loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الرابع ، الصفحة : 466

عقد الإيجار

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

ينظم المشروع عقد الإيجار تنظيماً مفصلاً لا نجده في التقنين الحالي ، فإن هذا التقنين إذا كان قد أسهب في عقد البيع ، فهو مقتضب في عقد الإيجار ، وقد عنى المشروع، بعد أن أورد الأحكام العامة للإيجار ، أن يفرد بالذكر أنواعا خاصة من الإيجارات ، هي إيجار الأراضي الزراعية، و عقد المزارعة، وإيجار الوقف ، نظراً لأهميتها العملية .

أما الأحكام العامة ذاتها، فقد رتها المشروع ترتيباً منطقياً في أقسام رئيسية ثلاثة : أولها في أركان الإيجار ، وقد عرض فيها للمؤجر والعين المؤجرة والأجرة والمدة ، والقسم الثاني في آثار الإيجار ، وقد فصل المشروع فيه التزامات المؤجر من تسلم العين وتعهدها بالصيانة و ضمان التعرض والاستحقاق والعيب ، والتزامات المستأجر من حفظ العين و استعمالها فيما أعدت له ودفع الأجرة والرد ، و بين بعد ذلك قواعد التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن ، أما القسم الأخير فقد عرض المشروع فيه لبيان الأسباب التي ينقضي بها عقد الإيجار ، فذكر انقضاء المدة وقح الإيجار ، وموت المستأجر وإعساره وانتقال ملكية العين المؤجرة وفسخ الإيجار بالعذر .

ويؤخذ على التقنين الحالى أنه لم يلتزم منطقا في ترتيبه للنصوص ، فهو يكاد يستهل تعدد المستأجرين والمفاضلة فيما بينهم ، و يبسط قواعد التنازل عن الإيجار، أو الإيجار من الباطن قبل أن يعرض لالتزامات كل من المؤجر والمستأجر ، ويحشر النصوص الخاصة بإيجار الأراضي الزراعية بين النصوص المتعلقة بالأحكام العامة .

وقد أدخل المشروع على التقنين الحالى تعديلات وإضافات أهمها ما يأتي :

(1) من حيث أركان الإيجار وطرق إثباته : بين المشروع مدة الإيجار التي يملكها من له حق الإدارة ، و بين الحد الأقصى لمدة الإيجار وهو ثلاثون سنة ، وعدل مواعيد التنبيه إذا عقد الإيجار لمدة غير محدودة ، وجعل الحكم واحدة في إيجار لم يتفق فيه على المدة وإيجار عقد لمدة غير محدودة ، و إيجار اتفق فيه على مدة محدودة ، ولكن تعذر إثبات هذه المدة ، وكذلك الأمر في الأجرة ، فإن حكم المشروع واحد في إيجار لم يتفق المتعاقدان على الأجرة فيه ، أو اتفقا ولكن تعذر إثبات ما اتفقا عليه ، وجعل الوفاء بقسط من الأجرة ، قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ، وحذفت المادة 363/ 446 من التقنين الحالي التي تضع قواعد خاصة لإثبات الايجار ملتزمة جانب التشدد ، إذ لا يوجد مقتض لتخصيص عقد الإيجار بالتشديد في إثباته .

(2) من حيث التزامات المؤجر: جعل المشروع هذه الالتزامات إيجابية ، ولم يجعلها سلبية كما فعل التقنين الحالي ، فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين (م 586 من المشروع لا بتركه ينتفع بها م 362/ 445 مصری ) ، وعليه أن يسلم العين في حالة صالحة للانتفاع (م 593 من المشروع ) ، لا في الحالة التي تكون عليها وقت بدء الانتفاع (م 369 / 452 مصری)، وهو ملتزم أن يتعهد".

العين بالصيانة ( م 596 من المشروع )، على خلاف ما جاء في التقنين الحالي من أنه لا يكلف بعمل أي مرمة كانت ( م 370 / 453 مصری ) وهو ضامن جميع ما يوجد في العين المؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع بها أو تنقص من هذا الانتفاع انتقاصاً كبيراً ، وهذا يقتضي نصاً صريحاً في المشروع ( م 605 ) ولا يوجد مثل هذا النص في التقنين الحالي .

(3) من حيث التزامات المستأجر : بين المشروع أوجه الاستعمال المباحة للعين المؤجرة ، ومنها الأجهزة المسموح بوضعها لتوصيل المياه والنور الكهربائي والغاز والتليفون والراديو وما إلى ذلك ، وحدد مسئولية المستأجر عن الحريق ، وأوجب عليه إخطار المؤجر بكل أمر يستوجب تدخله ، وليس للنصوص التي تقرر هذه الأحكام نظير في التقنين الحالي ، ونقل المشروع من تقنين المرافعات حق المؤجر في حبس المنقولات الموجودة في العين المؤجرة ضماناً للأجرة ، فوضع النص في مكانه الطبيعي .

(4) من حيث التنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن : فصل المشروع الأحكام المتعلقة بذلك لأهميتها العملية ، و بين بنوع خاص أنه إذا اشترطت موافقة المؤجر ، فلا يجوز لهذا أن يمتنع عن الموافقة إلا لسبب مشروع ، كما بين علاقة المؤجر بالمتنازل له عن الايجار والمستأجر من الباطن ، وذكر الأحوال التي تبرأ فيها ذمة المستأجر الأصلي قبل المؤجر بوضوح لا يوجد في التقنين الحالى .

(5) من حيث انتهاء الإبحار : نص المشروع على التجديد الضمني ، و بين أحكامه بما لا نظير له في التقنين الحالى ، وبين أحكام انتهاء الإيجار ببيع العين بياناً وافياً ، وعرض لحالات لم يعرض لها التقنين الحالي في إعسار المستأجر ، وفي حاجة المؤجر للعين المؤجرة لسكناه أو لاستعماله الشخصي ، وذكر سببين جديدين الانتهاء الإيجار : أولهما موت المستأجر إذا كان انتقال التزاماته إلى الورثة مرهقاً لهم والثاني فسخ الإيجار بالعذر إذا كان تنفيذه مرهقاً للمستأجر أو للمؤجر ، وطبق هذا السبب في حالة نقل الموظف إلى مكان آخر ، ويلاحظ أن المشروع قد استتي هذين السببين الجديدين من الشريعة الإسلامية .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - مزية هذا التعريف أنه بيين من مبدأ الأمر أن التزام المستأجر إيجابي لا سلبي ، فهو ملزم بأن يمكن المستأجر من الانتفاع ، لا بأن يقتصر على تركه ينتفع بالعين المؤجرة .

2 - ويبين التعريف أن أركان الإيجار غير الرضا هي العين المؤجرة والأجرة والمدة ، ويلاحظ أن الركنين الأخيرين متقابلان ، ويترتب على ذلك أن الإيجار عقد مستمر ، والأجرة فيه تقابل مدة الانتفاع 

الأحكام

1- إذ كانت المادة 558 من القانون المدنى قد عرفت عقد الإيجار بأنه عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشىء مدة معينة لقاء أجر معلوم فإنه قد يلتبس بعقد تقرير حق الانتفاع ومقابله باعتبار أن كل من المنتفع والمستأجر ينتفع بشىء لا يملكه مدة معينة لقاء جعل من المال إلا أن حق الانتفاع حق عينى يلزم تسجيله فتصبح للمنتفع سلطة على الشىء المنتفع به دون وساطة مالك الرقبة فى حين أن حق المستأجر بطبيعته حق شخصى يجعل المستأجر دائناً للمؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة .

(الطعن رقم 4741 لسنة 78 جلسة 2009/04/28 س 60 ص 531 ق 89)

2- مفاد نص المادة 558 من القانون المدنى أن دعوى إثبات العلاقة الايجارية قصد بها تنفيذ التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الحصول على حكم يقوم مقام العقد الذى استلزمت المادة 24 / 1 من القانون 49 لسنة 1977 تحريره كتابة ولذا يتعين عند الفصل فيها بحث توافر أركان عقد الإيجار المبينة بالمادة 558 مدنى سواء من حيث تعيين العين المؤجرة أو مدة العقد أو الأجرة المتفق عليها ولا يجاب المستأجر لطلبه إلا إذا توافرت تلك الأركان ومن ثم تواتر قضاء هذه المحكمة على بطلان الحكم أن لم يتضمن بيان مقدار الأجرة التى يلتزم بها المستأجر .

(الطعن رقم 6985 لسنة 64 جلسة 2003/05/26 س 54 ع 1 ص 868 ق 150)

3- النص فى المادتين 558، 2/575 من القانون المدني يدل على أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وهو التزام مستمر بقابله الالتزام بدفع الأجرة ، فإذا حرم المستأجر من الانتفاع بالعين من جراء تعرض مادي من أجنبي عنه وعن المؤجر ، وبذل كل ما فى وسعه لدفع ذلك التعرض فلم يتمكن ، حق للمستأجر أن يمتنع عن الوفاء بالأجرة للمؤجر ، وجاز له أيضاً مطالبة المتعرض بالتعويض .

(الطعن رقم 1414 لسنة 68 جلسة 2000/10/16 س 51 ع 2 ص 932 ق 177)

4- النص فى المادة 558 من القانون المدني و24 من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة 16 من القانون 52 لسنة 69 و18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 - يدل على أن الأجرة ركن من أركان عقد الإيجار، فإن تخلفت انتفى العقد، ولأنها من أركان العقد فإن الإيجار لا ينعقد إلا إذا تلاقت إرادة الطرفين على مقدارها، أو ينظمها فى عقدها الأسس الواجب إتباعها فى تحديد هذا المقدار أو يعهد بذلك إلى ثالث يفوضاه ما لم يعهد القانون بتحديد الأجرة إلى جهة تقوم بتحديدها على أسس محددة، فلا تخضع لمطلق تقدير هذه الجهة، وكل منازعة لتعيين مقدار الأجرة ابتداءً هي بالضرورة منازعة فى وجود عقد الإيجار لا يجوز للمؤجر دفعها بصريح نص المادة 24 سالفة البيان إلا بالعقد المكتوب أو ما يقوم مقامه أو حكم بثبوت العلاقة الإيجارية بأركانها بما فى ذلك مقدار الأجرة فى الأحوال التي يجوز فيها صدور هذا الحكم، ولا تقبل دعوى الإخلاء للتخلف عن الوفاء بالأجرة ما لم تكن العلاقة الإيجارية عند المنازعة قد ثبتت على هذا النحو، قبل توجيه التكليف بالوفاء إلى المستأجر حتى يثبت تقصيره، وهو شرط حتمي لقبول هذه الدعوى ولا يغير من هذا النظر ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة حول اختصاص محكمة الإخلاء بالفصل فى المنازعات التي تثور بشأن الأجرة المستحقة، إذ المقصود بهذا الاختصاص تلك المنازعات التي تطرأ بعد ثبوت العلاقة الإيجارية ذاتها بأركانها والتي تدور حول تعديل مقدار الأجرة لأن قانوناً خفضها أو زادها أو ملحقات للأجرة أو لنقص فى الانتفاع بالعين أو للوفاء بها أو لأن الاتفاق جرى على أجرة لا يسمح القانون بتقاضيها وما شابه ذلك من منازعات لا تؤثر على قيام عقد الإيجار ذاته، ولازم ذلك ومقتضاه انه لا يجوز للمؤجر إن يطلب إخلاء المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة ما لم تكن هذه الأجرة ثابتة بعقد مكتوب أو حكم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بالإخلاء دون أن يتحقق من تقديم المؤجر لعقد الإيجار، بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 289 لسنة 69 جلسة 2000/02/28 س 51 ع 1 ص 372 ق 67)

5- إذ كان الثابت من الأوراق أن سند ملكية المطعون ضدها لعين النزاع هو عقد البيع العرفي المؤرخ 19/ 1/ 1985 الذي قضى بصحته ونفاذه فى الدعوى رقم 1063 لسنة 1990 مدني كلى المنصورة، وخلت الأوراق مما يفيد تسجيله أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه ومن ثم فإن ملكية عين النزاع لا تزال ثابتة للبائع ولم تنتقل للمطعون ضدها فلا تستطيع الاحتجاج بعقد شرائها قبل الطاعنة (المستأجرة) ولا يكون لها أن تطالبها بشيء بالطريق المباشر إذ لا تعدو أن تكون دائنة عادية لزوجها البائع لها والمؤجر للطاعنة وحقها فى تسلم عين النزاع حق شخصي مترتب لها فى ذمته ويضحى بذلك وضع يد الطاعنة على عين النزاع بمقتضى سند قانوني هو عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1989 الصادر لها من المالك وينقضي عنها الغصب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بطرد الطاعنة من عين النزاع تأسيساً على أن وضع يد المطعون ضدها على عين النزاع بلا سند من القانون ذلك أن عقد الإيجار الصادر لها من زوجها والمؤرخ 1/ 1/ 1989 صادر من غير مالك لأنه باعها للمطعون ضدها بعقد بيع مؤرخ 19 / 1 /1985 أي قبل واقعة التأجير للطاعنة مما يعيبه .

(الطعن رقم 250 لسنة 69 جلسة 2000/01/13 س 51 ع 1 ص 122 ق 18)

6- مؤدى ما تقضى به المادة 558 من القانون المدنى أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعنى أن إيجار ملك الغير صحيح فى حدود العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير التنصل من آثاره طالما مكن من الانتفاع بالشئ المؤجر ولم يدع تعرض المالك له فيه . وحق لأى من طرفيه التقاضى بشأن المنازعات الناشئة عنه .

(الطعن رقم 4791 لسنة 63 جلسة 1997/03/27 س 48 ع 1 ص 551 ق 107)

7- عقد الإيجار وفقاً لنص المادة 558 من القانون المدنى هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم وهو بهذا الوصف يختلف عن عقد الوديعة الذى بمقتضاه يلتزم المودع لديه بالمحافظة على الشئ المودع فالغرض الأساسى من عقد الايجار هو الانتفاع بالشئ . ومن ثم فإن ايداع سيارة بجراج عمومى لحفظها لقاء جعل معين لا يعدو أن يكون عقداً من عقود الوديعة بأجر تنحسر عنه أحكام الايجار ولا يرتب ثمة حق إنتفاع على جزء محدد من الجراج .

(الطعن رقم 6181 لسنة 62 جلسة 1997/03/19 س 48 ع 1 ص 525 ق 101)

8- إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيهه قد خلص الى أن الطاعن كان يضع سيارته بالجراج العمومى الذى يستغله المطعون ضده مقابل جعل شهرى كأى صاحب سيارة يترك سيارته لدى جراج عمومى مما مؤداه أن العلاقة بينهما هى مجرد عقد وديعة بأجر يلتزم فيه المطعون بحفظ سيارة الطاعن بالجراج الذى يقوم باستغلاله وينحسر عنها وصف العلاقة الايجارية ولا تخضع سواء بالجراج الذى يقوم بإستغلاله وينحسر عنها وصف العلاقة الإيجارية ولا تخضع سواء من حيث انعقادها أو إثباتها للقواعد التى تحكم عقد الايجار ويكون النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفته نص المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تصمنته من وسيلة إثبات العلاقة الإيجارية غير قائم على أساس قانونى سليم .

(الطعن رقم 6181 لسنة 62 جلسة 1997/03/19 س 48 ع 1 ص 525 ق 101)

9- لما كان الثابت من الأوراق أن الوصية على المطعون ضدها قد أجرت الأرض محل النزاع الى الطاعن بموجب العقد المؤرخ 1963/12/1 لمدة سنة واحدة تنتهى فى ديسمبر سنة 1964 وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعى بما لازمه أن هذا العقد قد نشأ صحيحاً ومنتجاً لآثاره خلال هذه المدة طبقاً للقواعد العامة التى تحكم العقد قد نشأ صحيحاً ومنتجاً لآثاره خلال هذه المدة طبقاً للقواعد العامة التى تحكم شروط انعقاد عقد الايجار ، وإذ ورد هذا العقد على أرض زراعية تخضع لأحكام قانون الاصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 فإنه يمتد طبقاً للمادة 33 مكرر (ز) منه الى أجل غير مسمى بعد انقضاء المدة المتفق عليها فيه لأن امتداد العقد فى هذه الحالة ليس مرده الاتفاق القاصر أن يطلب عدم نفاذ هذا العقد بعد انتهاء مدته الاتفاقية أو بطلانه بعد مرور سنة من بلوغه سن الرشد ولاتملك المحكمة إبطاله من تلقاء نفسها .

(الطعن رقم 3340 لسنة 61 جلسة 1997/03/08 س 48 ع 1 ص 467 ق 89)

10- إذ كان الثابت من عقد الإيجار المؤرخ 30 / 5 / 1925 وتعديله المؤرخ 23 / 10 / 1946 وملحقة المؤرخ 1947/1/18 أنه يتضمن تأجير المحلين رقمى 1، 2 من العقاررقم 112 مكرر مصر الجديدة بقصد استعمالهما مقهى وشملت العلاقة الإيجازية قطعة أرض فضاء كائنة خلف العقار المذكور تبلغ مساحتها 40 , 1424 متراً مربعاً مخصصةلإقامة حديقة ودارى سينما وقطعة أرض أخرى فضاء مسحاتها 397 مترً مربعاً كما أضيف إلى الأماكن المؤجرة سطح الجراجات المملوكة للشركة المؤجرة لاستخدامها فى إنشاء ماكينات دارى العرض وقد حرص المتعاقدان على النص صراحة بأن الأجرة الشهرية لتلك العناصر 35 جنيه دون أن ينص فى العقد على إفراد مبلغ معين بذاته لكل مكان وتحديد أجرة واحدة لهذه الأماكن مجتمعة يدل على أن الاتفاق ينصرف إلى عقد واحد ولايتضمن عدة عقود ولم يفطن الحكم إلى تلك الحقيقة التى تكشف عن إرادة المتعاقدين إذ يتعذر تحديد أجرة الأرض الفضاء محل النزاع وإذ لم يثبت من الأوراق اتفاق طرفى العلاقة الايجارية على إنهاء عقد الإيجار بالنسبة للشق الخاص بالأرض الفضاء وحدها ولم تقدم الشركة المطعون ضدها الأولى السبب القانونى الذى يجيز لها هذا الطلب ومن ثم فلايجوز لها أن تنفرد كمؤجرة دون الطرف الآخر المستأجر بطلب إنهاء عقد الإيجار فى شق منه عملاً بالمادة 147 / 1 من التقنين المدنى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى فى قضائه إلى أن العين المؤجرة موضوع الدعوى هى أرض فضاء تخضع بالنسبة لإنهاء العقد لأحكام القانون المدنى ولم يفطن الحكم إلى أن تلك العين جزء من العين المؤجرة ولا تتعلق بعلاقة ايجارية مستقلة عن باقى الأماكن المؤجرة ورتب على ذلك إنهاء العلاقة الايجارية فى الشق الخاص بالأرض الفضاء من عقد الإيجار وقضى بالإخلاء والتسليم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 4901 لسنة 64 جلسة 1995/04/06 س 46 ع 1 ص 604 ق 121)

11- النص فى المادة 558 من القانون المدني والمادة 563 من ذات القانون - إنما يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار الذي تحكمه القواعد العامة فى القانون المدني واعتبر المدة ركنا فيه وانه إذا أبرم العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاؤها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق فى إنهائه بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء فى المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان.

(الطعن رقم 3602 لسنة 59 جلسة 1994/03/23 س 45 ع 1 ص 532 ق 106)

12- النص فى المادة 558 من القانون المدني على أن "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الإنتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم" وفي المادة 28 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أية ميزة كان ينتفع بها" وفي المادة 35 من ذات القانون على أنه "يجوز للمؤجر زيادة عدد الوحدات السكنية فى المبنى المؤجر بالإضافة أوالتعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك ولايخل هذا بحق المستأجر فى إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل" يدل على أن المشرع استهدف بالمادة الأخيرة إستثناء من المادة 28 سالفة البيان تقرير حق المؤجر فى طلب زيادة عدد الوحدات السكنية فى المبنى المؤجر بالإضافة أوالتعلية دون أن يبلغ بذلك حداً يستحيل معه على المستأجر الإنتفاع بالعين المؤجرة فى الغرض المؤجرة من أجله بما يكون فى حقيقته إنهاء لعقد الإيجار لغير الأسباب المحددة فى القانون على سبيل الحصر، ذلك أن المشرع لو إستهدف بنص المادة 32 سالفة الذكر غير هذا القصد لجعل الإضافة أوالتعلية من أسباب إنهاء العقد ومن ثم فإن أعمال الإضافة أوالتعلية فى معنى المادة 32 المشار إليها يجب أن لاتصل إلى حد تعطيل ركن الإنتفاع بالعين المؤجرة فيما أجرت له وهو ركن جوهري من أركان عقد الإيجار، لما كان ذلك وكانت الشركة الطاعنة قد أجرت عين النزاع من بناء وحديقة إلى مورث المطعون ضدهم بغرض استغلالها مطعماً وكازينو وتم استغلالها منذ بدء الإيجار فى هذا الغرض بترخيص صادر من وزارة السياحة فتكون الحديقة عنصراً أساسياً فى التعاقد على هذا النوع من الإستغلال لا يصلح العين المؤجرة بدونها للإنتفاع بها فإنه لا يحق للطاعن طلب اقتطاعها من العين المؤجرة للبناء عليها استناداً إلى المادة 32 لما يترتب عليه من إستحالة الإنتفاع بالعين فى الغرض المعتبر من الطرفين عند إبرام العقد.

(الطعن رقم 1025 لسنة 53 جلسة 1991/02/25 س 42 ع 1 ص 589 ق 94)

13- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن بطلان عقد إستئجاره للعين مفروشة لقيام المؤجر بتأجير أكثر من وحدة مفروشة بالعقار بالمخالفة لنص المادة 39 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التى تحظر على المالك - فى غير المصايف و المشاتى - أن يؤجر أكثر من وحدة واحدة مفروشة إلا فى الحالات التى أوردها النص على سبيل الإستثناء لا يحقق له هذا الإدعاء أية مصلحة ، ذلك أنه بفرض ثبوت هذا البطلان المدعى به فإنه يترتب عليه إعتبار التصرف كأن لم يكن مع إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد وفقاً لنص المادة 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981 ويكون غير منتج التحدى بهذا البطلان توصلاً إلى ما يبتغيه الطاعن من إثبات العلاقة الإيجارية عن ذات العين خالية بعد أن خلص الحكم صحيحاً إلى أنه إستأجر شقة النزاع مفروشة .

(الطعن رقم 292 لسنة 55 جلسة 1990/04/18 س 41 ع 1 ص 1021 ق 167)

14- إن كانت الشركة الطاعنة - وهى إحدى شركات القطاع العام لا تعتبر من الأشخاص العامة إلا أن الثابت من أحكام القانون 565 لسنة 1954 والقانون رقم 60 لسنة 1962 قرار رئيس الجمهورية رقم 2909 لسنة 1964 بإنشاء الشركة العامة للتعمير السياحى و التى تحول إسمها فى سنة 1968 إلى إسم الشركة الطاعنة أن الدولة أناطت بها إقامة منطقة المعمورة ومرافقها وإدارتها وإستقلالها بما لازمة أن تتولى الشركة الطاعنة تخطيط المنطقة وإستصدار قرار المحافظة بإعتماد هذه التقسيم إعمالاً لأحكام القانون 52 لسنة 1940 فى شأن تقسيم الأراضى المعدة للبناء المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1952 وإذ تمسكت الشركة الطاعنة بأنها إستصدرت بالفعل موافقة مجلس محافظة الإسكندرية بإعتماد تقسيم منطقة المعمورة وذلك بالقرار رقم 185 لسنة 1964 وقد وضع من منطقة التقسيم تحديد الشوارع و الميادين والحدائق والمنتزهات العامة والأسواق ومنها سوق المعمورة التجارى الذى يقع به محل النزاع و تمسكت بأنها قصدت من إقامة تقديم الخدمات لرواد شاطئ المعموره والمصطافين بتوفير إحتياجتهم ولوازمهم بما يسبغ عليه صفة المال العام وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما هى علاقة إيجارية وأخضع مقابل الإنتفاع محل النزاع لقواعد تحديد الأجرة وفقاً لقانون إيجار الأماكن على سند من أن الشركة الطاعنة من أشخاص القانون الخاص وأن محل النزاع يقع وفى وسط المنطقة السكنية بالمعمورة بعيداً عن الشاطئ فى حين أن الدولة - وعلى ما سلف بيانه لها أن تعهد لأحد أشخاص القانون الخاص بإدارة المرفق العام إستقلاله ، وأن ميعاد التخصيص للمنفعة العامة جاء مطلقاً ولم يقصرة المشرع على أرض الشواطئ وحدها ، وأن هذا التخصيص قد يكون بالفعل أوبأداة تشريعية أو قرار وزارى فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وقد أدى به هذا المبدأ الخاطئ الذى أعتنقه إلى إغفال بحث دفاع الشركة الطاعنة سالف البيان وهو دفاع جوهرى إن صح قد يتغير به فى الرأى فى الدعوى وهو ما يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب لإخلاله بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 152 لسنة 51 جلسة 1989/05/25 س 40 ع 2 ص 434 ق 230)

15- النص فى المادة 588 من التقنين المدنى يدل على أن عقد الإيجار من عقود المعارضة تتقابل فيه الإلتزامات بين طرفيه . والأجرة فيه وعلى ما جاء بمذكرة المشروع التمهيدى تقابل مدة الإنتفاع فلا يستحق المؤجر الأجرة إلا إذا مكن المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة ، ولما كانت عقود إيجار الأماكن الخاضعة لقوانين الإيجارات الإستثنائية قد لحقها الإمتداد القانونى لمدة غير محددة ويتعلق ذلك بالنظام العام ، إلا أن المشرع قد كفل للمؤجر الحق فى إخلاء المكان المؤجر فى الحالات التى نص عليها القانون على سبيل الحصر ، ومن المسلم به أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها فى تلك القوانين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور المتعلقة بالنظام العام ، ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع ومن تلقاء نفسها أن تبحث سبب الأخلاء أساس الدعوى ، وتتحقق من توافره ، و ألا تقضى بالإخلاء إذا لم يتحقق سببه ، ولما كان النص فى المادة 18/ب من القانون رقم 136 لسنة 81 الذى تخضع له واقعة النزاع للمؤجر طلب إخلاء المكان المؤجر " إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك .. " يدل على أن مناط الإخلاء هو عدم قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة للمؤجر ،ويرجع فى بيانها للقانون الذى يحددها ، أما أساس الإلتزام بها و مداه ، فتحكمه القواعد العامة ، التى تقضى بأن الأجرة مقابل الإنتفاع . أعمالاً لأحكام المادة 558 من القانون المدنى ، فإذا ثبت أن المؤجر مكن المستأجر من الإنتفاع بالعين المؤجرة . ولم يقم الأخير بسدادها  وجب الحكم بالإخلاء ، وعلى العكس وبطريق اللزوم ، إذا حال المؤجر بين المستأجر والإنتفاع بالعين المؤجرة ، فلا تكون هناك أجرة مستحقة ، ولايحق للمؤجر طلب الإخلاء .

(الطعن رقم 982 لسنة 55 جلسة 1986/05/29 س 37 ع 1 ص 627 ق 131)

16- مؤدى ما تقضى به المادة 558 من القانون المدنى من أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الإنتفاع بشىء معين مدة معينه لقاء أجر معلوم ، لا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعنى أن إيجار تلك العين صحيح فى حدود العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير التنصل من آثارة طالما مكن من الإنتفاع بالشىء المؤجر ولم يدع تعرض المالك له فيه ، وحق لأى من طرفيه التقاضى بشأن المنازعات الناشئة عنه ، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين دفعا فى صحيفة إستئنافهم بعدم قبول الدعوى لإنتفاء صفة المطعون ضدهما لأنهما لا يملكان المنزل الكائنة به شقة النزاع ، وكان الحكم قد رد على هذا الدفع بما أورده فى أسبابه من أن .... مما مؤداه أن الحكم رتب على كون المطعون ضدهما مؤجرتين للعين موضوع النزاع توافر صفتهما فى إقامة الدعوى بطلب إنهاء عقد الإيجار الصادر منهما ، وهو ما يتفق وصحيح القانون ويكون النعى على ما إستطرد إليه الحكم فى شأن التعريف بالحق وبالدعوى والتفرقة بينهما - أياً كان وجه الرأى فيه - غير منتج .

(الطعن رقم 337 لسنة 49 جلسة 1984/06/11 س 35 ع 2 ص 1596 ق 305)

17- عقد الإيجار كما عرفته المادة 558 من القانون المدنى هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الإنتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم  وكان مؤدى نص المادتين 203 ، 215 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأصل هو تنفيذ الإلتزام عيناً ولا يصار إلى عوضه أى التنفيذ بطريق التعويض إلا إذا إستحال التنفيذ العينى كما أنه يشترط أن يكون التنفيذ العينى ممكناً وإلا يكون فى تنفيذه إرهاق للمدين ، وأن يكون محل الإلتزام معيناً أو قابلاً .

(الطعن رقم 666 لسنة 53 جلسة 1984/05/30 س 35 ع 1 ص 1511 ق 289)

18- من الأصول الدستورية المقررة أن أحكام القرار لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ، مما مؤداه عدم جواز إنسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع ، إذ يحكم هذه و تلك القانون الذى كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعيه القوانين ، إلا أن ذلك لا ينتقص من سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من أوضاع ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه ، إعمالا لمبدأ الأثر المباشر للقانون ، هذا و لئن كان من المقرر ، استثناء من هذا المبدأ الأخير ، تحقيقا للاستقرار فى العلاقات التعاقدية ، وتأكيدا لمبدأ سلطان الإرادة فى نطاق المشروعية ، سريان أحكام القانون الذى أبرم العقد فى ظله على ما يتولد عنه من آثار مستقبلة ولو أدركها قانون جديد ، إلا إن ذلك مقيد بعدم تعلق قواعد هذا القانون الجديد بالنظام العام ، أما حيث تتعلق به فإنها تسرى بأثر فورى مباشر على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو ينشأ من أوضاع بغض النظر عن تاريخ العقد الذى تستند إليه .

(الطعن رقم 931 لسنة 45 جلسة 1979/05/05 س 30 ع 2 ص 280 ق 236)

19- النص فى المادة "160 من القانون المدنى على أنه " إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد ..." قطعى الدلالة على الأثر الرجعى للفسخ ، وعلى شموله العقود كافة ، إلا أنه من المقرر بالنسبه لعقد المدة أو العقد المستمر والدورى التنفيذ كالإيجار أنه يستعصى بطبيعته على فكرة الأثر الرجعى ، لأن الزمن فيه مقصود لذاته بإعتباره أحد عناصر المحل الذى ينعقد عليه ، والتقابل بين الإلتزامين فيه يتم على دفعات بحيث لايمكن الرجوع فيما نفذ منه ، فإذا فسخ عقد الإيجار بعد البدء فى تنفيذه ، فإن آثار العقد التى أنتجها قبل الفسخ تظل قائمة عملياً ويكون المقابل المستحق من هذه المدة له صفة الأجرة لا التعويض ، ولا يعد العقد مفسوخاً إلا من وقت الحكم النهائى الصادر بالفسخ لا قبله ويعتبر الفسخ هنا بمثابة إلغاء للعقد فى حقيقة الواقع .

(الطعن رقم 509 لسنة 46 جلسة 1979/02/07 س 30 ع 1 ص 491 ق 95)

20- إذ كان البين من تقريرات الحكمين الإبتدائى والإستئنافى أن الطاعنين ذهبا إلى أن المطعون عليه الثانى كان وكيلاً عن والدته الحارسة القانونية السابقة التى كان لها حق التأجير ، وأنها أجازت تعاقده معهما منذ إبرامه فى سنة 1967 وساقا قرائن عدة منها أن المؤجر لهما كان يعايش الحارسة حتى مماتها فى سنة 1972 وأنها تعلم بشغلهما الحوانيت لإقامتها فى ذات العقار الكائنة به ، وأنها لم تقم أى دعوى عليهما تطالب بإخلائهما ، وطلبا الإحالة إلى التحقيق لإثبات الوكالة وأجازتها للتعاقد لما كان ما تقدم فإنه وإن كانت الإحالة إلى التحقيق من إطلاقات محكمة الموضوع ، إلا أنه يتعين أن يكون رفض الإستجابة لهذا الطلب قائماً على أسباب مبررة تكفى لحمل قضائها ، والرد على القرائن التى تذرع الخصوم بها لما كان ما سلف ، و كان الحكم المطعون فيه جعل عمدته فى قضائه أنه لم يرد بعقد الإيجار ما يشير إلى تعاقد المؤجر بصفته وكيلاً عن الحارسة السالفة و رتب على ذلك أنه لا محل لإثبات الوكالة أو الإجازة ، وكان هذا القول من الحكم لا يواجه دعوى الطاعنين ولا يحسم القول فى شأن ما يدعيانه فإنه فى قعوده عن تمحيص دفاع الطاعنين رغم جوهريته يصمه بمخالفة القانون علاوة على القصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 572 لسنة 46 جلسة 1979/01/10 س 30 ع 1 ص 166 ق 41)

21- تقضي قواعد التفسير وفق المادة 150/ 1 من القانون المدني بعدم جواز الإنحراف عن عبارة العقد الواضحة للتعرف على إرادة العاقدين، إلا أن المقصود بالوضوح - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وضوح الإرادة وليس وضوح اللفظ. فقد تتسم كل عبارة من عبارات العقد بالوضوح فى ذاتها ولكنها تتعارض فيما بينها بحيث تعم المعنى المستخلص منها فلا يجوز للمحكمة وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تعنيه عبارة معينة دون غيرها بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها بإعتبارها وحدة متصلة متماسكة ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه وقف فى تفسيره لعقد الإيجار موضوع النزاع عند البند الحادي والعشرون الذي حظر التأجير من الباطن ولم يأخذ فى الإعتبار بما ورد فى البندين الأول والثاني من أن المستأجر الأصلي ضابط عامل بالجيش المصري حددت رقم كتيبته ومكان ثكنته وأن الغرض من التأجير هو استعمال مكتب محام بغير تحديد ودون أن يسترشد بالمعايير التي حددها القانون أو يستهدي بالطريقة التي اتبعها الطرفان فى تنفيذ العقد فإنه يكون قد مسخ نصوص العقد وخالف قواعد التفسير بما يتعين معه نقضه للخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1463 لسنة 47 جلسة 1978/12/27 س 29 ع 2 ص 2053 ق 400)

22- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بأحقيتها لإستئجار شقة النزاع تأسيساً على أن وزارة الأوقاف التى يمثلها المطعون عليه الثالث أعدتها لوالدتها بدلاً من منزلها المهدوم ، وأن والدتها إذ توفيت فيقوم حقها فى إستئجارها بإعتبارها وارثتها والمقيمة معها عند هدم المنزل ، وأن المطعون عليهما الأولين تمكنا من وضع يديهما على شقة النزاع بطريق الإحتيال ، وكان مؤدى هذا أنها تؤسس حقها فى شغل هذه الشقة إما بصفتها وارثه لوالدتها بإعتبارها صاحبة الحق الأصلى فى الإستئجار أو بإعتبار أن إقامتها معها بالمنزل المهدوم يعطيها هذا الحق ، لما كان ذلك وكان الثابت أن والدة الطاعنة توفيت دون التعاقد على إستئجار شقة النزاع وكان معنى تعهد وزارة الأوقاف بتمكينها من إستئجار إحدى الشقق التى كانت تزمع إقامتها هو إعداد مكان لإقامتها بدلاً من مسكنها المهدوم بذلك يكون حقها الناشىء عن هذا التعهد حقاً متعلقاً بشخصها فلا ينتقل من بعدها إلى مورثتها طبقاً لنص المادة 145 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 893 لسنة 43 جلسة 1977/12/21 س 28 ع 2 ص 1859 ق 318)

23- مؤدى ما تقضى به المادة 558 من القانون المدنى من أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الإنتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ، لا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعنى أن إيجار ملك الغير صحيح فى صدد العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير طلب فسخ الإيجار إلا إذا تعرض له المالك للعين المؤجرة ، وكان الطاعن لا يمارى فى أن الأطيان المشار إليها بهذا الوجه وردت ضمن القدر المؤجر فى عقد الإيجار ، وأنه مكن من الإنتفاع بها ولم يدع أن أحداً تعرض له فيها فإن عدم إطلاع المحكمة على عقد بيع صادر للمطعون عليه بشأن جزء من الأطيان المؤجرة لا يجدى طالما لالزوم له فى الدعوى المطروحة .

(الطعن رقم 625 لسنة 42 جلسة 1977/11/02 س 28 ع 2 ص 1597 ق 276)

24- الوعد بالإيجار ليس بإيجار بل يدخل فى طائفة العقود غير المسماه ، بإعتباره يقتصر على إلزام الواعد بأن يبرم عقد إيجار إذا طلب الطرف الآخر سنه ذلك خلال مدة معينة ولا ينشىء فى ذمة الواعد أو الموعود له أياً من الإلتزامات التبادلية بين المؤجر والمستأجر المترتبة على عقد الإيجار وبالتالى - فإنه لامساغ للنعى على المدة التى قدرتها المحكمة لنفاذ الوعد - تسع سنوات - بمجاوزتها مدة السنوات الخمس المحددة لسقوط الأجرة بالتقادم فى عقد الإيجار لإختلاف مجال كل من العقدين .

(الطعن رقم 565 لسنة 43 جلسة 1977/03/30 س 28 ع 1 ص 865 ق 151)

25- إذ كان الوعد بالإيجار الملزم لجانب واحد هو عقد بمقتضاه يتعهد صاحب العين بأن يؤجرها لآخر إذا رغب فى إستئجارها ، وكان هذا العقد وفقاً للمادة 101 من القانون المدنى لكى يعتبر ملزما لمن صدر منه الشرط أن تبين فيه العناصر الجوهريه لعقد الإيجار وأن تحدد فيه المدة التى يجوز فيها إلزام الواعد بإتمام الايجار خلالها ، وكان الإتفاق على تحديد هذه المدة لا يشترط أن يكون صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً فيحق أن يستخلص من ظروف الإتفاق المدة المعقولة التى يقدرها لنفاذ الوعد بالإيجار ، لما كان ذلك ، وكان الوعد بالإيجار مثار النزاع قد خلا من تقرير المدة التى يجوز فيها إلزام الطاعن الأول بإبرام عقد الإيجار الموعود به للمطعون عليه الأول فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هى قدرت المدة التى إعتبرتها معقولة - تسع سنوات - فى نطاق ما تستقل به من سلطة تقديرية وفق مقصود العاقدين ، وكان هذا التقدير لا ينطوى على مخالفة لأية قاعدة آمرة نصت عليها القوانين الإستثنائية لإيجار الأماكن ، فان النعى - على تحديد هذه المدة - يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 565 لسنة 43 جلسة 1977/03/30 س 28 ع 1 ص 865 ق 151)

26- إذ كان البين من عقد الإيجار والمستندات المقدمة أن موضوعه أرضا فضاء تبلغ مساحتها 1218 متراً مربعاً لإستعمالها مقهى صيفى ولا تشغل المبانى منها سوى مساحة 120,27 متراً مربعاً فقط ، وكان العاقدان قد تعهدا فى ملحق العقد بالمحافظة على المبانى التى تسلماها حتى نهاية العقد ، سواء كان الإنتهاء وفقاً للتعاقد أم حال بيع المؤجر الأرض المؤجرة مما يدل على أن التعاقد إنصب على أرض فضاء وأن كون الأرض مسورة أو مقام عليها بعض المبانى أمر لم يكن محل إعتبار ولا يغير من طبيعة محل العقد بإعتباره أرضا فضاء ، فإن الحكم المطعون فيه متى قرر أن عقد الإيجار المشار إليه يخضع لقواعد القانون العام ولا تسرى عليه أحكام التشريع الإستئنائى يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، ولامخالفة فيه لظاهر نصوص العقد ولا لمدلوله ، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون على غير أساس .

(الطعن رقم 219 لسنة 43 جلسة 1976/12/29 س 27 ع 2 ص 1828 ق 335)

27- متى كان الثابت فى الحكم المطعون فيه أن الطاعن قال فى دفاعه إن قيمة الدعوى لاتدخل فى النصاب النهائى للحكم المستأنف ، لأن قيمة المبانى المطلوب إزالتها تربو على هذا النصاب ، وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن الطاعن لم يقدم على ما زعم من أن المبانى موضوع الدعوى تربو على إختصاص المحكمة دليلاً ، فإن هذا الذى ذهب إليه الحكم لا يحقق غرض القانون من وجوب إضافة قيمة المبانى إلى قيمة طلب فسخ عقد الإيجار والتسليم فى تقدير نصاب الإستئناف ، إذ أن قابلية الحكم للطعن فيه بالإستئناف هى من القواعد المتعلقة بالنظام العام ، ومؤدى ذلك أن يكون على محكمة الإستئناف أن تستنفد القواعد التى بينها قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 فى المادة 31 منه لتقدير قيمة المبانى ، بأن تقدر قيمتها بإعتبار مائة وثمانين ضعفاً لقيمة الضريبة المربوطة عليها فإذا كانت غير مربوطة عليها ضريبة قدرت قيمتها بحسب المستندات التى تقدم أو بواسطة خبير ، فإذا لم تسعف تلك القواعد فى تقدير قيمتها كان على المحكمة أن تعتبر قيمة المبانى زائدة على 250 جنيهاً طبقاً لما تقضى به المادة 44 من قانون المرافعات المذكور ، و إذ حجب الحكم نفسه عن ذلك بما قدره من أن الطاعن لم يقدم دليلاً على قيمة المبانى مع أنه كان على محكمة الإستئناف أن تحقق ذلك بنفسها ، فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 438 لسنة 40 جلسة 1975/01/22 س 26 ع 1 ص 227 ق 52)

28- إذ كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه قد كيف العلاقة بين طرفى هذه الدعوى بأنها علاقة إيجارية من علاقات القانون الخاص التى تخضع لأحكام عقد الإيجار فى القانون المدنى بصفة عامة ، ولم يعتبرها ترخيصاً أوعقداً إدارياً ، وأشار إلى أنه لا يغير من هذا النظر وصف المحرر الذى إرتبط به الطرفان بأنه ترخيص ، طالما أنه لم يثبت لدى المحكمة من الأوراق التى قدمها إليها الطاعنان أن المسكن مثار النزاع هو من الأموال العامة التى خصصت سواء بالفعل أو بمقتضى قانون أوقرار جمهورى أو قرار وزارى للمنفعة العامة أو أن العقد المتعلق بذلك المسكن يتصل بتسيير مرفق عام أو يحقق غرضاً من أغراضه . لما كان ذلك ، وكان ما قرره الحكم المطعون فيه مستمداً من أوراق الدعوى ولا خطأ فيه قانوناً ، فإن الحكم إذ إعتبر القرار الصادر بإنهاء عقد الإيجار المبرم بين المطعون عليه و بين الطاعن الثانى " رئيس مجلس المدينة " بالإرادة المنفردة لهذا الأخير إجراء مخالفاً لأحكام القانون الذى يحمى المستأجر من إنهاء العقد الذى يستأجر بمقتضاه مسكناً بناء على رغبة المؤجر إلا لأسباب محددة ليس من بينها تغيير وظيفة المستأجر ، ومن ثم لا يعتبر قراراً إدارياً محصناً من مساس المحاكم العادية به وقفاً أو إلغاء ، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه فى مسألة إختصاص متعلق بولاية المحاكم و يكون الطعن فيه بطريق النقض غير جائز .

(الطعن رقم 408 لسنة 37 جلسة 1973/05/08 س 24 ع 2 ص 711 ق 126)

29- الحق فى الإجارة ليس من الحقوق المتصلة بشخص المستأجر خاصة ، وهو حق مالى يجوز التصرف فيه والحجز عليه ، ومن ثم يجوز لدائن المستأجر أن يستعمل هذا الحق نيابة عنه طبقا لما تقضى به المادة 235 من القانون المدنى . وإذ كان الثابت فى الدعوى أن مدين مصلحة الضرائب كان يستأجر من الشركة المطعون عليها متجرا ، ثم غادر الديار المصرية دون أن يوفى بما عليه ، ووقعت الطاعنة - مصلحة الضرائب - الحجز على موجودات المحل الخشبية ، وعلى حق مدينها فى الإجارة ثم قامت ببيعها ، وتمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن تصرفها فى حق الإجارة هو بيع للمتجر بأكمله ، نظرا لأن سمعته التجارية متوقفة على الصقع الذى يقع فيه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وحظر إستعمال المصلحة لحق مدينها المستأجر فى الإجارة ، كما إشترط ضرورة شمول بيع المتجر لكافة مقوماته المعنوية ، ولم يعن ببحث الظروف الملابسة للبيع ، وما قد يكون لها من دلالة على توافر العناصر المعنوية اللازمة لتكوين المتجر موضوع الدعوى ، فإنه يكون قد أخطا فى تطبيق القانون وعاره قصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 351 لسنة 34 جلسة 1972/05/10 س 23 ع 2 ص 835 ق 132)

30- مفاد نص المادة 558 من القانون المدنى أن عقد الإيجار من العقود الرضائية وأنه إذا إنتفع شخص بشىء بغير رضاء من مالكه لا يعد مستأجراً . ولما كان القرار الذى يصدر بالإستيلاء مؤقتاً على عقارات الأفراد طبقاً للقواعد التى أوردها المشرع فى القانون رقم 521 و التى خول بها وزير التربية والتعليم حق الإستيلاء المؤقت على عقارات الأفراد اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم يعد قراراً إدارياً يتم جبراً عن أصحاب هذه العقارات وهو ما يمتنع معه القول بأن العلاقة التى تنشأ بين الوزارة وبين أصحاب هذه العقارات علاقة إيجارية ، وكان غير صحيح ما تقول به الطاعنة من أن المشرع قد أفصح عن مراده بإعتبار علاقة الوزارة بأصحاب العقارات المستولى عليها مؤقتاً علاقة إيجارية بما نص عليه فى المادة السابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947من أن " الأماكن الصادر فى شأنها قرارات الإستيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التى تم الإستيلاء لصالحها " - ذلك أنه وقد وردت عبارة هذا النص صريحة فى أن الأماكن المستولى عليها تعتبر مؤجرة فى خصوص تطبيق أحكام هذا القانون ، فقد دلت بذلك على أن المشرع لم يقصد أن يغير من طبيعة العلاقة المترتبة على هذا الإستيلاء و يجعل منها علاقة إيجارية على إطلاقها فى مفهوم قواعد الإيجار الواردة فى القانون المدنى على الرغم من إنعدام رضاء أحد طرفيها بقيامها بما مؤداه أنه فيما خلا أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 يتعين عدم تطبيق قواعد الإيجار .

(الطعن رقم 145 لسنة 34 جلسة 1968/06/04 س 19 ع 2 ص 1083 ق 161)

31- لما كان إثبات العلاقة الإيجارية بين طرفى عقد الإيجار بمقتضى بيان محل إلتزام كل من الطرفين وكانت الأجرة هى محل إلتزام المستأجرفى هذا العقد بما لازمه بيان الأجرة الواجب على المستأجر أداؤها عند إثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين المؤجرله فإن الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى بإثبات العلاقة الإيجارية بين طرفى الدعوى محل النزاع لقاء تسعة جنيهات شهرية التى ثبت له إتفاق الطرفين عليها لايكون قد خالف القانون أوأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 741 لسنة 54 جلسة 1987/11/22 س 38 ع 2 ص 984 ق 209)

32- أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، والمناط في ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة، كما أن النص في المادة 1/150 من القانون المدني على أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين يدل على أن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، كما لا يجوز للمحكمة أن تعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر، بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها، ولما كان ما تقضي به المادة المشار إليها تعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من مسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة فيخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض، وكان مؤدى نص المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل على أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار بفواتها وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقا لاتفاقهما أخذا بشريعة العقد ذلك أن عقد الإيجار عقد زمني مؤقت لم يضع المشرع حدا أقصى له فيستطيع المتعاقدان تحديد أية مدة للإيجار ما دامت هذه المدة لا تجعل الإيجار مؤبدا، كما أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 558 من القانون المدني على أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة .... والنص في المادة 563 في هذا القانون على أن إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر في المواعيد .... يدل - وعلى ما انتهت إليه الهيئة العامة للمواد المدنية لمحكمة النقض - على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركنا فيه، وأنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهائها بأمر مستقبلي غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقدا للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أيضا - أن مفاد المادة 1/150 من القانون المدني أنه متى كانت عبارة العقد واضحة في إفادة المعنى المقصود فيها فلا يجوز إخضاعها لقواعد التفسير للحصول على معنى آخر باعتباره هو مقصود العاقدين والمقصود بالوضوح في هذا المقام هو الإرادة الحقيقية لهما.

(الطعن رقم 7440 لسنة 85 ق -  جلسة 2023/3/2 )
(الطعن رقم 6718 لسنة 82 ق -  جلسة 2023/3/12 )

33- النص فى المادة 558 من القانون المدني على أن " الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة ...... " والنص فى المادة 563 من هذا القانون على أن " إذا عُقِدَ الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهى بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء فى المواعيد الآتى بيانها ٠٠٠٠٠ " يدل على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه ، وأنه إذا عُقِدَ العقد دون اتفاق على ميقات ينتهى فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن رُبِطَ انتهائها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ويكون لكل من المتعاقدين الحق فى إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء فى المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة البيان ، فإن لم يحصل التنبيه تجدد العقد للمدة المحددة لدفع الأجرة ثم لمدة مماثلة إلى أن يحصل التنبيه ، ولا محل للقول بوجوب تدخل القاضى لتحديد مدة العقد أو انتهاء العقد بمضى ستين عاماً قياساً على حق الحكر ذلك أن الأصل أنه يمتنع على القاضى إعمالاً لنص المادة 147 من القانون المشار إليه التدخل لتعديل إرادة المتعاقدين إلا لسبب يقره القانون ولو ارتأى المشرع أن يتدخل القاضى لتحديد مدة العقد أو تحديد حد أقصى للمدة فى عقد الإيجار - كما فى حق الحكر - لَنص على ذلك صراحة ومن ثَم فلا محل للقياس أو الاجتهاد مع وجود نص المادة 563 مدنى سالف البيان .

(الطعن رقم9720 لسنة 82 ق -  جلسة 2023/3/12 )

 

34- مؤدى نص المادتين 558 ، 563 من القانون المدنى يدل على أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار بفواتها وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقًا لاتفاقهما أخذاً بشريعة العقد ؛ ذلك أن عقد الإيجار عقد زمنى مؤقت لم يضع المشرع حداً أقصى لمدته فيستطيع المتعاقدان تحديد أية مدة للإيجار ما دامت هذه المدة لا تجعل الإيجار مؤبداً ، ومن ثم فإن اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار مؤداه انصراف إرادتيهما إلى استمرار عقد الإيجار لحين استنفاد مبلغ المقدم المدفوع بحسبانه ديناً على المؤجر يلتزم بالوفاء به للمستأجر سواء أكان مصدر هذا الالتزام عقد الإيجار ذاته أم ورقة مستقلة عنه ، كما أنه من المقرر أن كل طلب أو وجه دفاع يُدلى به لدى محكمة الموضوع ويُطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة ، فإن هى أغفلت مواجهته والرد عليه كان حكمها قاصر التسبيب .

 

 

 

( الطعن رقم 15537 لسنة 76 ق -  جلسة 22 / 2 / 2023 ) 

35-  المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى ما تقضي به المادة 558 من القانون المدني أن الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ، ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكاً بما يعني أن إيجار ملك الغير صحيح في حدود العلاقة بين المؤجر والمستأجر وأنه ليس لهذا الأخير التنصل من آثاره طالما مكن من الانتفاع بالشيء المؤجر ولم يدع تعرض المالك له فيه ، وحق لأى من طرفيه التقاضي بشأن المنازعات الناشئة عنه . 

                                                                                                     ( الطعن رقم 4180 لسنة 76 ق - جلسة 1 / 2 / 2023 ) 

شرح خبراء القانون

أوردت المادة 558 من التقنين المدني تعريفاً لعقد الإيجار على الوجه الآتي : "الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم .

ويخلص من هذا التعريف أن لعقد الإيجار خصائص نجمل أهمها فيما يأتي :-

(1) عقد الإيجار عقد رضائي لا يشترط في انعقاده شكل معين ، وهو عقد ملزم للجانبين ، ومن عقود المعاوضة .

(2) العناصر الثلاثة التي يقع عليها التراضي في عقد الإيجار هي : منفعة الشيء المؤجر ، و المدة ، والأجرة.

(3) ولما كانت المدة في عقد الإيجار هي عنصر جوهري ، فإن عقد الإيجار عقد مؤقت ، وهو عقد زمني ( Contract successif ) .

(4) وهناك ارتباط وثيق بين الأجرة والمدة . فالمدة هي مقياس الانتفاع بالشيء المؤجر ، والأجرة تقابل الانتفاع  ، وسنرى أن لهذا المبدأ تطبيقات عملية هامة .

(5) وعقد الإيجار لا ينشئ إلا التزامات شخصية ، في جانب كل الإيجار حقاً عينياً في الشيء المؤجر .

(6) ولما كان عقد الإيجار لا ينشئ إلا التزامات شخصية : فهو من عقود الإدارة لا من عقود التصرف ، والإيجار أهم عقود الإدارة ، كما أن البيع أهم عقود التصرف .

(7) ينشئ عقد الإيجار التزامات إيجابية في جانب المؤجر ، ولا يقتصر على إنشاء التزامات سلبية ، فقد كان هذا التقنين المدني القديم ينشئ التزامات يصطبغ الكثير منها بالصبغة السلبية ، فقد كان هذا التقنين ( م445/362 ) يقرر في تعريفه للإيجار أن المؤجر يلتزم بترك المستأجر ينتفع ( laisser jouir l'autre partie ) بالشيء المؤجر ومرافقه ، فالعمل الذي كان المؤجر يقوم به حسب هذا التعريف هو عمل سلبي ، وقد ترتب على ذلك أن اصطبغت التزامات المؤجر في التقنين السالف الذكر بالصبغة السلبية ، فالمؤجر يسلم العين بالحالة التي تكون عليها ، ولا يكلف بعمل أي مرمة كانت ، ولم يكن هناك نص على ضمان المؤجر للعيوب الخفية ، ولكن التقنين المدني الجديد جعل التزام المؤجر إيجابياً جرياً على نهج التشريعات الغربية ، فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ،ولا يقتصر على مجرد تركه ينتفع بهذه العين ، ويسلم العين في حالة تصلح معها للانتفاع بها ، ويلتزم بإجراء المرمات الضرورية ، وهناك نص صريح يلزمه بضمان العيوب الخفية ، وسنرى تفصيل ذلك فيما يلي عند الكلام في التزامات المؤجر .

التباس حق المستأجر بحق الانتفاع : حق المنتفع usufruitier يشبه حق المستأجر ، فكل من المنتفع والمستأجر ينتفع بشيء لا يملكه ولمدة معينة ، إلا أن الحقين يختلفان أيضاً من وجوه أهمها ما يأتي :

(1) حق المنتفع حق عيني ، أما المستأجر فحقه شخصي .

(2) حق المنتفع ينقضي حتماً بموته ، أما حق المستأجر فيورث عنه إلا إذا كان الإيجار معتبراً فيه شخصيته .

(3) حق المنتفع قد يكون بعوض أو بغير عوض ، أما حق المستأجر فهو دائماً بعوض .

(4) حق المنتفع يكون مصدره أي سبب من أسباب كسب الحقوق العينية فيما عدا الميراث ، أما حق المستأجر فمصدره دائماً هو العقد.

 وبالرغم من هذه الفروق قد توجد أحوال يلتبس فيها حق المستأجر بحق الانتفاع ، منها ما يأتي :

1 - حق المستأجر في الإيجار مدى الحياة قد يلتبس بحق المنتفع ، لأن كلاً منهما لا يورث ، بل ينتهي بموت المستأجر أو المنتفع ، على أنه من المتفق عليه أن الإيجار قد يكون لمدة حياة المستأجر دون أن يكون له من وراء ذلك حق عيني في الشيء المؤجر ، لأن طول المدة وقصرها لا تأثير له في طبيعة الحق .

2 - هناك عقود إيجار مؤبدة أو لمدة طويلة ، وهي تعطي المستأجر حقاً عينياً في الشيء المؤجر ، فحق المستأجر يشبه من هذا الوجه حق المنتفع وهذه العقود ، ومنها الحكر ، لها أحكام خاصة فلا يجوز الخلط بينها وبين حق الانتفاع ، لأن الحقوق العينية الناشئة عنها تنتقل إلى الورثة ، أما حق الانتفاع فلا يورث ، كذلك لا يجوز الخلط بينها وبين عقود الإيجار المعتادة ، لأنها عقود طويلة المدة ، ولأن الحقوق التي تنشأ عنها هي حقوق عينية . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السادس ، الصفحة / 7)

أن الإيجار عقد رضائي يتم فور تلاشي الإيجاب بالقبول وفقاً للقواعد العامة ، وهو من عقود المعارضة وملزم للجانبين ويرد على الانتفاع بالعين المؤجرة ، كما أنه من عقود المدة أي عقد زمني إذ أن الزمن عنصر جوهري فيه ويجب أن يكون مؤقتاً وألا يكون هذا التحديد منوطاً بأحد المتعاقدين دون الآخر وحينئذ يتعين الالتزام بالمدة المحددة للوفاء بالأجرة ، ولما كان الإيجار من عقود الإدارة ، فهو لا ينشئ إلا التزامات شخصية .

أن أركانه تنحصر في الرضاء والمحل والسبب وفقاً للقواعد العامة.

قد يكون الوعد بالإيجار ملزماً لجانب واحد كما إذا وعد صاحب العين آخر بأن يؤجر له العين إذا رغب في ذلك خلال مدة معينة ، فإذا ما أظهر الطرف الآخر رغبته في الاستئجار خلال المدة المحددة تم الإيجار النهائی .

وقد يكون الوعد بالإيجار والاستئجار من الجانبين ، وهذا يعدل الإيجار التام ، ويشترط في انعقاد الوعد بالإيجار : 

(1) الاتفاق على طبيعة العقد وما إذا كان ملزماً لجانب واحد أو ملزماً للجانبين وهذا يستخلص من طبيعة التعاقد فلا يلزم النص عليه صراحة. 

(2) تعيين جميع المسائل الجوهرية للإيجار المراد إبرامه كتعيين العين المؤجرة ومدة الإيجار ومقدار الأجرة والشروط الأخرى ، على أنه إذا أغفل الطرفان تعيين مدة الإيجار كانت المدة هي الفترة المعينة لدفع الأجرة وفقاً المادة 563 مدنى ، وإذا أغفلا تحديد مقدار الأجرة وجب اعتبار أجرة المثل في الأعيان.

(3) المدة التي يجوز فيها إلزام الواعد بإبرام الإيجار ، فإن لم تحدد تولی القاضي تحديدها على أساس أنها المدة المعقولة.

ويترتب على الوعد بالإيجار التزام المؤجر بأن يؤجر العين للموعود له متى أظهر هذا رغبته في المدة المحددة أو في المدة المعقولة ، فإذا أخل الواعد بالتزامه وأجر العين الآخر ثم أظهر الموعود له رغبته فنكون بصدد تعدد المستأجرين لعين واحدة .

صحة ونفاذ عقد الإيجار :

المقرر أن الدعوى بصحة ونفاذ عقد الإيجار ، هي دعوى موضوعية تستلزم أن تبحث المحكمة فيها موضوع العقد وصحته وتتحقق من استيفائه الشروط اللازمة لانعقاده بتوافر الإيجاب والقبول وتطابقهما وعدم تعليق العقد على شرط واقف لم يتحقق بعد إذ في هذه الحالة لا يكون الإيجار نافذاً وتكون الدعوى قد رفعت قبل الأوان مما يوجب القضاء بعدم قبولها بحالتها، كما لو علق الإيجار الذي أبرمه الوصي على صدور قرار من محكمة الأحوال الشخصية بالموافقة على تأجير عقار ناقص الأهلية ، إذ يحول تخلف هذا الشرط دون نفاذ العقد وبالتالي يحول دون المستأجر واتخاذ الوسائل التنفيذية للمطالبة بحقه جبراً أو طوعاً ، وكانت دعوى صحة ونفاذ عقد الإيجار لا يقتصر موضوعها على محل العقد بل تمتد إلى تنفيذه ، باعتبار أن حكم القاضي يقوم مقام تنفيذ المؤجر لالتزامه ، ومن ثم تكون قد رفعت قبل الأوان .

وتتسع دعوى صحة ونفاذ عقد الإيجار الخاضع للقانون المدني للتصدي للطلب العارض الذي يتقدم به المؤجر بفسخ العقد لأي سبب من الأسباب التي تؤدي إلى ذلك .

ويجوز رفع الدعوى حتى لو كانت المدة المحددة بالعقد قد انقضت ، حتی يستند المستأجر للحكم الصادر بصحة ونفاذ عقده في الرجوع بالتعويض على المؤجر إذا امتنع عن تسليم العين للمستأجر للانتفاع بها في الغرض الذي أعدت له .

وطالما أن عقد الإيجار يخضع للتسجيل أياً كانت مدته ، فإن صحيفة الدعوى بطلب صحته ونفاذه تكون خاضعة بالتالي للتسجيل رغم تعلقها بحق شخصی ورغم نص المادة 15 من قانون الشهر العقارى الذي أوجب التسجيل دعاوی صحة التعاقد على حقوق عينية عقارية ، ومتى صدر الحكم وتأشر بمنطوقه في هامش تسجيل الدعوى أو تم تسجيله، ارتد أثر التأشير أو التسجيل إلى تاريخ تسجيل الصحيفة ، فإن لم تكن الصحيفة قد سجلت، فتكون المفاضلة بالنظر التاريخ تسجيل الحكم .

ولما كان المستأجر يبغي من دعواه استصدار حكم يقوم تنفيذه مقام بتنفيذ المؤجر لالتزامه، مما يوجب أن يكون هذا التنفيذ ممكناً، فإذا ثبت أن العين أوجرت المستأجر آخر وضع اليد عليها أو سجل عقده قبل تسجيل صحيفة الدعوى ، فإنه يفضل على المدعي وتنتفي بالتالي مصلحة الأخير مما يوجب القضاء بعدم قبول الدعوى .

وإذا استغل المالك المكان بتأجيره مفروشاً ، فلا يلتزم بوضع منقولات كافية، وإنما له وضع أية منقولات ولو كانت غير كافية للغرض من الإيجار، دون أن يكون للمستأجر الحق في طلب تخفيض الأجرة لهذا السبب، إنما يلتزم بها وفقاً لما تضمنه العقد إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة ، فقد ارتضى التعاقد بهذا الوضع ، ولأن المؤجر كان يجوز له تأجير العين خالية بذات الأجرة المتفق عليها.

التصرف في الأماكن :

فإن كان المكان خاضعاً لأحكام قانون إيجار الأماكن، وتصرف فيه المالك مرة ثانية بالمخالفة لتلك الأحكام ، كان التصرف الثاني باطلاً بطلاناً مطلقاً ، ويظل هذا البطلان عالقة بالتصرف حتى لو أدرکه القانون رقم 4 لسنة 1996 قبل صدور حكم نهائي ببطلانه ، إذ يعتبر المكان قبل العمل بالقانون الأخير خاضعة لأحكام قانون إيجار الأماكن فلا تمتد إليه أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 لانتفاء الأثر الرجعي للقانون الأخير ولعدم تعلق أحكامه بالنظام العام ، ومن ثم لا ينال من بطلان التصرف الثاني ولا يعتبر قانوناً أصلح في حالة تقديم البائع للمحاكمة الجنائية.

فتختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً إذا كانت الدعوى لا تجاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه ويكور حکماً انتهائياً إذا قيمة الدعوى لا تتجاوز خمسمائة جنيه .

 وتختص المحكمة الابتدائية بالدعوى إذا جاوز قيمتها خمسة آلاف جنيه ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز خمسة آلاف جنيه ، كما تختص بقضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من محكمة المواد الجزئية ، وتختص أيضا بالطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها كطلب الأجرة المتأخرة المرتبط بطلب الفسخ ولو كانت تلك الأجرة تدخل في نصاب محكمة المواد الجزئية .

انتفاء الأثر الرجعي للقانون رقم 4 لسنة 1996 :

تنص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 على عدم سريان قوانين إيجار الأماكن، على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها ، ثم نصت المادة الثانية منه على أن تطبق أحكام القانون المدني على تلك الأماكن سواء أجرت خالية أو مفروشة .

عقد الإيجار، سواء كان خاضعا لقانون إيجار الأماكن أو للقانون رقم 4 لسنة 1996 يتم ويبرم فور تلاقي الإيجاب بالقبول ، باعتباره من العقود الرضائية وأن الكتابة لازمة لإثباته وليس لانعقاده ، وقد أجاز قانون إيجار الأماكن إثبات العقد الخاضع لأحكامه بكافة الطرق المقررة قانوناً إذا أدعي المستأجر أنه استأجر العين شفاهة بتلاقي الإيجاب والقبول وأوجب على المؤجر الإثبات كتابة .

الأماكن التي أخضعها القانون رقم 4 لسنة 1996 للقانون المدني:

تنص المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1996 على أن لا تسري أحكام القانونين رقمي 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر و136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلهما، على الأماكن التي لم يسبق تأجيرها ولا على الأماكن التي انتهت عقود إيجارها قبل العمل بهذا القانون أو تنتهي بعده لأي سبب من الأسباب دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها طبقاً للقانون.

كما نصت المادة الثانية من ذات القانون على إخضاع الأماكن سالفة البيان الأحكام القانون المدني في حالة تأجيرها خالية أو مفروشة، أو في حالة استغلالها أو في حالة التصرف فيها.

كما نصت المادة الثالثة منه على إلغاء كل نص في أي قانون آخر يتعارض مع تلك الأحكام سالفة البيان .

الأماكن التي كانت خاضعة للقانون المدني قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 :

1 - المنقول : والمتاجر والمصانع باعتبارها مجموعة من المال فتعتبر منقولاً متى كان الغرض الأول من الإيجار ليس المكان الذي يشغله بل المنشأة وما اشتملت عليه من أدوات ، فإن انصب الإيجار على المكان لإعداده محلاً تجارياً أو مصنعاً سرت في شأنه أحكام قانون الإيجار - وتستثنى العوامات مع أنها منقولاً .

2 - الأراضي الفضاء : تخضع الأراضي الفضاء لأحكام القانون المدني من حيث تحديد أجرتها فيترك لإرادة المتعاقدين ومن حيث تحديد مدة الإيجار فيلتزم المستأجر بالإخلاء بمجرد انتهاء المدة  .

يخضع إيجار الأرض الفضاء لأحكام القانون المدنى ومن ثم يلتزم مستأجرها بتسليمها للمؤجر بعد إنقضاء المدة المتفق عليها ، فإذا كان الأخير قد أذن المستأجر بإقامة بناء عليها ، جاز للمستأجر استغلال هذا البناء في الغرض الذي أعد البناء له وذلك طوال مدة العقد، وهو ما يجيز له تأجير البناء خالياً ، فإن تم هذا الإيجار قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 خضع لقانون إيجار الأماكن ، وإذ تتعارض أحكام الامتداد القانوني للإيجار المقررة بموجب القانون الأخير مع التوقيت الذي تضمنه عقد إيجار الأرض الفضاء ، وهو ما يوجب توقيت الإيجار الوارد على البناء بذات التوقيت المتعلق بإيجار الأرض الفضاء ، سواء نص على ذلك في العقد أو لم ينص عليه ، وسواء انقضى عقد إيجار الأرض الفضاء بإنتهاء مدته أو امتد الى مدد أخرى، ومتى انقضى إيجار البناء وقام المؤجر بتأجير ذات المكان - في حالة امتداد عقد الأرض الفضاء - إلى مستأجر آخر بعد العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996، فإن هذا الإيجار يخضع لأحكام هذا القانون حتى لو كان المستأجر هو نفس المستأجر السابق الذي كان قد استأجر ذات المكان قبل العمل بالقانون الأخير .

3 - إيجار الحدائق :

إذ كانت ملكية المنقول إلى المشتري بمجرد تمام البيع وكان بيع ثمار الحدائق واقع على منقولاً مالاً ، وكان من آثار عقد الإيجار استحقاق المستأجر لمنفعة العين المؤجرة - فيمتلك الثمرات خلال مدة العقد .

4 - المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت التي تشغل بسبب العمل :

5 - الأماكن المشغولة بغير عقد إيجار أو بعقد باطل أو قابل للإبطال :

أو كان الإشغال بعقد ليس إيجارة، وطلب تحديد مقابل الانتفاع هنا لا يعد منازعة إيجارية ، ولا طلب إخلاء شاغل العين دون سند لعدم دفعه مقابل الانتفاع وإذا كان الإيجار قد يكون بدون عقد مكتوب، في ظل القانون 52 ، إلا أن القانون 49 أوجب كتابة العقد ، والكتابة هنا واجبة للإثبات لا للانعقاد .

6 - أسطح وواجهة العقار للإعلان :

تسري قوانين إيجار الأماكن على الأماكن وأجزاء الأماكن التي هدف المشرع حماية المستأجرين لها .

7 - الجراجات العمومية :

لئن كان مالك السيارة ينتفع بالجراج بإيداع سيارته به مقابل مبلغ، فإنه الى جانب ذلك ينتفع أيضاً بحراستها والمحافظة عليها وتنظيفها وهی خدمات تؤدی إلى عدم إخضاع العقد لقانون إيجار الأماكن، وإنما للقانون المدني، باعتبار أن العقد إيجار أو وديعة  .

ومعيار التفرقة بين عقد الإيجاره وبين و الترخيص الإداري ، هو محل التصرف فإن كان هذا المحل مالاً مملوكاً للدولة ملكية خاصة كالأراضي الفضاء التي لم تخصص للمنفعة العامة وما يقام عليها من منشآت معدة للاستغلال ، فإن تمكين الأفراد أو الهيئات من استغلال الأرض أو المنشآت يكون بموجب عقد إيجار وتكون الإدارة فيه كمؤجر يسري في حقها القانون المدني بالنسبة للأرض الفضاء أو قانون إيجار الأماكن بالنسبة للمساكن وما شابهها .

إيجار أملاك الدولة الخاصة :

خضوع الدولة في عقود إيجارها للقانون الخاص  :

تخضع الدولة في استغلالها للأماكن المملوكة لها ملكية خاصة للقانون الخاص، فإن كانت من المساكن وأجرت قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 فإنها تخضع لقانون إيجار الأماكن ، أما إن كانت تلك المساكن لم يسبق تأجيرها ، أو انتهت عقود إيجارها لأي سبب من الأسباب وأجرت بعد العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1996 وتوافرت في العقد الشروط اللازمة لإبرامه بالتصديق عليه من صاحب الأخير .

يثبت الحق في إبرام عقد الإيجار وفقا لما يلي :

1 - المالك البالغ الرشيد، إذ يعتبر آهلاً لإبرام كافة التصرفات القانونية.

لا يلزم أن يكون المؤجر مالك :

ولما كان القانون لم يشترط أن يكون المؤجر مالكاً للعين المؤجرة ، ومن ثم كان الإيجار الصادر من غير المالك صحيحاً فيما بين طرفيه ، بحيث إذا قام المؤجر بتسليم العين للمستأجر وتمكينه من الانتفاع بها ، التزم المستأجر بالوفاء له بالأجرة وظل ملتزماً بذلك مدة العقد كلها طالما لم يتعرض له أحد في الانتفاع ، فإن امتنع عن الوفاء ، جاز للمؤجر أن يطلب الفسخ والتعويض الذي يتمثل في الضرر المتوقع وهو قيمة الإيجار عن مدة العقد، إذ طالما - قضى بالفسخ ، في العقد الزمني ، استحق المؤجر الأجرة عن مدة الانتفاع بالعين ، ثم يستحق تعويضاً عن باقي المدة وهي التي لم ينتفع المستأجر خلالها بالعين إذ .... المقرر أن الأجرة مقابل الانتفاع فلا تستحق إلا عن المدة التي انتفع المستأجر خلالها بالعين.

2 - القاصر المميز إذا ما بلغ الثامنة عشرة جاز للولي أو للمحكمة الإذن للقاصر في تسليم جميع أمواله أو بعضها لإدارتها.

3 - المريض مرض الموت إذا أجر ما له افترض القانون أنه خول المستأجر الانتفاع بالشئ على سبيل التبرع فإذا كانت القيمة الإيجارية مدة الإيجار لا تجاوز ثلث التركة نفذ العقد في حق الورثة فإن تجارتها لا ينفذ العقد إلا في حدود الثلث ما لم يجزه الورثة أو يدفع المستأجر الزيادة ، ويسرى ذات الحكم إذا قلت الأجرة عن القيمة الإيجارية ، وللورثة إثبات أن العقد تم في مرض الموت بكل الطرق وللمستأجر إثبات أن الإيجار كان بأجر المثل .

4 - البائع والمشترى لعقار بعقد لم يسجل : إذن يترتب على البيع جميع آثاره بمجرد العقد ومنها أحقية المشتري في الإنتفاع بالعين بتسلمها وقبض ثمارها ، ومن ثم يكون للمشتري وحده إبرام عقود إيجارها اعتباراً من ذلك الوقت وتكون صحيحة لصدورها من صاحب الحق في التصرف في منفعة المبيع .

5 - المالك تحت شرط فاسخ أو الذي أبطل عقده : ومثله المالك الذي فسخ عقد ملكيته ومن رسا عليه المزاد وبيعت عليه العين مرة ثانية والموهوب له بعد الرجوع في الهبة ، فيكون الإيجار صحيحاً ونافذاً في حق من تستقر له الملكية ويشترط انتفاء الغش كما إذا شعر المؤجر بقرب زوال ملكيته فبادر إلى الإيجار على نحو يجافي المألوف في الإدارة الحسنة.

أما الملك تحت شرط واقف فلا يستطيع القيام بأعمال الإدارة ومنها إبرام عقد الإيجار إلا بعد أن يتحقق الشرط .

6 - المفلس .

7 - المالك العقار محجوز .

8 - الدائن المرتهن رهن حيازة : للدائن المرتهن ، متى انتقلت إليه حيازة العين المرهونة، أن يستغلها لحساب المدين الراهن الاستغلال المعتاد على الوجه الذي تصلح ل ، فإن كانت أرضا زراعية كان له زراعتها أو تأجيرها إلى من يقوم بذلك.

9 - الشريك على الشيوع .

10 - الوكيل .

11- الوصي والقيم والوكيل عن الغائب والمساعد القضائي :   لهؤلاء أن يؤجروا بشرط ألا تزيد مدة الإيجار على ثلاث سنوات ما لم يكن هناك ترخيص من المحكمة وإلا انقصت المدة لهذا القدر وليس لهم إيجار الأراضي الزراعية مدة تزيد على ثلاث سنوات ولمدة أكثر من سنة في المباني أو لمدة تمتد إلى ما بعد بلوغ سن الرشد لأكثر من سنة أو إيجار الأموال لنفسه أو لزوجه أو لأقاربه للدرجة الرابعة ، ويلحق بهؤلاء القيم الذي يقوم بإدارة أموال المحكوم عليه بعقوبة جنائية مدة اعتقاله .

12- صاحب حق الانتفاع : الانتفاع حق عيني يخول صاحبه استعمال شيء مملوك للغير واستغلاله و ينتهي حتماً بموت المنتفع ، فللأخير أن يؤجر العين طوال مدة الانتفاع ولو جاوزت ثلاث سنوات ، فإن أجر لمدة تجاوز ذلك ووافقت مالك الرقية مقدماً أو عند موت المنتفع، بقي الإيجار لا بين المستأجر وورثة المنتفع وإنما بين المستأجر ومالك الرقبة، أما إذا لم يوافق فلا يحكم بالإخلاء إلا بعد التنبيه .

13- الحارس القضائي : تكون سلطة الحارس القضائي في التأجير خاضعة للحدود التي رسمها الحكم الصادر بتعيينه، فإن لم يحدد الحكم ذلك ، التزم الحارس بالمحافظة على الأموال وإدارتها ولا يجوز له أن يؤجرها مدة تزيد على ثلاث سنوات إلا برضاء ذوى الشأن جميعاً أو بترخيص من المحكمة ولا يؤجر الأحد ذوى الشأن إلا برضاء الآخرين ، فإذا جاوز هذه الحدود فإن الذي يملك الحكم ببطلان الإيجار ليس هو قاضي الأمور المستعجلة الذي عين الحارس وإنما قاضي الموضوع.

14- مشترى العقار المشفوع فيه : يترتب على بيع العقار، انتقال منفعته للمشتري فور تسلمه له ولو لم يسجل العقد، ويكون للمشتري الحق في الانتفاع به واستغلاله ، بحيث إذا قام بتأجيره، كان الإيجار صادراً من ذي صفة في إبرامه وبالتالي ينفذ في حق البائع إذا ما فسخ البيع كما يسرى في حق الشفيع إذا ما قضى له بالشفعة في العقار طالما أبرم الإيجار قبل قيام الشفيع بتسجيل إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة ، باعتبار أن تاريخ هذا التسجيل هو المعول عليه في تحديد تصرفات المشترى التي تنفذ في حق الشفيع .

إثبات الإيجار

 أولاً : الإثبات في منازعات الإيجار الخاضع للقانون المدني :

عقد الإيجار، تصرف قانوني ملزم للجانبين، ولم يورد المشرع قواعد خاصة متعلقة بإثباته ، ومن ثم فإنه يخضع في إثباته للقواعد العامة المقررة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، و مؤداها أن يكون إثباته بالبينة والقرائن إذا كانت قيمته لا تجاوز نصاب البينة ، أما إذا جاوزت قيمته ذلك، وجب إثباته بالكتابة أو ما يقوم مقامها كالإقرار واليمين الحاسمة، وإذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة تعين أن يكون معززة بالبينة حتى ينهض دليلاً على إثبات الإيجار .

والقيمة المعول عليها في هذا الصدد، هي مجموع الأجرة عن مدة العقد كلها دون اعتداد قيمة كل قسط منها في حالة تقسيطها، فإن كان الإيجار لمدة سنة بأجرة قدرها ألف ومائتا جنيه مقسطة على اثنى عشر شهراً قيمة كل قسط مائة جنيه، فإن قيمة العقد تقدر بمبلغ ألف ومائتي جنيه حتى لو نشب نزاع حول قسط واحد بطلب الفسخ لعدم الوفاء به أو المطالبة به، وحينئذ يجب إثبات العقد بالكتابة أو بما يقوم مقامها، كما يتحدد الاختصاص النوعي وفقاً لذلك ، فتختص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وليست محكمة المواد الجزئية.

فإن كان عقد الإيجار لم يتفق فيه الطرفان على تحديد مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة ، اعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ، وبالتالي لا يكون غير مقدر القيمة، وإنما تقدر قيمته بقيمة الأجرة التي تستحق عن الفترة المعينة لدفعها ، فإن كانت الأجرة تدفع كل شهر ، اعتبر الإيجار منعقداً لمدة شهر، وقدرت قيمته بالتالي بقيمة أجرة شهر ، حتى لو امتد الإيجار الجدد أخرى بعد ذلك ، فإن جاوزت تلك الأجرة نصاب البينة ، تعين أن يكون الإثبات بالكتابة أو ما يقوم مقامها ، أما إن لم تجاوز ذلك كان الإثبات بالبينة والقرائن حتى لو كان الإيجار قد امتد لمدد أخرى تجاوز أجرتها نصاب البينة.

وإذا فقد العقد بقوة قاهرة أو توافر المانع الأدبي من الحصول على عقد مکتوب ، جاز الإثبات بالبينة والقرائن أو باليمين ، ولما كان عقد الإيجار يحرر من نسختين ويعتبر سندة مشتركة بين المؤجر والمستأجر، فإنه يجوز لأي منهما إلزام الآخر بتقديم نسخته وإلا جاز الأخذ بصورة المحرر المقدمة في الدعوى وإعتبارها مطابقة لأصلها ، فإن لم توجد صورة من المحرر، جاز للمحكمة الأخذ بقول الخصم فيما يتعلق بشكل المحرر وموضوعه، ويمتنع على الخصم الآخر جحد ، ذلك إلا بتقديم الأصل الخاص به، عملا بالمادة 20 وما بعدها من قانون الإثبات .

ثانيا : إثبات العقد الخاضع لقانون إيجار الأماكن  :

1 -  بالنسبة للإيجارات التي أبرمت قبل سريان القانون رقم 52 لسنة 1969 أي قبل 18/8/1969 فإن لم توجد عقود مكتوبة أو تعذر الحصول عليها، جاز إثبات التعاقد وشروطه والأجرة المتفق عليها والتكاليف الإضافية بجميع طرق الإثبات مهما كانت قيمة النزاع، وذلك عملا بالمادة 5 من القانون رقم 121 لسنة 1947 وذلك بالنسبة للمؤجر والمستأجر على حد سواء.

2 - بالنسبة للعقود التي أبرمت وقت سريان القانون رقم 52 لسنة 1969 في  18/8/1969 فوفقاً للمادة 16 منه يجب على المؤجر أن يحرر عقد إيجار للمستأجر، ولا يجوز للمؤجر أن يثبت التعاقد أو شروطه أو الأجرة مهما كانت قيمته أي حتى لو قل عن عشرين جنيهاً إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها كالإقرار أو اليمين، ما لم يكن العقد فقد بسبب أجنبي كسرقة أو حريق فحينئذ يجوز له إثباته بكافة الطرق. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ السابع ، الصفحة/ 440)

ففي عقد الإيجار يتفق شخصان على أن يمكن أحدهما الآخر أن ينتفع بشيء معين أثناء مدة محدودة ، نظير ثمن لهذه المنفعة يلتزم هذا الآخر بدفعه للأول ، ويسمى من يقدم المنفعة مؤجراً ، ومن تقرر له المنفعة مستأجراً ، ويطلق على من المنفعة أجرة.  

يبين من التعريف السابق لعقد الإيجار، أن عقد الإيجار يتميز بالخصائص الآتية :

 (أ) عقد الإيجار رضائي :

عقد الإيجار عقد رضائي ، فيكفي لانعقاده توافق الإيجاب والقبول بين طرفيه وهما المؤجر والمستأجر.

إنما يجب مراعاة أن رضائية العقد لا تتعلق بالنظام العام، وبالتالي يجوز للطرفين الاتفاق على عدم انعقاد الإيجار فيما بينهما إلا إذا اتبع شكل معين، أو شرط من شروطه بالبينة ورخص له في ذلك كان للمؤجر وفقاً للمادة أن ينفي ذلك بالطريق ذاته .

ولا يعتبر عقد الإيجار من عقود الإذعان.

(ب) - عقد الإيجار ملزم للجانبين :

عقد الإيجار ملزم للجانبين لأنه يرتب في ذمة المؤجر التزامات تقابلها التزامات أخرى تنشأ في جانب المستأجر.

ويترتب على كون عقد الإيجار ملزماً للجانبين ، أن هذه الالتزامات ترتبط فيما بينها بحيث تعتبر التزامات كل طرف سببا لالتزامات الطرف الآخر ، فإذا أبطل التزام أحدهما أو انقضى لأي سبب أبطل أو انقضى التزام الطرف الآخر، وإذا تخلف أحدهما عن تنفيذ التزاماته حق للطرف الآخر أن يدفع بعدم التنفيذ أو يطلب الفسخ.

(ج) عقد الإيجار عقد معاوضة :

عقد الإيجار من عقود المعاوضات، فكل من طرفيه يعطى مقابلاً لما أخذ ، فالمؤجر يعطي المنفعة مقابل الأجرة، والمستأجر يؤدي الأجرة لقاء المنفعة. وهذا ما يميز عقد الإيجار عن عقد العارية ، التي هي عقد يلتزم به شخص بأن يسلم إلى آخر شيئاً غير قابل للإستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو الغرض معين على أن يرده بعد الاستعمال .

(د) عقد الإيجار يرد على منفعة الشيء دون ملكيته :

عقد الإيجار يرد على منفعة الشيء دون ملكيته فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر مع بقاء الملكية له ، وهذا ما يميز الإيجار عن البيع وعن غيره من العقود التي يكون الغرض منها نقل الملكية.

فالمستأجر لا يتمتع بسلطة مباشرة يخولها له القانون على العين المؤجرة ، بل لابد من تدخل المؤجر لتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة.

وينبني على ذلك أن حق المستأجر هو مجرد حق شخصي دائما وليس حقاً عينياً، وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً ، ولو كان محل الإيجار عقاراً.

ويترتب على اعتبار حق الإيجار حقاً شخصياً النتائج الآتية :

1 - أن حق المستأجر يعتبر دائم حقاً منقولاً ، ولو كان محل الإيجار عقاراً (م 83 مدنی).

2 - أن حق المستأجر لا يجوز رهنه رسميا لأن الرهن الرسمي لا يرد إلا على العقار.

وإنما يجوز رهنه حيازياً ولا يكون هذا الرهن نافذاً في حق المؤجر إلا بإعلانه إليه أو بقبوله إياه وفقاً للمادة 305 ولا يكون نفاذاً في حق الغير إلا حيازة المرتهن سند الإجارة وتحسب للرهن مرتبته من تاريخ إعلانه إلى المؤجر أو من التاريخ الثابت لقبوله إياه (م 1123 مدنی)

ولكن هذا الرهن لا يفيد منه المستأجر عمليا إذ هو مضطر للتخلي عن استغلال العين المؤجرة للدائن المرتهن رهن حيازة، فإن هذا من حقه أن يستوفى على العين باستثمارها استثماراً كاملاً ، على أن يخصم ما يستولى عليه من المصروفات ثم من الفوائد ثم من أصل الدين المضمون بالرهن (م 1104 ).

(م 1126 مدني).

ولا يكفي أن يحوز الدائن المرتهن سند الإيجار، فإن هذه الحيازة إنما هي شرط لنفاذ الرهن في حق الغير (م 2/ 1123 مدنی).

3 - خضوع التصرف في الإيجار "التنازل عن الإيجار" لأحكام التصرف في الحق الشخصي، وليس لأحكام التصرف في الحق العيني، فإذا أراد المستأجر التنازل عن الإيجار فإنه لا يلزم تسجيل التنازل، بل تتبع إجراءات حوالة الحق.

4 - أنه لا يجوز للمستأجر رفع دعوى الإخلاء على مستأجر سابق يشغل العين المؤجرة، أو مطالبته بتسليمه إياها أو بإيجارها، أو رفع دعوى إبطال العقد الصادر لذلك المستأجر من المؤجر ذاته أو فسخه بل يرفع المستأجر دعواه على المؤجر مباشرة. 

5 - أن المحكمة المختصة محلياً بنظر دعاوى الإيجار المتعلقة بعقار، تكون المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه وليست المحكمة التي يقع في دائرتها موقع العقار المؤجر (م 49 مرافعات).

ويلاحظ أن قانون المرافعات عقد الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه إذا كانت الدعوى المرفوعة من الدعاوى الشخصية العقارية (م 50/2 مرافعات) ، ولا تعتبر الدعاوى الناشئة عن الإيجار من الدعاوى الشخصية العقارية إذ أنها لا ترمي إلى نقل ملكية العقار.

(هـ) عقد الإيجار عقد زمني مستمر :   

عقد الإيجار من العقود الزمنية، لأن الزمن عنصر جوهري فيه ، فيكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد، فهو يرد على المنفعة ، والزمن هو الذي يحدد مقدار هذه المنفعة، إذا لا يتصور أن ينفذ المؤجر التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع لمدة سنة في لحظة واحدة ، بل لابد من أن يستغرق هذا التنفيذ سنة كاملة.

والإيجار عقد زمني مستمر، لأن المنفعة التي يرد عليها يجب أن تؤدی بدون انقطاع طوال المدة المتفق عليها ، فالمنفعة في عقد الإيجار تقاس بالزمن طبيعة.

ويترتب على ذلك أنه إذا فسخ عقد الإيجار اتفاقا أو قضاء - بعد البدء في تنفيذه لا يكون له - خلافاً للقواعد العامة - أثر رجعي، لأنه يستعصي بطبيعته على فكرة الأثر الرجعي ، لأن الزمن فيه مقصود لذاته باعتباره أحد عناصر المحل الذي ينعقد عليه ، والتقابل بين الالتزامين فيه يتم على دفعات بحيث لا يمكن الرجوع فيما نفذ منه، و يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الاتفاق على فسخه أو الحكم النهائي بذلك ، ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التي انقضت من قبل قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين في شأن ادعاء أي منهما قبل الآخر بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة ويبني على ذلك أن يكون المقابل المستحق عن هذه المدة له صفة الأجرة لا التعويض ، ومن ثم فإن الأجرة المستحقة عن الفترة السابقة على الفسخ يضمنها امتياز المؤجر، وتسقط بالتقادم الخمسى  .

(و) عقد الإيجار يرد على الأشياء غير القابلة للاستهلاك :

الإيجار بطبيعته لا يرد إلا على الأشياء التي لا تهلك بمجرد الاستعمال لأنه يخول المستأجر منفعة الشيء مدة معينة على أن يرده بعينه بعد أن ينتفع به فلا يرد الإيجار على النقود والمواد الغذائية مثلاً .

وعقد الإيجار يتميز بذلك عن عقد القرض ، لأن المقرض يأخذ النقود ويتصرف فيها على أن يرد بدلاً منها بعد مدة معينة مع زيادة في مقدارها تقابل الفائدة التي عادت عليه من تمكينه من التصرف في هذه النقود خلال تلك المدة .

أركان عقد الإيجار :

 عقد الإيجار كغيره من العقود له أركان ثلاثة هي : الرضا "التراضي" والمحل والسبب ، فإذا انعدم ركن من هذه الأركان، لا ينعقد العقد، بل يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً ، أما عن الرضا في الإيجار فيلزم فيه تلاقى القبول والإيجاب وتطابقهما.

أما عن المحل في عقد الإيجار فهو مزدوج ، إذ أنه بالنسبة لالتزامات المؤجر يكون في منفعة الشيء المؤجر، والمنفعة تقاس بالمدة ، وبالنسبة الالتزامات المستأجر يكون في الأجرة ، فمحل عقد الإيجار إذن المنفعة والأجرة.

أما عن السبب في عقد الإيجار فلا يتميز الإيجار في شأنه بأية خصوصية اللهم إلا أن المشرع قصد بالباعث المعلوم للطرفين بشأنه ، ويعتبر عدم مشروعية الباعث مؤدياً إلى البطلان المطلق لعقد الإيجار ، وعلى ذلك إذا كان الباعث على إبرام عقد الإيجار المقامرة أو ممارسة الدعارة كان العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً .  

ويجوز أن يتم الإيجار عن طريق المزايدة ، ولكن لا يعتبر طرح التأجير في المزاد - ولو على أساس قائمة شروط معينة - إيجاباً بل يعتبر دعوة لكل راغب في الاستئجار أن يتقدم بعطاء ويعتبر كل عطاء يقدم إيجاباً ويسقط بمجرد تقديم عطاء آخر يزيد عليه، ولو كان هذا العطاء باطلاً ، ولا يتم الإيجار إلا بقبول العطاء الأخير أي برسو المزاد على مقدم العطاء وعلى هذا نصت المادة 99 مدني بقولها: "لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد ، ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو كان باطلاً".

ويحدث كثيراً أن تتم المزايدة بتقديم العطاءات في مظاريف مغلقة ، وأن يحفظ المؤجر لنفسه حق قبول أي عطاء أو رفضه ، فلا ينعقد الإيجار إلا باختيار المالك العطاء الذي يوافقه وإبلاغ مقدم هذا العطاء بذلك وفي حالة التأجير بالمزاد تسري الشروط الواردة بالقائمة.

الشيء المؤجرة

رأينا أن المحل في عقد الإيجار مزدوج ، فهو بالنسبة لالتزامات المؤجر يكون في منفعة الشيء المؤجر ، وبالنسبة لالتزامات المستأجر يكون في الأجرة.

وسنتناول فيما يلى دراسة الشيء المؤجر، أما دراسة الأجرة فستأتي في موضعها من الكتاب.

الشروط الواجب توافرها في الشيء المؤجر :

الشرط الأول :

وجود الشيء المؤجر :

من مقتضى القواعد العامة أن يكون محل الالتزام موجوداً، أو على الأقل قابلاً للوجود ، ويسرى هذا الحكم على الشيء المؤجر.

فإذا لم يكن الشيء المؤجر موجوداً عند الإيجار، ولا قابلاً للوجود بعد ذلك ، وقع العقد باطلاً لانعدام محل التزام المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع ، فإذا أجر شخص لآخر سيارة ظن أنها موجودة وهي غير موجودة ، أو أجر عيناً وكانت هذه العين قد هلكت هلاكاً كلياً كان العقد باطلاً .

الشرط الثاني : تعيين الشيء المؤجر : 

فيجب أن يكون الشيء المؤجر معيناً تعييناً كافياً مانعاً للجهالة .

وتختلف طريقة التعيين باختلاف الشيء المؤجر، فإذا كان حقاً من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية كان تعيينه بتعيين العمل الأدبي أو الفني الذي يتعلق به هذا الحق ، وإن كان حقاً شخصياً كان تعيينه بتعيين محل الالتزام وشخص كل الدائن والمدين ، وإذا كان الشيء قيماً كمنزل محدد أو كتاب معلوم، وجب تعيينه بذاته أي ببيان الأوصاف المبينة له عن غيره ، فالمباني مثلاً تعين ببيان موقعها من حيث الشارع والرقم، ولا يلزم مقدارها ، وإذا ذكر مقدارها فيجوز أن يكون ذلك على وجه التقريب.

وإذا كان الشيء مثلياً ، فإنه يجب تعيينه بنوعه أو جنسه ومقداره ودرجة جودته ، سواء كان ذلك بالعدد أو الكيل أو المقاس مثل إيجار سيارتين من ماركة معينة .

والتعيين بالنوع ضروری ، بحيث إذا خلا العقد منه ، وتعذر الوصول إليه بشكل قاطع من ظروف العقد، اعتبر العقد غير معين وقع العقد باطلاً ، كما لو أجر حيوان دون تعيين، إذا كان بقرة أو حصاناً أم غير ذلك.

ويسرى ما تقدم على التعيين بالمقدار.

أما فيما يتعلق بالصنف أو درجة الجودة، فإن عدم حصول هذا التعيين لا يؤثر في قيام العقد إذ أن محل الالتزام يعتبر معينا، ولو خلا من تحديد صنفه ، حتى ولو لم يكن في ظروف التعاقد ما يؤدي إلى تحديده ، فإن أمكن تحديد الصنف من ملابسات العقد وظروفه أو من العرف الجاري ، التزم المدين بأن يسلم الشيء من هذا الصنف ، وإن تعذر تحديد الصنف على الوجه المتقدم ، التزم المدين بأن يسلم الشيء من صنف متوسط ، أي صنف وسط بين الجيد والرديء.

وليس من الضروري أن يكون الشيء معينا فعلا وقت العقد، بل يكفي أن يكون قابلاً للتعيين مستقبلاً کاستئجار صاحب مدرسة سيارات لم يبين عددها ، التنقل عدد من التلاميذ في رحلة ، لأن المؤجر يستطيع تحديد عدد السيارات الكافية لهذا النقل .

وكما يجب تعيين الشيء المؤجر، يجب أيضاً تعيين ملحقات هذا الشيء انظر شرح المادة 564 مدنی .

الشرط الثالث : قابلية الشيء المؤجر للتعامل فيه :

يجب أن يكون التعامل في الشيء المؤجر جائزاً ويرجع خروج الأشياء سن التعامل إما إلى طبيعتها كالأشياء الشائعة التي يستمتع بها كل الناس ولا يستطيع أحد أن يستأثر بها في مجموعها كالشمس والهواء وماء البحر، فيرجع تلنت القابلية للتعامل إلى استحالته.

وقد يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه بالنظر إلى الغرض الذي خصص إنسان کأملاك الدولة العامة ، إلا أننا سنرى أن تأجير هذه الأموال جائز في بعض الحالات ، ولكن بموجب ترخيص إدارى لا عقد إيجار مدنی و يكون الشيء غير قابل للتعامل فيه لعدم مشروعيته لمخالفته للنظام العام و الآداب العامة ، وعلى هذا نصت المادة 135 مدني بقولها : "إذا كان محل الالتزام مخالفاً النظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً".

الأموال العامة :

من المسلم به أن الأموال العامة ولو أنها لا يجوز التصرف فيها فإنه يجوز إعطاء منفعتها إلى شخص في مقابل جعل معين بموجب ترخيص ، وهذا الترخيص لا يكون بموجب عقد إيجار مدنی بل بموجب عقد إداري تجرى عليه أحكام القانون الإداري.

ومن أمثلة الترخيص الإداري : الترخيص بالانتفاع بأرصفة الطرق أو بالكباين المقامة على شواطئ البحار أو باستغلال الأسواق العامة أو مقاصف السكك الحديدية أو مقاصف الكليات الجامعية.

الشرط الرابع : عدم قابلية الشيء المؤجر للاستهلاك :

يقتضي عقد الإيجار أن ينتفع المستأجر بالشيء المؤجر على الوجه المتفق عليه وفي المدة المحددة، على أن يرده للمؤجر عند نهاية تلك المدة، ولذلك كان لزاماً أن يرد عقد الإيجار على الأشياء التي يتكرر استعمالها أي التي لا تستهلك بمجرد استعمالها أول مرة، كالمباني والأراضي والآلات والسيارات .

أما الأشياء التي تهلك باستعمالها كالأغذية والمشروبات والنقود، فإنها لا تصلح أن تكون محلاً لعقد إيجار.

ولا يتصور ورود عقد الإيجار على أشياء قابلة للاستهلاك إلا نادراً وهی حالة تأجيرها للعرض فقط ، كالمحال التي تستأجر أنواعا معينة من النقود لعرضها .

أنواع الشيء المؤجر :

1 - العقارات :

وذلك مثل الأراضي الفضاء والأراضي الزراعية والأماكن المبنية.

ولا يشترط أن يرد الإيجار بالنسبة للأماكن المبنية على المبنى جميعه ، بل من الممكن أن يرد على حوائط منه أو على جزء من سطحه ، وغالباً ما يكون ذلك لوضع إعلانات عليها .

كما يرد الإيجار على المناجم والمحاجر، ويكون تأجيرها لاستغلالها في ستايل اجرة دورية.

2 - المنقولات :

ومثل ذلك السيارات والسفن والطائرات والآلات الزراعية والآلات الموسيقية كما يرد الإيجار على الأماكن المفروشة ، فيشمل الإيجار المكان والمفروشات المنقولات" المزودة بها العين المؤجرة معاً .

ويمكن أن يرد الإيجار على المواشي ، ولم يرد بالتقنين المدني نصوصاً تنظم هذا النوع من الإيجار - كما فعل القانون الفرنسي - وإنما اقتصر على النص في المادة 622 على أن: "الإيجار في المزارعة تدخل فيه الأدوات الزراعية والمواشي التي توجد في الأرض وقت التعاقد إذا كانت مملوكة للمؤجر.

وعلى ذلك يرجع في أحكام إيجار المواشي إلى اتفاق الطرفين والعرف الجاري.

يجوز تأجير الحقوق العينية والحقوق الشخصية ، وحقوق الملكية المعنوية لأن جميع الحقوق المالية تصلح أن تكون محلاً للإيجار، ما دامت هذه الحقوق قابلة للانتفاع بها ، وما دام هذا الانتفاع قابلاً للتنازل.

وكذلك لا يجوز تأجير الحقوق العينية التي لا يكون لها كيان مستقل مثل حق الارتفاق ، ولكن إذا أجر العقار المخدوم شمله الإيجار.

أشياء تخضع في إيجارها لتشريعات خاصة :

هناك بعض الأشياء التي تخضع في إيجارها لأحكام بعض التشريعات الخاصة.

أولاً : الأماكن وأجزاء الأماكن المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر:

ثانياً : الأراضي الزراعية الخاضعة للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 (المعدل) بالإصلاح الزراعي .

شروط صحة عقد الإيجار المقصود بشروط صحة عقد الإيجار، شروط صحة إرادة الطرفين في عقد الإيجار، وهي الشروط التي يلزم توافرها في الرضاء حتى يكون الإيجار خالياً مما يعيبه ، والتي يترتب على تخلف أحدها أن يكون العقد قابلاً للإبطال.

الغلط في شخص المستأجر :

القاعدة العامة أن شخصية المؤجر وشخصية المستأجر ليس لهما اعتبار في العقد، وبالتالي لا تأثير للغلط الواقع فيهما، شأن الإيجار في هذا شأن أى عقد من عقود المعاوضات.

غير أنه يستثنى من هذه القاعدة ، الغلط في شخصية المستأجر، إذا كان الشخصية المستأجر اعتبار خاص في العقد ، کالمزارعة لأنها تقوم على فكرة المشاركة في المحصول.

إذا وقع الغلط في ذاتية العين المؤجرة فإن الإيجار يكون باطلاً طبقاً للقواعد العامة.

أما إذا كان الغلط واقعا في صفة جوهرية في العين المؤجرة كانت محل اعتبار عند التعاقد، فإن الغلط يفسد الرضا ويكون العقد قابلاً للإبطال أما إذا كان الغلط في صفة غير جوهرية في العين المؤجرة، فإن الغلط لا يفسد الرضا كأن يستأجر شخص سيارة لونها أسود فيتبين أنها ذات لون آخر.

الغبن والاستغلال :

لم يرد في التقنين المدني نص خاص بالغين في الإيجار كما ورد في شأن الغبن في البيع والقسمة، ولذلك لا تأثير للغبن في الإيجار على سلامة الرضاء.

فإذا كانت الأجرة مغالى فيها بحيث يلحق بالمستأجر غبن فاحش أو كانت منخفضة بحيث يلحق بالمؤجر غبن فاحش، فإن الإيجار يكون صحيحاً، طالما أن الأجرة ليست صورية أو تافهة، إذ يقع الإيجار حينئذ باطلاً .

أما الاستغلال فيؤثر في سلامة الرضا وبالتالي في صحة العقد كالشأن في أي عقد آخر.

الوعد بالإيجار : 

ولما كان الإيجار عقد كسائر العقود.

والوعد بالإيجار قد يكون وعدا ملزما جانباً واحداً ، وهو له صورتان :

1 - الوعد بالتأجير ويلحق به الوعد بالتفضيل في الإيجار.

2 - الوعد بالاستئجار.

وقد يكون الوعد بالإيجار ملزماً للجانبين ، وهو الوعد المتبادل بالتأجير والاستئجار.

شروط الوعد بالإيجار :

يجب لتوافر الوعد بالإيجار توافر الشروط الآتية : 

أولاً : حصول الاتفاق على الوعد وطبيعته :

يجب أن يتفق الطرفان على الوعد بالإيجار، كما يجب الاتفاق على طبيعته أي ما إذا كان وعداً بالإيجار ملزماً لجانب واحد أو وعدا بالاستئجار ملزماً جانب واحد، أو وعداً بالإيجار والاستئجار ملزما للجانبين.

ويجب أن تكون إرادة الواعد صريحة في الوعد بالإيجار، أي يجب أن يقصد الواعد التأجير إذا قبل الطرف الآخر الاستئجار، فإذا لم يكن من شأن ما يقوله أو يكتبه شخص معين إلا أن يعلن الشروط التي يستلزم أن تكون أساساً للمناقشة في الإيجار، فإن ذلك لا يعتبر وعداً بالإيجار أو حتى إيجابا منه، فإذا نشر في الصحف إعلان يطلب فيه صاحبه استئجار شقة لسكناه ، فرد على ذلك أحد الأشخاص بكتاب يبين فيه عدد الغرف التي يشملها منزل له والأجرة التي يطلبها، فإن ذلك لا يعتبر وعدا بالإيجار ولا حتى إيجاباً به، بل مجرد إعلان للأسس التي يعرضها للمناقشة في الإيجار، تلك المناقشة التي يجب أن تسبق إبرام العقد.

ثانياً : تعيين جميع المسائل الجوهرية للإيجار المراد إبرامه :

يشترط لانعقاد الوعد بالإيجار اتفاق الطرفين على جميع المسائل الجوهرية العقد المراد إبرامه وذلك حتى يكون السبيل مهيئاً لإبرام العقد النهائي بمجرد ظهور رغبة الموعود له دون حاجة إلى اتفاق على شيء آخر.

ثالثاً : تحديد المدة التي يجوز فيها إلزام الواعد بإبرام الإيجار :

يجب أن يحدد الطرفان المدة التي يجوز فيها إلزام الواعد بإبرام العقد ، وتحديد المدة ضرورى حتى لا يستمر الواعد ملزماً أبداً بوعده بل يكون له ميعاد يتحلل فيه من هذا الوعد . 

ولا يشترط أن يكون الاتفاق على المدة صريحا، بل يجوز أن يكون ضمنياً ، فيجوز للقاضي أن يستخلص من ظروف الاتفاق على الوعد بالإيجار أن الطرفين قصدا تحديده بمدة معينة ، وإذا ثبت للقاضي أن الطرفين قصداً تحديد الوعد بمدة ولم تبين له حقيقة هذه المدة ، جاز له أن يعتبرهما قد اتفقا على المدة المعقولة ويثبت له بذلك حق تحديد هذه المدة .

آثار الوعد بالإيجار

أولاً : آثار الوعد بالإيجار الملزم لجانب واحد :

يرتب الوعد بالتأجير في ذمة الواعد التزاماً نحو الموعود له بأن يؤجر له الشيء إذا ظهر رغبته في الاستئجار خلال المدة المعينة ، فإذا أخل الواعد بالتزامه بأن امتنع عن التأجير أو أجر العين إلى آخر أو باعها ، جاز للموعود له مطالبته بالتعويض عما أصابه من ضرر على أساس المسئولية العقدية ، كما يجوز له في حالة تأجير العين إلى آخر، أن يقبل الاستئجار وينافس المستأجر الآخر وتطبق عليهما أحكام المادة 573 مدني الخاصة بالتزاحم بين المستأجرين.

ثانياً : آثار الوعد بالتأجير والاستئجار (الوعد الملزم للجانبين) :

يكون الوعد بالإيجار ملزما للجانبين ، متى وعد شخص أن يؤجر إلى آخر عليناً معيناً إذا طلب الآخر ذلك خلال مدة معينة ، وقبل هذا الأخير منه هذا الوعد ووعده أيضاً أن يستأجر هو منه تلك العين إذا قبل تأجيرها إليه خلال مدة معينة.

ويغلب أن يتفق المتعاقدان على وقت يبدأ فيه تنفيذ العقد ، ففي هذه الحالة يعمل الوعد بالإيجار والاستئجار الإيجار التام، فقد أبرم المتعاقدان في الحقيقة إيجاراً تاماً ، وكل ما في الأمر أن الإيجار هنا مقترن بأجل وأوقف نفاذه إلى و حلوله ، وفي هذه الحالة يكون الإيجار صحيحاً ولا يصح لأحد المتعاقدين أن يتحلل منه ولو عرض في مقابل ذلك أن يدفع تعويضاً .

الوعد بالتفضيل في الإيجار :

الوعد بالتفضيل في الإيجار نوع من أنواع الوعد بالإيجار، وصورته أن يتعهد الواعد بأن يفضل الموعود له على غيره في إيجار الشيء له إذا اعتزم إيجاره خلال مدة معينة.

وعقد الوعد بالتفضيل عقد رضائي ، يقوم على إيجاب وقبول ، خال كل منهما من عيوب الإرادة ، الإيجاب فيه من الواعد صادر عن ذي أهلية ، يتعلق بمحل مشروع استنادا لسبب صحيح، يتفق فيه على المسائل الجوهرية للعقد النهائي والمدة المتفق عليها لإبرام العقد.

آثار الوعد بالتفضيل في الإيجار :

إذا رغب الواعد في تأجير الشيء محل الوعد بالتفضيل، فإنه يلتزم بعرضه على الموعود له لاستئجاره ، فإذا نكل عن هذا الالتزام وعرضه على غيره ، فقد أخل بالتزام تعاقدي يرتب مسئوليته التعاقدية ، وأحقية الموعود له في التعويض.

ولا يترتب على الوعد بالتفضيل ثمة التزامات في جانب الموعود له ، حتى إذا أبرم عقد الإيجار مع الواعد ، ترتبت في ذمته الالتزامات الناشئة عن العقد.

ويختلف الوعد بالتفضيل في حكمه عن الوعد بالإيجار الملزم لجانب واحد في أمرين : أولهما : أن الأصل في الوعد بالتفضيل أن يكون شخص الموعود له محل اعتبار في التعاقد، فلا يجوز للدائن في الوعد بالتفضيل أن ينزل عن حقه إلى آخر دون رضا الواعد وثانيها : يتعلق بتاريخ نشوء حق الموعود له في قبول الاستئجار وتحويل الوعد إلى إيجار، فإن هذا الحق ينشأ في الوعد بالإيجار منذ إبرام الوعد. أما في الوعد بالتفضيل فإنه لا ينشأ إلا من الوقت الذي يعتزم فيه الواعد الإيجار .

الإيجار بالعربون :

 تعريف الإيجار بالعربون:

العربون هو مبلغ من النقود أو أية تقدمه أخرى غير النقود، يدفعه أحد المتعاقدين إلى الآخر وقت العقد.

ولدفع العربون إحدى دلالتين :

إما أن يقصد به الطرفان تأكيد إبرام العقد، وهنا يعتبر العقد نهائياً ويعتبر العقد جزءاً معجلاً من الأجرة.

وإما أن يقصد به الطرفان تخويل أيهما حق الرجوع في العقد ، وهنا يجوز للمؤجر أو المستأجر أن يرجع في الإيجار ، على اعتبار أن الإيجار معلق فسخه على إرادة أي منهما.

تفسير عقد الإيجار :

عقد الإيجار - كغيره من العقود - يخضع في تفسيره للأحكام الواردة في التقنين المدني .

 الحالة الأولى : إذا كانت عبارة العقد واضحة :

تنص المادة 1/150 مدني على أن :

 "إذا كانت عبارة العقد واضحة ، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين".

فإذا كانت عبارة العقد واضحة، وجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة العاقدين المشتركة ، وعلى القاضي التقيد بها ، ولا يجوز له الإنحراف عن معناها الظاهر لاستقصاء ما أراده العاقدان حقيقة ، من طريق التفسير أو التأويل أي أن واجب المحكمة يقتصر في هذه الحالة على الأخذ بالمعنى الظاهر لنصوص العقد الصريحة، ويكون قضاؤها في ذلك غير خاضع لرقابة محكمة النقض .

وإذا كانت شروط العقد مطبوعة ولكن أضيف إليها شروط مكتوبة تتعارض معها، فإنه يجب تغليب الشروط المكتوبة باعتبارها تعبيراً صحيحاً عن إرادة المتعاقدين.

الحالة الثانية : إذا كانت عبارات العقد غير واضحة :

تنص الفقرة الثانية من المادة 150 مدني على أنه: "أما إذا كان هناك محل خير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل ، وبما ينبغي أن توافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات".

وواضح من هذا النص أن عبارات العقد إذا كانت غير واضحة بحيث تحتمل أكثر من معنى ، كان هناك محل لتفسير العقد .

ويجب في تفسير العقد البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعنى الحرفي للألفاظ ، بل يجب الوصول إلى قصد المتعاقدين لا إلى الإرادة المنفردة لكل منهما.

وللقاضي في سبيل تحقيق هذه الغاية أن يسلك كل سبيل يراه مؤدية إلى تلك ومن السبل التي يسلكها القاضي طبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من الساتة وة بين المتعاقدين، وفقا للعرف الجاري في المعاملات، وكلها عوامل موضوعية لا ذاتية، فالنية المشتركة للمتعاقدين هي مسألة نفسية خفية يستدل عليها بعوامل مادية ظاهرة يطمئن إليها القاضي في تفسير العقد التماساً الاستقرار التعامل.

فإذا ثار الغموض حول القصد المشترك للمتعاقدين بالنسبة إلى الملحقات التي يشملها الإيجار مثلاً ، فادعى المستأجر أنها تشمل الحديقة ، وأنكر المؤجر ذلك ، وكان الأول قد تسلم الحديقة بالفعل حين تسلم العين ، كان ذلك قرينة قوية على أن القصد المشترك للعاقدين يتضمن دخول الحديقة في الإيجار، وذلك ما لم يظهر أن المؤجر ترك المستأجر ينتفع بالحديقة على سبيل التسامح .

وتجب الإشارة إلى الفرق بين إثبات التصرف وتفسيره، فالإثبات يهدف إلى التدليل على وجود التصرف ، أما الغاية من التفسير فهي معرفة المعاني التي يتضمنها على فرض إثباته .

الشك في التعرف على إرادة المتعاقدين :

تنص الفقرة الأولى من المادة 101 مدني على أن : "يفسر الشك في مصلحة المدين" - فإذا لم يتوصل القاضي من تفسير العقد إلى معرفة القصد المشترك العاقدين، وبقى الشك يحوط هذا القصد ، فإن الشك يفسر في مصلحة المدين.

ولا يقصد بالمدين هنا المدين بمعناه العادي، أى الشخص الذي يتحمل بعبء الالتزام، وإنما يقصد بالمدين هذا الشخص الذي من شأن الشرط الغامض أن يضر بمصلحته، ولو كان هو صاحب الحق، فقد يكون هو المؤجر أو المستأجر، ويكون مؤدى تفسير الشرط التخفيف من عبء التزامه.

والأصل أنه لا يجوز تفسير عقد إيجار بالشروط الواردة في عقد إيجار سابق لنفس الشيء، إلا إذا ثبت أن هذا هو قصد المتعاقدين .

أهلية المؤجر:

الراجح في الفقه أن الأهلية الواجب توافرها في المؤجر هي أهلية الإدارة لا أهلية التصرف، لأن المؤجر لا يتصرف في أصل العين المؤجرة، ولا يترتب على التأجير سوى أن المؤجر يمكن المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر مدة معينة.

أما ناقصو الأهلية وهم من بلغو سن التمييز (السابعة دون سن الرشد، وكل من بلغ سن الرشد سفيهاً أو ذا غفلة، فليس لهم أهلية الإيجار فيكون العقد قابلاً للإبطال إذا باشره أحدهم، وهذا البطلان شرع لمصلحة ناقص الأهلية، فلا يجوز لغيره التمسك بهذا البطلان (م 138 مدنی)، ويزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ، وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد (م 139 مدنی)، ويسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به القاصر ومن في حكمه خلال ثلاث سنوات ، ويبدأ سريان هذه المدة من تاريخ زوال سبب نقص الأهلية (م 140 مدنی).

غير أن المشرع منح ناقصي الأهلية في بعض الحالات الحق في إبرام عقد الإيجار، وهذه الحالات هي :

1 - القاصر الذي له أهلية التصرف فيما يسلم له أويوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته .

2 - القاصر الذي بلغ السادسة عشرة فيما يكسبه من عمله من أجر أو غيره .

3 - القاصر المأذون له في الزواج

4 - القاصر المأذون بالإدارة من الولي أو من المحكمة :

5 - القاصر المأذون بالإتجار :

6 - ذو الغفلة والسفيه المأذون بالإدارة :

أن القانون لم يعرض لأهلية ذي الغفلة والسفيه فيما يتعلق بكسب مهما والإذن بزواجهما والإذن لهما بالتجارة، ومن ثم لا تسري عليها الأحكام التي تسري على القاصر في هذه المسائل.

 النيابة القانونية في الإيجار 

(أ) الولي الشرعي :

فالولى الشرعي - سواء كان أباً أو جداً - يملك تأجير منقولات القاصر أی معدة ، أما بالنسبة للعقارات ، فحقه في تأجيرها مقيد بألا تمتد مدة الإيجار إلى ما بعد  بلوغ القاصر سن الرشد بسنة إلا بإذن المحكمة.

(ب) الوصي والقيم ووكيل الغائب :

لا يملك الوصي والقيم ووكيل الغائب بالنسبة الأموال القصر والمحجور عليهم والغائبين إلا أعمال الإدارة .

ومن ثم تسري عليهم حكم المادة 559 مدني التي النفسي بأنه : "لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته ستی ست سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة ، فإذا عقد الإيجار لمدة السر من ذلك ، أنقصت المدة إلى ثلاث سنوات، كل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره.

 (ج) جزاء مخالفة أحكام الولاية والوصاية وما في حكمها :

إذا أجر النائب القانونى مال القاصر لمدة تزيد على الحد القانونى دون إذن المحكمة، فإن الإيجار لا يكون باطلاً ، وإنما يجوز إنقاصه إلى الحد القانوني ، إلا إذا أجازه ناقص الأهلية بعد زوال سبب نقص الأهلية أو أجازته المحكمة ، وحق طلب إنقاص مدة الإيجار إلى الحد القانوني لا يثبت للمستأجر، لأنه مقرر لمصلحة ناقص الأهلية وهو هنا المؤجر ، ويجوز للولي أو الوصي ومن في حكمه طلب إنقاص الإيجار الذي عقده إلى المدة القانونية ، لأن الوصي والقيم لا يرفع الدعوى باسمه ولحسابه حتى يمكن أن يقال أنه يسعى إلى نقص ما أجراه ، ولكنه يرفع الدعوى بأسم ناقص الأهلية ولحسابه ، وهو يباشر في ذلك حقاً ثابتاً للقاصر باعتباره نائباً عنه ، فإذا طلب إنقاص المدة، اعتبر ناقص الأهلية أنه هو الذي يطلبها ممثلاً في شخص من ينوب عنه قانوناً .

ودعوى إنقاص المدة تنتقل مع المال المؤجر إلى مشترى المال لأن المشتري خلف ناقص الأهلية في حقوقه وفي التزاماته بالنسبة إلى المال ويدخل في هذه الحقوق إنقاص المدة .

أهلية المستأجر :

الاستئجار قد يكون عملاً من أعمال الإدارة وقد يكون عملاً من أعمال التصرف ، ومرجع التفرقة بين الاستئجار كعمل من أعمال الإدارة والاستئجار كعمل من أعمال التصرف ، هو ظروف الاستئجار وإلى القصد منه ، فإذا كان المستأجر قد استأجر المال الإدارة شئونه المألوفة ، كمن يستأجر دارا ليسكنها ، أو كمن يستأجر مكانا ليباشر فيه مهنته أو حرفته ، أو كان الاستئجار ليس إلا عملاً تابعاً اقتضته ظروف الإدارة كمن يستأجر آلة من آلات الزراعة ، فإن الإيجار يكون من أعمال الإدارة، أما إذا كان الاستئجار عملا مستقلا لا تابعاً لعمل آخر، و قصد به رأسا استغلال المال بقصد المضاربة ، كمن يستغل ماله في استئجار أرض زراعية ، ومن يستأجر مكاناً ليفرشه ويؤجره من الباطن، فإن الاستئجار يكون من أعمال التصرف .

تثبت أهلية الاستئجار على النحو الآتي :

1 - كل من بلغ رشیداً ، ولم يحكم باستمرار الولاية أو الوصاية أو بتوقيع الحجر عليه للجنون أو العته أو للسفه أو للغفلة ، يستطيع الاستئجار سواء كان الاستئجار من أعمال الإدارة أم من أعمال التصرف ، ويمكنه الاستئجار لأي مدة ولو جاوزت تسع سنوات.

2 - إذا كان الشخص عديم التمييز فإنه لا يجوز له الاستئجار سواء كان من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف، ويقع تصرفه باطلاً .

وإذا صدر الإستئجار من المجنون أو المعتوه قبل تسجيل قرار الحجر ، لم يكن باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العتة شائعة وقت التعاقد أو إذا كان المؤجر على بينة منها (م 114 مدنی).

3 - أما الصبي المميز فإنه يجوز له الاستئجار في الحالات الآتية :

(أ) في حدود المال الذي يسلم له أو يوضع تحت تصرفه عادة من مال لأغراض نفقته، فيجوز له الاستئجار بهذا المال سواء كان الاستئجار من أعمال الإدارة أو التصرف، دون التقيد بمدة معينة للاستئجار .

(ب) إذا بلغ السادسة عشرة وكان يكسب من عمله، فإنه يستطيع أن يستأجر من هذا الكسب وفي حدوده ، سواء كان الاستئجار من أعمال الإدارة أو التصرف ، دون التقيد بمدة معينة للاستئجار.

(ج) إذا كان للقاصر مال وأذنت المحكمة له بالزواج ، فإن ذلك يكون إذناً له في التصرف في المهر والنفقة ، فتستطيع الزوجة أن تستأجر من مهرها لأي مدة ، سواء كان الاستئجار من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف . 

(د) إذا بلغ الثامنة عشرة وأذن في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها فيكون له أهلية الاستئجار إذا كان الاستئجار من أعمال الإدارة ، دون التقيد بمدة معينة للاستئجار ، فيستطيع القاصر استئجار دار لسكناه، ولكنه لا يستطيع استئجار أرض زراعية لاستغلالها.

(هـ) إذا بلغ الثامنة عشرة وأذن له في التجارة. فيكون له في هذه الحالة أن يباشر جميع الأعمال التجارية التي تدخل في هذا الإذن ، فإذا دخل في هذه الأعمال الاستئجار كان له أن يستأجر ، سواء كان الاستئجار من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف ، وله الاستئجار لأي مدة.

ذو الغفلة والسفيه :

إذا حجر على ذي الغفلة والسفيه وسجل قرار الحجر، ثم أذن له في تسلم اموالة وإدارتها، كان له أن يستأجر في الحدود التي يستأجر فيها الصبي المميز الستون له في تسلم أمواله وإدارتها ، فيستطيع إذن أن يستأجر ما دام الاستئجار من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف، و لأية مدة كانت .

أما الاستئجار من ذي الغفلة أو السفيه قبل تسجيل قرار الحجر فهو في أصل صحيح، مالم يكن الاستئجار نتيجة تواطؤ أو استغلال فيكون العقد قابلاً للإبطال لمصلحة ذي الغفلة أو السفيه .

الولي الشرعي :

إذا كان الولى الشرعي هو الأب، فإنه يملك الإدارة والتصرف معاً ، ومن ثم يجوز له استئجار المال للقاصر لأي مدة ، سواء كان الاستئجار من أعمال التصرف أو الإدارة.

أما إذا كان الولى الشرعي هو الجد فإنه يملك الإدارة فقط، ومن ثم فهو يملك الاستئجار للقاصر لأي مدة إذا كان الاستئجار من أعمال الإدارة ولا يملكه إلا بإذن من المحكمة إذا كان من أعمال التصرف.

 الوصي ومن في حكمه :

إذا كان الاستئجار من أعمال الإدارة، فإن الوصي يملكه دون التقيد بمدة معينة ، أما إذا كان الإيجار من أعمال التصرف فلا يملكه الوصي أيا كانت مدته إلا بعد إذن المحكمة .

وما يسري على الوصي يسرى على القيم على المحجور عليه الجنون أو العته أو السفه و على وكيل الغائب.

يحكم إثبات هذه العقود، مواد قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 (المعمول به اعتبارا من أول ديسمبر 1968).

فإذا كانت قيمة العقد تزيد على عشرين جنيها فلا تجوز شهادة الشهود في ثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك (م 1/ 160)، ومن ثم لا يجوز إثبات العقد في هذه الحالة إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها من إقرار ويمين.

ولا يجوز الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد القيمة على عشرين جنيهاً ، فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابی (م 61/أ) ويجوز الإثبات بشهادة الشهود في الحالات الآتية :

1- إذا كان العقد تجارياً (م 60/1 ).

2 - إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة (م 1/62).

3 - إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي (م63/أ).

4 - إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه (م 63/ب).

يجري إثبات عقود الإيجار التي تبرم منذ أول أكتوبر سنة 1992، وفقاً القواعد الإثبات التي تحكم العقود التي تبرم منذ أول ديسمبر سنة 1968 حتی 30/6/1992 ، مع فارق واحد هو أن نصاب الإثبات بالبينة أصبح مائة جنيه بمقتضى المادة السابعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 (المعمول به من 1/10/1992 ) والتي عدلت المادتين 60، 61 من قانون الإثبات.

ثم أصبح خمسمائة جنيه بمقتضى القانون رقم 18 لسنة 1999 المعمول به اعتباراً من 17/7/1999 .

 ثم زيد إلى ألف جنيه بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 2007 المعمول به اعتباراً من 1/10/2007 .

إذا لم يتفق المتعاقدان على مقدار الأجرة أو على كيفية تقديرها ، أو تعذر إثبات مقدار الأجرة، وجب اعتبار أجرة المثل .

لا ينظر في تقدير قيمة الإيجار إلى قيمة منفعة العين المؤجرة، بل ينظر إلى الأجرة المحددة في العقد، فإذا كان المتعاقدان قد حددا مدة للإيجار فإن قيمته تتحدد بجملة الأجرة المستحقة عن هذه المدة كلها، ولو كانت تدفع على أقساط دورية فإذا أجراً منزلاً لمدة سنة بأجرة شهرية قدرها خمسة جنيهات كانت قيمة العقد ستين جنيهاً .

وإذا لم يحدد العقد مدة كما لو كان الإيجار مشاهرة أو سنويا، قابلاً للامتداد مدداً أخرى إلى أن يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر برغبته في إنهاء العقد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  السابع ،الصفحة/ 3)

تعريف الإيجار - توجد في مجال التشريع فكرتان متقابلتان فيما يتعلق بتعريف الإيجار :

الأولى فكرة الشريعة الاسلامية وما نحوها من التقنينات الحديثة ، وهي تعريف عقد الإيجار بأنه تمليك المؤجر للمستأجر متشيعة مقصودة من العين المؤجرة في الشرع ونظر العقلاء بعوض يصلح أجرة ( المادة 577 من مرشد الحيران ).

 وواضح من ذلك أن الشريعة الإسلامية تعتبر الايجار كالبيع من حيث أنه تمليك : أي نقل حق من احد العاقدين إلى الآخر ، وغاية الأمر أن الحق الذي ينتقل بالإيجار هو حق منفعة بينما الحق الذي ينتقل بالبيع هو حق ملكية ، ويترتب على ذلك أن تكون التزامات المؤجر شبيهة بالتزامات البائع من حيث أن كلاً منهما يلتزم بأن يسلم الى المتعاقد معه الشيء المعقود عليه بالحالة التي يكون عليها وقت العقد أو وقت بدء العمل به ، وأن يلتزم كل منهما بأن يترك المتعاقد معه استعمال الحق الذي نقله اليه دون أن يكلف تمكينه من استعماله ، وقد أخذ بهذه الفكرة التقنين المدني المصري الملغي حيث عرف عقد إيجار الأشياء في المادة 362 / 445 منه بأنه عقد يلتزم به المؤجر انتفاع المستأجر بمنافع الشيء المؤجر ومرافقه s  engage a laisser jonir l'autre partie مدة معينة بأجرة معينة .

والفكرة الثانية فكرة التقنينات الغربية التي أخذ بها التقنين الفرنسي وسائر التقنينات التي سارت على منهجه ، فقد عرف التقنين المدني الفرنسي عقد الإيجار في المادة 1709 منه بأنه عقد يلتزم به أحد العاقدين بأن يجعل الآخر ينتفع بشئ s'oblige a faire jouir l'autre partie مدة معينة بأجرة محددة يلتزم هذا الأخير بدفعها . (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 21)

وقد لوحظ أن بين التعريفين فرقاً أساسياً ، من حيث أن الأخير يلقي على المؤجر التزاما ايجابيا بتمكين المستأجر من الانتفاع faire jouir بينما الأول يجعل التزام المؤجر التزاماً سلبياً لا يكلفه الا أن يترك المستأجر ينتفع بمرافق الشيء المؤجر ومنافعه sser jouir وقد ترتبت على هذا الفرق الأساسي فروق أخرى مهمة في مدى الالتزامات المختلفة التي تقع على عاتق المؤجر سيأتي ذكرها في حينه ، من ذلك أن المؤجر يلتزم في القانون الفرنسي بتسليم العين المؤجرة صالحة للانتفاع ( المادة 1720 فقرة أولى فرنسي ) في حين أنه لا يلتزم وفقاً للتقنين المصري الملغي إلا بتسليمها بالحالة التي هي عليها في الوقت المعين الإبتداء انتفاع المستأجر بها ( المادة  369 / 453 ) ، وأن المؤجر ملزم وفقاً للقانون الفرنسي بإجراء ما يلزم من إصلاحات في العين المؤجرة أثناء مدة الإجارة فيما عدا الترميمات الايجارية في (المادة 1720 فقرة ثانية فرنسي) في حين أنه لا يلزم وفقا للتقنين المصرى الملغي بإجراء أية مرمة (المادة 370 فقرة أولى / 453) .

وقد أخذ واضعو التقنين المدني الحالي بهذه الفكرة الأخيرة و عرفوا عقد الايجار بأنه (عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم) ( المادة 558 مدنی)، وسنرى أثر الأخذ بهذا المذهب في التوسيع من مدى التزامات المؤجر.

شروط الانعقاد وشروط السكة - يشترط في إبرام عقد و الإيجار كما في سائر العشود تتوافر نمرود انعقاد وشروط صحة ، والأولى تشمل الرضا والمحل، والسبب ، والثانية تشمل أهلية المتعاقدين وسلامة الرضمها من العيوب التي تشوبه. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس ، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 21) 

الفقة الإسلامي

 الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الأول ، الصفحة /  132

إباحة الانْتفاع:

20 - هذا النّوْع من الإْباحة قدْ يكون مع ملْك الآْذن لعيْن ما أذن الانْتفاع به كإذْن مالك الدّابّة أو السّيّارة لغيْره بركوبها، وإذْن مالك الْكتب للاطّلاع عليْها. وقدْ يكون الإْذْن فيما لا يمْلك عيْنه، ولكنْ يمْلك منْفعته بمثْل الإْجارة أو الإْعارة، إنْ لمْ يشْترطْ فيهما أنْ يكون الانْتفاع شخْصيًّا للْمسْتأْجر والْمسْتعير.

آثار الإْباحة:

24 - إذا ثبتت الإْباحة ثبت لها من الآْثار ما يلي:

1 - رفْع الإْثْم والْحرج.

وذلك ما يدلّ عليْه تعْريف الإْباحة بأنّه لا يترتّب على الْفعْل الْمباح إثْمٌ.

2 - التّمْكين من التّملّك الْمسْتقرّ بالنّسْبة للْعيْن، والاخْتصاص بالنّسْبة للْمنْفعة:

وذلك لأنّ الإْباحة طريقٌ لتملّك الْعيْن الْمباحة. هذا بالنّسْبة للْعيْن. أمّا بالنّسْبة للْمنْفعة الْمباحة فإنّ أثر الإْباحة فيها اخْتصاص الْمباح له بالانْتفاع، وعبارات الْفقهاء في الْمذاهب الْمخْتلفة تتّفق في أنّ تصرّف الْمأْذون له في طعام الْوليمة قبْل وضْعه في فمه لا يجوز بغيْر الأْكْل، إلاّ إذا أذن له صاحب الْوليمة أوْ دلّ عليْه عرْفٌ أوْ قرينةٌ. وبهذا تفارق الإْباحة الْهبة والصّدقة بأنّ فيهما تمْليكًا، كما أنّها تفارق الْوصيّة حيْث تكون هذه مضافةً إلى ما بعْد الْموْت، ولا بدّ فيها منْ إذْن الدّائنين والْورثة أحْيانًا، كما لا بدّ منْ صيغةٍ في الْوصيّة .

25 - هذه هي آثار الإْباحة للأْعْيان في إذْن الْعباد. أمّا آثار الإْباحة للْمنافع فإنّ إباحتها لا تفيد إلاّ حلّ الانْتفاع فقطْ، على ما تقدّم تفْصيله. فحقّ الانْتفاع الْمجرّد منْ قبيل التّرْخيص بالانْتفاع الشّخْصيّ دون الامْتلاك، وملْك الْمنْفعة فيه اخْتصاصٌ حاجزٌ لحقّ الْمسْتأْجر منْ منافع الْمؤجّر، فهو أقْوى وأشْمل؛ لأنّ فيه حقّ الانْتفاع وزيادةً. وآثار ذلك قدْ تقدّم الْكلام عليْها.

الإْباحة والضّمان:

26 - الإْباحة لا تنافي الضّمان في الْجمْلة؛ لأنّ إباحة اللّه - وإنْ كان فيها رفْع الْحرج والإْثْم - إلاّ أنّها قدْ يكون معها ضمانٌ، فإباحة الانْتفاع تقْتضي صيانة الْعيْن الْمباحة عن التّخْريب والضّرر، وما حدث منْ ذلك لا بدّ منْ ضمانه. وإباحة الأْعْيان كأخْذ الْمضْطرّ طعام غيْره لا تمْنع ضمان قيمته إذا كان بغيْر إذْنه؛ لأنّ اللّه جعل للْعبْد حقًّا في ملْكه، فلا ينْقل الْملْك منْه إلى غيْره إلاّ برضاه، ولا يصحّ الإْبْراء منْه إلاّ بإسْقاطه، كما يقول الْقرافيّ في الْفروق.

وحكى الْقرافيّ في هذه الْمسْألة قوْليْن: أحدهما: لا يضْمن؛ لأنّ الدّفْع كان واجبًا على الْمالك، والْواجب لا يؤْخذ له عوضٌ.

والْقوْل الثّاني: يجب، وهو الأْظْهر والأْشْهر؛ لأنّ إذْن الْمالك لمْ يوجدْ، وإنّما وجد إذْن صاحب الشّرْع، وهو لا يوجب سقوط الضّمان، وإنّما ينْفي الإْثْم والْمؤاخذة بالْعقاب.

أمّا إباحة الْعباد بعْضهمْ لبعْضٍ فقدْ تقدّم الْكلام عليْها مفصّلاً.

ما تنْتهي به الإْباحة:

27 - أوّلاً: إباحة اللّه سبْحانه لا تنْتهي منْ جهته هو؛ لأنّه سبْحانه حيٌّ باقٍ، والْوحْي قد انْقطع، فلا وحْي بعْد محمّدٍ صلي الله عليه وسلم وإنّما تنْتهي بانْتهاء دواعيها، كما في الرّخص، فإذا وجد السّفر في نهار رمضان مثلاً وجدت الإْباحة بالتّرْخيص في الْفطْر، فإذا انْتهى السّفر انْتهت الرّخْصة.

28 - ثانيًا: وإباحة الْعباد تنْتهي بأمورٍ:

أ - انْتهاء مدّتها إنْ كانتْ مقيّدةً بزمنٍ، فالْمؤْمنون عنْد شروطهمْ، وإذا فقد الشّرْط فقد الْمشْروط.

ب - رجوع الآْذن في إذْنه، حيْث إنّه ليْس واجبًا عليْه، فهو تبرّعٌ منْه، كما قال جمْهور الْعلماء. وهي لا تنْتهي بمجرّد الرّجوع، بلْ لا بدّ منْ علْم الْمأْذون له به، كما هو مقْتضى قواعد الْحنفيّة، وهو قوْلٌ للشّافعيّ.

وذكر السّيوطيّ في الأْشْباه والنّظائر قوْلاً آخر للشّافعيّ، يفيد أنّ الإْباحة تنْتهي بمجرّد رجوع الآْذن، ولوْ لمْ يعْلم الْمأْذون له.

ج - موْت الآْذن؛ لبطْلان الإْذْن بموْته، فتنْتهي آثاره.

د - موْت الْمأْذون له؛ لأنّ حقّ الانْتفاع رخْصةٌ شخْصيّةٌ له لا تنْتقل إلى ورثته إلاّ إذا نصّ الآْذن على خلافه.

إجازة

تعْريف الإْجارة:

1 - الإْجارة في اللّغة اسْمٌ للأْجْرة، وهي كراء الأْجيروهي بكسْر الْهمْزة، وهو الْمشْهور. وحكي الضّمّ بمعْنى الْمأْخوذ وهو عوض الْعمل، ونقل الْفتْح أيْضًا، فهي مثلّثةٌ، لكنْ نقل عن الْمبرّد أنّه يقال: أجّر وآجر إجارًا وإجارةً. وعليْه فتكون مصْدرًا، وهذا الْمعْنى هو الْمناسب للْمعْنى الاصْطلاحيّ.

2 - وعرّفها الْفقهاء بأنّها عقْد معاوضةٍ على تمْليك منْفعةٍ بعوضٍ.

ويخصّ الْمالكيّة غالبًا لفْظ الإْجارة بالْعقْد على منافع الآْدميّ، وما يقْبل الانْتقال غيْر السّفن والْحيوان، ويطْلقون على الْعقْد على منافع الأْراضي والدّور والسّفن والْحيوانات لفْظ كراءٍ، فقالوا: الإْجارة والْكراء شيْءٌ واحدٌ في الْمعْنى.

3 - وما دامت الإْجارة عقْد معاوضةٍ فيجوز للْمؤجّر اسْتيفاء الأْجْر قبْل انْتفاع الْمسْتأْجر، على التّفْصيل الّذي سيرد في موْضعه، كما يجوز للْبائع اسْتيفاء الثّمن قبْل تسْليم الْمبيع، وإذا عجّلت الأْجْرة تملّكها الْمؤجّر اتّفاقًا دون انْتظارٍ لاسْتيفاء الْمنْفعة، على ما سيأْتي بيانه.

الإْجارة منْ حيْث اللّزوم وعدمه:

4 - الأْصْل في عقْد الإْجارة عنْد الْجمْهور اللّزوم، فلا يمْلك أحد الْمتعاقديْن الانْفراد بفسْخ الْعقْد إلاّ لمقْتضٍ تنْفسخ به الْعقود اللاّزمة، منْ ظهور الْعيْب، أوْ ذهاب محلّ اسْتيفاء الْمنْفعة واسْتدلّوا بقوْله تعالى , أوْفوا بالْعقود.

وقال أبو حنيفة وأصْحابه: يجوز للْمكْتري فسْخ الإْجارة للْعذْر الطّارئ على الْمسْتأْجر مثْل أنْ يسْتأْجر دكّانًا يتّجر فيه، فيحْترق متاعه أوْ يسْرق؛ لأنّ طروء هذا وأمْثاله يتعذّر معه اسْتيفاء الْمنْفعة الْمعْقود عليْها، وذلك قياسًا على هلاك الْعيْن الْمسْتأْجرة وحكى ابْن رشْدٍ أنّه عقْدٌ جائزٌ.

الأْلْفاظ ذات الصّلة:

الْبيْع:

5 - مع أنّ الإْجارة منْ قبيل الْبيْع فإنّها تتميّز بأنّ محلّها بيْع الْمنْفعة لا الْعيْن في حين أنّ عقود الْبيْع كلّها التّعاقد فيها على الْعيْن. كما أنّ الإْجارة تقْبل التّنْجيز والإْضافة، بيْنما الْبيوع لا تكون إلاّ منجّزةً. والإْجارة لا يسْتوْفى الْمعْقود عليْه فيها وهو الْمنْفعة دفْعةً واحدةً، أمّا في الْبيوع فيسْتوْفى الْمبيع دفْعةً واحدةً. كما أنّه ليْس كلّ ما يجوز إجارته يجوز بيْعه، إذْ تجوز إجارة الْحرّ لأنّ الإْجارة فيه على عملٍ، بيْنما لا يجوز أنْ يباع لأنّه ليْس بمالٍ.

الإْعارة:

6 - تفْترق الإْجارة عنْ الإْعارة في أنّ الإْجارة تمْليك منْفعةٍ بعوضٍ، وأنّ الإْعارة إمّا تمْليك منْفعةٍ بلا عوضٍ أوْ إباحة منْفعةٍ، على خلافٍ بيْن الْفقهاء تفْصيله في موْطنه.

الْجعالة:

7 - تفْترق الإْجارة عن الْجعالة في أنّ الْجعالة إجارةٌ على منْفعةٍ مظْنونٍ حصولها ولا ينْتفع الْجاعل بجزْءٍ منْ عمل الْعامل وإنّما بتمام الْعمل وأنّ الْجعالة غيْر لازمةٍ في الْجمْلة.

الاسْتصْناع:

8 - تفْترق الإْجارة (في الأْجير الْمشْترك) عن عقْد الاسْتصْناع (الّذي هو بيْع عيْنٍ شرط فيها الْعمل) في أنّ الإْجارة تكون الْعيْن فيها من الْمسْتأْجر والْعمل من الأْجير، أمّا الاسْتصْناع فالْعيْن والْعمل كلاهما من الصّانع (الأْجير).

صفة الإْجارة (حكْمها التّكْليفيّ) ودليله:

9 - عقْد الإْجارة الأْصْل فيه أنّه مشْروعٌ على سبيل الْجواز.

والدّليل على ذلك الْكتاب والسّنّة والإْجْماع والْمعْقول:

أمّا الْكتاب فمنْه فإنْ أرْضعْن لكمْ فآتوهنّ أجورهنّ.

ومن السّنّة ما رواه أبو سعيدٍ الْخدْريّ رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلي الله عليه وسلم قال: «من اسْتأْجر أجيرًا فلْيعْلمْه أجْره»، وقوْله: «أعْطوا الأْجير أجْره قبْل أنْ يجفّ عرقه»، وقوْله: «ثلاثةٌ أنا خصْمهمْ يوْم الْقيامة وعدّ منْهمْ رجلاً  اسْتأْجر أجيرًا فاسْتوْفى منْه ولمْ يعْطه أجْره» وكذلك فعْله صلي الله عليه وسلم  وتقْريره.

وأمّا الإْجْماع فإنّ الأْمّة أجْمعتْ على الْعمل بها منْذ عصْر الصّحابة وإلى الآْن

وأمّا دليلها من الْمعْقول فلأنّ الإْجارة وسيلةٌ للتّيْسير على النّاس في الْحصول على ما يبْتغونه من الْمنافع الّتي لا ملْك لهمْ في أعْيانها، فالْحاجة إلى الْمنافع كالْحاجة إلى الأْعْيان، فالْفقير محْتاجٌ إلى مال الْغنيّ، والْغنيّ محْتاجٌ إلى عمل الْفقير. ومراعاة حاجة النّاس أصْلٌ في شرْع الْعقود. فيشْرع على وجْهٍ ترْتفع به الْحاجة، ويكون موافقًا لأصْل الشّرْع وهذه هي حكْمة تشْريعها.

الْفصْل الثّاني

أرْكان عقْد الإْجارة

تمْهيدٌ:

10 - يخْتلف الْفقهاء في تعْداد أرْكان عقْد الإْجارة، فالْجمْهور على أنّها: الصّيغة (الإْيجاب والْقبول) والْعاقدان والْمعْقود عليْه (الْمنْفعة والأْجْرة)، وذهب الْحنفيّة إلى أنّها الصّيغة فقطْ، وأمّا الْعاقدان والْمعْقود عليْه فأطْرافٌ للْعقْد ومنْ مقوّماته، فلا قيام للْعقْد إلاّ باجْتماع ذلك كلّه. فالْخلاف لفْظيٌّ لا ثمرة له.

الصّيغة:

11 - صيغة عقْد الإْجارة ما يتمّ بها إظْهار إرادة الْمتعاقديْن منْ لفْظٍ أوْ ما يقوم مقامه، وذلك بإيجابٍ يصْدره الْمملّك، وقبولٍ يصْدره الْمتملّك على ما يرى الْجمْهور، في حين يرى الْحنفيّة أنّ الإْيجاب ما صدر أوّلاً منْ أحد الْمتعاقديْن والْقبول ما صدر بعْد ذلك من الآْخر.

وتفْصيل الْكلام في الصّيغ موْطنه عنْد الْكلام عن الْعقْد.

12 - جمْهور الْفقهاء على أنّ الإْجارة تنْعقد بأيّ لفْظٍ دالٍّ عليْها، كالاسْتئْجار والاكْتراء والإْكْراء. وتنْعقد بأعرْتك هذه الدّار شهْرًا بكذا؛ لأنّ الْعاريّة بعوضٍ إجارةٌ. كما تنْعقد بوهبْتك منافعها شهْرًا بكذا، وصالحْتك على أنْ تسْكن الدّار لمدّة شهْرٍ بكذا، أوْ ملّكْتك منافع هذه الدّار سنةً بكذا، أوْ عوّضْتك منْفعة هذه الدّار سنةً بمنْفعة دارك، أوْ سلّمْت إليْك هذه الدّراهم في خياطة هذا، أوْ في دابّةٍ صفتها كذا، أوْ في حمْلي إلى مكّة، فيقول: قبلْت،مع أنّ هذه الأْلْفاظ لمْ توضعْ في اللّغة لذلك، لكنّها أفادتْ في هذا الْمقام تمْليك الْمنْفعة بعوضٍ.

13 - وتوسّع الْحنابلة في ذلك حتّى قالوا: تنْعقد الإْجارة بلفْظ أجّرْت وما في معْناه كالْكراء، سواءٌ أضافه إلى الْعيْن، نحْو أجّرْتكها أوْ أكْريْتكها، أوْ أضافه إلى النّفْع، نحْو قوْله: أجّرْتك نفْع هذه الدّار، أوْ: ملّكْتك نفْعها. وتنْعقد أيْضًا بلفْظ بيْعٍ مضافًا إلى النّفْع، نحْو قوْله: بعْتك نفْعها، أوْ: بعْتك سكْنى الدّار، ونحْوه. وقالوا: التّحْقيق أنّ الْمتعاقديْن إنْ عرفا الْمقْصود انْعقدتْ بأيّ لفْظٍ كان من الأْلْفاظ الّتي عرف بها الْمتعاقدان مقْصودها، فإنّ الشّارع لمْ يحدّ حدًّا لألْفاظ الْعقْد، بلْ ذكرها مطْلقةً.

وانْعقادها بلفْظ الْبيْع مضافًا إلى الْمنافع قوْلٌ عنْد الْحنفيّة أيْضًا، وقوْلٌ عنْد الشّافعيّة؛ لأنّه صنْفٌ من الْبيْع؛ لأنّه تمْليكٌ يتقسّط الْعوض فيه على الْمعوّض، كالْبيْع، فانْعقد بلفْظه.

14 - وفي الْقوْل الأْصحّ عنْد الشّافعيّة وقوْلٌ عنْد الْحنفيّة لا تنْعقد الإْجارة بلفْظ: بعْتك منْفعتها؛ لأنّ الْمنْفعة ممْلوكةٌ بالإْجارة، ولفْظ الْبيْع وضع لتمْليك الْعيْن، فذكْره في الْمنْفعة مفْسدٌ؛ لأنّه ليْس بكنايةٍ عن الْعقْد، ولأنّه يخالف الْبيْع في الاسْم والْحكْم، ولأنّ بيْع الْمعْدوم باطلٌ، والْمنافع الْمعْقود عليْها معْدومةٌ وقْت الْعقْد كما يقول الْحنفيّة.

الإْجارة بالْمعاطاة.

15 - أجاز الْحنفيّة والْمالكيّة والْحنابلة التّعاقد بالأْفْعال في الأْشْياء الْخسيسة والنّفيسة ما دام الرّضا قدْ تحقّق وفهم الْقصْد، وهو قوْلٌ عنْد الشّافعيّة اخْتاره النّوويّ وجماعةٌ. وقيّد الْقدوريّ الْحنفيّ الْجواز بأنّه في الأْشْياء الْخسيسة دون النّفيسة. وهو قوْلٌ أيْضًا عنْد الشّافعيّة، والْمذْهب عنْدهم الْمنْع، والْعبْرة بما تدلّ عليْه ظروف الْحال، كأنْ تكون الْعيْن الْمؤجّرة معدّةً للاسْتغْلال، كمنْ يبيت في الْخان (الْفنْدق) فإنّه يكون بأجْرٍ.

وبناءً على أصْل مذْهب الشّافعيّة منْ منْع عقود الْمعاطاة لوْ دفع ثوْبًا إلى خيّاطٍ ليخيطه، ففعل، ولمْ يذْكرْ أحدهما أجْرةً، فلا أجْرة له. وقيل: له أجْرة مثْله لاسْتهْلاكه منْفعته. وقيل: إنْ كان معْروفًا بذلك الْعمل بالأْجْر فله أجْرة مثْله، وإلاّ فلا.

تنْجيز الإْجارة وإضافتها وتعْليقها:

16 - الأْصْل في الإْجارة أنْ تكون منجّزةً، فإذا لمْ يوجدْ ما يصْرف الصّيغة عن التّنْجيز، أوْ لمْ ينصّ على بداية الْعقْد، فإنّ الإْجارة تبْدأ منْ وقْت الْعقْد، وتكون منجّزةً.

هذا، ويخْتلف الْحكْم في إضافة صيغة الإْجارة إلى الْمسْتقْبل بيْن أنْ تكون إجارةً على عيْنٍ أوْ ثابتةً في الذّمّة.

فالإْجارة الثّابتة في الذّمّة هي الْواردة على منْفعةٍ موْصوفةٍ مع الْتزامها في الذّمّة، كأنْ يسْتأْجر سيّارةً موْصوفةً بصفاتٍ يتّفق عليْها، ويقول: ألْزمْت ذمّتك إجارتي إيّاها.

فإنْ أطْلق ولمْ يذْكر الذّمّة كانتْ إجارة عيْنٍ. وإجارة الْعيْن هي الْواردة على منْفعة معيّنٍ، كالْعقار والْحيوان ومنْفعة الإْنْسان. فالْجمْهور لمْ يفرّقوا بيْن هذيْن في صحّة الإْضافة للْمسْتقْبل. وذهب الشّافعيّة في الأْصحّ عنْدهمْ إلى أنّ الإْضافة صحيحةٌ فيما يثْبت في الذّمّة، لا فيما كانتْ واردةً على الأْعْيان، إلاّ في بعْض صورٍ مسْتثْناةٍ أجازوا فيها الإْضافة في إجارة الأْعْيان إذا كانت الْمدّة بيْن الْعقْد وبيْن الْمدّة الْمضاف إليْها زمنًا يسيرًا، كأنْ تعْقد الإْجارة ليْلاً لمنْفعة النّهار التّالي، أوْ يعْقد الإْجارة على سيّارةٍ للْحجّ قبْل أنْ يبْدأ، بشرْط أنْ يكون قدْ تهيّأ أهْل بلده. على أنّ الرّافعيّ والنّوويّ يريان أنّ التّفْرقة لفْظيّةٌ؛ لأنّ إجارة الذّمّة أيْضًا واردةٌ على الْعيْن؛ أيْ على منْفعتها.

17 - ولمّا كان الأْصْل في الإْجارة اللّزوم كما سبق فلا يسْتقلّ أحد الْعاقديْن بفسْخها، إلاّ أنّ الإْمام محمّدًا في إحْدى الرّوايتيْن عنْه يقول: إنّ الإْجارة الْمضافة يجوز لكلٍّ منْ طرفي الْعقْد الانْفراد بفسْخها قبْل حلول بدْء مدّتها.

18 - اتّفق الْفقهاء على أنّ الإْجارة غيْر قابلةٍ للتّعْليق - كالْبيْع - وصرّح قاضي زادهْ من الْحنفيّة بذلك، وقال: «الإْجارة لا تقْبل التّعْليق.»

وقدْ ترد الإْجارة في صورة التّعْليق، ولكنّها في الْحقيقة إضافةٌ، كما لوْ قال لخيّاطٍ: إنْ خطْت وقدْ ترد الإْجارة في صورة التّعْليق، ولكنّها في الْحقيقة إضافةٌ، كما لوْ قال لخيّاطٍ: إنْ خطْت هذا الثّوْب الْيوْم فبدرْهمٍ، أوْ غدًا فبنصْف درْهمٍ. ويمْكن أنْ يقال: إنّ هذه الصّورة منْ قبيل تعْليق الْحطّ منْ أجْرٍ - وهو جائزٌ - لا تعْليق الإْجارة.

19 - يشْترط في الصّيغة لانْعقاد الْعقْد أنْ تكون واضحة الدّلالة في لغة الْمتعاقديْن وعرْفهما، قاطعةً في الرّغْبة، دون تسْويفٍ أوْ تعْليقٍ، إلاّ ما يجوز منْ ترْديد الإْجارة بيْن شيْئيْن، كأنْ يقول: آجرْتك هذه الدّار بكذا شهْريًّا، أوْ هذه الدّار بكذا، فقبل في إحْداهما - على ما سيأْتي عنْد الْكلام عنْ محلّ الْعقْد.

20 - ويشْترط أنْ يكون الْقبول موافقًا للإْيجاب في جميع جزْئيّاته، بأنْ يقْبل الْمسْتأْجر ما أوْجبه الْمؤجّر، وبالأْجْرة الّتي أوْجبها، حتّى يتوافق الرّضا بالْعقْد بيْن طرفيْه. كما يشْترط اتّصال الْقبول بالإْيجاب في مجْلس الْعقْد إنْ كانا حاضريْن، أوْ في مجْلس الْعلْم إنْ كان التّعاقد بيْن غائبيْن، دون أنْ يفْصل بيْن الْقبول والإْيجاب فاصلٌ مطْلقًا عنْد الشّافعيّ، لاشْتراطه الْفوْريّة، ولا فاصلٌ بعيدٌ عنْ موْضوع التّعاقد أوْ مغيّرٌ للْمجْلس، عنْد الْجمْهور الّذين يعْتبرون الْمجْلس وحْدةً جامعةً للْمتفرّقات، دالّةً على قيام الرّغْبةوبيان ذلك في مصْطلح (عقْد) .

21 - ويشْترط في الصّيغة لصحّة الْعقْد عدم تقْييدها بشرْطٍ ينافي مقْتضى الْعقْد، أوْ يحقّق مصْلحةً لأحد الْمتعاقديْن أوْ لغيْرهما لا يقْتضيها الْعقْد، كأنْ يشْترط الْمؤجّر لنفْسه منْفعة الْعيْن فتْرةً، على خلافٍ وتفْصيلٍ للْفقهاء في ذلك، موْطنه الْكلام عن الشّرْط وعن الْعقْد عامّةً.

22 - كما يشْترط لنفاذ الإْجارة - فضْلاً عنْ شروط الانْعقاد والصّحّة - صدور الصّيغة ممّنْ له ولاية التّعاقد. كما يشْترط خلوّ الصّيغة منْ شرْط الْخيار، إذْ خيار الشّرْط يمْنع حكْم الْعقْد ابْتداءً، ولا معْنى لعدم النّفاذ إلاّ هذا.

ويشْترط للزوم الإْجارة، فضْلاً عنْ جميع الشّروط السّابقة، خلوّها منْ أيّ خيارٍ. ويقول الْكاسانيّ: لا تنْفذ الإْجارة في مدّة الْخيار؛ لأنّ الْخيار يمْنع انْعقاد الْعقْد في حقّ الْحكْم ما دام الْخيار قائمًا، لحاجة منْ له الْخيار إلى دفْع الْغبْن عنْ نفْسه. واشْتراطه جائزٌ في الإْجارة عنْد كلٍّ من الْحنفيّة والْمالكيّة والْحنابلة وقوْلٍ للشّافعيّة في الإْجارة على معيّنٍ.

أمّا الإْجارة في الذّمّة فقدْ منع الشّافعيّة خيار الشّرْط فيها، كما منعوه في قوْلٍ عنْدهمْ في الإْجارة على معيّ.

الْمبْحث الثّاني

الْعاقدان وما يشْترط فيهما

الْعاقدان:

23 - منْ أرْكان عقْد الإْجارة عنْد غيْر الْحنفيّة الْعاقدان- الْمؤجّر والْمسْتأْجر - والْحنفيّة يعْتبرونها منْ أطْراف الْعقْد لا منْ أرْكانه.

ويشْترط فيهما للانْعقاد الْعقْل، فلا تنْعقد الإْجارة من الْمجْنون ولا من الصّبيّ الّذي لا يميّز، فلا خلاف في أنّها لا تنْعقد إلاّ منْ جائز التّصرّف في الْمال.

ويشْترط في الْعاقديْن للصّحّة أنْ يقع بيْنهما عنْ تراضٍ، فإذا وقع الْعقْد مشوبًا بإكْراهٍ فإنّه يفْسد. كما يشْترط الشّافعيّة والْحنابلة ومنْ معهمْ للصّحّة ولاية إنْشاء الْعقْد، فعقْد الْفضوليّ يعْتبر عنْدهمْ فاسدًا.

ويشْترط في الْعاقديْن للنّفاذ عنْد أبي حنيفة ألاّ يكون الْعاقد مرْتدًّا إنْ كان رجلاً؛ لأنّه يرى أنّ تصرّفاته تكون موْقوفةً، بيْنما الصّاحبان وجمْهور الْفقهاء لا يشْترطون ذلك لأنّ تصرّفات الْمرْتدّ عنْدهمْ نافذةٌ.

كما يشْترط أنْ يكون الْعاقد له ولاية إنْشاء الْعقْد عنْد الْحنفيّة والْمالكيّة الّذين يروْن أنّ الْولاية شرْطٌ للنّفاذ، بيْنما يرى الآْخرون أنّها شرْطٌ للصّحّة كما سبق.

إجارة الصّبيّ:

24 - إجارة الصّبيّ الْمميّز نفْسه بأجْرٍ لا غبْن فيه تصحّ إنْ كان مأْذونًا له منْ وليّه، خلافًا للشّافعيّة، إذْ منعوها مطْلقًا، فإنْ وقعت اسْتحقّ أجْرًا. واخْتلفوا هلْ هو الْمسمّى أوْ أجْر الْمثْل.وإنْ كان محْجورًا عليْه كان الْعقْد موْقوفًا على الإْجازة عنْد الْحنفيّة، وفي الرّاجح عنْد الْمالكيّة وروايةً عنْ أحْمد؛ لأنّ الْولاية شرْطٌ للنّفاذ لا للصّحّة، وكان الْعقْد غيْر صحيحٍ عنْد الشّافعيّة، وفي قوْلٍ عنْد الْمالكيّة وروايةٍ عنْ أحْمد؛ لأنّ الْولاية عنْدهمْ شرْطٌ لصحّة الْعقْد وانْعقاده لا لنفاذه.

25 - وإجارة منْ له الْولاية على الصّبيّ نفْس الصّبيّ أوْ ماله نافذةٌ، لوجود الإْنابة من الشّرْع. وإذا بلغ الصّبيّ قبْل انْتهاء الْمدّة الّتي تمّ عليْها عقْد الإْجارة ففي لزوم الْعقْد اتّجاهان، فقيل بلزوم الْعقْد لأنّه عقْدٌ لازمٌ عقد بحقّ الْولاية، فلمْ يبْطلْ بالْبلوغ، كما لوْ باع داره أوْ زوّجه. وهو قوْلٌ للشّافعيّة اعْتبره الشّيرازيّ الصّحيح في الْمذْهب، وقوْلٌ للْحنابلة اعْتبره ابْن قدامة الْمذْهب، وهو مذْهب الْحنفيّة في إجارة أمْواله.

والاتّجاه الثّاني أنّه يصير غيْر لازمٍ، ويخيّر في الإْجارة؛ لأنّه بالْبلوغ انْتهت الْولاية، وهو مذْهب الْمالكيّة، وقوْلٌ عنْد كلٍّ من الشّافعيّة والْحنابلة، ومذْهب الْحنفيّة في إجارة نفْس الصّغير؛ لأنّ في اسْتيفاء الْعقْد إضْرارًا به لأنّه بعْد الْبلوغ تلْحقه الأْنفة منْ خدْمة النّاس، ولأنّ الْمنافع تحْدث شيْئًا فشيْئًا،

والْعقْد ينْعقد على حسب حدوث الْمنافع، فكان له خيار الْفسْخ، كما إذا عقد ابْتداءً بعْد الْبلوغ.

وهناك قوْلٌ عنْد الْحنابلة أنّه إذا أجّره مدّةً يتحقّق بلوغه في أثْنائها فإنّ الْعقْد لا يلْزم بعْد الْبلوغ؛ لأنّنا لوْ قلْنا بلزومه فإنّه يفْضي إلى أنْ يعْقد الْوليّ على جميع منافعه طول عمره، وإلى أنْ يتصرّف فيه في غيْر زمن ولايته عليْه، أمّا إذا أجّره لمدّةٍ لا يتحقّق بلوغه فيها فبلغ فإنّ الْعقْد يكون لازمًا.

الْمبْحث الثّالث: محلّ الإْجارة محلّ الإْجارة:

الْكلام هنا يتناول منْفعة الْعيْن الْمؤجّرة، والأْجْرة.

أوّلاً - منْفعة الْعيْن الْمؤجّرة:

26 - الْمعْقود عليْه في الإْجارة مطْلقًا عنْد الْحنفيّة هو الْمنْفعة، وهي تخْتلف باخْتلاف محلّها وعنْد الْمالكيّة والشّافعيّة أنّ الْمعْقود عليْه إمّا إجارة منافع أعْيانٍ، وإمّا إجارة منافع في الذّمّة واشْترطوا في إجارة الذّمّة تعْجيل النّقْد، للْخروج من الدّيْن بالدّيْن.

وعنْد الْحنابلة محلّ الْعقْد أحد ثلاثةٍ:

الأْوّل: إجارة عملٍ في الذّمّة في محلٍّ معيّنٍ أوْ موْصوفٍ. وجعلوه نوْعيْن: اسْتئْجار الْعامل مدّةً لعملٍ بعيْنه، واسْتئْجاره على عملٍ معيّنٍ في الذّمّة كخياطة ثوْبٍ ورعْي غنْمٍ.

الثّاني: إجارة عيْنٍ موْصوفةٍ في الذّمّة.

الثّالث: إجارة عيْنٍ معيّنةٍ لمدّةٍ محدّدةٍ.

ويشْترط لانْعقاد الإْجارة على الْمنْفعة شروطٌ هي:

27 - أوّلاً: أنْ تقع الإْجارة عليْها لا على اسْتهْلاك الْعيْن. وهذا لا خلاف فيه، غيْر أنّ ابْن رشْدٍ روى أنّ هناك منْ جوّزها في كلٍّ منْهما لأنّ ذلك كلّه منْفعةٌ مباحةٌ. كما توسّع الشّافعيّة في الْمنْفعة فأدْخلوا الْكثير من الصّور ويتفرّع على هذا صورٌ كثيرةٌ تسْتهْلك فيها الْعيْن تبعًا كإجارة الظّئْر، وإنْزاء الْفحْل، واسْتئْجار الشّجر للثّمر.

فالْحنفيّة ينصّون على أنّ الإْجارة لا تنْعقد على إتْلاف الْعيْن ذاتها، والْمالكيّة ينصّون على أنّه لا يجوز اسْتيفاء عيْنٍ قصْدًا، كما نصّ الْحنابلة على أنّ الإْجارة لا تنْعقد إلاّ على نفْعٍ يسْتوْفى مع بقاء الْعيْن إلاّ إذا كانت الْمنافع يقْتضي اسْتيفاؤها إتْلاف الْعيْن كالشّمْعة للإْضاءة.

28 - ثانيًا: أنْ تكون الْمنْفعة متقوّمةً مقْصودة الاسْتيفاء بالْعقْد، فلا تنْعقد اتّفاقًا على ما هو مباحٌ بدون ثمنٍ لأنّ إنْفاق الْمال في ذلك سفهٌ.

والْمذاهب في تطْبيق ذلك الشّرْط بيْن مضيّقٍ وموسّعٍ. وأكْثرهمْ في التّضْييق الْحنفيّة، حتّى إنّهمْ لمْ

يجيزوا اسْتئْجار الأْشْجار للاسْتظْلال بها، ولا الْمصاحف للنّظر فيها. ويقْرب منْهم الْمالكيّة، لكنّهمْ أجازوا إجارة الْمصاحف وإنْ كرهوا ذلك. بيْنما توسّع الْحنابلة، حتّى أجازوا الإْجارة على كلّ منْفعةٍ مباحةٍ. ويقْرب منْهم الشّافعيّة، إلاّ أنّهمْ لمْ يجيزوا بعْض ما أجازه الْحنابلة، كإجارة الدّنانير للتّجْميل، والأْشْجار لتجْفيف الثّياب، في الْقوْل الصّحيح عنْدهمْ.

29 - ثالثًا ويشْترط أنْ تكون الْمنْفعة مباحة الاسْتيفاء. وليْستْ طاعةً مطْلوبةً، ولا معْصيةً ممْنوعةً. وهذا الشّرْط موْضع تفْصيلٍ وخلافٍ بيْن الْمذاهب مذْكورٌ فيما بعْد (ف 108)

30 - رابعًا: ويشْترط في الْمنْفعة لصحّة الإْجارة: الْقدْرة على اسْتيفائها حقيقةً وشرْعًا. فلا تصحّ إجارة الدّابّة الْفارّة، ولا إجارة الْمغْصوب منْ غيْر الْغاصب، لكوْنه معْجوزًا عنْ تسْليمه، ولا الأْقْطع والأْشلّ للْخياطة بنفْسه، فهي منافع لا تحْدث إلاّ عنْد سلامة الأْسْباب.

وعلى هذا فلا تجوز إجارة ما لا يقْدر عليْه الْمسْتأْجر، ويحْتاج فيه إلى غيْره. وانْبنى على هذا الْقوْل بعدم جواز اسْتئْجار الْفحْل للإْنْزاء، والْكلْب والْباز للصّيْد، والْقوْل بعدم جواز إجارة الظّئْر دون إذْن زوْجها؛ لأنّه مانعٌ شرْعيٌّ يحول دون إجارتها. وتفْصيل ذلك فيما بعْد (ف 116)

31 - خامسًا: ويشْترط فيها أيْضًا لصحّة الإْجارة: أنْ تكون معْلومةً علْمًا ينْفي الْجهالة الْمفْضية للنّزاع.

وهذا الشّرْط يجب تحقّقه في الأْجْرة أيْضًا؛ لأنّ الْجهالة في كلٍّ منْهما تفْضي إلى النّزاع. وهذا موْضع اتّفاقٍ.

معْلوميّة الْمنْفعة:

32 - تتعيّن الْمنْفعة ببيان الْمحلّ. وقدْ تتعيّن بنفْسها كما إذا اسْتأْجر رجلاً لخياطة ثوْبه وبيّن له جنْس الْخياطة. وقدْ تعْلم بالتّعْيين والإْشارة، كمن اسْتأْجر رجلاً لينْقل له هذا الطّعام إلى موْضعٍ معْلومٍ.

وعنْد الْحنابلة وفي رأْيٍ عنْد الشّافعيّة اشْتراط رؤْية الْعيْن الْمؤجّرة قبْل الإْجارة، وإلاّ فللْمسْتأْجر خيار الرّؤْية. غيْر أنّ الْحنابلة يقْصرون اشْتراطه علىبعْض الإْجارات، كرؤْية الصّبيّ في إجارة الظّئْر، وفي إجارة الأْرْض للزّراعة، بيْنما الشّافعيّة يعمّمون ذلك.

34 - ويعْتبر جمْهور الْفقهاء الْعرْف في تعْيين ما تقع عليْه الإْجارة منْ منْفعةٍ، فكيْفيّة الاسْتعْمال تصْرف إلى الْعرْف والْعادة. والتّفاوت في هذا يسيرٌ لا يفْضي إلى الْمنازعة.

وللشّافعيّة في اسْتحْقاق الأْجْر بعْد اسْتيفاء الْمنْفعة أرْبعة أوْجهٍ:

الأْوّل: أنّه تلْزمه الأْجْرة، وهو قوْل الْمزنيّ؛ لأنّه اسْتهْلك عمله فلزمه أجْرته.

والثّاني: أنّه إنْ قال له: خطْه، لزمه. وإنْ بدأ الرّجل، فقال: أعْطني لأخيطه، لمْ تلْزمْه. وهو قوْل أبي إسْحاق؛ لأنّه إذا أمره فقدْ ألْزمه بالأْمْر. والْعمل لا يلْزم منْ غيْر أجْرةٍ لزمتْه، وإذا لمْ يأْمرْه لمْ يوجدْ ما يوجب الأْجْرة، فلمْ تلْزمْ.

والثّالث: أنّه إذا كان الصّانع معْروفًا بأخْذ الأْجْرة على الْخياطة لزمه، وإذا لمْ يكنْ معْروفًا بذلك لمْ يلْزمْه، وهو قوْل أبي الْعبّاس؛ لأنّه إذا كان معْروفًا بأخْذ الأْجْرة صار الْعرْف في حقّه كالشّرْط.

والرّابع: وهو الْمذْهب، أنّه لا يلْزمه بحالٍ؛ لأنّه بذل ماله منْ غيْر عوضٍ فلمْ يجبْ له الْعوض، كما لوْ بذل طعامه لمنْ أكله.

ومنْ هنا يتبيّن أنّ أبا الْعبّاس من الشّافعيّة مع الْجمْهور في تحْكيم الْعرْف.

35 - وتتعيّن الْمنْفعة أيْضًا ببيان الْمدّة، إذا كانت الْمنْفعة معْروفةً بذاتها، كاسْتئْجار الدّور للسّكْنى. فإنّ الْمدّة إذا كانتْ معْلومةً كان قدْر الْمنْفعة معْلومًا، والتّفاوت بكثْرة السّكّان يسيرٌ، كما يرى الْحنفيّة. ويرى الصّاحبان أنّ كلّ ما كان أجْرةً يجب بالتّسْليم، ولا يعْلم وقْت التّسْليم، فهو باطلٌ، ويرى الإْمام جوازه.

وهذا الشّرْط غيْر مطّردٍ، فلا بدّ منْه في بعْض الإْجارات، كالْعبْد للْخدْمة، والْقدْر للطّبْخ، والثّوْب للّبْس. وفي الْبعْض لا يشْترط.

والْحنابلة وضعوا ضابطًا واضحًا، فهمْ يشْترطون أنْ تكون الْمدّة معْلومةً في إجارة الْعيْن لمدّةٍ، كالدّار والأْرْض والآْدميّ للْخدْمة أوْ للرّعْي أوْ للنّسْج أوْ للْخياطة؛ لأنّ الْمدّة هي الضّابط للْمعْقود عليْه، ويعْرف بها. وقيل فيها: إنّه يشْترط أنْ يغْلب على الظّنّ بقاء الْعيْن فيها وإنْ طالت الْمدّة. وأمّا إجارة الْعيْن لعملٍ معْلومٍ، كإجارة دابّةٍ موْصوفةٍ في الذّمّة للرّكوب عليْها إلى موْضعٍ معيّنٍ، فإنّه لا اعْتبار للْمدّة فيها.

ويوافقهم الشّافعيّة في ذلك عمومًا.

ويقْرب منْ هذا الْمالكيّة، إذْ قالوا: يتحدّد أكْثر الْمدّة في بعْض الإْجارات، كإجارة الدّابّة لسنةٍ، والْعامل لخمْسة عشر عامًا، والدّار حسب حالتها، والأْرْض لثلاثين عامًا. أمّا الأْعْمال في الأْعْيان، كالْخياطة ونحْوها، فلا يجوز تعْيين الزّمان فيها.

36 - كما تتعيّن الْمنْفعة بتعْيين الْعمل في الأْجير الْمشْترك، وذلك في اسْتئْجار الصّنّاع في الإْجارة الْمشْتركة؛ لأنّ جهالة الْعمل في الاسْتئْجار على الأْعْمال جهالةٌ مفْضيةٌ إلى الْمنازعة، فلوْ اسْتأْجر صانعًا، ولمْ يسمّ له الْعمل، من الْخياطة أو الرّعْي أوْ نحْو ذلك، لمْ يجز الْعقْد، وإنّما لا بدّ منْ بيان جنْس الْعمل ونوْعه وقدْره وصفته.

أمّا في الأْجير الْخاصّ فإنّه يكْفي في إجارته بيان الْمدّة. يقول الشّيرازيّ: إنْ كانت الْمنْفعة معْلومة الْقدْر بنفْسها، كخياطة ثوْبٍ، قدّرتْ بالْعمل؛ لأنّها معْلومةٌ في نفْسها فلا تقدّر بغيْرها... وإن اسْتأْجر رجلاً لبناء حائطٍ لمْ يصحّ الْعقْد حتّى يذْكر الطّول والْعرْض وما يبْنى به.

37 - وتتعيّن الْمنْفعة ببيان الْعمل والْمدّة معًا: كأنْ يقول شخْصٌ لآخر: اسْتأْجرْتك لتخيط لي هذا الثّوْب الْيوْم. فقدْ عيّن الْمنْفعة بالْعمل، وهو خياطة الثّوْب، كما عيّنه بالْمدّة، وهو كلمة: الْيوْم.

وللْفقهاء في هذا الْجمْع بيْن التّعْيين بالْعمل والْمدّة اتّجاهان:

اتّجاهٌ يرى أنّ هذا لا يجوز، ويفْسد به الْعقْد إذْ الْعقْد على الْمدّة يقْتضي وجوب الأْجْر منْ غيْر عملٍ إذْ يعْتبر أجيرًا خاصًّا، وببيان الْعمل يصير أجيرًا

مشْتركًا، ويرْتبط الأْجْر بالْعمل. وهذا هو رأْي أبي حنيفة والشّافعيّة وروايةٌ عنْد الْحنابلة.

والاتّجاه الثّاني جواز الْجمْع؛ لأنّ الْمقْصود في الْعقْد هو الْعمل، وذكْر الْمدّة إنّما جاء للتّعْجيل. وهو قوْل صاحبيْ أبي حنيفة والْمالكيّة وروايةٌ عنْد الْحنابلة.

وسيأْتي بيان هذا عنْد الْكلام عن الأْجير الْخاصّ والأْجير الْمشْترك.

38 - ويشْترط في الْمنْفعة للزوم الْعقْد ألاّ يطْرأ عذْرٌ يمْنع الانْتقاع بها، كما يرى الْحنفيّة على ما ذكرْنا عنْدهمْ؛ لأنّ الإْجارة وإنْ كان الأْصْل فيها أنّها عقْدٌ لازمٌ اتّفاقًا، ولا يجوز فسْخها بالإْرادة الْمنْفردة، إلاّ أنّهمْ قالوا: إنّها شرعتْ للانْتفاع، فاسْتمْرارها مقيّدٌ ببقاء الْمنْفعة، فإذا تعذّر الانْتفاع كان الْعقْد غيْر لازمٍ. وقدْ نصّ الْمالكيّة أيْضًا على أنّ الإْجارة تفْسخ بتعذّر ما يسْتوْفى فيه الْمنْفعة، وإنْ لمْ تعيّنْ حال الْعقْد، كدارٍ وحانوتٍ وحمّامٍ وسفينةٍ ونحْوها. وكذا في الدّابّة إنْ عيّنتْ. وقالوا: إنّ التّعذّر أعمّ من التّلف.

ويتّجه الشّافعيّة في قوْلٍ عنْدهمْ إلى اعْتبار الْعذْر مقْتضيًا الْفسْخ، إذْ قالوا بانْفساخ الْعقْد بتعذّر اسْتيفاء الْمعْقود عليْه، كمن اسْتأْجر رجلاً ليقْلع له ضرْسًا، فسكن الْوجع على ما سيأْتي عنْد الْكلام عن انْقضاء الإْجارة بالْفسْخ.

إجارة الْمشاع:

39 - إذا كانت الْعيْن الْمتعاقد على منْفعتها مشاعًا، وأراد أحد الشّريكيْن إجارة منْفعة حصّته، فإجارتها للشّريك جائزةٌ بالاتّفاق. أمّا إجارتها لغيْر الشّريك فإنّ الْجمْهور (الصّاحبيْن من الْحنفيّة والشّافعيّة والْمالكيّة وفي قوْلٍ لأحْمد) يجيزونها أيْضًا؛ لأنّ الإْجارة أحد نوْعي الْبيْع، فتجوز إجارة الْمشاع كما يجوز بيْعه، والْمشاع مقْدور الانْتفاع بالْمهايأة، ولهذا جاز بيْعه. جاء في الْمغْني: واخْتار أبو حفْصٍ الْعكْبريّ جواز إجارة الْمشاع لغيْر الشّريك. وقدْ أوْمأ إليْه أحْمد؛ لأنّه عقْدٌ في ملْكه يجوز مع شريكه، فجاز مع غيْره كالْبيْع، ولأنّه يجوز إذا فعله الشّريكان معًا فجاز لأحدهما فعْله في نصيبه مفْردًا كالْبيْع.

وعنْد أبي حنيفة وزفر وهو وجْهٌ في مذْهب أحْمد لا تجوز لأنّ اسْتيفاء الْمنْفعة في الْجزْء الشّائع لا يتصوّر إلاّ بتسْليم الْباقي، وذلك غيْر متعاقدٍ عليْه، فلا يتصوّر تسْليمه شرْعًا. والاسْتيفاء بالْمهايأة لا يمْكن على الْوجْه الّذي يقْتضيه الْعقْد، إذ التّهايؤ بالزّمن انْتفاعٌ بالْكلّ بعْض الْمدّة، والتّهايؤ بالْمكان انْتفاعٌ يكون بطريق الْبدل عمّا في يد صاحبه، وهذا ليْس مقْتضى الْعقْد.

الأْجْرة هي ما يلْتزم به الْمسْتأْجر عوضًا عن الْمنْفعة الّتي يتملّكها. وكلّ ما يصْلح أنْ يكون ثمنًا في الْبيْع يصْلح أنْ يكون أجْرةً في الإْجارة، وقال الْجمْهور: إنّه يشْترط في الأْجْرة ما يشْترط في الثّمن.

ويجب الْعلْم بالأْجْر لقوْل النّبيّ صلي الله عليه وسلم :«من اسْتأْجر أجيرًا فلْيعْلمْه أجْره» وإنْ كان الأْجْر ممّا يثْبت ديْنًا في الذّمّة كالدّراهم والدّنانير والْمكيلات والْموْزونات والْمعْدودات الْمتقاربة فلا بدّ منْ بيان جنْسه ونوْعه وصفته وقدْره. ولوْ كان في الأْجْر جهالةٌ مفْضيةٌ للنّزاع فسد الْعقْد، فإن اسْتوْفيت الْمنْفعة وجب أجْر الْمثْل، وهو ما يقدّره أهْل الْخبْرة.

41 - وجوّز الْجمْهور أنْ تكون الأْجْرة منْفعةً منْ جنْس الْمعْقود عليْه. يقول الشّيرازيّ: ويجوز إجارة الْمنافع منْ جنْسها ومنْ غيْر جنْسها، لأنّ الْمنافع في الإْجارة كالأْعْيان في الْبيْع. ثمّ الأْعْيان يجوز بيْع بعْضها ببعْضٍ، فكذلك الْمنافع. ويقول ابْن رشْدٍ: أجاز مالكٌ إجارة دارٍ بسكْنى دارٍ أخْرى, ويقول الْبهوتيّ ما خلاصته: يجوز إجارة دارٍ بسكْنى دارٍ أخْرى أوْ بتزْويج امْرأةٍ، لقصّة شعيْبٍ عليه السلام ؛ لأنّه جعل النّكاح عوض الأْجْرة. ومنع ذلك الْحنفيّة، إلاّ أنْ تكون الأْجْرة منْفعةً منْ جنْسٍ آخر، كإجارة السّكْنى بالْخدْمة.

42 - ومن الْفقهاء منْ لا يجيز أنْ تكون الأْجْرة بعْض الْمعْمول، أوْ بعْض النّاتج من الْعمل الْمتعاقد عليْه، لما فيه منْ غررٍ؛ لأنّه إذا هلك ما يجْري فيه الْعمل ضاع على الأْجير أجْره، وقدْ «نهى النّبيّ صلي الله عليه وسلم عنْ قفيز الطّحّان» ولأنّ الْمسْتأْجر يكون عاجزًا عنْ تسْليم الأْجْرة، ولا يعدّ قادرًا بقدْرة غيْره. وهو مذْهب الْحنفيّة والْمالكيّة والشّافعيّة. ومثاله: سلْخ الشّاة بجلْدها، وطحْن الْحنْطة ببعْض الْمطْحون منْها، لجهالة مقْدار الأْجْر؛ لأنّه لا يسْتحقّ جلْدها إلاّ بعْد السّلْخ، ولا يدْري هلْ يخْرج سليمًا أوْ مقطّعًا.

وذهب الْحنابلة إلى جواز ذلك إذا كانت الأْجْرة جزْءًا شائعًا ممّا عمل فيه الأْجير، تشْبيهًا بالْمضاربة والْمساقاة، فيجوز دفْع الدّابّة إلى منْ يعْمل عليْها بنصْف ربْحها والزّرْع أو النّخْل إلى منْ يعْمل فيه بسدس ما يخْرج منْه؛ لأنّه إذا شاهده علمه بالرّؤْية وهي أعْلى طرق الْعلْم.

والْمالكيّة في بعْض الصّور الّتي يمْكن فيها علْم الأْجْر بالتّقْدير يتّجهون وجْهة الْحنابلة، فيقولون: إنْ قال: احْتطبْه ولك النّصْف، أو: احْصدْه ولك النّصْف، فيجوز إنْ علم ما يحْتطبه بعادةٍ. ومثْل ذلك في جذّ النّخْل ولقْط الزّيْتون وجزّ الصّوف ونحْوه. وعلّة الْجواز الْعلْم. ولوْ قال: احْتطبْ، أو: احْصدْ ولك نصْف ما احْتطبْت أوْ حصدْت، فذلك جائزٌ على أنّه منْ قبيل الْجعالة وهي يتسامح فيها ما لا يتسامح في الإْجارة.

وقدْ أوْرد الزّيْلعيّ الْحنفيّ صورةً منْ هذا الْقبيل، وهي أنْ يدْفع إلى الْحائك غزْلاً ينْسجه بالنّصْف. وقال: إنّ مشايخ بلْخٍ جوّزوه لحاجة النّاس، لكنْ قال في الْفتاوى الْهنْديّة: الصّحيح خلافه.

أثر الإْخْلال بشرْطٍ من الشّروط الشّرْعيّة:

43 - إذا اخْتلّ شرْطٌ منْ شروط الانْعقاد بطلت الإْجارة، وإنْ وجدتْ صورتها؛ لأنّ ما لا ينْعقد فوجوده في حقّ الْحكْم وعدمه بمنْزلةٍ واحدةٍ. ولا يوجب فيه الْحنفيّة الأْجْر الْمسمّى، ولا أجْر الْمثْل الّذي يقْضون به إذا ما اخْتلّ شرْطٌ منْ شروط الصّحّة الّتي لا ترْجع لأصْل الْعقْد والّتي يعْتبرون الْعقْد مع الإْخْلال بشيْءٍ منْها فاسدًا؛ لأنّهمْ يفرّقون بيْن الْبطْلان والْفساد؛ إذْ يروْن أنّ الْعقْد الْباطل ما لمْ يشْرعْ بأصْله ولا بوصْفه. أمّا الْفاسد فهو عنْدهمْ ما شرع بأصْله دون وصْفه. ولذا كان للْعقْد وجودٌ معْتبرٌ منْ ناحيته، فجهالة الْمأْجور أو الأْجْرة أوْ مدّة الْعمل أو اشْتراط ما لا يقْتضيه عقْد الإْجارة منْ شروطٍ، كلّ ذلك يجب فيه أجْر الْمثْل عنْدهمْ باسْتيفاء الْمنْفعة، بشرْط ألاّ يزيد أجْر الْمثْل عن الْمسمّى عنْد الإْمام وصاحبيْه. أمّا منْ غيْر اسْتيفاء شيْءٍ من الْمنْفعة فلا شيْء له عنْد الْحنفيّة وفي روايةٍ عنْ أحْمد.

44 - وجمْهور الْفقهاء لا يفرّقون بيْن الْعقْد الْباطل والْعقْد الْفاسد في هذا، ويروْن الْعقْد غيْر صحيحٍ بفوات ما شرط الشّارع، لكوْنه منْهيًّا عنْه. والنّهْي يقْتضي عدم وجود الْعقْد شرْعًا، سواءٌ أكان النّهْي لخللٍ في أصْل الْعقْد، أوْ لوصْفٍ ملازمٍ له، أوْ طارئٍ عليْه. والنّهْي في الْجميع ينْتج عدم ترتّب الأْثر عليْه، ويكون انْتفاع الْمسْتأْجر غيْر مشْروعٍ، ولا يلْزمه الأْجْر الْمسمّى، وإنّما يلْزمه أجْر الْمثْل بالغًا ما بلغ إذا قبض الْمعْقود عليْه أو اسْتوْفى الْمنْفعة، أوْ مضى زمنٌ يمْكن فيه الاسْتيفاء، لأنّ الإْجارة كالْبيْع، والْمنْفعة كالْعيْن، والْبيْع الْفاسد كالصّحيح في اسْتقْرار الْبدل، فكذلك في الإْجارة، هذا عنْد الشّافعيّ ومثْله مذْهب مالكٍ وأحْمد فيما إذا كان قد اسْتوْفى الْمنْفعة أوْ شيْئًا منْها. وأمّا إذا كان قدْ قبض الْمعْقود عليْه، ومضى زمانٌ يمْكن فيه الاسْتيفاء، فعنْ أحْمد روايةٌ بلزوم أجْر الْمثْل؛ لأنّه عقْدٌ فاسدٌ على منافع لمْ يسْتوْفها، فلمْ يلْزمْه عوضها.

إذا كانت الإْجارة صحيحةً ترتّب عليْها حكْمها الأْصْليّ، وهو ثبوت الْملْك في الْمنْفعة للْمسْتأْجر، وفي الأْجْرة الْمسمّاة للْمؤجّر.

وهناك أحْكامٌ تبعيّةٌ، وهي الْتزام الْمؤجّر بتسْليم الْعيْن للْمسْتأْجر، وتمْكينه من الانْتفاع بها، والْتزام الْمسْتأْجر بالْمحافظة عليْها.

وإذا كانتْ الإْجارة على عملٍ، والأْجير مشْتركٌ، فإنّ الأْجير يلْتزم بالْقيام بالْعمل مع الْمحافظة على الْعيْن، وتسْليمها بعْد الانْتهاء من الْعمل. وإنْ كان الأْجير خاصًّا كان الأْصْل الْمدّة، وكان الْعمل تبعًا، وإنْ كانت الإْجارة على الْعمل فقطْ، كالْمعلّم والظّئْر، كان الالْتزام منْصبًّا على الْعمل أوْ على الْمدّة، حسْبما كانتْ إجارةً مشْتركةً أوْ خاصّةً. وسيأْتي بيان ذلك.

تملّك الْمنْفعة، وتملّك الأْجْرة، ووقْته:

46 - يتّجه الْحنفيّة والْمالكيّة إلى أنّ الأْجْرة لا تسْتحقّ بنفْس الْعقْد، وإنّما تسْتحقّ باشْتراط التّعْجيل أو اسْتيفاء الْمعْقود عليْه. وزاد الْحنفيّة: التّعْجيل

بالْفعْل. يقول الْكاسانيّ ما حاصله: إنّ الأْجْرة لا تمْلك إلاّ بأحد معانٍ ثلاثةٍ:

أحدها: شرْط التّعْجيل في نفْس الْعقْد لقوْله صلي الله عليه وسلم : «الْمسْلمون عنْد شروطهمْ»...

والثّاني: التّعْجيل منْ غيْر شرْطٍ، قياسًا على الْبيْع في جواز تعْجيل الثّمن قبْل تسْليم الْمبيع؛ لأنّ الإْجارة بيْعٌ كما تقدّم.

الثّالث: اسْتيفاء الْمعْقود عليْه؛ لأنّه لمّا ملك الْمعوّض فيمْلك الْمؤجّر الْعوض في مقابلته، تحْقيقًا للْمعاوضة الْمطْلقة، وتسْويةً بيْن الْعاقديْن.

47 - والْقاعدة عنْد الْمالكيّة التّأْجيل خلافًا للْبيْع، فالأْصْل فيه التّعْجيل، إلاّ في أرْبعة مسائل يجب فيها تعْجيل الأْجْرة، وهي: إنْ شرط ذلك، أوْ جرتْ به الْعادة كما في كراء الدّور والدّوابّ للسّفر إلى الْحجّ، أوْ إذا عيّن الأْجْر، كأنْ يكون ثوْبًا معيّنًا، فإنّه يجب التّعْجيل، فإنْ لمْ يشْترط التّعْجيل في هذه الْحالة فسدت الإْجارة. ويجب التّعْجيل أيْضًا إذا كان الأْجْر لمْ يعيّنْ والْمنافع مضْمونةً في ذمّة الْمؤجّر. فإنْ شرع فيها فلا بأْس، وإنْ لمْ يشْرعْ لأكْثر منْ ثلاثة أيّامٍ فلا يجوز إلاّ إذا عجّل جميع الأْجْر،

وإلاّ أدّى إلى ابْتداء الدّيْن بالدّيْن.

وقيل: لا بدّ منْ تعْجيل جميع الأْجْرة ولوْ شرع؛ لأنّ قبْض الأْوائل ليْس قبْضًا للأْواخر.

على أنّه يسْتثْنى منْ وجوب تعْجيل جميع الأْجْرة (فيما إذا لمْ يشْرعْ في اسْتعْمال الْمأْجور) - على الْقوْل الْمعْتمد - صورةٌ يتعسّر فيها الشّروع وهي: ما إذا كان محلّ الإْجابة دابّةً للسّفر ونحْوها، وكانتْ مسافة السّفر بعيدةً، والسّفر في غيْر وقْت سفر النّاس عادةً، وكانت الأْجْرة كثيرةً، فلا يشْترط تعْجيل جميعها بلْ يكْتفى بتعْجيل الْيسير من الأْجْرة الْكثيرة، فإنْ كانتْ يسيرةً وجب تعْجيل جميعها. وهذا في غيْر الصّانع والأْجير، فليْس لهما أجْرةٌ إلاّ بعْد التّمام عنْد الاخْتلاف، وأمّا عنْد التّراضي فيجوز تعْجيل الْجميع وتأْخيره. كما قالوا: تفْسد الإْجارة إنْ وقعتْ بأجْرٍ معيّنٍ، وانْتفى عرْف تعْجيل الْمعيّن؛ لأنّ فيه بيْعًا معيّنًا يتأخّر قبْضه، وليْس لأنّه ديْنٌ بديْنٍ. وتفْسد في هذه الْحالة، ولوْ عجّل الأْجْر بالْفعْل بعْد الْعقْد، إذْ لا تصحّ إلاّ إذا شرط تعْجيله وعجّل. وقالوا: إذا أراد الصّنّاع والأْجراء تعْجيل الأْجْرة قبْل الْفراغ، وامْتنع ربّ الْعمل، حملوا على الْمتعارف بيْن النّاس، فإنْ لمْ يكنْ لهمْ سنّةٌ لمْ يقْض لهمْ بشيْءٍ إلاّ بعْد الْفراغ.

وأمّا في الأْكْرية في دارٍ أوْ راحلةٍ أوْ في الإْجارة على بيْع السّلع كالسّمْسرة أوْ نحْوها، فبقدْر ما مضى، فإذا لمْ يكن الأْجْر معيّنًا ولمْ يشْرطْ تعْجيله، ولمْ تجْر الْعادة بتعْجيله، ولمْ تكن الْمنافع مضْمونةً، فلا يجب تعْجيل الأْجْر. وإذا لمْ يجب التّعْجيل كان مياومةً، أيْ كلّما

اسْتوْفى منْفعة يوْمٍ أوْ تمكّن من اسْتيفائها، لزمتْه أجْرته، أوْ بعْد تمام الْعمل.

48 - ويتّجه الشّافعيّة والْحنابلة إلى أنّ الْعقْد إذا أطْلق وجبت الأْجْرة بنفْس الْعقْد. ويجب تسْليمها بتسْليم الْعيْن والتّمْكين من الانْتفاع وإنْ لمْ ينْتفعْ فعْلاً؛ لأنّه عوضٌ أطْلق ذكْره في عقْد الْمعاوضة فيسْتحقّ بمطْلق الْعقْد كالثّمن والْمهْر. فإذا اسْتوْفى الْمنْفعة اسْتقرّت الأْجْرة.

وإنْ كانت الإْجارة على عملٍ فإنّ الأْجْر يمْلك بالْعقْد أيْضًا، ويثْبت ديْنًا في ذمّة الْمسْتأْجر بمجرّد الْعقْد، لكنْ لا يسْتحقّ تسْليمه إلاّ عنْد تسْليمه الْعمل أوْ إيفائه أوْ يمْضي الْمدّة إنْ كان الأْجير خاصًّا. وإنّما توقّف اسْتحْقاقه على تسْليم الْعمل لأنّه عوضٌ. وفارق الإْجارة على الأْعْيان؛ لأنّ تسْليمها أجْري مجْرى تسْليم نفْعها. وإذا اسْتوْفى الْمسْتأْجر الْمنافع، أوْ مضت الْمدّة ولا حاجز له عن الانْتفاع، اسْتقرّ الأْجْر؛ لأنّه قبض الْمعْقود عليْه، فاسْتقرّ الْبدل، أوْ لأنّ الْمنافع تلفتْ باخْتياره.

وإذا تمّت الإْجارة، وكانتْ على مدّةٍ، ملك الْمسْتأْجر الْمنافع الْمعْقود عليْها إلى تلْك الْمدّة، ويكون حدوثها على ملْكه؛ لأنّه صار مالكًا للتّصرّف فيها، وهي مقدّرة الْوجود.

إيجار الْمسْتأْجر الْعيْن لآخر:

49 - جمْهور الْفقهاء (الْحنفيّة والْمالكيّة والشّافعيّة والأْصحّ عنْد الْحنابلة) على جواز إيجار الْمسْتأْجر إلى غيْر الْمؤجّر الشّيْء الّذي اسْتأْجره وقبضه في مدّة الْعقْد، ما دامت الْعيْن لا تتأثّر باخْتلاف الْمسْتعْمل، وقدْ أجازه كثيرٌ منْ فقهاء السّلف، سواءٌ أكان بمثْل الأْجْرة أمْ بزيادةٍ. وذهب الْقاضي من الْحنابلة إلى منْع ذلك  

مطْلقًا لأنّ النّبيّ صلي الله عليه وسلم  «نهى عنْ ربْح ما لمْ يضْمنْ»والْمنافع لمْ تدْخلْ في ضمانه، فلمْ يجزْ. والأْوّل أصحّ لأنّ قبْض الْعيْن قام مقام قبْض الْمنافع.

إيجار الْمسْتأْجر لغيْر الْمؤجّر بزيادةٍ:

49 م - ذهب الْمالكيّة والشّافعيّة إلى جواز ذلك مطْلقًا، أيْ سواءٌ أكانت الأْجْرة الثّانية مساويةً أمْ زائدةً أمْ ناقصةً؛ لأنّ الإْجارة بيْعٌ كما تقدّم، فله أنْ يبيعها بمثْل الثّمن، أوْ بزيادةٍ أوْ بنقْصٍ كالْبيْع، ووافقهمْ أحْمد في أصحّ الأْقْوال عنْده.

وذهب الْحنفيّة إلى جواز الإْجارة الثّانية إنْ لمْ تكن الأْجْرة فيها منْ جنْس الأْجْرة الأْولى، للْمعْنى السّابق، أمّا إن اتّحد جنْس الأْجْرتيْن فإنّ الزّيادة لا تطيب للْمسْتأْجر. وعليْه أنْ يتصدّق، وصحّت الإْجارة الثّانية لأنّ الْفضْل فيه شبْهةٌ. أمّا إنْ أحْدث زيادةً في الْعيْن الْمسْتأْجرة فتطيب الزّيادة لأنّها في مقابلة الزّيادة الْمسْتحْدثة.

وذهب الْحنابلة في قوْلٍ ثانٍ لهمْ إلى أنّه إنْ أحْدث الْمسْتأْجر الأْوّل زيادةً في الْعيْن جاز له الزّيادة في الأْجْر دون اشْتراط اتّحاد جنْس الأْجْر أو اخْتلافه، وسواءٌ أذن له الْمؤجّر أوْ لمْ يأْذنْ.

وللإْمام أحْمد قوْلٌ ثالثٌ أنّه إنْ أذن الْمؤجّر بالزّيادة جاز، وإلاّ فلا.

فجمْهور الْفقهاء يجيزونه بعْد الْقبْض على التّفْصيل السّابق.

50 - أمّا قبْل الْقبْض فيجوز عنْد الْمالكيّة مطْلقًا عقارًا كان أوْ منْقولاً، بمساوٍ أوْ بزيادةٍ أوْ بنقْصانٍ، وهو غيْر الْمشْهور عنْد الشّافعيّة وأحد الْوجْهيْن عنْد الْحنابلة؛ لأنّ الْمعْقود عليْه هو الْمنافع، وهي لا تصير مقْبوضةً بقبْض الْعيْن فلا يؤثّر فيها الْقبْض. وفي الْمشْهور عنْد الشّافعيّة، ووجْهٌ آخر عنْد الْحنابلة: لا يجوز، كما لا يجوز بيْع الْمبيع قبْل قبْضه.

وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى جواز ذلك في الْعقار دون الْمنْقول. وذهب محمّدٌ إلى عدم الْجواز مطْلقًا. وهذا الْخلاف مبْنيٌّ على اخْتلافهمْ في جواز بيْع الْعقار قبْل قبْضه. وقيل: إنّه لا خلاف بيْنهمْ في عدم جواز ذلك في الإْجارة.

51 - وأمّا إجارة الْعيْن الْمسْتأْجرة للْمؤجّر فالْمالكيّة

والشّافعيّة يجيزونها مطْلقًا، عقارًا أوْ منْقولاً، قبْل الْقبْض أوْ بعْده، وهو أحد وجْهيْن للْحنابلة. والْوجْه الثّاني لهمْ أنّه لا يجوز قبْل الْقبْض، بناءً على عدم جواز بيْع ما لمْ يقْبضْ ومنع الْحنفيّة إيجارها للْمؤجّر مطْلقًا، عقارًا كان أوْ منْقولاً قبْل الْقبْض أوْ بعْده، ولوْ بعْد مسْتأْجرٍ آخر.

وهلْ إذا أجّرها ثانٍ للْمؤجّر الأْوّل تبْطل الإْجارة الأْولى؟ رأْيان؛ الصّحيح لا تبْطل، والثّاني تبْطل، وذلك لأنّ إيجارها للْمؤجّر تناقضٌ؛ لأنّ الْمسْتأْجر مطالبٌ بالأْجْرة للْمؤجّر، فيصْبح دائنًا ومدينًا منْ جهةٍ واحدةٍ، وهذا تناقضٌ.

إجارة الْحيوان

101 - إجارة الْحيوان تنْطبق عليْها شروط الإْجارة وأحْكامها السّابقة، إلاّ أنّ هناك صورًا منْ إجارة بعْض الْحيوانات لها أحْكامٌ تخصّها كإجارة الْكلْب ونحْوه للْحراسة، فإنّ الْحنفيّة منعوها لأنّه لا يمْكن للإْنْسان حمْله على منْفعة الْحراسة بضرْبٍ أوْ غيْره. أمّا إجارة الْكلْب الْمعلّم للصّيْد فمحلّ خلافٍ في جوازه وعدمه بيْن الْفقهاء يرْجع إلى بيانه وتفْصيله في محلّه «صيْد».

وفي إجارة الْفحْل للضّراب خلافٌ، فجمْهور الْفقهاء الْحنفيّة وظاهر مذْهب الشّافعيّة وأصْل مذْهب الْحنابلة، على منْعه لنهْي النّبيّ  في الْحديث الْمتّفق عليْه عنْ عسْب الْفحْل.

غيْر أنّ الْحنابلة قالوا: إن احْتاج إنْسانٌ إلى ذلك، ولمْ يجدْ منْ يطْرق له، جاز أنْ يبْذل الْكراء، وليْس للْمطْرق أخْذه. قال عطاءٌ: لا يأْخذ عليْه شيْئًا، ولا بأْس أنْ يعْطيه إذا لمْ يجدْ منْ يطْرق له، ولأنّ ذلك بذْل مالٍ لتحْصيل منْفعةٍ مباحةٍ تدْعو الْحاجة إليْها. وقالوا: إنْ أطْرق إنْسانٌ فحْله بغيْر إجارةٍ ولا شرْطٍ، فأهْديتْ له هديّةٌ، فلا بأْس.

ونقل عنْ مالكٍ وبعْض الشّافعيّة وأبي الْخطّاب من الْحنابلة الْجواز، وهو مذْهب الْحسن وابْن سيرين، تشْبيهًا له بسائر الْمنافع، وللْحاجة إليْه، كإجارة الظّئْر للرّضاع، ولأنّه يجوز أنْ يسْتباح بالإْعارة، فجاز أنْ يسْتباح بالإْجارة، كسائر الْمنافع.

والْجمْهور على أنّه لا يجوز أنْ تفْضي إجارة الْحيوان إلى بيْع عيْنٍ منْ نتاجه، كتأْجير الشّاة لأخْذ لبنها؛ لأنّ الْمقْصود الأْصْليّ في عقْد الإْجارة هو الْمنْفعة لا الأْعْيان.

وفي قوْلٍ عنْد الْحنابلة: تجوز إجارة الْحيوان للبنه، وقاله الشّيْخ تقيّ الدّين، وهو غيْر صحيحٍ في الْمذْهب.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثالث ، الصفحة /  232

اسْتِحْقَاقُ الأْجْرَةِ:

29 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأْجْرَةَ لَوِ اسْتُحِقَّتْ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلِيَّةً أَوْ عَيْنًا قِيَمِيَّةً، فَإِنْ كَانَتِ الأْجْرَةُ عَيْنًا قِيَمِيَّةً وَاسْتُحِقَّتْ بَطَلَتِ الإْجَارَةُ، وَتَجِبُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ (أَجْرُ الْمِثْلِ) لاَ قِيمَةُ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَتِ الأْجْرَةُ مِثْلِيَّةً لَمْ تَبْطُلِ الإْجَارَةُ وَيَجِبُ الْمِثْلُ. فَلَوْ دَفَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أُجْرَةً فَاسْتُحِقَّتْ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَشَرَةٌ مِثْلُهَا لاَ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اسْتُحِقَّتِ الأْجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ مِنْ يَدِ الْمُؤَجِّرِ، كَالدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ الاِسْتِحْقَاقُ قَبْلَ حَرْثِ الأْرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ أَوْ قَبْلَ زَرْعِهَا، فَإِنَّ الإْجَارَةَ تَنْفَسِخُ مِنْ أَصْلِهَا، وَيَأْخُذُ الأْرْضَ صَاحِبُهَا، وَإِنِ اسْتُحِقَّتْ بَعْدَ حَرْثِ الأْرْضِ أَوْ زَرْعِهَا فَإِنَّ الإْجَارَةَ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لاَ تَنْفَسِخُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ مَالَهُ مِنَ الْمُؤَجِّرِ، وَلَمْ يُجِزِ الإْجَارَةَ، كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَتَبْقَى الأْرْضُ لَهُ، كَمَا كَانَتْ أَوَّلاً.

وَإِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْمُسْتَحِقُّ مَالَهُ مِنَ الْمُؤَجِّرِ وَأَبْقَاهُ لَهُ وَأَجَازَ الإْجَارَةَ، فَإِنْ دَفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةَ حَرْثِهِ كَانَ الْحَقُّ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الأْرْضِ مُدَّةَ الإْجَارَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُسْتَحِقُّ دَفْعَ أُجْرَةِ الْحَرْثِ قِيلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ: ادْفَعْ لِلْمُسْتَحِقِّ أُجْرَةَ الأْرْضِ، وَيَكُونُ لَكَ مَنْفَعَتُهَا، فَإِنْ دَفَعَ انْتَهَى الأْمْرُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ قِيلَ لَهُ: سَلِّمْ الأْرْضَ لَهُ مَجَّانًا مُدَّةَ الإْجَارَةِ بِلاَ مُقَابِلٍ عَنِ الْحَرْثِ.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأْجْرَةُ شَيْئًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالنُّقُودِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَاسْتُحِقَّ، فَإِنَّ الإْجَارَةَ لاَ تَنْفَسِخُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الاِسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْحَرْثِ أَمْ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ لِقِيَامِ عِوَضِهِ مَقَامَهُ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  السابع   ، الصفحة / 203

إِيجَارٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - الإْيجَارُ: مَصْدَرُ آجَرَ، وَفِعْلُهُ الثُّلاَثِيُّ أَجَرَ.

يُقَالُ: آجَرَ الشَّيْءُ يُؤَجِّرُهُ إِيجَارًا. وَيُقَالُ: آجَرَ فُلاَنٌ فُلاَنًا دَارَهُ أَيْ: عَاقَدَهُ عَلَيْهَا.

وَالْمُؤَاجَرَةُ: الإْثَابَةُ  وَإِعْطَاءُ الأْجْرِ .

وَآجَرْتُ الدَّارَ أُوجِرُهَا إِيجَارًا، فَهِيَ مُؤَجَّرَةٌ.

وَالاِسْمُ: الإْجَارَةُ.

وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: إِجَارَةٌ ج 1 252)

وَالإْيجَارُ (أَيْضًا) مَصْدَرٌ لِلْفِعْلِ أَوْجَرَ، وَفِعْلُهُ الثُّلاَثِيُّ (وَجَرَ)، يُقَالُ: أَوْجَرَهُ: إِذَا أَلْقَى الْوُجُورَ فِي حَلْقِهِ.

هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَلَمْ يَخْرُجِ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الإْيجَارَ  بِمَعْنَى: صَبِّ اللَّبَنِ أَوِ الدَّوَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي الْحَلْقِ.

وَاشْتَهَرَ عِنْدَهُمُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الإْجَارَةِ  بِمَعْنَى: بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ.

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ:

2 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ إِيجَارَ لَبَنِ امْرَأَةٍ فِي حَلْقِ طِفْلٍ رَضِيعٍ فِيمَا بَيْنَ الْحَوْلَيْنِ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، كَارْتِضَاعِهِ مِنْ ثَدْيِهَا؛ لأِنَّ  الْمُؤَثِّرَ فِي التَّحْرِيمِ هُوَ حُصُولُ الْغِذَاءِ بِاللَّبَنِ وَإِنْبَاتِ اللَّحْمِ وَإِنْشَازِ الْعَظْمِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم: «لاَ رَضَاعَ إِلاَّ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالإْيجَارِ؛ لأِنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْجَوْفِ، وَبِذَلِكَ يُسَاوِي الاِرْتِضَاعَ مِنَ الثَّدْيِ فِي التَّحْرِيمِ.

وَفِي هَذَا خِلاَفٌ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ أَيْضًا فِي عَدَدِ الرَّضَعَاتِ الَّتِي تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ.

وَلِلتَّفْصِيلِ (ر: رَضَاعٌ).

وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي وُصُولِ شَيْءٍ لِجَوْفِ الصَّائِمِ بِالإْيجَارِ مُكْرَهًا، هَلْ يَصِيرُ بِهِ مُفْطِرًا أَمْ لاَ؟ يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: لَوْ أَوْجَرَ الصَّائِمُ مُكْرَهًا، أَوْ كَانَ نَائِمًا وَصُبَّ فِي حَلْقِهِ شَيْءٌ، كَانَ مُفْطِرًا بِذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: مَنْ أُوجِرَ مُكْرَهًا لَمْ يَكُنْ مُفْطِرًا بِذَلِكَ؛ لاِنْتِفَاءِ الْفِعْلِ وَالْقَصْدِ مِنْهُ، وَلِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».

مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:

3 - يَأْتِي تَفْصِيلُ الإْيجَارِ  بِمَعْنَى صَبِّ شَيْءٍ فِي الْحَلْقِ فِي الرَّضَاعِ وَالصَّوْمِ، كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ، وَذَلِكَ بِإِيجَارِ سُمٍّ فِي فَمِ إِنْسَانٍ.

 الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس والعشرون ، الصفحة / 118

إجَارَةُ السُّكْنَى.

بَيَانُ مَحِلِّ السُّكْنَى.

السُّكْنَى مَنْفَعَةٌ مِنَ الْمَنَافِعِ لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ مَحَلٍّ تُسْتَوْفَى مِنْهُ. وَهَذَا الْمَحَلُّ هُوَ الدُّورُ، وَبَيَانُ الْمَحَلِّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الإْجَارَةِ.

وَيَتَحَقَّقُ بَيَانُهُ بِبَيَانِ الْعَيْنِ الَّتِي وَقَعَتِ الإْجَارَةُ  عَلَى مَنْفَعَتِهَا، كَمَا إِذَا قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِلسُّكْنَى، أَوْ يَقُولُ الْمُؤَجِّرُ: أَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ. فَلَوْ قَالَ: أَجَّرْتُكَ إِحْدَى هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ لِلسُّكْنَى، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ؛ لِجَهَالَةِ مَحَلِّ الْعَقْدِ جَهَالَةً مُفْضِيَةً لِلنِّزَاعِ .

وَلاَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَنْ يَسْكُنُهَا، وَلاَ مَا سَيَعْمَلُ فِيهَا؛  لأِنَّ الْعُرْفَ كَافٍ فِي ذَلِكَ. وَ لأِنَّ مَنَافِعَ السُّكْنَى غَيْرُ مُتَفَاوِتَةٍ، وَالتَّفَاوُتُ فِيهَا مُتَسَامَحٌ فِيهِ عُرْفًا.

يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ: وَلَمْ يُشْتَرَطْ بَيَانُ مَا يُعْمَلُ فِيهِ؛  لأِنَّ الإْجَارَةَ  شُرِعَتْ لِلاِنْتِفَاعِ، وَالدُّورُ وَالْمَنَازِلُ وَالْبُيُوتُ وَنَحْوُهَا مُعَدَّةٌ لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا لِلسُّكْنَى، وَمَنَافِعُ الْعَقَارِ الْمُعَدِّ لِلسُّكْنَى مُتَقَارِبَةٌ؛  لأِنَّ النَّاسَ لاَ يَتَفَاوَتُونَ فِي السُّكْنَى، فَكَانَتْ مَعْلُومَةً مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ، وَكَذَا الْمَنْفَعَةُ لاَ تَتَفَاوَتُ بِكَثْرَةِ السُّكَّانِ وَقِلَّتِهِمْ إِلاَّ تَفَاوُتًا يَسِيرًا، وَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْعَدَمِ، وَكَذَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ نَفْسَهُ وَأَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ .

وَتُرَاعَى فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ الإْجَارَةِ، انْظُرْ (إِجَارَة).

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الرابع والثلاثون ، الصفحة /  213

كِرَاءُ الْعَقِبِ

التَّعْرِيفُ:

1 - الْكِرَاءُ - بِالْمَدِّ - الأْجْرَةُ، وَهُوَ فِي الأْصْلِ مَصْدَرٌ مِنْ كَارَيْتُهُ مِنْ بَابِ قَاتَلَ، وَالْفَاعِلُ مُكَارٍ عَلَى النَّقْصِ، وَالْجَمْعُ مُكَارُونَ، وَمُكَارِينَ، مِثْلُ: قَاضُونَ وَقَاضِينَ، وَأَكْرَيْتُهُ الدَّارَ وَغَيْرَهَا إِكْرَاءً فَاكْتَرَاهُ بِمَعْنَى آجَرْتُهُ فَاسْتَأْجَرَ، وَالْكَرِيُّ عَلَى فَعِيلٍ مُكْرِي الدَّوَابِّ . وَالْعُقْبُ فِي الأْصْلِ مَجِيءُ الشَّيْءِ بِعَقِبِ الشَّيْءِ الآْخَرِ أَيْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: الْمُتَعَاقِبَانِ، أَيْ يَأْتِي كُلٌّ مِنْهُمَا عَقِبَ صَاحِبِهِ، وَالْعُقْبَةُ: النَّوْبَةُ وَالْجَمْعُ عُقَبٌ، مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَتَعَاقَبُوا عَلَى الرَّاحِلَةِ رَكِبَ كُلُّ وَاحِدٍ عُقْبَةً .

وَكِرَاءُ الْعَقِبِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّةً لِرَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا وَذَا أَيَّامًا أُخَرَ، أَوْ لِيَرْكَبَ هَذَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً مِنَ الطَّرِيقِ وَذَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً أُخْرَى، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الإْجَارَةُ  بِهَذَا الاِسْمِ؛ لأِنَّ  كُلًّا مِنْهُمَا يَعْقُبُ صَاحِبَهُ وَيَرْكَبُ مَوْضِعَهُ .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

2 - قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْعَقِبِ وَلَهُ صُورَتَانِ:

الأْولَى: أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّتَهُ لِرَجُلَيْنِ لِيَرْكَبَ هَذَا أَيَّامًا وَذَا أَيَّامًا مَعْلُومَةً بِالتَّنَاوُبِ، أَوْ لِيَرْكَبَ أَحَدُهُمَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً كَنِصْفِ الطَّرِيقِ أَوْ رُبُعِهِ مَثَلاً وَيَرْكَبَ الآْخَرُ مَسَافَةً مَعْلُومَةً أُخْرَى مَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ عَادَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ هُنَاكَ عَادَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ اتُّبِعَتْ.

وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا شَخْصًا لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ مَضْبُوطًا - كَمَا سَبَقَ - بِزَمَانٍ أَوْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَتَيْنِ وَيَرْكَبَ الْمُؤَجِّرُ الْبَعْضَ الآْخَرَ تَنَاوُبًا مَعَ عَدَمِ شَرْطِ الْبُدَاءَةِ بِالْمُؤَجِّرِ - كَمَا هُوَ نَصُّ الشَّافِعِيَّةِ - سَوَاءٌ أَشَرَطَاهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَمْ أَطْلَقَا أَوْ قَالاَ لِيَرْكَبْ أَحَدُنَا، وَسَوَاءٌ وَرَدَتِ الإْجَارَةُ  عَلَى الْعَيْنِ أَمْ فِي الذِّمَّةِ، لِثُبُوتِ الاِسْتِحْقَاقِ حَالاً، وَالتَّأْخِيرُ الْوَاقِعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ .

أَمَّا إِذَا اشْتَرَطَا - فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ - أَنْ يَرْكَبَهَا الْمُؤَجِّرُ أَوَّلاً فَإِنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ؛ لِتَأْخِيرِ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَتَعَلُّقِ الإْجَارَةِ  بِالْمُسْتَقْبَلِ.

وَإِنْ اسْتَأْجَرَا دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الطَّرِيقِ وَيَرْكَبَ الثَّانِي الْبَعْضَ الآْخَرَ دُونَ تَحْدِيدِ هَذَا الْبَعْضِ فَإِنْ كَانَتْ هُنَاكَ عَادَةٌ مَضْبُوطَةٌ بِزَمَانٍ مِثْلُ أَنْ يَرْكَبَ هَذَا لَيْلاً وَيَمْشِيَ نَهَارًا، أَوْ يَرْكَبَ الآْخَرُ نَهَارًا وَيَمْشِيَ لَيْلاً، أَوْ بِمَسَافَةٍ مِثْلِ أَنْ يَرْكَبَ أَحَدُهُمَا بِفَرَاسِخَ مَعْلُومَةٍ وَيَرْكَبَ الآْخَرُ بِفَرَاسِخَ مَعْلُومَةٍ أُخْرَى اتُّبِعَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ فَيَقْتَسِمَانِ الرُّكُوبَ بِالتَّرَاضِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَوِ الْمُبَيَّنِ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الاِبْتِدَاءِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.

وَالزَّمَانُ الْمَحْسُوبُ فِي الْمُنَاوَبَةِ زَمَنُ السَّيْرِ دُونَ زَمَنِ النُّزُولِ حَتَّى لَوْ نَزَلَ أَحَدُهُمَا لِلاِسْتِرَاحَةِ أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ النُّزُولِ؛ لأِنَّ  نَفْسَ الزَّمَانِ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ .

وَلَوِ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ دَابَّةً لاَ تَحْمِلُهُمَا مَعًا حُمِلَ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى التَّعَاقُبِ وَيَقْتَسِمَانِ بِالزَّمَانِ أَوِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ كَانَتْ تَحْمِلُهُمَا مَعًا رَكِبَاهَا جَمِيعًا.

وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا بَعْضَ الطَّرِيقِ مُتَوَالِيًا صَحَّ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ، أَوِ اسْتَأْجَرَ نِصْفَ الدَّابَّةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا صَحَّتِ الإْجَارَةُ  مُشَاعَةً كَبَيْعِ الْمُشَاعِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالزَّمَانِ أَوِ الْمَسَافَةِ كَمَا سَبَقَ فَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ.

وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَ يَوْمًا وَيَمْشِيَ يَوْمًا جَازَ، وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَيَمْشِيَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْ مَا زَادَ وَنَقَصَ جَازَ كَذَلِكَ.

فَإِنِ اخْتَلَفَا لَمْ يُجْبَرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا؛ لأِنَّ  فِيهِ ضَرَرًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، الْمَاشِي لِدَوَامِ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، عَلَى الدَّابَّةِ لِدَوَامِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا؛ وَلأِنَّهُ  إِذَا رَكِبَ بَعْدَ شِدَّةِ تَعَبِهِ كَانَ أَثْقَلَ عَلَى الدَّابَّةِ.

وَإِنْ اكْتَرَى اثْنَانِ جَمَلاً يَرْكَبَانِهِ عُقْبَةً وَعُقْبَةً جَازَ وَيَكُونُ كِرَاؤُهُمَا طُولَ الطَّرِيقِ وَالاِسْتِيفَاءُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَشَاحَّا قُسِمَ بَيْنَهُمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَاسِخُ مَعْلُومَةٌ أَوْ لأِحَدِهِمَا اللَّيْلُ وَلِلآْخَرِ النَّهَارُ، وَإِنْ كَانَ بِذَلِكَ عُرْفٌ رُجِعَ إِلَيْهِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْبَادِئِ مِنْهُمَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لاَ يَصِحَّ كِرَاؤُهُمَا إِلاَّ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى رُكُوبٍ مَعْلُومٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأِنَّهُ  عَقْدٌ عَلَى مَجْهُولٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوِ اشْتَرَيَا عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا مُعَيَّنًا مِنْهُمَا .

وَمُقَابِلُ الأْصَحِّ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا الْمَنْعُ، أَيْ مَنْعُ كِرَاءِ الْعَقِبِ بِصُورَتَيْهِ؛ لأِنَّ هَا إِجَارَةُ أَزْمَانٍ مُنْقَطِعَةٍ.

وَالثَّانِي: يَصِحُّ كِرَاءُ الْعَقِبِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تُؤَجَّرُ الدَّابَّةُ فِيهَا لِرَجُلَيْنِ؛ لاِتِّصَالِ زَمَنِ الإْجَارَةِ  فِيهَا دُونَ الصُّورَةِ الأْخْرَى وَهِيَ الَّتِي يَتَعَاقَبُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ.

وَالثَّالِثُ: تَصِحُّ فِي الصُّورَتَيْنِ إِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ.

قَالَ الإْمَامُ الْمُزَنِيُّ: لاَ يَجُوزُ اكْتِرَاءُ الْعُقْبَةِ إِلاَّ مَضْمُونًا، لأِنَّهُ  يَتَأَخَّرُ حَقُّ أَحَدِهِمَا عَنِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ أَكْرَاهُ ظَهْرًا فِي مُدَّةٍ تَتَأَخَّرُ عَنِ الْعَقْدِ.

وَلاَ يَصِحُّ فِي هَذَا الْوَجْهِ إِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً .

وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي سَبَقَ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَجَاءَ فِي نُصُوصِ الْحَنَفِيَّةِ مَا يُفِيدُ جَوَازَ كِرَاءِ الْعَقِبِ، فَفِي بَابِ الْحَجِّ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنِ الرَّاحِلَةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عُقْبَةً أَيْ مَا يُتَعَاقَبُ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوبِ فَرْسَخًا بِفَرْسَخٍ أَوْ مَنْزِلاً بِمَنْزِلٍ فَلاَ حَجَّ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ الرَّاحِلَةِ إِذْ ذَاكَ فِي جَمِيعِ السَّفَرِ لأِنَّ  الْمَفْرُوضَ هُوَ الْحَجُّ رَاكِبًا لاَ مَاشِيًا وَالرَّاكِبُ عُقْبَةً لاَ يَرْكَبُ فِي كُلِّ الطَّرِيقِ بَلْ يَرْكَبُ فِي الْبَعْضِ وَيَمْشِي فِي الْبَعْضِ الآْخَرِ .

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِرَاءَ الْعَقِبِ فِي أَصْلِهِ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ وَلاَ سِيَّمَا الصُّورَةُ الَّتِي يَكْتَرِي فِيهَا الاِثْنَانِ رَاحِلَةً يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهَا يَرْكَبُ أَحَدُهُمَا مَرْحَلَةً وَالآْخَرُ مَرْحَلَةً أُخْرَى لِنَصِّهِمْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ .

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عُقْبَةُ الأْجِيرِ، قَالُوا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ. أَيْ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي اشْتِرَاطُ رُكُوبِ الأْجِيرِ الْمِيلَ السَّادِسَ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ بَدَلَهُ وَيَمْشِيَهُ الْمُكْتَرِي لأِنَّهُ  أَمْرٌ مَعْرُوفٌ.

وَيَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْجَمَّالِ أَنَّهُ بَعْدَ كُلِّ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ يَرْكَبُ خَدَّامُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمِيلَ السَّادِسَ أَوْ بِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْعُرْفُ أَوْ بِمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ مَسَافَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ كَثِيرَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كِرَاءَ الْعَقِبِ فِي الأْصْلِ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثامن والثلاوثون  ، الصفحة / 180

إِجَارَةُ  الْمَعَازِفِ

25 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى  أَنَّ اسْتِئْجَارَ آلَةِ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمَةِ (الْمَعَازِفِ الْمُحَرَّمَةِ) لاَ يَجُوزُ لأِنَّ  الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ غَيْرُ مُبَاحَةٍ وَيَحْرُمُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا، لأِنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإْجَارَةِ  أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ كِرَاؤُهَا فِي النِّكَاحِ وَالرَّاجِحُ الْحُرْمَةُ.

أَمَّا الْمَعَازِفُ غَيْرُ الْمُحَرَّمَةِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا .

 

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الحادي والأربعون ، الصفحة / 193

إِجَارَةُ النُّقُودِ:

43 - يَرَى الْحَنَابِلَةُ جَوَازَ إِجَارَةِ النُّقُودِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، كَالتَّحَلِّي وَالْوَزْنِ؛ لأِنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ.

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ النُّقُودَ لاَ تَصِحُّ إِجَارَتُهَا لِلضَّرْبِ عَلَى صُورَتِهَا، أَوْ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا أَوِ الْوَزْنِ بِهَا؛ لأِنَّ هَا مَنَافِعُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ غَالِبًا بِدَلِيلِ عَدَمِ ضَمَانِ غَاصِبِهَا أُجْرَتَهَا، وَهَذَا عَلَى الأْصَحِّ عِنْدَهُمْ. أَمَّا إِذَا لَمْ يُصَرَّحْ بِالتَّزْيِينِ وَنَحْوِهِ فَلاَ تَصِحُّ إِجَارَتُهَا جَزْمًا. فَإِنْ كَانَتْ فِيهَا عُرًى جَازَتْ إِجَارَتُهَا لِلتَّزَيُّنِ.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ اسْتَأْجَرَ دِرْهَمًا لِيُزَيَّنَ بِهَا جَازَ إِنْ وَقَّتَ وَبَيَّنَ الأْجْرَةَ  .


مجلة الأحكام العدلية

مادة (405) الإجارة في اللغة والفقه

الإجارة في اللغة: بمعنى الأجرة وقد أستعملت في معنى الإيجار أيضاً وفي إصطلاح الفقهاء: بمعنى بيع المنفعة المعلومة في مقابلة عوض معلوم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له  (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

(مادة 29)
لمالك المنفعة دون العين بعقد تبرع أو إجارة أن يتصرف في العين المنتفع بها التصرف المعتاد إذا كان عقد المنفعة مطلقاً غير مقيد بقيد.
فإن كان مقيداً بقيد فله أن يستوفيه بعينه أو يستوفي مثله أو ما دونه وليس له أن يتجاوزه إلى ما فوقه.

(مادة 34)
إذا كانت المنفعة مقيدة بمدة معلومة وأمسك المنتفع العين بعد انقضاء تلك المدة ولم يردها لمالكها مع إمكان الرد فهلكت فعليه ضمان قيمتها ولو لم يستعملها بعد انقضاء المدة وإن لم يطلبها المالك.
 

(مادة 174)
يشترط لانعقاد عقود البيع والشراء والإيجار والاستئجار والشركة والحوالة والرهن والوكالة ونحوها من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر أن يكون كل من العاقدين مميزاً يعقل معنى العقد ويقصده ولا يشترط بلوغهما غير أن عقودهما لا تكون نافذة أن كانا محجوراً عليهما 

(مادة 229)
كل ما كان مبادلة مال بمال كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والمزارعة والمساقاة والقسمة والصلح عن مال لا يصح اقترانه بالشرط الفاسد ولا تعليقه به بل تفسد إذا اقترنت أو علقت به.
ومثل ذلك إجازة هذه العقود فإنها تفسد باقترانها بالشرط الفاسد وبتعليقها به.

(مادة 233)
ما لا يمكن تمليكه في الحال وما كان من الإسقاطات والإطلاقات والالتزامات يصح إضافته على الزمان المستقبل وذلك كالإجارة وفسخها والمزارعة والمساقاة والمضاربة والوكالة والكفالة والإيصاء والوصية والقضاء والإمارة والطلاق والعتاق والوقف والعارية والإذن في التجارة للصبي ونحوه.

(مادة 470)
عقد الإجارة هو تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من العين المؤجرة في الشرع ونظر العقلاء بعوض يصلح أجرة.
(مادة 471)
يصح أن يرد عقد الإجارة على منافع الأعيان منقولة كانت أو غير منقولة وأن يرد على العمل كاستئجار الخدمة والعملة وأرباب الحرف والصنائع.
(مادة 472)
يشترط لانعقاد الإجارة أهلية العاقدين بأن يكون كل منهما عاقلاً مميزاً ويشترط لنفاذها كون العاقدين عاقلين غير محجورين وكون المؤجر مالكاً لما يؤجره أو وكيله أو وليه أو وصيه.
(مادة 473)
يشترط لصحة الإجارة رضا العاقدين وتعيين المؤجر ومعلومية المنفعة بوجه لا يفضي إلى المنازعة وبيان مدة الانتفاع وتعيين مقدار الأجرة إن كانت من النقود وتعيين قدرها ووصفها إن كانت من المقدرات فإن اختل شرط من شرائط الصحة المذكورة فسدت الإجارة.

( مادة 527)

تجوزاجارة الدور والحوانيت بدون بيان مايعمل فيها ومن يسكنها وينصرف استعمالها لعرف البلدة.  

( مادة 528 )

يجوزاستئجارالدار أو الحانوت وهي مشغولة بمتاع المؤجر ويجبر على تفريغها وتسليمها فارغة للستأجر.