لا تتضمن غير نقد الحالة السياسية والاقتصادية واتجاهات ذوي الشأن فى حل مشكلات المجتمع فى حدود النقد المباح ليس من شأنه أن يرمي إلى تحقيق أحد الأهداف التي أثمها القانون . وبالنسبة للوسيلة ، أن يكون استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً فى ذلك . ولا يشترط لذلك أن يدعو التنظيم صراحة إلى استعمالها ، وإنما يكفي أن يفهم ضمناً أن برنامجه وخطته التي يرمي إلى تحقيقها تقتضي بحكم اللزوم العقلي اللجوء إلى القوة أو إلى الإرهاب أو إلى أية وسيلة غير مشروعة ، وأن تكون هذه الوسيلة من أهداف التنظيم ، فإذا كانت من آراء بعض أعضائه دون أن تعبر عن رأي التنظيم نفسه فإن ذلك وحده لا يعتبر كافياً كما لا يشترط أن يبدأ التنظيم فى استعمال هذه القوة أو تلك الوسيلة ، بل يكفي التحقق من أن التنظيم قد لاحظ هذه الوسيلة واعتمد عليها فى تنفيذ أهدافه ولا يكفي لذلك أن يدعو التنظيم إلى إحداث تغييرات اجتماعية أو دستورية معينة ولو استعان فى التدليل على قوة حججه ببعض تجارب الدول الأخرى أو إحدى النظريات ما لم يكن مفهوماً على سبيل اللزوم المنطقي أن تحقق هذه الدعوى يتوقف حتماً على استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة غير مشروعة . ولذلك فقد قضت هذه المحكمة - محكمة النقض - بأنه إذا لم يستظهر الحكم أن الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أية وسيلة غير مشروعة كان ملحوظاً فى تحقيقها ، فإنه لا يغير من الأمر ما ذهب إليه الحكم من نسبة تهمة " الشيوعية " إلى المتهم لأن ذكر هذا الاصطلاح - الذي لم تتضمنه نصوص القانون ولم يقرر له تعريفاً - لا يغني عن بيان العناصر التي تتألف منها الجرائم التي استند إليها الحكم فى الإدانة كما هي معرفة فى القانون . ولهذا فإن تصريح المتهمين بأنهم ماركسيون لا يصلح بذاته سنداً للقول بأن مبدأهم هو استعمال القوة والعنف للوصول إلى هدفهم وإنما يشير فقط إلى اتجاهاتهم السياسية والاقتصادية فى علاج مشكلات البلاد الاقتصادية والسياسية . ويتحقق استعمال القوة بجميع وسائل العنف المادي على الأشخاص أو التهديد باستعمال السلاح . كما يتحقق الإرهاب بكافة وسائل الضغط الأدبي أو الإتلاف أو التخريب أو تعطيل المرافق - ولا يشترط فى الوسائل الأخرى غير المشروعة أن تصل إلى حد الجريمة . ولا يتطلب القانون أن تكون هذه الوسائل هي الطريق الوحيد لتنفيذ خطة المنظمة الهدامة بل يكفي أن تكون من طرقها الأصلية أو الاجتماعية . و لما كان الحكم المطعون فيه قد اتبع هذا النظر ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعى بمخالفة القانون _ فى هذا الصدد _ غير صحيح .

( الطعن رقم 5903 لسنة 56 ق - جلسة 1987/02/12 - س 38 ع 1 ص 252 ق 38 )

3- لا جدوى للمتهم فيما يثيره بشأن جريمة الترويج لمبادئ الشيوعية من قصور ما دام الحكم المطعون فيه أجرى فى حقه تطبيق المادة 2/32 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المحكوم بها تدخل فى نطاق عقوبة الجريمة المنصوص عنها فى المادة 98 أ عقوبات التى أثبت الحكم مقارفة المتهم إياها ما دامت أسبابه وافية فى خصوصها ولا قصور فيها .

( الطعن رقم 470 لسنة 26 ق - جلسة 1956/05/28 -  س 7 ع 2 ص 779 ق 217 )

4- إذا كان الحكم قد إستخلص إستخلاصاً سائغاً من مطابقة بعض النشرات التى ضبطت مع الطاعن مع النشرات التى ضبطت عند المتهم الثانى ، ومن إعتراف المتهم الثانى بأن الطاعن كان يرسل له خطابات على غير معرفة ، ومما إنتهت إليه المحكمة من أن الطاعن أرسل للمتهم الثانى الخطاب المتضمن نشرات بعنوان " المقاومة الشعبية " ومطبوعات بهذا العنوان عن تاريخ الثورة الروسية ، إستخلص أن الطاعن هو الذى أرسل للمتهم الثانى النشرات التى ضبطت عنده - فإن ما إنتهت إليه المحكمة فى هذا الشأن يتوافر معه التحبيذ والترويج .

( الطعن رقم 161 لسنة 24 ق - جلسة 1954/05/18 - س 5 ع 3 ص 668 ق 224 )

5- إن الجريمة المنصوص عليها فى المادة 176 من قانون العقوبات تطلب تحقيق العلانية بإحدى الطرق المبينة فى المادة 171 من قانون العقوبات على خلاف ما يتطلبه القانون لقيام جريمتى الترويج و التحبيذ من الإكتفاء بمخاطبة شخص واحد أو فى جمعية خاصة أو فى مكان خاص .

(الطعن رقم 161 لسنة 24 ق - جلسة 1954/05/18 - س 5 ع 3 ص 668 ق 224 )

6- إذا كان الحكم وإن أورد في بيانه لمضمون الأوراق والكتب المضبوطة بعض الأغراض المنشودة، فإنه لم يوضح مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة في القانون - فهو لم يستظهر من واقع هذه المطبوعات أو من ظروف الدعوى وأقوال الشهود التي حصلها أن الالتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أية وسيلة أخرى غير مشروعة كان ملحوظاً في تحقيقها الأمر الواجب توافره للعقاب على جريمتي الانضمام إلى أي جمعية ترمي إلى قلب نظم الدولة الأساسية والاجتماعية والاقتصادية بالقوة، والترويج لأي مذهب يهدف إلى ذلك - اللتين دين بهما الطاعن الثاني، ولا يغير من الأمر ما ذهب إليه الحكم من نسبة تهمة الشيوعية إليه لأن ذكر هذا الاصطلاح - الذي لم تتضمنه نصوص القانون ولم تورد له تعريفاً - لا يغني عن بيان العناصر التي تتألف منها الجرائم التي استند إليها الحكم في الإدانة كما هي معرفة به في القانون. ولما كان هذا القصور الذي شاب الحكم يتناول مركز الطاعن الأول الذي لم يقدم أسباباً لطعنه، فإنه يتعين نقض الحكم للطاعنين معاً عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

( الطعن رقم 2379 لسنة 30 ق - جلسة 27 / 2 / 1961 )

شرح خبراء القانون

ملحوظة 1: بموجب قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وقرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية رقم 174 لسنة 2021 في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر تبدأ من 24 /7 /2021، وبتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في القانون المشار إليه، فقد صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1664 لسنة 2021 المنشور في الجريدة الرسمية، العدد 28 (مكرر) في 18 يوليو 2021، والذي تضمن إحالة الجريمة موضوع هذا النص إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، وذلك خلال فترة سريان قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ.

ملحوظة 2 : انتهت حالة الطوارئ بانتهاء المدة المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية رقم 290 لسنة 2021 المشار إليه أعلاه، دون تمديد، وعليه يعود الاختصاص بنظر الجريمة موضوع هذه المادة إلى المحاكم العادية والقاضي الطبيعي، طالما لم تتم إحالة المتهم إلى محكمة أمن الدولة طوارئ قبل انتهاء الفترة المشار إليها.

(مركز الراية للدراسات القانونية)

وقد سوى النص الجديد بين عقوبة الانضمام إلى الهيئات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 98 (أ) وعقوبة الإنضمام إلى فروع هذه الهيئات المنصوص عليها في الفقرة الثانية ومن البديهي أنه يجب أن يثبت علی من ينضم إلى تلك الهيئات أو يشترك فيها علمه بحقيقة أمرها حتى يمكن أن ينطبق - عليه نص الفقرة الثالثة من المادة 98 (أ).

واعتبر بموجب النص الجديد الإتصال بالهيئات أو الجمعيات المذكورة أو بملحقاتها لأغراض غير مشروعة جريمة بحيث لايشترط لتوافر أركانها أن يبلغ الإتصال لدرجة الإنضمام أو الاشتراك في تلك الهيئات بل يكفي فيها أن تكون هناك علامة غير مشروعة من أي نوع كانت - كأن يتصل شخص بإحدى هذه الهيئات لتلقى تعاليمها تمهيداً لأن يكون في المستقبل أداة لنشر مبادئها أو الالتحاق بخدمتها فيخرج من دائرة العقاب من تصل بالهيئات المذكورة لأغراض علمية أو لأغراض أخرى مشروعة و غير مستترة فيظل عبء الإثبات في هذه الحالة - إثبات أن الإتصال كان الغرض غير مشروع - على عاتق النيابة العامة، وفقاً للمادة 98 (أ) يعتبر التنظيم مناهضاً بشرطين يتعلق الأول بالهدف ويتعلق الثاني بالوسيلة.

الأول: أن يرمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو إلى القضاء على طبقة اجتماعية أو قلب نظام الدولة السياسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو إلى تحبيذ شئ مما تقدم أو الترويج له وبوجه عام فإن المشرع انصرف مراده إلى حماية النظام الاجتماعي والاقتصادي للدولة من خطر المذاهب المتطرفة التي ترمي إلى بسط طبقة على أخرى وتحقيق دكتاتورية البروليتاريا ولذلك كانت تسمى جريمة إنشاء هذا النوع من التنظيمات بجريمة الشيوعية وبناءً على ذلك فإن ضبط منشورات لا تتضمن غير نقد الحالة السياسية النقد المباح ليس من شأنه أن يرمي إلى تحقيق أحد الأهداف التي أثمها القانون.

الثاني: أن يكون إستعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظة في ذلك ولا يشترط لذلك أن يدعى التنظيم صراحة إلى إستعمال القوة أو أي وسيلة غير مشروعة. وإنما يكفي أن يفهم ضمناً أن برامجه وخطته الذي يرمي إلى تحقيقها تقتضي بحكم اللزوم العقلي اللجوء إلى القوة أو إلى أي وسيلة غير مشروعة.

وهذه الجريمة عمدية يلزم لتوافرها وجود القصد الجنائي أي انصراف الإرادة إلى عناصر السلوك المادي المكون للجريمة كما وصفه نموذجها عن وعي بالملابسات المحيطة به طبقاً لهذا النموذج فالقصد الجنائي نية ووعی، وهو في خصوص هذه الجريمة انعقاد النية على عناصر الركن المادي أي على التلاقي مع نوايا الآخرين في السعي نحو هدف من الأهداف المحددة في قاعدة التجريم والإتجاه نحو إستعمال القوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة في سبيل بلوغه وسواء أكان هذا التلاقي إنتمائاً إلى التشكيل في صورة إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أو محض إنضمام أو كان هامشياً مع التشكيل على صورة مجرد إتصال به.

فيلزم أن تقيم سلطة الإتهام الدليل على توافر هذه النية لدى المتهم ويلزم فوق ذلك وعى المتهم بالملابسات التي تطلب قاعدة التجريم إحاطتها بالسلوك کی تتكون به الجريمة أى وعيه بأن الأفراد الآخرين الذين تلاقت بنواياهم نيته سواء على صورة إنتمائية أم على صورة هامشية يسعون إلى هدف من الأهداف المحددة في نص القانون ويزمعون كذلك استخدام القوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة في سبيل تحقيق هذا الهدف، فيجب أن تقيم سلطة الإتهام الدليل على توافر هذا الوعي لدى المتهم.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 115)

إنشاء أو إدارة تشكيلات ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية أو إلی القضاء عليها أو إلى قلب نظم المجتمع الأساسية  .

طبيعة الجريمة :

الجريمة كما هي موصوفة في نموذجها، جريمة فاعل متعدد في كل صورها، الان إرتكابها في كل هذه الصور يستلزم وجود أكثر من شخص، ولا يتصور وقوعها بفاعل وحيد، فالفقرة الأولى من المادة تنص على إنشاء أو إدارة جمعية أو هيئة أو منظمة، الأمر الذي يعني تعدد الفاعلين ولا يتصور بدون هذا التعدد، وكذلك الحال في الفقرة الثانية التي تنص على إنشاء أو إدارة فرع في الخارج الجمعية أو هيئة أو منظمة أو فرع لها في مصر حالة وجودها في الخارج، ويصدق ذات الأمر على الفقرة الثالثة التي تنص على فعل الإنضمام أي العضوية في جمعية أو هيئة أو منظمة أو فرع لها، وعلى الفقرة الرابعة التي تنص على فعل الإتصال بجهة ما منها لغرض غير مشروع أو التشجيع على هذا الإتصال أو تسهيله. فحتى التشجيع على الإتصال أو التسهيل له، جريمة لا تتصور بغير طرفين هما مصدر التشجيع ومستقبله.

والشروع غير منصور في الجناية لأنه إما أن يحدث إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة فتقع الجناية كاملة، وإما ألا يحدث ذلك فلا تتوافر الجريمة.

الركن المادي للجريمة: 

السلوك المكون للجريمة كما هو موصوف في نموذجها، يتألف من ثلاثة عناصر هي تلاقي نية الفاعل مع نية آخرين بشكل حاسم للعمل المشترك على تحقيق هدف معين من ناحية، وأن يكون هذا الهدف هو ذلك الذي حدده القانون من ناحية أخرى، وأن تكون الوسيلة المزمع إستخدامها لبلوغه من ناحية ثالثة وسيلة غير مشروعة.

فالعنصر الأول هو تلاقي نية الفاعل مع نية أخرين، ولابد من إقامة الدليل على هذا التلاقي، فكون زيد وبكر صديقين لا يعني أن زيد يقاسم بكراً نيته في العمل على بلوغ هدف إجرامي معين، إذا لم يكن هناك دليل غير تلك الصداقة، يكشف عن إتحادها في هذه النية بالذات.

والغالب في مجرى الأمور أن العضوية في جماعة معينة بوصفها الدليل على انحسام نية التضامن معها في العمل على تحقيق أهدافها، تثبت بعدة وسائل هي فوق شهادة الشهود من الأفراد العاديين أو رجال البوليس، اكتشاف قوائم أسماء تدل على من هم أعضاء في الجماعة، متى تم هذا الإكتشاف بطريق مشروع وبناءاً على إذن صحيح بالتفتيش، ذلك لأن أي تشكيل جماعي لا ينتظم شمله ولا يتم الترابط بين أفراده دون تسجيل لأسمائهم ومداومة السعي نحو إستبقاء انتمائهم إلى التشكيل بأساليب عدة، منها دعوتهم إلى إجتماعات معينة أو الحصول منهم على معاونات مختلفة أو إخطارهم بتوجيهات ما.

والتلاقي بين النوايا فصل القانون صوره بكلمات "أنشأ أو "أسس" أو "نظم" أو "أدار" "جمعيات" أو "هيئات" أو "منظمات".

فالإنشاء معناه طرح الفكرة وتهيئة المؤيدين لها، والتأسيس معناه تحديد الإطار النهائي للجماعة بتعيين رئيس لها ونائب وسكرتير مثلاً، والتنظيم معناه توزیع مسؤوليات العمل في الجماعة على كوادر أي على لجان كل منها يتولى مسئولية نوعية معينة من نوعيات النشاط، والإدارة معناها الإمساك بزمام المبادرات واتخاذ القرارات والعمل على تنفيذها، وذكر الجمعيات والهيئات والمنظمات يعني التسوية بينها كأسماء وانه يستوي أن تطلق الجماعة أو العصابة على نفسها اسم الجمعية أو الهيئة أو المنظمة.

وأضاف القانون للتلاقي بين النوايا صورة أخرى هي إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة فرع في الخارج لتلك الجماعة سواء من جانب أجنبي مقيم في مصر أو مصري مقيما في الخارج، وإنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة فرع في مصر لمثل تلك الجماعة ولو كان مقرها في الخارج.

كما حدد القانون لذلك التلاقي صورة اقل جسامة وأخف عقاباً من صورة الإنشاء أو التأسيس أو التنظيم أو الإدارة هي صورة محض الإنضمام إلى الجماعة أو الإشتراك فيها بأي صورة. وختم القانون تعداد صور الركن المادي بصورة من التلاقي بين النوايا يمكن أن تسمى بالتلاقي الهامشي هي الإتصال بالجماعة سواء بالذات أو بالواسطة لأغراض غير مشروعة كالوقوف على تعاليمها تمهيداً لإعتناقها ونشرها، وأضاف القانون صورة أخيرة للتلاقي بين النوايا هي تشجيع الغير على ذلك الإتصال أو تسهيله له الأمر الذي يمكن أن يسمي القائمون به" سماسرة المؤامرة".

والعنصر الثاني في السلوك المكون للجريمة هو عدم مشروعية الهدف الجماعي المشترك الذي انعقدت نية فاعل الجريمة على التضامن مع الجماعة في سبيل تحقيقه. فيجب أن يكون هذا الهدف إجراميا على النحو الذي وصفه نموذج الجريمة، أي أن يكون السعي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو إلى القضاء على طبقة إجتماعية أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى هدم نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو إلى مجرد تحبيذ ذلك والترويج له.

فمحل التجريم هو إتجاه النوايا المنعقدة بين أفراد الجماعة إلى تحقيق هذا الهدف أو تحبيذ تحقيقه أو الترويج له.

والعنصر الثالث في الركن المادي وهو أن تكون الوسيلة المزمع استخدامها البلوغ الجماعة هدفا من تلك الأهداف هي القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة.

ومن البديهي أن تقيم النيابة الدليل على أن التشكيل الرامي إلى هدف من تلك الأهداف التي حددها القانون، "ملحوظ" فيه استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة أي يدخل في مخططه برنامج للعنف.

الركن المعنوي للجريمة :

الجريمة عمدية يلزم لتوافرها وجود القصد الجنائي أي انصراف الإرادة إلى عناصر السلوك المادي المكون للجريمة كما وصفه نموذجها، عن وعي بالملابسات المحيطة به طبقاً لهذا النموذج. فالقصد الجنائي كما قلنا نية ووعي.

وهي في خصوص هذه الجريمة إنعقاد النية على عناصر الركن المادي السالف بيانها أي على التلاقي مع نوايا الآخرين في السعي نحو هدف من الأهداف المحددة في قاعدة التجريم والإتجاه نحو استعمال القوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة في سبيل بلوغه، وسواء أكان هذا التلاقي إنتمائية إلى التشكيل في صورة إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أو محض انضمام، أم كان هامشياً مع التشكيل على صورة مجرد اتصال به، فيلزم أن تقيم سلطة الإتهام الدليل على توافر هذه النية لدى المتهم.

ويلزم فوق ذلك وعي المتهم بالملابسات التي تطلب قاعدة التجريم إحاطتها بالسلوك كي تتكون به الجريمة، أي وعيه بان الأفراد الآخرين الذين تلاقت بنواياهم نيته سواء على صورة إنتمائية أم على صورة هامشية، يسعون إلى هدف من الأهداف المحددة في نص القانون ويزمعون كذلك استخدام القوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة في سبيل تحقيق هذا الهدف.

فيجب أن تقيم سلطة الاتهام الدليل على توافر هذا الوعي لدى المتهم.

العقوبة: 

تقرر المادة (98 "أ) عقوبة السجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنين والغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه لمن يرتكب فعل إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو فعل إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة فرع لها في الخارج أو فرع لها في مصر ولو كان مقرها في الخارج.

أما فعل الانضمام إلى الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الفرع أو الإشتراك بأية صورة، فيعاقب عليه بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائتي جنيه.

وفعل الإتصال (بالذات أو بالواسطة) بتشكيل من هذا القبيل لأغراض غير مشروعة أو تشجيع الغير على هذا الإتصال أو تسهيله له، يعاقب عليه بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني،  الصفحة: 202) 

استهدف المشرع من وراء تحريم هذه الجرائم إلى حماية السيادة الداخلية للدولة ضد خطر التنظيم الهدام الذي يرمي إلى المساس بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها، فسياسة التجريم التي عبر عنها المشرع في المادتين 98/ أ و 98/ أ  مكرراً عقوبات تنصرف إلى حماية المصالح الأساسية للدولة التي تقوم عليها سيادتها الداخلية ضد نوع معين من الإعتداء، هو التنظيم الهدام أو الترويج له، وجريمة إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة جمعيات أو تنظیمات بقصد سيطرة طبقة أو قضائها على طبقة أخرى أو قلب نظم الدولة الأساسية أو الترويج لذلك والتي عاقب عليها المشرع - فإن مناط تأثيمها إعتبار التنظيم مناهضاً وضبط منشورات تتضمن نقد الحالة السياسية والاقتصادية خارج الحدود التي كفلها الدستور والقانون وإستعمال القوة أو الإرهاب أو الوسائل الأخرى غير المشروعة لتحقيق هذه الأغراض .

وتتكون عناصر السيادة الداخلية للدولة والتي شملها القانون بالحماية الجنائية في هاتين المادتين فيما يأتي:

 النظم الأساسية للدولة : سواء فيما يتعلق بمقومات المجتمع الأساسية أو بنظام الدولة الاقتصادي أو بنظامها السياسي.

وقد عنيت المادة 98/ أ عقوبات بحماية النظامين الاجتماعي والاقتصادي للدولة بوجه عام، أما المادة 98/ أ مكرراً فقد اهتمت بإعطاء حماية خاصة للنظام الإشتراكي، وهذا النظام ينعكس على كل من النظامين الاجتماعي والاقتصادي للدولة، بالإضافة إلى طابعه السياسي الذي يقوم على "تحالف قوى الشعب العاملة"، لذا امتدت حماية المادة 98/ أ  مكرراً إلى هذا الطابع السياسي "للنظام الإشتراكي"، وقد صيغت هذه المادة في ضوء المقومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كانت تحكم المجتمع في ذلك الوقت. وطبقاً للدستور تسقط كل المعاني التي تتعارض مع المبادئ التي اعتنقها، وخاصة صيغة "تحالف قوى الشعب العاملة" التي حلت محلها الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية، ولهذا يتعين إعادة صياغة هذه المادة لتتفق عباراتها مع حكم الدستور .

ولا تقوم الجريمة بشأن مناهضة "تحالف قوى الشعب العاملة" و "النظام الإشتراكي" إذا حلت محلهما مبادئ أخرى اعتنقها الدستور، وبهذه المبادئ تتحدد المصلحة المحمية، وقد كفل الدستور تحديد المقصود بالنظم الأساسية للدولة في مبادئ معينة، وهذه المبادئ يتوافر معنى المصلحة المحمية في المادتين المذكورتين.

السلطات العامة: ويقصد بهذا الاصطلاح أجهزة الدولة التي تباشر سلطاتها الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية .

صور الركن المادي : 

 تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .

الإشتراك في التنظيمات المناهضة لنظام الدولة .

الترويج للأفكار المناهضة.

حيازة وسائل التعبير عن الأفكار المناهضة .

وفيما يأتي ندرس كلا من هذه الصور الأربع.

وتشترك الجريمتان الأولى والثانية في عنصر واحد هو التنظيمات المناهضة، ولذلك يجب البدء بتعريفها.

التنظيمات المناهضة : 

عاقبت كل من المادتين 98/ أ و 98/ أ مكرراً على إنشاء التنظيمات المناهضة . وقد عبر المشرع عن التنظيم بأنه كل جمعية أو هيئة أو منظمة (المادة 98/ أ) أو جماعة (المادة 98/أ مكررا). وهذه الاصطلاحات مترادفة عند معنى معين وهو وجود تنظيم يجمع عدة أشخاص أيا كانت صورته، سواء توافرت فيه عناصر الجمعية أو المنظمة كما يحددها القانون، وسواء كانت أغراضه الأصلية مشروعة أو غير مشروعة.

ويستوي أن يكون مقر التنظيم في مصر أو أن يكون فرعه في مصر مع وجود مقره الأصلي في الخارج، وقد عنيت المادة 98/ أ بإيضاح هذا المعنى دون المادة 98/ أ مكرراً على أنه يتعين سريانه على جرائم المادة الأخيرة أيضاً لأن التجمع المحظور قانوناً يتوافر سواء كان مقره الأصلي في مصر أو في الخارج. وغني عن البيان أن إنشاء أجنبي يقيم في مصر فرعاً في الخارج من هذه التنظيمات يجعله خاضعا لقانون العقوبات، بناءً على فعله يعد نشاطاً إجرامياً يقع في مصر (المادة الأولى عقوبات) فضلاً عن خضوع هذه الجريمة للقانون المصري طبقاً لمبدأ العينية المنصوص عليه في المادة الثانية (ثانياً) عقوبات، كما أن إنشاء مصري مقيم في الخارج تنظيماً من هذا القبيل يجعله خاضعاً لقانون العقوبات ولو لم يكن قانون البلد الذي يقيم فيه يعاقب على هذا الفعل، ولذلك لا يشترط لمحاكمته أن يعود إلى مصر كما هي الحال طبقاً للمادة الثالثة عقوبات.

هذا عن معنى التنظيم، أما عن وصفه بالمناهضة فقد تميزت كل من المادتين 98/ أ و 98/ أ مكررا عن الأخرى في تحديد معيار هذا الوصف.

المادة 98/ أ: وفقا لهذه المادة يعد التنظيم مناهضاً بشرطين يتعلق الأول بالهدف ويتعلق الثاني بالوسيلة.

الأول: أن يرمي التنظيم إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات، أو إلى القضاء على طبقة اجتماعية، أو إلى قلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو إلى هدم أي نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية، أو إلى تحبيذ شيء مما تقدم أو الترويج له وبوجه عام، فإن المشرع إنصرف مراده إلى حماية النظم الاجتماعية والاقتصادية للدولة من خطر المذاهب المتطرفة التي ترمي إلى بسط نفوذ طبقة على أخرى، وتحقيق دكتاتورية البروليتاريا ولذلك كانت تسمى جريمة إنشاء هذا النوع من التنظيمات بجريمة الشيوعية. وغني عن البيان أن هذه الأهداف يجب أن تتجاوز حدود النقد المباح الذي شرعه الدستور وكفله القانون وبناء على ذلك، فإن ضبط منشورات لا تتضمن غير نقد الحالة السياسية والاقتصادية واتجاهات ذوي الشأن في حل مشكلات المجتمع في حدود النقد المباح ليس من شأنه أن يرمي إلى تحقيق أحد الأهداف التي أثمها القانون .

الثاني: أن يكون استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظا في ذلك، ولا يشترط لذلك أن يدعو التنظيم صراحة إلى استعمال «القوة أو أي وسيلة غير مشروعة»، وإنما يكفي أن يفهم ضمنا أن برنامجه وخطته التي يرمي إلى تحقيقها تقتضي بحكم اللزوم العقلي اللجوء إلى القوة أو إلى أي وسيلة غير مشروعة، وننبه إلى وجوب أن تكون هذه الوسيلة من أهداف التنظيم، فإذا كانت من آراء بعض أعضائه دون أن تعبر عن رأي التنظيم نفسه، فإن ذلك وحده لا يعد كافياً ولكن لا يشترط أن يبدأ التنظيم في إستعمال القوة أو تلك الوسيلة، بل يكفي التحقق من أن التنظيم قد لاحظ هذه الوسيلة واعتمد عليها في تنفيذ أهدافه. ولا يكفي لذلك أن يدعو التنظيم إلى إحداث تغييرات اجتماعية أو دستورية معينة ولو استعان في التدليل على قوة حجته ببعض تحارب الدول الأخرى أو إحدى النظريات، ما لم يكن مفهوما على سبيل اللزوم القطعي أن تحقق هذه الدعوى يتوقف حتماً على استعمال القوة أو أية وسيلة غير مشروعة.

ويتحقق استعمال القوة بجميع وسائل العنف المادي على الأشخاص أو من التهديد باستعمال السلاح. كما يتحقق الإرهاب بكافة وسائل الضغط الأدبي أو الإتلاف أو التخريب أو تعطيل المرافق، ولا يشترط في الوسائل الأخرى غير المشروعة أن تصل إلى حد الجريمة، ولا يشترط القانون أن تكون هذه الوسائل هي الطريق الوحيد لتنفيذ خطة المنظمة الهدامة، بل يكفي أن تكون من طرقها الأصيلة أو الاحتياطية .

وهنا يجدر التنبيه إلى أن المساواة بين استعمال القوة أو الإرهاب وبين أية وسيلة أخرى غير مشروعة - أمر يخالف مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات. فما المقصود بالوسيلة الأخرى غير المشروعة؟ وما معیار عدم المشروعية؟ لا يكفي بطبيعة الحال مجرد مخالفة القوانين واللوائح لإضفاء طابع عدم المشروعية على الوسيلة، وإلا اختل ميزان التجريم الذي يساوي هذه الوسيلة باستعمال القوة أو الإرهاب، إن النص غامض وينقصه التحديد والوضوح، ولا يجوز القياس في مجال التجريم.

المادة 98/ أ مكرراً : تشترط هذه المادة لإعتبار التنظيم هداما شرطاً واحداً وهو الهدف من التنظيم، فتشترط أن يكون الغرض منه الدعوة بأية وسيلة إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الإشتراكي في الدولة أو الحض على كراهيتها أو الازدراء بها أو الدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة، وهنا يلاحظ أنه بينما تحمي المادة 98 (أ) نظام الدولة ضد المذاهب المتطرفة، فإن المادة 98/أ مكرراً تحمي نظام الدولة الإشتراكي ضد خطر النظام الرأسمالي، ويتمثل النظام الإشتراكي في خصائص معينة تبدو في كل من النظامين الاجتماعي والاقتصادي للدولة، وكما بينا من قبل فإنه يتعين تعديل هذه المادة بما يتفق مع المبادئ والمقومات التي يقوم عليها الدستور .

(1) التحريض على مقاومة السلطات العامة: ويستوي في هذا التحريض أن يكون عاماً أو خاصاً بسلطة معينة، وسواء كان ذلك لحملها على أداء عمل معين أو الإمتناع عنه، حقاً ذلك أو غير ذلك، ولا يشترط في هذه المقاومة أن تتم بالقوة أو العنف، فيكفي أن يكون غرض التنظيم هو التحريض على مطلق المقاومة بكافة صورها طالما اتخذت شكلاً لا يسمح به القانون.

(2) ترويج أو تحبيذ شيء من الأمرين السالف بيانهما.

وهنا يجدر التنبيه إلى أن المادة 98/أ مكرراً عقوبات لا تشترط لإعتبار التنظيم مناهضاً أن يكون إستعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظاً في ذلك، أي أن الجريمة تقوم بغض النظر عن الوسيلة التي التجأ إليها الجاني، ومع ذلك، فإن المشرع قد نظر إلى هذه الوسيلة بوصفها ظرفاً مشدداً للعقوبة، كما سنبين فيما بعد عند دراسة العقوبة.

أولاً : تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة : 

تأليف التنظيم المناهض: يتم هذا التأليف كما عبرت المادتان 98/أ و 98/أ مكررا عقوبات بالإنشاء والتأسيس، وهو كل فعل يؤدي إلى تجميع الأفراد الذين يتكون منهم التنظيم إبتداءً وإذا ما تكون التنظيم، فإن الدعوى إلى الانضمام إليه لا تعد تأليفاً له، دون إخلال بمعاقبة الجاني على انضمامه إلى هذه المنظمة وتحريض الغير على هذا الإنضمام، ولا يشترط في هذا التأليف أن يتبع الإجراءات المعروفة في تكوين الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات الأخرى، بل يكفي مجرد القيام الفعلي بالتجمع المنظم المناهض لنظام الدولة عن طريق التخطيط له والدعوة إليه. وهذا التأليف يفترض تعدد الجناة، إذ لا يتصور نشوء المنظمة إلا بعدد من الأفراد، ومن ثم فإنه يقتضي توافر الاتفاق فيما بينهم، فبدونه لا يتوافر معنى الجمعية أو الهيئة أو المنظمة، إذا فلا يكفي مجرد تقرير أحد الأفراد إنشاء منظمة ما، ما لم يكن قد نجح في توفير العدد اللازم الذي أقام به من الناحية الفعلية هذا التنظيم .

إدارة التنظيم المناهض : تتم إدارة التنظيم عن طريق تسييره وتوجيهه والإشراف عليه سواء عن طريق إعطاء التعليمات أو غيرها من أعمال الإدارة، ويفترض ذلك أن يكون للجاني دور رئيس في المنظمة يتعدى بحرد العضوية وتلقي التعليمات إلى حد الإتصال بالأعضاء وتنظيم أعمال التنظيم أو إدارته بأي طريق.

ثانياً : الاشتراك في التنظيمات المناهضة : 

الإنضمام: عبرت المادتان 98/ أ و 98/ أ مكررا عن هذا الإشتراك بعبارة الإنضمام أو الإشتراك فيها بأية صورة، أما الإنضمام فينصرف إلى قبول العضوية ولا يتحقق الإنضمام بمجرد التقدم بطلب العضوية أو العمل على ذلك إذا لم تتم الإستجابة إلى هذا الطلب، ويستوي في الانضمام أن يكون بناءً على طلب الجاني أو قبول دعوة المنظمة إياه لهذا الإنضمام.

الإشتراك بأية صورة: يتم الإشتراك في التنظيم المناهض بغير صورة الإنضمام عن طريق الإسهام في نشاطه على أي وجه كان ولو لم يسبقه إنضمام فعلي إلى عضويته، ويقضي ذلك القيام بدور معين بناءً على تكليف من المنظمة، ولا يكفي لذلك مجرد الإشتراك في أحد اجتماعاتها أو الحصول أعمال المنظمة ووافق على ذلك، فلا يحول دون قيام الإشتراك أن يثبت عدم إنضمام المتهم للتنظيم المناهض إذا ثبت في حقه أنه شارك في أعماله مع علمه بذلك.

الإتصال غير المشروع: عاقبت المادة 98/أ عقوبات على الإتصال بالذات أو بالواسطة بالمنظمات المناهضة لأغراض غير مشروعة، أو تشجيع الغير إلى ذلك أو تسهیله له، ولم يرد بالمادة 98/أ مكرراً نص بهذا المعنى.

ويتم الاتصال بالتنظيم إما بطريق مباشر أو بواسطة الغير، سواء كان حسن النية أو من أحد أعضائها، ويشترك في هذا الإتصال أن يكون لغرض غير مشروع، وهنا أيضا التجأ المشرع إلى هذا التعبير العام بصدد عدم المشروعية، ولكن ارتباطه بالتنظيمات المناهضة يجعل معناه محدداً بالأغراض غير المشروعة التي ألف التنظيم من أجل تحقيقها، ولا يكفي لذلك مجرد الإتصال بالتنظيم لمعرفة أفكاره وإعتناقها طالما أنه لا يستهدف القيام بأي دور إيجابي في أعمال التنظيم أو الإنضمام إليه، ولا يجوز توسیع معنى الأغراض غير المشروعة خارج هذا النطاق، وإلا كان ذلك خروجاً على مبدأ الشرعية.

أما التشجيع على الاتصال بالتنظيم فيتم عن طريق الدعوة إلى ذلك وتحبيذه، ويتم التسهيل بتقديم ما يلزم من تيسيرات لتحقيق هذا الغرض، ويلزم في كلتا الحالتين أن يكون التشجيع والتسهيل بقصد تحقيق الإتصال غير المشروع وفقاً للمعنى المتقدم.

ثالثاً : الدعوة للأفكار المناهضة :

عاقبت المادة 98/ أ مكرراً عقوبات كل من روج بأي طريقة لمناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الإشتراكي في الدولة، أو حرض على كراهية هذه المبادئ أو الازدراء بها أو حبذ الدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة أو حرض على مقاومة السلطات العامة، ويلاحظ مما تقدم أن أفكار الجاني التي يدعو إليها تكون مناهضة للمبادئ الآتية :

(1) المبادئ الأساسية لنظام الحكم الإشتراكي في الدولة.

(2) تحالف قوى الشعب العاملة، وهو من مبادئ النظام الإشتراكي في الدولة .

(3) السلطات العامة .

وبالنسبة للنوعين الأول والثاني فإن الجريمة بشأنهما لا تقوم، حيث أخذ الدستور بمبادئ أساسية يقوم عليها النظام هي الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية.

أما الدعوة لمناهضة السلطات العامة، فتتم بالتحريض على مقاومتها، ولا يكفي لذلك مجرد تحريض أحد الأشخاص لمقاومة أحد القائمين على سلطة معينة، بل يجب أن يكون التحريض عاماً ضد إحدى السلطات العامة أو كلها. فهنا يتوافر بصفة جدية الخطر الذي أراد المشرع تلافيه عن طريق تحريم فعل التحريض.

رابعاً : حيازة وسائل التعبير عن الأفكار المناهضة :

عاقبت الفقرة الأخيرة من المادة 98 /أ مكررا عقوبات كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لإحدى الأفكار المناهضة سالفة الذكر إذا كانت معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها، وكذلك كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر.

والمحل الذي يجب أن ترد عليه الحيازة المؤثمة هو أحد نوعين :

(1) محررات أو مطبوعات معدة للتوزيع أو لإطلاع الغير عليها، تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لإحدى الأفكار المناهضة سالفة الذكر.

(2) وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية إذا كانت مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء من الأفكار المناهضة سالفة الذكر .

ويستوي أن تكون الحيازة عن طريق إحراز شيء مما تقدم إذا كان خاصاً به، أو إحرازه لمصلحة غيره مع علمه بطبيعته. وهذا هو ما عبر عنه القانون بقوله الحيازة بالذات أو بالواسطة، والإحراز يعني العنصر المادي في الحيازة .

الركن المعنوي :

هذه الجرائم عمدية، فلا تقع قانوناً إلا إذا توافر القصد الجنائي عند الجاني، ولا شك في وجوب توافر القصد الجنائي العام، وهو إتجاه إرادة الجاني إلى مباشرة النشاط الإجرامي مع علمه بسائر العناصر القانونية التي تتكون منها الجريمة.

وتطبيقا لذلك فإنه في جريمة تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة يتعين توافر اتجاه إرادة الحساني إلى تأليف التنظيم المناهض أو إدارته مع علمه به وبأغراضه وبأن استعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ملحوظ في ذلك (المادة 98/أ). كما يشترط في جريمة الإشتراك في هذه المنظمات توافر إرادة الجاني نحو الإسهام في أعمال التنظيم المناهض مع علمه به وبأغراضه ووسائله غير المشروعة (المادة 98/ أ)، وفي جريمة الترويج للأفكار المناهضة يتعين توافر اتجاه إرادة الجاني نحو الترويج أو التحريض أو التحبيذ - على حسب الأحوال - مع علمه بطبيعة الأفكار التي يروج لها، أي أنها تناهض المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الإشتراكي في الدولة، أو علمه بأن المبادئ التي يحرض على كراهيتها أو الازدراء بها هي التي يقوم عليها نظام الحكم الإشتراكي في الدولة، أو علمه بأن الدعوة التي يحبذها موجهة ضد تحالف قوى الشعب العاملة، أو علمه بأن أفعال التحريض التي يمارسها تنصرف نحو مقاومة السلطة العامة (المادة 98/أ مکرراً). وكذلك الشأن في جريمة حيازة وسائل التعبير عن الأفكار المناهضة، فإنه يتعين العلم بأن هذه الوسائل تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لشيء مما تقدم (المادة 98/ أ مكرراً).

ولا صعوبة بالنسبة إلى الجهل أو الغلط في الوقائع التي يجب أن ينصرف إليها علم الجاني، فهي تنفي القصد الجنائي حتماً وإنما يدق الأمر بالنسبة إلى الجهل أو الغلط في المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الإشتراكي في الدولة، أو الغلط في معنى تتحالف قوى الشعب العاملة، وهذه الأفكار يعبر عنها كل من الدستور والقانون، وتحديدها مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.

وهنا يلاحظ أن طبيعة هذه الأفكار وانتماءها إلى وصف قانوني معين لا يحول دون اعتبارها في صدد عناصر القصد الجنائي من قبيل الوقائع تنتمي إلى القانون الدستوري لا إلى قانون العقوبات، وهذا الوصف يعد عنصراً في الجريمة لا قيام لها بدونه، ولما كان سبب الدعوى الجنائية هو مخالفة قانون العقوبات وليس مخالفة القانون الذي يحدد وصف الأفكار التي اتجه الجاني إلى مناهضتها، فقد استقر قضاء محكمة النقض على أن الجهل بقانون غير قانون العقوبات هو خليط مركب من جهل بالواقع ومن عدم علم بحكم ليس من أحكام قانون العقوبات مما يجب قانوناً - في صدد المساءلة الجنائية - إعتباره في جملته جهلاً بالواقع ومعاملة المتهمين بمقتضاه على هذا الإعتبار.

ويثور البحث عما إذا كانت هذه الجرائم تقتضي لقيامها قانونا توافر القصد الخاص أم لا؟ ويتميز هذا القصد العام بأن الجاني تتجه إرادته نحو تحقيق واقعة أخرى بعيدة عن الركن المادي، ولا يشترط توافر هذا القصد في الجرائم محل البحث؛ اكتفاء بمجرد توافر القصد العام، عدا إحدى صور جرائم الإشتراك في المنظمات المناهضة التي تعاقب عليها المادة 98/أ. فالإشتراك المذكور يتم بمجرد الإنضمام أو غير ذلك من وسائل الإسهام في أعمال المنظمة، على أن الفقرة الأخيرة من المادة 98/أ عاقبت على مجرد الاتصال بالمنظمات المناهضة لأغراض غير مشروعة أو تشجيع الغير على ذلك أو تسهيله له، وبذلك امتدت يد التجريم إلى مجرد الإتصال أو التشجيع عليه أو تسهیله، بشرط أن يكون لدى الجاني غرض غير مشروع من وراء هذا الفعل. وهنا ينزل الغرض غير المشروع منزلة القصد الخاص، مما يتعين معه لوقوع هذه الجريمة أن تتجه إرادة الجاني لا إلى مباشرة النشاط الإجرامي فحسب - وهو الإتصال أو التشجيع عليه أو التسهيل - وإنما يجب أن يتوافر لديه أيضاً باعث غير مشروع، أي إرادة تحقيق واقعة غير مشروعة، أي مخالفة القانون.

العقوبات :

تأليف وإدارة التنظيمات المناهضة: يعاقب على هذه الجريمة إذا وقعت مخالفة للمادة 98/أ بالسجن المشدد مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه.

أما إذا وقعت هذه الجريمة مخالفة للمادة 98/أ مكرراً فيعاقب عليها بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه، وتشدد العقوبة إذا كان إستعمال القوة أو العنف أو الإرهاب ملحوظاً في هذه الجريمة، فتكون السجن المشدد وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه.

الإشتراك في التنظيمات المناهضة: يعاقب على هذه الجريمة إذا وقعت مخالفة للمادة 98/أ بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائتي جنيه علماً بأنه إذا اقتصر الإشتراك على بحرد الاتصال بالتنظيم المناهض أو تشجيع الغير على ذلك أو تسهيله، فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات.

فإذا وقعت هذه الجريمة مخالفة للمادة 98/أ مکرراً كانت العقوبة السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز خمسمائة جنيه.

الترويج للأفكار المناهضة: يعاقب على هذه الجريمة، وقد نصت عليها المادة : 98/أ مكرراً، بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز خمسمائة جنيه.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016،  الصفحة: 271)

الفقة الإسلامي
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات : 171 ، 172   
(مادة 328)
 يعاقب بالسجن المؤقت كل من أنشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو جماعة أو فرعاً لأحدها ، ترمي إلى هدم النظم الأساسية السياسية والإجتماعية والإقتصادية للدولة ، أو إلى تحبيذ ذلك أو الترويج له ، متى كان إستعمال القوة أو التهديد أو أية وسيلة غير مشروعة ملحوظاً فيه . 
وتكون العقوبة السجن مدة لا تجاوز عشر سنوات بالنسبة لمن ينضم ، أو يدعو للإنضمام إلى جمعية أو غيرها مما ذكر في الفقرة السابقة ، أو اشترك فيها بأية صورة ، وهو عالم بالغرض الذي ترمي إليه .