مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 388
مذكرة المشروع التمهيدي :
اقتبس المشروع هذا النص من المادة 561 فقرة 2 من المشروع المرضى الإيطالي۔ وهو نص جديد لا نظير له في التقنين الحالي ، وقد قصد المشروع به أن يقضي على النزاع القائم في الفقه والقضاء فيما يتعلق بصحة اشتراط الحق للشركاء في استبعاد شريك بالإجماع أو بموافقة الأغلبية ( بيك جزء أول نمرة 570 ) ، وقد يكون في السماح الشركاء بفصل واحد منهم لسيب جدي (انظر م 737 من التقنين الألماني و 573 من التقنين البولوني ) مدعاة لخلق جو من عدم الثقة و التشكلك بينهم ، كما أنه من ناحية أخرى لا يصح أن يقصر حق الشركاء في هذه الحالة على إمكان طلب الحل من القضاء إذ يترتب على ذلك تحمل الشركاء للنتائج المترتبة على تقصير واحد منهم خصوصاً إذا كانت الشركة ناجحة موفقة ، لذلك رأينا من المناسب أن نقرر للشركاء الحق في طلب فصل الشريك إذا وجدت أسباب مبررة لذلك ، والقاضي هو الذي يقدر وجاهة تلك الأسباب .
1- النص فى المادة 531 من القانون المدنى على أنه " يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أى من الشركاء يكون وجوده فى الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ... " مفاده أن المشرع أباح لأى من الشركاء فصل شريك أخر متى صدر منه من الأفعال ما يبرر هذا الحل ولقاضى الموضوع السلطة التامة فى تقدير سلامة الأسباب المؤدية إلى ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله فى هذا الخصوص .
(الطعن رقم 18836 لسنة 84 جلسة 2016/01/06)
2- النص فى المادة 526 من القانون المدنى على أن " تنتهى الشركة بإنقضاء الميعاد المعين لها أو بإنتهاء العمل الذى قامت من أجله ، فإذا إنقضت المدة المعينة أو إنتهى العمل ثم إستمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التى تآلفت لها الشركة إمتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها " والنص فى المادة 531 منه على أنه " يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أى من الشركاء يكون وجوده فى الشركة قد أثار إعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن إعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة على أن تظل الشركة قائمة بين الباقين " يدل على أن الشركة تنتهى بقوة القانون بإنقضاء الميعاد المعين إلا إذا إمتدت بإرادة الشركاء الضمنية أو الصريحة ، وأن فصل الشريك من الشركة لا يكون إلا حال قيامها ولأسباب تبرره ولا يقع بعد إنتهائها بإنقضاء الميعاد المعين لها بغير مد يؤكد هذا النظر أن المشرع نص على قيامها فى الحالة الأولى فيما يبين الباقين من الشركاء .
(الطعن رقم 1282 لسنة 49 جلسة 1981/05/18 س 32 ع 2 ص 1520 ق 274)
3- حل الشركة قضاء لسبب يرجع إلى خطأ الشريك كإخلاله بإلتزاماته يجيز للشريك الآخر أن يطالب بالتعويض وفقا للمادة 157 من القانون المدنى وللمحكمة أن تقضى له بما يستحقه من تعويض إن كان له مقتض قبل تصفية الشركة ، لأن الشريك المخطئ يتحمل التعويض المقضى به فى أمواله الخاصة وليس فى أموال الشركة ، ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض قبل تصفية الشركة لا مخالفة فيه للقانون .
(الطعن رقم 287 لسنة 35 جلسة 1969/06/12 س20 ع 2 ص 929 ق 148)
4- متى كان يبين من نصوص عقد شركة من الشركات أن الشركة قد تكونت فعلاً منذ حررعقدها وأصبح لها كيان قانونى وقامت فور توقيع الشركاء على العقد المنشئ لها ، كما بأشرت نشاطها منذ اليوم المحدد فى العقد فإن الشرط الوارد بالعقد والذى يقضى بأنه فى حالة تخلف أحد الشركاء عن دفع حصته فى رأس المال فى الموعد المحدد تسقط حقوقه وإلتزاماته - هذا الشرط لا يعدو أن يكون شرطاً فاسخاً يترتب على تحققه لمصلحة باقى الشركاء إنفصال الشريك المتخلف من الشركة قضاء أو رضاء ، ولا يعتبر قيام الشركة معلقا على شرط واقف وهو قيام الشركاء بالدفع .
(الطعن رقم 41 لسنة 23 جلسة 1956/12/13 س 7 ع 3 ص 975 ق 139)
تنص المادة 531 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1 - يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أي من الشركاء يكون وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة ، على أن تظل الشركة قائمة فيما بين الباقين " .
" 2 - ويجوز أيضاً لأي شريك ، إذا كانت الشركة معينة المدة ، أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، وفي هذه الحالة تنحل الشركة ما لم يتفق باقي الشركاء على استمرارها .
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن هناك حالتين :
( 1 ) طلب أحد الشركاء فصل الشريك آخر .
( 2 ) طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة .
- طلب أحد الشركاء فصل شريك آخر : قدمنا أن للشريك أن يطلب من القضاء حل الشركة إذا وجدت أسباب تبرر هذا الحل ، والقضاء يقدر خطورة هذه الأسباب وما إذا كانت تسوغ الحكم بالحل ، وقد يكون هذه الأسباب آتية من جهة أحد الشركاء لعدم وفاء هذا الشريك بإلتزاماته أو صدور غش منه أو خطأ جسيم ، ولكن قد يرى الشركاء أنه يكفي فصل الشريك المعترض عليه دون حل الشركة ، إذ تكون الشركة ناجحة في أعمالها أو على وشك النجاح ، وإن وجود هذا الشريك فيها هو وحده محل الاعتراض ، فأجاز القانون لأي من الشركاء في هذه الحالة أن يطلب من القضاء لا حل للشركة ، بل فصل الشريك الذي تكون تصرفاته محل اعتراض على أن تظل الشركة قائمة بين باقي الشركاء والقاضي هو الذي يقدر ما إذا كان سبب الاعتراض على الشريك يبرر فصله.
وقد يكون الشريك المعترض عليه قد وفي بجميع التزاماته ولم يصدر منه غش أو خطأ يبرر فصله ، ولكنه عندما طلب إليه الشركاء الموافقة على مد أجل الشركة لم يقبل المد ولم يبد أسباباً معقولة لهذا الرفض ، فيجوز لأي شريك آخر في هذه الحالة أن يطلب من القضاء فصل هذا الشريك من الشركة ، حتى يتمكن سائر الشركاء من مد الشركة إلى أجل جديد .
وإذا حكم القضاء بفصل الشريك المعترض عليه ، بقيت الشركة قائمة بين باقي الشركاء واستمرت في أعمالها طبقاً لنظمها ، أما الشريك المفصول فيصفي نصيبه في الشركة على الوجه الذي رأيناه في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني ، فيقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم الفصل ويدفع له نقداً ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق ، إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على الفصل.
طلب أحد الشركاء إخراجه من الشركة : وكما يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء فصل شريك آخر لمبررات تسوغ ذلك على الوجه الذي بيناه فيما تقدم ، كذلك يجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب معقولة ، ومن الأسباب المعقولة التي يستند إليها الشريك في طلب إخراجه من الشركة أن تضطرب حالته المالية بحيث يصبح محتاجاً إلى تصفية نصيبه في الشركة ليستعين به على إصلاح حاله ، أو أن تستدعي حالته الصحية أو ظروفه الخاصة اعتزال العمل فيعمد إلى تصفية أعماله ويدخل في ذلك تصفية نصيبه في الشركة ، والقضاء هو الذي يقدر ما إذا كانت الأسباب التي يتقدم بها الشريك لإخراجه من الشركة أسباباً تبرر إجابته إلى هذا الطلب وقد كان من الممكن من غير هذا النص أن يطلب الشريك إخراجه من الشركة بموافقة سائر الشركاء، ويتفق باقي الشركاء على إبقاء الشركة فيما بينهم ، ولكن قد يتعذر على الشريك الذي يريد الخروج من الشركة أن يحصل على موافقة شركائه على ذلك، فأضيف هذا النص في لجنة المراجعة حتى يستطيع الشريك أن يلجأ إلى القضاء في هذه الحالة ويطلب الحكم بإخراجه .
ويلاحظ أنه يشترط لجواز استعمال الشريك هذا الحق في إخراجه من الشركة أن تكون الشركة معينة المدة أو محددة العمل ، بحيث أنها لا تنقضي إلا بانتهاء المدة أو بانتهاء العمل ، فيجد الشريك أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة وغير محددة للعمل، فالشريك الذي يريد الخروج من الشركة مندوحة من طلب ذلك إلى القضاء، إذ يستطيع في هذه الحالة أن ينسحب من الشركة بأن يعلن إرادته في الانسحاب إلى سائر الشركاء ، على ألا يكون انسحابه عن غش أو في وقت غير لائق ، وذلك تطبيقاً لأحكام الفقرة الأولي من المادة 529 مدني ، وقد سبق بيان ذلك .
فإذا ما أقر القضاء الشريك على طلب إخراجه من الشركة ، صفي نصيب هذا الشريك على الوجه المقرر في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدني التي تقدم ذكرها ، فيقدر النصيب بحسب قيمته يوم القضاء بالإخراج ويدفع له نقداً ، ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على القضاء بالإخراج .
ثم أن القضاء بإخراج الشريك من الشركة يترتب عليه حلها ، كما يترتب حل الشركة على خروج أحد الشركاء بأي سبب آخر ، كانسحاب أو موته أو الحجر عليه أو إعساره أو إفلاسه ، ولكن يجوز مع ذلك لباقي الشركاء أن يتفادوا في هذه الحالة ، وفي غيرها من الحالات الأخرى كما سبق القول حل الشركة ، وأن يتفقوا على استمرارها فيما بينهم وحدهم دون الشريك الذي خرج . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفي الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس الصفحة/ 475)
قد تكون الشركة ناجحة فيرى الشركاء الاكتفاء بفصل الشريك الذي تكون تصرفاته محل اعتراض على أن تظل الشركة قائمة بين باقي الشركاء والقاضي هو الذي يقرر ما إذا كان سبب الاعتراض على الشريك يبرر فصله ، ويجوز ذلك إذا كان الشريك قد أثار وجودة إعتراضاً على مد أجلها ، ومتى حکم بفصله صفي نصيبه ، ويجوز لأي شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك لأسباب معقولة كاضطراب حالته المالية أو الصحية أو ظروفه الخاصة والقضاء هو الذي يقدر ما إذا كانت الأسباب تبرر إجابته لهذا الطلب، ويجوز أن يتم الإخراج بالتراضى بموافقة باقي الشركاء، ويشترط في استعمال حق الإخراج أن تكون الشركة معينة المدة أو محددة العمل ، فإن لم تكن كذلك فللشريك أن ينسحب من الشركة بأن يعلن إرادته في الانسحاب فإذا ما حكم باخراج الشريك، صفی نصیبه مدنی ويترتب على ذلك حل الشركة ما لم يتفق باقي الشركاء على استمرارها فيما بينهم . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع الصفحة/ 311)
أجازت الفقرة الأولى من المادة لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أي ومه من الشركاء يكون وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها، كأن يقرر الشركاء مد أجل الشركة ويعترض واحد منهم فقط دون أن يبدى أسباباً مقبولة لذلك بينما يرغب الباقون مد الشركة .
كما يجوز أيضاً طلب فصل الشريك إذا كانت تصرفاته مما يمكن اعتباره مسوغاً الحل الشركة فيكون هذا الفصل بديلاً لحل الشركة ، إذ قد تكون الشركة ناجمة في أعمالها أو على وشك النجاح، وأن وجود هذا الشريك فيها هو وحده محل اعتراض ومما يبرر طلب فصل الشريك اضطراب حالته المالية أو الصحية أو ظروفه الخاصة ، أو إذا خاصم زملائه أو أحدث شغباً أو أظهر عناداً .
ويخضع تقدير مسوغ فصل الشريك المحكمة الموضوع.
ومتى قضت المحكمة بفصل الشريك فلا تنحل الشركة، وإنما تستمر قائمة فيما بين الشركاء، وتقدر حصة الشريك المفصول بحسب قيمتها يوم وقوع الفصل وتدفع له نقداً . (م 3 / 258 مدنی).
وعلى المحاكم أن تدقق في الأمر قبل الحكم بفصل الشريك، لأن الأصل أنه لا يجوز إقصاء الشريك من الشركة بغير إرادته ولكن إذا كان فصل الشريك لا يؤدي – كقاعدة عامة - إلى حل الشركة وانقضائها، إلا أن الأمر سيكون حتماً على خلاف ذلك إذا كانت الشركة مؤلفة من شريكين فقط ، ففصل أحدهما سيفضي بالقطع إلى حلها لانتفاء ركن تعدد الشركاء .
أجازت الفقرة الثانية من المادة لأي شريك إذا كانت الشركة معينة المدة أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة متى استند في ذلك إلى أسباب مقبولة .
ولم يكن هذه الفقرة واردة بالمشروع التمهيدي، وإنما أدخلتها على المادة لجنة المراجعة ، وهذا الحق مقصور على الشريك في الشركة معينة المدة أو محددة العمل، حتى لا يضطر الشريك إلى البقاء في الشركة حتى إنهاء مدة الشركة، رغم وجود مبررات لديه تسوغ خروجه من الشركة.
أما إذا كانت الشركة غير معينة المدة ، فقد رأينا أن من حق الشريك طلب الانسحاب من الشركة عملاً بالمادة 519 .
واشترط النص لإخراج الشريك من الشركة أن توجد لديه أسباب مقبولة ومحكمة الموضوع هي التي تقرر ما إذا كانت الأسباب التي يستند إليها الشريك مقبولة أم لا ، ويعتبر سبباً مقبولاً يبرر إخراج الشريك من الشركة أن تضطرب حالة الشريك المالية بحيث يكون في حاجة إلى الحصول على نصيبه في الشركة لتدبير شؤونه به ، أو تسوء حالته الصحية أو تزداد مهامه فيرى نفسه غير قادر على الاستمرار في الشركة وإذا قضى بإخراج الشريك من الشركة صفي نصيبه على الوجه المقرر في الفقرة الثالثة من المادة 528 مدنی، واستمرت الشركة في أداء عملها. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس الصفحة/ 368)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس ، الصفحة / 165
الْتزاماتٌ يجوز الْوفاء بها ولا يجب:
44 - أ - الالْتزامات الّتي تنْشأ نتيجة الْعقود الْجائزة بيْن الطّرفيْن، كالْوكالة والشّركة والْقراض، فهذه يجوز لكلٍّ من الطّرفيْن فسْخها وعدم الالْتزام بمقْتضاها، هذا مع مراعاة ما يشْترطه بعْض الْفقهاء حين الْفسْخ منْ نضوض رأْس الْمال في الْمضاربة، وكتعلّق حقّ الْغيْر بالْوكالة .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 42
عَدَمُ اللُّزُومِ:
2-اللُّزُومُ: مَعْنَاهُ عَدَمُ إِمْكَانِ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَيُسَمَّى الْعَقْدُ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ (الْعَقْدَ اللاَّزِمَ) بِمَعْنَى أَنَّ الْعَاقِدَ لاَ يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ إِلاَّ بِرِضَا الْعَاقِدِ الآْخَرِ، فَكَمَا لاَ يُعْقَدُ الْعَقْدُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي لاَ يُفْسَخُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي (وَذَلِكَ بِالإْقَالَةِ) وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ تَعْرِيفُ عَدَمِ اللُّزُومِ فَهُوَ: إِمْكَانُ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ وَنَقْضِهِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى التَّرَاضِي عَلَى ذَلِكَ النَّقْضِ.
فَهَذَا اللُّزُومُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ فَيَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ رَابِطَةِ الْعَقْدِ وَيَفْسَخَهُ بِمُجَرَّدِ إِرَادَتِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الآْخَرِ. وَتَخَلُّفُ اللُّزُومِ هُنَا مَبْعَثُهُ أَنَّ طَبِيعَةَ الْعَقْدِ وَغَايَتَهُ تَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ، وَالْعَقْدُ عِنْدَئِذٍ (عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ) إِذْ يَكُونُ عَدَمُ اللُّزُومِ صِفَةً مَلْحُوظَةً فِي نَوْعِ الْعَقْدِ.
وَمِنَ السَّهْلِ تَبَيُّنُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَبَيْنَ طَبِيعَةِ عَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، فَالتَّخْيِيرُ حَالَةٌ طَارِئَةٌ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ إِنَّ الأْصْلَ فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ، فَالْعَقْدُ الْمُقْتَرِنُ بِخِيَارٍ هُوَ قَيْدٌ أَوِ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَبْدَأِ، ثُمَّ هُوَ فِي جَمِيعِ الْخِيَارَاتِ لَيْسَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ طَبِيعَةُ الْعُقُودِ، بَلْ هُوَ مِمَّا اعْتُبِرَ قَيْدًا عَلَى تِلْكَ الطَّبِيعَةِ لأِصَالَةِ اللُّزُومِ. أَمَّا فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ بِأَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ طَبِيعَتِهَا تَقْتَضِيهِ غَايَاتُهَا وَلاَ يَنْفَصِلُ عَنْهَا إِلاَّ لِسَبَبٍ خَاصٍّ فِيمَا لُزُومُهُ لَيْسَ أَصْلاً.
وَالْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَقَطْ أَمَّا الإْجَازَةُ فَلاَ مَجَالَ لَهَا، لأِنَّ الإْقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ وَالاِسْتِمْرَارَ فِيهِ يُغْنِي عَنْهَا، فِي حِينِ أَنَّ الْخِيَارَاتِ تَحْتَمِلُ الأْمْرَيْنِ.
وَهُنَاكَ فَارِقٌ آخَرُ بَيْنَ الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ وَبَيْنَ الْخِيَارَاتِ يَقُومُ عَلَى مُلاَحَظَةِ نَتِيجَةِ (الْفَسْخِ) الَّذِي هُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ، فَحُكْمُ الْفَسْخِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْهُ فِي الْخِيَارَاتِ، حَيْثُ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الأْولَى مُقْتَصِرًا (لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) لاَ يَمَسُّ التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةَ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (الْخِيَارَاتُ) فَالْفَسْخُ مُسْتَنَدٌ (لَهُ انْعِطَافٌ وَتَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) يَنْسَحِبُ فِيهِ الاِنْفِسَاخُ عَلَى الْمَاضِي فَيَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ أَصْلِهِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والعشرون ، الصفحة / 135
الرُّجُوعُ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ:
14 - الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ (غَيْرُ اللاَّزِمَةِ) كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوَدِيعَةِ، عُقُودٌ غَيْرُ لاَزِمَةٍ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا يُبِيحُ الرُّجُوعَ فِيهَا إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْفُقَهَاءُ كَشَرْطِ نُضُوضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَشَرْطِ عِلْمِ الطَّرَفِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ، وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ، فَمَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، وَأَرَادَ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ الْفِعْلِيَّ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ، وَمَنْ أَعَارَ مَكَانًا لِدَفْنٍ، وَحَصَلَ الدَّفْنُ فِعْلاً فَلاَ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ، كَمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ الْمُقَيَّدَةَ بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ رُجُوعَ فِيهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الأْجَلُ أَوِ الْعَمَلُ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن والعشرون ، الصفحة / 245
الضَّمَانُ فِي عَقْدِ التَّخَارُجِ:
44 - التَّخَارُجُ: اصْطِلاَحُ الْوَرَثَةِ عَلَى إِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ مِنَ التَّرِكَةِ، بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ .
وَيُعْتَبَرُ بِمَثَابَةِ تَنَازُلِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنَ التَّرِكَةِ، فِي مُقَابِلِ مَا يَتَسَلَّمُهُ مِنَ الْمَالِ، عَقَارًا كَانَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ نُقُودًا، فَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بَيْعًا، فَإِذَا قَبَضَ الْمُخْرِجُ مِنَ التَّرِكَةِ بَدَلَ الْمُخَارَجَةِ أَخَذَ حُكْمَ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ، تَمَلُّكًا وَتَصَرُّفًا وَاسْتِحْقَاقًا، فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ مِنْ حِسَابِهِ الْخَاصِّ، كَالْمَبِيعِ إِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ، وَهَذَا لأِنَّهُ أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ بَيْعًا، فَكَانَ مَضْمُونًا كَضَمَانِ الْمَبِيعِ. (انْظُرْ: تَخَارُج).
الضَّمَانُ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ:
45 - يُشْبِهُ الْقَرْضُ الْعَارِيَّةَ فِي الاِبْتِدَاءِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الصِّلَةِ، وَالْمُعَاوَضَةِ فِي الاِنْتِهَاءِ، لِوُجُودِ رَدِّ الْمِثْلِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ مَحْضٍ، لِمَكَانِ الْعِوَضِ، وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَى حَقِيقَةِ الْمُعَاوَضَاتِ ، بِدَلِيلِ الرُّجُوعِ فِيهِ مَا دَامَ بَاقِيًا .
وَيُمْلَكُ الْقَرْضُ بِالْقَبْضِ، كَالْمَوْهُوبِ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - لأِنَّهُ لاَ يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، بِالتَّصَرُّفِ وَالْعَقْدِ .
فَإِذَا قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ، ضَمِنَهُ، كُلَّمَا هَلَكَ، بِآفَةٍ أَوْ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، كَالْمَبِيعِ وَالْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْقَبْضِ، لأِنَّ قَبْضَهُ قَبْضُ ضَمَانٍ، لاَ قَبْضُ حِفْظٍ وَأَمَانَةٍ كَقَبْضِ الْعَارِيَّةِ.
46 - وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِقَرْضٍ فَاسِدٍ كَالْمَقْبُوضِ، بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، سَوَاءٌ، فَإِذَا هَلَكَ ضَمِنَهُ الْمُقْتَرِضُ فَيَحْرُمُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، لَكِنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ، لِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لاَ يَحِلُّ، لأِنَّ الْفَاسِدَ يَجِبُ فَسْخُهُ، وَالْبَيْعُ مَانِعٌ مِنَ الْفَسْخِ، فَلاَ يَحِلُّ، كَمَا لاَ تَحِلُّ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَانِعَةِ مِنَ الْفَسْخِ .
وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ يُمْلَكُ بِقَبْضِهِ، وَيُضْمَنُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، كَبَيْعٍ فَسَدَ .
وَلَوْ أَقْرَضَ صَبِيًّا، فَهَلَكَ الْقَرْضُ فِي يَدِهِ، لاَ يَضْمَنُ بِالاِتِّفَاقِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأِنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ.
أَمَّا لَوِ اسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ بِالتَّعَمُّدِ وَالاِسْتِهْلاَكِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَهَذَا إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ بِالْبَيْعِ، كَانَ كَالْبَائِعِ، يَضْمَنُ الْقَرْضَ، بِالْهَلاَكِ وَالاِسْتِهْلاَكِ .
(انْظُرْ: قَرْض).
_____________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (19) الضرر
لا ضرر ولا ضرار.
مادة (20) الضرر يزال
الضرر يزال.