مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 58
مذكرة المشروع التمهيدي :
لما كان عقد المقاولة من العقود التي يظهر فيها بالذات فائدة الأخذ بهذه النظرية فقد آثر المشرع أن يقررها صراحة بنص خاص في باب المقاولة، وهو في ذلك يجاري التقنين البولوني (م 269 ، 490 فقرة 2)، والمعيار الذي يقرره النص : «اختلال التوازن الاقتصادي بين الالتزامات اختلالاً تاماً بسبب حوادث لم تكن منظورة وقت التعاقد» هو من الدقة بحيث يحد من تدخل القاضي، وفي الوقت نفسه من المرونة بحيث يسمح له بمراعاة ظروف كل حالة).
انظر تقنين الالتزامات السويسري (م 378) والتقنين البولوني ( م 492) والتقنين التونسي (م 883).
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 882 فأقرتها اللجنة مع تعديل لفظي وأصبح نصها ما يأتي :
1- تنتهي المقاولة باستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه .
2 - وإذا كان التنفيذ قد استحال لسبب قهري فلا يعوض المقاول إلا بقدر ما انتفع به رب العمل على النحو المبين في المادة 888 أما إذا استحال بخطأ المقاول فإنه يرجع بالتعويض المتقدم ولكنه يكون مسئولاً عن خطئه وإذا كانت الاستحالة راجعة إلى خطأ رب العمل فإن أحكام المادة السابقة هي التي تسري.
وقدمت بعد تعديل رقم المادة 882 إلى 696 في المشروع النهائي .
وأصبح رقم المادة 693 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 682 .
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
قررت اللجنة استبدال عبارة « ينقص عقد المقاولة » بعبارة « تنتهي المقاولة » الواردة في صدر الفقرة الأولى -كما قررت حذف الفقرة الثانية ، اکتفاء بتطبيق القواعد العامة .
تقرير اللجنة :
حذفت الفقرة الثانية منها اكتفاء بالقواعد العامة .
وأصبح رقم المادة 664 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة .
1 ـ الحكم بفسخ عقد المقاولة ينبنى عليه انحلاله و اعتباره كأن لم يكن ، ولا يكون رجوع المقاول - الذى أخل بإلتزامه - بقيمة ما استحدثه من أعمال إلا استنادا إلى مبدأ الإثراء بلا سبب لا إلى العقد الذى فسخ و أصبح لا يصلح أساسا لتقدير هذه القيمة . و لما كان مقتضى مبدأ الإثراء وفقا للمادة 179 من القانون المدنى ، أن يلتزم المثرى بتعويض الدائن عما إفتقر به و لكن بقدر ما أثرى ، أى أنه يلتزم برد أقل قيمتى الإثراء و الإفتقار ، و كان تقدير قيمة الزيادة فى مال المثرى بسببب ما استحدث من بناء يكون وقت تحققه أى وقت استحداث البناء ، بينما الوقت الذى يقدر فيه قيمة الإفتقار هو وقت الحكم ، و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و التزم فى تقدير قيمة الإفتقار هو وقت الحكم ، و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و التزم فى تقدير قيمة ما زاد فى مال المطعون عليه - رب العمل - بسبب ما استحدثه الطاعن - المقاول - من أعمال البناء ، الحدود الواردة على عقد المقاول الذى قضى بفسخه ، فإنه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 583 لسنة 35 جلسة 1970/03/17 س 21 ع 1 ص 450 ق 72)
2 ـ تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها ، و نفى التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته هو - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من شأن محكمة الموضوع ، و لا دخل لمحكمة النقض فيه متى أقيم على أسباب سائغة . فإذا كانت المحكمة قد أقامت الواقعة التى استخلصتها على ما يقيمها ، فإنها لا تكون بعد ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم و ترد عليها استقلالا ، لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمنى المسقط لكل حجة تخالفها .
(الطعن رقم 583 لسنة 35 جلسة 1970/03/17 س 21 ع 1 ص 450 ق 72)
3 ـ لا ضرورة للإعذار إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن وغير مجد بفعل المدين ، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنهإأعتبر الأخطاء الفنية التى وقع فيها المقاول مما لا يمكن تداركه فإن مفاد ذلك أن الإلتزام المترتب علىعقد المقاولة قد أصبح غير ممكن تنفيذه ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفسخ العقد وبالتعويض دون سبق إعذار المدين بالتنفيذ العينى لا يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 431 لسنة 31 جلسة 1966/04/05 س 17 ع 2 ص 797 ق 107)
وقد ينتهي عقد المقاولة قبل تنفيذها انتهاء غير مألوف، ولكنه انتهاء يتفق مع القواعد العامة . وأهم أسباب انتهاء المقاولة قبل تنفيذها وفقاً للقواعد العامة هي استحالة التنفيذ والفسخ والتقايل .
ولم يعرض التقنين المدني لهذه الأسباب مكتفياً بتطبيق القواعد العامة، فيما عدا السبب الأول منها وهو استحالة التنفيذ، فقد نص عليه نصاً صريحاً حتى يعرض بعد ذلك لما يترتب على استحالة التنفيذ الراجع لهلاك الشيء من تحمل التبعة فنصت المادة 664 من التقنين المدني على ما يأتي : "ينقضي عقد المقاولة باستحالة تنفيذ العمل المعقود عليه".
وليس هذا النص إلا تطبيقاً للمبدأ العام في انقضاء الالتزام الذي تقرره المادة 373 مدني إذ تقول : "ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه" . فإذا أثبت المقاول العمل المعهود به إليه قد أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي، كأن كان العمل رسماً فنياً لا يقوم به إلا هو ثم أصيب بما يجعل تنفيذ العمل مستحيلاً عليه كأن قطعت يده التي يرسم بها أو فقد بصره، أو كان العمل إجراء عملية جراحية عاجلة لا تحتمل الإبطاء فأصيب الطبيب بمرض مفاجئ يمنعه من إجراء العملية، أو كان العمل إعطاء دروس للإعداد لامتحان معين وبعد إعطاء بعض هذه الدروس مرض المدرس مرضاً استغرق الوقت الباقي لحلول موعد الامتحان ومنعه المرض من المضي في إعطاء الدروس، ففي جميع هذه الأحوال ينقضي التزام المقاول باستحالة التنفيذ لسبب أجنبي، وينقضي التزام رب العمل المقابل له وينفسخ عقد المقاولة من تلقاء نفسه تطبيقاً لأحكام المادة 159 مدني التي تقضي بأنه "في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه، انقضت معه الالتزامات المقابلة له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه".
وقد ينتهي عقد المقاولة قبل تنفيذه بالتقايل، فيتفق المقاول ورب العمل على أن يتحلل كل منهما من العقد بإرادتهما المشتركة، وكما انعقدت المقاولة على أن يتحلل كل منهما من العقد بإرادتهما المشتركة، وكما انعقدت المقاولة بتراضي الطرفين فإنها تنتهي كذلك بتراضيهما ويغلب أن يسوي المتعاقدان الحساب فيما بينهما باتفاق يضمنانه التقايل، فإذا سكتا عن ذلك فإن المبادئ العامة، وأخصها مبدأ الإثراء بلا سبب ، تتكفل بتسوية الحساب .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول الصفحة/295)
ورد نص المادة 664 تطبيقا للمبدأ العام الوارد بالمادة 373 مدني، فیجوز للمقاول باعتباره مديناً في عقد المقاولة أن يثبت أن العمل المنوط به أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي فينقضي التزامه باستحالة التنفيذ كما ينقضى التزام رب العمل وينفسخ العقد انفساخاً قانونياً (م 159) كما لو كان المقاول رساماً وقطعت يده قبل اتمام اللوحة أو جراحاً وأصيب بشلل أو بمرض حال بينه وبين إجراء عمليات أو كان العمل في حاجة لرخصة إدارية ورفضت الإدارة منحها أو نزعت الأرض المعدة للبناء للمنفعة العامة، إلا أن المقاول يستحق في هذه الحالات إذا كان قام ببعض العمل تعويضاً وفقاً لمبدأ الإثراء بلا سبب فيستحق أقل القيمتين : قيمة ما أنفقه من ماله ووقته وقيمة ما استفاد به رب العمل فإن لم يكن قد بدأ العمل فلا يستحق أي تعويض ولا يعتبر افلاس أحد الطرفين قوة قاهرة تمنع من التنفيذ بل يستمر التنفيذ بواسطة السنديك فان امتنع جاز للطرف الآخر أن يطلب الفسخ مع التعويض، إذا أفلس المقاول وكان هو الذي قدم المادة ولم يتم العمل قبل الإفلاس فتظل المادة ملك المقاول ولا يجوز لرب العمل استردادها من التفليسة حتى لو كان دفع الأجر كله مقدماً إذ العبرة بتسلم رب العمل لا بإنجاز العمل فقبل التسليم يبقى الشئ ملكاً للمقاول.
ولا يترتب على السبب الأجنبى انقضاء العقد إذا وقع بسبب خطأ الطرف الذي يحتج به کما إذا طلب المقاول ترخيصاً وإعانة مالية على ألا يتجزأ الطلب فلم يمنح الترخيص ويكون لرب العمل طلب الفسخ والتعويض فإن كان الخطأ من جانب رب العمل سرت أحكام المادة 663.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع الصفحة/ 502)
وتعتبر هذه المادة تطبيقا للمادة 373 مدني التي نصت على القاعدة في انقضاء الالتزام بقولها: ينقضى الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً بسبب أجنبي لا يد له فيه". ومن أمثلة استحالة تنفيذ العقد على المقاول بسبب أجنبي أن يكون العمل رسماً فنياً لا يقوم به إلا المقاول ثم أصيب بمرض أو حادث أفقده يده التي يرسم بها أو عينه التي يبصر بها أو كان العمل إجراء عملية جراحية لا تحتمل الإبطاء فأصيب الطبيب بمرض مفاجئ يمنعه من إجرائها، أو كان العمل إقامة بناء من نوع معين من مواد البناء يستورد من الخارج، فقامت حرب عالمية أو أهلية منعت من استيراده، أو إقامة البناء ليكون جاهزاً في تاريخ معين لإقامة معرض فقامت أسباب أجنبية يستحيل معها على المقاول إقامته قبل التاريخ المحدد، أو إذا كانت الأعمال تستلزم ترخيصاً إدارياً، ولم يصدر الترخيص، أو إذا كانت ملكية الأرض التي من المقرر أن يقام عليها العمل قد نزع ففي كل هذه الأمثلة وأشباهها ينقضي التزام المقاول باستحالة التنفيذ لسبب أجنبي، و ينقضى التزام رب العمل المقابل له، وينفسخ عقد المقاولة عملاً بالمادة 159 مدني تقضي بأن: "في العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت معه الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه".
وإذا انتهى عقد المقاولة بالانفساخ على نحو ما سلف، فإن المقاول يستحق تعويضاً، ولكن هذا التعويض لا يكون على أساس عقد المقاولة لأن العقد قد انفسخ وانقضى بالتالي، ولكن بموجب مبدأ الإثراء بلا سبب.
وقد نصت على ذلك المادة (667) مدني بصدد انقضاء عقد المقاولة بموت المقاول وألحقت بالنص حالة صيرورة المقاول عاجزا عن إتمام العمل لسبب لا يد له فيه.
وعلى ذلك فإن المقاول في الأمثلة السابقة والتي انفسخ فيها العقد يستحق تعويضاً عادلاً على أساس الإثراء بلا سبب وهو أقل القيمتين: قيمة ما أنفقه من ماله ووقته، وقيمة ما استفاد من رب العمل .
ينقضي عقد المقاولة أيضاً بالأسباب الآتية:
تنفيذ العقد :
ينقضي عقد المقاولة بتنفيذ العقد، وهو الانتهاء المألوف للعقد، حيث يقوم رب العمل بالوفاء بالتزاماته من تمكين المقاول من إنجاز العمل، وتسلمه بعد تنفيذه، وأداء الأجر إلى المقاول، كما يقوم المقاول بتنفيذ التزاماته من إنجاز العمل وتسليمه لرب العمل، غير أن التزامه بالضمان يستمر بعد ذلك.
ينقضي عقد المقاولة بانتهاء مدة العقد، وذلك في الحالة التي يتفق فيها على مدة لعقد المقاولة، وهذا يحدث في المقاولات التي يكون محلها القيام بأداءات دورية لمدة معينة، كما هو الحال في مقاولات الصيانة، فإذا التزم شخص بصيانة أجهزة كهربائية أو آلات ميكانيكية، بالكشف عليها في مواعيد دورية وتنظيفها، وإصلاح ما يتلف منها، وتحدد لالتزامه هذا زمن معين كشهر أو سنة، فإن انقضاء هذا الزمن يؤدي إلى انتهاء المقاولة، وهذا الانتهاء يكون مألوفاً.
غير أنه لا يوجد ما يمنع من تجديد المقاولة، سواء صراحة باتفاق الطرفين على الالتزام بالصيانة لفترة أخرى، أو ضمناً بأن يستمر المقاول في أداء عمله في مواعيد دورية، بعلم رب العمل، ودون اعتراض منه، ففي هذه الحالة الأخيرة يتجدد عقد المقاولة ضمناً بنفس شروط العقد السابق، ولكن لمدة غير محددة، فيكون لكل من طرفيه إنهاؤه في أي وقت.
فيسري على تجديد عقد المقاولة ما يسرى على تجديد عقد الإيجار.
فسخ العقد :
يجوز لأي المتعاقدين طلب فسخ عقد المقاولة إذا أخل المتعاقد الآخر بتنفيذ التزاماته، وفقاً للقواعد العامة المقررة في فسخ العقود الملزمة للجانبين.
فإذا أخل المقاول بأحد التزاماته كأن لم ينجز العمل بالطريقة المتفق عليها، أو حسب أصول الصنعة، أو تأخر في تسليم العمل، أو ظهر عيب خفي واجب الضمان جاز لرب العمل أن يطلب فسخ العقد.
وإذا أخل رب العمل بأحد التزاماته كامتناعه عن تمكين المقاول من إنجاز العمل أو عن تقبله أو تسلمه أو عن دفع أقساط الأجرة المستحقة... إلخ، جاز للمقاول أن يطلب فسخ العقد.
وكما أوضحا أن القضاء بالفسخ يخضع لتقدير قاضى الموضوع، وهو غير ملزم بإجابة المتعاقد إليه.
ويترتب على فسخ عقد المقاولة انحلاله واعتباره كأن لم يكن، ومن ثم لا يكون رجوع المقضي له بالفسخ على المتعاقد الآخر إلا بدعوى الإثراء بلا سبب.
ينقضي عقد المقاولة إذا اتفق المتعاقدان على التقابل من العقد، أي التحلل من العقد بإرادتهما المشتركة، لأن العقد كما ينعقد بتلاقى إرادة الطرفين، يجوز التقليل منه بذات الإرادة.
وإذا سوى المتعاقدان حسابهما مع التقايل وهو الغالب، انتهى الأمر، أما إذا لم يتم ذلك، طبقت المبادئ العامة وأخصها مبدأ الإثراء بلا سبب.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن الصفحة/ 279)