loading
الأحكام

إن المادة 167 من قانون العقوبات قد وردت فى الباب الثالث عشر من الكتاب الثانى تحت عنوان تعطيل المواصلات و حلت محل المادة 145 من قانون العقوبات الصادر فى سنة 1904 التى كانت تنص على عقاب من يعطل عمداً سير قطار على السكة الحديد دون تفريق بين القطارات المملوكة للحكومة و بين القطارات المملوكة لشركة من الشركات التى إلتزمت القيام بمرفق النقل العام عن طريق قطارات تسير علىسكك حديدية لها فى مناطق محددة من الجمهورية المصرية بمقتضى عقود إلتزام بينها و بين الحكومة ، و قد رأى المشرع فى النص الجديد أن تكون الحماية شاملة لكل وسائل النقل العامة من مائية أو برية أو جوية ، فنص على عقوبة من يعرض سلامتها للخطر أو يعطل سيرها عمداً ، و كشف فى نص المادة 166 السابقة على هذه المادة بأن ما يعنيه من وصف وسائل النقل العامة هو إبراز ما يجب أن يحققه الملتزم بتلك الوسائل المشمولة بالحماية من خدمات للجمهور بلا تفريق و على أساس المساواة التامة بين الأفراد بغض النظر عمن يملك تلك الوسائل سواء أكانت الحكومة أم الشركة أم فرد من الأفراد ، و مما يوضح قصد الشارع ما جاء فى المادة 166 من قانون العقوبات فى شأن الخطوط التليفونية " تسرى أحكام المواد الثلاثة السابقة على الخطوط التليفونية التى تنشئها الحكومة أو ترخص بإنشائها لمنفعة عامة " ، و هذا المعنى ذاته هو الذى أشار إليه المشرع المصرى فى المادتين 668 و 669 من القانون المدنى فى باب إلتزام المرافق العامة ، و إذن فالقول بأنه يشترط لتطبيق المادة 167 من قانون العقوبات أن تكون وسائل النقل المعرضة للخطر مملوكة للدولة أو للأشخاص الإعتبارية العامة يكون على غير أساس .

((طعن جنائي رقم 2392 لسنة 23 جلسة 1954/02/23 س 5 ع 2 ص 378 ق 125)

شرح خبراء القانون

واجبات الملتزم : كانت الفقرة الثانية من المادة 906 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي : "يكون هذا العقد الإداري (عقد التزام المرفق العام) هو المهيمن على ما يبرمه المقاول مع عملائه من عقود، فيوجب على الملتزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها هذا المرفق إلى العملاء الحاليين ومن يستجد منهم، لقاء ما يدفعونه من جعل تحدده قائمة الأسعار التي تقررها جهة الإدارة"، وقد حذفت هذه الفقرة في لجنة مجلس الشيوخ" اكتفاء بالرجوع إلى القواعد العامة" والنص المحذوف ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة، فيمكن العمل به بالرغم من حذفه، فعقد الالتزام إذن يوجب على الملتزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها المرفق إلى العملاء، وفي بعض الحالات يوجب عقد الالتزام على الملتزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها المرفق إلى العملاء، وفي بعض الحالات يوجب عقد الالتزام على الملتزم أيضاً أن يقوم بالإنشاءات اللازمة لتسيير المرفق و إدارته واستغلاله .

فيترتب إذن في ذمة الملتزم بموجب عقد الالتزام التزامان :

أولاً - القيام بالإنشاءات اللازمة لتسيير المرفق، إذ كثيراً ما يحتاج المرفق إلى إنشاءات لازمة لتسييره، فمرافق النور والماء والغاز تحتاج إلى مد مواسير في جوف الأرض، وإعداد أجهزة لتوليد الكهرباء وتقطير الماء وما إلى ذلك، ومرافق السكة الحديدية يحتاج إلى مد قضبان حديدة، وإنشاء محطات، ونحو ذلك، وقد احتاجت الشركة التي منحت التزام ضاحية مصر الجديدة إلى تشييد مساكن عديدة وتزويدها بالنور والماء، ومد ترام المترو لتوصيل الضاحية بوسط مدينة القاهرة، كذلك احتاجت الشركة التي منحت التزام قنال السويس إلى إنفاق مصروفات باهظة في حفر القنال وما تحتاج إليه حركة مرور السفن من منشآت وغيرها، فهذه المنشآت يجعلها عقد الالتزام عادة على الملتزم، وقل أن تعمد السلطة الإدارية إلى إقامة المنشآت بنفسها ثم تمنح بعد ذلك التزام المرفق للملتزم والغالب أن الذي يدفع السلطة الإدارية إلى الالتجاء لطريقة الالتزام هو ما يتكلفه المرفق من نفقات باهظة في المنشآت اللازمة لتسييره، مما يجعلها تفضل، تدير المرافق بطريق الالتزام، فيتحمل الملتزم هذه النفقات ويسترها في المدى الطويل عن طريق استغلال المرفق، ومتابعة التطور التاريخي لالتزام المرافق العامة تبين أن هذا الالتزام بدأ أولاً يكون التزاماً بأشغال عامة هي هذه المنشآت الضرورية لتسيير المرفق، ويكون الالتزام بإدارة المرفق تبعاً لها لا أصلاً، ذلك أن استغلال المرفق ـ ويستتبع ذلك إدارته ـ كان يعتبر هو المقابل الذي يأخذه الملتزم في نظير تنفيذ الأشغال العامة التي يتطلبها إنشاء المرفق، ثم بدأ الالتزام بإدارة المرفق يتميز عن الالتزام بالأشغال العامة حتى أصبح مستقلاً عنه، وساعد على ذلك تطور المرافق العامة المتعلقة بالمواصلات البرية والبحرية والجوية، بل أصبح الالتزام بالأشغال العامة، كما رأينا، تابعاً للالتزام بإدارة المرفق العام، بعد أن كان متبوعاً .

ثانياً ـ القيام بإدارة المرفق ، وهذا هو الالتزام الجوهري الذي يترتب في ذمة الملتزم ومن أجله منح الالتزام، ويتضمن ذلك أن يكفل للمرفق الاستمرار والانتظام ومسايرة التطور على الوجه الذي سنبينه عند الكلام في العقد بين الملتزم والعميل، وسنرى كذلك أن على الملتزم أن يتقيد بالأسعار التي وضعتها السلطة العامة بما يحلقها من تعديلات تقتضيها المصلحة العامة، وأن يكفل المساواة بين العملاء فلا يميز أحداً منهم على الآخرين . وسواء منح الملتزم الالتزام مساومة أو عن طريق مناقصة عامة، فإنه في الحالتين قد اختير لاعتبارات شخصية فيه، فلا يجوز أن ينزل عن الالتزام إلى غيره دون موافقة مانح الالتزام، فإذا نزل عن الالتزام دون موافقته كان النزول باطلاً وجاز لمانح الالتزام إسقاطه عن الملتزم الأصلي ذاته.

ويخضع الملتزم، في القيام بإدارة المرفق واستغلاله، لرقابة مانح الالتزام وإشرافه، وهذه الرقابة تتحتم، سواء نص عليها عقد الالتزام أو لم ينص ذلك أن المرفق العام يجب أن يدار طبقاً للشروط المبينة في عقد الالتزام وفي دفتر الشروط، وفي الوقت ذاته طبقاً للشروط التي تقتضيها طبيعة العمل و يقتضيها ما ينظم هذا العمل من قوانين (م 669 مدني وسيأتي ذكرها)، وهذه خاصية جوهرية من خواص المرفق العام، فلابد أن تبسط السلطة الإدارية رقابته و إشرافها كاملين على إدارة المرفق، وكثيراً ما يبين عقد الالتزام طرق هذه الرقابة وسبل هذا الإشراف والإجراءات التي تقع لتحقيق كل ذلك، ولكن، حتى لو كان عقد الالتزام ساكناً عن هذا، أو حتى لو تضمن شروطاً مخالفة، فإنه يتحتم كما قدمنا أن تبسط السلطة الإدارية رقابتها وإشرافها على إدارة المرفق العام، حتى تحمي مصالح الجمهور، وحتى تحمي مصالحها بالذات فهي قد تكون مسئولة عن إعانة الملتزم بمقدار ما يسد العجز الناجم عن استغلال المرفق، فلابد من الرقابة حتى تطمئن السلطة الإدارية إلى أن مصالح الجمهوري مكفولة وإلى أن تبعاتها المالية لا تجاوز الحدود الواجبة، وتتنوع الرقابة التي تبسطها السلطة الإدارية على الملتزم في إدارته، فهي رقابة فنية ورقابة إدارية ورقابة مالية، ولكل من هذه الأنواع الثلاثة من الرقابة وسائل وإجراءات بينها عقد الالتزام، فإن سكت العقد عن ذلك بينها التشريع والمبادئ العامة المقررة في القانون الإداري، فلمانح الالتزام، يعين مندوبين عنه في مختلف الفروع والإدارات التي ينشئها الملتزم لاستغلال المرفق، وعلى الملتزم، يقدم لهؤلاء المندوبين ما يطلبونه من معلومات وبيانات وإحصاءات، كذلك يكون لمانح الالتزام الحق في أن يعهد إلى أية هيئة عامة أو خاصة بمراقبة إنشاء المرفق وسيره من النواحي الفنية والإدارية والمالية، وكما تكون الرقابة بعد تنفيذ أعمال الإدارة التي يقوم بها الملتزم، كذلك تكون قبل تنفيذها حتى تكون رقابة فعالة مانعة، وقد تصل الرقابة إلى حد النص في عقد الالتزام على أن يكون لمانح الالتزام الحق في تعيين المدير الفني للمرفق أو في الموافقة على تعيينه، أو في تعيين بعض من أعضاء مجلس الإدارة، ولا حدود للرقابة التي يبسطها مانح الالتزام على إدارة الملتزم، إلا في ألا تكون هذه الرقابة سبباً لخروج المرفق عن الأغراض التي خصص لها، وأن تستعمل في حدود القوانين والنظم والإجراءات المرسومة، وألا تنقلب إلى تدخل مباشر في إدارة المرفق حتى لا تتحول من إدارة بطريق الالتزام إلى إدارة مباشرة بطريق الريجي.

بعد أن يتعاقد العميل مع الملتزم، فإنه يصبح دائناً له بأداء خدمات المرفق العام، وله أن يطالب مباشرة بأداء هذه الخدمات، وهذا هو الحق في الانتفاع بالمرفق.

وقد اختلف في تكييف العقد بين الملتزم والعميل، فأكثر فقهاء القانون الإداري يذهبون إلى أنه ليس بعقد، بل هو إرادة منفردة من جانب العميل بموجبها يخضع لمركز منظم هو المركز الذي ينظمه عقد الالتزام وملحقاته بما يشتمل عليه من شروط تنظيم المرفق وإدارته، وتنظمه الشروط التي تقتضيها طبيعة المرفق و يقتضيها ما ينظم هذا المرفق من القوانين، وهذه الإرادة المنفردة هي كما يقول ديجيه تصرف شرطي، ولكن بعض فقهاء القانون الإداري وفقهاء القانون المدني يذهبون إلى أن العقد الذي يبرمه العميل مع الملتزم هو عقد لا إرادة منفردة إذ لابد فيه من إيجاب وقبول ، وهو عقد مدني يخضع لقواعد القانون المدني في تكوينه وفي آثاره، ولكنه يتميز عن العقد المدني المألوف بأنه يخضع لنظام مقرر وضعه العقد الإداري الذي أبرم بين السلطة الإدارية والملتزم، أي عقد الالتزام ويسميه ديموج بالعقد التنظيمي، فالعقد المدني بين العميل والملتزم يخضع للعقد التنظيمي الإداري بين الملتزم والسلطة الإدارية، كما تضع اللائحة الإدارية للتشريع وكما يخضع التشريع لنصوص القانون الدستوري ويترتب على ذلك أن العقد المدني بين العميل والملتزم يخضع لعقد الالتزام التنظيمي، لا فحسب فيما يتضمنه العقد التنظيمي وقت إبرام العقد المدني، بل أيضاً في جميع ما يلحق هذا العقد التنظيمي من تعديلات تدخلها السلطة الإدارية بما لها من سلطان في تنظيم المرافق العامة، وهذا ما قصد إليه المتعاقدان العميل والملتزم عندما أبرما العقد بينهما.

وهذا الرأي الأخير هو الذي ذهب إليه التقنين المدني المصري الجديد، كما يظهر من نصوصه ومن أعماله التحضيرية، فقد نصت المادة 669 مدني على أن "ملتزم المرفق العام يتعهد بمقتضى العقد الذي يبرمه مع عميله بأن يؤدي لهذا العميل على الوجه المألوف الخدمات المقابلة للأجر الذي يقبضه، وفقاً للشروط المنصوص عليها في عقد الالتزام وملحقاته و للشروط التي تقتضيها طبيعة العمل و يقتضيها ما ينظم هذا العمل من القوانين" .

والعقد المبرم بين العميل والملتزم ينشئ حقوقاً شخصية لكل من الطرفين ، كما هو الأمر في سائر العقود المدنية، فيكون للعميل الحق في أن تؤدي له خدمات المرفق على الوجه المألوف، ويكون الملتزم الحق في تقاضي أجر هذه الخدمات من العميل، ويخضع هذا العقد ، كما يقول النص، "للشروط المنصوص عليها في عقد الالتزام وملحقاته، وللشروط التي تقتضيها طبيعة العمل، ويقتضيها ما ينظم هذا العمل من القوانين"، ويؤكد تكييف العقد المبرم بين العميل والملتزم بأنه عقد مدني في نظر التقنين المدني الجديد ما قيل في هذا الصدد أمام لجنة مجلس الشيوخ، فقد قال مندوب الحكومة، ووافقت اللجنة على قوله، ما يأتي : "ويلاحظ أن التزام المرافق العامة يعالج من ناحيتين، فهو بالنسبة إلى العلاقة بين مانح الالتزام ( الحكومة أو الهيئات البلدية) والملتزم يخضع لأحكام القانون الإداري، لأن ما يرد من شروط عن طريقة إدارة المرفق ومدته وغير ذلك له صفة اللائحة، ولذلك فإن هذه الشروط لا علاقة لها بالقانون المدني، أما بالنسبة للعلاقة بين الملتزم والمنتفعين كما هو الحال مثلاً في علاقة شركة المياه بالمستهلكين، فهذه العلاقة تخضع لأحكام القانون المدني، ولم تكن منظمة بالتقنين الحالي (القديم)، فرأى المشروع أن ينظمها، وخيراً فعل للقضاء على كثير من الخلاف في تكييف هذه العلاقة" ويظهر بجلاء من النصوص التي اشتمل عليها المشروع التمهيدي للتقنين المدني أن العقد المدني المبرم بين العميل والملتزم يخضع للنظام المقرر في عقد الالتزام الإداري المبرم بين الملتزم والسلطة الإدارية، فنصوص المشروع التمهيدي صريحة في هذا المعنى، كما هي صريحة في أن عميل المرفق العام إنما يخضع بتعاقده مع الملتزم لشروط موحدة يقررها عقد الالتزام وهو من وضع الجهة الإدارية التي تعاقدت مع الملتزم، فقد جرت المادة 906/2 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : "ويكون هذا العقد الإداري ( عقد الالتزام ) هو المهيمن على ما يبرمه المقاول مع عملائه من عقود، فيوجب على الملتزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها هذا المرفق إلى العملاء الحاليين ومن يستجد منهم، لقاء ما يدفعونه من جعل تحدده قائمة الأسعار التي تقررها جهة الإدارة" وجرت المادة 903 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : "في المقاولات المتعلقة بالمرافق العامة ، تنشأ الحقوق والالتزامات ما بين المقاول عملائه من إذعان العميل الذي يريد استخدام المرفق العام لشروط موحدة تقرر هذه الحقوق والالتزامات، وتكون من وضع المقاول نفسه، أو من وضع الجهة الإدارية التي يتبعها المقاول نفسه، أو من وضع الجهة الإدارية التي يتبعها المقاول في إدارته للمرفق العام"، وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة، دون أن يذكر سبب للحذف، ويبدو أن الحذف يرجع إلى الرغبة في تجنب إيراد المذاهب الفقهية في التشريع.

ولما كان العقد بين العميل والملتزم يخضع للنظام المقرر في عقد الالتزام، فإنه يخضع تبعاً لذلك لمبادئ عامة يقوم عليها عقد الالتزام نفسه، وهذه المبادئ فرضتها نصوص التقنين المدني وأوجبت العمل بها، سواء تضمنها عقد الالتزام أو لم يتضمنها، بل حتى لو نص عقد الالتزام على خلافها، فهي مبادئ تعتبر من النظام العام، وتفرض نفسها على كل من عقد الالتزام والعقد بين العميل والملتزم، وهذه المبادئ الأساسية ـ كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ـ "تكون ما يمكن أن نسميه بالقانون الطبيعي للمرافق العامة" "اكتفاء بالقواعد العامة"وتتعلق هذه المبادئ بالأسعار التي يتقاضاها الملتزم من العملاء، وبكفالة استمرار المرفق وانتظامه ومسايرته للتطور، وبكفالة المساواة بين العملاء فنبحث هذه المبادئ الثلاثة، ثم نبحث ما وضعه القانون تحت تصرف عميل المرفق العام من جزاء يستطيع به أن يفرض على الملتزم احترام هذه المبادئ.

متى يكون للعميل صفة في التقاضي : وحتى يستطيع العميل التقاضي على النحو الذي قدمناه، يجب أن تكون له صفة، ففي التقاضي أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ، يجب أن يكون له حق ذاتي، وينشأ هذا الحق من العقد المبرم بينه وبين الملتزم أو من عقد الالتزام أو من القوانين التي تنظم التزام المرافق العامة كما سبق القول، وفي التقاضي أمام القضاء الإداري للمطالبة بإلغاء القرار الإداري الباطل، لا يلزم أن يكون له حق ذاتي، بل يكفي أن تكون له مصلحة جدية ولو كانت هذه المصلحة أدبية كما أسلفنا .

ولا يجوز في الحالتين للعميل أن يتقاضى إلا للدفاع عن مصلحته الشخصية، فيس له باسم جمهور العملاء أن يرفع دعوى ويدافع فيها عن مصالحهم المشتركة، وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى، فكانت المادة 913 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : "1- ليس للعميل الذي تعاقد مع ملتزم المرفق، إذا تعطلت خدمات هذا المرفق أو اختلت، أن يقاضي الملتزم إلا للدفاع عن مصلحته الشخصية، 2- ولا يجوز له باسم جمهور العملاء أن يرفع دعوى ويدافع فيها عن مصالحهم المشتركة، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "يقرر هذا النص المبدأ الذي أخذت به محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة ( 27 مايو سنة 1922 جازيت 12 ص 185 ن 318 ) وأيدتها فيه محكمة الاستئناف المختلطة ( 25 يناير سنة 1923 جازيت 13 ص 195 ن 332 ) ، وذلك بمناسبة نزاع بين شركة مياه الإسكندرية وأحد عملائها، وقد قررت المحكمة أنه ليس للعميل أية صفة لتمثيل مجموعة العملاء قبل الشركة، فليس له أن يطالبها إلا بما يمس حقوقه هو شخصياً بمقتضى العقد المبرم بينهما"وقد حذف هذا النص في لجنة مجلس الشيوخ اكتفاء بالقواعد العامة"مع ملاحظة أنه لا يراد بالحذف عكس هذا الحكم".

ولكن يجوز أن تتألف جمعية أو نقابة للدفاع عن مصالح سكان حي معين أو طائفة معينة من الناس، وتكون لها الشخصية المعنوية، فتقاضي باسم الجماعة التي تمثلها وتكون لها صفة في التقاضى.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول الصفحة/ 363)

اختلف الفقهاء في تحديد العلاقة ما بين المنتفع بالمرفق العام وبين الملتزم، فذهب فريق إلى أن هذه علاقة تعاقدية يحكمها عقد مدني يخضع للنظام المقرر في عقد الالتزام الاداري المبرم بين الملتزم والسلطة الإدارية ومن ثم يخضع لمبادئ يقوم عليها عقد الالتزام نفسه وهي تعتبر مبادئ من النظام العام وتتعلق بالأسعار التي يتقاضاها الملتزم من العملاء وبكفالة استمرار المرفق وانتظامه ومسايرته للتطور وبكفالة المساواة بين العملاء، ويذهب فريق آخر إلى أن الرابطة تعاقدية ولكن النقد هنا إداري أي من عقود القانون العام، بينما يقرر البعض أنه يبين من نص المادتين 669 ،671 مدني ومن الأحكام المنظمة لعقود الالتزام أن علاقة المنتفع بالمرفق المدار بأسلوب الالتزام لا يمكن أن تكون علاقة تعاقدية وإنما المنتفع في مرکز تنظیمي تحدده القوانين واللوائح المتعلقة بالمرفق العام.

ولما كانت العلاقة بين الملتزم والمنتفع، تخضع للعقد الذي يبرمه الطرفان وهما من أشخاص القانون الخاص، فإن العقد يخضع لأحكام القانون الخاص، وبالتالي لا يعتبر عقد إدارياً، و للقضاء إبطال ما قد يتضمنه من شروط الإذعان.

ويسري ذلك أيضاً إذا كان المرفق يدار بالطريق المباشر، بمعرفة الجهة الإدارية المختصة بإدارته، کوزارة المواصلات عندما تدير مرفق التليفونات، بحيث إذا ما انقطع الاتصال، جاز للعميل الرجوع على الجهة الإدارية بدعوى التعويض أمام القضاء العادي، على نحو ما أوضحناه بصدد دعوى المسئولية.

أجازت محكمة النقض للملتزم إبرام عقود إدارية مع المنتفعين بالمرفق وإصدار تراخيص للانتفاع به رغم أنه من أشخاص القانون الخاص.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع الصفحة/ 515)

يتعين التفرقة في حقوق المنتفع قبل الملتزم بإدارة المرفق العام بين حالتين:

الحالة الأولى : قبل تعاقد المنتفع مع الملتزم:

رأينا سلفاً أن للإدارة هيمنة تامة فيما يتعلق بإعداد المرفق العام وتشغيله، وهذه السلطات ليست بحقوق مطلقة مقررة للإدارة إن شاءت استعملتها أو تركتها، ولكنها حقوق مقررة لمصلحة المنتفعين الذين لا تربطهم بالملتزم رابطة مباشرة ومن ثم فإن للمنتفعين أن يطلبوا من الإدارة أن تتدخل لإجبار الملتزم على احترام شروط الالتزام.

فإذا منحت السلطة الإدارية التزاماً بإدارة مرفق عام للمواصلات عن خطوط الأتوبيس، وأخل الملتزم بشروط العقد ولم ينشئ كل الخطوط المتفق عليها أو ألغى بعض الخطوط بعد إنشائها، وأصاب أحد الأفراد ضرر من جراء ذلك بأن لم يجد سبل المواصلات أمامه ممهدة، أو امتنعت شركة الغاز أو الكهرباء عن التعاقد مع المنتفع دون حق، فإن له أن يطلب من جهة الإدارة أن تتدخل لإجبار الملتزم على احترام شروط الالتزام فإذا أهملت الإدارة في أداء الواجب، أو سمحت للملتزم بأن يتخذ إجراء لا يتفق وشروط عقد الامتياز، جاز للفرد أن يلجأ إلى محكمة القضاء الإداري بالطريقة الآتية: يقدم من استوفى شروط الانتفاع إلى الإدارة طلباً للتدخل، فإذا أجابت بالرفض أو امتنعت عن الإجابة مدة ستين يوماً، عد رفضها أو امتناعها قراراً إدارياً مخالفاً للقانون، وحق المحكمة القضاء الإداري إلغاؤه، وفي هذه الحالة يتحتم على جهة الإدارة أن تتدخل.

فالمقرر طبقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 المعدل بشأن مجلس الدولة، أن يكون مرجع طلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.

ويجوز للفرد أيضاً إذا أصابه ضرر من خطأ الملتزم، كأن يكون قد تعطلت له مصلحة جدية نتيجة انعدام المواصلات، أو من عدم توريد الغاز أو الكهرباء، مطالبة الملتزم بالتعويض.

الحالة الثانية: بعد تعاقد المنتفع مع الملتزم :

ومن ثم ينشأ للمنتفع الذي يتعامل مع المرفق حق شخصي قبل الملتزم طالما أدى رسم الخدمة المطلوب، وذلك وفقاً لشروط عقد الالتزام الذي أبرمه الملتزم مع جهة الإدارة، أو وفقاً للشروط التي تقتضيها طبيعة العمل ويضعها الملتزم، ويقتضيها ما ينظم العمل من قوانين أخرى.

وإذا ثار ثمة نزاع بين الملتزم وبين المنتفع بصدد هذا الانتفاع كان للأخير اللجوء إلى القضاء العادي، كأن يكون المرفق قد قطع عنه خط التليفون، أو أوقف مده بالكهرباء أو المياه أو الغاز.

ويختص القضاء المستعجل بنظر هذه المنازعات إذا توافر فيها شرطاً اختصاصه العامان وهما: الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، ولاشك أن الاستعجال يكون متوافراً إذا قطع المرفق المياه أو الغاز أو الكهرباء عن المنتفع دون وجه حق.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن الصفحة/ 354)