1- إن نص المادة 114 من قانون العقوبات عند إصداره بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وهو بذاته نص المادة 99 من قانون العقوبات الأهلى القديم تنص على أن أرباب الوظائف العمومية أياً كانت درجتهم سواء كانوا رؤساء مصالح أو مستخدمين مرؤسين أو مساعدين لكل منهما وكذا ملتزموا الرسوم أو العوائد أو الأموال أو نحوها والموظفون فى خدمتهم إذا أخذوا فى حال تحصيل الغرامات أو الأموال أو العشور أو العوائد ونحوها زيادة عن المستحق منها يعاقبون على الوجه الأتى : رؤساء المصالح والملتزمون يعاقبون بالسجن وأما المستخدمون المرؤسون ومساعدوا الجميع فيعاقبون بالحبس والعزل ويحكم أيضاً برد المبالغ المتحصلة بدون وجه حق وبدفع غرامة مساوية لها ثم استبدلت بموجب القانون رقم 69 لسنة 1953 ثم بالقانون رقم 63 لسنة 1975 فأصبح نصها الحالى كالاتى : كل موظف عام له شأن فى تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها ، طلب أو أخذ ما ليس مستحقا أو ما يزيد على المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة أو السجن ويبين من ذلك أن أركان جريمة الغدر المنصوص عليها فى المادة 114 من قانون العقوبات قبل استبدالها بالقانونين 69 لسنة 1953 ، 63 لسنة 1975 هى فضلاً عن صفة الفاعل والقصد الجنائي أن يكون الجاني قد أخذ حال تحصيل الأموال المشار اليها فى النص زيادة عن المستحق منها ، مما لازمه أن يتم بالفعل المادى المكون للجريمة وقت تحصيل هذه الأموال بالزيادة عن المستحق على أنه واجب الآداء قانوناً بما مفاده أنه إذا كان أخذ بالزيادة عن المستحق الذى يشكل الفعل المادى للجريمة سابقا وقت التحصيل أو متراخيا عنه فلا تقع جريمة الغدر المؤثمة بنص المادة 114 من قانون العقوبات وإن جاز أن يشكل هذا الفعل جريمة أخرى غيرها أما بعد استبدال النص بالقانونين رقمى 69 لسنة 1953 و 63 لسنة 1975 أ الذى يحكم واقعة الدعوى فقد أصبح الركن المادى للجريمة يقوم بأحد فعلين هما طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق من الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها وهو ما يوصف بالجباية غير المشروعة الأمر الذى يبين منه أن المشرع لم يقصر وقوع الجريمة على مجرد أخذ الزيادة عن المستحق عند التحصيل بل تعداه أيضاً الى طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق دون اشتراط أن يكون ذلك حال التحصيل مما يقطع بإتجاه إرادة المشرع الى تأثيم وقوع الفعل المادى للجريمة سابقاً أو لاحقاً لواقعة التحصيل ذاتها ، فصريح لفظ النص ومفهوم دلالته بعد التعديل يدل على تأثيم طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق وجاء النص مطلقاً من كل قيد ليتسع مدلوله لاستيعاب كافة صور اقتضاء ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق من الأموال المبينة بالنص ، دون اشتراط أن يتم ذلك حال التحصيل وإذ كانت القاعدة أنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب التطبيق وأنه لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص وكانت جريمة الغدر تقوم ولو كان المجنى عليه يعلم بأن المبلغ المطلوب أو المأخوذ منه غير مستحق عليه أو يزيد على المستحق ورضى رغم ذلك بدفعه ، فإن الحكم المطعون فيه وقد حصل واقعة الدعوى بما يجمل فى أن الطاعن بصفته صراف ربط وتحصيل وله شأن فى تحصيل الضرائب والرسوم قام بأخذ مبلغ ستة آلاف وتسعمائة وأربعة عشر جنيها وستمائة مليم تزيد على المستحق قانوناً من الممولين بإرتكاب تزوير فى القسائم بأن أثبت فيها على خلاف الحقيقة مبالغ تزيد عن المستحق واستعمالها بأن سلمها للممولين رغم علمه بتزويرها ودانه بجريمة الغدر المنصوص عليها فى المادة 114 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة فى القانون لهذه الجريمة ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ولم يخطئ فى شيء وبات ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد غير قويم ولا سند له .
(الطعن رقم 10814 لسنة 63 جلسة 1995/02/20 س 46 ص 400 ق 61)
2- توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذى ارتكب من خلاله جريمة الغدر هو من الأمور الموضوعية التى يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب مادام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت فى الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته - بما لا يمارى فيه الطاعن – أنه وهو موظف عام " مأمور ضرائب المهن الحرة بمأمورية ضرائب ....... " يختص بفحص الإقرارات الضريبية وتقديرها وربطها على الممولين – أى أن له شأن فى تحصيل الضرائب –بحسبان أنه أول من يقرر أحقية الدولة فى اقتضاء مبلغ الضريبة ويقوم ببحث عناصرها ومناقشة الممول فى نشاطه وما حققه من أرباح ويطلع على المستندات ويقوم بالمعاينة والجرد ثم ينتهى إلى ربط مبلغ معين يكون على الممول أداؤه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن تعويل الحكم على أقوال الشاهد .......... بشأن اختصاص الطاعن بالعمل لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 29650 لسنة 70 جلسة 2003/04/17 س 54 ص 569 ق 71)
3- لما كان الحكم قد دان الطاعن بجناية الغدر وجرائم التزوير فى محررات رسمية واستعمالها ، وأوقع عليه العقوبة المقررة فى القانون للغدر بإعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط فإنه لا يجدى الطاعن ما يثيره فى باقى أسباب الطعن بصدد بعض جرائم التزوير والاستعمال من عدم توافر أركانها وقصور الأدلة على ثبوتها فى حقه أو عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المثبتة لها .
(الطعن رقم 10814 لسنة 63 جلسة 1995/02/20 س 46 ص 400 ق 61)
4- متى كانت الواقعة التى أثبتتها محكمة الموضوع فى حكمها هى أن المتهم بصفته محصلاً بسوق صفط الملوك قد إستولى حال تحصيله للرسوم المستحقة للبلدية على مبلغ يزيد عن قيمة هذه الرسوم - فإن الجريمة المنصوص عليها فى المادة 114 من قانون العقوبات تكون متوافرة الأركان .
(الطعن رقم 241 لسنة 24 جلسة 1954/04/19 س 5 ع 3 ص 534 ق 180)
5- يوجب الشارع فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التى بنى عليها وإلا كان باطلاً . والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى هو عليها والمنتجة هى له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون . ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون فى بيان جلى بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به . أما إفراغ الحكم فى عبارات عامة معماة أو وضعه فى صورة مجملة مجهله فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إستيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ما صار إثباتها بالحكم . ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ المقول بإختلاسها والمنتجة لمجموع المبلغ المختلس وكذلك القسائم التى جرى فيها التزوير المؤدى للإختلاس وإفرادها من غيرها و وجه هذا الإختلاس وهل وقع بتحصيل المال من كل ممول مرتين فى كل حالة أم بتحصيله من أكثر من ممول ، وهل أضاف المتهم ما حصله كله إلى ذمته أو بعضه فيكون فعله إختلاساً أو إضافة كله عمداً إلى جانب الدولة مما يعتبر تحصيلاً لمال غير مستحق معاقب عليه بالمادة 114 دون المادة 112 من قانون العقوبات التى طبقها فى حقه ، أو أن ما وقع منه كان بإهماله فيكون أمراً لا جريمة فيه ، وما هى العلاقة بين شهادته كذباً لصالح بعض المدينين المتهمين بالتبديد بأنهم أوفوا ما لم يوفوا به وبين إختلاس المبالغ التى قرر على غير صحة أنهم أوفوا بها لأن هذا الإقرار الكاذب لا ينتج عنه الإختلاس بالضرورة ، ولم يورد الأدلة المنتجة على وقوعه سواء من تقرير لجنة الفحص أو أقوال الممولين حتى يبين وجه إستدلاله على ما جهله . ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه .
(الطعن رقم 533 لسنة 39 جلسة 1969/05/12 س 20 ع 2 ص 706 ق 142)
(الطعن رقم 1078 لسنة 53 جلسة 1983/05/30 س 34 ص 700 ق 141)
2- انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها . وكان من المقرر كذلك أن عناصر الركن المادى لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هى التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أنه يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع . وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق ، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل فى وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة رئيس نيابة دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التى صدرت من الطاعن والتى تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفته وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولم يستظهر كذلك عنصرى التذرع بالنفوذ والسبب لجريمة الاتجار بالنفوذ فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم. (الطعن رقم 30615 لسنة 72 جلسة 2003/07/21 س 54 ص 796 ق 105)
3- استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.
(الطعن رقم 59 لسنة 38 جلسة 1968/02/19 س 19 ع 1 ص 238 ق 43)
4- متى كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم وجرت المحاكمة على أساسها هي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، والخاصة باستغلال النفوذ وهي تختلف فى أركانها وعناصرها القانونية عن جريمة الرشوة - القائمة على الاتجار بالوظيفة - التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة فى التهمة على النحو المتقدم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى المتهم فى أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه فى حكمها إسباغاً للوصف القانوني الصحيح لتلك الأفعال، وإنما هو فى حقيقته تعديل فى التهمة ذاتها يتضمن إسناد عنصر جديد إلى الواقعة التي وردت فى أمر الإحالة هو الاتجار بالوظيفة على النحو الوارد فى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وهو تغيير لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويشترط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.
(الطعن رقم 1606 لسنة 38 جلسة 1968/10/07 س 19 ع 3 ص 807 ق 158)
5- لا جدوى مما يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أى دليل على أنه زعم أن له إختصاصا بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله ، ذلك بأن ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر الجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و لئن أخطأ الحكم فى تطبيقه المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة الدعوى ، إلا أن العقوبة التى قضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره فى هذا الشأن .
(الطعن رقم 1704 لسنة 39 جلسة 1971/11/01 س 21 ع 1 ص 49 ق 11)
6- إستهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعزم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً ، و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ، فإن كان موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات ، و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور ، و إذ كان ما تقدم و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 1131 لسنة 40 جلسة 1970/10/26 س 21 ع 3 ص 1020 ق 244)
7- إن الشارع قد إستهدف بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أيه سلطة عامة - و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً . و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية . فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات ، و ذلك على إعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة و إنما ظرف مشدد للعقوبة .
(الطعن رقم 209 لسنة 58 جلسة 1988/12/06 س 39 ع 1 ص 1227 ق 190)
8- عناصر الركن المادى للواقعة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات الخاصة بإستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على حكم أو قرار ، هو التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية فهو يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أن يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانه رياسية أو إجتماعية أو سياسية و هو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع.
(الطعن رقم 3286 لسنة 54 جلسة 1985/11/21 س 36 ص 1035 ق 189)
ويلزم لتوافر جريمة الغدر :
(1) شرط مفترض، يتمثل في الصفة الواجب توافرها في الجاني، والمال الذي يرد عليه الغدر.
(2) رکن مادي، يتحقق بالفعل الذي يقترفه الجاني.
(3) رکن معنوي، وهو القصد الجنائي.
الشرط المفترض:
يفترض لقيام هذه الجريمة توافر عنصرين، هما :
(1) توافر صفة الموظف العام في الجاني.
(2) صفة عباء المال العام في المال موضوع الغدر .
صفة الجاني:
لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام أو من في حكمه على النحو الوارد في المادة 111 عقوبات.
وفوق هذا، فإنه يتعين أن يكون الموظف العام (أو من في حكمه) له شأن في تحصيل الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب.
وقد كانت المادة 114 قبل تعديلها بالقانون رقم 96 لسنة 1954 تقسم أرباب الوظائف العمومية الذين تقع منهم هذه الجريمة إلى ثلاث طوائف، ثم جاء القانون المذكور فنبذ هذا التقسيم مقتصراً على ما نص عليه في عبارة عامة من أن الجاني يجب أن يكون موظفاً عاماً وله شأن في التحصيل، ولا يشترط أن تكون وظيفة الحاني هي التحصيل بنفسه، بل يكفي أن يكون له شأن فيه، كالإشراف عليه أو الإسهام فيه، ويتحدد اختصاص الجاني بالتحصيل أو الإسهام فيه وفقاً للقوانين أو اللوائح أو الأوامر الكتابية أو الشفوية للرؤساء .
لا تقع هذه الجريمة إلا إذا ورد رکنها المادي على ضرائب أو رسوم أو غرامات أو نحوها. وهنا يلاحظ أن المشرع لم يورد هذه الأموال على سبيل الحصر حين استعمل لفظ «أو نحوها»، فما المعيار المشترك في هذه الأموال حتى يمكن تحديد غيرها من الأنواع؟
إنه التكليف العام من الدولة الذي يرد على الأفراد بفرض التزامات مالية معينة تجاهها، ويمكنها اقتضاؤها قهراً بوصفها سلطة عامة، أما ما تطالب به الدولة من إيجار عن أملاكها الخاصة فلا يعد عبئاً مالياً عاماً، وكذلك الأمر بالنسبة للأقساط المستحقة على الذراع لبنك التسليف لا تعد عبئا مالياً عاماً، ومن ثم فإن المطالبة بمبلغ يزيد عليها لا تقع به هذه الجريمة، فلا تقع الجريمة إذا كان الموظف العام مكلفاً تحصيل تبرعات من المواطنين لخدمة مشروع معين.
الركن المادي
يتوافر هذا الركن بطلب أو أخذ ما ليس مستحقاً، أو ما يزيد على المستحق من الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها، وتقع الجريمة بمجرد الطلب أو يأخذه فعلاً ولم ينص القانون على حالة القبول، كما إذا أخطأ الممول في الإقرار المقدم منه لاحتساب الضريبة المستحقة عليه وعرض على مأمور الضرائب أداء ما ليس مستحقاً فقبل هذا الأخير العرض مع علمه بالخطأ الذي وقع فيه الممول. ففي هذه الحالة لا تقع الجريمة بمجرد القبول، إنما يتعين أن يأخذ الموظف المال غير المستحق.
وتعد الأعباء المالية العامة غير مستحقة في ثلاث أحوال :
(1) إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناء على السند الذي يستند إليه الموظف في التحصیل.
(2) إذا كانت مما يجيز القانون تحصيله في وقت آخر خلافاً للوقت الذي قام في الموظف بالطلب أو الأخذ. وهو ما يعني تخلف السند القانوني للتحصيل وقت الطلب أو الأخذ.
(3) إذا كان القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما يطالب به الموظف، أي أنها تزيد على المستحق قانوناً.
ولا يحول دون وقوع الجريمة عدم حصول الموظف العام على مغنم حقيقي من ورائها، كما إذا أضاف المال غير المستحق إلى خزينة الدولة كما لا يحول دون وقوعها أن يعلم المجني عليه فعلاً بأن المبلغ المطالب به ليس مستحقاً؛ إذ لا يشترط أن يكون قد خدع بما يطالب به الموظف، أو أن يكون قد رضي بدفع غير المستحق مع علمه بذلك.
ولا يشترط في الطلب أو الأخذ أن يرد على الموجه إليه التكليف بأداء المال فمثلاً إذا أوهم الموظف أحد الأشخاص أن ابنه محكوم عليه بأداء غرامة معينة وأنه جاء لتحصيلها منه فأعطاه الأب مبلغ الغرامة، فإن الجريمة تقع بمجرد هذا الطلب أو الأخذ.
الركن المعنوي:
هذه الجريمة عمدية، يقتضي لقيامها توافر القصد الجنائي، فيجب أن تتجه إرادة الماني إلى طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً مع علمه بأنه غير مستحق فإذا جهل أن المبلغ الذي طالب به ليس مستحقاً أو يزيد عما هو مستحق - انتفى القصد الجنائي ولو انصرف جهله إلى قواعد القانون المالي أو الإداري، وذلك باعتبار أن الجهل بغير قانون العقوبات يأخذ حكم الجهل بالوقائع.
ويكفي لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو أخذ غير المستحق ولو لم تتجه نيته إلى الاستيلاء عليه لنفسه، طالما أن ذلك ليس شرطاً في الركن المادي للجريمة .
ولا عبرة بالبواعث، فالقصد الجنائي يتوافر ولو كان الباعث على الجريمة هو زيادة إيرادات الدولة، طالما كانت هذه الزيادة غير مشروعة وثمرة استغلال الموظف لوظيفته.
العقوبة:
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المشدد أو السجن (المادة 114)، وقد كانت العقوبة الأصلية هي السجد المشدد المؤقتة، إلى أن جاء القانون رقم 63 لسنة 1975 فجعلها السجن المشدد أو السجن.
وفضلاً عن ذلك يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة نسبية تساوي ما حصله أو طلبه من مال، على ألا تقل الغرامة عن خمسمائة جنيه (المادة 118). أما إذا اقتصر فعل الجاني على الطلب لم يكن هناك ما يبرر الحكم بالرد هذا مع عدم الإخلال بواجب الحكم بالغرامة النسبية.
ويرجع في تحديد المقصود بهذه العقوبات إلى ما قلناه في شأن جريمة الاختلاس. ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة: 563).
الحكم بالرد على الرغم من إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم : نصت المادة 208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يحول إنقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة ، قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113 مکرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 من قانون العقوبات وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً في أموال كل منهم بقدر ما استقاد ويجب أن تندب المحكمة محامياً للدفاع عمن وجه إليهم طلب الرد إذا لم ينيبوا من يتولى الدفاع عنهم».
يقرر الشارع في هذا النص أن إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم تم أو بعد إحالتها إلى المحكمة لا يحول دون قضائها بالرد ولا خروج في هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة بعد إحالة الدعوى الجنائية کی المحكمة ، إذ لا يحول ذلك دون قضائها في الدعوى المدنية التي رفعت إليها بوجه صحيح (المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية)، الفقرة الثانية ولكن هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة قبل إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة إذ مؤدى إنقضائها أنه لا ترفع الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدني وعلة هذا الحكم حرص الشارع على سرعة استرداد ما يحوزه الورثة من أموال ناتجة عن جريمة مورثهم .
ويجوز للمحكمة إذا حكمت بالرد أو التعويض أن تأمر - بناءً على طلب النيابة العامة أو المدعي المدني وبعد سماع أقوال ذوى الشأن - بتنفيذ هذا الحكم في أموال زوج المتهم وأولاده القصر ما لم يثبت أنها آلت إليهم من غير مال المتهم (المادة 208 مکرراً (ج) من قانون الإجراءات الجنائية).
الغدر
نصت المادة 114 من قانون العقوبات على أن «كل موظف عام له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها ، طلب أو أخذ ما ليس مستحقا أو ما يزيد على المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن »
علة التجريد، يحمي الشارع بهذا النص حقوق الأفراد على سؤالهم إزاء إستبداد بعض العاملين باسم الدولة ، أو بتعبير آخر يحمي النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه ، وهو مبدأ « لا ضريبة إلا بقانون » ، وهذا المبدأ نصت عليه المادة 119 من الدستور في قولها « إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون . ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون » ، وقد وضعت المادة 114 من قانون العقوبات الحماية الجنائية لهذا المبدأ، ويحمي هذا النص كذلك الثقة في الدولة التي تهتز حتماً حينما يستغل بعض العاملين باسمها سلطاتهم لإلزام الأفراد بما لا يلزمهم به القانون.
الفرق بين الغدر والرشوة : بين الجريمتين أوجه عديدة من الشبه : فالجريمتان مظهران الإساءة استغلال الوظيفة العامة ، وتتمثلان في مطالبة الموظف الأفراد بما لا يجب عليهم ، وثمرتهما في الغالب إثراء غير مشروع للموظف ، ويشترك الركن المادي فيهما في قيامه على الطلب أو الأخذ (وإن كانت الرشوة تقوم بالقبول كذلك).
لا يجوز البحث عن معيار التفرقة بين الجريمتين في وجود مقابل يحصل عليه الفرد نظير ما يقدمه إلى الموظف ، ذلك أنه إذا كان مبلغ الضريبة لا يفترض مقابلا من خدمة يحصل عليها الممول ، فإن الرسم يفترض هذا المقابل ، وهو ما تفترضه الرشوة دائماً ؛ إذ يحصل الراشی على مقابل لما يقدمه من رشوة ، وهو ما يعني احتمال اختلاط الجريمتين.
إن معيار التفرقة بين الجريمتين هو السند الذي يحتج به الموظف في طلب المال من الفرد أو أخذه : فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنه يلزم به (وهو سلوك ينطوي بالضرورة على كذب) فالجريمة غدر؛ أما إذا طلبه على أنه هدية أو عطية نظير قيامه بعمل وظيفي فالجريمة رشوة ويعني ذلك أن إختلاف سند الأخذ أو الطلب هو معيار التفرقة في الجريمتين وعلى سبيل المثال فإذا طلب موثق من متعاقدين نقودا زاعما أنها رسم لتوثيق العقد فجريمته غدر؛ أما إذا طلب هذه النقود على أنها مقابل لقيامه بتوثيق العقد فجريمته رشوة .
والتفرقة بين الجريمتين أهميتها في أن مقدم المال في الرشوة يعاقب بإعتباره راشياً ، في حين أن مقدم المال في الغدر هو مجني عليه ، ومن ثم لا عقاب عليه .
أركان الغدر تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : صفة الجاني الذي يتعين أن يكون موظفاً عاماً له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها ؛ ورکن مادی هو الجباية غير المشروعة ؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد .
صفة الجاني : تتطلب صفة الجاني عنصرين : إذ يتعين أن يكون موظفاً عاماً ، ويتعين كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة وتحدد دلالة الموظف العام وفق القواعد التي سلف بيانها في الجرائم السابقة ، مما يعني أن للأشخاص المذكورين في المادة 119 مکرراً من قانون العقوبات حكم الموظف العام، ويتطلب الشارع بالإضافة إلى ذلك أن يكون للموظف شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة ، وقد عبر عنها الشارع « بالضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات »، وهذا البيان قد ورد على سبيل المثال ، والدليل على ذلك أن الشارع أردفه بلفظی « أو نحوها »، وتعبير « الأعباء المالية العامة » يمكن أن يجمعها ، ونريد بها جميع الإلتزامات المالية للأفراد قبل الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة التي لها الطابع العام ، أي تجبيها الدولة قهراً باعتبارها سلطة عامة ، وتخضع العلاقة المنشئة لها للقانون العام ويتحقق القاضي من أن للموظف شأناً في تحصيل هذه الأعباء بالرجوع إلى إختصاصات المنصب الذي يشغله والتأكد أن من بينها هذا التحصيل ، وأي قدر من الإختصاص ولو كان ضئيلاً يكفي لذلك ، فلا يشترط أن يكون التحصيل إختصاصه الوحيد ، بل لا يشترط أن يكون اختصاصه الرئيسي والاختصاص قد يتحدد بناءً على نص قانوني أو لائحي أو قرار إداري ، بل يجوز أن يكون بناء على تكليف شفوي ممن يملكه : وتطبيقاً لذلك فإن كون المتهم مساعداً للمحصل أو مشرفاً علی عمليات تحصيل متنوعة يكفي لتوافر هذه الصفة لديه .
فإذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأعباء العامة ، وادعى أن له هذا الشأن فهو لا يرتكب هذه الجريمة ، وإنما يرتكب نصباً أو شروعاً فيه حسب الأحوال ومن باب أولى ، فإنه لا يرتكب هذه الجريمة صاحب مهنة حرة يطالب بأتعاب تزيد على ما يستحق ولو جاوز بذلك تعريفة يقررها القانون أو اللائحة .
الركن المادي :
الركن المادي للغدر متعدد العناصر ، ويمكن التعبير عنه إجمالاً « بالجباية غير المشروعة » فهو يقوم بأحد فعلين : الطلب أو الأخذ ويتعين أن ينصب الفعل على موضوع، هو العبء المالي العام، ويتعين اتصاف الجباية بعدم المشروعية .
الطلب أو الأخذه الطلب أو الأخذ هما صورتا الفعل الإجرامي ، ولهما ذات دلالتهما في الرشوة : فالطلب يعني التعبير - صراحة أو ضمناً - عن إرادة متجهة إلى حمل المجني عليه على أداء المال ، والأخذ يعني إدخال المال في الحيازة واقتصار الشارع على صورتى الطلب والأخذ يعنی استبعاد « القبول » فإذا أخطأ الممول في تحديد المبلغ المستحق عليه فظنه أكثر من حقيقته ووعد الموظف أن يدفعه في المستقبل « فقبل » منه هذا الوعد، فهو لا يرتكب هذه الجريمة . ولكن نعتقد أن « الأمر بالتحصيل »، أي « الأمر بالطلب »، يقوم به الركن المادي للجريمة : ذلك أن الشارع يكتفي بأن للموظف شأناً في تحصيل المال ، وقد يقتصر ذلك الشأن على مجرد الإشراف الأعلى على عملية التحصيل ، وذلك هو شأن كبار الموظفين المختصين بالجباية ، فإن أمر مرؤوسيه بالتحصيل ، فذلك هو النشاط غير المشروع الذي يتيحه له اختصاصه .
ولا يتطلب الفعل الإجرامي حصول الموظف على غنم ، فإذا ورد إلى الخزانة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة ، إذ الشارع يريد في المقام الأول حماية حقوق المواطنين ضد استبداد ممثلي السلطة العامة وغني عن البيان أنه لا يحول دون استكمال الجريمة أركانها رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق ، وهو ما يفترض علمه بذلك .
العبء المالي العام :
يعد هذا العبء الموضوع الذي ينصب عليه الطلب أو الأخذ ، وقد سلف تحديد مدلوله ، وذكر الشارع أمثلة له ، هي الضريبة والرسوم والعوائد والغرامة والضريبة مبلغ يدفع جبراً إلى الدولة بمقتضى قانون يفرضها ويحدد وعاءها وقواعد حسابها وجبايتها، ولا يراعى فيها أنها نظير خدمة تؤديها الدولة إلى الممول والرسم مبلغ تتقاضاه الدولة جبراً نظير خدمة تؤديها إلى دافعه أو منفعة تعود عليه ويتميز الرسم عن الثمن أو مقابل الخدمة العادية بأن تحديده لا يكون على أساس قيمة الخدمة أو المنفعة ولا يخضع لقانون العرض والطلب ، وإنما تحدده قواعد آمرة صادرة عن السلطة العامة ، مستمدة من اعتبارات السياسة الإقتصادية للدولة والغرامات هي جزاءات نقدية تفرض وتحصل جبراً من أجل عمل غير مشروع ، وسواء أن تكون الغرامة جنائية أو غير جنائية ، ويدخل في مدلولها غرامات التأخير التي تفرض على مقاول أو متعهد تعاقد مع الدولة فقصر في الوفاء بالتزاماته أما العوائد فهي نوع من الضرائب جرى القانون على التعبير عنها بهذا اللفظ والأنواع السابقة من الأعباء المالية العامة قد ذكرها الشارع على سبيل المثال ، فإن توافرت عناصر العبء المالي العام لأي التزام كانت جبايته غير المشروعة غدراً .
فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فإن جبايته غير المشروعة لا تعد غدراً وتطبيقاً لذلك ، فإن الموظف الذي يحصل من الدولة على مبلغ يزيد على ما يستحقه من مرتب أو مكافأة لا يرتكب غدرا وإذا طلب الموظف أو أخذ اسم الدولة مبلغاً يزيد عما تستحقه بإعتباره إيراداً لها ، كإيجار أرض تملكها فلا يرتكب غدراً ؛ إذ ليس للمبلغ الذي يدفعه المستأجر صفة العبء المالي العام ومن باب أولى، لا تقوم هذه الجباية إذا حصل موظف لحساب فرد على مبلغ يزيد عما يستحقه ، كالمحضر الذي يحصل لحساب المحكوم له من ثمن بيع منقولات المحكوم عليه على مبلغ يزيد عما قضى له به.
الجباية غير المشروعة، يتعين أن تكون الجباية غير مشروعة ، وإلا فلا قيام للجريمة : فالموظف الذي يطلب أو يأخذ من ممول ما يلتزم به المصلحة الدولة لا يرتكب غدراً وإن لم يورد ما حصله لخزانة الدولة، إذ يستهدف الشارع بالعقاب على الغدر حماية حقوق الأفراد، وهي لم تستهدف الضرر في هذه الحالة ، وإنما يرتكب الموظف اختلاساً وقد عبر الشارع عن عدم شرعية الجباية بأن الطلب أو الأخذ قد تعلق « بما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق »، ويعني ذلك أنه تصور وضعين تكون الجباية فيهما غير مشروعة : أن تتعلق بعبء مالی غیر موجود قانوناً، كما لو طالب الموظف بضريبة لم توافق على فرضها السلطة التشريعية أو برسم لم تقرره السلطة المختصة بناءً على القانون ؛ أو أن يتعلق بما يزيد على المقدار المحدد وفقا لقواعد القانون ونضيف إلى ذلك حالة ثالثة : هي طلب أو أخذ حق للدولة انقضى بالوفاء ، أو بأي سبب آخر ، فالموظف الذي يحصل ذات الضريبة مرتين ، أو يحصلها رغم الإعفاء منها يرتكب غدراً ويجمع بين كل حالات الجباية غير المشروعة أن القواعد المقررة بقانون أو بناءً على قانون التي تستهدف تحديد الأعباء المالية العامة للأفراد قبل الدولة لم تكن موضع إحترام الموظف الذي له شأن في جبايتها .
الركن المعنوي للقدرة هذه الجريمة عمدية، فيتخذ ركنها المعنوي صورة القصد ، وقد تطلبه الشارع صراحة في قوله « .... مع علمه بذلك». و القصد المتطلب قصد عام . ويقوم هذا القصد على عنصري العلم والإرادة : فيجب أن يعلم الجاني بعدم شرعية الجباية ، أي أن يعلم أن المبلغ الذي يطلبه أو يأخذه غير مستحق أو يزيد على المستحق وتطبيقاً لذلك ينتفي القصد إذا وقع الموظف في غلط ، فأعتقد أن ما يطلبه هو ما تستحقه الدولة ، وسواء أن يتعلق الغلط بالوقائع أو بالتشريع الضريبي أو المالي بصفة عامة ، فالقاعدة المقررة أن للغلط في قاعدة قانونية لا تنتمي إلى قانون العقوبات ذات حكم الغلط في الوقائع وتطبيقاً لذلك فإذا خلط الموظف بين شخصين فطالب أحدهما بالمبلغ الواجب على الآخر ، أو أساء تحديد وعاء الضريبة أو وقع في خطأ حسابي ، أو أخطأ في فهم أو تطبيق القاعدة التي تحدد نسبة الضريبة أو حالات الإعفاء منها أو المبالغ التي يحق الممول خصمها من الوعاء الضريبي ، في كل هذه الحالات ينتفي القصد.
وليست البواعث من عناصر القصد : فإذا ثبت أن باعث المتهم لم يكن الإثراء وإنما إفادة الخزانة العامة بزيادة إيراداتها ، فالقصد على الرغم من ذلك متوافر لديه ، فالشارع يستهدف حماية حقوق الأفراد وكفالة شرعية جباية الأعباء العامة ، وهي ما تتأذى على الرغم من توافر ذلك الباعث.
عقوبة الغدر: عقوبة الغدر هي السجن المشدد أو السجن ، ويوقع بالإضافة إلى ذلك العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية ، ويلزم المتهم كذلك بالرد . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 103)
والمشرع بالنص السابق أراد حماية الأفراد من سوء استغلال الوظيفة العامة في الأحوال التي يلتزم فيها الأفراد بدفع مبالغ مستحقة عليهم ، ولذلك فإن الأموال التي يتم تحصيلها زيادة على المستحق لا تعتبر أموالاً عامة ولا تعتبر عنصراً من عناصر الذمة المالية للدولة ، ومعنى ذلك أن تحصيلها والاستيلاء عليها باستغلال الوظيفة يشكل إخلالاً بالثقة العامة في الوظيفة العامة والقائمين عليها والمصلحة المحمية في هذه الجريمة هي إذن تتعلق بحسن سير الإدارة العامة والثقة في ممثليها وهذا بدوره ينعكس على العناصر المكونة للجريمة .
- الأركان المكونة للجريمة :
أولاً : صفة الجاني :
استلزم المشرع في الجاني صفة الموظف العام بالتحديد السابق بيانه وفقاً للمادة 119 عقوبات .
غير أنه لا يكفي توافر صفة الموظف العام في الجاني ، بل يلزم أن يكون له شأن في تحصيل مبالغ مستحقة لجهة الإدارة العامة ومعنى ذلك أن يكون الموظف مختصاً بذلك العمل وهو التحصيل في أي مرحلة من مراحله ، سواء بمقتضى القوانين واللوائح والأنظمة أو بمقتضى أمر صادر إليه من رؤسائه ، سواء كان الأمر له صفة الاستمرار أم كان متعلقاً بعملية واحدة والتي وقعت الجريمة بمناسبتها وبعبارة أخرى يلزم أن يكون هناك تكليف بالتحصيل ، أما بمقتضى القواعد التنظيمية للوظيفة وأما بمقتضى أمر صادر ممن يملكه ، ولذلك فإذا أقحم الموظف نفسه في عملية التحصيل وأخذ أو طلب غير المستحق فإن الجريمة التي نحن بصددها لا تتوافر لانتفاء الصفة المطلوبة في الجاني .
ثانياً : السلوك الإجرامي :
نص المشرع على شكلين للسلوك الإجرامي يكفى توافر أحدهما لقيام الجريمة ، فيكفى لقيام الجريمة تحقق سلوك الطلب أو الأخذ والطلب ق د يكون شفاهة كما قد يكون كتابة ، غير أنه يلزم أن يكون واضحاً في التعبير عن إرادة الجاني ، أما مجرد الموقف السلبي من الموظف الذي يستغل فيه خطأ الفرد في التعبير عن المبالغ المطلوبة فلا يكفى لتحقق الجريمة في شكل الطلب وإنما يمكن أن تقوم في شكل الأخذ ، إذا ما أخذ أكثر من المستحق أو غير المستحق.
أما الأخذ فهو السلوك الذي به يتسلم الموظف المال ويدخل بذلك في حوزته بوصفه مندوب تحصيل . ويستوي أن يكون الأخذ بناءً على طلب من الموظف أو استغلالا لخطأ وقع فيه الممول أو الدفع ، وسواء أكان الخطأ هذا في قدر المال المستحق أم كان الخطأ في العد الحسابي للمبالغ المدفوع .
ويستوي في الطلب أو الأخذ أن يكون المال أكثر من المستحق أو انه غير مستحق أصلاً ولا يلزم لقيام الجريمة في ركنها المادي أن يكون الجاني قد استخدم طرقاً احتيالية لتدعيم مطالبته أو لتبرير أخذه لغير المستحق .
الموضوع المادي للسلوك :
جريمة طلب أو أخذ غير المستحق لا تنصب على مال الدولة وإنما على أموال للأفراد ، ولذلك فهي ليست جريمة اعتداء على المال العام بالمعنى الدقيق ، غير أنه يشترط في الموضوع المادي للسلوك أن يكون المال المطلوب أو الذي أخذه الموظف قد طلب أو أخذ بوصفه مستحقاً الجهة الإدارة ، ويستوى في ذلك الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو غير ذلك من مبالغ تستند في استحقاقها إلى القانون ويستوي أن يكون مناط الاستحقاق هو تصرف إرادي من قبل الفرد كما في حالة الرسوم التي تحصل مقابل خدمة تؤدي للممول ، أو كان الاستحقاق مناطه تواجد الفرد في مركز قانوني يلزمه بدفع مبالغ معينة الجهة الإدارة ومعنى ذلك أن التعداد الوارد بالمادة 114 هو على سبيل المثال وليس الحصر ، فالطلب أو الأخذ المنصب على أموال الأفراد بوصفها مستحقة للدولة أو لجهة الإدارة بناء على أي سبب من الأسباب يتوافر به هذا الركن من أركان الجريمة .
الشروع : الجريمة متصور فيها الشروع سواء في شكل الطلب أو في شكل الأخذ ، ومثال ذلك إرسال مطالبة بمبلغ غير مستحق أو أكثر من المستحق وضبط الخطاب قبل وصوله للممول .
لحظة تمام الجريمة : تتم الجريمة بمجرد وصول الطلب إلى علم الممول وذلك إذا أخذت شكل الطلب أو بتمام الأخذ.
ثانياً : الركن المعنوي :
يقوم الركن المعنوي على القصد الجنائي ، فيجب أن يعلم الجاني بصفته باعتبارها عنصراً من عناصر الجريمة ، ويلزم أيضاً أن يعلم بأن ما يطالب به أو ما أخذه هو أكثر من المستحق أو انه غير مستحق أصلاً ويجب أن تتجه إرادته إلى فعل الطلب أو فعل الأخذ إلى جانب توافر علمه بعناصر الجريمة ويستوي أن يكون تحصيل غير المستحق هو لمصلحة الموظف الشخصية أو كان لصالح الغير ، وسواء كان الغير هو جهة خاصة أو جهة عامة.
- العقوبة :
العقوبة الأصلية:
هي السجن المشدد من ثلاث سنوات إلى خمس من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة .
العقوبة التبعية : هي العزل أو زوال الخدمة .
العقوبات التكميلية هي:
1- الرد .
2-غرامة مساوية لقيمة ما حصل على إلا تقل عن خمسمائة جنيه .
(قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة: 313)
وقد أراد المشرع بهذا النص حماية حقوق الأفراد المتعلقة بأموالهم م ن اعتداء الموظف العام الذي له شأن في جباية الضرائب وما عليها من الأعباء المالية العامة، حين يستغل وظيفته فيطلب أو يأخذ ما ليس مستحقا من هذه الأعباء أو ما يزيد على المستحق منها والمشرع يحمي بذلك مبدأ قانونية الضرائب والرسوم، وهو أحد المبادئ الهامة التي تتضمنها أغلب الدساتير .
- التمييز بين جريمة الغدر وجريمة الرشوة
يجب ألا يثور الخلط بين كل من جريمة الغدر وجريمة الرشوة، فعلى الرغم من وجود التشابه بينهما من حيث استغلال الجاني لوظيفته لكي يحصل من الأفراد على مال غیر مستحق، فإنه يمكن التمييز بينهما من عدة وجوه، فمن حيث نطاق الركن المادي نجده يقتصر في جريمة الغدر على صورتی الطلب والأخذ، بينما يتسع في جريمة الرشوة ليشمل فضلاً عن هاتين الصورتين صورة القبول ومن حيث المقابل نجد الرشوة تستهدف دائماً تلقى مقابل للجعل يتمثل في قيام الموظف المرتشي بعمل من أعمال وظيفته أو للإمتناع عن عمل من أعمالها أو بالإخلال بواجب من واجباتها بينما الغالب ألا يكون لحصول الموظف على ما لا يستحق في جريمة الغدر أي مقابل، فالضرائب أو العوائد أو الغرامات لا تفترض تقديم مقابل من الموظف الذي يحصلها على أن أهم ما يميز بين الجريمتين هو سند التحصيل، فإذا طلب الموظف المال أو أخذه من الفرد زاعماً وجود سند تشريعي يلزمه بذلك كانت الجريمة غدراً، أما إذا استند في طلبه أو أخذه للمال إلى أنه عطية أو هدية لقاء تحقيق غرض الرشوة دون أن يكون هناك إلزام بها فالجريمة رشوة وتطبيقاً لذلك فإنه إذا طلب الموظف المختص من شخص يريد أن يستخرج بطاقة تموينية، مبلغاً من المال فتكييف الجريمة يتوقف على سند هذا المبلغ، فإذا زعم الموظف أنه رسم لإخراج البطاقة فالجريمة غدر، أما إذا كان المبلغ مجرد عطية لقيام الموظف بالعمل المطلوب فالجريمة رشوة.
وللتفرقة بين جريمتي الغدر والرشوة أهمية كبيرة : ففيما يتعلق بالموظف، تكون عقوبته إذا كانت الجريمة غدراً أخف من عقوبته إذا أدين في رشوة وفيما يتعلق بالفرد الذي طلب منه المال أو أخذ، يتغير وضعه تماماً بتغير تكييف الجريمة، إذ هو يعتبر مجنيا عليه في جريمة الغدر، فلا توقع عليه أي عقوبة، بينما يعتبر في جريمة الرشوة شريكاً فتوقع عليه عقوبة هذه الجريمة.
تحديد أركان جريمة الغدر:
تقوم جريمة الغدر على أركان ثلاثة: صفة الجاني، والركن المادي، ثم الركن المعنوي.
صفة الجاني
تتطلب جريمة الغدر أن يكون الجاني موظفاً عاماً له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها، وعلى ذلك يجب أن تتوافر في فاعل الجريمة صفة الموظف العام وفقاً للتحديد الذي ذكرته المادة 119 مکرراً من قانون العقوبات، ويجب فضلاً عن ذلك أن يكون لهذا الموظف شأن في تحصيل الضرائب وغيرها مما حدده نص جريمة الغدر، فلا يشترط أن يكون التحصيل هو الاختصاص الوحيد أو الأساسي للموظف، وإنما يكفي أن يكون لوظيفته صلة بالتحصيل فيدخل في هذا النطاق من يشرف على التحصيل، ومن يساعد المسئول عنه، وتتحدد هذه الصلة بالقانون أو باللائحة أو بقرار إداري أو بتكليف شفوي ممن يملك التكليف .
والأموال التي يجب أن يكون للموظف شأن في تحصيلها أوردها المشرع في النص على سبيل المثال، إذ أردف الأمثلة التي ذكرها لها بعبارة أو نحوها. والجامع بين هذه الأموال أنها الأعباء المالية العامة التي يتساوى الناس في الالتزام بها، وتحصلها الدولة منهم جبرا باعتبارها سلطة عامة.
ويترتب على ذلك أنه إذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأموال المذكورة، فإن جريمة الغدر لا تقع، وإن أمكن أن يسأل عن جريمة النصب إذا توافرت أركانها.
- الركن المادي
يتخذ الفعل المكون الركن المادي في جريمة الغدر إحدى صورتين، الطلب أو الأخذ، كما يرد على موضوع معين هو أحد الأعباء المالية العامة غير المستحقة.
ويكون للطلب أو الأخذ ذات المفهوم بصدد جريمة الرشوة، فالجريمة تقع بالطلب ولو لم يعقبه الأخذ، كما تقع بالأخذ ولو لم يكن بناء على طلب وقصر المشرع الفعل المادي على هاتين الصورتين يعني أنه استبعد القبول من نطاق التجريم، وعلى ذلك، فإذا اعتقد شخص خلافاً للواقع بأنه ملتزم بدفع مبلغ معين كضريبة، ووعد مأمور الضرائب بدفعه في وقت معين فقبل ذلك وهو يعلم أن هذا المبلغ غير مستحق فإن الجريمة لا تقع كذلك لا تقوم الجريمة بالأمر الصادر من الرئيس إلى مرؤوسيه بتحصيل غير المستحق، وإنما يخضع تكييف الفعل عندئذ للقواعد العامة، فإذا قام المرؤوس بتنفيذ الأمر فإنه يسأل بإعتباره فاعلاً للجريمة إذا توافر لديه القصد الجنائي، ويسأل الرئيس الأمر باعتباره شريكاً فيها، أما إذا كان المرؤوس حسن النية يعتقد أنه يحصل مالاً مستحقاً فإنه لا يسأل لانتفاء القصد لديه، أما الرئيس فإنه يعتبر فاعلاً معنوياً للجريمة استعان بالمنفذ حسن النية كأداة بشرية لتنفيذ جريمته ويسأل وفقا لنص المادة 42 من قانون العقوبات - باعتباره شريكاً لفاعل تخلف لديه القصد الجنائي أما إذا لم يقم المرؤوس بتنفيذ أمر الرئيس فإن الأول لا يسأل بداهة لعدم ارتكابه الجريمة، كذلك لا يسأل الرئيس لأن فعله لا يعدو أن يكون شروعاً في الاشتراك، والشروع في الاشتراك لا عقاب عليه.
ويجب أن يكون موضوع الأخذ أو الطلب هو أحد الأعباء المالية العامة غير المستحقة، وقد ضرب لها المشرع أمثلة الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات، سواء أكانت الغرامات جنائية أو إدارية، ويترتب على ذلك أنه إذا ورد الفعل على مال لا يدخل في معنى الأعباء المالية العامة لا تقع الجريمة، مثال ذلك أن يأخذ الموظف ما يزيد على الأجر الذي يلتزم به أحد مستأجرى عقارات الدولة أو أن يأخذ المحضر المكلف بتنفيذ حكم صادر بالتعويض من المحكوم عليه مبلغا يزيد على المبلغ المحكوم به .
كذلك يجب أن يكون العبء المالي العام الذي أخذه الموظف أو طلبه غير مستحق، أو يزيد على المستحق، فلا تقع جريمة الغدر إذا أخذ الموظف أو طلب من الممول مبلغاً يلتزم به قانوناً، ولو لم يورده الموظف لخزانة الدولة وإنما استولى عليه لنفسه، وإن كانت تقع بهذا الفعل جريمة أخرى هي جريمة الاختلاس.
إذا تحقق الركن المادي على هذا النحو، فإنه لا قيمة بعد ذلك لعلم أو رضاء المجني عليه، فالجريمة تقع ولو كان الممول عالما بأنه يدفع غير المستحق عليه وراضياً بذلك.
- الركن المعنوي:
این يتخذ الركن المعنوي في جريمة الغدر ص ورة القصد الجنائي، والقصد المتطلب في هذه الجريمة هو القصد العام، وقد عبر عنه المشرع بعبارة «مع علمه بذاك» فتقوم الجريمة إذا ارتكب الجاني فعل الأخذ أو الطلب مع علمه بأن ما يأخذه أو يطلبه غير مستحق أو زائد على المستحق، وبناء على ذلك ينتفي القصد إذا وقع الموظف في غلط جعله يعتقد أن المبلغ - الذي يطلبه أو يأخذه هو المبلغ المستحق، سواء أكان الغلط متعلقاً بالوقائع أو بقاعدة تنتمي إلى قانون آخر غير قانون العقوبات، حيث يأخذ الغلط فيها حكم الغلط في الوقائع ولا تأثير للبواعث على توافر القصد، فيستوي أن يكون الباعث على ارتكاب الجريمة هو الرغبة في الإثراء غير المشروع أو تحقيق مصلحة للدولة بزيادة إيراداتها.
العقوبة:
يقرر المشرع الجريمة الغدر عقوبة السجن المشدد أو السجن (114 ع) وغرامة نسبية تساوى ما حصله الجاني أو طلبه من مال غير مستحق أو يزيد على المستحق على ألا تقل عن خمسمائة جنيه، فضلاً عن العزل، والرد في حالة الأخذ (م 118 ع). (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 154)
أركان الجريمة :
1- أمر مفترض في الركن المادي.
2- الركن المادي.
3- الركن المعنوي.
الأمر المفترض صفة الفاعل :
يجب أن يكون الفاعل موظفاً عمومياً أو ممن يعدون في حكمه طبقاً للمادة 119 مكرراً ويلزم كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها فمتى كان له شأن في ذلك فلا عبرة بكون هذا الشأن كبيراً أو صغيراً أي لا عبرة بكونه قائما فعلا بالتحصيل أو المساعدة فيه أو مجرد الإشراف عليه وعلى هذا الأساس فإنه يكفي أن يكون الموظف مساعد للمحصل أو مشرفاً عليه أو رقيباً على أعماله أو مسئولاً عنه مختصاً به وحده أو بالإضافة إلى أعماله الأخرى من باب أولى ويلتزم القاضي بالتحقق من توافر تلك الصلة بين الموظف والتحصيل ويكفي للقول بتوافرها أن يكون التحصیل مستنداً إلى الموظف أو مسموحاً له به بمقتضى القانون أو اللائحة أو بمقتضى القرار الإداري أو من مجرد التكليف الشفهي وتنظيم العمل في المكتب أو المصلحة فإذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأعباء العامة وأدى أن له هذا الشأن فهو لايرتكب هذه الجريمة وإنما يرتكب نصباً أو شروعاً فيه حسب الأحوال ومن باب أول فإنه لا يرتكب هذه الجريمة صاحب مهنة حرة يطالب بأتعاب تزيد على ما يستحق ولو جاز بذلك تعريفة يقررها القانون أو اللائحة.
الركن المادي:
ينحصر الركن المادي في طلب أخذ ما ليس مستحقا من الرسوم ونحوها فتتم الجريمة بمجرد الطلب كما تتم بأخذ ما ليس مستحقا إذا أعطى للفاعل دون أن يطالبه ويجب أن يكون ذلك حال تحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب أو نحوها سواء كان التحصيل لحساب الحكومة أو لحساب هيئة عامة وعبارة "أو نحوها" تفيد على ما هو من قبيل ما ورد فيه ومن هذا القبيل المبلغ الذي يدفعه المخالف وفقا لنظام الصلح ولكن المادة 114 لاتسري على الموظف الذي يطلب أو يأخذ ما ليس مستحقاً حال تحصيل أجرة عقار للحكومة.
وتعتبر الأعباء المالية غير مستحقة في ثلاثة أحوال :
1- إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناءً على السند الذي يستند إليه الموظف في التحصيل.
2- إذا كانت مما يجيز القانون تحصيله في وقت آخر خلافاً للوقت الذي قام فيه الموظف بالطلب أو الأخذ.
3- إذا كان القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما يطالب به الموظف أي أنها تزيد على المستحق قانوناً.
ولا يتطلب الفعل الإجرامي حصول الموظف على غنم فإذا ورد إلى الخزانة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة إذا الشارع يريد في المقام الأول حماية حقوق المواطنين ضد استبداد ممثلي السلطات العامة وغني عن البيان أنه لايحول دون استكمال أركانها رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق وهو ما يفترض علمه بذلك.
وخلاصة ذلك أن الفعل المادي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 114 من قانون العقوبات قد يكون مجرد طلب وقد يكون أخذاً فعلياً والطلب هو سلوك مادی ذو مضمون نفسي أما الأخذ فمعناه احتباس ما قد يكون قدم خطأ رغم تبين وجه الخطأ في تقديمه وهذا سلوك مادي بحت ولا يلزم إلى جانب الطلب أو الأخذ أن يكونا لحساب الطالب أو الأخذ فالقانون لم يشترط هذا الشرط وإنما قرر العقاب على الطلب أو الأخذ مجردين ولو أثبت كل المبلغ المأخوذ في الأوراق الرسمية وورد للخزانة وبديهي أنه في حالة أخذ الموظف المال لنفسه تتعدد في حقه الجريمة فيرتكب إلى جانب جنايته أخذ ما ليس مستحقاً جناية اختلاس مال يعد رغم أنه غير مستحقاً للحكومة مالا لأحد من الأفراد وجد في حيازة الأخذ بسبب وظيفته.
محل الطلب أو الأخذ - العبء المالي العام :
ينبغي أن ينصب طلب الموظف أو أخذه على ضريبة أو رسم أو عوائد أو غرامة أو نحوها وبتلك الكلمة - أو نحوها - دل الشارع على أن محل النشاط واراد على سبيل المثال الأمر الذي يجيز القياس على الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب فيما يجري مجراها ويأخذ حكمها ويلخص البعض محل النشاط في تعبير "الأعباء المالية العامة" ويراد بها سائر الالتزامات المالية التي تفرضها الدولة أو تحددها الأشخاص المعنوية وفق قواعد القانون العام على الأفراد بشرط أن تكون لها صفة العمومية في زمنها على من تتوفر فيه شرائط انطباقها وأن تكون لها كذلك ميزة التحصيل الجبري من جانب السلطات العامة.
وقد ذكر المشرع في نص المادة 114 الضريبة والرسوم والعوائد والغرامة والضريبة مبلغ يدفع جبراً إلى الدولة بمقتضى قانون فرضها وحدد وعاءها وقواعد حسابها وجبايتها و لايراعى فيها أنها نظير خدمة تؤديها الدولة إلى الممول والرسم مبلغ تتقاضاه الدولة جبر؛ نظير خدمة تؤديها إلى دافعة أو منفعة تعود عليه ويتميز الرسم عن الثمن أو مقابل الخدمة العادية بأن تحيده ألا يكون على أساس قيمة الخدمة أو المنفعة ولا يخضع لقانون العرض والطلب وإنما تحديده قواعد آمرة صادرة عن السلطة العامة ومستمدة من اعتبارات السياسة الاقتصادية للدولة والغرامات هي جزاءات نقدية تفرض وتحصل جبراً من أجل عمل غير مشروع وسواء أن تكون الغرامة جنائية أو غير جنائية ويدخل في مدلولها غرامات التأخير التي تفرض على مقاول أو متعهد تعاقد مع الدولة فقصر في الوفاء بالتزاماته أما العوائد فهي نوع من الضرائب جری القانون على التعبير عنها بهذا اللفظ والأنواع السابقة من الأعباء المالية العامة قد ذكرها الشارع على سبيل المثال فإن توافرت عناصر العبء المالي العام لأي التزام كانت جبايته غير المشروعة غرا فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فإن جبايته غير المشروعة لا تعد غدراً .
الركن المعنوي:
هذه الجناية عمدية يجب أن يتوافر فيها القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الفاعل إلى الطلب أو الأخذ مع علمه بأن المطلوب أو المأخوذ غير مستحق للحكومة فإذا كان يجهل ذلك ولو لعدم إلمامه بأحكام القوانين المالية فإن هذا الجهل الذي يتناول قانونا غیر قانون العقوبات يعد من قبيل الجهل بالوقائع وينفي وجود القصد الجنائي، ومتى وجد القصد الجنائي تحققت الجريمة دون اعتداد بالباعث فلا يؤثر في قيام الجريمة دفاع الموظف بأن باعثه عليها هو مضاعفة دخل الحكومة.
العقوبة:
عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 14 من قانون العقوبات ويطلق عليها جريمة الغدر هي الأشغال الشاقة أو السجن وفضلاً عن ذلك يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة لاتقل عن خمسمائة جنيه (المادة 118 عقوبات) أما إذا اقتصر فعل الجاني على الطلب فإنه لا يكون هناك مبرراً للحكم بالرد، مع ملاحظة وجوب الحكم بالغرامة النسبية. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 414)
تفترض هذه الجريمة أن موظفة عامة مختصة بتحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب ونحوها، يطلب أو يأخذ من أحد الأفراد مبلغاً من المال باعتباره ما يختص بتحصيله، مع أن هذا المبلغ غير مستحق ويعلم الموظف بذلك.
أركان الجريمة:
يتضمن الركن الشرعي في هذه الجريمة عنصرا مفترضا هو كون الجاني موظفاً عاماً مختصاً بتحصيل الرسوم... الخ، وركنا مادية يقوم على الطلب أو الأخذ وينصب ذلك على مبلغ من المال بوصفه رسماً أو ضريبة، وركنا معنويا يتخذ صورة القصد الجنائي.
صفة الجاني:
يتعين أن يكون الجاني موظفة عامة أو ممن يعدون في حكمه ممن نصت عليهم المادة (119) عقوبات، ويلزم أن يكون مختصاً بتحصيل الرسوم ونحوها، سواء كان ذلك هو عمله الأساسي أو كلف به إلى جانب عمله، وسواء اختص وحده بهذا العمل أو قام به مساعدة لمن يختص به أصلاً ويترتب على ذلك أنه إذا قسام بالسلوك فرد عادي، كوكيل محام زعم للموكل أن قضيته تحتاج لرسوم معينة فإن الجريمة لا تقوم في حقه، كما لا تقوم بالنسبة للمستخدم في المشروع الخاص، ولا بالنسبة للموظف العام الذي لا شأن له بتحصيل الرسوم ونحوها.
الركن المادي:
تقوم الجريمة بمجرد الطلب أو الأخذ، ولهما نفس معناهما في جريمة الرشوة ولا يشترط أن يصدر الطلب أو يقوم بالأخذ نفس الموظف المختص بالتحصيل، فقد يكلف شخصاً آخر بذلك، ويتعين أن ينصب الطلب أو الأخذ على مبلغ من المال، باعتباره رسماً أو غرامة أو عوائد أو ضريبة أو نحو ذلك والتعداد الوارد في المادة التي نحن بصددها جاء على سبيل المثال لا الحصر، فكل مبلغ من المال يقع على عاتق الشخص أداؤه للدولة أو لغيرها من الأشخاص العامة ويمثل عبئاً مالياً عاماً يعد طلبه أو أخذه مكونة لهذه الجريمة ويدخل في ذلك المبلغ الذي يدفعه مرتكب مخالفة المرور وفقاً لنظام الصلح في المخالفات.
فإذا كان المبلغ الذي طلبه أو أخذه الموظف لا يمثل عبئا مالياً عاماً، كما لو كان إيجاراً لعقار تملكه الدولة، فلا تقوم الجريمة ولو كان المبلغ المطالب به يزيد عما يلتزم به من يستأجر العقار.
وبداهة يتعين ألا يكون هناك سبب قانوني يجيز تحصيل المبلغ المأخوذ أو المطالب به، كألا يكون الممول غير ملزم بهذا النوع من الضريبة، أو أن يكون الرسم قد ألغي أو أن يكون حق الدولة في المبلغ قد انقضى بالوفاء أو التقادم أو الإعفاء، و ينعدم السبب القانوني أيضاً بالنسبة للمبالغ التي تزيد عما هو مستحق فعلاً .
ولا يشترط أن يحقق الموظف أو يستهدف تحقيق فائدة شخصية له، فتقوم جريمة الغدر ولو أثبت كل المبلغ الذي حصله في الأوراق وقام بتوريده لخزانة الدولة، ما دام يعلم بأنه غير مستحق.
الركن المعنوي:
جريمة الغدر عمدية تقوم على القصد الجنائي العام فيتعين أن يعلم الجاني بأن ما يطلبه أو يأخذه ليس مستحق الأداء للدولة ويزيد عما هو مستحق لها فإذا أخطأ في حساب قيمة الرسوم أو الضريبة فلا مسئولية جنائية عليه، ولو كان خطؤه نتيجة جهل فاحش بالقوانين والتعليمات.
ولا يدخل الباعث الذي حدا بالموظف إلى طلب أو أخذ ما ليس مستحقا في عناصر القصد، فهو يتوافر ولو كان لا يستهدف من ذلك مغنمة مالية له وإنما يريد من سلوكه زيادة إيرادات الدولة ذلك أن المشرع يحمي أموال الأفراد ويزيد الثقة في الوظيفة العامة فلا تكون وسيلة لإلزامهم بدفع أزيد مما يستحق عليهم.
العقوبة:
العقوبة الأصلية لجريمة الغدر هي السجن المشدد، كما يحكم بالعقوبتين التكميليتين وهما: الغرامة والعزل، وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها برد المبلغ غير المستحق إذا كان قد دفع فعلاً . (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 472 )
ويلزم لتوافر جريمة الغدر :
(1) شرط مفترض، يتمثل في الصفة الواجب توافرها في الجاني، والمال الذي يرد عليه الغدر.
(2) رکن مادي، يتحقق بالفعل الذي اقترفه الجاني.
(3) رکن معنوي، وهو القصد الجنائي.
الشرط المفترض:
يفترض لقيام هذه الجريمة توافر عنصرين، هما :
(1) توافر صفة الموظف العام في الجاني.
(2) صفة عباء المال العام في المال موضوع الغدر .
صفة الجاني :
لا تقع هذه الجريمة إلا من موظف عام أو من في حكمه على النحو الوارد في المادة 111 عقوبات.
وفوق هذا، فإنه يتعين أن يكون الموظف العام (أو من في حكمه) له شأن في تحصيل الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب.
وقد كانت المادة 114 قبل تعديلها بالقانون رقم 96 لسنة 1954 تقسم أرباب الوظائف العمومية الذين تقع منهم هذه الجريمة إلى ثلاث طوائف، ثم جاء القانون المذكور فنبذ هذا التقسيم مقتصراً على ما نص عليه في عبارة عامة من أن الجاني يجب أن يكون موظفاً عاماً وله شأن في التحصيل ولا يشترط أن تكون وظيفة الحاني هي التحصيل بنفسه، بل يكفي أن يكون له شأن فيه، كالإشراف عليه أو الإسهام فيه ويتحدد اختصاص الجاني بالتحصيل أو الإسهام فيه وفقاً للقوانين أو اللوائح أو الأوامر الكتابية أو الشفوية للرؤساء .
لا تقع هذه الجريمة إلا إذا ورد رکنها المادي على ضرائب أو رسوم أو غرامات أو نحوها. وهنا يلاحظ أن المشرع لم يورد هذه الأموال على سبيل الحصر حين استعمل لفظ «أو نحوها»، فما المعيار المشترك في هذه الأموال حتى يمكن تحديد غيرها من الأنواع؟
إنه التكليف العام من الدولة الذي يرد على الأفراد بفرض التزامات مالية معينة تجاهها، ويمكنها اقتضاؤها قهراً بوصفها سلطة عامة أما ما تطالب به الدولة من إيجار عن أملاكها الخاصة فلا يعد عبئاً مالياً عاماً، وكذلك الأمر بالنسبة للأقساط المستحقة على الذراع لبنك التسليف لا تعد عبئاً مالياً عاماً، ومن ثم فإن المطالبة بمبلغ يزيد عليها لا تقع به هذه الجريمة. فلا تقع الجريمة إذا كان الموظف العام مكلفاً تحصيل تبرعات من المواطنين لخدمة مشروع معين.
الركن المادي
يتوافر هذا الركن بطلب أو أخذ ما ليس مستحقاً، أو ما يزيد على المستحق من الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوه وتقع الجريمة بمجرد الطلب أو يأخذه فعلاً ولم ينص القانون على حالة القبول، كما إذا أخطأ الممول في الإقرار المقدم منه لاحتساب الضريبة المستحقة عليه وعرض على مأمور الضرائب أداء ما ليس مستحقا فقبل هذا الأخير العرض مع علمه بالخطأ الذي وقع فيه الممول ففي هذه الحالة لا تقع الجريمة بمجرد القبول، إنما يتعين أن يأخذ الموظف المال غير المستحق.
وتعد الأعباء المالية العامة غير مستحقة في ثلاث أحوال :
(1) إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناء على السند الذي يستند إليه الموظف في التحصیل.
(2) إذا كانت مما يجيز القانون تحصيله في وقت آخر خلافاً للوقت الذي قام في الموظف بالطلب أو الأخذ وهو ما يعني تخلف السند القانوني للتحصيل وقت الطلب أو الأخذ.
(3) إذا كان القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما يطالب به الموظف، أي أنها تزيد على المستحق قانوناً.
ولا يحول دون وقوع الجريمة عدم حصول الموظف العام على مغنم حقيقي من ورائها، كما إذا أضاف المال غير المستحق إلى خزينة الدولة كما لا يحول دون وقوعها أن يعلم المجني عليه فعلاً بأن المبلغ المطالب به ليس مستحقاً؛ إذ لا يشترط أن يكون قد خدع بما يطالب به الموظف، أو أن يكون قد رضي بدفع غير المستحق مع علمه بذلك.
ولا يشترط في الطلب أو الأخذ أن يرد على الموجه إليه التكليف بأداء المال فمثلاً إذا أوهم الموظف أحد الأشخاص أن ابنه محكوم عليه بأداء غرامة معينة وأنه جاء لتحصيلها منه فأعطاه الأب مبلغ الغرامة، فإن الجريمة تقع بمجرد هذا الطلب أو الأخذ.
الركن المعنوي:
هذه الجريمة عمدية، يقتضي لقيامها توافر القصد الجنائي، فيجب أن تتجه إرادة الماني إلى طلب أو أخذ ما ليس مستحقا مع علمه بأنه غير مستحق فإذا جهل أن المبلغ الذي طالب به ليس مستحقاً أو يزيد عما هو مستحق - انتفى القصد الجنائي ولو انصرف جهله إلى قواعد القانون المالي أو الإداري، وذلك بإعتبار أن الجهل بغير قانون العقوبات يأخذ حكم الجهل بالوقائع.
ويكفي لتوافر القصد الجنائي أن تتجه إرادة الجاني إلى طلب أو أخذ غير المستحق ولو لم تتجه نيته إلى الاستيلاء عليه لنفسه، طالما أن ذلك ليس شرطاً في الركن المادي للجريمة .
ولا عبرة بالبواعث، فالقصد الجنائي يتوافر ولو كان الباعث على الجريمة هو زيادة إيرادات الدولة، طالما كانت هذه الزيادة غير مشروعة وثمرة استغلال الموظف لوظيفته.
العقوبة:
يعاقب على هذه الجريمة بالسجن المشدد أو السجن (المادة 114) وقد كانت العقوبة الأصلية هي السجد المشدد المؤقتة، إلى أن جاء القانون رقم 63 لسنة 1975 فجعلها السجن المشدد أو السجن.
وفضلا عن ذلك يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة نسبية تساوي ما حصله أو طلبه من مال، على ألا تقل الغرامة عن خمسمائة جنيه (المادة 118)، أما إذا اقتصر فعل الجاني على الطلب لم يكن هناك ما يبرر الحكم بالرد هذا مع عدم الإخلال بواجب الحكم بالغرامة النسبية.
ويرجع في تحديد المقصود بهذه العقوبات إلى ما قلناه في شأن جريمة الاختلاس. ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة: 563).
الحكم بالرد على الرغم من إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم: نصت المادة 208 مكرراً (د) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يحول إنقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة ، قبل أو بعد إحالتها إلى المحكمة قضائها بالرد في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة ، 113مکرراً فقرة أولى ، 114 ، 115 من قانون العقوبات، وعلى المحكمة أن تأمر بالرد في مواجهة الورثة والموصى لهم وكل من أفاد فائدة جدية من الجريمة ليكون الحكم بالرد نافذاً في أموال كل منهم بقدر ما استقاد ويجب أن تندب المحكمة محامياً للدفاع عمن وجه إليهم طلب الرد إذا لم ينيبوا من يتولى الدفاع عنهم .
يقرر الشارع في هذا النص أن إنقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم تم أو بعد إحالتها إلى المحكمة لا يحول دون قضائها بالرد ولا خروج في هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة بعد إحالة الدعوى الجنائية کی المحكمة ، إذ لا يحول ذلك دون قضائها في الدعوى المدنية التي رفعت إليها بوجه صحيح (المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية)، الفقرة الثانية ولكن هذا النص على القواعد العامة إذا حصلت الوفاة قبل إحالة الدعوى الجنائية إلى المحكمة إذ مؤدى إنقضائها أنه لا ترفع الدعوى المدنية إلا أمام القضاء المدني وعلة هذا الحكم حرص الشارع على سرعة استرداد ما يحوزه الورثة من أموال ناتجة عن جريمة مورثهم .
ويجوز للمحكمة إذا حكمت بالرد أو التعويض أن تأمر - بناءً على طلب النيابة العامة أو المدعي المدني وبعد سماع أقوال ذوى الشأن - بتنفيذ هذا الحكم في أموال زوج المتهم وأولاده القصر ما لم يثبت أنها آلت إليهم من غير مال المتهم (المادة 208 مکرراً (ج) من قانون الإجراءات الجنائية).
الغدر
نصت المادة 114 من قانون العقوبات على أن «كل موظف عام له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها ، طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق مع علمه بذلك يعاقب بالسجن المشدد أو السجن ».
علة التجريد، يحمي الشارع بهذا النص حقوق الأفراد على سؤالهم إزاء إستبداد بعض العاملين باسم الدولة ، أو بتعبير آخر يحمي النظام الديمقراطي في واحد من أهم مبادئه ، وهو مبدأ « لا ضريبة إلا بقانون » ، وهذا المبدأ نصت عليه المادة 119 من الدستور في قولها « إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون، ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون ، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون » ، وقد وضعت المادة 114 من قانون العقوبات الحماية الجنائية لهذا المبدأ، ويحمي هذا النص كذلك الثقة في الدولة التي تهتز حتماً حينما يستغل بعض العاملين باسمها سلطاتهم لإلزام الأفراد بما لا يلزمهم به القانون.
الفرق بين الغدر والرشوة : بين الجريمتين أوجه عديدة من الشبه : فالجريمتان مظهران الإساءة استغلال الوظيفة العامة ، وتتمثلان في مطالبة الموظف الأفراد بما لا يجب عليهم ، وثمرتهما في الغالب إثراء غير مشروع للموظف ، ويشترك الركن المادي فيهما في قيامه على الطلب أو الأخذ (وإن كانت الرشوة تقوم بالقبول كذلك).
لا يجوز البحث عن معيار التفرقة بين الجريمتين في وجود مقابل يحصل عليه الفرد نظير ما يقدمه إلى الموظف ، ذلك أنه إذا كان مبلغ الضريبة لا يفترض مقابلا من خدمة يحصل عليها الممول ، فإن الرسم يفترض هذا المقابل ، وهو ما تفترضه الرشوة دائماً ؛ إذ يحصل الراشی على مقابل لما يقدمه من رشوة ، وهو ما يعني احتمال اختلاط الجريمتين.
إن معيار التفرقة بين الجريمتين هو السند الذي يحتج به الموظف في طلب المال من الفرد أو أخذه : فإذا تذرع بالقانون مدعيا أنه يلزم به (وهو سلوك ينطوي بالضرورة على كذب) فالجريمة غدر؛ أما إذا طلبه على أنه هدية أو عطية نظير قيامه بعمل وظيفي فالجريمة رشوة، ويعني ذلك أن إختلاف سند الأخذ أو الطلب هو معيار التفرقة في الجريمتين وعلى سبيل المثال فإذا طلب موثق من متعاقدين نقودا زاعما أنها رسم لتوثيق العقد فجريمته غدر؛ أما إذا طلب هذه النقود على أنها مقابل لقيامه بتوثيق العقد فجريمته رشوة .
والتفرقة بين الجريمتين أهميتها في أن مقدم المال في الرشوة يعاقب بإعتباره راشياً، في حين أن مقدم المال في الغدر هو مجني عليه ، ومن ثم لا عقاب عليه .
أركان الغدر تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : صفة الجاني الذي يتعين أن يكون موظفا عاما له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها ؛ ورکن مادی هو الجباية غير المشروعة ؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد .
صفة الجاني : تتطلب صفة الجاني عنصرين : إذ يتعين أن يكون موظفا عاما ، ويتعين كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة . وتحدد دلالة الموظف العام وفق القواعد التي سلف بيانها في الجرائم السابقة ، مما يعني أن للأشخاص المذكورين في المادة 119 مکرراً من قانون العقوبات حكم الموظف العام . ويتطلب الشارع بالإضافة إلى ذلك أن يكون للموظف شأن في تحصيل الأعباء المالية العامة ، وقد عبر عنها الشارع « بالضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات »، وهذا البيان قد ورد على سبيل المثال ، والدليل على ذلك أن الشارع أردفه بلفظی « أو نحوها »، وتعبير « الأعباء المالية العامة » يمكن أن يجمعها ، ونريد بها جميع الإلتزامات المالية للأفراد قبل الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة التي لها الطابع العام ، أي تجبيها الدولة قهراً باعتبارها سلطة عامة ، وتخضع العلاقة المنشئة لها للقانون العام ويتحقق القاضي من أن للموظف شأنا في تحصيل هذه الأعباء بالرجوع إلى إختصاصات المنصب الذي يشغله والتأكد أن من بينها هذا التحصيل ، وأي قدر من الإختصاص ولو كان ضئيلا يكفي لذلك ، فلا يشترط أن يكون التحصيل إختصاصه الوحيد ، بل لا يشترط أن يكون اختصاصه الرئيسي والاختصاص قد يتحدد بناءً على نص قانوني أو لائحي أو قرار إداري ، بل يجوز أن يكون بناء على تكليف شفوي ممن يملكه : وتطبيقاً لذلك فإن كون المتهم مساعدا للمحصل أو مشرفاً علی عمليات تحصيل متنوعة يكفي لتوافر هذه الصفة لديه .
فإذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأعباء العامة ، وادعى أن له هذا الشأن فهو لا يرتكب هذه الجريمة ، وإنما يرتكب نصباً أو شروعاً فيه حسب الأحوال ومن باب أولى ، فإنه لا يرتكب هذه الجريمة صاحب مهنة حرة يطالب بأتعاب تزيد على ما يستحق ولو جاوز بذلك تعريفة يقررها القانون أو اللائحة .
الركن المادي :
الركن المادي للغدر متعدد العناصر ، ويمكن التعبير عنه إجمالاً « بالجباية غير المشروعة » فهو يقوم بأحد فعلين : الطلب أو الأخذ ويتعين أن ينصب الفعل على موضوع ، هو العبء المالي العام ، ويتعين اتصاف الجباية بعدم المشروعية .
الطلب أو الأخذه الطلب أو الأخذ هما صورتا الفعل الإجرامي ، ولهما ذات دلالتهما في الرشوة : فالطلب يعني التعبير - صراحة أو ضمناً - عن إرادة متجهة إلى حمل المجني عليه على أداء المال ، والأخذ يعني إدخال المال في الحيازة واقتصار الشارع على صورتى الطلب والأخذ يعنی استبعاد « القبول » فإذا أخطأ الممول في تحديد المبلغ المستحق عليه فظنه أكثر من حقيقته ووعد الموظف أن يدفعه في المستقبل « فقبل » منه هذا الوعد، فهو لا يرتكب هذه الجريمة ولكن نعتقد أن « الأمر بالتحصيل »، أي « الأمر بالطلب »، يقوم به الركن المادي للجريمة : ذلك أن الشارع يكتفي بأن للموظف شأنً في تحصيل المال ، وقد يقتصر ذلك الشأن على مجرد الإشراف الأعلى على عملية التحصيل ، وذلك هو شأن كبار الموظفين المختصين بالجباية ، فإن أمر مرؤوسيه بالتحصيل ، فذلك هو النشاط غير المشروع الذي يتيحه له اختصاصه .
ولا يتطلب الفعل الإجرامي حصول الموظف على غنم ، فإذا ورد إلى الخزانة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة ، إذ الشارع يريد في المقام الأول حماية حقوق المواطنين ضد استبداد ممثلي السلطة العامة وغني عن البيان أنه لا يحول دون استكمال الجريمة أركانها رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق ، وهو ما يفترض علمه بذلك .
العبء المالي العام :
يعد هذا العبء الموضوع الذي ينصب عليه الطلب أو الأخذ ، وقد سلف تحديد مدلوله ، وذكر الشارع أمثلة له ، هي الضريبة والرسوم والعوائد والغرامة، والضريبة مبلغ يدفع جبراً إلى الدولة بمقتضى قانون يفرضها ويحدد وعاءها وقواعد حسابها وجبايتها، ولا يراعى فيها أنها نظير خدمة تؤديها الدولة إلى الممول والرسم مبلغ تتقاضاه الدولة جبراً نظير خدمة تؤديها إلى دافعه أو منفعة تعود عليه ويتميز الرسم عن الثمن أو مقابل الخدمة العادية بأن تحديده لا يكون على أساس قيمة الخدمة أو المنفعة ولا يخضع لقانون العرض والطلب ، وإنما تحدده قواعد آمرة صادرة عن السلطة العامة ، ومستمدة من اعتبارات السياسة الإقتصادية للدولة والغرامات هي جزاءات نقدية تفرض وتحصل جبرا من أجل عمل غير مشروع ، وسواء أن تكون الغرامة جنائية أو غير جنائية ، ويدخل في مدلولها غرامات التأخير التي تفرض على مقاول أو متعهد تعاقد مع الدولة فقصر في الوفاء بالتزاماته، أما العوائد فهي نوع من الضرائب جرى القانون على التعبير عنها بهذا اللفظ، والأنواع السابقة من الأعباء المالية العامة قد ذكرها الشارع على سبيل المثال ، فإن توافرت عناصر العبء المالي العام لأي التزام كانت جبايته غير المشروعة غدراً .
فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فإن جبايته غير المشروعة لا تعد غدراً وتطبيقاً لذلك ، فإن الموظف الذي يحصل من الدولة على مبلغ يزيد على ما يستحقه من مرتب أو مكافأة لا يرتكب غدراً وإذا طلب الموظف أو أخذ باسم الدولة مبلغاً يزيد عما تستحقه بإعتباره إيراداً لها، كإيجار أرض تملكها فلا يرتكب غدراً ؛ إذ ليس للمبلغ الذي يدفعه المستأجر صفة العبء المالي العام ومن باب أولى ، لا تقوم هذه الجباية إذا حصل موظف لحساب فرد على مبلغ يزيد عما يستحقه ، كالمحضر الذي يحصل لحساب المحكوم له من ثمن بيع منقولات المحكوم عليه على مبلغ يزيد عما قضى له به.
الجباية غير المشروعة، يتعين أن تكون الجباية غير مشروعة ، وإلا فلا قيام للجريمة : فالموظف الذي يطلب أو يأخذ من ممول ما يلتزم به المصلحة الدولة لا يرتكب غدراً وإن لم يورد ما حصله لخزانة الدولة، إذ يستهدف الشارع بالعقاب على الغدر حماية حقوق الأفراد، وهي لم تستهدف الضرر في هذه الحالة ، وإنما يرتكب الموظف اختلاساً وقد عبر الشارع عن عدم شرعية الجباية بأن الطلب أو الأخذ قد تعلق « بما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق ». ويعني ذلك أنه تصور وضعين تكون الجباية فيهما غير مشروعة : أن تتعلق بعبء مالی غیر موجود قانوناً ، كما لو طالب الموظف بضريبة لم توافق على فرضها السلطة التشريعية أو برسم لم تقرره السلطة المختصة بناءً على القانون ؛ أو أن يتعلق بما يزيد على المقدار المحدد وفقا لقواعد القانون ونضيف إلى ذلك حالة ثالثة : هي طلب أو أخذ حق للدولة انقضى بالوفاء ، أو بأي سبب آخر ، فالموظف الذي يحصل ذات الضريبة مرتين ، أو يحصلها رغم الإعفاء منها يرتكب غدراً ويجمع بين كل حالات الجباية غير المشروعة أن القواعد المقررة بقانون أو بناءً على قانون التي تستهدف تحديد الأعباء المالية العامة للأفراد قبل الدولة لم تكن موضع إحترام الموظف الذي له شأن في جبايتها .
الركن المعنوي للقدرة هذه الجريمة عمدية، فيتخذ ركنها المعنوي صورة القصد ، وقد تطلبه الشارع صراحة في قوله « .... مع علمه بذلك». و القصد المتطلب قصد عام ويقوم هذا القصد على عنصري العلم والإرادة : فيجب أن يعلم الجاني بعدم شرعية الجباية ، أي أن يعلم أن المبلغ الذي يطلبه أو يأخذه غير مستحق أو يزيد على المستحق وتطبيقاً لذلك ينتفي القصد إذا وقع الموظف في غلط ، فأعتقد أن ما يطلبه هو ما تستحقه الدولة ، وسواء أن يتعلق الغلط بالوقائع أو بالتشريع الضريبي أو المالي بصفة عامة ، فالقاعدة المقررة أن للغلط في قاعدة قانونية لا تنتمي إلى قانون العقوبات ذات حكم الغلط في الوقائع وتطبيقاً لذلك فإذا خلط الموظف بين شخصين فطالب أحدهما بالمبلغ الواجب على الآخر ، أو أساء تحديد وعاء الضريبة أو وقع في خطأ حسابي ، أو أخطأ في فهم أو تطبيق القاعدة التي تحدد نسبة الضريبة أو حالات الإعفاء منها أو المبالغ التي يحق الممول خصمها من الوعاء الضريبي ، في كل هذه الحالات ينتفي القصد.
وليست البواعث من عناصر القصد : فإذا ثبت أن باعث المتهم لم يكن الإثراء وإنما إفادة الخزانة العامة بزيادة إيراداتها ، فالقصد على الرغم من ذلك متوافر لديه ، فالشارع يستهدف حماية حقوق الأفراد وكفالة شرعية جباية الأعباء العامة ، وهي ما تتأذى على الرغم من توافر ذلك الباعث.
عقوبة الغدر: عقوبة الغدر هي السجن المشدد أو السجن ، ويوقع بالإضافة إلى ذلك العزل أو زوال الصفة والغرامة النسبية ، ويلزم المتهم كذلك بالرد . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 103)
والمشرع بالنص السابق أراد حماية الأفراد من سوء استغلال الوظيفة العامة في الأحوال التي يلتزم فيها الأفراد بدفع مبالغ مستحقة عليهم ، ولذلك فإن الأموال التي يتم تحصيلها زيادة على المستحق لا تعتبر أموالاً عامة ولا تعتبر عنصراً من عناصر الذمة المالية للدولة ، ومعنى ذلك أن تحصيلها والاستيلاء عليها باستغلال الوظيفة يشكل إخلالا بالثقة العامة في الوظيفة العامة والقائمين عليها، والمصلحة المحمية في هذه الجريمة هي إذن تتعلق بحسن سير الإدارة العامة والثقة في ممثليها، وهذا بدوره ينعكس على العناصر المكونة للجريمة .
- الأركان المكونة للجريمة :
أولاً : صفة الجاني :
استلزم المشرع في الجاني صفة الموظف العام بالتحديد السابق بيانه وفقاً للمادة 119 عقوبات .
غير أنه لا يكفي توافر صفة الموظف العام في الجاني ، بل يلزم أن يكون له شأن في تحصيل مبالغ مستحقة لجهة الإدارة العامة، ومعنى ذلك أن يكون الموظف مختصاً بذلك العمل وهو التحصيل في أي مرحلة من مراحله ، سواء بمقتضى القوانين واللوائح والأنظمة أو بمقتضى أمر صادر إليه من رؤسائه ، سواء كان الأمر له صفة الاستمرار أم كان متعلقا بعملية واحدة والتي وقعت الجريمة بمناسبتها، وبعبارة أخرى يلزم أن يكون هناك تكليف بالتحصيل ، أما بمقتضى القواعد التنظيمية للوظيفة وأما بمقتضى أمر صادر ممن يملكه ، ولذلك فإذا أقحم الموظف نفسه في عملية التحصيل وأخذ أو طلب غير المستحق فإن الجريمة التي نحن بصددها لا تتوافر لإنتفاء الصفة المطلوبة في الجاني .
ثانياً : السلوك الإجرامي :
نص المشرع على شكلين للسلوك الإجرامي يكفى توافر أحدهما لقيام الجريمة ، فيكفى لقيام الجريمة تحقق سلوك الطلب أو الأخذ والطلب ق د يكون شفاهة كما قد يكون كتابة ، غير أنه يلزم أن يكون واضحاً في التعبير عن إرادة الجاني ، أما مجرد الموقف السلبي من الموظف الذي يستغل فيه خطأ الفرد في التعبير عن المبالغ المطلوبة فلا يكفى لتحقق الجريمة في شكل الطلب وإنما يمكن أن تقوم في شكل الأخذ ، إذا ما أخذ أكثر من المستحق أو غير المستحق.
أما الأخذ فهو السلوك الذي به يتسلم الموظف المال ويدخل بذلك في حوزته بوصفه مندوب تحصيل ويستوي أن يكون الأخذ بناء على طلب من الموظف أو استغلالاً لخطأ وقع فيه الممول أو الدفع ، وسواء أكان الخطأ هذا في قدر المال المستحق أم كان الخطأ في العد الحسابي للمبالغ المدفوع .
ويستوي في الطلب أو الأخذ أن يكون المال أكثر من المستحق أو انه غير مستحق أصلاً ولا يلزم لقيام الجريمة في ركنها المادي أن يكون الجاني قد استخدم طرقا احتيالية لتدعيم مطالبته أو لتبرير أخذه لغير المستحق .
الموضوع المادي للسلوك :
جريمة طلب أو أخذ غير المستحق لا تنصب على مال الدولة وإنما على أموال للأفراد ، ولذلك فهي ليست جريمة اعتداء على المال العام بالمعنى الدقيق ، غير أنه يشترط في الموضوع المادي للسلوك أن يكون المال المطلوب أو الذي أخذه الموظف قد طلب أو أخذ بوصفه مستحقا الجهة الإدارة ، ويستوى في ذلك الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو غير ذلك من مبالغ تستند في استحقاقها إلى القانون ويستوي أن يكون مناط الاستحقاق هو تصرف إرادي من قبل الفرد كما في حالة الرسوم التي تحصل مقابل خدمة تؤدي للممول ، أو كان الاستحقاق مناطه تواجد الفرد في مركز قانوني يلزمه بدفع مبالغ معينة الجهة الإدارة ومعنى ذلك أن التعداد الوارد بالمادة 114 هو على سبيل المثال وليس الحصر ، فالطلب أو الأخذ المنصب على أموال الأفراد بوصفها مستحقة للدولة أو لجهة الإدارة بناء على أي سبب من الأسباب يتوافر به هذا الركن من أركان الجريمة .
الشروع : الجريمة متصور فيها الشروع سواء في شكل الطلب أو في شكل الأخذ ، ومثال ذلك إرسال مطالبة بمبلغ غير مستحق أو أكثر من المستحق وضبط الخطاب قبل وصوله للممول .
لحظة تمام الجريمة : تتم الجريمة بمجرد وصول الطلب إلى علم الممول وذلك إذا أخذت شكل الطلب أو بتمام الأخذ.
ثانياً : الركن المعنوي :
يقوم الركن المعنوي على القصد الجنائي ، فيجب أن يعلم الجاني بصفته باعتبارها عنصراً من عناصر الجريمة ، ويلزم أيضا أن يعلم بأن ما يطالب به أو ما أخذه هو أكثر من المستحق أو انه غير مستحق أصلاً ويجب أن تتجه إرادته إلى فعل الطلب أو فعل الأخذ إلى جانب توافر علمه بعناصر الجريمة ويستوي أن يكون تحصيل غير المستحق هو لمصلحة الموظف الشخصية أو كان لصالح الغير ، وسواء كان الغير هو جهة خاصة أو جهة عامة.
- العقوبة :
العقوبة الأصلية :
هي السجن المشدد من ثلاث سنوات إلى خمس من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة .
العقوبة التبعية : هي العزل أو زوال الخدمة .
العقوبات التكميلية هي :
1- الرد .
2- غرامة مساوية لقيمة ما حصل على إلا تقل عن خمسمائة جنيه . (قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة: 313)
وقد أراد المشرع بهذا النص حماية حقوق الأفراد المتعلقة بأموالهم م ن اعتداء الموظف العام الذي له شأن في جباية الضرائب وما عليها من الأعباء المالية العامة، حين يستغل وظيفته فيطلب أو يأخذ ما ليس مستحقا من هذه الأعباء أو ما يزيد على المستحق منها. والمشرع يحمي بذلك مبدأ قانونية الضرائب والرسوم، وهو أحد المبادئ الهامة التي تتضمنها أغلب الدساتير .
- التمييز بين جريمة الغدر وجريمة الرشوة
يجب ألا يثور الخلط بين كل من جريمة الغدر وجريمة الرشوة، فعلى الرغم من وجود التشابه بينهما من حيث استغلال الجاني لوظيفته لكي يحصل من الأفراد على مال غیر مستحق، فإنه يمكن التمييز بينهما من عدة وجوه، فمن حيث نطاق الركن المادي نجده يقتصر في جريمة الغدر على صورتی الطلب والأخذ، بينما يتسع في جريمة الرشوة ليشمل فضلاً عن هاتين الصورتين صورة القبول ومن حيث المقابل نجد الرشوة تستهدف دائما تلقى مقابل للجعل يتمثل في قيام الموظف المرتشي بعمل من أعمال وظيفته أو للامتناع عن عمل من أعمالها أو بالإخلال بواجب من واجباتها. بينما الغالب ألا يكون لحصول الموظف على ما لا يستحق في جريمة الغدر أي مقابل، فالضرائب أو العوائد أو الغرامات لا تفترض تقديم مقابل من الموظف الذي يحصلها على أن أهم ما يميز بين الجريمتين هو سند التحصيل، فإذا طلب الموظف المال أو أخذه من الفرد زاعماً وجود سند تشريعي يلزمه بذلك كانت الجريمة غدراً، أما إذا استند في طلبه أو أخذه للمال إلى أنه عطية أو هدية لقاء تحقيق غرض الرشوة دون أن يكون هناك إلزام بها فالجريمة رشوة وتطبيقا لذلك فإنه إذا طلب الموظف المختص من شخص يريد أن يستخرج بطاقة تموينية، مبلغاً من المال فتكييف الجريمة يتوقف على سند هذا المبلغ، فإذا زعم الموظف أنه رسم لإخراج البطاقة فالجريمة غدر، أما إذا كان المبلغ مجرد عطية لقيام الموظف بالعمل المطلوب فالجريمة رشوة.
وللتفرقة بين جريمتي الغدر والرشوة أهمية كبيرة: ففيما يتعلق بالموظف، تكون عقوبته إذا كانت الجريمة غدرا أخف من عقوبته إذا أدين في رشوة، وفيما يتعلق بالفرد الذي طلب منه المال أو أخذ، يتغير وضعه تماماً بتغير تكييف الجريمة، إذ هو يعتبر مجنيا عليه في جريمة الغدر، فلا توقع عليه أي عقوبة، بينما يعتبر في جريمة الرشوة شريكاً فتوقع عليه عقوبة هذه الجريمة.
تحديد أركان جريمة الغدر:
تقوم جريمة الغدر على أركان ثلاثة: صفة الجاني، والركن المادي، ثم الركن المعنوي.
صفة الجاني
تتطلب جريمة الغدر أن يكون الجاني موظفاً عاماً له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها، وعلى ذلك يجب أن تتوافر في فاعل الجريمة صفة الموظف العام وفقاً للتحديد الذي ذكرته المادة 119 مکرراً من قانون العقوبات، ويجب فضلاً عن ذلك أن يكون لهذا الموظف شأن في تحصيل الضرائب وغيرها مما حدده نص جريمة الغدر، فلا يشترط أن يكون التحصيل هو الاختصاص الوحيد أو الأساسي للموظف، وإنما يكفي أن يكون لوظيفته صلة بالتحصيل فيدخل في هذا النطاق من يشرف على التحصيل، ومن يساعد المسئول عنه، وتتحدد هذه الصلة بالقانون أو باللائحة أو بقرار إداري أو بتكليف شفوي ممن يملك التكليف .
والأموال التي يجب أن يكون للموظف شأن في تحصيلها أوردها المشرع في النص على سبيل المثال، إذ أردف الأمثلة التي ذكرها لها بعبارة أو نحوها والجامع بين هذه الأموال أنها الأعباء المالية العامة التي يتساوى الناس في الالتزام بها، وتحصلها الدولة منهم جبراً باعتبارها سلطة عامة.
ويترتب على ذلك أنه إذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأموال المذكورة، فإن جريمة الغدر لا تقع، وإن أمكن أن يسأل عن جريمة النصب إذا توافرت أركانها.
- الركن المادي
يتخذ الفعل المكون الركن المادي في جريمة الغدر إحدى صورتين، الطلب أو الأخذ، كما يرد على موضوع معين هو أحد الأعباء المالية العامة غير المستحقة.
ويكون للطلب أو الأخذ ذات المفهوم بصدد جريمة الرشوة، فالجريمة تقع بالطلب ولو لم يعقبه الأخذ، كما تقع بالأخذ ولو لم يكن بناء على طلب. وقصر المشرع الفعل المادي على هاتين الصورتين يعني أنه استبعد القبول من نطاق التجريم، وعلى ذلك، فإذا اعتقد شخص خلافاً للواقع بأنه ملتزم بدفع مبلغ معين كضريبة، ووعد مأمور الضرائب بدفعه في وقت معين فقبل ذلك وهو يعلم أن هذا المبلغ غير مستحق فإن الجريمة لا تقع. كذلك لا تقوم الجريمة بالأمر الصادر من الرئيس إلى مرؤوسيه بتحصيل غير المستحق، وإنما يخضع تكييف الفعل عندئذ للقواعد العامة، فإذا قام المرؤوس بتنفيذ الأمر فإنه يسأل باعتباره فاعلاً للجريمة إذا توافر لديه القصد الجنائي، ويسأل الرئيس الأمر باعتباره شريكاً فيها، أما إذا كان المرؤوس حسن النية يعتقد أنه يحصل مالاً مستحقاً فإنه لا يسأل لانتفاء القصد لديه، أما الرئيس فإنه يعتبر فاعلاً معنوياً للجريمة استعان بالمنفذ حسن النية كأداة بشرية لتنفيذ جريمته ويسأل وفقاً لنص المادة 42 من قانون العقوبات - باعتباره شريكاً لفاعل تخلف لديه القصد الجنائي أما إذا لم يقم المرؤوس بتنفيذ أمر الرئيس فإن الأول لا يسأل بداهة لعدم ارتكابه الجريمة، كذلك لا يسأل الرئيس لأن فعله لا يعدو أن يكون شروعا في الاشتراك، والشروع في الاشتراك لا عقاب عليه.
ويجب أن يكون موضوع الأخذ أو الطلب هو أحد الأعباء المالية العامة غير المستحقة، وقد ضرب لها المشرع أمثلة الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات، سواء أكانت الغرامات جنائية أو إدارية، ويترتب على ذلك أنه إذا ورد الفعل على مال لا يدخل في معنى الأعباء المالية العامة لا تقع الجريمة، مثال ذلك أن يأخذ الموظف ما يزيد على الأجر الذي يلتزم به أحد مستأجرى عقارات الدولة أو أن يأخذ المحضر المكلف بتنفيذ حكم صادر بالتعويض من المحكوم عليه مبلغاً يزيد على المبلغ المحكوم به .
كذلك يجب أن يكون العبء المالي العام الذي أخذه الموظف أو طلبه غير مستحق، أو يزيد على المستحق، فلا تقع جريمة الغدر إذا أخذ الموظف أو طلب من الممول مبلغاً يلتزم به قانوناً، ولو لم يورده الموظف لخزانة الدولة وإنما استولى عليه لنفسه، وإن كانت تقع بهذا الفعل جريمة أخرى هي جريمة الاختلاس.
إذا تحقق الركن المادي على هذا النحو، فإنه لا قيمة بعد ذلك لعلم أو رضاء المجني عليه، فالجريمة تقع ولو كان الممول عالما بأنه يدفع غير المستحق عليه وراضياً بذلك.
- الركن المعنوي :
این يتخذ الركن المعنوي في جريمة الغدر ص ورة القصد الجنائي، والقصد المتطلب في هذه الجريمة هو القصد العام، وقد عبر عنه المشرع بعبارة «مع علمه بذاك» فتقوم الجريمة إذا ارتكب الجاني فعل الأخذ أو الطلب مع علمه بأن ما يأخذه أو يطلبه غير مستحق أو زائد على المستحق، وبناءً على ذلك ينتفي القصد إذا وقع الموظف في غلط جعله يعتقد أن المبلغ - الذي يطلبه أو يأخذه هو المبلغ المستحق، سواء أكان الغلط متعلقاً بالوقائع أو بقاعدة تنتمي إلى قانون آخر غير قانون العقوبات، حيث يأخذ الغلط فيها حكم الغلط في الوقائع ولا تأثير للبواعث على توافر القصد، فيستوي أن يكون الباعث على ارتكاب الجريمة هو الرغبة في الإثراء غير المشروع أو تحقيق مصلحة للدولة بزيادة إيراداتها.
العقوبة:
يقرر المشرع الجريمة الغدر عقوبة السجن المشدد أو السجن (114 ع) وغرامة نسبية تساوى ما حصله الجاني أو طلبه من مال غير مستحق أو يزيد على المستحق على ألا تقل عن خمسمائة جنيه، فضلاً عن العزل، والرد في حالة الأخذ (م 118 ع). (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 154)
أركان الجريمة:
1- أمر مفترض في الركن المادي.
2- الركن المادي.
3- الركن المعنوي.
الأمر المفترض صفة الفاعل :
يجب أن يكون الفاعل موظفا عمومياً أو ممن يعدون في حكمه طبقاً للمادة 119 مكرراً ويلزم كذلك أن يكون له شأن في تحصيل الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها فمتى كان له شأن في ذلك فلا عبرة بكون هذا الشأن كبيراً أو صغيراً أي لا عبرة بكونه قائماً فعلاً بالتحصيل أو المساعدة فيه أو مجرد الأشراف عليه وعلى هذا الأساس فإنه يكفي أن يكون الموظف مساعد للمحصل أو مشرفاً عليه أو رقيباً على أعماله أو مسئولاً عنه مختصاً به وحده أو بالإضافة إلى أعماله الأخرى من باب أولى ويلتزم القاضي بالتحقق من توافر تلك الصلة بين الموظف والتحصيل ويكفي للقول بتوافرها أن يكون التحصیل مستنداً إلى الموظف أو مسموحاً له به بمقتضى القانون أو اللائحة أو بمقتضى القرار الإداري أو من مجرد التكليف الشفهي وتنظيم العمل في المكتب أو المصلحة فإذا كان المتهم فرداً عادياً أو موظفاً لا شأن له بتحصيل الأعباء العامة وأدى أن له هذا الشأن فهو لايرتكب هذه الجريمة وإنما يرتكب نصباً أو شروعاً فيه حسب الأحوال ومن باب أول فإنه لا يرتكب هذه الجريمة صاحب مهنة حرة يطالب بأتعاب تزيد على ما يستحق ولو جاز بذلك تعريفة يقررها القانون أو اللائحة.
الركن المادي:
ينحصر الركن المادي في طلب أخذ ما ليس مستحقاً من الرسوم ونحوها فتتم الجريمة بمجرد الطلب كما تتم بأخذ ما ليس مستحقاً إذا أعطى للفاعل دون أن يطالبه ويجب أن يكون ذلك حال تحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب أو نحوها سواء كان التحصيل لحساب الحكومة أو لحساب هيئة عامة وعبارة " أو نحوها" تفيد على ما هو من قبيل ما ورد فيه ومن هذا القبيل المبلغ الذي يدفعه المخالف وفقا لنظام الصلح ولكن المادة 114 لاتسري على الموظف الذي يطلب أو يأخذ ما ليس مستحقاً حال تحصيل أجرة عقار للحكومة.
وتعتبر الأعباء المالية غير مستحقة في ثلاثة أحوال :
1- إذا كان القانون لا يجيز تحصيلها بناءً على السند الذي يستند إليه الموظف في التحصيل.
2- إذا كانت مما يجيز القانون تحصيله في وقت آخر خلافاً للوقت الذي قام فيه الموظف بالطلب أو الأخذ.
3- إذا كان القانون يجيز تحصيلها بقدر يقل عما يطالب به الموظف أي أنها تزيد على المستحق قانوناً.
ولا يتطلب الفعل الإجرامي حصول الموظف على غنم فإذا ورد إلى الخزانة العامة كل ما حصله على وجه غير مشروع فهو يرتكب هذه الجريمة إذا الشارع يريد في المقام الأول حماية حقوق المواطنين ضد استبداد ممثلي السلطات العامة وغني عن البيان أنه لايحول دون استكمال أركانها رضاء المجني عليه بأداء ما يزيد على المستحق وهو ما يفترض علمه بذلك.
وخلاصة ذلك أن الفعل المادي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 114 من قانون العقوبات قد يكون مجرد طلب وقد يكون أخذاً فعلياً والطلب هو سلوك مادی ذو مضمون نفسي أما الأخذ فمعناه احتباس ما قد يكون قدم خطأ رغم تبين وجه الخطأ في تقديمه وهذا سلوك مادي بحت ولا يلزم إلى جانب الطلب أو الأخذ أن يكونا لحساب الطالب أو الأخذ فالقانون لم يشترط هذا الشرط وإنما قرر العقاب على الطلب أو الأخذ مجردين ولو أثبت كل المبلغ المأخوذ في الأوراق الرسمية وورد للخزانة وبديهي أنه في حالة أخذ الموظف المال لنفسه تتعدد في حقه الجريمة فيرتكب إلى جانب جنايته أخذ ما ليس مستحقاً جناية اختلاس مال يعد رغم أنه غير مستحقاً للحكومة مالا لأحد من الأفراد وجد في حيازة الأخذ بسبب وظيفته.
محل الطلب أو الأخذ - العبء المالي العام :
ينبغي أن ينصب طلب الموظف أو أخذه على ضريبة أو رسم أو عوائد أو غرامة أو نحوها وبتلك الكلمة - أو نحوها - دل الشارع على أن محل النشاط واراد على سبيل المثال الأمر الذي يجيز القياس على الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب فيما يجري مجراها ويأخذ حكمها ويلخص البعض محل النشاط في تعبير "الأعباء المالية العامة" ويراد بها سائر الالتزامات المالية التي تفرضها الدولة أو تحددها الأشخاص المعنوية وفق قواعد القانون العام على الأفراد بشرط أن تكون لها صفة العمومية في زمنها على من تتوفر فيه شرائط انطباقها وأن تكون لها كذلك ميزة التحصيل الجبري من جانب السلطات العامة.
وقد ذكر المشرع في نص المادة 114 الضريبة والرسوم والعوائد والغرامة والضريبة مبلغ يدفع جبراً إلى الدولة بمقتضى قانون فرضها وحدد وعاءها وقواعد حسابها وجبايتها ولا يراعى فيها أنها نظير خدمة تؤديها الدولة إلى الممول، والرسم مبلغ تتقاضاه الدولة جبر؛ نظير خدمة تؤديها إلى دافعة أو منفعة تعود عليه ويتميز الرسم عن الثمن أو مقابل الخدمة العادية بأن تحيده الايكون على أساس قيمة الخدمة أو المنفعة ولا يخضع لقانون العرض والطلب وإنما تحديده قواعد آمرة صادرة عن السلطة العامة ومستمدة من اعتبارات السياسة الاقتصادية للدولة. والغرامات هي جزاءات نقدية تفرض وتحصل جبرا من أجل عمل غير مشروع وسواء أن تكون الغرامة جنائية أو غير جنائية ويدخل في مدلولها غرامات التأخير التي تفرض على مقاول أو متعهد تعاقد مع الدولة فقصر في الوفاء بالتزاماته أما العوائد فهي نوع من الضرائب جری القانون على التعبير عنها بهذا اللفظ والأنواع السابقة من الأعباء المالية العامة قد ذكرها الشارع على سبيل المثال فإن توافرت عناصر العبء المالي العام لأي التزام كانت جبايته غير المشروعة غدراً فإذا تجرد المال موضوع الطلب أو الأخذ من طابع العبء المالي العام فإن جبايته غير المشروعة لا تعد غدراً.
الركن المعنوي:
هذه الجناية عمدية يجب أن يتوافر فيها القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الفاعل إلى الطلب أو الأخذ مع علمه بأن المطلوب أو المأخوذ غير مستحق للحكومة فإذا كان يجهل ذلك ولو لعدم إلمامه بأحكام القوانين المالية فإن هذا الجهل الذي يتناول قانوناً غیر قانون العقوبات يعد من قبيل الجهل بالوقائع وينفي وجود القصد الجنائي، ومتى وجد القصد الجنائي تحققت الجريمة دون اعتداد بالباعث فلا يؤثر في قيام الجريمة دفاع الموظف بأن باعثه عليها هو مضاعفة دخل الحكومة.
العقوبة:
عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 14 من قانون العقوبات ويطلق عليها جريمة الغدر هي الأشغال الشاقة أو السجن وفضلاً عن ذلك يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة لاتقل عن خمسمائة جنيه (المادة 118 عقوبات) أما إذا اقتصر فعل الجاني على الطلب فإنه لا يكون هناك مبرراً للحكم بالرد مع ملاحظة وجوب الحكم بالغرامة النسبية. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 414)
تفترض هذه الجريمة أن موظفة عامة مختصة بتحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب ونحوها، يطلب أو يأخذ من أحد الأفراد مبلغاً من المال باعتباره ما يختص بتحصيله، مع أن هذا المبلغ غير مستحق ويعلم الموظف بذلك.
أركان الجريمة:
يتضمن الركن الشرعي في هذه الجريمة عنصراً مفترضاً هو كون الجاني موظفاً عاماً مختصاً بتحصيل الرسوم... الخ، وركناً مادياً يقوم على الطلب أو الأخذ وينصب ذلك على مبلغ من المال بوصفه رسما أو ضريبة، وركناً معنوياً يتخذ صورة القصد الجنائي.
صفة الجاني:
يتعين أن يكون الجاني موظفة عامة أو ممن يعدون في حكمه ممن نصت عليهم المادة (119) عقوبات ويلزم أن يكون مختصاً بتحصيل الرسوم ونحوها، سواء كان ذلك هو عمله الأساسي أو كلف به إلى جانب عمله، وسواء اختص وحده بهذا العمل أو قام به مساعدة لمن يختص به أصلاً ويترتب على ذلك أنه إذا قسام بالسلوك فرد عادي، كوكيل محام زعم للموكل أن قضيته تحتاج لرسوم معينة فإن الجريمة لا تقوم في حقه، كما لا تقوم بالنسبة للمستخدم في المشروع الخاص، ولا بالنسبة للموظف العام الذي لا شأن له بتحصيل الرسوم ونحوها.
الركن المادي:
تقوم الجريمة بمجرد الطلب أو الأخذ، ولهما نفس معناهما في جريمة الرشوة ولا يشترط أن يصدر الطلب أو يقوم بالأخذ نفس الموظف المختص بالتحصيل، فقد يكلف شخصاً آخر بذلك ويتعين أن ينصب الطلب أو الأخذ على مبلغ من المال، باعتباره رسماً أو غرامة أو عوائد أو ضريبة أو نحو ذلك والتعداد الوارد في المادة التي نحن بصددها جاء على سبيل المثال لا الحصر، فكل مبلغ من المال يقع على عاتق الشخص أداؤه للدولة أو لغيرها من الأشخاص العامة ويمثل عبئاً ماليا عاما يعد طلبه أو أخذه مكونة لهذه الجريمة ويدخل في ذلك المبلغ الذي يدفعه مرتكب مخالفة المرور وفقاً لنظام الصلح في المخالفات.
فإذا كان المبلغ الذي طلبه أو أخذه الموظف لا يمثل عبئاً مالياً عاماً، كما لو كان إيجاراً لعقار تملكه الدولة، فلا تقوم الجريمة ولو كان المبلغ المطالب به يزيد عما يلتزم به من يستأجر العقار.
وبداهة يتعين ألا يكون هناك سبب قانوني يجيز تحصيل المبلغ المأخوذ أو المطالب به، كألا يكون الممول غير ملزم بهذا النوع من الضريبة، أو أن يكون الرسم قد ألغي أو أن يكون حق الدولة في المبلغ قد انقضى بالوفاء أو التقادم أو الإعفاء، و ينعدم السبب القانوني أيضا بالنسبة للمبالغ التي تزيد عما هو مستحق فعلاً.
ولا يشترط أن يحقق الموظف أو يستهدف تحقيق فائدة شخصية له، فتقوم جريمة الغدر ولو أثبت كل المبلغ الذي حصله في الأوراق وقام بتوريده لخزانة الدولة، ما دام يعلم بأنه غير مستحق.
الركن المعنوي:
جريمة الغدر عمدية تقوم على القصد الجنائي العام فيتعين أن يعلم الجاني بأن ما يطلبه أو يأخذه ليس مستحق الأداء للدولة ويزيد عما هو مستحق لها فإذا أخطأ في حساب قيمة الرسوم أو الضريبة فلا مسئولية جنائية عليه، ولو كان خطؤه نتيجة جهل فاحش بالقوانين والتعليمات.
ولا يدخل الباعث الذي حدا بالموظف إلى طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً في عناصر القصد، فهو يتوافر ولو كان لا يستهدف من ذلك مغنمة مالية له وإنما يريد من سلوكه زيادة إيرادات الدولة ذلك أن المشرع يحمي أموال الأفراد ويزيد الثقة في الوظيفة العامة فلا تكون وسيلة لإلزامهم بدفع أزيد مما يستحق عليهم.
العقوبة :
العقوبة الأصلية لجريمة الغدر هي السجن المشدد، كما يحكم بالعقوبتين التكميليتين وهما: الغرامة والعزل، وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها برد المبلغ غير المستحق إذا كان قد دفع فعلاً. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 472 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني ، الصفحة / 288
اخْتِلاَسٌ
التَّعْرِيفُ:
الاِخْتِلاَسُ وَالْخَلْسُ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ مُخَادَعَةً عَنْ غَفْلَةٍ. قِيلَ الاِخْتِلاَسُ أَسْرَعُ مِنَ الْخَلْسِ، وَقِيلَ الاِخْتِلاَسُ هُوَ الاِسْتِلاَبُ . وَيَزِيدُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنَّهُ: أَخْذُ الشَّيْءِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ جَهْرًا مَعَ الْهَرَبِ بِهِ سَوَاءٌ جَاءَ الْمُخْتَلِسُ جِهَارًا أَوْ سِرًّا مِثْلُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مِنْدِيلِ إِنْسَانٍ فَيَأْخُذَهُ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
- أ - الْغَصْبُ أَوْ الاِغْتِصَابُ: هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا وَعُدْوَانًا.
ب - السَّرِقَةُ: هِيَ أَخْذُ النِّصَابِ مِنْ حِرْزِهِ عَلَى اسْتِخْفَاءٍ.
ج - الْحِرَابَةُ: هِيَ الاِسْتِيلاَءُ عَلَى الشَّيْءِ مَعَ تَعَذُّرِ الْغَوْثِ.
د - الْخِيَانَةُ: هِيَ جَحْدُ مَا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ .
هـ - الاِنْتِهَابُ: هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا، فَالاِنْتِهَابُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِخْفَاءٌ مُطْلَقًا، فِي حِينِ أَنَّ الاِخْتِلاَسَ يُسْتَخْفَى فِي أَوَّلِهِ .
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي الاِخْتِلاَسِ؛ لِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلاَ مُنْتَهِبٍ وَلاَ مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ» وَلأِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ بِالاِسْتِغَاثَةِ بِالنَّاسِ وَبِالسُّلْطَانِ فَلَمْ يَحْتَجْ فِي رَدْعِهِ إِلَى الْقَطْعِ .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
يُفَصِّلُ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الاِخْتِلاَسِ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنِ الأْمُورِ الَّتِي فِيهَا قَطْعٌ وَمَا لاَ قَطْعَ فِيهِ، وَفِي الْغَصْبِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَمَّا يُغَايِرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ أَخْذِ الْحُقُوقِ مِنَ الْغَيْرِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 192
(مادة 380)
يعاقب بالسجن المؤقت كل موظف عام له شأن في تحصيل المبالغ المستحقة للدولة طلب أو أخذ ما ليس مستحقاً، أو ما يزيد على المستحق مع علمه بذلك.