مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة :21
مذكرة المشروع التمهيدي عن المادة 895 :
تطابق الفقرة الأولى المادة 409/ 500 من التقنين الحالي فيها عدا ذكر التضامن، فقد ترك أمره لنص خاص ينظمه تفصيلاً (م 897 من المشروع ).
أما الفقرة الثانية فهي مقتبسة من التقنين الأسباني (م 1591) والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 522 فقرة أولى ) والتقنين التونسي (م 867 ) والتقنين اللبناني ( م 668) وبعض التقنينات الأخرى .
والفقرة الثالثة مأخوذة عن المشروع الفرنسي الإيطالي ( 523).
وتحديد المدة التي يبقى فيها المقاولون والمهندسون مسئولين عن خلل البناء لعشر سنوات أخذ به التقنين المصرى (م 409 / 500) جرياً على نسق التقنين الفرنسي (م 1792). وقد أخذ هذه المدة أيضاً التقنين الإيطالي (1639) والتقنين الإسباني (م 1531). أما التقنين البرتغالی ( 1399 ) و تقنين الالتزامات السویسری (م 371) والتقنين البرازيلي (م 1245) والتقنين التونسي ( م 876 ) والتقنين اللبناني (م 668) فقد أنقصت جميعها المدة إلى خمس سنوات. والتقنين الياباني يجاري أيضاً هذه التقنينات الأخيرة ويجعل المدة أساساً خمس سنوات ( م 638 ) ولكنه يرفعها إلى عشر سنوات إذا كان البناء مقاماً من الحجر أو الطوب أو المعدن. أما المشروع الحالى فشأنه شأن المشروع الفرنسي الإيطالى يبقى على مدة العشر السنتين احتفاظاً بما استقر عليه العرف في التقنينين المصري والفرنسي.
وبعض التقنينات تترك مسئولية المهندس المعماري للقواعد العامة، ولا تقرر مسئولية خاصة إلا المقاول ( أنظر على الأخص التقنين البرتغالي م 1399 والتقنين الأسباني م 1591 والتقنين الياباني م 638 والتقنين البولوني م 488 والمشروع الفرنسي الإيطالي لا يتكلم هو أيضاً في المادة 522 إلا عن المقاول ).
وعلى عكس ذلك توسع بعض التقنينات من دائرة هذه المسئولية الخاصة، فتجعلها شاملة أيضاً المهندس الميكانيكي ( تقنين الالتزامات السويسري م 371 والتقنين التونسي م 876 والتقنين اللبناني م 668 ). أما المشروع فهو يحافظ على النطاق التقليدي لهذه المسئولية، فيجعلها شاملة للمهندس المعماري والمقاول، ولا يطبقها على المهندس الميكانيكي إلا إذا قام بوظيفة المهندس المعماري.
مذكرة المشروع التمهيدي عن المادة 897 فقرة 3:
تقرر الفقرة الثالثة ما نصت عليه المادة 409 /500 من التقنين الحالي من التضامن في مسئولية المهندس والمقاول مع تحديد يقتضيه تطبيق القواعد العامة .
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 895 من المشروع واقترح تعديل الحكم بأن يكون المهندس والمقاول متضامنين، كما اقترح إضافة الفقرة الأولى من المادة 896 إلى المادة 895 لتكون فقرة ثانية لها وحذف الفقرة الثانية من المادة 896 اکتفاء بتطبيق القواعد العامة فوافقت اللجنة على كل ذلك.
واقترح نقل الفقرة الثالثة من المادة 897 إلى المادة 895 فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح النص النهائي ما يأتي :
1- يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث في خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى، وذلك حتى لو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنين .
2 - ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته .
3- وتبدأ مدة السنين العشر من وقت تسلم العمل .
4- ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون المقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن.
وقدمت بعد استبدال لفظ « ولو» بكلمتي «حتى لو» ولفظ «سنوات» بلفظ «سنين» وأصبح رقمها النهائي 679.
المشروع في مجلس النواب
تقرير لجنة الشئون التشريعية :
استفسرت اللجنة في صدد المادة عن الحب الذي يوجد في الأرض ذاتها إذا كان هذا العيب من الخفاء بحيث يدق كشفه على المهندس الفطن أيكون المهندس مسئولاً عنه ؟ فأجيبت بأن المهندس يكون مسئولاً عن العيب الذي يمكن كشنه وفقاً لقواعد الفن أما إذا استحال کشف العيب وفقاً لهذه القواعد، فإن ذلك يكون في حكم القوة القاهرة، ولا يكون المهندس مسئولاً عنه، وقد ورد هذا الحكم في المادة 681 (680) ثم استفسرت اللجنة عما إذا كانت المسئولية الاستثنائية الواردة في المادة 679 المشار إليها تنطبق على العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن، فأجيبت بأن الفقرة الثالثة من المادة ذاتها صريحة في أن هذه المسئولية الاستثنائية استحدثها المشروع إلى جانب المسئولية المقررة بالقواعد العامة لأن صاحب العمل لا يمكن اعتباره في مستوى المهندس من الناحية الفنية، أما المقاول والمقاول من الباطن فهما من الناحية الفنية متساويان فليست هناك إذن حاجة لاستحداث مسئولية استثنائية فيما بينهما.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 678
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثانية والثلاثين
تليت المادة 678 فاعترض سعادة الرئيس على استعمال كلمة «تهدم » الواردة في الفقرة الأولى وقال إن القانون القائم أستعمل لفظ « خلل» واقترح استبدال لفظ «خلل»، بلفظ «تهدم » .
ولكن لوحظ أن النص الفرنسي للمادة المقابلة في القانون القائم تفيد معنى التهدم .
وقد تناقشت اللجنة فيما يعتبر عيباً يهدد متانة البناء وسلامته فيخضع من حيث المسئولية إلى حكم الفقرة الثانية من المادة .
قرار اللجنة :
وأخيراً استقر رأي اللجنة على بقاء المادة على أصلها مع التفسير التالى.
تواجه الفقرة الأولى حالة وقوع التهدم الكلى أو الجزئي خلال عشر سنوات وهي تطابق في حكمها حكم القانون الحالى.
أما الفقرة الثانية فتأتي بحكم جديد فلا تبنى المسئولية على التهدم الواقع بالفعل خلال عشر سنوات بل تضع أساس المسئولية على وجود عيب في البناء يترتب عليه تهديد متانة البناء وسلامته مادام هذا العيب يظهر في خلال عشر سنوات ولو لم يقع تهدم بالمحل في ظرف هذه العشر سنوات.
محضر الجلسة التاسعة والخمسين
حذف حرف ( في ) من عبارة ( في خلال ) الواردة في المادة .
وأصبح رقم المادة 651
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.
1 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كانت المادة 651 من القانون المدنى – التى تجعل المقاول ضامناً لما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم فى المبنى أو المنشآت الثابتة الأخرى ولجميع ما يوجد فيها من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته – ( 3 ) لا تسرى على العلاقة بين المقاول الأصلى والمقاول من الباطن ، إلا أن الأخير يكون ضامناً لعيوب البناء فى حدود القواعد العامة ، وفى المدة المتفق عليها مع المقاول الأصلى . ( 4 ) لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن – المقاول الأصلى – بالرجوع على المطعون ضدهم الرابع والخامس والسادس – المقاولون من الباطن – على سند من أن المقاول الأصلى هو وحده الضامن لعيوب البناء إعمالاً لنص المادة 651 مدنى سالفة الذكر ، بالرغم من أن عقد المقاولة من الباطن هو الذى يحكم العلاقة بين المقاول الأصلى والمقاول من الباطن ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ، وقد حجبه ذلك عن بحث مسئولية المقاولين من الباطن قبل المقاول الأصلى عن عيوب البناء طبقاً للقواعد العامة وفى المدة المتفق عليها فيما بينهم ، أو تلك التى يقضى بها عرف المهنة ، بما يعيب الحكم .
(الطعن رقم 3727 لسنة 76 جلسة 2017/01/26)
2 ـ مفاد نص المادة 409 من القانون المدنى السابق و المادة 651 من القانون المدنى الحالى المقابلة للمادة السابقة ، أن التزام المقاول هو التزام بنتيجة ، هى بقاء البناء الذى يشيده سليما و متينا لمده عشر سنوات بعد تسليمه ، و إن الإخلال بهذا الإلتزام يقوم بمجرد إثبات عدم تحققق تلك النتيجة دون حاجه لإثبات خطأ ما و إن الضمان الذى يرجع إلى تنفيذ المقاول أعمال البناء يتحقق إذا ظهر وجود العيب فى البناء خلال عشر سنوات من وقت التسليم و لو لم تنكشف آثار العيب و تتفاقم أو يقوم التهدم بالفعل إلا بعد إنقضاء هذه المدة.
(الطعن رقم 41 لسنة 36 جلسة 1970/06/23 س 21 ع 2 ص 1068 ق 171)
3 ـ مؤدى نص المادتين 651 ، 654 من القانون المدنى أن ميعاد سقوط دعاوى ضمان المهندس المعمارى و المقاول يبدأ من تاريخ التهدم الفعلى الكلى أو الجزئى فى حالة عدم إنكشاف العيب الذى أدى إليه ، و من تاريخ إنكشاف العيب دون إنتظار إلى تفاقمه حتى يؤدى إلى تهدم المبنى ، و إضطرار صاحبه إلى هدمه . و إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد علم بعيوب المبنى من تاريخ رفع دعوى إثبات الحالة ، و لم يثبت أن عيوباً أخرى غير تلك التى كشفها خبير تلك الدعوى أدت إلى إضطراره إلى هدم المبنى ، فإن الحكم إذ قضى بعدم قبول الدعوى لمضى أكثر من ثلاث سنوات بين إنكشاف العيب و رفع الدعوى لايكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، أو شابه القصور فى التسبيب ، و لا يؤثر فى النتيجة الصحيحة التى إنتهى إليها الحكم المطعون فيه ما قرره من أنه يشترط لتطبيق المادة 654 من القانون المدنى حصول تهدم تلقائى و ليس هدماً بفعل رب العمل .
(الطعن رقم 356 لسنة 38 جلسة 1973/05/31 س 24 ع 2 ص 853 ق 150)
4 ـ النص فى المادة 651 من القانون المدني على أن: "(1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى .......... (2) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته (3) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسيلم العمل" يدل على أن التزام المهندس المعماري والمقاول هو التزام بنتيجة هي بقاء البناء الذي يشيدانه سليما ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسلمه ولا يكون صاحب العمل مسئولا عن فعل المقاول الذي اتفق معه على القيام بالعمل ومتضامنا معه إلا إذا كان المقاول يعمل بإشراف صاحب العمل وفى مركز التابع له لأن التضامن لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن لكن ينبغي أن يرد إلى نص فى القانون أو اتفاق ويتعين على الحكم الذي يرتب المسئولية التضامنية أن يبين فى غير غموض الأساس الذي استند إليه فى ذلك.
(الطعن رقم 4503 لسنة 61 جلسة 1998/01/11 س 49 ع 1 ص 84 ق 18)
5 ـ النص فى المادة 651 من القانون المدني على أن يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى.... ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.... يدل على أن التزام المقاول هو التزام بنتيجة، هي بقاء البناء الذي يشيده سليماً ومتينا لمدة عشر سنوات بعد تسليمه وأن الإخلال بهذا الالتزام يقوم بمجرد إثبات عدم تحقق النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما.
(الطعن رقم 443 لسنة 51 جلسة 1989/06/12 س 40 ع 2 ص 573 ق 256)
6 ـ التزام المقاول والمهندس الوارد فى المادة 651 من القانون المدني هو التزام بنتيجة هي بقاء البناء الذي يشيدانه سليماً ومتيناً لمدة عشر سنوات بعد تسليمه ومن ثم يثبت الإخلال بهذا الالتزام بمجرد إثبات عدم تحقق تلك النتيجة دون حاجة لإثبات خطأ ما.
(الطعن رقم 325 لسنة 30 جلسة 1965/06/10 س 16 ع 2 ص 736 ق 117)
تنص المادة 651 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1-يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو اقاموه من منشآت ثابتة أخرى، وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات".
"2- ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته".
"3- وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل" .
"4- ولا تسرى هذه المادة على ما قد يكون للمقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن".
والنص كما نرى يعرض لضمان المهندس المعماري والمقاول التهدم أو العيوب التي تصيب ما أقامه من مبان أو منشآت ثابتة أخرى . ونظرًا لخطورة تهدم المباني أو تصدعها بالنسبة إلى رب العمل وبالنسبة إلى الغير، شدد المشروع من هذا الضمان حتى يدفع المهندس والمقاول إلى بذل كل عناية ممكنة فيما يشيد أنه من المنشآت، فالضمان هنا ضمان خاص مقصور على دائرة معينة، وهذه الدائرة تحدد بتحديد طرفي الضمان وسببه.
متى يحقق الضمان : يتحقق الضمان إذا قام سببه، وسبب الضمان إما أن يرجع إلى البناء، وإما أن يرجع إلى التصميم، ويجب في جميع الأحوال أن يقوم خلال عشر سنوات من وقت تسلم العمل، فنبحث إذن هذه المسائل الثلاث.
سبب الضمان يرجع إلى البناء :
تقول المادة 651 مدني كما رأينا إن الضمان يشمل ما يحدث في المنشآت من تهدم كلى أو جزئي ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها، كما يشمل ما يوجد في المنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
فإذا تهدم البناء كله أو جزء منه، ولم يكن ذلك راجعًا إلى قوة قاهرة كما سنرى، فالمفروض أن تهدم البناء يرجع إلى عيب في الصنعة أو في التصميم أو في الأرض، ويكون المقاول ـ ومعه المهندس المعماري عند الاقتضاء ـ ملتزماً بالضمان.
وليس من الضروري أن يتهدم البناء كله أو بعضه، بل يكفي أن يظهر فيه عيب يترتب عليه الضمان، والعيب إما أن يكون في المواد التي استعملت في البناء، كأن تكون غير صالحة، أو تكون مخالفة للمواصفات والشروط المتفق عيها، أو تكون من نوع ردئ لا تمح به أصول الصنعة، وإما أن يكون العيب في الصنعة نفسها، كأن يكون الأساس غير متين أو غير كاف لإقامة البناء عليه، أو تكون الحيطان أو الأسقف والأرضيات ليست في السمك الواجب أو وقع في تشييدها خلل، وإما أن يكون العيب في الأرض التي قام عليها البناء، كأن تكون الأرض هشة أو فيها مستنقعات ولم تتخذ الإجراءات التي تملها أصول صناعة البناء من تعميق الأساس حتى يقوم على أرض صلبة، وسواء كان العيب في المواد أو في أصول الصناعة أو في الأرض، فإنه يجب أن يتوافر فيه شرطان :
( الشرط الأول ) أن يكون العيب من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته . فإذا كان العيب مثلاً في الدهان أو في البياض أو في البلاط أو في الأبواب أو في النوافذ أو في الزجاج أو ي غير ذلك من أجزاء البناء بحيث لا يكون من شأنه ان يهدد سلامة البناء أو متانته، فإنه لا يوجب الضمان، وتسرى فى شأنه القواعد العامة فتنتفي المسئولية بتسلم العمل إلا إذا كان خفيًا فيكون الضمان لمدة قصيرة يحددها عرف الصناعة.
(الشرط الثاني ) أن يكون العيب خفيًا، فإذا كان العيب ظاهراً بحيث يمكن كشفه بالفحص المعتاد، فإن تسلم رب العمل للعمل دون اعتراض يعتبر نزولاً منه عن الضمان، بل إن تسلم العمل دون اعتراض يفرض أن العمل خال من العيوب الظاهرة ما لم يكن هناك غش.
ومتى تحقق سبب الضمان الذي يرجع إلى البناء على الوجه الذي قدمناه، فإن المقاول الذي قام بالبناء يكون ملتزمًا بالضمان، ويكون ملتزمًا بالضمان أيضًا المهندس المعماري إذا عهد إليه بالإشراف على التنفيذ وتوجيه العمل.
ويكون المقاول والمهندس المعماري في هذه الحالة متضامنين . . ."، وكان هذا النص أكثر وضوحًا في المشروع التمهيدي إذ كانت المادة 897/3 من هذا المشروع تنص على أنه "إذا كان كل من المهندس المعماري والمقاول مسؤولاً عما وقع في العمل من عيب، كانا متضامنين في المسئولية" . وإذا رجع رب العمل على المقاول والمهندس معًا، أو رجع على المهندس وحده، كان للمهندس في الحالتين أن يرجع على المقاول بما دفعه لرب العمل، لأن الخطأ هو خطأ المقاول وقد أشرف المهندس عليه فصار مسئولاً عنه .
وسواء رجع سبب الضمان إلى أبناء أو إلى التصميم على النحو الذي فصلناه، فإنه يجب أن يقوم في مدة معينة إذا انقضت ولم يكن سبب الضمان قائمًا لم يكن هناك محل الرجوع بالضمان، وقد رأينا المادة 651 مدني تقرر أن الضمان يتحقق إذا كان سببه قد حدث خلال عشر سنوات تبدأ من وقت تسلم العمل .
وأوضح أن سبب الضمان الراجع إلى التصميم يكون قائماً قبل التسليم، بل قبل التنفيذ، ويستمر قائمًا بعد التنفيذ والتسليم، ولذلك يكون هذا السبب موجبًا للضمان دون حاجة إلى تحديد وقت معين يقوم فيه، فهو قائم منذ البداية . أما سبب الضمان الراجع إلى التنفيذ فقد يوجد قبل التسليم ويكون خفياً فيتسلم رب العمل الشيء دون أن يفطن للعيب، ومن ثم يكون العيب موجباً للضمان، دون حاجة هنا أيضاً إلى تحديد وقت معين يقوم فيه، فهو قائم قبل التسليم، والسبب الذي يحتاج إلى وقت معين يقوم في هو السبب الذي يرجع إلى التنفيذ إذا طرأ بعد التسليم . فقد كانت القواعد العامة تقضى بأن السبب الذي يطرأ بعد التسليم لا يكون موجبًا للضمان، ولكن نظرًا لخطورة المباني ووجوب امتداد الضمان إلى ما بعد التسليم كما سبق القول، فقد حدد المشروع مدة لذلك هي عشر سنوات تبدأ من وقت التسليم، وقد رأى المشرع أن هذه مدة كافية لاختبار متانة البناء ولابته، فإذا لم يحدث فيه عيب طول هذه المدة، فقد انقضت مدة الضمان، ولا عبرة بالعيب الذي يظهر بعد ذلك، حتى لو كان العيب يرجع إلى مخالفة عمدية للشروط والمواصفات المتفق عليها .
ويبدأ سريان مدة عشر السنوات، كما يقول النص، من وقت تسلم العمل، وإذا أبى رب العمل التسليم، فمن وقت إعذاره، وإذا كان التسليم على عدة دفعات، فمن وقت أن تم الدفعة الأخيرة إذا كانت المنشآت لا يمكن تجزئتها لارتباط بعضها ببعض من ناحية الصلابة والمتانة، أما إذا كانت المنشآت تمكن تجزئتها بحيث لا ارتباط بين جزء وآخر فمن وقت تسلم كل جزء بالنسبة إلى هذا الجزء، ويمكن إثبات التسلم وتاريخه بمحضر التسليم إذا وجد، أو تسوية الحساب بين رب العمل والمقاول إذا وجد مستند يثبت ذلك، أو أية طريقة من طرق الإثبات وتدخل البينة والقرائن لأن التسلم واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق، وعبء إثبات التسليم يقع على رب العمل، لأنه هو الذي يدعى الضمان فيجب أن يثبت أن سببه قد قام في المدة التي قررها القانون.
ولما كانت مدة عشر سنوات هي مدة اختبار لصلابة المنشآت ومتانتها، فهي إذن ليست بمدة تقادم، وسنرى أن هناك مدة للتقادم هي ثلاث سنوات من وقت انكشاف العيب . ومن ثم لا تكون مدة عشر السنوات هذه عرضة لأن توقف ولو وجد مانع يتعذر معه على رب العمل أن يطالب بحقه، كأن يكون غير كامل الأهلية وليس له نائب يمثله، كذلك لا تكون عرضة لأن تنقطع .
ويجوز الاتفاق على إطالة المدة لأن الممنوع كما سنرى هو الإعفاء أو الحد من الضمان لا التشديد فيه، فيجوز إذن أن يتفق رب العمل مع المقاول والمهندس على أن تبقى مدة الضمان خمس عشرة سنة أو أكثر، وقد تقضى بذلك جسامة المنشآت ودقة العمل فيها بحيث إن اختبار متانتها وصلابتها يحتاج إلى مدة أطول من عشر سنوات.
ولكن لا يجوز الاتفاق على أن تكون المدة أقل من عشر سنوات، ففي هذه حد من الضمان وهو ممنوع بموجب المادة 653 مدني كما سنرى .
ومع ذلك يلاحظ أمران :
( الأمر الأول ) أن ينزل عن الضمان بعد تحققه كما سيجيء، فأولى أن ينزل عن بعض الضمان، ويتحقق ذلك عملاً بألا يتمسك رب العمل بكمال المدة لدى القضاء، فيعتبر هذا نزولاً منه عن حقه.
( الأمر الثاني ) أن تكون مدة الضمان أقل من عشر سنوات، إذا كان المقصود من المنشآت ألا تبقى طول هذه المدة . فإذا كان هناك معرض مدته سنة مثلاً، وأقام أحد العارضين مبنى في المعرض يعرض فيه بضائعه، فإن المفروض أن هذا المبنى لا يدوم إلا سنة واحدة مدة بقاء المعرض وبعد ذلك يهدم، فتكون مدة الضمان في هذه الحالة سنة واحدة لا عشر سنوات . وقد جاء هذا الحكم صراحة في الفقرة الأولى من المادة 651 مدني، فهي تقضى كما رأينا بأن يكون الضمان لمدة عشر سنوات ما لم يكن المتعاقدان قد أراد أن تبقى المنشآت مدة أقل من عشر سنوات.
جزاء الضمان
موضوع دعوى الضمان : لرب العمل أن يطلب في دعوى الضمان التنفيذ العينين . فإذا تهدم البناء مثلاً كله أو بعضه، فله أن يطلب إعادة بناء ما انهدم، وله أن يطلب ترخيصًا من المحكمة في أن يعيد بناء ما انهدم على نفقة المدين بالضمان، المهندس أو المقاول أو كليهما بالتضامن، كما أن له إذا حدث بالبناء عيب وكان يمكن إصلاحه عينًا، أن يطلب من المسئول أن يجر هذا الإصلاح، أو أن يجريه هو على نفقة المسئول بترخيص من المحكمة، وقد يستغنى عن ترخيص المحكمة في حالة الاستعجال الشديد طبقًا للقواعد العامة ( م209/2 مدني)، وإذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين، جاز للمحكمة إصلاح العيب يقتضى هدم جزء كبير من البناء يكلف نفقات جسيمة لا تناسب مع الضرر الناتج عن العيب، وفي جميع أحوال التنفيذ العيني يجوز أيضًا الحكم بتعويض إذا كان هناك مقتض، كما إذا استغرق إصلاح العيب أو إعادة البناء وقتًا فإن لرب العمل أن يتقاضى تعويضًا عن عدم الانتفاع بالبناء طول هذا الوقت، كذلك إذا كانت الأعمال التي أجريت لا تصلح العيب إصلاحًا كاملا ويبقى بعض العيب دون إصلاح ويكون من شأنه أن ينقص من قيمة البناء أو ينقص من ريعه، فيعوض رب العمل عن ذلك.
وقد يحكم القاضي بالتعويض منذ البداية دون التنفيذ العيني، فيقضى لرب العمل بمبلغ يساوي تكاليف إعادة البناء أو إصلاح العيب، وكذلك ما فات رب العمل من الانتفاع حتى يتم إصلاحه، ولما كان الضمان قائمًا على مسئولية عقدية كما سنرى، فإن التعويض يشمل ما أصاب رب العمل من خسارة وما فاته من ربح، بشرط أن يكون الضرر الذي يعوض عنه ضررًا مباشرًا متوقع الحصول، ويعتبر ضرراً متوقع الحصول أن ينهدم البناء فيقع على أحد المارة فيصيبه بضرر ويرجع المضرور بالتعويض على رب العمل، فيدخل هذا التعويض ضمن الأضرار التي أصابت رب العمل ويرجع به البناء على المسئولية عن الضمان . وإذا كانت هناك منقولات لرب العمل داخل البناء، فأتلفها انهدام البناء أو العيب، فإن هذا يعتبر أيضًا ضررًا يجب التعويض عنه لرب العمل.
وهناك أمر يصدر من رب العمل، أشارت إليه صراحة الفقرة الأولى من المادة 651 مدني، لا يعتبر خطأ منه، ولا يؤثر في مسئولية المقاول، بل تبقى هذه المسئولية كاملة ويرجع عليه رب العمل بالضمان كاملاً، وذلك إذا كان "رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة"، ففي هذه الحالة يكون الخطأ هو خطأ المقاول، ولم يفعل رب العمل إلا أن يجيز هذا الخطأ، والمفروض أن رب العمل غير فني فلا يعتد بإجازته، ولا يكون لهذه الإجازة أثر في مدى مسئولية المقاول عن الضمان.
بقى ضمان المقاول من الباطن لعيوب البناء، وقد قدمنا أنه في العلاقة التي نحن بصددها بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن لا تسري المادة 651 مدني، وهي التي تجعل المقاول ضامناً لما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم في المباني أو المنشآت الثابتة الأخرى ولجميع ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته . بل يكون المقاول من الباطن ضامناً لعيوب البناء والمنشآت الثابتة الأخرى في حدود القواعد العامة، ومن ثم ينتهي التزام المقاول من الباطن بالضمان بمجرد أن يتسلم المقاول الأصلي العمل مع تمكنه من فحصه وكشف ما به من عيوب، فإذا ظهرت عيوب خفية بعد ذلك، لا يكون المقاول من الباطن مسئولاً إلا بالقدر وإلى المدة التي يقضي بها عرف الحرفة، لا إلى مدة عشر سنوات كما هي الحال في العلاقة ما بين رب العمل والمقاول الأصلي، وقد قدمنا أن السبب في ذلك هو أن المقاول الأصلي من أهل الخبرة والفن، فلا يوجد مقتض لحمايته حماية مشددة بإنجاب ضمان على المقاول من الباطن مدة عشر سنوات، ويكفي في حماية المقاول الأصلي الرجوع إلى القواعد العامة ففيها حماية كافية له. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول، الصفحة/ 130)
حتى يتحقق الضمان، يجب أن تقع المقاولة على منشآت ثابتة، سواء شيدت بالطوب أو بالحجارة أو بالخشب، والمهم أن يكون البناء مستقراً ثابتاً في مكانه لا يمكن نقله دون هدمه، ويعتبر المصعد ثابتاً رغم تحرکه فيأخذ حكم البناء، وأيضاً الكباري والقناطر والسدود والخزانات والبوابات والإنفاق والمقابر والسكك الحديدية والمزلقانات والمدافن. أما حفر الآبار وشق الترع والمصارف ورصف الطرق فتدخل في هذه الأحكام - على خلاف في الرأي - إذ يذهب لبيب شنب ص 126 إلى أن نص المادة 651 لا يشملها. وتخرج عن نطاق النص الأكشاك والمنازل القابلة للفك والنقل وكذلك المنقول کالسفن والعوامات والدهبيات.
- ويجب أن يكون العقد عقد مقاولة فإن كان بغير أجر لم يكن كذلك ويكون عقداً غير مسمى لا يترتب عليه الضمان ولا يكون من قام بالعمل مسئولاً إلا عن الغش والخطأ الجسيم، أما أن كان بأجر ولكن من يقوم بالعمل يخضع لإشراف رب العمل وتوجيهه، فلا يكون العقد مقاولة أنما عقد عمل يخضع لأحكام والتزامات هذا العقد، سواء كان الأجر مقدر جزافاً أو بسعر الوحدة.
وإذا مات رب العمل، حل ورثته محله في المطالبة بالضمان، ويجوز لدائنيه استعمال حقه عن طريق الدعوى غير المباشرة للمطالبة بالضمان، كما يجوز للخلف الخاص المطالبة بالضمان، فللمشتري والموهوب له الرجوع بالضمان على المقاول والمهندس، كما يجوز له الرجوع على البائع بضمان العيب، وفي هذه الحالة فللبائع - وهو رب العمل - الرجوع على المقاول والمهندس بالضمان وله ادخالهما ضامنين في دعوى العيب التي يرفعها عليه المشتري. فان عهد المقاول بأحد الأعمال المقاول من الباطن وتسلم هذا العمل منه فليس له الرجوع على المقاول من الباطن إلا بالقدر وفي المدة التي يقضي بها عرف الحرفة، كذلك لا يلتزم المقاول من الباطن بالضمان نحو رب العمل لانتفاء العلاقة التعاقدية بينهما - ويتحقق الضمان بتهدم البناء كله أو بعضه، والمسئولية هنا مفترضة لا تنتفي إلا باثبات القوة القاهرة، كما يتحقق الضمان بظهور عيب في البناء، وقد يكون العيب في المواد المستعملة كأن تكون من نوع ردئ أو غير المتفق عليه، وقد يكون العيب في العمل نفسه كأن يكون الأساس مخالفاً للمواصفات وأصول المهنة أو تكون الأسقف بغير السمك الواجب، وقد يكون العيب في الأرض ولم تتخذ الوسائل التي تفرضها أصول المهنة كجس الأرض وتعميق الأساس ويشترط في العيب حتى تتحقق المسئولية :
أولاً : أن يكون من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته فلا يعد كذلك العيب في البياض أو البلاط أو الأبواب إذ تسري هنا القواعد العامة فتنتفی المسئولية بتسلم العمل إلا إذا كان خافياً فتسري أحكام العيوب الخفية.
ثانياً : أن يكون العيب خفياً، فإن كان ظاهراً يمكن معرفته بالفحص العادي اعتبر التسلم نزولاً عن الضمان متى كان التسلم نهائياً، وكالعيب الظاهر العيب المعلوم من رب العمل، أما العيب الطارئ بعد التسليم فيتحمل رب العمل نتيجته، ومتى تحقق سبب الضمان، التزم المقاول والمهندس المشرف على التنفيذ بالتعويض متضامنين وفقاً للنص.
ويبدأ سريان مدة العشر سنوات من وقت تسلم العمل فإن امتنع رب العمل عن الاستلام فمن وقت اعذاره، فإن كان التسلم على دفعات فمن وقت تسلم الدفعة الأخيرة متى كانت المنشآت لا يمكن تجزئتها وإلا فمن وقت تسلم كل جزء ويكون إثبات التسلم بمحضر أو بتسوية الحساب وبالتنبية والقرائن لأن التسلم واقعة مادية وقد يكون التسليم ضمنيا بوضع اليد المادي ويقع عبء الإثبات على عاتق رب العمل، وتلك المدة ليست بمدة تقادم فلا يسرى في شأنها الوقف أو الانقطاع كما تسرى بالنسبة لناقص الأهلية، ولكن اذا كان العيب سببه تدلیس المقاول أو المهندس مرت مدة التقادم الطويل.
لرب العمل عندما يتحقق. سبب الضمان أما أن يطلب التنفيذ العينى باعادة البناء الذي تهدم وله أن يطلب من المحكمة ترخيصاً بذلك على نفقة المدين بالضمان، وقد يجرى الاصلاح بدون ترخيص القضاء في حالة الاستعجال الشديد كما لو كان البناء يخشى عليه من السقوط فإن كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين اقتصرت المحكمة على الحكم بالتعويض ويجوز الحكم بالتعويض مع التنفيذ العيني إذا لحق الدائن ضرر بسبب الفترة التي استغرقها الإصلاح لحرمانه من الانتفاع بالبناء، ويجوز الحكم بالتعويض منذ البداية دون التنفيذ العيني ذلك لأن التنفيذ العيني والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين، وبالتالي ينطوي طلب التنفيذ العيني طلباً ضمنياً بالتنفيذ بطريق التعويض، وبالتالي إذا وجد القاضى إستحالة التنفيذ العينى أو كان في هذا التنفيذ إرهاق للمدين، فانه لا يقضي برفض الدعوى وإنما يقضى ومن تلقاء نفسه بالتنفيذ بطريق التعويض، ولا يرمي قضاؤه حينئذ بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم، إذ طالما رخص له القانون بذلك، فإنه يكون قد قضى بالطلبات المطروحة عليه، متى كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً، ولما كان الضمان قائماً على المسئولية العقدية فإن التعويض يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من کسب مادام الضرر مباشراً متوقعاً، ووفقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجیه وتنظيم أعمال البناء يجوز لمالك البناء أو الغير الرجوع على شركة التأمين المؤمن لديها عند اصدار ترخيص البناء بالتعويض في الحدود المبينة بها. ثم عدلت المادة الثامنة سالفة الذكر بالقانون رقم 30 لسنة 1983 وقصرت التأمين على الأضرار التي تلحق بالغير، فعاد المالك إلى ما كان عليه ومن ثم يقتصر حقه في الرجوع على المقاول والمهندس المعماري. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 454)
يقصد بالمهندس المعماري في هذا المجال الشخص الذي يعهد إليه رب العمل في وضع التصميم والرسوم والنماذج الإقامة المباني أو المنشآت الأخرى. وقد يعهد إليه بإدارة العمل والإشراف على تنفيذه ومراجعة حسابات المقاول والتصديق عليها وصرف المبالغ المستحقة عليه.
ويعرفه ميثاق المهنة الهندسية بأنه فنان ومهني يمارس مهنة حرة غير تجارية.
وقد عرفته لائحة مزاولة مهنة الهندسة المعمارية وتقدير الأتعاب والمسابقات التي أقرتها الجمعية العمومية لنقابة المهندسين يوم 17 مارس 1977 في المادة الأولى (ب) منها بأنه: "الشخص المتميز بقدرته على التخطيط والتصميم المعماري والتطبيق الابتكاري والتنفيذ. وله إلمام تام بفن وعلوم البناء حسب ظروف البيئة ومقتضياتها ويسهم في التعمير والتشييد في نطاق التخطيط العام. ويتمتع بالحماية القانونية التي تتطلبها مهنته.
واشترطت أن يكون حائزاً على بكالوريوس في الهندسة المعمارية أو ما يعادلها من المؤهلات الهندسية الأخرى المعترف بها بقانون المهندسين وأن يكون عضواً بنقابة المهندسين.
والمهمة الأساسية للمهندس المعمارى هي وضع التصميم، أما أعمال الإشراف على التنفيذ فهي غالباً ما تسند إلى شخص غيره. وهذا ما جعل قضاء النقض الفرنسي يقرر بأن الأصل هو اقتصار مهمة المهندس المعمارى على وضع التصميم، ما لم يوجد في العقد نص يقضي بغير ذلك.
والشخص الذي يضع الرسومات والتصميمات اللازمة لإقامة بناء، ويشرف على تنفيذها يعتبر في حكم المادة 651 مهندسة معمارية، ويكون مسئولاً، سواء كان له الحق قانوناً في حمل هذا اللقب، أو لم يكن له، ذلك أن العبرة ليست بالصفة القانونية للمهندس المعمارى، بل بطبيعة الأعمال التي يقوم بها.
ومن ثم فلا يشترط أن يكون حاصلاً على مؤهل فنى فى هندسة المعمار. فالمهندس الميكانيكي إذا قام بمهمة المهندس المعماري كان ملزماً بالضمان.
والمقاول الذي لا يحمل أي مؤهل أو أي شخص آخر غير مؤهل، إذا وضع التصميم فإنه يكون بذلك قد قام بمهمة المهندس المعماري، ومن ثم يكون ملتزماً بالضمان .
وإذا كانت لائحة مزاولة مهنة الهندسة المعمارية في مصر تشترط في المهندس المعماري أن يكون حاصلاً على بكالوريوس في الهندسة المعمارية، أو ما يعادلها من المؤهلات الهندسية الأخرى المعترف بها بقانون نقابة المهندسين، وأن يكون عضواً في نقابة المهندسين، فإن هذا من باب التنظيم المهني، وحتى يسمح للفرد بحمل لقب مهندس معماري" ولا شأن لذلك بالمسئولية المنصوص عليها بالمادة 651 مدني. وإذا اشترك عدة مهندسين معماريين، أو أشخاص آخرون، في القيام بمهمة المهندس المعماري كانوا جميعاً مسئولین، كل في حدود ما قام به من أعمال في نطاق هذه المهمة، فمثلاً قد يعهد رب العمل إلى مقاول لوضع الأساس، ويعهد إلى آخر بأعمال التجارة و إلى ثالث بأعمال الدهان والبياض وهكذا.
فكل من هؤلاء يعتبر مقاولاً في حدود الأعمال التي يقوم بها، ويكون ملزماً بالضمان في هذه الحدود.
ويتعين على المهندس وهو يقوم بالتصميم أن يلاحظ عند وضع الرسم أحكام القوانين المتعلقة بالجوار وقيود البناء وحقوق الارتفاق سواء ما كان منها مفروضاً بحكم القانون أو تأسيساً على الارتفاق أو بسبب موقع الأرض، وله في سبيل ذلك أن يكلف المالك بتقديم مستندات ملكية الأرض التي تقرر إقامة البناء عليها حتى يتأكد من ذلك كله فإذا امتنع عن تقديمها كان من الأحوط له أن يحصل منه على إقرار بشأن حقوق الارتفاق أو القيود التي لم يحط بها علماء .
وليس هناك ما يمنع من أن يضع التصميم شخص آخر غير المهندس المعماري فيجوز للمقاول أن يضعه بنفسه وفي هذه الحالة يكون مسئولاً عن عيوب التصميم ولكن مسئوليته عن عيوب التصميم تكون بالقدر الذي تسمح به المقدرة الفنية لشخص في مستواه.
ويجوز لرب العمل أن يضع التصميم بنفسه فإذا ظهر به عيب فلا يلومن إلا نفسه ولا يجوز له الرجوع على أحد .
وقد نصت المادة 12 من القانون رقم 16 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء (المستبدلة بالقانون رقم 101 لسنة 1999) على أن:
يجب على المالك أو من يمثله قانوناً أن يخطر الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم بخطاب موصي عليه بعلم الوصول بعزمه على تنفيذ الأعمال المرخص بها.
ومع مراعاة أحكام قانون نقابة المهندسين يلتزم المالك بأن يعهد إلى مهندس نقابی معماري أو مدني بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها إذا زادت قيمتها على عشرة آلاف جنيه، ويكون المهندس مسئولاً مسئولية كاملة عن الإشراف على تنفيذ هذه الأعمال وتحدد اللائحة التنفيذية الحالات التي يلزم فيها الاستعانة بأكثر من مهندس نقابي من ذوي التخصصات المختلفة تبعاً لنوعية الأعمال المرخص بها.
وفي حالة تخلى المهندس المشرف على التنفيذ عن التزامه فعليه أن يخطر المالك أو من يمثله قانوناً والجهة الإدارية المختصة بذلك كتابة قبل توقفه عن الإشراف بأسبوعين على الأقل ويوضح في الإخطار أسباب التخلى وفي هذه الحالة يلتزم المالك بأن يعهد إلى مهندس نقابي آخر في ذات التخصص بالإشراف على التنفيذ وإخطار الجهة الإدارية بذلك.
وفي حالة انقضاء مدة الأسبوعين المشار إليها في الفقرة السابقة دون أن يعهد المالك بالإشراف إلى مهندس آخر توقف الأعمال ولا تستأنف إلا بتعيين المهندس المشرف.
وعلى المهندس المشرف على التنفيذ أن يخطر الجهة الإدارية المختصة كتابة بأي أعمال مخالفة فور وقوعها أياً كان مرتكبها ما لم يتم تصحيحها".
فبالرغم من أن القانون المدني وهو بصدد تنظيم عقد المقاولة تضمن أحكاماً نص عليها في المادة 651 سالفة الذكر و مؤداها تضامن المهندس المعماري والمقاول في ضمان عيوب البناء، وبالرغم من أن المادة 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل) أوجبت الالتزام في التنفيذ بالأصول الفنية بالترخيص الممنوح إلا أن المادة (12) حرصت - مع مراعاة قانون نقابة المهندسين - على إلزام المالك بأن يعهد إلى مهندس نقابی معماری أو مدني بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها ويكون مسئولاً مسئولية كاملة عن الإشراف الدائم على تنفيذ هذه الأعمال إذا زادت قيمتها على عشرة آلاف جنيه.
ولذلك أوجبت المادة (25) من اللائحة التنفيذية للقانون على المرخص له في حالة زيادة قيمة الأعمال المرخص بها على عشرة آلاف جنيه وقبل الشروع في الأعمال إخطار الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم بخطاب موصي عليه بعلم الوصول بعزمه على تنفيذ الأعمال مرفقاً به تعهد من أحد المهندسين المعماريين أو الإنشائيين بالإشراف على تنفيذ الأعمال المرخص بها، وأيضاً صورة التعاقد مع أحد المقاولين المصنفين و الأعضاء بالاتحاد العام لمقاولي التشييد والبناء على أن يقوم المهندس المختص بتحديد خط التنظيم أو حد الطريق أو خط البناء بحسب الأحوال، ويتم هذا التحديد خلال سبعة أيام من تاريخ الإخطار، ويثبت تاريخ التحديد على ترخيص البناء، فإذا انقضت هذه المدة دون أن يتم التحديد جاز للمرخص له أن يقوم بهذا التحديد طبقاً للبيانات المدونة بالرخصة وتحت مسئوليته، وهذا تأكيد لمسئولية المهندس المشرف على التنفيذ.
(ب)- المقاول :
المقاول هو كل شخص يعهد إليه رب العمل بإقامة بناء أو منشآت ثابتة أخرى في مقابل أجر، وفق التصميمات والنماذج والرسوم الموضوعة من قبل المهندس المعماري أو رب العمل. دون أن يخضع في عمله لإشراف أو إدارة رب العمل.
ويستوي أن تكون المواد التي أقام بها هذه المباني أو المنشآت قد أحضرها من عنده أو قدمها له رب العمل.
هذا هو الدور الأساسي للمقاول في تنفيذ عقد المقاولة والذي يترتب على الإخلال به انعقاد مسئوليته العقدية أو التقصيرية على حسب الأحوال.
أما إذا لم يقف المقاول عند دوره الأساسي هذا، بل تعداه إلى القيام بدور المهندس المعماري، من وضع التصميمات والرسوم والنماذج كما يحدث أحياناً، وكان بها عيب أدى إلى التهدم الكلي أو الجزئي في البناء، أو إلى ظهور عيب فيه يهدد متانته وسلامته، اعتبر هذا المقاول بهذا مهندسة معمارية فيما يتعلق بتطبيق أحكام المسئولية الخاصة عليه، وكان ملتزماً بضمان هذه الأعمال ضماناً عشرياً بصفته مهندساً معمارياً إلى جانب صفته الأصلية كمقاول .
ولا يمنع من قيام الضمان تعدد المقاولين كأن يعهد إلى مقاول بوضع الأساس، ويعهد بأعمال البناء الأخرى من أرضيات وأسقف وجدران وغير ذلك إلى مقاول آخر ويعهد إلى مقاول ثالث بأعمال النجارة وهكذا. وفي هذه الحالة يكون كل مقاول منهم ملزما بالضمان في حدود العمل الذي عهد به إليه وإذا استخدم المقاول مساعدين يعانونه فيما يقوم به من أعمال كان مسئولاً عن أعمالهم ويلتزم بضمان هذه الأعمال كما لو كان هو الذي باشرها بذاته وبشخصه، حتى لو كان هؤلاء المساعدون لا يعتبرون من أتباعه بالمعنى المفهوم في مسئولية المتبوع عن التابع، كما لو كانوا مقاولين من الباطن.
وإن كان الغالب أن المهندس المعماري يكون وكيلا عن رب العمل، وكالة صريحة أو ضمنية، فإنه يحدث أحياناً، أن يوكل رب العمل المقاول في بعض شئونه المتعلقة بالعمل محل الوكالة وكالة صريحة أو ضمنية أيضاً. ويكون هذا الأخير وكيلاً عنه بمقتضى هذه الوكالة وفي حدودها، ويسأل عقدياً عن إخلاله بأحد التزاماتها.
ضرورة وجود عقد مقاولة :
لا يقوم ضمان المهندس المعماري أو المقاول طبقا للمادة (651) مدني، إلا إذا وجد عقد مقاولة بين رب العمل وبين المهندس المعماري أو المقاول .
وقد سبق أن عرفنا عقد المقاولة، بأنه عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر (م 646 مدنی). والعبرة بالتكييف القانوني الصحيح للعقد الذي يسبغه عليه قاضي الموضوع، لا بما يطلقه عليه المتعاقدون من وصف المقاولة. غير أنه يستوي أن يكون أجر المهندس المعماري أو المقاول قد حدد جزافاً أو حدد بسعر الوحدة أو كان أجراً ثابتاً يعطى لهما طوال مدة العقد.
وبالترتيب على ذلك إذا ثبت أن العقد الذي يربط رب العمل بمن يقوم بالعمل، عقد عمل أو عقد وكالة، فلا يجوز الرجوع عليه بمقتضى أحكام الضمان الواردة بالمادة. وإنما يجوز الرجوع عليه وفقاً لأحكام عقد العمل في الحالة الأولى وأحكام الوكالة في الحالة الثانية.
وإذا كان العقد بغير أجر، فإنه يكون عقداً غير مسمى، ويسأل من قام بالعمل طبقاً للقواعد العامة. ولما كان العقد هنا من عقود التبرع فإن من قام بالعمل لا يكون مسئولاً إلا عن الغش والخطأ الجسيم.
فإذا تعاقد المقاول تابع شرح الأصلي مع مقاول من الباطن على أن يقوم الأخير ببعض الأعمال كالأعمال الصحية أو النجارة، فلا يكون المقاول من الباطن ملتزماً بالضمان نحو المقاول الأصلي أو نحو رب العمل إلا بمقدار ما تقضى به القواعد العامة. والسبب في ذلك أن الضمان الوارد بالمادة 651 ضمان مشدد، اقتضاه مركز كل من رب العمل والمقاول أو المهندس. فرب العمل يكون عادة رجلاً غير فني وغير خبير. فأراد القانون أن يحميه ضد المقاول والمهندس وهما من رجال الفن والخبرة. وليس هذا هو مركز المقاول الأصلي من المقاول من الباطن، فكلاهما من أهل الفن والخبرة، ولا يوجد مقتضى لحماية مشددة تمنح للمقاول الأصلي ضد المقاول من الباطن، ويكفي في حماية حقوق المقاول الأصلي الرجوع إلى القواعد العامة ففيها الغناء.
ولا يكون المقاول من الباطن مسئولاً تجاه رب العمل بالضمان، لأنه لا توجد رابطة عقدية بينهما، والمقرر أن المادة 651 إنما تنظم المسئولية العقدية للمقاول، مع ملاحظة أن نزول المقاول عن المقاولة إلى غيره، لا يخل بحق رب العمل في الرجوع عليه كما لو كان هو الذي قام بالعمل، مادام لم يقبل هذا النزول ولم يقصد إبراء المقاول الأصلي من التزاماته. ومن ثم لا يكون له الرجوع على المقاول من الباطن إلا طبقاً للقواعد العامة.
يجب أن ترد المقاولة على مبان أو منشات ثابتة أخرى :
يجب لإعمال أحكام الضمان المنصوص عليها بالمادة أن ترد المقاولة على مبان أو منشات ثابتة أخرى.
ويقصد بالمباني كل ما يرتفع فوق سطح الأرض من منشآت ثابتة من صنع الإنسان، بحيث يستطيع الفرد أن يتحرك بداخلها و توفر له حماية ضد المخاطر الناتجة عن المؤثرات الطبيعية الخارجية، وأياً كانت المواد التي شيدت منها، سواء كانت بالطوب أو بالحجارة، أو بالخشب أو بالحصير، كالمساكن المبنية من الخشب والحصير والعشش فى رأس البر، وكما هو الشأن في كباين الاستحمام. فالشرط أن يكون البناء ثابتاً في مكانه لا يمكن نقله دون هدمه. كالأكشاك والمنازل القابلة للفك والتركيب.
وعلى ذلك قد يكون البناء منزلاً أو فيلاً أو عمارة أو مدرسة أو مستشفى أو مصنعاً أو متجراً أو مخزناً أو مسجداً أو كنيسة أو معبداً أو داراً للخيالة، أو محلاً لبيع البضائع أو تقديم الطعام والشراب.
أما المنشآت الثابتة الأخرى غير المبانى كالكبارى والقناطر والسكك الحديدية والبوابات والمداخن والمزلقانات. فقد انقسم الرأي في شأنها. فذهب رأي إلى أنها لا تدخل في الضمان المنصوص عليه بالمادة إذ لا يمكن اعتبار هذه الأعمال من قبيل تشييد المباني وإقامة المنشآت الثابتة. وأنه يلاحظ في هذا الشأن اختلاف عبارة القانون المصري عن عبارة القانون الفرنسي في المادة 2770 حيث تتكلم عن الأعمال الكبرى .
بينما ذهب الرأي الغالب- الذي نؤيده - إلى اعتبار هذه الأعمال من قبيل المنشآت الثابتة على اعتبار أنه لا يتحتم في المنشآت الثابتة في المفهوم الواسع أن تكون فوق الأرض، بل يصح أن تكون تحت الأرض أو في مستواها أو أعلاها، ومؤدى ما تقدم أنه يجب أن تدخل هذه الأعمال في دائرة أعمال البناء والدليل على ذلك ما نصت عليه المادة 651 مدني حيث تقول إن الضمان يشمل ما يحدث فيما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى، ذلك أن كلمة شيدوه أو أقاموه، تدل بوضوح على ضرورة اقتصار الأعمال على أعمال التشييد والبناء دون غيرها من الأعمال الأخرى التي يمكن أن يؤديها المهندس أو المقاول .
ويدخل في هذه الأعمال أعمال التعلية والتعديل والتحديد والتوسعة والترميم، بشرط أن يكون الترميم واقعاً على الأجزاء الرئيسية للمبنى، وهي الأجزاء التي تعتمد عليها متانة المبنى وسلامته.
أما العقارات بالتخصيص، ومنها الأبواب والنوافذ والأجهزة الكهربائية، فلا تدخل في نطاق المنشآت لأنها بطبيعتها منقول غير ثابت.
ويستثنى من ذلك المصعد الكهربائي، فيعتبر في حكم المبنى الملحق به، فالمصعد وهو يرتفع ويهبط في حكم الثابت في مكانه لأنه لا يتعدى دائرة محدودة في تحركه ومن ثم يعد من المنشآت الثابتة.
ولا تدخل أعمال البياض والدهان وأعمال الزخرفة في نطاق النص لأن هذه الأعمال ليس من شأنها أن تهدد سلامة البناء أو متانته .
المستفيدون من الضمان :
يفيد من الضمان المنصوص عليه بالمادة رب العمل. ورب العمل بهذه الصفة لا يشترط أن يكون هو الذي أبرم عقد المقاولة بنفسه، وإنما يكفي أن يكون هذا العقد قد أبرم باسمه، ولحسابه الخاص عن طريق وكيل عنه، سواء كانت هذه الوكالة صريحة أو ضمنية. و كذلك لا يشرط أن يكون رب العمل هو مالك الأرض التي يقام عليها البناء، أو يشيد فوقها المنشأ الثابت، فقد تكون الأرض غير مملوكة له، وإنما بني أو أعطى الغرض ما وبأي طريقة كانت حق البناء عليها لحسابه الخاص.
وقد يكون رب العمل شخصاً طبيعياً كفرد معين أو شخصاً معنوياً، شركة أو مؤسسة أو جمعية. كذلك قد يكون شخصاً من أشخاص القانون الخاص، كفرد أو شركة عقارية تجارية أو مدنية، أو شخصاً من أشخاص القانون العام، كالدولة أو هيئة عامة أو وحدة من وحدات الإدارة المحلية.
ورب العمل هو الذي يفيد من الضمان لأنه هو الذي يصاب عادة بالضرر من جراء تهدم البناء أو تعيبه، فكان من العدل أن يكون هو المستفيد الأساسي من الضمان.
فيرجع بالضمان على المهندس المعماري أو على المقاول أو عليهما معا متضامنين.
وإذا مات رب العمل فإن ورثته يحلون محله بالضمان بوصفهم خلفاً عاماً له عن جميع حقوقه في الرجوع على المهندس المعماري أو المقاول. إذ تقضى المادة 145 مدني بأن ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام.... إلخ.
ويجوز لدائني رب العمل أن يرفعوا الدعوى غير المباشرة باسمه للمطالبة بالضمان.
ويجوز للخلف الخاص لرب العمل الرجوع بالضمان على المهندس المعماري أو المقاول، كما إذا انتقلت ملكية البناء بالبيع أو الهبة، فيستطيع المشتري أو الموهوب له الرجوع بهذا الضمان باعتبارهما خلفاً خاصاً إعمالاً لنظرية الاستخلاف في الحقوق والالتزامات المنصوص عليها بالمادة 146 مدني التي تجري على أنه: "إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته، وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه.
فالمهندس أو المقاول لا يضمن طبقاً للمادة المذكورة عن كل ضرر يصيب المباني والمنشآت، وإنما تقتصر مسئوليته طبقاً لهذه المادة عن التهدم الكلى أو الجزئي والعيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.
والمقصود بالهدم الكلي أو الجزئي انحلال الرابطة التي تربط أجزاءها بعضها ببعض، سواء في المبنى كله أو جزء منه.
والتهدم الكلى أو الجزئي قد يرجع إما إلى عيب في الصنعة أو في التصميم، أو في الأرض، وقد نصت المادة صراحة على الحالة الأخيرة بقولها: "... وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها".
ولا يشترط أن يكون خطر التهدم متحققاً وداهما أو وشيك الوقوع، بل يكفي أن يتثبت قاضي الموضوع أن الخلل أو العيب المكتشف في البناء قد بلغ حداً من الجسامة تجعله يعرض متانة البناء أو سلامته للخطر .
ولا يشترط أن يصل الضرر إلى حد التهدم الكلى أو الجزئي للبناء، بل يكفي أن يظهر فيه عيب يترتب عليه تهديد متانة البناء وسلامته.
فلم يأخذ النص في ذلك بمطلق العيب وإنما قيده بوصف معين تطلبه صراحة بحيث يترتب على وجوده في البناء أو المنشأ الثابت الأخر تهديد لمتانته وسلامته.
وهذا العيب قد يكون ناشئاً عن التصميم أو عن استعمال أدوات معيبة أو عن ضعف الأساس أو عن المواد التي استعملت في البناء كأن تكون غير صالحة مخالفة للمواصفات والشروط المتفق عليها. أو ناشئاً عن عدم اتخاذ الاحتياطات المعتادة ضد الحريق. أو عن عدم مراعاة القوانين واللوائح التي ينتج عنها أضرار للجيران أو مخالفة التزام بالهدم، أو إذا أهمل مراعاة خط التنظيم أو حصل تجاوز للارتفاع المرخص فيه.
وقد يكون العيب في الأرض - كما ذكرنا سلفا- كأن تكون الأرض هشة أو فيها مستنقعات ولم تتخذ الإجراءات التي تمليها أصول صناعة البناء من تعميق الأساس حتى يقوم على أرض صلبة. إنما يجب أن يكون العيب في الأرض مما يمكن كشفه وفقاً لقواعد الفن، أما إذا استحال کشف العيب وفقا لهذه القواعد فإن ذلك يكون في حكم القوة القاهرة، ولا يكون المهندس مسئولاً عنه.
وسواء كان العيب في المواد المستعملة في البناء أو في أصول الصناعة أو في الأرض فإنه يجب أن يتوافر فيه شرطان :
الشرط الأول :
أن يكون العيب من الخطورة بحيث يهدد سلامة البناء أو متانته :
وبالترتيب على ذلك إذا كان العيب في الدهان أو الزخرفة أو البياض أو في نوعية أخشاب النوافذ أو في الأبواب أو في الزجاج أو تجليد الحوائط أو النقص فيما ينبغي أن تكون عليه الحوائط من جمال فني.... أو غير ذلك من أجزاء البناء بحيث لا يكون من شأنه تهديد سلامة البناء أو متانته فإنه لا يوجب الضمان العشري وتسري في شأنه القواعد العامة. والتي سبق أن عرضنا لها.
الشرط الثاني :
أن يكون العيب خفياً :
يشترط لتحقق الضمان المنصوص عليه في المادة أن يكون العيب خفياً بحيث لا يكون في استطاعة رب العمل اكتشافه وقت التسلم، أما إذا كان ظاهراً ومعروفاً فلا يسأل عنه المقاول مادام رب العمل قد تسلم البناء من غير أن يتحفظ بحق له. لأن تسلم العمل بغير تحفظ يعد نزولاً منه عن الضمان، بل إن تسلم العمل دون اعتراض يفترض أن العمل خال من العيوب الظاهرة ما لم يكن هناك غش. والتسليم الذي يترتب عليه هذه النتيجة هو التسليم النهائي، دون التسليم المؤقت، فالتسليم المؤقت لا يسقط الحق في الرجوع بالضمان. ويعتبر من قبيل العيوب الظاهرة عدم مطابقة سمك الجدران لما هو متفق عليه، وكون سياج المسلم منخفضاً جداً، واستعمال خشب من صنف سيئ في أرضية البناء .
غير أنه إذا كان العيب بالبناء طارئاً أي طرأ بعد التسليم، فإنه لا يشترط بداهة أن يكون خفياً لأنه لم يكن موجوداً في ذلك الوقت.
من المسئول عن العيب الناشئ عن الأرض ؟
يكاد الإجماع ينعقد على أن دراسة التربة وفحص خصائصها يقع على عاتق المهندس المعمارى، بل وتعتبر من أولى مهام وظيفته، لما يتوافر لديه من خبرة فنية و في هذا المجال، ولما يملكه من عناصر التقدير لأهمية البناء أو المنشأ الثابت الآخر، المزمع إنشاؤه ومدى استجابة خصائص التربة له.
فضلا عن أن هذا الالتزام على المهندس المعماري يمليه الترتيب الزمني والتكامل الفني لمهنة المهندس المعماري. ذلك أنه من المعلوم أن من أولى مهام هذه المهنة هو وضع تصميمات البناء أو المنشأ الثابت الآخر المزمع إنشاؤه. ووضع التصميمات هذه يقتضي عمل الخرائط والرسومات والنماذج والمقايسات من وصفية وكمية وتقديرية أو تثمينية. وكل هذه أعمال لا يمكن للمهندس المعماري أن يقوم بها على الوجه الأكمل دون دراسة مستفيضة للتربة ومعرفة خصائصها ليعرف أي المواد أنسب للتنفيذ بها، ومقدار الكميات التي سيحتاجها هذا التنفيذ وأثمانها.
وهكذا فمعرفة هذا كله يقتضي بالضرورة معرفة كاملة بالأرض التي سيقام عليها العقار، فالتصميم ليس مجرد مجموعة من الخطوط ترسم على الأوراق طولاً وعرضاً نتيجة تصور نظری لبناء، يستحيل تطبيقه على الطبيعة المعدة له وإنما هو مجموعة متكاملة من الأعمال تسعى نحو تحقيق هدف واحد هو إقامة ذلك العقار المطلوب إنشاؤه على أساس سليم، وخال من العيوب التي تسبب تهدمه، أو تهدد سلامته ومتانته.
وإذا تبين للمهندس من الأبحاث التي أجراها، وجود عيوب في الأرض وجب عليه أن يخطر رب العمل بما ينبغي عمله من أجل تدعيم الأرض وتقويتها، وتعدیل التصميمات الأصلية لمواجهة هذه الظروف الجديدة، فإذا رفض رب العمل زيادة في التكاليف للقيام بذلك، أو كانت التربة غير قابلة للعلاج فيجب على المهندس أن يأمر بوقف الأعمال.
ولكن إذا كان عيب الأرض من العيوب غير المتوقعة، وكان من المستحيل على المهندس المعماري أن يكتشفه باتباع القواعد الفنية التي يتبعها مهندس حریص فطن، فإن هذا العيب يعتبر قوة قاهرة وبالتالي ينفي المسئولية عنه. ومثال ذلك أن توجد أطلال مباني أثرية تحت الأرض على عمق كبير، في منطقة لم تكتشف بها آثار من قبل، ولم يقل أحد بوجود آثار بها.
وعقد المقاولة المبرم بين رب العمل والمقاول يفرض على الأخير أن ينبه رب العمل إلى العيوب الموجودة في التربة التي يستطيع كشفها أو ينبغي أن يكتشفها، لكونها لا تخفى على مقاول مجرب مثله ومن في مثل ظروفه ومن ذات مستواه المادي والفني.
فإذا لم ينبه رب العمل إلى هذه العيوب كان مسئولاً مع المهندس المعماري عن الأضرار الناشئة عن هذه العيوب. كما أن مبدأ حسن النية في التنفيذ يوجب على المقاول أن ينبه المهندس المعماري المشرف على التنفيذ إلى هذه العيوب حتى يعمل على تداركها لأنه وإن كانت لا توجد علاقة تعاقدية بينهما إلا أنه يجمعها عمل واحد.
أما إذا أصر المهندس المعماري على وجهة نظره، أو قرر للمقاول أنه عالج العيوب التي أشار إليها المقاول، فإنه يتعين على المقاول قبل المضي في التنفيذ أن يطلب منه أمراً كتابياً بالمضي في التنفيذ على مسئوليته الخاصة مع إحاطة رب العمل بذلك، وإلا كان مسئولاً مع المهندس المعمارى عن الأضرار التي تحدث للمبنى.
أما إذا كان رب العمل هو الذي أقر بفحص التربة وبخلوها من العيوب، فإنه إذا كان غير متخصص في أعمال البناء، تعين على المقاول أن يمتنع عن التنفيذ، ولو أعطاه أمراً كتابياً بالمضي في التنفيذ، وذلك عملاً بالفقرة الأولى من المادة 651 مدني التي تقضي بسريان الضمان العشري على المهندس المعماري والمقاول، حتى ولو كان رب العمل قد أذن في إقامة المنشأت المعيبة.
أما إذا كان رب العمل متخصصاً في أعمال البناء، فإنه لا مسئولية على المقاول إذا مضى في التنفيذ .
عدم اشتراط أن يكون العيب قديماً :
لا يشترط أن يكون العيب في البناء قديماً، أي أن يكون موجوداً وقت التسليم فسواء كان موجود قبل التسليم، أو وجدت جرثومته قبل التسليم كتسوس الخشب أو انتشار النمل الأبيض بجزئياته ثم ظهر العيب بعد التسليم، أو كان العيب قد طرأ بعد التسليم، ففى الحالتين يجوز لرب العمل الرجوع بالضمان على المهندس والمقاول ويعد هذا خروج على القواعد العامة في المسئولية الناشئة عن عقد المقاولة، إذ لا يضمن المقاول عيوب عمله وفقاً لهذه القواعد إلا إذا كانت قديمة، أي موجودة في العمل عند تسليمه، أو على الأقل أن يكون مصدرها موجوداً في ذلك الوقت، أما مسئولية المهندس والمقاول وفق المادة 651، فتتحقق ولو لم يثبت أن العيب كان موجوداً في المبنى وقت إقرار رب العمل له.
مدة الضمان:
تنص المادة 651 مدنی - كما رأينا - على أن مدة ضمان المهندس المعماري والمقاول عشر سنوات.
فيضمن المهندس المعماري والمقاول ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى، أو ما يوجد في خلال هذه الفترة من عيوب تهدد متانة البناء وسلامته (م 651 مدنی) .
فقد قدر الشارع مدة عشر السنوات الاختبار متانة البناء وصلابته، وحسن تنفيذ كاف الأعمال المتعلقة به. وصلاحيته لأداء الغرض الذي أنشئ من أجله.
فاكتفى بها مدة الضمان، بحيث لو نقصت عن ذلك، لما كانت كافية لأن يحدث فيها التهدم، أو يظهر فيها العيب المعتبر قانوناً، وبذلك تذهب الحكمة من تقرير هذا الضمان، وكذلك لو قدر الضمان بأكثر من ذلك، لكان عبئاً ثقيلاً على المهندس المعماري والمقاول، وهو أمر غير مرغوب فيه، لما يترتب عليه من صيرورة هذا الضمان سيفاً مسلطاً عليهما، وربما كان عائقاً لهما- لا سيما المهندس المعماري- عن الابتكار والتجديد في مجال نحن أحوج ما نكون فيه إلى ذلك وسبب الضمان الراجع إلى وضع التصميم يكون قائماً قبل التسليم، بل قبل التنفيذ ويستمر هكذا قائماً حتى بعد التنفيذ والتسليم، ولذلك يكون هذا السبب موجباً للضمان دون حاجة إلى تحديد وقت معين يقوم فيه فهو قائم منذ البداية.
أما سبب الضمان الراجع إلى التنفيذ فقد يوجد قبل التسليم ويكون خفياً فيتسلم رب العمل الشيء دون أن يفطن للعيب. ومن ثم يكون العيب موجباً للضمان، دون حاجة إلى تحديد وقت معين يقوم فيه والسبب الذي يحتاج إلى وقت معين يقوم فيه هو السبب الذي يرجع إلى التنفيذ إذا طرأ بعد التسليم. فقد كانت القواعد العامة تقضي بأن السبب الذي يطرأ بعد التسليم لا يكون موجباً للضمان، ولكن نظراً لخطورة المباني ووجوب امتداد الضمان إلى ما بعد التسليم كما سبق القول، فقد حدد المشرع مدة لذلك هي عشر سنوات تبدأ من وقت التسليم. وقد رأى المشرع أن هذه مدة كافية لاختبار متانة البناء وصلابته، فإذا لم يحدث فيه عيب طول هذه المدة، فقد انقضت مدة الضمان، ولا عبرة بالعيب الذي يظهر بعد ذلك، حتى لو كان العيب يرجع إلى مخالفة عمدية الشروط والمواصفات المتفق عليها.
وإذا تهدم البناء بعد مضي أكثر من عشر سنوات، فإن رب العمل يلتزم بوصفه حارسا للبناء بتعويض من أصابه ضرر بسبب تهدم البناء، غير أنه لا يجوز لرب العمل الرجوع على المهندس المعماري أو المقاول بالضمان بما دفعه للمضرور.
ويبدأ سريان مدة عشر سنوات من وقت تسلم العمل، فيجب لإعمال مسئولية المهندس المعماري أو المقاول أن يحدث الضرر الذي يضمناه في خلال عشر سنوات تبدأ من وقت قبول العمل، أي من وقت معاينة رب العمل للبناء وإقراره بمطابقته لما هو متفق عليه، فإذا حرر محضر بالقبول سرت المدة من تاريخ هذا المحضر، أما إذا لم يحرر محضر، وأمكن استخلاص القبول ضمناً من تسلم رب العمل للبناء بدون إبداء تحفظ، فإن المدة تحتسب من تاريخ هذا الاستلام، فإن لم يحرر محضر بالقبول ولم يثبت تاریخ شغل رب العمل للمكان، فإن المدة تبدأ من تاريخ تسوية الحساب مع المقاول، سواء قام رب العمل بعمل التسوية بنفسه، أو أناب عنه المهندس المعماري، وذلك على أساس أن عمل هذه التسوية يفيد القبول من وقتها على الأقل.
وإذ كان محضر التسليم قد حرر بعد التسلم الفعلي، فالعبرة بتاريخ التسلم لا بتاريخ المحضر، وكذلك الأمر فيما لو سبق التسلم الفعلي تسوية الحساب مع المقاول. فالعبرة بتاريخ التسلم الفعلي. أما إذا كان التسلم قد سبق إنجاز العمل، فالعبرة بتاريخ إنجاز العمل لا بتاريخ التسلم الفعلي.
أما إذا أبي رب العمل التسلم، فإن المدة تبدأ من وقت إعذاره. وإذا كان التسليم على عدة دفعات، فمن وقت تمام تسليم آخر دفعة إذا كانت المنشآت لا يمكن تجزئتها الارتباط بعضها ببعض من ناحية الصلابة والمتانة. أما إذا كانت المنشآت يمكن تجزئتها بحيث لا ارتباط بين جزء وآخر فمن وقت تسلم كل جزء بالنسبة إلى هذا الجزء.
وواقعة التسلم واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات .
وغالباً ما يكون متفقاً على أن يتم استلام العمل على مرحلتين: مرحلة يكون فيها الاستلام مؤقتاً وتستمر فترة معينة، وبعدها يصبح الاستلام نهائياً، والغرض من الاستلام المؤقت هو تمكين رب العمل من معاينة البناء معاينة دقيقة تسمح له بالتأكد من مطابقته لما هو متفق عليه، إذ توجد عيوب لا يمكن اكتشافها إلا باستعمال البناء، ومن المقرر أن الاستلام المؤقت لا يفيد قبول رب العمل البناء، وبالتالي فإن مدة عشر السنوات لا تبدأ من تاريخ الاستلام المؤقت، بل من تاريخ الاستلام النهائي بشرط أن يفيد القبول.
ويقع عبء إثبات تسلم العمل وتاريخه على عاتق رب العمل، لأنه هو الذي يدعي الضمان الخاص، ويطلب الاستفادة من تطبيق قواعده. ويمكن إثبات التسلم وتاريخه بمحضر التسليم إذا وجد أو بتسوية الحساب بين رب العمل والمقاول إذا وجد مستند يثبت ذلك، أو بأية طريقة من طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود والقرائن لأن التسلم واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق ويبين من عبارة الفقرة الثانية من المادة 651 أنه يكفي لتحقق الضمان وجود العيب في خلال هذه المدة، ولو لم ينكشف العيب إلا بعد انقضاء هذه. وفي هذه الحالة لا يبدأ سريان التقادم ومدته ثلاث سنوات إلا من وقت انكشاف العيب لا من وقت وجوده كما سنرى.
إذا كان المقاول قد استعمل طرقاً احتياطية لحمل رب العمل على قبول بناء غير مطابق للمواصفات المتفق عليها أي ارتكب غشا، فإن هذا القبول يكون باطلاً، وبالتالي لا يمتنع على رب العمل الرجوع بالضمان ولو لم يقع التهدم أو يكشف العيب إلا بعد مضي عشر سنوات من تاريخ القبول فهو يلجأ إلى دعوى المسئولية التقصيرية، وهي لا تتقادم إلا بخمس عشرة سنة من وقت وقوع الغش أو بثلاث سنوات من وقت العلم بالغش، وهذا عند من يقولون بالخيرة بين المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية.
طبيعة مدة الضمان :
مدة الضمان المنصوص عليها بالمادة 651 مدني هي مدة اختبار المتانة البناء وصلابته وسلامته، وليست مدة تقادم، ولذلك فإنها لا توقف ولو وجد مانع يتعذر معه على رب العمل أن يطالب بحقه، أو كان رب العمل غير كامل الأهلية، أو غائباً أو محكوماً عليه بعقوبة جناية ولم يكن له نائب يمثله قانوناً (م 382 مدنی). كذلك لا يرد عليها الانقطاع.
كما يجوز الإتفاق على إطالة مدة الضمان، كأن تكون خمس عشرة سنة أو أكثر، وقد تقضي بذلك جسامة المنشآت ودقة العمل بها بحيث أن اختبار متانتها وصلابتها يحتاج إلى مدة أطول من عشر سنوات.
غير أنه لا يجوز الاتفاق على إنقاص مدة الضمان عن عشر سنوات، لأن المادة 653 مدنی تنص على أن يكون باطلا كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه، وفي إنقاص مدة الضمان حد منه.
غير أنه إذا بدأ سريان مدة الضمان فإنه يجوز لرب العمل النزول عن جزء منها لأنه يستطيع أن ينزل عن الضمان بعد تحققه - كما سنرى - فأولى أن ينزل عن بعض الضمان، ويتحقق ذلك عملاً بألا يتمسك رب العمل بكمال المدة لدى القضاء، فيعتبر لهذا نزولاً منه عن حقه.
حالة تكون فيها مدة الضمان أقل عن عشر سنوات :
رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 651 مدني تنص على أن:
يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي.
ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات ".
ومفاد هذا أنه إذا قصد رب العمل والمهندس المعماري أو المقاول أن تبقى المباني والمنشآت الثابتة الأخرى مدة تقل عن عشر سنوات، فإن مدة الضمان تكون - بداهة - في هذه الحالة أقل من عشر سنوات، ومثل ذلك أن يكون هناك معرض مدته سنة مثلاً، وأقام أحد العارضين مبني في المعرض يعرض فيه بضائعه، فإن المفروض أن هذا المبنى لا يدوم إلا سنة واحدة.
أساس دعوى الضمان :
الضمان الخاص للمهندس المعماري والمقاول يقوم على المسئولية العقدية، لأنه يستند إلى الإخلال بالالتزام العقدي الذي أنشأه عقد المقاولة في ذمة المهندس المعماري والمقاول بأن تكون المباني المشيدة خالية من العيوب، فإذا تهدم البناء أو ظهر فيه عيب، فقد تحققت المسئولية العقدية للمهندس المعماري والمقاول، سواء نص عليها العقد أو لم ينص، لأن هذا الالتزام يترتب على كل عقد مقاولة بنص القانون.
ويترتب على كون مسئولية المهندس المعماري والمقاول مسئولية عقدية أنهما لا يلتزمان إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد (م 221 مدنی).
التزام المهندس المعماري والمقاول هو التزام بنتيجة، وليس التزاما ببذل عناية، ومن ثم إذا شاء رب العمل الرجوع بالضمان على المهندس المعماری أو المقاول، وجب عليه إثبات وجود عقد مقاولة بينه وبينهما، وبإثبات حصول تهدم كلي أو جزئي في البناء الذي أقاماه أو وجود عيب يهدد متانته وسلامته، وذلك طبقاً للقواعد العامة في المسئولية العقدية. ويجوز له إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة والقرائن، كما يجوز للمحكمة ندب خبير للوقوف على ذلك.
غير أن رب العمل لا يكلف بإثبات خطأ في جانب المهندس المعماري أو المقاول، لأن الإخلال بالتزام عقدي يثبت الإخلال به بمجرد إثبات عدم تحقق هذه النتيجة.
كما يجوز لرب العمل إذا توافر شرط الاستعجال أن يلجأ إلى القضاء المستعجل، برفع دعوى إثبات حالة مستعجلة.
جزاء الضمان :
التعويض النقدي وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه :
إذا تحققت مسئولية المهندس المعماري والمقاول طبقاً للمادة 651 مدني، فإنهما يلتزمان بتعويض رب العمل عن الضرر الذي لحقه، ويشمل التعويض طبقاً للقواعد العامة ما لحق رب العمل من خسارة وما فاته من کسب (م 221 مدنی)، فيشمل التعويض نفقات إعادة البناء إذا كان الضرر هو تهدم كلي أو جزئي أو إصلاح العيب إذا كان الضرر عيباً في البناء، وإذا كانت إعادة البناء أو الإصلاح لم يؤد إلى إصلاح كل الضرر كأن ترتب عليها تشويه منظر المبني أو الإقلال من منفعته مما خفض من قيمته الإيجارية، كان لرب العمل الحق في التعويض عن ذلك أيضاً. وإذا أدى تهدم البناء إلى مساءلة رب العمل قبل الغير، فإن ما دفعه للغير من تعويضات، يدخل ضمن التعويض المستحق له قبل المهندس والمقاول.
ويقتصر التعويض على الضرر المباشر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد فلا يشمل الضرر غير المتوقع، ما لم يوجد غش أو خطأ جسيم، فيكون التعويض عن الضرر المباشر ولو كان غير متوقع الحصول (م 2/ 221 مدنی). ويعتبر ضرراً متوقع الحصول أن بتهدم البناء فيقع على أحد المارة فيصبه بضرر ويرجع المضرور بالتعويض على رب العمل، فيدخل هذا التعويض ضمن الأضرار التي أصابت رب العمل.
وإذا كانت هناك منقولات لرب العمل داخل البناء، فأتلفها انهدام البناء أو العيب، فإن هذا يعتبر ضرراً يستوجب التعويض.
وكما يكون التعويض عن ضرر حال فإنه يكون أيضاً عن ضرر مستقبل متی كان محقق الوقوع، فإن قدرت محكمة الموضوع أن هدم المبنى مثلاً أمر محتم فإن لها تقدير التعويض على أساس وقوع الهدم.
أما إذا كان الضرر محتمل الوقوع فقط أي ليس محقق الوقوع في المستقبل، فإنه لا يكون محلا للتعويض، ومثل ذلك أن يكون مبنى واحد فقط من بين المباني المشيدة بنفس الطريقة وقدرها واحد وعشرون، ظهر أنه غير صالح للغرض المخصص له بسبب ما ظهر به من عيب، فلا يجوز للمالك أن يطالب بتعويض الضرر المحتمل في العشرين الآخرين .
وتقضي القواعد العامة المنصوص عليها في المادة 2/ 171 مدني على أنه يجوز للقاضي، تبعاً للظروف وبناء على طلب المضرور، أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وذلك على سبيل التعويض "، ومن ثم فإنه يجوز للقاضي بدلاً من القضاء بالتعويض النقدي أن يحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أي يقضي بإلزام المهندس المعماري أو المقاول بإعادة الجزء المتهدم أو إصلاح العيب، ولها أن تحدد لهما أجلاً لإتمام ذلك، وأن ترخص لرب العمل بالقيام بالإصلاح على نفقتهما إذا مضى الأجل ولم يقوما به.
والخيار بين الحكم بتعويض نقدي، وبين الأمر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه متروك للمحكمة، فلا يستطيع رب العمل أو المقاول إلزامها باختيار أيهما وللمحكمة فضلاً عن الحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أن تحكم بتعويض لرب العمل إذا كانت إعادة الحال لن تزيل كل الضرر، كما لو استغرق الإصلاح وقتاً، فضاعت على رب العمل بذلك منفعة البناء في خلال هذا الوقت.
وإذا كان الإصلاح العيني يحدث زيادة في قيمة العقار، بأن كانت المواد الجديدة أفضل من المواد الواردة في المقايسة أو أجريت أعمال إضافية، فإنه تجب مراعاة تلك الزيادة. وليس لرب العمل أن يطلب في كل الأحوال الإصلاح العيني، لأن الأمر ليس متعلقاً بتنفيذ الالتزام التعاقدي، إذا المهندس المعماري والمقاول قد وفياه وسلما العمل. بل هو متعلق بضمان إضافي خوله القانون.
ويجوز للمحكمة أن تقضي بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه مع أداء تعويض نقدي، إذا كانت الإصلاحات لا تصل إلى إزالة العيوب كلية وإنما تجعلها مقبولة.
وتجوز المطالبة بها بدعوى الإثراء على حساب الغير.
(ب) - فسخ العقد :
يجوز لرب العمل إذا لم يوف المهندس المعماري أو المقاول بالتزاماته الناشئة عن العقد أن يطلب - بعد إعذاره - فسخ العقد مع التعويض إن كان له مقتض، ويترتب على الفسخ إعادة الشيء إلى أصله کهدم البناء المعيب وإعادة الأرض إلى أصلها. ولكن القاضي لا يلجأ إلى ذلك إلا عند الضرورة القصوى.
وينبني على القضاء بفسخ عقد المقاولة انحلاله واعتباره كأن لم يكن، ولا يكون رجوع المقاول – الذي أخل بالتزاماته - بقيمة ما استحدثه من أعمال إلا استناداً إلى مبدأ الإثراء بلا سبب عملاً بالمادة 179 مدنی.
الأصل المقرر في القواعد العامة أن التضامن بين الدائنين أو المدنيين لا يفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون (م 279 مدني) إلا أن المادة (651) خرجت في المسئولية العشرية عن هذه القاعدة ونصت على أن : يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي....إلخ.
ومفاد ذلك أن مسئولية المهندس المعماري والمقاول عن التهدم الكلي أو الجزئي فيما شيدوه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى وما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، هي مسئولية تضامنية بمقتضى نص في القانون. ومن ثم يجوز لرب العمل الرجوع عليهما معاً متضامنين بالتعويض المطالب به أو بالرجوع على أحدهما فقط بكامل التعويض ولا يجوز لأحدهما دفع المسئولية التضامنية عنه بنفي الخطأ عن نفسه ونسبته إلى الآخر .
وهذا التضامن من شأنه تكاتف المهندس والمقاول على الإجادة في البناء للخروج به في صورة كاملة خالية من العيوب، وهو ما يبعث الاطمئنان في نفس المالك، ويحافظ على الأرواح والممتلكات من ناحية أخرى.
قاعدة تضامن المهندس المعماري والمقاول في الضمان إنما تثبت لرب العمل قبل المهندس المعماري والمقاول. أما في العلاقة بين المهندس المعماري والمقاول، فإن المسئولية تقسم بينهما بنسبة خطأ كل منهما، ويجوز لكل منهما أن يرجع على الآخر إذا كان العيب الذي حدث في البناء بسبب خطئه.
فإذا كان الخطأ هو خطأ المهندس المعماري، كما إذا كان الضرر يرجع إلى عيب في الأرض وكان المهندس دون المقاول هو الذي يستطيع كشف هذا العيب، أو كان الضرر يرجع إلى عيب في التصميم، وكان هذا العيب غير ظاهر بحيث لم يكن في وسع المقاول أن يكتشفه ولو بذل عناية مقاول عادي في دراسة التصميم، رجع المقاول على المهنس بكل التعويض الذي حكم به عليه، أما إذا ثبت أن الضرر نشأ عن خطأ المقاول، كما لو كان قد نشأ عن استخدام المقاول لمواد معيبة بعيوب خفية لم يكن في وسع المهندس كشفها ولو بذل عناية مهندس عادي في فحصه لهذه المواد، ولم يقع منه أي إهمال أو تقصير في الإشراف على عملية البناء وإدارتها، رجع المهندس على المقاول بكل التعويض الذي حكم به عليه.
أو إذا ثبت أن الضرر حدث نتيجة خطأ مشترك بين المهندس المعماري والمقاول، فإن المسئولية تقسم بينهما بنسبة مساهمة خطأ كل منهما في إحداث الضرر مع مراعاة درجة جسامة هذا الخطأ ومثال ذلك أن يثبت نشوء الضرر عن عيب ظاهر في التصميم، إذ يوجد خطأ من جانب المهندس المعماري الذي وضع التصميم المعيب، وعيب من جانب المقاول الذي كان في مكنته اكتشاف هذا العيب الظاهر.
ويلاحظ أنه إذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الأرض وكان هذا العيب ظاهراً للمقاول، فإنه يكون مسئولاً مع المهندس، أما إذا كان هذا العيب لا يمكن اكتشافه إلا بعمل اختبارات جس التربة التي يقوم بها المهندس، وكان المهندس قد قام بعمل هذه الاختبارات أمامه أو أخبره بأنه قام بها، فإنه في هذه الحالة يتحمل المهندس في النهاية المسئولية كاملة.
أما إذا كانت مسئولية المهندس المعماري والمقاول قد قامت دون أن يثبت خطأ في جانب أي منهما، فإن المسئولية تقسم عليهما بالتساوي، أي يلتزم كل منهما بنصف التعويض المحكوم به.
أساس رجوع كل من المهندس المعماري والمقاول على الآخرة:
وإن كان يوجد عقد مقاولة بين كل من المهندس المعماري والمقاول وبين رب العمل، إلا أنه لا يوجد ثمة عقد بين كل من المهندس المعماري والمقاول. ومن ثم يكون رجوع كل منهما على الآخر بنسبة ما يخصه من التعويض المقضي به لرب العمل على أساس المسئولية التقصيرية المنصوص عليها بالمادة 163 من التقنين المدني. ويترتب على ذلك أن من يرجع منهما على الآخر يكون مكلفاً بإثبات الخطأ الذي صدر منه وتسبب في الضرر.
ويجوز أيضاً لمن دفع التعويض المقضى به وأراد الرجوع على الآخر، أن يستعمل حقوق رب العمل في هذا الرجوع، لأنه يحل محله بنص القانون (م 1/362 مدنی)، فيكون الرجوع في هذه الحالة بدعوى الحلول .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 144)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 650
1- يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم کلی و جزئی فیما شيدوه من مبان أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى ، وذاك ولو كان التهدم ناشئاً من عيب في الأرض ذاتها ، أو كان صاحب العمل قد أجاز اقامة المنشأت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة اقل من عشر سنوات .
۲ - ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهدید متانة البناء وسلامته .
٣- وتبدا مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل .
- ولا تسري هذه المادة على ما قد يكون المقاول من حق الرجوع على المقاولين من الباطن .
هذه المادة تطالة المادة 651 من التقنين الحالي .
و تقابل المادة 780 من التقنين العراقي .
وتتفق مع المادة ۷۸۸ من التقنين الأردنی .
وتتفق مع المادة 692 من التقنين الكويتي .
انظر المذكرة الإيضاحية للنصوص المقابلة في المشروع التمهیدی للتقنين الحالي (م 895 و 896) وكذلك تقرير لجنة الشئون التشريعية في مجلس النواب ، في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 5 ص 21 - 24 .
وفي الفقه الاسلامی نصت المادة 608 من المجلة على أن « تعدی الاجير هو أن يعمل عملاً او يتحرك حركة مخالفين لأمر الآجر صراحة كان او دلالة .. مثلا لو اعلى احد قماشا لخياط وقال ان خرج قباء فصله وقال الخياط يخرج و فصله فان لم يخرج قباء له أن يضمن الخياط القماش ». ونصت المادة 611 على أن « الأجير المشترك يضمن الضرر والخيار الذي تولد عن فعله وصنعه ان كان بتعديه وتقصيره أو لم يكن .
ونصت المادة 617 من مجلة الأحكام الشرعية على أن لا من استأجر أجيرا لبناء نيناه ثم سقط البناء فلا شيء على الأجير ولا تلزمه اعادته . لكن او كأن مقوله بتفريعه كان بناه محلولا نوليه اعادته ويغرم ماتلف به ونصت المادة 618 على أن « من امستأجر عامة لبناء اذرع معلومة فبنى بعضها فسقط فعليه اعادته و تمام الأذرع »
وجاء في بدائع الصنائع (ج 6: 2649):« اذا كانت قاعدة الضمان عند ابن رشد تتالف من وجهين هما التعدي او المصلحة وحفظ المال ، فان للضمان سببين عند الكاساني ، اولهما الاتلاف والثاني العقد ، لأن الأجير بالعقد السابق التزم الوفاء بالمعقود عليه، وذلك بالعمل الملح ، وقد خالف ، والخلاف من اسباب وجوب الضمان .. وخلاصة ماذكره هذان الفقيهان أن شروط العقد ملزمة ، وان عمل الأجر مقيد بالمصلحة ، وان كل خروج على ذلك مما يخالف مصلحة صاحب العمل بشكل مخالفة او تعديا فيضمن الأجر الخسار او الضرر الناتج عن هذه المخالفة وذلك التعدی . ولا تخرج المادة المقترحة عن ذلك فيما قضت به من وجوب الضمان على المهندس المسئول عن التصميم والمقاول المسئول عن التنفيد .
اما تقييد الضمان بمدة عشر سنوات فسنده مراعاة المصلحة التي تقضي بألا يكون فمان المهندس والمقاول الى الأبد . وللإمام أن يقيد هذا الضمان بما يراه محققا للمصلحة ، اذ القاعدة أن « التصرف على الرعية منوط بالمصلحة »58 من المجلة ) . وهذه المدة تكفي الاختبار صلابة المنشآت ومتانتها .
مجلة الأحكام العدلية
مادة (608) ضمان تعدي الأجير
تعدّي الأجير هو أن يعمل عملاً أو يتحرك حركة مخالفين لأمر الآجر صراحة كان أو دلالة. مثلاً بعد قول المستأجر للراعي الذي هو أجير خاص ارع هذه الدواب في المحلّ الفلانيّ ولا تذهب بها إلى محل آخر فإن لم يرعها الراعي في ذلك المحل وذهب بها إلى محل آخر ورعاها يكون متعديّا فإن عطبت الدواب عند رعيها هناك يلزم الضمان على الراعي. كذلك لو أعطي أحد قماشا إلى خياط وقال: إن خرج قباءً فصّله وقال الخياط يخرج وفصّله فإن لم يخرج قباء له أن يضمن الخياط القماش.
مادة (611) ضمان ضرر الأجير المشترك
الأجير المشترك يضمن الضرر والخسار الذي تولد عن فعله وصنعه إن كان بتعديه وتقصيره أو لم يكن.
مادة (58) التصرف على الرعية
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.