مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 53
مذكرة المشروع التمهيدي :
يطابق هذا النص المادة 413 / 505 من التقنين الحالى مع شيء من التجديد والتفصيل . والتقنين البولوني (م 480 ) يتمشي في حق المقاولة من الباطن إلى أبعد من ذلك، فيقرر أن : « للمقاول الحق في أن يكلف شخصاً آخر بتنفيذ العمل، طالما أن طبيعة العقد أو الالتزام ذاته لم تكن توجب عليه شخصيا القيام به أو إدارته» .
أما المشروع فإنه يقف عند الحكم الوارد بالنص، وهو مقتبس من المادة 364 فقرة ۲ من تقنين الالتزامات السويسري. كما أن المشروع الفرنسي الإيطالى (م 517) يأخذ ضمنا بهذا الحكم، على أنه، عند قيام الشك، يحرم المقاول من حق المقاولة من الباطن إلا إذا أذن له رب العمل بذلك.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 868 فأقرتها اللجنة كما هي وأصبح رقمها في المشروع النهائي 690
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 689
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثانية والثلاثين
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل – وأصبح رقمها 661
محضر الجلسة الرابعة والستين
الملاحظة رقم 35 عن المادة 661
يقترح بعض حضرات مستشارى محكمة النقض و الابرام استبدال « أو » التخيرية بواو العطف في المادة 661 قبل عبارة «لم تكن طبيعة العمل »
قرار اللجنة :
رأت اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأنه يكشف عن حقيقة المقصود من حكم النص وذلك لأن أحد الشرطين يكفي ود الواو، تفيد ضرورة اجتماع الشرطين وعلى ذلك قررت اللجنة إدخال هذا التعديل على هذه المادة .
ملحق تقرير اللجنة :
اقترح استبدال « أو» التخيرية « بواو العطف» في المادة 661 قبل عبارة «لم تكن طبيعة العمل » وقد رأت اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأنه يكشف عن حقيقة المقصود من حكم النص وقررت إدخال هذا التعديل على المادة 661.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 649
1- اذا تبين اثناء سير العمل أن المقاول يقوم به على وجه معيب او مناف للعقد ، جاز لصاحب العمل أن ينذره بأن يعدل من طريقة التنفيذ خلال أجل معقول يعينه له . فاذا انقضى الاجل دون ان يرجع المقاول الى الطريقة الصحيحة ، جاز لصاحب العمل أن يطلب فسخ العقد أو أن يعهد إلى مقاول آخر بانجاز العمل على نفقة المقاول الأول طبقاً لأحكام المادة 223.
2- ويجوز طلب فسخ العقد في الحال اذا استحال اصلاح ما في طريقة التنفيذ من عیب ، او اذا تأخر المقاول في أن يبدأ العمل أو في أن ينجزه تأخراً لا يرجی تدارکه.
هذه المادة تقابل المادة 650 من التقنين الحالي.
وقد أدخلت على هذه المادة التعديلات الآتية :
1- عدات الفقرة الأولى تعديلاً لفظياً على النحو الوارد في المادة المقترحة .
۲- عدلت الفقرة الثانية تعديلاً لفظياً .
٣- أضيفت الى الفقرة الثانية حالة اخرى يجوز لصاحب العمل فيها أن يطلب فسخ العقد في الحال دون حاجة الى تعيين اجل ودون انتظار لحلول اجل التسليم ، وهي حالة ما اذا تأخر المقاول في أن يبدأ العمل أو في أن ينجزه تأخراً لا يرجى تدارکه .
وقد كانت المادة ۸۷۰ من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي تنص على هذه الحالة ، وكانت تجري على الوجه الآتي : « اذا تأخر المقاول في ان يبدا العمل أو في أن ينجزه تأخرا لایر جي معه مطلقا أن يتمكن من القيام بالعمل كما ينبغي في المدة المتفق عليها ، جاز لرب العمل فسخ العقد دون انتظار لحلول لجل التسليم ). ثم حنت هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج5 ص 14 في المامش . انظر المذكرة الإيضاحية لهذه المادة في هذا المرجع )
بمقتضى هذه الاضافة يجوز لصاحب العمل الا ينتظر حاول الأجل المتفق عليه او الأجل المعقول ، ويبادر منذ أن يتبين استحالة انجاز العمل في الميعاد الى طلب فسخ العقد . حيث يكون طلب الفسخ حينئد في مصلحة الطرفين . وهذه حالة تدخل في نطاق نظرية الجحود المبشر ، اذ ان الإخلال بالتزام على النحو المذكور قد حصل مقدما وعلى وجه محقق ، ومن ثم فليس دقيقا ما جاء في المذكرة الإيضاحية للنص المحذوف من أن حكمه « يخالفه القواعد العامة التي لا تجيز طلب الفسخ الا اذا حصل الإخلال بالالتزام فعلا »
والمادة المقترحة تتفق مع الماديين 667 و 668 من التقنين الكويتي .
و تقابل المادة 869 من التقنين العراقي التي تتفق مع المادة 650 من التقنين المصري الحالي .
و تقابل المادة 785 من التقنين الاردني التي تتفق مع المادة 650 من التقنين المصري الحالي .
ويتفق حكم المادة المقترحة مع ما يقرره الفقه الاسلامی :
ففي خصوص حق صاحب العمل في انذار المقاول وفي طلب الفسخ عند التقصير من جانب هذا الأخير : نصت المادة ۳۹۲ من المجلة على أنه « اذا انعقد الاستصناع فليس لأحد العاقدين الرجوع ، واذا لم عن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة كان المستقنع مخيرا » حيث يكون المستصنع في هذه الحالة مخيرا ، ان شاء فسخ العقد وان شاء اجازه .
وفي قواعد ابن رجب (ص 64 القاعدة الخامسة والأربعون ) أن عقود الأمانات تنفسخ بمجرد التعدی
وفي خصوص حق صاحب العمل في أن بعهد الى مقاول آخر بالعمل بعد استئذان القاضي او دون استئذانه في حالة الاستعجال : انار قواعد ابن رجب ( القاعدة الخامسة والسبعون ). مفتی المحتاج ج۲ ص 357 .
مجلة الأحكام العدلية
مادة (392) إنعقاد الاستصناع
إذا انعقد الاستصناع فليس لأحد العاقدين الرجوع وإذا لم يكن المصنوع على الأوصاف المطلوبة المبينة، كان المستصنع مخيراً.
1 ـ يدل النص فى المادة 661 من القانون المدنى على أن المقاول الأصلى يبقى ملتزماً نحو صاحب العمل ، والتزاماتة تنشأ من عقد المقاولة الأصلى لا من عقد المقاولة من الباطن. فيلتزم نحو صاحب العمل بانجاز العمل محل عقد المقاولة الأصلى ، ويدخل فى ذلك العمل الذى أنجزه المقاول من الباطن ، فإذا أخل المقاول من الباطن بالتزامه من انجاز العمل طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها ولأصول الصنعة، كان المقاول الأصلى مسئولاً عن ذلك نحو صاحب العمل، ومسئولية المقاول الأصلى عن المقاول من الباطن مسئولية عقدية تنشأ من عقد المقاولة الأصلى، وتقوم على افتراض أن كل الأعمال والأخطاء التى تصدر من المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة إلى صاحب العمل أعمالاً وأخطاء صدرت من المقاول الأصلى، فيكون هذا مسئولاً عنها قبله.
(الطعن رقم 4843 لسنة 67 جلسة 1999/01/11 س 50 ع 1 ص 96 ق 13)
2 ـ لما كان واقع الدعوى أن الطاعنة قد اتفقت مع الشركة المطعون ضدها الثانية بموجب عقد مقاولة مؤرخ 7 / 2 / 1984 و المقدم صورته منها أمام محكمة أول درجة على أن تقوم الشركة المطعون ضدها الثانية بإنشاء العمارات المبينة بالعقد لصالح الطاعنة وتضمن البند الثامن منه التزاماً عليها هو القيام بالعمل المتفق عليه بنفسها وحظر عليها أن تسند تنفيذه فى جملته أو فى جزء منه إلى مقاول من الباطن وإلا كان الجزاء الفسخ ولعدم قيام المقاول الأصلي بتنفيذ العملية فى الميعاد المتفق عليه فى العقد فقد سحبت الطاعنة العملية منه بعدما أنذرته رسمياً بذلك وتحفظت على المنقولات الموجودة بالموقع والمملوكة له ضماناً لحقوقها قبله، وإذ لم يطبق الحكم العقد آنف الذكر على موضوع النزاع رغم وجوب إعماله وطبق عقد المقاولة من الباطن والذي لم تكن الطاعنة طرفاً فيه وخلص إلى أن المنقولات الموجودة بالموقع ملكاً للمطعون عليه الأول - المقاول من الباطن - وقضى له بتسليمها فضلاً عن مبلغ التعويض فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب مما جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 5601 لسنة 66 جلسة 1999/01/27 س 50 ع 1 ص 133 ق 21)
تنص المادة 661 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1- يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاولة من الباطن، إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية" .
"2- ولكنه يبقى في هذه الحالة مسئولاً عن المقاولة من الباطن قبل رب العمل" .
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن للمقاول أن يقاول من الباطن في كل العمل أو في جزء منه، ما لم يوجد شرط يمنعه من ذلك والشرط إما أن يكون صريحاً أو ضمنياً فلا يتحتم أن يكون الشرط المانع مذكوراً صراحة في عقد المقاولة، بل يجوز استخلاصه ضمناً من الظروف نفسها، فإذا كانت طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفاية المقاول الشخصية كما يقول النص، كأن كان العمل محل المقاولة عملاً فنياً لجأ فيه رب العمل إلى مقاول بالذات نظراً لكفايته الفنية، فإنه يكون هناك شرط مانع ضمني من أن يكل المقاول العمل أو جزءاً منه إلى مقاول من الباطن، بل يتحتم أن يقوم به هو شخصياً، فإذا قاول شخص رساماً أو طبيباً أو مهندساً، فإنه يغلب أن يستخلص من الظروف أن رب العمل قد اعتمد على كفاية المقاول الشخصية، فلا يجوز لهذا الأخير أن يقاول من الباطن كأن يعهد بالعمل أو ببعضه إلى رسام آخر أو طبيب آخر أو مهندس آخر يقوم به مكانه، حتى لو لم يكن منصوصاً صراحة في عقد المقاولة على المنع من المقاولة من الباطن وإذا قام شك في أن هناك شرطاً مانعاً ضمنياً، فسر الشك في معنى المنع فيحرم على المقاول المقاولة من الباطن إلا إذا أذن له رب العمل في ذلك.
والشرط المانع، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، لا يمنع المقاول من أن يستعين بأشخاص آخرين فنيين أو غير فنيين في إنجاز العمل، مادام هؤلاء الأشخاص ليسوا مقاولين من الباطن بل كانوا مستخدمين عند المقاول بعقد عمل لا بعقد مقاولة.
ويجوز، إذا وجد الشرط المانع الصريح أو الضمني، أن يتنازل عنه رب العمل، فيتحلل منه المقاول ويكون له الحق في المقاولة من الباطن وكما يكون تنازل رب العمل عن الشرط المانع الصريح أو الضمني صريحاً كذلك قد يكون ضمنياً كأن يتعامل رب العمل مع المقاول من الباطن ويعطيه من الأجر بمقدار ما هو مدين به للمقاول الأصلي . وإذا تنازل رب العمل عن الشرط المانع، لم يجز له الرجوع بعد ذلك في تنازله، سواء حصل التنازل قبل مخالفة المقاول للشرط المانع أو بعد مخالفته إياه.
وإذا وجد الشرط المانع، صريحاً كان ضمنياً، وجب على المقاول مراعاته، وإذا كان معرضاً للجزاء الذي تقضي به القواعد العامة. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع، المجلد / الأول، الصفحة/ 262)
للمقاول الأصلي أن يعهد بالعمل لمقاول من الباطن ما لم يوجد شرط صريح أو ضمني يمنعه من ذلك كما إذا كانت طبيعة المقاولة تستند إلى كفاية المقاول الشخصية كما لو كان رساماً أو طبيباً أو مهندساً فلا يجوز لأحد هؤلاء أن يعهد بالعمل لغيره حتى لو لم يكن منصوصاً صراحة في عقد المقاولة على المنع من المقاولة من الباطن، أما فيما يتعلق بالمحامي فيجوز له إنابة غيره من المحامين ان لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل، ويجوز لرب العمل أن يتنازل عن شرط المنع صراحة أو ضمناً كان يتعامل مع المقاول من الباطن ويعطيه الأجر، ومتی تنازل رب العمل عن الشرط فليس له الرجوع بعد ذلك في تنازله، واذا وجد الشرط المانع وخالفه المقاول تعرض للمسئولية وفقاً للقواعد العامة فلرب العمل أن يطلب أن يتم التنفيذ بمعرفة المقاول شخصياً وله أن يطلب فسخ المقاولة ولكن ليست المحكمة ملزمة بإجابته لهذا الطلب الأخير إذ لها أن تكتفي بالتنفيذ العيني، وفي الحالتين لرب العمل المطالبة بتعويض أن كان قد أصابه ضرر ويطلب التعويض من المقاول الأصلى وحده دون المقاول من الباطن وللأخير أن يطالب المقاول الأصلي بتعويض عن الأضرار التي أصابته بسبب عدم تنفيذه للمقاولة من الباطن .
وتحدد المسئولية بين أطراف العمل على النحو التالي :
أ) فتكون العلاقة فيما بين المقاول الاصلي والمقاول من الباطن علاقة رب عمل بمقاول ينظمها عقد المقاولة من الباطن، فيلتزم المقاول الأصلي بتمكين المقاول من الباطن من إنجاز العمل بأن يقدم له احتياجات العمل من مهمات وأدوات متي كان قد التزم بذلك وأن يقدم له المواصفات والرسوم إذا كان العمل بتطلبها، فإن أخل بهذا الالتزام كان للمقاول من الباطن أن يطلب التنفيذ العيني ولو عن طريق التهديد المالي وله كذلك أن يطلب فسخ المقاولة من الباطن مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتضى، ويلزم المقاول الأصلي كذلك بتسلم العمل بعد إنجازه فإذا امتنع بعد إعذاره اعتبر أنه تسلمه ما لم يكن المقاول من الباطن خالف المواصفات الواردة في عقد المقاولة من الباطن أو الأصول الفنية، ويلتزم المقاول الاصلی أخیراً بدفع الأجر للمقاول من الباطن، فإن لم يحدد الأجر اتفاقاً تعين الرجوع لقيمة العمل وإذا اتفق على أجر وفقاً لمقايسة على أساس الوحدة وتبين أن هناك مجاوزة محسوسة عند التنفيذ وجب على المقاول من الباطن إخطار المقاول الاصلي بذلك في الحال والا سقط حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة أما إذا اتفق على أجر إجمالي جزافی وفقاً التصميم معين، فليس للمقاول من الباطن المطالبة بأية زيادة في الأجر ولو ارتفعت أجور العمالة أو النقل أو الضرائب على المهمات المستوردة إلا إذا توفر انهيار التوزان بين التزاماته والتزامات المقاول الاصلي لحوادث استثنائية فيحق للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو فسخ العقد ويتم دفع الأجر في المكان المتفق عليه أو الذي يقضي به العرف وإلا ففي موطن المقاول الأصلي أو بمركز أعماله، واذا أخل المقاول الاصلى بهذا الالتزام فللمقاول من الباطن طلب التنفيذ العين أو الفسخ والتعويض في الحالتين وله حبس العمل وله حق امتیاز.
أما التزامات المقاول من الباطن فتنحصر في إنجاز العمل بالطريقة المتفق عليها وبالشروط الواردة بعقد المقاولة من الباطن فإن خلا العقد من هذه الشروط وجب الرجوع الى العرف الخاص بأصول الصناعة، وأن كان في حاجة لأدوات ومهمات التزم باحضارها على نفقته إلا إذا تعهد المقاول الأصلي باحضارها، وأن التزم المقاول من الباطن بإحضار المادة اللازمة للعمل كان مسئولاً عن جودتها ضامناً لعيوبها الخفية ولو لم يكن عالماً بهذه العيوب، أما أن قدم المقاول الاصلي أو رب العمل تلك المادة فعلى المقاول من الباطن أن يحافظ عليها فان أصبح شئ منها غير صالح للاستعمال بإهماله أو بإهمال أحد تابعيه أو قصور کفایتهم الفنية التزم برد قيمة الشئ. كما يلتزم بانجاز العمل في الوقت المتفق عليه وإلا جاز للمقاول الاصلى طلب التنفيذ العيني أو الفسخ مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض. وعليه تسليم العمل بعد انجازه وفي الميعاد المتفق عليه وإلا جاز للمقاول الأصلي طلب التنفيذ العيني أن كان ممكنا أو الفسخ مع التعويض في الحالتين أن كان له مقتض.
وإذا هلك الشيء في يد المقاول من الباطن قبل تسليمه بسبب حادث مفاجئ تحمل المقاول من الباطن تبعة الهلاك فليس له أن يطالب بالاجر ولا برد النفقات ويكون هلاك المادة على من قام بتوريدها الا اذا كان المقاول من الباطن أنذر المقاول الأصلي بتسلم الشيء فهنا يكون التسليم قد تم حكماً فتنتقل تبعة الهلاك، إلى المقاول الأصلي ومن ثم يستحق المقاول من الباطن الأجر والنفقات وقيمة المادة أن كان هو الذي قدمها وأخيراً يلتزم المقاول من الباطن بضمان العمل فيكون ضامناً لأي عيب في الصنعة وينقضي هذا الضمان بمجرد تسلم المقاول الاصلى العمل وتقبله له بدون تحفظ.
وبالنسبة لضمان المقاول من الباطن لعيوب البناء، فينتهي التزامه بالضمان بمجرد أن يتسلم المقاول الاصلي البناء مع تمكنه من فحص وكشف ما به من عيوب، فإذا ظهرت عيوب خفية بعد ذلك لا يكون المقاول من الباطن مسئولاً إلا بالقدر والمدة التي يقضي بها عرف الحرفة وليس لمدة عشر سنوات كما هي الحال في العلاقة ما بين رب العمل والمقاول الأصلي، ويبقى المقاول الأصلي مسئولاً نحو رب العمل عن ضمان ما يظهر في صنعة المقاول من الباطن من عيوب خفية لمدة عشر سنوات، وإذا رجع رب العمل على المقاول إلا علی خلال العشر سنوات فليس للأخير الرجوع على المقاول من الباطن أو إدخاله في دعوى الضمان إذا انقضت المدة القصيرة التي يقضي بها العرف فتنتهي بانقضائها مسئولية المقاول من الباطن عن الضمان، ويراعى أن ذلك قاصر على الالتزام بضمان عيوب البناء ومن ثم فلا يسرى بالنسبة للالتزامات الأخرى كالالتزام بالتسليم ويكون للمقاول الأصلي أن يرجع على المقاول من الباطن أو يدخله في دعوى المسئولية التي يقيمها عليه رب العمل.
ب - وفيما يتعلق بالعلاقة بين المقاول الأصلي ورب العمل فيحكمها عقد المقاولة الأصلي ولا شأن لرب العمل بعقد المقاولة من الباطن وأن كان يجوز للمقاول من الباطن الرجوع بالأجر على رب العمل ويلتزم رب العمل نحو المقاول الأصلي بتمكينه من إنجاز العمل على نحو ما اسلفناه كما يلتزم بتسلم العمل وتقبله من المقاول الأصلي لا من المقاول من الباطن وبدفع الأجر للمقاول الأصلي فيما عدا الحالة الواردة بالمادة 662 /1 فيدفع فيها الأجر للمقاول من الباطن. ويظل المقاول الاصلي ملتزما نحو رب العمل بانجاز العمل وتسليمه.
ج - أما بالنسبة لعلاقة رب العمل بالمقاول من الباطن، فالأصل عدم وجود علاقة مباشرة بينهما لانتفاء التعاقد، وإنما تنشأ علاقة غير مباشرة بينهما أساسها علاقة كل منهما بالمقاول الأصلي، فيلجأ كل منهما الى الدعوى غير المباشرة يرفعها باسم مدينة المقاول الأصلي للمطالبة بالحقوق التي لهذا المقاول لدى الآخر، وعن طريقها يطالب رب العمل من المقاول من الباطن بإنجاز العمل وبتسليمه إياه وبالضمان، وايضاً فللمقاول من الباطن مطالبة رب العمل بتمكينه من العمل وتسلمه وتقبله مستعملاً حق مدينة المقاول الأصلي . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 488)
المقاول من الباطن هو من يعهد إليه المقاول الأصلي بتنفيذ كل أو جزء من الصفقة التي أبرمها هذا الأخير مع رب العمل وذلك بمقتضى عقد المقاولة من الباطن وهو عقد يجب أن تتوافر له كافة خصائص عقد المقاولة التي سبق ذكرها (راجع بند 2) والتي من أهمها استقلال المقاول من الباطن، في تنفيذ ما عهد إليه به من الصفقة من المقاول الأصلي، تماماً كالمقاول الأصلي بالنسبة إلى رب العمل. وهناك صورة أخرى للمقاولة من الباطن سنعرض لها.
- الفرق بين المقاولة من الباطن والتنازل عن المقاولة :
تختلف المقاولة من الباطن عن التنازل عن المقاولة، إذ في الحالة الأخيرة ينتقل عقد المقاولة بكافة حقوقه والتزاماته من المقاول الأول المتنازل، إلى المقاول الثاني المتنازل إليه، وتنقطع صلة المقاول الأول برب العمل، ويصبح الثاني هو المدين بجميع التزامات عقد المقاولة الأصلي أمام هذا الأخير .
ولا يكون المقاول الأول مسئولاً عنه أو ضامناً له لدى رب العمل، على عكس الحال في المقاولة من الباطن، حيث يظل المقاول الأصلي مسئولاً عن أخطاء المقاول من الباطن، و ضامناً له قبل رب العمل.
ولذا فإن التنازل عن عقد المقاولة لا يثير أية مشكلة بالنسبة لخضوع المقاول الثاني (المتنازل له) للمسئولية الخاصة بالمعماريين، وذلك على عكس الحال بالنسبة للمقاولة من الباطن على الوجه الذي سوف نراه .
ورغم أن الشارع المصرى نظم عقد المقاولة من الباطن، إلا أنه لم يعرض للتنازل عن المقاولة. وتركها للقواعد العامة.
ويبرر مسلك الشارع في هذا أن التنازل عن المقاولة أقل وقوعاً في العمل من المقاولة من الباطن.
- صور التنازل عن المقاولة :
للتنازل عن المقاولة صور ثلاث هي :
(1) تنازل المقاول عن الأجر لشخص ثالث عن طريق حوالة الحق:
وطبقاً للقواعد العامة يتم هذا التنازل باتفاق بين المقاول (المحيل) والشخص الثالث (المحال له).
وتسرى الحوالة في حق رب العمل بإعلانه بها عملاً بالمادة 305 مدنی.
ويلجأ المقاول عادة إلى هذه الصورة للحصول على مبالغ يستعين بها في تنفيذ عقد المقاولة سواء من أحد المصارف أو أحد الممولين.
وفي هذه الصورة يكون المحال له هو الدائن بالأجرة.
(2) تنازل المقاول للغير عن جميع عقد المقاولة بما يشتمل عليه من حقوق والتزامات:
فيحل المتنازل له محل المقاول في عقد المقاولة. ويصبح هو المقاول تجاه رب العمل. وقد يكون هذا التنازل بمقابل يدفعه المتنازل له للمتنازل، أو بالعكس يدفعه المتنازل للمتنازل له إذا كان الأول يتوقع الخسارة لو أنه قام بتنفيذ المقاولة بنفسه فيتنازل عن المقاولة لأخر و يدفع له مبلغاً يحدد به خسارته.
وتطبق على التنازل قواعد حوالة الحق فيما يتعلق بنقل حقوق المقاول الأصلي، وقواعد حوالة الدين فيما يتعلق بنقل التزاماته.
(3) تنازل رب العمل عن عقد المقاولة :
ومثال ذلك أن يبيع رب العمل الأرض مثلاً التي قاول على إقامة بناء فيها ويتنازل في الوقت ذاته لمشترى الأرض عن عقد المقاولة وما ينشأ عنه من حقوق والتزامات.
وهذه الصورة نادرة في العمل.
- متى يجوز للمقاول التعاقد مع مقاول من الباطن ؟
المقاولة باعتبارها عقداً مالياً، لا تقوم بحسب الأصل على الاعتداد بشخصية طرفيها، ومن ثم فإنه يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن يعمل مستقلاً عنه، ولن يضار رب العمل من قيام مقاول من الباطن بتنفيذ العمل، لأن المقاول الأصلي يبقى مسئولاً أمامه عن هذا التنفيذ كما لو كان قد قام به بنفسه ( م 661 / 2 مدنى ) إلا إذا قبل رب العمل النزول عن المقاولة وأبرأ ذمة المقاول الأصلي من التزاماته. وقد نصت المادة 78 مرافعات صراحة على أنه يجوز في الوكالة بالخصومة أن ينيب الوكيل غيره من المحامين ما لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل.
غير أنه يمتنع على المقاول المقاولة من الباطن في كل العمل أو في جزء منه في حالتين :
الحالة الأولى :
أن يوجد شرط في العقد يمنع المقاول من المقاولة من الباطن :
فإذا وجد بالعقد شرط يمنع المقاول من المقاولة من الباطن، امتنع على المقاول المقاولة من الباطن.
وقد يكتفي العقد باشتراط موافقة رب العمل مقدماً قبل المقاولة من الباطن.
وفي هذه الحالة يكون المقاول الأصلي ملتزماً بالقيام بالعمل بنفسه وبواسطة تابعه. فإذا خالف هذا الشرط فإنه يكون مسئولاً عن الأضرار التي تصيب رب العمل من جراء ذلك. وفضلاً عن ذلك يكون لرب العمل أن يفسخ العقد، ولكن لا يجوز لغير رب العمل أن يتمسك بالشرط المانع من المقاولة.
الحالة الثانية :
إذا كانت طبيعة العمل تفترض الاعتماد على الكفاية الشخصية للمقاول إذا كانت طبيعة العمل تفترض الاعتماد على الكفاية الشخصية للمقاول فلا يجوز للمقاول الأصلي أن يعهد بالعمل محل المقاولة أو جزء منه إلى مقاول من الباطن.
وقد تكون هذه الكفاية، كفاية علمية أو فنية.
فإذا قاول رب العمل رساماً أو مهندساً أو طبيباً فإنه يغلب أن يكون رب العمل لجأ إلى هذا المقاول بالذات لكفايته الشخصية، فلا يجوز للمقاول الأصلي أن يقاول من الباطن على العمل أو بعضه رساماً أو مهندساً أو طبيباً يقوم به مكانه.
وإذا قام شك في أن رب العمل لجأ إلى المقاول لكفايته الشخصية، فسر هذا الشك في معنى المنع لأنه الأغلب الأعم، فلا يجوز للمقاول الأصلي التعاقد مع مقاول من الباطن.
وإحدى هاتين الحالتين كافية وحدها لمنع المقاول الأصلي من المقاولة من الباطن.
غير أن حظر المقاولة من الباطن على المقاول الأصلي في الحالتين السابقتين، ليس من شأنه منعه من الاستعانة بأشخاص آخرين فنيين إداريين أو عمال في إنجاز العمل، مادام هؤلاء ليسوا مقاولين من الباطن، بل تابعين للمقاول ومرتبطين معه بعقد عمل لا بعقد مقاولة .
- التنازل عن الشرط المانع من المقاولة من الباطن :
يجوز لرب العمل التنازل عن الشرط المانع من المقاولة من الباطن، فيتحلل منه المقاول، ويكون له بالتالي الحق في المقاولة من الباطن. وكما يكون تنازل رب العمل عن الشرط المانع صريحاً قد يكون ضمنياً، كأن يتعامل رب العمل مع المقاول من الباطن ويعطيه من الأجر بمقدار ما هو مدين به للمقاول الأصلي. وطالما تنازل رب العمل عن الشرط المانع، أضحى غير جائز الرجوع فيه، سواء حصل التنازل قبل مخالفة المقاول الشرط المانع أو بعد مخالفته إياه.
- أثر مخالفة المقاول لحظر المقاولة من الباطن :
يترتب على مخالفة المقاول حظر المقاولة من الباطن، الجزاء الذي تقضي به القواعد العامة.
فيجوز لرب العمل أن يطالب المقاول الأصلي بتنفيذ العمل تنفيذاً عينياً أي بمعرفته وليس بمعرفة المقاول من الباطن، كما أن له أن يطلب فسخ عقد المقاولة.
وكما ذكرنا سلفا أن القواعد العامة لا تحتم على القاضي إجابة طلب الفسخ، بل يخضع لتقديره، فله أن يرفض الفسخ ويكتفي بإلزام المقاول الأصلي بأن يقوم هو شخصياً بتنفيذ العمل المتعاقد عليه.
ولرب العمل سواء طلب التنفيذ العيني أو الفسخ الحق في التعويض عما يكون قد ألحق به من ضرر.
ويرجع رب العمل بالتعويض على المقاول الأصلي وليس على المقاول من الباطن.
غير أنه يجوز للمقاول من الباطن، إذا رجع رب العمل على المقاول الأصلى بالتنفيذ العيني أو بالفسخ، أن يرجع هو الآخر على المقاول الأصلي يطالبه بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب عدم الوفاء بالتزاماته المستمدة من عقد المقاولة من الباطن.
إذا لم يكن هناك شرط في عقد المقاولة مانع للمقاول من المقاولة من الباطن، أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية. فإن المقاولة من الباطن، كلية كانت أو جزئية، تكون صحيحة ونافذة في حق رب العمل.
وأكثر ما تقع المقاولة من الباطن في المقاولات الكبرى حيث تتعدد الأعمال وتتنوع، وتتجاوز إمكانيات مقاول واحد مهما كان مركزه ونشاطه كبيرين.
ويترتب على المقاولة من الباطن، قيام علاقات ثلاث هي :
1- علاقة المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن.
2- علاقة المقاول الأصلي برب العمل.
3- علاقة رب العمل بالمقاول من الباطن. ونعرض لهذه العلاقات الثلاث بالتفصيل فيما يلي .
أولاً : علاقة المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن
- عقد المقاولة من الباطن ينظم العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن :
ينظم العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن عقد المقاولة من الباطن المبرم بينهما، إذ تضحي العلاقة بينهما هي علاقة رب عمل (المقاول الأصلي) بمقاول (المقاول من الباطن ).
ويظل هذا العقد منفصلاً عن العقد الذي أبرمه رب العمل مع المقاول الأصلي.
ولا يشترط أن تكون شروط العقدين متماثلة أو متقاربة، غير أنه في الغالب يكون عقد المقاولة من الباطن مختلفاً عن عقد المقاولة الأصلي، في الشروط ومقدار الأجرة، إذ يغلب أن تكون الأجرة في عقد المقاولة من الباطن أقل منها في العقد المبرم بين رب العمل والمقاول الأصلي، حتى يحقق المقاول الأصلي ربحاً من وراء عقد المقاولة من الباطن.
وقد يوجد في عقد المقاولة الأصلي شرط جزائي، ولا يوجد في عقد المقاولة من الباطن، أو يحصل العكس.
- التزامات المقاول الأصلى قبل المقاول من الباطن :
يلتزم المقاول الأصلي نحو المقاول من الباطن، بجميع التزامات رب العمل قبل المقاول، فقد أوضحنا سلفا أن المقاول الأصلى في علاقته بالمقاول من الباطن يعتبر رب عمل.
فيلتزم المقاول الأصلي قبل المقاول من الباطن بما يأتي :
1- القيام بما هو ضروري لإنجاز العمل.
2- تسلم العمل من المقاول من الباطن بعد إنجازه.
3- دفع الأجر إلى المقاول من الباطن.
ويسري على هذه الالتزامات كافة ما يسرى عليها بالنسبة لرب العمل تجاه المقاول.
- التزامات المقاول من الباطن في مواجهة المقاول الأصلي :
يلتزم المقاول من الباطن في مواجهة المقاول الأصلى بكافة التزامات المقاول نحو رب العمل. فهو يلتزم قبله بما يأتي :
1- إنجاز العمل الموكول إليه .
2- تسليم العمل بعد إنجازه.
3- ضمان العمل بعد تسليمه.
أما بالنسبة للالتزام الثالث، وهو الالتزام بضمان العمل بعد تسليمه. فقد ذكرنا سلفا أن الضمان المنصوص عليه بالمادة 651 مدنی، وهي التي تجعل المقاول ضامناً لما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم في المباني أو المنشآت الثابتة ولجميع ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، قاصر على المقاول الأصلي دون المقاول من الباطن.
وعلى ذلك يكون التزام المقاول من الباطن قبل المقاول الأصلي بضمان عيوب البناء والمنشآت الثابتة الأخرى طبقاً للقواعد العامة. فينتهى التزام المقاول من الباطن بالضمان بمجرد أن يتسلم المقاول الأصلي العمل مع تمكنه من فحصه وكشف ما به من عيوب. فإذا ظهرت عيوب خفية بعد ذلك، لا يكون المقاول من الباطن مسئولاً إلا بالقدر وإلى المدة التي يقضي بها عرف المهنة.
ثانياً : علاقة المقاول الأصلي برب العمل
- التزامات رب العمل نحو المقاول الأصلي :
ينظم العلاقة ما بين المقاول الأصلي ورب العمل عقد المقاولة الذي أبرمه الطرفان، ولا شأن لرب العمل بعقد المقاولة من الباطن فهذا العقد لا يكسب رب العمل حقاً ولا يرتب في ذمته التزاما لأنه يعتبر بالنسبة إليه من الغير فيما عدا ما نص عليه القانون من رجوع المقاول من الباطن على رب العمل بالأجرة في حدود وبشروط معينة.
وبالتالي يبقى رب العمل ملتزما نحو المقاول الأصلي، دون المقاول من الباطن.
فتنشأ التزاماته قبله من عقد المقاولة الأصلي .
فيلتزم رب العمل بتسلم العمل وتقبله من المقاول الأصلي لا من المقاول من الباطن كما يلتزم بدفع الأجر للمقاول الأصلي لا المقاول من الباطن ما عدا الاستثناء المشار إليه.
- التزامات المقاول الأصلى نحو رب العمل :
يبقى المقاول الأصلي ملتزما نحو رب العمل بكل الالتزامات الناشئة عن عقد المقاولة الأصلي. فلا تنشأ التزاماته من عقد المقاولة من الباطن.
وعلى ذلك يلتزم المقاول الأصلي قبل رب العمل بإنجاز العمل المتفق عليه وبتسليم العمل بعد إنجازه، ولاشك أنه يندرج في هذا العمل، العمل الذي أنجزه المقاول من الباطن. كما يلتزم بضمان العمل على النحو الذي فصلته المادة 951 مدنی، ولا شأن لهذا الضمان بضمان المقاول من الباطن قبل المقاول الأصلي، الذي تحكمه القواعد العامة.
وبالترتيب على ذلك يظل المقاول الأصلي مسئولاً عن المقاول من البطن قبل رب العمل، ولا يكون المقاول من الباطن مسئولاً مباشرة نحو رب العمل، بل يبقى مسئولا قبل المقاول الأصلي.
فالعلاقة بين رب العمل والمقاول من الباطن علاقة غير مباشرة، إذ يتوسطهما المقاول الأصلي.
فإذا لم يوف المقاول الأصلي بالتزاماته قبل رب العمل، رجع رب العمل على المقاول الأصلي، ثم يرجع المقاول الأصلي على المقاول من الباطن.
وإذا أخل المقاول من الباطن بالتزاماته قبل المقاول الأصلي، كان المقاول الأصلى هو المسئول نحو رب العمل.
المقاول من الباطن يعمل مستقلاً عن المقاول الأصلي ولا يعتبر تابعاً له، فلا يربطه به عقد عمل. ومن ثم فإن مسئولية المقاول الأصلي عن المقاول من الباطن ليست مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، بل هي مسئولية عقدية تنشأ من عقد المقاولة الأصلي. على افتراض أن كل الأعمال والأخطاء التي تصدر من المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة إلى رب العمل أعمالاً وأخطاء صدرت من المقاول الأصلي، ومن ثم تتحقق مسئوليته في مواجهة رب العمل .
ولما كانت هذه المسئولية عقدية، فيجوز الاتفاق على ما يخالفها، فيشترط المقاول على رب العمل جواز أن يقاول من الباطن وألا يكون مسئولاً عن المقاول من الباطن. كما يجوز بعد أن يعقد المقاول الأصلى مقاولة من الباطن أن يقبل رب العمل حلول المقاول من الباطن محل المقاول الأصلي في كل حقوقه والتزاماته، فتتحول المقاولة من الباطن إلى تنازل عن المقاولة. كذلك يجوز أن يتعهد المقاول من الباطن للمقاول الأصلي بأن يقوم رب العمل في هذه الحالة بالرجوع بالدعوى المباشرة على المقاول من الباطن طبقاً لقواعد الاشتراط لمصلحة الغير، ويحتفظ في الوقت ذاته بحق الرجوع على المقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة.
ثالثاً : علاقة رب العمل بالمقاول من الباطن
- علاقة غير مباشرة بين رب العمل والمقاول من الباطن :
الأصل أنه لا توجد ثمة علاقة مباشرة بين رب العمل والمقاول من الباطن، فالعلاقة التعاقدية قائمة بين رب العمل والمقاول الأصلي، والمقاول من الباطن يعتبر من الغير بالنسبة لعقد المقاولة الأصلي. بعكس العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن، فالعلاقة بينهما علاقة تعاقدية.
فالالتزامات التي تقع على عاتق المقاول الأصلي قبل رب العمل بموجب عقد المقاولة المبرم بينهما، وهي إنجاز العمل وتسليمه والضمان، لا يستطيع رب العمل مطالبة المقاول من الباطن بها مباشرة، بل يجب عليه أن يطالب بها المقاول الأصلي.
غير أنه يجوز لرب العمل أن يطالب المقاول من الباطن بالدعوى غير المباشرة، أي دعوى مدينة المقاول الأصلي فيستعمل حق مدينة المقاول الأصلي قبل مدين مدينه المقاول من الباطن، فيطالبه بإنجاز العمل وتسليمه وبضمان العمل بعد تسليمه.
والوجه الآخر، هو مطالبة المقاول من الباطن لرب العمل، فإنه لا يستطيع بدوره مطالبته مباشرة بالتزاماته قبل المقاول الأصلي.
فلا يستطيع المقاول من الباطن مطالبة رب العمل، بالتزامه بتمكين المقاول من إنجاز العمل، وتسلم العمل وتقبله، وإنما يستطيع الرجوع عليه بالدعوى غير المباشرة باستعمال حق مدينة المقاول الأصلي في الرجوع على رب العمل.
وكان الأصل أن يخضع التزام رب العمل بدفع الأجر إلى المقاول الأصلي لهذه القاعدة، فلا يجوز للمقاول من الباطن مطالبة رب العمل به بالطريق المباشر غير أن القانون خرج على هذا الأصل، وأجاز للمقاول من الباطن وعماله مطالبة رب العمل مباشرة بالأجر المستحق لهم بما لا يجاوز القدر الذي يكون مديناً به للمقاول الأصلي من وقت رفع الدعوى وهذا ما سنعرض له في شرح المادة التالية. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 249)
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 514 )
لا يجوز للصانع أو المقاول الذي التزم في العقد العمل بنفسه أن يستعمل غيره.
واذا كان العقد مطلقاً جاز له أن يستأجر أو يقاول غيره على العمل كله أو بعضه ويكون ضامناً لما هلك في يد من استأجره أو قاوله.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (571) إستئجار الأجير على أن يعمل بنفسه
الأجير الذي استؤجر على أن يعمل بنفسه ليس له أن يستعمل غيره. مثلاً لو أعطى أحد جبة لخياط على أن يخيطها بنفسه بكذا درهم فليس للخياط أن يخيطها بغيره وان خاطها بغيره وتلفت فهو ضامن.
مادة (572) إطلاق العقد حين الإستئجار
لو أطلق العقد حين الإستئجار فللأجير أن يستعمل غيره.
مادة (573) عمل الشغل بإطلاق
قول المستأجر للأجير اعمل هذا الشغل إطلاق. مثلاً لو قال أحد للخياط خط هذه الجبة بكذا دراهم من دون تقييد بقوله خطها بنفسك أو بالذات وخاطها الخياط بخليفته أو خياط آخر يستحق الأجر المسمى وان تلفت الجبة بلا تعد لا يضمن.