مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 297
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- إذا تم الرجوع في الهبة ، بالتراضي أو بالتقاضي ، كان هذا فسخاً لها ، وكان الفسخ أثر رجعي، فتعتبر الهبة كأن لم تسكن، ويلاحظ ما يأتي : (أ) يجب على الموهوب له أن يرد الشيء الموهوب إلى الواهب، فإن هلك قبل الرد بعد إعذاره بالتسليم كان مسئولاً عن الهلاك حتى لو كان بسبب أجنبي، على أن الموهوب يعود للواهب مثقلاً بما كسبه الغير حسن النية من حقوق، ولا رجوع من الواهب على الموهوب له بسبب هذه الحقوق، (ب) يجب على الموهوب له أن يرد الثمرات من وقت التراضي، أو من وقت رفع الدعوى، وله أن يسترد جميع المصروفات الضرورية وأقل القيمتين من المصروفات النافعة .
2 - أما إذا لم يرجع الواهب في الهبة، فھی لازمة كما تقدم، ولا يجوز أن يسترد الواهب الشيء الموهوب، ولو فعل لأجبر على إعادته للموهوب له، فإن هلك في يد الواهب كان مسئولاً عن التعويض، حتى لو كان الهلاك بسبب أجنبي أو بسبب الاستعمال.
1- القانون المدنى قد نظم عقد الهبة تنظيماً كاملاً بالمواد 486 - 504 و إذ كان من المسلم كما جاء بمذكرته الإيضاحية أنه قد إستمد الأحكام الموضوعية فى الهبة من الشريعة الإسلامية فإن هذا لا يسوغ الخروج على النصوص التشريعية بدعوى اللجوء إلى مصدرها ما دامت واضحة الدلالة فيما يتناوله لفظها أو فحواها .
(الطعن رقم 685 لسنة 45 جلسة 1980/05/28 س 31 ع 2 ص 1531 ق 288)
2- الواهب فى استرداد المال الموهوب فى حالة تحقق الشرط الفاسخ للهبة يقوم على أساس استرداد ما دفع بغير وجه حق وقد أكدت المادة 182 من القانون المدني هذا المعنى بنصها على إنه يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لإلتزام زال سببه بعد أن تحقق، إلا أنه لما كان الثابت أن المطعون عليه رفع دعواه بطلب رد المبلغ الموهوب، وكان الطاعن قد نازعه فى ذلك وكان رد المبلغ لا يقضى به فى هذه الحالة إلا كأثر من الآثار المترتبة على انفساخ العقد طبقاً للمادة 160 من القانون المدني التي تقضى بأنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، وكانت دعوى الفسخ لا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه فى المادة 187 من القانون المدني ولا تتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة، فإنه طالما يكون للواهب أن يرفع هذه الدعوى فإنه يكون له أن يطالب بالآثار المترتبة عليها ومنها رد المال الموهوب، إذ لا يكون هذا المال مستحق الأداء ممكناً المطالبة به إلا بعد تقرير الفسخ، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس.
(الطعن رقم 351 لسنة 44 جلسة 1978/03/16 س 29 ع 1 ص 773 ق 152)
3- إذ كان الواقع أن المطعون عليه أقام الدعوى ضد الطاعن بطلب المبلغ الموهوب وأن الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع الترخيص له فى الرجوع فى الهبة ، ولم يتناقش الطرفان فى هذة المسألة ، فإن ما جاء بأسباب الحكم من عدم جواز الرجوع فى الهبة يكون خارجاً عن نطاق الدعوى وغير لازم للفصل فيها ومن ثم لا يحوز حجيه الشىء المقضى به ويكون النعى على الحكم - بأنه قضى بما لم يطلبه الخصوم - غير منتج ولاجدوى منه .
(الطعن رقم 142 لسنة 43 جلسة 1977/02/17 س 28 ع 1 ص 474 ق 90)
إذا رجع الواهب في الهبة، سواء كان رجوعه بالتراضي أو بالتقاضي على النحو الذي قدمناه، فإن الهبة تفسخ، وإذا كان للفسخ أثر رجعي فيما بين المتعاقدين، فإن الهبة تعتبر كأن لم تكن ( م 503 / 1 مدني).
ولكن حتى تفسخ الهبة، يجب التقايل منها بالتراضي على الرجوع ، أو صدور حكم قضائي بفسخها لعذر مقبول كما سبق القول ، وقبل التراضي أو التقاضي تكون الهبة قائمة ، ولا يستطيع الواهب أن يمتنع عن تسليم الشيء الموهوب إذا كان لم يسلمه ، ولا يستطيع أن يسترده إذا كان قد سلمه فإذا استرده بعد أن سلمه ، بغير التراضي أو التقاضي ، كان غاضباً وكانت يده يد ضمان . ويترتب على ذلك أن الشيء إذا هلك في يده بعد استرداده ، سواء كان قد استهلك الشيء بالإستعمال أو هلك الشيء بفعله أو هلك بسبب أجنبي كان ضامناً ، ووجب عليه أن يدفع للموهوب له قيمة الشيء وقت الهلاك ( م 504 / 1 مدني )، ذلك أن الشيء لا يزال مملوكاً للموهوب له ، وقد هلك في يد غاصب ، فتجب القيمة وقت هلاكه، بل أن الواهب في هذه الحالة لا يستطيع أن يدراً مسئولية عن الهلاك برجوعه في الهبة إذا قام عنده عذر مقبول ، ذلك أن الرجوع في الهبة يمتنع على الواهب إذا هلك الشيء كما قدمنا . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس الصفحة/ 261)
يلتزم الواهب بتسليم الشيء الموهوب للموهوب له : على نحو ما تقدم، ومتی نفذ هذا الإلتزام امتنع عليه إسترداد الموهوب إلا رضاءً أو قضاءً، فإن إستولى عليه بغير ذلك، كان غاصباً حتى لو كان له الحق في الرجوع إذ لا يجوز له إستداء حقه بنفسه، وإلا تحققت مسئولیته، بحيث إذا هلك الموهوب في يده، كان مسئولاً عن هلاکه قبل الموهوب له سواء كان الهلاك بفعله أو بسبب أجنبي لا بد له فيه أو بسبب الإستعمال، ويقدر التعويض في هذه الحالة وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية بالإعتداد بالضرر المتوقع وغير المتوقع، ولا يعفى من المسئولية حتى إذا أثبت أن الموهوب كان سوف يهلك لو ظل في يد الموهوب له .
هلاك الشئ الموهوب لدى الموهوب له :
إذا تم الرجوع في الهبة رضاءً أو قضاءً، وهلك الموهوب في يد الموهوب له بسبب أجنبي كان الهلاك على الواهب، أما إذا هلك بفعل الموهوب له أو باستهلاكه، كان الهلاك على الأخير، فإن هلك بسبب أجنبي بعد إعذار الموهوب له بالتسليم، كان الهلاك على الأخير وإلتزم بتعويض الواهب وفقاً لقواعد المسئولية التقصيرية، بإعتبار أن الرجوع تفاسخاً إن تم رضاءً، أو فسخاً إن تم قضاءً، والمقرر أن التعويض بعد انحلال العقد يستند إلى قواعد المسئولية التقصيرية، فيقدر بالضرر المتوقع وغير المتوقع. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع الصفحة/ 144)
ويبرر ذلك أنه طالما لم يحدث رجوع رضائي أو قضائي في الهبة، فإن الهبة تكون لازمة ويضحى الموهوب من حق الموهوب له، فإذا استولى الواهب عليه أجبر على إعادته للموهوب له، فإن هلك في يد الواهب، كان مسئولاً قبل الموهوب له عن هذا الهلاك أياً كان سببه، أي سواء كان بفعل الواهب أو بالإستعمال أو بسبب أجنبي لا يد له فيه.
لا مجال للتصدي لآثار الرجوع بالنسبة للغير، في حالة التصرف تصرفاً نهائياً في الشيء الموهوب، لأن هذا التصرف - كما رأينا - مانع من موانع الرجوع في الهيبة، فلا نكون أمام رجوع عن الهبة أصلاً .
وكذلك بالنسبة للرهن التأميني لوجود نص صريح يقضي ببقاء الرهن قائماً المصلحة الدائن المرتهن، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن، فقد نصت المادة 1034 مدني على أن " يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو إلغائه أو زواله لأي سبب آخر، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن.
وبذلك ينحصر البحث في أثر الرجوع عن الهبة بالنسبة للغير بالنسبة للحقوق العينية الأخرى.
وقد خلا التقنين المدني من نص على أثر الرجوع في الهبة بالنسبة للغير، ومن ثم يجب تطبيق القواعد العامة.
وهذه القواعد تفرق بين ما إذا كان المال الموهوب عقاراً أو منقولاً فإذا كان الشيء الموهوب عقاراً و ترتب حق الغير على العقار الموهوب بعد تسجيل صحيفة دعوى الرجوع في الهبة أو بعد تسجيل التراضي على الرجوع في الهبة، فإن حق الغير في هذه الحالة لا يسرى بالنسبة للواهب، ويكون للغير الرجوع على الموهوب له بالتعويض طبقاً للقواعد العامة.
أما إذا كان حق الغير قد ترتب قبل تسجيل صحيفة دعوى الرجوع أو قبل تسجيل التراضي على الرجوع، فإنه إذا كان الغير حسن النية أي لا يعلم قيام عذر مقبول للرجوع في الهبة، سری حقه بالنسبة إلى الواهب، الذي يسترد المال الموهوب مثقلاً بالحق العيني المترتب على الغير، أما إذا كان الغير سيء النية، أي يعلم وقت کسبه للحق قیام عذر مقبول للرجوع في الهبة فإن حقه لا يسرى بالنسبة إلى الواهب، واسترد الواهب العقار خالياً من حقوق الغير، ورجع الغير على الموهوب له طبقاً للقواعد العامة.
أما إذا كان الشيء الموهوب منقولاً وتم الرجوع بالتراضي فلا يؤثر الرجوع على حقوق الغير ويعود الشيء للواهب مثقلاً بها.
أما إذا تم الرجوع بحكم قضائي فإن حكم القضاء يكون له أثر رجعي بالنسبة إلى الغير فيسترد الواهب المنقول خاليا من حقوق الغير، ما لم يكن الغير قد حاز الحق بحسن نية وحاز المنقول ليمارس حقه بحسن النية إذ تحميه قاعدة الحيازة في المنقول سبب الملكية ولا يسترد الواهب المنقول إلا منتقلاً بهذا الحق.
- هلاك الشيء الموهوب بعد الحكم بالرجوع في الهبة :
إذا صدر حكم بالرجوع في الهبة وهلك الشيء في يد الموهوب له بعد إعذار الواهب له بالتسليم، كان الموهوب له مسئولاً عن هذا الهلاك، ولو كان الهلاك بسبب أجنبي . (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس الصفحة/ 201)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث ، الصفحة / 233
اسْتِحْقَاقُ الْهِبَةِ بَعْدَ التَّلَفِ:
31 - لِلْعُلَمَاءِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْهِبَةِ التَّالِفَةِ اتِّجَاهَانِ:
أ - تَخْيِيرُ الْمُسْتَحِقِّ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَمَّا عَلَى الْوَاهِبِ فَلأِنَّهُ سَبَبُ إِتْلاَفِ مَالِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلأِنَّهُ هُوَ الْمُسْتَهْلِكُ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ جَعَلُوا الرُّجُوعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَاهِبِ، وَيَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنَ الْغَلَّةِ قِيمَةُ عَمَلِهِ وَعِلاَجِهِ.
فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَاهِبِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ. وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَ هَذَا عَلَى الْوَاهِبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ قَوْلاً وَاحِدًا، وَشَهَّرَهُ ابْنُ رَجَبٍ لأِنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ لِشَيْءٍ فَهُوَ مَغْرُورٌ. وَالْخِلاَفُ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي رُجُوعِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقِيلَ: لاَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ؛ لأِنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ عِوَضًا فَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ غَرَّهُ مِنْ أَمْرٍ قَدْ كَانَ لَهُ أَلاَّ يَقْبَلَهُ.
ب - الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ دُونَ الْوَاهِبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأِنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَالْوَاهِبُ غَيْرُ عَامِلٍ لَهُ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ السَّلاَمَةَ، وَلاَ يَثْبُتُ بِهِ الْغُرُورُ؛ وَلأِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 81)
إذا كان الموهوب مشاعاً يحتمل القسمة فلا تفيد هبته الملك بالقبض إلا إذا قسم الواهب الموهوب وسلمه مفرزاً عن غير الموهوب لا متصلاً به ولا مشغولاً بملكه فإن سلمه شائعاً للموهوب له فلا يملكه ولا ينفذ تصرفه فيه ويضمنه أن هلك أو استهلك.
ويكون للواهب حق التصرف فيه واسترداده هو أو ورثته.