1 ـ مقتضى ما نصت عليه المادتين 651 و 653 من القانون المدنى أن كل شرط فى عقد الصلح يقصد به إعفاء المهندس والمقاول من ضمان ما لم يكن قد إنكشف وقت إبرامه من العيوب التى يشملها الضمان يكون باطلا ولايعتد به إذ لا يجوز نزول رب العمل مقدما وقبل تحقق سبب الضمان عن حقه فى الرجوع به
(الطعن رقم 345 لسنة 33 جلسة 1967/04/13 س 18 ع 2 ص 835 ق 127)
2 ـ إقرار رب العمل فى عقد الصلح بتسلمه البناء مقبولا بحالته الظاهرة التى هو عليها ليس من شأنه إعفاء المهندس والمقاول من ضمان العيوب التى كانت خفية وقت التسليم ولم يكن يعملها رب العمل لأن التسليم ولو كان نهائيا لا يغطى إلا العيوب الظاهرة أو الملزمة لرب العمل وقت التسليم .
(الطعن رقم 345 لسنة 33 جلسة 1967/04/13 س 18 ع 2 ص 835 ق 127)
تنص المادة 653 من التقنين المدني على ما يأتي :
يكون باطلاً كل شرط يقصد به إعفاء المهندس المعماري والمقاول من الضمان أو الحد منه"
وقد قدمنا أن الضمان بوجه عام ـ عدا ضمان المقاول والمهندس ـ لا تعتبر أحكامه من النظام العام، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها، أي يجوز تشديدها أو تخفيفها أو محوها باتفاق خاص، أما ضمان المقاول والمهندس، وهو الضمان الخاص الذي نحن بصدده ، فتعتبر أحكامه من النظام العام بنص صريح هو النص الذي أسلفنا ذكره، ويبرر ذلك أن رب العمل لا يكون عادة ذا خبرة فنية في أعمال البناء ، ولذلك حماه القانون هذه الحماية الخاصة التي رأيناها في تحديد مدة طويلة لاختبار متانة البناء وصلابته، والمقاول والمهندس، وهما من رجال الأعمال ذوى الخبرة الفنية، وهما في الوقت ذاته الجانب الأقوى في عقود المقاولة بسبب هذه الخبرة ، يستطيعان أن يضيعا هذه الحماية على رب العمل لو جاز لها اشتراط عدم المسئولية أو التخفيف منها، بأن يدرجا في عقد المقاولة هذا الشرط فيصبح من الشروط المألوفة في هذه العقود، فأراد المشرع أن أن يدعم الحماية التي منحها رب العمل، فجعل أحكام الضمان من النظام العام لا يجوز الاتفاق على محوها أو على التخفيف منها، وقد ذكر ذلك أمام لجنة مجلس الشيوخ عندما اعترض على النص ، فقيل في الدفاع عنه "إنه لو حذف هذا النص سيلجأ المهندسون والمقاولون إلى تضمين عقودهم نصوصًا تعفيهم من المسئولية، والمراد بالمادة حماية طبقة لا يفهمون في مسائل البناء" .
ولكن لا يوجد ما يمنع أن تشديد الضمان، إذ أن الضمان إنما قصد به حماية رب العمل، فليس هناك ما يحول دون أن يقوى رب العمل هذه الحماية باتفاق خاص، فيجوز اشتراط أن يبقى الضمان عن العيوب مدة تزيد على عشر سنوات بحسب جسامة المنشآت ودقة العمل فيها ، كما يجوز الاتفاق على أن الضمان يشمل العيوب الظاهرة لمدة عشر سنوات أو أقل او أكثر، بل يجوز الاتفاق على ضمان المقاول أو المهندس للقوة القاهرة.
والمفروض فيما قدمناه أن الاتفاق على الإعفاء من الضمان أو على الحد منه إنما هو اتفاق سابق على تحقق سبب الضمان، فإنه في ذلك الوقت يكون هناك معنى لحماية رب العمل، إذ قد يقوده عدم خبرته إلى الاستهانة بقيمة الضمان، ويغلبه المقاول أو المهندس ـ وهو الجانب الأقوى ـ على أمره فيدفعه إلي قبول الإعفاء من الضمان أو الحد منه على النحو الذي قدمناه.
أما بعد تحقق سبب الضمان، وتبين رب العمل خطورة العيوب التي انكشفت، فهو حر بعد ذلك، وقد ثبت حقه في الضمان أن ينزل عن هذا الحق كله أو بعضه، نزولاً صريحًا أو ضمنيًا .
فإذا انكشف عيب في البناء يتحقق به الضمان، جاز لرب العمل أن ينزل صراحة عن حقه في الرجوع على المقاول أو المهندس بسبب هذا العيب، وقد يحمل سكوت رب العمل عن الرجوع بالضمان لمدة طويلة بعد انشكفا العيب نزولاً ضمنيًا عن حقه، ولو كانت هذه المدة أقل من ثلاث سنوات وهي المدة التي تتقادم بها دعوى الضمان فيما قدمنا، متى اقترن هذا السكوت بملابسات قاطعة في أن رب العمل قصد بسكوته النزول عن الضمان، ومن هذه الملابسات أن يدفع رب العمل للمقاول أو للمهندس أجره دون تحفظ، أو أن يقوم بإصلاح العيب دون تحفظ ودون إثبات الحالة ودون أن يدفعه إلى ذلك ضرورة الاستعجال .
وقد يتهدم جزء من البناء ويظهر في باقيه عيب ، فيرجع رب العمل بالضمان فيما يتعلق بالتهدم ، ولا يرجع بالمان فيما يتعلق بالعيب . فهنا يكون رب العمل قد نزل عن الضمان نزولاً جزئيًا ، في التهدم دون العيب . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول ، الصفحة/ 176 )
لا يجوز الاتفاق مقدماً على إعفاء المقاول والمهندس المعماري من الضمان أو الحد منه، كأن يشترط عدم مسئوليتهما عن البناء بمجرد التسليم أو أن يكون الضمان لمدة تقل عن عشرة سنوات، وإلا كان الاتفاق باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام فيرجع رب العمل بالضمان رغم وجود هذا الشرط، ولما كان الغرض من النص هو حماية رب العمل ومن ثم فيجوز الاتفاق على تشديد الضمان كبقاء الضمان مدة تزيد على عشر سنوات أو ضمان العيوب الظاهرة للمدة التي يتم الاتفاق عليها بل يجوز الاتفاق على أن يضمن المقاول والمهندس للقوة القاهرة .
على أنه إذا تحقق سبب الضمان بأن تهدم البناء أو انكشف عيب فيه، كان الرب العمل أن يتنازل عن الضمان - إذ المحظور هو التنازل السابق على تحقق سبب الضمان - وقد يكون تنازله صريحاً وقد يكون ضمنياً بسكوته مدة طويلة بعد انکشاف العيب متى اقترن السكوت بملابسات قاطعة تدل على التنازل كأن يوفي بالتزاماته المتبقية للمقاول والمهندس دون تحفظ أو يقوم بإصلاح العيب دون تحفظ وفي غير حالة الاستعجال، وإذا تهدم البناء جزئياً وظهر عيب في جزء آخر منه فيرجع رب العمل بالضمان - فإن اقتصر في رجوعه على التهدم دون العيب فيكون قد تنازل جزئياً عن الضمان فيما يتعلق بالعيب.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 465)
فقد جعل النص أحكام ضمان المهندس المعماري والمقاول من النظام العام، ويبرر ذلك حماية السلامة العامة، لأن تهدم الأبنية والمنشآت المعيبة لا يصيب رب العمل وحده بالضرر بل غالباً ما يؤدي إلى حدوث كوارث تصيب الكثيرين بأضرار فادحة في الأرواح والأموال، فمن الضروري حماية سلامة هؤلاء جميعاً من المخاطر التي تترتب على حوادث سقوط المباني وانهيار المنشآت .
كما أن رب العمل لا يكون عادة ذا خبرة فنية في أعمال البناء، بينما المهندس المعماري والمقاول من رجال الأعمال ذي الخبرة الفنية، وهما الطرف الأقوى في عقود المقاولة بسبب هذه الخبرة وإذا أجيز الإعفاء من المسئولية لأمكن للمهندسين المعماريين والمقاولين الإفلات من المسئولية بتضمين عقودهم شروطاً تعفيهم من المسئولية، وفي ذلك ضرر بأرباب الأعمال الذين لا تتوافر لهم الدراية بأعمال البناء.
وترتيباً على نص المادة لا يجوز الاتفاق مقدماً على الإعفاء من الضمان أي حرمان رب العمل كلياً من الرجوع على المهندس والمقاول في حالة حصول تهدم أو وجود عيب، كما لا يجوز الحد من الضمان، بأن يتفق مثلاً على أن يقتصر ضمان المهندس المعماري على التهدم الكلي دون التهدم الجزئي أو وجود عيب، أو بأن يقتصر رجوع رب العمل على المهندس المعماري وحده أو المقاول وحده، أو اشتراط أن يكون الضمان لمدة خمس سنوات فقط بدلاً من عشر سنوات، إذ يكون الاتفاق في الأحوال السابقة باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام.
والنص يبطل الإعفاء من الضمان أو الحد منه حتى لا يضعف من الحماية المقررة لرب العمل، ومن ثم فإنه يكون من الجائز تشديد الضمان، لأن ذلك في صالح رب العمل، فيجوز الاتفاق مثلاً على أن تكون مدة الضمان خمس عشرة سنة بدلاً من عشر سنوات.
جواز نزول رب العمل عن الضمان بعد تحقق سببه : أما حظرته المادة هو الاتفاق السابق على الإعفاء من الضمان أو الحد منه، أي الاتفاق السابق على تحقق سبب الضمان، أما إذا تحقق السبب الموجب للضمان بأن حدث التهدم الكلى أو الجزئي أو ظهر العيب، فإن رب العمل وقد تبين له خطورة العيب الذي انكشف، وثبت حقه في الضمان، يضحي حراً بعد ذلك فله التمسك بالضمان، وله النزول عنه، سواء كان هذا النزول صراحة أو ضمناً.
ومن صور التنازل الضمني عن الضمان، أن يقوم رب العمل بعد علمه بالتهدم بدفع باقي أجر المهندس أو المقاول دون تحفظ، أو أن يقوم بإصلاح العيب دون تحفظ ودون أن يثبت حالته رغم أنه لم يكن مستعجلاً، أو يرجع رب العمل على المقاول أو المهندس بالضمان عن التهدم الكلي أو الجزئي ولا يرجع بالضمان عن العيب أو العك،. سكوت رب العمل عن حق الرجوع بالضمان مدة طويلة بعد اكتشاف العيب، إذا اقترن هذا السكوت بملابسات قاطعة في أن رب العمل قصد بسكوته النزول عن الضمان.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 180)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 652
يقع باطلاً كل شرط يخالف أحكام الضمان الواجب على المهندس المعماري والمقاول .
هذه المادة تقابل المادة 653 من التقنين الحالي .
وقد عدلت هذه المادة على النحو الوارد في المادة المقترحة ، بحيث يكون الحكم شاملاً ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالف أحکام الضمان الواجب على المهندس المعماري والمقاول ، سواء كان ذلك بالتشديد او التخفيف او الاعفاء منه . فمثلا لا يجوز الاتفاق على ضمان المقاول او المهندس للقوة القاهرة ، او على ان يبقى الضمان لمدة تزيد على عشر سنوات، ولا يجوز اشتراط أن يقتصر الضمان على عيوب معينة . ولا يجوز أن يشترط المقاول او المهندس براءة الذمة من الضمان عن جميع العيوب حتى الخفية منها بمجرد تسلم صاحب العمل البناء. وهذا كله تطبيقا للمادة ۲۲۹ من المشروع التي لا تجيز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة القوة القاهرة، او على اعفائه من المسئولية المترتبة على عدم تنفيذ التزامه التعاقدی . اذان مثل هذا الاتفاق بثاني مقتضى العقد .
والمادة المقترحة تقابل ما جاء في الماده ۱ / ۸۷۰ من التقنين العراقي الذي يتفق مع المادة 653 من التفنیں المصري الحالي .
وتقابل المادة .790 من التقنين الأردني التي تطابق المادة 653 من التقنين المصري الحالي .
و تقابل المادة 697 من التقنين الكويتي التي تتفق مع المادة 653 من التقنين المصري الحالي .