1- حدد المشرع للخطأ الجسيم صورا ثلاث منها - الإهمال الجسيم فى أداء الوظيفة . و الإهمال الجسيم فى نطاق الأموال و الوظائف العامة هو صورة من صور الخطأ الفاحش ينبىء عن انحراف مرتكبه عن السلوك المألوف و المعقول للموظف العادى فى مثل ظروفه - قوامه تصرف إرادى خاطىء يؤدى إلى نتيجة ضارة توقعها الفاعل أو كان عليه أن يتوقعها و لكنه لم يقصد إحداثها و لم يقبل وقوعها . و السلوك المعقول العادى للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية و البيئة و العرف و مألوف الناس فى أعمالهم أو طبيعة مهنتهم و ظروفها ، فان قعد عن بذل القدر الذى يبذله أكثر الناس تهاونا فى أمور نفسه كان تصرفه خطأ جسيما . و ترتيبا على ذلك فان الإهمال الذى يستوجب عادة الاكتفاء بمؤاخذة الموظف تأديبيا لا يرقى إلى مرتبة الإهمال الجسيم الذى عناه الشارع فى نص المادة 116 مكرر " ب " من قانون العقوبات . و قد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون عن معيار هذا الإهمال الجسيم من أن " بناء المجتمع الجديد يوجب على كل فرد ضرورة التزام الحيطة و الحرص على هذه الأموال و المصالح العامة حرصه على ماله و مصلحته الشخصية " . ذلك أن عدم حرص الموظف على مصلحته الشخصية لا شك مما يلام عليه و ينبو عما يجب أن يكون عليه سلوك الرجل العادى الملتفت لشئونه .
(الطعن رقم 1963 لسنة 35 جلسة 1966/04/26 س 17 ع 2 ص 491 ق 94)
2- الضرر فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر " ب " من قانون العقوبات هو الأثر الخارجى للاهمال الجسيم المعاقب عليه ، و شرطه - أن يكون جسيما بدوره . و قد ترك المشرع تقدير مبلغ جسامته لقاضى الموضوع لاختلاف مقدار الجسامة فى كل حالة عن غيرها تبعا لاعتبارات مادية عديدة . كما يشترط فى الضرر أن يكون محققا ، ذلك أنه أحد أركان الجريمة و لا يؤثم مسلك إذا كان أحد أركان الجريمة فاقدا . كذلك فانه يشترط أن يكون ماديا بحيث يلحق أموال أو مصالح الجهة التى يعمل بها الموظف أو يتصل بها بحكم وظيفته ، أو أموال أو مصالح الأفراد المعهود بها إلى تلك الجهة - و المراد بالمصلحة فى هذا المقام - المصلحة المادية - أى المنفعة التى يمكن تقويمها بالمال . ذلك أن الشارع لم يتجه إلى إدخال المصالح الأدبية للأفراد فى نطاق الحماية المقررة فى هذه المادة و هى ترعى أساسا الأموال العامة و المصالح القومية و الاقتصادية للبلاد - سعيا وراء بناء مجتمع جديد - أما انعطاف حمايته إلى أموال الأفراد أو مصالحهم المادية المعهود بها إلى جهة عامة فذلك لأن نشاط هذه الأموال إنما يتصل بخطة التنمية الإقتصادية و التنظيم الجديد للمجتمع . و بذلك يستوى أن تكون صورة الضرر انتقاص مال أو منفعة أو تضييع ربح محقق .
(الطعن رقم 1963 لسنة 35 جلسة 1966/04/26 س 17 ع 2 ص 491 ق 94)
3- يجب أن تتوافر رابطة السببية بين الخطأ الجسيم و الضرر الجسيم بحيث تكون جريمة الموظف نتيجة سلوكه - فعلا كان أو إمتناعا .
(الطعن رقم 1963 لسنة 35 جلسة 1966/04/26 س 17 ع 2 ص 491 ق 94)
4- إذا كان ما أورده الحكم من إهدار المتهم لإشارة المستشار القانوني للمؤسسة على مشروع العقد ومن اعتراض بعض موظفى الشركة على إبرامه ، دليلا على قيام القصد الجنائي لدى المتهم ، لا يسوغ به التدليل على توافر قصد الاضرار لديه ، بمعنى انصراف نيته إلى إلحاق الضرر بالشركة التى يعمل بها ، ذلك أن دفاعه قد بنى على أن إبرام مثل هذا العقد إنما يدخل فى إطلاقات سلطته التقديرية باعتباره القائم على إدارة الشركة محل مجلس إدارتها والمسئول عن تحقيق سياستها ، وأنه غير مقيد بآراء مرءوسيه ، وأنه فضلاً عن ذلك فقد حرص من جانبه على الحصول على موافقة رئيس المؤسسة والوزير المختص على إبرام الصفقة ، فإن هذا الدفاع يعد فى خصوص الدعوى المطروحة دفاعا جوهريا ، كان على محكمة الموضوع أن تمحص عناصره وتستظهر مدى جديته وأن ترد عليه بما دفعه ، إن رأت الالتفات عنه لاختلاط ما هو مسند إلى المتهم بعناصر جريمة الإهمال المنصوص عليها فى المادة 116 مكرراً (ب) ، أما وقد أمسكت المحكمة عن ذلك ، فإن ذلك مما يصم حكمها بالقصور .
(الطعن رقم 1276 لسنة 39 جلسة 1969/10/27 س 20 ع 3 ص 1157 ق 229)
5- حدد المشرع للخطأ الجسيم فى صدد تطبيق المادة 116 مكرر ب صوراً ثلاث هي الإهمال الجسيم فى أداء الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإخلال الجسيم بواجبات الوظيفة ومن المقرر أن الخطأ الذي يقع من الأفراد عمداً فى الجرائم غير العمدية يتوافر متى تصرف الشخص تصرفاً لا يتفق والحيطة التي تقضي بها ظروف الحياة العادية وبذلك فهو عيب يشوب مسلك الإنسان لا يأتيه الرجل العادي المتبصر الذي أحاطت به ظروف خارجية مماثلة للظروف التي أحاطت بالمسئول والإهمال الجسيم فى نطاق الأموال والوظائف العامة هو صورة من صور الخطأ الفاحش ينبئ عن انحراف مرتكبه عن السلوك المألوف والمعقول للموظف العادي فى مثل ظروفه وقوامه تصرف إرادي خاطئ يؤدي إلى نتيجة ضارة توقعها الفاعل أو كان عليه أن يتوقعها. ولكنه لم يقبل إحداثها ولم يقبل وقوعها - والسلوك المعقول العادي للموظف تحكمه الحياة الاجتماعية والبيئة والعرف ومألوف الناس فى أعمالهم وطبيعة مهنتهم وظروفها - فإن قعد عن بذل القدر الذي يبذله أكثر الناس تهاوناً فى أمور نفسه كان تصرفه خطأ جسيماً - وتقدير ذلك الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه هو مما يتعلق بموضوع الدعوى - ولما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن من الواقع الذي استبان للمحكمة بما لها من سلطة التقدير أنه أهمل إهمالاً جسيماً فى أداء أعمال وظيفته وأغفل ما تتطلبه واجبات عمله كرئيس لأكبر فرع من فروع الشركة من حذر وحيطة ودلل على ذلك بقبوله التعامل بشيكات مع شخصين لم يسبق له التعامل معهما ولا يعلم عن قدرتهما المالية ويسارهما المالي شيئاً ودون أن يتحقق من شخصيتهما ويتعرف على عملهما أو أن يطلع على سجلهما التجاري واكتفى بضمان عميل آخر لهما على الرغم من تحذير زميل له فى العمل وفي حضور رئيس مجلس إدارة الشركة من أن ذلك العميل الضامن سبق إشهار إفلاسه وقد تسبب ذلك الخطأ الفاحش من الطاعن فى خسارة للشركة بلغت 29590ج و882م فإن هذا الذي أورده الحكم سائغ ويستقيم به قضاؤه و تندفع به دعوى الفساد فى الاستدلال.
(الطعن رقم 244 لسنة 44 جلسة 1974/03/10 س 25 ع 1 ص 236 ق 54)
6-لما كان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفا عاما " معاون بجمرك المنافذ ببورسعيد " شرع فى الإضرار عمداً بأموال الجهة التى يعمل بها بأن شرع فى تهريب بضائع أجنبية بدون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها حالة كونه منوطا به تقدير تلك الرسوم و العمل على تحصيلها و أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه و الجريمة متلبساً بها وطلبت معاقبته طبقاً للمواد 45، 46 ، 118 ، 118 مكرراً ، 119 ، 119 مكرراً أ من قانون العقوبات - و قد انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن أدانة الطاعن بوصف أنه و هو موظف عام " معاون بجمرك المنافذ ببورسعيد " - تسبب بخطئه فى إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعمل بها بأن أهمل فى الإشراف على تحميل السيارة المملوكة لشركة النيل العامة للطرق و الكبارى بالبراميل الفارغة مما ترتب عليه إخفاء بضائع بداخلها لم تسدد عنها الرسوم الجمركية الأمر المنطبق على المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات ، و قد دانت المحكمة الطاعن بهذا الوصف دون أن تلفت نظر الدفاع إلى المرافعة على أساسه . لما كان ذلك ، و كان هذا التعديل ينطوى على نسبة الإهمال إلى الطاعن وهو عنصر لم يرد فى أمر الإحالة يتميز عن ركن تعمد الأضرار الذى أقيمت على أساسه الدعوى الجنائية ، و كان هذا التغيير الذى أجرته المحكمة فى التهمة من تعمد الإضرار إلى الخطأ الذى ترتب عليه ضرر جسيم ، ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن فى أمر الإحالة مما تملك المحكمة إجراءه و إنما هو تعديل فى التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية و إنما هو تعديل فى التهمة نفسها بإسناد عنصر جديد إلى التهمة لم يكن وارداً فى أمر الإحالة و هوعنصر إهمال المتهم فى الإشراف على تحميل السيارة مما أتاح فرصة إخفاء البضاعة بداخلها فى غفلة منه ، الأمر الذى كان يتعين معه على المحكمة لفت نظر الدفاع إلى ذلك التعديل ، و هى إذا لم تفعل فإن حكمها يكون مشوبا بإخلال حق الدفاع لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه و الإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى ما يثيره الطاعن فى طعنه .
(الطعن رقم 1322 لسنة 53 جلسة 1983/10/04 س 34 ص 794 ق 156)
7- لما كانت المادة 73 آنفة الذكر بصريح لفظها ووضوح معناها على أن القيد الإجرائى الوارد بها أى أخذ رأى الوزير المختص هو عائق إجرائى يختص بإزالته أخذ رأى الوزير وإن كان لا اختصاص له بتحريك أو رفع الدعوى الجنائية إلا أنه يجب اتباعه من قبل النيابة العامة قبل إقامة الدعوى الجنائية ، والقول بغير ذلك يؤدى إلى ضياع الغاية التى تغياها المشرع من وضع هذا القيد ، وذلك أخذاً بمبدأ المواءمة والملاءمة بين ما يسند إلى المتهم وبين إقامة الدعوى الجنائية قبله , إذ إن الجهة الإدارية هى وحدها التى تقدر مناسبة ذلك من عدمه ، ولما قدره المشرع من أن هناك بعض الجرائم ذات طبيعة خاصة لاتصالها بمصالح الدولة الجوهرية والتى تتطلب الموازنة بين اعتبارات تحريك ورفع الدعوى من عدمه وتكون جهات أخرى غير النيابة العامة أقدر على إجراء تلك الموازنة ومن ثم فقد ترك لها تقدير ذلك معلقاً تحريك الدعوى ورفعهاعلى الرأى أو الإذن أو الطلب , وقد حدد المشرع تلك الجرائم والجهة المنوط بها رفع القيد وتقديرها لملابسات تحريك الدعوى ورفعها من عدمه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخلص بما أورده فى مدوناته إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون دون أن يفطن إلى أن القانون 203 لسنة 1991 صدر وعمل به بعد تحريك الدعوى قبل الطاعنين ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون , الأمر الذى يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق القانونى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية وصحة اتصال المحكمة بالواقعة وذلك إلى أن تتوافر لها الشروط التى فرضها المشرع لقبولها .
(الطعن رقم 19061 لسنة 66 جلسة 2005/10/26 س 56 ص 532 ق 82)
(الطعن رقم 1078 لسنة 53 جلسة 1983/05/30 س 34 ص 700 ق 141)
2- انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها . وكان من المقرر كذلك أن عناصر الركن المادى لجريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات هى التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية إذ يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أنه يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجيب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانة رئاسية أم اجتماعية أم سياسية وهو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع . وأن تكون الغاية من هذا التذرع الحصول أو محاولة الحصول من السلطة العامة أو أية جهة خاضعة لإشرافها على مزية أياً كانت شريطة أن تكون المزية المستهدفة ممكنة التحقيق ، فإن كانت غير ممكنة عدت الواقعة نصباً متى توافرت أركانها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة التداخل فى وظيفة عمومية لمجرد انتحاله صفة رئيس نيابة دون أن يستظهر الأعمال الإيجابية التى صدرت من الطاعن والتى تعتبر افتئاتاً على الوظيفة أو يبين ما أتاه الطاعن من احتيال ومظاهر خارجية من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفته وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولم يستظهر كذلك عنصرى التذرع بالنفوذ والسبب لجريمة الاتجار بالنفوذ فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم. (الطعن رقم 30615 لسنة 72 جلسة 2003/07/21 س 54 ص 796 ق 105)
3- استهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة استعمال النفوذ الحقيقي أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة، وبذلك تتحقق المساءلة حتى ولو كان النفوذ مزعوماً. والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية، فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات. وذلك على اعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة وإنما ظرف مشدد للعقوبة.
(الطعن رقم 59 لسنة 38 جلسة 1968/02/19 س 19 ع 1 ص 238 ق 43)
4- متى كانت الجريمة التي رفعت بها الدعوى على المتهم وجرت المحاكمة على أساسها هي الجريمة المعاقب عليها بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات، والخاصة باستغلال النفوذ وهي تختلف فى أركانها وعناصرها القانونية عن جريمة الرشوة - القائمة على الاتجار بالوظيفة - التي دانته المحكمة بها بمقتضى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة فى التهمة على النحو المتقدم ليس مجرد تغيير فى وصف الأفعال المسندة إلى المتهم فى أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه فى حكمها إسباغاً للوصف القانوني الصحيح لتلك الأفعال، وإنما هو فى حقيقته تعديل فى التهمة ذاتها يتضمن إسناد عنصر جديد إلى الواقعة التي وردت فى أمر الإحالة هو الاتجار بالوظيفة على النحو الوارد فى المادتين 103، 103 مكرراً من قانون العقوبات، وهو تغيير لا تملك المحكمة إجراءه إلا فى أثناء المحاكمة وقبل الحكم فى الدعوى ويشترط تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد إذا طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.
(الطعن رقم 1606 لسنة 38 جلسة 1968/10/07 س 19 ع 3 ص 807 ق 158)
5- لا جدوى مما يثيره الطاعن من خلو التحقيقات من أى دليل على أنه زعم أن له إختصاصا بالعمل الذى طلب الرشوة من أجله ، ذلك بأن ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى تتوافر به عناصر الجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و لئن أخطأ الحكم فى تطبيقه المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات على واقعة الدعوى ، إلا أن العقوبة التى قضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما يثيره فى هذا الشأن .
(الطعن رقم 1704 لسنة 39 جلسة 1971/11/01 س 21 ع 1 ص 49 ق 11)
6- إستهدف الشارع بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات ، و على ما جرى به قضاء محكمة النقض ، التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعزم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أية سلطة عامة ، و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً ، و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية ، فإن كان موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات ، و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً من القانون المذكور ، و إذ كان ما تقدم و كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 1131 لسنة 40 جلسة 1970/10/26 س 21 ع 3 ص 1020 ق 244)
7- إن الشارع قد إستهدف بما نص عليه فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات التوسع فى مدلول الرشوة حتى تشمل حالة إستعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول أو محاولة الحصول فى مقابلها على مزية ما من أيه سلطة عامة - و بذلك تتحقق المساءلة حتى و لو كان النفوذ مزعوماً . و الزعم هنا هو مطلق القول دون إشتراط إقترانه بعناصر أخرى أو وسائل إحتيالية . فإن كان الجاني موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات و إلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات ، و ذلك على إعتبار أن الوظيفة العامة ليست ركناً فى الجريمة و إنما ظرف مشدد للعقوبة .
(الطعن رقم 209 لسنة 58 جلسة 1988/12/06 س 39 ع 1 ص 1227 ق 190)
8- عناصر الركن المادى للواقعة المنصوص عليها فى المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات الخاصة بإستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو محاولة الحصول على حكم أو قرار ، هو التذرع بالنفوذ الحقيقى أو المزعوم الذى يمثل السند الذى يعتمد عليه الجاني فى أخذه أو قبوله أو طلبه الوعد أو العطية فهو يفعل ذلك نظير وعده لصاحب الحاجة فى أن يستعمل ذلك النفوذ . كما أن المقصود بلفظ النفوذ هو ما يعبر عن كل إمكانية لها التأثير لدى السلطة العامة مما يجعلها تستجب لما هو مطلوب سواء أكان مرجعها مكانه رياسية أو إجتماعية أو سياسية و هو أمر يرجع إلى وقائع كل دعوى حسبما يقدره قاضى الموضوع.
(الطعن رقم 3286 لسنة 54 جلسة 1985/11/21 س 36 ص 1035 ق 189)
الإهمال في صيانة أو إستخدام المال العام
تمهيد : نصت على هذه الجريمة المادة 116 مكرراً (ب) من قانون العقوبات في قولها « كل من أهمل في صيانة أو إستخدام أي مال من الأموال العامة معهود به إليه ، أو تدخل صيانته أو إستخدامه في إختصاصه ، وذلك على نحو يعطل الإنتفاع به أو يعرض سلامته أو سلامة الأشخاص للخطر يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات إذا ترتب على هذا الإهمال وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة المبينة بالفقرة السابقة في زمن حرب على وسيلة من وسائل الإنتاج المخصصة للمجهود الحربي» وعلة التجريم هي أهمية المال العام ، والحاجة الإجتماعية إلى توفير حماية خاصة له ، ويقتضي ذلك تجريم الإهمال في صيانته أو إستخدامه إذا صدر من شخص يحمل إلتزاماً خاصاً بالنسبة له لأنه معهود به إليه ، أو يختص بصيانته أو إستخدامه .
أركان الجريمة، تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : صفة الجاني ، والركن المادي ، والركن المعنوي .
صفة الجاني :
لم يتطلب الشارع أن يكون الجاني موظفاً عاماً، ويتضح ذلك من قوله في صدر النص « كل من ... » ، ويعني ذلك أن هذه الجريمة يتصور أن يرتكبها الموظف وغير الموظف ، على السواء.
ويكون المتهم موظفاً إذا كان مختصاً بصيانة المال العام أو إستخدامه ، اختصاص – في المدلول القانوني - لا ينسب إلا إلى موظف ؛ أما إذا كان معهودا إليه بالمال العام ، فيتصور ألا يكون موظفاً عاماً ، وأبرز مثال لذلك معقول تعاقدت معه الدولة لإصلاح المال العام أو القيام بأعمال صيانة له.
وإذا كان لا يشترط في الجاني أن يكون موظفا عاما ، فإنه يشترط فيه إما أن يكون معهوداً إليه - بناءً على سبب قانوني يغلب أن يكون « عقد مقاولة » – بالمال العام ، أي بحفظه أو القيام بعمل في شأنه ، وإما أن يكون مختصاً – بناءً على مصدر قانونی – بصيانته أو إستخدامه .
الركن المادي : يقوم الركن المادي بكل سلوك من شأنه تعطيل الإنتفاع بالمال العام ، أو من شأنه تعريض سلامة هذا المال أو سلامة الأشخاص للخطر وفي الصورة الأولى يتعين أن يترتب على الفعل حدوث التعطيل ؛ أما الصورة الثانية ، فيكفي فيها أن يكون من شأنه تعريض سلامة هذا المال العام أو سلامة الأشخاص للخطر والجريمة في الصورة الأولى « جريمة ضرر »، وهي في الصورة الثانية « جريمة خطر »، ويعني هذا التحديد للسلوك الذي تقوم به الجريمة أنه لا تتطلب فيه شروط معينة ، وإنما يكفي أن يكون له الأثر الفعلي أو الإحتمالي السابق ويستوي أن يكون السلوك المسند إلى المتهم إيجابياً أو سلبياً وموضوع الجريمة هو المال العام في المدلول الذي حددته المادة 119 من قانون العقوبات .
الركن المعنوي للجريمة
هذه الجريمة غير عمدية ، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة « الخطأ »، وقد عبر الشارع عن هذا الركن بلفظ « أهمل »، والإهمال في ذاته إحدى صور الخطأ ، ولكنا لا نعتقد أن الشارع أراد أن يقصر الخطأ على صورة الإهمال دون ما عداها من صور الخطأ ، فهذا القصر غير مفهوم من حيث المنطق القانوني ، وغير مبرر من حيث علة التجريم، ويبدو أن الشارع أراد بلفظ « أهمل » أن يكون تعبيراً عن الخطأ في جميع صوره.
عقوبة الجريمة: لهذه الجريمة صورة بسيطة ، ولها صورتان مشددتان بعقوبة الجريمة في صورتها البسيطة هي الحبس مدة لا تجاوز سنة ، والغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه ، أو إحدى هاتين العقوبتين .
والصورة المشددة الأولى للجريمة تفترض أنه قد ترتب على سلوك المتهم « وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة ش خص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص وتكون عقوبة الجريمة في هذه الصورة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات.
والصورة المشددة الثانية للجريمة تفترض عنصرين : توافر الصورة الأولى للتشديد، أى وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاث أشخاص؛ والعنصر الثاني، هو وقوع الجريمة في زمن حرب على وسيلة من وسائل الإنتاج المخصص للمجهود الحربي وعقوبة الجريمة في هذه الصورة هي السجن ؛ ويعني ذلك أن تصير جناية. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 174)
الشرط المفترض
لا يشترط لوقوع الجريمة صدورها من موظف عام، فالنص يوجه خطابه إلى الجميع بغير تمييز هذا بخلاف المادة 116 مكرراً «أ» بشأن الإضرار غير العمدي، فإن خطابها موجه إلى الموظف العام وحده يؤكد هذا المعنى أن المادة 116 مكرراً «ب» قد نقلت عن المادة الخامسة من القانون رقم 35 لسنة 1972 بشأن حماية الأموال العامة والذي ألغي بمقتضى القانون رقم 63 لسنة 1975. وكان خطاب المادة الخامسة المذكورة بدوره موجهاً إلى الجميع دون تمييز، خلافاً للمادة السادسة من القانون المذكور، فهي موجهة إلى الموظف العام وحده.
ولا شك في أن اختلاف تعبير المشرع من مادة إلى أخرى يعكس قصده في تحديد المخاطبين بنصوص التجريم، ويجب تنزيه المشرع عن العبث وخصوصاً فيما يتعلق بالتجريم والعقاب ومع ذلك، فقد ذهب رأي في الفقه، إلى أن نص المادة 116 مكرراً «ب» يعني الموظف العام، على أساس أن من يعهد إليه بالمال أو تدخل صيانته أو استخدامه في اختصاصه هو الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 مكرراً «جـ»، وأن المذكرة الإيضاحية للنص قد أشارت إلى إهمال الموظف، وأنه لو قصد المشرع معاقبة غير الموظف لنص على هذه الحالة مع جرائم المقاولين المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً «جـ».
وهذا الرأي مردود عليه بأن الإدارة قد تعهد بصيانة أو استخدام الحال إلى غير الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، كما إذا تعاقدت مع شركة خاصة لرصف الطرق أو لصيانة المصاعد الكهربائية في مباني الحكومة أو بناء مساكن لطرحها على الجمهور فأسندت هذه الشركة الأعمال إلى مقاولين من الباطن في هذه الحالة يكون كل من هؤلاء اسعار - وهو ليس موظفاً عاماً ولا مكلفاً بخدمة عامة - معهودا إليه بالأموال العامة أو مكلفاً بصيانتها ولا عبرة بما جاء في المذكرة الإيضاحية، فهو مثال غير جامع ولا مانع، ولا يمكن أن يخالف صريح النص أما القول بأن معاقبة غير الموظف تقتضي النص عليها في المادة 116 مكرراً «جـ» التي عالجت جرائم المقاولين، فهو مردود بأن هذه المادة جاءت بشأن الإخلال العمدي بتنفيذ بعض العقود، وقد جرت خطة المشرع في القانون رقم 63 لسنة 1975 على إفراد نصوص خاصة بكل من الجرائم العمدية وغير العمدية وفضلاً عن ذلك، فإن الانتقاد الخاص بالملاءمة في صياغة النصوص لا يمكن أن يدحض نصاً واضحاً صريحاً أو يقيد من نطاقه.
وبناءً عليه، فإن هذه الجريمة قد تقع من موظف عام أو من فرد عادي، وكل ما يشترط في الجاني هو أن يكون إما معهوداً إليه بصيانة أو استخدام المال العام، أو أن تكون هذه الصيانة أو ذلك الاستخدام في اختصاصه.
الركنان المادي والمعنوي :
تقع هذه الجريمة بالإهمال في الصيانة أو الاستخدام الذي يؤدي إلى إحدى نتيجتين، هما تعطيل الانتفاع بالمال العام، أو تعریض سلامته وسلامة الأشخاص للخطر وينطبق في هذه الجريمة معيار الخطأ غير العمدي الذي سبق أن حددناه في الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً، وهو معيار موضوعي واقعي.
ولا شبهة في الصورة الأولى للضرر الواجب توافره، وهي تعطيل الانتفاع بالمال العام، في هذه الحالة نكون حيال نوع من الإتلاف غير العمدي للمال العام أما في الصورة الثانية، وهي تعريض سلامة المال العام للخطر أو تعريض سلامة الأشخاص للخطر، فلا نكون حيال ضرر محقق، وإنما مجرد خطر يهدد المال العام أو الأشخاص وتحريم الصورة الثانية يبدو ملائماً في الجرائم غير العمدية، ذلك أن الضرر عنصر جوهري لا غنى عنه لتبرير امتداد العقاب إلى مجرد الإهمال .
العقوبة:
يعاقب على هذه الجريمة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين .
وتشدد العقوبة إذا بلغ الضرر حداً معيناً، هو وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فتكون العقوبة في هذه الحالة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات.
وتصبح الجريمة جناية عقوبتها السجن متى توافرت شروط ثلاثة: (أ) الظرف المشدد سالف الذكر، (ب) زمن الحرب. (ج) أن يكون محل الجريمة وسيلة من وسائل الإنتاج المخصصة للمجهود الحربي . (الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة : 650)
أركان الجريمة:
(أ) الركن المادي :
تقوم الجريمة ركنها المادي على سلوك يتصف بالإهمال ونتيجة تته في ضرر أو خطر ، وعلاقة سببية بين الإهمال وبين الضرر الذي تم أو الخطر.
أولاً : السلوك الإجرامي :
يتمثل السلوك الإجرامي في أي فعل أو امتناع يتصف بالإهمال في الصيانة أو الاستخدام المنصب على مال من الأموال العامة ولم يستلزم المشرع صفة خاصة في الجاني فالجريمة تقع من أي شخص يتصل بالمال العام اتصالاً يتعلق بصيانته أو باستخدامه غير أن وجود علاقة الصيانة أو الإستخدام في الجاني هي عنصر لازم لقيام الجريمة فيلزم أن يكون الجاني قد عهد إليه بصيانة المال العام أو استخدامه حتى ولو لم تكن له صفة الموظف ، كما هو الشأن في شركات الصيانة الخاصة التي يعهد إليها بمقتضى عقد أو اتفاق ، أن تكون الصيانة أو الإستخدام داخلياً في اختصاصه سواء بالإشراف أو التنفيذ.
ثانياً : النتيجة غير المشروعة :
أوردت المادة 119 مکرراً (ب) شكلين تبادلين للنتيجة يكفى توافر أحدهما لقيام الجريمة.
الشكل الأول هو الضرر الفعلي الذي يصيب المالي في صورة تعطيل الانتفاع به. ويستوي في ذلك التعطيل الوقتي أو المستديم ، كما يستوي التعطيل الكلى أو الجزئي ويستوي أن يكون الضرر جسيمة أو غير جسيم.
والشكل الثاني للنتيجة يتمثل في الخطر الفعلي وذلك بتعريض سلامة المال لخطر التعطيل أو الفقد أو تعريض سلامة الأشخاص للخطر سواء في ذلك الأشخاص الذين يستعملون المال العام أو يتصلون به أو يتواجدون في نطاق استخدامه.
ويلاحظ أن الجريمة في شكلها الأول يمكن أن تندرج تحت نص المادة 119 مكرراً (أ) والخاصة بالإضرار غير العمدى للأموال العامة إذا كان الجاني موظفاً عاماً وكان المال توافرت فيه الصفات المتطلبة قانوناً في تلك المادة غير أننا في هذه الحالة نكون بصدد تنازع ظاهری بين النصوص ولسنا بصدد تعدد معنوي والنص الخاص في هذه الحالة هو نص المادة 119 مکرراً (أ) باعتبار أنه يتضمن الواقعة المنصوص عليها في المادة 119 مکرراً (ب) ويضيف إليها عنصراً آخر يخصصها وهو صفة الموظف العام في الجاني.
ثالثاً : رابطة السببية :
يلزم توافر رابطة السببية بين سلوك الجاني المتصف بالإهمال وبين تعطيل الانتفاع بالمال أو تعريض سلامته أو سلامة الأشخاص للخطر .
ويلاحظ أنه بالنسبة لنتيجة الضرر فإنه يسهل تحديد توافر رابطة السببية من عدمه بإتباع معايير السببية الملائمة والذي من مؤداه أن النتيجة تعتبر أثراً للسلوك إذا كانت وفقاً للظروف، السابقة والمعاصرة واللاحقة، متوقعة وفقاً لمجريات الأمور أي أن النتيجة التي تتحقق بتدخل عوامل شاذة وغير مألوفة تقطع رابطة السببية بينها وبين السلوك السابق على تدخل تلك العوامل أما بالنسبة للخطر فيكفي أن يملك السلوك مقومات إحداث النتيجة.
(ب) الركن المعنوي
يقوم الركن المعنوي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر (ب) على الخطأ غير العمدي.
وقد تحدث المشرع عن صورة واحدة من الخطأ وهي الإهمال في الصيانة أو في الاستخدام للمال العام المعهود به إلى الجاني أو الذي تدخل صياغته أو استخدامه في اختصاصه ، وقد سبق أن رأينا أن الإهمال هو عبارة عن مخالفة الواجبات المفروضة على السلوك لتجنب النتائج الضارة ويستوي أن تكون تلك الواجبات غير منصوص عليها ولكن تعارف الناس على وجوب مراعاتها في الظروف التي بوشر فيها السلوك، أو أن تكون بمقتضى نص في القانون أو في لائحة أو أمر أو نظام لمباشرة أنواع معينة من السلوك الخطر، فالإهمال إذن يتسع ليشمل جميع صور الخطأ .
وإذا ما توافر الإهمال في الصيانة أو في استخدام المال العام وتسبب ذلك في حدوث النتيجة غير المشروعة المتمثلة في الضرر بتعطيل الانتفاع بالمال أو المتمثلة في الخطر بتعريض سلامة المال أو سلامة الأشخاص للخطر فإن الجريمة تكتمل في أركانها المكونة لها .
3- العقوبة :
أولاً : صورة الجريمة البسيطة :
يعاقب على الجريمة في صورتها البسيطة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة و في حدها الأقصى وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ثانياً : الظروف المشددة :
إذا ترتب على الإهمال في الصيانة أو الإستخدام وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص فإن العقوبة تكون الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات.
ثالثاً : الظروف المشددة :
إذا وقعت جريمة الإهمال في الصيانة أو في الاستخدام على وسيلة من وسائل الانتاج المخصصة للمجهود الحربي وكان ذلك في زمن الحرب فإن العقوبة تكون السجن من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة (م 116 مکرراً (ب)/2). فقد أخذ المشرع من توافر صفة خاصة في المال العام موضوع الصيانة أو الاستخدام ، ومن وقوع الجريمة في زمن معين ظرفاً مشدداً تنقلب بمقتضاه الواقعة من جنحة إلى جناية ومعنى ذلك أن المشرع قد جعل من توافر صفة خاصة في موضوع السلوك الإجرامي ومن وقوعها في زمن معين عنصراً من عناصر تكوين الواقعة المشددة وهي بذلك تكون نموذجاً مستقلاً عن الواقعة البسيطة ويترتب على ذلك أن النموذج الجديد يستغرق كل صور التشديد في العقوبة للنتيجة في الصورة البسيطة ، بمعنى أن العقوبة تظل هي السجن ولو ترتب على الإهمال وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من شخص.
التدابير:
يجوز للمحكمة فضلاً عن العقوبات السابقة الحكم بكل أو بعض التدابير المنصوص عليها بالمادة 118 مکرراً والسابق بيانها.
الظروف المخففة :
يجوز للمحكمة وفقاً لظروف الجريمة وملابساتها إذا كان المال موضوع الجريمة أو الضرر الناجم عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه أن تقضي فيها بدلاً من العقوبة المقررة بواحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 118 مکرراً وبالنسبة للواقعة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر (ب) فيمكن أن تحكم بالحبس أو بواحد أو أكثر من التدابير . (قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة: 345)
أركان الجريمة
يتطلب المشرع لقيام الجريمة صفة في الجاني، وركناً مادياً، وركناً معنوياً.
- صفة الجاني
عبر المشرع عن مرتكب هذه الجريمة بقوله «كل من» ويعني ذلك - أنه لم يتطلب أن يكون الجاني موظفاً عاماً، وإنما تقع الجريمة ولو من فرد عادي، ومع ذلك فإنه يشترط أن يتحقق في مرتكب الجريمة أحد وصفين: الأول، أن يكون المال العام الذي أهمل في صيانته أو استخدامه معهوداً به إليه، والثاني، أن تكون صيانة هذا المال أو استخدامه داخلا في اختصاصه.
- الركن المادي :
يتمثل الركن المادي في سلوك يصدر من الجاني، سواء في صورة إيجابية أو في صورة سلبية، تترتب عليه نتيجة معينة تتخذ إحدى صورتين: الأولى، تعطيل الانتفاع بالمال العام، والثانية، تعريض سلامة هذا المال العام أو الأشخاص للخطر والضرر في الحالة الأولى يكون ضرراً محققاً، بينما في الحالة الثانية يكون محتملاً وينتقد الفقه تجريم السلوك الذي لا يترتب عليه ضرر محقق كذلك، استناداً إلى أن القاعدة في الجرائم أن تكون عمدية، فلا يمتد مجال التجريم إلى السلوك غير العمدي إلا على سبيل الاستثناء الذي يبرره النتيجة الضارة التي تترتب عليه، ولذلك لا يجوز التوسع في الاستثناء ليشمل السلوك الذي لا يترتب عليه ضرر، ولو كان الضرر محتملاً .
ويجب أن يكون موضوع الركن المادي مالا من الأموال العامة معهوداً به إلى الجاني أو تدخل صيانته أو استخدامه في اختصاصه، ويرجع في تحديد معنى المال العام إلى ما تقدم ذكره تفصيلاً في الفصل الأول من هذا الباب.
الركن المعنوي
يتخذ الركن المعنوي في هذه الجريمة صورة الخطأ، وهو يتحدد في المعنى الذي سلف بيانه فيما يتعلق بالجريمة السابقة وقد حصر المشرع الخطأ في الجريمة محل البحث في صورة واحدة هي الإهمال في صيانة المال أو استخدامه، ويتحقق بإمتناع الجاني عن اتخاذ العناية اللازمة لتجنب حدوث النتيجة غير المشروعة.
العقوبة
يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة، والغرامة التي لا تجاوز خمسمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
ويشدد المشرع العقوبة لتصبح الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة ولا تزيد على ست سنوات إذا ترتب على هذا الإهمال وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص.
ويصل المشرع بالعقوبة إلى السجن إذا توافر ظرف مشدد يتمثل في كون الإهمال الذي ترتب عليه وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، في زمن حرب على وسيلة من وسائل الإنتاج المخصصة للمجهود الحربي ويلاحظ أن الجريمة في حالة توافر الظرف المشدد تصبح جناية، وهو وضع منتقد، لأن الجرائم غير العملية لا تكون جناية. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 197)
أركان الجريمة :
1- صفة الجاني :
تتميز هذه الجريمة بأنها جريمة فاعل خاص لا تقع إلا ممن عهد إليه بمال عام وجعل من اختصاصه صيانة أو استخدام هذا المال ويراد بالمال العام هنا أي مال من الأموال العامة التي حددتها المادة 119 وبناءً عليه فإن هذه الجريمة قد تقع من موظف عام أو من فرد عادي وكل ما يشترط في الجاني هو أن يكون إما معهودا إليه بصيانة أو استخدام المال العام أو أن تكون هذه الصيانة أو ذلك لاستخدامه في اختصاصه.
2- الركن المادي :
يقوم الركن المادي بكل سلوك من شأنه تعطيل الإنتفاع بالمال العام أو من شأنه تعريض سلامة هذا المال أو سلامة الأشخاص الخطر وفي الصورة الأولى يتعين أن يترتب على الفعل حدوث التعطيل أما الصورة الثانية فيكفي فيها أن يكون من شأنه تعريض سلامة هذا المال العام أو سلامة الأشخاص للخطر والجريمة في الصورة الأولى "جريمة ضرر" وهي في الصورة الثانية "جريمة خطر" ويعني هذا التحديد للسلوك الذي تقوم به الجريمة أنه لا تتطلب فيه شروط معينة وإنما يكفي أن يكون له الأثر الفعلي أو الإحتمالي السابق ويستوي أن يكون هذا السلوك المسند إلى المتهم إيجابياً أو سلبياً وموضوع الجريمة هو المال العام في المدلول الذي حددته المادة 119 من قانون العقوبات ومن ثم فإن الإهمال يتكون أساساً من فعل مادي وهو النشاط الخارجي للعقل البشري سواء أكان ذلك بعمل إيجابي أو بعمل سلبي هذا النشاط الخارجي الذي يقوم به الفاعل دون أن يتخذ الحيطة اللازمة الذي يتخذها الإنسان العادي لتجنب العواقب التي قد تنتج عنه تصرفاته .
الركن المعنوي :
هذه الجريمة غير عمدية ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة "الخطأ" وقد عبر الشارع عن هذا الركن بلفظ "أهمل" والإهمال في ذاته إحدى صور الخطأ وعلى النيابة أن تقيم الدليل على ما حدث من تلف للمال أو من تعريضه أو من تعريض سلامة الأشخاص للخطر بسبب راجع إلى إهمال من جانب المتهم بالمعنى المحدد لهذا الإهمال في النظرية العامة للقانون الجنائي فيراد به اتخاذ سلوك مغاير لما كان واجبات واقع الحال من صيانة أو من أسلوب استخدام وخمول الإرادة في الحيلولة دون نشوء الضرر من هذا السلوك في صورة تعطل للإنتفاع بالمال أو دون نشوء الخطر منه في صورة تعريض المال لخطر التلف أو تعويض سلامة الأشخاص للخطر .
العقوبة :
عقوبة الجاني هو الحبس مدة لاتجاوز سنة وبغرامة لاتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات إذا ترتب على هذا الإهمال وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص (الفقرة الثانية).
كما تكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن حرب على وسيلة من وسائل الإنتاج المخصصة للمجهود الحربي (فقرة ثالثة). (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 460)
تتطلب هذه الجريمة عنصراً مفترضاً، وركناً مادياً، وركناً معنوياً يتخذ الأذناب فيه صورة الخطأ غير العمدي.
العنصر المفترض :
لا يشترط أن يكون الفاعل في الجريمة موظفاً عاماً، فالخطاب في النص موجه لكل من يهمل في صيانة أو استخدام المال وعلى ذلك فإن الفاعل يمكن أن يكون فردة عادية، كما لو تعاقدت إدارة حكومية مع ورشة خاصة لصيانة المصاعد الكهربائية في مبانيها، وفي هذه الحالة يكون العامل المختص وهو ليس موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة فاعلاً في الجريمة لأنه معهود إليه بصيانة مال عام.
غير أن العنصر المفترض يتمثل في أن يكون الفاعل معهوداً إليه بصيانة أو إستخدام مال عام أو يدخل ذلك في اختصاصه ويقتضي ذلك أن يكون المال محل الجريمة مالاً عاماً كما حددته المادة (119) عقوبات، وأن يكون هذا المال معهوداً بصيانته أو إستخدامه إلى الفاعل في الجريمة أو أن يكون ذلك داخلاً في اختصاصه.
الركن المادي:
يقوم الركن المادي على سلوك إيجابي أو سلبي يؤدي إلى النتيجة التي بينتها المادة وعلاقة سببية تربط بين السلوك وبين النتيجة.
والنتيجة في هذه الجريمة لها صورتان، الأولى تعطيل الانتفاع بالمال العام، والضرر فيها فعلي محقق. والثانية تعريض سلامة المال العام أو الأشخاص للخطر، والضرر فيها محتمل قد يحدث أو لا يحدث وهذه الصورة الثانية تعكس اتجاها غير مقبول في السياسة الجنائية ذلك لأن الأصل أن المشرع لا يتدخل بالعقاب إلا إذا ارتكبت الجريمة عمدية، أما إذا وقع الفعل بإهمال فلا يجوز العقاب عليه جنائياً إلا استثناء وبشرط حدوث ضرر فعلي لكن المشرع قرر عقوبة جنائية مقابلة الإهمال لم يسفر عن ضرر محقق فهذا أمر يسفر عن مغالاة في التجريم، ومن الأفضل مواجهة مثل هذه الحالات بالجزاءات التأديبية أو الإدارية.
الركن المعنوي:
يتخذ الأذناب في هذه الجريمة صورة الخطأ ويعني ذلك أن السلوك الذي يكشف عن إهمال في صيانة أو إستخدام المال العام ويؤدي إلى الضرر المحقق أو المحتمل تقوم به الجريمة، مادام في وسع الرجل المعتاد في مثل الظروف التي وقعت فيها الجريمة تجنب القيام بهذا السلوك وتجنب حدوث النتيجة.
العقوبة:
يعاقب على هذه الجريمة بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتصبح العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات إذا ترتب على الإهمال وقوع حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص.
وتنقلب الجريمة إلى جناية عقوبتها السجن إذا ترتب على الإهمال حريق أو حادث آخر نشأت عنه وفاة شخص أو أكثر أو إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص إذا وقعت الجريمة فى زمن حرب على وسيلة من وسائل الإنتاج المخصصة للمجهود الحربي. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 527)