loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- متى كان الحكم قد أورد واقعة الدعوى بما يفيد أن الطاعن طلب و أخذ مبلغ الرشوة نظير إعادة الشاهد إلى عمله وساق الأدلة على ثبوت هذه الواقعة فى حقه ، ولكنه انتهى فى ختام أسبابه إلى أن الطاعن عرض وقبل الوساطة فى رشوة موظف عمومى بأن تقاضى من الشاهد مبلغ الرشوة بدعوى تسليمه للموظف المختص لقاء العمل على إلغاء قرار فصله و إعادته إلى عمله دون أن يقوم من وقائع الدعوى وأدلتها ما يوفر جريمة الوساطة فى الرشوة ، ثم قضى بمعاقبة الطاعن بالمادة 106 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات التى تنص على العقاب على جريمة الرشوة إذا وقعت من عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقانون أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نظام عام أو من مدير أو مستخدم فى احداها ، مما يدل على إختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة و عدم استقرارها فى عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها فى حكم الوقائع الثابتة بحيث لا يستطاع إستخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بتلك الواقعة أو بتطبيق القانون عليها .

( الطعن رقم 1596 لسنة 37 ق - جلسة 1967/10/02 - س 18 ع 3 ص 922 ق 184 )

2- إذا كان مؤدى ما أثبته الحكم أن الطاعن قد زعم للمجنى عليه أن له صلة بالضابط الذى نيط به التصرف فى التحقيق الذى أجرى معه بصدد البحث عن مصدر ثروته ، وأنه ذو صلة أيضا بمدير الأمن ونائبه ، وأنه طلب منه النقود و أخذها لإستعمال نفوذه الناشئ عن تلك الصلات ، للحصول على قرار بحفظ ذلك التحقيق وعدم عرضه على لجنة تصفية الإقطاع ، بما يحول دون وضعه تحت الحراسة ، والعمل على عدم إرسال إشارات لإستدعاء شريكه ، وكان ما استخلصه الحكم مما تقدم له ما يعينه من وقائع الدعوى وأدلتها التى لا ينازع المتهم فى صحة ما حصله الحكم منها ، فإن النعى عليه بفساد الإستدلال لا يكون مقبولا ، إذ هو فى واقعه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى و استخلاص ما تؤدى إليه ، مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .

( الطعن رقم 1591 لسنة 37 ق - جلسة 1967/11/20 - س 18 ع 3 ص 1122 ق 235 )

شرح خبراء القانون

أضيفت هذه المادة بالقانون رقم 120 لسنة 1992 وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية بشأنها أنها " أضيفت لتوافق تطور المجتمع الجديد ولتوائم مقتضياته، فنصت على عقاب الرشوة في محيط الوظائف العامة وذلك مع عدم الإخلال بالحالات التي يعتبر فيها الجاني مكلفاً بخدمة عامة طبقاً للمادة 111 عقوبات " كما يلاحظ أنه لا يدخل في حكم المادة 106 مكرراً (أ) إلا الشركات والمؤسسات الخاصة فيخضع مستخدموها للمادة 106 وثمة فوارق بين النصين ليس فقط في العقوبة فحسب بل في مجال تطبيقها نص المادة 106 مكرراً (أ) قد أورد صورا للتجريم على غرار ما نص عليه بالنسبة للموظفين و المستخدمين العموميين وبعض هذه الصور لم يرد في المادة 106 ويلاحظ أن القانون قد استعمل تعبير النقابات دون تخصيصها بنوع معين مما يفيد الأول وهلة أنها تنصرف إلى جميع النقابات أيا كانت طبيعتها القانونية ألا أنه يجب ملاحظة أن هناك من النقابات ما تعتبر مؤسسات عامة كنقابات المحامين والأطباء والمهندسين بالنظر إلى أن الدولة تقوم بإنشائها وتهدف بها إلى تحقيق مصلحة عامة وتباشر سلطات القانون العام مع الاحتفاظ للدولة بحقها في الرقابة والإشراف.

والفعل المادي هو قيام المستخدم بإحدى هذه الجهات بأخذ عطية أو قبول وعد بها أو طلب عطية أو وعد مقابل عمل يدخل في اختصاصه أو يزعم هو أنه مختص به ولا عبرة باسم الفائدة المعطاة أو التي بذل الوعد بشأنها ولا صورتها ويستوي أن تكون من الأشياء المادية أو أن تكون فائدة غير مادية ولا يشترط أن تكون العطية أو الوعد بها قد بذلت لصالح المرتشي نفسه وهو ما يحدث في الغالب إذ يكفي أن تكون لصالح شخص آخر عينه لذلك أو علم به ووافق عليه ومقابل الفائدة أو سبب العطية هو أداء عمل يدخل في اختصاصه المستخدم المرتشي فعلاً أو زعماً أو توهماً.

وخلاصة ذلك أن الركن المادي لهذه الجناية هو ذات الركن المادي في رشوة الموظف العمومي أو من في حكمه. أما إذا كان الطلب أو القبول أو الأخذ لاحقاً للعمل أو الإمتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة للمكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق إنه تستحق ذات العقوبة ولا تكون الجريمة عندئذ رشوة بالمعنى الصحيح وإنما أخذه حكم الرشوة.

ويكفي توفر القصد العام وقد عنيت المادة 102 مكرراً (أ) عقوبات باستبعاد أن يتجه القصد الجنائي إلى القيام أو الإمتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة فنصت على وجوب توقيع العقوبة ولو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل أو عدم الإمتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته وهذا بخلاف الحال في الصورة المخففة من الرشوة في نطاق الأعمال الخاصة.

العقوبة :

حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على قيمة العطية أو الوعد، وتوقع هذه العقوبة كذلك على الراشي والوسيط باعتبارهما شريكين ويستفيدان من امتناع العقاب بالاختيار أو الاعتراف والشروع يعاقب عليه دون نص لأن الجريمة جناية.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 237)

الرشوة في محيط الشركات المساهمة ونحوها

العنصر المفترض

يتعين وفقاً للمادة التي نحن بصددها المستحدثة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 أن يكون الجاني عضواً بمجلس الإدارة أو مديراً أو مستخدماً في إحدى هذه الهيئات أو الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقواعد المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المتميزة قانوناً ذات نفع عام.

ويلاحظ أن هذا النوع من المشروعات خاضع لرقابة الدولة على نحو معين يتفاوت في كل منها عن الآخر، إلا أن المشرع رأى أنها لا تندرج تحت عبارة "المصالح الموضوعة تحت رقابة الحكومة" المنصوص عليها في المادة (111) عقوبات إيماناً منه بأن هذه العبارة الأخيرة تنصرف إلى نوع آخر من الرقابة هي الرقابة الإدارية، ويجدر التنبيه إلى عدم الإخلال بالحالات التي يعتبر فيها المستخدم بإحدى هذه الهيئات المشار عنها في المادة التي نحن بصددها المذكورة مكلفاً بخدمة عامة بالنظر إلى المهمة التي كلف بأدائها، ففي هذه الحالة يتعين إعتبار هذا المستخدم في حكم الموظف العام طبقاً للمادة (111) عقوبات وهو أمر نبهت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1962.

ويلاحظ أن القانون قد إستعمل تعبير "النقابات دون تخصيصها بنوع معين مما يفيد الأول وهلة أنها تنصرف إلى جميع النقابات أيا كانت طبيعتها القانونية، إلا أنه يجب ملاحظة أن هناك من النقابات ما تعتبر مؤسسات عامة كنقابات المحامين والأطباء والمهندسين بالنظر إلى أن الدولة تقوم بإنشائها وتهدف بها إلى تحقيق مصلحة عامة.

وتباشر سلطات القانون العام مع الاحتفاظ للدولة بحقها في الرقابة والإشراف، أما نقابات العمال فهي تعتبر من أشخاص القانون الخاص بالنظر إلى أن الدولة لا تقوم بإنشائها، بل يتوقف تكوينها على إرادة أفراد المهنة، ولا تملك في علاقاتها بالأعضاء حقوق السلطات العامة.

ولما كان موظفو المؤسسات العامة هم موظفون عموميون لذا كان الغريب ألا تسري أحكام رشوة الموظفين العموميين على موظفي المؤسسات العامة المهنية، على الرغم من أن طابع المادة التي نحن بصددها المستحدثة هو التشديد لا التخفيف.

الركن المادي :

لا تثير هذه الجريمة صعوبة ما، فقد طبق المشرع جميع أحكام الرشوة في نطاق الوظائف العامة على هذه الجريمة فتقع الجريمة بمجرد الطلب أو القبول أو الأخذ، ويستوي أن يكون الموظف مختصاً أو زاعماً بالاختصاص أو معتقداً خطأ به. ويستوي في سبب الرشوة أن يكون في صورة أداء العمل أو الإمتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة. كما عاقب القانون على الرشوة اللاحقة بغير إتفاق سابق.

على أنه يلاحظ أن الرشوة اللاحقة أكثر إتساعاً في جريمة موظفي الشركات المساهمة وما إليها عنه في رشوة الموظفين العموميين، فالمادة (105) عقوبات تشترط في الرشوة اللاحقة أن تقع بالقبول "أو الأخذ" ولا يكفي الوقوعها الطلب، فبينما المادة التي نحن بصددها تكتفي بمجرد الطلب فضلاً عن القبول أو الأخذ. وهذا التوسع في التجريم لا يوجد ما يبرره بل ولا يتسق مع نطاق تجريم رشوة الموظفين العموميين.

الركن المعنوي :

يكفي توفير القصد العام، وقد عنيت المادة التي نحن بصددها باستبعاد أن يتجه قصد الجاني إلى القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة فنصت على وجوب توقيع العقوبات ولو كان الجاني يقصد عدم القيام أو عدم الإمتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته. وهذا بخلاف الحال في الصورة المخففة من الرشوة في نطاق الأعمال الخاصة.

العقوبة:

عاقب القانون على هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به. ويلاحظ أن المادة التي نحن بصددها في فقرتها الثانية قد نصت على هذه العقوبات ذاتها بشأن جريمة الرشوة، وهو أمر لا يتفق مع سياسة المشرع في رشوة الموظفين العموميين إذ جعل للرشوة اللاحقة المادة (105) عقوبات عقوبة أقل كثيراً من عقوبة الرشوة في صورتها العادية .(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 333)

يتعين وفقاً للمادة 106 مكرراً «أ»، المستحدثة بالقانون رقم 120 لسنة 1952 - أن يكون الجاني عضواً بمجلس الإدارة أو مديراً أو مستخدماً في إحدى هذه الهيئات أو الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقواعد المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المتميزة قانوناً ذات نفع عام. ويلاحظ أن هذا النوع من المشروعات خاضع لرقابة الدولة على نحو معين يتفاوت في كل منها عن الآخر، إلا أن المشرع رأى أنها لا تندرج تحت عبارة المصالح الموضوعة تحت رقابة الحكومة المنصوص عليها في المادة 111 عقوبات، إيماناً منه بأن هذه العبارة الأخيرة تنصرف إلى نوع آخر من الرقابة، هي الرقابة الإدارية أو الوصاية الإدارية كما عبر البعض.

ويجدر التنبيه إلى عدم الإخلال بالحالات التي يعد فيها المستخدم بإحدى الهيئات المشار إليها في المادة 106 مكرراً «أ» المذكورة - مكلفاً بخدمة عامة بالنظر إلى المهمة التي كلف بأدائها، ففي هذه الحالة يتعين اعتبار هذا المستخدم في حكم الموظف العام طبقاً للمادة 111 عقوبات، وهو أمر نبهت إليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 120 لسنة 1962.

ويلاحظ أن القانون قد استعمل تعبير «النقابات» دون تخصيصها بنوع معين مما يفيد الأول وهلة أنها تنصرف إلى جميع النقابات أيا كانت طبيعتها القانونية. إلا أنه يجب ملاحظة أن هناك من النقابات ما تعد مؤسسات عامة، كنقابات المحامين والأطباء والمهندسين، بالنظر إلى أن الدولة تقوم بإنشائها وتهدف بما إلى تحقيق مصلحة عامة وتباشر سلطات القانون العام مع الاحتفاظ للدولة بحقها في الرقابة والإشراف أما نقابات العمال، فهي تعد من أشخاص القانون الخاص، بالنظر إلى أن الدولة لا تقوم بإنشائها، بل يتوقف تكوينها على إرادة أفراد المهنة، ولا تملك في علاقاتها بالأعضاء حقوق السلطة العامة.

الركن المادي:

لا تثير هذه الجريمة صعوبة ما، فقد طبق المشرع جميع أحكام الرشوة في نطاق الوظائف العامة على هذه الجريمة، فتقع الجريمة بمجرد الطلب أو القبول أو الأخذ، ويستوي أن يكون الموظف مختصاً أو زاعماً بالاختصاص أو معتقدا خطأ به. ويستوي في سببة الرشوة أن يكون في صورة أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة.

كما عاقب القانون على الرشوة اللاحقة بغير اتفاق سابق (تقابل المادة 105) ولذا يتعين الرجوع إلى هذه الأحكام فيما قدمناه بشأن رشوة الموظفين العموميين.

على أنه يلاحظ أن الرشوة اللاحقة أكثر اتساعاً في جريمة موظف الشركات المساهمة وما إليها عنه في رشوة الموظفين العموميين. فالمادة 105 تشترط في الرشوة اللاحقة أن تقع بالقبول (ويتضمن الأخذ) ولا يكفي لوقوعها مجرد الطلب، بينما المادة 106 مكرراً «أ» تكتفي بمجرد الطلب فضلاً عن القبول أو الأخذ.

وهذا التوسع في التجريم لا يوجد ما يبرره، بل لا يتسق مع نطاق بتحريم رشوة الموظفين العموميين.

الركن المعنوي:

يكفي توافر القصد الجنائي العام بمدلوله السالف بيانه، وقد عنيت المادة 106 مكرراً «أ» عقوبات باستبعاد أن يتجه قصد ألماني إلى القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة، فنصت على وجوب توقيع العقوبة ولو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل أو عدم الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته، وهذا بخلاف الحال في الصورة المخففة من الرشوة في نطاق الأعمال الخاصة .

العقوبة :

عقاب القانون على هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ما أعطي أو وعد به الجاني. ويلاحظ أن المادة 106 مكرراً «أ» في فقرتها الثانية قد نصت على هذه العقوبة ذاتها بشأن جريمة الرشوة اللاحقة، وهو أمر لا يتفق مع سياسة المشرع في رشوة الموظفين العموميين؛ إذ جعل للرشوة اللاحقة (المادة 105 عقوبات) عقوبة أخف كثيراً من عقوبة الرشوة في صورها العادية.

ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للجريمة وفقاً لقواعد الاشتراك، كما يتمتعان بحالتي الإعفاء من العقاب عند توافر أيهما.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة  الكتاب الأول 2016، الصفحة: 399)

رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة في صورتها المشددة

تمهيد: نصت على الصورة المشددة من رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة المادة 106 مكرراً (أ) من قانون العقوبات في قولها « كل عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقاً للقواعد المقررة قانوناً أو بإحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام، وكذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل أو للإمتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن لمدة لا تزيد على سبع سنين وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به ولو كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل أو عدم الإمتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة ويعاقب الجاني بالعقوبات ذاتها إذا كان الطلب أو القبول أو الأخذ لاحقاً لأداء العمل أو للإمتناع عنه أو للإخلال بواجبات الوظيفة وكان يقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق » .

علة التشديد :

الهيئات التي أشار إليها الشارع في هذا النص هي أشخاص معنوية خاصة، فهي شركات أو جمعيات أو نقابات، وهي من ناحية لا تتبع الدولة ولا تخضع لوصايتها الإدارية، وهي من ناحية ثانية ليست من هيئات القطاع العام، إذ لا تساهم الدولة في رأسمالها بنصيب ما، أي أنها لم تخضع لتأميم كلي أو جزئي، ولولا هذا النص لاعتبرت مشروعات خاصة عادية وخضعت الرشوة التي يرتكبها العاملون فيها للمادة 106 من قانون العقوبات . ولكن الشارع قدر أن هذه الهيئات هي فئة على حدة من المشروعات الخاصة تتميز بأهمية إقتصادية وإجتماعية خاصة، إذا أن ما تقوم به من أعمال وما تؤديه من دور في المجتمع له أهمية أساسية تفرض على الشارع حرصاً خاصاً على نزاهة العاملين فيها وعلى ثقة جمهور الناس فيها .

أركان الجريمة، أركان هذه الجريمة أقرب إلى أركان الرشوة العادية منها إلى أركان رشوة المستخدمين في المشروعات الخاصة، ويعلل ذلك بالتقارب في الأهمية والدور الإجتماعي بينها وبين هيئات القطاع العام .

فيتعين أن تتوافر صفة خاصة للجاني : إذ يجب أن يكون موظفاً مختصاً في إحدى الهيئات التي أشار النص إليها . وتعبير الموظف يجب أن يفهم في أوسع المعانی، فيدخل فيه كما قدمنا « كل شخص يعمل في مواجهة الأفراد باسم إحدى الهيئات السابقة ولحسابها ويمارس في صورة طبيعية أحد الإختصاصات التي اعترف لها بها الشارع » . ولا أهمية للشروط والخصائص التي تتميز بها علاقته بالهيئة التي يعمل بها . وسواء لدى القانون مرتبة الموظف في هذه الهيئة ونوع العمل المعهود به إليه، فيخضع النص أعضاء مجلس الإدارة والمديرون والمستخدمون ويتعين أن يكون مختصاً بالعمل أو الإمتناع الذي يتلقى مقابل الرشوة نظيره . ويفهم تعبير « الإختصاص » في ذات المدلول الواسع الذي سلف تفصيله  وقد عدل الشارع بالاختصاص الفعلي حالتي الزعم به و الإعتقاد الخاطيء به. والهيئات التي أشار إليها الشارع هي الشركات المساهمة والجمعيات التعاونية والنقابات المنشأة طبقاً للقواعد المقررة قانوناً والمؤسسات والجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام . وتفهم الشركات المساهمة في ذات المعنى الذي يقرره لها القانون التجاري، واقتصار الشارع على الإشارة إلى هذه الشركات يعني إستبعاد سائر أنواع الشركات كشركات التضامن والتوصية . وتفهم الجمعيات التعاونية في مدلولها القانوني المألوف والنقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانونا يراد بها النقابات الخاصة التي تجمع موظفي أو عمال هيئة معينة وتكون قد أسست وفقاً للقواعد الشكلية والموضوعية التي يقررها القانون في هذا الشأن؛ فيخرج من نطاق النص نوعان من النقابات : النقابات التي خولها الشارع قسطاً من السلطة العامة كنقابات المحامين والأطباء، والنقابات الخاصة التي لم تتبع فى إنشائها القواعد المقررة : فالأولى هي مؤسسات عامة، والرشوة التي يرتكبها موظفوها هي رشوة عادية . والثانية هي مشروعات خاصة، والرشوة التي يرتكبها مستخدموها هي رشوة مستخدم في مشروع خاص . ويريد الشارع بالمؤسسات والجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام كل مؤسسة أو جمعية إعترف الشارع بأهميتها الإجتماعية فخلع عليها صفة النفع العام، ويعني ذلك أنه ليست للقضاء سلطة إعتبار المؤسسة أو الجمعية ذات نفع عام دون سند من نص .

وتتطلب هذه الجريمة ركنا ماديا تتحدد عناصره وفقا لذات القواعد التي يخضع لها في الرشوة العادية، فقوامه فعل الأخذ أو القبول أو الطلب الذي ينصب على مقابل الرشوة . ولا عبرة برضاء ممثل الهيئة (مجلس إدارتها أو رئيسه أو عضوه المنتدب) بالفعل، إذ نشاط الهيئة له طابع اجتماعي هام، فلا يجوز أن يكون لفرد أو مجموعة من الأفراد سلطة التصرف في نزاهته  ولا يحول دون تمام الجريمة أن الجاني لم يقم بالعمل الذي وعد به . بل لا يحول دون تمامها أن « يقصد عدم القيام بالعمل أو عدم الإمتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته »، وذلك تطبيق القواعد العامة في الرشوة . وقد ألحق الشارع بالرشوة في مدلولها القانوني حالة « المكافأة اللاحقة » فاعتبرها صوره من هذه الجريمة، وقرر من أجلها ذات العقوبة.

وتتطلب الجريمة ركناً معنوياً يتخذ صورة القصد، وتتحدد عناصره وفقاً للقواعد العامة في الرشوة .

عقوبة الجريمة، حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على قيمة العطية أو الوعد . وتوقع هذه العقوبة كذلك على الراشي والوسيط باعتبارهما شريكين، ويستفيدان من امتناع العقاب بالإخبار أو الإعتراف . والشروع معاقب عليه دون نص لأن الجريمة جناية.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة: 66).

ومن استقراء النص السابق يمكن أن نحصر العناصر المكونة للجريمة في الآتي:

أولاً : صفة الجاني:

الجاني في هذه الجريمة لابد أن يكون شخصاً له صفة معينة ليست هي صفة الموظف العمومي وإنما صفة الموظف بإحدى الشركات المساهمة أو الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للقواعد المقررة قانونًا أو بإحدى المؤسسات والجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام، ولا يهم بعد ذلك أن يكون موظفًا في أول السلم الوظيفي كالسعاة والمستخدمين أو أن يكون عضوا بمجلس الإدارة أو مديرا بهاء والعبرة في بيان ما إذا كان الجاني موظفاً بإحدى هذه الجهات من عدمه هو خضوعه للقواعد التنظيمية والإدارية للجهة التي يعمل بها ومباشرته نشاطًا وظيفية متعلقة بالجهة وبإسهما ولصالحها.

ولا يشترط أن يكون الموظف مختصة بالعمل. فقد اكتفى المشرع الاعتقاد الخاطئ بالاختصاص أو حتى مجرد الزعم بالاختصاص.

ثانياً : الركن المادي:

السلوك الإجرامي للجريمة جمع فيه المشرع كل صور جريمة الرشوة سواء السابقة على أداء العمل أو الامتناع أو اللاحقة عليه. فالمشرع قد جرم في مادة واحدة ما جرمه في المواد من 103 إلى 105 بالنسبة للموظفين العموميين. وعليه فالسلوك الإجرامي يمكن أن يكون طلباً أو قبولاً أو أخذاً لوعد أو عطية نظير أداء عمل أو الامتناع عنه أو للإخلال بواجبات الوظيفة، كما يمكن أن يكون مجرد قبول لعطية أو وعد كمكافأة على ما قام به من عمل أو امتناع عن عمل أو إخلال بواجبات الوظيفة، وسواء أكان هناك اتفاق سابق أم لا.

وليس بشرط أن يقوم الجاني بتنفيذ العمل أو بتنفيذ الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة، بل أن المشرع نص صراحة على أن لا قيمة لما إذا كان الجاني يقصد عدم القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة.

وما قيل في شأن جريمة الرشوة بخصوص الركن المادي وتفسير المقصود به صالح أيضاً بالنسبة لتلك الجريمة، كذلك أيضا ما قيل بخصوص مساهمة الراشي والوسيط.

ثالثاً : القصد الجنائي:

يقوم على العلم والإرادة . والعلم ينصرف إلى عناصر الجريمة بما فيها صفة الجاني واردة تحقيق السلوك الإجرامي. ولم يعتد المشرع بقصد الجاني في إتمام العمل أو عدم إتمامه. فالقصد الجنائي يتوافر بارتكاب السلوك الإجرامي لغرض معين حتى ولو كان يقصد عدم تحقيق الغرض.

العقوبة المقررة للجريمة :

قرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنين وذلك بالنسبة لجميع صور الرشوة سواء كانت سابقة أم رشوة لاحقة، وسواء كانت الرشوة لأداء عمل أم كانت للامتناع عن عمل أم للإخلال بواجبات الوظيفة.

وعقوبة السجن هي العقوبة الأصلية، وقد حدد المشرع حدها الأقصى تاركاً الحد الأدنى للقواعد التي تحكم الحد الأدنى للسجن وهو ثلاث سنوات.

أما الغرامة فهي عقوبة تكميلية، وهي نسبية لا يقل حدها الأدنى عن خمسمائة جنيه، ولا يزيد حدها الأقصى عن قيمة العطية أو الوعد.

ويعاقب الراشي والوسيط بذات العقوبة السابقة باعتبارها العقوبة المقررة للجريمة (م 107 مكرراً) كما يطبق الإعفاء الخاص بحالة أخبار السلطات أو الاعتراف بالجريمة.

ويطبق أيضاً التشديد الوارد بالمادة 108 في حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل معاقب عليه بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للجريمة. وغني عن البيان أن التشديد يطبق على الراشي والوسيط مع الإعفاء أيضاً من العقوبة في حالة الأخبار أو الاعتراف بالجريمة ولا يستفيد من هذا الإعفاء سوى الراشي أو الوسيط دون المرتشي أو أي مساهم آخر.(قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة: 217) 

الوقت الذي يجب أن تتوافر فيه الصفة والاختصاص:

العبرة في توافر صفة الموظف العام واختصاصه بالعمل هي بالوقت الذي يقع فيه الركن المادي لجريمة الرشوة، وهو وقت طلب العطية أو أخذها أو قبول الوعد بها. فإذا انتفت الصفة وقت وقوع الفعل لا يعتبر الفاعل مرتشياً. وإن أمكن أن تقع منه جريمة النصب بانتحال صفة غير صحيحة إذا ادعى أن له صفة الموظف وتوافرت باقی أركان هذه الجريمة. ويترتب على هذا التحديد أن الرشوة لا تقع من شخص ليست له صفة الموظف، إذا تقاضى مبلغاً لقاء القيام بعمل وظيفي ولو تحققت فيه هذه الصفة بعد ذلك إذ لا يتحقق حينئذ التعاصر المطلوب بين الركن المادي للرشوة وبين صفة الموظف العام. كذلك لا تقع الجريمة إذا قدم العطاء إلى موظف عام ليقوم بعمل لا يدخل في نطاق اختصاصه ولم يزعم الاختصاص به ولم يعتقد خطأ الاختصاص به، وإنما أخذ العطية استغلالا لسذاجة صاحب الحاجة. والجريمة لا تقع في هذا الفرض ولو دخل العمل في اختصاصه بعد وقوع الفعل. ولا تقع جريمة الرشوة إذا وقع الفعل المادي المكون لها بعد أن زالت عن الموظف صفته بالعزل أو الاستقالة، أو إذا كانت الصفة قائمة ولكن كان العمل قد خرج عن نطاق اختصاصه ولم يزعم أنه لا يزال مختصاً به، أو يعتقد خطأ بذلك.

وإذا توافرت صفة الموظف العام واختصاصه بالعمل وقت ارتكاب الفعل فإن جريمة الرشوة تقع، ولا يؤثر في ذلك أن تزول عن المرتشي صفة الموظف والاختصاص الذي كان له، ولو كان من نتيجة ذلك استحالة تحقيق غرض الرشوة.

الركن المعنوي في جريمة الرشوة

قصد المرتشي:

جريمة الرشوة جريمة عمدية يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي، وهو يتحقق بتوافر عنصري: العلم والإرادة.

العلم: يجب أن ينصرف علم الموظف إلى أركان الجريمة، فيجب أن يكون عالماً بأنه موظف وأن العمل المطلوب منه يدخل في نطاق اختصاصه حقيقة أو زعماً أو اعتقاداً مخالفاً للحقيقة، فإذا كان يجهل وقت قيامه بالنشاط الإجرامي أنه قد يصدر قرار بتعيينه، أو كان يجهل أن العمل المطلوب منه قد أصبح داخلاً في نطاق اختصاصه، ينتفي لديه القصد. كذلك يجب أن ينصرف علم الجاني إلى الفعل المكون الركن المادي للجريمة، فلا يكفى لقيام القصد الجنائي لديه أن يدخل العطية في حيازته دون علمه كما لو دسها صاحب الحاجة في جيبه أو في درج مكتبه دون أن يشعر. ويجب أن يكون الجاني عالما بأن العطية التي تقدم إليه هي مقابل العمل المطلوب، فإن جهل ذلك بأن كان معتقداً أنها قدمت لغرض بریء کسداد الدين على صاحب الحاجة لا يتوافر القصد الجنائي، ويظل غير متوافر ولو علم فيما بعد بالغرض الحقيقي العطية فقام بالعمل المطلوب .

الإرادة: يجب أن تتجه إرادة المرتشي إلى ارتكاب الفعل المكون الركن المادي للجريمة بأن يريد أخذ العطية أو قبول الوعد بها أو طلب الوعد أو العطية، وتنتفي هذه الإرادة إذا كان الراشي قد قدم العطية فتسلمها الموظف ثم ردها في الحال، كما تنتفي إذا كان الموظف قد تظاهر بتوافرها لديه بغية إتاحة السبيل للقبض على الراشي متلبساً بالجريمة.

هل يشترط قصد خاص في الرشوة

ذهب بعض الفقهاء إلى تطلب قصد خاص في جريمة الرشوة يتمثل في نية الاتجار بالوظيفة أو استغلالها، ونحن نرفض هذه الوجهة فالمشرع يكتفي لتحقق القصد بتوافر العلم لدى الموظف بأن العطية تقدم كثمن للاتجار بالوظيفة، يؤيد ذلك حرص المشرع على أن يؤكد هذا المعنى بتقريره معاقبة الموظف بعقوبة الرشوة حتى ولو كان يقصد عدم القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو عدم الإخلال بواجبات الوظيفة، أي أن الجريمة تقع سواء توافرت أو لم تتوافر نية الاتجار في أعمال الوظيفة.

معاصرة القصد الجنائي للركن المادي:

من المقرر أن القصد لا يعتد به في القول بتوافر الجريمة إلا إذا كان معاصراً للنشاط الإجرامي المكون للركن المادي للجريمة، فتنتفى الجريمة إذا لم يكن القصد متوافراً بعنصريه وقت الأخذ أو القبول أو الطلب، ولا عبرة بتوافره في وقت لاحق على ذلك.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة: 37)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني عشر ، الصفحة / 282

الرِّشْوَةُ :

هِيَ جَرِيمَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْقُرْآنِ لقوله تعالي : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)  وَهِيَ فِي الْيَهُودِ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنَ الرِّشْوَةِ. وَهِيَ كَذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» . وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 188 ، 189 ، 190  

(مادة 368)

 يعاقب بالسجن المؤقت كل عضو مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة، أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة وفقاً للقانون، أو إحدى المؤسسات، أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام ، وكذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها – طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية، أو منفعة من أي نوع؛ لأداء عمل أو للإمتناع عن عمل إخلالاً بواجبات وظيفته، أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته، ولو كان يقصد عدم القيام بالعمل، أو عدم الإمتناع عنه، أو عدم الإخلال بواجبات وظيفته. 

 

ويعاقب بذات العقوبات إذا كان الطلب أو القبول بعد تمام العمل أو الإمتناع عنه إخلالاً بواجبات الوظيفة. 

(مادة 374) 

يحكم على الجاني في جميع الأحوال المبينة في المواد السابقة بغرامة تساوي قيمة ما طلب أو قبل أو وعد به أو عرض، على ألا تقل عن مائتي جنيه. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني والعشرون ، الصفحة /  219

رِشْوَةٌ

التَّعْرِيفُ:

الرِّشْوَةُ فِي اللُّغَةِ: مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ: الْجُعْلُ، وَمَا يُعْطَى لِقَضَاءِ مَصْلَحَةٍ، وَجَمْعُهَا رُشًا وَرِشًا.

قَالَ الْفَيُّومِيُّ: الرِّشْوَةُ - بِالْكَسْرِ -: مَا يُعْطِيهِ الشَّخْصُ لِلْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ لِيَحْكُمَ لَهُ، أَوْ يَحْمِلَهُ عَلَى مَا يُرِيدُ.

وَقَالَ ابْنُ الأْثِيرِ: الرِّشْوَةُ: الْوُصْلَةُ إِلَى الْحَاجَةِ بِالْمُصَانَعَةِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الرِّشَاءِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى الْمَاءِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الرِّشْوَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ رَشَا الْفَرْخُ إِذَا مَدَّ رَأْسَهُ إِلَى أُمِّهِ لِتَزُقَّهُ.

- وَرَاشَاهُ: حَابَاهُ، وَصَانَعَهُ، وَظَاهَرَهُ.

- وَارْتَشَى: أَخَذَ رِشْوَةً، وَيُقَالُ: ارْتَشَى مِنْهُ رِشْوَةً: أَيْ أَخَذَهَا.

- وَتَرَشَّاهُ: لاَيَنَهُ، كَمَا يُصَانَعُ الْحَاكِمُ بِالرِّشْوَةِ

- وَاسْتَرْشَى: طَلَبَ رِشْوَةً

- وَالرَّاشِي: مَنْ يُعْطِي الَّذِي يُعِينُهُ عَلَى الْبَاطِلِ.

- وَالْمُرْتَشِي: الآْخِذُ

- وَالرَّائِشُ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمَا يَسْتَزِيدُ لِهَذَا، وَيَسْتَنْقِصُ لِهَذَا.

وَقَدْ تُسَمَّى الرِّشْوَةُ الْبِرْطِيلَ وَجَمْعُهُ بَرَاطِيلُ.

قَالَ الْمُرْتَضَى الزَّبِيدِيُّ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْبِرْطِيلِ بِمَعْنَى الرِّشْوَةِ، هَلْ هُوَ عَرَبِيٌّ أَوْ لاَ؟.

وَفِي الْمَثَلِ: الْبَرَاطِيلُ تَنْصُرُ الأْبَاطِيلَ،.

وَالرِّشْوَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: مَا يُعْطَى لإِبْطَالِ حَقٍّ، أَوْ لإِحْقَاقِ بَاطِلٍ،.

وَهُوَ أَخَصُّ مِنَ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ، حَيْثُ قُيِّدَ بِمَا أُعْطِيَ لإِحْقَاقِ الْبَاطِلِ، أَوْ إِبْطَالِ الْحَقِّ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْمُصَانَعَةُ:

الْمُصَانَعَةُ: أَنْ تَصْنَعَ لِغَيْرِكَ شَيْئًا لِيَصْنَعَ لَكَ آخَرَ مُقَابِلَهُ، وَكِنَايَةٌ عَنِ الرِّشْوَةِ، وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ صَانَعَ بِالْمَالِ لَمْ يَحْتَشِمْ مِنْ طَلَبِ الْحَاجَةِ.

ب - السُّحْتُ - بِضَمِّ السِّينِ:

أَصْلُهُ مِنَ السَّحْتِ - بِفَتْحِ السِّينِ - وَهُوَ الإْهْلاَكُ وَالاِسْتِئْصَالُ، وَالسُّحْتُ: الْحَرَامُ الَّذِي لاَ يَحِلُّ كَسْبُهُ؛ لأِنَّهُ يَسْحَتُ الْبَرَكَةَ أَيْ: يُذْهِبُهَا.

وَسُمِّيَتِ الرِّشْوَةُ سُحْتًا،. وَقَدْ سَارَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ،.

لَكِنَّ السُّحْتَ أَعَمُّ مِنَ الرِّشْوَةِ، لأِنَّ السُّحْتَ كُلُّ حَرَامٍ لاَ يَحِلُّ كَسْبُهُ.

ج - الْهَدِيَّةُ:

مَا أَتْحَفْتَ بِهِ غَيْرَكَ، أَوْ مَا بَعَثْتَ بِهِ لِلرَّجُلِ عَلَى سَبِيلِ الإْكْرَامِ، وَالْجَمْعُ هَدَايَا وَهَدَاوَى - وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ -

يُقَالُ: أَهْدَيْتُ لَهُ وَإِلَيْهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ).

قَالَ الرَّاغِبُ: وَالْهَدِيَّةُ مُخْتَصَّةٌ بِاللُّطْفِ، الَّذِي يُهْدِي بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، وَالْمِهْدَى: الطَّبَقُ الَّذِي يُهْدَى عَلَيْهِ.

وَالْمِهْدَاءُ: مَنْ يُكْثِرُ إِهْدَاءَ الْهَدِيَّةِ.

وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ الرِّشْوَةُ هِيَ: مَا يُعْطَى بَعْدَ الطَّلَبِ، وَالْهَدِيَّةُ قَبْلَهُ.

د - الْهِبَةُ:

الْهِبَةُ فِي اللُّغَةِ الْعَطِيَّةُ بِلاَ عِوَضٍ.

قَالَ ابْنُ الأْثِيرِ: الْهِبَةُ: الْعَطِيَّةُ الْخَالِيَةُ عَنِ الأْعْوَاضِ وَالأْغْرَاضِ، فَإِذَا كَثُرَتْ سُمِّيَ صَاحِبُهَا وَهَّابًا.

وَاتَّهَبْتُ الْهِبَةَ: قَبِلْتُهَا، وَاسْتَوْهَبْتُهَا: سَأَلْتُهَا، وَتَوَاهَبُوا: وَهَبَ بَعْضُهُمُ الْبَعْضَ.

وَاصْطِلاَحًا: إِذَا أُطْلِقَتْ هِيَ التَّبَرُّعُ بِمَالِهِ حَالَ الْحَيَاةِ بِلاَ عِوَضٍ. وَقَدْ تَكُونُ بِعِوَضٍ فَتُسَمَّى هِبَةَ الثَّوَابِ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهِبَةِ، أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إِيصَالاً لِلنَّفْعِ إِلَى الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الْعِوَضِ ظَاهِرًا فِي الْهِبَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ فِي الرِّشْوَةِ يَنْتَظِرُ النَّفْعَ، وَهُوَ عِوَضٌ.

و - الصَّدَقَةُ:

مَا يُخْرِجُهُ الإْنْسَانُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ كَالزَّكَاةِ، لَكِنِ الصَّدَقَةُ فِي الأْصْلِ تُقَالُ لِلْمُتَطَوَّعِ بِهِ، وَالزَّكَاةُ لِلْوَاجِبِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْوَاجِبُ صَدَقَةً، إِذَا تَحَرَّى صَاحِبُهَا الصِّدْقَ فِي فِعْلِهِ.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالْعَطِيَّةُ مَعَانِيهَا مُتَقَارِبَةٌ، وَكُلُّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَاسْمُ الْعَطِيَّةِ شَامِلٌ لِجَمِيعِهَا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالصَّدَقَةِ: أَنَّ الصَّدَقَةَ تُدْفَعُ طَلَبًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، فِي حِينِ أَنَّ الرِّشْوَةَ تُدْفَعُ لِنَيْلِ غَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ عَاجِلٍ.

أَحْكَامُ الرِّشْوَةِ:

الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ، وَرِشْوَةُ الْمَسْئُولِ عَنْ عَمَلٍ حَرَامٌ بِلاَ خِلاَفٍ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)، قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الرِّشْوَةُ.

وَقَالَ تَعَالَى: (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ «وَالرَّائِشَ».

وَيَحْرُمُ طَلَبُ الرِّشْوَةِ، وَبَذْلُهَا، وَقَبُولُهَا، كَمَا يَحْرُمُ عَمَلُ الْوَسِيطِ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.

غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإْنْسَانِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - أَنْ يَدْفَعَ رِشْوَةً لِلْحُصُولِ عَلَى حَقٍّ، أَوْ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَوْ ضَرَرٍ، وَيَكُونُ الإْثْمُ عَلَى الْمُرْتَشِي دُونَ الرَّاشِي.

قَالَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ: لاَ بَأْسَ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بِالرِّشْوَةِ.

وَفِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إِذَا عَجَزْتَ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَاسْتَعَنْتَ عَلَى ذَلِكَ بِوَالٍ يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَثِمَ دُونَكَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ زَوْجَةً يُسْتَبَاحُ فَرْجُهَا، بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْكَ؛ لأِنَّ مَفْسَدَةَ الْوَالِي أَخَفُّ مِنْ مَفْسَدَةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ، وَكَذَلِكَ اسْتِعَانَتُكَ بِالأْجْنَادِ يَأْثَمُونَ وَلاَ تَأْثَمُ، وَكَذَلِكَ فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّادِرَ مِنَ الْمُعِينِ عِصْيَانٌ لاَ مَفْسَدَةَ فِيهِ، وَالْجَحْدَ وَالْغَصْبَ عِصْيَانٌ وَمَفْسَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّزَ الشَّارِعُ الاِسْتِعَانَةَ بِالْمَفْسَدَةِ - لاَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَفْسَدَةٌ - عَلَى دَرْءِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْهَا، كَفِدَاءِ الأْسِيرِ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكُفَّارِ لِمَالِنَا حَرَامٌ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ مَفْسَدَةُ إِضَاعَةِ الْمَالِ، فَمَا لاَ مَفْسَدَةَ فِيهِ أَوْلَى أَنْ يُجَوَّزَ.

فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يَسِيرًا نَحْوَ كِسْرَةٍ وَتَمْرَةٍ، حُرِّمَتْ الاِسْتِعَانَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ؛ لأِنَّ الْحُكْمَ بِغَيْرِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ لاَ يُبَاحُ بِالْيَسِيرِ.

وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الأْثَرِ بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه  أَنَّهُ كَانَ بِالْحَبَشَةِ فَرَشَا بِدِينَارَيْنِ، حَتَّى خُلِّيَ سَبِيلُهُ. وَقَالَ: إِنَّ الإْثْمَ عَلَى الْقَابِضِ دُونَ الدَّافِعِ.

وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ: لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُصَانِعَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ إِذَا خَافَ الظُّلْمَ.

أَقْسَامُ الرِّشْوَةِ:

قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الرِّشْوَةَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا:

أ - الرِّشْوَةُ عَلَى تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالإْمَارَةِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي.

ب - ارْتِشَاءُ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ، وَهُوَ كَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ وَالْمُعْطِي، وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِحَقٍّ؛ لأِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

ج - أَخْذُ الْمَالِ لِيُسَوِّيَ أَمْرَهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ أَوْ جَلْبًا لِلنَّفْعِ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الآْخِذِ فَقَطْ.

د - إِعْطَاءُ إِنْسَانٍ غَيْرِ مُوَظَّفٍ عِنْدَ الْقَاضِي أَوِ الْحَاكِمِ مَالاً لِيَقُومَ بِتَحْصِيلِ حَقِّهِ لَهُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ دَفْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ؛ لأِنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَنَةُ الإْنْسَانِ لِلآْخَرِ بِدُونِ مَالٍ وَاجِبَةً، فَأَخْذُ الْمَالِ مُقَابِلَ الْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ بِمَثَابَةِ أُجْرَةٍ.

حُكْمُ الرِّشْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَشِي:

أ - الإْمَامُ وَالْوُلاَةُ:

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ الْهَدِيَّةِ إِلَى السُّلْطَانِ الأْكْبَرِ، وَإِلَى الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَجُبَاةِ الأْمْوَالِ - وَيُقْصَدُ بِالْكَرَاهِيَةِ الْحُرْمَةُ.

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ.

 وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَهَذَا مِنْ خَوَاصِّهِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ مِمَّا يُتَّقَى عَلَى غَيْرِهِ مِنْهَا، وَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَدِيَّةَ، قِيلَ لَهُ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُهَا، فَقَالَ: كَانَتْ لَهُ هَدِيَّةً، وَهِيَ لَنَا رِشْوَةٌ؛ لأِنَّهُ كَانَ يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ لِنُبُوَّتِهِ لاَ لِوِلاَيَتِهِ، وَنَحْنُ يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَيْنَا لِوِلاَيَتِنَا.

يُنْظَرُ التَّفْصِيلُ فِي (إِمَامَة فِقْرَة 28، 29).

ب - الْعُمَّالُ:

وَحُكْمُ الرِّشْوَةِ إِلَى الْعُمَّالِ (الْوُلاَةِ) كَحُكْمِ الرِّشْوَةِ إِلَى الإْمَامِ - كَمَا مَرَّ فِي كَلاَمِ ابْنِ حَبِيبٍ لِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «هَدَايَا الأْمَرَاءِ غُلُولٌ»،. وَلِحَدِيثِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ.

قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لأِنَّ تَعَزُّزَ الأْمِيرِ وَمَنَعَتَهُ بِالْجُنْدِ وَبِالْمُسْلِمِينَ لاَ بِنَفْسِهِ، فَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنِيمَةِ، فَإِذَا اسْتَبَدَّ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ خِيَانَةً، بِخِلاَفِ هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأِنَّ تَعَزُّزَهُ وَمَنَعَتَهُ كَانَتْ بِنَفْسِهِ لاَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَصَارَتِ الْهَدِيَّةُ لَهُ لاَ لِلْمُسْلِمِينَ.

ج - الْقَاضِي:

وَالرِّشْوَةُ إِلَى الْقَاضِي حَرَامٌ بِالإْجْمَاعِ.

قَالَ الْجَصَّاصُ: وَلاَ خِلاَفَ فِي تَحْرِيمِ الرِّشَا عَلَى الأْحْكَامِ؛ لأِنَّهُ مِنَ السُّحْتِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَاتَّفَقَتِ الأْمَّةُ عَلَيْهِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.

قَالَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ، وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ هَدِيَّةً، وَاسْتِعَارَتُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْهَدِيَّةِ لأِنَّ الْمَنَافِعَ كَالأْعْيَانِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ وَنَحْوُهُ فَأُهْدِيَ لَهُ، وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهَا لِلْوَلَدِ؛ لأِنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إِلَى الرِّشْوَةِ، فَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَالأْوْلَى أَنَّهُ كَالْهَدِيَّةِ، وَفِي الْفُنُونِ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ.

وَهَدِيَّةُ الْقَاضِي فِيهَا تَفْصِيلٌ تُنْظَرُ فِي (هَدِيَّة، قَضَاء).

د - الْمُفْتِي:

يَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي قَبُولُ رِشْوَةٍ مِنْ أَحَدٍ لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُ، وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: مَا أُهْدِيَ لِلْمُفْتِي، إِنْ كَانَ يَنْشَطُ لِلْفُتْيَا أُهْدِيَ لَهُ أَمْ لاَ، فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَنْشَطُ إِذَا أُهْدِيَ لَهُ فَلاَ يَأْخُذُهَا، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ خُصُومَةٌ، وَالأْحْسَنُ أَنْ لاَ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ صَاحِبِ الْفُتْيَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَيْشُونٍ وَكَانَ يَجْعَلُ ذَلِكَ رِشْوَةً.

هـ - الْمُدَرِّسُ:

إِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِ وَصَلاَحِهِ فَلاَ بَأْسَ بِقَبُولِهِ، وَإِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ لِيَقُومَ بِوَاجِبِهِ فَالأْوْلَى عَدَمُ الأْخْذِ.

و - الشَّاهِدُ:

وَيَحْرُمُ عَلَى الشَّاهِدِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ. وَإِذَا أَخَذَهَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ.

وَانْظُرْ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي (شَهَادَة).

حُكْمُ الرِّشْوَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاشِي:

أ - الْحَاجُّ:

لاَ يَلْزَمُ الْحَجُّ مَعَ الْخَفَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً؛ لأِنَّهَا رِشْوَةٌ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَحَفِيدُهُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ قُدَامَةَ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ يَدْفَعُ خَفَارَةً إِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً.

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلَهُمْ تَفْصِيلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لِلرَّصْدِيِّينَ؛ لأَنَّهُمْ يَحْرِصُونَ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَدُوا مَنْ يَخْفِرُهُمْ بِأُجْرَةٍ، وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَمْنُهُمْ بِهِ، فَفِي لُزُومِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ. قَالَ الإْمَامُ: أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ؛ لأِنَّهُ مِنْ أُهَبِ الطَّرِيقِ كَالرَّاحِلَةِ.

وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.

ب - صَاحِبُ الأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ:

يَجُوزُ لِصَاحِبِ الأْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ الْقَابِضَ لِخَرَاجِهِ، وَيُهْدِيَ لَهُ لِدَفْعِ ظُلْمٍ فِي خَرَاجِهِ؛ لأِنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إِلَى كَفِّ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَنْهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَرْشُوَهُ أَوْ يُهْدِيَهُ لِيَدَعَ عَنْهُ خَرَاجًا؛ لأِنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى إِبْطَالِ حَقٍّ.

ج - الْقَاضِي:

مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَرْشُوَ لِتَحْصِيلِ الْقَضَاءِ، وَمَنْ تَقَبَّلَ

 

الْقَضَاءَ بِقِبَالَةٍ (عِوَضٍ)، وَأَعْطَى عَلَيْهِ الرِّشْوَةَ فَوِلاَيَتُهُ بَاطِلَةٌ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ – رحمه الله: لَوْ بَذَلَ مَالاً لِيَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، فَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْقَاصِّ وَآخَرُونَ أَنَّهُ حَرَامٌ وَقَضَاؤُهُ مَرْدُودٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إِذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَمْ يُوَلَّ إِلاَّ بِمَالٍ هَلْ يَحِلُّ بَذْلُهُ؟ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ بَذْلُهُ لِلْمَالِ كَمَا يَحِلُّ طَلَبُ الْقَضَاءِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: إِذَا تَعَيَّنَ عَلَى شَخْصٍ تَوَلِّي الْقَضَاءِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ بِسُؤَالِهِمْ أَنْ يُوَلُّوهُ، فَإِذَا مَنَعَهُ السُّلْطَانُ أَثِمَ بِالْمَنْعِ؛ لأِنَّهُ مَنَعَ الأْوْلَى وَوَلَّى غَيْرَهُ، فَيَكُونُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِذَا مَنَعَهُ لَمْ يَبْقَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَلاَ يَحِلُّ لَهُ دَفْعُ الرِّشْوَةِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَحْرُمُ بَذْلُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي نَصْبِهِ قَاضِيًا، وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ،.

حُكْمُ الْقَاضِي:

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي، فَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ إِذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ.

وَلَكِنْ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي.

قَالَ مُنْلاَ خُسْرَوْ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ سَوَاءٌ كَانَ حُكْمُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلاَفٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

فَعَلَى قَوْلٍ: أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي صَحِيحٌ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ، سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا أَوِ الَّتِي لَمْ يَرْتَشِ فِيهَا، وَبِأَخْذِ الرِّشْوَةِ لاَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ؛ لأِنَّ حَاصِلَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ هُوَ فِسْقُ الْقَاضِي، وَبِمَا أَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي لاَ يُوجِبُ انْعِزَالَهُ فَوِلاَيَةُ الْقَاضِي بَاقِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ يَلْزَمُ نَفَاذُ قَضَائِهِ.

وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ: لاَ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا، قَالَ قَاضِيخَانْ: إِنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ رِشْوَةً وَحَكَمَ فَحُكْمُهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِحَقٍّ؛ لأِنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدِ اسْتُؤْجِرَ لِلْحُكْمِ، وَالاِسْتِئْجَارُ لِلْحُكْمِ بَاطِلٌ؛ لأِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي.

 وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ: أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى الَّتِي حَكَمَ فِيهَا. وَهَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ وَالطَّحَاوِيِّ.

انْعِزَالُ الْقَاضِي:

ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْمُعْتَمَدِ - وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالْخَصَّافُ، وَالطَّحَاوِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَبُولُهُ الرِّشْوَةَ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ارْتَشَى الْحَاكِمُ انْعَزَلَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ، وَبَطَلَ كُلُّ حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَمَذْهَبُ الآْخَرِينَ أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ، بَلْ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الَّذِي وَلاَّهُ.

أَثَرُ الرِّشْوَةِ:

أ - فِي التَّعْزِيرِ:

هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَيَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ.

انْظُرْ: تَعْزِير.

ب - دَعْوَى الرِّشْوَةِ عَلَى الْقَاضِي:

لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ حَكَمْتَ عَلَيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوِ ارْتَشَيْتَ وَنَحْوِهِ بِضَرْبٍ لاَ يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ وَحَبْسٍ، وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتِ افْتِيَاتُهُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ.

ج - فِي الْحُكْمِ بِالرُّشْدِ:

صَرْفُ الْمَالِ فِي مُحَرَّمٍ كَرِشْوَةٍ عَدَمُ صَلاَحٍ لِلدِّينِ وَلِلْمَالِ، مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ بِرُشْدِ الصَّبِيِّ.

د - الْمَالُ الْمَأْخُوذُ:

إِنْ قَبِلَ الرِّشْوَةَ أَوِ الْهَدِيَّةَ حَيْثُ حَرُمَ الْقَبُولُ وَجَبَ رَدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَنْ تَابَ عَنْ أَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ: إِنْ عَلِمَ صَاحِبَهُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ دَفَعَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.