مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 435
مذكرة المشروع التمهيدي :
1 - جواز أن يرد المدين رأس المال هو شرط أساسي في عقد الدخل الدائم ، وهو الذي يمنع من أن يوجد التزام مؤبد ، ولا يجوز الاتفاق على عدم جواز الرد لأن هذا الاتفاق يكون مخالفاً للنظام العام .
2 - على أنه يجوز التقييد من قابلية الدخل للاستبدال في أي وقت يريده المدين فيتفق مثلاً على ألا يحصل الاستبدال ما دام المستحق للدخل حياً ، أو على أن الاستبدال لايتم إلا بعد مدة معينة بشرط ألا تزيد على خمس عشرة سنة ، وفي مثل هذه الاتفاقات الجائزة ضمان لصاحب الدخل أن يتمتع به طول حياته أو لمدة معينة .
ولا يجوز على كل حال للمدين أن يستعمل حق الاستبدال إلا بعد سنة من إعلان رغبته في ذلك .
3 - ويلاحظ في كل ما تقدم أن المدين لا يجبر على رد رأس المال بعد انقضاء المدة المحددة ، بل هو يستعيد حقه في جواز الرد على أنه يجبر على الرد في أحوال ثلاث :
(1) إذا لم يقم بالتزامه من أداء الدخل سنتين متواليتين رغم إعذاره ، وفي التقنين الحالي ( م 479 فقرة ثانية / 585 ) لا تشترط السنتان بل يترك الأمر لتقدير القاضي كما في حالات الفسخ الأخرى .
(ب) إذا قصر في تقديم ما وعد به الدائن من تامینات ، أو إذا انعدمت التأمينات ولم يقدم بديلاً عنها ، ويقاس على ذلك أن تنقص التأمينات فلا يكملها.
(ج) إذا أفلس المدين أو أعسر أو صفيت أمواله تصفية قضائية ، ويلاحظ أن الحالتين الأخيرتين هما الحالتان اللتان يسقط فيهما الأجل طبقاً للمادة 396 من المشروع ، فيجب تفسير هما في ظل هذا النص ، وعلى ذلك يجب التفريق بين ما إذا كان انعدام التأمينات أو نقصها يرجع إلى فعل المدين ، فيكون الداث بالخيار بين الفسخ أو إرجاع التأمينات إلى ما كانت عليه ، وما إذا كان ذلك يرجع السبب الإدخل لإرادة المدين فيه فيكون الخيار له لا للدائن ، ويجب أن تفهم التأمينات أيضاً على أنها تشمل كل تأمين خاص ولو أعطى بعقد لاحق ، أو بمقتضى القانون، أو بحكم من القضاء .
4 - وإذا حق الرد ، سواء لأن المذين اختاره أو لأنه أجبر عليه ، فإن كان رأس المال مبلغا من النقود، كان هذا المبلغ هو الواجب الرد ، و يجوز الاتفاق على أن رد مبلغ أقل ، أما الاتفاق على مبلغ أكبر ففيه شبهة الربا الفاحش ، أما إن كان رأس المال من غير النقد ، فيرد مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل .
تنص المادة 548 من التقنين المدني على ما يأتي :
" 1 - إذا رتب الدخل مقابل مبلغ من النقود ، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه ، أو برد مبلغ اقل منه إذا اتفق على ذلك " .
" 2 - وفي الحالات الأخرى يتم الاستبدال بدفع مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل ".
الحالات التي يتم فيه الاستبدال – التمييز بين قرضين : ويضع النص المتقدم الذكر قواعد يتم على مقتضاها الاستبدال برد رأس المال إلى الدائن ، وهذه القواعد تسرى في جميع الحالات التي يتم فيها الاستبدال ، سواء في ذلك الحالات التي يطلب فيها المدين الاستبدال على النحو الذي قدمناه أو الحالات التي يجبر فيها على الاستبدال وفقاً لما أسلفناه ، أي سواء كان الاستبدال بإرادة المدين أو كان جبراً على المدين .
ويجب في هذا الصدد أن نميز بين قرضين :
1 - إذا رتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود .
2 - إذا رتب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل .
ترتيب الدخل في مقابل مبلغ من النقود : يترتب الدخل في مقابل مبلغ من النقود إذا كان قرضاً وكان ما دفعه الدائن إلى المدين مبلغاً من النقود ، أو إذا كان بيعاً قدر فيه مقداراً معيناً من النقود ثم حول إلى إيراد دائم .
ففي هذه الأحوال يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً منذ ترتيب الدخل ، ففي الاستبدال ،يكون هذا المقدار المعين من النقود هو الواجب الرد ، إذ هو رأس المال الواجب رده إلى الدائن وقد تعين منذ البداية .
ويجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أقل من هذا المقدار ويحمل ذلك على أن الدائن قد تبرع للمدين مقدماً بالفرق، أو أنه عوض عن هذا الفرض بما قبضه من أقساط روعي في تقديرها هذا التعويض، ولكن لا يجوز الاتفاق على أن يكون المبلغ الواجب الرد أكثر من هذا المقدار لأن في ذلك شبهة الربا الفاحش.
- ترتيب الدخل في مقابل غير النقود أو بغير مقابل :
وقد يترتب الدخل في مقابل غير النقود، كما إذا ترتب بموجب بيع جعل الثمن فيه رأساً الدخل الدائم دون تقدير سابق للثمن وكما إذا ترتب بموجب قرض كان رأس المال فيه أشياء مثلية غير النقود وكان الدخل مبلغاً من النقود ، كذلك قد يترتب الدخل بغير مقابل ، كما هي الحال في ترتيب الدخل بهبة أو بوصية .
ففي جميع هذه الأحوال لا يكون رأس المال مقداراً معيناً من النقود معروفاً من قبل، بل هو إما عين بيعت بدخل دائم ، وإما أشياء مثلية غير النقود أقرضت في مقابل دخل دائم ، وإما لا وجود له أصلاً إذا رتب الدخل الدائم عن طريق التبرع .
فعمد المشرع إلى طريقة لتقدير رأس المال على الوجه الآتي : يؤخذ مقدار الدخل في السنة أساساً لهذا التقدير ، وبقدر رأس المال بحيث يكون هذا الدخل هو فائدته محسوبة بالسعر القانوني ، فإذا كان مقدار الدخل في السنة مائة مثلاً في مسألة مدنية ، قدر رأس المال بحيث تكون المائة هي فائدته محسوبة بسعر 4% فيكون رأس المال في هذه الحالة ألفين وخمسمائة . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس الصفحة/ 622)
إذا كان ما دفعه الدائن مبلغا من النقود كقرض للمدين أو كان ثمناً معيناً من النقود مقابل مبيع حول إلى ایراد دائم فيترتب الدخل مقدراً بمبلغ من النقود ، ففي الاستبدال يكون هذا المقدار المعين من النقود هو الواجب رده ويجوز الاتفاق على أن يرد أقل منه، ولكن لا يجوز الاتفاق على رد ما يزيد عنه لأن في ذلك شبهة الربا الفاحش الا إذا كانت الزيادة لو أضيفت إلى ما قبضه الدائن من أقساط الدخل لا تجاوز الحد الأقصى لسعر الفائدة الاتفاقية .
أما إذا ترتب الدخل في مقابل غير النقود، كما إذا ترتب بموجب بيع جعل الثمن فيه رأساً للدخل الدائم دون تقدير سابق للثمن ، وكما إذا ترتب بموجب قرض كان رأس المال فيه أشياء مثلية غير النقود ، وكان الدخل مبلغاً من النقود ففي هذه الأحوال لا يكون رأس المال قدراً معيناً من النقود معروفاً من قبل فلتقديره يؤخذ مقدار الدخل في السنة أساساً لهذا التقدير ويقدر رأس المال بحيث يكون هذا الداخل ذو فائدة محسوبة بالسعر القانوني ، فإذا كان مقدار الدخل في السنة مائة جنيه في مسألة مدنية قدر رأس المال بحيث تكون المائة هي فائدته محسوبة بسعر 4% فيكون رأس المال ألفين وخمسمائة 100 × 100 ÷ 4 . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع الصفحة/ 373)
إذا رتب الدخل مقابل مبلغ مقدر من النقود، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه، أو برد مبلغ أقل منه إذا اتفق على ذلك.
ويكون ترتيب الدخل مقابل مبلغ مقدر من النقود إذا كان قرضاً دفعه الدائن إلى المدين، أو أبرم عقد بيع قدر فيه الثمن بمبلغ من النقود، ثم حول إلى دخل دائم.
ومن ثم يكون مقدار رأس المال قد تحدد بالنقود ومعروفاً منذ ترتيب الدخل، ورأس المال هذا هو واجب الرد، فيجب رده إلى الدائن.
ويجوز أن يكون رأس المال الواجب رده أقل من مقدار القرض أو ثمن المبيع، فيكون الفرق تبرعاً من الدائن للمدين، كما يمكن أن يكون مقابل ما حصل الدائن عليه من أقساط الدخل.
أما إذا اتفق على أن يكون المبلغ الواجب رده أكبر من مقدار القرض أو ثمن المبيع فلا يجوز لأنه ينطوي على شبهة الربا الفاحش.
ولكن هذه الشبهة تنتفي إذا كان مجموع ما يقبضه الدائن لا يزيد على فوائد رأس المال محسوبة بالسعر الأقصى للفوائد الاتفاقية .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس، الصفحة/ 486)