مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 317
مذكرة المشروع التمهيدي :
إن أول التزام يقع على عاتق الشريك هو الوفاء بحصته، وهو التزام قائم بمقتضى العقد ذاته، ولذلك لم ير المشروع حاجة للنص عليه صراحة كما فعلت بعض التقنيات (کالتقنين الفرنسي م 1845، والتقنين الإيطالي م 1709، و التقنين الهولندي م 1662، والتقنين المراكشي م 995، و تقنين طنجة م 848، والتقنين البرتغالي م 1681 )، كذلك لم يتعرض المشروع لتحديد الوقت الذي يجب فيه الوفاء بهذا الالتزام، لأنه يكفي في هذا تطبيق القواعد العامة، ومقتضاها أن على الشريك أن يؤدي حصته في رأس المال في الوقت المتفق عليه، فإذا لم يحدد وقت معين وجب أن يوفي بحصته بمجرد قيام العقد ( التقنين المصري م 423 / 510، والتقنين المراكشي 996 ، وتقنين طنجه م 849).
ولكن المشروع يتعرض لتنظيم الوفاء بالحصص وكيفية دخولها في رأس مال الشركة، فإذا كانت الحصة مبلغاً من النقود، ولم تدفع في الوقت المتفق عليه، فإن المادة 693 من المشروع تقرر استثناءين من القواعد العامة :
(۱) تسري فوائد المبلغ بحكم القانون دون حاجة لأي إنذار ، من اليوم الذي كان يجب فيه الوفاء بالحصة، مع أنه طبقاً للمبدأ الوارد بالمادتين 426/ 515 من التقنين الحالي لا بد من الإعذار حتى تسري الفوائد.
(2) تجوز المطالبة بتعويض علاوة على الفوائد القانونية إذا ثبت وجود ضرر، وذلك دون حاجة لإثبات سوء نية الشريك، مع أنه طبقاً للقواعد العامة لا يلتزم المدين في حالة تأخره في الوفاء بالمبالغ إلا بالفوائد القانونية، وذلك ما لم يثبت سوء نيته، وهذا الحكم يبرره أن مجرد الإهمال من جانب الشريك قد يضر بحسن سير الشركة التي يجب أن تتوافر لها من وقت قيامها كل الأموال اللازمة .
1- إذا كان الثابت من ملخص عقد الشركة أنها شركة تضامن ، ولم ينص فيه على تعيين مدير لها ، فإن الطعن إذا ما وجه من الطاعنين "الشريكين المتضامنين" بصفتهما ممثلين لهذه الشركة يكون مقبولا ، ذلك أنه إذا لم يعين مدير لشركة التضامن ، سواء فى عقد تأسيسها أو بمقتضى إتفاق لاحق ، كان لكل شريك متضامن حق إدارتها ، وتمثيلها أمام القضاء ، هذا إلى أن الطعن المرفوع منهما بهذه الصفة يكون موجها من الشركة باعتبارها شركة تضامن لها شخصية مستقلة عن شخصية مديريها ، وما دامت الشركة هى الأصلية والمقصودة بذاتها فى الخصومة دون ممثليها ، وقد ذكر اسمها المميز لها فى التقرير بالطعن ، فإن الطعن على هذه الصورة يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صحيحاً و من ثم فإنه يتعين رفض الدفع .
(الطعن رقم 107 لسنة 37 جلسة 1971/12/28 س 22 ع 3 ص 1115 ق 189)
ويتبين من هذا النص أنه إذا كانت حصة الشريك مبلغاً من النقود، فإن الشريك بمجرد تمام عقد الشركة يصبح ملتزماً نحوها – وسنرى أن الشركة شخص معنوي - بمقدار هذا المبلغ وتسري القواعد العامة في شأن هذا الالتزام من حيث وجوب الوفاء به، وكيفية الوفاء، والزمان والمكان الذين يتم فيهما الوفاء، فإذا لم يحدد في عقد الشركة أو في اتفاق آخر ميعاد الوفاء بالالتزام، وجب على الشريك الوفاء به للشركة فوراً بمجرد تمام العقد، وإذا تحدد ميعاد للوفاء وجب الوفاء في هذا الميعاد، فإذا لم يوف الشريك بالتزامه في ميعاده ولم يقدم المبلغ من نقود الذي التزم بتقديمه حصة له في رأس المال، أجبر على الوفاء به وفقاً للقواعد العامة المقررة في هذا الشأن، ويكون ذلك بطريق الحجز على ماله وبيعه لتقضي الشركة منه المبلغ المستحق لها، ويكون الشريك فوق ذلك ملزماً بدفع فوائد تأخير عن هذا المبلغ بالسعر المتفق عليه، فإذا لم يكن هناك اتفاق على السعر وجبت الفوائد بالسعر القانوني وهو في الشركة المدنية 4% . وقد قررت المادة 510 مدني السالفة الذكر في صدد فوائد التأخير هذه استثناءين من القواعد العامة :
أولاً – تسري فوائد التأخير من اليوم الذي كان يجب فيه على الشريك الوفاء بالمبلغ المستحق في ذمته، دون حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار، وقد كانت القواعد العامة تقضى بأن تسري الفوائد من وقت مطالبة الشركة للشريك بحصته وبفوائدها مطالبة قضائية.
ثانياً – يجوز للشركة، فوق مطالبة الشريك بفوائد التأخير على النحو المتقدم الذكر، أن تطالبه أيضاً بتعويض تكميلي إذا أثبتت أن ضرراً لحقها بسبب تأخر الشريك عن الوفاء بالتزامه وأن هذا الضرر يزيد في قيمته على فوائد التأخير، وقد كانت القواعد العامة تقضي بأن الشريك لا يلتزم بدفع تعويض تكميلي إلا إذا ثبت أنه سيء النية في تأخره عن الوفاء ( م 231 مدني )، وهذا الحكم الخاص بالشركة يبرره – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي – " أن مجرد الإهمال من جانب الشريك قد يضر بحسن سير الشركة التي يجب أن تتوافر لها من وقت قيامها كل الأموال اللازمة.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس ، الصفحة/324)
إذا كانت حصة الشريك مبلغاً من النقود فإنه يلتزم به نحو الشركة بمجرد تمام العقد وتسري في شأن هذا الالتزام القواعد العامة من حيث وجوب الوفاء به وكيفية وزمان ومكان الوفاء فإذا لم يحدد عقد الشركة ميعاداً للوفاء وجب الوفاء بمجرد تمام العقد وإن حدد ميعاداً وجب الوفاء فيه، فان لم يوف أجبر على ذلك بالحجز على ماله وبيعه لتقتضي الشركة منه المبلغ المستحق لها ويلتزم كذلك بفوائد تأخير بالسعر المتفق عليه فإن لم يوجد اتفاق بالسعر القانوني وتسري الفوائد من اليوم الذي كان يجب على الشريك الوفاء بالمبلغ فيه دون حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار، كما يجوز للشركة مطالبته بتعويض تکمیلی إذا أثبتت أن ضرراً لحقها بسبب التأخير وأن هذا الضرر يزيد في قيمته على فوائد التأخير ولو لم يكن الشريك سيء النية.
وتكون الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً في الشركة المدنية حتى لو كان الشريك تاجراً إذ العبرة بطبيعة الالتزام، وهو التزام مدني طالما كانت الشركة مدنية، فإن كانت تجارية، تقوم بأعمال تجارية فإن فوائد التأخير تقدر بالنظر لصفة الشريك في الشركة، فإن أعتبره القانون تاجراً، كما لو كان شريكاً متضامناً، قدرت فوائد حصته بواقع 5% سنوياً، أما أن لم يعتبره القانون تاجراً، كما لو كان شریکاً موصياً، قدرت فوائد حصته بواقع 4 % سنوياً، ويسري ذلك أيضاً على الفوائد التي تستحقها الشركة عن التأخير في الوفاء بالتعويض التكميلي، إذ يعتبر هذا التعويض التزاماً تابعاً للالتزام المنشئ له، وبالتالي يعتبر بالنسبة للشريك المتضامن في الشركة التجارية ، التزاماً تجارياً بالتبعية فتستحق عنه فوائد تأخير بواقع 5% سنوياً، من تاريخ التزام الشريك بالوفاء بحصته وليس من تاريخ الحكم النهائي، إذ يأخذ التعويض التكميلي حكم الفوائد باعتبارهما تعويضاً.
بات وتسري فوائد التأخير والتعويض التكميلي عن الحصة النقدية التكميلية التي يلتزم بها صاحب الحصة العينية، فقد تقدر قيمة الحصة العينية المقدمة من الشريك، ويدفع الشريك الآخر حصة نقدية مساوية لقيمة الحصة العينية، ويلتزم كل منهما بدفع حصة نقدية تكميلية عند نفاد الحصة النقدية المدفوعة إن لم يكن العمل قد تم، كما لو كانت الشركة قد أنشئت لتشييد بناء . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 226)
قد تكون الحصة التي يقدمها الشريك مبلغاً من النقود، وهذا هو الوضع الغالب.
ويجب أن يقدم الشريك الحصة النقدية في الميعاد المتفق عليه، فإذا اتفق مثلاً على دفع ربع الحصة عند تأسيس الشركة وتقسيط الباقي على دفعات تقدم في مواعيد معينة، وجب أداء هذه الدفعات في مواعيدها المشروطة.
فإذا لم يتفق على ميعاد، فيستحق الوفاء بها إثر إبرام العقد.
ويخضع التزام الشريك بتأدية الحصة النقدية للقواعد العامة المتعلقة بتنفيذ الالتزام بأداء مبلغ من النقود، فيكون للشركة باعتبارها دائنة له بهذه الحصة، التنفيذ على أمواله واقتضاء الحصة جبراً، هذا فضلاً عن مطالبته بالفوائد القانونية، والتعويض إذا نجم عن التأخير في أداء الحصة ضرر لها يفوق مقدار الفوائد القانونية .
غير أن الشارع تشدد مع الشريك الذي يتأخر عن تأدية حصة في الميعاد المتفق عليه من ناحيتين:
الأولى: سريان الفوائد القانونية من وقت استحقاق الحصة من غير حاجة إلى مطالبة قضائية أو إعذار، وذلك خلافاً للقاعدة العامة المقررة في المادة 226 مدني التي تقضي بسريان الفوائد من وقت المطالبة القضائية.
الثانية: أنه أجاز مطالبة الشريك بالتعويض التكميلي ولو لم يكن سيئ النية، وذلك خلافاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 231 مدني التي لا تجيز للدائن المطالبة بتعويض تكميلي عن التأخير إلا إذا أثبت أن الضرر الذي تجاوز الفوائد قد تسبب فيه المدين بسوء نية.
والسبب الذي دعا الشارع إلى أخذ الشريك بهذه الشدة هو أن الشركة تكون عادة في حاجة إلى المال لمواصلة أعمالها، وهي تعتمد في الحصول على هذا المال علی الحصص التي تعهد الشركاء بتقديمها، فإذا تراخى الشريك في تنفيذ التزامه في الميعاد المتفق عليه، فقد يترتب على فعله اضطراب أعمال الشركة.
إذا لم يوجد نص خاص في عقد الشركة أو في اتفاق لاحق على تعيين من يقوم بأعمال الإدارة، فإنه يفترض أن الشركاء أعطى بعضهم البعض وكالة تبادلية في الإدارة ولكل منهم أن يدير الشركة دون حاجة إلى الرجوع إلى غيره من الشركاء، وتكون هذه الأعمال نافذة في حق الشركة وفي حق الشركاء جميعاً مادامت هذه الأعمال تدخل في نطاق الشركة ويتفق مع موضوعها وغرضها.
وأن تكون من أعمال الإدارة أو أعمال التصرف المتعلقة بإدارة الشركة كبيع المنتجات وقبض أثمانها وشراء المواد اللازمة للإنتاج والوفاء بأثمانها، أما شراء وسائل النقل، فلا تدخل في التصرفات اللازمة لأعمال الإدارة، وإنما استئجارها هو الذي يدخل فيها، وكذلك بيع الوسائل الموجودة، إذ يلزم لذلك إجماع الشركاء مالم يوجد نص في العقد على خلاف ذلك .
وكذلك أعمال التجديد أو التغيير لا تعتبر عملاً من أعمال الإدارة، ولو كانت مفيدة أو مثمرة للشركة، على أنه من المقرر أيضاً أن الشريك الذي يدير الشركة بناء على وكالة ضمنية له في حالة سكوت العقد، أن يقوم بأعمال التصرف إذا كان ذلك متفقاً مع غرض الشركة، لأن هذا التصرف يعتبر في حكم أعمال الإدارة كأن تكون بعض أموالها مالها البيع حتماً وبناء على ذلك يكون للشريك المدير بدون رضاء بقية الشركاء:
(أ) أن يقوم بالتغييرات التي يتطلبها موضوع الشركة ذاته.
(ب) أن يجري التعديلات التي هي من قبيل أعمال الإدارة الحسنة المقصود بها تسهيل انتفاع الشركة بأموالها.
إذا أراد الشريك القيام بعمل من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف الداخلة في أعراض الشركة، فإنه يجوز لأي شريك الاعتراض على هذا العمل بشرط أن يقدم الاعتراض قبل تمام العمل.
وليس لهذا الاعتراض شكل خاص فيصح أن يكون بخطاب مسجل أو بخطاب عادي أو حتى شفاهة.
وبمجرد تقديم الاعتراض يتعين وقف العمل الذي يقوم به الشريك، ثم يعرض الاعتراض على جميع الشركاء، ويكون من حق الأغلبية رفض الاعتراض، فيكون الشريك الاستمرار في العمل.
والمقصود بالأغلبية، الأغلبية العددية ما لم يوجد بعقد الشركة نص على خلاف ذلك، أما إذا لم توجد أغلبية من الشركاء ترفض العمل بأن تساوى الجانبان بقى الاعتراض قائماً ولم يجز القيام بالعمل، فإذا قام الشريك بالعمل المعترض عليه قبل زوال الاعتراض، بأن لم يعرض الأمر على الشركاء أو عرض ولم يرفض الاعتراض أغلبية منهم فإن العمل يكون باطلاً في حق من تعامل معه الشريك إذا كان سيء النية أي يعلم بالمعارضة القائمة وبعدم زوالها.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس ، الصفحة/274)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 484
اذا تعهد الشريك بأن يقدم حصته في الشركة مبلغاً من النقود ولم يقدم هذا المبلغ ، جاز للشركة ، فوق مطالبته بالوفاء بالتزامه ، أن تطالبه بالتعويض عما لحقها من ضرر بسبب تأخره في هذا الوفاء .
وقد عدل هذا النص بحذف ما يتعلق فيه بالفوائد جرياً على خطة المشروع في تحريمها . ولكن اذا كانت حصة الشريك مبلغاً من النقود ولم يقدمه في الوقت المقرر ، فأنه يجوز للشركة، فوق مطالبته بالوفاء بالتزامه ، أن تطالبه بالتعويض عما يكون قد لحقها من ضرر بسبب تأخره في هذا الوفاء ، وذلك تطبيقاً للقاعدة الواردة في المادة 236 من المشروع التي تنص على أنه اذا كان محل الالتزام دفع مبلغ من النقوده وتأخر المدين في الوفاء به ، جاز للدائن أن يطالب بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب هذا التأخير .
وقد نص التقنين الكويتي في المادة 306 منه على قاعدة تتفق في الجملة مع القاعدة التي أوردها المشروع في المادة 236 المذكورة ، وقد سبق ذكر النص الكويتي تحت المادة 236 من المشروع .
والمادة المقترحة تقابل المادة 630 من التقني العراقي التي تتفق في حكمها مع المادة 510 من التقنين المصري الحالي •
والهدف من المادة المقترحة هو حماية الثقة التي يجب أن تسود التعامل . ولا تأبي الشريعة الاسلامية التعويض عن الضرر الذي يلحق الدائن ، وهو الشركة فيما نحن بصدده، في الحالة التي تتناولها هذه المادة .