مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 131
مذكرة المشروع التمهيدي :
المعيار الذي يقرره هذا النص للتمييز بين المنح التي تعتبر جزءاً من الأجرة وتلك التي تعتبر مجرد تبرع هو المعيار الذي يتبين من مراجعة القضاء الدولي في هذا الموضوع (مجموعة القضاء الدولي للعمل : 1928 ألمانيا ن 21 - 1929 ألمانيا ن 17 وفرنسا ن 20 - 1930 فرنسا ن 37 - 1931 ألمانيا 21 و 25 وفرنسا ن 38 والولايات المتحدة ن 18 - 1932 فرنسا ن 34 و 36 و 38 وألمانيا ن 15 و 26 - 1933 الولايات المتحدة ن 13 وفرنسا ن 36 و 37 وإيطاليا ن 44 - 1935 / 1936 إيطالیا ن 57 ) .
وقد اعتبرت محكمة الاستئناف المختلطة ( 21 يونية سنة 1927 ب 39 ص 556) النسب المئوية التي تعطي لمستخدمي المحلات التجارية عنصراً من عناصر الأجر تجب مراعاته عند تقدير التعويض عن الطرد في وقت غير لائق ولكن المحكمة ذاتها في قضية أخرى ( 15 مايو سنة 1923 ب 35 ص 444 ) لم تعتبر علاوة غلاء المعيشة جزءاً من الأجر ولما كان هذا التمييز ليس له ما يبرره، فإن المشروع لم يأخذ به واعتبر هذه العناصر المختلفة جميعاً جزءاً من الأجر.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة 947 من المشروع، فأقرتها اللجنة بالصيغة الآتية :
تعتبر المبالغ الآتية جزءاً لا يتجزأ من الأجر وتحسب في تعيين القدر الجائز الحجز عليه :
(1) العمالة التي تعطى للطوافين والمندوبين الجوابين والممثلين التجاريين.
(2) النسب المئوية التي تدفع إلى مستخدمي المحلات التجارية عن ثمن ما يبيعونه والعلاوات التي تصرف لهم بسبب غلاء المعيشة.
(3) كل منحة تعطى للعامل أو أجرة الشهر التي تصرف له علاوة على المرتب في نهاية كل سنة وما يصرف له جزاء أمانته أو في مقابل زيادة أعبائه العائلية وما شابه ذلك إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقود العمل الفردية أو لوائح المصنع أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً على أن تكون هذه المبالغ معلومة المقدار قبل الحجز .
وأصبح رقم المادة 715 في المشروع النهائي.
المشروع في مجلس النواب
تقرير لجنة الشئون التشريعية :
فقرة 3 : أدخل عليها تعديل . فاستبدلت بعبارة « أو أجرة الشهر التي تصرف » عبارة « أو الأجر الذي يصرف» فأصبح النص كما يأتي (3) کال منحة تعطى للعامل أو الأجر الذي يصرف له علاوة على المرتب في نهاية كل سنة ...» حتى يدخل في النص ما يستحقه العامل من أجر في آخر كل سنة فوق مرتبه، وقد يزيد على أجرة الشهر، وكثيراً ما يصل إلى أجر ثلاثة أشهر.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 714
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثالثة والثلاثين
تليت المادة 714 فرأت اللجنة حذف عبارتي « الأجر الذي يصرف له» لأن المنحة الواردة في صدر المادة تشمل هذه الصورة وغيرها و«في نهاية كل سنة» لإطلاق المنحة بصرف النظر عن مواعيد منحها.
تقرير اللجنة :
حذفت اللجنة من الفقرة الثالثة عبارة « أو أجرة الشهر التي تصرف له» وعبارة «في نهاية كل سنة» لأنهما من قبيل التزيد إزاء عموم عبارة «كل منحة »
وأصبح رقم المادة 683.
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة.
1 ـ إذ كان الثابت فى الدعوى - على ما سجله الحكم المطعون فيه - أن تلك الأعمال التى أضافها البنك إلى المطعون ضده الأول تخرج من نطاق عمله الأصلى و تغاير طبيعته فى غير أوقات العمل الرسمية و هى بهذه المثابة تعد أعمالا إضافية يفترض أنها فى مقابل أجر ، فإن أجر المطعون ضده الأول عن هذه الأعمال يكون أجراً إضافياً و لا يعتبر مكافأة تشجيعية فى مدلول المادتين 13 من نظام العاملين بالشركات الصادر بالقرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 1962 ، 30 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار الجمهورى رقم 3309 لسنة 1966 لما كان ذلك ، و كان هذا الأجر إذا لم يتفق على تعيين مقداره يتولى القاضى تقديره طبقاً لنص المادة 1/682 من القانون المدنى ، فإن الحكم إذا إنتهى إلى تقدير أجر المطعون ضده الأول عن تلك الأعمال لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 505 لسنة 39 جلسة 1975/05/31 س 26 ص 1132 ق 217)
2 ـ من المقرر إعمالاً لإلتزام رب العمل بأن يدفع للعامل أجراً مقابل ما أداه من عمل ، أنه يجب فى حالة تحديد أجر العامل بنسبة مئوية من الأرباح و ثبوت أن المنشأة التى يعمل بها لم تحقق أى ربح أن يقدر للعامل أجره وفقاً للأسس الواردة فى المادة 1/682 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 469 لسنة 37 جلسة 1973/03/03 س 24 ع 1 ص 372 ق 67)
3 ـ لا يجوز نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة عن المركز الذى كان يشغله إلا إذا إقتضت مصلحة العمل هذا النقل و لم يكن الغرض منه الإساءة إلى العامل و ذلك فى نطاق ما تقضى به المادة 2/696 من القانون المدنى . و لا يقدح فى ذلك أن يكون العامل قد تعهد بالإستمرار فى خدمة رب العمل فى العمل الذى يسنده إليه لمدة سبع سنوات ، إذ يعتبر نوع العمل بموجب هذا العقد غير محدد إتفاقا ، و يتعين لتحديده - وفقا لما تقضى به المادة 2/682 من القانون المدنى - أن يرجع إلى عمل المثل ثم إلى عرف الجهة ، فإن لم يوجد تولى القاضى هذا التحديد وفقا لمقتضيات العدالة .
(الطعن رقم 264 لسنة 33 جلسة 1967/01/24 س 18 ع 1 ص 198 ق 31)
4 ـ لرب العمل بمقتضى سلطته فى الإدارة و الإشراف - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن ينظم وقت العمل اليومى طبقاً لحاجة العمل و ظروف الإنتاج و يلزم العامل بأداء عمله وفقاً للتنظيم الذى وضعه رب العمل متى كان هذا التنظيم لا يتعارض مع القانون ، فإذا كان العمل قد جرى فى المنشأة على تشغيل العمال ساعات أقل من المحدد فى القانون و رأى صاحب المنشأة لصالح المنشأة أن يعدل فى التنظيم الذى أتبعه من قبل و أن يزيد ساعات العمل اليومى إلى الحد الأقصى المقرر فى القانون ، و لم يمنعه من ذلك نص فى عقد العمل فلا يجوز إلزامه بالعودة إلى النظام السابق .
(الطعن رقم 416 لسنة 34 جلسة 1970/04/15 س 21 ع 2 ص 630 ق 101)
5 ـ لما كان الثابت فى البند الثاني من عقود عمل الطاعنين أنه تم الاتفاق بينهم وبين المطعون ضدها على أن تقوم الأخيرة بأداء أجورهم شهرياً بالدولار الأمريكي أو ما يعادله بالعملة المصرية ، فإن مؤدى هذا التعادل إذا رأت المطعون ضدها صرف الأجور أو جزء منها بالعملة المصرية أن تكون قيمتها مساوية لنفس القيمة بالدولار الأمريكي طبقاً للسعر المعلن فى تاريخ الاستحقاق للأجور المستحقة قبل العمل بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 54 لسنة 1989، وفي اليوم العشرين من الشهر بالنسبة للأجور المستحقة بعد العمل بذلك القرار الذي اعتد بهذا التاريخ لتحديد سعر صرف العملة الأجنبية التي يصرف ما يقابلها من أجور بالعملة المصرية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض طلب الطاعنين أحقيتهم فى الفروق المالية المترتبة على صرف نسبة من أجورهم بالعملة المصرية طبقأً لسعر صرف ثابت للدولار منذ 1981/3/1 تأسيساً على سلطة المطعون ضدها فى تثبيت هذا السعر على الرغم من تغير السعر بالزيادة وما يتضمنه ذلك من تعديل فى مكونات الأجر ترتب عليه خفضه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 154 لسنة 63 جلسة 2000/05/21 س 51 ع 2 ص 705 ق 129)
6 ـ للعامل الحق فى تعويض ما أصابه من ضرر مادى مباشر بسبب إنهاء عقده بغير مبرر مشروع .
(الطعن رقم 143 لسنة 29 جلسة 1967/03/15 س 18 ع 2 ص 636 ق 100)
7 ـ فى تعيين العمل يكفى بيان جنس الخدمة بغير تحديد لنوعها ومداها فى عقد العمل ، وفى تحديد نوع الخدمة الواجب على العامل آداءها وفى تحديد مداها يتعين الرجوع إلى الأعمال التى يقوم بها نظراؤه وإلا تحددت بالرجوع إلى العرف فإن لم يوجد تولى القاضى تحديدها وفقا لمقتضيات العدالة ، وفى هذا النطاق وبما لرب العمل من سلطة تنظيم منشأته وإتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها فإنه يسعه ويكون له ، تعديل الأوضاع المادية لمختلف الخدمات التى تؤديها وإعادة توزيعها على عماله ومستخدميه وتحديد إختصاصات كل منهم بما يتفق مع صلاحيته وكفايته ومؤهلاته طالما أنه لا يمس أجورهم ومراكزهم الأدبية .
(الطعن رقم 143 لسنة 29 جلسة 1967/03/15 س 18 ع 2 ص 636 ق 100)
تعتبر العمالة التي تعطى للطوافين والمندوبين والممثلين التجاريين والنسب المئوية التي تعطى للمستخدمين عن ثمن ما يبيعونه و العلاوات والمنح جزءاً لا يتجزأ من الأجر، والمنحة هي مبلغ يعطى للعامل في أوقات دورية محددة كمرتب شهر كل سنة والأصل في المنحة أنها تبرعاً لا إلزام فيها إلا إذا أدرجت في العقد فتصبح جزءاً من الأجر، أما اذا لم تدرج في العقد واعتاد رب العمل على منحها وكان لها صفة العمومية بشمولها جميع العمال أو بعض فئات منهم، وكذلك الاستمرار بدفعها في أوقات دورية منتظمة، والتحديد بعدم تغيير قدرها من مرة الأخرى، فإنها تعتبر جزءاً من الأجر، وعلى العامل إثبات الخصائص المشار اليها، وقد سوى المشرع بين المنحة وبين العلاوة التي تعطى كل مدة معينة، أما علاوة غلاء المعيشة فاعتبرها المشرع جزءاً من الأجر متی منحت للعامل. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة/ 544)
وهذه المبالغ هي:
أولاً العمالة التي تعطى للطوافين والمندوبين الجوابين والممثلين التجاريين.
المقصود بالعمولة
يقصد بالعمولة)، أو العمالة commission ما يحصل عليه عادة الوسطاء والممثلون التجاريون من نسب مئوية من قيمة التوصيات التي يتوسطون فيها أو يعقدونها لحساب من يمثلونهم من أصحاب الأعمال مقابل عملهم وجهدهم في اجتلاب هذه التوصيات والصفقات.
اعتبار العمولة جزءاً من الأجرة
نصت المادة على اعتبار العمولة التي تعطى للطوافين والمندوبين الجوابين والممثلين التجاريين جزءاً من الأجر.
وكان قد ثار خلاف في الفقه حول طبيعة عمل الممثلين التجاريين والمندوبين الجوابين الذين يؤجرون على أساس العمولة وهل يعتبر من قبيل الوكالة أو يعد أداء العمل مقترن بالتبعية، فحسم التقنين المدني المصري هذا الخلاف بالنص في الفقرة الأولى من المادة 676 على سريان "أحكام عقد العمل على العلاقة ما بين أرباب الأعمال وبين الطوافين التجاريين والمندوبين الجوابين ومندوبي التأمين وغيرهم من الوسطاء، ولو كانوا مأجورين بطريق العمالة أو كانوا يعملون لحساب جملة من أرباب الأعمال، مادام هؤلاء الأشخاص تابعين لأرباب العمل وخاضعين لرقابتهم".
وكانت نتيجة منطقية لهذا التكييف أن تعتبر العمالة التي تعطى للطوافين والمندوبين الجوابين والممثلين التجاريين أجراً إلا أن المشرع حرص على النص على ذلك صراحة لإزالة أي خلاف في هذا الشأن، وليستبعد في الوقت نفسه ما ذهبت إليه بعض أحكام القضاء الفرنسي من أن الأجر بالعمولة يعتبر إحدى الخصائص المميزة لعقد الوكالة.
وواضح مما تقدم، أن اعتبار العمالة أجراً وخضوعها تبعاً لذلك للأحكام الخاصة بأجور العمال رهين بكون الوسطاء التجاريين تابعين لأرباب العمل وخاضعين لرقابتهم ولو كان الواحد منهم يعمل لحساب جملة من أرباب الأعمال لأنه بدون هذه التبعية وهذا الخضوع لا يعتبر العقد الذي يربط هؤلاء الوسطاء بأرباب الأعمال عقد عمل، ولا يكون ما يتقاضونه من عمالة خاضعاً لأحكام أجور العمال .
تقدير سعر العمولة
لم يورد الشارع أساساً لتقدير سعر العمالة ولا لكيفية احتسابها. ومن ثم فإن الأصل أن يحدد العقد المبرم بين صاحب العمل وبين المندوب التجاري أو الوسيط، النسبة المئوية التي يحصل عليها الأجير كعمولة مقابل العمليات التي يتوصل إلى الحصول عليها، فإذا سكت عن ذلك فيرجع في تحديد تلك النسبة إلى الضوابط التي وضعها المشرع لتحديد الأجر في نص المادة 682 / 1 من القانون المدني والتي تجري على أن:
"إذا لم تنص العقود الفردية أو العقود الجماعية أو لوائح المصنع على الأجر الذي يلتزم به صاحب المصنع، أخذ بالسعر المقرر لعمل من ذات النوع إن وجد، وإلا قدر الأجر طبقاً لعرف المهنة وعرف الجهة التي يؤدي فيها العمل، فإن لم يوجد عرف تولى القاضي تقدير الأجر وفقاً لمقتضيات العدالة".
وقد لا يتناول العامل أجراً عن عمله سوى العمالة فتكون هي الأجر الوحيد له، وقد تضاف العمالة إلى أجر ثابت يتقاضاه العامل فتعتبر من ملحقات الأجر. ولا تتوقف العمالة على تحقيق ربح وإنما تحسب على أساس قيمة ما يحققه الوسيط أو الممثل التجاري من توصيات أو صفقات، مما يجعلها متوقفة أساساً على مبلغ جهده ونشاطه. وفي هذا تختلف عن المشاركة في الأرباح التي تفترض أن المنشأة حققت أرباحاً صافية وإلا لا يستحق العامل شيئاً. والأصل أن تستحق العمالة على العمليات التي ساهم الوسيط مباشرة في إتمامها، ولكن ليس ما يمنع من أن يوجد اتفاق أو عادة أو عرف على استحقاق العمالة كذلك على العمليات التي يمكن اعتبار إتمامها راجعاً إلى الوسيط بطريق غير مباشر نتيجة نشاطه العام في المنطقة التي يعمل فيها.
والأصل كذلك ما لم يوجد اتفاق أو عرف مخالف أن تحسب العمالة على أساس الثمن العادي للبيع المتفق عليه، دون احتسابها على قيمة أكبر بإضافة بعض الملحقات - كمصاريف النقل والتغليف أو رسم الإنتاج، أو على أساس قيمة أقل باستنزال قيمة الخصم الاستثنائي الممنوح شخصياً للعميل.
ولا تستحق العمالة للوسيط في الأصل إلا بعد قبول صاحب العمل التوصية أو الصفقة وتأكيده لها، ولكن يمكن الاتفاق على تأجيل استحقاقها إلى حين الوفاء بالثمن ورهنها به، وإن كان مثل هذا الاتفاق يعرض الوسيط لمخاطر غير قليلة. ولذلك فإن القضاء الفرنسي يحاول الحد منها بتقرير حق الوسيط في العمالة إذا كان عدم الوفاء راجعاً إلى صاحب العمل أو تأخيره أو عدم مطابقة البضاعة للعينة، وبتقرير عدم حرمان الوسيط من العمالة إلا إذا كان عدم تنفيذ الصفقة راجعاً إلى خطئه المهني أو ناشئاً عن عدم ملاءة العميل الشائعة وقت أخذ الطلب .
وإذا كانت العمالة تعتبر من قبيل الأجر على أساس أنها تمثل مقابل جهد أو عمل يقوم به الوسيط، فيجب تفريعاً على ذلك اعتبار العمالة مستحقة له عن كل صفقة تبرم حتى بعد انتهاء عقده مع صاحب العمل متى كانت نتيجة مباشرة لجهده ونشاطه أثناء العقد .
وعلى هذا نصت المادة 276 / 2 من القانون المدني بقولها "وإذا انتهت خدمات الممثل التجاري أو المندوب الجواب ولو كان ذلك بانتهاء المدة المعينة فی عقد استخدامه، كان له الحق في أن يتقاضى على سبيل الأجر العمالة أو الخصم المتفق عليه أو الذي يقضي به العرف عن التوصيات التي لم تبلغ رب العمل إلا بعد خروج الممثل التجاري أو المندوب الجواب من خدمته، متى كانت هذه التوصيات نتيجة مباشرة لما قام به هؤلاء المستخدمون من سعى لدى العملاء أثناء مدة خدمتهم. على أنه لا يجوز لهم المطالبة بهذا الحق إلا خلال المدة المعتادة التي يقرها العرف بالنسبة إلى كل مهنة".
والنص وإن ذكر طائفتين فقط يسري عليهما حكمه هما طائفة المندوبين الجوابين والممثلين التجاريين، إلا أنه يسرى بطريق القياس على باقي الطوائف الأخرى المماثلة .
وإذا كان الحكم الوارد بالنص قاصراً على حالة انتهاء عقد عمل الوسيط إلا أنه يسرى بطريق القياس على حالة وقف العقد، وقد أخذت محكمة النقض الفرنسية بذلك وجعلت للوسيط الحق في العمالة.
العمولة قد تكون أجراً أساسياً وقد تكون من ملحقات الأجرة:
قد تكون العمولة هي كل الأجر المتفق عليه، وفي هذه الحالة تعتبر أجراً أساسياً، وقد يكون هناك أجر ثابت تضاف إليه العمولة، وفي هذه الحالة تعتبر العمولة من ملحقات الأجر.
لا تستحق العمولة إذا كانت من ملحقات الأجر إلا إذا تحقق سببها :
إذا كانت العمولة من ملحقات الأجر أي تضاف إلى أجر ثابت للعامل، فإنها تكون من ملحقات الأجر غير الدائمة التي ليس لها صفة الثبات والاستقرار، لأنها لا تستحق إلا إذا باشر العامل العمل الذي قررت من أجله، فإذا لم يباشر هذا العمل فإنه لا يستحق العمولة، ومثل ذلك عمولة البيع أو التوزيع أو الإنتاج ... إلخ.
فهي لا تعدو أن تكون مكافأة قصد بها إيجاد حافز على العمل.
يذهب الفقه إلى أنه لما كان الأجر يشمل كل ما يعطى للعامل لقاء عمله أياً كان نوعه، فيشمل إلى جانب ما ينعت بالأجر الثابت جميع ملحقاته التي لها تكييف الأجر ولو كانت غير ثابتة ومنها العمولة، فإنه يتعين احتساب العمولة عندما تكون من ملحقات الأجر أي عندما تضاف إلى أجر ثابت يتقاضاه العامل، ضمن الأجر الذي يحسب على أساسه مستحقات العامل المالية، ولا ينال من ذلك أن العمالة بطبيعتها متغيرة ذلك أنه يمكن تقديرها على أساس ما تناوله العامل عن أيام العمل الفعلية في السنة الأخيرة، وقد أوضح الشارع ذلك في القانون الملغى صراحة.
فبعد أن نص في المادة 7 /1 من القانون العمل الملغي (المقابلة للمادة 39 من القانون الجديد) على طريقة تقدير عناصر الأجر غير الثابتة کالعمالة أو النسبة المئوية على رقم الأعمال على أساس متوسط ما تناوله العامل عن أيام العمل الفعلية في السنة الأخيرة أو عن المدة التي اشتغلها إن قلت عن ذلك مقسوما على عدد أيام العمل الفعلية عن ذات الفترة نص في الفقرة الثانية منها على أن المتوسط وفقاً الأساس الذي وضعه "هو المستحق للعامل أثناء الإجازات السنوية أو المرضية أو إجازات الأعياد أو الراحة الأسبوعية أو في حالات العطل أو التوقف.
وعندنا أن رأى الفقه في محله.
ثانياً : اتجاه محكمة النقض:
لم تأخذ محكمة النقض برأي الفقه، وجرى قضاؤها على أنه إذا كانت العمولة من ملحقات الأجر، فإنها تضحي من ملحقات الأجر غير الثابتة أو المستقرة، ولا تدخل في حساب حقوق العامل المالية، كأجره في أيام الإجازات الاعتيادية والمرضية وفي مدة وقفه عن العمل.
أيدت المحكمة العليا الاتجاه الذي سار عليه قضاء محكمة النقض، عندما عرض عليها طلب تفسير المادتين الثالثة والتاسعة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغى لبيان مفهوم الأجر الذي يستحق للعاملين بالقطاع العام الذين يعملون بنظام الطريحة وذلك عند قيامهم بالإجازات المقررة.
تحسب العمولة ضمن الأجر في تطبيق أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل) بإصدار قانون التأمين الاجتماعي، فتدخل على سبيل المثال في حساب المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة لأن المادة (5 / ط) من القانون التي عرفت الأجر أدخلت فيه( العمولات).
يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأجر النسب المئوية التي تدفع إلى مستخدمى المحال التجارية عن ثمن ما يبيعونه.
فقد جرى العمل في بعض المنشآت، لاسيما في المحال التجارية التي تقوم ببيع السلع أو تقديم الخدمات الجمهور على إعطاء العمال مبالغ تحسب على أساس نسبة مئوية محدودة من جملة مبيعاتهم وذلك تشجيعاً لهم على بذل كل جهودهم لحمل العملاء على الشراء. وجرى العمل على إطلاق اسم (الجلدة) على هذه المبالغ. وهذه النسبة شكل من أشكال العمالة وتعتبر جزءاً متغيراً من أجر العامل وتضاف إلى أجره الثابت.
العلاوات التي تصرف للعامل بسبب غلاء المعيشة :
(1) المقصود بهذه العلاوات:
يقصد بالعلاوة التي تصرف بسبب غلاء المعيشة، العلاوة التي تعطى للعامل زيادة على أجره الأصلي، لمواجهة أعباء ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وهي المعروفة بعلاوة الغلاء أو بإعانة الغلاء.
والنص الصريح على اعتبار علاوة الغلاء جزءاً من الأجر يحسم ما قد يثور من شك حول طبيعتها، فليس من اليسير اعتبارها جزءاً من الأجر على ضوء المعيار في تحديد الأجر، فعلاوة الغلاء تتفاوت بتفاوت الأعباء العائلية للعامل، ولو اقتصر الأمر على تفسير الأجر على أنه مجرد مقابل العمل الذي يؤديه العامل، لما أمكن تبرير التفاوت في علاوة الغلاء وفقاً لاختلاف الأعباء العائلية ولكان هناك مجال للتردد في اعتبار علاوة غلاء المعيشة جزءا من الأجر، لهذا حسم الشارع الأمر بالنص الصريح على اعتبار علاوة الغلاء جزءاً من الأجر .
وتصرف علاوة غلاء المعيشة بناء على اتفاق الطرفين بعقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للعمل، أو إذا جرت عادة صاحب العمل على دفع هذه الإعانة بصفة مستمرة حتى أصبح العمال يعتبرونها جزءاً من الأجر.
كما تصرف هذه العلاوة بناء على نص تشریعی.
وتقرير علاوة غلاء المعيشة مظهر هام من مظاهر الطابع الإنساني أو الحيوي للأجر.
2- العلاوات التى تقررت بسبب غلاء المعيشة:
3- راجع في هذا مؤلفنا المشار إليه ج 1 ص 88 وما بعدها .
خامساً : المنح والمكافآت التي تمنح للعامل تعتبر الفقرة الثالثة من المادة كل منحة تعطى للعامل علاوة على المرتب وما يصرف له جزاء أمانته (المكافأة) جزءاً لا يتجزأ من الأجر تحسب في تعيين القدر الجائز الحجز عليه إذا كانت هذه المبالغ مقررة في عقود العمل الفردية أو لوائح المصنع أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع يعتبرونها جزءا من الأجر لا تبرعاً، على أن تكون هذه المبالغ معلومة المقدار وقت الحجز.
ونعرض فيما يلى لأحكام المنحة والمكافأة:
المقصود بالمنحة
المقصود بالمنحة La gratification هو ما يعطيه صاحب العمل للعمال زيادة على أجورهم المحددة أو المتفق عليها، سواء كان هذا العطاء نقداً أو عيناً، مثل إعطاء بعض شركات الغزل والنسيج عمالها بعض الأقمشة، في مناسبات أو أوقات معينة، كالأعياد أو الزواج أو الولادة أو نهاية السنة المالية للمنشأة، وهذه المنحة ترتبط مباشرة بالكفاءة أو الأمانة في أداء العمل.
ويشترط أن تكون المنحة من مال صاحب العمل.
و بالبناء على ذلك فإنه يخرج من عدد المنح التي تعتبر صورة من صور الأجر، المنحة التي يصرفها صاحب العمل للنقابة التي تضم عمالة بصفتها أصيلة لا وكيلة عنهم، إذ بذلك تكون النقابة هي صاحبة الحق في الحصول عليها وليس العمال، بينما الشرط الأساسي فيما يعتبر أجراً أن يكون للعامل حق شخصي فيه وفي اقتضائه. ولا ينقض ذلك أن يشترط صاحب العمل على النقابة صرف المنحة في الأوجه التي تعود بالنفع على أعضائها العمال، إذ لا يترتب على ذلك تغيير في شخص المتعاقد الذي تم التعاقد على صرف المنحة له بصفة أصيلة وهو النقابة بوصفها شخصاً اعتبارياً مستقلاً عن أشخاص أعضائها. ولذلك لا يحق لأي من العمال ولا لمجموع منهم مطالبة صاحب العمل بجزء من هذه المنحة، حتى ولو انفصلوا عن النقابة التي كانوا منضمين إليها، إذ ليس لهم قبله حق شخصي فيها يؤسسون عليه هذه المطالبة.
المقصود بالمكافأة:
المقصود بالمكافأة La prime هو ما يدفعه صاحب العمل للعمال زيادة على أجورهم المحددة أو المتفق عليها من مقابل نقدي أو عيني، ليس في مناسبة معينة أو وقت معين - وإنما جزاء أمانتهم أو كفاءتهم أو ما شابه ذلك، ومثل ذلك المكافأة التي تعطى للعامل الذي يحقق تقليلاً في نفقات الإنتاج بتوفير في استهلاك المواد الأولية، أو زيادة في الإنتاج، أو تحسبناً في نوعه، أو تعطى له جزاء فرط ضبطه للمواعيد خاصة في منشآت النقل، أو شدة مواظبته على العمل، أو زيادة مؤهلاته الفنية أو إتقانه لغة.
والمكافأة ترتبط بسببها، وتدور مع هذا السبب وجوداً وعدماً، فمكافأة الإنتاج التي تعطى للعامل إذا حقق زيادة في الإنتاج فعلاً، لا تعطى له إذا لم يحقق هذه الزيادة ومن باب أولى إذا لم يباشر العمل أصلاً.
والأصل في المنحة أو المكافأة أنها تبرع، غير أنها تكون جزءاً من الأجر في حالتين. وعندئذ يكون صاحب العمل ملزماً بأدائها إلى العمال ولا يخضع مقدارها لتقديره. وهذا ما نعرض له في البنود التالية.
متى تعتبر المنحة أو المكافأة جزءاً من الأجرة تعتبر المنحة أو المكافأة جزءاً من الأجر في حالتين:
الحالة الأولى:
إذا كانت المنحة أو المكافأة مقررة في عقود العمل الفردية أو لوائح المصنع.
ولئن كان الظاهر من النص أنه يقصد المنحة أو المكافأة على عمال الصناعة وحدهم إذ أنه يتكلم عن اللوائح المصنع" و "عمال المصنع"، إلا أن القضاء لم يأخذ - بحق - بظاهر هذه الاصطلاحات وصرفها إلى المعنى الأعم (العمال) بصرف النظر عن هذا الظاهر.
ويتعين الرجوع إلى العقد أو الأنظمة الأساسية للعمل لتحديد قيمة المنحة أو المكافأة وشروط استحقاقها ومواعيد الوفاء بها، ولا يشترط أن يحدد لها العقد قيمة ثابتة لأن هذا الثبات إنما يشترط توافره عندما يكون مصدر المنحة هو العرف الذي جرى بإعطائها لا الاتفاق.
الحالة الثانية: جریان العرف على المنحة:
وليس المقصود بالعرف في هذا المجال - طبقاً للرأي الراجح في الفقه – بمعناه الاصطلاحي Coutume، الذي يتطلب لقيامه توافر رکنین: مادی و معنوى، إنما يقصد به العادة الثابتة) في المشروع أو المهنة. وتتوافر هذه العادة الثابتة) إذ جرت عادة رب العمل على إعطاء عماله المنحة أو المكافأة بحيث أنها لم تعد تعتبر تبرعاً تخضع لمشيئة صاحب العمل أو إرادته أو تقديره، بل أصبحت التزاما عليه الوفاء به اختياراً أو إجباراً .
إذا نص النظام الأساسي للعمل على أن المنحة أو المكافأة لا تعتبر ضمن الأجر، فإن هذا النص يؤكد تمسك صاحب العمل بالإبقاء عليها بوصفها تبرعاً لا التزاماً ومن شأنه أن ينفي جريان العرف بها، ويتعين اعتبارها تبرعاً وليس التزاماً.
الشروط الواجب توافرها في المنحة أو المكافأة التي يجري العرف على اعتبارها جزءاً من الأجرة.
(أ)- عمومية المنحة أو المكافأة:
يشترط في المنحة أو المكافأة أن تكون عامة. وليس المقصود بعمومية المنحة ضرورة شمولها للمهنة كلها وإنما يكفي أن تصرف المنحة أو المكافأة لكافة العاملين في المنشأة، أو أن تصرف لفئة أو فئات معينة من العمال، كأن تصرف لطائفة العمال المشتغلين في فرع الإنتاج أو لطائفة العمال المتصل عملهم بالجمهور مباشرة، أو الطائفة العمال دون الموظفين.
كذلك يتوافر شرط العمومية بالنسبة للمكافأة إذا كانت تعطى لكل عامل لم يتأخر عن موعد بدء العمل مطلقاً خلال السنة السابقة أو حقق وفراً في استخدام الوقود بلغ قدراً معيناً.
ويذهب البعض إلى أنه لا يخل بشرط العمومية وضع قواعد منظمة للحرمان من المنحة، كالنص في لائحة النظام الأساسي للعمل في المنشأة على حرمان العامل من المنحة إذا توقع عليه عدد معين من الجزاءات.
ويبدو أن هذا الرأي يتفق مع اتجاه محكمة النقض التي أجازت النص في لائحة النظام الأساسي للمنشأة على عدم اعتبار المنحة جزءاً من الأجر أصلاً.
إنما يتخلف شرط عمومية المنحة إذا كان لصاحب العمل حرمان من يشاء من عمال المشروع أو من عمال الطائفة المقررة لها المنحة.
(ب) - استمرار المنحة أو المكافأة:
يجب أن تكون المنحة أو المكافأة مستمرة، ويقصد بذلك أن يطرد دفعها إلى العمال مدة كافية لإثبات أن أمرها لم يعد في يد رب العمل إن شاء أعطاها وإن شاء منعها، إنما أصبح ملزماً بدفعها إلى عماله .
ولم يحدد القانون المدة الزمنية الكافية للقول باستمرار المنحة أو المكافأة. ومن ثم فإن القاضي هو الذي يستقل بتحديد هذه المدة على ضوء ظروف وملابسات الحال.
وقد جرت هيئات التحكيم على تحديد هذه المدة بخمس سنوات متتالية على الأقل .
(ج)- ثبات المنحة أو المكافأة:
يقصد بثبات المنحة أو المكافأة، أن تكون قيمة المنحة أو المكافأة محددة بطريقة ثابتة لا تتغير إذ أن ذلك يؤدي إلى القول بانتفاء سلطة رب العمل التقديرية بشأنها، ومثل ذلك أن تحدد المنحة بمائة جنيه كل سنة أو بأجر نصف شهر، بل قيل بأن المنحة تعتبر ثابتة ولو كانت محددة بنسبة معينة من الأرباح عن كل سنة، إنما يشترط أن تكون هذه المنحة أو المكافأة مقدرة وفقاً لاعتبارات موضوعية بغض النظر عن الاعتبارات الشخصية.
أما إذا كانت قيمة المنحة أو المكافأة تتأرجح بين الزيادة والنقصان بطريقة لا يمكن معها القول بأنها خرجت عن سلطة رب العمل التقديرية فإنها لا تعدو أن تكون في هذه الحالة تبرعاً.
ولا يقتضى ثبات المنحة أو المكافأة جمود قيمتها دون طروء أي تعديل عليها، وإنما يكفي لثباتها عدم الانتقاص من قيمتها، سواء كان هذا الانتقاص عابراً أو مستمراً.
غير أنه إذا تعهد صاحب العمل بصرف المنحة أو المكافأة على الأساس المنتقص فحينئذ يلزم بالمنحة بمقتضى هذا التعهد لا بمقتضى العرف.
ولذلك لا يعتبر شرط الثبات متخلفاً إذا طرأت زيادة على قيمة المنحة أو المكافأة لأنه إذا كانت هذه الزيادة عابرة فالمنحة أو المكافأة في قيمتها الأصلية ثابتة وملزمة، أما الزيادة فتكون مجرد تبرع.
أما إذا طرأت الزيادة واستمرت المدة الكافية فحينئذ تكون قيمة المنحة أو المكافأة قد زيدت زيادة ملزمة لصاحب العمل.
أما إذا تذبذبت قيمة المنحة أو المكافأة بين الزيادة والنقصان، فإن شرط الثبات يضحي متخلفاً، إذ مفاد ذلك أنه لم يتكون بعد العرف الذي يلزم صاحب العمل بالمنحة أو المكافأة وأنه ما يزال حراً في تحديد قيمتها. ولكن إذا أتيح لقيمة المنحة بعد فترة التذبذب هذه أن تثبت على نحو معين وأن يستمر هذا الثبات المدة الكافية، فحينئذ يتحقق شرط الثبات المطلوب ويمكن القول بقيام عرف بالمنحة بهذه القيمة الثابتة.
إذا ادعى العامل وجود عرف (عادة) بإعطاء المنحة أو المكافأة كان عليه وفق المادة الأولى من قانون الإثبات عبء إثبات هذه العادة، وإثبات الشروط اللازمة لتوفرها.
ويعتبر قيام العادة أو عدم قيامها مسألة واقع يفصل فيها قاضى الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض، طالما كان استخلاصه لقيام العادة أو عدم قيامها سائغا ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
(هـ) المكافأة تدور وجوداً وعدماً مع سبب استحقاقها:
المكافأة تدور وجوداً وعدماً مع سبب استحقاقها فإذا كانت تمنح في حالة زيادة الإنتاج فإن العامل لا يستحقها إلا في حالة زيادة الإنتاج بالفعل.
إذا توافرت الشروط اللازمة لجريان العرف على المنحة أو المكافأة، فإن صاحب العمل يضحى ملزماً بأدائها إلى عماله. ولا يجوز له إلغاؤها بإرادته المنفردة.
يترتب على اعتبار المنحة أو المكافأة جزءاً من الأجر عدة نتائج منها :
1- التزام صاحب العمل بالوفاء بالمنحة أو المكافأة عند تحقق شروطها في الوقت المعين لأدائها، فلا يكون الوفاء بها متروكاً لتقديره.
وإذا ترك العامل العمل قبل حلول موعد صرف المنحة أو المكافأة، فإن حقه فيها لا يسقط، بل يستحق جزءاً منها يقدر بنسبة المدة التي قضاها في خدمة رب العمل من السنة الأخيرة التي تستحق عنها المنحة أو المكافأة .
2- احتساب المنحة أو المكافأة ضمن الأجر، عند احتساب الحد الأدنى للأجر.
3- احتساب المنحة أو المكافأة ضمن الأجر الذي يحسب على أساسه التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار، وعن التعسف في إنهاء العقد ذي المدة غير المحددة، أو نقض العقد ذي المدة المحددة قبل حلول أجله، إذا صدر الإنهاء في الحالتين من صاحب العمل.
4- احتساب المنحة أو المكافأة ضمن الأجر الذي تحسب على أساسه مكافأة نهاية الخدمة أو المعاش.
5- احتساب المنحة أو المكافأة عند تحديد الزيادة في الأجر عن ساعات العمل تابع شرح الإضافية، وفي تعيين مقابل الأجر خلال الإجازة السنوية، إلا إذا كانت المنحة أو المكافأة سنوية، لأنها تمنح - عندئذ - عن السنة كاملة، ومنها مدة الإجازة، وتؤدي إضافتها إلى الأجر لحساب مقابل الإجازة إلى حصول العامل عليها مرتين .
ما يصرف للعامل مقابل زيادة أعبائه العائلية هو ما يعبر عنه بالعلاوة الاجتماعية، فهي زيادة في أجر العامل تعطى له مقابل زيادة أعبائه العائلية، كالزواج أو إنجاب الأولاد.
وتعد العلاوة الاجتماعية مظهر هام من مظاهر الطابع الإنساني أو الحيوي للأجر.
وتعتبر العلاوة الاجتماعية جزءاً لا يتجزأ من الأجر تحسب في القدر الجائز الحجز عليه، وذلك إذا كانت هذه العلاوة مقررة في عقود العمل الفردية أو لوائح المصنع - بالمفهوم الذي ذكرناه سلفا – أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح عمال المصنع يعتبرونها جزءاً من الأجر لا تبرعاً، على أن تكون هذه المبالغ معلومة المقدار قبل الحجز.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 576)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس عشر ، الصفحة / 208
جعالةٌ
التّعْريفُ:
1 - الْجُعْلُ بالضّمّ الأْجْرُ، يُقالُ: جعلْتُ لهُ جُعْلاً، والْجعالةُ بكسْر الْجيم وبعْضُهُمْ يحْكي التّثْليث اسْمٌ لما يُجْعلُ للإْنْسان على فعْل شيْءٍ.
والْجعيلةُ مثالُ كريمةٍ، لُغةٌ في الْجُعْل.
وعرّفها الْمالكيّةُ: بأنْ يجْعل الرّجُلُ للرّجُل أجْرًا معْلُومًا، ولا ينْقُدُهُ إيّاهُ على أنْ يعْمل لهُ في زمنٍ معْلُومٍ أوْ مجْهُولٍ، ممّا فيه منْفعةٌ للْجاعل، على أنّهُ إنْ أكْمل الْعمل كان لهُ الْجُعْلُ، وإنْ لمْ يُتمُّهُ فلا شيْء لهُ، ممّا لا منْفعة فيه للْجاعل إلاّ بعْد تمامه.
وعرّفها الشّافعيّةُ: بأنّها الْتزامُ عوضٍ معْلُومٍ على عملٍ مُعيّنٍ معْلُومٍ، أوْ مجْهُولٍ يعْسُرُ ضبْطُهُ.
وعرّفها الْحنابلةُ: بأنّها تسْميةُ مالٍ معْلُومٍ لمنْ يعْملُ للْجاعل عملاً مُباحًا ولوْ كان مجْهُولاً أوْ لمنْ يعْملُ لهُ مُدّةً ولوْ كانتْ مجْهُولةً .
الأْلْفاظُ ذاتُ الصّلة:
الإْجارةُ:
2 - الإْجارةُ: لُغةً مصْدرُ آجر وهي الْكراءُ واصْطلاحًا تمْليكُ منْفعةٍ معْلُومةٍ بعوضٍ معْلُومٍ والْفرْقُ بيْنهُما أنّ الْجعالة قدْ تكُونُ على مجْهُولٍ، بخلاف الإْجارة.
حُكْمُ الْجعالة، ودليلُ شرْعيّتها:
3 - عقْدُ الْجعالة مُباحٌ شرْعًا عنْد الْمالكيّة والشّافعيّة، والْحنابلة، إلاّ أنّ الْمالكيّة يقُولُون: إنّها جائزةٌ بطريق الرُّخْصة، اتّفاقًا، والْقياسُ عدمُ جوازها بلْ عدمُ صحّتها للْغرر الّذي يتضمّنُهُ عقْدُها، وإنّما خرجتْ عنْ ذلك إلى الْجواز للأْدلّة التّالية:
في الْكتاب، والسُّنّة، والْمعْقُول. فمن الْكتاب قوله تعالى: - ولمنْ جاء به حمْلُ بعيرٍ - وكان حمْلُ الْبعير معْلُومًا عنْدهُمْ وهُو الْوسْقُ وهُو ستُّون صاعًا، وشرْعُ منْ قبْلنا شرْعٌ لنا إذا قُصّ عليْنا منْ غيْر نكيرٍ، ولمْ يثْبُتْ نسْخُهُ، ومنْ خالف في هذه الْقاعدة جعلهُ اسْتئْناسًا.
ومن السُّنّة حديثُ رُقْية الصّحابيّ، وهُو ما رُوي في الصّحيحيْن عنْ أبي سعيدٍ الْخُدْريّ: أنّ «أُناسًا منْ أصْحاب رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أتوْا حيًّا منْ أحْياء الْعرب فلمْ يُقْرُوهُمْ فبيْنما هُمْ كذلك إذْ لُدغ سيّدُ أُولئك الْقوْم فقالُوا: هلْ فيكُمْ منْ راقٍ؟ فقالُوا: لمْ تُقْرُونا، فلا نفْعلُ إلاّ أنْ تجْعلُوا لنا جُعْلاً، فجعلُوا لهُمْ قطيع شاءٍ، فجعل رجُلٌ يقْرأُ بأُمّ الْقُرْآن ويجْمعُ بُزاقهُ ويتْفُلُ فبرئ الرّجُلُ فأتوْهُمْ بالشّاء، فقالُوا: لا نأْخُذُها حتّى نسْأل رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فسألُوا الرّسُول صلى الله عليه وسلم عنْ ذلك فضحك وقال: ما أدْراك أنّها رُقْيةٌ؟ خُذُوها واضْربُوا لي معكُمْ بسهْمٍ» . وفي روايةٍ عن ابْن عبّاسٍ، فقال: «إنّ أحقّ ما أخذْتُمْ عليْه أجْرًا كتابُ اللّه» . ومن السُّنّة أيْضًا ما رُوي عنْ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّهُ «قال يوْم حُنيْنٍ: منْ قتل قتيلاً لهُ عليْه بيّنةٌ فلهُ سلبُهُ» .
ومن الْمعْقُول أنّ حاجة النّاس قدْ تدْعُو إليْها لردّ مالٍ ضائعٍ، أوْ عملٍ لا يقْدرُ عليْه الْجاعلُ ولا يجدُ منْ يتطوّعُ به، ولا تصحُّ الإْجارةُ عليْه لجهالته، فجازتْ شرْعًا للْحاجة إليْها كالْمُضاربة (ر: مُضاربةٌ) .
وقال الْحنفيّةُ: بعدم جوازها في غيْر جُعْل الْعبْد الآْبق، ودليلُ الْمنْع عنْدهُمْ ما في الْجعالة منْ تعْليق التّملُّك على الْخطر (أي التّردُّد بيْن الْوُجُود والْعدم) كما أنّ الْجعالة الّتي لمْ تُوجّهْ إلى مُعيّنٍ لمْ يُوجدْ فيها منْ يقْبلُ الْعقْد فانْتفى الْعقْدُ.
والْجعالةُ تخْتلفُ عن الإْجارة - عنْد الشّافعيّة وغيْرهمْ من الْمذاهب الْمُجيزة لها - في بعْض الأْحْكام وهي كما يلي:
الأْوّلُ: صحّةُ الْجعالة على عملٍ مجْهُولٍ يعْسُرُ ضبْطُهُ وتعْيينُهُ كردّ مالٍ ضائعٍ.
الثّاني: صحّةُ الْجعالة مع عاملٍ غيْر مُعيّنٍ.
الثّالثُ: كوْنُ الْعامل لا يسْتحقُّ الْجُعْل إلاّ بعْد تمام الْعمل.
الرّابعُ: لا يُشْترطُ في الْجعالة تلفُّظُ الْعامل بالْقبُول.
الْخامسُ: جهالةُ الْعوض في الْجعالة في بعْض الأْحْوال.
السّادسُ: يُشْترطُ في الْجعالة عدمُ التّأْقيت لمُدّة الْعمل.
السّابعُ: الْجعالةُ عقْدٌ غيْرُ لازمٍ.
الثّامنُ: سُقُوطُ كُلّ الْعوض بفسْخ الْعامل قبْل تمام الْعمل الْمُجاعل عليْه.
وزاد ابْنُ عرفة من الْمالكيّة: أنّ الْجعالة تتميّزُ أيْضًا عن الْمُساقاة والْمُضاربة والْمُزارعة بأنّ الْعوض فيها غيْرُ ناشئٍ عنْ محلّ الْعمل.
وزاد الْحنابلةُ: أنّهُ يصحُّ في الْجعالة الْجمْعُ بيْن تقْدير الْمُدّة والْعمل، بخلاف الإْجارة.
أرْكانُ الْجعالة:
أرْكانُ الْجعالة أرْبعةٌ: (الأْوّلُ) الصّيغةُ (الثّاني) الْمُتعاقدان، (الثّالثُ) الْعملُ، (الرّابعُ) الْجُعْلُ.
صيغةُ الْجعالة:
4 - الصّيغةُ عنْد الْقائلين بالْجعالة هي كُلُّ لفْظٍ دالٍّ على الإْذْن في الْعمل بعوضٍ معْلُومٍ، مقْصُود ومُلْتزمٍ، سواءٌ أكان الإْذْنُ عامًّا لكُلّ منْ سمعهُ أوْ علم به، مثْلُ أنْ يقُول الْجاعلُ: منْ ردّ ضالّتي أوْ ضالّة فُلانٍ فلهُ كذا، أمْ كان الإْذْنُ خاصًّا بشخْصٍ مُعيّنٍ مثْلُ أنْ يقُول لهُ: إنْ رددْت ضالّتي فلك كذا؛ لأنّها عقْدُ مُعاوضةٍ فيحْتاجُ إلى صيغةٍ تدُلُّ على الْمطْلُوب وقدْر الْمبْذُول عوضًا كالإْجارة، والأْخْرسُ تكْفي إشارتُهُ الْمُفْهمةُ لذلك. وأمّا النّاطقُ إذا كتب ذلك ونواهُ فإنّهُ يصحُّ منْهُ ولا يُشْترطُ في الصّيغة قبُولُ الْعامل لفْظًا وإنْ عيّنهُ؛ لما فيه من التّضْييق في محلّ الْحاجة بلْ يكْفي الْعملُ منْهُ، وكذا لا يُشْترطُ حُضُورُ الْعامل وقْت إيجاب الْجاعل وإعْلانه.
ولا تُشْترطُ أيْضًا الْمُطابقةُ بيْن الإْيجاب والْقبُول، فلوْ قال الْجاعلُ: إنْ رددْت ضالّتي فلك دينارٌ، فقال الْعاملُ: أرُدُّها بنصْف دينارٍ، فالرّاجحُ الْقطْعُ باسْتحْقاقه للدّينار، لأنّ الْقبُول لا أثر لهُ في الْجعالة، قال هذا الْجُويْنيُّ، وذكر الْقمُوليُّ نحْوهُ.
إلاّ أنّ الْحنابلة يسْتثْنُون منْ ذلك حالتيْن لا يُشْترطُ فيهما صُدُورُ ما يدُلُّ على الإْذْن والالْتزام من الْمالك أو الْجاعل.
الأُْولى: ردُّ الْعبْد الآْبق إنْ كان الرّادُّ لهُ غيْر الإْمام.
الثّانيةُ: تخْليصُ الشّخْص متاع غيْره منْ مكانٍ يظُنُّ هلاكهُ، أوْ تلفهُ على مالكه في ترْكه فيه.
وقال الْمالكيّةُ: لا يُشْترطُ إيقاعُ الْعقْد من الْجانبيْن في حالة ما إذا أتى بالضّالّة أو الآْبق من اعْتاد طلب الضّوالّ والإْباق وردّها إلى أصْحابها بعوضٍ فيسْتحقُّ وإنْ لمْ يقعْ منْ صاحبها الْتزامٌ .
ردُّ الْعامل الْمُعيّن للْجعالة:
5 - قال الشّافعيّةُ: إنّ الْعامل الْمُعيّن لوْ رفض قبُول عقْد الْجعالة وردّهُ منْ أصْله فقال: لا أرُدُّ الضّالّة مثلاً أوْ رددْتُ الْجعالة، أوْ لا أقْبلُها، ثُمّ عمل، لمْ يسْتحقّ شيْئًا إلاّ بعقْدٍ جديدٍ، وهُو صريحٌ في أنّها تبْطُلُ برفْض الْعامل وردّه لها. ويُؤْخذُ منْ كلام الْجُويْنيّ إمام الْحرميْن، والْقمُوليّ السّابق: أنّها لا تبْطُلُ بذلك، وحمل بعْضُ الشّافعيّة قوْلهُما هذا على ما لوْ قبل الْعاملُ الْجعالة ورفض الْعوض وحْدهُ كقوْله: أرُدُّ الضّالّة بلا شيْءٍ .
ولمْ يُعْثرْ لغيْر الشّافعيّة من الْمذاهب على شيْءٍ في هذه الْمسْألة.
عقْدُ الْجعالة قبْل تمام الْعمل هلْ هُو لازمٌ
6 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ وهُو الرّاجحُ عنْد الْمالكيّة: إنّ الْجعالة عقْدٌ غيْرُ لازمٍ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن قبْل شُرُوع الْعامل في الْعمل فيجُوزُ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن الرُّجُوعُ فيه بدُون أنْ يترتّب على ذلك أيُّ أثرٍ؛ لأنّها منْ جهة الْجاعل تعْليقُ اسْتحْقاق الْعامل للْجُعْل بشرْطٍ، وأمّا منْ جهة الْعامل فلأنّ الْعمل فيها مجْهُولٌ، وما كان كذلك لا يتّصفُ عقْدُهُ باللُّزُوم.
ويُقابلُ هذا قوْلٌ عنْد الْمالكيّة: بأنّها عقْدٌ لازمٌ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن - ولوْ قبْل الشُّرُوع كالإْجارة، وقيل عنْدهُمْ أيْضًا: إنّها عقْدٌ لازمٌ للْجاعل فقطْ بمُجرّد إيجابه أوْ إعْلانه دُون الْعامل، وأمّا بعْد شُرُوع الْعامل في الْعمل الْمُجاعل عليْه وقبْل تمامه، فعنْد الشّافعيّة والْحنابلة الْعقْدُ غيْرُ لازمٍ أيْضًا لكُلٍّ منْهُما، كما قبْل الشُّرُوع في الْعمل.
وهذا قوْلُ الْمالكيّة أيْضًا بالنّسْبة للْعامل، أمّا الْجاعلُ فقال الْمالكيّةُ: إنّها تلْزمُهُ في هذه الْحالة على الرّاجح، فلا يكُونُ لهُ حقُّ الرُّجُوع عنْ تعاقُده هذا حتّى لا يبْطُل على الْعامل عملُهُ، والظّاهرُ أنّهُ لا يكُونُ لهُ حقُّ الرُّجُوع حتّى ولوْ كان الْعملُ الّذي حصل به الشُّرُوعُ قليلاً لا قيمة لهُ .
الْمُتعاقدان:
ما يُشْترطُ في الْمُلْتزم بالْجُعْل:
7 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ في الْمُلْتزم بالْجُعْل أنْ يكُون صحيح التّصرُّف فيما يجْعلُهُ عوضًا، وأنْ يكُون مُخْتارًا فلا يصحُّ الْعقْدُ بالْتزام صبيٍّ، أوْ مجْنُونٍ، أوْ محْجُورٍ عليْه بسفهٍ، أوْ مُكْرهٍ. وبمثْل هذا قال الْمالكيّةُ، إلاّ أنّهُمْ قالُوا: إنّ هذه شرائطُ لُزُوم الْعقْد لمُلْتزم الْجُعْل، وأمّا أصْلُ صحّة الْعقْد فيتوقّفُ على كوْنه مُميّزًا فقطْ.
النّيابةُ في عقْد الْجعالة:
9 - قال الشّافعيّةُ: إذا كان الْعاقدُ - الْمُلْتزمُ بالْجُعْل - وكيلاً أوْ وليًّا صحّ الْعقْدُ، ويجبُ الْجُعْلُ في مال الْمُوكّل والْمُولّى عليْه بشريطة أنْ يكُون التّعاقُدُ على وجْه الْمصْلحة بأنْ يكُون الْجُعْلُ قدْر أُجْرة مثْل ذلك الْعمل أوْ أقلّ، أمّا إذا زاد عنْ أُجْرة الْمثْل، فإنّ الْعقْد يكُونُ فاسدًا، وتجبُ أُجْرةُ الْمثْل في مال الْمُولّى عليْه، وإذا كان الْعاملُ مُعيّنًا فلا يجُوزُ لهُ أنْ يسْتنيب غيْرهُ في الْعمل على الرّاجح، إلاّ إنْ كان الْعملُ لا يليقُ به، أوْ لمْ يكُنْ يُحْسنُهُ، أوْ عجز عنْهُ، وعلم الْجاعلُ بذلك وقْت التّعاقُد، أمّا إنْ طرأ لهُ طارئٌ يُعْجزُهُ عن الْعمل كمرضٍ أوْ سفرٍ ونحْوه، فلا يجُوزُ لهُ أنْ يُوكّل غيْرهُ في الْعمل.
وأمّا الْعاملُ غيْرُ الْمُعيّن ممّنْ سمع الإْعْلان الْعامّ بالْجعالة، فيجُوزُ لهُ توْكيلُ غيْره في الْعمل ويكُونُ الْعقْدُ صحيحًا، ولمْ نعْثُرْ لغيْر الشّافعيّة على شيْءٍ في هذه الْمسْألة.
وقال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ: إذا كان الْعاقدُ الْمُلْتزمُ بالْجُعْل - فُضُوليًّا فإنّهُ يصحُّ الْتزامُهُ عنْ نفْسه، ويجبُ الْجُعْلُ في ماله عنْد الشّافعيّة لأنّهُ الْتزمهُ .
محلُّ الْعقْد وشرائطُهُ:
أنْواعُهُ:
10 - الأْعْمالُ الْمُتعاقدُ عليْها في عقْد الْجعالة - منْ حيْثُ الْمُرادُ منْها نوْعان:
أحدُهُما: ما يُرادُ بالتّعاقُد عليْه اسْتحْداثُ نتيجةٍ جديدةٍ، كتعْليم علْمٍ أوْ حرْفةٍ أوْ إخْبارٍ فيه غرضٌ، أوْ حجٍّ، أوْ خياطةٍ، أوْ دلالةٍ، أوْ رُقْية مريضٍ بدُعاءٍ جائزٍ أوْ تمْريضه أوْ مُداواته حتّى الشّفاء أوْ غيْر ذلك.
والثّاني: ما يُرادُ بالتّعاقُد عليْه ردُّهُ وإعادتُهُ لناشده، كردّ مالٍ ضائعٍ أوْ ضالّةٍ، أوْ آبقٍ ونحْوه.
أمّا منْ حيْثُ ما يصحُّ التّعاقُدُ عليْه جعالةً وما لا يصحُّ، فقال الشّافعيّةُ:
11 - أ - يصحُّ عقْدُ الْجعالة على كُلّ عملٍ مجْهُولٍ يتعذّرُ ضبْطُهُ ووصْفُهُ بحيْثُ لا تصحُّ الإْجارةُ عليْه، كردّ ضالّةٍ مثلاً، لأنّ الْجهالة إذا احْتُملتْ في الْمُضاربة توصُّلاً إلى الرّبْح الزّائد منْ غيْر ضرُورةٍ، فاحْتمالُها في الْجعالة توصُّلاً إلى أصْل الْمال اضْطرارًا أوْلى، فإنْ كان لا يتعذّرُ ضبْطُهُ فلا بُدّ منْ ضبْطه ووصْفه، إذْ لا حاجة لاحْتمال جهالته، ففي بناء حائطٍ مثلاً يذْكُرُ موْضعهُ وطُولهُ وعرْضهُ وارْتفاعهُ وما يُبْنى به.
12 - ب - وكذلك يصحُّ عقْدُ الْجعالة على عملٍ معْلُومٍ تصحُّ الإْجارةُ عليْه - كقوْل الْجاعل: «منْ ردّ ضالّتي منْ موْضع كذا» أوْ خياطةٍ موْصُوفةٍ - على الرّاجح لأنّها إذا جازتْ. مع جهالة الْعمل فمع معْلُوميّته أوْلى. وبمثْل هذا كُلّه قال الْحنابلةُ، إلاّ أنّ الْحنابلة: يروْن عدم صحّة الْجعالة مُطْلقًا على مُداواة الْمريض حتّى الشّفاء لأنّهُ مجْهُولٌ لا يُمْكنُ ضبْطُهُ.
وقال الْمالكيّةُ: الْعملُ الْمُجاعلُ عليْه أنْواعٌ:
13 - أ - فبعْضُهُ تصحُّ فيه الْجعالةُ والإْجارةُ وهُو كثيرٌ، ولا يُشْترطُ فيه أنْ يكُون مجْهُولاً، وذلك كأنْ يتعاقدا على بيْع سلعٍ قليلةٍ وشراء السّلع الْقليلة والْكثيرة، واقْتضاء الدُّيُون، وحفْر الْبئْر في أرْضٍ مُباحةٍ للْعامّة؛ لأنّهُما إنْ تعاقدا على مقْدارٍ مخْصُوصٍ من الأْذْرُع كان إجارةً، وإنْ تعاقدا على ظُهُور الْماء في الْبئْر كان جعالةً.
14 - ب - وبعْضُهُ تصحُّ فيه الْجعالةُ دُون الإْجارة، وذلك كأنْ يتعاقدا على الإْتْيان بالْبعير الشّارد، أو الْعبْد الآْبق ونحْوهما منْ كُلّ ما يكُونُ الْعملُ فيه مجْهُولاً، فتُشْترطُ الْجهالةُ بالْعمل هُنا تحْصيلاً لمصْلحة الْعقْد؛ لأنّ معْلُوميّتهُ للْمُتعاقديْن أوْ لأحدهما تُوجبُ الْغرر فيه، كأنْ لا يجد الْبعير الشّارد مثلاً في الْمكان الْمعْلُوم الْمُتعاقد على الإْتْيان به منْهُ فيذْهبُ عملُهُ مجّانًا وتضيعُ مصْلحةُ الْعقْد.
15 - ج - وبعْضُهُ تصحُّ فيه الإْجارةُ دُون الْجعالة وهُو كثيرٌ أيْضًا، كأنْ يتعاقدا على عملٍ في أرْضٍ ممْلُوكةٍ للْجاعل كحفْر بئْرٍ مثلاً، وكذا التّعاقُدُ على خياطة ثوْبٍ أوْ خدْمة شهْرٍ، أوْ بيْع سلعٍ كثيرةٍ، وما أشْبه ذلك ممّا يبْقى للْجاعل فيه منْفعةٌ إنْ لمْ يُتمّ الْعاملُ الْعمل.
16 - أمّا مُشارطةُ الطّبيب على الشّفاء من الْمرض، والْمُعلّم على حفْظ الْقُرْآن مثلاً، وكراءُ السُّفُن، فقال ابْنُ الْحاجب: إنّها تصحُّ إجارةً وتصحُّ جعالةً، وزاد عليْها ابْنُ شاسٍ الْمُغارسة، وقال ابْنُ عبْد السّلام: إنّ هذه الْفُرُوع كُلّها من الإْجارة فقطْ على الرّاجح في الْمذْهب، ونصّ سحْنُونٌ على أنّ الأْصْل في مُداواة الْمريض الْجعالةُ .
الْمشقّةُ في الْعمل:
17 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ في الْعمل الْمُتعاقد عليْه في عقْد الْجعالة أنْ يكُون ممّا فيه تعبٌ ومشقّةٌ أوْ مُؤْنةٌ، كردّ آبقٍ، أوْ ضالّةٍ، أوْ دلالةٍ على شيْءٍ منْ غيْر منْ بيده الشّيْءُ، أوْ إخْبارٍ عنْ شيْءٍ بشرْط أنْ يكُون فيه تعبٌ، وأنْ يكُون الْمُخْبرُ صادقًا في إخْباره، وأنْ يكُون للْمُسْتخْبر غرضٌ في الْمُخْبر به.
وقيّد الأْذْرعيُّ هذا: بما إذا كانت الْمشقّةُ حادثةً بعْد عقْد الْجعالة، فإنْ كانتْ قبْلهُ فلا عبْرة بها لأنّها محْضُ تبرُّعٍ حينئذٍ.
ولمْ يشْترط الْمالكيّةُ هذا الشّرْط، بل اتّفقُوا على جواز الْجعالة في الشّيْء الْيسير، واخْتلفُوا في غيْره، قال الْقاضي عبْدُ الْوهّاب وغيْرُهُ: إنّها تجُوزُ في الشّيْء الْيسير دُون غيْره، والرّاجحُ أنّها تجُوزُ في كُلّ ما لا يكُونُ للْجاعل فيه منْفعةٌ إلاّ بتمامه سواءٌ أكان يسيرًا أمْ غيْر يسيرٍ، وهُو الْمذْهبُ .
كوْنُ الْعمل مُباحًا غيْر واجبٍ على الْعامل:
18 - قال الشّافعيّةُ: يُشْترطُ في الْعمل أنْ يكُون مُباحًا غيْر واجبٍ على الْعامل أداؤُهُ فلا يصحُّ عقْدُ الْجعالة على عملٍ غيْر مُباحٍ كغناءٍ، ورقْصٍ، وعمل خمْرٍ، ونحْوه كما لا يصحُّ الْعقْدُ أيْضًا إذا كان الْعملُ الْمطْلُوبُ أداؤُهُ بالْعقْد واجبًا على الْعامل وإنْ كان فيه مشقّةٌ، نحْوُ: ردُّ الْغاصب والسّارق الْعيْن الْمغْصُوبة والْمسْرُوقة لصاحبها بعْد أنْ سمع إعْلانهُ الْجُعْل على ذلك لأنّ ما وجب عليْه شرْعًا لا يُمْكنُ أنْ يُقابل بعوضٍ.
ولا يشْملُ هذا ما يجبُ على الْعامل بطريق الْكفاية، كتخْليصٍ منْ نحْو: حبْسٍ وقضاء حاجةٍ ودفْع ظالمٍ، فإنّهُ جائزٌ وإنْ وجب عليْه لكنْ بشرْط أنْ تكُون فيه مشقّةٌ تُقابلُ بأُجْرةٍ.
وكذلك لا يشْملُ هذا ما لوْ ردّ الشّيْء منْ هُو بيده أمانةً نحْوُ: أنْ يرُدّ شخْصٌ دابّةً دخلتْ داره لصاحبها بعْد أنّ جاعل عليْها، فإنّهُ يسْتحقُّ الْعوض بالرّدّ؛ لأنّ الْواجب عليْه التّخْليةُ بيْنها وبيْن صاحبها، أمّا ردُّها فلا يجبُ عليْه.
وبمثْل هذا الشّرْط أيْضًا قال الْمالكيّةُ.
وبه أيْضًا قال الْحنابلةُ إلاّ أنّهُمْ قسمُوا الْعمل الْواجب على الْعامل إلى قسْميْن:
(الأْوّلُ) ما يُثابُ عليْه ولا ينْتفعُ به سواهُ كالصّلاة والصّيام، فهذا لا تصحُّ الْجعالةُ عليْه.
(الثّاني) ما يُثابُ عليْه وينْتفعُ به غيْرُهُ كالأْذان ونحْوه منْ حجٍّ، وتعْليم علْمٍ، وقُرْآنٍ، وقضاءٍ وإفْتاءٍ، فهذا تصحُّ الْجعالةُ عليْه على الرّاجح.
واسْتثْنى الْحنابلةُ أيْضًا: ما إذا كان الْعملُ ردّ آبقٍ، فإنّ الرّادّ لهُ يسْتحقُّ الْجُعْل ولوْ كان الرّدُّ واجبًا عليْه سوى الإْمام كما سيأْتي .