موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني ،
المقصود بالأموال العامة في نطاق القوانين الجنائية التي تهدف إلى حمايتها يختلف عن المعنى الفني الدقيق للأموال العامة في حكم القانون المدني والقانون الإداري إذ خلع المشرع الجنائي صفة المال العام على طائفة من الأموال التي يراها جديرة بحماية خاصة لتعلقها بالمنفعة العامة ولو لم تكن هذه الصفة في حكم القوانين الأخرى وانطلاقاً من هذا المعنى وسع المشرع في القانون رقم 35 لسنة 1972 المشار إليه المقصود بالمال العام في تطبيق أحكامه وقد تابع هذا الاتجاه في المادة 119 فخلع صفة المال العام على ما يكون كله أو بعضه لإحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات من (أ) إلى (ز) من هذه المادة، (من المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقم 63 لسنة 1975).
1- لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام استنادا إلى المواد 113 / 1 ، 118 ، 118 مكرر ، 119 / 1 ،119مكرر / ١ من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 16 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بتاريخ 12 من مارس سنة 2015 – بعد صدور الحكم المطعون فيه – نص في المادة الثانية على إضافة المادة 18 مكرراً (ب) إلى قانون الإجراءات الجنائية التي تتضمن النص على أنه يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلا بهذا الاعتماد ، ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر التصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى ما زالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً .... ، ونص في الفقرة الأخيرة من تلك المادة على أنه وفي جميع الأحوال يمتد أثر التصالح إلى جميع المتهمين أو المحكوم عليهم دون المساس بمسئوليتهم التأديبية ويقدم طلب التصالح من المتهم أو المحكوم عليهم أو وكيله الخاص ويجوز للأخير اتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بإعادة إجراءات المحاكمة في غيبة المحكوم عليه في الأحكام الصادرة غيابيًا . لما كان ذلك ، وكان النص آنف الذكر وإن كان ظاهره إجرائيًا ، إلا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم ، وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم نص المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، ومن ثم فإنه يسري من يوم صدوره على واقعة الدعوى ، طالما لم تنته بحكم بات . لما كان ذلك ، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لهذه المحكمة – محكمة النقض – أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانوناً أصلح يسري على واقعة الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن وللمحكوم عليه الآخر ولو لم يُقبل طعنه شكلاً ؛ لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
( الطعن رقم 26635 لسنة 84 - جلسة 2015/6/11 )
2- حيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء صفتي الموظف العام والمال العام عن موظفي وأموال بنوك ....... بما تنحسر عنهم أحكام المادتين 119، 119 مكرر من قانون العقوبات ورد عليه بقوله "فإن هذا الدفع مردود بأن الثابت من القانون رقم 163 لسنة 1957 قانون البنوك والائتمان أن البنك المركزي المصري يشرف على كافة أنواع البنوك ومن بينها البنوك التي يعمل بها المتهمون فى الدعوى الماثلة، وقد نص القانون رقم 120 لسنة 1975 أن البنك ....... هو شخصية اعتبارية عامة، كما أن الثابت من قراري وزير الاقتصاد رقمي 55 لسنة 1978، 426 لسنة 1995 أن شركة ...... إحدى وحدات القطاع العام تساهم فى بنكى .......، والثابت من قرار وزير التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي رقم 214 لسنة 1979 أن نقابة ...... تسهم فى بنك ........، والثابت من القانون 77 لسنة 1977 أن هيئة ......... تسهم فى بنك ......... فإن مؤدى ما تقدم أن أموال البنوك المشار إليها تعد أموالاً عامة وموظفيها يعدون فى حكم الموظفين العموميين" وكان ما أورده الحكم على نحو ما تقدم كافيا وسائغا وصحيحا فى القانون بما يكفى لاطراح هذا الدفع فإن منعى الطاعنين فى هذا الشأن يكون غير سديد .
( الطعن رقم 39618 لسنة 72 - جلسة 2003/01/16 - س 54 ص 112 ق 11 )
3- لا يعتبر المال قد دخل فى ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسب صحيح ناقل للملك و تسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته .
( الطعن رقم 1776 لسنة 37 - جلسة 1967/10/30 - س 18 ع 3 ص 1055 ق 216 )
4- التحدث استقلالا عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة فى جريمة الاستيلاء بغير حق على مال للدولة، ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك بما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه، وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل فى الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلتزم الحكم بمواجهتها.
( الطعن رقم 1608 لسنة 38 - جلسة 1968/10/21 - س 19 ع 3 ص 859 ق 170 )
5- لما كان ما تثيره الطاعنة فى شأن الحكم ببطلان الأذون الصادرة فى 27 ، 30 من أغسطس و 23 من سبتمبر سنة 1986 بدعوى أن التحريات التى بنيت عليها قد انصبت على أشخاص لم يطرح أمرهم على المحكمة ، مردودا بأنه - بفرض صحته - لا يعدو أن يكون تزيدا لم يكن له أثر فى منطق الحكم و لا فى النتيجة التى انتهى إليها ، ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم أنه أقام قضاءه على أسباب مستقلة عما تزيد فيه من أسباب و رد عليها النعى و يستقيم الحكم بدونها .
( الطعن رقم 4684 لسنة 58 - جلسة 1989/11/02 - س 40 ص 819 ق 138 )
6- لما كان ذلك , وكانت المادة 119 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يقصد بالأموال العامة فى تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو إدارتها (أ) ....... (ب) ....... (ﺠ) ....... (د) ....... (ﻫ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام (و) ....... (ز) ....... وكان يبين من نص المادة 119 من قانون العقوبات المار بيانه أن الشارع قد اعتبر الأموال المملوكة كلها أو بعضها للمؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام من الأموال العامة , وكذلك الأموال الخاضعة لإشرافها أو إدارتها أو إشراف أو إدارة إحدى الجهات المبينة بالنص آنف الذكر وكان لا يصح اعتبار المؤسسات الخاصة ذات نفع عام بناء على طبيعة نشاطها أو أغراضها , وإنما بالنظر إلى كيفية اكتسابها لهذه الصفة وفقاً للنظام الخاص المعمول به فى هذا الشأن وهو القانون رقم 32 لسنة 1964 فى شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصةالذي أورد فى الباب الأول منه الأحكام العامة فى شأن إنشاء الجمعيات ونشاطها وأهدافها وشهر نظامها وكيفية إدارتها وإدارة أموالها , والنظم المتعلقة بحلها , ثم أورد فى الباب الثاني الأحكام الخاصة بالجمعيات ذات الصفة العامة , فنص فى المادة 63 منه على أن " تعتبر جمعية ذات صفة عامة كل جمعية يقصد بها تحقيق مصلحة عامة يصدر قرار من رئيس الجمهورية باعتبارها كذلك , كما يجوز بقرار من رئيس الجمهورية سحب الصفة العامة من الجمعية " . لما كان ذلك , وكان المقصود بالصفة العامة التي تسبغ على المؤسسة لاعتبارها كذلك فى حكم المادة 63 من القانون 32 لسنة 1964 المار بيانها هو النفع العام , أي أن الصفة العامة هي مرادف للنفع العام على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية المرافقة للقانون 32 لسنة 1964 , وكانت صفة النفع العام لا تسبغ على المؤسسات طبقاً للمادة 63 من ذلك القانون إلا بقرار من رئيس الجمهورية ولا تزول إلا به . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الشركة المجني عليها ....... , من المؤسسات ذات النفع العام , وان أموالها تعد من الأموال العامة أخذاً بطبيعة نشاط تلك الشركة , دون التطرق إلى بحث كيفية اكتسابها لصفة النفع العام على ضوء ما نصت عليه المادة 63 من القانون رقم 32 لسنة 1964 , أو لاستظهار مدى خضوع أموالها لإشراف أو إدارة الدولة أو إحدى الجهات الإدارية التابعة لها , أو غيرهما من الجهات المنصوص عليها فى المادة 119 من قانون العقوبات فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور فى البيان , بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة .
( الطعن رقم 8210 لسنة 78 - جلسة 2011/03/10 )
والواضح أن المشرع قد توسع في تحديد هذه الجهات توسعاً كبيراً، أصبحت أموال الدولة والأشخاص المعنوية العامة على قدم المساواة مع أموال أشخاص المعنوية الخاصة مما ورد ذكرها في نص المادة 119.
ولا أهمية لما إذا كانت النقابات والإتحادات المشار إليها في الفقرة «د» أو شركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية المشار إليها في الفقرة «ز» من أشخاص المعنوية العامة أو الخاصة، فأموالها جميعاً مهما كانت طبيعتها تعد أموالاً خدمة في حكم المادة 119 عقوبات، وهذا التوسع يخل بميزان التجريم والعتاب الذي يجب أن يتوقف على مدى أهمية المصلحة الاجتماعية المعتدى عليها، وهي مصلحة متفاوتة باختلاف أهمية أموال الجهات المنصوص عليها في المادة 119 عقوبات - نسبة للاقتصاد القومي.
المساواة بين ملكية المال العام والإشراف عليه أو إدارته:
بلغ توسع قانون العقوبات في تحديد المال العام مداه إذ ساوى بين ملكية الجهات المنصوص عليها في المادة 119 عقوبات لهذا المال أو إشرافها عليه أو إدارته، ولا صعوبة بالنسبة إلى الملكية، أما الإشراف، فيقصد به الرقابة المالية والإدارية على صرف هذه الأموال على اختلاف مظاهرها، ويقصد بالإدارة: كافة الأعمال اللازمة لتنظيم استعمال هذه الأموال.
وواقع الأمر أنه ما كان هناك مبرر للنص على الرقابة أو الإدارة طالما توسع المشرع في المادة 119 التي اشتملت على كافة الجهات التي يمكن أن تخضع أموالها الرقابة إدارة الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة . ( الوسيط في قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة الكتاب الأول 2016، الصفحة: 481 )
حرص الشارع على تحديد مدلول «المال العام» الذي يعتبر موضوعاً لهذه الجرائم ، فنصت المادة 119 من قانون العقوبات على أنه « يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعا لإشرافها أو لإدارتها: (أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية . (ب) الهيئات العامة والمؤسسات العامة وحدات القطاع العام . (ج) الاتحاد الاشتراكي والمؤسسات التابعة له .(د) النقابات والإتحادات . (هـ) المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام (و) الجمعيات التعاونية . (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة . (ح) أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة ».
ويلاحظ على هذا البيان التشریعی توسعه البالغ في تحديد مدلول « المال العام » بما يجاوز العلة من تقرير الحماية المغلظة للأموال المخصصة للنفع العام .
لقد افتتح الشارع هذا النص بتقريره أنه « يقصد بالأموال العامة » ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو الإدارتها ، وهذا التحديد قد جانب المستقر عليه فقها في تحديد مدلول المال العام، إذ هو المال المرصود للنفع العام، أي المخصص لمرفق عام تمكيناً له من القيام بدوره في إشباع حاجة عامة أو توفير خدمة عامة أو مجرد تحقيق إيراد الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة، وهذا المعنى ينصرف إلى الأموال المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة أو من شبهتهم بها المادة 119 من قانون العقوبات ؛ أما مجرد خضوع المال الإشراف هذه الأشخاص أو الهيئات ، أو مجرد خضوعه لإدارتها فلا يصلحان ضابطاً التحديد فكرة المال العام فقد يكون الإشراف على المال مجرد رقابة على إنفاقه ، وقد تكون إدارته محض محافظة عليه أو تنظيم لإستعماله .
وما ورد النص عليه في الفقرتين (أ) ، (ب) يعتبر مالاً عاماً وفقاً للمبادىء العامة في القانون الإداري ، ومن ثم لم يضف النص عليه جدیداً وما ورد في الفقرة (ج) من الإشارة إلى « الإتحاد الإشتراكي والمؤسسات التابعة له » لم يعد له محل في الوقت الحاضر ، فقد اختفى ذلك الإتحاد من النظام القانوني المصري المعاصر ؛ وما كان يجوز النص في قانون العقوبات ، ونصوصه تتصف بالثبات والإستقرار النسبيين على تنظيم له بطبيعته « صفة مرحلية »، ونلاحظ كذلك أن إعتبار أموال جميع النقابات والاتحادات والجمعيات التعاونية أياً كان نوعها أموالاً عامة أمر محل نظر من حيث السياسة التشريعية . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 93)
ولذلك نصت المادة 119 عقوبات على أن يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعة لإشرافها أو إدارتها.
(1) الدولة ووحدات الإدارة المحلية :
1 - الدولة أو هيئاتها العامة. فالدولة تباشر نشاطها الإداري عن طريق أجهزتها المختلفة التي تأخذ في بعض الأحيان شكل الهيئات العامة المستقلة والمنفردة بشخصيتها المعنوية. وسواء أكانت تلك الهيئات العامة محلية أم مركزية. وهذه الصورة الأولى تنطبق على المفهوم الحقيق للإدارة العامة وجميع موظفيها يعتبرون موظفين عموميين وبالتالي ف إن الجرائم التي تقع منهم أضرارا بالجهة التي يعملون بها تدخل في طائفة الجرائم ضد الإدارة العامة.
2 - المؤسسات العامة ويقصد بها المؤسسات العامة الإدارية. وهی شخص من أشخاص القانون العام يقوم بالإسهام في شئون مرفق عام من مرافق الدولة ومثالها مؤسسة النقل وهيئة قناة السويس . وقد صار عدداً منها مصالح حكومية لها إدارة مستقلة كالهيئة العامة لشئون سكك حديد الجمهورية وطبيعي أيضاً أن موظفي تلك المؤسسات يعتبرون موظفين عموميين وجرائمهم تدخل في عداد الجرائم الموجهة ضد الإدارة العامة.
3 - الوحدات الاقتصادية : وهي مستمدة بالقانون رقم 60 لسنة 1971 ويقصد بها الشركات والمنشآت والمؤسسات والجمعيات والمنظمات التي تساهم فيها الدولة أو إحدى هيئاتها العامة في مالها بنصيب ما وبأية صفة كانت كما تشمل أيضاً شركات القطاع العام والجمعيات التعاونية والمنشآت التابعة للمؤسسات العامة.
وجدير بالذكر أن الطبيعة القانونية لتلك الوحدات ليست محل اتفاق بالنسبة للفقه الإداري إلا بالنسبة لشركات القطاع العام وهي التي تمتلكها الدولة بأكملها أو تساهم في مالها بنصيب ما ويصدر قرار باعتبارها شركة قطاع عام، فهذه الشركات فقط هي التي حسم فيها المشرع الخلاف واعتبرها شخصاً من أشخاص القانون العام وبالتالي تدخل في عداد طوائف الإدارة العامة بالنسبة لجرائم موظفيها أما بالنسبة لباقي الجهات التي تنشئها المؤسسات العام أو تساهم في مالها بنصيب ما فالفقه الإداري لم يستقر على وضعها القانوني باعتبارها من أشخاص القانون العام من عدمه.
غير أن قانون العقوبات ، وكما سنرى أكثر تفصيلاً ، يتمتع بذاتية مستقلة بالنسبة للأفكار والتعبيرات التي يستعيرها من فروع القانون المختلفة، ولذلك فإن المشرع الجنائي باعتباره يهدف إلى غاية أخرى خلاف تلك التي يبغى تحقيقها المشرع المدني أو الإداري ، قد اعتبر جميع الجهات التي تساهم فيها الدولة أو إحدى هيئاتها العامة بنصيب ما وبأية صفة كانت ، في حكم جهات الإدارة العامة بالمعنى الحقيق ولذلك نجده في القانون رقم 120 لسنة 1962 والمتعلق بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات في جرائم الموظفين العموميين ضد الإدارة العامة قد نص صراحة على المساواة التامة بين جهات الإدارة العامة بالمعنى الدقيق الدولة وهيئاتها العامة وبين الجهات التي تساهم فيها الدولة أو هيئاتها العامة بنصيب ما وبأية صفة كانت كما سيجئ تفصيلاً، موظفي ومستخدمي تلك الجهات في حكم الموظفين العموميين .
وأخيرا نجد في المرتبة الرابعة جهات الإدارة الخاصة وهي الجهات التي تتولاها هيئات خاصة بقصد تحقيق هدف خاص أو عام وهذه الجهات تشمل الشركات المساهمة التي لا تساهم فيها الدولة أو إحدى هيئاتها العامة بنصيب ما ولا بأية صفة كانت ، والجمعيات التعاونية ،المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً.
وجدير بالذكر أن تلك الجهات هي جهات خاصة في نظر الفقه الإداري اللهم إلا النقابات المهنية فالراجح هي أنها من أشخاص القانون العام ورغم ذلك فإن المشرع الجنائي مستند إلى ذاتيته واستقلاله اعتبر النقابات المنشأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً فی حکم جهات الإدارة العامة ، ومن ناحية أخرى شدد الحماية الجنائية لتلك الجهات بالنسبة لبعض جرائم موظفيها تشديداً وإن لم يرق إلى مصاف التشديد المقرر لجهات الدولة ومؤسساتها العامة ، إلا أنه مع ذلك يرتفع كثيراً عن الحد المقرر للأفراد والهيئات الخاصة الأخرى فنجد أن المشرع قد حمى تلك الجهات من جرائم الرشوة والاختلاس والتزوير ووضع لها نصوصاً خاصة تكفل الحماية اللازمة لتلك الجهات بما يتلاءم والدور المنوط بها - في داخل التنظيم القانوني للدولة ذلك أن تلك الجهات وإن كانت معتبرة جهات خاصة إلا أن نظامنا القانوني قد أخضعها لرقابة وإشراف هيئات - الدولة المختلفة ومادامت تلك الجهات قد ألقي عليها عبئاً معيباً في تنظيمنا الاجتماعي والاقتصادي فلم يكن هنالك لا بد من أن يتدخل المشرع الجنائي بالحماية اللازمة لها حتى تستطيع القيام بالوظيفة المنوطة بها ولذلك فإن الجرائم التي ترتكب من موظفيها إضراراً بها تدخل هي الأخرى في طائفة جرائم الموظفين ضد الإدارة العامة وإن كانت تخضع لأحكام تختلف بعض الشئ عن الأحكام التي تخضع لجرائم الموظفين العموميين ضد الإدارة العامة بمعناها الدقيق اختلافاً نستظهره في موضعه عند معالجة الجرائم المختلفة محل البحث.
ثانياً : الأموال المعتبرة حكماً أموالاً عامة . أموالاً لشركات والجهات التي تساهم الدولة أو إحدى هيئات العامة في مالها بنصيب ما وبأية صفة كانت .
اعتبرت تلك الأموال أموالاً عامة رغم عدم ملكيتها للدولة ولجهاتها العامة في مجموعها فالفرض أن الدولة تساهم بنصيب ما ، وبالتالى تكون أموال تلك الجهات هي في جزء منها أموال خاصة وفي الجزء الآخر أموال عامة مملوكة للدولة أو لإحدى هيئاتها العامة إلا أن المشرع الجنائي اكتفي بمساهمة الدولة أو إحدى الهيئات العامة في مالها بای نصيب وبأي صفة وذلك لإضفاء صفة المال العام على كل الأموال حتی تلك المملوكة ملكية خاصة منها وقد فعل المشرع الجنائي ذلك واضعاً في اعتباره الدور الذي تقوم به الدولة أو الهيئة العامة المساهمة في ملكية تلك الأموال لتوجيهها التوجيه السليم لأداء النشاط الوظيفي المنوط بجهات الإدارة العامة .
وتأسيساً على ذلك فقد حمى المشرع الجنائي تلك الأموال بنفس الحماية الجنائية التي قررها للمال العام بالمعنى الدقيق ومد عليها للنصوص التجريمية الخاصة بالتخريب والاختلاس والاستيلاء والإضرار العمدي وغير العمدي ونظراً لأن المشرع أضفى على تلك الطائفة من الأموال وظيفة الأموال العامة بالمعنى الدقيق للوظيفة فقد أسبغ على المتصلين به بحكم نشاطهم الوظيفي صفة الموظفين العموميين ، فاعتبر موظفي ومستخدمي تلك المؤسسات والشركات والمنشآت موظفين عموميين وبسط عليهم النصوص التجريمية المتعمقة بحماية السير الطبيعي للوظيفة وتجريم الأفعال التي تخل بواجبات تلك الوظيفة ، لذلك فقد طبق عليهم النصوص الخاصة بالرشوة والاختلاس والاستيلاء والإضرار العمدي وغير العمدي الذي يقع على تلك الأموال بمعنى أن المشرع اعتبر تلك الطائفة من الأموال في حكم الأموال العامة شأنها في ذلك شأن أموال الدولة وهيئاتها العامة ، فالاعتداء الذي يقع من الموظفين العموميين على تلك الأموال مجرد بذات النصوص الواردة بشأن الأموال العامة بالمعنی الدقيق.
ولا يقدح في هذا القول أن المشرع لم ينص على تلك الأموال بصدد المادة 112 عقوبات ، وإنما فقط بصدد المادة 113 عقوبات مما قد يستفاد منه للوهلة الأولى أن المشرع حمى تلك الأموال فقط من الاستيلاء ولم يبسط الحماية عليها بالنسبة للاختلاس بمعنى أنه إذا اختلس موظف أو مستخدم بإحدى الجهات التي تساهم الدولة أو إحدى هيئاتها في مالها بنصيب ما ، مالاً سلم إليه بسبب وظيفته فلا يمكن عقابه بالتطبيق للمادة 112 وإنما فقط بمقتضى المادة 113 باعتبارها نصا عاما يشمل الاختلاس والاستيلاء معاً.
غير أن هذا الاستخلاص لا يمكن التسليم به وذلك أن المادة 112 عقوبات تعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل موظف أو مستخدم عمومی اختلس أموالاً أو أوراقاً أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته فالمشرع اكتفي هنا بصفة الموظف العمومي في الجاني وبالتسليم بسبب الوظيفة بالنسبة للمال ومن اشتراط تعلق المال بجهة من الجهات ، بل أنه يمتد ليشمل أيضا الأموال الخاصة المملوكة للأفراد التي كانت قد سلمت بسبب الوظيفة فإذا وضعنا المادة 112 إلى جانب المادة 119 عقوبات التي تعرف الموظف العمومي في نظر المشرع الجنائي بالنسبة لجرائم الموظفين ضد الإدارة العامة ، لوجدناها تحيل إلى المادة 111 التي تعتبر في حكم الموظفين العموميين أعضاء مجلس إدارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كان الدولة أو إحدى هيئاتها العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت (م 111 - 6)، ومعنى ذلك أن موظفي ومستخدمي تلك الهيئات يعتبرون من المخاطبين أيضاً بأحكام المادة 112 عقوبات التي تسري عليهم بخصوص أي مال يسلم إليهم بسبب الوظيفة كما سنرى تفصيلاً في موضعه.
ويلاحظ أن حماية المشرع لتلك الأموال لا تقف فقط عند حالات مساهمة الدولة أو الهيئة العامة في أموال تلك الجهات بوصفها شخصاً عاماً فهي تمتد لتشمل حالات المساهمة بوصف الدولة أو الهيئة العامة شخصاً من أشخاص القانون العامة أو بوصفها شخصاً معنوياً من أشخاص القانون الخاص ، ذلك أن حكمة التجريم هي الحفاظ على أموال جهات القانون الخاص ، ذلك أن حكمة التجريم هي الحفاظ على أموال جهات الإدارة العامة في جميع الحالات لتتمكن من مباشرة النشاط العام المنوط بها ولهذا السبب فقد اكتفى المشرع بمساهمة الدولة أو الهيئة العامة ، ولم يشترط قدراً معيناً من المساهمة كما لم يشترط صفة معينة لتلك المساهمة مكتفياً فيها بای نصيب وبأي صفة وذلك تمشياً مع حكمة التشريع من حماية الوظيفة العامة للدولة وأجهزتها المختلفة .
وأخيرا نود أن نلفت النظر إلى أن المساهمة بأي نصيب وبأي صفة هو تعبير يتسع ليشمل أيضاً حالات الإعانة التي تدفعها الدولة أو الهيئات العامة لبعض الجهات الخاصة كالجمعيات والمنظمات الخاصة والواقع أننا لو أخذنا تعبير المساهمة بالمعنى السابق الذي يشمل أيضاً الإعانات لما كان هناك مبرر لنص المادة 113 مكرر التي تجرم الاختلاس والاستيلاء الذي يقع من موظفي الشركات المساهمة والجمعيات التعاونية والنقابات والمؤسسات والجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع خاص على أموال تلك الجهات وهي التي أطلقنا عليها جهات الإدارة الخاصة وذلك الاعتبارين :
الأول : هو أن معظم الجهات المذكورة بتلك المادة تتقاضى إعانات من الحكومة أو إحدى هيئاتها العامة ، والثاني هو أن المادة 111 عقوبات تعتبر موظفي ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت موظفين عموميين متى كانت الدولة أو إحدى هيئاتها العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة كانت لذلك إذا اعتبرنا الإعانة نوعاً من المساهمة الأضحي موظفو الجهات لمذكورة بالمادة 113 مکرر في حكم الموظفين العموميين ولسرت عليهم النصوص الخاصة بالاختلاس والاستيلاء الوارد بالمادتين 112، 113 عقوبات ولأصبح بالتالي نص المادة 113 مکرر مجرداً من مضمونه كما سنرى تفصيلا في موضعه.
ثالثاً : أموال الأفراد الموجودة في عهدة الحكومة أو الهيئات العامة وكذلك الجهات التي تساهم الدولة أو الهيئات العامة في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت :
وهذه الأموال حماها المشرع من أفعال الموظفين العموميين التي تأخذ صورة الاختلاس أو الإضرار العمدي وغير العمدي على التفصيل الذي سنراه فيما بعد ويكفينا في هذا الصدد التقرير بأن المشرع قد حمى تلك الأموال من الاختلاس ومن الإضرار العمدي وغير العمدي بذات الحماية المقررة للمال العام ذاته المتعلق بجهة الإدارة العامة سواء أكانت الدولة وهيئاتها أو الجهات التي تساهم الدولة أو هيئاتها في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت.
ويلاحظ هنا أن المقصود بأموال الأفراد محل الحماية هي تلك الأموال التي ليس للدولة أو لإحدى هيئاتها العامة عليها حق من الحقوق العينية أو الشخصية المكفولة بضمان عینی ذلك أن مثل تلك الأموال سبق أن بينا أنها تدخل في عداد الطائفة الأولى الخاصة بأموال الدولة وهيئاتها العامة.
وعلى ذلك فأموال الأفراد هذا المقصود بها تلك الأموال التي توجد في حوزة الإدارة العامة ولا تملك عليها أي حق اللهم إلا الحيازة المادية لها بحكم النشاط الوظيفي وهذا المعنى يظهر بوضوح من صریح عبارة المادتين 116 مكرر أو 116 مکرر ب حيث عبرنا عن ذلك بأموال الأفراد أو مصالحهم المعهود بها إلى الجاني وهذا يستفاد منه أنه ليس الدولة أو الهيئة العامة أي حق من الحقوق المتعلقة بتلك الأموال وإنما لها فقط مجرد الحيازة المادية ومثال ذلك ودائع الأفراد المعهود بها إلى البنوك والحوالات البريدية والخطابات .
وغني عن البيان أن المشرع يقصد من حمايته لتلك الأموال الخاصة ضمان السير الطبيعي للوظيفة العامة والذي يتأتي عن طريق ثقة الأفراد في الأجهزة الإدارية وممثليها كما راعى المشرع أيضاً أن الإضرار بتلك الأموال ولو أنها أموال خاصة إلا أنه قد يعود الضرر على المصلحة المالية ذاتها لجهة الإدارة ذلك أن وجود المال الخاص في عهدة الهيئات العامة والموظفين العموميين لاشك انه يلزمها بتعويض كل ضرر يصاب به هذا المال الخاص ، كما قد يعوقها عن أداء وظيفتها فالدولة تلزم بتعويض الضرر الذي يصيب المال الخاص المعهود به إليها وهي حين تلزم بذلك إنما تدفع قيمة التعويض من أموالها العامة بالمعنى الدقيق، وهذا بلا شك يضر بالمركز المالي لجهة الإدارة ومن ناحية أخرى، نجد أن بعضاً من أموال الأفراد يعوق الإضرار به جهة الإدارة العامة من القيام بوظيفتها ذلك أن كثيراً من أموال الأفراد المعهود بها إلى الإدارة تأخذ الصورة النقدية أو صوراً أخرى تستطيع أن تستخدمها في أداء الدور الملقى على عاتقها من حيث النشاط الاقتصادي الاجتماعي ومثال ذلك أموال الأفراد المودعة في البنوك ومكاتب البريد ولعل هذه الأسباب مجتمعة هي التي دعت المشرع إلى حماية الأموال الخاصة الموكولة إلى جهات الإدارة العامة.
رابعاً : أموال جهات الإدارة الخاصة وأموال الأفراد المعهود بها إليها :
ويندرج تحت تلك الطائفة أموال الشركات المساهمة والجمعيات التعاونية والنقابات المنشأة طبقاً للقواعد المقررة قانونا والمؤسسات والجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام.
وظاهر أن الطائفة التي نحن بصددها تشمل أموالاً خاصة بحتة بمعنى أن المال محل الحماية الجنائية ليس متعلقاً بالدولة أو إحدى هيئاتها العامة، كما أنه مال لا تساهم الدولة أو إحدى هيئاتها فيه بأي نصيب ولا بأية صفة ، ولو كان كذلك لاندرجت تلك الأموال تحت الطائفة الثانية السابقة الحديث عنها فمثلاً إذا كانت الجمعيات التعاونية تساهم الدولة أو إحدى هيئاتها العامة في مالها بنصيب ما فإنها تدخل في عداد الطائفة الثانية من الأموال ، كما هو الشأن بالنسبة للجمعيات التعاونية التي تكونها المؤسسة العامة الاقتصادية.
وقد خص المشرع الجنائي تلك الأموال بالحماية المقررة للأموال العامة من الأفعال التي تكون اعتداء عليها وتعوق بذلك جهة الإدارة الخاصة عن أداء المهمة المنوطة بها. (قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول، الصفحة: 78)
يلاحظ أنه يستوي أن يكون كل الأموال أو بعضها مملوكاً لإحدى الجهات المبينة بالنص أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني ،الصفحة 501 )
لقد توسع المشرع في مدلوله للمال العام بما يضمن حماية فعالة لكل مال يخصص كلياً أو جزئياً للنفع العام ويبدو هذا التوسع واضح مما يلي .
أولاً : لا يشترط لاعتبار المال عامة أن يكون مملوكة للدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، بل يكون المال عامة كذلك إذا كان خاضعاً الإشراف الجهة العامة أو لإدارتها، ولو كان مملوكة بعضه أو كله لغيرها من الجهات وعلى ذلك تتوافر الصفة العامة للمال في حكم المادة التي نحن بصددها، ولو كان الإشراف عليه يتمثل في مجرد رقابة على إنفاقه، أو كانت إدارته محض محافظة عليه أو تنظيم لإستعماله.
ثانياً : لا تتوقف صفة المال العام على صفة المالك له، فليس بلازم لإضفاء صفة المال العام أن يكون المال خاصة بالدولة أو بأحد الأشخاص المعنوية العامة، بل يعد المال عاماً، ولو كان مملوكة بأكمله لجهة من الجهات الخاصة التي لا تتمتع قانوناً بالشخصية المعنوية، مثل بعض النقابات والإتحادات والجمعيات التعاونية والواقع أنه في هذه الحالة يكون المال في الغالب عاماً، إما لأنه يحقق نفعاً عاماً، وإما لأنه يخضع لإشراف أو إدارة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة في أي صورة كانت.
ثالثاً : لم يقتصر المشرع على معيار تخصيص المال للنفع العام، بل اعتبر المال عاماً ولو كان تخصيصه يغلب عليه الطابع الخاص، وكان إتصاله بتحقيق النفع العام محدودة أو معدومة فأموال بعض النقابات والاتحادات والجمعيات التعاونية مرصودة لتحقيق أغراض ومنافع خاصة، ومع ذلك إعتبرها المشرع أموالاً عامة، وشملها بالتالي بالحماية الجنائية المشددة للأموال المخصصة للنفع العام.
و تطبيقاً للفقرة الأخيرة من المادة التي نحن بصددها يعتبر من الأموال العامة أموال شركات قطاع الأعمال العام سواء منها الشركات القابضة أو التابعة فقد نص المادة (52) من القانون رقم 203 لسنة 1991 الخاص بشركات قطاع الأعمال العام على أن "تعتبر أموال الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون في حكم الأموال العامة"، وذلك في تطبيق أحكام الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، الخاص بجرائم العدوان على المال العام. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 576 )