loading
الأحكام

1 ـ مؤدى نص المادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادة 62 من ذات القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 199 لسنة 1960 - أن الضريبة على المرتبات والأجور تصيب كافة ما يستولى عليه صاحب الشأن من كسب نتيجة عمل بوصفه دخلاً له، وإذ كان ذلك وكان مفاد ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الذى يحكم واقعة الدعوى أن الوهبه تعتبر جزءاً من الأجر إذا كان ما يدفعه العملاء منها إلى مستخدمى المنشأه جرى به العرف فى صندوق مشترك ويقوم رب العمل بتوزيعه عليهم بنفسه أو تحت إشرافه، وكان فى وجود الصندوق المشترك دليل على جريان العرف فى المنشأه على دفع الوهبه، ومن ثم تخضع باستحقاق العامل لها وفق ما تقدم للضريبة على كسب العمل .

(الطعن رقم 1792 لسنة 51 جلسة 1991/03/11 س 42 ع 1 ص 690 ق 110)

2 ـ يحسب المعاش وفقاً لما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى لقاء عمله الأصلى سواء أكان هذا المقابل محدداً بالمدة أم بالإنتاج أم بهما معاً ويعتبر من الأجر المستحق بالانتاج حوافز الانتاج أو مكافآة زيادة الانتاج التى يستحقها العامل نظير ما يبذله من جهد غير عادى وعناية وكفاية فى النهوض بعمله بالتطبيق للنظام العام الذى تضعه الجهة المختصة لهذا الغرض . ويدخل فى حساب الأجر العمولات والوهبة متى كانت تستحق طبقاً لقواعد منضبطة وفقاً لما يحدده وزير التأمينات وكذلك البدلات التى تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على ما يعرضه وزير التأمينات ولا يدخل فى حساب الأجر الذى يحسب على أساسه المعاش الأجور الإضافية وإعانة غلاء المعيشة والمنح والمكافآت التشجيعية ونصيب المؤمن عليه فى الأرباح فهى ملحقات غير دائمة لا تستحق الا إذا تحققت أسبابها وليست لها صفة الثبات والاستقرار لما كان ذلك وكان الواقع فى الدعوى الذى لا يمارى فيه المطعون ضده الاول أن المنحة محل النزاع هى مكافأة إضافية بواقع مرتب شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة وتصرف مرة واحدة للعامل عند ترك الخدمة أو لورثته عند الوفاة وفقاً للائحة صندوق ترك الخدمة المعمول بها بالبنك المطعون ضده الثانى ويرتبط صرفها بالاشتراك فى هذا الصندوق ولا يستطيع منها إشتراك التأمينات الاجتماعية ولا علاقة لها بكمية الانتاج فإن هذه المكافأة لا تعتبر من ملحقات الأجر ولا من عناصره وتختلف عن مدلول الأجر الذى عناه المشرع على النحو السالف بيانه والذى يحتسب المعاش على أساسه . لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد إنتهى الى تأييد الحكم الابتدائى فى قضائه بضم المكافآة آنفة الذكر الى أجر المطعون ضده الأول فى إحتساب المعاش المستحق بمقولة أنها تعتبر جزءاً من هذا الأجر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 10884 لسنة 65 جلسة 1997/02/20 س 48 ع 1 ص 315 ق 60)

3 ـ مفاد نص البند "ط" من المادة الخامسة من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 ان المقصود بالاجر فى تطبيق هذا القانون هو ما يحصل عليه المؤمن عليه من مقابل نقدى لقاء عمله الاصلى سواء أكان هذا المقابل محددا بالمدة او الانتاج ام بهما معا ويدخل فى حساب الاجر العمولات والوهبة متى كانت تستحق طبقا لقواعد منضبطة وفقا لما يحدده وزير التأمينات .

(الطعن رقم 840 لسنة 60 جلسة 1996/12/15 س 47 ع 2 ص 1538 ق 280)

4 ـ المقرر وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة أن أحكام القوانين لاتسرى كقاعده عامة إلا على مايقع من تاريخ العمل بها ولايجوز تطبيقها على ما يكون قد انعقد قبل لعمل بها من تصرفات أو تحقق من أوضاع، وكانت المادة 19 من قانون التأمين الإجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 بعد تعديلها بالقانون رقم 93 لسنة 1980 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 1980/5/3 تنص على أن يسوى المعاش فى غير حالات العجز والوفاه على أساس المتوسط الشهرى لأجور المؤمن عليه التى أديت على أساسها الاشتراكات خلال السنتين الأخيرتين من مدة اشتراكه فى التأمين __ ويراعى فى حساب المتوسط الشهرى للأجور ما يلى: 1-0000 2-0000 3-0000 4-بالنسبة للمؤمن عليهم من غير الخاضعين للبند السابق يراعى فى حساب متوسط أجورهم المحسوبة بلإنتاج أو العولة أو الوهبة ألا يزيد على10% من أجر السنة السابقة متى انتهت خدمة المؤمن عليه لبلوغ سن التقاعد أو العجز أو الوفاء فإذا كان انتهاء الخدمة لغير هذه الأسباب حسب متوسط الأجور المشار إليها على أساس الأجور التى سددت عنها الاشتراكات خلال الخمس سنوات الأخيرة من مدة إشتراك المؤمن عليه فى التأمين أو مدة إشتراكه إن قلت عن ذلك0000" والنص فى المادة الثانية عشر من ذات القانون على أن " ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره مع مراعاة ما يلى:1-0000 يعمل بالأحكام الآتية المستبدلة من قانون التأمين الاجتماعى المشارإليه اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1975 أ-000 ب-000 ج-000 د- تعدالمادة 19 والمادة 30 مكرر المضافة بالمادة الثالثة وذلك مع عدم المساس بحقوق من انتهت خدمتهم قبل تاريخ العمل بهذا القانون من المؤمن عليهم بجهات تنظيم العمل بالإنتاج أو العمولة أو الوهبة0000 ولا يسرى الاستثناء المنصوص عليه فى هذا البند فى شأن من انتهت خدمته لغير بلوغ سن التقاعد أو العجز أو الوفاه اعتباراً من أول يتاير سنة 1980 0000" يدل على أن تعديل المادة 19 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بالقانون رقم 93 لسنة 1980 وإن كان يسرى اعتباراً من 1975/9/1 إلا أن ذلك مشروط بعدم المساس بحقوق المؤمن عليهم ممن انتهت خدمتهم قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 93 لسنة 1980 فى 1980/5/4 بجهات وظيفية تطبق العمل بالإنتاج إو العمولة أو الوهبة ومن انتهت خدمتهم لغير بلوغ سن التقاعد أو العجز أو الوفاة إعتباراً من1980/1/1فتتم تسوية حقوقهم التأمينية طبقاً لآحكام المادة19من القانون رقم79لسنة 1975قبل تعديل حكمها بالقانون رقم93 لسنة1980لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يعمل لدى المطعون ضدها الثانية بوظيفة بالإنتاج وأنه تقدم بطلب استقالته بتاريخ1979/12/1 وصدر قرارها بإنهاء خدمته إعتباراً من1979/12/31فإنه يتعين تسوية معاشه إعمالاً لنص المادة19من القانون رقم 79 وقبل تعديلها بالقانون رقم93لسنة80وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى سريان أحكام هذه المادة بعد تعديلها بالقانون المشار إليه قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 1427 لسنة 59 جلسة 1995/11/16 س 46 ع 2 ص 1155 ق 226)

5 ـ ليس فى نصوص القانون ما يمنع صاحب العمل من أن يتفق مع عماله على أن يختص بجزء من الوهبة مقابل أدواته الفاقدة و التالفة فهو لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد الأجر لا تمس حقوقاً قررتها قوانين العمل لهم ، و لما كان الثابت من الأوراق أنه بموجب العقد المحرر فى 23 من فبراير سنة 1953 بين نقابة عمال و مستخدمى الفنادق و المحلات العامة و بين ممثلين لهذه الفنادق و المحلات تم الإتفاق على توزيع حصيلة الوهبة و مقدارها عشرة فى المائة بواقع 8% للعمال و 2% لأصحاب العمل لتغطية خسائرهم الناشئة عن فقد و تلف أدواتهم ، و إذ إنتهى القرار المطعون فيه إلى رفض منازعة النقابة الطاعنة فى هذا الخصوص تأسيساً على أن الإتفاق المبرم بذلك العقد قد إستقر عرفاً بين الفنادق و عمالها المستفيدين من حصيلة الوهبة مع إعتبار أن نسبة 2% منها هى الحد الأقصى الجائز لصاحب العمل خصمه لقاء فقد و تلف أدوات العمل و أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تمس شيئاً من الحقوق المكتسبة للعمال فى تلك الحصيلة لانها خصمت فى الفترة منذ ضمها إلى القطاع العام حتى نهاية السنة المالية ، فإن النعى عليه بمخالفة القانون و القصور فى التسيب يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 387 لسنة 39 جلسة 1979/03/17 س 30 ع 1 ص 815 ق 149)

6 ـ ليس فى نصوص القانون ما يمنع رب العمل من أن يتفق مع عماله على أن يختص بجزء من الوهبة مقابل زيادة أجورهم الثابتة وبمراعاة الحد الأدنى لها ، فهو لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد الأجر - وينبنى على ذلك إنه متى كان القرار المطعون فيه قد جرى فى قضائه على أن مناط صرف الوهبة "يرجع إلى ما قد ينشأ من إتفاق بين صاحب العمل و عماله بشأنها و طالما أن صاحب العمل قد حدد نصيب مساعدى الجرسون من هذه الوهبة ب 2% على ما هو ثابت فى عقود عملهم كما إحتجز 2% منها لما يقوم العمال بإتلافه وجرى العمل بذلك منذ إلتحاق الشاكين بالعمل فلا جناح عليه فى ذلك " فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطا فى تطبيقة .

(الطعن رقم 153 لسنة 31 جلسة 1965/11/17 س 16 ع 3 ص 1098 ق 171)

7 ـ لهيئة التحكيم وفقا للمادة 16 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952، إعمال القوانين واللوائح فيما يعرض لها من منازعات جماعية بين العمال وأصحاب الأعمال كما أن لها الاستناد إلى العرف ومبادئ العدالة فى إجابة مطالب العمال التي لا ترتكن إلى حقوق تؤدى إليها نصوص القانون. وإذن فمتى كان الثابت أن اتفاقا أبرم بين الشركة وعمالها بشأن حصيلة الوهبة (10%) وطريقة توزيعها فإنه يكون ملزما للطرفين ولا يجوز لهيئة التحكيم تعديله إلا لمبرر يقتضيه تغيير الظروف الاجتماعية أو الاقتصادية. وعلى ذلك فإذا كان القرار المطعون فيه لم يتضمن ما يفيد أن هناك تغييرا فى الظروف تجوز معه إعادة النظر فى الاتفاق المبرم بين الطرفين فإن قضاءه بتوزيع الوهبة بنسبة مرتبات العمال والموظفين يكون مخالفاً للقانون.

(الطعن رقم 81 لسنة 26 جلسة 1961/12/13 س 12 ع 1 ص 778 ق 130)

شرح خبراء القانون

الوهبة والبقشيش، مبلغ يعطيه العميل للعامل بمناسبة عمل أداه له، وتعتبر جزءاً من الأجر إذا جرى بها العرف وكانت لها قواعد تسمح بضبطها، وهذه العبارة الاخيرة قد تحول دون تطبيق النص إذا قصد بها تحديد قدرها على نحو ثابت ومن ثم يكتفي بإمكان تقدير الوهبة حتى تلحق بالأجر ولو كان تقديراً تقريبياً، والمراد بالعرف هو العادة، فإن لم يجر بها العادة ولم يمكن تحديدها على وجه التقريب فلا تعتبر جزءاً من الأجر إلا إذا جمعت في صندوق مشترك ليوزعه رب العمل، ويحظر على رب العمل استقطاع شئ منها لأي سبب.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 550)

يقصد بالوهبة Le pourboire أو البقشيش كما يسمى في اللغة الدارجة، ما يحصل عليه عمال بعض المنشآت من عملاء صاحب العمل، من مال بمناسبة عمل يؤدونه بمقتضى عقد العمل.

والوهبة قد تكون نقوداً - وهذا هو الغالب - كالمبلغ الذي يدفعه المستأجر في أول كل شهر إلى بواب المنزل أو المبالغ التي يدفعها رواد المقاهي أو النوادي إلى الجرسون.

وقد تكون الوهبة عينية، كما هو الحال بالنسبة لعمال المطاحن حيث يأخذ عمال المطحن على سبيل الوهبة حفنة من الغلال من كل مقطف حبوب.

فعناصر الوهبة ثلاثة: انتفاء العلاقة العقدية بين العامل والعميل، وحدوث اتصال بينهما، وأن يكون هذا الاتصال بمناسبة العمل.

الأصل في الوهبة أنها تبرعية

الأصل في الوهبة أنها تبرعية فالذي يقوم بأدائها هو العميل معبراً بذلك عن رضائه عن الخدمات التي يؤديها له العامل وإذا كان الأصل في الوهية أنها تبرعية.

فإنه لا يمكن تبعاً لذلك إلحاقها بالأجر وبالتالي فهي لا تأخذ حكمه، إلا أن شيوع منح الوهبة في بعض الأعمال كما في الفنادق والمطاعم أدى في الواقع إلى أن أصبح من العسير على العملاء في هذا النوع من أنواع الأعمال الامتناع عن دفع الوهبة.

بل أكثر من ذلك فإن قيمة الوهبة أصبحت تضاف إلى قائمة الحساب وجرت عادة العمال على المطالبة بها إذا لم يقم العميل بأدائها، وترتب على ذلك بطبيعة الحال أن تغيرت النظرة إلى الوهبة، وأصبحت حصيلة الوهبة التي يحصل عليها العامل من العملاء تدخل في تقدير رب العمل عند تقديره لأجره، بل أصبح العامل في بعض الأعمال يعتمد أساساً على ما يحصل عليه من وهبة. ولذلك تدخل الشارع لتحديد الشروط الواجبة لاعتبار الوهبة جزءاً من الأجر.

شروط اعتبار الوهبة جزءاً من الأجرة

يشترط لاعتبار الوهبة جزءاً من الأجر توافر الشروط الآتية:

(1) أن يجري العرف بدفعها :

يشترط لاعتبار الوهبة جزءاً من الأجر، أن يجري العرف بدفعها.

والمقصود بالعرف - طبقاً للرأي الراجح - ليس معناه الاصطلاحي وإنما المقصود به العادة، فيكفي أن تكون عادة العملاء قد جرت على دفع الوهبة إلى عمال رب العمل، بحيث يكون ذلك قد روعي عند تقدير الأجر الذي يحصل عليه العامل، سواء كان دفعها ملزماً للعملاء أو غير ملزم.

وإذا لم يجر العرف بدفع الوهبة فإنها لا تعتبر أجراً، بل يعتبر قبضها رشوة يعاقب عليها العامل وفقاً للمادة 106 عقوبات إذا كان قبضها قد تم دون علم صاحب العمل أو رضائه.

(2 ) أن توجد قواعد تسمح بضبطها :

يشترط أن توجد قواعد تسمح بضبط الوهبة. ويتحقق ذلك إذا وجدت قواعد تسمح بمعرفة مقدارها ولو على وجه التقريب.

ومثل ذلك أن تكون الوهبة عبارة عن نسبة مئوية من حساب العملاء أو تتحقق رقابة صاحب العمل على مبلغ الوهبة الذي يدفعه العملاء، أو يكون صاحب العمل هو الذي يتقاضاه من العملاء ثم يدفعه إلى العمال.

وترجع أهمية هذا الشرط إلى أن اعتبار الوهبة جزءاً من الأجر يؤثر في مدى حقوق العامل التي تحسب على أساس الأجر – الأمر الذي يقتضي تحديد مقدار الأجر الذي يتقاضاه العامل بصورة منضبطة.

وقد أوردت الفقرة الثانية من المادة تطبيقاً خاصاً للحالة التي تعتبر فيها الوهبة أجراً لتحقق طريقة من طرق التحديد المنضبط لها فجرت على أن "تعتبر الوهبة جزءاً من الأجر إذا كان ما يدفعه منها العملاء إلى مستخدمي المتجر الواحد، يجمع في صندوق مشترك ليقوم رب العمل بعد ذلك بتوزيعه على هؤلاء المستخدمين بنفسه أو تحت إشرافه".

والوهبة في الصورة المنصوص عليها في هذا النص لا تعتبر جزءاً من الأجر إلا إذا كان العرف قد جرى بدفعها.

ويعتبر وضع صندوق في المنشأة لجمع الوهبة قرينة على توافر هذه العادة، دون تحمل عبء إثبات ذلك.

ويلاحظ أن الصورة سالفة الذكر، وإن اقتصرت في النص على الصناعة أو التجارة، إلا أنها تسري على كافة المحال الأخرى التي جرت العادة على دفع وهبة إلى عمالها.

أما إذا لم تكن هناك قواعد تسمح بضبط الوهبة، فإن الوهبة لا تعتبر أجراً أو جزءاً من الأجر، وبالترتيب على ذلك فإن الوهبة التي يدفعها المترددون على المقاهي والمطاعم إلى العمال القائمين بخدمتهم دون أن توضع في صندوق مشترك لا تعتبر أجراً أو جزءاً من الأجر لأنها غير منضبطة.

هل يجوز أن تكون الوهبة هي كل الأجرة :

تنص الفقرة الثالثة من المادة على أنه :

ويجوز في بعض الصناعات كصناعة الفنادق والمطاعم والمقاهي والمشارب ألا يكون للعامل أجر سوى ما يحصل عليه من وهبة وما يتناوله من طعام .

المتبادر من ظاهر النص أنه يجوز أن يتكون أجر العامل مما يحصل عليه من وهبة" و "ما يتناوله من طعام"، وهذا غير صحيح لأن من المسلم به جواز أن يقتصر أجر العامل على ما يتناوله من وهبة فقط أو ما يتناوله من طعام فحسب .

الواقع أن العميل يقصد إعطاء الوهبة إلى العامل الذي قدم له الخدمة أو السلعة، إعراباً عن تقديره أوامتنانه، لما أداه له، وينبني على ذلك أن تكون الوهبة من حق العمال المتصلين بالعملاء دون غيرهم، وأنه لا يحق لرب العمل أن يستأثر لنفسه بالوهبة أو يقتطع جزءاً منها، بل يجب عليه أن يؤديها كاملة للعمال، سواء كان العملاء يدفعونها تلقائياً أم كانت تفرض عليهم بنسبة مئوية معينة، ففي الحالة الأولى يكون صاحب العمل وكيلاً عنهم في قبض الوهبة وفي الحالة الثانية يكون مشترطاً لصالح العمال ووكيلاً عنهم في قبض الوهبة.

ويكون توزيع هذه الوهبة على العمال طبقاً لما يتم الاتفاق عليه بين صاحب العمل والعمال، سواء ورد هذا الاتفاق في عقود العمل الفردية أو في عقود العمل الجماعية، أو طبقاً لما جرى عليه العرف في المنشأة.

غير أنه لا يوجد ما يمنع رب العمل من الاتفاق مع العمال على مخالفة القاعدة السابقة، بأن يتفق معهم على أن يستأثر لنفسه بالوهبة مقابل أجر ثابت يعطيه لهم، أو يحتفظ لنفسه بجزء منها مقابل ما أتلفه العمال من أدوات، أو يوزع الوهبة على جميع العمال بدلاً من قصرها على أولئك الذين يتصل عملهم بالعملاء.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 622)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس عشر ، الصفحة / 208

جعالةٌ

التّعْريفُ:

1 - الْجُعْلُ بالضّمّ الأْجْرُ، يُقالُ: جعلْتُ لهُ جُعْلاً، والْجعالةُ بكسْر الْجيم وبعْضُهُمْ يحْكي التّثْليث اسْمٌ لما يُجْعلُ للإْنْسان على فعْل شيْءٍ.

والْجعيلةُ مثالُ كريمةٍ، لُغةٌ في الْجُعْل.

وعرّفها الْمالكيّةُ: بأنْ يجْعل الرّجُلُ للرّجُل أجْرًا معْلُومًا، ولا ينْقُدُهُ إيّاهُ على أنْ يعْمل لهُ في زمنٍ معْلُومٍ أوْ مجْهُولٍ، ممّا فيه منْفعةٌ للْجاعل، على أنّهُ إنْ أكْمل الْعمل كان لهُ الْجُعْلُ، وإنْ لمْ يُتمُّهُ فلا شيْء لهُ، ممّا لا منْفعة فيه للْجاعل إلاّ بعْد تمامه.

وعرّفها الشّافعيّةُ: بأنّها الْتزامُ عوضٍ معْلُومٍ على عملٍ مُعيّنٍ معْلُومٍ، أوْ مجْهُولٍ يعْسُرُ ضبْطُهُ.

وعرّفها الْحنابلةُ: بأنّها تسْميةُ مالٍ معْلُومٍ لمنْ يعْملُ للْجاعل عملاً مُباحًا ولوْ كان مجْهُولاً أوْ لمنْ يعْملُ لهُ مُدّةً ولوْ كانتْ مجْهُولةً .

الأْلْفاظُ ذاتُ الصّلة:

الإْجارةُ:

2 - الإْجارةُ: لُغةً مصْدرُ آجر وهي الْكراءُ واصْطلاحًا تمْليكُ منْفعةٍ معْلُومةٍ بعوضٍ معْلُومٍ والْفرْقُ بيْنهُما أنّ الْجعالة قدْ تكُونُ على مجْهُولٍ، بخلاف الإْجارة.

حُكْمُ الْجعالة، ودليلُ شرْعيّتها:

3 - عقْدُ الْجعالة مُباحٌ شرْعًا عنْد الْمالكيّة والشّافعيّة، والْحنابلة، إلاّ أنّ الْمالكيّة يقُولُون: إنّها جائزةٌ بطريق الرُّخْصة، اتّفاقًا، والْقياسُ عدمُ جوازها بلْ عدمُ صحّتها للْغرر الّذي يتضمّنُهُ عقْدُها، وإنّما خرجتْ عنْ ذلك إلى الْجواز للأْدلّة التّالية:

في الْكتاب، والسُّنّة، والْمعْقُول. فمن الْكتاب قوله تعالى: - ولمنْ جاء به حمْلُ بعيرٍ - وكان حمْلُ الْبعير معْلُومًا عنْدهُمْ وهُو الْوسْقُ وهُو ستُّون صاعًا، وشرْعُ منْ قبْلنا شرْعٌ لنا إذا قُصّ عليْنا منْ غيْر نكيرٍ، ولمْ يثْبُتْ نسْخُهُ، ومنْ خالف في هذه الْقاعدة جعلهُ اسْتئْناسًا.

ومن السُّنّة حديثُ رُقْية الصّحابيّ، وهُو ما رُوي في الصّحيحيْن عنْ أبي سعيدٍ الْخُدْريّ: أنّ «أُناسًا منْ أصْحاب رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أتوْا حيًّا منْ أحْياء الْعرب فلمْ يُقْرُوهُمْ فبيْنما هُمْ كذلك إذْ لُدغ سيّدُ أُولئك الْقوْم فقالُوا: هلْ فيكُمْ منْ راقٍ؟ فقالُوا: لمْ تُقْرُونا، فلا نفْعلُ إلاّ أنْ تجْعلُوا لنا جُعْلاً، فجعلُوا لهُمْ قطيع شاءٍ، فجعل رجُلٌ يقْرأُ بأُمّ الْقُرْآن ويجْمعُ بُزاقهُ ويتْفُلُ فبرئ الرّجُلُ فأتوْهُمْ بالشّاء، فقالُوا: لا نأْخُذُها حتّى نسْأل رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم فسألُوا الرّسُول صلى الله عليه وسلم عنْ ذلك فضحك وقال: ما أدْراك أنّها رُقْيةٌ؟ خُذُوها واضْربُوا لي معكُمْ بسهْمٍ» . وفي روايةٍ عن ابْن عبّاسٍ، فقال: «إنّ أحقّ ما أخذْتُمْ عليْه أجْرًا كتابُ اللّه» . ومن السُّنّة أيْضًا ما رُوي عنْ رسُول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّهُ «قال يوْم حُنيْنٍ: منْ قتل قتيلاً لهُ عليْه بيّنةٌ فلهُ سلبُهُ» .

ومن الْمعْقُول أنّ حاجة النّاس قدْ تدْعُو إليْها لردّ مالٍ ضائعٍ، أوْ عملٍ لا يقْدرُ عليْه الْجاعلُ ولا يجدُ منْ يتطوّعُ به، ولا تصحُّ الإْجارةُ عليْه لجهالته، فجازتْ شرْعًا للْحاجة إليْها كالْمُضاربة (ر: مُضاربةٌ) .

وقال الْحنفيّةُ: بعدم جوازها في غيْر جُعْل الْعبْد الآْبق، ودليلُ الْمنْع عنْدهُمْ ما في الْجعالة منْ تعْليق التّملُّك على الْخطر (أي التّردُّد بيْن الْوُجُود والْعدم) كما أنّ الْجعالة الّتي لمْ تُوجّهْ إلى مُعيّنٍ لمْ يُوجدْ فيها منْ يقْبلُ الْعقْد فانْتفى الْعقْدُ.

والْجعالةُ تخْتلفُ عن الإْجارة - عنْد الشّافعيّة وغيْرهمْ من الْمذاهب الْمُجيزة لها - في بعْض الأْحْكام وهي كما يلي:

الأْوّلُ: صحّةُ الْجعالة على عملٍ مجْهُولٍ يعْسُرُ ضبْطُهُ وتعْيينُهُ كردّ مالٍ ضائعٍ.

الثّاني: صحّةُ الْجعالة مع عاملٍ غيْر مُعيّنٍ.

الثّالثُ: كوْنُ الْعامل لا يسْتحقُّ الْجُعْل إلاّ بعْد تمام الْعمل.

الرّابعُ: لا يُشْترطُ في الْجعالة تلفُّظُ الْعامل بالْقبُول.

الْخامسُ: جهالةُ الْعوض في الْجعالة في بعْض الأْحْوال.

السّادسُ: يُشْترطُ في الْجعالة عدمُ التّأْقيت لمُدّة الْعمل.

السّابعُ: الْجعالةُ عقْدٌ غيْرُ لازمٍ.

الثّامنُ: سُقُوطُ كُلّ الْعوض بفسْخ الْعامل قبْل تمام الْعمل الْمُجاعل عليْه.

وزاد ابْنُ عرفة من الْمالكيّة: أنّ الْجعالة تتميّزُ أيْضًا عن الْمُساقاة والْمُضاربة والْمُزارعة بأنّ الْعوض فيها غيْرُ ناشئٍ عنْ محلّ الْعمل.

وزاد الْحنابلةُ: أنّهُ يصحُّ في الْجعالة الْجمْعُ بيْن تقْدير الْمُدّة والْعمل، بخلاف الإْجارة.

أرْكانُ الْجعالة:

أرْكانُ الْجعالة أرْبعةٌ: (الأْوّلُ) الصّيغةُ (الثّاني) الْمُتعاقدان، (الثّالثُ) الْعملُ، (الرّابعُ) الْجُعْلُ.

صيغةُ الْجعالة:

4 - الصّيغةُ عنْد الْقائلين بالْجعالة هي كُلُّ لفْظٍ دالٍّ على الإْذْن في الْعمل بعوضٍ معْلُومٍ، مقْصُود ومُلْتزمٍ، سواءٌ أكان الإْذْنُ عامًّا لكُلّ منْ سمعهُ أوْ علم به، مثْلُ أنْ يقُول الْجاعلُ: منْ ردّ ضالّتي أوْ ضالّة فُلانٍ فلهُ كذا، أمْ كان الإْذْنُ خاصًّا بشخْصٍ مُعيّنٍ مثْلُ أنْ يقُول لهُ: إنْ رددْت ضالّتي فلك كذا؛ لأنّها عقْدُ مُعاوضةٍ فيحْتاجُ إلى صيغةٍ تدُلُّ على الْمطْلُوب وقدْر الْمبْذُول عوضًا كالإْجارة، والأْخْرسُ تكْفي إشارتُهُ الْمُفْهمةُ لذلك. وأمّا النّاطقُ إذا كتب ذلك ونواهُ فإنّهُ يصحُّ منْهُ ولا يُشْترطُ في الصّيغة قبُولُ الْعامل لفْظًا وإنْ عيّنهُ؛ لما فيه من التّضْييق في محلّ الْحاجة بلْ يكْفي الْعملُ منْهُ، وكذا لا يُشْترطُ حُضُورُ الْعامل وقْت إيجاب الْجاعل وإعْلانه.

ولا تُشْترطُ أيْضًا الْمُطابقةُ بيْن الإْيجاب والْقبُول، فلوْ قال الْجاعلُ: إنْ رددْت ضالّتي فلك دينارٌ، فقال الْعاملُ: أرُدُّها بنصْف دينارٍ، فالرّاجحُ الْقطْعُ باسْتحْقاقه للدّينار، لأنّ الْقبُول لا أثر لهُ في الْجعالة، قال هذا الْجُويْنيُّ، وذكر الْقمُوليُّ نحْوهُ.

إلاّ أنّ الْحنابلة يسْتثْنُون منْ ذلك حالتيْن لا يُشْترطُ فيهما صُدُورُ ما يدُلُّ على الإْذْن والالْتزام من الْمالك أو الْجاعل.

الأُْولى: ردُّ الْعبْد الآْبق إنْ كان الرّادُّ لهُ غيْر الإْمام.

الثّانيةُ: تخْليصُ الشّخْص متاع غيْره منْ مكانٍ يظُنُّ هلاكهُ، أوْ تلفهُ على مالكه في ترْكه فيه.

وقال الْمالكيّةُ: لا يُشْترطُ إيقاعُ الْعقْد من الْجانبيْن في حالة ما إذا أتى بالضّالّة أو الآْبق من اعْتاد طلب الضّوالّ والإْباق وردّها إلى أصْحابها بعوضٍ فيسْتحقُّ وإنْ لمْ يقعْ منْ صاحبها الْتزامٌ .

ردُّ الْعامل الْمُعيّن للْجعالة:

5 - قال الشّافعيّةُ: إنّ الْعامل الْمُعيّن لوْ رفض قبُول عقْد الْجعالة وردّهُ منْ أصْله فقال: لا أرُدُّ الضّالّة مثلاً أوْ رددْتُ الْجعالة، أوْ لا أقْبلُها، ثُمّ عمل، لمْ يسْتحقّ شيْئًا إلاّ بعقْدٍ جديدٍ، وهُو صريحٌ في أنّها تبْطُلُ برفْض الْعامل وردّه لها. ويُؤْخذُ منْ كلام الْجُويْنيّ إمام الْحرميْن، والْقمُوليّ السّابق: أنّها لا تبْطُلُ بذلك، وحمل بعْضُ الشّافعيّة قوْلهُما هذا على ما لوْ قبل الْعاملُ الْجعالة ورفض الْعوض وحْدهُ كقوْله: أرُدُّ الضّالّة بلا شيْءٍ .

ولمْ يُعْثرْ لغيْر الشّافعيّة من الْمذاهب على شيْءٍ في هذه الْمسْألة.

عقْدُ الْجعالة قبْل تمام الْعمل هلْ هُو لازمٌ

6 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ وهُو الرّاجحُ عنْد الْمالكيّة: إنّ الْجعالة عقْدٌ غيْرُ لازمٍ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن قبْل شُرُوع الْعامل في الْعمل فيجُوزُ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن الرُّجُوعُ فيه بدُون أنْ يترتّب على ذلك أيُّ أثرٍ؛ لأنّها منْ جهة الْجاعل تعْليقُ اسْتحْقاق الْعامل للْجُعْل بشرْطٍ، وأمّا منْ جهة الْعامل فلأنّ الْعمل فيها مجْهُولٌ، وما كان كذلك لا يتّصفُ عقْدُهُ باللُّزُوم.

ويُقابلُ هذا قوْلٌ عنْد الْمالكيّة: بأنّها عقْدٌ لازمٌ لكُلٍّ من الْمُتعاقديْن - ولوْ قبْل الشُّرُوع كالإْجارة، وقيل عنْدهُمْ أيْضًا: إنّها عقْدٌ لازمٌ للْجاعل فقطْ بمُجرّد إيجابه أوْ إعْلانه دُون الْعامل، وأمّا بعْد شُرُوع الْعامل في الْعمل الْمُجاعل عليْه وقبْل تمامه، فعنْد الشّافعيّة والْحنابلة الْعقْدُ غيْرُ لازمٍ أيْضًا لكُلٍّ منْهُما، كما قبْل الشُّرُوع في الْعمل.

وهذا قوْلُ الْمالكيّة أيْضًا بالنّسْبة للْعامل، أمّا الْجاعلُ فقال الْمالكيّةُ: إنّها تلْزمُهُ في هذه الْحالة على الرّاجح، فلا يكُونُ لهُ حقُّ الرُّجُوع عنْ تعاقُده هذا حتّى لا يبْطُل على الْعامل عملُهُ، والظّاهرُ أنّهُ لا يكُونُ لهُ حقُّ الرُّجُوع حتّى ولوْ كان الْعملُ الّذي حصل به الشُّرُوعُ قليلاً لا قيمة لهُ .

الْمُتعاقدان:

ما يُشْترطُ في الْمُلْتزم بالْجُعْل:

7 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ في الْمُلْتزم بالْجُعْل أنْ يكُون صحيح التّصرُّف فيما يجْعلُهُ عوضًا، وأنْ يكُون مُخْتارًا فلا يصحُّ الْعقْدُ بالْتزام صبيٍّ، أوْ مجْنُونٍ، أوْ محْجُورٍ عليْه بسفهٍ، أوْ مُكْرهٍ. وبمثْل هذا قال الْمالكيّةُ، إلاّ أنّهُمْ قالُوا: إنّ هذه شرائطُ لُزُوم الْعقْد لمُلْتزم الْجُعْل، وأمّا أصْلُ صحّة الْعقْد فيتوقّفُ على كوْنه مُميّزًا فقطْ.

 

النّيابةُ في عقْد الْجعالة:

9 - قال الشّافعيّةُ: إذا كان الْعاقدُ - الْمُلْتزمُ بالْجُعْل - وكيلاً أوْ وليًّا صحّ الْعقْدُ، ويجبُ الْجُعْلُ في مال الْمُوكّل والْمُولّى عليْه بشريطة أنْ يكُون التّعاقُدُ على وجْه الْمصْلحة بأنْ يكُون الْجُعْلُ قدْر أُجْرة مثْل ذلك الْعمل أوْ أقلّ، أمّا إذا زاد عنْ أُجْرة الْمثْل، فإنّ الْعقْد يكُونُ فاسدًا، وتجبُ أُجْرةُ الْمثْل في مال الْمُولّى عليْه، وإذا كان الْعاملُ مُعيّنًا فلا يجُوزُ لهُ أنْ يسْتنيب غيْرهُ في الْعمل على الرّاجح، إلاّ إنْ كان الْعملُ لا يليقُ به، أوْ لمْ يكُنْ يُحْسنُهُ، أوْ عجز عنْهُ، وعلم الْجاعلُ بذلك وقْت التّعاقُد، أمّا إنْ طرأ لهُ طارئٌ يُعْجزُهُ عن الْعمل كمرضٍ أوْ سفرٍ ونحْوه، فلا يجُوزُ لهُ أنْ يُوكّل غيْرهُ في الْعمل.

وأمّا الْعاملُ غيْرُ الْمُعيّن ممّنْ سمع الإْعْلان الْعامّ بالْجعالة، فيجُوزُ لهُ توْكيلُ غيْره في الْعمل ويكُونُ الْعقْدُ صحيحًا، ولمْ نعْثُرْ لغيْر الشّافعيّة على شيْءٍ في هذه الْمسْألة.

وقال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ: إذا كان الْعاقدُ الْمُلْتزمُ بالْجُعْل - فُضُوليًّا فإنّهُ يصحُّ الْتزامُهُ عنْ نفْسه، ويجبُ الْجُعْلُ في ماله عنْد الشّافعيّة لأنّهُ الْتزمهُ .

محلُّ الْعقْد وشرائطُهُ:

أنْواعُهُ:

10 - الأْعْمالُ الْمُتعاقدُ عليْها في عقْد الْجعالة - منْ حيْثُ الْمُرادُ منْها نوْعان:

أحدُهُما: ما يُرادُ بالتّعاقُد عليْه اسْتحْداثُ نتيجةٍ جديدةٍ، كتعْليم علْمٍ أوْ حرْفةٍ أوْ إخْبارٍ فيه غرضٌ، أوْ حجٍّ، أوْ خياطةٍ، أوْ دلالةٍ، أوْ رُقْية مريضٍ بدُعاءٍ جائزٍ أوْ تمْريضه أوْ مُداواته حتّى الشّفاء أوْ غيْر ذلك.

والثّاني: ما يُرادُ بالتّعاقُد عليْه ردُّهُ وإعادتُهُ لناشده، كردّ مالٍ ضائعٍ أوْ ضالّةٍ، أوْ آبقٍ ونحْوه.

أمّا منْ حيْثُ ما يصحُّ التّعاقُدُ عليْه جعالةً وما لا يصحُّ، فقال الشّافعيّةُ:

11 - أ - يصحُّ عقْدُ الْجعالة على كُلّ عملٍ مجْهُولٍ يتعذّرُ ضبْطُهُ ووصْفُهُ بحيْثُ لا تصحُّ الإْجارةُ عليْه، كردّ ضالّةٍ مثلاً، لأنّ الْجهالة إذا احْتُملتْ في الْمُضاربة توصُّلاً إلى الرّبْح الزّائد منْ غيْر ضرُورةٍ، فاحْتمالُها في الْجعالة توصُّلاً إلى أصْل الْمال اضْطرارًا أوْلى، فإنْ كان لا يتعذّرُ ضبْطُهُ فلا بُدّ منْ ضبْطه ووصْفه، إذْ لا حاجة لاحْتمال جهالته، ففي بناء حائطٍ مثلاً يذْكُرُ موْضعهُ وطُولهُ وعرْضهُ وارْتفاعهُ وما يُبْنى به.

12 - ب - وكذلك يصحُّ عقْدُ الْجعالة على عملٍ معْلُومٍ تصحُّ الإْجارةُ عليْه - كقوْل الْجاعل: «منْ ردّ ضالّتي منْ موْضع كذا» أوْ خياطةٍ موْصُوفةٍ - على الرّاجح لأنّها إذا جازتْ. مع جهالة الْعمل فمع معْلُوميّته أوْلى. وبمثْل هذا كُلّه قال الْحنابلةُ، إلاّ أنّ الْحنابلة: يروْن عدم صحّة الْجعالة مُطْلقًا على مُداواة الْمريض حتّى الشّفاء لأنّهُ مجْهُولٌ لا يُمْكنُ ضبْطُهُ.

وقال الْمالكيّةُ: الْعملُ الْمُجاعلُ عليْه أنْواعٌ:

13 - أ - فبعْضُهُ تصحُّ فيه الْجعالةُ والإْجارةُ وهُو كثيرٌ، ولا يُشْترطُ فيه أنْ يكُون مجْهُولاً، وذلك كأنْ يتعاقدا على بيْع سلعٍ قليلةٍ وشراء السّلع الْقليلة والْكثيرة، واقْتضاء الدُّيُون، وحفْر الْبئْر في أرْضٍ مُباحةٍ للْعامّة؛ لأنّهُما إنْ تعاقدا على مقْدارٍ مخْصُوصٍ من الأْذْرُع كان إجارةً، وإنْ تعاقدا على ظُهُور الْماء في الْبئْر كان جعالةً.

14 - ب - وبعْضُهُ تصحُّ فيه الْجعالةُ دُون الإْجارة، وذلك كأنْ يتعاقدا على الإْتْيان بالْبعير الشّارد، أو الْعبْد الآْبق ونحْوهما منْ كُلّ ما يكُونُ الْعملُ فيه مجْهُولاً، فتُشْترطُ الْجهالةُ بالْعمل هُنا تحْصيلاً لمصْلحة الْعقْد؛ لأنّ معْلُوميّتهُ للْمُتعاقديْن أوْ لأحدهما تُوجبُ الْغرر فيه، كأنْ لا يجد الْبعير الشّارد مثلاً في الْمكان الْمعْلُوم الْمُتعاقد على الإْتْيان به منْهُ فيذْهبُ عملُهُ مجّانًا وتضيعُ مصْلحةُ الْعقْد.

15 - ج - وبعْضُهُ تصحُّ فيه الإْجارةُ دُون الْجعالة وهُو كثيرٌ أيْضًا، كأنْ يتعاقدا على عملٍ في أرْضٍ ممْلُوكةٍ للْجاعل كحفْر بئْرٍ مثلاً، وكذا التّعاقُدُ على خياطة ثوْبٍ أوْ خدْمة شهْرٍ، أوْ بيْع سلعٍ كثيرةٍ، وما أشْبه ذلك ممّا يبْقى للْجاعل فيه منْفعةٌ إنْ لمْ يُتمّ الْعاملُ الْعمل.

16 - أمّا مُشارطةُ الطّبيب على الشّفاء من الْمرض، والْمُعلّم على حفْظ الْقُرْآن مثلاً، وكراءُ السُّفُن، فقال ابْنُ الْحاجب: إنّها تصحُّ إجارةً وتصحُّ جعالةً، وزاد عليْها ابْنُ شاسٍ الْمُغارسة، وقال ابْنُ عبْد السّلام: إنّ هذه الْفُرُوع كُلّها من الإْجارة فقطْ على الرّاجح في الْمذْهب، ونصّ سحْنُونٌ على أنّ الأْصْل في مُداواة الْمريض الْجعالةُ .

الْمشقّةُ في الْعمل:

17 - قال الشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ في الْعمل الْمُتعاقد عليْه في عقْد الْجعالة أنْ يكُون ممّا فيه تعبٌ ومشقّةٌ أوْ مُؤْنةٌ، كردّ آبقٍ، أوْ ضالّةٍ، أوْ دلالةٍ على شيْءٍ منْ غيْر منْ بيده الشّيْءُ، أوْ إخْبارٍ عنْ شيْءٍ بشرْط أنْ يكُون فيه تعبٌ، وأنْ يكُون الْمُخْبرُ صادقًا في إخْباره، وأنْ يكُون للْمُسْتخْبر غرضٌ في الْمُخْبر به.

وقيّد الأْذْرعيُّ هذا: بما إذا كانت الْمشقّةُ حادثةً بعْد عقْد الْجعالة، فإنْ كانتْ قبْلهُ فلا عبْرة بها لأنّها محْضُ تبرُّعٍ حينئذٍ.

ولمْ يشْترط الْمالكيّةُ هذا الشّرْط، بل اتّفقُوا على جواز الْجعالة في الشّيْء الْيسير، واخْتلفُوا في غيْره، قال الْقاضي عبْدُ الْوهّاب وغيْرُهُ: إنّها تجُوزُ في الشّيْء الْيسير دُون غيْره، والرّاجحُ أنّها تجُوزُ في كُلّ ما لا يكُونُ للْجاعل فيه منْفعةٌ إلاّ بتمامه سواءٌ أكان يسيرًا أمْ غيْر يسيرٍ، وهُو الْمذْهبُ .

كوْنُ الْعمل مُباحًا غيْر واجبٍ على الْعامل:

18 - قال الشّافعيّةُ: يُشْترطُ في الْعمل أنْ يكُون مُباحًا غيْر واجبٍ على الْعامل أداؤُهُ فلا يصحُّ عقْدُ الْجعالة على عملٍ غيْر مُباحٍ كغناءٍ، ورقْصٍ، وعمل خمْرٍ، ونحْوه كما لا يصحُّ الْعقْدُ أيْضًا إذا كان الْعملُ الْمطْلُوبُ أداؤُهُ بالْعقْد واجبًا على الْعامل وإنْ كان فيه مشقّةٌ، نحْوُ: ردُّ الْغاصب والسّارق الْعيْن الْمغْصُوبة والْمسْرُوقة لصاحبها بعْد أنْ سمع إعْلانهُ الْجُعْل على ذلك لأنّ ما وجب عليْه شرْعًا لا يُمْكنُ أنْ يُقابل بعوضٍ.

ولا يشْملُ هذا ما يجبُ على الْعامل بطريق الْكفاية، كتخْليصٍ منْ نحْو: حبْسٍ وقضاء حاجةٍ ودفْع ظالمٍ، فإنّهُ جائزٌ وإنْ وجب عليْه لكنْ بشرْط أنْ تكُون فيه مشقّةٌ تُقابلُ بأُجْرةٍ.

وكذلك لا يشْملُ هذا ما لوْ ردّ الشّيْء منْ هُو بيده أمانةً نحْوُ: أنْ يرُدّ شخْصٌ دابّةً دخلتْ داره لصاحبها بعْد أنّ جاعل عليْها، فإنّهُ يسْتحقُّ الْعوض بالرّدّ؛ لأنّ الْواجب عليْه التّخْليةُ بيْنها وبيْن صاحبها، أمّا ردُّها فلا يجبُ عليْه.

وبمثْل هذا الشّرْط أيْضًا قال الْمالكيّةُ.

وبه أيْضًا قال الْحنابلةُ إلاّ أنّهُمْ قسمُوا الْعمل الْواجب على الْعامل إلى قسْميْن:

(الأْوّلُ) ما يُثابُ عليْه ولا ينْتفعُ به سواهُ كالصّلاة والصّيام، فهذا لا تصحُّ الْجعالةُ عليْه.

(الثّاني) ما يُثابُ عليْه وينْتفعُ به غيْرُهُ كالأْذان ونحْوه منْ حجٍّ، وتعْليم علْمٍ، وقُرْآنٍ، وقضاءٍ وإفْتاءٍ، فهذا تصحُّ الْجعالةُ عليْه على الرّاجح.

واسْتثْنى الْحنابلةُ أيْضًا: ما إذا كان الْعملُ ردّ آبقٍ، فإنّ الرّادّ لهُ يسْتحقُّ الْجُعْل ولوْ كان الرّدُّ واجبًا عليْه سوى الإْمام كما سيأْتي .