loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الثالث، الصفحة : 113

مذكرة المشروع التمهيدي :

1-  قد يظل المدين بالحق المحال به بمعزل عن تعاقد المحيل والمحال، وفقاً للأحكام المادة 427 من المشروع، ويراعى أن المشروع أعرض إعراضاً بيناً عن مذهب التقنين المدني الأهلي في هذا الشأن ، فقد نصت المادة 349 من هذا التقنين على أن  ملكية الديون والحقوق المبيعة، لا تنتقل، ولا يعتبر بيعها صحيحاً إلا إذا رضى المدين بذلك، والواقع أن التشريعات الحديثة قد أطرحت هذا المبدأ واختارت، كما اختار المشروع، عدم اشتراط رضاء المحال عليه، مراعية في ذلك أن الدين پستوى لديه استبدال دائن بدائن آخر.

2والأصل في الحوالة أن ترد على جميع الحقوق أياً كان محلها، وإذا كان الغالب فيها أن ترد على حق اقتضاه مبلغ من النقود، فليس ثمة ماحول دون ورودها على حق استيفاء عمل من الأعمال ( التزام بعمل ) كاستيفاء منفعة العين المؤجرة، بمقتضى حق المستأجر قبل المؤجر، فثل هذا الحق بنتقل بطريق حوالة الإجارة، ولا تختلف الحقوق كذلك من حيث صلاحيتها للحوالة، باختلاف أوصافها أو طبائعها، فالحقوق المؤجلة، والمعلقة، والحقوق المدنية والتجارية تعتبر من هذه الناحية بمنزلة سواه .

وإذا كان الأصل في الحقوق جواز الحوالة، إلا أن هذا الأصل لا يجري على إطلاقه، بل ترد عليه استثناءات ثلاثة : فقد يتفق الدائن والمدين على عدم جواز الحوالة ( المادة 427 ) فيتقيد الدائن باتفاقه هذا، وقد تمتنع الحوالة، دون حاجة إلى اتفاق خاص ، إذا كان الحق نافياً بطبعه لفكرة إبدال الدائن كما هو الشأن في الالتزامات التي يكون فيها الشخصية المتعاقد الاعتبار الأول , وقد يقضي القانون كذلك يمنع الحوالة (المادة 427 ) ، كما هي الحال في الحقرق غير القابلة للحجز ( المادة 429) في لا يكون الحق قابلاً للجحر يمتنع التصرف فيه . وغني عن البيان أن الحق الذي يكون غير قابل للحجز في شق منه فحسب، لاتمتنع حوالته إلا في حدود هذا الشق (المادة 429) .

الأحكام

إذا رفع من حول إليه عقد الإيجار دعوى على المستأجر بطلب الأجرة و تثبيت الحجز التحفظى فدفع المستأجر الدعوى بأنه أو فى الأجرة إلى المحيل بمقتضى محضر صلح تم بينهما و أقام الحكم قضاءه بطلبات المحال إليه على دعامات ثلاث : الأولى أن المستأجر كان قد قبل وفقا لنصوص عقد الإيجار تحويل العقد وقيمة الأجرة إلى الغير . و الثانية أن المستاجر لم يكن يجوز له و قد علم عند توقيع الحجز التحفظى بحصول الحوالة أن يدفع الدين إلى المحيل أو يتصالح معه بعد ذلك التاريخ . و الثالثة أنه لم يثبت لمحكمة الموضوع أنه كان قبل علمه بالحوالة قد و فى قيمة الأجرة كلها أو بعضها إلى المحيل و كان تقرير الطعن قد خلا من تعييب الحكم فيما استظهره من علم المستأجر بالحوالة فى تاريخ سابق على تاريخ محضر الصلح و من عدم قيامه بدفع شىء من الأجرة قبل علمه بالحوالة فإنه يكون غير منتج ما يتمسك به المستأجر من خطأ الحكم فيما يكون قد قرره من أن قبوله للحوالة يسقط حقه فى كل دفع كان له قبل الدائن .

(الطعن رقم 295 لسنة 23 جلسة 1957/10/24 س 8 ع 3 ص 747 ق 80)

شرح خبراء القانون

أن حوالة الحق ترد على الحق الشخصي المتمثل في التزام الدين بأداء معين للدائن، فالحق الشخصي ينشئ علاقة دائنية ترتب حقاً للدائن في ذمة الدين، ويكون هذا الحق هو محل الحوالة، مثال ذلك، عقد القرض، إذ تنشأ بموجبه علاقة دائنيه بين الدائن المقرض والمدين المقترض ترتب حقاً للدائن يتمثل في مبلغ القرض في ذمة المدين، ويكون هذا المبلغ هو محل الحوالة، ومثال لك أيضاً عقد البيع وعقد الايجار على التفصيل المتقدم.

ولا يكفي أن يكون الحق شخصياً لامكان حوالته، وإنما يجب أن يكون قابلاً للحجز، فإن كان يجوز الحجز على جزء منه، فان هذا الجزء وحده هو الذي يجوز حوالته، أما الجزء الآخر الذي لا يجوز الحجز عليه فلا ترد عليه الحوالة.

ويجب أن تكون تلك الصفة لاصقة بالحق و متحققة وقت الحوالة، ليتحقق بذلك علم الدين بأن الحق الواردة عليه الحوالة غير قابل للحجز ليتمسك في مواجهة المحال له بهذا الدفاع الذي يبرر له الامتناع عن الوفاء له، فإن لم تكن صفة الدين التي تدل على عدم قابليته للحجز متحققة وقت الحوالة، ما علم بها المدين، وبالتالي يلتزم بالوفاء للمحال إليه، ولا يكفي أن يكون جزء من الحق قابلاً للحجز حتى ترد عليه الحوالة دون الجزء الآخر، وإنما يجب أن يكون المنع من حجز الجزء الآخر مقرراً بنص في القانون ينص على ذلك صراحة، كنص المادة 309 من قانون المرافعات الذي يجري بأنه لا يجوز الحجز على الأجور و مرتبات إلا بمقدار الربع، مما مؤداه أنه لا يجوز حوالة الأجور والمرتبات إلا بمقدار الربع فقط وهو القدر الذي يجوز الحجز عليه، بحيث إذا قام المستخدم بحوالة ما يجاوز الربع من أجره أو مرتبه، كانت الحوالة باطلة بطلاناً مطلقاً فيما جاوز الربع ويتعين على الجهة التي تقوم بالصرف وهي التي يعمل بها المستخدم الامتناع عن تنفيذ الحوالة فيما جاوز ربع الأجر أو المرتب ، باعتبار أن تلك الجهة هي المدين المحال عليه، أما إذا تم الصرف ثم إيداع الأجر أو المرتب أحد المصارف، فانه يجوز حوالته كاملاً لما هو مقرر من أنه يجوز الحجز على الحساب المودع بالمصارف، ولا يحول دون حوالة المبالغ المودعة بها أن الحجز عليها غير جائز بموجب قانون خاص، كالاتفاقية الخاصة بالمصرف العربي التي تمنع الحجز على الأموال المودعة وأصبحت قانوناً من قوانين الدولة، به عملاً بالقرار الجمهوري رقم 547 لسنة 1974 والتي أقرها مجلس الشعب وأصبحت من قوانين الدولة  .

 ويخرج عن نطاق الحظر، التعويض أو المكافأة أو المعاش الذي يستحقه العامل أو المستخدم وورثته، إذ لا يعتبر ذلك أجرة أو مرتبة، ومن ثم يجوز حوالته قبل أو بعد صرفه. ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الخامس   الصفحة/   171)

إذا كان الحق غير قابل للحجر فإنه لا تجوز حوالته، وإذا كان قابلاً للحجز بمقدار معين، فلا تجوز حوالته إلا في حدود هذا المقدار.

والسبب في ذلك أن لو جاوزت الحوالة المقدار التي يجوز الحجز عليه الأمكن التحايل على عدم جواز الحجز عليه، إذ يكفي أن يحيل صاحب الحق حقه إلى دائنيه فيغنيه هذا عن الحجز. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الرابع     الصفحة/    225)

ويكون أحق غير قابل للحوالة بنص القانون متى نص القانون على عدم جواز الحجز عليه كله أو بًعضه، كالنص على عدم جواز الحجز ها على مرتبات الموظفين والمستخدمين إلا يقدر الربع في نفقة أو ديناً مستحق للحكومة بشيب الوظيفة، والنص على عدم جواز الحجز على المبالغ المودعة في صندوق التوفير، ونص المادة 309 مرافعات على عدم جواز الحجز على الأجور والمرتبات إلا بمقدار الربع ونص المادة 307 مرافعات على عدم جواز الحجز على ما يحكم به القضاء من المبالغ المقررة أو المرتبة مؤقتاً للنفقة أو الصرف منها في غرض معين ، ولا على الأموال الموهوبة أو الموصى بها لتكون نفقة ، إلا بقدر الربع وفاء لدين نفقة مقررة.(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 627)

الفقة الإسلامي

الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثالث المجلد/  الاول 

انتقال الالتزام في الفقه الإسلامي : ويجدر بناء أن ننظر ، بعد هذه العجالة التاريخية ، ماذا كان موقف الفقه الإسلامي من انتقال الالتزام ، وما مدي التطور الذي بلغه في هذه المسألة (  ) .

يعرف الفقه الإسلامي الحوالة ، ومن أهم المميزات له في تنظيمها هو التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة (  ) . ويوجد في كل من الحوالتين دائن ومدين ثم أجنبي محال عليه ، وهذا الأجنبي المحال عليه هو الذي يتركز فيه التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة .

فإن كان هذا الأجنبي مدينا للمدين أو كان في يده له وديعة أو عين مغصوبة ، $ 421 $ وأراد المدين عن طريق الحوالة الوفاء بالدين الذي في ذمته للدائن بالحق الذي له في ذمة الأجنبي ، فهذه هي الحوالة المقيدة (  ) . وهل أقرب إلي أن تكون طريقا من طرق الوفاء بالدين من أن تكون حوالة بالمعني الدقيق . وتقرها المذاهب جميعا ، علي خلاف بينها في الصياغة القانونية سنذكره فيما يلي :

أما أن كان الأجنبي غير مدين للمدين ، أو كان مدينا ولكن لم تقيد الحوالة بهذا الدين في المذهب الحنفي ، فهذه هي الحوالة المطلقة . ويمكن في الحوالة المطلقة . أن نتصور أن المدين يريد أن يحيل دينه علي الأجنبي ، وهذه هي حوالة الدين بالمعني الدقيق ، ولا يسلم بها الفقه الإسلامي خلافا لما يقال عادة وهي عنده أقرب إلي أن تكون كفالة أو تجديداً ، من أن تكون حوالة للدين وقد قدمنا أن الكفالة في الفقه الإسلامي هي الأصل في التضامن ، والآن نراها الأصل أيضا في الحوالة . ويمكن كذلك في الحوالة المطلقة أن نتصور أن الدائن هو الذي يريد أن يحيل حقه للأجنبي ، وهذه هي حوالة الحق بالمعني الدقيق . وحوالة الحق أيضا لا يسلم بها الفقه الإسلامي بوجه عام ، خلافا لما يقال عادة . ذلك أن الحنفية والشافعية والحنابلة لا يسلمون بهذه الحوالة ، أما المالكية فيسلمون بها في حدود معينة .

وقبل أن نفصل ما أجملناه ، يحسن أن نشير إلي خطأين شائعين ينسبان إلي الفقه الإسلامي في خصوص الحوالة : ( أولا ) ما يرد ذكره عادة في الفقه والقضاء في مصر علي أنه حوالة الحق في الفقه الإسلامي إنما هو حوالة الدين لا حوالة الحق . ( ثانياً ) ليس صحيحاً أن الفقه الإسلامي عرف حوالة الدين ولم يعرف حواله الحق ، وإلا كان هذا بدعا في تطور القانون . فمن غير الطبيعي أن يعرف نظام قانوني حوالة الدين قبل أن يعرف حوالة الحق ، كما أنه من غير الطبيعي أن يسلم نظام قانوني بانتقال الدين بين الأحياء وهو لم يعترف بانتقاله بسبب الموت . فالفقه الإسلامي كان في توره طبيعيا كسائر النظم القانونية : $ 422 $ لم يعرف حوالة الدين ، لا بسبب الموت إذ الدين لا ينتقل إلي الورثة بل يبقي في التركة حتي تقوم بسداده ، ولا بين الأحياء إلا في صورة من صور الكفالة أو التجديد . وعرف حوالة الحق ، بسبب الموت حوالة كاملة إذ الحقوق الشخصية التي للتركة تنتقل إلي الورثة ، وبين الأحياء بقيود معينة وفي مذهب واحد هو المذهب المالكي (  ) .

والآن ننتقل الي تفصيل ما أجملناه ، في غير إطالة إذ لا يتسع المقام هنا للإسهاب . ونتناول حوالة الدين وهي المعنية بلفظ " الحوالة " في الفقه الإسلامي فإذا ذكرت الحوالة قصد بها حوالة الدين دون غيرها ، ثم حوالة الحق ولا يعرف الفقه الإسلامي هذا التعبير ويسمي حوالة الحق بيع الدين أو هبه الدين .

حوالة الدين : يختلف ، في حوالة الدين ، المذهب الحنفي عن المذاهب الثلاثة الأخري . علي أن التمييز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة ، وإن كان غير منصوص عليه إلا في فقه المذهب الحنفي ، لا يقل أهمية في المذاهب الثلاثية الأخري عنه في المذهب الحنفي ، بل لعله يزيد كما سنري .

ونبدأ بالمذهب الحنفي : ففي هذه المذهب تتم الحوالة المطلقة برضاء الأطراف الثلاثة ، الدائن والمدين والمحال عليه . ويجوز أن تتم برضاء الدائن والمحال عليه دون المدين (  ) ، ولكن لا يرجع المحال عليه في هذه الحالة علي المدين ، إذا دفع الدين للدائن ، إلا إذا كانت الحوالة بأمر المدين . أما الحوالة المقيدة فلا بد فيها من رضاء الأطراف الثلاثة . وسواء كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة ، $ 423 $ فإن الدائن يرجع علي المحال عليه بالدين ، فهل انتقل الدين إلي ذمة المحال عليه بالحوالة؟ هنا تتضارب الآراء في المذهب الحنفي . فعند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ينتقل الدين من ذمة المدين إلي ذمة المحال عليه ، فلو أبرأ الدائن المحال عليه منن الدين صح ذلك ولو أبرأ المدين لا يصح ، ولكن الين يعود إلي ذمة المدين إذا توي عند المحال عليه . وعند محمد ، تنتقل المطالبة وحدها دون الدين من المدين إلي المحال عليه ، ويبقي الدين دون المطالبة في ذمة المدين . فلو أراد هذا أن يقضية للدائن ، لا يكون متبرعاً ، لأنه لا يزال مدينا ، ويجبر الدائن علي الاستيفاء . ولو أبرأ الدائن المحال عليه ، لا يرتد الإبراء بالرد ، لأن الدائن إنما أسقط المطالبة لا الدين ، ولا يرجع المحال عليه علي المدين ولو كانت الحوالة بأمره ، لأن الدائن لم يبريء المحال عليه من الدين بل من مجرد المطالبة . وإذا توي الدين عند المحال عليه ، عادت المطالبة إلي المدين واجتمعت عنده مع الدين فيرجع عليه الدائن بالدين نفسه ، ولو كان الدين قد انتقل إلي المحال عليه لما كان للدائن الرجوع بنفس الدين وإنما كان يرجع بالضمان . وعند زفر ، لا ينتقل الدين ولا المطالبة إلي ذمة المحال عليه ، بل تضم ذمة المحال عليه إلي ذمة المدين في المطالبة ، فيكون المحال عليه كفيلا للمدين .

ثم إن الدائن إذا طالب المحال عليه بالوفاء ، وجب هنا أن نميز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة . ففي الحوالة المطلقة ، إذا دفع المحال عليه الدين للدائن ، فإن لا يرجع علي المدين إلا إذا كانت الحوالة بأمره كما قدمنا ، ويرجع بالدين نفسه لا بما أدي . وهذا يدل إما علي أن الدين لا يزال باقيا في ذمة المدين كما يقول محمد ، فيرجع المحال عليه به . وإما علي أن الدين قد انتقل مع المطالبة إلي المحال عليه كما يقول أبو حنيفة وأبو يوسف ، فأداه المحال عليه وحل محل الدائن فيه ، فيرجع به علي المدين . وإما علي أن الدين والمطالبة لم ينتقلا عن المدين كما يقو زفر ، ولهذا يرجع المحال عليه بنفس الدين ، كما يرجع الكفيل في الكفالة بما كفل لا بما أدي . أما إذا توي الدين عند المحال عليه - بأن مات هذا مفلسا أو أفلس وهو حي أو جحد الحوالة ولم تكن هناك بينه - فإن الدائن يرجع علي المدين بنفس الدين (  ) . كما سبق القول . وفي الحوالة المقيدة يخصص $ 424 $ الحق الذي للمدين في ذمة المحال عليه لوفاء الدين المحال به (  ) ، دون أن ينتقل هذا الحق للدائن ، بل دون أن يكون رهنا عنده لسببين : ( 1 ) إذا أفلس المدين قبل أن يؤدي المحال عليه الدين للدائن ، فليس الدائن أحق من سائر غرماء المدين بالدين الذي خصص له وقيدت به الحوالة . وعند زفر الدائن أحق من سائر الغرماء ، لأن الدين صار له بالحوالة رهنا (  ) . ( 2 ) ولو توي هذا الدين $ 425 $ عند المحال عليه (  ) ، توي علي المدين لا علي الدائن ، ولا يسقط في مقابلته شيء من الدين المحال به (  ) . وهذان السببان يبينان أن الدين الذي تقيدت به الحوالة لا ينتقل إلي الدائن ولا يكون رهنا عنده .

هذه هي جملة أحكام حوالة الدين - المطلقة والمقيدة - في المذهب الحنفي ، أوجزناها متوخين إبراز المقومات الرئيسية لهذه الحوالة في هذا المذهب . ويبقي أن نضيف إلي ما قدمناها أن التأمينات التي كانت تكفل الدين المحال به وهو في ذمة المدين قبل الحوالة تنقضي بالحوالة عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ولا تنتقل لتكفل الدين في ذمة المحال عليه (  ) . وننظر بعد ذلك في تأصيل حوالة الدين في $ 426 $ المذهب الحنفي ، أيفي التكييف القانوني الذي يساير المقومات الرئيسة السالفة الذكر . ونبادر إلي القول إن هذا التكييف لا يختلف باختلاف ما إذا كانت الحوالة مطلقة أو مقيدة . وسنراه في المذاهب الثلاثة الأخري يختلف في الحوالة المطلقة عنه في الحوالة المقيدة ، وهذا يؤكد ما سبق أن قررناه من أن التمييز بين الحوالة المطلقة والحوالة المقيدة قد تزيد أهميته في المذاهب الثلاثة الأخري عنها في المذهب الحنفي . وإنما يختلف التكييف في المذهب الحنفي باختلاف ما اعتبر انتقاله بالحوالة إلي المحال عليه ، هل هو الدين والمطالبة معا ، أو المطالبة وحدها ، أو أن المحال عليه لم ينتقل إليه بالحوالة لا الدين ولا المطالبة :

  • أما عند زفر ، حيث لا ينتقل الدين ولا المطالبة من ذمة المدين إلي ذمة $ 427 $ المحال عليه ، بل تضم ذمة المحال عليه إلي ذمة المدين في المطالبة ، فالأمر واضح ، ولا تعدو حوالة الدين أن تكون كفالة محضة كما قدمنا . فإذا حول المدين دينه حوالة مطلقة ، كان معني هذا عند زفر أنه اتخذ من المحال عليه كفيلا عاديا له ، وبقيت ذمته هو مشغولة بالدين كما كانت . ويكون للدائن أن يرجع إما علي المحال عليه وإما علي المدين كما يشاء ، شأنه في ذلك شأن الدائن في الكفالة يرجع إما علي الكفيل وإما علي المدين . وإذا كانت الحوالة مقيدة ، بقي المحال عليه عند زفر كفيلا للمدين ، وأضيف إلي ذلك أن الدين الذي تقيدت به الحوالة يصبح مرهونا في الدين المحال به ، فيكون المدين قد قدم للدائن ضمانين " كفيلا ورهنا .
  • وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، حيث تنتقل المطالبة والدين من ذمة المدين إلي ذمة المحال عليه ، فهذا قول ينبغي ألا يؤخذ علي علاته . والصحيح أن الدين الأصلي قد انقضي ، ومما يقطع في انقضائه انقضاء التأمينات التي كانت تكلفة . وحل محل الدين الأصلي دين جديد في ذمة المحال عليه ، لا تنتقل إليه تأمينات الدين الأصلي كما قدمنا . وتكون حوالة الدين ، مطلقة كانت أو مقيدة ، عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، ليست إلا تجديداً بتغيير المدين فقد استبدل المحال عليه بالمدين الأصلي (  ) . فإذا توي الدين عند المحال عليه ، فسخ التجديد ، وعاد الدين إلي ذمة المدين الأصلي (  ) .
  • أما عند محمد ، حيث لا ينتقل الدين إلي ذمة المحال عليه وإنما تنتقل المطالبة وحدها ، وحيث لا تنقضي التأمينات بل تبقي علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين (  ) ، فإن حوالة الدين ، مطلقة كانت أو مقيدة ، أقرب إلي $ 428 $ أن تكون كفالة محورة ، ووجه التحوير فيها أن الدائن يرجع علي المحال عليه ( الكفيل ) أولا ، لأن المطالبة انتقلت إليه ولم تبق عند المدين . فإن توي الدين عند المحال عليه ، يرجع الدائن علي المدين الأصلي ، إذ تعود المطالبة بالتوي إلي المدين لتنضم إلي الدين كما كانت . أما في الكفالة العادية فالدائن بالخيار إن شاء طالب المدين الأصلي أولا وإن شاء طالب الكفيل (  ) ، لأن المطالبة بقيت عند المدين وإنما ضمت فيها إلي ذمته ذمة الكفيل (  ) .

 ( ب ) وننتقل الآن ، في حوالة الدين ، إلي المذاهب الثلاثة الأخري ، المالكية والشافعية الحنابلة . وهنا يجب أن نميز ، منذ البداية ، بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة . وهذا تمييز جوهري لا تصرح به نصوص هذه المذاهب ، ويرجع ذلك في الغالي إلي أن الفرق بين هاتين الحوالتين كبير إلي حد أن إحداهما – وهي الحوالة المطلقة - ليست بحوالة أصلا كما سنري ، فلا تستحق هذه التسمية حتى لا تكون نوعا ثانياً إلي جانب الحوالة المقيدة . وهذا يعود بنا مرة أخري إلي تأكيد أهمية هذا التمييز في المذاهب الثلاثة .

ففي الحوالة المقيدة – أو الحوالة إطلاقا لأن الحوالة المطلقة لا تدعي في العادة حوالة في المذاهب الثلاثة – يشترط أن يكون للمدين دين في ذمة المحال عليه معادل في الجنس ومساو في المقدار للدين المحال به ، فيوفي المدين الدين الذي في ذمته للدائن بالدين الذي له في ذمة المحال عليه . ومن ثم وجب أن يكون الدين المحال به والدين الذي تقيدت به الحوالة متساويين ، كما قدمنا ، في الصفة $ 429 $ والمقدار (  ) ، فإن اختلفا في شيء من ذلك لم تصح الحوالة (  ) . ويشترط لانعقاد الحوالة المقيدة في المذاهب الثلاثة رضاء كل من الدائن والمدين ، أما رضاء المحال عليه فلا يشترط علي الأرجح ، لأن الدائن يستوفي الدين منه كما كان يستوفيه المدين فلا يتضرر المحال عليه بذلك . بل إن رضاء الدائن عند الحنابلة لا يشترط هو أيضا إذا كان المحال عليه مليئا ، فيكفي إذن عندهم في هذه الحالة إرادة المدين المنفردة . ومتي تمت الحوالة علي هذا النحو ، برئت ذمة المدين نحو الدائن ، وبرئت ذمة المحال عليه نحو المدين ، وصار المحال عليه مدينا للدائن . ولا تنتقل تأمينات الدين المحال به بل تنقضي (  ) ، مما يقطع $ 430 $ في أن هذا الدين قد انقضي ، فليس هو الذي قام في ذمة المحال عليه للدائن . كذلك لا ينتقل إلي الدائن الحق الذي كان للمدين في ذمة المحال عليه للأسباب الآتية : ( 1 ) لا تنتقل أيضا تأمينات هذا الحق لتكفل الحق الذي قام للدائن في ذمة المحال عليه (  ) . ( 2 ) لو كان حق المدين في ذمة المحال عليه قد انتقل إلي الدائن ، فقد كان ينبغي أن يكون للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع التي كان يدفع بها مطالبة المدين دون الدفوع المستمدة من علاقة المديونية ما بين المدين والدائن ، ولكن في بعض النصوص ما يصرح بعكس ذلك (  ) . ( 3 ) ولو كان هذا الحق $ 431 $ قد انتقل إلي الدائن ، وكان المحال عليه معسراً وقت الحوالة أو أعسر بعد ذلك ، فقد كان ينبغي أن يرجع الدائن علي المدين بالضمان ، ولكن الظاهر من النصوص أن المدين لا يضمن إعسار المحال عليه (  ) . ( 4 ) ولو كان مقدراً لهذا الحق أن ينتقل إلي الدائن ، ولكن لم يتمكن المدين من نقله ، كأن كان الحق ثمنا لمبيع استحق أو كان وديعة فهلكت ، فقد كان ينبغي أن يعتبر الدائن غير مستوف لدينه أو أن الحق لم ينتقل إليه ، فيبقي للدائن دينه في ذمة المدين ، ولكن هذا الحكم لا يظهر في وضوح من النصوص .

ويستوقف النظر علي كل حال أن الحوالة ، في المذاهب الثلاثة ، لا تكون إلا حيث يكون المدين دائنا في الوقت ذاته للمحال عليه بجنس ما عليه وبمقداره (  ) . $ 432 $ أليس من البديهي أن يقال في هذه الحالة إن المدين إنما يوفي ، عن طريق ما يسمي بالحوالة ، الدين الذي عليه للدائن بالحق الذي له في ذمة المحال عليه ، ثم يوفي بهذا الحق الذي استوفاه الدين الذي عليه للدائن ، يختصر هاتين العمليتين في عملية واحدة ، فيقضي الدين الذي عليه بالحق الذي له ، دون أن يستوفي شيئا من مدينة أو يوفي شيئا لدائنه ، بل يقتصر علي أن يحيل دائنه علي مدينة هذا هو الظاهر الواضح . ولكن علي أي أساس أجري المدين كل ذلك؟ لا نري أن المدين حول علي مدينة الدين الذي في ذمته للدائن ، لأن تأمينات هذا الدين لا تنتقل بل تنقضي كما قدمنا . وإنما هو وفي لدائنه ما عليه من الدين من طريق التجديد بتغيير المدين ، فانقضي الدين الأصلي ، وحل محله دين جديد استبدل فيه بنفسه المحال عليه ، ومن ثم لم تنتقل التأمينات إلي هذا الدين الجديد . ولا نري أن المدين حول لدائنه الحق الذي له في ذمة المحال عليه ، لأن تأمينات هذا الحق لا تنتقل بل تنقضي كما قدمنا ، وهذا إلي الأسباب الأخري التي سبق ذكرها والتي تدعو إلي القول بأن هذا الحق لم ينتقل . وإنما هو استوفي من المحال عليه حقه هذا عن طريق التجديد بتغيير الدائن ، فانقضي الحق الأصلي ، وحل محله حق جديد استبدل فيه بنفسه الدائن ، ومن ثم لم تنتقل التأمينات إلي هذا الحق الجديد . فهو باعتباره مدينا قد استبدل بنفسه مدينة ، وهو باعتباره دائنا قد استبدل بنفسه دائنه . وخرج علي هذا النحو عن المديونية والدائنية ، فأسقط كلا من الدين والحق . وأنشأ التزاما جديداً ، إذ وضع مدينة مكانه تجاه دائنه ، كما وضع دائنه مكانه تجاه مدينه ، واستطاع بهذا أن يصل بين مدينه ودائنه ، فيجعل الأول هو المدين للثاني في هذا الالتزام الجديد (  ) . $ 433 $ فالحوالة المقيدة في المذاهب الثلاثة هي إذن ، في نظرنا ، وفاء دين بحق ، عن طريق إسقاط كل من الدين والحق ، وإنشاء التزام جديد يستوفي به المدين الحق وبقي بالدين . فتنتهي إلي تجديد بتغيير الدائن بالنسبة إلي استيفاء الحق ، وإلي تجديد بتغيير المدين بالنسبة إلي الوفاء بالدين .

أما ما يمكن أن نسميه بالحوالة المطلقة في المذاهب الثلاثة ، حيث لا يكون للمدين دين في ذمة المحال عليه ، فهذه ليست حوالة أصلا ، حتي بالاسم ، فقد رأينا ان المذاهب الثلاثة لا تسميها حوالة . فإذا حول المدين دائنه علي أجنبي غير مدين له ، فهو إنما يجعل من هذا الأجنبي كفيلا له . فالحوالة هنا كفالة محضة لا تحوير فيها ، أو هي حمالة كما تقول المالكية (  ) . ولابد من رضاء الدائن والمدين والمحال عليه جميعا بهذا الحوالة . فإذا انعقدت ، اعتبر المحال عليه كفيلا للمدين ، وكان الدائن بالخيار إن شاء طالب المدين وإن شاء طالب المحال عليه ، ولا يتعين أن يطالب المحال عليه أولا كما يتعين ذلك في المذهب الحنفي فيما دعوناه بالكفالة المحورة (  ) .

 $ 434 $ حوالة الحق : رأينا في حوالة الدين أن المذهب الحنفي يتميز عن المذاهب الثلاثة الأخري . أما هنا ، في حوالة الحق ، فالمذهب المالكي هو الذي يتميز عن المذاهب الثلاثة الأخري ، الحنفية والشافعية والحنابلة .

  • فنبدأ بالمذهب المالكي : والظاهر أن هذا المذهب يقر حوالة الحق فيما يسمييه بهبة الدين وببيع الدين . ويشترط لانعقاد هبه الدين من غير المدين - وهي حوالة حق عن طريق التبرع - ما يشترط لانعقاد الهبة بوجه عام . فيشترط إذن القبض ، ويتم بالإشهاد أو بتسليم سند الدين أو " ذكر الحق " كما يقول مالك (  ) . ويشترط لانعقاد بيع الدين من غير المدين - وهو حوالة حق عن طريق المعاوضة - ما يشترط لانعقاد البيع بوجه عام . ويشترط إلي جانب ذلك شروط أخري . منها إقرار من عليه الدين بحق الدائن ، فلا يجوز بيع حق متنازع فيه . ومنها التعجيل بالثمن ، وأن يكون الدين المبيع غير طعام ، وأن يكون الثمن من غير جنس المبيع ، وأن يقع البيع لغير خصم المدين حتي لا يكون في البيع إعنات للمدين بتمكين خصمه منه (  ) . ولا تنتقل التأمينات التي كانت $ 435 $ للحق من رهن أو كفالة ، إلا بالشرط وبإقرار الكفيل بالكفالة وإن كان لا يشترط رضاؤه بالحوالة (  ) .
  • وننتقل الآن ، في حوالة الحق ، إلي المذاهب الثلاثة الأخري ، الحنفية والشافعية والحنابلة . فهذه المذاهب جميعا لا تقر حوالة الحق ، ولا تجيز بيع الدين $ 436 $ إلا ممن عليه الدين ، لأن الدين غير مقدور التسليم إلا للمدين نفسه (  ) . علي أن في المذهب الحنفي تحقق كثيرا من الأغراض التي يراد الوصول إليها من وراء حوالة الحق (  ) .

ويخلص من كل ذلك أن الفقه الإسلامي لم يقر حوالة الدين بالمعني المفهوم في الفقه الغربي في أن مذهب من مذاهبه . وقد أقر حوالة الحق بشروط معينة في أحد مذاهبه ، وهو مذهب مالك ، دون المذاهب الأخري . فلم يكن الفقه $ 437 $ الإسلامي إذن بدعا في تطوره كما قدمنا ، ولم يقر حوالة الدين دون أن يقر حوالة الحق ، بل هو قد سار علي السنن المألوفة في التطور ، إذ بدأ بإقرار حوالة الحق بسبب الموت ، ثم بإقرار هذه الحوالة بين الأحياء ولكن في مذهب واحد من مذاهب . ثم وقف تطوره عند ذلك ، فلم يقر حوالة الحق بين الأحياء في المذاهب الأخري ، ولم يقر حوالة الدين أصلا لا بسبب الموت ولا بين الأحياء

[1] ) ويذهب الأستاذ شفيق شحاته إلي أن الالتزام لا ينتقل ، في الواقع من الأمر ، من دائن إلي دائن أو من مدين إلي مدين ، بل الدائن أو المدين يستخلف شخصا آخر - دائنا أو مدينا - علي الالتزام . فهو يميز ، من ناحية التعبير ، ما بين انتقال الالتزام والاستخلاف عليه ، ففي الحالة الأولي ينتقل الالتزام إلي شخص جديد ، أما في الحالة الثانية فلا ينتقل الالتزام بل يستخلف شخص عليه شخصا آخر . ويقول في هذا المعني ما يأتي : " والواقع ان الذي وصلت إليه التشريعات الحديثة بعد تطور طويل هو إباحة الاستخلاف ما بين الأحياء في الحق الواحد ، كما يحدث تماما عند وفاة الشخص بالنسبة إلي مجموعة حقوقه . فالدائن الجديد يخلف الدائن القديم ، وكذلك المدين الجديد يخلف المدين القديم ، في الحق الشخصي . فلا ينشأ حق جديد ، ولا ينتقل الحق القديم إلي شخص جديد ، بل أن شخصا يحل محل آخر في نفس الحق ، من طريق ما يسمي خطأ في القوانين الوضعية بالحوالة " ( الأستاذ شفيق شحاته : حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 7 ) وقد يقتضي كل هذه الدقة ، فلا يقال إن الالتزام انتقل من شخص قديم إلي شخص جديد ، بل إن شخصا قديما استخلف عليه شخصا جديداً . ويوزان سالي بين العبارتين ، فيري العبارة الثانية أدق ، إذ يقول : " ان استبدال شخص بآخر ، فيما يتعلق بالالتزام ، هو الذي يعدل انتقال الالتزام . ولكن لفظ الاستخلاف أدق من لفظ الانتقال . فما دام الالتزام لصيقا بالشخص ، فنقله لا يعني إلا أن شخصا جديداً أصبحا هو صاحب الالتزام وخلف عليه من نقله . بل إن التعبير الصحيح ، ليس أن يقال أن شخصا قد استخلف علي حق الغير ، بل أن يقال إن شخصا خلف شخصا آخر فيما يتعلق بهذا الحق " ( سالي : بحث في النظرية العامة للالتزام في القانون الألماني فقرة 74 ص 64 ) . ومهما يكن من أمر ، فما لا شك فيه أن عندما يقال ان الالتزام انتقل من شخص إلي شخص آخر ، يكون المقصود دائما أن هذا الشخص الآخر قد خلف الشخص الأول علي هذا الالتزام . فالانتقال هنا معناه الاستخلاف ، واستعمال لفظ الانتقال أيسر من الناحية العلمية . علي أن الأستاذ شفيق شحاته أجاز في مكان آخر أن يقال " إن الحق وقد كان محله الشيء انتقل إلي شخص آخر وبقي محله نفس هذا الشيء " ( النظرية العامة للحق العيني ص 114 و ص115 وهامش رقم 1 في ص 115 ) . ويعترض الأساتذة بلانيول وريبير وبولانجية علي التمسك بهذا القدر من الدقة ، ويذهبون إلي أن الحق ، وبخاصة حق المليكة والحق الشخصي من ناحيته الإيجابية ، ينتقل فعلا من شخص إلي آخر ( بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2859 ) .

 

انظر في هذا الموضوع الدكتور صبحي المحصاني : انتقال الالتزام في القانون المدني اللبناني – النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية 2 ص 341 – ص 356 .  

 ( [1] ) هذا التفريق بين الحوالة المقيدة والحوالة المطلقة مذكور في نصوص المذهب الحنفي دون نصوص المذاهب الأخري . ولكنه تفريق جوهري لتفهم الحوالة في الفقه الإسلامي في المذاهب جميعا لا في المذهب الحنفي وحده ، كما سنري .       

 ( [1] ) وفي المذهب الحنفي لا تكون الحوالة مقيدة إلا إذا قيد المدين الحوالة بالدين الذي له في ذمة المحال عليه ، فإذا كان للمدين دين في ذمة المحال عليه ولم يقيد به الحوالة ، فإن الحوالة تكون مطلقة بالرغم من مديونية المحال عليه للمدين .

 ( [1] ) قارن الدكتور حسن الذنون ، وهو يقول : " والشريعة الإسلامية أقرت حوالة الدين دون حوالة الحق علي رأي معظم الفقهاء " ( أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 218 ص 207 ) .

 ( [1] ) أما إذا اتفق المدين مع المحال عليه علي الحوالة ، فان هذا لا يكفي ، بل لابد أيضا من قبول الدائن ، ولا تنعقد الحوالة إلا من وقت هذا القبول دون أثررجعي . ويشترط أيضا لانعقاد الحوالة بلوغ المحال عليه ، لأنه يعتبر في مقام المتبرع . أما المدين والدائن فيكفي فيهما التمييز لانعقاد الحوالة ، ويشترط لنفاذها الإجازة ، فإذا كان المميز هو الدائن اشترط في الإجازة أن يكون المحال عليه أكثر ملاءة من المدين .

ويعتمد المذهب الحنفي - ومعه سائر المذاهب - في مشروعية الحوالة علي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : مطل الغني ظلم ، وإذا اتبع أحدكم علي ملي فليتبع .  

 ( [1] ) ويرجع بنفس الدين لا بالضمان ، وسنري أن هذا يمكن حمله علي أن الحوالة تفسخ إذا توي الدين . ولكن قد يؤخذ هذا دليلا علي صحة قول محمد من أن الدين لا ينتقل بالحوالة ، بل يبقي في ذمة المدين ، وتعود المطالبة بالتوي فتجتمع مع الدين ، ومن ثم يرجع الدائن بنفس الدين علي المدين ، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك .        

 ( [1] ) ونصوص المذهب الحنفي لا تشترط التساوي ما بين الدين المحال به والدين المحال عليه ، أما نصوص المذاهب الثلاثة الأخري فتصرح بوجب هذا التساوي كما سنري .

وفي الحوالة المقيدة في الفقه الحنفي يخصص الدين المحال عليه للوفاء بالدين المحال به كما يخصص مقابل الوفاء ( Provision ) لدفع قيمة الكمبيالة . وقد عرف الفقه الإسلامي الكمبيالة فعلا ، وسماها " السفتجة " ، وبني أحكامها علي أساس الحوالة .

 ( [1] ) وقد أخذت " المجلة " بقول زفر في هذه المسألة ، إذا نصت المادة 692 منها علي ما يأتي : " ينقطع حق مطالبة المحيل بالمحال به في الحوالة المقيدة ، وليس للمحال عليه أن يعطي المحال به للمحيل فان أعطاه ضمن ، وبعد الضمان يرجع علي المحيل . ولو توفي المحيل قبل الأداء وكانت ديونه أزيد من تركته ، فليس لسائر الغرماء حق في المحال به " . ويقول الأستاذ سليم باز تعليقا علي هذا النص ما يأتي : " التعبير بالمحال به . . غير مصيب ، إذ المقصود هنا ما في يد المحال عليه أو في ذمته من العين والدين كما هو ظاهر . أما أن المحال له أحق من سائر الغرماء في ذلك ، فلم يظهر لي وجهه ، مع أن عامة كتب المذهب قد صرحت بأن المحال له أسوة للغرماء ، لأن العين التي للمحيل في يد المحال عليه والدين الذي له في ذمته لم يصر مملوكا للمحتال بعقد الحوالة ، لا يدا وهو ظاهر ، ولا رقبة لأن الحوالة ما وضعت للتمليك بل للنقل ، فيكون بين الغرماء بالأسوة . أما المرتهن فملك المرهون يدا وحبسا ، فيثبت له نوع اختصاص بالمرهون شرعا لم يثبت لغيره ، فلا يكون لغيره أن يشاركه فيه ( درر ) . أما لو كانت الحوالة مطلقة ، فالمحتال أسوة الغرماء عند الكل ( رد مختار ) . والظاهر أن جمعية المجلة لم تخالفهم إلا في الحوالة المقيدة فقط ، ولعلها أخذت بقول زفر ، فمان المحتال عنده أحق من سائر الغرماء ، لأن الدين صار له بالحوالة كالمرتهن بالرهن بعد موت الراهن ( مجمع الأنهر ) ، ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز م 692 ص 379 ) . ولو أخذنا برأي زفر ، يكون الدين المحال عليه وهنا في الدين المحال به كما رأينا ، فلا تنتقل ملكية الدين المحال عليه إلي الدائن كما تنتقل في حوالة الحق بالمعني المفهوم في القوانين الغربية . ومن ثم لا تكون الحوالة في رأي زفر ، حتي بالنسبة إلي الدين المحال عليه ، حوالة حق ( انظر الأستاذ مصطفي الزرقا في الحقوق المدنية جزي 2 ص 30 في الهامش - الأستاذ أميل تيان في مقال له بمجلة كلية الحقوق ببيروت في حوالة الدين وحوالة الحق في الفقه الإسلامي علما وعملا - وقارن الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 58 هامش رقم 3 ) .

 ( [1] ) أو لم يستوف الدائن الدين لأي سبب آخر ، كأن كان ثمن مبيع فاستحق أو كان وديعة فهلكت . ولكن الحوالة تبطل في هذه الحالة ، لأن الدين الذي قيدت به يعتبر سببا لها ، وقد انعدام فانعدمت .  

 ( [1] ) ولو كان الدين الذي قيدت به الحوالة رهنا عند الدائن ، وتوي عند المحال عليه ، ليقسط الدين المحال به بقدر ما توي من الرهن ، لأن المرهون إذا هلك سقط من الدين ما يقابله .        

 ( [1] ) أما عند محمد فتبقي التأمينات علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين ، وقد قدمنا أن الحوالة عند محمد لا تنقل الدين وإنما تنقل المطالبة وحدها . وجاء في فتح الغدير : " فعند أبي يوسف ينتقل الدين والمطالبة ، وعند محمد تنتقل المطالبة لا الدين . قال وفائدة هذا الخلاف تظهر في مسألتين : إحداهما أن الراهن إذا أحال المرتهن بالدين ، فله أن يسترد الرهن عند أبي يوسف كما لو أبراه عنه ، وعند محمد لا يسترده كما لو أجل الدين بعد الرهن . . " ( فتح القدير جزء 5 ص 446 ) . وجاء في البحر الرائق : " لو أحال المشتري البائع بالثمن علي رجل ، لم يملك ( البائع ) حبس المبيع . وكذا لو أحال الراهن المرتهن ، لا يحبس ( المرتهن ) الرهن . ولو أحال الزوج المرأة بصداقها ، لم تحبس نفسها " ( البحر الرائق 6 ص 268 وما بعدها ) . وجاء في الزيلعي : " ثم اختلفوا في البراءة ، فقال أبو يوسف يبرأ عن الدين والمطالبة ، وقال محمد يبرأ عن المطالبة فقط ولا يبرأ عن الدين . وثمرة الخلاف تظهر في موضعين : أحدهما . . . والثاني أن الراهن إذا أحال المرتهن بالدين علي إنسان ، كان للراهن أن يسترد الرهن عند أبي يوسف كما لو أبراه عن الدين ، وعند محمد ليس له ذلك كما لو أجل الدين " ( الزيلعي 4 ص171 ) .

وكما أن التأمينات لا تنتقل لتكفل الدين في ذمة المحال عليه عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، كذلك نحسب أن الدفوع أيضا لا تنتقل . فليس للمحال عليه أن يتمسك ضد الدائن بالدفوع التي كان المدين يتمسك بها ضد الدائن ، بل ولا يجوز للمحال عليه أن يتمسك ضد الدائن بالدفوع المستمدة من علاقته هو بالمدين ، وهذا ما لم تكن الحوالة مقيدة وسقط الدين الذي تقيدت به أو هلكت الوديعة علي النحو الذي قدمناه . فيعتبر التزام المحال عليه نحو الدائن التزاما مجرداً ، فلا يتأثر لا بالعلاقة القائمة بين المدين والدائن ولا بالعلاقة القائمة بينه وبين المدين ، وإنما هي علاقة جديدة قامت بينه وبين الدائن مستقلة عن العلاقتين السالفتي الذكر . صحيح أن الدين الذي يقوم في ذمة المحال عليه للدائن يشارك الدين كان في ذمة المدن للدائن في صفته من حيث الحلول والتأجيل ، وقد جاء في المادة 896 من مرشد الحيران : " يتحول الدين علي المحتال عليه بصفته التي علي المحل . فإن كان الدين علي المحيل حالا ، تكون الحوالة به علي المحتال عليه حاله ، ويدفع المحتال عليه الدين المحال به معجلا . وإن كان الدين علي المحيل مؤجلا ، تكون الحوالة به علي المحتال عليه مؤجله ، ولا يلزم بالدفع إلا عند حلول الأجل . فلو مات المحيل بقي الأجل ، وإن مات المحتال عليه صار الدين حالا ويؤدي من التركة إن كان بها ما يفي بأدائه ، وإلا رجع المحتال بالدين أو بما بقي له منه علي المحيل ليؤديه عند حلول الأجل " . ولكن هذا لا يفيد أن المحال عليه يتمسك بالدفوع التي كان يتمسك بها المدين . للمحال عليه طبعا أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة ذاته إذ هو طرف فيه ، فإذا كان هذا العقد باطلا جاز له أن يتمسك ببطلانه . وله أيضا أن يتمسك بالدفوع التي يستمدها من علاقته هو بالدائن ، فله أن يتمسك ببطلانه . وله أيضا أن يتمسك بالدفوع التي يستمدها من علاقته هو بالدائن ، فله أن يتمسك باتحاد ذمته مع الدائن ، وأن يتمسك بالمقاصة بينه وبين الدائن . أما أن يتمسك بالمقاصة بين الدائن والمدين ، فإن جاز له ذلك فإنما يحمل علي أنه يتمسك بدفع مستمد من عقد الحوالة . ذلك أنه إذا كان الدين المحال به قد انقضي بالمقاصة بين الدائن والمدين قبل الحوالة ، فالحوالة باطلة ، لأن من شروط انعقادها أن يكون هناك دين قائم في ذمة المدين للدائن ، فتمسك المحال عليه بالمقاصة في هذه الحالة إنما هو تمسك ببطلان الحوالة ( قارن الدكتور صبحي المحمصاني في النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية 2 ص 355 – انتقال الالتزام في القانون اللبناني ص 58 ) .         

 ( [1] ) وفي الحوالة المقيدة تبرأ ذمة المحال عليه نحو المدين بقدر ما أدي من الدين للدائن .      

 ( [1] ) ذلك أن المدين يضمن للدائن يسار المحال عليه ، بحيث تنفسخ الحوالة إذا توي الدين عنده . وهذا بخلاف المذاهب الثلاثة الأخري ، فسنري أن المدين لا يضمن يسار المحال عليه ، إلا في مذهب مالك حيث يعتبر المدين قد غر الدائن إذا كان المحال عليه مفلسا وقت الحوالة دون أن يعلم الدائن ذلك ويعلمه المدين . 

 ( [1] ) وقد قدما أن التأمينات ، عند محمد ، تبقي علي حالها تكفل الدين الباقي في ذمة المدين ، خلافا لأبي حنيفة ولأبي يوسف : فتح القدير 5 ص 446 – الزيلعي 4 ص 171 – ويقضي المنطق ، عند أبي حنيفة وأبي يوسف ، بأن تعود التأمينات إذا فسخت الحوالة بالتوي وعاد الدين إلي ذمة المدين الأصلي ، ولكن لا يوجد في نصوص المذهب الحنفي نص صريح في هذا المعني .     

 ( [1] ) بل إن الدائن في الكفالة العادية يغلب أن يرجع أولا علي الكفيل ، لأنه يختار عادة لكفالة الدين من هو أكثر ملاءة من المدين الأصلي ، فيكون الرجوع علي الكفيل أيسر من الرجوع علي المدين . وهذا الذي يقع فعلا في الكفالة العادية يقع قانوناً في حوالة الدين . فالذي تتميز به حوالة الدين إذن هو أن المدين في الحوالة يأمن رجوع الدائن عليه قبل رجوعه علي الكفيل ، فالحوالة من هذا الوجه أقرب إلي أن تكون ضمانا للمدين منها ضمانا للدائن .      

 ( [1] ) أو لعل حوالة الدين ، عند محمد ، هي ضرب من الأنابة القاصرة ( delegation imparfaite ) ، ينيب فيها المدين المحال عليه في الوفاء بالدين عن طريق نقل المطالبة إليه ، فيرجع الدائن ( المناب ) هنا أيضا علي المحال عليه ( المناب لديه ) أولا ، فإن توي الدين عنده رجع علي المدين ( المنيب ) .ويستوي في ذلك أن تكون الحوالة مطلقة أو مقيدة .    

 ( [1] ) وهذا لا يمنع من أن يكون ما علي المدين للدائن أكثر أو أقل مما علي المحال عليه للمدين . فان كان أكثر ، جازت حوالة جزء منه يعادل في المقدار ما علي المحال عليه للمدين ، وإن كان أقل ، جازت حوالته علي جزء مما علي المحال عليه للمدين معادل له في المقدار . جاء في الشرح الصغير للدردير ( جزء 2 ص 143 ) : " وشرط لصحتها . . تساوي الدينين ، المحال به وعليه ، قدراً وصفة . فلا تصح حوالة بعشرة علي أكثر منها ولا أقل ، ولا بعشرة محمدية علي عشرة يزيدية ولا عكسه ، فليس المراد بالتساوي أن يكون ما علي المحيل مثل ما علي المحال عليه قدراً وصفة ، لأنه يجوز أن يحيل بعشرة علي عشرة من عشرين لي غريمة ، وأن يحيل بخمسة من عشرة علي خمسة علي غريمة " .      

 ( [1] ) وتصرح المالكية بأن الحوالة ، في حالة تساوي الدينين ، هي " إحالة " الدين ، وليست بيع الدين بالدين . قال ابن جزي : " والشرط الثاني أن يكون الدين المحال به مساويا للمحال فيه في الصفة والمقدار ، فلا يجوز أن يكون أحدهما أقل أو أكثر ، أو أدني أو أعلي ، لأنه يخرج عن الأحالة إلي البيع ، فيدخله الدين بالدين " ( القوانين الفقهية ص 327 ) .أما عند الشافعية فالحوالة هي بيع دين بدين . جاء في المهذب : " لا تجوز الحوالة إلا علي دين يجوز بيعه . . لأن الحوالة بيع في الحقيقة ، لأن المحتال يبيع ماله في ذمة المحيل بما له في ذمة المحال عليه ، والمحيل يبيع ما له في ذمة المحال عليه بما عليه من الدين ، فلا تجوز إلا فيما يجوز بيعه " ( المهذب جزء أول ص 337 ) .        

 ( [1] ) جاء في أسني المطالب شرح روض الطالب ( جزء 3 ص 232 ) : " لا يعتبر اتفاقهما في الرهن ولا الضمان ، بل لو أحاله بدين أو عي دين به رهن أو ضامن ، انفك الرهن وبريء الضامن ، لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق . ويفارق المحتال الوارث في نظيره من ذلك ، لأن الوارث خليفة مورثه فيما ثبت له من الحقوق " . وجاء في حاشية الشرقاوي علي شرح التحرير ( جزء 2 ص 26 ) . " فلو كان في أحد الدينين توثق برهن أو ضامن ، لم يؤثر ولم ينتقل الدين بصفة التوثق . بل يسقط التوثق ، لأحد الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق " وجاء في نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج ( جزء 3 ص394 ) : " إن أطلق الحوالة ولم يتعرض لتعلق حقه بالرهن ، فينبغي أن تصح وجها واحدا وينفك الرهن ، كما إذا كان له به ضامن فأحال عليه به من له دين لا ضامن به صحت الحوالة وبردي الضامن ، لأنها معارضة أو استيفاء وكل منهما ينقضي براءة الأصيل فكذلك يقتضي فك الرهن . فان شرط بقاء الرهن ، فهو شرط فاسد تبطل به الحوالة إن قارنها " .  

 ( [1] ) جاء في الغرر البهية شرح البهجة الوردية ( جزء 3 ص 144 وما بعدها ) : " لو أحاله علي دين به رهن أو ضامن ، انفك الرهن وبريء الضامن ، لأن الحوالة كالقبض " . انظر ايضا ما قدمناه من النصوص : أسني المطالب شرح روض الطالب جزء 3 ص 232 - حاشية الشرقاوي علي شرح التحرير جزء 2 ص 26 - نهاية المحتاج إلي شرح المنهاج جزء 3 ص 394 .

 ( [1] ) أما أنه ليس للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع التي كان يدفع بها مطالبة المدين ما لم يكن الدين الذي في ذمته للمدين غير موجود أصلا ، فقد جاء في المهذب ( جزء أول ص 338 ص339 ) : " وإن أحال البائع رجلا علي المشتري بالألف ، ثم رد المشتري المبيع بعيب ، لم تبطل الحوالة وجها واحدا ، لأنه تعلق بالحوالة حق غير المتعاقدين وهو الأجنبي المحتال فيم يجز إبطاها . وإن أحال البائع علي المشتري رجلا بألف ، ثم اتفقا علي أن البعد كان حرا ، فإن كذبهما المحتال لم تبطل الحوالة . . فان أقاما علي ذلك بينة لم تسمع ، لأنهما كذبا البينة بدخولهما في البيع . وإن صدفهما المحتال بطلت الحوالة ، لأنه ثبتت الحرية وسقط الثمن فبطلت الحوالة " - وهناك خلاف فيما إذا كان يجوز للمحال عليه أن يدفع مطالبة الدائن بالدفوع المستمدة من علاقة المديونية ما بين الدائن والمدين ، فقد جاء في المهذب : " وإذا اشتري رجل من رجل شيئا بألف وأحال المشتري البائع علي رجل بالألف ، ثم وجد بالمبيع عيبا فرده ، فقد اختلف أصحابنا فيه فقال أبو علي الطبري لا تبطل الحوالة فيطالب البائع المحال عليه بالمال ، ويرجع المشتري علي البائع بالثمن ، لأنه تصرف في أحد عوضي البيع فلا يبطل بالرد بالعيب ، كما لو اشتري عبداً بثوب وقبضه وباعه ثم وجد البائع بالثوب عيبا فرده . وقال أبو اسحق تبطل الحوالة . . فلا يجوز للبائع مطالبة المحال عليه ، لأن الحوالة وقعت بالثمن ، فإذا فسخ البيع خرج المحال به عن أن يكون ثمنا ، فإذا خرج عن أن يكون ثمنا ولم يتعلق به حق غيرهما وجب أن تبطل الحوالة . . ويخالف هذا إذا اشتري عبداً وقبضه وباعه ، لأن العبد تعلق به حق غير المتبايعين وهو المشتري الثاني فلم يمكن إبطاله ، والحوالة لم يتعلق بها حق غيرهما فوجب إبطالها ( المهذب جزء أول ص 338 ) .        

 ( [1] ) جاء في القوانين الفقهية لابن جزي : " فإذا وقعت الإحالة ، برئت بها ذمة المحيل من الدين الذي كان عليه للمحال ، وانتقل إلي طلب المحال عليه . ولا رجوع للمحال علي المحيل إن أفلس المحال عليه أو أنكر ، إلا أن يكون المحيل قد غر المحال لكونه يعلم فليس المحال عليه أو بطلان حقه قبله ولم يعلم المحال بذلك . وقال الشافعي لا يرجع علي المحيل ، غره أو لم يغره " ( القوانين الفقهية ص 327 ) . وجاء في المهذب : " إذا أحال بالدين ، انتقل الحق إلي المحال عليه وبرئت ذمة المحيل ، لأن الحوالة إما أن تكون تحويل حق أو بيع حق ، وأيهما كان وجب أن تبرأ من ذمة المحيل . وإن أحاله علي مليء فأفلس أو جحد الحق وحلف عليه ، ولم يرجع إلي المحيل ، لأنه انتقل حقه إلي مال يملك بيعه ، فسقط حقه من الرجوع ، كما لو أخذ بالدين سلعة ثم تلفت بعد القبض . وإن أحاله علي رجل بشرط أن مليء فبان أنه معسر ، فقد ذكر المزني أنه لا خيار له ، وأنكر أبو العباس هذا وقال له الخيار لأنه غره بالشرط فثبت له الخيار ، كما لو باعه عبدا بشرط أنه كاتب ثم بأن أنه ليس بكاتب . وقال عامة أصحابنا لا خيار له ، لأن الإعسار نقص ، فلو ثبت به الخيار لثبت من غير شرط كالعيب في المبيع ، ويخالف الكتابة فإن عدم الكتابة ليس بنقص وإنما هو عدم فضيلة ، فاختلف الأمر فيه بين أن يشرط وبين ألا يشرط " ( المهذب جزء أول ص 338 ) . وجاء في الأم للشافعي ( جزء 2 ص 203 ) : " اخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي إملاء قال : والقول عندنا والله تعالي أعلم ما قال مالك بن أنس أن الرجل إذا أحال علي الرجل بحق له ، ثم أفلس المحال عليه أو مات ، لم يرجع       المحال علي المحيل أبداً " . وجاء في المغني : " فإذا اجتمعت شروط الحوالة وصحت ، برئت ذمة المحيل في قول عامة الفقهاء . . . إذا ثبت أن الحق انتقل . فمتي رضي بها المحتال ولم يشترط اليسار ، لم يعد الحق إلي المحيل أبداً ، سواء أمكن استيفاء الحق أن تعذر لمطل أو فلس أو غير ذلك " ( المغني 5 ص58 ) .

 ( [1] ) بل ان الفقه المالكي يشترط فوق ذلك أن يكون الدين المحال به حالا ، فإذا لم يكن حالا وجب علي الأقل أن يكون الدين المحال عليه حالا وأن يقبضه المحال قبل التفرق ، وفي هذا ما يبرز في وضوح أن الحوالة ليست إلا وفاء دين بدين . جاء في الشرح الكبير للدردير ( جزء 3 ص 226 وما بعدها ) : " شرط صحة الحوالة . . حلول الدين المحال به ، وهو الذي علي المحيل لأنه إذا لم يكن حالات أدي إلي تعمير ذمة بذمي فيؤدي إلي بيع الدين بالدين . . إلأا أن يكون المحال عليه حالا ويقبضه قبل أن يتفرقا مثل الصرف فيجوز " .  

 ( [1] ) ومما يؤيد أن الدين الذ قام في ذمة المحال عليه للدائن ليس هو نفس الدين الذي كان في ذمة المدين للدائن بل هو نظيره أي التزام جدي معادل له ، ما جاء في كشاف القناع بحل ألفاظ أبي شجاع ( جزء 2 ص48 ) : " وتبرأ بالحوالة الصحيحة ذمة المحيل عن دين المحتال ، ويسقط دينه عن المحال عليه ، ويلزم دين محتال محالا عليه أي يصير نظيره في ذمته " .

ويخلص من كل ذلك أن حوالة الدين في الفقه الإسلامي تدخل في منطقة الوفاء بالدين لا في منطقة بيعه أو انتقاله . ويقول ابن القيم نقلا عن ابن تيمية في هذا المعني : " إن الحوالة من جنس إيفاء الحق لا من جنس البيع ، فإن صاحب الحق إذا استوفي من المدين ما له كان هذا استيفاء ، فإذا أحاله علي غيره كان قد استوفي ذلك الدين عن الدين الذي في ذمة المحيل . . ووفاء الدين ليس هو البيع الخاص وإن كان فيه شوب المعارضة " ( إعلام الموقعين 1 ص341 ) .     

 ( [1] ) يؤيد ذلك النصوص الآتية : جاء في الخطاب ( جزء 5 ص 91 ) : " قال في المدونة وإذا أحالك علي من ليس قبله دين ، فليست حوالة وهي حمالة " . وجاء في الخرشي ( جزء 6 ، 17 )           : " ومن شروطها ثبوت دين للمحيل في ذمة المحال عليه ، وإلا كانت حمالة عند الجمهور " . وجاء في المهذب ( جزء أول ص 337 ) : " ولا تجوز الحوالة إلا علي من له عليه دين ، لأنابينا أن الحوالة بيع ما في الذمة بما في الذمة ، فإذا أحال علي من لا دين له عليه كان بيع معدوم فلم تصح . ومن أصحابنا من قال تصح إذا رضي المحال عليه ، لأنه تحمل دين يصح إذا كان عليه مثله فيصح وأن لم يكن عليه مثله كالضمان . فعلي هذا يطالب المحيل بتخليصه ، كما يطالب الضامن المضمون عنه بتخليصه . فإن قضاه بإذنه رجع علي المحيل . وإن قضاه بغير إذنه لم يرجع " .

 ( [1] ) ويخلص من ذلك أن الحوالة المطلقة في المذاهب الثلاثة تختلف في طبيعتها عن الحوالة المقيدة ، فالأولي كفالة محضة ، والثانية تجديد بتغيير المدين وتجديد بتغيير الدائن . أما في المذاهب الحنفي ، فالحوالة المطلقة لا تختلف في طبيعتها عن الحوالة المقيدة ، كلتاهما إما تجديد بتغيير المدين إذا قلنا بانتقال المطالبة والدين جميعا ، وإما كفالة محورة إذا قلنا بانتقال المطالبة وحدها دون الدين ، وإما كفالة محضة إذا قلنا بعدم انتقال أي من الدين والمطالبة . وإنما تزيد الحوالة المقيدة علي الحوالة المطلقة ، في المذهب الحنفي ، بوجود دين في ذمة المحال عليه للمدين يخصص لوفاء الدين المحال به علي قول الأئمة الثلاثة ، أو يكون مرهونا فيه علي قول زفر .

 ( [1] ) وقد جاء في المدونة : " قلت أرايت أن وهبت لرجل دينا لي عليه كيف يكون قبضه ، قال إذا قال قد قبلت فذلك جائز له ، وهذا قبض لأن الدين عليه ، وهذا قول مالك ، وإذا قبل سقط . قلت فإن وهبت لرجل دينا علي رجل آخر ، قال مالك إذا أشهد له ، وجمع بينه وبين غريمه ، ودفع إليه ذكر الحق ، فهو قد قبض . قلت فإن لم يكن كتب عليه ذكر حق كيف يصنع ، قال إذا أشهد له وأحاله عليه فهذا قبض في قول مالك . قلت فإن كان الغريم غائبا ، فوهب لرجل ماله علي غريمه وأشهد له بذلك ودفع إليه ذكر الحق وأحاله عليه ، أيكون هذا قبضا في قول مالك ، قال نعم . قلت أرايت الدين إذا كان علي الرجل وهو بأفريقية وأنا بالفساط ، فوهبت ذلك الدين الذي لي بأفريقية لرجل معي بالفسطاط ، وأشهدت له ، وقل أتري ذلك جائزاً ، قال نعم . قلت لم أجزته في قول مالك ، قال لأن الديون هكذا تقبض ، وليس هو شيئا بعينه يقبض ، إنما هو دين علي رجل فقبضه أن يشهد له ويقبل الموهوب له الهبة " ( المدونة الكبري جزء 15 ص 126 - 127 ) .        

 ( [1] ) وقد جاء في شرح التاودي للتحفة : " وإنما يجوز بيع الدين لغير من هو عليه ، مع حضور المدين وإقراره وإن كان عليه بينه ، لأنه قد يطعن فيها أو يدعي القاضء فيكون من شراء ما فيه خصومة وهو ممنوع علي المشهور . وأجاز ابن القاسم في سماع موسي بن معاوية شراء الدين علي الغائب . . مع تعجيل الثمن وإلا كان من بيع الدين بالدين ، وكونه ليس طعام من يبيع فإن كان الدين طعام من يبيع لم يجز لما تقدم من منع بيع طعام المعاوضة قبل قبضة . وبيعه بغير جنس مرعي : فإن بيع بجنسه لم يجز ، لأنه الشأن في الدين أن يباع بأقل فيكون سلفا بمنفعة . وسادس الشروط ألا يكون المشتري عدوا للمدين يقصد بالشراء إعناته ، وإلا رد البيع وفسخ " ( التاودي علي التحفة 2 ص47 ) .

ونري من هذا النص إنه لا يشترط لجواز بيع الدين لغير من هو عليه رضا المدين ، ولكن يجب مع ذلك توافر الشروط الآتية : ( 1 ) ألا يكون الدين حقا متنازعاً فيه ، لأن شراء ما فيه خصومة ممنوع . ( 2 ) ألا يكون الدين طعاما في ذمة المدين ، لأن بيع الطعام قبل قبضه ممنوع . ( 3 ) ألا يكون الثمن من جنس الدين ، إذ المشتري يشتري الدين المؤجل عادة بأقل من قيمته فيكون سلفا بمنفعة ويداخله الربا . ( 4 ) أن يعجل الثمن ، وإلا كان من بيع للدين بالدين وهذا غير جائز . ( 5 ) ألا يكون المشتري خصما للمدين ، وإلا كان في هذا إعنات للمدين بتسليط خصمه عليه . ( انظر في ذلك أيضا المدونة الكبري 9 ص 128 - ص130 ) . ويبدو أن بيع الدين من غير المدين في المذهب المالكي ، بالشروط المتقدمة الذكر ، أقرب إلي أن يكون وفاء مع الحلول أو وفاء للدين بمقابل صادراً من غير المدين . فالأجنبي يتقدم إلي الائن ويوفيه دينه أو يوفيه مقابلا من غير جنس الدين ، ويرجع بالدين علي المدين . ولو كان هذا بيعا لأمكن تأجيل الثمن ، فمن المسلم أن البيع يجوز تأجيل الثمن فيه ، ولأمكن الأجنبي ، بدلا من الوفاء بالدين أو بمقابل الدين في الحال ، وهذا هو التعجيل بالثمن ، أن يبقيه دينا في ذمته . ولكن المقطوع به في مذهب مالك أنه لا يجوز بيع الدين من غير المدين بثمن مؤجل .

 ( [1] ) وقد جاء في شرح التاودي للتحفة : " وإذا بيع الدين أو وهب أو تصدق به ، وكان فيه رهن أو حميل ، لم يدخل واحد منهما إلا بالشرط ، مع حضور الحميل وإقراره بالحمالة ، وإن لم يرض بالتحمل لمن ملكه . ( تنبيه ) من بيع الدين المسألة الملقبة عند العامة بقلب الرهن ، وهي أن يكون بيد رهن في دين مؤجل ، ويحتاج إلي دينه فيبيعه بما يباع به . ويحل المشتري للدين محل بائعه في حوز الرهن ، والمنفعة إن كانت المنفعة جعلت له ، والبيع للرهن بالتفويض الذي جعل للبائع المرتهن ، وغير ذلك . ويكتب في ظهر وثيقة الدين أو في طرتها . فإن سكتا عن الرهن يدخل ، وإن اختلفا في اشتراطه حلفا وفسخ . وحيث دخل فللرهن جعله تحت يد أمين إن لم تشترط منفعته أو اشترطت والحقه ضرر ، وإلا فلا كلام له " ( التاودي علي التحفة 2 ص48 ) .         

 ( [1] ) والحنفية تجيز بيع الدين ممن عليه الدين : إما بثمن معجل ، ويبدو أن هذا أقرب إلي أن يكون وفاء للدين بمقابل . وإما بثمن مؤجل ، ويبدو أن هذا أقرب إلي أن يكون تجديداً بتغيير محل الدين .

أما الشافعية ففي أحد قولين في مذهبهم أنه يجوز بيع الدين من غير المدين ، بشرط قبض الدين والثمن في المجلس . وهذا لا يعدو أن يكون بيعا محضا ، عجل فيه الثمن وسلم المبيع . فالبائع تقدم إلي الدائن بسلعته ، وباعها منه بثمن معادل للدين ، ووكله الدائن ( المشتري ) في قبض هذا الدين . فقبض البائع الدين من المدين ، واحتجزه ثمنا ، وسلم المبيع إلي المشتري ، وذلك كله في مجلس البيع .

وأما الحنابلة فلا يجيزون بيع الدين من غير المدين . ويجيزون بيعه من المدين بثمن معجل –وهذا وفاء بمقابل - لا بثمن مؤجل . غير أن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يذهبان إلي جواز بيع الدين بالدين ولو بثمن مؤجل ( إعلام الموقعين 1 ص 340 - ص341 ) ، ولا يمنعان إلا ابتداء الدين بالدين ، أي أن يكون المبيع دينا مؤجلاً في الذمة ويكون الثمن كذلك دينا مؤجلاً في الذمة ، كبيع مقدار من القمح مؤجل التسليم في مبلغ من النقود مؤجل الدفع . وهذا يخرج عن منطقة بيع الدين بالدين .

 ( [1] ) فيحتال علي حوالة الحق بأحد طريقين : ( 1 ) يوكل الدائن من يريد أن يحول له حقه في قبض هذا الحق من المدين ثم يهبه إياه ، وهو الطريق الذي كان القانون الروماني يلجأ إليه . ولكن يستطيع الموكل ، في هذه الحالة ، عزل الوكيل قبل قبض الدين . ( 2 ) يقر الدائن لمن يريد أن يحول له حقه بأن الحق له . وهذا الإقرار مقصور علي العلاقة فيما بين المقر والمقر له ، أما المدين فلا يطالب بالدفع للمقر له . ولذلك يصحب الإقرار توكيل من الدائن للمقر له بقبض الدين ، أو يصدق المدين علي الإقرار فيسري في حقه ( انظر في ذلك الأستاذ شفيق شحاته في حوالة الحق في قوانين البلاد العربية ص 62 - ص 64 . أما ما يذكره الأستاذ شفيق شحاته في ص 57 – ص61 من المسائل التي يستدل بها علي جواز حوالة الحق في الفقه الحنفي ، فيبدو لنا أن التعامل فيها إنما يقع علي حوالة الدين لا علي حوالة الحق ، فتجري أحكام حوالة الدين علي الوجه الذي أسلفناه في هذا المذهب ، أو أن الحوالة في هذه المسائل إنما قصد بها التوكيل بقبض الدين وهذا مألوف في المذهب الحنفي كما قدمنا : انظر في هذا المعني الأستاذ عيسوي أحمد عيسوي مجلة الأزهر 27 ص 1014 – ص 1018 و ص 116 - ص 1120 ) .  

 ( [1] ) انظر في الحوالة بوجه عام في الفقه الإسلامي في مذاهبه الأربعة : البدائع 6 ص15 - ص 19 – فتح القدير 5 ص 443 – ص 452 - الزيلعي 4 ص 171 – ص 175 - الفتاوي الهندية 3 ص 295 – ص 306 - ابن عابدين 4 ص446 – ص459 - بداية المجتهد 2 ص 250 - 252 - الخرشي 6 ص 16 - ص 21 - الخطاب 5 ص 90 – ص 96 - القوانين الفقهية لابن جزي ص 327 - المهذب 1 ص 338 ص 339 - المغني ( الطبعة الثالثة ) 4 ص 521 – ص534 .

والذي يخلص من كل ذلك أن حوالة الدين هي إما تجديد أو كفالة محورة أو كفالة محضة في المذهب الحنفي ، وهي تجديد للدين بتغيير المدين وبتغير الدائن في المذاهب الأخري . فلم يسلم الفقه الإسلامي أصلا بانتقال الدين ، لا فيما بين الأحياء ولا بسبب الموت ، لا عن طريق الخلافة الخاصة ولا عن طريق الخلافة العامة . وإنما سلم بانتقال الحق بسبب الموت ، عن طريق الخلافة العامة في الميراث ، وعن طريق الخلافة الخاصة في الوصية بالدين . ولا يكاد يسلم بانتقال الحق فيما بين الأحياء إلا عن طريق الحيلة في المذهب الحنفي ، وإلا في كثير من التردد فذ مذهب مالك . ولا عجب في ذلك ، فهذا هو السير الطبيعي في تطور الحالة . أما تسليمه بانتقال الحق بسبب الموت ، فيبدو أن ذلك قد قام علي فكرة الخلافة : خلافة الوارث للمورث وخلافة الموصي له للموصي . وهي خلافة لا تتحقق عنده إلا بالموت ، فيختفي شخص السلف ويحل محله شخص الخلف .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م

مادة (96) : يصح لمن عليه الحق أن يفوض صاحبه في قبضه ثم إن وجد المستحق المقبوض زائداً زيادة لا يتغابن بها لزمه الأخبار بذلك ولا يجب عليه الرد بلا طلب.