loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

 إذا بين الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة عرض رشوة على موظف عمومي "جندي المرور" ليمتنع عن عمل من أعمال وظيفته وهو تحرير محضر مخالفة لسائق السيارة التي كان يركبها المتهم ولم تقبل منه وهي الجريمة التي دانه الحكم بها فإنه لا يؤثر فى قيام جريمة الرشوة أن تكون هذه المخالفة التي عرض مبلغ الرشوة للامتناع عن تحريرها مما يجوز الصلح فيها أو لا يجوز.

( الطعن رقم 1033 لسنة 28 ق - جلسة 1958/10/20 - س 9 ع 3 ص 804 ق 196 )

شرح خبراء القانون

أركان الجريمة :

استحدث الشارع بنص المادة 106 عقوبات جريمة الرشوة في الأعمال الخاصة حماية الأرباب هذه الأعمال غير أنه قدر أن ضرر الرشوة في هذا المجال ليس في جسامة ضررها في محيط الأعمال ومن أجل ذلك لم يتوسع في تجريمها كما أنه لم يبالغ في ربط جزائها ولكنه اكتفى بجعلها جنحة ويشترط لوجود هذه الجريمة عناصر ثلاثة هي :

1- صفة الجاني واختصاصه.

2- الفعل المادي.

3- القصد الجنائي.

أولاً : صفة الجاني واختصاصه :

تعبير يرتبط بالمشروع بعلاقة قانونية جوهرها صلة التبعية التي تعني سلطة رب العمل في الرقابة والتوجيه والتزام المستخدم بالخضوع لهذه السلطة والزامه العام كذلك برعاية مصالح المشروع ومن عناصر هذه العلاقة كذلك الأجر الذي يستحقه المستخدم والتزامه به رب العمل إزاءه فإذا توافرت لهذه العلاقة عناصرها فلا عبرة بتكيفها القانوني ولا عبرة كذلك بطبيعة الأجر وكيفية أدائه فقد تكيف العلاقة بأنها عقد عمل وقد تكيف بأنها وكالة إذا تضمنت من بين عناصرها صلة التبعية.

وليس من الضروري أن تكون هذه التبعية مستمرة فقد تكون لبضع ساعات أو يومية كما أنه لا يلزم أن تكون وليدة عقد إيجار خدمات فإن مجرد الوكالة تكفي مادامت بمقابل والمهم بإيجاز أن توجد رابطة التبعية ولو مؤقتة وأن تكون مأجورة أينما كانت الطريقة التي ينفع بها هذا الأحر فيستوي أو يعطى في صورة مكافأة أو أن يكون مرتبًا وطبقاً لكل ما تقدم فإنه يقع تحت طائلة هذه الجريمة مستخدموا البيوت التجارية أو الصناعية أو المالية وكل مستخدم هذه البيوت أو لدى أرباب الأعمال من أحاد الناس " كما تدخل طائفة الخدم الدين يلتحقون بخدمة الغير في صور شتى كالبواب والجناینی وسائق العربة. كما يدخل في معنى المستخدم لدى الشركة مدير الشركة المساهمة، ومجال وقوع الجريمة هو عمل أو امتناع يختص به هذا المستخدم فعلاً فلم ينص القانون على توافر الجريمة حالة الزعم بالاختصاص كما فعل في جناية الرشوة - ومن ثم فإذا أخذ المستخدم عطية نظير عمل يزعم أنه من اختصاصه مع أنه ليس في مقدره مطلقاً فإنه يرتكب جنحة نصب إذا توافرت شروطها لجنحة رشوة.

ثانياً : الركن المادي يتحقق بتوافر ثلاثة عناصر هي :

(أ) الطلب أو القبول أو الأخذ (الوعد أو العطية).

(ب) سبب الرشوة وهو أداء العمل أو الإمتناع.

(ت) أن يتم بغير علم ورضاء صاحب العمل.

بالنسبة للعنصر الأول فإن الطلب يكفي لتوافر النشاط الإجرامي في الرشوة بمعنى أن يصدر عن الموظف بإرادته المنفردة أجاب بالرشوة أما بالنسبة العنصر القبول فيكفي لوقوع جريمة الرشوة أن يقبل الموظف من المرتشي. وللمحكمة أن تتحقق من توافر القبول من جميع ظروف الواقعة وفقًا لما تستبينه من أدلة الإثبات المطروحة عليها ولا ينظر فيه أو يكون في صورة معينة فيستوي أن يصدر شفاهة أو كتابة أو صراحة أو ضمنًا أما من عنصر الأخذ فيقع هذا الفعل بإستلام الموظف أو انتفاعه بالعطية موضوع الرشوة ويعتبر هذا العنصر أخطر صور الرشوة إذ فيه يكون الموظف قد قبض فعلاً عن إتجاره بوظيفته أو استغلالها.

ثالثاً : القصد الجنائي :

هذه جريمة عمدية يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائي العام وهو اتجاه إرادة الجاني إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها مقابل أداء العمل أو الإمتناع دون علم أو رضاء صاحب العمل مع علمه بذلك، فلا جريمة في الأمر إذا قبل الرشوة معتقدًا أن صاحب العمل سمح له بها وبالإضافة إلى القصد العام يتعين أن تتجه نية المستخدم إلى أداء العمل أو الإمتناع وهو ما يعبر عنه بالقصد الجنائي.

عقوبة الجريمة :

عقوبة الجريمة هي الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تقل من مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين - هذا فضلًا عن وجوب مصادرة ما دفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة لنص المادة 110 التي قررت هذه العقوبة (في جميع الأحوال) وللقاضي أن يأمر بوقف تنفيذ الحبس الذي لا تزيد مدته المحكوم بها على سنة أو الغرامة أيًا كان مقدار أو هما معا.

أما الراشي والوسيط فيعاقبان باعتبارهما شريكين بالعقوبة المقررة الجريمة طبقا للمادة 41 عقوبات. أما بشأن الإعفاء فيعفي كل من الراشي والوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات عن الجريمة أو الاعتراف بها (م 107 ع). وعلة ذلك أن حكمة الإعفاء لا تقتصر على الرشوة في نطاق الموظفين العموميين فضلًا عن أن النص قد ورد في عبارة مطلقة عقب المادة 106 مما يفيد سريانها عليها.

بالنسبة إلى تشديد العقاب فتسرى كذلك المادة 108 عقوبات ذلك لأن سبب التشديد هو العمومية بحيث لا يقتصر على رشوة الموظفين العموميين وحدهم وهو يتضح من ورود هذه المادة 106 عقوبات.

شرعية الوهبة :

لا تثريب على المستخدمين والعمال أنهم تقاضوا الوهبة بعلم مخدوميهم و رضائهم فقد افترض القانون أن ما يسلم إليهم من العملاء يعتبر جزءًا من الأجر المقرر عن عملهم أما في حالة أخذهم هذه الوهبة سرًا وفي الخفاء بدون علم مخدوميهم أو رضائهم فلا لوم عليهم أيضاً إذا كانت هذه الموهبة قد سلمت إليهم على سبل الإمتنان بعد أدائهم للعمل المنوط بهم أو الامتناع عنه وذلك دون حق سابق إذ لا خطورة هنا على رب العمل وإنما يعتبر هؤلاء المستخدمون والعمال قد ارتكبوا جريمة الرشوة إذا ما طلبوا أو قبلوا أو أخذوا وعوداً أو عطاياً قبل أداء العمل أو الإمتناع عنه بدون علم مخدومهم و رضائهم.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 222).

الصورة البسيطة لرشوة العاملين في المشروعات الخاصة الرشوة في محيط الأعمال الخاصة الفردية .

الشرط المفترض :

الفرض أن يكون الجاني في هذه الجريمة موظفًا في مشروع خاص أو لدى أحد الأفراد، أيًا كانت صفته في العمل الذي يؤديه طالما ارتبط بعلاقة تبعية مع المشروع الخاص، ويستوي أن يعتبر عاملًا أو موظفًا أو وكيلًا، ولا يشترط أن تكون التبعية دائمة، بل يكفي أن تكون مؤقتة ولو كانت لبعض ساعات ويندرج تحت هذه الصفة الخدم وغيرهم من توابع الأفراد .

وقد ثار الخلاف حول صفة المديرين أعضاء مجلس إدارة الشركات، فذهب رأي إلى استبعادهم من مجال تطبيق النص، وذهب رأي آخر إلى إخضاعهم للعقاب، وهو ما نؤيده وإلا ترتب على تطبيق القانون مفارقة لا يمكن أن يتجه إليها قصد المشرع هي معاقبة صغار الموظفين دون كبارهم من المديرين وأعضاء مجلس الإدارة، وخاصة أن المادة (106 مكرراً "أ") بشأن الصورة المشددة للرشوة في نطاق الأعمال الخاصة قد نصت صراحة على أعضاء مجلس الإدارة والمديرين وغيرهم من المستخدمين، ولذا فنحن نرى أن عبارة  "المستخدم" في المادة (106) التي نحن بصددها يجب أن تنصرف إلى كل من يعمل لدى المشروع الخاص أيًا كانت صفته طالما توافرت علاقة التبعية بينه وبين هذا المشروع.

الركن المادي:

يتحقق هذا الركن بتوافر ثلاثة عناصر هي:

أ) الطلب أو القبول أو الأخذ  "الوعد أو العطية"

 ب) سبب الرشوة وهو أداء العمل أو الامتناع عنه.

ج) أن يتم ذلك بغير علم ورضاء صاحب العمل.

أ) الطلب أو القبول أو الأخذ : 

بينا مدلول كل من الطلب أو القبول والأخذ عند شرح جريمة الرشوة في نطاق الوظيفة العامة ويمكن الرجوع إليها منعًا للتكرار.

ب) سبب الرشوة :

نصت المادة التي نحن بصددها على أن سبب الرشوة يتحقق بأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو الامتناع عنها، ومثال أداء العمل مدير الفندق الذي يقبل مبلغًا من النقود لتمكين أحد الزبائن من الإقامة بالفندق، أما الامتناع عن العمل فمثاله المستخدم الذي يتقاضى رشوة مقابل مخالفة تعليمات صاحب العمل، ويلاحظ أنه وإن كان القانون قد خلا من اعتبار الإخلال بواجبات الوظيفة سبباً للرشوة إلا أن عقد العمل ذاته يفرض على المستخدم واجبات معينة تتعلق بالعمل المكلف به بحيث يلحق هذه الواجبات بواجب أداء العمل ذاته وتكون معه كلًا لا يتجزأ، فإذا نكل عن أداء هذه الواجبات أعتبر ممتنعًا عن عمل من الأعمال المكلف بها، مثال ذلك المستخدم بمحل التفصيل والحياكة الذي يسلم خلسة إلى محل منافس نماذج لتفصيل كان يبتكرها المحل الذي يعمل به مقابل مبلغ من المال والمستخدم الذي ينقل إلى منشأة منافسة للمنشأة التي يعمل بها معلومات سرية عن نشاط هذه المنشأة وابتكارها.

ويلاحظ أن المادة التي نحن بصددها قد افترضت أن المستخدم مختص بالعمل الذي تقاضي الرشوة من أجل أدائه أو الإمتناع عنه، وإذن فلا تنطبق هذه المادة إذا هو زعم بالاختصاص أو إعتقد خطأ به.

ويجدر التساؤل عن مدى مشروعية الوهبة أو "البقشيش" وهنا يجب أن نستبعد أولا من دائرة العقاب حالة علم صاحب العمل أو رضائه بإعطائها للعامل طالما أن عدم رضاء صاحب العمل عن الرشوة وعدم علمه بها هو عنصر أساسي لقيام الرشوة، وأما إذا أعطى دون علم صاحب العمل ودون رضائه فيجب التمييز بين فرضين:

الفرض الأول: أن يطلب العامل البقشيش أو يقبله أو يأخذه بعد أداء العمل أو الامتناع ودون اتفاق سابق عليه مع صاحب الشأن . ففي هذه الحالة لا جريمة في هذا نظرًا لأن المادة التي نحن بصددها لم تمتد إلى الرشوة اللاحقة.

الفرض الثاني: أن يتم الطلب أو القبول أو الأخذ قبل أداء العمل أو الامتناع، ففي هذه الحالة يعتبر الجاني مرتكبًا لجريمة المادة التي نحن بصددها وواضح أنه في هذه الحالة يهدد فعل العامل مصالح رب العمل لما ينطوي عليه من احتمال شراء ذمة العامل للإضرار برب العمل.

ج) عدد علم ورضاء صاحب العمل :

لما كانت هذه الجريمة تمثل في جوهرها إعتداء على مصالح رب العمل، لذا كان من الطبيعي ألا تقع متى كان نشاط الجاني قد تم عن علم ورضاء صاحب العمل، أسوة بما هو مقرر في جرائم الاعتداء على المال، ويكفي أن يقع الفعل دون علم صاحب العمل أو رضائه حتى تقع الجريمة حتى ولو لم يصب رب العمل أي ضرر منه، ولا يصح دفاعاً أن تصدر عن صاحب العمل موافقة لاحقة على الفعل، لأن الجريمة تقع قانونًا قبل صدور هذه الموافقة التي لا تعود في هذه الحالة أن تكون مجرد ظرف مخفف لها.

الركن المعنوي :

هذه جريمة عمدية يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائي العام وهو اتجاه إرادة الجاني إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها مقابل أداء العمل أو الامتناع دون علم أو رضاء صاحب العمل مع علمه بذلك.

العقوبة:

يعاقب المرتشي بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، هذا فضلًا عن وجوب مصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة إعمالًا لنص المادة (10) عقوبات التي قررت هذه العقوبة في جميع الأحوال.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة :  321)

الشرط المفترض :

الفرض أن يكون الجاني في هذه الجريمة موظفًا في مشروع خاص أو لدى أحد الأفراد أيًا كانت صفته في العمل الذي يؤديه، مادام قد ارتبط بعلاقة تبعية مع المشروع الخاص ويستوي أن يعد عاملًا أو موظفًا أو وكيلًا ولا يشترط أن تكون التبعية دائمة، بل يكفي أن تكون مؤقتة ولو كانت لبضع ساعات ويندرج تحت هذه الصفة الخدم وغيرهم من توابع الأفراد.

ومتى توافرت علاقة التبعية بين المستخدم والمشروع الخاص لا يجوز التحدي بعدم مشروعية الأعمال التي يقوم بها هذا المشروع، كما إذا وقعت الرشوة من عامل بمحل بيع الكحول دون ترخيص كما لا يجوز التحدي بأن العامل لا تتوافر فيه شروط الخضوع لقانون العمل الفردي.

وغني عن البيان أنه يتعين إخراج الموظفين في المشروعات المنصوص عليها في المادة المستحدثة برقم 106 مكرراً «أ» من هذا الشرط المفترض.

الركن المادي:

يتحقق هذا الركن بتوافر ثلاثة عناصر، هي:

(أ) الطلب أو القبول أو الأخذ (للوعد أو العطية).

(ب) سبب الرشوة، وهو أداء العمل أو الامتناع عنه .

(ج) أن يتم ذلك بغير علم صاحب العمل ولا رضائه .

الطلب أو القبول أو الأخذ :

بينا مدلول كل من الطلب أو القبول أو الأخذ عند شرح جريمة الرشوة في نطاق الوظيفة العامة، فيتعين الرجوع إليها فيما تقدم .

سبب الرشوة :

نصت المادة 106 عقوبات على أن سبب الرشوة يتحقق بأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو الامتناع عنه ومثال أداء العمل : مدير الفندق الذي يقبل مبلغًا من النقود لتمكين أحد الزبائن من الإقامة بالفندق، والموظف بشركة النقل الذي يتقاضى مبلغًا إضافيًا على سعر الشحن (على سبيل الرشوة) مقابل شحن البضائع، أما الامتناع عن العمل فمثاله : المستخدم الذي يتقاضى رشوة مقابل مخالفة تعليمات صاحب العمل.

ويلاحظ أنه وإن كان القانون قد خلا من اعتبار الإخلال بواجبات الوظيفة سببًا للرشوة إلا أن عقد العمل ذاته يفرض على المستخدم واجبات معينة تتعلق بالعمل المكلف به، بحيث تلحق هذه الواجبات بواجب أداء العمل ذاته، وتكون معه كلا لا يتجزأ، فإذا نكل عن أداء هذه الواجبات اعتبر ممتنعًا عن عمل من الأعمال المكلف به مثل ذلك: المستخدم بمحل التفصيل والحياكة الذي يسلم خلسة إلى محل منافس نماذج لتفصيل كان يبتكرها صاحب المحل الذي يعمل به مقابل مبلغ من المال ، والمستخدم الذي ينقل إلى منشأة منافسة للمنشأة التي يعمل بها معلومات سرية عن نشاط هذه المنشأة وابتكاراتها.

ويلاحظ أن المادة 106 عقوبات قد افترضت أن المستخدم مختص بالعمل الذي تقاضي الرشوة من أجل أدائه أو الامتناع عنه إذا فلا تنطبق هذه المادة إذا هو زعم الاختصاص أو اعتقد خطأ به ويؤيد هذا النظر أن المادة المذكورة لا تمتد إلى حالة الإخلال بواجبات الوظيفة بالمعنى الواسع، والتي تتضمن حالة مخالفة الاختصاص كما قلنا من قبل.

ويجدر التساؤل عن مدى مشروعية الوهبة أو «البقشيش»، وهنا يجب أن نستبعد أولا من دائرة العقاب حالة علم صاحب العمل أو رضائه بإعطائها للعامل طالما أن عدم رضاء صاحب العمل عن الرشوة وعدم علمه بما هو عنصر أساسي لقيام الرشوة، أما إذا أعطيت دون علم صاحب العمل ودون رضائه ، فيجب التمييز بين فرضين : أن يطلب العامل «البقشيش» أو يقبله أو أن يأخذه بعد أداء العمل أو الامتناع ودون اتفاق سابق عليه مع صاحب الشأن، ففي هذه الأخير لا جريمة في هذا، نظرا لأن المادة 106 عقوبات لم تمتد إلى الرشوة اللاحقة، أن يتم الطلب أو القبول أو الأخذ قبل أداء العمل أو الامتناع، ففي هذه الحالة يعد الجاني مرتكبا لجريمة المادة 106 عقوبات، وواضح أنه في هذه الحالة يهدد فعل العامل مصالح رب العمل لما ينطوي عليه من احتمال شراء ذمة العامل للإضرار برب العمل.

ويلاحظ أن الارتشاء يجب أن يكون سابقًا على العمل أو الامتناع، ذلك أن المادة 106 عقوبات لم تعاقب على الرشوة اللاحقة كما هي الحالي في نطاق الموظفين العموميين، ولا يغض من هذا النظر أن يكون العامل قد سبق له الاتفاق مع الراشي على أداء العمل أو الامتناع ما دام هذا الاتفاق لا ينطوي على وعد العامل بالرشوة بعد أداء العمل أو الامتناع.

عدم علم صاحب العمل ولا رضائه :

كانت هذه الجريمة لا تمثل في جوهرها اعتداء على مصالح رب العمل، لذا كان من الطبيعي ألا تقع متى كان نشاط الجاني قد تم عن علم ورضاء صاحب العمل، أسوة بما هو مقرر في جرائم الاعتداء على المال، ويكفي أن يقع الفعل دون علم صاحب العمل ولا رضائه حتى تقع الجريمة، حتى ولو لم يصب رب العمل أدنى ضرر منه، ولا يصلح دفاعًا أن تصدر عن صاحب العمل موافقة لاحقة على الفعل، لأن الجريمة تقع قانونًا قبل صدور هذه الموافقة التي لا تعدو في هذه الحالة أن تكون بمجرد ظرف مخفف.

الركن المعنوي:

هذه جريمة عمدية يتطلب فيها القانون توافر القصد الجنائي العام، وهو اتجاه إرادة الجاني إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها مقابل أداء العمل أو الامتناع دون علم صاحب العمل ولا رضائه مع علمه بذلك. فلا جريمة في الأمر إذا قبل الرشوة معتقدًا أن صاحب العمل قد سمح له بها.

وبالإضافة إلى القصد الجنائي العام يتعين أن تتجه نية المستخدم إلى أداء العمل أو الامتناع، وهو ما يعبر عنه بالقصد الخاص، ولا محل لتطبيق ما قلناه بشأن عدم اشتراط هذا القصد في رشوة الموظفين العموميين، لأن هذه الجريمة الأخيرة تستبعد بنص صريح (هو نص المادة 104 مكرراً) نية تنفيذ العمل أو الامتناع، وهو ما لم تستبعده المادة 106 عقوبات، ويؤيد هذا النظر أن المادة 106 مكررا «أ» بشأن الصورة المشددة للرشوة في نطاق الأعمال الخاصة - قد عنيت باستبعاد هذا القصد، وهو ما لم تفعله المادة 106 سالفة الذكر، وعلة ذلك أن جريمة الرشوة في نطاق الأعمال الخاصة تقع اعتداء على مصالح رب العمل، بخلاف الرشوة في نطاق الوظيفة العامة، فإنها تحدد المصلحة العامة ذاتها التي تقتضي حماية سمعة الوظيفة العامة والحرص على هيبتها.

العقوبة :

يعاقب المرتشي بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، هذا فضلًا عن وجوب مصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة، إعمالًا لنص المادة 110 التي قررت هذه العقوبات في جميع الأحوال.

أما الراشي والوسيط، فيعاقبان بوصفهما شريكين بالعقوبة المقررة للجريمة طبقاً للمادة 41 عقوبات.

أما بشأن الإعفاء من العقاب، فنرى أنهما يتمتعان بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 170، وعلة ذلك أن حكمة الإعفاء لا تقتصر على الرشوة في نطاق الموظفين العموميين، فضلًا عن أن النص المذكور قد ورد في عبارة مطلقة عقب المادة 106، مما يفيد سريانه عليها.

وبالنسبة إلى تشديد العقاب، فتسري كذلك أحكام المادة 108 عقوبات سالفة البيان، وذلك لأن سبب التشديد هو من العمومية بحيث لا يقتصر على رشوة الموظفين العموميين وحدهم، وهو أمر يتضح من ورود هذه المادة عقب المادة 106 عقوبات.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016،  الصفحة: 393) 

علة تجريم رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة هي الأهمية الإقتصادية والإجتماعية التي بلغتها المشروعات الخاصة - أو مع بعضها على الأقل – في المجتمع الحديث، وهذه الأهمية فرضت على الشارع الحرص على نزاهة أعمالها تمكينًا لها من أداء دورها الإجتماعي ، وتشترك هذه الرشوة مع الرشوة العادية في أغلب أركانها، وأهم موضع للاختلاف بينهما أن صفة المرتشي كموظف عام غير متطلبة في رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة .

رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة في صورتها البسيطة.

 أركان الجريمة :

نصت على هذه الجريمة المادة 106 من قانون العقوبات في قولها « كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية بغير علم مخدومه ورضائه لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للامتناع عنها يعتبر مرتشيًا ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .

وتقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : صفة الجاني كمستخدم في مشروع خاص ومختص بالعمل أو الإمتناع الذي يتلقى الرشوة نظيره، و الركن المادي الذي يفترض من بين عناصره عدم رضاء رب العمل عن مع الجاني ، والركن المعنوي الذي يتخذ صورة القصد.

صفة الجاني كمستخدم في مشروع خاص : تعبير المستخدم يريد به الشارع مدلولًا متسعًا ، إذ يشمل كل شخص يرتبط بالمشروع بعلاقة قانونية جوهرها صلة التبعية التي تعني سلطة رب العمل في الرقابة والتوجيه و التزام المستخدم بالخضوع لهذه السلطة، والتزامه العام كذلك برعاية مصالح المشروع، ومن عناصر هذه العلاقة كذلك الأجر الذي يستحقه المستخدم  ويلتزم به رب العمل إزاءه فإذا توافرت لهذه العلاقة عناصرها، فلا عبرة بتكييفها القانوني، ولا عبرة كذلك بطبيعة الأجر وكيفية أدائه : فقد عن العلاقة بأنها عقد عمل، وقد تكيف بأنها وكالة إذا تضمنت من بين عناصرها صلة التبعية  وتطبيقاً لذلك فإن النص يطبق على مدير شركة توصية أو شركة مساهمة باعتباره مستخدماً لدى الشركة كشخص معنوي ولا أهمية المرتبة المستخدم في المشروع : فقد يكون في قمة وصفه كمدير له ، وقد يكون في أدنى وظائفه كعامل أو ساع، ويرتبط بذلك أنه لا أهمية لنوع أو طبيعة العمل الذي يؤديه : فقد يكون فنيًا أو إداريًا أو كتابيًا أو ماديًا، ولا يشترط أن تكون علاقة المستخدم بالمشروع دائمة ، فقد تكون مؤقتة أو عارضة  ومن عناصر العلاقة السابقة كما قدمنا «الأجر»: فان ثبت توافره ، فلا أهمية لنوعه أو كيفية أدائه : فكما يكون نقدياً قد يكون عينيًا ، وقد يكون نصيبًا من الأرباح .

اختصاص المستخدم بالعمل أو الإمتناع الذي تلقى مقابل الرشوة نظيره : هذا العنصر تطلبه الشارع صراحة في قوله إن هذا العمل الذي يؤديه المستخدم « من الأعمال المكلف بها» . والتكليف يعني أنه مفروض عليه - أو أن من شأنه القيام به - بمقتضى العلاقة التي تربط بينه وبين رب العمل، وتعلل هذا العنصر ذات الاعتبارات التي عللته بالنسبة للموظف العام، والتي ترد في النهاية إلى كون الرشوة اتجارًا في عمل وظيفي معين ، مما يفترض الاختصاص به ومن أهم مواضع تطبيق النص أن يتلقى المستخدم من عملاء المشروع مقابلًا نظير تقديم الخدمات التي يقدمها المشروع عادة : مثال ذلك عامل في متجر (أو مصنع للألبان يتقاضى من العملاء مقابلًا نظير كميات الألبان التي يوردها لهم، أو أن يتلقى المقابل نظير الإمتناع عن إبلاغ رؤسائه عن العيوب التي يكتشفها في المواد والبضائع التي وردها إلى المشروع الموردون الذين تعاقد معهم على ذلك، وتتخذ جريمة المستخدم صورة خطيرة حينما يكون عمله أو امتناعه مخالفًا في صورة صارخة الواجبات وظيفته على نحو يكون معه قد أهدر الثقة التي وضعت فيه والأمانة التي حملها، مثال ذلك مستخدم يبلغ مشروعًا منافسًا أسرار المشروع الذي يعمل فيه ويعرضه بذلك لأضرار المنافسة غير المشروعة .

الركن المادي :

يقوم الركن المادي في هذه الجريمة بفعل الأخذ أو قبول الوعد أو الطلب ، وينصب هذا الفعل على موضوع هو العطية أو الوعد بها، أو في تعبير عام « مقابل الرشوة» ، ويخضع تحديد صدور الفعل الإجرامي ومدلول المقابل للقواعد التي سلف تفصيلها في الرشوة العادية.

ويتطلب الركن المادي من بين عناصره أن يرتكب الفعل الإجرامي «بغير علم المخدوم ورضائه» ، أو في تعبير أبسط «بغير رضاء رب العمل»، ذلك أن الرضاء يفترض العلم حتمًا، ولكن العلم وحده غير كاف ، فقد يعلم رب العمل بتلقي مستخدمه العطية أو طلبها ويكون غير راض عن ذلك ، فتقع الجريمة ، وسواء أن يعبر عن عدم رضائه صراحة أو ضمنًا،  وعلة تطلب « عدم الرضاء » أن رب العمل هو أقدر الناس على تحديد ما يمس نزاهة العمل في مشروعه، فإن رأى أن تلقى أحد عماله عطية لا يمس هذه النزاهة افترض الشارع صحة هذا التقدير، ويتعين أن يكون الرضاء سابقاً على الفعل أو معاصرًا له، أما إذا كان لاحقًا عليه فلا عبرة به.

 الركن المعنوي :

يتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد ، وتتجدد عناصره على ذات النحو الذي حددت به في صدد الرشوة العادية، ولكن يضاف إليها « العلم بعدم رضاء رب العمل » عن الفعل ، وتطبيقًا لذلك فإن القصد ينتفي إذا اعتقد المتهم رضاء رب العمل عن فعله .

عقوبة الجريمة، حدد الشارع عقوبة هذه الرشوة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين، وتوقع العقوبة ذاتها على الراشي والوسيط باعتبارهما شريكين في الجريمة، ويستفيدان من الإعفاء بالإخبار أو الإعتراف  ولا عقاب على الشروع في هذه الجريمة، إذ هي جنحة ، ولم يرد نص يقرر العقاب على الشروع فيها. )شرح قانون العقوبات، القسم الخام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة:   62)

ويستفاد من النص السابق أن العناصر المكونة للجريمة تتمثل في الآتي :

أولاً : صفة الجاني:

يجب أن تتوافر في الفاعل الأصلي صفة المستخدم، ويقصد بذلك أن تكون هناك علاقة تبعية تربط بينها وبين المشروع الخاص، ويستوي أن يكون بأجر ثابت أو مكافأة ، كما يستوي شكل الأجر وكيفية دفعه يوميًا أو شهريًا أو سنويًا، كما تستوي العلاقة القانونية التي تقوم عليها علاقة التبعية، فقد تكون ناشئة عن عقد عمل أو عقد وكالة أو خبرة أو إستشارة، ولا عبرة بدرجة التسلسل الوظيفي للمستخدم في نطاق المشرع الخاص، فقد يكون مجرد عامل أو مدير إداري.

ثانياً : الركن المادي :

يقوم الركن المادي للجريمة على سلوك من المستخدم في صورة : الطلب أو الأخذ أو القبول، وأن ينصب هذا السلوك على عطية أو وعد بها، سواء لنفس المستخدم أو لغيره وبشرط أن تكون له مصلحة شخصية في ذلك، كما يلزم أن يكون مقابل العطية أو الوعد بها القيام بعمل من الأعمال المكلف بها أو الامتناع عنه، ولا مجال هنا لصورة الإخلال بواجبات الوظيفة المنصوص عليها بالنسبة للموظفين العموميين باعتبار أن المستخدم الخاص تتحدد واجباته وفقًا للعقد الخاص الذي يربطه بصاحب المشروع والذي تتحدد فيه الواجبات بأداء أعمال والامتناع عما يخالفها، كذلك لا مجال هنا لحالات الاعتقاد الخاطئ بالاختصاص أو الزعم بالاختصاص نظرًا للصفة الخاصة للمشروع الذي يعمل في خدمته المستخدم ونظرًا للعلاقة العقدية التي تربطه به، وذلك أن الزعم بالاختصاص يمكن أن يشكل جريمة نصب إذا توافرت شروطها.

ولكن لا يكفي مجرد الطلب أو الأخذ أو القبول للوعد أو العطية مقابل أداء عمل أو الامتناع عنه حتى تكتمل الجريمة التي نحن بصددها، وإنما يلزم أن يكون هذا الطلب أو الأخذ أو القبول قد تم بغير علم ورضاء المخدوم أو رب العمل، فإذا كان هناك علم ورضاء بذلك من رب العمل فإن الجريمة لا تقوم في ركنها المادي، ويجب أن يكون هذا العلم والرضاء سابقًا على السلوك الإجرامي أو معاصراً له ولا يكفي أن يكون لاحقاً عليه، ومن ناحية أخرى لا يكفي مجرد علم رب العمل بل يلزم رضاؤه أيضًا، فإذا تم السلوك بعلم رب العمل دون الرضاء به فإن الجريمة تقوم في ركنها المادي. ولا مجال لإعمال المادة 106 عقوبات في حالات الرشوة اللاحقة والمكافأة اللاحقة والتي يتم فيها السلوك الإجرامي المتمثل في الطلب أو الأخذ أو القبول بعد أداء العمل أو الامتناع عنه سواء باتفاق سابق على العمل أو بدون اتفاق سابق.

ثالثاً - الركن المعنوي :

تقوم الجريمة في ركنها المعنوي على القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة، فيلزم أن يحيط علم الجاني العناصر المكونة للواقعة الإجرامية فيجب أن يعلم الجاني بعلاقة التبعية التي تربطه برب العمل، وأن يعلم بأن العطية أو الوعد بها هي مقابل علمه بعدم علم ورضاء رب العمل بالسلوك الإجرامي، فإذا اعتقد خطأ أن هناك رضاء من رب العمل على خلاف الواقع فإن القصد الجنائي ينتفي الغلط في الوقائع.

وتلزم أن تتجه إرادة الجاني إلى السلوك المتمثل في الطلب أو الأخذ أو القبول للعطية أو الوعد بها بهذا الوصف، ولكن لا يلزم أن تتجه الإرادة إلى تحقيق العمل أو الامتناع عنه، فالجريمة تتم أو تكتمل أركانها بالطلب أو الأخذ أو القبول حتى ولو كان يقصد عدم القيام بذلك العمل أو عدم الامتناع عنه، وأيضاً حتى إذا لم يقم المستخدم بتنفيذ ما وعد به كمقياس بلى للوعد أو العطية، ولذلك فإن حكم المادة 104 مكرراً عقوبات يسري بصدد جريمة الرشوة في محيط المشروعات الخاصة.

فالمشرع عموما في الرشوة يجرم الاتجار بالوظيفة ولم يستلزم وقوع ضرر فعلى للجهة التي يتبعها الموظف، ومن ثم فمن المنطقي أن يكتفي بأن الغاية من السلوك هي أداء عمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة وهذه الغاية يجب أن يعلم بها الموظف الجاني حتى ولو لم تتجه إرادته فعلاً إلى تحقيقها، فالمشرع في جميع جرائم الرشوة السابقة بما فيها الجنحة التي نحن بصددها يجرم مجرد وجود قصد حقيقي لدى الجاني بتنفيذ مقابل الفائدة، ولذلك فإننا نرى أنه حتى لو لم توجد المادة 104  مكرراً لما تغير الوضع بالنسبة لجميع جرائم الرشوة.

وعليه فإن قصد تحقيق العمل لا يعتبر قصدًا جنائيًا خاصًا وإنما هو عنصر نفسي من عناصر السلوك الإجرامي والتي بدونها لا يقوم الركن المادي للجريمة، بمعنى أنه إذا لم يوجد لدى الموظف أو المستخدم هذه النية الخاصة وهي القبول أو الأخذ نظير أداء عمل أو امتناع عنه فإن الذي ينتفي ليس القصد الجنائي للجريمة وإنما الركن المادي.

العقوبة المقررة للجريمة :

العقوبة المقررة للجريمة هي الحبس الذي لا تزيد مدته عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد على 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

والحبس والغرامة هنا كلاهما عقوبة أصلية، وقد اكتفى المشرع بتحديد الحد الأقصى للحبس تاركًا الحد الأدنى للأحكام العامة في العقوبة، ولذلك يجوز للقاضي أن يطبق الحد الأدنى لعقوبة الحبس وهي 24 ساعة، أما الغرامة فقد حدد المشرع حدها الأدنى بمائتي جنيه، والأقصى بخمسمائة جنيه.

والغرامة هنا هي عقوبة تخييرية مع الحبس ولذلك يجوز الحكم بها مع الحبس أو الحكم بها فقط دون الحبس، كما يجوز أيضاً الحكم بالحبس فقط دون الغرامة.

ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للجريمة بالتطبيق للمادة 107 مكرر وبالتطبيق أيضًا للقواعد العامة في المساهمة الجنائية.

ولما كانت المادة 107 مكرر في حكمها الخاص بعقاب الراشي والوسيط وفي الإعفاء المقرر لها في حالة الإعتراف أو أخبار السلطات تطبق على جميع الجرائم التي تأخذ حكم الرشوة بصريح نص المشرع، فإن الجريمة التي نحن بصددها يطبق بشأنها الإعفاء المقرر بالمادة 107 مكرر ويستفيد الراشي والوسيط من مانع العقاب المتمثل في إخبار السلطات بالجريمة أو في الاعتراف بها.

ومن ناحية أخرى يطبق التشديد الوارد بالمادة 108 عقوبات وذلك في حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة، فهنا يعاقب الراشي والمرتشي والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل، وطبيعي أن هذا كثيرًا ما يتحقق في حالة الرشوة للامتناع عن عمل من الأعمال المكلف بها، ومثال ذلك التزوير بطريق الترك، ويلاحظ أن المشرع حين نص على أنه إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون، فإنما يقصدأي فعل أو امتناع ولا يقصد فقط الفعل الإيجابي.

وفي جميع الأحوال يحكم بالمصادرة كعقوبة تكميلية وجوبية طبقاً للمادة 110 عقوبات.(قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة:  211)

أما المستخدم فهو من كان يعين في إحدى الوظائف الخارجة عن الهيئة، وقد كانت هذه التفرقة مقررة في القانون الخاص بموظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي كان قائمًا وقت صدور نص المادة 111 ع، ولكن هذه التفرقة قد زالت بمقتضى قانون العاملين المدنيين الصادر سنة 1964 والذي استبدل بلفظي الموظف والمستخدم، لفظ العامل ليصدق على الاثنين معا، وقد سار على نفس الدرب قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 وقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الحالي رقم 47 لسنة 1978، وعلى ذلك لا يكون النص المشرع في المادة 111 على اعتبار المستخدمين في حكم الموظفين ما يبرره إلا من حيث استهدافه تأكيد خضوع المستخدمين لأحكام الرشوة تجنبًا لكل خلاف في هذا الصدد.

ويستوي في خضوع المستخدم لأحكام الرشوة أن يكون مستخدمًا في مصلحة تابعة للحكومة أو في مصلحة موضوعة تحت رقابتها وإن لم تكن تابعة لها، والمقصود بالمصالح التابعة للحكومة تلك التي تخضع للحكومة المركزية، أما المصالح الموضوعة تحت رقابتها فيقصد بها الهيئات العامة ذات الشخصية المعنوية المستقلة التي تخضع للوصاية أو الرقابة الإدارية للدولة، مثال ذلك الوحدات الإقليمية، كالمحافظات والمدن، والمؤسسات العامة، والشركات المؤممة.

الركن المعنوي في جريمة الرشوة

 قصد المرتشي:

جريمة الرشوة جريمة عمدية يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي، وهو يتحقق بتوافر عنصري: العلم والإرادة.

العلم: يجب أن ينصرف علم الموظف إلى أركان الجريمة، فيجب أن يكون عالمًا بأنه موظف وأن العمل المطلوب منه يدخل في نطاق اختصاصه حقيقة أو زعمًا أو اعتقادًا مخالفًا للحقيقة، فإذا كان يجهل وقت قيامه بالنشاط الإجرامي أنه قد يصدر قرار بتعيينه، أو كان يجهل أن العمل المطلوب منه قد أصبح داخلًا في نطاق اختصاصه، ينتفي لديه القصد، كذلك يجب أن ينصرف علم الجاني إلى الفعل المكون الركن المادي للجريمة، فلا يكفى لقيام القصد الجنائي لديه أن يدخل العطية في حيازته دون علمه كما لو دسها صاحب الحاجة في جيبه أو في درج مكتبه دون أن يشعر، ويجب أن يكون الجاني عالمًا بأن العطية التي تقدم إليه هي مقابل العمل المطلوب، فإن جهل ذلك بأن كان معتقدًا أنها قدمت لغرض بریء کسداد الدين على صاحب الحاجة لا يتوافر القصد الجنائي، ويظل غير متوافر ولو علم فيما بعد بالغرض الحقيقي العطية فقام بالعمل المطلوب.

الإرادة: يجب أن تتجه إرادة المرتشي إلى ارتكاب الفعل المكون الركن المادي للجريمة بأن يريد أخذ العطية أو قبول الوعد بها أو طلب الوعد أو العطية، وتنتفي هذه الإرادة إذا كان الراشي قد قدم العطية فتسلمها الموظف ثم ردها في الحال، كما تنتفي إذا كان الموظف قد تظاهر بتوافرها لديه بغية إتاحة السبيل للقبض على الراشي متلبساً بالجريمة.

هل يشترط قصد خاص في الرشوة :

ذهب بعض الفقهاء إلى تطلب قصد خاص في جريمة الرشوة يتمثل في نية الاتجار بالوظيفة أو استغلالها، ونحن نرفض هذه الوجهة فالمشرع يكتفي لتحقق القصد بتوافر العلم لدى الموظف بأن العطية تقدم كثمن للاتجار بالوظيفة، يؤيد ذلك حرص المشرع على أن يؤكد هذا المعنى بتقريره معاقبة الموظف بعقوبة الرشوة حتى ولو كان يقصد عدم القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة، أي أن الجريمة تقع سواء توافرت أو لم تتوافر نية الاتجار في أعمال الوظيفة.

معاصرة القصد الجنائي للركن المادي:

من المقرر أن القصد لا يعتد به في القول بتوافر الجريمة إلا إذا كان معاصراً للنشاط الإجرامي المكون للركن المادي للجريمة، فتنتفى الجريمة إذا لم يكن القصد متوافراً بعنصريه وقت الأخذ أو القبول أو الطلب، ولا عبرة بتوافره في وقت لاحق على ذلك.

أركان الجريمة :

تنص المادة 106 من قانون العقوبات على أن: «كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية، بغير علم مخدومه ورضائه الأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للامتناع عنه، يعتبر مرتشياً ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ويتضح من هذا النص أن الجريمة تقوم على أركان ثلاثة: صفة خاصة في الجاني، ورکن مادی، وركن معنوی.

 صفة الجاني:

يشترط في الجاني أن يكون «مستخدمًا» لدى فرد أو مشروع خاص، ويقصد بهذا التعبير أن يكون الجاني مرتبطًا برب العمل بعلاقة تبعية، مقتضاها الخضوع لسلطته في الإشراف والتوجيه، والإلتزام برعاية مصالح المشروع، وذلك مقابل التزام رب العمل بتقديم الأجر له، وتوافر علاقة التبعية محددة على هذا النحو يكفي، فيستوي بعد ذلك التكييف القانوني لهذه العلاقة بأنها عقد عمل أو عقد وكالة مثلًا، كما يستوي أن تكون علاقة التبعية مستمرة أو مؤقتة، كذلك لا عبرة بطبيعة العمل الذي يقوم به المستخدم، فيستوي أن يكون إداريًا أو فنيًا أو ماديًا، ولا عبرة بأهميته، فقد يكون في قمة المشروع كعمل المدير أو في أدناه كعمل الساعي، كذلك لا أهمية لطبيعة الأجر فيستوي أن يكون الأجر نقديًا أو عينيًا أو في صورة نسبة معينة من الأرباح، أو لمقدار الأجر، كثيراً أو ضئيلًا، أو الوسيلة التي يتقاضاه بها، أي سواء كان راتبًا سنويًا أو شهريًا أو يوميًا.

واستعمال المشرع لفظ المستخدم يجعله مقصورًا على المستخدمين، فلا يمتد إلى الخدم في المنازل  فالحكمة من التجريم هي حماية المشروعات الخاصة البحتة، لما لها من دور في الإقتصاد القومي، ولا تتحقق هذه الحكمة بالنسبة لخدم المنازل، ويلاحظ أنه يخرج من نطاق الخضوع لهذا النص المستخدم في المؤسسات التي تخضع لرقابة السلطة العامة، أو التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بنصيب ما، إذ يعتبر هذا المستخدم في حكم الموظف العام، فتطبق عليه نصوص الرشوة في نطاق الأعمال العامة (م 111 ع)، كذلك يخرج من نطاق المادة 106 المستخدمون في شركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقًا للقواعد المقررة قانونًا أو المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام، إذ أن هؤلاء يخضعون الحكم المادة 106 مكرراً (أ) على النحو الذي سيأتي بيانه.

 اختصاص المستخدم بالعمل:

يتطلب المشرع لقيام هذه الجريمة أن يكون المستخدم مختصاً بالعمل الذي حصل على الفائدة من أجله، وقد عبر المشرع عن ذلك بقوله «لأداء عمل من الأعمال المكلف بها»، فيخرج من نطاق النص حالة زعم المستخدم اختصاصه بالعمل، أو اعتقاده ذلك، وعلى ذلك فإذا حصل المستخدم على عطية مقابل قيامه بعمل يدعى كذباً أنه مختص به، لا تقوم هذه الجريمة، وإن أمكن أن يسأل عن جريمة نصب إذا توافرت أركانها.

الركن المادي:

يتمثل الركن المادي في أخذ العطية أو قبول الوعد بها أو طلب العطية أو الوعد بها، في مقابل قيام المستخدم بالعمل المكلف به أو امتناعه عنه، إذا تم ذلك بغير علم المخدوم ورضائه، ولا يختلف معنى الأخذ أو القبول أو الطلب، كما لا يختلف معنى العطية أو الوعد عما سبق تحديده فيما يتعلق برشوة الموظف العام، وقد تكون العطية للمستخدم نفسه، أو لشخص آخر يعينه أو يعلم به فيوافق عليه، ولكن المستفيد لا يعاقب في هذه الحالة إذا لم ينص المشرع على عقابه في حالة رشوة المستخدم.

والغرض من رشوة المستخدم قد يكون أداء عمل من الأعمال المكلف بها، كعامل يتولى توزيع الألبان فيأخذ من الزبائن عمولة عما يقوم بتوزيعه تزيد على الثمن المحدد، وذلك دون رضاء مخدومه كما قد يكون امتناعًا عن العمل المكلف به، مثال ذلك أن يحصل مستخدم بإحدى شركات النقل من أحد المسافرين على مبلغ من المال مقابل الامتناع عن فرض أجر على بضاعته  وقد يتمثل غرض الرشوة في الإخلال بالواجبات التي تفرضها الخدمة، مثال ذلك أن يذيع المستخدم سرًا متعلقًا بعمله لأحد منافسي المحل الذي يعمل فيه، إذ يعتبر المستخدم ممتنعًا عن كتمان أسرار الخدمة وهو أمر تفرضه واجبات الخدمة ويقيد المشرع فعل الأخذ أو القبول أو الطلب بعدم علم المخدوم ورضائه، ويعني ذلك أن الجريمة لا تقع إذا كان المخدوم عالمًا بالفعل وراضيًا عنه، والرضاء يتضمن العلم أما العلم فلا يغني عن الرضاء، والفرض أن الرضاء يكون معاصرًا لارتكاب الفعل، فالرضاء اللاحق لا ينفي وقوع الجريمة، وهذا التأثير لرضاء المخدوم يجد تبريره في كون المشرع قد أراد بتجريم رشوة المستخدم حماية مصلحة رب العمل، فإذا ارتأى رب العمل أن الفعل لا يمس نزاهة العمل فرضی به اعتد المشرع بتقديره، على أنه إذا كانت العطية قد جرى العرف بتلقيها فإن أخذها لا تقع به الجريمة إذ يفترض رضاء الناس جميعاً، ومنهم رب العمل، بهذا العرف، اللهم إلا إذا كان قد نهى مستخدميه صراحة عن تلقي العطية.

ويلاحظ أن رشوة المستخدم لا تقع إلا إذا كان الفعل سابقاً علی العمل أو الامتناع، فلا يعاقب المشرع على الرشوة اللاحقة للمستخدم في المشروع الخاص البحت.

الركن المعنوي :

يتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة القصد الخاص، فلا يكفي لتحققه علم الجاني بعناصر الفعل وانصراف إرادته إليه، وإنما يجب فضلًا عن ذلك أن تتجه نيته إلى القيام بالعمل أو الامتناع المطلوب منه.

وبناء على ذلك يجب أن ينصرف علم الجاني، عند قيامه بالفعل المادي، إلى كون الغرض من العطية أو الوعد هو قيامه بعمل من الأعمال المكلف بها أو الامتناع عنه، فإذا كان يجهل ذلك ويعتقد أن الفائدة قدمت إليه على سبيل الهدية انتفي لديه القصد، كذلك يجب أن ينصرف علمه إلى أن الفعل يتم دون علم مخدومه ورضائه، فينتفي القصد إذا كان المستخدم يعتقد رضاء المخدوم عن الفائدة، كما لو كان يظنها من قبيل النفحة أو الوهبة التي يفترض أن المخدوم يكون راضيًا عنها، ولو كان غير عالم بها، لجريان العرف بها، ويجب أخيرًا أن تتجه نية الجاني وقت الفعل إلى القيام بالعمل أو الامتناع المطلوب منه، فإذا كان يضمر عدم تنفيذ العمل أو الامتناع انتفى القصد لديه، وتوافر النية في هذا الوقت يكفي لقيام الجريمة ولو غير الجاني نيته بعد ذلك وامتنع عن التنفيذ، ويختلف القصد هنا عنه في رشوة الموظف العام التي تقوم ولو كان الموظف منتويًا وقت الفعل المكون للجريمة عدم تنفيذ العمل أو الامتناع المطلوب منه.

الوقت الذي يجب أن تتوافر فيه الصفة والاختصاص:

العبرة في توافر صفة الموظف العام واختصاصه بالعمل هي بالوقت الذي يقع فيه الركن المادي لجريمة الرشوة، وهو وقت طلب العطية أو أخذها أو قبول الوعد بها، فإذا انتفت الصفة وقت وقوع الفعل لا يعتبر الفاعل مرتشيًا، وإن أمكن أن تقع منه جريمة النصب بانتحال صفة غير صحيحة إذا أدعى أن له صفة الموظف  وتوافرت باقی أركان هذه الجريمة، ويترتب على هذا التحديد أن الرشوة لا تقع من شخص ليست له صفة الموظف، إذا تقاضى مبلغًا لقاء القيام بعمل وظيفي ولو تحققت فيه هذه الصفة بعد ذلك إذ لا يتحقق حينئذ التعاصر المطلوب بين الركن المادي للرشوة وبين صفة الموظف العام، كذلك لا تقع الجريمة إذا قدم العطاء إلى موظف عام ليقوم بعمل لا يدخل في نطاق اختصاصه ولم يزعم الاختصاص به ولم يعتقد خطأ الاختصاص به، وإنما أخذ العطية استغلالًا لسذاجة صاحب الحاجة، والجريمة لا تقع في هذا الفرض ولو دخل العمل في اختصاصه بعد وقوع الفعل، ولا تقع جريمة الرشوة إذا وقع الفعل المادي المكون لها بعد أن زالت عن الموظف صفته بالعزل أو الاستقالة، أو إذا كانت الصفة قائمة ولكن كان العمل قد خرج عن نطاق اختصاصه ولم يزعم أنه لا يزال مختصاً به، أو يعتقد خطأ بذلك.

وإذا توافرت صفة الموظف العام واختصاصه بالعمل وقت ارتكاب الفعل فإن جريمة الرشوة تقع، ولا يؤثر في ذلك أن تزول عن المرتشي صفة الموظف والاختصاص الذي كان له، ولو كان من نتيجة ذلك استحالة تحقيق غرض الرشوة.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة:   19)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني عشر ، الصفحة / 282

الرِّشْوَةُ :

هِيَ جَرِيمَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْقُرْآنِ لقوله تعالي : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)  وَهِيَ فِي الْيَهُودِ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنَ الرِّشْوَةِ. وَهِيَ كَذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» . وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 188 ، 189 ، 190

( 366 ) 

 

يعاقب بالحبس كل عامل أو نائب قانوني أو إتفاقي أو قضائي طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية، أو منفعة من أي نوع، أو وعداً بذلك ؛ لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للإمتناع عنه ؛ إخلالاً بواجبات عمله أو نیابته، متى تم ذلك بغير رضاء رب العمل أو الأصيل حسب الأحوال. 

(مادة 374) 

يحكم على الجاني في جميع الأحوال المبينة في المواد السابقة بغرامة تساوي قيمة ما طلب أو قبل أو وعد به أو عرض، على ألا تقل عن مائتي جنيه. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني والعشرون ، الصفحة /  219

رِشْوَةٌ

التَّعْرِيفُ:

الرِّشْوَةُ فِي اللُّغَةِ: مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ: الْجُعْلُ، وَمَا يُعْطَى لِقَضَاءِ مَصْلَحَةٍ، وَجَمْعُهَا رُشًا وَرِشًا.

قَالَ الْفَيُّومِيُّ: الرِّشْوَةُ - بِالْكَسْرِ -: مَا يُعْطِيهِ الشَّخْصُ لِلْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ لِيَحْكُمَ لَهُ، أَوْ يَحْمِلَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ.

وَقَالَ ابْنُ الأْثِيرِ: الرِّشْوَةُ: الْوُصْلَةُ إِلَى الْحَاجَةِ بِالْمُصَانَعَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الرِّشَاءِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْمَاءِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الرِّشْوَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ رَشَا الْفَرْخُ إِذَا مَدَّ رَأْسَهُ إِلَى أُمِّهِ لِتَزُقَّهُ.

- وَرَاشَاهُ: حَابَاهُ، وَصَانَعَهُ، وَظَاهَرَهُ.

- وَارْتَشَى: أَخَذَ رِشْوَةً، وَيُقَالُ: ارْتَشَى مِنْهُ رِشْوَةً: أَيْ أَخَذَهَا.

- وَتَرَشَّاهُ: لاَيَنَهُ، كَمَا يُصَانَعُ الْحَاكِمُ بِالرِّشْوَةِ

- وَاسْتَرْشَى: طَلَبَ رِشْوَةً

- وَالرَّاشِي: مَنْ يُعْطِي الَّذِي يُعِينُهُ عَلَى الْبَاطِلِ.

- وَالْمُرْتَشِي: الآْخِذُ

- وَالرَّائِشُ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمَا يَسْتَزِيدُ لِهَذَا، وَيَسْتَنْقِصُ لِهَذَا.

وَقَدْ تُسَمَّى الرِّشْوَةُ الْبِرْطِيلَ وَجَمْعُهُ بَرَاطِيلُ.

قَالَ الْمُرْتَضَى الزَّبِيدِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْبِرْطِيلِ بِمَعْنَى الرِّشْوَةِ، هَلْ هُوَ عَرَبِيٌّ أَوْ لاَ؟.

وَفِي الْمَثَلِ: الْبَرَاطِيلُ تَنْصُرُ الأْبَاطِيلَ،.

وَالرِّشْوَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُعْطَى لإِبْطَالِ حَقٍّ، أَوْ لإِحْقَاقِ بَاطِلٍ،.

وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ، حَيْثُ قُيِّدَ بِمَا أُعْطِيَ لإِحْقَاقِ الْبَاطِلِ، أَوْ إِبْطَالِ الْحَقِّ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْمُصَانَعَةُ:

الْمُصَانَعَةُ: أَنْ تَصْنَعَ لِغَيْرِكَ شَيْئًا لِيَصْنَعَ لَكَ آخَرَ مُقَابِلَهُ، وَكِنَايَةٌ عَنِ الرِّشْوَةِ، وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ صَانَعَ بِالْمَالِ لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَبِ الْحَاجَةِ.

ب - السُّحْتُ - بِضَمِّ السِّينِ:

أَصْلُهُ مِنَ السَّحْتِ - بِفَتْحِ السِّينِ - وَهُوَ الإْهْلاَكُ وَالاِسْتِئْصَالُ، وَالسُّحْتُ: الْحَرَامُ الَّذِي لاَ يَحِلُّ كَسْبُهُ؛ لأِنَّهُ يَسْحَتُ الْبَرَكَةَ أَيْ: يُذْهِبُهَا.

وَسُمِّيَتِ الرِّشْوَةُ سُحْتًا،. وَقَدْ سَارَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ،.

لَكِنَّ السُّحْتَ أَعَمُّ مِنَ الرِّشْوَةِ، لأِنَّ السُّحْتَ كُلُّ حَرَامٍ لاَ يَحِلُّ كَسْبُهُ.

ج - الْهَدِيَّةُ:

مَا أَتْحَفْتَ بِهِ غَيْرَكَ، أَوْ مَا بَعَثْتَ بِهِ لِلرَّجُلِ عَلَى سَبِيلِ الإْكْرَامِ، وَالْجَمْعُ هَدَايَا وَهَدَاوَى - وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ -

يُقَالُ: أَهْدَيْتُ لَهُ وَإِلَيْهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ).

قَالَ الرَّاغِبُ: وَالْهَدِيَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِاللُّطْفِ، الَّذِي يُهْدِي بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، وَالْمِهْدَى: الطَّبَقُ الَّذِي يُهْدَى عَلَيْهِ.

وَالْمِهْدَاءُ: مَنْ يُكْثِرُ إِهْدَاءَ الْهَدِيَّةِ.

وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ الرِّشْوَةُ هِيَ: مَا يُعْطَى بَعْدَ الطَّلَبِ، وَالْهَدِيَّةُ قَبْلَهُ.

د - الْهِبَةُ:

الْهِبَةُ فِي اللُّغَةِ الْعَطِيَّةُ بِلاَ عِوَضٍ.

قَالَ ابْنُ الأْثِيرِ: الْهِبَةُ: الْعَطِيَّةُ الْخَالِيَةُ عَنِ الأْعْوَاضِ وَالأْغْرَاضِ، فَإِذَا كَثُرَتْ سُمِّيَ صَاحِبُهَا وَهَّابًا.

وَاتَّهَبْتُ الْهِبَةَ: قَبِلْتُهَا، وَاسْتَوْهَبْتُهَا: سَأَلْتُهَا، وَتَوَاهَبُوا: وَهَبَ بَعْضُهُمُ الْبَعْضَ.

وَاصْطِلاَحًا: إِذَا أُطْلِقَتْ هِيَ التَّبَرُّعُ بِمَالِهِ حَالَ الْحَيَاةِ بِلاَ عِوَضٍ. وَقَدْ تَكُونُ بِعِوَضٍ فَتُسَمَّى هِبَةَ الثَّوَابِ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهِبَةِ، أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِيصَالاً لِلنَّفْعِ إِلَى الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْعِوَضِ ظَاهِرًا فِي الْهِبَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الرِّشْوَةِ يَنْتَظِرُ النَّفْعَ، وَهُوَ عِوَضٌ.

و - الصَّدَقَةُ:

مَا يُخْرِجُهُ الإْنْسَانُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ كَالزَّكَاةِ، لَكِنِ الصَّدَقَةُ فِي الأْصْلِ تُقَالُ لِلْمُتَطَوَّعِ بِهِ، وَالزَّكَاةُ لِلْوَاجِبِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْوَاجِبُ صَدَقَةً، إِذَا تَحَرَّى صَاحِبُهَا الصِّدْقَ فِي فِعْلِهِ.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعَطِيَّةُ مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَاسْمُ الْعَطِيَّةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالصَّدَقَةِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ تُدْفَعُ طَلَبًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، فِي حِينِ أَنَّ الرِّشْوَةَ تُدْفَعُ لِنَيْلِ غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ عَاجِلٍ.

أَحْكَامُ الرِّشْوَةِ:

الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ، وَرِشْوَةُ الْمَسْئُولِ عَنْ عَمَلٍ حَرَامٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)، قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الرِّشْوَةُ.

وَقَالَ تَعَالَى: (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ «وَالرَّائِشَ».

وَيَحْرُمُ طَلَبُ الرِّشْوَةِ، وَبَذْلُهَا، وَقَبُولُهَا، كَمَا يَحْرُمُ عَمَلُ الْوَسِيطِ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.

غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإْنْسَانِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - أَنْ يَدْفَعَ رِشْوَةً لِلْحُصُولِ عَلَى حَقٍّ، أَوْ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَوْ ضَرَرٍ، وَيَكُونُ الإْثْمُ عَلَى الْمُرْتَشِي دُونَ الرَّاشِي.

قَالَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بِالرِّشْوَةِ.

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إِذَا عَجَزْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَاسْتَعَنْتَ عَلَى ذَلِكَ بِوَالٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَثِمَ دُونَكَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ زَوْجَةً يُسْتَبَاحُ فَرْجُهَا، بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لأِنَّ مَفْسَدَةَ الْوَالِي أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ اسْتِعَانَتُكَ بِالأْجْنَادِ يَأْثَمُونَ وَلاَ تَأْثَمُ، وَكَذَلِكَ فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّادِرَ مِنَ الْمُعِينِ عِصْيَانٌ لاَ مَفْسَدَةَ فِيهِ، وَالْجَحْدَ وَالْغَصْبَ عِصْيَانٌ وَمَفْسَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الاِسْتِعَانَةَ بِالْمَفْسَدَةِ - لاَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ - عَلَى دَرْءِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا، كَفِدَاءِ الأْسِيرِ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكُفَّارِ لِمَالِنَا حَرَامٌ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ مَفْسَدَةُ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَمَا لاَ مَفْسَدَةَ فِيهِ أَوْلَى أَنْ يُجَوَّزَ.

فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَسِيرًا نَحْوَ كِسْرَةٍ وَتَمْرَةٍ، حُرِّمَتْ الاِسْتِعَانَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ؛ لأِنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ لاَ يُبَاحُ بِالْيَسِيرِ.

وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الأْثَرِ بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه  أَنَّهُ كَانَ بِالْحَبَشَةِ فَرَشَا بِدِينَارَيْنِ، حَتَّى خُلِّيَ سَبِيلُهُ. وَقَالَ: إِنَّ الإْثْمَ عَلَى الْقَابِضِ دُونَ الدَّافِعِ.

وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُصَانِعَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ إِذَا خَافَ الظُّلْمَ.

أَقْسَامُ الرِّشْوَةِ:

قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الرِّشْوَةَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا:

أ - الرِّشْوَةُ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالإْمَارَةِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي.

ب - ارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِحَقٍّ؛ لأِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

ج - أَخْذُ الْمَالِ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ أَوْ جَلْبًا لِلنَّفْعِ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ فَقَطْ.

د - إِعْطَاءُ إِنْسَانٍ غَيْرِ مُوَظَّفٍ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ مَالاً لِيَقُومَ بِتَحْصِيلِ حَقِّهِ لَهُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ دَفْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ؛ لأِنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَنَةُ الإْنْسَانِ لِلآْخَرِ بِدُونِ مَالٍ وَاجِبَةً، فَأَخْذُ الْمَالِ مُقَابِلَ الْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ بِمَثَابَةِ أُجْرَةٍ.

حُكْمُ الرِّشْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَشِي:

أ - الإْمَامُ وَالْوُلاَةُ:

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْهَدِيَّةِ إِلَى السُّلْطَانِ الأْكْبَرِ، وَإِلَى الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الأْمْوَالِ - وَيُقْصَدُ بِالْكَرَاهِيَةِ الْحُرْمَةُ.

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ.

 وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ مِمَّا يُتَّقَى عَلَى غَيْرِهِ مِنْهَا، وَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَدِيَّةَ، قِيلَ لَهُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُهَا، فَقَالَ: كَانَتْ لَهُ هَدِيَّةً، وَهِيَ لَنَا رِشْوَةٌ؛ لأِنَّهُ كَانَ يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ لِنُبُوَّتِهِ لاَ لِوِلاَيَتِهِ، وَنَحْنُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَيْنَا لِوِلاَيَتِنَا.

يُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (إِمَامَة فِقْرَة 28، 29).

ب - الْعُمَّالُ:

وَحُكْمُ الرِّشْوَةِ إِلَى الْعُمَّالِ (الْوُلاَةِ) كَحُكْمِ الرِّشْوَةِ إِلَى الإْمَامِ - كَمَا مَرَّ فِي كَلاَمِ ابْنِ حَبِيبٍ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «هَدَايَا الأْمَرَاءِ غُلُولٌ»،. وَلِحَدِيثِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ.

قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ تَعَزُّزَ الأْمِيرِ وَمَنَعَتَهُ بِالْجُنْدِ وَبِالْمُسْلِمِينَ لاَ بِنَفْسِهِ، فَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنِيمَةِ، فَإِذَا اسْتَبَدَّ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ خِيَانَةً، بِخِلاَفِ هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأِنَّ تَعَزُّزَهُ وَمَنَعَتَهُ كَانَتْ بِنَفْسِهِ لاَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَصَارَتِ الْهَدِيَّةُ لَهُ لاَ لِلْمُسْلِمِينَ.

ج - الْقَاضِي:

وَالرِّشْوَةُ إِلَى الْقَاضِي حَرَامٌ بِالإْجْمَاعِ.

قَالَ الْجَصَّاصُ: وَلاَ خِلاَفَ فِي تَحْرِيمِ الرِّشَا عَلَى الأْحْكَامِ؛ لأِنَّهُ مِنَ السُّحْتِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَاتَّفَقَتِ الأْمَّةُ عَلَيْهِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.

قَالَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ، وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ هَدِيَّةً، وَاسْتِعَارَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ لأِنَّ الْمَنَافِعَ كَالأْعْيَانِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ وَنَحْوُهُ فَأُهْدِيَ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهَا لِلْوَلَدِ؛ لأِنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إِلَى الرِّشْوَةِ، فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالأْوْلَى أَنَّهُ كَالْهَدِيَّةِ، وَفِي الْفُنُونِ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ.

وَهَدِيَّةُ الْقَاضِي فِيهَا تَفْصِيلٌ تُنْظَرُ فِي (هَدِيَّة، قَضَاء).

د - الْمُفْتِي:

يَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي قَبُولُ رِشْوَةٍ مِنْ أَحَدٍ لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُ، وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: مَا أُهْدِيَ لِلْمُفْتِي، إِنْ كَانَ يَنْشَطُ لِلْفُتْيَا أُهْدِيَ لَهُ أَمْ لاَ، فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَنْشَطُ إِذَا أُهْدِيَ لَهُ فَلاَ يَأْخُذُهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ خُصُومَةٌ، وَالأْحْسَنُ أَنْ لاَ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ صَاحِبِ الْفُتْيَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَيْشُونٍ وَكَانَ يَجْعَلُ ذَلِكَ رِشْوَةً.

هـ - الْمُدَرِّسُ:

إِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِ وَصَلاَحِهِ فَلاَ بَأْسَ بِقَبُولِهِ، وَإِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ لِيَقُومَ بِوَاجِبِهِ فَالأْوْلَى عَدَمُ الأْخْذِ.

و - الشَّاهِدُ:

وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّاهِدِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ. وَإِذَا أَخَذَهَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ.

وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي (شَهَادَة).

حُكْمُ الرِّشْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاشِي:

أ - الْحَاجُّ:

لاَ يَلْزَمُ الْحَجُّ مَعَ الْخَفَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً؛ لأِنَّهَا رِشْوَةٌ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَحَفِيدُهُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ قُدَامَةَ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ يَدْفَعُ خَفَارَةً إِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً.

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصْدِيِّينَ؛ لأَنَّهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدُوا مَنْ يَخْفِرُهُمْ بِأُجْرَةٍ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَمْنُهُمْ بِهِ، فَفِي لُزُومِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ. قَالَ الإْمَامُ: أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ؛ لأِنَّهُ مِنْ أُهَبِ الطَّرِيقِ كَالرَّاحِلَةِ.

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.

ب - صَاحِبُ الأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ:

يَجُوزُ لِصَاحِبِ الأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ الْقَابِضَ لِخَرَاجِهِ، وَيُهْدِيَ لَهُ لِدَفْعِ ظُلْمٍ فِي خَرَاجِهِ؛ لأِنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إِلَى كَفِّ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَرْشُوَهُ أَوْ يُهْدِيَهُ لِيَدَعَ عَنْهُ خَرَاجًا؛ لأِنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى إِبْطَالِ حَقٍّ.

ج - الْقَاضِي:

مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَرْشُوَ لِتَحْصِيلِ الْقَضَاءِ، وَمَنْ تَقَبَّلَ

 

الْقَضَاءَ بِقِبَالَةٍ (عِوَضٍ)، وَأَعْطَى عَلَيْهِ الرِّشْوَةَ فَوِلاَيَتُهُ بَاطِلَةٌ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ – رحمه الله: لَوْ بَذَلَ مَالاً لِيَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، فَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْقَاصِّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَقَضَاؤُهُ مَرْدُودٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إِذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَمْ يُوَلَّ إِلاَّ بِمَالٍ هَلْ يَحِلُّ بَذْلُهُ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ بَذْلُهُ لِلْمَالِ كَمَا يَحِلُّ طَلَبُ الْقَضَاءِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى شَخْصٍ تَوَلِّي الْقَضَاءِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ بِسُؤَالِهِمْ أَنْ يُوَلُّوهُ، فَإِذَا مَنَعَهُ السُّلْطَانُ أَثِمَ بِالْمَنْعِ؛ لأِنَّهُ مَنَعَ الأْوْلَى وَوَلَّى غَيْرَهُ، فَيَكُونُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا مَنَعَهُ لَمْ يَبْقَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَلاَ يَحِلُّ لَهُ دَفْعُ الرِّشْوَةِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ بَذْلُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي نَصْبِهِ قَاضِيًا، وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ،.

حُكْمُ الْقَاضِي:

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إِذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ.

وَلَكِنْ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي.

قَالَ مُنْلاَ خُسْرَوْ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ حُكْمُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلاَفٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

فَعَلَى قَوْلٍ: أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي صَحِيحٌ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ، سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا أَوِ الَّتِي لَمْ يَرْتَشِ فِيهَا، وَبِأَخْذِ الرِّشْوَةِ لاَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ؛ لأِنَّ حَاصِلَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ هُوَ فِسْقُ الْقَاضِي، وَبِمَا أَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي لاَ يُوجِبُ انْعِزَالَهُ فَوِلاَيَةُ الْقَاضِي بَاقِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ يَلْزَمُ نَفَاذُ قَضَائِهِ.

وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ: لاَ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا، قَالَ قَاضِيخَانْ: إِنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ رِشْوَةً وَحَكَمَ فَحُكْمُهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِحَقٍّ؛ لأِنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدِ اسْتُؤْجِرَ لِلْحُكْمِ، وَالاِسْتِئْجَارُ لِلْحُكْمِ بَاطِلٌ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي.

 وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ: أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى الَّتِي حَكَمَ فِيهَا. وَهَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ وَالطَّحَاوِيِّ.

انْعِزَالُ الْقَاضِي:

ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمُعْتَمَدِ - وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْخَصَّافُ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَبُولُهُ الرِّشْوَةَ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ارْتَشَى الْحَاكِمُ انْعَزَلَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ، وَبَطَلَ كُلُّ حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَمَذْهَبُ الآْخَرِينَ أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ، بَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الَّذِي وَلاَّهُ.

أَثَرُ الرِّشْوَةِ:

أ - فِي التَّعْزِيرِ:

هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَيَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ.

انْظُرْ: تَعْزِير.

ب - دَعْوَى الرِّشْوَةِ عَلَى الْقَاضِي:

لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ حَكَمْتَ عَلَيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوِ ارْتَشَيْتَ وَنَحْوِهِ بِضَرْبٍ لاَ يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَحَبْسٍ، وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ افْتِيَاتُهُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ.

ج - فِي الْحُكْمِ بِالرُّشْدِ:

صَرْفُ الْمَالِ فِي مُحَرَّمٍ كَرِشْوَةٍ عَدَمُ صَلاَحٍ لِلدِّينِ وَلِلْمَالِ، مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ بِرُشْدِ الصَّبِيِّ.

د - الْمَالُ الْمَأْخُوذُ:

إِنْ قَبِلَ الرِّشْوَةَ أَوِ الْهَدِيَّةَ حَيْثُ حَرُمَ الْقَبُولُ وَجَبَ رَدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَنْ تَابَ عَنْ أَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ: إِنْ عَلِمَ صَاحِبَهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ دَفَعَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.