loading
الأحكام

1 ـ النص فى المادة 1/663 من القانون المدنى على أن " لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ فى أى وقت قبل إتمامه على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال ، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل " . يدل على المشرع أجاز لرب العمل أن يتحلل بارادته المنفردة من عقد المقاولة لأسباب قد تطرأ فى الفترة من الزمن التى لابد أن تمضى بين إبرام العقد وإتمام تنفيذه مقابل تعويض المقاول عما تكلفه من نفقات وما فاته من كسب ولئن كان النص المشار إليه لم يعرض صراحة لحق المقاول فى مطالبة رب العمل بتعويضه أدبيا عن تحلله بارادته المنفردة من عقد المقاولة ، إلا أنه لم يحرمه من هذا الحق الذى تقرره القواعد العامة المنصوص عليها فى المادة 222 من القانون المدنى ومن ثم يحق للمقاول أن يطالب رب العمل الذى يحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة بتعويضه عما أصابه من ضرر أدبى إذا تبين أن ثمة مصلحة أدبية كانت تعود عليه فيما لو أتيحت له فرصة أتمام أعمال المقاولة .

(الطعن رقم 34 لسنة 47 جلسة 1979/06/25 س 30 ع 2 ص 766 ق 330)

2 ـ الأصل فى عقد المقاولة أنه عقد لازم وأنه طبقاً لنص لمادة 663 من القانون المدنى يجب على رب العمل إذا تحلل من العقد وأوقف التنفيذ قبل إتمامه أن يعوض المقاول ، ولكن يجوز الخروج على هذا الأصل المقرر لمصلحة المتعاقدين بإتفاقهما على حق رب العمل فى التحلل من تنفيذ العقد كله أو بعضه دون دفع تعويض للمقاول أو بإتفاقهما على تحديد نطاق الإلزام فى جزء من العمل ليخرج الجزء الباقى عن نطاق الإلتزام بالتنفيذ العينى أو بطريق التعويض ، ويتعين إعمال هذه القواعد على التعاقد الذى يبرمه رب العمل مع المهندس المعمارى بإعتباره من عقود المقاولة .

(الطعن رقم 223 لسنة 33 جلسة 1967/05/16 س 18 ع 2 ص 1005 ق 150)

3 ـ النص فى المادة 68 من قانون التجارة رقم 17  لسنة 1999 والمواد 655 و 656 و 663 (1) من التقنين المدنى يدل على أن سريان مدة تقادم دعوى المقاول فى الحصول على أجره من رب العمل، يبدأ من تاريخ تسلم رب العمل الأعمال المنتهية تسليمًا فعليًا أو حكميًا، أو فى الوقت الذى يتحلل فيه رب العمل من التزامه بالعقد بإرادته المنفردة وتتوقف فيه الأعمال، فيستحق المقاول عندئذ التعويض عن جميع ما أنفقه وما فاته من كسب.

(الطعن رقم 1679 لسنة 91 ق - جلسة 22 / 2 / 2022)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 663 من التقنين المدني على ما يأتي :

"1- لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ في أي وقت قبل إتمامه، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل" .

"2- على أن يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلاً، ويتعين عليها بوجه خاص أن تنقض منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر".

ويتبين من النص سالف الذكر أن لرب العمل أن يتحلل بإرادته المنفردة من عقد المقاولة، لأسباب قد تطرأ في الفترة من الزمن التي لابد أن تمضي بين إبرام العقد وإتمام تنفيذه، فقد يرى رب العمل بعد وضع المقاولة موضع التنفيذ أن من الخير له العدول عنها والرجوع في العقد، وقد تتغير الظروف التي أبرم فيها العقد كأن تكون المقاولة متعلقة ببناء عمارة للاستغلال ثم تصدر قوانين تقيد الأجور فتصبح الصفقة غير رابحة، وقد يكون رب العمل قد اعتمد على موارد يدفع منها أجر المقاومة فتتخلف هذه الموارد أو تقصر عن دفع الأجر، وقد يصاب رب العمل في أثناء تنفيذ المقاولة بخسارة تجعله عاجزاً عن المضي في تمويل المقاولة، وقد يصبح العمل المطلوب أداؤه غير مجد لرب العمل . فأجاز القانون، لسبب من هذه الأسباب أو لأي سبب آخر يبدو وجبها في نظر رب العمل، أن يرجع هذا الأخير في العقد ويتحلل من المقاولة، على أن يعوض المقاول ما تكلفه من نفقات وما فاته من كسب، وهذا خير له من المضي في العمل إلى نهايته والإنفاق في غير فائدة ويبدو لأول وهلة أن النص يقرر مبدأ يخرج به على القواعد العامة، إذ رب العمل يتحلل بإرادته وحده من عقد ملزم له، والقاعدة المقررة هي أن "العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" ( م 147/ مدني ) ولكن عندما نتأمل الجزاء على رجوع رب العمل في العقد، وهو أن يعوض المقاول ما تكبده من خسارة وما فاته من كسب، ترى أن ذلك يؤدي إلى أن رب العمل، وقد أجاز له القانون أن يعدل عن تنفيذ العقد تنفيذاً عينياً بإتمام العمل محل المقاولة، لم يعفه مع ذلك من تنفيذ العقد عن طريق التعويض، فهو ملزم بدفع تعويض كامل بعنصرية مجتمعين ما تجشم المقاول من خسارة وما فاته من كسب فلو أن النص سالف الذكر لم يوجد، ووقف رب العمل تنفيذ المقاولة لسبب قام به، لكانت القواعد العامة تقضي بأن يكون للمقاول الحق في طلب التنفيذ العيني والمضي في تنفيذ العمل فيتقاضى الأجر كاملاً، ويجوز كذلك بدلاً من التنفيذ العيني أن يطلب التنفيذ بطريق التعويض فيتقاضى ما تجشمه من خسارة وما فاته من كسب ولما كانت طبيعة عقد المقاولة تأتي على المقاول أن يتمسك بطلب التنفيذ العيني، إذ لا مصلحة له في أن يتم العمل حتماً والمصلحة في ذلك إنما هي لرب العمل، ومصلحة المقاول في أن يتقاضى التعويض كاملاً، فقد أقفل القانون في وجهه باب التنفيذ العيني إذ لا مصلحة له فيه، وأبقى باب التعويض مفتوحاً يدخل منه إلى تنفيذ العقد على الوجه الذي يتفق مع مصلحته، وإذا أثبت أن للمقاول مصلحة أدبية في إتمام العمل، فسنرى أن القانون يسمح أيضاً بتعويضه عن هذه المصلحة، فالنص إذن يؤول في النهاية إلى أنه تطبيق للقواعد العامة بما يساير طبيعة عقد المقاولة بالنسبة إلى المقاول أما بالنسبة إلى رب العمل فالأمر مختلف، فإن هذا له مصلحة محققة في أن يتم العمل وهو من أجل هذا قد أبرم عقد المقاولة، ومن ثم لم يجز القانون للمقاول أن يرجع في عقد المقاولة بإرادته المنفردة كما أجاز ذلك لرب العمل، بل جعل لهذا الأخير الحق في إجبار المقاول على التنفيذ العيني دون أن يقتصر على التنفيذ بطريق التعويض.

بقى أن الفقرة الثانية من المادة 663 مدني سالفة الذكر تجيز تخفيض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب، بل وتوجب إنقاص هذا التعويض بمقدار ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء عدم إتمام تنفيذ العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر، وليس في هذا أيضاً إلا تطبيق للقواعد العامة، فإنه عند حساب الخسارة التي تحملها المقاول من جراء عدم إتمام تنفيذ المقاولة، يجب أن يستنزل ما لم يتحمله فعلاً من هذه الخسارة بسبب وقف تنفيذ المقاولة وعدم المضي في إنجاز العمل، وفي حساب الكسب الذي فات المقاول، يجب أن يستنزل كذلك ما لم يفته فعلاً إذا كان قد استخدم وقته في أمر آخر عاد عليه بكسب معين . والذي يقطع في ذلك أن القضاء، في عهد التقنين المدني القديم الذي لم يشتمل على نص مماثل للفقرة الثانية سالفة الذكر، كان يجري هذا الحكم باعتباره مجرد تطبيق للقواعد العامة.

ما يترتب من النتائج على التحلل من المقاولة : فإذا وقع الإخطار على الوجه المتقدم الذكر، ترتبت النتائج الآتية :

(أولاً) ينتهي عقد المقاولة بالرجوع فيه، فلا يعود رب العمل ملزماً بدفع الأجر، ولا يعود المقاول ملزماً بإنجاز العمل.

(ثانياً) ولكن رب العمل يلتزم بتعويض المقاول "عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال، وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل"، ومصدر هذا الالتزام هو القانون، لا عقد المقاولة فقد انتهى كما سبق القول فيلتزم رب العمل :

1- بتعويض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات، ولو كانت مصروفات أولية لم تعد بأي نفع على رب العمل وكذلك يلتزم بتعويضه عما أنجزه من الأعمال، ويدخل في ذلك أجور العمال والنفقات الفعلية التي صرفها في إنجاز الأعمال والقيمة الفعلية للمواد التي قدمها لاستخدامها في العمل، وعلى المقاول أن يسلم لرب العمل ما أنجز من العمل، بعد أن يتقاضى قيمته على النحو السالف الذكر، على أن المقاول لا يجبر على تسليم المواد التي قدمها، فإذا أراد الاحتفاظ بها جاز له ذلك على ألا يتقاضى تعويضاً عنها ولا يتقاضى المقاول تعويضاً إلا عن الأعمال التي يكون قد أنجزها وقت علمه بإخطار رب العمل بالتحلل من العقد، أما الأعمال التي يقوم بها بعد ذلك فلا يرجع فيها على رب العمل إلا على أساس مبدأ الإثراء بلا سبب، أي بأقل القيمتين ما صرفه فعلاً وما عاد من نفع على رب العمل، وذلك ما لم تكن هذه الأعمال ضرورية للمحافظة على ما أنجز من العمل، كما لو وضع أدوات صحية في بناء فيثبت هذه الأدوات في أماكنها حتى لا تتلف ويرجع بالنفقات الفعلية التي صرفها في تثبيت الأدوات.

2- بتعويض المقاول عما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل فإذا كان العمل مثلاً بناء عمارة من عشرة أدوار وقدر له أجر ثلاثين ألفاً، وتحلل رب العمل من العقد بعد بناء خمسة أدوار، فإن المقاول يرجع بالنفقات الفعلية التي صرفها في بناء خمسة الأدوار على الوجه الذي قدمناه، ثم يحسب ما كان يستطيع أن يكسبه لو أنه أتم العمل، فإذا كان مثلاً 10% من الأجر المقدر، فإن ما يستطيع كسبه أو أنه أتم العمل يكون ثلاثة آلاف، فيرجع أيضاً بهذا المبلغ على رب العمل، إذ هو الكسب الذي فات المقاول من جراء عدم إكمال العمارة إلى عشرة أدوار، وإذا كان أجر المقاولة مقدراً بسعر الوحدة، فإن ربح كل وحدة يكون هو الفرق بين الأجر المقدر لها والنفقات الفعلية التي يصرفها في صنعها، ويكون مجموع الربح الذي فاته هو هذا الفرق مضاعفاً بمقدار عدد الوحدات التي كانت مقدرة بموجب التصميم.

3- بتعويض المقاول عما عسى أن يكون قد أصابه من ضرر أدنى من جراء منعه من إتمام العمل، ذلك أن المقاول قد تكون له مصلحة أدبية في إتمام العمل، كأن يكون عملاً فنياً يفيد في سمعته فالنحات إذا منع من إتمام التمثال الذي كلف بنحته، والمؤلف إذا منع من إتمام الكتاب الذي كلف بوضعه، والمهندس إذا منع من بناء نموذجي وضع تصميمه، كل هؤلاء قد ينالهم ضرر أدبي من جراء عدم إتمامهم للعمل، فيرجعون بتعوض على رب العمل على هذا الضرر.

(ثالثاً) تقول الفقرة الثانية من المادة 663 مدني كما رأينا : "على أنه يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلاً، ويتعين عليها بوجه خاص أن تنقص منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر"، وهذا كما قدمنا ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة، فقد تقوم ظروف تجعل من العدل تخفيض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب، مثل ذلك أن يتضح، بعد أن وقف المقاول تنفيذ العمل وحسب الربح الذي فاته على أساس النفقات الفعلية التي صرفها فيما أتمه من العمل، أنه لو أتم العمل لكلفه الباقي منه نفقات أكبر لارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور العمال، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض مقدار الربح الذي فات المقاول بما يتناسب مع ما ظهر من ارتفاع الأسعار والأجور، وإذا كان يجوز تخفيض التعويض في هذه الحالة، فإنه يتعين تخفيضه في حالتين أخريين، الحالة الأولى هي ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد، وهذا بديهي فإنه لا يرجع إلا بمقدار ما أنفقه فعلاً، فإذا اقتصد شيئاً ولم ينفقه بسبب تحلل رب العمل من العقد، فإنه لا يرجع فيه والحالة الثانية هي ما يكون المقاول قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر، فقد أتاح له عدم إتمام العمل فسحة من الوقت يصح أن يكون قد استخدمها في عمل آخر رد عليه ربحاً، فيجب استنزال هذا الربح من الكسب الذي فاته وليس من الضروري أن يكون قد استخدم وقته فعلاً في عمل آخر، بل يكفي أن يكون قد أتيحت له فرصة في استخدامه ولم يغتنمها، فإنه يكون بتقصيره قد أضاع على نفسه هذا الكسب.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول الصفحة/ 302)

لرب العمل أن يتحلل من عقد المقاولة برجوعه عنها على أن يعوض المقاول عما لحقه من خسارة وما فاته من کسب وليس للمقاول أن يطالبه بالتنفيذ العيني، وعند حساب الخسارة يجب استنزال ما لم يتكبده المقاول فعلاً منها كما يستنزل ما لم يفته فعلاً من کسب، فلتحديد مقدار الكسب الذي فات المقاول لا يجوز التمسك بفرق حسابى بین أسعار التكلفة والأجر المتفق عليه إذ أن المقاول لم يؤد فعلاً عما يقابل هذا الفرق ولم يتحمل أية تبعة عنه، فتقضى العدالة بتخفيض مقدار هذا الكسب الاحتمالي، ويشترط لجواز التحلل من المقاولة :

1 - ألا يكون العمل قد تم، ومن ثم يجوز التحلل بمجرد إبرام العقد حتى قبل إتمام العمل كما يمكن التحلل ولو لم يبدأ العمل.

2 - أن يقتصر التحليل على رب العمل، فليس للمقاول أن يتحلل من المقاولة وإلا جاز لرب العمل إجباره على التنفيذ العيني دون أن يقتصر على التعويض، وينتقل هذا الحق من رب العمل لخلفه العام والخاص، فلورثته من بعده التحلل من المقاولة وإن تعددوا فالتحلل من العمل يكون بمثابة التصرف فيه ومن ثم أذا اختلفوا كان لمن يملك منهم ثلاثة أرباع العمل إذا تم أن يتحلل من المقاولة الأسباب قوية على أن يعلنوا قرارهم لباقي الورثة ولمن خالف فله رفع الأمر للمحكمة خلال شهرين من وقت الإعلان للنظر في القرار (م 812)، كما يجوز للخلف الخاص التحلل من المقاولة إلا إذا اتفق مع رب العمل على عدم انتقال عقد المقاولة إليه أو خلا عقد الشراء من الالتزام بالمقاولة فيكون بمنأى عنها، ويثبت حق التحلل لرب العمل أياً كان محل المقاولة، بناء أو أثاث أو غيره وأياً كان المقاول مقاول بناء أو مهندس معماري أو طبيب أو محامي أو محاسب أو مجار، وأياً كان سبب التحلل ولا معقب من المحكمة على تقدير رب العمل للسبب.

3- أن يتحلل رب العمل من المقاولة بإرادته المنفردة وليس لخطأ المقاول إذ أن الخطأ يبرر الفسخ ويختلف تقدير التعويض في الحالتين، فلا يرجع المقاول على رب العمل في حالة الفسخ إلا وفقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب.

4- ألا يتضمن العقد حرمان رب العمل من التحلل من المقاولة ومع هذا الشرط يلتزم رب العمل الاستمرار في المقاولة وللمقاول اجباره على الاستمرار فيها، ومع ذلك يجوز الاتفاق على أن يتحلل رب العمل من المقاولة دون دفع أي تعويض للمقاول أو يقتصر على دفع ما أثرى به على حساب المقاول. ارعا

ومتى توافرت هذه الشروط كان لرب العمل التحلل من المقاولة سواء كانت بأجر إجمالي أو بأجر مقدر بسعر الوحدة، وسواء أكان عقد مقاولة أو عقد مقاولة من الباطن فيجوز للمقاول الأصلي التحلل من المقاولة من الباطن، وسواء كان رب العمل هو الذي قدم المادة أو قدمها المقاول.

ويتم التحلل باخطار يرسله رب العمل للمقاول، وينتج هذا الاخطار أثره بمجرد وصوله لعلم المقاول، وليس للأخطار شكل خاص فقد يكون بإنذار على يد محضر أو بخطاب مسجل أو غير مسجل أو شفاهة ولكن يقع عبء إثباته، وهو تصرف قانوني من شأنه أن يقضي التزام رب العمل، على عاتق رب العمل فان كانت المقاولة تجاوز نصاب البينة وجب اثباته بالكتابة أو بما يقوم مقامها.

أثر التحلل :

تنتهي المقاولة بمجرد علم المقاول بالاخطار، ويترتب على ذلك أن يلتزم رب العمل بتعويض المقاول :

أولاً : عما أنفقه من مصروفات وتشمل القيمة الفعلية للمواد والنفقات الفعلية التي تطلبها العمل وأجور العمال وذلك عن الأعمال التي سبقت الأخطار، وقال أما التي تمت بعده فيرجع بها وفقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب أي بأقل باقة من القيمتين ما أنفقه فعلاً أو ما عاد من نفع على رب العمل.

ثانياً : عما فاته من کسب بسبب عدم إتمامه العمل.

ثالثاً : عن الضرر الأدبي الذي حاق به خاصة إذا كان العمل فنياً يسئ المقاول وقال عدم إتمامه.

ومتى قدر التعويض وفقاً لهذه الأسس، فإن للمحكمة تخفيضه متى كانت الظروف تجعل التخفيض عادلاً وتعين عليها أن تنقص منه بقدر ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تخلل رب العمل من العقد وما يكون قد کسبه باستخدام وقته مرة أخرى، وليس من الضروري أن يستخدم المقاول وقته بالفعل في عمل آخر بل يكفي أن يكون في مكنته استخدام هذا الوقت ولكنه لم يفعل.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 497)

خولت الفقرة الأولى من المادة رب العمل وحده بإرادته المنفردة أن ينهي عقد المقاولة قبل تنفيذه، ويعتبر هذا النص خروجاً على قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين ( م 147 / 1 مدنى ).

والحكمة من هذا الاستثناء أن تنفيذ المقاولة كثيراً ما يستغرق زمناً طويلاً وأنه في الفترة ما بين إبرامها وإتمام التنفيذ، قد تتغير الظروف. فقد يفقد رب العمل ثروته كلها أو بعضها بحيث لا يستطيع أن يفي بأجر المقاول أو يصبح الوفاء بهذا الأجر مرهقاً له، أو كأن تكون المقاولة متعلقة ببناء عمارة للاستغلال ثم يصدر تشريع يقيد الأجور فتصبح الصفقة غير رابحة، أو قد ينتفي الغرض من العمل محل المقاولة فرعاية لجانب رب العمل، ومنعاً لإجباره على بذل نفقات غير نافعة، خوله المشرع سلطة التحلل من المقاولة بإرادته المنفردة، على أن يعوض المقاول ما تكلفه من نفقات، وما فاته من كسب، وهذا خير له من المضي في عمل لا جدوى منه بعد إتمامه.

ويبدو لأول وهلة أن النص يقرر خروجاً على القواعد العامة إذ أنه يبيح لأحد طرفي عقد ملزم للجانبين، أن يتحلل من عقد ملزم له طبقاً لقاعدة عامة أصيلة، وراسخة هي أن: "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" ولكن عند تأمل الجزاء المقرر على رب العمل لقاء تحلله بإرادته المنفردة من هذا العقد، وهو تعويض المقاول عما تكبده من خسارة وما فاته من كسب، يبين أن ذلك يؤدي إلى أن رب العمل، وقد أجاز له القانون التحلل من التنفيذ العيني قد ألزمه بالتنفيذ بطريق التعويض. فهو تعويض کامل بعنصريه: ما تجشمه المقاول من خسارة وما فاته من كسب. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة في هذه الحالة للمقاول أن يطلب التنفيذ العيني الذي اقفل في وجهه، بل إنه إذا ثبت أن للمقاول مصلحة أدبية في إتمام المقاولة فإن القانون يسمح بتعويضه عنها طبقاً للقواعد العامة إذ قد تتأثر سمعة المقاول بعد التحلل كأن يكون عملاً فنياً له قيمته فالنص بهذه المثابة يؤدي في النهاية إلى أنه تطبيق القواعد العامة بما يساير طبيعة عقد المقاولة.

ويصل رأى في الفقه إلى هذه النتيجة ذاتها عن طريق نظرية "الجحود المبتسر للعقد" فيذهب هذا الرأي إلى أن الدائن لا يستطيع أن يطالب بتعويض الأضرار التي كان في استطاعته أن يتوفاها ببذل جهد معقول ( م 221 / 1 ) فذلك يفرض عليه التزاماً بتخفيف المضار، ووفقاً لهذا الالتزام لا يجوز للمقاول أن يمضي في تنفيذ العمل بعد علمه بإصرار رب العمل على التحلل من العقد وجحوده له، وذلك إذا كان من شأن هذا الاستمرار أن يزيد في الأضرار التي تصيبه، فإن استمر في التنفيذ رغم ذلك، لم يحق له تقاضى تعويضاً عن هذه الأضرار على أساس أنه كان في وسعه توقعها.

ولا ينال من الرأي السابق ما يذهب إليه البعض من أنه قد يكون للمقاول مصلحة في الرجوع في عقد المقاولة بإرادته المنفردة إذ قد يتبين أن المقاولة صفقة خاسرة بالنسبة له، ذلك أن وضع المسألة على هذا الوجه ليس صحيحاً فحق الرجوع إنما أعطى لرب العمل، لأنه قد يرى الصفقة خاسرة إذ هو سيدفع تعويضاً كاملاً فيبقى متحملاً لكل الخسارة، وإنما أعطى له حق الرجوع لأن إتمام العمل يهمه وحده دون المقاول. فإذا رأي لأسباب تصح عنده فلا مصلحة له في إتمام العمل وجاز له وقف تنفيذه، ولا يحق للمقاول إجباره على إتمام التنفيذ إذ أعطاه القانون الحق في التعويض كاملاً.

هل يملك أحد آخر إنهاء المقاولة بإرادته المنفردة ؟

الرخصة المقررة بالمادة 663 مدني بالتحلل من عقد المقاولة بالإرادة المنفردة مخولة لرب العمل وحده، فلا يجوز للمقاول استعمالها كما قرر تعطفاً.

وهذا الحق شخصی متروك لتقديره، ومن ثم لا يجوز لدائنيه استعماله، لأنه لا يجوز للدائن أن يستعمل الرخص المقررة لمدينه.

ولكن إذا عهد المقاول بالعمل إلى مقاول من الباطن، فإن المقاول الأصلي يعتبر رب عمل في علاقته بهذا الأخير، وبالتالي يكون له الحق في إنهاء المقاولة من الباطن بإرادته المنفردة.

وينتقل هذا الحق من رب العمل إلى ورثته وإذا تعدد الورثة واستمر المقاول في إنجاز العمل شائعاً لحسابهم، جاز لمن يملك أو لمن ينتظر أن يملك ثلاثة أرباع العمل أن ينهي العقد، على أساس أن ذلك يعتبر تصرفاً في نتيجة العمل فتملكه الأغلبية المتقدمة وفقاً للمادة 832 من القانون المدني التي تقرر أن للشركاء الذي يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال الشائع، أن يقرروا التصرف فيه إذا استندوا في ذلك إلى أسباب قوية"، على أن يعلنوا قرارهم إلى باقي الورثة. ولمن يخالف ذلك من الأقلية حق الرجوع إلى المحكمة في خلال شهرين من وقت الإعلان، وللمحكمة أن تقدر تبعاً للظروف ما إذا كان التحلل من المقاولة واجباً.

ويجوز كذلك للخلف الخاص أن يتحلل من المقاولة، كما إذا خول رب العمل حقوقه الناشئة عن المقاولة إلى الغير، فإن المحال له يستطيع استعمال رخصة الإنهاء بإرادته المنفردة.

أما إذا باع رب العمل الأرض التي يقام عليها البناء بعقد مقاولة، فإن مشتری الأرض لا ينتقل إليه عقد المقاولة إلا إذا اتفق على ذلك، وفي حالة الاتفاق عليه جاز للمشترى ما كان يجوز للبائع باعتباره رب عمل جديد حل محل رب العمل القديم.

شروط إنهاء رب العمل المقاولة بإرادته المنفردة :

يشترط لإنهاء رب العمل المقاولة بإرادته المنفردة توافر الشروط الآتية:

1- أن يظهر رب العمل إرادته في إنهاء المقاولة بإرادته المنفردة قبل إتمام المقاولة، وطالما لم يتم العمل بعد، فيستطيع رب العمل إنهاءها بإرادته المنفردة أياً كانت المراحل التي قطعها المقاول في سبيل التنفيذ، بل ولو كان لم يبدأ هذا التنفيذ بعد.

ذلك أن الحكمة من تخويل رب العمل سلطة الإنهاء هي منع القيام بنفقات أو أعمال يراها غير مجدية ولا نافعة، وقصر ما يجب عليه دفعه للمقاول على النفقات التي صرفها فعلاً وعلى الربح الذي كان يحققه لو أنه أتم العمل، ولا تتوافر هذه الحكمة إذا كان المقاول قد أتم العمل فعلاً، وبالتالي كان قد أنفق كل ما هو ضروري لإنجاز العمل.

2- أن يكون إنهاء رب العمل لعقد المقاولة راجعاً إلى مشيئته هو، لا إلى خطأ المقاول. ذلك أن المقاول إذا ارتكب خطأ فسبيل رب العمل ليس التحلل من المقاولة بل طلب فسخها إذا كان هذا الخطأ يبرر الفسخ. وفي هذه الحالة يكون المقاول هو الملتزم بتعويض رب العمل عن الضرر الذي أصابه، ولا يرجع المقاول علی رب العمل بالتعويض المقرر في حالة التحلل، بل يرجع عليه بمبدأ الإثراء بلا سبب إذا توافرت شروطه. هذا بالإضافة إلى حق رب العمل في طلب التنفيذ العيني، وإصلاح الخطأ إلى جانب التعويض.

3- ألا يكون المقاول قد اشترط على رب العمل عدم التحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة. لأن حق رب العمل في التحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة لا يتعلق بالنظام العام كما سنرى. ويجوز بالتالى الاتفاق على حرمان رب العمل منه. بل يجوز للمقاول الاتفاق على إلزام رب العمل بالمضي في تنفيذ العقد إلى أن يتم، إذ قد تكون له مصلحة أدبية في إتمام العمل.

نطاق تحلل رب العمل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة :

1- يستطيع رب العمل التحلل من العقد بإرادته المنفردة، أياً كانت طبيعة العمل محل المقاولة، فلا يشترط أن يكون العمل من طبيعة معينة، وبصفة خاصة لا يشترط أن يكون محل المقاولة إقامة بناء، فقد يكون محل المقاولة إقامة بناء أو أشغال نجارة أو سباكة أو نقاشة، أو كشف طبي أو إجراء عملية جراحية أو إعطاء دروس خصوصية.

2- يستوي أن تكون المقاولة بأجر إجمالی جزافي أو بأجر مقدر بسعر الوحدة.

ذلك أن المادة 193 مدني لم تفرق بين حالة وأخرى.

3- يستوي أن يكون رب العمل هو الذي قدم المواد المستخدمة في العمل، أم كان المقاول هو الذي قدم هذه المواد، إذ جاء نص المادة 663 مدنی عاماً، فلا محل للتفرقة بين حالة ما إذا كان المقاول يقتصر على تقديم عمله، والحالة التي يقدم فيها فضلاً عن ذلك المواد المستخدمة في إنجاز هذا العمل.

4- لا يلزم رب العمل بإبداء أسباب لتحلله من المقاولة بإرادته المنفردة، فهو وحده الموكول إليه تقدیر استعمال هذه الرخصة دون معقب عليه من محكمة الموضوع.

إنهاء عقد المقاولة بالإرادة المنفردة رخصة لرب العمل :

إنهاء المقاولة والتحلل منها بإرادة رب العمل المنفردة رخصة لرب العمل، إن شاء استعملها وإن شاء أهملها، فإن استعملها فلا تثريب عليه، ولا يلزم بإبداء أسباب الاستعمال هذه الرخصة.

غير أنه إذا أثبت المقاول أن رب العمل قد قصد من وراء هذا التحلل أن ينال من سمعته الأدبية وأن يشهر به بين الناس وبين أبناء مهنته، كأن يكون رب العمل قد أعلن أنه تحلل من العقد لأن المقاول سيئ السمعة وغير خبير في عمله، أو يهمل في تنفيذ التزاماته جاز للمقاول الرجوع عليه بتعويض طبقاً للقواعد العامة المقررة في التعسف في استعمال الحق.

والتكييف القانوني للتحلل أنه تصرف قانونى من جانب واحد هو رب العمل، ويطبق عليه ما يطبق على التصرفات القانونية الأخرى كالهبة والوكالة.

ولم يحدد القانون شكلاً معيناً يتم به الإخطار، ومن ثم فإنه يجوز أن يكون بإعلان على يد محضر أو بخطاب موصى عليه بعلم الوصول، أو بخطاب موصى عليه، أو بخطاب عادي، أو حتى شفاهة.

وإذ كان رب العمل هو الملزم بإثبات حصول الإخطار، فإن الإخطار يجب إثباته- طبقاً للقواعد العامة - بالكتابة أو ما يقوم مقامها إذا كانت قيمة المقاولة تزيد على ألف جنيه. وإلا جاز الإثبات بالبينة والقرائن.

وينتج الإخطار أثره أي يتم التحلل من المقاولة بمجرد وصول الإخطار إلى علم المقاول طبقاً للقواعد العامة المقررة في إنتاج الإرادة أثرها.

وعلى ذلك يشمل التعويض الذي يستحق للمقاول العناصر الآتية :

(1) المصروفات التي أنفقها المقاول :

وتشمل جميع المصروفات التي أنفقها المقاول، ولو كانت مصروفات أولية لم تعد بأى نفع على رب العمل، مادامت قد أنفقت وقت قيام العقد.

(2) قيمة ما أنجزه المقاول من أعمال :

يعوض المقاول عن جميع ما أنجزه من أعمال. ويدخل في ذلك قيمة المواد التي قدمها وأجور العمال، وتقدر هذه القيمة على أساس ما تم من الأعمال إلى مجموع ما كان يلتزم به المقاول، فإذا كان المقاول أتم نصف العمل وكان الأجر المحدد للعمل كله ألف جنيه، التزم رب العمل بأن يدفع له خمسمائة جنيه، غير أن رب العمل لا يلتزم إلا بقيمة الأعمال التي قام بها المقاول قبل علمه بتحلل رب العمل من المقاولة إلا إذا كانت هذه الأعمال ضرورية للمحافظة على ما تم من عمل، فإذا كان العمل المعهود به إلى المقاول هو تغيير أو إصلاح شبكة الأسلاك الكهربائية الموجودة بمصنع معين، وبعد أن كشف المقاول عن هذه الأسلاك صدر إليه أمر من رب العمل بالتوقف عنه فعلى المقاول في هذه الحالة أن يعيد الحال إلى ما كانت عليه بتغطية هذه الأسلاك، وله أن يطالب رب العمل بقيمة هذه التغطية، لأن قيامه بذلك ليس مجرد حق له، بل هو واجب عليه.

أما ما عدا ذلك من الأعمال التي قام بها بعد علمه بإرادة رب العمل في التحلل من العقد، فلا يرجع بها المقاول إلا على أساس مبدأ الإثراء بلا سبب، أي بأقل القيمتين: ما صرفه فعلاً وما عاد من نفع على رب العمل.

وتجدر الإشارة إلى أن المقاول لا يجبر على تسليم المواد التي قدمها رب العمل، فإذا أراد الاحتفاظ بها جاز ذلك على ألا يتقاضى تعويضاً عنها.

(3) قيمة ما كان المقاول يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل :

يجب تعويض المقاول عن "ما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل".

فإذا كانت المقاولة مبرمة بأجر إجمالي، فإن كسب المقاول يتحدد بالفرق بين قيمة هذا الأجر، وقيمة النفقات اللازمة لتنفيذ العمل. وتقدر هذه النفقات على أساس قيمتها عند إنهاء العقد، ولا يعتد بالتغيرات التي تطرأ بعد ذلك على أثمان المواد وأجور العمال، وبالتالي لا يستطيع رب العمل أن يتخلص من التزامه بتعويض المقاول عن الكسب الذي كان يحققه بحجة أنه لو ألزم بإتمام العمل لما حقق كسباً بل لحقق خسارة بسبب ارتفاع الأثمان والأجور، وذلك لأن حق المقاول في التعويض ينشأ من يوم إنهاء العقد، ولذلك يجب ألا ينظر في تقدير قيمة هذا التعويض إلا إلى ذلك الوقت.

وإذا كان أجر المقاول مقدراً بسعر الوحدة، فإن ربح كل وحدة يكون هو الفرق بين الأجر المقدر لها والنفقات الفعلية التي يبذلها المقاول في صنعها، ويكون مجموع الربح الذي فاته هو الفرق مضاعفاً بمقدار عدد الوحدات التي كانت مقدرة بموجب التصميم.

وإذا كانت كمية الأعمال غير محددة في العقد، فإنه يمكن مع ذلك معرفة الحد الأدني لهذه الأعمال، فيدخل الربح المتوقع من ورائها في التعويض.

يذهب الرأي الغالب في الفقه - و أيدته محكمة النقض - إلى أن رب العمل يلتزم بتعويض المقاول عما يكون قد أصابه من ضرر أدبي.

إذ قد يكون للمقاول مصلحة أدبية في إتمام العمل، لأنه يفيد في سمعته أو شهرته، ومن ثم فإن عدم إتمام العمل يضر بهما.

ومثل ذلك إتمام فنان لوحة تعاقد عليها، أو إصدار مؤلف كتاب عقد إليه بوضعه .

ويبين من هذا النص أنه يتضمن ثلاث حالات يجوز فيها للمحكمة تخفيض التعويض المستحق عما فات المقاول من كسب، هي :

الحالة الأولى : إذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلاً:

فقد تقوم ظروف تجعل من العدل تخفيض المستحق عما فات المقاول من کسب مثال ذلك أن يتضح بعد أن وقف المقاول تنفيذ العمل وحسب الربح الذي فاته على أساس النفقات الفعلية التي صرفها فيما أتمه من العمل، أنه لو أتم العمل لكلفه الباقی منه نفقات أكبر لارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور العمال، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض مقدار الربح الذي فات المقاول بما يتناسب مع ما ظهر من ارتفاع الأسعار والأجور.

وتخفيض التعويض في هذه الحالة جوازي للقاضي.

الحالة الثانية :

ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء تحلل رب العمل من العقد :

فالقاعدة أن المقاول يرجع على رب العمل بما أنفقه، وليس بأكثر من ذلك، فإذا كان المقاول قد اقتصد من جراء عدم تنفيذ العقد أو عدم إتمامه شيئاً، فإنه يجب إنقاص ما اقتصده من قيمة التعويض، ويدخل في هذا تخفيض التعويض نظیر عدم التزام المقاول بالضمان لأن العمل لم يتم ولم يسلم إلى رب العمل حتى يقوم الضمان.

والتخفيض في هذه الحالة وجوبي على المحكمة.

الحالة الثالثة :

ما يكون المقاول قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر :

فعدم إتمام المقاول العمل بسبب تحلل رب العمل منه لا شك قد أتاح للمقاول وقتاً يستطيع استخدامه في عمل آخر يدر عليه ربحاً، ومن ثم فإذا كان قد أتيح للمقاول التعاقد على إنجاز عمل آخر في المدة التي كانت مخصصة لإنجاز العمل الذي وقف تنفيذه، فإن ما حصل عليه المقاول من ربح من هذا العمل الجديد، يجب أن يخصم من التعويض المستحق له قبل رب العمل الذي أنهى العقد.

بل إنه يجب نقص التعويض المستحق للمقاول ولولم يكن قد استخدم وقته في عمل آخر، إذا كان ذلك ناشئاً عن إهماله وتقصيره في البحث عن عمل.

حق رب العمل في التحلل من عقد المقاولة بإرادته المنفردة لا يتعلق بالنظام العام.

ومن ثم يجوز - الاتفاق بين المتعاقدين على حرمان رب العمل منه، بل يجوز للمقاول الاتفاق على إلزام رب العمل بالمضي في تنفيذ العقد إلى أن يتم، إذ قد تكون له مصلحة أدبية في ذلك.


كما يجوز اتفاق المتعاقدين على حق رب العمل في التحلل من العقد بإرادته المنفردة، دون دفع أي تعويض للمقاول، أو دون دفع تعويض کامل، على أن يقتصر الأمر على دفع ما أثرى به على حساب المقاول. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 268)

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

 ( مادة 662)

1- لصاحب العمل أن ينهي العقد ويقف التنفيذ في أي وقت قبل اتمامه ، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال ، وما كان يستطيع كسبه لو انه اتم العمل .

۲على أنه يجوز للمحكمة أن تخفض التعويض المستحق عما فات المقاول من کسب اذا كانت الظروف تجعل هذا التخفيض عادلاً ، ويتعين عليها بوجه خاص آن تنقص منه ما يكون المقاول قد اقتصده من جراء انهاء العقد وما يكون قد كسبه باستخدام وقته في أمر آخر .

هذه المادة تتفق مع المادة 663 من التقنين الحالي.

وقد ادخل على الفقرة الأولى من هذه المادة تعديل لفظی . واستبدلت عبارة « أن ينهي العقد » بعبارة « أن يتحلل من العقد •

كذلك ادخل على الفقرة الثانية تعديل لفظی باستبدال عبارة « من جراء انهاء العقد ، بعبارة « من جراء تحلل رب العمل من العقد.

والمادة المقترحة تتفق مع المادة 885 من التقنين العراقي.

. وتتفق مع المادة 688 من التقنين الكويتي .

وما تقضي به المادة المقترحة يتفق مع المبادىء التي يقرها الفقه الاسلامی :

فالفقرة الأولى منها تستند في الأساس الى المبدأ الذي جاء في قوله تعالی :«أوفوا بالعقود». فاذا كانت لصاحب العمل مصلحة في أن يرجع في المقاولة فله ذلك ، ولكن بشرط أن يعوض المقاول تعويضاً کاملاً عن كل ما قام به وما فاته بسبب عدم المضي في المقاولة الى نهاتها، وفي هذه الحالة لا تكون للمقاول مصلحة في أن يتمسك باتمام المقاولة . فهذا الحل ليس الا تطبيقاً المبدا العام المذكور بما يسابر طبيعة عقد المقاولة بالنسبة الى المقاول .

وقد جاء في قواعد ابن رجب ( القاعدة الستون ص ۱۱۱) ان التفاسخ في العقود الجائزة متى تضمن ضرراً على أحد المتعاقدين أو غيرهما ممن له تعلق بالعقد لم يجز ولم ينفذ الا إن كان يمكن استدراك الضرر بضمان او نحوه فيجوز على ذلك الوجه .

اما الفقرة الثانية فانها تستند الى مبدأ استدراك الضرر المذكور الان ، حيث يكون التعويض بقدر الضرر، فاذا كان هناك وجه لتخفيض التعويض الذى تقضى به الفقرة الأولى، نظراً إلى ما استفاده المقاول من جراء انهاء العقد، وجب هذا التخفيض .