مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 53
مذكرة المشروع التمهيدي:
يطابق هذا النص المادتين 414 ، 415 / 506 ، 507 من التقنين الحالي مع تعديل يسير قضى به المشروع على النزاع الذي أثاره وجود كلمة الحجز في النص الحالى، والمشروع يؤيد أحكام محكمة الاستئناف المختلطة ( 12 أبريل سنة 1916 ب 28 ص 253 ) حيث لم تقصر تطبيق المادة على حالة حجز ما للمدين لدى الغير، بل طبقتها في حالة الدعوى المباشرة التي يرفعها المقاول من الباطن على رب العمل.
والفقرة الثالثة تقر ما جرى عليه قضاء محكمة الاستئناف المختلطة ( 27 مارس
سنة 1901 ب 13 ص 216، 18 مايو سنة 1915 ب 27 ص 335).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 886 فأقرتها اللجنة مع تعديل لفظي وأصبح نصها ما يأتي :
1- يكون المقاولين من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل حتى مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذي يكون مديناً به للمقاول الأصلي من وقت رفع الدعوى. ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلى ورب العمل.
2- ولهم، في حالة توقيع الحجز من أحدهم تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلي أو المقاول من الباطن وقت توقيع الحجز، ويكون الامتياز لكل منهم بنسبة حقه، ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة.
3- وحقوق المقاولين من الباطن والعمال المقررة بمقتضى هذه المادة مقدمة على حقوق من يتنازل له المقاول عن دينه قبل رب العمل .
وأصبح رقمها في المشروع النهائي 691.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة تحت رقم 699 بعد استبدال كلمة « ينزل» بكلمة « «يتنازل»
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
وافقت اللجنة على المادة كما أقرها مجلس النواب ، وأصبح رقها 662
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة.
إن النص فى الفقرة الثالثة من المادة 662 من القانون المدنى على أن : " و حقوق المقاولين من الباطن و العمال المقررة بمقتضى هذه المادة مقدمة على حقوق من ينزل له المقاول عن دينه قبل رب العمل " يقتضى أن تكون ذمة رب العمل مشغولة بدين للمقاول الأصلى ناشئ عن عقد المقاولة ، و ألا يكون قد تم الوفاء به للمحال إليه . أما إذا كان هذا الأخير قد إقتضى الحق المحال فعندئذ تجب التفرقة بين حالتين : "الأولى" أن يكون هذا الوفاء قد تم قبل أن يوقع المقاول من الباطن الحجز تحت يد رب العمل على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلى و قبل أن ينذر المقاول من الباطن رب العمل بعدم الوفاء بدين المقاول المذكور ، ففى هذه الحالة يكون الوفاء للمحال إليه مبرئاً لذمة رب العمل و سارياً فى حق المقاول من الباطن ، و الحالة الثانية أن يكون الوفاء لاحقاً للحجز أو الإنذار فلا يسرى - عندئذ - فى حق المقاول من الباطن ، و يكون له - رغم ذلك - أن يستوفى حقه قبل المقاول الأصلى بما كان لهذا الأخير وقت الحجز أو الإنذار فى ذمة رب العمل ، و لو كان نزول المقاول الأصلى عن حقه للغير سابقاً على الحجز أو الإنذار .
(الطعن رقم 81 لسنة 43 جلسة 1979/04/10 س 30 ع 2 ص 87 ق 201)
ويتبين من هذا النص أن العقد ما بين المقاول ورب العمل ينشئ دعوى مباشرة لعمال المقاول وللمقاولين من الباطن ضد رب العمل، يطالبون بموجبها رب العمل بما فى ذمته للمقاول وقت رفع الدعوى المباشرة، إلا إذا كان ما لهم فى ذمة المقاول أقل من هذا المقدار فيطالبون رب العمل بما لهم في ذمة المقاول فقط، ولما كانت الدعوى المباشرة هنا قد أعطيت لدائنين متعددين، فإن كلاً منهم يتقاضى من مدين مدينه، وهو رب العمل، بنسبة ماله من حق إذا لم يكن دين رب العمل للمقاول يتسع للوفاء بحقوقهم جميعًا كاملة.
كذلك لعمال المقاولين من الباطن دعوى مباشرة على النحو المتقدم، ضد المقاول الأصلى وهو مدين مدينهم، بل وضد رب العمل وهو مدين مدين مدينهم .
ولهؤلاء الدائنين جميعًا ـ عمال المقاول الأصلى وعمال المقاول من الباطن والمقاولين من الباطن ـ إلى جانب الدعوى المباشرة حق امتياز على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلى أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز منهم تحت يد رب العمل أو تحت يد المقاول الأصلى، كل منهم بنسبة حقه.(الوسيط في شرح (القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد / الثاني الصفحة/ 1279)
علاقة رب العمل بالمقاول من الباطن :
العلاقة بين رب العمل والمقاول من الباطن علاقة غير مباشرة : وقد قدمنا أن العلاقة بين رب العمل والمقاول الأصلي يحكمها عقد المقاولة الأصلي، ويحكم عقد المقاولة من الباطن العلاقة بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن . ويترتب على ذلك أن الأصل ألا تقوم علاقة مباشرة بين رب العمل، والمقاول من الباطن إذ لا يربطهما أي تعاقد، فالتعاقد إنما يربط رب العمل بالمقاول الأصلي، ويربط المقاول الأصلي بالمقاول من الباطن .
وإنما تكون العلاقة بين رب العمل والمقاول من الباطن علاقة غير مباشرة، إذ يتوسطهما المقاول الأصلي، فلا يطالب رب العمل المقاول من الباطن مباشرة بالتزاماته، بل الذي يطالب بها المقاول الأصلي، ولا يطالب المقاول من الباطن رب العمل مباشرة بالتزاماته، وإنما يطالب بهذه الالتزامات المقاول الأصلي .
لا يطالب رب العمل المقاول من الباطن مباشرة بالتزاماته : والتزامات المقاول من الباطن الثلاثة إنما يطالب بها مباشرة المقاول الأصلي لا رب العمل .
فالالتزام بإنجاز العمل يطالب به المقاول الأصلي المقاول من الباطن بموجب عقد المقاولة من الباطن كما قدمنا . ولا يستطيع رب العمل أن يطالب مباشرة المقاول من الباطن بهذا الالتزام، لا بموجب عقد المقاولة الأصلي لأن المقاول من الباطن ليس طرفاً فيه، ولا بموجب عقد المقاولة من الباطن لأن رب العمل ليس طرفاً فيه . وإنما يستطيع رب العمل أن يطالب المقاول من الباطن بهذا الالتزام بدعوى غير مباشرة يرفعها باسم مدينة المقاول الأصلي.
ولا يستطيع كذلك رب العمل أن يطالب المقاول من الباطن مباشرة بتسليم العمل، وإنما يستطيع ذلك بدعوى غير مباشرة يستعمل فيها حق مدينة المقاول الأصلي قبل مدين مدينة المقاول من الباطن .
ولا يجوز أخيراً لرب العمل أن يطالب المقاول من الباطن مباشرة بالضمان ولكن يستطيع بالدعوى غير المباشرة أن يستعمل حق مدينة المقاول الأصلي في الضمان قبل مدين مدينة المقاول من الباطن .
لا يطالب المقاول من الباطن رب العمل مباشرة بالتزاماته : والمقاول من الباطن لا يستطيع كذلك أن يطالب رب العمل مباشرة بالتزاماته. والذي يطالب بها مباشرة هو المقاول الأصلي.
فالالتزام بتمكين المقاول من إنجاز العمل، والالتزام بتسليم العمل وتقبله، ولا يستطيع المقاول من الباطن الرجوع بهما مباشرة على رب العمل، وإنما يستطيع أن يستعمل حق مدينه المقاول الأصلي في الرجوع على رب العمل بطريق الدعوى غير المباشرة.
والالتزام بدفع الأجر لا يستطيع في الأصل المقاول من الباطن الرجوع به مباشرة على رب العمل، ولكن يجوز أن يستعمل حق المقاول الأصلي في أجره قبل رب العمل بطريق الدعوى غير المباشرة.
تنص المادة 662 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1- يكون للمقاولين من الباطن وللعمال الذين يشتغلون لحساب المقاول في تنفيذ العمل حق مطالبة رب العمل مباشرة بما لا يجاوز القدر الذي يكون مديناً به للمقاول الأصلي من وقت رفع الدعوى . ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل" .
يقرر النص سالف الذكر أن الدائنين في المطالبة هم المقاولون من الباطن وعمال المقاول وعمال المقاول من الباطن .
فالمقاول من الباطن يكون طرفاً في المقاولة، وهو دائن يطالب في حدود الأجر المستحق له في ذمة المقاول الأصلي وما يتبع الأجر من نفقات وثمن مهمات وأدوات وفوائد . والطرف الآخر في هذه المطالبة، أي الطرف المدين، هو رب العمل، ولا يطالبه المقاول من الباطن إلا بالقدر الذي يكون رب العمل مديناً به للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة عليه من المقاول من الباطن . فإذا فرضنا أن المقاول من الباطن دائن للمقاول الأصلي بأربعمائة، وأن المقاول الأصلي دائن لرب العمل بخمسمائة، فإن المقاول من الباطن يطالب بموجب الدعوى المباشرة رب العمل بأربعمائة . أما إذا كان المقاول الأصلي دائناً لرب العمل بثلثمائة، فإن المقاول من الباطن لا يطالب رب العمل إلا بثلاثمائة .
والعامل الذي يعمل عند المقاول مرتبطاً بعقد عمل يكون طرفاً في المطالبة، سواء قام المقاول بالعمل كله بنفسه أو قاول على بعضه من الباطن ففي جميع الأحوال يستطيع عامل المقاول أن يرجع، في حدود الأجر المستحق له وكل حق آخر له في ذمة المقاول بموجب عقد العمل، على رب العمل بما هو مستحق في ذمة هذا الأخير للمقاول بموجب عقد المقاول وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل على رب العمل.
والعامل الذي يعمل عند المقاول من الباطن مرتبطاً بعقد عمل يكون طرفاً في المطالبة، ويرجع في حدود ما هو مستحق له في ذمة المقاول من الباطن بموجب عقد العمل : ( أولاً ) على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل بالنسبة إلى المقاول من الباطن، فهو مدين مدينه : ويرجع بما هو مستحق في ذمة المقاول الأصلي للمقاول من الباطن بموجب عقد المقاولة من الباطن وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل على المقاول الأصلي . ( ثانياً ) على رب العمل باعتباره رب العمل للمقاول الأصلي، فهو مدين مدين مدينه . ويرجع بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة من العامل على رب العمل، وهذا ما نصت عليه صراحة العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 662 مدني سالفة الذكر، إذ تقول : "ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل" .
أما إذا كان المقاول من الباطن قد قاول هو أيضاً بدوره من الباطن، فالمقاول من الباطن الثاني يرجع بالدعوى المباشرة على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل للمقاول من الباطن الأول، ولكنه لا يرجع بالدعوى المباشرة على رب العمل إذ أن نصوص المادة 662 مدني سالفة الذكر لا تعطي الدعوى المباشرة للمقاول من الباطن إلا على رب العمل الذي قاول مقاولة وهو هنا المقاول الأصلي، وعمال المقاول من الباطن الثاني يرجعون بالدعوى المباشرة على المقاول من الباطن الأول وهو مدين مدينهم، وعلى المقاول الأصلي وهو مدين مدين مدينهم، دون رب العمل فهو ليس إلا مدين مدين مدين مدينهم ونصوص المادة 662 مدني تقصر عن ذلك بالنسبة إلى العمال.
ما يترتب من النتائج على الدعوى المباشرة وحق الامتياز :
ونفرض أن المقاول من الباطن أو عاملاً للمقاول يريد الرجوع بالدعوى المباشرة على رب العمل . وقد قدمنا أنه يرجع بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة .
فقبل ربع هذه الدعوى وقبل إنذار رب العمل بالوفاء، يجوز للمقاول الأصلي أن يتصرف في حقه المترتب في ذمة رب العمل بجميع أنواع التصرفات، ويكون هذا التصرف سارياً في حق المقاول من الباطن أو العامل . يستطيع المقاول الأصلي أن يستوفي هذا الحق من رب العمل كله أو بعضه، ويكون هذا الوفاء سارياً في حق المقاول من الباطن أو العامل، ولو كانت المخالصة غير ثابتة التاريخ وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 395/2 مدني . وتقع المقاصة بين ما للمقاول الأصلي في ذمة رب العمل وما عليه له، إذا كان ذلك سابقاً على تاريخ الإنذار بالوفاء . ويستطيع المقاول الأصلى كذلك أن يبرئ ذمة رب العمل، ما دام الإبراء يكون صادراً قبل الإنذار بالوفاء .
ويخلص من ذلك أن المقاول من الباطن أو العامل، متى رفع الدعوى المباشرة على رب العمل، أمكنه أن يحصل من طريق هذه الدعوى على جميع ما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي وقت الإنذار بالوفاء، وذلك في حدود ما هو مستحق له في ذمة المقاول الأصلي . فيتوفى بذلك من مزاحمة سائر دائني المقاول الأصلي، وهذه هي المزية الكبرى للدعوى المباشرة .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع، المجلد / الأول، الصفحة/ 279 )
جاء هذا النص وخول المقاول من الباطن وعماله وعمال المقاول الاصلی استعمال الدعوى المباشرة وحق امتياز للحيلولة دون مزاحمة دائني المقاول الأصلي لهم أما اذا تعدد المقاولون من الباطن والعمال فيتزاحمون فيما بينهم، فللمقاول من الباطن في حدود الأجر المستحق له وتوابع الأجر من نفقات وثمن مواد أن يطالب رب العمل بالقدر الذي يكون الأخير مديناً به للمقاول الاصلی وقت رفع الدعوى المباشرة عليه، ولعامل المقاول الرجوع على رب العمل بالدعوى المباشرة في حدود الأجر المستحق له وكل حق آخر له في ذمة المقاول ناشئ عن عقد العمل فيخرج عن هذا المجال الحق الناشئ عن غير عقد العمل كالتعويض عن المسئولية التقصيرية وأن كان له أن يرجع به بالدعوى غير المباشرة.
ولعامل المقاول من الباطن أن يرجع في حدود ما هو مستحق له بموجب عقد العمل في ذمة المقاول من الباطن على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل بالنسبة للمقاول من الباطن، كما يرجع على رب العمل باعتباره رب العمل للمقاول الأصل بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي.
أما اذا كان المقاول من الباطن قد أناط العمل بمقاول آخر من باطنه، فالمقاول من الباطن الثاني يرجع بالدعوى المباشرة على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل ولكنه لا يرجع بهذه الدعوى على رب العمل فنص المادة 662 قاصر على درجة واحدة من المقاولة من الباطن، ويسري ذات الحكم بالنسبة لعمال المقاولين.
ويتعين على المقاول من الباطن الإسراع في إنذار رب العمل بالوفاء أو الاسراع بتوقيع الحجز تحت يده على مستحقات المقاول الأصلي اذ للاخير قبل هذين الاجراءين أن يستوفي حقوقه من رب العمل ويكون هذا الوفاء سارياً في حق المقاول من الباطن والعامل حتى لو كانت المخالصة غير ثابتة التاريخ (م 15 إثبات)، ومن وقت الانذار بالوفاء يمتنع على رب العمل الوفاء للمقاول الأصلي والا كان هذا الوفاء غير سار في حق المقاول من الباطن والعامل، كما يمتنع على المقاول الأصلي التصرف في حقوقه لدى رب العمل والا كان هذا التصرف غير نافذ في حق هؤلاء، كما لا يجوز المقاصة بين حق المقاول الاصلي في ذمة رب العمل و دين في ذمته له من وقت رفع الدعوى المباشرة، وللمقاول من الباطن والعامل توقيع حجزاً تحت يد رب العمل على ما في ذمته للمقاول الاصلی بمقتضاه وبهذا الحجز ينشأ لهما حق امتیاز على المبلغ الذي توقع الحجز عليه فيتقدما بمقتضاه سائر دائني المقاول الأصلي وهو ذات الأثر المترتب على الدعوى المباشرة، أما المقاولون من الباطن والعمال فيتزاحمون فيما بينهم. وفي حالة توقيع الحجز، يجوز لرب العمل دون استصدار أمر من قاضي التنفيذ أن يؤدي هذا المبلغ مباشرة للمقاولين من الباطن والعمال، ويعتبر هذا الوفاء مبرئاً لذمته قبل المقاول الأصلي.
وقد أضفى النص حماية أخرى بالنسبة للمقاول من الباطن والعامل إذ منع سريان حوالة الحق ولو كان نفاذها سابقاً على الأنذار بالوفاء أو على توقيع الحجز .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع الصفحة/ 494)
رغم أن المقاول من الباطن دعوى غير مباشرة قبل رب العمل في مطالبته بالأجر المستحق له قبل المقاول الأصلي، وذلك باستعمال دعوى مدينة المقاول الأصلي قبل رب العمل. إلا أن المشرع رأى أن هذه الدعوى غير المباشرة لا تحقق الحماية الكاملة للمقاول من الباطن، لأن هذه الدعوى غير المباشرة يزاحمه فيها كافة دائني المقاول الأصلي، فلا يحصل وحده على المال المملوك لصاحب العمل الذي يجري عليه التنفيذ، وإنما يقاسمه فيه سائر دائني المقاول الأصلي قسمة الغرماء. خاصة أن المقاول من الباطن لا يرجع على رب العمل عادة إلا إذا كان المقاول الأصلى معسراً. ومن ثم فإن الدعوى المباشرة تدرء عن المقاول من الباطن مغبة مزاحمة دائني المقاول الأصلي له.
وقد ارتأى الشارع أن عمال المقاول من الباطن وعمال المقاول الأصلي لا يقلون في الحاجة إلى الرعاية عن المقاول من الباطن، فمد حمايته إليهم وخولهم جميعاً دعوى مباشرة، وحق امتياز أيضاً كما سنرى، ينأى بهم عن مزاحمة دائني المقاول الأصلي.
ولا يشترط لاستعمال هذه الدعوى المباشرة أن يكون المقاول الأصلي معسراً، أو أن يكون دائنوه قد رجعوا عليه أولاً.
أصحاب الحق في الدعوى المباشرة :
خولت المادة 662 مدنی حق الدعوى المباشرة قبل رب العمل للأشخاص الآتي ذكرهم.
(1) المقاول من الباطن :
يكون المقاول من الباطن طرفاً في المطالبة، وهو دائن يطالب في حدود الأجر المستحق له في ذمة المقاول الأصلي.
ولا تقتصر مطالبته على الأجر فقط، وإنما له حق المطالبة فيما يتبع الأجر من نفقات وثمن مهمات وأدوات وفوائد واسترداد التأمين من رب العمل.
والطرف الآخر في هذه المطالبة أي المدين هو رب العمل، ولا يطالبه المقاول من الباطن إلا بالقدر الذي يكون رب العمل مديناً به فقط للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي وقت رفع الدعوى المباشرة عليه من المقاول الأصلي. فإذا تبقى له أجر بعد هذه المطالبة في ذمة المقاول الأصلي، فليس أمامه سوى الرجوع على هذا المقاول بباقي ما يستحقه.
وعلى ذلك فإذا كان رب العمل قد وفي جزءا من دينه قبل إنذاره بالوفاء ورفع الدعوى لدائني المقاول، فإنه يحتج بهذا الوفاء عليهم .
(2) العامل الذي يعمل لدى المقاول الأصلي :
العامل الذي يعمل لدى المقاول الأصلي مرتبط بعقد عمل، يحق له الرجوع على رب العمل بما قد يكون مستحقاً له من أجر قبل المقاول الأصلي، سواء قام المقاول الأصلي بالعمل جميعه أو عهد بجزء منه إلى مقاول من الباطن. ويكون رجوعه على رب العمل من الأجر الواجب عليه المقاول الأصلي.
ولا يقتصر حق العامل في الرجوع على رب العمل على الأجر المستحق له، وإنما يرجع عليه بكل التزام ناشئ عن عقد العمل الذي يربطه بالمقاول الأصلي.
أما أذا كان حق العامل غير ناشئ عن عقد العمل، كما لو كان ناشئاً عن المسئولية التقصيرية فلا يرجع به على رب العمل.
(3) العامل الذي يعمل لدى المقاول من الباطن :
تنص الفقرة الأولى من المادة 662 على أن: "ويكون لعمال المقاولين من الباطن مثل هذا الحق قبل كل من المقاول الأصلي ورب العمل".
فالعامل لدى المقاول من الباطن له حق الرجوع على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل بالنسبة للمقاول من الباطن، كما يرجع على رب العمل باعتباره رب العمل للمقاول الأصلي، بما هو مستحق في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي بموجب عقد المقاولة الأصلي.
أما إذا كان المقاول من الباطن قاول هو أيضاً بدوره من الباطن، فالمقاول من الباطن الثاني يرجع بالدعوى المباشرة على المقاول الأصلي باعتباره رب عمل للمقاول من الباطن الأول، ولكنه لا يرجع بالدعوى المباشرة على رب العمل على اعتبار أن المادة 662 مدني لا تعطي الدعوى المباشرة للمقاول من الباطن إلا على رب العمل الذي قاول مقاولة وهو هنا المقاول الأصلي. وعمال المقاول من الباطن الثاني يرجعون بالدعوى المباشرة على المقاول من الباطن الأول وهو مدين مدين مدينهم، وعلى المقاول الأصلي وهو مدين مدينهم، دون رب العمل فهو ليس إلا مدين مدين مدين مدينهم.
ولا يجوز لرب العمل أن يشترط على المقاول الأصلى عدم رجوع المقاول من الباطن أو العمال عليه بدعوى مباشرة، فإن هذا الاتفاق المعقود ما بين رب العمل والمقاول لا يمس حقوق المقاول من الباطن والعمال إذ هم ليسوا طرفا فيه، وقد استمدوا حقهم من القانون .
وهذا الحق قاصر على العمال، فهو لا ينطبق على موردي المقاول الأصلي ومن ثم فليس لهؤلاء دعوى مباشرة على رب العمل بأثمان ما وردوه للمقاول الأصلي، إلا إذا قضى الاتفاق أو دفتر الشروط بخلاف ذلك. ويكون هذا الشرط كفالة للمقاول لصالح دائنيه الآخرين.
نتائج الدعوى المباشرة :
يتعين التفرقة بين فرضين :
الفرض الأول : قبل إنذار رب العمل بالوفاء أو رفع الدعوى المباشرة :
إذا لم يكن المقاول من الباطن أو أي من عمال المقاول الأصلي أو عمال المقاول من الباطن قد أنذر رب العمل بالوفاء أو رفع الدعوى المباشرة. فإنه يجوز للمقاول الأصلي أن يتصرف في حقه المترتب في ذمة رب العمل بجميع أنواع التصرفات، كما يجوز له تقاضي حقه من رب العمل.
وهذا الوفاء يكون سارياً في حق المقاول من الباطن أو العامل.
ويكون الوفاء سارياً في حق المقاول من الباطن أو العامل حتى لو كان وفاء بأقساط معجلة قبل مواعيد استحقاقها ما لم يكن هناك غش .
ويحتج على المقاول من الباطن أو العامل بهذا الوفاء ولو كانت المخالصة غير ثابتة التاريخ ويسرى الوفاء في حقهما حتى لو كان رب العمل عالماً بأن في ذمة المقاول الأصلي مبلغاً مستحقاً لهما ما داما لم ينذروا رب العمل بالوفاء، ما لم يثبت وجود غش أو تواطؤ بين رب العمل والمقاول الأصلي.
الفرض الثاني : بعد إنذار رب العمل بالوفاء أو رفع الدعوى :
إذا أنذر المقاول من الباطن أو العامل رب العمل بأن يدفع له ما هو مدين به للمقاول الأصلي تمهيداً لرفع الدعوى عليه، أو قام برفع الدعوى، فلا يجوزله أن يقوم بالوفاء لهذا المقاول، بل يتعين عليه أن يفي لدائنيه مباشرة بقدر حقوقهم. فإذا أوفى إلى المقاول الأصلي فلا يسرى هذا الوفاء في حق المقاول من الباطن أو العامل ويجوز لهما مطالبة رب العمل بحقهما، على أن يرجع الأخير بما دفعه على المقاول الأصلي.
حق الامتياز المقرر للمقاول من الباطن والعمال :
رتبت الفقرة الثانية من المادة (662) للمقاولين من الباطن وللعمال الذي يشتغلون الحساب المقاول في تنفيذ العمل، وكذلك لعمال المقاول من الباطن، في حالة توقيع الحجز من أحدهم تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي امتيازاً على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلي أو للمقاول من الباطن وقت توقيع الحجز.
والحكمة من تقرير حق الامتياز لهؤلاء، أن الدعوى المباشرة قد لا تكون كافية لحمايتهم الحماية الكافية، لأنها لا تمنع دائني مدين المدين من مزاحمتهم. ولذلك فقد عمد المشرع لتقرير هذا الامتياز لهم.
محل الامتياز :
يقع الامتياز على المبالغ التي تكون مستحقة في ذمة رب العمل أو في ذمة المقاول الأصلي وقت توقيع حجز تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي.
ولا يشترط لوجود الامتياز أن يوقع الحجز تحت يدهما، كما قد توحي بذلك صياغة الفقرة الثانية من المادة 992، لأن الامتياز موجود بنص القانون، وإنما فائدة توقيع الحجز تبدو في تحديد محل الامتياز بالمبالغ التي تكون في ذمة رب العمل أو المقاول الأصلي وقت توقيع الحجز، دون ما يكون قد انقضى قبل ذلك من ديونه.
وبمقتضى هذا الامتياز يتقدم المقاول من الباطن والعمال في استيفاء حقوقهم من هذه المبالغ على سائر الدائنين العاديين لرب العمل أو المقاول الأصلي، فلا يتزاحمون معهم.
وتقضي الفقرة الأولى من المادة في عجزها على أن: "يكون الامتياز لكل منهم بنسبة حقه "، ومفاد ذلك أنه إذا لم يف ما في ذمة رب العمل للمقاول الأصلي أو ما في ذمة الأخير للمقاول من الباطن بحقوق هؤلاء، قسم الدين بينهم قسمة غرماء كل بنسبة حقه، ولا يأخذ سائر دائني رب العمل أو المقاول الأصلي شيئاً حتى لو كانوا قد حجزوا هم أيضاً تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي.
كما تقضي الفقرة الأولى من المادة في عجزها أيضا بأن :
ويجوز أداء هذه المبالغ إليهم مباشرة "، وهي تعنى أنه يجوز من وقت توقيع الحجز تحت يد رب العمل أو المقاول الأصلي أن يوفي أولاً حقوق المقاولين من الباطن والعمال مقدماً إياهم على سائر الدائنين، دون انتظار لاستصدار أمر من القاضى، بأداء هذه المبالغ إليهم.
وهذه الفقرة تواجه الفرض الذي ينزل فيه المقاول الأصلي عن حقه لدى رب العمل عن طريق حوالة الحق، وتبين حقوق المقاولين من الباطن والعمال المقرر لهم استعمال الدعوى المباشرة، والامتياز في حالة توقيع الحجز.
وطبقاً لهذه الفقرة يكون للمقاولين من الباطن والعمال اقتضاء حقوقهم من المبالغ التي في ذمة رب العمل للمقاول ولو كان هذا الأخير قد حول هذه المبالغ إلى غيره وأصبحت الحوالة نافذة في مواجهة الغير بإعلان رب العمل بها أو بثبوت تاريخ قبولها، قبل إنذار رب العمل بالوفاء، أو قبل توقيع الحجز .
ويذهب الفقه إلى أن هذا التفسير هو الذي يستقيم مع المعنى المستفاد من إيراد هذا النص، إذ لو كان المقصود به عدم نفاذ الحوالة الحاصلة بعد الإنذار أو الحجز، لكان مجرد تطبيق القواعد العامة، ولما كانت هناك حاجة إلى النص عليه صراحة، كما أن مذكرة المشروع التمهيدي قد علقت على هذا النص بأنه يقر ما جرى عليه قضاء محاكم الاستئناف المختلطة. وبالرجوع إلى الأحكام التي أشارت إليها المذكرة و إلی غيرها نجد أنها تقرر أن حقوق المقاول من الباطن مقدمة عن حقوق خلفاء المقاول الذي نزل عن دينه قبل رب العمل، بحيث لا يحتج عليه بهذا النزول أو هذه الحوالة ولو كان تاريخه سابقاً على تاريخ الحجز.
أما إذا كان رب العمل قد أوفي المبالغ التي في ذمته إلى المحال إليه فإنه يجب التفرقة بين حالتين :
الأولى: أن يكون هذا الوفاء قد تم قبل أن يوقع المقاول من الباطن أو العمال الحجز تحت يد رب العمل على المبالغ المستحقة للمقاول أو قبل أن ينذر رب العمل بعدم الوفاء بدين المقاول، ففي هذه الحالة يكون الوفاء مبرئاً لذمة رب العمل و سارياً في حق المقاول من الباطن والعمال.
والثانية: أن يكون الوفاء لاحقا للحجز أو الإنذار فلا يسرى - عندئذ- في حق المقاول من الباطن والعمال، ويكون لهم استيفاء حقوقهم قبل المقاول بماكان لهذا الأخير وقت الحجز أو الإنذار في ذمة رب العمل .(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن الصفحة/ 261)
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 516 )
ليس للصانع أو المقاول الثاني أن يطالب صاحب العمل بشی مما يستحقه الأجير أوالمقاول الاول الا اذا وكله أو أحاله على صاحب العمل.
( مادة 517 )
ليس للصانع أو المقاول أن يطلب شيء من الأجرة المتفق عليها الا بعد تمام العمل وتسليمه لصاحبه ولوعجل له صاحب العمل الأجرة أو شيئًا منها جاز إنما إذا كانت العمارة ونحوه جارية في المنزل الساكن به صاحب العمل جاز للصانع أو المقاول أن يطلب الأجر عن القدر الذي عمله ويجبر على تمام الباقي وهذا كله عند عدم الشرط.
( مادة 521 )
من كان من أرباب الصنائع له أجر في العين كالخياط ونحوه جاز له حبسها وعدم تسليمها حتى يستوفي أجرته إن كانت الاجرة حالة فان تلفت عنده فلا ضمان عليه ولا أجرة وان كانت مؤجله فليس له حبسها فإن حبسها فتلفت فعليه قيمتها.
( مادة 522 )
من ليس لعمله أثر من أرباب الحرف والصنائع كالحمال ونحوه فليس له حبس العين للاجرة فإن حبسها وتلفت ضمن قيمتها وصاحبها بالخيار ان شاء ضمنه قيمتها محمولة وعليه له الأجر وإن شاء ضمنها غير محمولة ولا أجر عليه.