loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة :  148

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- بعد أن تقرر التزام المشتري بدفع الثمن، عرض المشروع للجزاء المترتب على هذا الالتزام، فللبائع وسائل ثلاث لضمان حقه، هي حبس المبيع والمطالبة بالتنفيذ والمطالبة بالفسخ، و ليس في كل ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة، ولكن رؤى من المفيد التبسط في هذه الأحكام لأهميتها العملية.

2- أما الحق في حبس المبيع فقد قررته المادتان 607 و 608 من المشروع تطبيقاً لقاعدتي الحق في الحبس والدفع بعدم تنفيذ العقد، فإذا كان الثمن كله أو بعضه يستحق الدفع ولم يدفع، جاز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له، ولا يسقط حقه في الحبس إلا أن يقدم له المشترى رهناً أو كفالة، لأن البائع يطلب حقاً واجب الوفاء في الحال، أما إذا منح البائع للمشترى أجلاً جديداً للدفع ولم يتحفظ سقط حقه في الحبس.

وقد يكون الثمن مؤجلاً، ولكن يسقط الأجل طبقاً للمادة 396 من المشروع (والأولى أن تعدل المادة 607 فقرة ثانية من المشروع بما يحقق التناسق بينها وبين المادة 396 على الوجه الآتي، وكذلك يجوز للبائع أن يحبس المبيع حتى لو لم يحل الأجل المشترط لدفع الثمن إذا سقط حق المدين في الأجل طبقاً لأحكام المادة 396 ). والأجل يسقط (أ) إذا كان المشتري معسراً ، (ب) أو كان قد أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطى للدائن من تأمين خاص حتى لو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون (مالم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين) ، أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه فإن الأجل يسقط ما لم يتوق المدين هذا السقوط بأن يقدم للدائن ما يكمل التأمين، (ج) أو كان المشتري لم يقدم ما وعد في البيع بتقديمه من التأمينات، ففي هذه الأحوال جميعها يسقط الأجل ويحل الثمن، فإذا لم يدفعه المشترى كان للبائع حبس المبيع.

فإذا استعمل البائع حقه في الحبس أجريت الأحكام العامة المتعلقة بهذا الحق، و منها أنه لا يجوز للمشتري أن يستولي على المبيع دون إذن البائع، فإن أذن له في ذلك، وسلم المبيع طوعاً، سقط حقه في الحبس، وليس له أن يسترد المبيع إلا من طریق فسخ البيع، وإن لم يأذن، واستولى المشتري على المبيع رغماً من ذلك، جاز البائع أن يسترد المبيع في خلال ثلاثين يوماً من الوقت الذي علم فيه بخروجه من  حيازته ( م 333 من المشروع)، وهو على كل حال لا يتحمل تبعة هلاكه إذا هلك في يد المشتري (م 608 من المشروع، أما ثمرات المبيع وقت الحبس فهي للمشتري من وقت استحقاق الثمن، وعليه فوائد الثمن طبقاً لما سبق ذكره من الأحكام. والمشروع فيما تقدم مطابق في جملته للتقنين الحالى (م 279 - 281/ 350 - 353 ) مع بعض فروق تفصيلية، ولم ينقل المشروع المادة 352 من التقنين المختلط، وهي تنص على أنه ليس للبائع أن يمتنع من التسليم إذا حول المشتري بجميع الثمن أو جزء منه، فقد تركت هذه المسألة، يستخلص حكمها من القواعد العامة، وهذه تقضي بأن البائع إذا حول حقه في الثمن انتقل إلى المحال له ما كان للبائع من ضمانات (م 433 من المشروع)، وكذلك إذا حول المشتري الدين بالثمن إلى مدين آخر، وقبل البائع الحوالة، فإنه يستبقى حقه في حبس المبيع (م 451 فقرة أولى من المشروع).

3 – وللبائع، غير الحق في الحبس، أن يطالب المشتري بالثمن المستحق، وله أن ينفذ على المبيع وغيره من أموال المدين بالثمن، بل إن له امتيازاً على المبيع يتقدم به على سائر الدائنين (م 609 من المشروع و توافق م 332/ 413 من التقنين الحالي) .

4 - وللبائع أخيراً أن يطلب فسخ البيع وفقاً للقواعد العامة، وقد طبق المشروع هذه القواعد في العقار والمنقول، ففي العقار تكفلت المادة 610 من المشروع (ويوافقها م 333/ 414 - 415 من التقنين الحالي) بتطبيق أحكام الفسخ بحكم القضاء (م 218 من المشروع) فقررت أنه يتعين على القاضي أن يحكم بالفسخ فوراً إذا كان البائع مهدداً أن يضيع عليه المبيع والثمن، وإلا جاز له أن ينظر المشتري إلى أجل تقدر مدته تبعاً للظروف، على أن يدفع الفوائد القانونية إذا لم تكن هناك سوابق اتفاقية، فإذا انقضى الأجل الذي منحه القاضي ولم يدفع المشتري الثمن، وجب الحكم بفسخ البيع دون أن ينظر المشتري إلى أجل آخر (انظر المادة 393 فقرة 2 من المشروع، ویكتفي في حالة البيع بأجل واحد)، وتكفلت المادة 611 من المشروع (وتوافق م 334/ 416 من التقنين الحالي) بتطبيق أحكام الفسخ بحكم الاتفاق (م 219 من المشروع)، فقررت أنه إذا اتفق المتعاقدان على أن البيع يفسخ من تلقاء نفسه عند عدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد المحدد، فإن هذا الشرط لايعني البائع من إعذار المشتري بدفع الثمن، فإن دفع المشتري سقط حق البائع في المطالبة بفسخ البيع، وإن لم يدفع وجب على البائع رفع دعوى الفسخ، ولكن القاضي لا يملك أن ينظر المشتري إلى أجل، بل يتحتم عليه النطق بفسخ البيع، فإذا أراد البائع أن يعني من إعذار المشتري، وجب عليه أن يشترط ذلك صراحة في العقد، وفي هذه الحالة يرفع البائع دعوى الفسخ دون إعذار، ويحكم القاضي بالفسخ دون أن ينظر المشتري إلى أجل .

أما في المنقول ، فقد ميز المشروع بين البيع المؤجل والبيع غير المؤجل، فإذا كان البيع مؤجلاً وانقضى الأجل دون أن يتقدم المشتري لدفع الثمن و تسلم المبيع اعتبر البيع مفسوخاً لمصلحة البائع (أي أن هذا له استبقاء البيع والمطالبة بالتنفيذ إذا لم يرد الفسخ) ، و يفسخ البيع من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إعذار، ودون ضرورة إلى شرط خاص بذلك، كل هذا ما لم يتفق المشتري مع البائع على مدة أطول للوفاء بالثمن (م 612 من المشروع وتوافق م 418 /335 من التقنين الحالي)، أما إذا كان البيع غير مؤجل، فيجوز للبائع إذا لم يستوف الثمن أن يعتبر البيع مفسوخاً و أن يسترد المبيع في مدة خمسة عشر يوماً من وقت تسليمه إلى المشتري، إذا بقي المنقول حافظاً لحالته ولم يغير المشتري ذاتيته ( بأن صنع الخشب دولاباً أو طحن القمح دقیقاً) ، على أن الفسخ لايضر في هذه الحالة بامتياز المؤجر حسن النية وفقاً للقواعد العامة (م 613 من المشروع ولا نظير لها في التقنين الحالي)، ويلاحظ أن كل هذه الأحكام ليست من النظام العام ، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها، ويجب في تطبيقها مراعاة القوانين والعادات التجارية المتعلقة باسترداد المنقول بعد بيعه.

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة 608 من المشروع، فاقترح معالي السنهوري باشا حذف الفقرة الثالثة لعدم ضرورتها والنص في الفقرة الثانية على حكم الحالة العكسية لأنها أكثر خفاء، فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح نص المادة النهائي ما يأتي :

1) إذا استعمل البائع حقه في حبس المبيع حتى يستوفي، الثمن فليس المشتري أن يستولي على المبيع دون إذن البائع وإلا جاز للبائع أن يسترد المبيع.

2) وفي جميع الأحوال إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له كان الهلاك على المشتري. 

وأصبح رقم المادة 473 في المشروع النهائي، وقدمت بعد إبدال كلمة «يستوفي إلى كلمة و يدفع ، في الفقرة الأولى.

المشروع في مجلس النواب

تقرير لجنة الشئون التشريعية :

حذفت اللجنة الفقرة الأولى من المادة و نصها « إذا استعمل البائع حقه في حبس المبيع حتى يدفع الثمن فليس للمشتري أن يستولي على المبيع دون إذن البائع، وإلا جاز للبائع أن يسترد المبيع، لأن هذه الفقرة تطبيق واضح للقواعد العامة لا ضرورة للنص عليه، فأصبحت المادة مقصورة على الفقرة الثانية بعد أن أضافت إليها اللجنة حالة ما إذا كان المبيع قد هلك بفعل البائع وهو حابس له، وقضت أن الهلاك في هذه الحالة يكون عليه لا على المشتري، وهذه الحالة محتملة الوقوع فوجد من المفيد النص عليها.

وأصبح نص المادة : «إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له كان الهلاك على المشتري ما لم يكن المبيع قد هلك بفعل البائع ، تحت رقم 473».

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة كما أقرها مجلس النواب و أصبح رقمها 460.

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة ما أقرتها اللجنة.

الأحكام

إستحالة تنفيذ الإلتزام - بنقل الملكية - لسبب أجنبى ، لا يعفى البائع مورث الطاعنين من رد الثمن الذى قبضه من المشترى - المطعون عليه - ، بل إن هذا الثمن واجب رده فى جميع الأحوال التى يفسخ فيها البيع بحكم القانون ، و ذلك بالتطبيق لحكم المادة 160 من القانون المدنى ، و يقع الغرم على مورث الطاعنين نتيجة تحمله التبعة فى إنقضاء إلتزامه الذى إستحال عليه تنفيذه - بإستيلاء جهة الإصلاح الزراعى على العين المبيعة - و لا يجدى فى ذلك دفاع الطاعنين بأن المطعون عليه أهمل فى تسجيل العقد أو إثبات تاريخه .

(الطعن رقم 119 لسنة 43 جلسة 1977/04/05 س 28 ع 1 ص 909 ق 156)

شرح خبراء القانون

وهذا بالرغم من أن تبعة هلاك المبيع قبل التسليم تكون على البائع فهي هنا على المشتري لأن التسليم لم يتم بخطأه، فهو الذي تأخر في دفع الثمن فاضطر البائع إلى حبس المبيع، أما إذا كان الهلاك بفعل البائع، تحمل هذه المسئولية الهلاك إذ وقع بخطأه وجاز للمشتري أن يطلب فسخ البيع مع التعويض وفقاً للقواعد العامة، ويترتب على وجوب أن يبذل البائع العناية المعتادة في المحافظة على المبيع أثناء الحبس أنه إذا كان يخشى على المبيع الهلاك أو التلف ، فله أن يحصل على إذن من القضاء في بيعه، وينتقل الحق في الحبس من الشيء إلى ثمنه.

وإذا هلك المبيع في يد المشتري قبل أن يرده، فإن كان الهلاك بخطأه حكم عليه بالتعويض، وإن كان الهلاك بسبب أجنبي فللبائع إذا لم يكن قد صدر حكم بفسخ البيع أن يعدل عن طلب الفسخ إلى طلب التنفيذ فيكون تبعة هلاك المبيع على المشتري أما إذا كان قد صدر حكم نهائي بفسخ البيع ثم هلك المبيع بسبب أجنبي في يد المشتري، لم يكن المشتري مسئولاً عن هلاك المبيع إلا بقد ما عاد عليه من منفعة، كما إذا كان المبيع قد  تلف فيرده المشتري في الصورة التي آل إليها  وإذا استبقى المشتري المبيع في يده بعد الحكم بالفسخ ولم يقبل رده فأصبح سيء النية، ثم هلك المبيع بسبب أجنبي، وجب على المشتري أن يرد للبائع قيمة المبيع وقت الهلاك، إلا أن يثبت أن المبيع كان يهلك حتى لو كان قد رده إلى البائع وقت الفسخ ( م 984 مدني )  و للبائع إذا أجيب إلى فسخ البيع أن يطالب المشتري –فوق رد المبيع – بتعويض عما أصابه من الضرر بسبب تخلف المشتري عن القيام بالتزامه، كأن تكون صفقة قد فاتت عليه بسبب البيع الذي فسخ، ويبني التعويض هنا على أساس المسئولية التقصيرية لأن البيع بعد أن فسخ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الرابع  الصفحة/   1027)

وتمسك البائع بحقه في حبس البيع، ثم ملك لسبب لا يرجع إلى فعل البائع، كانت تبعة الهلاك على للمشترى، إذ لو كان المشتري قد نفذ التزامه، كان يترتب على ذلك تسلمه للبيع وكان هلاكه عليه، أما وقد أخل بالتزامه، فقد ثبت للبائع الحق في حيس للبيع وترتب على ذلك التزامه بالمحافظة عليه حتى يوفي المشتري بالتزامه، فإذا هلك أثناء حبسه بفعل الغير أو قوة قاهرة، كانت تبعة ملاكه على المشتري. أما إذا هلك بخطأ من البائع لعدم محافظته عليه، تحمل هو تبعة ملاکه، ورجع عليه المشتري بشرى الفسخ والتحريض وفقاً للقواعد العامة.( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السادس الصفحة/  690)

إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له كان الهلاك على المشتري.

ويشترط لهلاك المبيع على المشتري، أن يكون البائع قد تمسك بحقه في الحبس لعدم سداد الثمن، فلا يكفي أن يكون كل من التزام البائع بالتسليم والتزام المشتري بدفع الثمن حالياً غير مؤجلين فسكت كل منهما عن مطالبة الآخر بتنفيذ التزامه، بل يجب أن يظهر مايدل على أن البائع قد امتنع عن التسليم لأن المشتري لم يدفع الثمن، بأن كان المشتري مثلاً طالب بالتسليم فدفع البائع طلبه بحقه في الحبس، أو كان البائع قد طالب المشتري بدفع الثمن وأعلنه أنه لن يسلمه المبيع إلا إذا دفع الثمن إليه.

على أنه لا يشترط أن يكون البائع قد أعذر المشتري لدفع الثمن، فتكفی المطالبة وإعلان التمسك بالحبس بأي طريق، إذ أن الإعذار ليس شرطاً للتمسك بالحبس.

أما إذا لم تتبين في وضوح المطالبة وإعلان التمسك بالحبس لعدم استيفاء الثمن، ثم هلك المبيع، فإن الهلاك في هذه الحالة يكون على البائع، ولا يجوز له أن يدعي أنه كان حابساً المبيع.

والهلاك هنا يكون على المشتري رغم أنه لم يتسلمه، لأنه المتسبب في هذا الحبس بامتناعه عن وفاء الثمن رغم وجوبه.

أما إذا كان الهلاك بفعل البائع، تحمل البائع تبعة الهلاك إذ وقع الهلاك بخطئه، و جاز للمشتري أن يطلب فسخ المبيع مع التعويض طبقاً للقواعد العامة.

وإذا وضع المشتري يده على المبيع دون إذن من البائع وبدون حكم من القضاء، وهلك المبيع في يده فإنه يهلك عليه، رغم أن التسليم لم يتم، لأنه لا يجوز لشخص أن يقتضي حقه بنفسه.

وللبائع أن يستصدر إننا من قاضي الأمور الوقتية ببيع المبيع إذا كان يخشى عليه التلف، وينتقل الحق في الحبس إلى الثمن.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الخامس    الصفحة/   504)

الفقة الإسلامي

 الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  التاسع   ، الصفحة / 34

هَلاَكُ الْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا قَبْلَ التَّسْلِيمِ:

59 - مِنْ آثَارِ وُجُوبِ الْبَيْعِ: أَنَّ الْبَائِعَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي، وَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ هَذَا الْحَقُّ إِلاَّ بِالأْدَاءِ، وَيَظَلُّ الْبَائِعُ مَسْئُولاً فِي حَالَةِ هَلاَكِ الْمَبِيعِ، وَتَكُونُ تَبِعَةُ الْهَلاَكِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْهَلاَكُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.

وَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَى الثَّمَنِ إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَزَمًا فِي الذِّمَّةِ، لأِنَّ عَيْنَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَقْصُودَةٌ فِي الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ.

أَمَّا الثَّمَنُ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْبَائِعَ أَخْذُ بَدَلِهِ  .

وَالْهَلاَكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا:

فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى ضَمَانِ الْبَائِعِ، لِحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ»  .

وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ، وَذَلِكَ لاِسْتِحَالَةِ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ  . وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ تَلِفَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ: يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَالْقَوْلُ الآْخَرُ: يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ.

وَفَائِدَةُ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ هُنَا أَنَّهُ يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَسِخْ لاَلْتَزَمَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَالْتَزَمَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.

وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الْهَلاَكَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ كَالْهَلاَكِ بِفِعْلِ الأْجْنَبِيِّ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ.

وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَسْتَقِرُّ، وَيَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَيُعْتَبَرُ إِتْلاَفُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضٍ لَهُ، وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ  .

وَإِذَا كَانَ الْهَلاَكُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ (وَمِثْلُهُ هَلاَكُهُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ، فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ، وَيَسْقُطَ عَنْهُ الثَّمَنُ حِينَئِذٍ، (وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى مِنْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ) وَإِمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَيْعِ، وَيَرْجِعَ عَلَى الأْجْنَبِيِّ، وَعَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَرُجُوعُهُ عَلَى الأْجْنَبِيِّ بِالْمِثْلِ إِنْ كَانَ الْهَالِكُ مِثْلِيًّا، وَبِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأْظْهَرُ  عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَمُقَابِلُ الأْظْهَرِ: انْفِسَاخُ الْبَيْعِ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ.

وَإِذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ، فَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ أَيْضًا تَبَعًا لِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ الإْتْلاَفُ.

فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَتَرَتَّبَ عَلَى الْهَلاَكِ نُقْصَانُ الْمِقْدَارِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنَ الثَّمَنِ بِحَسَبِ الْقَدْرِ التَّالِفِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، أَوْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ (يُنْظَرُ خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ) هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

ثُمَّ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ مَا نَشَأَ عَنِ الْهَلاَكِ الْجُزْئِيِّ لَيْسَ نَقْصًا فِي الْمِقْدَارِ، بَلْ فِي الْوَصْفِ - وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا بِلاَ ذِكْرٍ - لَمْ يَسْقُطْ مِنَ الثَّمَنِ شَيْءٌ، بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إِمْضَائِهِ؛ لأِنَّ الأَْوْصَافَ لاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ إِلاَّ بِالْعُدْوَانِ، أَوْ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، وَتَخْصِيصُ جُزْءٍ لِلْوَصْفِ أَوِ التَّابِعِ  .

وَإِذَا هَلَكَ الْبَعْضُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ مُطْلَقًا، مَعَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الأْخْذِ  وَالْفَسْخِ، لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ.

وَإِذَا هَلَكَ الْبَعْضُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْعَقْدِ وَالرُّجُوعُ عَلَى الأْجْنَبِيِّ بِضَمَانِ الْجُزْءِ التَّالِفِ  .

أَمَّا إِنْ هَلَكَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ عَلَى ضَمَانِهِ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ قَبْضًا  .

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدِ اعْتَبَرُوا هَلاَكَ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِفِعْلِ الأْجْنَبِيِّ يُوجِبُ عِوَضَ الْمُتْلَفِ عَلَى الْبَائِعِ أَوِ الأْجْنَبِيِّ، وَلاَ خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الْهَلاَكُ كُلِّيًّا أَمْ جُزْئِيًّا.

أَمَّا هَلاَكُهُ أَوْ تَعَيُّبُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، كُلَّمَا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا لاَزِمًا؛ لأِنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ بِالْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ  . وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ سِتَّ صُوَرٍ هِيَ:

أ - مَا لَوْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ لِمُشْتَرِيهِ، وَهُوَ الْمِثْلِيُّ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ حَتَّى يُفْرَغَ فِي أَوَانِي الْمُشْتَرِي، فَإِذَا هَلَكَ بِيَدِ الْبَائِعِ عِنْدَ تَفْرِيغِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ.

ب - السِّلْعَةُ الْمَحْبُوسَةُ عِنْدَ بَائِعِهَا لأِجْلِ  قَبْضِ الثَّمَنِ.

ج - الْمَبِيعُ الْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، فَلاَ يَدْخُلُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إِلاَّ بِالْقَبْضِ.

د - الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا.

هـ - الثِّمَارُ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا، فَلاَ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إِلاَّ بَعْدَ أَمْنِ الْجَائِحَةِ.

و - الرَّقِيقُ حَتَّى تَنْتَهِيَ عُهْدَةُ الثَّلاَثَةِ الأْيَّامِ  عَقِبَ الْبَيْعِ  .

لَكِنَّهُمْ فَصَّلُوا فِي الْهَلاَكِ الْجُزْئِيِّ، فِيمَا إِذَا كَانَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا، فَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْفَائِتُ هُوَ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ، وَتَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ  .

 

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا وَالآْخَرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ:

64 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ: إِلَى أَنَّهُ يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي بِالتَّسْلِيمِ أَوَّلاً، قَالَ الصَّاوِيُّ: لأِنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِ بَائِعِهِ كَالرَّهْنِ عَلَى الثَّمَنِ. وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ، فَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ، تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلاً؛ لأِنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مِنْ تَتِمَّاتِ الْبَيْعِ، وَاسْتِحْقَاقُ الثَّمَنِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ، وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ  .

أَمَّا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إِخْلاَلِ الْمُشْتَرِي بِأَدَاءِ الثَّمَنِ الْحَالِّ، وَكَذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ: إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُوسِرًا، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ الْحَالِّ، كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْفَسْخِ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا، أَوْ كَانَ الثَّمَنُ غَائِبًا عَنِ الْبَلَدِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ، لأِنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّقَاضِي لِلْحُصُولِ عَلَى حَقِّهِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَائِنٌ، كَغَيْرِهِ مِنَ الدَّائِنِينَ. وَهَذَا عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ خِيَارَ النَّقْدِ، بِأَنْ يَقُولَ مَثَلاً: إِنْ لَمْ تَدْفَعِ الثَّمَنَ فِي مَوْعِدِ كَذَا فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا. وَاخْتُلِفَ فِي مُقْتَضَى هَذَا الشَّرْطِ، هَلْ هُوَ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ، أَوِ اسْتِحْقَاقُهُ الْفَسْخَ بِاعْتِبَارِهِ فَاسِدًا؟ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ يَفْسُدُ وَلاَ يَنْفَسِخُ وَتَفْصِيلُهُ فِي (خِيَارُ النَّقْدِ)

وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَفْصِيلٌ - فِي حَالِ إِخْلاَلِ الْمُشْتَرِي بِأَدَاءِ الثَّمَنِ الْحَالِّ، لاَ لِلْفَلْسِ، بَلْ لِغِيَابِ مَالِهِ غَيْبَةً قَرِيبَةً فِي بَلَدِهِ، أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ - خُلاَصَتُهُ: الْحَجْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ وَسَائِرِ أَمْوَالِهِ حَتَّى يُسَلِّمَ الثَّمَنَ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ تَصَرُّفًا يَضُرُّ بِالْبَائِعِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْمَالُ غَائِبًا مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إِلَى إِحْضَارِهِ، بَلْ يُحْجَرُ عَلَى الْمَبِيعِ وَمَالِ الْمُشْتَرِي كَمَا سَبَقَ. وَيَمْلِكُ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فِي الأْصَحِّ  لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلْحَنَابِلَةِ، وَهَذَا فَضْلاً عَنْ حَقِّهِ فِي حَبْسِ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهٌ بِأَنَّهُ: لاَ خِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لأِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ. وَالْقَوْلُ الآْخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، بَلْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ، وَيُؤَدَّى حَقُّهُ مِنَ الثَّمَنِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ  .

اشْتِرَاطُ التَّرَادِّ بِالتَّخَلُّفِ عَنِ الأْدَاءِ:

65 - مِمَّا يَتَّصِلُ بِمَا سَبَقَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ - مِنْ إِثْبَاتِ حَقِّ الْفَسْخِ إِذَا اشْتَرَطَهُ لِعَدَمِ الأْدَاءِ فِي الْمَوْعِدِ الْمُحَدَّدِ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى (خِيَارَ النَّقْدِ) - تَصْرِيحُ الْمَالِكِيَّةِ بِمِثْلِهِ فِيمَا إِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُكَ لِوَقْتِ كَذَا، أَوْ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِالثَّمَنِ فِي وَقْتِ كَذَا، فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ وَبُطْلاَنُ الشَّرْطِ.

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ قَوْلاَنِ آخَرَانِ: صِحَّةُ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ. وَفَسْخُ الْبَيْعِ  . وَتَفْصِيلُهُ فِي (خِيَارُ النَّقْدِ).

هَذَا وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلاً، فَإِنَّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ، وَلاَ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إِلاَّ عِنْدَ حُلُولِ الأْجَلِ  . وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا. وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ فِي الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ، وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ  .

أَمَّا إِذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ مُعَجَّلاً وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلاً، فَإِنَّ لِلْبَعْضِ الْمُعَجَّلِ حُكْمَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ كُلِّهِ، فَلاَ يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، إِلاَّ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْجُزْءِ الْمُعَجَّلِ مِنَ الثَّمَنِ.

وَلاَ بُدَّ فِي جَمِيعِ الأْحْوَالِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الأْجَلُ مَعْلُومًا، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ مَهْمَا طَالَ وَلَوْ إِلَى عِشْرِينَ سَنَةً. وَتَفْصِيلُهُ فِي (أَجَل).

وَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِبَيْعِ أَهْلِ السُّوقِ عَلَى التَّقَاضِي، وَقَدْ عَرَفُوا قَدْرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ. وَالتَّقَاضِي: تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِلَى مَدًى مُتَعَارَفٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ.

وَمِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا، أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ، إِلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَ حَقَّهُ فِي الْعَيْبِ فَسْخًا أَوْ طَلَبًا لِلأْرْشِ أَوْ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ أَمْرُ الاِسْتِحْقَاقِ.

وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الدَّيْنِ الْحَالِّ، أَوِ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ إِلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ، وَأَخْذُ مُسَاوِي الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لأِنَّهُ تَسْلِيفٌ أَوْ تَسْلِيفٌ مَعَ إِسْقَاطِ الْبَعْضِ وَهُوَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلَكِنْ لاَ يَجُوزُ. تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ  .

وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ فِي حُدُودِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِشَرْطٍ  .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث عشر ، الصفحة / 271

التَّلَفُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ:

أ - تَلَفُ الْمَبِيعِ:

8 - تَلَفُ الْمَبِيعِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا، قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلِكُلِّ قِسْمٍ أَحْكَامٌ. وَالتَّلَفُ قَدْ يَكُونُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوِ الْبَائِعِ، أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ.

تَلَفُ كُلِّ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ:

9 - إِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ - بِأَنْ كَانَ حَيَوَانًا فَقَتَلَ نَفْسَهُ - انْفَسَخَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي، لأِنَّ  النَّبِيَّ صلي الله عليه سلم   قَالَ: «لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ»  وَالْمُرَادُ بِهِ رِبْحُ مَا بِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ هُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلأِنَّهُ لَوْ بَقِيَ أَوْجَبَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَإِذَا طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَهُوَ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، وَأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ التَّسْلِيمِ، فَتَمْتَنِعُ الْمُطَالَبَةُ أَصْلاً. فَلَمْ يَكُنْ فِي بَقَاءِ الْبَيْعِ فَائِدَةٌ فَيَنْفَسِخُ، وَإِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ سَقَطَ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي؛ لأِنَّ  انْفِسَاخَ الْبَيْعِ ارْتِفَاعُهُ مِنَ الأْصْلِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَفِي غَيْرِهِمَا يَهْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى حِسَابِ الْمُشْتَرِي، وَمِثْلُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مَا بِيعَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ».

وَأَمَّا إِذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ نَحْوَهُمَا إِلَى تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إِنْ كَانَ، وَبَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي مُتْلِفَهُ الْبَائِعَ بِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلاَّ فَبِقِيمَتِهِ، لأِنَّ  الإْتْلاَفَ كَالْعَيْبِ وَقَدْ حَصَلَ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ ضَمَانُهُ، فَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ كَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ.

أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَبِيعُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ نَحْوَهُمَا لَمْ يَنْفَسِخِ الْبَيْعُ عِنْدَهُمْ، وَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالْقِيمَةِ . وَهَذَا قَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ فَإِتْلاَفُ الْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِلْمُشْتَرِي، كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ أَوْ مِنَ الْبَائِعِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الإْتْلاَفُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً .

10 - وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ، فَالْخِيَارُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي، فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ سَوَاءٌ أَكَانَ الإْتْلاَفُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً.

وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ إِتْلاَفُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ عَمْدًا ضَمِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الأْكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ، لأِنَّ  لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ أَوِ الإْمْضَاءَ إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ إِتْلاَفُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ خَطَأً فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ .

11 - وَإِذَا تَلِفَ كُلُّ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَلاَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، لأِنَّهُ بِالإْتْلاَفِ صَارَ قَابِضًا كُلَّ الْمَبِيعِ، لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ إِتْلاَفُهُ إِلاَّ بَعْدَ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى الْقَبْضِ فَيَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَمْ بِالْخِيَارِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَقَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ الْحُكْمَ السَّابِقَ عَلَى الْبَيْعِ الْبَاتِّ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، لأِنَّ  خِيَارَ الْمُشْتَرِي لاَ يَمْنَعُ زَوَالَ الْبَيْعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ بِلاَ خِلاَفٍ، فَلاَ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبْضِ، فَلاَ يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الثَّمَنِ.

فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ وَقِيمَتِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ، لأِنَّ  خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ زَوَالَ السِّلْعَةِ عَنْ مِلْكِهِ بِلاَ خِلاَفٍ، فَكَانَ الْمَبِيعُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْبَائِعِ، وَمِلْكُهُ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ أَوِ الْقِيمَةِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ الأْكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، لأِنَّهُ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنَ الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنَ الْخِيَارِ وَيَأْخُذُ الْقِيمَةَ لاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، إِلاَّ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ دُونَ الْتِفَاتٍ إِلَى الْقِيمَةِ. وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا؛ ضَمِنَ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ .

12 - وَإِذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ - سَوَاءٌ أَكَانَ الإْتْلاَفُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً عِنْدَ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفُقَهَاءِ - لأِنَّهُ أَتْلَفَ مَالاً مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلاَ يَدَ لَهُ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ أَوِ الْقِيمَةِ.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فَيَعُودُ الْمَبِيعُ إِلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَتْبَعُ الْجَانِيَ فَيُضَمِّنُهُ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ الْبَيْعَ فَأَتْبَعَ الْجَانِيَ بِالضَّمَانِ وَأَتْبَعَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى مِثْلِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ نَحْوَهُمَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ هَلَكَ عَلَى حِسَابِ الْمُشْتَرِي وَيَتْبَعُ الْمُتْلِفَ بِالضَّمَانِ .

تَلَفُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ:

14 - أَمَّا إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى بُطْلاَنِ الْبَيْعِ بِقَدْرِهِ وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُشْتَرِي حِصَّةُ الْمَالِكِ مِنَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ نُقْصَانَ قِيمَةٍ أَمْ نُقْصَانَ وَصْفٍ - لأِنَّ  الأْوْصَافَ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ عِنْدَ  وُرُودِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، لأِنَّ هَا تَصِيرُ أَصْلاً بِالْفِعْلِ فَتُقَابَلُ بِالثَّمَنِ - وَالْمُشْتَرِي بِالْخَيْلِ فِي الْبَاقِي، إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ، وَبَيْنَ أَخْذِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِعِوَضِ مَا أَتْلَفَ أَوْ عَيَّبَ.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَبِيعُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا فَلاَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِعِوَضِ مَا أَتْلَفَ.

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي.

فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَإِتْلاَفُهُ لِلْمَبِيعِ عَمْدًا.

كَانَ فِعْلُهُ رَدًّا لِلْبَيْعِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ، لأِنَّ  هَذَا التَّصَرُّفَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لاَ يَفْعَلَهُ الإِْنْسَانُ إِلاَّ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ إِتْلاَفُهُ لَهُ خَطَأً، فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ، إِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ وَلاَ شَيْءَ لَهُ، أَوْ رَدَّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ بَعْدَ إِجَازَةِ الْبَائِعِ بِمَا لَهُ فِيهِ مِنَ الْخِيَارِ. وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ خَطَأً رَدًّا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا لأِنَّ  الْخَطَأَ مُنَافٍ لِقَصْدِ الْفَسْخِ، إِذِ الْخَطَأُ لاَ يُجَامِعُ الْقَصْدَ.

وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ إِتْلاَفُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ عَمْدًا، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ أَوْ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ إِتْلاَفُهُ لَهُ خَطَأً فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ رَدِّهِ لِلْبَائِعِ أَوْ أَخْذِهِ نَاقِصًا وَلاَ شَيْءَ لَهُ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ وَبَيْنَ إِجَازَةِ الْعَقْدِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلاَ يَغْرَمُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي شَيْئًا عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ .

تَلَفُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي:

15 - إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَلاَ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلاَ خِيَارَ لَهُ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَلاَ يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ لأِنَّهُ صَارَ قَابِضًا لِلْكُلِّ بِإِتْلاَفِ الْبَعْضِ، وَلاَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إِتْلاَفِ الْبَعْضِ إِلاَّ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْكُلِّ، وَصَارَ قَابِضًا قَدْرَ الْمُتْلَفِ بِالإْتْلاَفِ وَالْبَاقِي بِالتَّعْيِيبِ فَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ كُلُّ الثَّمَنِ.

هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ).

وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوِ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ التَّلَفِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ إِتْلاَفُهُ لِلْمَبِيعِ عَمْدًا فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَلاَ رُجُوعَ فِيهِ.

وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ، وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلاَ شَيْءَ لَهُ، فَإِنْ رَدَّ وَكَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ. وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوِ الإْمْضَاءِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً. وَعَنِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَبَيْنَ تَرْكِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ يَدْفَعُهُ فِي كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ عِنْدَهُ، وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ هَذَا .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون  ، الصفحة / 294 

هَلاَكُ الْمَبِيعِ:

3 - إِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا بَعْدَ هَلاَكِهِ كَأَنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، أَوْ خَرَجَ عَنْ قَبُولِ النَّقْلِ كَأَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ أَوْ وَقَفَهُ أَوِ اسْتَوْلَدَ الأْمَةَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ الْعَيْبَ، أَوْ جَعَلَ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالأْرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ حِسًّا فِي حَالَةِ التَّلَفِ، وَلِعَدَمِ قَبُولِ النَّقْلِ فِي حَالاَتِ الإْعْتَاقِ وَالاِسْتِيلاَدِ وَالْوَقْفِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَمْنَعُ النَّقْلَ. أَمَّا الْهَلاَكُ فَلأِنَّ  الْمِلْكَ انْتَهَى بِهِ، وَالاِمْتِنَاعُ حُكْمِيٌّ لاَ بِفِعْلِهِ، وَأَمَّا الإْعْتَاقُ فَإِنَّهُ إِنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ لأِنَّ  الآْدَمِيَّ لَمْ يُخْلَقْ لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمَلِكُ مُوَقَّتًا إِلَى الإْعْتَاقِ فَكَانَ الإْنْهَاءُ بِهِ كَالْمَوْتِ .

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْع ف 59، عَيْب ف 6، وَمَا بَعْدَهَا، تَلَف ف9 وَمَا بَعْدَهَا، ضَمَان ف 31 وَمَا بَعْدَهَا).

وَفَصَّلَ الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: إِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ هَلاَكِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فِيهِ فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْهُ الْبَائِعُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ فَقَطْ.

أَمَّا إِنْ هَلَكَ بِسَبَبِ عَيْبٍ دَلَّسَهُ الْبَائِعُ بِأَنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ أَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي زَمَنِ تَلَبُّسِهِ بِالْعَيْبِ الْمُدَلَّسِ كَمَوْتِهِ فِي إِبَاقِهِ كَأَنِ اقْتَحَمَ نَهْرًا فِي إِبَاقِهِ أَوْ تَرَدَّى فِي نَهْرٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ حُكْمًا كَأَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ فِي زَمَنِ إِبَاقِهِ الَّذِي دُلِّسَ فِيهِ فَهَلَكَ، أَوْ غَابَ وَلَمْ يَدْرِ حَيَاتَهُ وَلاَ مَوْتَهُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لاَ بِالأْرْشِ فَقَطْ .

وَإِنْ مَاتَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ حَالَةِ تَلَبُّسِهِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلاَ يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بَلْ يَرْجِعُ بِالأْرْشِ الْقَدِيمِ فَقَطْ  وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلاَعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الأْوَّلِ الْمُدَلِّسِ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ لِعَدَمِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَلاَ مَالَ لَهُ حَاضِرٌ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَلِّسُ، لِكَشْفِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لاَ يَسْتَحِقُّهُ بِتَدْلِيسِهِ. فَإِنْ سَاوَى مَا أَخَذَهُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَوَاضِحُ.

وَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ الأْوَّلُ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْهُ الْبَائِعُ الثَّانِي فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي الأْوَّلُ يَحْفَظُهُ لَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي حَتَّى يَدْفَعَهُ لَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَهَلْ يُكْمِلُهُ الْبَائِعُ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ لأِنَّهُ قَبَضَ هَذَا الزَّائِدَ مِنْهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لاَ يُكْمِلُهُ لَهُ لأِنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الأْوَّلِ فَلاَ رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي فِيهِ قَوْلاَنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ:

الأْوَّلُ: حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ، وَالثَّانِي حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ .

__________________________________________________________________

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه

(مادة 366)
إذا هلك المبيع عند البائع بفعله أو بفعل المبيع أو بآفة سماوية بطل البيع ويرجع المشتري على البائع بالثمن إن كان مدفوعاً.

(مادة 367)
إذا هلك المبيع بعد القبض بفعل المشتري فعليه ثمنه إن كان البيع مطلقاً أو بشرط الخيار له وإن كان الخيار للبائع أو كان البيع فاسداً لزمه ضمان مثله إن كان مثلياً أو قيمته إن كان قيمياً.

(مادة 417)
إذا ورد الاستحقاق بعد هلاك المبيع فلابد للمستحق من أن يبرهن على قيمته يوم الشراء فيضمن المشتري القيمة ويرجع على بائعه بالثمن لا بما ضمن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إعداد اللجنة التحضيرية لتقنين الشريعة الإسلامية بإشراف مجمع البحوث الإسلامية الطبعة التمهيدية 1392 هــ - 1972 م

مادة (۱۰۲) : 
تلف المبيع أو الثمن
 (ا) إذا تلف كل المبيع الذي يضمنه البائع بآفة سماوية انفسخ العقد، وإن كان التلف في بعض المبيع فالمشتري بالخيار بين إمساك الباقي بقسطه من الثمن، وبين الرد ، و استرداد ما دفع . 
(ب) إذا كان التلف في كل المبيع أو بعضه بفعل البائع ، أو أجنبي كان المشتري بالخيار ، بين فسخ العقد واسترداد الثمن ، وبين الإمساك والرجوع على المتلف بالبدل . 
(ج) يسرى حكم المواد الخاصة بقبض المبيع وتلفه والتصرف فيه على الثمن إذا كان معينا. 
إيضاح
 (ا) إذا كان المبيع من ضمان البائع وتلف كله بآفة سماوية انفسخ البيع ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- : ( نهى عن ربح مالم يضمن) والمراد به ربح ما بيع قبل قبضه . 
وإذا كان التلف في بعض المبيع خير المشتري بين أخذ الباقي بقسطه من الثمن و بین رده وأخذ الثمن كله . 
(ب) أما إذا كان تلف المبيع كله أو بعضه بفعل البائع أو أجنبي خير المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن على البائع . لأنه مضمون عليه إلى قبضه ، و يطالب البائع متلفه بالبدل، و بين الإمضاء و مطالبة المتلف مثله إن مثليا ، وقيمته إن كان متقوما.
وإنما لم ينفسخ العقد بتلف المبيع بفعل آدمي بخلاف ما لو تلف بفعل الله ، لأنه لا مقتضي لضمان سوى حكم العقد ، بخلاف إتلاف الأدمي ، فإنه يقتضي الضمان بالبدل إن أمضى العقد ، وحكم العقد يقتضي الضمان بالتمن ان فسخ فكانت الخيرة للمشتری بينهما . 
(ج) إذا كان الثمن معينا فهو كالثمن في كل ما سبق من أحكام
التلف وجواز القبض بغير إذن المشتري مثال ذلك أن يكون الثمن شعيرة مثلا والمبيع حصانا . فأكل الحصان الثمن قبل قبضه . 
فإن لم يكن بيد أحد ، انفسخ البيع ، لأن الثمن هلك قبل قبضه الأمر لا ينسب لآدمى فهو كتلفه بفعل الله تعالى . وإن كان بيد آدمی فهو من ضمان من هو في يده ، لأنه كإتلافها فإن كان ، بيد بائع فقبضه واستقر البيع ، وإن كان بید مشتر أو أجنبي خير البائع بين الفسيخ واسترجاعه ، و بين الإمضاء ومطالبة من كان بيده بمثله . 
أما إذا كان الثمن في الذمة وتلف قبل قبضه أخذ بدله ، لاستقراره في ذمته فلا ينفسخ العقد بتلفه ولو مکيلا ونحوه ، لأن المعقود عليه في الذمة لا عين التالف . 

مادة (۱۰۳) إذا كان الثمن مما يحتاج لحق توفية وتصرف المشتري في المبيع قبل إقباض الثمن للبائع ، ثم تلف الثمن بآفة انفسخ العقد الأول دون الثاني ، وألزم المشتري الأول بقيمة المبيع ، وأخذ المشتري الثاني ما وقع عليه العقد . 
إيضاح
 من اشترى شيئا ، کشاة مثلا و تعرف فيه قبل إقباض الثمن بائع وكان الثمن مکیلا أو نحوه ( أي مما يحتاج لحق توفيه ) وتلف بآفة انفسخ العقد الأول فقط دون الثاني الذي وقع على الشاة ، لأنه كمال قبل فسخ العقد الأول ، لأن الفسخ رفع للعقد من حين الفسخ لامن أصله ، وغرم المشتري الأول قيمة المبيع لتعذر الرد ، وأخذ من المشتري الثاني ما وقع عليه العقد .