مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثاني ، الصفحة : 625
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- يشترط لمباشرة الدعوى البوليصية أن يكون المدين قد عقد ( تصرفاً قانونياً) إصراراً بحقوق دائنيه ويتحقق معنى الإضرار، متى استتبع التصرف إعسار المدين أو الزيادة في إعساره، ويكون ذلك إما بإنقاص ما لهذا المدين من حقوق، وهو ما يقصد بالإفقار وفقاً للتصوير التقليدي، وإما بزيادة التزاماته، وهو ما استحدث المشروع في هذا الشأن، وتوجيهه جد يسير وعلى هذا النحو لا يقتصر حق الدائن على الطعن فيما يصدر عن المدين من أعمال التصرف (كالبيع والهبة) بل يجاوز ذلك إلى ما يعقد من التزامات تزيد في ديونه، دون أن تنقص من حقوقه والواقع أن أثر هذه الالتزامات، من حيث الإضرار بحقوق الدائنين، لا يختلف في شيء عن أثر أعمال التصرف وقد بسطت المادة 322 من المشروع في نطاق مدلول «التصرف القانوني» في حالتين، لا يزال الشك يكتنف حكمهما في ظل القواعد الراهنة ، وبذالك بوأتهما مكانهما في النصوص، وسدت ذرائع الخلاف فيراعي من ناحية أن هذه المادة أجازت الطعن في الوفاء، متى كفل التقدم لأحد الدائنين دون حق مع أنه تصرف قانوني لا يترتب عليه إعسار المدين أو ازدیاد هذا الإعسار، فإذا كان الوفاء حاصلاً قبل حلول الأجل، فهو والتبرع بمنزلة سواء أما إذا كان حاصلاً عند حلول الأجل، فيشترط توافر التواطؤ بين الدائن والمدين، ويراعي من ناحية أخرى أن المدين إذا لم يقم بالوفاء، بل كفل لأحد دائنيه، دون حق، سبباً من أسباب التقدم على الباقين، بأن رهن له مثلاً مالاً من أمواله رهناً رسمياً أو رهن حيازة ، فتصرفه على هذا الوجه یكون قابلاً للطعن، وفقاً لأحكام النص، شأنه في ذلك بشأن الوفاء، باعتبار وحدة الغاية من كل منهما وقد يكون مثل هذا التصرف من قبيل المعارضات أو التبرعات، تبعاً لما إذا كان الدائن قد أدى مقابلاً لاستنجازه، أو تم له ذلك دون مقابل ، ويجب في الحالة الأولى توافر التواطؤ بين المدين والدائن .
2 - ويشترط فيمن يباشر الدعوى البوليصية أن يكون دينه مستحق الأداء، لأن هذه الدعوى ليست مجرد إجراء تحفظي وهي ليست كذلك إجراء تنفيذياً، وإنما هي من مقدمات التنفيذ وممهداته، وقد يقع أن يليها التنفيذ مباشرة، ولهذا ينبغي أن يكون الدين الذي تباشر بمقتضاه مستحق الأداء ويشترط فوق ذلك أن يكون هذا الدين سابقاً على التصرف الذي يطعن فيه، إذ هذا الوضع يصح أن يتصور أن ضرراً يصيب الدائن، أو أن غشاً يقع من المدين ومع ذلك فيجوز أن تباشر الدعوى البوليصية بمقتضى دين لاحق للتصرف، متى كان هذا التصرف قد عقد، على وجه التخصيص والإفراد، للإضرار بالدائن والعبث بحقوقه، وقد كان في الوسع أن يشترط ثبوت تاريخ الدين، لإقامة الدليل على تقدمه على التصرف، بيد أن المشروع آثر إغفال اشتراط ثبوت التاريخ اقتداء بالمشروع الفرنسي الإيطالى، ولاسيما أن القضاء المصري قد جرى على ذلك ( استئناف مصر 12 مايو سنة 1898 حقوق 13 ص 192، و 4 فبراير سنة 1902 مج ر 3 ص 248 رقم 94 ) والواقع أن الدائن يفاجأ في أغلب الأحيان بالتصرف الضار، دون أن يكون قد احتاط من قبل لإثبات تاريخ سند الدين، ولكن من المسلم أن عبر إقامة الدليل على تقدم الدين، بطرق الإثبات كافة، يقع على عاتق الدائن.
3- وليس يكفى إعسار المدين بمجرده في جميع الأحوال ، فإذا كان التصرف بمقابل وجب أن يتوافر، فضلاً عن ذلك، تواطؤ المدين وخلفه وإذا صدر تصرف ثان من هذا الحلف وجب توافر التواطؤ بينه و بين خلفه، أما إذا كان التصرف تبرعاً فلا حاجة فيه إلى التواطؤ، فهو لا ينفذ في حق الدائن، ولو كان المتبرع له حسن النية، بل ولو ثبت أن المدين لم يرتكب غشا. وهذه هي القاعدة المقررة في نصوص التقنين الحالي في المادة 143/ 204 ) على خلاف ما يقضي به التقنين الفرنسي ( المادة 1167).
4- ولعل أمر الإثبات من أشق ما يصادف الدائن في الدعوى البوليصية، سواء في ذلك إثبات إعسار المدين أم إثبات التواطؤ بينه وبين من يخلفه وقد وضع المشروع قاعدتين لتيسير مهمة الدائن في هذا الصدد : (أ) فاجتزأ من الدائن في إثبات إعسار مدينه بإقامة الدليل على مقدار ما في ذمته من ديون فمتى أقام هذا الدليل ، كان على المدين أن يثبت أن له مالاً يعادل قيمة هذه الديون على الأقل . (ب) ثم إنه جعل من مجرد علم الدين بإعساره قرينة على توافر الغش من ناحية، واعتبر من صدر له التصرف عالماً بهذا الغش، إذا كان قد علم بذاك الإعسار أو كان ينبغي أن يعلم به، من ناحية أخرى .
ويراعى أن حسن النية يفترض فيما يعقد من التصرفات العادية التي تقتضيها صيانة تجارة المدين أو زراعته أوصناعته . فمثل هذه التصرفات تقع صحيحة وتكون بهذه المثابة بمأمن من الطعن ( أنظر المادة 112 من التقنين البرازيلي).
5- وقد أن المشروع فيما يتعلق بآثار الدعوى البوليصية بأهم ما استحدث من الأحكام في هذا الشأن فمن المعلوم أن هذه الدعوى لا تفيد، وفقاً لأحكام التقنين الحالى، والتقاليد اللاتينية، إلا من يباشرها من الدائنين أما نصوص المشروع فتصرف نفعها إلى جميع الدائنين المتقدمة ديونهم على التصرف، ولو كانت هذه الديون قد أصبحت مستحقة الأداء، من جراء إعسار المدين، وهي بوضعها هذا دعوى جماعية لا فردية . على أن وجاهة هذا النظر لا تقتصر على مراعاة ما هو ملحوظ في أن عدم نفاذ التصرف لا يتجزأ من الناحية النظرية، بل تجاوز ذلك، بوجه خاص، إلى تحامی ما يؤخذ على هذه الدعوى في صورتها الفردية من مجافاة للعدالة، ولذلك عنت الحاجة، من عهد غير قريب، إلى إصلاح الأحكام المتعلقة بآثارها إصلاحاً ينتهي بها إلى تلك الصورة الجماعية ( أنظر المادة 1044 من التقنين البرتغالى، والمادة 113 من التقنين البرازيلى ) .
ولما كانت الدعوى البوليصية دعوی اقتصار أو عدم نفاذ فهي لا تمس صحة التصرف المطعون فيه، ومؤدى ذلك أن مثل هذا التصرف يظل صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، وكل ما هنالك أنه يصبح غير نافذ في حق الدائنين، بالقدر اللازم لحماية حقوقهم دون إفراط أو تفريط .
6- ولقد تكفلت المواد 320 و 321 و 323 من المشروع ببيان أسباب سقوط الدعوى البوليصية، وهي مستقاة من التقنين البرتغالى ( المادة 1040 ) والتقنين البولوني ( المادة 291 ) والتقنين البرازيلى (المادة 108) والتقنين الصيني (المادة 245). فإذا استوفي مباشر هذه الدعوى حقه من المدين، أو من المتصرف له، أو إذا ظهرت أموال تكفي للوفاء بهذا الحق، وهو ما يعدل الوفاء حكماً، انتفت مصلحته في المضي في دعواه، وسقط حقه فيها تفريعاً على ذلك ولمن صدر له التصرف أن يقيم الدليل على حسن نيته بإيداع ثمن ما آل إليه بمقتضى التصرف، متى كان هذا الثمن قريباً من ثمن المثل، وبذلك يتقى آثار الطعن و تسقط الدعوى، و أخيراً نص على تقادم هذه الدعوى بانقضاء سنة يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف، أو بانقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه، ويراعى أن للدائنين الأخر أن يتمسكوا بهذا التقادم الحولي قبل الدائن الطاعن.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 321 من المشروع واقترح معالي السنهوري باشا استبدال عبارة « متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل» بعبارة « متى كان هذا الثمن قريباً من ثمن المثل».
فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح النص النهائى للمادة هو الآتي :
«إذا كان من تلقي حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه فإنه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل وقام بإيداعه خزينة المحكمة وأعلن كل ذي شأن بهذا الإيداع».
وأصبح رقم المادة 248 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة بالصيغة الآتية :
«إذا كان من تلقي حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه فإنه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل وقام بإيداعه خزانة المحكمة وأعلن كل ذى شأن بهذا الإيداع».
وأصبح رقم المادة 248
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثالثة والعشرين
تليت المادة 248 فقال معالي حلمي عيسى باشا إنه يرى ألا داعي لتحميل المتصرف له عبء إعلان ذوى الشأن بالإيداع، فرد معالى السنهوري باشا على ذلك بأن العلة هي أن يكون الدائنون كلهم على علم بإيداع الثمن ليتخذوا قبله ما يشاءون من إجراءات فلا ينفرد أحدهم بها لعلمه وحده بهذا الإيداع.
ورأى سعادة العشماوي باشا أن الصعوبة في تطبيق هذا النص هو أننا نكلف المتصرف له بإعلان أشخاص قد لا يكون على علم بهم واقترح حذف هذه العبارة .
قرار اللجنة :
وافقت اللجنة على حذف العبارة الاخيرة من المادة ونصها : «وأعلن كل ذي شأن بهذا الإيداع».
تقرير اللجنة :
رأت اللجنة أن تحذف عبارة « وأعلن كل ذى شأن بهذا الإيداع» لأن ذوى الشأن لا يمكن تحديدهم على سبيل الجزم، ولهذا رأت اللجنة الاكتفاء بايداع الثمن خزانة المحكمة.
وأصبح رقم المادة 241 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1- لما كان الثابت من الأوراق أن التصرف الصادر إلى الطاعن قد تم فى تاريخ 1976/12/17 بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية فإن بالتالى لا ينفذ فى حق المطعون ضدها الثانية التى أوقع عليها البيع وخلفها المطعون ضده الأول وذلك طبقاً لنص المادة 405 من قانون المرافعات ودون اعتداد بعدم تسجيل حكم إيقاع البيع ومن ثم فلها وللمطعون ضده الأول مشترى العقار منها اتخاذ كافة الوسائل لإزالة جميع العوائق التى تقف فى سبيل تحقيق أثر ذلك الحكم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم نفاذ التصرف الصادر إلى الطاعن إعمالاً لحكم المادة 405 المشار إليها دون إعمال أحكام الدعوى البوليصية المنصوص عليها فى المواد من 237 إلى 243 من القانون المدنى والتى ليست إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه وليس من شأنها المفاضلة بين العقود فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
(الطعن رقم 1360 لسنة 60 جلسة 1995/02/02 س 46 ع 1 ص 318 ق 62)
للمدين أن يوفي الدين وحينئذ تنقضي الدعوى أو يوقف تنفيذ الحكم الصادر فيها بعدم نفاذ تصرفه، وقد يقوم المتصرف له بهذا الوفاء ويكون له الرجوع بعد ذلك على المدين، أن كان قد وفى الثمن، أما إن كان الثمن لم يزل في ذمة المتصرف له، فله إيداعه خزانة المحكمة على ذمة الدائن وبذلك يتخلص من الدعوى، كذلك إذا كان قد اشترى بأقل من ثمن المثل فإنه يتخلص من الدعوى إذا أودع خزانة المحكمة ثمن المثل إذ لم يعد للدائن مصلحة في الاستمرار في دعواه، وينفذ هذا الوفاء بالنسبة لباقي الدائنين ويكون لهم مشاركة الدائن رافع الدعوى في التنفيذ على الثمن فيقتسموه قسمة غرماء، أما إن لم يقم المدين أو المتصرف له بالوفاء، استمر الدائن في دعواه حتى يحصل على حكم بعلم نفاذ تصرف الدين فتعود العين إلى الضمان العام وينفذ الدائن عليها متی کان التصرف معارضة وتوافرت شروط الدعوى البوليصية على نحو ما سلف. وللدائن المطالبة بالتعويض بالإضافة إلى عدم نفاذ التصرف متی أصابه ضرر من التصرف، ويكون الدين والمتصرف له ومن تصرف له الأخير متضامنين في التعويض متى توافر الغش في حقهم.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الرابع الصفحة/ 464)
للمدين أن يوفي الدين وحينئذ تنقضي الدعوى أو يوقف تنفيذ الحكم الصادر فيها بعدم نفاذ تصرفه. وقد يقوم المتصرف له بهذا الوفاء ويكون له الرجوع بعد ذلك على المدين إذا كان قد وفي الثمن أما إذا كان لم يوف الثمن إلى المدين، فله إيداعه خزانة المحكمة على ذمة الدائن وبذلك يتخلص من الدعوى. إذا كان هذا الثمن هو ثمن المثل. أما إذا كان الشراء بأقل من ثمن المثل، كان للمتصرف إليه تكملة الثمن إلى ثمن المثل وإيداعه خزانة المحكمة فيتخلص من الدعوى، إذ لا يكون للدائن مصلحة في الاستمرار في دعواه، فله أن ينفذ على هذا المال وينفذ هذا الوفاء بالنسبة لباقي الدائنين. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثالث، الصفحة/ 645)
تنص المادة 241 على أنه « إذا كان من تلقى حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه، فإنه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل، وقام بإيداعه خزانة المحكمة، وحكمة هذا النص أنه متى أودع المتصرف إليه ثمن المثل خزانة المحكمة امتنع الضرر الذي كان يمكن أن يلحق الدائنين من هذا التصرف وانتفت بالتالي مصلحة هؤلاء الدائنين في الطعن في هذا التصرف فتصبح دعواهم غير مقبولة لانعدام المصلحة.
ويلاحظ أن عبارة النص تشترط في تطبيق حكمه أن يكون التصرف معاوضة وأن يكون بثمن المثل وأن يكون المتصرف إليه لم يدفع الثمن، فيقوم بإيداعه خزانة المحكمة غير أن الواقع أن المهم من كل ذلك هو إيداع ثمن المثل خزانة المحكمة لأن هذا الإيداع هو الذي يمنع إلحاق الضرر بالدائنين، فلا يهم أن يكون التصرف تبرعاً، ولا أن يكون معاوضة بأقل من ثمن المثل، ولا أن يكون المتصرف إليه سبق أن دفع الثمن للمدين، ففى جميع هذه الحالات، كما في حالة البيع بثمن المثل وعدم دفع الثمن للمدين، يجوز للمتصرف إليه أن يتوقى الدعوى البوليصية أذا هو أودع خزانة المحكمة ثمن المثل وتعهد بأن لا يرجع على المدين بشيء قبل أن يستوفي سائر الدائنين حقوقهم من أموال المدين الحاضرة وقت التصرف المطعون فيه بما في ذلك الثمن الذي أودعه هو خزانة المحكمة .(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس، الصفحة/ 344)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
(مادة 244)
اذا كان من تلقي حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه ، فانه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل ، وقام بایداعه خزانة المحكمة .
هذه المادة تطابق المادة 241 من التقنين الحالي .
و تطابق الفقرة الثالثة من المادة 267 من التقنين العراقی
و تطابق في حكمها المادة 315 من التقنين الكويتي :