loading
الأحكام

مفاد نص المادتين 95، 659 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا إتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا يتم عند عدم الإتفاق عليها اعتبر العقد قد تم، وإذا قام بينها خلاف على المسائل التى ارجىء الإتفاق عليها كان لهما أن يلجئا إلى المحكمة للفصل فيه، ومن ثم فإنه فى حالة عدم تحديد مقدار الأجر مقدما فإنه يوجب على المحكمة تعيينه مسترشده فى ذلك بالعرف الجارى فى الصنعة وما يكون قد سبقه أو عاصرة من إتفاقات وعلى أن تدخل فى حسابها قيمة العمل وما تكبده من نفقات فى سبيل إنجازه والوقت الذى إستغرقه والمؤهلات والكفاية الفنية والسمعة وأسعار المواد التى إستخدمت وأجور العمال وغير ذلك من النفقات وتقدير عناصر الأجر عند الإتفاق عليها أو تقدير مدى توافر الإرهاق الذى يهدد بخسارة فادحة أو عدم توافره هو من مسائل الواقع التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع دون رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض ما دام إستخلاصه سائغا ومستمدا مما له أصله الثابت بالأوراق .

(الطعن رقم 2361 لسنة 59 جلسة 1994/06/15 س 45 ع 2 ص 998 ق 190)

 

شرح خبراء القانون

الأصل أن المتعاقدين هما اللذان يقومان بتحديد الأجر، وقد يحددانه بموجب مقايسة على أساس الوحدة، أو يحدد أنه أجرًا إجماليًا على أساس تصميم متفق عليه،  وتحديد الأجر على أساس الوحدة يتقضى عمل مقايسة تبين الأعمال المطلوبة تفصيلاً ، والمواد التي تستخدم في هذه الأعمال، وأجر وحدة العمل، وسعر المواد المستخدمة، فيذكر في المقايسة مثلاً أن المطلوب هو كذا مترًا من المباني، كل متر بسعر كذا، وكذا مترًا من النجارة بسعر المتر كذا، وكذا أدوات صحية، وكذا حديدًا إلخ، مع ذكر السعر، وهذه هي المقاولة على أساس وحدة القياس، ويصح لرب العمل في هذه الطريقة أن يزيد في مقدار الأعمال المطلوبة أو أن ينقص منها، ويجوز الاتفاق على ألا تكون الزيادة أو النقص إلا بنسبة معينة، وميزة هذه الطريقة أنها لا تغبن رب العمل ولا تغبن المقاول، فرب العمل يدفع أجرًا والمقاول يتقاضاه بمقدار ما تم فعلاً، ولكن الأجر لا يعرف مقداره مقدمًا عند إبرام عقد المقاولة، بل يجب الانتظار حتى تنتهي جميع الأعمال وتقدر بحسب المقايسة، وقد لا يتحدد الأجر طبقًا لمقايسة توضع مقدمًا، بل يقوم المقاول بجميع الأعمال المطلوبة على أساس فئات الأثمان، فقد جرى العمل في مقاولات المباني على تحديد ثمن لكل نوع من الأعمال اللازمة لإقامة البناء، فهناك سعر لمتر البناء وسعر للنجارة وعر للحدادة وسعر لبياض وسعر لنقل الأتربة وسعر للأعمال الصحية إلخ، وهذه التعريفة تسمى فئات الأثمان، وعندما يتم المقاول الأعمال، تقدر على الطبيعة وتعرف كميات كل منها، ثم يرجع إلى فئات الأثمان المتقدم ذكرها لمعرفة أجر كل عمل ومجموع أجر المقاولة، وهذه الطريقة أكثر إمعانًا من طريقة المقايسة في ترك الأجر غير معروفة المقدار إلى نهاية تمام الأعمال، ففي طريقة المقايسة في ترك الأجر غير معروف المقدار إلى نهاية تمام الأعمال، ففي طرقة المقايسة يمكن تقدير الأجر مقدمًا على وجه التقريب،  أما في طريقة فئات الأثمان فليس هناك إلا التخمين ولا يمكن التثبت من مقدار الأجر إلا بعد انتهاء العمل .

لذلك كثيراً ما يلجأ رب العمل إلى طريقة الأجر الإجمالي، فيتفق مع المقاول على مبلغ إجمالي يقدر مقدمًا عند إبرام المقاولة، فيوضع التصميم لبناء مثلاً – عمارة من كذا دوراً وكذا شققًا وكذا دكاكين وجراجات إلخ – على أن يكون الأجر الإجمالي هو عشرون ألفًا أو ثلاثون ألفًا من الجنيهات، وميزة من هذه الطريقة لرب العمل أنه يعرف مقدمًا عند إبرام المقاولة مقدار الأجر الذي يلتزم بدفعه للمقاول، وفي هذا مدعاة للاطمئنان والاستقرار ،ولكن ربحه أكبر ، ويكون ذلك على حساب جودة العمل أو على حساب جودة المواد التي يستخدمها، وقد لا يستطيع المقاول الاقتصاد في التكاليف، وترتفع الأسعار في أثناء تنفيذ المقاولة أو ترتفع أجور العمال، فيتحمل تبعة كل ذلك لأن أجره الإجمالي الظروف الطارئة كما سنرى – فتعود المقاولة عليه بالخسارة .

وقد لا يعرض المتعاقدان لتحديد مقدار الأجر أصلاً، فيكتفل القانون بتحديد هذا المقدار كما سبق القول، وقد نصت المادة 659 مدني على أنه "إذا لم يحدد الأجر سلفًا ، وجب في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاو"، وسيأتي تفصيل البحث في ذلك عند الكلام في التزام رب العمل بدفع الأجر.

تنص المادة 659 من التقنين المدني على ما يأتي :

إذا لم يحدد الأجر سلفًا ، وجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول" .

وقد قدمنا عن الكلام في الأجر كركن في المقاولة أنه يجب التمييز بين عدم الاتفاق على مقدار الأجر إذا يتكلف القانون في هذه الحالة بتحديد هذا المقدار كما رأينا، وبين أن يعرض المتعاقدان للأجر ويعجزا عن الاتفاق على مقداره وفي هذه الحالة تكون المقاولة باطلة لانعدام أحد أركانها .

ونحن هنا في صدد الفرض الأول، وهو أن يسكت المتعاقدان عن تعيين مقدار الأجر ، فيتكلف القانون بتعيين هذا المقدار ، ويخلص من نص المادة 659 مدني سالفة الذكر أن تعين مقدار الأجر في هذه الحالة يقوم على عنصرين : قيمة المال الذي أتمه المقاول، وما تكبده من نفقات في إنجازه، وعند الخلاف يعين القاضي مقدار الأجر مسترشدًا بهذين العنصرين، ويسترشد بوجه خاص بالعرف الجاري في الصنعة في تحديد قيمة العمل، ويدخل في الحساب طبيعة العمل، فقد يكون معقدًا في حاجة إلى مهارة فنية كبيرة، وقد يتمن تبعات جسامًا ومسئوليات يتعرض لها المقاول، ويدخل طبعًا في الحساب كمية العمل، والوقت الذي استغرقه إنجازه، ومؤهلات المقاول وكفايته الفنية وسمعته، وتشمل نفقات المقاول أثمان المواد التي استخدمت في العمل، وأجور العمال ، وغير ذلك من النفقات التي صرفها فعلاً لإنجاز العمل، وقد يتكفل عرف المهنة بتحديد مقدار الأجر، فالحائك أجره متعارف عليه في السوق، تبعًا لسمعته ومهارته، والحجام ، والكواء ، والسباك ، والنجار ، والنقاش إلخ إلخ . وأجر الطبيب يتحدد تبعاً لعرف مهنة الطب ، ويسترشد في ذلك بسمعة الطبيب ومهارته الفنية وطبيعة العلاج أو العملية الجراحية، وثروة المريض، وأجر المهندس المعماري عن وضع التصميم والمقايسة غير أجره عن الإشراف على تنفيذ الأعمال ( م 660 مدني ) .

وتعيين القاضي مقدار الأجر على النحو الذي بيناه هو فصل في مسألة موضوعية ، فلا رقابة عليه لمحكمة النقض .

وسواء اتفق المتعاقدان على مقدار الأجر أو تكفل القاضي بتعيين هذا المقدار، فإن للأجر توابع يجب أن تضاف إليه، ويلتزم رب العمل بدفعها كما يلتزم بدفع الأجر نفسه . (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول ، الصفحة/ 79)

يجب أن تنصرف إرادة المتعاقدين إلى وجود الأجر في عقد المقاولة ولكن ليس ضرورياً تعيين مقدار الأجر إذ يتكفل القانون بهذا التعيين وأن أصحاب المهن الحرة كالطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب يعملون بأجر حتی لو سکت المتعاقدان عن ذكر شئ عن الأجر. فاذا لم يحدد الأجر سلفاً وجب الرجوع في تحديده الى:

1 - قيمة العمل الذي أتمه المقاول وما تكبده من نفقات في إنجازه وكمية العمل والوقت الذي استغرقه إنجازه ومؤهلات المقاول وكفايته الفنية وسمعته.

۲ - نفقات المقاولة من أثمان المواد التي استخدمت في العمل وأجور العمال وغير ذلك من نفقات صرفت لإنجاز العمل، ويستقل قاضى الموضوع بتعيين الأجر دون رقابة عليه من محكمة النقض.

ومتى تحدد الأجر على نحو ما سلف، تعیین إضافة توابعه إليه وهي نفقات الوفاء به كما لو تم بحوالة بريدية أو تطلب تسوية للحساب للوقوف على مقداره، أما الفوائد فلا تستحق إلا من وقت المطالبة القضائية وفقاً للقواعد العامة (م 226 مدني) فإن كان العمل مزيجاً من المقاولة والبيع كأن يكون المقاول هو الذي قدم المادة وكان لها قيمة محسوسة، فإن الجزء من الأجر المقابل للمادة يعتبر ثمناً لها وتسري على فوائده القواعد المقررة بصدد فوائد الثمن (م 458/1 مدني) فتستحق من وقت أعذار رب العمل بدفع الأجر المستحق وفوائده ولا ضارة .

للمطالبة القضائية أو من وقت تسليم المادة المصنوعة لرب العمل، ويرى البعض أو الفوائد في هذه الحالة لا تستحق من وقت التسليم بل تسري قواعد المقاولة فتسري من وقت المطالبة القضائية بها.

ولا يجوز تعديل الأجر زيادة أو نقصاً إلا باتفاق الطرفين، كذلك لا يجوز أن يستقل أحد الطرفين بالتعديل مالم تكن هناك ظروف استثنائية.

على أنه إذا وقع خطأ مادي في حساب الأجر فإنه يجب تصحيحه، وإن كان هذا هو الأصل في عدم جواز تعديل الأجر فيستثنى من ذلك الحالات المنصوص عليها في المواد 657 و 658 ، 660 مدني.

ويلتزم بالأجر رب العمل الذي تعاقد مع المقاول حتى لو كان مالكاً تحت شرط فاسخ ولكن يكون للمقاول الرجوع على من آلت إليه الملكية بالدعوى غير المباشرة باسم رب العمل المتعاقد معه، وإذا كان المهندس المعماري هو الذي أبرم المقاولة مع رب العمل ثم عهد إلى مقاول لتنفيذ العمل فإن الأخير يرجع بأجره على المهندس وله الرجوع على رب العمل بالدعوى غير المباشرة باسم المهندس وله الرجوع مباشرة على رب العمل على أساس أنه مقاول من الباطن بما لا يجاوز ما يكون رب العمل مدیناً به للمهندس (م   662 مدني)، فإن كان المقاول استخدم مهندساً فیلترم الأول بأجر الثاني مع احتفاظ الثاني بحقه في الرجوع على رب العمل بالدعوى غير المباشرة باسم المقاول وفي الدعوى المباشرة قبل رب العمل.

وإذا تعدد أرباب العمل فلا يكون هناك تضامن بينهم إلا إذا اتفقوا على التضامن وينقسم الأجر بينهم بنسبة حصة كل منهم في العمل فإن لم تتعين الحصة انقسم الأجر بينهم بالتساوي، كذلك إذا تجدد المقاولون فلكل أجره حسب العمل الذي قام به ولا يكونون دائنين متضامنين ما لم يوجد اتفاق مع رب العمل على غير  ذلك.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/  484)

إذا لم يتفق المتعاقدان على أجر المقاول سلفاً، تولت المحكمة تحديده، وهي ترجع في ذلك إلى قيمة العمل وما تكبده المقاول في سبيل إنجازه، والوقت الذي استغرقه والمؤهلات والكفاية الفنية والسمعة وأسعار المواد التي استخدمت وأجور العمال وغير ذلك من النفقات، و تسترشد المحكمة في تحديد الأجر أيضاً بالعرف الجاري في الصنعة وما يكون قد سبقه أو عاصره من اتفاقات.

وتقدير عناصر الأجر من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض مادام استخلاصه متفقاً ومستمداً مما له أصله الثابت بالأوراق.( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثامن ، الصفحة/  234 )

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 مادة 658 

اذا لم يحدد الأجر سلفاً ، وجب الرجوع في تحديده إلى قيمة العمل ونفقات المقاول۰

هذه المادة تطابق المادة 659 من التقنين الحالي .

تتفق مع المادة ۸۸۰ من التقنين العراقي .

وتقبل المادة 796 من التقنين الأردنی .

وتقابل المادة 678 من التقنين الكویتی

وفي الفقه الاسلامي نصت المادة 564 من المجلة على أنه "لو قال أحد لاخر اعمل هذا العمل اكرمك ولم يبين مقدار ما يكرمه به فعمل العمل المأمور به استحق أجر المثل" .

ونصت المادة ۲۹۷ من مشروع تقنين الشريعة الإسلامية على مذهب الإمام أبي حنيفة على أن "العبرة فيما لا يسمى فيه الأجر العادة والعرف" .

ونصت المادة ۷۰۲ من مجلة الأحكام الشرعية على أن « من استعمل صانعاً في عمل أو استخدم من انتصب ليعمل الناس بأجر دون تسمية أجره لزمه أجرة المثل مطلقاً .

مجلة الأحكام العدلية

مادة (564) أجر المثل لمن لم يبين مقدار ما يكرمه

لو قال أحد لآخر إعمل هذا العمل أكرمك ولم يبين مقدار ما يكرمه به فعمل العمل المأجور به استحق أجر المثل.