مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 461
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- بعد أن تقرر التزام المشتري بدفع الثمن، عرض المشروع للجزاء المترتب على هذا الالتزام، فللبائع وسائل ثلاث لضمان حقه، هي حبس المبيع والمطالبة بالتنفيذ والمطالبة بالفسخ، و ليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة، ولكن رؤى من المفيد التبسط في هذه الأحكام لأهميتها العملية.
2 - أما الحق في حبس المبيع فقد قررته المادتان 607 و 608 من المشروع تطبيقاً لقاعدتي الحق في الحبس والدفع بعدم تنفيذ العقد، فإذا كان الثمن كله أو بعضه.
يستحق الدفع ولم يدفع، جاز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له، ولا يسقط حقه في الحبس إلا أن يقدم له المشترى رهناً أو كفالة، لأن البائع يطلب حقاً واجب الوفاء في الحال، أما إذا منح البائع للمشترى أجلاً جديدا للدفع ولم يتحفظ سقط حقه في الحبس.
وقد يكون الثمن مؤجلاً، ولكن يسقط الأجل طبقاً للمادة 396 من المشروع (والأولى أن تعدل المادة 607 فقرة ثانية من المشروع بما يحقق التناسق بينها وبين المادة 396 على الوجه الآتي : وكذلك يجوز للبائع أن يحبس المبيع حتى لو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن إذا سقط حق المدين في الأجل طبقاً لأحكام المادة 396)، والأجل يسقط (أ) إذا كان المشتري معسراً، (ب) أو كان قد أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى للدائن من تأمين خاص حتى لو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون (مالم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين) ، أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه فإن الأجل يسقط ما لم يتوق المدين هذا السقوط بأن يقدم للدائن ما يكمل التأمين، (ج) أو كان المشتري لم يقدم ما وعد في البيع بتقديمه من التأمينات، ففي هذه الأحوال جميعها يسقط الأجل ويحل الثمن، فإذا لم يدفعه المشتري كان للبائع حبس المبيع.
فإذا استعمل البائع حقه في الحبس أجريت الأحكام العامة المتعلقة بهذا الحق ، و منها أنه لا يجوز للمشتري أن يستولي على المبيع دون إذن البائع ، فإن أذن له في ذلك ، وسلم المبيع طوعا ، سقط حقه في الحبس ، وليس له أن يسترد المبيع إلا من
طریق فسخ البيع . وإن لم يأذن ، واستولى المشتري على المبيع رغما من ذلك ، جاز البائع أن يسترد المبيع في خلال ثلاثين يوما من الوقت الذي علم فيه بخروجه من حيازته ( م ۳۳۳ من المشروع ) ، وهو على كل حال لا يتحمل تبعة هلاكه إذا هلك في يد المشتری (م 608 من المشروع، أما ثمرات المبيع وقت الحبس فهي للمشتري من وقت استحقاق الثمن، وعليه فوائد الثمن طبقا لما سبق ذكره من الأحكام. والمشروع فيما تقدم مطابق في جملته للتقنين الحالى (م ۲۷۹ - 281/ 350 - 353 ) مع بعض فروق تفصيلية . ولم ينقل المشروع المادة 352 من التقنين المختلط ، وهي تنص على أنه ليس للبائع أن يمتنع من التسليم إذا حول المشتري بجميع الثن أو جزء منه ،، فقد تركت هذه المسألة ، يستخلص حكمها من القواعد العامة ، وهذه تقضي بأن البائع إذا حول حقه في الثن انتقل إلى المحال له ما كان للبائع من ضمانات (م 433 من المشروع ) ، وكذلك إذا حول المشتري الدين بالثمن إلى مدين آخر ، وقبل البائع الحوالة ، فإنه يستبقى حقه في حبس المبيع (م 451 فقرة أولى من المشروع).
3 – وللبائع غير الحق في الحبس، أن يطالب المشتري بالثمن المستحق، وله أن ينفذ على المبيع وغيره من أموال المدين بالثمن، بل إن له امتيازاً على المبيع يتقدم به على سائر الدائنين (م 609 من المشروع و توافق م 332/ 413 من التقنين الحالي).
4 - وللبائع أخيراً أن يطلب فسخ البيع وفقاً للقواعد العامة، وقد طبق المشروع هذه القواعد في العقار والمنقول، ففي العقار تكفلت المادة 610 من المشروع (ويوافقها م 333/ 414 - 415 من التقنين الحالي) بتطبيق أحكام الفسخ بحكم القضاء (م 218 من المشروع) فقررت أنه يتعين على القاضي أن يحكم بالفسخ فوراً إذا كان البائع مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن، وإلا جاز له أن ينظر المشتري إلى أجل تقدر مدته تبعاً للظروف، على أن يدفع الفوائد القانونية إذا لم تكن هناك سوابق اتفاقية، فإذا انقضى الأجل الذي منحه القاضي ولم يدفع المشتري الثمن، وجب الحكم بفسخ البيع دون أن ينظر المشتري إلى أجل آخر (انظر المادة 393 فقرة 2 من المشروع : ویكتفي في حالة البيع بأجل واحد)، وتكفلت المادة 611 من المشروع (وتوافق م 334/ 416 من التقنين الحالي) بتطبيق أحكام الفسخ بحكم الاتفاق (م 219 من المشروع)، فقررت أنه إذا اتفق المتعاقدان على أن البيع يفسخ من تلقاء نفسه عند عدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد المحدد، فإن هذا الشرط لايعني البائع من إعذار المشتري بدفع الثمن، فإن دفع المشتري سقط حق البائع في المطالبة بفسخ البيع، وإن لم يدفع وجب على البائع رفع دعوى الفسخ، ولكن القاضي لا يملك أن ينظر المشتري إلى أجل، بل يتحتم عليه النطق بفسخ البيع، فإذا أراد البائع أن يعني من إعذار المشتري، وجب عليه أن يشترط ذلك صراحة في العقد، وفي هذه الحالة يرفع البائع دعوى الفسخ دون إعذار، ويحكم القاضي بالفسخ دون أن ينظر المشتري إلى أجل.
أما في المنقول، فقد ميز المشروع بين البيع المؤجل والبيع غير المؤجل، فإذا كان البيع مؤجلاً وانقضى الأجل دون أن يتقدم المشتري لدفع الثمن و تسلم المبيع اعتبر البيع مفسوخاً لمصلحة البائع ( أي أن هذا له استبقاء البيع والمطالبة بالتنفيذ إذا لم يرد الفسخ) ، و يفسخ البيع من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار، ودون ضرورة إلى شرط خاص بذلك، كل هذا ما لم يتفق المشتري مع البائع على مدة أطول للوفاء بالثمن (م 612 من المشروع وتوافق م 418 /335 من التقنين الحالي)، أما إذا كان البيع غير مؤجل، فيجوز للبائع إذا لم يستوف الثمن أن يعتبر البيع مفسوخاً و أن يسترد المبيع في مدة خمسة عشر يوماً من وقت تسليمه إلى المشتري، إذا بقي المنقول حافظاً لحالته ولم يغير المشتري ذاتيته (بأن صنع الخشب دولاباً أو طحن القمح دقیقاً) ، على أن الفسخ لايضر في هذه الحالة بامتياز المؤجر حسن النية وفقاً للقواعد العامة (م 613 من المشروع ولا نظير لها في التقنين الحالي)، ويلاحظ أن كل هذه الأحكام ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها، ويجب في تطبيقها مراعاة القوانين والعادات التجارية المتعلقة باسترداد المنقول بعد بيعه.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 612 من المشروع، فأقرتها اللجنة مع تحوير لفظي يجعل المعنى أعم وأصبح نصها ما يأتي :
في بيع العروض وغيرها من المنقولات، إذا لم يتقدم المشترى لتسلم المبيع عند انقضاء الأجل المتفق عليه أو تقدم ولكنه لم يعرض الثمن، كان البيع مفسوخاً له و من تلقاء نفسه، دون حاجة إلى إعذار وذلك لمصلحة البائع، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق على خلافه.
وأصبح رقم المادة 474 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
مناقشات لجنة الشئون التشريعية :
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل تحت رقم 474 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة السابعة والعشرين
تليت المادة 474 فاعترض سعادة الرئيس على الحكم الوارد فيها بأنه يرتب على انقضاء الأجل المحدد لتسلم المبيع و عدم تقدم المشترى لتسلمه فسخ البيع من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار مع أنه قد يحدث أن يحول دون تسلم المشتري المبيع ظروف لابد له فيها ورأى سعادته الاكتفاء بترتب الفسخ على حالة عدم دفع الثمن في الميعاد المتفق عليه وقد أيده في هذا الرأي معالي حلمي عيسى باشا.
ولما تبين أن هذا الذي يراه سعادة الرئيس مطابق لما جاء في نص المادة 335 من القانون القائم وافق معالي الوزير على الاستعاضة عن نص المادة 474 بنص المادة 335 معدلاً كالآتي :
مادة 474 - وفي بيع العروض وغيرها من المنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن و تسلم المبيع يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره .
وافق الحاضرون على هذا النص عدا جمال الدين أباظه بك الذي رأى بقاء المادة على أصلها،
تقرير اللجنة :
عدلت اللجنة نص هذه المادة واستعاضت عن عبارة «إذا لم يتقدم المشتري لتسلم المبيع عند انقضاء الأجل المتفق عليه أو تقدم ولكنه لم يعرض الثمن كان البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار وذلك لمصلحة البائع، بعبارة « إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا اختار البائع ذلك، وقد راعت اللجنة في ذلك أن تحتذي مثال النص الوارد في التقنين الحالي وأن تجعل الحكم أوضح ، و وأصبح رقم المادة 461.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1 ـ إنه و لئن كانت ملكية الأسهم تنتقل من البائع إلى المشترى بمجرد الإتفاق بينهما على ذلك ما دامت الأسهم المبيعة تتعين بالذات طبقاً للمادة 204 من القانون المدنى التى تنص على أن الإلتزام بنقل الملكية أو أى حق عينى آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق إذا كان محل الإلتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، و ذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل، و كانت المادة 39 من قانون التجارة حين إستلزمت قيد الأسهم الاسمية فى دفاتر الشركة قد إستهدفت من ذلك فرض قيد على حرية تداولها و جعلت من هذا القيد مناطاً لإثبات ملكيتها و التنازل عنها إلا أن النص فى المادة 461 من القانون المدنى على أنه " فى بيع العروض و غيرها من المنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن و تسلم المبيع يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا إختار البائع ذلك ، و هذا ما لم يوجد إتفاق على غيره " يدل على أنه فى حالة بيع المنقولات إذا إتفق على ميعاد لدفع الثمن و تسلم المبيع و لم يدفع المشترى الثمن فى الميعاد فإنه يجوز للبائع أن يعتبر العقد مفسوخاً بدون حاجة إلى إعذار أو حكم من القضاء ، فيقع الفسخ بنص القانون و يكون البائع بمجرد عدم دفع الثمن فى حل أن يعتبر المبيع لم ينتقل من ملكه، و يحق له أن يتصرف فيه تصرف المالك فيبيعه مرة أخرى إذ ورد هذا النص بصيغة عامة تدل على أن حكمه مطلق ، و من ثم فينصرف إلى البيع سواء كان مدنياً أو تجارياً .
(الطعن رقم 1229 لسنة 47 جلسة 1981/05/04 س 32 ع 2 ص 1366 ق 248)
2 ـ النص فى المادة 461 من القانون المدنى على أنه " فى بيع العروض و غيرها من المنقولات إذا إتفق على ميعاد لدفع الثمن و تسلم المبيع يكون البيع مفسوخاً دون حاجة إلى إعذار إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد إذا إختار البائع ذلك ، و هذا ما لم يوجد إتفاق على غيره " فقد دلت على أن المشرع قد خرج بحكمها على القاعدة العامة القاضية بعدم إمكان فسخ العقود إلا بعد الإعذار و بحكم من القاضى ما لم يوجد إتفاق صريح على الإعفاء من ذلك وإشترط لإعمال هذا النص الإستثنائى أن يكون المبيع من العروض و غيرها من المنقولات و أن يكون كل من البيع و الثمن محدداً كافياً و معلوم للمشترى عند التعاقد ، و أن يتخلف المشترى عن دفع الثمن فى الميعاد المتفق عليه لتسلم المبيع و دفع الثمن ، و أن يختار البائع التمسك بإنفساخ عقد البيع .
(الطعن رقم 46 لسنة 47 جلسة 1979/12/31 س 30 ع 3 ص 423 ق 418)
ويخلص من هذا النص أن في بيع المنقول يوجد اتفاق يكون بمثابة الشرط الفاسخ في أعلى مراتبه من القوة، أي بمثابة الاتفاق على أن يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار، وهذا الاتفاق هو الذي يقع بين البائع والمشتري يحدد ميعاداً لدفع الثمن وتسلم المبيع، فيفرض القانون في هذه الحالة أن بائع المنقول يريد تسليم المبيع في مقابل قبض الثمن، وقد اتفق مع المشتري على ميعاد لذلك، ولما كانت المنقولات سريعة التداول، ولا يتحمل ما تتحمله العقارات من الإبطاء في التعامل وطول الإجراءات ورفع دعاوى الفسخ ونحوها، وبخاصة إذا كانت هذه المنقولات عروضاً للتجارة وسلعاً وبضائع يريد صاحبها أن يسلمها إلى مشتريها في ميعاد محدود يقبض ثمنها، وإلا فهو في حل من بيعها إلى غيره اعتبار البيع الأول مفسوخاً دون حاجة إلى حكم أو إعذار، فقد فرض القانون أن اتفاق بائع المنقول مع مشتريه على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ينطوي على هذا الشرط الفاسخ الذي بموجبه يكون البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إعذار إذا جاء ميعاد تسليم المبيع ودفع الثمن ولم يتقدم لدفع الثمن وهذا لفرض قابل للإثبات العكس، فقد يذكر في البيع ما ينقض ذلك، كأن يتفق مثلاً على ألا يفسخ البيع إلا بعد إعذار أو أنه يجوز مد الأجل لدفع الثمن أو نحو ذلك، فإذا لم يقم اتفاق صريح أو ضمني مخالف، وحل الميعاد المحدد لتسلم المبيع وقبض الثمن، ولم يتقدم المشتري لدفع الثمن، اعتبر البيع مفسوخاً دون حاجة إلى حكم أو إعذار، وكان البائع في حل أن يعتبر المبيع لم ينتقل من ملكه، أو له أن يتصرف فيه تصرف المالك فيبيعه مرة أخرى أو يفعل فيه ما يشاء على أن انفساخ البيع على هذا الوجه لا يكون إلا باختيار البائع، فله ألا يعتبر البيع مفسوخاً، وان يطالب المشتري بتنفيذه بالرغم من تأخر هذا عن دفع الثمن، وإلا لاستطاع المشتري أن يفسخ البيع إذا شاء بأن يتأخر عن دفع الثمن .
ويلاحظ أن الحكم المتقدم الذكر لا يسري إلا في هذه الصورة الخاصة من بيع المنقول للاعتبارات التي تقدم ذكرها، فلا بد أن يكون المبيع منقولاً سلعة أو بضاعة أو أسهماً أو سندات أو نحو ذلك، وان يكون المتبايعان قد اتفقا على ميعاد لتسليم المبيع ودفع الثمن، فلا يسري هذا الحكم في بيع العقار، كذلك لا يسري في بيع المنقول إذا كان البيع غير مؤجل، كما إذا كان المتبايعان لم يتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع فصار الثمن واجب الدفع في الحال والمبيع واجب التسليم فوراً، ولا يسري في بيع المنقول إذا حدد ميعاد لدفع الثمن غير الميعاد الذي حدد لتسلم المبيع، أو حدد ميعاد لدفع الثمن دون أن يحدد ميعاد لتسلم المبيع فيكون التسليم واجباً في الحال ودفع الثمن واجباً في الميعاد المحدد، أما إذا حدد ميعاد لتسلم المبيع دون أن يحدد ميعاد لدفع الثمن، فقد رأينا أن الثمن يكون واجباً الدفع في ميعاد تسليم المبيع فيسري الحكم الوارد في المادة 461 مدني.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الرابع الصفحة/ 1070)
العروض، نوع من المقولات، يتم التداول فيها وفقاً للأحكام المقررة لتداول القول فتنتقل الملكية فيها بالحيازة التي تتم بالتسليم دون أن تتوقف على أية إجراءات، کالأسهم لحاملها، إذ يتملكها المشتري فور تسلمها، ولذلك يعتبرها القانون نوعاً من المنقولات ولو كان تداولها يتم عن طريق أحد السماسرة إذ يعتبر السمسار وكيلاً عن البائع.
وقد خص المشرع بيع العروض وغيرها من المنقولات بأحكام خاصة نظراً لطبيعتها وما يتطلبه تداولها من سرعة ومرونة في التعامل، بحيث إذا اتفق البائع والمشتري على بيع منقول وتم تحديد الثمن وميعاد التسليم، تعيين لنفاذ البيع أن يقوم المشتري في الميعاد المتفق عليه بدفع الثمن حتى يلتزم البائع بتسليمه المبيع فإن حل الميعاد ولم يقم المشتري بدفع الثمن، جاز للبائع فور إخلال المشتري بالتزامه أن يتحلل من الدراسة بإرادته المقترحة، دون حاجة إلى إعذار أو الرجوع إلى القضاء لاستصدار حكم بالفسخ مجافاة ذلك مع طبيعة البيع الوارد على منقول خلافاً للبيع العقاري الذي يتضمن شرطة فاسخ صريحة إذ يتعين على البائع عند التمسك بالشرط الفاسخ التصريح اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم.
ولما كانت القواعد التي تضمنتها المادة 461 غیر متعلقة بالنظام العام، ومن ثم يجوز الاتفاق على ما يخالفها، كما لو تضمن العقد عدم انتفاخه إذا تأخر المشتري عن الوفاء بالثمن في الميعاد المحدد إلا بعد إعذاره، أو تضمن أنه في حالة علم الوفاء في الميعاد، يكون الوفاء خلال مهلة أخرى يتم الاتفاق عليها بالعقد وفي كل هذه الحالات لا يلتزم البائع بتسليم المبيع، استناداً لحقه في الحي المقرر له عند عدم تطبيق المادة 461 سالفة البيان.
والأصل أن يكون الوفاء بثمن المنقول في المكان الذي يتم تسليمه فيه، وحينئذٍ تسري القواعد المتقدمة، لكن إذا تم الاتفاق على أن يكون الوفاء بالثمن بموطن المشتري، تعين على البائع السعي إليه به، وبالتالي لا يجوز للبائع الاستناد للمادة 461 واعتبار البيع مفسوخاً لعدم الوفاء له بالثمن إذا كان العقد يرجي عليه هذا السعي ولا كان مسئولاً عن إخلاله بالتزامه، إذا تراخى في التسليم أو تصرف في البيع، وحينئذٍ يجوز للمشتري الرجوع عليه بالفسخ والتعويض وفقاً للقواعد العامة.
فإن كان البيع غير مؤجل، فيكون الثمن مستحق الوفاء في وقت تسليم المبيع، وبالتالي يجب على المشتري الوفاء بالثمن کاملاً عند تسلمه البيع، فإن تضمن العقد فاق على دفع الثمن في وقت يختلف عن وقت تسليم المبيع، تعين الالتزام بذلك دون إعمال المادة 461 التي توجب وحلة ميعاد التسليم ورفع الثمن، وأيضاً إذا تضمن العقد ميعاداً لدفع الثمن ولم يتضمن ميعاد لتسليم المبيع، إذ يكون التسليم أثراً من آثار البيع يتحين الوفاء به فور التعاقد مما يحول دون البائع والتعلل بتلك المادة.
وإن كان المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يعتبر منقولاً، إلا أنه لا تتوافر فيه مقومات المنقولات التي تخضع للمادة 461 منه، ومن ثم لا يخضع الأحكام المتقدمة وإنما للقواعد العامة المقررة في الفسخ. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة 692)
الحكم الوارد المادة مخالف للقواعد العامة، ووجه المخالفة فيه وهو ما قرره من أن البيع في الحالة الخاصة التي وردت في النص - يعتبر مفسوخاً لصالح البائع من تلقاء نفسه بدون حاجة إلى إنذار أو صدور حكم من القضاء، ودون أن يتضمن العقد شرطاً يقضي بوقوع الفسخ بقوة القانون، فالقواعد العامة تقضي بأن الفسخ لا يقع إلا إذا سبقه إعذار ينبه به الدائن على المدين بالوفاء وإلا فسخ البيع، ثم إنها تقضي من ناحية أخرى بأن الفسخ لا يقع إلا بحكم من القضاء، وأخيراً فإن القواعد العامة تسمح بالاستغناء عن الإعذار أو عن الحكم القضائي بالفسخ إذا اتفق على ذلك صراحة في العقد.
أما نص المادة (461) فمن شأنه إيقاع الفسخ حتماً وبقوة القانون دون حاجة إلى إعذار أو حكم من القضاء لمجرد عدم دفع المشتري الثمن، متى توافرت شروط الحالة المنصوص عليها فيها .
ومعنى وقوع الفسخ بقوة القانون، أن يعود المنقول إلى ملك البائع الذي يكون له عندئذٍ الحق في أن يبيعه مرة أخرى لحسابه، دون أن يكون ذلك إخلالاً منه بالتزامه بل ودون أن يؤثر ذلك على حقه في أن يرجع على المشتري الذي لم يدفع الثمن بالتعويض جزاء لإخلاله بالتزامه، وذلك وفقاً للقواعد العامة .
الحكمة من هذا الحكم الاستثنائي هي أن عروض التجارة والمنقولات عموماً كثيراً ما تتقلب أسعارها، كما يتعرض الكثير منها للتلف بمجرد الزمن فلا تتحمل طول الإجراءات، مما يحتاج الأمر معه إلى التيسير على البائع بإعفائه من واجب الإعذار والمطالبة قضائياً بالفسخ حتى يستطيع أن ينصرف في المبيع للغير في الحال بمجرد تخلف المشتري عن دفع الثمن في الميعاد المحدد لدفعه وتسلم المبيع.
-شروط تطبيق حكم المادة :
يشترط لتطبيق الحكم الوارد بالمادة توافر الشروط الآتية :
1- أن يكون المبيع من المنقولات سواء كانت منقولات بطبيعتها مادية أو معنوية، كالبضائع على اختلاف أنواعها والأسهم والسندات، أو كانت منقولات بحسب المال كالثمار التي تباع قبل قطفها وأنقاض المنزل قبل هدمه فلا يسري على العقارات.
والمحل التجاري وإن كان منقولات معنوياً، إلا أن الراجح عدم انطباق حكم المادة عليه، لأن الحكمة التي توخاها المشرع من وضع هذا الحكم وهي سرعة تقلب أسعار العروض والبضائع لا تتوافر بالنسبة له غير أن حكم المادة يسري على كافة البيوع سواء كانت تجارية أو مدينة .
2-أن يوجد ميعاد محدد للوفاء بالثمن وتسلم المبيع، فالنص لا يسري على البيوع غير المؤجلة .
وميعاد الوفاء بالثمن قد يتفق عليه صراحة أو ضمناً، ويعتبر من قبيل الاتفاق الضمني أن يكون العرف قد جرى على تحديد ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع و سكت المتعاقدان عن ذكر ما يخالفه، فمثلاً في بيع المنقولات محولاً بقيمتها على المشتري، يجرى العرف بأن يتسلم المبيع ويدفع ثمنه بمجرد وصوله بالجمرك أو البريد، فإن قصر المشتري في دفع الثمن جاز للبائع التصرف فيها.
ولا تنطبق المادة إلا في حالة تحديد أجل ليدفع المشتري الثمن ويتسلم المبيع، أما إذا كان الأجل محدداً لحصول البائع على المبيع وتسليمه للمشترى، فإن البائع في هذه الحالة لا يعفي من واجب إعذار المشتري بالتسليم والوفاء.
أن يتأخر المشتري عن الوفاء بالثمن في الميعاد المحدد، فإذا قام بدفع الثمن في الميعاد امتنع على البائع التمسك بالمادة، ولو لم يقم المشتري بتسلم فإذا قام المشتري بدفع الثمن ولكن لم يتسلم المبيع، فإن البائع لا يستطيع الوصول إلى فسخ البيع لعدم قيام المشتري بالتسليم إلا بعد إعذاره واستصدار حكم بذلك من القضاء تطبيقاً للقواعد العامة.
وكان المشروع التمهيدي ينص على أنه: "إذا لم يتقدم المشتري لتسلم المبيع بعد انقضاء الأجل المتفق عليه، أو تقدم ولكنه لم يعرض الثمن، كان البيع مفسوخاً... إلخ.
ولكن لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ رأت- بناء على اقتراح رئيسها - قصر الجزاء على حالة عدم دفع الثمن في الميعاد دون حالة عدم التقدم لتسلم المبيع إذ قد يحول دون تسلم المشتري المبيع ظروف لابد له فيها، ووافق المجلس على هذا التعديل .
ويجب أن يكون عدم دفع الثمن في الميعاد المحدد تقصيراً من المشتري، فإذا كان نتيجة تقصير البائع كما لو امتنع المشتري عن الدفع لأن البائع لم يسلم المبيع
- أثر توافر الشروط المنصوص عليها بالمادة :
إذا توافرت الشروط الثلاثة التي نصت عليها المادة والتي عرضنا لها فيما تقدم، كان للبائع اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، بدون حاجة إلى تنبيه أو إعذار، فيقع الفسخ بقوة القانون، ويكون البائع بمجرد عدم دفع المشتري الثمن في حل أن يعتبر المبيع لم ينتقل من ملكه.
غير أن هذا الحكم مقرر لمصلحة البائع، ومن ثم يجوز له أن يعتبر العقد قائماً و يباشر إجراءات التنفيذ لاستيفاء ما هو مستحق له من ثمن.
أما المشتري فلا يجوز له أن يتمسك باعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، إذ أن الفرض أنه هو المقصر فلا يجوز له أن يستفيد من تقصيره، ولذلك إذا لم يقم البائع بالتزامه بالتسليم، فلا يجوز للمشتري اعتبار العقد مفسوخاً وإنما تطبق في هذه الحالة القواعد العامة في الفسخ.
الحكم الوارد بالمادة (461) لا يتعلق بالنظام العام، من ثم يجوز الاتفاق على خلافه، وقد نصت المادة صراحة على ذلك بقولها إن حكمها يسري"ما لم يوجد اتفاق على غيره". (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الخامس الصفحة/ 506)
ويخلص من ذلك أنه اذا كان المبيع منقولاً قد عين أجل لتسليمه ودفع ثمنه ولم يدفع المشتري الثمن في الأجل المتفق عليه، جاز للبائع أن يعتبر البيع، مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار المشتري أو إلى حكم قضائي، وأن يتصرف بناء على ذلك في المبيع مرة ثانية دون مسئولية عليه، وجاز له إذا كانت له مصلحة في إبقاء البيع عليه، وجاز له إذا كانت له مصلحة في إبقاء البيع أن يتمسك به وأن ينفذ بالثمن على المشتري، وحكمة هذا النص التيسير على بائع المنقولات باعفائه من وجوب إعذار المشتري ومن الحصول على حكم بالفسخ بأن الغالب فيه أنه يحترف البيع والشراء وأنه يبيع ليشتري فيزداد ربحه بتكرار هذه العمليات، لا ينبغي إخضاعه لضرورة الأعذار أو إلزامه بالحصول على حكم بالفسخ لأن ذلك يشل حركته (63 مكرر).
أما إذا دفع المشتري الثمن في الأجل المتفق عليه ولم يتسلم المبيع، فلا يجوز البائع اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه، وإنما يجب عليه أن يسلك في ذلك سبيل القواعد العامة فيعذر المشتري لتسلم المبيع ثم يرفع عليه دعوى الفسخ ويحصل على حكم به . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثاني الصفحة/ 664).
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع ، الصفحة / 34
هَلاَكُ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا قَبْلَ التَّسْلِيمِ:
59 - مِنْ آثَارِ وُجُوبِ الْبَيْعِ: أَنَّ الْبَائِعَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ هَذَا الْحَقُّ إِلاَّ بِالأْدَاءِ، وَيَظَلُّ الْبَائِعُ مَسْئُولاً فِي حَالَةِ هَلاَكِ الْمَبِيعِ، وَتَكُونُ تَبِعَةُ الْهَلاَكِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْهَلاَكُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.
وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى الثَّمَنِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَزَمًا فِي الذِّمَّةِ، لأِنَّ عَيْنَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَقْصُودَةٌ فِي الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ.
أَمَّا الثَّمَنُ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْبَائِعَ أَخْذُ بَدَلِهِ .
وَالْهَلاَكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا:
فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى ضَمَانِ الْبَائِعِ، لِحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ» .
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ، وَذَلِكَ لاِسْتِحَالَةِ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ . وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ تَلِفَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ: يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَالْقَوْلُ الآْخَرُ: يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ.
وَفَائِدَةُ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ هُنَا أَنَّهُ يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَسِخْ لاَلْتَزَمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالْتَزَمَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الْهَلاَكَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ كَالْهَلاَكِ بِفِعْلِ الأْجْنَبِيِّ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَسْتَقِرُّ، وَيَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَيُعْتَبَرُ إِتْلاَفُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضٍ لَهُ، وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ .
وَإِذَا كَانَ الْهَلاَكُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ (وَمِثْلُهُ هَلاَكُهُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ، فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ، وَيَسْقُطَ عَنْهُ الثَّمَنُ حِينَئِذٍ، (وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى مِنْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ) وَإِمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَيْعِ، وَيَرْجِعَ عَلَى الأْجْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَرُجُوعُهُ عَلَى الأْجْنَبِيِّ بِالْمِثْلِ إِنْ كَانَ الْهَالِكُ مِثْلِيًّا، وَبِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ: انْفِسَاخُ الْبَيْعِ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ.
وَإِذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ، فَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ أَيْضًا تَبَعًا لِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ الإْتْلاَفُ.
فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَتَرَتَّبَ عَلَى الْهَلاَكِ نُقْصَانُ الْمِقْدَارِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنَ الثَّمَنِ بِحَسَبِ الْقَدْرِ التَّالِفِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، أَوْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ (يُنْظَرُ خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ) هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
ثُمَّ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ مَا نَشَأَ عَنِ الْهَلاَكِ الْجُزْئِيِّ لَيْسَ نَقْصًا فِي الْمِقْدَارِ، بَلْ فِي الْوَصْفِ - وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا بِلاَ ذِكْرٍ - لَمْ يَسْقُطْ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ، بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إِمْضَائِهِ؛ لأِنَّ الأَْوْصَافَ لاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ إِلاَّ بِالْعُدْوَانِ، أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، وَتَخْصِيصُ جُزْءٍ لِلْوَصْفِ أَوِ التَّابِعِ .
- وَإِذَا هَلَكَ الْبَعْضُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ مُطْلَقًا، مَعَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الأْخْذِ وَالْفَسْخِ، لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ.
وَإِذَا هَلَكَ الْبَعْضُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْعَقْدِ وَالرُّجُوعُ عَلَى الأْجْنَبِيِّ بِضَمَانِ الْجُزْءِ التَّالِفِ .
أَمَّا إِنْ هَلَكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ عَلَى ضَمَانِهِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ قَبْضًا .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدِ اعْتَبَرُوا هَلاَكَ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِفِعْلِ الأْجْنَبِيِّ يُوجِبُ عِوَضَ الْمُتْلَفِ عَلَى الْبَائِعِ أَوِ الأْجْنَبِيِّ، وَلاَ خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الْهَلاَكُ كُلِّيًّا أَمْ جُزْئِيًّا.
أَمَّا هَلاَكُهُ أَوْ تَعَيُّبُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، كُلَّمَا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لاَزِمًا؛ لأِنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ . وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ سِتَّ صُوَرٍ هِيَ:
أ - مَا لَوْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِمُشْتَرِيهِ، وَهُوَ الْمِثْلِيُّ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ حَتَّى يُفْرَغَ فِي أَوَانِي الْمُشْتَرِي، فَإِذَا هَلَكَ بِيَدِ الْبَائِعِ عِنْدَ تَفْرِيغِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ.
ب - السِّلْعَةُ الْمَحْبُوسَةُ عِنْدَ بَائِعِهَا لأِجْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ.
ج - الْمَبِيعُ الْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَلاَ يَدْخُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إِلاَّ بِالْقَبْضِ.
د - الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا.
هـ - الثِّمَارُ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا، فَلاَ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إِلاَّ بَعْدَ أَمْنِ الْجَائِحَةِ.
و - الرَّقِيقُ حَتَّى تَنْتَهِيَ عُهْدَةُ الثَّلاَثَةِ الأْيَّامِ عَقِبَ الْبَيْعِ .
لَكِنَّهُمْ فَصَّلُوا فِي الْهَلاَكِ الْجُزْئِيِّ، فِيمَا إِذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا، فَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْفَائِتُ هُوَ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ، وَتَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 181
خِيَارُ النَّقْدِ
التَّعْرِيفُ
1 - سَبَقَ تَعْرِيفُ الْخِيَارِ. أَمَّا النَّقْدُ فَمِنْ مَعَانِيهِ لُغَةً: الإْعْطَاءُ وَالْقَبْضُ، يُقَالُ: نَقَدْتُ الرَّجُلَ الدَّرَاهِمَ، فَانْتَقَدَهَا بِمَعْنَى أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا فَقَبَضَهَا.
وَخِيَارُ النَّقْدِ اصْطِلاَحًا هُوَ: (حَقٌّ يَشْتَرِطُهُ الْعَاقِدُ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ النَّقْدِ) .
وَلَهُ صُورَتَانِ:
1 - التَّعَاقُدُ وَاشْتِرَاطُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا لَمْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَلاَ عَقْدَ بَيْنَهُمَا. وَمُسْتَعْمِلُ الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ فَائِدَتُهُ الْكُبْرَى لِلْبَائِعِ. وَقَدْ وَصَفُوا هَذِهِ الصُّورَةَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ (خِيَارِ الشَّرْطِ) لِلْمُشْتَرِي.
2 - التَّعَاقُدُ ثُمَّ قِيَامُ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْدِ مَعَ الاِتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا رَدَّ الْعِوَضَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَلاَ عَقْدَ بَيْنَهُمَا. وَمُسْتَعْمِلُ الْخِيَارِ هُنَا هُوَ الْبَائِعُ، وَهُوَ وَحْدَهُ الْمُنْتَفِعُ بِالْخِيَارِ. وَهَذِهِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ ذَاتُ شَبَهٍ تَامٍّ بِبَيْعِ الْوَفَاءِ مِمَّا جَعَلَ بَعْضَهُمْ يُدْخِلُ بَيْعَ الْوَفَاءِ فِي خِيَارِ النَّقْدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا بِشَرْطِ أَنِّي مَتَى رَدَدْتُ إِلَيْكَ الثَّمَنَ فِي مَوْعِدِ كَذَا تَرُدَّ إِلَيَّ الْمَبِيعَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ (خِيَارِ الشَّرْطِ) لِلْبَائِعِ .
مَشْرُوعِيَّتُهُ:
2 - أَثْبَتَ هَذَا الْخِيَارَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ، إِلاَّ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ. وَقَالَ بِهِ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ بِهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مُحْتَجًّا بِأَثَرِ عُمَرَ فِيهِ.
وَخَالَفَ فِي هَذَا الْخِيَارِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ، وَزُفَرُ .
وَاسْتَدَلَّ مُثْبِتُو هَذَا الْخِيَارِ بِالْقِيَاسِ وَآثَارِ الصَّحَابَةِ وَوُجُوهٍ مِنَ الْمَعْقُولِ.
أَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ مَقِيسٌ عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ لاِتِّحَادِ الْعِلَّةِ بَيْنَهُمَا، وَهِيَ التَّرَوِّي. فَهَا هُنَا يَتَرَوَّى الْبَائِعُ أَيَحْصُلُ لَهُ الثَّمَنُ أَمْ لاَ. وَكَذَلِكَ يَتَرَوَّى الْمُشْتَرِي أَيُنَاسِبُهُ الْبَيْعُ أَمْ لاَ، فَيَسْتَرِدُّ مَا نَقَدَ (بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ مَعَ الْبَائِعِ) .
وَأَمَّا آثَارُ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ، فَقَدْ رُوِيَ الأَْخْذُ بِهِ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصَنَّفِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ أَثْبَتَهُ، وَقَضَى بِهِ شُرَيْحٌ فِي وَاقِعَةٍ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ جَاءَ بِالثَّمَنِ مِنَ الْغَدِ فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ: أَنْتَ أَخْلَفْتَهُ . وَاحْتَجُّوا لَهُ مِنْ وُجُوهِ الْمَعْقُولِ بِدَاعِي الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، كَالْحَاجَةِ إِلَى خِيَارِ الشَّرْطِ، لِلتَّرَوِّي مِنَ الْمُشْتَرِي فِي مَعْرِفَةِ قُدْرَتِهِ عَلَى النَّقْدِ، وَمِنَ الْبَائِعِ لِيَتَأَمَّلَ هَلْ يَصِلُ إِلَيْهِ الثَّمَنُ فِي الْمُدَّةِ تَحَرُّزًا عَنِ الْمُمَاطَلَةِ مِنَ الْعَاقِدِ الآْخَرِ .
وَاسْتَدَلَّ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ هَذَا الْخِيَارَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطِ خِيَارٍ، بَلْ هُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، لأِنَّهُ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ شَرْطًا مُطْلَقًا وَعَلَّقَ فَسْخَهُ عَلَى غَرَرٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَقَدَ بَيْعًا مَثَلاً بِشَرْطِ أَنَّهُ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ الْيَوْمَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا. وَاحْتَجَّ زُفَرُ لِنَفْيِهِ بِقِيَاسٍ آخَرَ هُوَ أَنَّهُ بَيْعٌ شُرِطَتْ فِيهِ إِقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالشَّرْطِ، وَاشْتِرَاطُ الإْقَالَةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْبَيْعِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فَكَيْفَ بِاشْتِرَاطِ الْفَاسِدَةِ؟
وَمَا ذَكَرَهُ زُفَرُ هُوَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْكَاسَانِيُّ أَنَّ ثُبُوتَ خِيَارِ النَّقْدِ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، فَهُوَ جَائِزٌ بِالاِسْتِحْسَانِ، وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ النَّقْدِ هُوَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِجَامِعِ التَّعْلِيقِ فِي كِلَيْهِمَا، كُلُّ مَا فِي الأْمْرِ اخْتِلاَفُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُرُورَ الْمُدَّةِ دُونَ فَسْخٍ أَوْ مُرُورَهَا دُونَ نَقْدٍ. وَلاَ يُمْنَعُ ثُبُوتُهُ بِالْقِيَاسِ (أَوْ بِالدَّلاَلَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْهُ) أَنَّهُ ثَبَتَ اسْتِحْسَانًا عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، فَالْمُرَادُ قِيَاسُهُ عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَكِلاَهُمَا ثَبَتَا عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، أَيْ مُخَالِفَيْنِ لِلأْصُولِ الْعَامَّةِ الْقَاضِيَةِ بِلُزُومِ الْعَقْدِ كَأَصْلٍ ثَابِتٍ.
صَاحِبُ الْخِيَارِ:
3 - يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الْمُشْتَرِيَ أَوِ الْبَائِعَ بِحَسَبِ الصُّورَةِ الَّتِي اشْتُرِطَ فِيهَا، فَإِذَا ظَهَرَ بِعِبَارَةٍ (عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا نَقَدَ فِي الْمُدَّةِ، وَإِلاَّ فَلاَ بَيْعَ) فَصَاحِبُهُ هُوَ الْمُشْتَرِي، لأِنَّهُ هُوَ الْمُتَمَكِّنُ مِنَ الْفَسْخِ بِعَدَمِ النَّقْدِ. وَأَمَّا إِنْ ظَهَرَ بِعِبَارَةِ (إِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ خِلاَلَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ) فَصَاحِبُ الْخِيَارِ هُوَ الْبَائِعُ، وَرَدُّهُ الثَّمَنَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ بِالْفَسْخِ.
وَفَائِدَةُ الْبَائِعِ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُشْتَرِي لأِنَّهُ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، أَمْ كَانَ الْبَائِعُ صَاحِبَ الْخِيَارِ، لاِنْتِفَاعِهِ بِحُصُولِ الْفَسْخِ إِذَا مَطَلَ الْمُشْتَرِي .
مُدَّةُ خِيَارِ النَّقْدِ:
4 - لَمْ تَتَّفِقَ الآْرَاءُ الْفِقْهِيَّةُ فِي مُدَّتِهِ، بَلِ اخْتَلَفَتْ، أُسْوَةً بِالْخِلاَفِ الْوَاقِعِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ؛ لأِنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، مَعَ بَعْضِ الْمُغَايَرَةِ نَظَرًا لِثُبُوتِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالنَّصِّ وَثُبُوتِ هَذَا الْخِيَارِ بِالاِجْتِهَادِ، وَالآْرَاءُ فِي مُدَّتِهِ هِيَ:
1 - التَّفْوِيضُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ: فَلَهُمَا أَنْ يُحَدِّدَا الأْمَدَ الَّذِي يَرَيَانِ فِيهِ مَصْلَحَتَهُمَا، وَلَوْ زَادَ عَنْ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَحْدَهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ جَرَى عَلَى مُوجِبِ قَوْلِهِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ.
2 - التَّحْدِيدُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ مَا يُقَارِبُهَا: وَلَيْسَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَا مُدَّةً زَائِدَةً. فَالتَّحْدِيدُ بِالثَّلاَثِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِهِ أَبِي يُوسُفَ (وَقَدْ خَالَفَ صَنِيعَهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَهُمَا، لِوُرُودِ آثَارٍ فِيهِ بِمَا فَوْقَ الثَّلاَثِ، وَبَقِيَ خِيَارُ النَّقْدِ عَلَى أَصْلِ الْمَنْعِ) وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَمَّا التَّحْدِيدُ بِمَا يُقَارِبُ الثَّلاَثَ عَلَى أَنْ لاَ يُجَاوِزَ الْعِشْرِينَ يَوْمًا فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
هَذَا، وَإِنِ اشْتُرِطَ مَا يَزِيدُ عَنِ الثَّلاَثِ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، يُنْظَرُ إِنْ نَقَدَ فِي الثَّلاَثِ جَازَ، وَإِلاَّ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَنْفَسِخْ، كَمَا حَقَّقَهُ ظَهِيرُ الدِّينِ، وَأَقَرَّ ذَلِكَ ابْنُ الْهُمَامِ وَابْنُ عَابِدِينَ. وَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ قَيْدًا مُوَضِّحًا لِلْمُرَادِ مِنْ عِبَارَةِ (فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا) فِي صُورَتَيْ خِيَارِ النَّقْدِ، فَإِنَّهَا بِظَاهِرِهَا تَقْتَضِي الاِنْفِسَاخَ بَعْدَ النَّقْدِ أَوْ بِالرَّدِّ بَعْدَ النَّقْدِ، لَكِنَّهُمْ حَمَلُوا الْمُرَادَ عَلَى أَنَّهُ لِلْفَسَادِ، أَيْ يَسْتَحِقُّ الْفَسْخَ وَيُمْكِنُ انْقِلاَبُهُ صَحِيحًا إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ فَسَادُهُ، كَمَا فِي النَّقْدِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الأْيَّامِ الثَّلاَثَةِ .
سُقُوطُهُ وَانْتِقَالُهُ:
5 - خِيَارُ النَّقْدِ يُمَاثِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ فِي أَسْبَابِ السُّقُوطِ وَأَحْكَامِهِ، وَكَذَلِكَ انْتِقَالُهُ، فَهُوَ لاَ يُورَثُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أُسْوَةً بِخِيَارِ الشَّرْطِ (أَصْلُهُ) وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (خِيَارُ الشَّرْطِ).
صُورَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ خِيَارِ النَّقْدِ (بَيْعُ الْوَفَاءِ).
6 - جَعَلَ ابْنُ نُجَيْمٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ الْمَكَانَ الأْنْسَبَ لِبَحْثِ بَيْعِ الْوَفَاءِ هُوَ خِيَارُ النَّقْدِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ خِيَارِ النَّقْدِ. لَكِنَّ صَاحِبَ الْحَاشِيَةِ عَلَى كِتَابِهِ ابْنَ عَابِدِينَ لَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ التَّعْلِيلَ حَيْثُ نَقَلَ عَنِ «النَّهْرِ» أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِ بَيْعِ الْوَفَاءِ إِنْ زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ، لاَ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ، إِذْ خِيَارُ النَّقْدِ مُقَيَّدٌ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَبَيْعُ الْوَفَاءِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِهَا، فَأَنَّى يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِهِ؟ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ الْوَفَاءِ).
__________________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (313) خيار النقد
إذا تبايعا على أن يؤدي المشتري الثمن في وقت كذا وإن لم يؤده فلا بيع بينهما صح البيع، وهذا يقال له خيار النقد.
مادة (314) خيار النقد الفاسد
إذا لم يؤد المشتري الثمن في المدة المعينة كان البيع الذي فيه خيار النقد فاسداً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 343)
إذا كان المبيع منقولاً فتسليمه يكون بمناولته من يد البائع أو وكيله إلى يد المشتري أو وكيله كما يكون بالتخلية والإذن بالقبض.
فإن كان المبيع داخل حانوت أو صندوق يكون تسليمه بدفع مفتاح الحانوت أو الصندوق إلى المشتري مع الإذن له بقبضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م
مادة (84) : إذا كان الثمن عينا وتنازع البائعان في أيهما يسلم ما تحت يده قبل الآخر ، نصب الحاكم من يقبض منهما ويسلم المبيع ثم يسلم الثمن -
إيضاح
إذا كان الثمن عينا أي معينة من نقد أو عرض وقال البائع لا أسلم المبيع حتى أقبض ثمنه وقال المشتري لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع نصب الحاكم بينهما عدلا يقبض منهما ، ثم يسلم إليها قطعة للنزاع لأنهما استويا في تعلق حقهما بين الثمن والمثمن . و يقوم . العدل بتسليم المبيع أولا، ثم الثمن لجريان المادة بذلك ولأن قبض البيع من نبات البيع في بعض الصور واستحقاق التمن مرتب على تمام البيع.
وعن أحمد مايدل على أن البائع يجبر على تسليم المبيع أولا
مادة (85) :
(ا) إذا كان الثمن دينا أجبر البائع على تسليم المبيع.
(ب) إذا كان الثمن حالا أجبر المشتري على دفعه إن كان معه ، فإن لم يكن معه وكان بالبلد أو خارجه دون مسافة قصر حجر الحاكم على المشتري في التصرف حتى يحضر الثمن ، أما إذا كان الثمن ببلد على مسافة قصر أو ظهر عسر المشتري فللبائع الفسخ في الحال .
إيضاح
(ا) إذا كان الثمن دينا فليس للبائع الامتناع عن تسليم المبيع سواء كان الدين حالا أو مؤجلا ، لأن حق المشتري تعلق بعين المبيع وحق البائع تعلق بالذمة فوجب تقديم ما تعلق بالعين كحق المرتهن على سائر الغرماء ، فان كان الدين مؤجلا فلا يطالب به حتى يحل أجله .
(ب) إذا كان الثمن حالا أجبر المشتري على دفعه إن كان معه ، لأنه غنى ومطله ظلم . وإن لم يكن معه وكان في البلد أو خارجها دون مسافة قصر حجر الحاكم على المشتري في التصرف في المبيع وفي بقية ماله حتى يحضر الثمن كله ويسلمه للبائع وذلك لئلا يتعرف في ماله تعرفة يضر البائع .
أما إذا كان الثمن يبلد على مسافة قصر فصاعدا أو ظهر عسر
المشتري فللبائع الفسخ في الحال لأن في التأخير ضررا عليه .
بيع الأصول والثمار
ثانيا : بيع الثمار
مادة (۱۳۹) :
لا يصح بيع الثمر قبل بدو صلاحه ، ولابيع الذرع قبل اشتداد حبه ، إلا في الأحوال الآتية :
(1) إذا كان المشتري هو مالك الأصل أو الأرض .
(ب) إذا بيع الثر أو الحب المذكور مع أصله .
(ج) إذا بيع بشرط القطع في الحال إن كان له نفع حين القطع ، ولم يكن مشاعا.
إيضاح لا يصح بيع الثمرة قبل بدو صلاحها ، لحديث ابن عمر قال (نهی رسول الله وعن بيع الثمار قبل بدو صلاحها نهى البائع والمبتاع) متفق عليه .
كما لا يصح بيع الزرع قبل اشتداد حبه ، لحديث ابن عمر ( أن النبي نهى عن بيع السنبل حق يبيض ويأمن العاهة» رواه مسلم . وعن أنس مرفوعة « أنه نهى عن بيع الحب حتى يشتد ) رواه أحمد والحاكم وقال : على شرط مسلم .
ويستثنى من عدم صحة بيع الثمر قبل بدو صلاحه، وبيع الزرع قبل اشتداد حبه في الأحوال الآتية . فيجوز بيعهما فيها :
ا- إذا بيع الثمر قبل بدو صلاحه أو الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأصل ، (أي بيع المرة لمالك الشجر أو بيغ الزرع لمالك الأرض) فيجوز البيع ويصح ، لأنه إذا بيع مالك الأصل فقد حصل التسليم التام المشتري لكونه مالك الأصل والقرار. وهناك وجه بعدم الصحة في هذه الحالة .
۲ - أن يباع ما ذكر مع أصله بأن يبيع العمرة مع الشجر ، أو يبيع الزرع مع الأرض . فيصح : لأنه إذا بيع مع الأصل دخل تبعة في البيع فلم يضر احتمال الغرر فيه ، كما احتملت الجهالة في بيع اللبن في الضرع مع الشاة والنوى في التمر مع النمر.
٣- أن يباع ما ذكر بشرط القطع في الحال فيصح قال : في المغني بالإجماع ، لأن المنع كان خوفا من تلف الثمرة وحدوث العاهة عليها بدليل ما روى أنس أن النبي وال نهي عن بيع الثمار حتى تزهي قال ؟ أرأيت إذا منع الله الثمرة بما يأخذ أحدكم مال أخيه )، هذا إذا كان ماذکر منتفع به حين القطع فإن لم ينتفع بها كثمرة الجوز وزرع الترمس لم يصح لعدم الدفع بالمبيع.
كما يجب ألا يكون مشاعة بأن يشتري نصف الثمرة قبل بدو صلاحها ، أو نصف الزرع قبل اشتداد حبه مشاء فلا يصح شرط القطع ، لأنه لا يمكنه قطع ما يملكه إلا بقطع مالا يملكه وليس له ذلك .
مادة (140) :
(1) يصح بيع الجنية الظاهرة والجذة الظاهرة فقط مما يجني أو يجذ مرة بعد أخرى ، بشرط الجني أو الجذ في الحال .
(ب) يضح بيع الأصول التي تتكرر ثمرتها ، ويدخل الثمر تبعا له :
إيضاح
(ا) يصح بيع الجنية الظاهرة فقط مما يجني مرة بعد أخرى، والزرع الذي يجذ مرة بعد أخرى بشرط القطع في الحال، لأن الظاهر منه معلوم لا جهالة فيه ولا غرر ، بخلاف ما في الأرض فإنه مستور معيب ولأن الزائد على اللقطة لم يخلق فلم يجز بيعه كما لو باعه قبل ظهوره ، إلا أن يبيعه مع أصله فيصح لأنه بيع للأصل أشبه الحمل مع أمه .
(ب) يصح بيع الأصول التي تتكرر ثمرتها كالقثاء والخيار صغارة كانت الأصول أو كبارة مثمرة كانت أو غير مثمرة بدا صلاح نمرها أو لم يبد ، لأن العقد على الأصول ، وأما الثمرة فتابعة الحمل مع أمه .
وحصاد الزرع ولقاط اللقطة وجنى الثمرة التي اشتريت على المشتري، لأن ذلك من مؤنة نفل ما اشتراه كنقل الطعام المبيع، بخلاف أجرة
لیال ونحوه ، فإنها على البائع لأنه من مؤنة تسليم المبيع إلى المشتري، وهي على البائع وهنا حصل التسليم بالتخلية دون القطع بدليل جواز التصرف فيه ، فإن شرط ذلك على البائع صح الشرط.کشرطة حمل الحطب ، أو تكسيره.
مادة (141) :
(1) إذا اشترى الثمر قبل بدو صلاحه أو الحب قبل اشتداده بشرط القطع، ثم أبقاه المشتري حتى اشتد أو بدا صلاحه ، بطل البيع .
(ب) إذا حدثت ثمرة جديدة مع ثمرة انتقل ملك أصلها أو مع ثمرة اشتريت بعد بدو صلاحها، ولم تتميز المرة الجديدة فإن علم قدرها فالآخر شريك به . وإن لم يعلم قدرها، اصطلحا والبيع صحيح.
إيضاح
(1) إذا يعت الثمرة قبل بدو صلاحها، كالقثاء ونحوها بشرط القطع في الحال هم أخر القطع حتى بدا صلاح الثمر أو اشتداد الحب أو طالت الجنة أو كبرت اللقطة . بطل البيع فيما ذكر بمجرد الزيادة. لأن صحة ذاك يجعل ذريعة إلى الحرام ، ووسائل الحرام حرام کبیغ العينة . وإذا بطل البيغ فالأمل والزيارة الطارئة بعده للبائع ، كأن العقد لم يوجد ، لكن يفي عن الزيادة اليسيرة عرفة كتركه يوما أو يومين فلا يبطل البيع بذلك لمشقة التحرز منه .
(ب) من باع شجرة عليه ثمرة ظاهرة ولم يشترطها المشتري فهی للبائع كامر ، ثم حدث مع هذه الثورة الظاهرة مرة أخرى فهي للمشتري فإن لم تتميز الحادثة . فإن علم قدرها بالنسبة للأولى كالثلث مثلا فصاحبها شريك للبائع يقدرها ، فان لم يعلم قدرها اصطلحا على الثمرة ولم يبطل البيع . وكذا إذا اختلطت ثمرة مشتراة بعد بدو صلاحها نمرة حدثت بعد البيع . وإنما لم يبطل البيع لعدم تعذر تسليم المبيع ، لأن اختلاطه بغيره يشبه ما لو اشترى صبرة واختلطت بغيرها ولم يعرف قدر كل منهما.
بخلاف ما تقدم أن شراء ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط قطها ، نتركها حتى بدا صلاحها فان البيع ببطل ، كما تقدم الاختلاط البيع بغيره بارتكاب النهي وكونه يتخذ حبله على شراء الثمرة قبل بدو صلاحها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م
مادة (۳۱) :
( يتحقق تسليم المبيع للمشترى بما يأتي :
1- تسليم المثلى يكون بكيله أو وزنه أو عده ، ويتسلم المشتري له بيده أو بتفريغه في أوعيته ، وعلى البائع أجرة الكيل أو الوزن أو العد إلا إذا اقتضى شرط أوعرف خلاف ذلك .
۲ - تسليم العقار يكون بالتخلية بينه وبين المشتري إلا دار السكنى فيكون بالتخلية وإخلاء أمتعة البائع منها .
٣- تسليم غير المثلى والعقار من عروض وحیوان
يكون بما جرى به العرف في تسليمه ).
ایضاح
المثلى هو ما حصره کيل أو وزن أو عد ، ولم يتفاوت أفراده ، وعلى قدره ، ولم تدخله صنعة تخرجه عن اسمه إلى اسم آخر ، فإن تفاوتت أفراده في الصفة ، أو القدر ، أو جهل قدره معياره المتعارف، . کالجزاف ، أو دخلته صنعة أخرجته إلى اسم آخر : كقمح طحن ، وغزل نسج ، صار مقوما، وسرت عليه في بيعه وضمانه أحكام المقوم، وإنما كانت أجرة لكيل أو الوزن أو العد على البائع ، لأنه بالكيل ونحوه ، تكون التوفية التي هي حق للمشتري .
والعقار : هو الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر ، والعروض: كالثياب ونحوها.
وقد تبين من هذا النص : أن قبض المشترى للبيع المثلي يكون بأحد أمرين:
أحدهما : بتسلمه بيده بعد كيله أو وزنه أو عده .
وثانيهما : تفريغه له في أوعيته .
وينبني على ذلك : أن المبيع لو سقط عند تفريغه ، في أوعية المشتري من يد البائع ، كان ضمانه من البائع ، لأنه تلف قبل دخوله في ضمان المشتري بتسلمه بيده ، كما يأتي في مواد ضمان المبيع ، وإن سقط من يد المشتري ، كان ضمانه منه ، لتلفه بعد تسلمه بيده ، أي بعد دخوله في ضمانه بتسلمه .
المراجع : الشرح الصغير ج۲ ص ۷۹ ، والشرح الكبير ج ۳ ص ۱۳۰ .