1- الادلاء بمعلومات تتعلق بجناية أو جنحة مع العلم بعدم صحتها لاعانة الجاني على الفرار هو مما ينطبق عليه حكم المادة 145 من قانون العقوبات، إلا أنه يشترط للعقاب على الأفعال المنصوص عليها فى هذه المادة أن يكون الباعث عليها هو إعانة الجاني على الفرار من وجه القضاء، وهو ما لم يستظهره الحكم على الرغم من إيراده قول المحكوم عليه أن الطاعنين حرضاه وإتفقا معه على قول غير الحقيقة فى محضر الشرطة إبتغاء تجنب تشريح جثة والده المجنى عليه، وهو دفاع جوهرى فى الدعوى لم تقسطه المحكمة حقه ولم تقل رأيها فيه مع أنه إذا صح تغير به وجه الرأى فى الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين، دون المحكوم عليه ............. الذى وإن إتصل وجه النقض به بالنسبة إلى الجريمة محل الطعن، إلا أن المحكمة أنزلت به عقوبة واحدة عنها وعن جريمتين آخريين، وهى عقوبة مبررة لإحدى هاتين الجريمتين
(الطعن رقم 30134 لسنة 59 جلسة 1997/05/19 س 48 ع 1 ص 601 ق 89)
يلاحظ أن كلمة " القضاء الواردة بالنص مقصود بها الآن القضاء العسكري الذي يختص دون سواه بمحاكمة الفارين من الخدمة العسكرية.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثاني، الصفحة : 615)
تقوم الجريمة على ركن مادي وركن معنوي.
يتكون الركن المادي من العناصر الآتية:
(1) سلوك إيجابي يتمثل في إخفاء الفار من الخدمة العسكرية أو في مساعدته و على الفرار من هذه الخدمة.
(2) عنصر نفسي في الركن المادي هو العلم بصفة الفار من الخدمة العسكرية في الشخص موضوع ذلك الإخفاء أو تلك المعاونة.
فالإخفاء لا يراد به الحجب عن الأنظار وإنما إيواء الفار من الخدمة العسكرية في مكان غير المكان الذي إعتاد الإقامة فيه كي لا يهتدي إليه بالالتجاء إلى عنوانه العادي أو إنكار تواجده في هذا العنوان رغم أنه مقيم به.
ويستوي في ذلك الإيواء أن يكون في مأوى يحوزه الفاعل أو في مأوى لأخر الغيره كما يستوي فيه أن يكون بمقابل أو بغير مقابل.
ويلزم أن يتوافر لدى المخفي أو المساعد العلم بأن الشخص موضوع الإخفاء أو المساعدة فار من الخدمة العسكرية أي لم يقدم نفسه لسلطة التجنيد رغم بلوغه الثامنة عشرة من عمره ورغم عدم تمتعه بسبب من أسباب الإعفاء من التجنيد.
الركن المعنوي :
هو إنصراف إرادة الفاعل العالم بصفة الفار من الخدمة العسكرية في الشخص موضوع سلوكه إلى إيواء هذا الشخص منعاً لتوصل سلطة التجنيد إليه، أو إلی معاونته على الفرار من وجه القضاء.
فإذا اختبأ الفار من الخدمة العسكرية في مأوى أحد الأشخاص دون علم من هذا الأخير، لا تتوافر جريمة الإخفاء لعدم تحقق ركنها المعنوي بل حتى لعدم تحقق ركنها المادي من جانب صاحب هذا المأوى.
عقوبة الجريمة :
الحبس مدة لا تزيد على سنتين.
غير أن المادة (50) من القانون 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية والوطنية، نصت على عقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع لكل فرد - عدا الأم أو الزوجة - أخفى فرداً بقصد تجنيبه الخدمة العسكرية.
ولما كانت المادة (50) المذكورة لاحقة للمادة (146) من قانون العقوبات وكان اللاحق ينسخ السابق، فالعقوبة المقررة للجريمة التي نحن بصددها قد صارت عقوبة جناية الآن بدلاً من عقوبة الجنحة التي قررها قانون العقوبات .
الظرف المعفي :
تقرر المادة التي نحن بصددها أن حكمها لا يسري على زوجة الفار من الخدمة العسكرية، ويعني ذلك أن أي شخص غير الزوجة لا يعفي من عقوبة جريمة الإخفاء أو المساعدة، أياً كانت قرابته بمن أخفى أو سوعد ولو كان والده أو ابنه أو بنته أي ولو كان أصلاً أو فرعاً.
وكل ما استحدثته المادة (50) من القانون رقم 127 لسنة 1980 هو أن الأم فضلاً عن الزوجة تتمتع بالإعفاء من العقوبة، وإذن فلا يتمتع بالإعفاء الأب وإنما الأم فقط فضلاً عن الزوجة، ذلك لأن ظرف الإعفاء من العقاب يعتبر ظرفاً استثنائياً بخلاف السبب المبيح، وبالتالي لا يجوز القياس عليه بما يوجد استثناءاً جديداً.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثاني، الصفحة : 741 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 299
ز - حَبْسُ الْمُتَسَتِّرِ عَلَى الْقَاتِلِ وَنَحْوِهِ :
- ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ مَنْ آوَى قَاتِلاً وَنَحْوَهُ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لآِدَمِيٍّ، وَمَنَعَهُ مِمَّنْ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْوَاجِبَ بِلاَ عُدْوَانٍ فَهُوَ شَرِيكُهُ فِي الْجُرْمِ، وَقَدْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَيُعَاقَبُ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ حَتَّى يُمَكِّنَ مِنْهُ أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهِ؛ لِتَرْكِهِ وَاجِبَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.