loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 456

مذكرة المشروع التمهيدي :

الصلح نسي في الموضوع فهو يقصر على الحقوق التي كانت محلاً للنزاع دون غيرها ، ويجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح بمعناها الضيق ، فإذا تضمن الصلح تنازلاً عن فوائد الدين مثلاً ، فسر التنازل بأنه مقصور على ما استحق منها لا على ما سیستحق .

الأحكام

1- لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول تعدى على الطاعنة بالضرب فى 1982/3/23 أثناء شجار بين عائلتيهما، وشكلت فى اليوم التالي لجنة للصلح بين الفريقين، أقرت تحمل كل مصاب - نفقات علاجه، ونزوله عن حقوقه المدنية قبل الآخر، وكانت عبارات الصلح لا تتسع - وفق ما لابس انعقاده من الظروف سالفة البيان - إلا للإصابات الظاهرة فى حينه، وإذ تبين - لاحقا - تخلف عاهة مستديمة لدى الطاعنة - والتي تختلف فى طبيعتها عن الإصابة التي تبرأ بعد مدة - فإنه يكون لها أن تطالب بالتعويض عنها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وحاجها بالصلح الذي اعتبره نزولا منها عن حقها فى التعويض فإنه معيباً بالفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 2349 لسنة 63 جلسة 2001/01/24 س 52 ع 1 ص 194 ق 41)

2- لما كان الصلح عقداً ينحسم به النزاع بين طرفيه فى موضوع معين على أساس نزول كل منهما عن بعض ما يدعيه قبل الآخر، ولهذا فقد نصت المادة (555) من القانون المدني على وجوب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح تفسيرا ضيقا، وأياً كانت تلك العبارات، فإن التنازل لا ينصب إلا على الحقوق التي كانت وحدها بصفة جلية محلا للنزاع الذي حسمه الصلح.

(الطعن رقم 2349 لسنة 63 جلسة 2001/01/24 س 52 ع 1 ص 194 ق 41)

3- الصلح لا يترتب عليه قانون إنحلال التصرف الذى صدر الصلح فى شأنه ليحل هذا الصلح محله ، وإنما يظل التصرف الأصلى قائماً ومنتجاً لآثاره المعدلة بعقد الصلح ، بحيث إذا أبطل هذا العقد أوفسخ ظل التصرف الأصلى منتجاً لآثاره دون أن ينال منها الصلح الذى أبطل أو فسخ .

(الطعن رقم 654 لسنة 45 جلسة 1978/05/25 س 29 ع 1 ص 1328 ق 259)

4- القاضى و هو يصدق على الصلح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون قائماً بوظيفة الفصل فى خصومه لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من إتفاق ، ومن ثم فإن هذا الإتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشئ المحكوم فيه وإن كان يعطى شكل الأحكام عند إثباته ، لما كان ذلك فإنه لا يترتب على الحكم المطعون فيه إن هو قضى بإلغاء عقد البيع الذى حرر بشأنه عقد صلح صدقت عليه المحكمة لما تبين من أن هذا البيع هو فى حقيقته وصية رجعت فيها الموصية .

(الطعن رقم 466 لسنة 43 جلسة 1977/01/31 س 28 ع 1 ص 328 ق 67)

5- الفسخ يرد على الصلح ، كما يرد على سائر العقود الملزمة للجانبين فإذا لم يقم أحد المتصالحين بما أوجبه الصلح فى ذمته من إلتزامات جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب الفسخ مع التعويض إذا كان له محل .

(الطعن رقم 448 لسنة 41 جلسة 1975/12/30 س 26 ص 1735 ق 324)

6- لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود إستنباطاً لنية عاقديها وتفهما لمراميها ، وتقدير أقوال الشهود وأطراح ما لا يطمئن إليه وجدانها منها دون إلزام عليها بإبداء أسباب ذلك ، ولها إستخلاص ما تراه من القرائن مؤدياً إلى إقتناعها وذلك إستعمالاً لحقها فى وزن الأدلة وترجيح ما تراه منها متسقاً مع ظروف الدعوى كاشفاً عن وجه الحق فيها دون ما رقابة عليها من محكمة النقض ما دام نهجها فى ذلك مستنداً إلى أصول ثابتة فى أوراق الدعوى و متسقاً مع المنطق .

(الطعن رقم 298 لسنة 37 جلسة 1972/12/05 س 23 ع 2 ص 1317 ق 206)

7- إذا كان الثابت من الاطلاع على صحيفة الاستئناف المقدمة من الطاعن أن المطعون ضده الأول طلب فى ختامها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به - من رفض طلباته - والحكم ببطلان عقد الصلح المصدق عليه فى القضية . . وما تضمنه هذا الصلح من بيع الأطيان المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وإجراءات هذا الصلح . و كانت هذه العبارة واضحة فى أن طلب المستأنف ينصب على بطلان الصلح و البيع معا ، ولا تحمل معنى النزول عن طلب بطلان البيع السابق إبداؤه أمام محكمة الدرجة الأولى ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد البيع لا يكون مجاوزا لطلبات المطعون ضده الأول .

(الطعن رقم 72 لسنة 37 جلسة 1971/12/07 س 22 ع 3 ص 984 ق 165)

8- للغير الذى أضر الصلح بحقوقه عن طريق الغش أن يرفع دعوى أصلية ببطلانه أو يبدى الدفع بالبطلان بالتدخل فى الدعوى التى حصل فيها الصلح فإذا تدخل الغير فى دعوى منظورة ، مدعيا أن الصلح أضر بحقوقه ، ودفع الخصم فى مواجهته بإنتهاء الدعوى صلحا كان فى مكنته الرد على هذا الدفع ببطلان الصلح ، ولا يجوز رفض التدخل إلا تأسيسا على أن الصلح قد أنهى الدعوى وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان صلحا صحيحاً ، ومن ثم فلا سبيل إلى رفض طلب التدخل إلا بحكم يقضى بصحة الصلح .

(الطعن رقم 146 لسنة 36 جلسة 1970/05/14 س 21 ع 2 ص 830 ق 134)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 555 من التقنين المدني على ما يأتي :

يجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح تفسيراً ضيقاً ، وأيا كانت تلك العبارات فإن التنازل لا ينصب إلا على الحقوق التي كانت وحدها بصفة جلية محلاً للنزاع الذي حسمه الصلح .

قاضي الموضوع هو الذي يفسر الصلح : وقاضي الموضوع هو الذي يفسر عقد الصلح ، شأن الصلح في ذلك شأن غيره من العقود ولا يخضع قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض في التفسير ، ما دام يستند في تفسيره إلى أسباب سائغة ، وما دام لم يفسخ العقد ، وإلا نقض حكمه ويقدر قاضي الموضوع بوجه خاص ما إذا كان الصلح قابلاً للتجزئة تبعاً لقصد العاقدين ، إذ الأصل في الصلح كما قدمنا أنه غير قابل للتجزئة ما لم يتبين من عبارات العقد أو من الظروف أن المتعاقدين قد اتفقا على أن أجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض ( 557 / 2 مدني ) ، وقد تقدم بيان ذلك على أنه لما كان الصلح يحسم نزاعاً معيناً بين طرفين عن طريق نزول كل منهما عن جزء من ادعائه ، فإن هذا النزول المتبادل يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، ويجب في الوقت ذاته أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله.

تنازل المتصالح عن جزء من ادعائه يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ، شأن التنازل في الصلح في هذا التفسير الضيق شأن كل تنازل ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : " ويجب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح بمعناها الضيق ، فإذا تضمن الصلح تنازلاً عن الفوائد الدين مثلاً ، فسر التنازل بأنه مقصور على ما استحق منها على ما يستحق .

ومما يترتب على تفسير الصلح تفسيراً ضيقاً أنه يجب أن يكون أثر الصلح مقصوراً على النزاع الذي تناوله ، دون أن يمتد إلى أي شيء آخر على أن هذا الأثر النسبي هو أثر العقد بوجه عام ، فالعقد يقتصر أثره على من كان  طرفاً فيه وعلى المحل الذي تناوله ، ولكن الصلح في هذا الصدد أكثر بروزاً ، لأن القاعدة فيه أن يكون تفسيره ضيقاً ، فإذا تصالح وارث مع بقية الورثة على ميراث اقتصر الأثر على الميراث الذي تناوله الصلح ، ولا يتناول إلا الوصية الذي وقع النزاع بشأنها فلا يشمل وصية أخرى للموصى له تظهر بعد ذلك.

 وهذا الأثر النسبي للصلح فيما يتعلق بالمحل يجعل الصلح كقوة الأمر المقضي في شروطه ، فلا يحتج بالصلح إلا في نزاع اتحد فيه المحل والسبب والخصوم ، وسنرى فيما يلي ، عند الكلام في الأثر النسبي للصلح ، وجوب اتحاد السبب والخصوم ، كما رأينا هنا وجوب اتحاد المحل. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الخامس ، الصفحة/  703)

عقد الصلح كغيره من العقود يتولى قاضي الموضوع تفسيره بدون رقابة من محكمة النقض ما دام يستند لأسباب سائغة ، ويقدر ما اذا كان الصلح قابلاً للتجزئة تبعا لقصد العاقدين إذ الأصل أنه غير قابل للتجزئة ، فإن كان الصلح يحسم نزاعا عن طريق نزول كل من المتصالحين عن جزء من ادعائه فإن هذا النزول المتبادل يجب أن يفسر ضيقاً ، فإذا تصالح المضرور مع المسئول عن التعويض المستحق له بسبب الإصابة فإن الصلح يفسر تفسيراً ضيقاً فلا يشمل إلا الإصابة التي كانت ظاهرة وقت الصلح ، فإذا ظهرت مضاعفات فتولد عن الإصابة عاهة مستديمة أو مات المصاب فان الصلح لا يكون قد تناول شيئاً من ذلك و للمضرور أو ورثته من بعده أن يرجع بتعويض آخر على المسئول بسبب ما جد من ضرر ولا يحتج بالصلح حتى لو كان قد تصالح على جميع الضرر الذي يحدث لأنه يكون قد وقع في غلط جوهري في شأن هذا الضرر فيجوز له أو لورثته طلب إبطال الصلح الغلط ، وحتى لو نزول عن المطالبة بأي تعويض إضافي لأن الإجازة الصادرة من وقع في غلط لا تصح قبل أن يكشف عن هذا الغلط وللصلح أثر نسبي بالنسبة للمحل، فإذا نص في الصلح على أن المتصالحين قد سويا نهائياً جميع ما بينهما من حساب يجب أن يقتصر على ما قد حسمه من نزاع ولا يمكن أن يمتد إلى العلاقات الاخرى التي كانت بينهما وظلت خارجة عن موضوع العقد.

وإذا انحسم النزاع بالصلح لم يجز لأي من المتصالحین أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة ولا بتجديدها، فإن فعل كان للمتصالح الآخر أن يدفع بانتهاء الدعوى بالصلح، وهذا الدفع يماثل الدفع بقوة الشيء المقضي به وشروطهما واحدة وهي اتحاد الخصوم والموضوع والسبب، فمتى تم الصلح انقضت ولاية المحكمة على الخصومة ولا يصح أن تحكم فيها حتى بالمصروفات.

ويعتبر إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، آخر طلب تقدم به الخصوم، ومن ثم لا يكون للمحكمة الفصل في هذا الطلب، فان استوفى شرائطه أجابت المحكمة الخصوم إليه دون أن تتعرض للطلبات السابقة عليه والتي كانت واردة بصحيفة الدعوى أو مبدأه كطلبات عارضة بمحضر الجلسة إذ المفروض أن الخصوم تناولا كافة طلباتهم بعقد الصلح وذلك بالإبقاء عليها بحالتها أو بالإضافة إليها أو بإسقاط بعضها مما مؤداه، أنه لا يجوز للخصم بعد إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة .

كما تسرى على فسخ الصلح القواعد العامة المقررة في فسخ العقود، فأي من المتصالحين اذا أخل بالتزامه أن يطلب أما تنفيذ الصلح إذا أمكن التنفيذ عيناً وأما فسخ الصلح، وللقاضي تقدیر طلب الفسخ فله أن يرفضه ويمنح مهلة للطرف المتخلف حتى يقوم بتنفيذ التزامه، وإذا تضمن الصلح إیزاءً جزئياً من الدين على أن يفى المدين بانتظام في مواعيد الاستحقاق التي يحددها الصلح وإلا حل الدین بكامله فإن عدم الوفاء في مواعيد الاستحقاق اذا تبعه إعذار المدين يترتب عليه فسخ الصلح وحلول الدين بكامله. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع الصفحة/ 428)

قاضي الموضوع هو المنوط به تفسير عقد الصلح - كالشأن في تفسير أي عقد آخر - ولا رقابة لمحكمة النقض على القاضي في تفسيره لعقد الصلح، ما لم يستند في تفسيره إلى أسباب غير سائغة، ويشوه قصد المتعاقدين.

ويبين من نص المادة 555 أن المشرع يجعل من الواجب عدم التوسع في تفسير الصلح، وتلك نتيجة طبيعية للقاعدة القانونية التي من مقتضاها أن التنازل عن الحق لا يفترض ، وبما أن أساس الصلح هو نزول كل من المتصالحين عن جزء من ادعاءاته، كان طبيعياً ألا يتوسع في تفسير هذا التنازل، وأن يتذرع القاضي بالحيطة والدقة في تحديد موضوعه خشية أن يشوه قصد المتعاقدين، ويخرجه عن الغاية التي قصداً إليها متجاوزاً بذلك الحدود التي رسمها، فيتعرض لرقابة محكمة النقض.

والنص المذكور يقرر قاعدتين يتضمنهما المبدأ السالف الذكر.

القاعدة الأولى:

وجوب أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها الصلح بمعناها الدقيق.

فإذا تضمن الصلح تنازلاً عن فوائد الدين فسر التنازل بأنه مقصور على ما استحق منها لا على ما يستحق .

ويفسر الصلح الحاصل بين الحكومة وأحد المقاولين بقصد تسوية الحساب بينهما نهائياً ، على أنه لا يتضمن تنازل الحكومة عن الضمان العشري للمنشآت التي أقامها هذا الأخير.

وإذا تصالح الشريك مع شركائه على ما يستحق من أرباح في الشركة ، فإن هذا الصلح لا يشمل إلا ما استحقه فعلاً من أرباح ، لا ما قد يستحقه في المستقبل .

والقاعدة الثانية :

أن يقصر الصلح على المنازعات التي يقصد المتصالحان أن تكون موضوعاً له دون غيرها.

ويجب في تحديد هذا القصد الرجوع إلى الحالة التي كانت قائمة بينهما وقت إبرام العقد ، فإذا نص في عقد الصلح مثلاً على أن أحد المتصالحين قد تنازل عن كل ماله من حقوق وادعاءات قبل الآخر، لا يمتد الصلح رغم ذلك إلا إلى الحقوق التي واجهها وقت التعاقد وجعل منها موضوعاً له.

وإذا تصالح وارث مع بقية الورثة على ميراث، اقتصر الأثر على الميراث الذي تناوله الصلح، ولا يتناول ميراثاً آخر ويشترك فيه أيضاً بقية الورثة.

والصلح الحاصل بين دائني الشركة لا يحتمل الديون التي على أحد الشركاء بصفته الشخصية.

وإذا تصالح شخصان في دعوى وضع اليد على أن تكون لأحدهما، ورفع الخارج دعوى الملكية، فلا يحتج عليه بالصلح في وضع اليد لاختلاف الدعويين .

واستعمال المتعاقدين عبارة البراءة العامة، بعد أن حصرا موضوع التخالص وحدداه فيما هو مبين بمحضر الصلح، إنما يفيد عموم البراءة في نوع الحقوق التي كانت محل اعتبارهما عند التعاقد.

على أنه وإن كان من الواجب عدم التوسع في تفسير الصلح وقصره على موضوع النزاع، إلا أن ذلك لا يمنع قاضي الموضوع من أن يستخلص من عبارات الاتفاق والظروف التي تم فيها نية الطرفين و النتائج المبتغاة من عمل الصلح ، ويعين نطاق النزاع الذي أراد الطرفان وضع حد له بالصلح.

فليس ثمة ما يمنع القاضي من أن يتخذ من العقد الذي بشأنه حصل الصلح أساساً التفسير شروطه ، فإذا أسست المحكمة قضاءها بصحة التنفيذ بفوائد تأخير الأقساط المستحقة من ثمن المبيع على أن محضر الصلح المطلوب التنفيذ به صريح في احتفاظ البائع بجميع الحقوق المقررة له بعقد البيع ، وعلى أن عقد البيع ينص على سريان الفوائد عن التأخير ، فلا مجال للنعي على حكمها هذا ، لأن عقد البيع يكون والحالة هذه متمماً لعقد الصلح ، ومن ثم فإن الفوائد المنصوص عليها فيه تكون في حكم المنصوص عليها في محضر الصلح .

يتفق عقد الصلح والحكم في أمرين الأول : أن كل منهما يحسم النزاع الثاني وجود وحدة في الخصوم والمحل والسبب في عقد الصلح والحكم كما سنرى ، ويختلف عقد الصلح عن الحكم فيما يأتي : 

1 - أن الصلح عقد كسائر العقود، يشترط فيه توافر الرضا فهو ينعقد بإيجاب وقبول.

أما الحكم فيصدر من المحكمة في دعوى مرفوعة من أحد الأطراف للفصل في نزاع ، وتتبع المحكمة في نظر الدعوى وإصدار الحكم القواعد المقررة في قانون المرافعات.

2 - الصلح يجوز أن يتوقى نزاعا محتملا، أما الحكم فهو يفصل في نزاع قائم .

3 - أن الصلح - باعتباره عقداً - يخضع في تفسيره للقواعد التي تخضع لها تفسير كافة العقود وإن كان يجب تفسيره تفسيراً ضيقاً كما رأينا ، أما الحكم فيخضع في تفسيره للأحكام الواردة في المادة 192 من قانون المرافعات.

4 - الصلح وحدة غير قابلة للتجزئة أما الحكم فهو قابل للتجزئة، ويمكن تعديل أو إلغاء جزء منه دون مساس بباقيه.

5 - الصلح لا يجوز تنفيذه إلا إذا كان مصدقاً عليه من المحكمة أو كان ثابتاً بورقة رسمية.

أما عدا ذلك فلا يجوز تنفيذه إلا بعد استصدار حكم بموجبه ، أما الحكم فيجوز تنفيذه طبقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات.

6 - يجوز أخذ حق اختصاص بمقتضى الحكم واجب النفاذ ، ولما كان عقد الصلح ليس حكماً فإنه لا يجوز أخذ حق اختصاص بموجبه على هذا الأساس.

وإن جاز أخذ حق اختصاص بناءً على الحكم الذي يثبت صلحاً أو اتفاقاً بين الخصوم عملاً بالمادة 1087 مدنی.

7 - الصلح لا يجوز الطعن فيه إلا بدعوى مستقلة لعيب من عيوب الإرادة عدا الغلط في القانون ، أما الحكم فلا يجوز الطعن فيه لعيب من عيوب الإرادة ، وإنما يجوز الطعن فيه بالطرق المبينة بقانون المرافعات. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ السادس ، الصفحة/ 583) 

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث ، الصفحة /   229

الاِسْتِحْقَاقُ فِي الصُّلْحِ:

22 - يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ إِقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إِنْكَارٍ، أَوْ سُكُوتٍ. فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ عِنْدَهُمْ، بِالنِّسْبَةِ لِطَرَفَيِ الصُّلْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الاِسْتِحْقَاقِ فِي الْمَبِيعِ.

أَمَّا إِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ، فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءٌ لِلْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْخُصُومَةِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ كُلَّهُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَيَعُودُ الْمُدَّعِي إِلَى الْخُصُومَةِ، وَإِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ عَادَ الْمُدَّعِي لِلْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ.

أَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ (الْمُصَالَحَ عِنْدَهُ) فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِكُلِّ الْبَدَلِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لأِنَّ الْمُدَّعِيَ إِنَّمَا أَخَذَ الْبَدَلَ بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِهِ اسْتِرْدَادُهُ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ فَاسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ رَجَعَ الْمُدَّعِي بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ رَجَعَ بِعِوَضِهَا - وَهُوَ الْقِيمَةُ - إِنْ كَانَتْ قِيَمِيَّةً، وَالْمِثْلِ إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً.. فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ وَاسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ رَجَعَ بِالْعِوَضِ مُطْلَقًا، وَلاَ يَرْجِعُ بِالْعَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً.

أَمَّا إِنِ اسْتَحَقَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ لَهُ إِنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ قِيَمِيًّا، وَبِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ لاَ يَرْجِعُ الْمُقِرُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لاِعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَخَذَهُ مِنْهُ ظُلْمًا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ صُلْحَ إِلاَّ مَعَ الإْقْرَارِ، فَإِنِ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ وَكَانَ مُعَيَّنًا بَطَلَ الصُّلْحُ، سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَيْ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ أَخَذَ الْمُدَّعِي بَدَلَهُ، وَلاَ يَنْفَسِخُ الصُّلْحُ.

_________________________________________________________________

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 934)

إذا اتصل بالصلح إبراء مخصوص بالمصالح عنه بأن قال برئت عنه أو أنا برئ فلا تسمع الدعوى في خصوص ذلك وتسمع في غيره.

(مادة 935)

من أبرأ شخصاً من حق له عليه يصح الإبراء عنه سقط عن المبرأ ذلك الحق.

(مادة 936)

إذا اتصل بالصلح إبراء عام عن كافة الحقوق والدعاوى فلا تسمع على المبرأ دعوى في أي حق كان قبل الصلح وتسمع على الحق الحادث بعده.

mobile-nav تواصل
⁦+201002430310⁩