loading
الأحكام

1 ـ الإمتياز المقرر فى المادة 1148 من القانون المدنى للمقاولين على المنشآت التى عهد إليهم فى تشييدها نظير المبالغ المستحقة لهم لا يسرى على الغير إلا إذا أشهر بالقيد .

(الطعن رقم 283 لسنة 35 جلسة 1969/06/19 س 20 ع 2 ص 1002 ق 158)

2 ـ إذا كان الثابت أن الطاعن - المقاول - أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام المطعون عليه بقيمة المبانى موضوع النزاع على أساس أنه أقام هذه المبانى لصالح المطعون عليه على أرض مملوكة للأخير دون أن توجد بينهما رابطة عقدية ، على حسابه بلا سبب فإن مفاد ذلك أن الطاعن لا يستند إلى عقد مقاولة كسب لدعواه بل يستند فى ذلك أصلاً إلى أحكام الإثراء بلا سبب .

(الطعن رقم 29 لسنة 41 جلسة 1976/03/16 س 27 ع 1 ص 662 ق 132)

3 ـ من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان الأصل فى العقود أن تكون لازمة بمعنى عدم إمكان إنفراد أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء المتعاقد الآخر ، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على تعديل العقد ، وكما قد يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين يصح أن يكون ضمنياً ، وأن على محكمة الموضوع إن هى قالت بأن التعديل الضمنى لم يتم أن تورد من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتى طرفى العقد فى هذا الصدد وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة ، وأن عليها ان تستظهر مدلول المحررات المتنازع عليها مما تضمنته عباراتها على ضوء الظروف التى أحاطت بتحريرها وما يكون قد تقدمها من اتفاقات عن موضوع التعاقد ذاته إذ ذلك هو من تحصيل فهم الواقع . لما كان ذلك وكان البين بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بالاتفاق على تعديل الأسعار التى تضمنها عقد المقاولة واستدل على ذلك بما تضمنته المستندات المنوه عنها بوجه النعى وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفاع على ما أورده فى مدوناته أن الخطاب الذى يشير إلى المستأنف - الطاعن - لم يرد به ذكر على الاطلاق لموضوع تعديل الأسعار أو الإشارة إلى ذلك المعنى ، وإنما انصب على طلب سرعة الانتهاء من إنشاء الدور السادس والسابع وتحديد المبالغ التى تسلمها المستأنف وما تبقى بحسب الحساب ........." وكان هذا الذى أورده الحكم يدل على أن المحكمة استلزمت لتعديل الأسعار المتفق عليها فى عقد المقاولة أن يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين رغم أنه يصح إذا كان ضمنياً وأنها لم تستظهر مدلول إيصالى السداد المؤرخون 1981/1/8،1983/3/14 مما تضمنته عبارات الإيصال الأول من أن الطاعن تسلم مبلغ أربعة وتسعين ألف جنيه والباقى له مائة وثمانية وثلاثين ألف جنيه فتكون جملة أجر المقاولة مبلغ مائتين واثنين وثلاثين ألف جنيه ، بينما تضمن الخطاب الثانى بعد استئناف العمل الذى كان قد توقف كطلب المطعون ضده الأول أن الطاعن تسلم مبلغ خمسة آلاف جنيه ليكون جملة ما قبضه مبلغ مائتين واثنين وثلاثين ألف جنيه ويكون الباقى خمسة وعشرين الف جنيه وهو ما يزيد عن أجر المقاولة وفقاً للأسعار الواردة بالعقد بما ينبئ عن تعديل تلك الأسعار بعد توقف العمل بالمبنى ، كما لم تستظهر المحكمة ما تضمنه الخطاب الأول الصادر من المطعون ضده الأول - والذى يقرر الطاعن أن تاريخه 1981/1/22 من طلبه بوقف العمل حتى الدور الخامس فقط وأن أجر المقاولة عن ذلك مبلغ مائة وسبعة وثمانين ألف جنيه تسلم منها الطاعن مبلغ مائة واثنين وستين ألف جنيه يضاف إليها قيمة القرض الذى يسعى لإنهاء إجراءاته ومقداره خمسة وعشرين الف جنيه ، وما تضمنه الخطاب الثانى - الذى قرر الطاعن أن تاريخه 1984/3/20 من إعادة سرد بيانات الحساب السابق وطلب المطعون ضده الأول الانتهاء من إقامة الدورين السادس والسابع وأنه سيحاول سداد دفعة أخرى ليصبح المدفوع مائتى ألف جنيه ويكون الباقى المستحق للطاعن مبلغ خمسين ألف جنيه وهو ما يزيد عن أجر المقاولة المتفق عليه وفقا للعقد والمحدد فى إيصالات السداد المقدمة من المطعون ضدهم ، كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بأن المطعون ضده الأول سلمه شيكاً بمبلغ ثلاثة وثمانين ألف جنيه قبل تنازله عن دعوى الحساب التى أقامها على المطعون ضدهم وبعد تصفية الحساب بين الطرفين ، ولم تستجب المحكمة لطلب الطاعن إعادة المهمة إلى الخبير لتحقيق هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهرى يترتب عليه - إذا ما حقق - تغيير وجه الرأى فى الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وشابه قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع.

(الطعن رقم 8101 لسنة 64 جلسة 1996/02/13 س 47 ع 1 ص 341 ق 67)

4 ـ النص فى المادة 68 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والمواد 655 و 656 و 663 (1) من التقنين المدنى يدل على أن سريان مدة تقادم دعوى المقاول فى الحصول على أجره من رب العمل، يبدأ من تاريخ تسلم رب العمل الأعمال المنتهية تسليمًا فعليًا أو حكميًا، أو فى الوقت الذى يتحلل فيه رب العمل من التزامه بالعقد بإرادته المنفردة وتتوقف فيه الأعمال، فيستحق المقاول عندئذ التعويض عن جميع ما أنفقه وما فاته من كسب.

(الطعن رقم 1679 لسنة 91 ق - جلسة 22 / 2 / 2022)

شرح خبراء القانون

وفي الحالة التي يتفق فيها المتعاقدان على مقدار الأجر أو على الأساس التي يقوم عليها التقدير، لا يجوز تعديل الأجر المتفق عليه بالزيادة أو بالإنقاص إلا باتفاق الطرفين، ولا يجوز لأحد منهما أن يستقل بالتعديل، وذلك وفقًا للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد ( م147 مدني )، ويختلف أجر المقاول في ذلك عن أجر الوكيل، فإن أجر الوكيل خاضع لتقدير القاضي ولو كان المقدار متفقًا عليه بين المتعاقدين ( م 709 /2 مدني).

تنص المادة 656 من التقنين المدني على ما يأتي :

"يستحق دفع الأجرة عند تسلم العمل، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك".

فدفع الأجر إذن يكون في الموعد المحدد في الاتفاق، إذا كان هناك اتفاق على ذلك، ويغلب أن يكون في عقد المقاولة اتفاق على مواعيد دفع الأجر، وكثيراً ما يتفق على أن يدفع رب العمل جزءاً من الأجر مقدماً قبل البدء في العمل، ثم يدفع باقي الأجر على أقساط يؤدي كل قسط منها عقب إتمام جزء معين من العمل أو عقب انقضاء فترة معينة من الوقت، وقد ورد في تقنين الموجبات والعقود اللبناني نص صريح في هذا المعنى، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 673 من هذا التقنين على ما يأتي : "وإذا كانت الأجرة معينة أجزاء على شرط أن يدفع الجزء منها كلما انقضى شطر من الزمن أو تم قسم من العمل، فإن الدفع يستحق عند انقضاء كل شطر أو إتمام كل قسم".

فإذا لم يوجد اتفاق على ميعاد معين أو مواعيد معينة، وكان هناك عرف للصنعة يحدد مواعيد دفع الأجر، وجب اتباع ما يقضي به العرف، وأكثر ما يجري به العرف في المقاولات الصغيرة أن يكون دفع الأجر عند تسلم العمل، وفي المقاولات الكبيرة أن يكون الدفع على أقساط بحسب ما يتم إنجازه من العمل.

وإذا لم يوجد لا اتفاق ولا عرف، فقد كان الواجب تطبيق القواعد العامة، وهي تقضي بأنه "يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً في ذمة المدين، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك" ( م 346 /1 مدني )، فكان يجب أن يكون الوفاء بالأجر بمجرد تمام عقد المقاولة وترتب الالتزام بالأجر نهائياً في ذمة رب العمل، أي أن يدفع الأجر مقدماً قبل إنجاز العمل، ولكن المادة 346 /1 مدني تتحفظ كما رأينا فتقول : "ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك" . وقد وجد النص الذي يقضي بغير ذلك في المادة 656 مدني سالفة الذكر، إذ تقول : "يستحق دفع الأجرة عند تسلم العمل" . أي تدفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً، وعند تسلم العمل . وهذا الحكم هو الذي تقضي به طبيعة عقد المقاولة، فالمقاول يتعهد بموجب هذا العقد بإنجاز عمل معين في مقابل أجر معين، وبمجرد تمام عقد المقاولة يصبح دائناً بالأجر في مقابل عمل لم ينجزه، فمن الطبيعي ألا يستحق الأجر إلا بعد إنجاز العمل وتقبل رب العمل إياه .

على أن دفع الأجرة عند تسلم العمل مشروط فيه أن يكون العمل مطابقاً للمواصفات والشروط المتفق عليها ولأصول الفن لهذا النوع من العمل .

وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 656 مدني سالفة الذكر يشير إلى ذلك إذ يقول :

«يستحق دفع الثمن عند التسليم إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك، ويراعى في ذلك حكم الفقرة الثانية من المادة 872" . وكانت الفقرة الثانية من المادة 872 من المشروع التمهيدي تجرى على الوجه الآتي : "على أنه يجوز لرب العمل أن يمتنع عن تسلمه إذا كان المقاول قد خالف ما ورد في العقد من شروط أو ما تقضي به أصول الفن لهذا النوع من العمل" . وقد حذفت هذه الإشارة في لجنة المراجعة، إذ هي ليست إلا تقرير للقواعد العامة ويخلص من ذلك أن لرب العمل حبس الأجر، فلا يدفعه لا في الميعاد المتفق عليه ولا في الميعاد الذي يقضي به العرف ولا عند تسلم العمل، إذا وجد أن العمل غير مطابق للمواصفات المشترطة أو غير متفق مع ما تقضي به أصول الصنعة . ويبقى الأجر تحت يده محبوساً حتى يصلح المقاول العيوب التي شابت العمل وهذا ما تقضي به القواعد العامة، إذ دفع الأجر التزام في ذمة رب العمل يقابله التزام المقاول بإنجاز العمل على الوجه الواجب، فإذا لم يقم المقاول بتنفيذ التزامه بإنجاز العمل على الوجه الواجب جاز لرب العمل أن يقف هو أيضاً تنفيذ التزامه بدفع الأجر، وهذا هو الدفع بعدم تنفيذ العقد ( م 161 مدني ) . ويترتب على ذلك من باب أولى أنه إذا تأخر المقاول في تسليم العمل، جاز لرب العمل أن يمتنع عن دفع الأجر ولو كان الميعاد المتفق عليه للدفع قد حل وإذا كان الأجر يدفع على أقساط، كل قسط عقب إتمام جزء معين من العمل، وتأخر المقاول في إتمام هذا الجزء عن الميعاد المتفق عليه، جاز لرب العمل أن يمتنع عن دفع القسط من الأجر المقابل للجزء الذي لم يتم.

ويبقى الأجر في ذمة رب العمل واجباً دفعه في الميعاد على النحو الذي فصلناه فيما تقدم . وإذا تأخر رب العمل في الدفع، بقى الأجر في ذمته قائماً حتى يسقط بالتقادم وقد نص القانون، في خصوص بعض المقاولين، على مدة تقادم خاصة، فنصت المادة 376 مدني على أن "تتقادم بخمس سنوات حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء ووكلاء التفليسة والسماسرة والأساتذة والمعلمين، على أن تكون هذه الحقوق واجبة لهم جزاء عما أدوه من عمل من أعمال مهنتهم وما تكبدوه من مصروفات" .

ونصت المادة 378 مدني على أن" تتقادم بسنة واحدة الحقوق الآتية :

1-وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم . ." . وفيمن عدا من ورد فيهم نص خاص من المقاولين، لا يسقط أجر المقاول بالتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت استحقاق الأجر، وذلك طبقاً للقواعد العامة.

ضمانات الدفع

تطبيق القواعد العامة

وإذا لم يدفع رب العمل الأجر أو تأخر في الدفع أو لم يدفع في المكان الواجب الدفع فيه، أو أخل بأى التزام من التزاماته المتعلقة بدفع الأجر على النحو الذى بسطناه فيما تقدم فللمقاول أن يطالب بما تقضي به القواعد العامة من جزاء.

فله أولاً أن يطلب التنفيذ العيني، فيستصدر حكماً على رب العمل بالأجر المستحق، وينفذ هذا الحكم على جميع أموال رب العمل ويدخل فيها العمل الذي أنجزه من بناء أو منشآت أو غير ذلك . وله أن يطلب فوق ذلك تعويضاً عن جميع ما أصابه من ضرر من جراء إخلال رب العمل بالتزامه . وله أن يتقاضى فوائد عن الأجر بالسعر القانوني منذ المطالبة القضائية بهذه الفوائد وفقاً للقواعد العامة، وقد تقدم بيان ذلك وللمقاول وهو يقوم بالتنفيذ العيني على أموال رب العمل، أن يستعمل حقه في الامتياز حيث يقرر له القانون حقاً في ذلك على النحو الذى ستبينه فيما يلي.

وللمقاول، بدلاً من طلب التنفيذ العيني، أن يطلب فسخ عقد المقاولة . والقاضي يقدر هذا الطلب، فإما أن يجيبه إليه إذا وجد مبرراً لذلك فيقضي على إنجاز العمل فيرجع بها على رب العمل كما يرجع بجميع ما تكبده من خسارة وما فاته من كسبه بسبب ضياع الصفقة عليه، وذلك كله طبقاً للقواعد العامة . وإما أن يرى القاضي إلا مبرر لإجابة المقاول إلى طلب الفسخ، كأن يكون الأجر الباقي دفعه مبلغاً غير كبير أو يكون التعويض الذي يقضي به على رب العمل فيما إذا حكم بالفسخ مبلغاً جسيماً لا تبرره الظروف، وفي هذه الحالة لا يحكم القاضي بالفسخ، وله أن يمهل رب العمل حتى يقوم بوفاء التزامه كاملاً من دفع الأجر، وهذا كله طبقاً للقواعد العامة ( م157 مدني ).

الحق في حبس العمل لاستيفاء الأجر :

رأينا فيما تقدم أن لرب العمل أن يحبس الأجر حتى يسلم المقاول العمل مطابقاً للمواصفات المشترطة ولأصول الفن . والآن نقرر أن للمقاول، هو أيضاً، أن يحبس العمل حتى يستوفي أجره وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى، فكانت المادة 902 من هذا المشروع تنص على أنه "إذا كان العمل متعلقاً بمنقول، ولم يحدد أجل لدفع الأجر، جاز للمقاول أن يحبس هذا المنقول وغيره من الأشياء التي يكون رب العمل قد سلمها إليه لإجراء العمل، وذلك إلى أن يستوفي أجره"، وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص هذا النص أنه مقتبس من تقنينات مختلفة منها التقنين المدني الألماني، ويقرر هذا التقنين ( م 648 ) الحق للمقاول في أعمال البناء في أن يطلب رهناً على العقار الذي بناه ضماناً لاستيفاء ما له من حقوق قبل رب العمل . ويغني عن ذلك في مصر ما للمقاول من حق امتياز على البناء ( م 1148 مدني ) .

وقد حذف النص في لجنة المراجعة "اكتفاء بالقواعد العامة في حق الحبس".

والقواعد العامة في حق الحبس مقررة في المادة 246/1 مدني، وتنص على ما يأتي : "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا" . وقد طبق هذا الحق في الحبس تطبيقاً خاصاً في صورة دفع بعدم تنفيذ العقد في العقود الملزمة في الحبس تطبيقاً خاصاً في صورة دفع بعدم تنفيذ العقد في العقود الملزمة للجانبين، فنصت المادة 161 مدني على أنه "في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به".

ويخلص من هذه النصوص أن للمقاول أن يحبس ما تحت يده من العمل حتى يستوفي ما هو مستحق له من الأجر، ولا فرق في ذلك بين منقول وعقار، وقد كانت المادة 902 من المشروع التمهيدي المحذوفة تقتصر على المنقول، فأصبح لا مبرر لهذا القيد بعد حذف المادة استغناء عنها بتطبيق القواعد العامة . ويحسب المقاول ما تحت يده، لا المادة التي قدمها فحسب بل المادة التي قدمها رب العمل نفسه والأدوات والمهمات التي تسلمها منه، فهذه كلها واجب تسليمها لرب العمل فيقف تنفيذ التزامه بالتسليم إلى أن يستوفي أجرة وتنص المادة 677 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني في هذا المعنى على أنه "يحق للصانع أن يحبس المنشأ وسائر الأشياء التي استلمها من صاحب الأمر للقيام بالعمل، إلى أن يدفع له البدل أو الأجر وما يكون قد أسلفه عند الاقتضاء، ما لم يكن العقد يقضي بالدفع في أجل معين . وفي هذه الحالة يكون الصانع مسئولاً عن الشيء الذي يحبسه وفقاً للقواعد المختصة بالمرتهن.

وتسري في حق الحبس المقرر للمقاول حتى يستوفي أجره القواعد العامة المقررة في الحق في الحبس ولما كان حق الحبس غير قابل للتجزئة، فإنه يجوز للمقاول أن يحبس كل العمل حتى يستوفي أي جزء باق له من الأجر . وذلك ما لم يتفق على أن الأجر يدفع أقساطاً بحسب ما يتم إنجازه من العمل، فما تم إنجازه ودفع أجره لا يجوز حبسه، ولا تحبس إلا الأجزاء من العمل التي تمت ولم تستوف المقاول أجرها وإذا سلم المقاول العمل مختاراً، انقضى حق حبسه . وينبني على ذلك أن الصانع إذا سلم المصنوع لرب العمل، ثم أرجعه رب العمل للصانع لعمل إصلاحات فيه، جاز للصانع أن يحبسه في الأجر المستحق لهذه الإصلاحات الأخيرة، دون الأجر المستحق لصنع الشيء ذاته فقد سقط حقه في الحبس لهذا الأجر بعد أن سلم المصنوع لرب العمل.

حقوق الامتياز ـ إحالة : لم يعط القانون للمقاول بوجه عام حتى امتياز على العمل ضماناً لحقه في الأجر، ولكنه أعطى هذا الحق للمقاول في مواضع متفرقة يمكن حصرها فيما يأتي :

أولاً – نصت المادة 1148 مدني على ما يأتي :

"1- المبالغ المستحقة للمقاولين والمهندسين المعماريين الذين عهد إليهم في تشييد أبنية أو منشآت أخرى أو في إعادة تشييدها أو في ترميمها أو في صيانتها، يكون لها امتياز على هذه المنشآت ولكن بقدر ما يكون زائداً بسبب هذه الأعمال في قيمة العقار وقت بيعه.

2- ويجب أن يقيد هذا الامتياز، وتكون مرتبته من وقت القيد .

ثانياً – نصت المادة 1140 مدني على ما يأتي :

1- المبالغ التي صرفت في حفظ المنقول وفيما يلزم له من ترميم، يكون لها امتياز عليه كله .

2- وتستوفي هذه المبالغ من ثمن هذا المنقول المثقل بحق الامتياز بعد المصروفات القضائية والمبالغ المستحقة للخزانة العامة مباشرة . أما فيما بينها فيقدم بعضها على بعض بحسب الترتيب العكسي لتواريخ صرفها" .

ثالثاً – إذا قدم المقاول المادة من عنده اعتبر بائعاً لها، ويترتب على ذلك أن يكون له حق امتياز بائع المنقول على هذه المادة ( م 1145 مدني ) . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع، المجلد / الأول،الصفحة/203)

يجب على رب العمل دفع الأجر المتفق عليه في الموعد المتفق عليه فإن لم يوجد اتفاق وجب الرجوع إلى عرف الصنعة أن وجد وغالباً ما يكون دفع الأجر - في المقاولات الصغيرة عند تسلم العمل وفي المقاولات الكبيرة يكون الدفع على أقساط بحسب ما يتم إنجازه من العمل ولا يكون هناك حساب نهائي إلا بعد تمام العمل، فإذا لم يوجد اتفاق أو عرف فإن دفع الأجرة يستحق عند تسلم العمل مادام العمل مستوفياً للشروط والمواصفات المتفق عليها ولأصول الصنعة، ولرب العمل حبس الأجر إذا وجد أن العمل مخالفاً للشروط والمواصفات المتفق عليها أو غير متفق مع ما تقضى به أصول الصنعة وذلك حتى يصلح المقاول عيوب العمل فإن لم يفعل امتنع رب العمل عن تنفيذ التزامه بدفع الأجر وفقاً للدفع بعدم التنفيذ ويكون لرب العمل ذلك أيضاً إذا تأخر المقاول في تسليم العمل ويبقى الأجر في ذمة رب العمل حتى يسقط بالتقادم وتوجد مدد خاصة بالنسبة لبعض المقاولين (م 376 و 378 مدنی) أما من عدا من ذكروا في النصين فيسرى في شأنهم التقادم الطويل.

ومتى تحدد الأجر في العقد فلا يجوز تخفيضه ولو كان مغالى فيه وليس للمحاكم شأن في ذلك كما لا يجوز زيادته إلا وفقاً لنظرية الظروف الطارئة ولا يشترط أن يكون الأجر محدداً بالعقد فقد يقصد المتعاقدان الرجوع إلى العرف المحلى أو يحدد بمراعاة العمل الذي تم، فإن لم يتم الاتفاق على الأجر جاز اللجوء الى القضاء ليتولى تحديده وله الإستعانة في ذلك بأهل الخبرة، وإذا تعدد أرباب العمل فلا يلزمون بالتضامن إلا إذا اتفق على ذلك.

ويكون الدفع في المكان المتفق عليه فإن لم يوجد اتفاق ففي المكان الذي يقضي به العرف وغالباً ما يكون المكان الذي يتم فيه تسليم العمل، فإن لم يوجد اتفاق أو عرف تعين تطبيق أحكام المادة 347 مدنی، ومتى تحدد مكان الدفع التزم رب العمل بالدفع به إلا إذا اضطر لغير ذلك كما لو حجز دائنو المقاول على الأجر تحت يده فله إيداعه خزانة المحكمة المقيم بدائرتها.

واذا أخل رب العمل بالتزامه بأن لم يدفع الأجر أو تأخر فيه أو لم يحضر للمكان الواجب الدفع فيه، فللمقاول أن يطلب التنفيذ العيني باستصدار حكم بإلزامه بالدفع ثم ينفذه على جميع أمواله وله أن يطلب علاوة على ذلك تعويضاً عما أصابه من ضرر مع الفوائد القانونية عن الأجر من وقت المطالبة القضائية، كما له طلب فسخ عقد المقاولة على أن يخضع هذا الطلب لتقدير القاضي فله أن يقضى بالفسخ أو يرفضه أن لم يجد مبرراً كافياً له كما لو كان الأجر الباقي لا يتناسب مع إهدار العقد وله إمهال رب العمل ليقوم بالوفاء بالأجر (م 157 مدنى) ويجوز للمقاول حبس العمل حتى يستوفي أجره سواء كان العمل عقاراً أو منقولاً كما أن له حبس كل العمل حتى يستوفي الباقي من أجره وله حبس رخصة البناء ومستندات الملكية للمهندس حبس ما حصل عليه من رخص باسم رب العمل وللمحامى حبس المستندات التي سلمها اياه موكله، وينقضي حق الحبس إذا سلم المقاول العمل مختارا لرب العمل حتى لو عادت الحيازة إليه بعد ذلك لاصلاح الشئ، كما يسقط الحق فيه إذا قدم رب العمل تأميناً كافياً للوفاء بالأجر، ويحتج بهذا الحق قبل الخلف العام والخاص لرب العمل. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 472)

فقد نصت المادة على عنصرين يقوم عليهما تحديد الأجر.

العنصر الأول :

قيمة العمل الذي قام به المقاول.

وهذا العنصر يفرض على القاضي أن يراعى في تقدير الأجر ما يأتي :

1-طبيعة العمل وما إذا كان معقداً صعباً في تنفيذه يحتاج إلى مهارة فنية كبيرة أم بسيطاً سهلاً، والأخطار والمسئوليات التي يتعرض لها المقاول في القيام به.

2- كمية العمل، وعلى ذلك فالمقاول الذي يقوم بتشييد بناء، يستحق أجراً عن هذا العمل، كما يستحق أجراً آخر عن التصميم إذا كان هو الذي وضعه.

3- الوقت الذي استغرقه العمل.

4- مكان العمل ومدى قربه أو بعده عن العمران أو المواصلات.

5- مؤهلات المقاول وكفايته الفنية وسمعته.

6- عرف المهنة الجاري، إذ قد يتكفل عرفة المهنة بتحديد أجر المقاول.

فالحائك أجره متعارف عليه في السوق تبعاً لسمعته ومهارته، والحلاق والكواء والنجار.. إلخ. وأجر الطبيب يتحدد تبعاً لعرف مهنة الطب، ويسترشد في ذلك بسمعة الطبيب ومهارته الفنية وطبيعة العلاج أو العملية الجراحية وثروة المريض.

العنصر الثاني :

نفقات المقاول :

ويقصد بها النفقات التي تكبدها المقاول في سبيل إنجاز العمل المتفق عليه، فتشمل أثمان المواد التي استخدمها المقاول في العمل، وأجور العمال الذين استعان بهم في العمل، وكافة مصاريف الانتقال وغيرها.

توابع أجر المقاول:

يلتزم رب العمل فضلاً عن دفع الأجر إلى المقاول، بوفاء ما يلحق به، وذلك سواء تم تحديد الأجر باتفاق المتعاقدين أو بحكم القاضي.

ومما يلحق بالأجر نفقات الوفاء بالأجر، كأن يكون مشترطاً الوفاء بالأجر عن طريق حوالة بريدية أو بواسطة تحويله إلى مصرف فیلتزم رب العمل بمصروفات الحوالة أو التحويل على البنك.

ويلحق بالأجر مصاريف فحص الحساب بين المقاول ورب العمل.

أما فوائد الأجر فيسرى في شأنها حكم القواعد العامة، ولا تسري إلا من يوم المطالبة القضائية بها (م 226) مدنی.

وقد أسلفنا أنه إذا كان المقاول هو الذي قدم المادة التي استخدمت في عقد المقاولة، وكان لهذه المادة قيمة محسوسة، فإن أحكام المقاولة تسري على العمل، بينما تسري أحكام البيع على المادة. وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 458 مدنی - الواردة في البيع - على أن :

"لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن إلا إذا أعذر المشتري أو إذا سلم الشيء المبيع وكان الشيء قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى، هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره"، فيكون للمقاول الحق في تقاضي فوائد عن الجزء من الأجر المقابل للمادة التي وردها من وقت إعذار رب العمل بدفع الأجر المستحق وفوائده، ولا ضرورة للمطالبة القضائية، أو من وقت تسليم المادة المصنوعة إلى رب العمل.

الأصل عدم جواز تعديل الأجر المتفق عليه :

إذا تم الاتفاق بين المتعاقدين على تحديد الأجر عند إبرام عقد المقاولة، أو اتفقا على الأسس التي تسمح بتحديده في المستقبل، وتحدد الأجر فعلاً وفقاً لهذه الأسس. فالأصل أنه لا يجوز تعديل هذا الأجر بالزيادة أو بالإنقاص إلا باتفاق الطرفين، إذا تقضى القواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 1/147 مدني بأن "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين، أو الأسباب التي يقررها القانون".والقانون لا يجيز زيادة الأجر أو نقصه في المقاولة لمجرد أنه غير متناسب مع العمل الذي تم.

ولا يجوز تطبيق المادة 2/709 مدني التي تنص على أن "فإذا اتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي، إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة "، لأن هذا الحكم خاص بأجر الوكيل، وقد جاء استثناء من القواعد العامة، فلا يجوز القياس عليه.

غير أنه إذا كان العقد مزيجاً من الوكالة والمقاولة، فإنه يجوز للقاضي تعديل الأجر في الجزء المتعلق بالوكالة، إذا كان يمكن تعيين هذا الجزء من الأجر، فإذا لم يمكن ذلك تكون العبرة بالعنصر الغالب في العقد، فإذا كان العنصر الغالب هو الوكالة فإنه يسري عليها تعديل الأجر.

غير أنه استثناء من القاعدة السابقة يجوز تعديل الأجر المتفق عليه بين المقاول ورب العمل بالزيادة أو الإنقاص دون حاجة إلى اتفاق الطرفين في الحالات التي تنص عليها المادة (657). (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن،الصفحة / 213)

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 مادة 655

يستحق دفع الأجرة عند تسلم العمل ، إلا اذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك .

هذه المادة تتفق مع المادة 656 من التقنين الحالي التي تنص على ما يأتي : « يستحق دفع الأجرة عند تسلم العمل، الا اذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك .

وقد عدلت هذه المادة بذكر الاتفاق قبل العرف ، لأن أول ما يرجع له في هذا الصدد هو الاتفاق . فإذا لم يوجد اتفاق على ميعاد معين لدفع الأجرة، وكان هناك عرف يحدد هذا الميعاد ، وجب اتباع ما يقضي به العرف .

واذا لم يوجد اتفاق ولا عرف ، فان الاحرة تدفع مؤخراً لا مقدماً ، وعند تسلم العمل . وهذا الحكم يخالف القواعد العامة ، ولكنه حكم تقتضيه طبيعة عقد المقاولة . ذلك أن المقاول يتعهد بانجاز عمل معين في مقابل أجر ، فمن الطبيعي الا يستحق الأجر الا بعد انجاز العمل . وفي ما يتفق عقد المقاولة مع عقد الإيجار . فاذا لم يوجد اتفاق ولا عرف في خصوص میعاد دفع الأجرة في عقد الايجار ، فان الأجرة تدفع مؤخراً لا مقدماً ، اذ الأجرة تقابل المنفعة فلا تستحق الا  باستيفائها .

ويتفق حكم المادة المقترحة مع ما يقرره الفقه الإسلامي في هذا الصدد :

ونصت المادة ۳۹۱ من المجلة على انه  "لا يلزم في الاستصناع دفع الثمن حالاً أي وقت العقد" .

ونصت المادة 263 من مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أبي حنيفة على أنه «لا يكون للأجير الذي لعمله اثر مطالب الأجر قبل التسليم آن عمل في غير بيت المستأجر ، ولا يضمن أن سرق بعد تمام العمل ». وجا في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة ما يأتي : لا يكون أن لعمله أثر كالخباز مثلا طلب الأجر للخبز قبل التسليم أن كان الخبز في غير بيت المستأجر سواء أكان في بيت الخباز أو لا ولم يسلم الخبز الى المستأجر لاحتراقه او سرقته مثلا فكان عدم الأجر لعدم التسليم حقيقة يعني أنه حيث لم يكن في بيت المستأجر ولم يوجد التسليم الحكمي فلابد من التسليم الحقيقى ولم يوجد ايضا ، فلذا لم يجب الأجر ، ولا يضمن الخباز الخبز لو سرق ، لأنه في يده امانة .... ( ابن عابدین ج 4 ص ۱۳ . مجمع الأنهر ج۲ ص ۳۷۳).

ونصت المادة 265 من مشروع تقنين الشريعة الاسلامية على مذهب الإمام أبي حنيفة على أنه «يجب الأجر للصانع تبعاً للعرف ، فأن أفقد المصنوع او أتلفه فهو ضامن ». وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة ما يأتي : اذا اتفق المستأجر والصانع على نوع العمل ومقدار الأجر اتبع الشرط ، وان لم يتفقا اتبع العرف ، فمثلا للطباخ للوليمة طلب الأجر بعد الفرف للعرف ، فلو لأهل بيته قلاعرف عليه أن جرى بذلك العرف وعليه تسوية الخوان ، فان افسد الطعام او احرقه او لم ينضجه فهو ضامن .... ابن عابدین ج 5 ص ۱۳ . مجمع الأنهر ج۲ ص ۳۷۳.

والمادة المقترحة تتفق مع المادة 876 من التقنين العراقي .

وتتفق مع المادة ۷۹۳ من التقنين الأردنی .

وتتفق مع المادة 676 من التقنين الكويتي .

 

 كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه

 

(مادة 477)

يجوز للأجير أن يمتنع من العمل إلى أن يستوفى أجرته المشروط تعجيلها وله فسخ الإجارة إن لم يوفه المؤجر الأجرة.