loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 588

مذكرة المشروع التمهيدي :

مع أن فوائد التأخر ليست على وجه الإجمال إلا صورة من صور التعويض، إلا أنها تستحق دون أن يلزم الدائن بإثبات خطأ المدين، بل ولا بإقامة الدليل على ضرر حل به. فالأصل أن تقدير هذه الفوائد تقدير جزافي، سواء أحسبت على أساس السعر القانوني، أم على أساس سعر اتفاقي ومع ذلك فللدائن أن يطالب بفوائد إضافية، تربو على ما يستحق من الفوائد القانونية أو الإتفاقية، إذا أقام الدليل على أن ضرراً تجاوز قيمته مقدار هذه أو تلك قد أصابه من جراء غش المدين أو خطئه الجسيم ( وقد يلمح هذا المعنى فيما نصت عليه المادة 303 من المشروع بشأن الشرط الجزائي قارن القانون الفرنسي الصادر في 4 أبريل سنة 1900). ويوجه هذا الحكم ما هو ملحوظ من أن حرمان الدائن من اقتضاء تعويض إضافي، في مثل هذه الحالة، يكون بمثابة إعفاء جزئي من المسئولية المترتبة على الغش أو الخطأ الجسيم، وهو ما لا يجوز ولو بمقتضى اتفاق خاص.

ويستثنى كذلك من اعتبار التقدير في فوائد التأخر جزافاً، ما تقضى به المادة 307 من المشروع. فهى تبيح للقاضي، على نقيض ما تقدم في الحالة السابقة، «أن يخفض فوائد التأخر، قانونية كانت أو اتفاقية، وألا يقضى بها إطلاقاً، عن المدة التي يطيل فيها الدائن أمد النزاع في المطالبة بحقه بخطأ منه دون مبرر يستلزم تلك الإطالة»، بيد أن أثر هذا التخفيض أو ذاك الإسقاط لا ينسحب إلا على الفترة التي يطول فيها أمد النزاع، دون مبرر، من جراء خطأ الدائن ولا يستلزم إعمال هذا النص رفع خصومة إلى القضاء، بل يكفي أن يلجأ الدائن في المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل في بطئها، على أن انتفاع المدين بحكم هذه المادة مشروط بإقامة الدليل على وقوع خطأ من الدائن، وقصارى القول أن استثناء هذه الحالة لا يعدو أن يكون تطبيقاً لفكرة الخطأ المشترك، وقد تقدم أن الأثر المعتاد لهذا الخطأ هو انتقاص التعويض وقديماً فطنت محكمة الاستئناف الأهلية إلى هذا التطبيق ( 10 مارس سنة 1896 حقوق 11 ص 175 ) فهو من هذه الوجهة، ليس بالجديد كل الجدة بالنسبة للقضاء المصري.

المشروع في لجنة المراجعة

 تليت المادة 307 من المشروع فأقرتها اللجنة كما هي .

 وأصبح رقمها 236 في المشروع النهائي.

المشروع في مجلس النواب

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 236 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثالثة والعشرين

تليت المادة 236 - فقال معالي السنهوري باشا إن هذه المادة تعالج حالة الدائن سئ النية الذي يتعمد إطالة أمد النزاع قبل مدینه لتسري عليه الفوائد لأنه يجد من مصلحته استمرار النزاع كی تستمر الفائدة في سريانها، وقد أثبت العمل أنه كثيراً ما يلجأ الدائن إلى إنكار الإمضاء أو إلى الدفوع أو رد القاضي، فقال سعادة الرئيس إن هذه المادة لا مقابل لها لا في التشريعات الأجنبية ولا في أحكام القضاء فأجاب الدكتور بغدادی بأنها مستمدة من أحكام القضاء ودلل على ذلك ما جاء عنها في المذكرة الإيضاحية.

وهنا اقترح سعادة الرئيس الأخذ بنص القانون الفرنسي في هذا المقام والتعبير بسوء النية بدلاً من الخطأ، وبذلك يكون نص المادة كما يأتي : «إذا تسبب الدائن بسوء نية وهو يطالب بحقه في إطالة أمد النزاع فللقاضي أن يخفض الفوائد قانونية كانت أو اتفاقية وألا يقضى بها إطلاقاً عن المدة التي طال فيها النزاع بلا مبرر».

قرار اللجنة :

وقد وافقت اللجنة على هذا النص المقترح.

تقرير اللجنة :

رأت اللجنة أن تدخل عبارة «بسوء نية» بدلا من كلمة «بخطئه» لأن فكرة الخطأ قد تتسع لفروض لا يحسن فيها توقيع هذا الجزاء، ولهذا آثرت الجنة أن يكون الجزاء قاصراً على حالة سوء النية وحدها.

وأصبح رقم المادة 229.

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.

الأحكام

1- إعمال الجزاء المنصوص عليه فى المادة 229 من القانون المدنى بتخفيض الفوائد قانونية كانت أواتفاقية أوعدم القضاء بها إطلاقا لايستلزم على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية رفع خصومة إلى القضاء يكون الدائن مدعياً فيها بل يكفى أن يلجأ الدائن فى المطالبة بحقه إلى إجراءات لا طائل من بطئها وإذ كان عرض المدينين للباقى من دين الطاعن لتبرئة ذمتهم يستلزم وقوفهم على حقيقة هذا الباقى وكان الحكم قد خلص إلى أن المدينين لم يتمكنوا من معرفة هذا الباقى رغم إنذارهم البنك المرة بعد الأخرى ومقاضاته وهذا الذى خلص إليه الحكم له أصله الثابت فى الأوراق فإن النعى عليه لإسقاط الفوائد إستناداً إلى أن البنك الطاعن قد تسبب بسوء نيته فى إطالة أمد النزاع يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 413 لسنة 36 جلسة 1973/02/08 س 24 ع 1 ص 161 ق 30)

2- لايكفى لإعمال الجزاء المنصوص عليه فى المادة 229 من القانون المدنى وقوع خطأ من الدائن فى مسلكه فى الدفاع فى الخصومة ولوكان هذا الخطأ جسيما بل لابد من ثبوت سوء نيته وتعمده الأضرار بالمدين حتى تتراكم عليه الفوائد ومن ثم فإن مجرد إبداء الدائن دفاعا يخفق فى إثباته لا يدل بذاته على أنه كان سيء النية فى إطالة أمد التقاضى بل لابد لذلك من أن يثبت أن هذا الدفاع كيدى وأن القصد من تقديمه إطالة أمد التقاضى إضراراً بالمدين .

(الطعن رقم 331 لسنة 35 جلسة 1969/07/03 س 20 ع 2 ص 1101 ق 170)

3- إذا كان الحكم المطعون فيه قد بين الإجراءات التى قام بها الطاعن ( الدائن ) بقصد إطالة أمد النزاع ودلل على سوء نيته بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها وقضى بتخفيض الفائدة المتفق عليها وفقا للمادة 229 من القانون المدنى فان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الخطأ فى تطبيق هذه المادة يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 372 لسنة 29 جلسة 1964/10/22 س 15 ع 3 ص 987 ق 147)

4- تقرير الحكم المطعون فيه أنه يترتب على تراخى الدائن فى تنفيذ الحكم الصادر لصالحه عدم إستحقاقه لفوائد التأخيرغيرصحيح فى القانون ذلك أن التراخى فى التنفيذ لا يكون له أثر فى المدة السابقة على صدورالحكم الإبتدائى ولايمنع من إستحقاق الفوائد إذ كان على المدين أن يوفى بالدين أويتمسك بأى سبب من أسباب إنقضائه

(الطعن رقم 475 لسنة 29 جلسة 1964/06/11 س 15 ص 828 ق 130 )

شرح خبراء القانون

إذا كان الدائن قد اشترط استحقاقه الفوائد التأخيرية بمجرد حلول أجل الوفاء، ولم يتخذ أية إجراءات لمطالبته بحقه، فإن الفوائد تسرى منذ حلول هذا الأجل حتى لو انصرف قصد الدائن إلى تراكمها إلى ما قبل انقضائها بالتقادم، وينتفي عنه التعسف في إستعمال الحق وبالتالي لا ينسب تقصير إليه، إذ كان يجوز للمدين الوفاء بأصل الدين فور حلول الأجل، إما للدائن، وإما بطريق العرض والإيداع إذا امتنع الأخير عن قبول العرض، وبذلك يتمكن المدين من منع سريان الفوائد.

فإن لم يتفق الطرفان على هذا الشرط، ولجأ الدائن إلى طريق أمر الأداء، للمطالبة بأصل الدين والفوائد، فإن مظنة إطالة أمد التقاضی تكون منتفية إذ يلتزم القاضي بإصدار الأمر عند عرض عريضته عليه، لكن إذا رفض إصداره ونظرت الدعوى، جاز للدائن أن يطيل أمد التقاضي فيها لتراكم الفوائد على المدين دون تخوف في هذه الحالة من تقادم الفوائد إذا إنقطع تقادمها بالمطالبة بها قضائية، وحينئذ إذا توافرت شروط المادة 229 من القانون المدني، وطلب المدين تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها، تعين على المحكمة التصدي لهذا الدفاع الجوهری.

فإن كان الدين مما يجوز أن ترفع به دعوى، وطلب الدائن أصل الدين والفوائد أو كان قد أعذر المدين بها أو وجد عرف تجاري باستحقاقها في وقت معين، فإن الدائن يستحق الفوائد اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية أو الأعذار أو من الوقت الذي حدده العرف التجاري، وحينئذ يصدر الحكم بإلزام المدين بها اعتباراً من تاريخ استحقاقها، وبالتالي فإن إطالة أمد التقاضي يؤدى إلى تراكم الفوائد ويلتزم المدين بها طالما كان ينازع في أصل الدين.

وللمدين أن يطلب من القاضي تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها، ويشترط لإجابته لهذا الطلب :

 1- أن يثبت أن الدائن قد تسبب في إطالة أمد التقاضي بدون مبرر، وذلك بإتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير على المخالصة بوفاء جزئي، أو إنكار توقيعه عليها، أو رد المحكمة، وهي إجراءات من شأنها إطالة أمد التقاضي.

2 - لا يكفي أن يكون الدائن قد تسبب في إطالة أمد التقاضي بدون مبرر، لأنه لو توافر بذلك الخطأ التقصيري في حقه، فإن هذا الخطأ ولو كان جسيما لا يبرر تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها، إنما يلزم توافر سوء نية الدائن، بإثبات إنصراف قصده إلى الإضرار بالمدين، بمسلكه في الدفاع، والأصل توافر حسن النية، إلى أن يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، وبالتالي يجب على المدين إثبات سوء نية الدائن، وتلك واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق.

ولا يتعلق نص المادة 229 من القانون المدني بالنظام العام، ومن ثم لا يجوز للمحكمة تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها من تلقاء نفسها، وإنما يجب أن يتمسك المدين بذلك وينصرف التخفيض إلى الوقت الذي طال فيه أمد التقاضي، فإن كانت شروط المادة 229 توافرت منذ استحقاق الفوائد، فلا تقضي المحكمة بها وبديهي أن هذه الأحكام لا تسري على الفوائد التي تستحق من تاريخ صدور الحكم النهائي، إذ يرجع تراكمها إلى تقصير المدين وعدم قيامه بالوفاء. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع، الصفحة/  386) 

ويتبين من هذه النصوص أن هناك حالات أربعاً يجوز فيها النزول عن الحدود المقررة : ( 1 ) تسبب الدائن بسوء نية في إطالة أمد النزاع ( 2 ) الفوائد التأخيرية بعد رسو المزاد ( 3 ) زيادة مجموع الفوائد على رأس المال ( 4 ) الفوائد على متجمد الفوائد، أي الربح المركب ( anatocisme ) . ونتناول على التعاقب كلا من هذه الحالات .

 تسبب الدائن بسوء نية في إطالة أمد النزاع .

ونري من ذلك أن تطبيق هذا الحكم يقتضي توافر شرطين :

( الشرط الأول ) إطالة الدائن أمد النزاع بلا مبرر . مثل ذلك أن يلجأ الدائن، يغرض إطالة أمد النزاع، إلي إنكار إمضائه الموضوع علي مخالصة صدرت منه بجزء من حقه، أو إلي الطعن في هذه المخالصة بالتزوير، أو إلي الإكثار من الدفوع الكيدية .

(الشرط الثاني ) سوء نية الدائن .

هذا والمدين هو الذي يحمل عبء إثبات الشرطين معاً : إطالة أمد النزاع بلا مبرر وسوء نية الدائن . ومتى تم له إثبات ذلك، كان للقاضي أن يخفض الفوائد إلي حد معقول، بل كان له ألا يقضي بها إطلاقاً، وذلك عن المدة التي طال فيها النزاع بلا مبرر، ولا ينسحب أثر التخفيض أو الإسقاط إلا عن هذه المدة . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/  الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1194)

قد يرى الدائن أن مصلحته ألا يوفى المدين بالالتزام لكي يستمر سريان الفوائد التأخيرية عليه، نظراً لانخفاض سعر الفائدة في السوق عن السعر المقرر لفائدة التأخير مثلاً، فيتعمد إطالة أمد النزاع. مثل ذلك أن يلجأ إلى إنكار إمضائه على مخالصة صادرة منه عن جزء من الدين فيتعين اتباع إجراءات تحقق التوقيع ويطول أمد النزاع من جراء ذلك أو أن يلجأ الدائن إلى إبداء دفوع يطول الفصل فيها أو إلى رد القاضي، فيطول بذلك أيضاً أمد النزاع.

وإطالة أمد النزاع بسوء نية لا يقتضي بطبيعة الحال الالتجاء دائماً إلى القضاء، وإنما يكفي أن يتبع الدائن في إجراءات المطالبة بحقه سيل لا مبرر لها إلا إطالة أمد النزاع. من ذلك مثلاً إعذاره المدين ورفضه قبول الدين دون سبب مشروع مما يضطر المدين أن يسلك إجراءات العرض الحقيقي، فيعمد الدائن إلى إطالة أمد هذا العرض وهكذا.

يجب التخفيض الفوائد أو الإعفاء منها أن يتسبب الدائن بسوء نية متعمداً معه الإضرار بالمدين وهو يطالب بحقه في إطالة أمد النزاع. فسوء النية ضروری فلا يكفي وقوع خطأ من الدائن في مسلكه في الدفاع عن الخصومة ولو كان هذا الخطأ جسيماً، طالما أنه لم يكن سئ النية، وتعمد الإضرار بالمدين.

يقع على عاتق المدين إثبات سوء نية الدائن في إطالة أمد النزاع لزيادة الفوائد، كما يجب أن يشير الحكم إلى أدلة سوء النية.

إنما لا يترتب على تراخي الدائن في تنفيذ الحكم الصادر لصالحه عدم استحقاقه لفوائد التأخير.

إذا تسبب الدائن بسوء نية وهو يطالب بحقه، في إطالة أمد النزاع، جاز اللقاضي أن يخفض الفوائد أو لا يقضى بها إطلاقاً، وذلك عن المدة التي طال فيها النزاع بلا مبرر أي أن التخفيض أو الإعفاء من الفوائد لا ينسحب إلا عن هذه المدة.

وبديهي أن هذا الحكم لا يسري على الفوائد التي تستحق من تاريخ صدور الحكم النهائي، إذ يرجع تراكمها إلى تقصير المدين وعدم قيامه بالوفاء.

لا يتعلق نص المادة 229 بالنظام العام، ومن ثم لا يجوز للمحكمة تخفيض الفوائد أو عدم القضاء بها من تلقاء نفسها، بل يجب أن يتمسك المدين بذلك. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثالث    الصفحة/ 554)

نصت المادة 229 على أنه "إذا تسبب الدائن بسوء نية، وهو يطالب بحقه في إطالة أمد النزاع، فللقاضي أن يخفض الفوائد، قانونية كانت أو اتفاقية، أو ألا يقضى بها إطلاقاً عن المدة التي طال فيها النزاع لا مبرر".

ويؤخذ من هذا النص أن الالتزام بفوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية، يجوز نقصه أو إسقاطه كله بشرطين :

الأول حصول ضرر للمدين بتراكم فوائد التأخير عليه بسبب اطالة الدائن أمد النزاع بلا مبرر، كأن يلجا الدائن بغير حق إلى إنكار توقيعه المخالصه التي يستند إليها المدين في سداد جزء من الدين أو يطعن فيها بالتزوير أو يبدى دفوعاً كيدية أو يرد القضاة حتى تطول إجراءات التقاضي وتتراكم الفوائد أثناء ذلك في ذمة المدين.

والثانی سوء نية الدائن، وكان النص في المشروع التمهيدي يقول « إذا تسبب الدائن بخطئه ..، وكانت المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي تقول أن هذا الحكم الذي يعتبر استثناء من حكم التقدير الجزاف للفوائد القانونية لا يعدو أن يكون تطبيقاً لفكرة الخط المشترك، وفي لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ قال واضع المشروع الأستاذ السنهورى أن هذه المادة تعالج حالة الدائن سيء النية الذي يتعمد اطالة أمد النزاع قبل مدینه لتسري عليه الفوائد، لأنه يجد من مصلحته استمرار النزاع کی تستمر الفائدة في سريانها وقد أثبت العمل أنه كثيراً ما يلجأ الدائن إلى التقدم بدفوع أو إلى رد القضاة فاقترح الرئيس الأخذ بنص القانون الفرنسي في هذا المقام والتعبير بسوء النية بدلاً من الخطأ، ووافقت اللجنة على هذا الاقتراح وصدر القانون بهذا التعبير.

وقد علل الأستاذ السنهورى حكم المادة 229 المتضمن هذا التعبير بأنه يقوم على مبدأ التعسف في استعمال الحق. 

ثم عاد وعلله بأن «هناك خطأ مشتركاً: المدين تأخر في الوفاء بالتزامه، والدائن أطال هذا التأخر بإطالته أمد النزاع، والخطأ المشترك من شأنه أن يخفف المسئولية، ومظهر التخفيف هو التخفيض من الفوائد، أو أن يعدمها إذا وصل خطأ الدائن من جراء سوء نيته إلى حد استغراق خطأ المدين، ومظهر انعدام المسئولية هو اسقاط الفوائد ».

ونحن نرى أن الأعمال التحضيرية واضحة الدلالة على أن المشرع قصد أول الأمر أن يجعل حكم المادة 229 استثناء من حكم التقدير الجزافي للتعويض القانوني المنصوص عليه في المادة 226 والذي يعتبر هو ذاته خروجاً على حكم القواعد العامة المنصوص عليها في المواد من 215 إلى 222، أي أنه اعتبر حكم المادة 229 استثناء من استثناء يعود بالأمر إلى حكم القواعد العامة وبخاصة إلى حكم القاعدة المنصوص عليها في المادة 216 بشأن أثر خطأ الدائن في تخفيض مسئولية المدين أو محوها، ولكن ترتب على التعديل الذي أدخله مجلس الشيوخ في نص المادة 229 أن بقي حكم هذه المادة استثناء من الاستثناء ولكن دون أن يعود بالأمر إلى حكم القواعد العامة وبخاصة حكم المادة 216، لأنه لم يكتف بأي خطأ يقع من الدائن كما تفعل المادة 216 بل اشترط أن يكون ذلك الخطأ عمداً، فتعين بهذا الوصف أن يكون تفسيره بكل دقة، وبالتالي صار من الواجب في تطبيق نص المادة 229 التمسك بشرط بسوء نية الدائن وعدم الاكتفاء في خفض الفوائد القانونية بوقوع خطأ غير متعمد من الدائن.

على أنه يلاحظ أن الخطأ الجسيم متى ثبت يصلح من الناحية العملية قرينة على توافر سوء النية وبه أن المدين هو الذي يطالب بخفض ما تراكم عليه من فوائد أو إسقاطه.

فيقع عليه عبء أثبات هذين الشرطين : ويجوز أن يكتفي منه القاضي فيما يتعلق بالشرط الثاني بأن يثبت أن الدائن قد أخطأ خطأ جسيماً في إطالة أمد النزاع بلا مبرر، ثم يستنبط هو من هذا الخطأ الجسيم توافر العمد، وحينئذ يكون له مطلق التقدير في خفض أو اسقاط الفوائد القانونية المستحقة عن المدة التي أطيل فيها أمد النزاع دون مبرر. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 239)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثاني، الصفحة /   39

وهي تأْجيل الدّيْن الْحالّ في مقابل زيادةٍ:

85 - وهذه الصّورة تدْخل في باب الرّبا «إذ الرّبا الْمحرّم شرْعًا شيْئان: ربا النّساء، وربا التّفاضل. وغالب ما كانت الْعرب تفْعله، منْ قوْلها للْغريم: أتقْضي أمْ ترْبي؟ فكان الْغريم يزيد في الْمال، ويصْبر الطّالب عليْه، وهذا كلّه محرّمٌ باتّفاق

الأْمّة». قال الْجصّاص: «معْلومٌ أنّ ربا الْجاهليّة إنّما كان قرْضًا مؤجّلاً بزيادةٍ مشْروطةٍ، فكانت الزّيادة بدلاً من الأْجل، فأبْطله اللّه تعالى وحرّمه، وقال: وإنْ تبْتمْ فلكمْ رءوس أمْوالكمْ وقال تعالى: وذروا ما بقي من الرّبا حظر أنْ يؤْخذ للأْجل عوضٌ، ولا خلاف أنّه لوْ كان عليْه ألْف درْهمٍ حالّةً، فقال له: أجّلْني وأزيدك فيها مائة درْهمٍ، لا يجوز؛ لأنّ الْمائة عوضٌ من الأْجل».

الصّورة الرّابعة:

وهي تعْجيل الدّيْن الْمؤجّل في مقابل التّنازل عنْ بعْضه «ضعْ وتعجّلْ».

86 - يرى جمْهور الْفقهاء أنّه إذا كان لرجلٍ على آخر ديْنٌ مؤجّلٌ، فقال الْمدين لغريمه: ضعْ عنّي بعْضه وأعجّل لك بقيّته، فإنّ ذلك لا يجوز عنْد الْحنفيّة والْمالكيّة والشّافعيّة والْحنابلة. وكرهه زيْد بْن ثابتٍ، وابْن عمر، والْمقْداد، وسعيد بْن الْمسيّب، وسالمٌ، والْحسن، وحمّادٌ، والْحكم، والثّوْريّ، وهشيْمٌ، وابْن عليّة، وإسْحاق فقدْ روي أنّ رجلاً سأل ابْن عمر فنهاه عنْ ذلك. ثمّ سأله، فقال: إنّ هذا يريد أنْ أطْعمه الرّبا.

وروي عنْ زيْد بْن ثابتٍ أيْضًا النّهْي عنْ ذلك وروي أنّ الْمقْداد قال لرجليْن فعلا ذلك: كلاكما قدْ أذن بحرْبٍ من اللّه ورسوله.

واسْتدلّ جمْهور الْفقهاء على بطْلان ذلك بشيْئيْن:

أحدهما: تسْمية ابْن عمر إيّاه ربا، ومثْل ذلك لا يقال بالرّأْي وأسْماء الشّرْع توْقيفٌ. والثّاني: أنّه معْلومٌ أنّ ربا الْجاهليّة إنّما كان قرْضًا مؤجّلاً بزيادةٍ مشْروطةٍ، فكانت الزّيادة بدلاً من الأْجل، فأبْطله اللّه تعالى، وحرّمه، وقال: وإنْ تبْتمْ فلكمْ رءوس أمْوالكمْ وقال تعالى: وذروا ما بقي من الرّبا حظر أنْ يؤْخذ للأْجل عوضٌ. فإذا كانتْ عليْه ألْف درْهمٍ مؤجّلةٌ، فوضع عنْه على أنْ يعجّله، فإنّما جعل الْحطّ مقابل الأْجل، فكان هذا هو معْنى الرّبا الّذي نصّ اللّه تعالى على تحْريمه. ولا خلاف أنّه لوْ كان عليْه ألْف درْهمٍ حالّةٌ، فقال له: أجّلْني وأزيدك فيها مائة درْهمٍ، لا يجوز؛ لأنّ الْمائة عوضٌ من الأْجل، كذلك الْحطّ في معْنى الزّيادة، إذْ جعله عوضًا من الأْجل، وهذا هو الأْصْل في امْتناع جواز أخْذ الأْبْدال عن الآْجال فحرْمة ربا النّساء ليْستْ إلاّ لشبْهة مبادلة الْمال بالأْجل وإذا كانتْ شبْهة الرّبا موجبةً للْحرْمة فحقيقته أوْلى بذلك وأيْضًا فإنّه لا يمْكن حمْل هذا على إسْقاط الدّائن لبعْض حقّه؛ لأنّ الْمعجّل لمْ يكنْ مسْتحقًّا بالْعقْد، حتّى يكون اسْتيفاؤه اسْتيفاءً لبعْض حقّه، والْمعجّل خيْرٌ من الْمؤجّل لا محالة، فيكون فيما لوْ كانتْ له عليْه ألْفٌ مؤجّلةٌ فصالحه على خمْسمائةٍ حالّةٍ خمْسمائةٍ في مقابل مثْله من الدّيْن، وصفة التّعْجيل في مقابلة الْباقي - وهو الْخمْسمائة - وذلك اعْتياضٌ عن الأْجل، وهو حرامٌ.

وأيْضًا لأنّ الأْجل صفةٌ، كالْجوْدة، والاعْتياض عن الْجوْدة لا يجوز، فكذا عن الأْجل.

ويقول ابْن قدامة إنّه بيْع الْحلول، فلمْ يجزْ، كما لوْ زاده الّذي له الدّيْن، فقال له: أعْطيك عشرة دراهم وتعجّلْ لي الْمائة الّتي عليْك، ويقول صاحب الْكفاية: والأْصْل فيه أنّ الإْحْسان متى وجد من الطّرفيْن يكون محْمولاً على الْمعاوضة - كهذه الْمسْألة - فإنّ الدّائن أسْقط منْ حقّه خمْسمائةٍ، والْمدْيون أسْقط حقّه في الأْجل في الْخمْسمائة الْباقية، فيكون معاوضةً بخلاف ما إذا صالح منْ ألْفٍ على خمْسمائةٍ، فإنّه يكون محْمولاً على إسْقاط بعْض الْحقّ، دون الْمعاوضة؛ لأنّ الإْحْسان لمْ يوجدْ إلاّ منْ طرف ربّ الدّيْن.

وروي عن ابْن عبّاسٍ أنّه لمْ ير بأْسًا بهذا «ضعْ عنّي وتعجّلْ»، وروي ذلك عن النّخعيّ، وأبي ثوْرٍ؛ لأنّه آخذٌ لبعْض حقّه، تاركٌ لبعْضه، فجاز كما لوْ كان الدّيْن حالًّا، واسْتثْنى منْ ذلك الْحنفيّة والْحنابلة وهو قوْل الْخرقيّ منْ علمائهمْ  أنّه يجوز أنْ يصالح الْموْلى مكاتبه على تعْجيل بدل الْكتابة في مقابل الْحطّ منْه، وذلك لأنّ معْنى الإْرْفاق فيما بيْنهما أظْهر منْ معْنى الْمعاوضة، فلا يكون هذا في مقابلة الأْجل ببعْض الْمال، ولكنْ إرْفاقٌ من الْموْلى بحطّ بعْض الْمال، ومساهلةٌ من الْمكاتب فيما بقي قبْل حلول الأْجل ليتوصّل إلى شرف الْحرّيّة؛ ولأنّ الْمعاملة هنا هي معاملة الْمكاتب مع سيّده، وهو يبيع بعْض ماله ببعْضٍ، فدخلت الْمسامحة فيه، بخلاف غيْره.

________________________________________________________________

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

( مادة 235)

 ١- يقع باطلاً كل اتفاق على تقاضی فوائد مقابل الانتفاع بمبلغ من النقود أو التاخير في الوفاء به ،

۲. وتعتبر فائدة مستمرة كل عمولة أو منفعة أياً كان نوعها اشترطها الدائن . اذا ما ثبت أن هذه العمولة أو المنفعة لا تقابلها خدمة حقيقية كان الدائن قام بأدائها ولا نفقة مشروعة.

هذه المادة مستحدثة :

وقد اريد بها النص صراحة على تحريم  الربا نزولاً على حكم الشريعة الاسلامية  ، حيث جاء في الآية الكريمة : وأحل الله البيع وحرم الربا . ووصلت الشريعة في تحريم الربا الى حد تهديد من يتعامل به بحرب من الله ورسوله , حيث جاء في الآية الكريمة : « فاذنوا بحرب من الله ورسوله )

وكان في الوسع اغفال هذه المادة التقاء بالحكم العام الذي جاء في المادة 3 من المشروع، حيث تنص على أنه و تعتبر من النظام العام أحكام الشريعة الإسلامية القطعية . ومن ثم يقع باطلاً كل نص أو اتفاق يخالف هذه الاحكام، ولكن رؤی آن من اللازم التعرض صراحة لهذا الموضوع نظراً إلى خطورته . فيكون باطلاً كل اتفاق على تقاضى فواند ، سواء كان ذلك في مقابل الانتفاع بمبلغ من النقود او في مقابل التأخير في الوفاء به ،

وسواء كانت الفائدة ظاهرة أو مستترة على نحو ما جاء في النص ، وذلك للحيلولة دون أي تحايل في هذا الخصوص .

والمادة المقترحة تطابق المادة 305 من التقنين الكويتي مع اختلاف لفظي بسيط.

 

( مادة 236)

اذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقود ، وتأخر الدين في الوفاء به ، جاز للدائن أن يطالب بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب هذا التأخير .

هذه المادة مستحدثة -

وقد روعي فيها أن الدائن قد يضار اذا تأخر مدينه عن الوفاء بمبلغ من النقود رغم حلول أجل هذا الوفاء . وفي هذه الحالة يحق للدائن أن يطالب بتعويض الضرر الذي يصيبه من جراء هذا التأخير . وذلك حماية للثقة التي يجب أن تسود التعامل . وأن الشريعة الإسلامية لا تابي التعويض عن الضرر الذي يلحق الدائن في هذه الحالة.

والسادة المقترحة تقابل المادة 306 من التقنين الكويتي التي تنص على أنه اذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود ، ولم يقم المدين بالوفاء به بعد اعذاره ، مع قدرته على الوفاء واثبت الدائن أنه قد لحقة بسبب ذلك ضرر غير مألوف ، جاز للمحكمة أن تحكم على المدين بتعويض تراعي فيه مقتضيات العدالة .