loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 184

الوكالة

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

فصل المشروع عقد الوكالة عن موضوع النيابة بوجه عام فوضع مبدأ النيابة وما يتصل بها من أحكام بين القواعد العامة للالتزامات، وجعل عقد الوكالة في مكانه بين العقود المسماة التي ترد على العمل، إذ الوكالة محلها عمل الوكيل وقد روعي، بعد فصل الوكالة عن النيابية، ألا تتكرر النصوص في الموضوعين، فاختصت النيابة بالمبادىء العامة، دون نظر إلى مصدر النيابة هل هو العقد أو القانون وعرض المشروع فيها بنوع خاص إلى أثر النيابية في العلاقة مع الغير الذي يتعاقد معه النائب أما الوكالة، فباعتبارها عقداً بين الوكيل والموكل، فقد تركزت فيها أحكام النيابة مخصصة من ناحيتين، من ناحية المصدر فهى نيابة اتفاقية مصدرها العقد، ومن ناحية الأثر فهي تقف بنوع خاص عند أثر النيابة في علاقة الوكيل بالموكل أي النائب بالأصيل أما العلاقة بالغير فقد وردت في الوكالة أحكامها الخاصة بالنيابة الاتفاقية، مع الإحالة على مبدأ النيابة بوجه عام في الأحكام الأخرى .

وقد راعى المشروع أن يرتب نصوص عقد الوكالة ترتيباً منطقياً لا تجده في التقنين الحالي فعرض في فصول ثلاثة لإنشاء عقد الوكالة، وما يترتب عليه من أثر، وكيف ينتهي وفي إنشاء العقد فرق المشروع بين الوكالة الخاصة والوكالة العامة وفي الآثار عرض لالتزامات كل من الوكيل والموكل ثم الأثر الوكالة بالنسبة للغير وبين في النهاية الأسباب التي تنتهي بها الوكالة، فظهر منها أن الوكالة عقد غير لازم، فللموكل أن يعزل الوكيل، وللوكيل أن يتنازل عن الوكالة.

وإذا قورنت نصوص المشروع بنصوص التقنين الحالى، يتبين أن المشروع قد عالج عيوباً في نصوص التقنين الحالي من وجوه، واستكمل الناقص في هذا التقنين من وجوه أخرى.

فقد عالج العيوب من وجوه أهمها ما يأتي :

1- عرف المشروع الوكالة، فبين أن الوكيل يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل والتقنين الحالي يطلق في عمل الوكيل فلا يقيده بالعمل القانوني، ويقيد في كيفية إجراء العمل فيقتضي من الوكيل أن يعمل باسم الموكل وكل من هذا الإطلاق والتقييد غير صحيح. فالوکيل إنما يقوم بعمل قانوني، وهذا ما يميز الوكالة عن عقد العمل وإذا كان يعمل دائماً لحساب الموكل فليس من الضروري أن يعمل باسمه فقد يعمل الوكيل باسمه الشخصي، وهذا ما اصطلح على دعوته «بالاسم المستعار» والاسم المستعار وکیل كسائر الوكلاء، يتسع له تعريف المشروع ويضيق عنه تعریف التقنين الحالى، وإن كان هذا التقنين يشير إليه إشارة مقتضبة في أحد نصوصه (م 523/ 648 ) ولا يختلف الاسم المستعار عن سائر الوكلاء في علاقته مع الموكل ولذلك لم يخصص المشروع له مكاناً في عقد الوكالة وإنما يتميز بأحكام خاصة في علاقته مع الغير، وهذا مكانه في النيابة بوجه عام، حيث نجد في المشروع نصاً خاصاً به (م 109) وقد أحيل في الوكالة على هذا النص.

2 - جانب المشروع، في تحديد مسئولية الوكيل عن تنفيذ الوكالة، أن يجعل الوكيل مسئولاً عن التقصير اليسير أو التقصير الجسيم تبعاً لما إذا كان مأجوراً أو غير مأجور وقد ترك هذا المعيار القديم الذي أخذ به التقنين الحالي إلى معيار يتمشى مع التطور الحديث والنظريات العلمية.

3- قيد المشروع من حرية القاضي في تقدير أجر الوكيل إذا كان هذا الأجر متفقاً عليه، فلم يطلق هذه الحرية كما فعل التقنين الحالى، بل قيدها بأن منع القاضي من التقدير إذا دفع الأجر طوعاً بعد تنفيذ الوكالة وهذا القيد إنما هو تقنين لما جرى عليه القضاء المصري في هذه المسألة.

واستكمل المشروع الناقص في التقنين الحالي من وجوه أهمها ما يأتي.

1- أوجب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة .

2 - بين ما يترتب من الأحكام على تعدد الوكلاء وتعدد الموكلين من حيث التضامن ومن حيث انفراد أحد الوكلاء بالعمل.

3- جعل الموكل مسئولاً عما يصيب الوكيل من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تعرض المواد من 972 إلى 975 لإنشاء الوكالة، فتعرف العقد، وتبين كيف يتم قبول الوكيل، وما هي الأهلية اللازمة في كل من الوكيل والموكل، وما هو الشكل الواجب توافره في الوكالة،

2- ويلاحظ في التعريف أن المادة 972 من المشروع نصت صراحة على أن الوكيل يلتزم بأن يقوم بعمل قانوني، فيصح التوكيل في البيع والشراء والرهن والارتهان والإيجار والاستئجار وفي سائر العقود الأخرى .كما يصح التوكيل في الوصية وفي قبولها وفي قبول الاشتراط لمصلحة الغير وفي تطهير العقار المرهون، وكل هذه أعمال قانونية منفردة. وكذلك يجوز التوكيل في الإدلاء باعتراف وفي توجيه اليمين وفي الدفاع أمام القضاء، وهذه كلها إجراءات قضائية تابعة لعمل قانونی هو إبداء الطلبات أمام القضاء نيابة عن الموكل ( acte de conclure) ويلاحظ أن القيام بعمل قانوني قد يستتبع القيام بأعمال مادية تعتبر ملحقة به وتابعة له أما إذا كان العمل المعهود به قد تمحض عملاً مادياً، فالعقد لا يكون وكالة بل يكون عقد عمل فالتعاقد مع طبيب لإجراء عملية جراحية أو مع مهندس لبناء منزل لا يعتبر توکیلاً.

ويجب أن يعمل الوكيل دائماً لحساب الموكل. والأصل أنه يعمل أيضاً باسم الموكل، إلا إذا أبيح له أن يعمل باسمه الشخصي فيكون في هذه الحالة «اسماً مستعاراً» وهو في الحالتين وکیل. ( ملاحظة : تعدل الفقرة الثانية من المادة 972 من المشروع كما يأتي : « والمفروض أن الوكيل ملزم أن يعمل باسم الموكل، ما لم يرخص له في أن يعمل باسمه » . وهذا التعديل يتفق مع التقنين البولوني م 499) .

3- ولما كانت الوكالة عقداً، وجب أن يرضى بها كل من الوكيل والموكل وأكثر ما يكون رضاء الموكل إيجاباً ورضاء الوكيل قبولاً. وقبول الوکیل قد يكون صريحاً أو ضمنياً ويعتبر قبولاً ضمنياً من الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة وهذا تطبيق للمبدأ العام المنصوص عليه في المادة 143 من المشروع . كما يعتبر سكوت الوكيل قبولاً إذا تعلقت الوكالة بأعمال تدخل في مهنته، كما هو الأمر في المحامي والوكيل بالعمولة ( انظر 142 من المشروع )، أو كان قد عرض خدماته علنا بشأنها ( انظر م 136 من المشروع ).

4- ولما كان العمل القانوني الذي يبرمه النائب لحساب الأصيل وباسمه ينصرف أثره إلى الأصيل مباشرة (م 158 من المشروع )، وجب أن يكون الموكل أهلاً وقت الوكالة أن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل فيه فإذا وكل في بيع وجب أن تتوافر فيه أهلية التصرف الواجب توافرها في البائع، وإذا وكل في إيجار وجب أن توافر فيه أهلية الإدارة الواجب توافرها في المؤجر، وهكذا . أما الوكيل فلا ينصرف إليه أثر العقد، فلا يلزم أن تتوافر فيه الأهلية الواجبة لإجراء العمل القانوني الذي كان فيه. ولكنه لما كان طرفاً في عقد الوكالة، فإن هذا العقد يكون قابلاً للبطلان إذا كان قاصراً، فإذا ما أبطل العقد لم يكن الوکیل مسئولاً عن التزاماته إلا في حدود الإثراء بلا سبب ( انظر م 201 فقرة 2 من المشروع) ولكن لا يجوز للغير الذي تعامل مع الوكيل القاصر أن يتمسك ببطلان عقد الوكالة، فإن البطلان لم يتقرر إلا لمصلحة القاصر.


5 – وإذا كان العمل القانوني المعهود به إلى الوكيل لا يقتضي شكلاً خاصاً، كالبيع والإيجار، فلا يشترط توافر شكل خاص في الوكالة أما إذا كان القانون يتطلب شكلاً معيناً في هذا العمل، کالرهن الرسمي والهبة، فإن التوكيل يجب أن يتوافر فيه هذا الشكل. فالتوكيل في رهن أو هبة يجب أن يكون في ورقة رسمية. ويتبين من ذلك أنه إذا اشترط القانون شكلاً خاصاً في عقد معين، وجب استيفاء هذا الشكل أيضاً في الوعد بهذا العقد ( م 105 فقرة 2 من المشروع ) وفي التوكيل فيه ( م 975 من المشروع ).

الأحكام

1- النص فى المادة 105 من القانون المدنى على أنه " إذا أبرم النائب فى حدود نيابته عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات يضاف إلى الأصيل " ، وفى المادة 699 منه على أن " الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل " وما جاء بالمذكرة التمهيدية للقانون المدنى من أنه " إذ كان شخص النائب هو الواجب الاعتداد به فيما يتعلق بتمام العقد فعلى النقيض من ذلك ينبغى أن يرجع إلى شخص الأصيل وحده ، عند تعيين مصير أثاره فالأصيل دون النائب هو الذى يعتبر طرفاً فى التعاقد وإليه تنصرف جميع أثاره فيكسب مباشرة كل ما ينشأ عنه من حقوق ويقع على عاتقه كل ما يترتب من التزامات ولعل هذا الأثر المباشر أهم ما أحرز القانون الحديث فى شأن النيابة القانونية " كل ذلك يدل على أن أثر ما يبرمه النائب فى حدود نيابته تنصرف إلى الأصيل مباشرة لأن نيابة النائب ليست نيابة الالتزام بأحكام العقد إنما هى فى إنشاء العقد وبالتالى يبقى النائب غريباً عن آثار التصرف الذى أبرمه باسم الأصيل فلا ينصرف إليه شيء مما أنتجه من حقوق والتزامات ولا يقبل مقاضاته بصفته الشخصية عن شيء من ذلك .

(الطعن رقم 17687 لسنة 77 جلسة 2010/03/08 س 61 ص 362 ق 56)

2- مؤدى نص المادة 699 من القانون المدنى أن ما يجريه الوكيل من تصرفات وكل فيها إنما هى لحساب الأصيل فإذا باشر إجراءاً معيناً سواء كان من أعمال التصرف أو الادارة فلا يجوز مقاضاته عن هذا الإجراء وإنما توجه الخصومة للأصيل ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن جوهر النزاع بين الطاعن والمطعون ضده الاول يدور حول حصول البيع الموكل فيه الأول من عدمه، وكان إجراء هذا التصرف إنما يكون لحساب الأصيل، مما يقتضى توجيه الدعوى فى النزاع الناشىء عنه إلى الاخير واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفه وبإثبات التعاقد موضوع النزاع على سند أنه مفوض فى إبرامه والتوقيع عليه بمقتضى عقد الوكالة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 119 لسنة 64 جلسة 1995/04/19 س 46 ع 1 ص 666 ق 133)

3- مفاد نص المادة 375 من القانون المدني أن التقادم الخمسي لا يسرى إلا بالنسبة للحقوق الدورية المتجددة، ومن ثم فلا يسرى على المبالغ التي يؤديها الوكيل لحساب الموكل- تنفيذا لعقد الوكالة - ويمتنع الأخير عن أدائها له، وإنما يتقادم حق الوكيل فى مطالبة الموكل بهذه المبالغ بخمس عشرة سنه، ولا يسرى التقادم بالنسبة لهذا الحق مادامت الوكالة قائمة.

(الطعن رقم 1012 لسنة 54 جلسة 1992/05/24 س 43 ع 1 ص 718 ق 149)

4- إستخلاص الحكم المطعون فيه من القرائن المستمدة من أوراق الدعوى ووقائعها و لها أصلها الثابت بالأوراق و من شأنها أن تؤدى فى مجموعها إلى ما رتبه عليها من أن الطاعن كان وكيلاً عن المورث بإعتبار أن تنفيذ الوكالة من الأدلة المقبولة لإثبات قيامها - كان النعى عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 493 لسنة 49 جلسة 1984/02/28 س 35 ع 1 ص 581 ق 110)

5- إذ كانت أهلية التصرف القانونى محل الوكالة يجب أن تتوافر فى الموكل ، فإنه لا يجب توافرها فى الوكيل ، لأن أثر هذا التصرف لا ينصرف إليه بل ينصرف إلى الموكل ، فيجوز توكيل القاصر فى تصرف لا أهلية له فيه ، إذ يكفى أن يكون الوكيل مميزاً ما دام يعمل بإسم موكل لا بإسمه الشخصى .

(الطعن رقم 497 لسنة 50 جلسة 1981/01/17 س 32 ع 1 ص 119 ق 44)

6- مفاد نص المادتين 332 ، 333 من القانون المدنى أن الأصل فى الوفاء حتى يكون مبرئاً لذمة المدين أو لنائبه ، أما الوفاء لشخص غير هذين فلا يبرىء ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن الوفاء له أوعادت على الدائن من هذا الوفاة منفعة و بقدر تلك المنفعة أو كان هذا الشخص يحوز الدين ووفى له المدين بحسن نية معتقداً أنه الدائن الحقيقى . وإذا كانت وكاله الزوجة عن زوجها لا تستخلص ضمناً من مجرد قيام رابطة الزوجية ، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم المستأنف لأسبابه والذى إعتبر الإيداع الحاصل من المطعون عليه الأول لدى المطعون عليها الثانية وفاء لزوجها الطاعن بجزء من الثمن المستحق على المطعون عليه الأول إستناداً إلى ورقة تقدم بها موقعة ببصمة إصبع المطعون عليها الثانية بإستلامها مبلغ خمسمائة جنيهاً أمانة تحت الطلب ، وما قرره المطعون عليه الأول وآخر كان العقد مودعاً لديه من إعتبار المبلغ المودع لدى المطعون عليها الثانية بموجب تلك الورقة وفاء لزوجها الطاعن ، ودون أن يوضح سبيله إلى إعتبار هذا الإيداع وفاء مبرئاً لذمة المطعون عليه الأول ، فإنه يكون معيباً بالقصور .

(الطعن رقم 1395 لسنة 49 جلسة 1981/01/13 س 32 ع 1 ص 189 ق 38)

7- النص فى المادة 73 من قانون المرافعات والفقرة الثانية من المادة 89 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 يدل - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - على أنه يقع على الوكيل الحاضر عن موكله واجبان أساسيان : أولهما - أن يقرر حضوره عنه فى محضر الجلسة حتى تتحدد صفة الموكل التى يمثله بها ، وثانيهما - أن يثبت قبل المرافعة وكالته عمن قرر حضوره عنه بإيداع التوكيل بملف الدعوى إذا كان خالصاً و الإقتصار على إثبات رقمه وتاريخه المحرر أمامها بمحضر الجلسة إن كان عاماً . وإذ كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات محكمة الإستئناف المودعة صورتها الرسمية فى ملف الطاعن أنها خلت من دليل إثبات وكالة المحامى عن الطاعن الذى أنكر وكالته عنه . وكانت المحكمة بعد أن حجزت الدعوى للحكم لجلسة 1976/3/22 عادت وأعادتها للمرافعة لجلسة 1976/5/23 دون أن تعلن الطاعن بالجلسة المذكورة وإعتبرت النطق بقرارها إعلاناً له ولم يحضر الطاعن بتلك الجلسة أو أية جلسة تالية إلى أن صدر الحكم المطعون فيه ، فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يوجب نقضه ولايمنع من ذلك حضور محام بجلسة 1977/1/16 أنه يحضر عن الطاعن عن محام آخر ما دام أنه لم يثبت وكالة الأخير عنه ، تلك الوكالة التى جحدها الطاعن .

(الطعن رقم 1166 لسنة 47 جلسة 1980/02/19 س 31 ع 1 ص 544 ق 106)

8- الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته فى إبرام التصرف إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف بإسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه و فى غير الأحوال التى نص قيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً بإتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما - وهو النائب - محل الآخر - وهو الأصيل فى إجراء العمل القانونى الذى يتم لحسابه - وتقتضى - تلك النيابة الإتفاقية ممثلة فى عقد الوكالة تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل و النائب - على عناصر الوكالة وحدودها ، وهو ما يجوز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف آثاره إليه . وتخضع العلاقة - بين الموكل والوكيل فى هذا الصدد من حيث مداها وآثارها لأحكام الإتفاق المبرم بينهما وهو عقد الوكالة .

(الطعن رقم 878 لسنة 46 جلسة 1979/12/29 س 30 ع 3 ص 412 ق 416)

9- من المقرر طبقاً للمادتين 699 ، 1/704 من القانون المدنى أن الوكالة هى عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل ، وأن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة فليس له أن يجاوزها فإذا جاوزها فإن العمل الذى يقوم به لا ينفذ فى حق الموكل ، إلا أن للموكل فى هذه الحالة أن يقر هذا العمل فإن أقره أصبح كأنه قد تم فى حدود الوكالة من وقت إجراء العمل لا من وقت الإقرار مما مفاده أن الموكل هو الذى يملك التمسك بتجاوز الوكيل لحدود الوكالة - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الوكيلتين عن المستأجرة الأصلية قد تجاوزتا حدود الوكالة الصادرة إليهما حين تنازلتا عن شقة النزاع للطاعن على الرغم من أن الموكلة لم تتمسك بهذا التجاوز فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيقه القانون .

(الطعن رقم 207 لسنة 49 جلسة 1979/12/22 س 30 ع 3 ص 361 ق 404)

10- إذا كان المحامى الموكل عن جميع المستأنفين إستمر يباشر إجراءات الدعوى بإسمهم جميعاً حتى صدر الحكم فيها ولم يعلن عن وفاتهما أثناء قيام الإستئناف ولم يخبر المستأنف عليه بذلك ومن ثم فإن الإجراءات لا تكون باطلة لأن السبب الذى كان يجب أن توقف من أجله الدعوى كان مخفياً على المستانف عليه فلم يكن له أن يظن أن المحامى الذى يمثل المتوفيتين قد إنقضت وكالته بوفاتهما و يكون النعى محمولاً على واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع بما يجعله غير مقبول .

(الطعن رقم 203 لسنة 44 جلسة 1979/01/24 س 30 ع 1 ص 338 ق 68)

11- إذ كان البين من تقريرات الحكمين الإبتدائى والإستئنافى أن الطاعنين ذهبا إلى أن المطعون عليه الثانى كان وكيلاً عن والدته الحارسة القانونية السابقة التى كان لها حق التأجير ، وأنها أجازت تعاقده معهما منذ إبرامه فى سنة 1967 وساقا قرائن عدة منها أن المؤجر لهما كان يعايش الحارسة حتى مماتها فى سنة 1972 وأنها تعلم بشغلهما الحوانيت لإقامتها فى ذات العقار الكائنة به ، وأنها لم تقم أى دعوى عليهما تطالب بإخلائهما ، وطلبا الإحالة إلى التحقيق لإثبات الوكالة وأجازتها للتعاقد لما كان ما تقدم فإنه وإن كانت الإحالة إلى التحقيق من إطلاقات محكمة الموضوع ، إلا أنه يتعين أن يكون رفض الإستجابة لهذا الطلب قائماً على أسباب مبررة تكفى لحمل قضائها ، والرد على القرائن التى تذرع الخصوم بها لما كان ما سلف ، وكان الحكم المطعون فيه جعل عمدته فى قضائه أنه لم يرد بعقد الإيجار ما يشير إلى تعاقد المؤجر بصفته وكيلاً عن الحارسة السالفة ورتب على ذلك أنه لامحل لإثبات الوكالة أو الإجازة ، وكان هذا القول من الحكم لا يواجه دعوى الطاعنين ولا يحسم القول فى شأن ما يدعيانه فإنه فى قعوده عن تمحيص دفاع الطاعنين رغم جوهريته يصمه بمخالفة القانون علاوة على القصور فى التسبيب .

(الطعن رقم 572 لسنة 46 جلسة 1979/01/10 س 30 ع 1 ص 166 ق 41)

12- إن وكيل الدائنين وإن اعتبر وكيلاً عن جماعة الدائنين فى إدارة أموال التفليسة وتصفيتها، فإنه يعتبر وكيلاً أيضاً عن المفلس، يحق له رفع الدعاوى للمطالبة بحقوقه والطعن على الأحكام الصادرة ضده قبل شهر الإفلاس وتلقي الطعون على الأحكام الصادرة لصالحه، مما مفاده أن هذه الأحكام تكون حجة قبله.

(الطعن رقم 413 لسنة 44 جلسة 1978/04/05 س 29 ع 1 ص 952 ق 188)

13- إن الوكالة بالعمولة تتميز عن الوكالة العادية بطبيعة الشىء محل الوكالة فإذا كان من عروض التجارة إعتبرت الوكالة بالعمولة و من ثم تسرى عليها أحكام قانون التجارة التى تجيز إعتبار الوكيل بالعمولة ضامناً تنفيذ العقد بناء على إرادة الطرفين و لو كانت ضمنية أو إعمالاً للعرف التجارى .

(الطعن رقم 396 لسنة 37 جلسة 1974/03/12 س 25 ع 1 ص 492 ق 80)

14- إذا نصت المادة 33 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 96 لسنة 1957 - والذى كان معمولا به أبان نظر الدعوى - على أن ,, للمحامى سواء أكان خصما أصليا أو وكيلا فى دعوى أن ينيب عنه فى الحضور أو المرافعة أو غير ذلك من إجراءات التقاضى محاميا آخر تحت مسئوليته دون دون توكيل خاص فإنها تكون بذلك قد أعفت المحامى المنيب من إصدار توكيل خاص إلى المحامى النائب عنه ، ولم تستلزم من هذا الأخير بالتالى أن يثبت للمحكمة وكالته بتقديم سندها ، ومن ثم فبحسب المحكمة فى هذا المقام الأخير الأخذ بما يقرره المحامى الحاضر أمامها - تحت مسئوليته - من نيابته عن زميله الغائب . ولما كان الثابت من الأوراق أن المحامى ... قد حضر نيابة عن الطاعن - وهو محام - بجلسة 1966/5/5 التى أعيدت إليها المرافعة ، فنظرت محكمة الإستئناف الدعوى على هذا الأساس ، وصمم هذا المحامى على طلبات الطاعن السابقة فإنه لا يكون ثمه وجه للنعى على الحكم إذا إعتبرت المحكمة ذلك المحامى ذا صفة فى تمثيل الطاعن بتلك الجلسة .

(الطعن رقم 370 لسنة 36 جلسة 1974/03/04 س 25 ع 1 ص 12 ق 2)

15- من الآثار التى تترتب على التوكيل بالخصومة جواز إنابة المحامى غيره من المحامين فى القيام بأعمال هذه الوكالة ، و ذلك ما لم يكن ممنوعا من الإنابة صراحة فى التوكيل طبقا لأحكام المادة 86 من قانون المرافعات الملغى . وإذا لم يثبت من الطاعن أو وكيله إعتراض على حضور الأستاذ ... عن هذا الأخير فى الجلسات التالية - لجلسة إعادة الدعوى إلى المرافعة التى حضر فيها محام نائبا عن وكيل الطاعن - فإن ذلك ينطوى على إجازة ضمنية لهذه الإنابة .

(الطعن رقم 377 لسنة 37 جلسة 1974/01/19 س 25 ع 1 ص 187 ق 32)

16- تختلف الوكالة التجارية عن أعمال السمسرة ، وتتميز كل منهما عن الأخرى ، إذ يقتصر عمل السمسار على التقريب بين شخصين لإتمام الصفقة ، دون أن يكون له شأن فيما يتم التعاقد عليه ، فهو لا يمثل أحد المتعاقدين ، ولا يوقع على العقد بوصفه طرفاً فيه ، أما الوكيل بالعمولة فى الوكالة التجارية فإنه يتعاقد مع الغير بإسمه دون إسم موكله الذى قد يجهله المتعاقد الآخر ، وأن كان على الوكيل بالعمولة أن ينقل إلى ذمة موكله كل الحقوق وما ترتب على العقد من إلتزامات وإذ كان القانون رقم 107 لسنة 1961 الصادر فى 9 من يوليه سنة 1961 قد حظر بمادته الأولى مزاولة أعمال الوكالة التجارية إلا للشركات الحكومية أوالتابعة للمؤسسات العامة ، فإن هذا الحظر يكون قاصراً على أعمال الوكالة بالعمولة دون أعمال السمسرة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما قرره من أن أعمال الوكالة التجارية تضمن أعمال السمسرة ، ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى المطالبة بالسمسرة المستحقة لمورث الطاعنين عن الصفقة التى أدعى إتمامها بين المطعون عليهما ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 102 لسنة 38 جلسة 1973/06/07 س 24 ع 2 ص 877ق 154)

17- إتفاق الطرفين على القيام بعمل تجارى هو إستغلال مطحن يجعلهما تاجرين وإذ كان تفويض المطعون ضده الأول للطاعن ينطوى على أعمال تتصل بهذا العمل ولازمة له فإن هذه الأعمال تعتبر هى الأخرى أعمالاً تجارية تطبيقاً لمبدأ الأعمال التجارية بالتبعية المنصوص عليها فى الفقرة التاسعة من المادة الثانية من قانون التجارة . وغير صحيح ما يقوله الطاعن من أن العمل التجارى يعتبر مدنياً بالتبعية لتلك الأعمال لأنه هو الأصل والأصل لا يتبع الفرع . ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رتب على هذا النظر بحق إعتبار عقد الوكالة تجارياً وأجاز إثباته بالبينة ورد على دفاع الطاعن فى هذا الصدد فإن النعى عليه بهذين السببين يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 452 لسنة 37 جلسة 1972/10/28 س 23 ع 3 ص 1225 ق 193)

18- أن خطاب الضمان ، وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك و المدين المتعامل معه ، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذى صدر خطاب الضمان لصالحه هى علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل ، إذ يلتزم البنك و بمجرد إصداره خطاب الضمان ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذى يطالب به هذا الأخير بإعتباره حقاً له ، يحكمه خطاب الضمان ، ما دام هو فى حدود إلتزام البنك المبين به ، كما أن البنك مصدر خطاب الضمان ، لا يعتبر وكيلاً عن العميل فى الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان ، بل إن إلتزام البنك فى هذا لحسابه إلتزام أصيل ، ويترتب على ذلك أن ما يقوم العميل بدفعه للبنك لتغطية خطاب الضمان إنما هو تنفيذ وتأمين للعلاقة القائمة بين العميل والبنك وحدهما ، ولاصلة للمستفيد بها ، وللبنك أن يصدر خطاب الضمان بغطاء مالى أو دون غطاء ، أو بضمان رهن فى حدود المعاملات القائمة بين العميل والبنك ، وهو الذى يقدر وحده مصلحته فى كيفية تغطية خطاب الضمان .

(الطعن رقم 106 لسنة 37 جلسة 1972/03/14 س 23 ع 1 ص 401 ق 63)

19- عرفت المادة 646 من القانون المدنى المقاولة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع شيئاً أو أن يؤدى عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخروإذ كان يبين مما تم الإتفاق عليه فى العقدين - موضوع الدعويين الأصلية والفرعية - أن الطرفين قد أفرغا فيهما جميع عناصر عقد المقاولة ، إذ وقع التراضى بينهما على الشئ المطلوب من المطعون عليه صنعه ، وهو إقامة المبنى والأجر الذى تعهد به الطاعنان بوصفهما رب عمل ، ولم يرد بأى منهما ما يدل على قيام المطعون عليه بالعمل تحت إشراف الطاعنين ، أو بوصفه تابعاً لهما أو نائباً عنهما وكان ما تعهد المطعون عليه بالقيام به فى كلا العقدين لم يتجاوز العمل المادى . وهو محل المقاولة ، فى حين أن محل الوكالة هو دائماً تصرف قانونى - على ما أفصحت عنه المادة 699 من القانون المدنى - فإنه لايصح إعتبار العقدين سالفى الذكر عقدى وكالة ، ولا يغير من ذلك كون الطرفين يملكان العقار على الشيوع ، إذ ليس من شأن هذه المشاركة أن تغير من صفة العقدين وأن تضفى على المطعون عليه صفة الوكيل مع صراحة نصوصهما فى أن نية الطرفين قد إتجهت إلى إبرام عقدى مقاولة . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وكيف العقدين بأنهما عقدا وكالة ، وأقام قضاءه فى الدعويين الأصلية والفرعية على هذا الأساس ، فإنه يكون قد خالف القانون و أخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 143 لسنة 37 جلسة 1972/03/09 س 23 ع 1 ص 376 ق 59)

20- المناط فى تكييف عقد العمل و تمييزه عن عقد الوكالة وغيره من العقود هو توافر عنصر التبعية التى تتمثل فى خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدنى بقولها " عقد العمل هو الذى يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل فى خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدرارته أوإشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر " . وما تقضى به المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 من سريان أحكام قانون عقد العمل الفردى على العقد الذى يتعهد بمقتضاه عامل بأن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل أوإشرافه مقابل أجر ، وأنه يكفى لتحقق هذه التبعية ظهورها ولو فى صورتها التنظيمية أو الإدارية . وإذ كان الطاعن - محام - قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بقيام هذه التبعية مستنداً فى ذلك إلى تخصيص مكتب له بمقر الشركة لمباشرة قضاياها ، وأنه كان يعاونه فى العمل موظفون من قبلها و يستعمل مطبوعاتها ، و كانت القضايا توزع بينه و بين زملاء له آخرين و يحرر كشفاً بما يحكم فيه وما يؤجل منها و يعرض الكشف على مدير الشركة ، ويتقاضى الطاعن نظير عمله أجرا شهريا ثابتا عدا منحة سنوية ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ألغى الحكم الإبتدائى فى خصوص طلب التعويض وقضى بأن علاقة الطرفين هى علاقة وكالة وليست علاقة عمل إستنادا إلى ما قرره من أن الطاعن " له مكتب خاص يباشر فيه قضاياه الخاصة ولا يحضر للشركة فى مواعيد ثابتة و أن عمله بالشركة أنه يباشر القضايا التى تعهد إليه بها .... ولا يغير من هذا الأمر أن تكون أتعابه عن عمله القانونى قد تحددت سلفاً و شهرياً " وهى تقديرات قاصرة لا تكفى لحمل الحكم إذ لا تصلح لبيان سبب مخالفة الحكم الإبتدائى فى قضائه وليس من شأنها أن تنفى علاقة العمل التى يدعيها الطاعن و لم تتناول الرد على المستندات التى تمسك بها تأييدا لصحة دعواه مع ما قد يكون لهذه المستندات من الدلالة ، و لو أن الحكم عنى ببحثها و محص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأى فى الدعوى . لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور .

(الطعن رقم 540 لسنة 35 جلسة 1972/02/02 س 23 ع 1 ص 121 ق 19)

21- متى كانت محكمة الإستئناف قد كيفت العلاقة بين الطرفين بأنها علاقة وكالة بالعمولة ، وأقامت قضائها فى هذا الخصوص على ما أستخلصته من شهادة أحد الشهود و من القرائن الماثلة فى الدعوى استخلاصا سائغا ، ويؤدى إلى النتيجة التى أنتهت إليها ، وفيه الرد الضمنى برفض ما يخالفها ، و كانت محكمة الموضوع غير ملزمة قانوناً بالرد فى حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما أختلفوا فيه وكانت هى صاحبة الحق فى تقدير قيمة ما يقدم لها من الأدلة ، وأنه لاتثريب عليها فى الأخذ بأى دليل تكون قد أقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية ، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ فى القانون .

(الطعن رقم 483 لسنة 35 جلسة 1970/01/15 س 21 ع 1 ص 119 ق21)

22- إذا كانت محكمة الموضوع قد إستخلصت فى حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية فى تسلم مورث المطعون عليهم الرسائل المشحونة - محل النزاع - من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن ، و كانت الوكالة الضمنية فى هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن و قد إستخلصت المحكمة قيامها من وقائع ثابت بالأوراق تؤدى عقلاً إلى النتيجة التى إنتهت إليها فإن المجادلة فى تقدير الدليل على قيام تلك الوكالة جدل موضوعى لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 124 لسنة 26 جلسة 1962/02/15 س 13 ع 1 ص 228 ق 36)

23- التوكيل عقد لايتم إلا بقبول الوكيل ، فإذا لم يثبت هذا القبول من إجراء العمل الموكل فيه أو من أى دليل آخر مقبول قانوناً انتفت الوكالة ولم يبق إلا مجرد إيجاب بها من الموكل لم يقترن بقبول من الوكيل ، وإذن فمتى كان المطعون عليهم قد دفعوا بعدم قبول استئناف الطاعن شكلا لرفعه بعد الميعاد القانونى ، وكان الطاعن قد تمسك بأن الشخص الذى وجه إليه إعلان الحكم المستأنف ليس وكيلا عنه لأن الوكالة لم تنعقد إطلاقا لانعدام قبول الوكيل ، وبأن مجرد صدور التوكيل منه لايثبت قيام الوكالة إذا كانت لم تقبل من الوكيل ولم يصدر منه أى عمل يفيد هذا القبول ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الاستئناف شكلا على اعتبار الوكالة قائمة لمجرد صدور التوكيل الرسمى من جانب الطاعن دون أن يحفل بتحقيق دفاعه ، فإن هذا الحكم يكون معيباً بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب مما يبطله ويستوجب نقضه .

(الطعن رقم 197 لسنة 21 جلسة 1954/06/24 س 5 ص 971 ق 149)

شرح خبراء القانون

أوردت المادة 699 من التقنين المدني تعريفًا لعقد الوكالة على الوجه الآتي :

"الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل" .

ويخلص من التعريف المتقدم الذكر أن لعقد الوكالة خصائص نجمل أهمها فيما يأتي :

1- عقد الوكالة هو في الأصل من عقود التراضي، وسنرى أنه يكون عقدًا شكلياً إذا كان التصرف القانوني محل الوكالة هو تصرف شكلي وهو في الأصل من عقود التبرع، وسنرى أنه يكون من عقود المعارضة إذا اشترط الأجر صراحة أو ضمنًا . أما في القانون الروماني فقد كان دائمًا عقد تبرع وهو عقد ملزم للجانبين، ليس فحسب إذا اشترط أجر للوكيل، بل أيضا فيما إذا كانت الوكالة تبرعًا، إذ أن الموكل يلتزم في جميع الأحوال برد ما صرفه الوكيل في تنفيذ الوكالة وبتعويضه عما أصابه من الضرر، وهذان التزامان ينشآن كما سنرى من عقد الوكالة نفسه . وليس من الضروري أن تنشأ الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين معاصرة وقت إبرام العقد . على أنه ليس من المحتم أن تكون الوكالة ملزمة للجانبين، فقد تكون ملزمة لجانب الوكيل وحده، ولا تنشأ التزامات في ذمة الموكل إذا كانت الوكالة بغير أجر ولم ينفق الوكيل مصروفات ولم يصبه ضرر يعرض عنه.

2- جاء في نص المادة 699 مدني المتقدم الذكر صراحة أن الوكيل يلتزم "بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل" . وسنرى أن أهم ما يميز الوكالة عن غيرها من العقود، وبخاصة عن عقدي المقاولة والعمل، و أن محل الوكالة الأصلي يكون دائمًا تصرفًا قانونيًا، في حين أن المحل في عقدي المقاولة والعمل هو عمل مادي، وهذا التصرف القانوني يقوم به الوكيل "لحساب الموكل"، وليس معنى ذلك أن يقوم به الوكيل حتمًا باسم الموكل وإن كان هذا هو الغالب، بل يصح أن يقوم به باسمه الشخصي كما يقع في الاسم المستعار وفي الوكالة بالعمولة، ولكن يجب دائماً أن يعمل الوكيل لحسابه الموكل لا لحساب الشخصي، فيقدم عند انتهاء الوكالة حسابًا للموكل عما قام به من الأعمال لتنفيذ الوكالة، ومن هذا نرى كيف تتميز الوكالة عن النيابة، فهي تارة تكون مقترنة بها وتكون الوكالة نيابية عندما يعمل الوكيل باسم الموكل، وهي تارة تنفصل عنها وتكون الوكالة غير نيابية عندما يعمل الوكيل باسمه الشخصي، وسواء عمل الوكيل باسم الموكل في الوكالة النيابية أو عمل باسمه الشخصي في الوكالة غير النيابية فهو في الحالتين يعمل لحساب الموكل كما سبق القول.

3- وتتميز الوكالة أيضًا بتغلب الاعتبار الشخصي، فالموكل أدخل في اعتباره شخصية الوكيل، وكذلك الوكيل أدخل في اعتباره شخصية الموكل، وسنرى أن هذه الخاصية يترتب عليها أن الوكالة تنتهي بموت الوكيل كما تنتهي بموت الموكل.

4- وتتميز الوكالة أخيرًا بأنها عقد غير لازم، وسنرى أنه يجوز كقاعدة عامة للموكل أن يعزل الوكيل، وللوكيل أن ينحى عن الوكالة، وذلك قبل إتمام التصرف القانوني محل الوكالة، بل حتى قبل البدء فيه.

ويعتبر رئيس مجلس إدارة الشركة وكيلاً عن هذا المجلس، أما المدير الفني للشركة فيعتبر موظفًا فيها يرتبط معها بعقد عمل لا بعقد وكالة.

ولا يوجد نص خاص في إثبات الوكالة، فوجب تطبيق القواعد العامة في الإثبات ومن ثم لا تثبت الوكالة، إذا زادت قيمة التصرف القانوني الموكل فيه على عشرين جنيهات، إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها.

وقد جرت العادة أن الموكل يدفع إلى الوكيل توكيلاً مكتوباً فينفذ هذا الأخير الوكالة، ويعتبر تنفيذه لها كما قدمنا قبولاً ضمنياً، وفيما بين الموكل والوكيل، يستطيع الوكيل أن يثبت الوكالة قبل الموكل بهذه الورقة المكتوبة، فإن لم توجد، وكانت قيمة الوكالة تزيد على عشرين جنيهات، جاز له أن يثبت الوكالة بمبدأ ثبوت بالكتابة معززًا بالبينة أو بالقرائن كما يجوز له أن يثبتها بالإقرار وباليمين، وإذا وجد مانع ولو أدبي من الحصول على الكتابة، كما هو الأمر فيما بين الزوجين والأقارب والأصهار، جاز الإثبات بالبينة والقرائن، كذلك يجوز للموكل أن يثبت الوكالة قبل الوكيل بالكتابة، أو بمبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن، أو بالإقرار، أو باليمين، وإذا جرى العرف بألا تؤخذ كتابة، كما هو الأمر فيما بين السيد والخادم والمخدوم والمستخدم ورب العمل والعامل وفي أكثر حالات الوكالة الضمنية، جاز الإثبات بالبينة أو بالقرائن.

متى يكون عقد الوكالة مدنيًا ومتى يكون تجاريًا :

تكون الوكالة مدنية أو تجارية بالنسبة إلى الموكل بحسب ما إذا كان التصرف القانوني محل الوكالة مدنيًا أو تجاريًا بالنسبة إليه، فإذا صدر توكيل من الموكل في تصرف تجاري، كما إذا كان الموكل تاجرًا وكان التصرف متعلقًا يعمل من أعمال تجارته، أو كان الموكل غير تاجر ولكن التصرف القانوني كان عملاً من أعمال المضاربة فيدخل في الأعمال التجارية، كانت الوكالة ثأرية بالنسبة إلى الموكل، وإذا صدر التوكيل في تصرف مدني، كما إذا كان الموكل تاجرًا ولكن التصرف لا يتعلق بعمل من أعمال تجارته، أو كان الموكل غير تاجر ولم يكن التصرف مما يدخل في الأعمال التجارية، كانت الوكالة مدنية بالنسبة إلى الموكل ويترتب على ذلك أن توكيل سمسار في شراء أسهم للاستغلال يعتبر عملاً مدنياً بالنسبة إلى الموكل، وفي شراء أسهم للمضاربة يعتبر عملاً تجاريًا بالنسبة إليه وتوكيل التاجر لشخص في شراء منزل لسكناه يعتبر عملاً مدنياً بالنسبة إلى الموكل، وتوكيله في شراء بضائع لتجارته يعتبر عملاً تجاريًا بالنسبة إليه .

أما بالنسبة إلى الوكيل، فإن الوكالة تعتبر تجارية إذا كان تاجرًا وكانت الوكالة تدخل في أعمال تجارته، وتعتبر مدنية إذا لم يكن تاجرًا ولو دخلت الوكالة في أعمال مهنته وكالة السمسار في شراء منزل سكنى تعتبر وكالة تجارية بالنسبة إلى السمسار، وإن كانت مدنية بالنسبة إلى الموكل ووكالة المحامي عن تاجر في قضية تجارية تعتبر وكالة مدنية بالنسبة إلى المحامي، وإن كانت تجارية بالنسبة إلى الموكل.

وتظهر أهمية اعتبار الوكالة مدنية أو تجارية بوجه خاص في الاختصاص وفي الإثبات فإذا كانت الوكالة مدنية، كان القضاء المدني هو المختص، ولم يجز الإثبات إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها إذا زادت القيمة على عشرين جنيهات، أما إذا كانت الوكالة تجارية، فإن القضاء التجاري يكون مختصًا، ويجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن مهما بلغت قيمة الوكالة .

أهلية الموكل :

كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل على نص في أهلية الموكل، فكانت الفقرة الأولى من المادة 974 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : "يجب أن يكون الموكل أهلاً أن يؤدى بنفسه العمل الذي وكل فيه" فحذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة، والقواعد العامة تتفق مع هذا النص، فيعمل به بالرغم من حذفه وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدده : "ولما كان العمل القانوني الذي يبرمه النائب لحساب الأصيل وباسمه ينصرف أثره إلى الأصيل مباشرة ( م 158 من المشروع )، وجب أن يكون الموكل أهلاً وقت الوكالة أن يؤدي بنفسه العمل الذي وكل فيه فإذا وكل في بيع وجب أن تتوافر فيه أهلية التصرف الواجب توافرها في البائع، وإذا وكل في إيجار وجب أن تتوافر فيه أهلية الإدارة الواجب توافرها في المؤجر، وهكذا" .

أهلية الوكيل :

وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يشتمل أيضاً على نص في أهلية الوكيل، فكانت الفقرة الثانية من المادة 974 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : "أما الوكيل فيكفي فيه أن يكون قادراً على التمييز، لكن إذا كان ناقص الأهلية، كان مسئولاً قبل الموكل بالقدر الذي يمكن أن تتحقق مسئوليته، على الرغم من نقص أهليته" فحذف هذا النص أيضاً في لجنة المراجعة اكتفاء بالقواعد العامة والقواعد العامة تتفق مع هذا النص، فيعمل به بالرغم من حذفه، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدده : "أما الوكيل فلا ينصرف إليه أثر العقد، فلا يلزم أن تتوافر فيه الأهلية الواجبة لإجراء العمل القانوني الذي وكل فيه ولكنه لما كان طرفاً في عقد الوكالة، فإن هذا العقد يكون قابلاً للبطلان إذا كان قاصراً، فإذا ما أبطل العقد لم يكن الوكيل مسئولاً عن التزاماته إلا في حدود الإثراء بلا سبب ( انظر 201 فقرة 2 من المشروع ). ولكن لا يجوز للغير الذي تعامل مع الوكيل القاصر أن يتمسك ببطلان عقد الوكالة، فإن البطلان لم يتقرر إلا لمصلحة القاصر".

ويتبين من ذلك أنه إذا كانت أهلية التصرف القانوني محل الوكالة يجب أن تتوافر في الموكل، فإنه لا يجب توافرها في الوكيل لأن أثر هذا التصرف لا يتصرف إليه هو بل ينصرف إلى الموكل، هذا إذا كان الوكيل يعمل باسم الموكل، فيصبح توكيل قاصر أو محجور عليه في بيع منزل لشخص تتوافر فيه أهلية التصرف، وقد قضى بأنه يجوز توكيل القاصر في تصرف لا أهلية له فيه، إذ يكفي أن يكون الوكيل مميزاً مادام يعمل باسم موكله لا باسمه الشخصي ولكن الوكيل يجب أن يكون أهلاً لأن تصدر منه إرادة مستقلة، لأنه يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الموكل وفقاً للقواعد المقررة في نظرية النيابة فيجب إذن أن يكون مميزاً ولو كان قاصراً.

تعاقد الوكيل مع نفسه :

ويتصل بأهلية الوكيل أنه لا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه، ولكن ذلك لا يرجع إلى الأهلية، بل يرجع إلى مجاوزة الوكيل لحدود وكالته فلا ينفذ في حق الموكل تعاقده مع نفسه وقد نصت المادة 208 مدني في هذا المعنى على أنه "لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه، سواء أكان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر، دون ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد كل هذا مع مراعاة ما يخالفه، مما يقضي به القانون أو قواعد التجارة" .

فإذا وكل شخص شخصاً آخر في بيع منزله، دون أن يرخص له في أن يشتريه لنفسه ولم يجز للوكيل أن يشتري المنزل لحسابه الخاص لأنه يكون قد تعاقد مع نفسه وهذا لا يجوز بصريح النص سالف الذكر وتحريم تعاقد الوكيل مع نفسه يقوم على قرينة قانونية، هي أن الشخص إذا وكل عنه غيره في التعاقد، فهو لا يقصد بذلك أن يبيح للوكيل أن يتعاقد مع نفسه لما في ذلك من تعارض في المصالح، ولأنه لو قصد ذلك لتعاقد معه مباشرة دون حاجة إلى توكيل، فإذا ما تعاقد الوكيل مع نفسه بالرغم من ذلك كان مجاوزاً حدود الوكالة، ويكون شأنه شأن كل وكيل جاوز حدود وكالته، فلا يكون عمله نافذاً في حق الموكل إلا إذا أقره هذا، كما لا يجوز للوكيل بالشراء أن يبيع ماله لموكله لأنه بذلك يكون قد تعاقد مع نفسه وفي هذا تعارض في المصالح، فلا ينفذ التصرف في حق الموكل إلا إذا أقره. ( الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ السابع المجلد / الأول الصفحة/ 463)

الوكالة عقد غير لازم، فأما أنها عقد، فيلزم لانعقادها توافر جميع أركان العقد على التفصيل الذي أوضحناه بالجزء الثالث، من رضاء ومحل وسبب، كما ترد عليها أوصاف الالتزام، فقد تكون معلقة على شرط أو مضافة إلى أجل، وأن خلت نصوص الوكالة من حكم معين تعين الرجوع في شأنه إلى القواعد العامة في الالتزام، كما أنها تخضع لهذه القواعد في التفسير وفقاً لما تنص عليه المادة 150. ويسرى في شأنها أحكام الغلط والتدليس والاكراه، ويلزم لانعقاد الوكالة أن يلتقي إيجاب الموكل مع قبول الوكيل قبل البدء في تنفيذ العمل، فإن تم هذا اللقاء بعد ذلك كانت العلاقة علاقة فضالة وليست وكالة حتى لو كان رب العمل يعلم بالتصرف ولم يعترض عليه، فاستخلاص إيجاب الموكل هو الفيصل بين الوكالة والفضالة، فإن كان سابقاً على العمل كانت العلاقة علاقة وكالة أما أن كان لاحقاً على العمل كانت فضالة، والفضالة اللاحقة كالوكالة السابقة، فتسري أحكام الوكالة في الحالتين.

وتخضع محكمة الموضوع في تكييفها للوكالة لرقابة محكمة النقض باعتبار هذا التكييف من مسائل القانون، أما استخلاص الوكالة فتستقل به محكمة الموضوع بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة. فتسلیم ختم لآخر يدل على الوكالة.

وأما أنها عقد غير لازم، فيكون للموكل عزل الوكيل ويكون للاخير التنحي عن الوكالة.

الأهلية اللازمة في الوكيل :

يباشر الوكيل أعمال الوكالة نيابة عن الموكل بموجب عقد الوكالة المبرم بينهما، وبالتالي فإن الوكيل يحل محل الموكل في إبرام التصرف القانوني أو إتخاذ الإجراء، ويعتبر الأخير هو الذي قام بذلك، مما يتعين معه الاعتداد بأهليته هو عند بحث صحة التصرف أو الإجراء، فإن كان أهلاً لذلك، كان العمل القانوني صحيحاً حتى لو لم تتوافر في شأنه أهلية الوكيل، باعتبار أن عقد الوكالة يكون صحيحاً متى كان الوكيل مميزاً بتجاوزه السابعة من عمره، وغالباً ما تتوافر في مثل هذه الحالة الوكالة الضمنية، كالوفاء بالالتزام أو قبض الدين أو توكيل محام لمباشرة إجراء، فمتى توافرت في التصرف أو الإجراء الأهلية التي يتطلبها القانون بالنظر للموكل، كان التصرف أو الإجراء صحيحاً حتى لو لم تكن هذه الأهلية قد توافرت في الوكيل، وبالتالي تقبل الدعوى التي يرفعها القاصر بصفته وكيلاً عن شخص كامل الأهلية، فإن لم يوجد توكيل في هذه الحالة وتدخل الأصيل في الدعوى، كان هذا التدخل إجازة للإجراء تتوافر به أحكام الوكالة باعتبار أن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة طالما انصرفت إرادة من اتخذ الإجراء إلى نيابته عن الأصيل ولم تنصرف الى قواعد الفضالة.

ويكون الوكيل هو محل الاعتبار عند بحث عيوب الإرادة عملاً بالمادة 104 من القانون المدني.

ويجوز للقاصر وحده إبطال الوكالة لنقص أهليته دون من تعاقد معه.

الوكالة أما أن تكون صريحة وإما أن تستفاد ضمناً، وتكون الوكالة ضمنية اذا کان ایجاب الموكل ضمنياً أو كان قبول الوكيل ضمنياً.

ومتى توافرت الوكالة، صريحة أو ضمنية، كان الوكيل ممثلاً قانونياً للموكل في التصرفات التي يبرمها وجاز اختصامه أمام القضاء فيما يتعلق بها، خلافاً للوكيل الظاهر الذي لا يعتبر ممثلاً قانونياً في الخصومة أمام القضاء.

عدم توافر الوكالة الضمنية بقيام العلاقة الزوجية :

فالأصل أن علاقة الزوجية لا تكفي بمجردها للقول بقيام وكالة ضمنية بين الزوج وزوجته، وبالتالي فإن الوفاء الذي يتم مع الزوجة أو الإجراء الذي يتخذ في مواجهتها لا يحاج الزوج به ولا ينتج أثره بالنسبة له.

لمحكمة الموضوع أن تستخلص قيام الوكالة الصريحة من القرائن الثابتة في الدعوى، وهي بذلك لا تتصدی من تلقاء نفسها لإثبات الوكالة، وإنما لاستخلاصها بعد تحقق قيامها، إما بسبب تنفيذها أو الاقرار بها، باعتبار أن تنفيذ الوكالة أو الاقرار بها، يقيم الدليل على ثبوتها وقيامها، مما يوجب على المحكمة بعد ذلك إستخلاص ما إذا كان الاتفاق محل التنفيذ أو الإقرار يتضمن وكالة من عدمه، فإذا خلصت إلى أنه يتضمن وكالة ثابتة بالتنفيذ أو الإقرار، كان ذلك استخلاصا لها مصدره تكييف المحكمة للاتفاق الذي تضمنته، أما إن لم تكن الوكالة قد تم تنفيذها ولم يصدر إقرار بشأنها، فإنها لا تكون ثابتة، مما يوجب على من ادعى قيامها إثباتها وفقاً للقواعد العامة بالنظر إلى قيمة التصرف المراد تنفيذه بموجب الوكالة، فإن كان تجارياً، وكان الطرفان تاجران، جاز لكل منهما إثبات الوكالة بكافة الطرق المقررة قانوناً، وأن كان أحدهما تاجراً أو وكيلاً بالعمولة جاز لخصمه غير التاجر إثبات الوكالة بكافة الطرق، أما التاجر أو الوكيل بالعمولة فلا يجوز له إثباتها إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها طالما لم يتم تنفيذها ولم يقر خصمه بها.

ومتى استخلصت المحكمة قيام الوكالة فإنها تتصدى لطلبات الخصوم وفقاً للقواعد المقررة في عقد الوكالة فيما يتعلق بالآثار التي يرتبها، ولا ينقضي التزام أحد الطرفين إلا إذ أثبت الوفاء به وفقاً للقواعد العامة المقررة في الإثبات.

فإن لم توافر الارادة الصريحة، وإنما إتجهت إرادة الطرفين الضمنية إلى إبرام وكالة فيما بينهما بصدد عمل قانوني معين، وتوافرت الأدلة والقرائن التي لا تدع ظروف الحال مجالاً إلى الشك في إحداث الأثر الذي اتجهت الأرادتان إليه توافرت بذلك الوكالة الضمنية، وتستخلصها المحكمة من الوقائع المطروحة، بعد قيام الدليل على ثبوتها، إما بتنفيذها أو الاقرار بها، إذ يصلح التنفيذ أو الاقرار دليلاً في إثبات قيام الوكالة، فإن لم يتوافر هذا الدليل، فليس للمحكمة استخلاص قيام الوكالة قبل إثبات المدعي لها وفقاً للقواعد العامة، فإن كانت بين تاجرين جاز إثباتها بالقرائن والبينة.

الوكالة الضمنية في إدارة المال الشائع :

أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين، لكن إذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون إعتراض من الباقيين، عد وكيلاً عنهم.

الوكالة المدنية والتجارية :

وتعتبر الوكالة تجارية بالنسبة للوكيل إذا كان تاجراً وكانت الوكالة تدخل في أعمال تجارته، وتكون مدنية إذا لم يكن تاجراً ولو دخلت الوكالة في أعمال مهنته، فوكالة المحامي عن تاجر في قضية تجارية تعتبر مدنية بالنسبة للمحامي وتجارية بالنسبة للموكل.

وتعتبر الوكالة بالعمولة تجارية بالنسبة للوكيل دائماً ولو لم يكن تاجراً.

وتفيد هذه التفرقة في تحديد الاختصاص وطريقة إثبات الوكالة، فيختص القضاء المدني بالوكالة المدنية والقضاء التجاري بالوكالة التجارية عندما يكون هناك قرار من وزير العدل بجعل الاختصاص في المنازعات التجارية لمحكمة معينة كما في القاهرة والاسكندرية بالنسبة للدعاوى الجزئية.

ومن ناحية الإثبات، فيخضع للقواعد العامة بالنسبة للوكالة المدنية بينما يجوز بكافة الطرق بالنسبة للوكالة التجارية.

الوكالة الصورية :

ترد الصورية على كافة العقود بما فيها عقد الوكالة، فيكون الوكيل وكيلاً صورياً لا يجوز له إبرام التصرف محل الوكالة، وذلك في علاقته بالموكل التزاماً منه بالعقد الحقيقي، أما بالنسبة للغير، فلا يحاج بالصورية وبالتالى له أن يتمسك بالتصرف الذي أبرمه معه الوكيل، ويكون نافذاً في حق الأصيل وفقاً للعقد الظاهر ويمتنع عليه الاحتجاج على الغير بالعقد الحقيقي المستتر.

كما يجوز للغير التمسك بالعقد الحقيقي المستتر وإقامة الدليل عليه بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً ومنها البينة والقرائن، حتى إذا ما صدر الحكم بصوريته صورية مطلقة، كانت التصرفات التي تبرم بموجبه، غير نافذة في حق الموكل وورثته الذين استصدروا هذا الحكم، بشرط التأشير بصحيفة دعوى الصورية، بعد إعلانها، قرين التوكيل بمكتب التوثيق الصادر منه التوكيل، وبهذا التأشير، يحاج الغير بالصورية، ويتم ذلك بتقديم صورة رسمية من صحيفة دعوى الصورية بعد إعلانها إلى مكتب التوثيق مرفقاً بها طلب لإجراء التأشير. أما التصرفات التي يباشرها الوكيل قبل التأشير، فتكون صحيحة ونافذة ما لم تكن هي بدورها صورية.

ويجب التمسك بالصورية وإقامة الدليل عليها أمام محكمة الموضوع حتى يمكن إثارتها أمام محكمة النقض.

تكييف الوكالة :

تلتزم المحكمة عند إعمالها الآثار العقد، أن تقف على وصفه الصحيح بما يتفق والنصوص القانونية المنظمة له مستدلة على ذلك بما قصد إليه المتعاقدون بالتعرف على حقيقة مرماهم دون أن تعتد بما أطلقوه على العقد من وصف وما ضمنوه من عبارات، إذ العبرة في تكييف العقد بنية المتعاقدين وما انعقد عليه اتفاقهما، ومتی استظهرت المحكمة تلك النية وردتها إلى شواهد وقرائن تؤدي إليها عقلاً، ثم کیفت العقد بناء على ذلك، كان تكييفها صحيحاً ينطبق على فهمها الصحيح للواقع ويتفق مع نية المتعاقدين.

وبتطبيق ذلك على عقد الوكالة، يجب أن تستخلص المحكمة التزام الوكيل بالقيام بعمل قانونی تنصرف آثاره إلى الموكل، يستوي أن يكون الوكيل يتقاضى أجراً من الموكل أو يقوم بالعمل تبرعاً، أو أن يكون يعمل بإسمه أو بإسم الموكل، طالما أن آثار العمل القانونی تنصرف إلى الموكل، وقد تستخلص المحكمة هذا التكييف من رسائل متبادلة بين الطرفين أو من قرائن متوافرة في التعامل أو من كيفية تنفيذ العقد أو من کشف حساب مقدم من أحد الطرفين وأقره الطرف الآخر أو لم يجحده، کالكشف الذي يحرره أحد الطرفين بقيمة ما تسلمه الوكيل وصافي ما يستحقه الموكل بعد خصم عمولة البيع، مما يدل على أن الاتفاق ينصرف إلى وكالة بالعمولة حتى لو كان الوكيل قد إشترى بعض معدات الإنتاج التي تم خصم قيمتها من ثمن ما باعه لحساب الموكل، وبالتالي لا ينصرف الاتفاق إلى المشاركة في الأرباح وإنما إلى الوكالة بالعمولة، ويعتبر ما أنفقه الوكيل قرضاً يسدده الموكل من ثمن المبيعات أو يصبح ديناً في ذمته إذا فسخت الوكالة قبل تنفيذها.

وتكييف العقد من مسائل القانون، إذ تقوم المحكمة باستخلاصه من الوقائع المطروحة بما يتفق ونصوص القانون التي تنظم تلك الوقائع، وبالتالي تخضع محكمة الموضوع في هذا التكييف لرقابة محكمة النقض.

إثبات الوكالة :

عقد الوكالة، شأنه شأن كافة العقود يخضع في إثباته للقواعد العامة، فتلزم الكتابة أو ما يقوم مقامها لإثبات الوكالة إذا كانت قيمة التصرف المنوط بالوکیل مباشرته تجاوز نصاب البينة، ويقوم مقام الكتابة، مبدأ الثبوت بالكتابة المعزز بالبينة أو القرائن، وكذلك الإقرار واليمين.

ويقع عبء الإثبات على من يتمسك بالوكالة، سواء كان هو الموكل أو الوكيل أو الغير، فبالرغم من أن الغير الذي يتعامل مع الوكيل ليس طرفاً في عقد الوكالة، إلا أنه إذا ما أفصح له الوكيل عن صفته وبأنه يتعاقد لحساب موكله، تعين على الغير أن يتدبر أمر إثبات الوكالة حتى يمكنه الرجوع على الموكل، فله الإطلاع على عقد الوكالة ومراجعة مكتب التوثيق في شأنه أن كان العقد رسمياً ليتحقق من سريانه، أما أن كان عرفياً وجب على الغير التحقق من صحته ثم الاحتفاظ معه بصورة منه ليتمكن بموجبها من الإثبات، ولا يكفي مجرد التنويه بالوكالة في التصرف إذ يلزم حتى يحاج الموكل بها أن تكون صحيحة.

وفي الوكالة الضمنية، يكون للموكل إثبات قبول الوكيل بكافة الطرق باعتبار أن القبول واقعة مادية قد يستدل عليها من تنفيذ الوكالة أو من عدم ردها في الحال متى كانت متعلقة بمهنة الوكيل. أما ایجاب الموكل، فيخضعه البعض للقواعد العامة المقررة في الإثبات على نحو ما تقدم إذا ما تمسك الوكيل بقيام الوكالة أما الغير الذي تعامل مع الوكيل فيكون له الأثبات بكافة الطرق.

ويرى البعض الآخر أن الوكالة الضمنية، يجوز للموكل وللوكيل وللغير، إثباتها بكافة الطرق القانونية، ذلك أن أمر الإثبات يتعلق بالوقائع التي يدور الإثبات بشأنها وليس وفقاً للنتائج المترتبة على إثبات هذه الوقائع، فيتعلق الإثبات بالوقائع المادية التي تدل على توافر الوكالة، كان يرسل الموكل المستندات الخاصة بموضوع الوكالة أو اعتياده التعامل مع الغير بالنسيئة وعن طريق خادمه، وهو ما يدل على قيام وكالة ضمنية، وغالباً ما تدل القرائن عليها وهو ما يكفي في اثباتها.

دعوى صحة توقيع الوكيل :

المقرر أن التصرفات التي يبرمها الوكيل تكون لحساب الأصيل وتنصرف آثارها مباشرة إلى الأخير طالما كانت في نطاق الوكالة، ويجب لذلك صدور التصرف من الوكيل وتوقيعه عليه بصفته، بحيث إذا أقام من تعاقد مع الوكيل دعوى بصحة توقيع الأخير، فإنها تكون منصبة على هذا التوقيع ويكون الوكيل هو الخصم الأصيل فيها مما يوجب رفعها ضده تمكيناً له من إبداء أوجه دفاعه فيها فإن قضى بصحة التوقيع أدى ذلك إلى صدور التصرف منه مما يحول دونه وموكله من جحد هذا التوقيع بعد هذا القضاء، ويجوز اختصام الموكل في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته، فإن لم يختصم ظل الحكم حجة عليه لانصراف أثره إليه، لكن إذا رفعت الدعوى على الموكل وحده، فإنها تكون قد رفعت على غير ذى صفة لعدم وجود توقيع للموكل على التصرف، ولا يكفي أن يكون أثر التصرف منصرفاً إلى الأخير لأن مناط ذلك أن يكون الوكيل هو الذي قام بالتوقيع عليه بصفته، وهو وحده صاحب الصفة في الإقرار بصدور التوقيع منه أو جحده والفيصل في ذلك هو الحكم النهائي الذي يحسم الدعوى، وإذا اختصم الوكيل في الدعوى مع الموكل، كان ذلك كافياً للتصدي لموضوعها متى استوفت باقی شرائطها.

ويشترط لانعدام الإجراءات أن ينكر صاحب الحق وكالة من باشر الإجراءات، إذ يتحقق بذلك إنتفاء صفته في مباشرتها، فإن لم يتوافر هذا الإنكار، فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة صاحب الحق بمن ادعى وكالته عنه حتى لو لم يقدم الأخير سند وكالته عنه إذ يكفي لتوافر الوكالة تلاقي إيجاب الموكل بقبول الوكيل وأن تنفيذ الوكالة كاف لإثباتها وتعدى آثارها الى الموكل، كما لا يجوز الخصم الموكل أن يتمسك بانتفاء وكالة من باشر إجراءات الخصومة، إذ تنحصر المصلحة في التمسك بهذا الدفع في الموكل دون خصمه.

وأنه يشترط لقبول الدعوى أن يكون كل من المدعي والمدعى عليه أهلاً للتقاضي، وإلا باشرها من يقوم مقامهما. وإذا كان الثابت من عقد البيع المسجلين أن... اشترى بوصفه ولياً طبيعياً على أولاده القصر حصتهم في الأعيان المبيعة بالعقدين المذكورين وأن والدتهم.. دفعت ثمنها من مالها الخاص تبرعاً منها لهم، فإن قيام الشفيع بتوجيه دعوى الشفعة إليها دون والدهم الذي له الولاية عليهم بجعل الدعوى غير مقبولة بالنسبة لهم، ولا يجدي الحكم المطعون فيه استناده إلى المادة 195 من القانون المدني، والقول بأن والدة القصر كانت فضولية تعمل لصالحهم، إذ فضلاً عن أن قيامها بدفع الثمن عنهم لم يكن أمراً عاجلاً ضرورياً - فإن ذلك لا يخولها حق تمثيلهم في التقاضي. نقض 1973/11/29 طعن 176 س 38 ق.

الأصل أن يحضر الخصم بنفسه بجلسة المرافعة لابداء أقواله وطلباته أمام المحكمة ما لم يمنعه نص في القانون، وقد حظرت الفقرة الأولى من المادة 266 من قانون المرافعات على الخصوم أن يحضروا بأنفسهم أمام محكمة النقض من غير محام معهم.

للخصم أن يوكل زوجة أو أحد أقربائه أو أصهاره الى الدرجة الثالثة في الحضور نيابة عنه بجلسة المرافعة لابداء الأقوال والطلبات والدفوع وأوجه الدفاع على النحو المقرر للخصم نفسه على التفصيل المتقدم، وهذا أمر جوازی للمحكمة، فلها أن تقبل هذه الوكالة ولها رفضها والتأجيل لحضور الخصم نفسه أو محام عنه، وكان قانون المحاماة السابق يحظر حضور أي من هؤلاء أمام محكمة النقض أو الاستئناف الا مع محام.

وللوصی حق رفع الدعاوى والطعن في الأحكام التي تصدر لغير مصلحة من يقوم على ماله بطرق الطعن العادية وغير العادية. أما ما ورد في الفقرتين 12، 13 من المادة 39 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال من وجوب استئذان محكمة الأحوال الشخصية إذا أراد الوصی رفع دعوى أو أقامة طعن من الطعون غير العادية فهو ليس بشرط لقبول الدعوى أو الطعن وإنما قصد به إلى رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم فهو إجراء شرع المصلحة هؤلاء دون خصومهم ومن ثم فلا يصح لهؤلاء الخصوم التمسك به. نقض 1956/10/25 .

بلوغ القاصر سن الرشد لا يؤدى بذاته إلى انقطاع سير الخصومة، استمرار الوصية في تمثيلها للقاصرة بعد بلوغها سن الرشد دون تنبيه المحكمة، تحقق صفتها في تمثيلها باعتبار أن نيابتها أصبحت اتفاقية بعد أن كانت قانونية ويصح اختصامها كممثلة لها في الاستئناف. نقض 1992/4/28 طعن 963 س 53 ق .

من المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن القانون يوجب على من يطعن في الحكم مراقبة ما يطرأ من تغيير على خصومة في الصفة أو الحالة واختصام من يبلغ منهم سن الرشد دون من كان يمثلهم وهم قصر، لأن عدم اختصامهم على هذا النحو يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة لهم وعدم قبوله. نقض 1986/2/5 طعن 1545 س 52 ق، نقض 1985/12/19 طعن 1345 س 52 ق .

المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد صدور حکم شهر الافلاس - ودون اعتداد بتاريخ نشره - تغل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني فيما يمسهم من حقوق، ويعد وكيل الدائنين منذ تاريخ صدور هذا الحكم الممثل القانوني للتفليسة، ويضحي صاحب الصفة في تمثيلها في كافة الدعاوى ويترتب على عدم اختصامه في دعوى متعلقة بعقار أو منقول من أموال التفليسة ألا تحاج جماعة الدائنين بالحكم الصادر فيها. نقض 1992/7/13 طعن 908 س 51 ق.

ويستمد الوكيل بالخصومة سلطته في مباشرة الإجراءات من نص القانون طالما قبل الوكالة، ومن ثم يكون له الحق في القيام بالأعمال والإجراءات اللازمة لرفع الدعوى على نحو ما سلف ثم متابعته الدعوى بالجلسات واتخاذ كل ما يلزم لاستمرارها أو لاستئناف سيرها إن كانت قد شطبت أو أوقفت أو انقطع سيرها أو صدر فيها حكم تحقیق وكلفت المحكمة الخصوم بإعلان شهودهم ومناقشة الشهود والحضور أمام الخبير والطعن على تقريره وما إلى ذلك مما لا يتطلب تفويضاً خاصاً، وإذا تضمن سند الوكالة حظراً على الوكيل بالنسبة لأي من هذه الاجراءات فلا يحتج بذلك على الخصم الآخر باعتبار أن هذه الإجراءات مقررة بنص القانون الذي خول الوكيل بالخصومة مباشرتها ولا يساغ القول بمسئولية الوكيل عن مخالفة الحظر المتعلق بهذه الإجراءات ما لم ينطو على سلوك غير مألوف يتحقق به الخطة العقدى.

أوضحت المادة 79 مرافعات أن الوكيل بالخصومة إذا حضر معه الأصيل بمجلس القضاء وتصدى لبعض الإجراءات أو التصرفات التي تتطلب تفويضاً خاصاً دون أن يعترض الأصيل على ذلك، نفذت في حقه ولو لم يكن بيد الوكيل ما يخول له ذلك ويحول دون الأصيل والتنصل من الاجراء أو التصرف بعد ذلك سواء في نفس الخصومة أو في نزاع لاحق بین ذات الخصوم.

أما إن لم يحضر الأصيل مع الوكيل بمجلس القضاء، وكان الإجراء أو التصرف مما يتعين ابداؤه بهذا المجلس، وكان القانون يتطلب لذلك تفويضاً خاصاً كما في الإقرار بالحق المدعى به والتنازل عنه والصلح فيه وقبول اليمين وتوجيهها وردها وترك الخصومة و الادعاء بالتزوير والعرض الفعلي وقبوله، فانه لا يصح أي منها إلا إذا كان بيد الوكيل ما يخوله ذلك، ويتعين على المحكمة الاطلاع على سند الوكالة للتحقق من سعته لهذا الاجراء أو التصرف والا كان حكمها مشوباً بمخالفة القانون ولا يحاج الأصيل بالإجراء أو التصرف الخارج عن حدود الوكالة، واذا صدر حكم بناء عليه تعين اتخاذ الإجراء اللازم لإهدار أثره، فإن تضمن الحكم صلحاً أثبت بمحضر الجلسة تعين على الأصيل رفع دعوى بعدم نفاذه في حقه، وأن صدر الحكم بناء على توجيه اليمين الحاسمة، كان على الأصيل الطعن فيه لتجاوز الوكيل حدود وكالته وهو من الأسباب التي تجيز الطعن في الحكم الصادر بناء على اليمين الحاسمة، وهكذا .

إذا تعدد الوكلاء بالخصومة في سند الوكالة ولم يتضمن منعاً لأحدهم بالانفراد بالعمل، جاز لكل وكيل أن يعمل على انفراد ويكون عمله نافذاً في حق الموكل .

ومع مراعاة ما تقدم، يكون للمحامي أن ينيب غيره من المحامين لمباشرة اي إجراء من إجراءات او للحضور والمرافعة دون حاجة لصدور توكيل بذلك ويكفي أن يقرر المحامي الحاضر ونحن مسئوليته أنه ينوب عن محام آخر ويثبت ذلك بمحضر الجلسة، ولا يجوز الإنابة إذا كان سند الوكالة يحول دونها، فإن كان المحامي خصماً أصيلا ًفي الدعوى - مدعياً او مدعى عليه - جاز له أن ينيب عنه محامياً أخر في الحضور والمرافعة دون حاجة لسند وكالة.

يباشر المحامي إجراءات الخصومة نيابة عن موكله، فيحرر صحيفة الدعوى وفقاً للوقائع التي يدلي بها الأخير بعد إضفاء الصياغة القانونية عليها مستعيناً بالأسانيد المؤيدة للحق المدعى به، ثم يحرر مذکرات دفاعه وبالتالي فإن الوقائع والأسانيد المؤيدة لها هي من خلق الموكل، أما أوجه الدفاع القانونية، فهي من إستخلاص المحامی .

ويترتب على ذلك، أن ما تتضمنه صحيفة الدعوى أو المذكرات من وقائع وأسانيد واقعية، تنسب للموكل، بحيث إذا تضمنت قذفاً أو سباً موجها لخصم الموكل، كان الموكل مسئولاً عن ذلك جنائياً ومدنياً، إذ يكون هو الفاعل الأصلي لجريمة القذف أو السب وليس المحامي الذي حرر الصحيفة أو المذكرة التي تضمنتها.

لا يجوز لرجل القضاء والنيابة العامة بمختلف درجاتهم ولا لأحد من العاملين بالمحاكم أن يقبلوا الوكالة بالخصومة في الحضور أو المرافعة بالمشافهة أم بالكتابة أم بالافتاء ولو كانت الدعوى مقامة أمام محكمة غير التي يتبعها، وبذلك يكون المشرع قد حظر على هؤلاء الوكالة بالخصومة وما تتطلبه من إجراءات تتعلق بالحضور أمام المحكمة أياً ما كان سبب هذا الحضور وسواء كان بصحبة الموكل أم على انفراد، أو تتعلق بالمرافعة التي تنطوي على إبداء الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع مؤيدة بالأسانيد الواقعية والقانونية أم غير مؤيدة بها، مشافهة أو كتابة بتقديم مذكرة موقع عليها من أحد هؤلاء، أو تقديم فتوى مكتوبة موقعاً عليها من أحدهم.

والبطلان المطلق هو الجزاء على مخالفة هذا الحظر لاتصاله بالتنظيم القضائي ولغايات قدرها المشرع، ويمتد هذا البطلان إلى كل عمل باشره أحد هؤلاء يندرج في أعمال الوكالة بالخصومة، وقد خص المشرع الحضور والمرافعة والإفتاء، ومن ثم تتصدى المحكمة لإبطال هذه الأعمال من تلقاء نفسها ولأي من الخصوم الدفع به في أي حالة تكون عليها الدعوى، فتنقضي ببطلان العمل وترتب في قضائها كافة الآثار المترتبة على ذلك، ولأي من الخصوم التمسك بهذه الآثار، فإذا أبطلت المحكمة الحضور ولم تكن الدعوى مهيأة للفصل فيها قررت شطبها متى كان الموكل هو المدعي، فإن كان الموكل هو المدعى عليه ولم يكن قد أعلن لشخصه، تعيين إعادة إعلانه، وإذا أبطلت المرافعة، طرحت كل ما تضمنته من طلبات ودفوع وأوجه دفاع واعتبرتها كأن لم تكن، وتبدأ المحكمة في نظر الدعوى من جديد بعد أن أبطلت الحضور والمرافعة، فإن ترتب على ذلك انقضاء المواعيد التي اتخذ خلالها العمل الذي أبطل، سقط حق الخصم في العودة إليه، ولا ينتج العمل الأثر الذي رتبه القانون على العمل الصحيح، فلا ينتج العرض الفعلى أثره حتى لو قبله الخصم لبطلان هذا العرض بطلاناً مطلقاً، فإن كان من شأن هذا العرض والقبول توقى دعوى الإخلاء، طرحته المحكمة وقضت بالإخلاء وذلك ترتيباً على بطلان الوكالة بالخصومة.

ويبطل العمل كذلك إذا حرر أحد المذكورين مذكرة أو فتوی ونسب صدورها لأحد المحامين باستعارة اسم الأخير وهو من قبيل الصورية النسبية، بحيث أن تمكن الخصم الآخر من اثبات هذه الصورية، قضت المحكمة ببطلان العمل.

وفاة الموكل دون إفصاح وكيل الخصومة عن وفاته :

الأصل أن وفاة الموكل، يؤدي حتماً إلى إنقطاع سير الخصومة، وتصح الإجراءات التي تتخذ في فترة الانقطاع باطلة، وقد يحضر وكيل الخصومة ولم ينبه المحكمة لوفاة موكلة، فتستمر في نظر الدعوى حتى تقضي فيها، وحينئذ تكون الإجراءات التي أتخذت بعد الوفاة صحيحة بما فيها الحكم مما يحول دون النعي عليه بالبطلان. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع، الصفحة / 639 )

ويبين من هذا التعريف أن للوكالة عدة خصائص تخلص فيما يأتي:

1- الوكالة عقد من عقود التراضي، أي أنها تنعقد بالإيجاب والقبول. وقبول الوكيل قد يكون صريحاً أو ضمنياً.

ويعتبر قبولاً ضمنياً من الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة. كما يعتبر سكوت الوكيل قبولاً إذا تعلقت الوكالة بأعمال تدخل في مهنته، كما هو الأمر في المحامي والوكيل بالعمولة، أو كان قد عرض خدماته علنا بشأنها.

غير أن عقد الوكالة قد يكون شكليا – كما سنرى - إذا كان التصرف القانوني محل الوكالة هو تصرف شكلي.

2- الوكالة من عقود التبرع - بحسب الأصل- وعلة ذلك أن الموكل يختار الوكيل عادة من بين أصدقائه أو ذوي قرباه. فالشخص لا يعهد إلى الغير بمصالحه جزافاً وعن غير خبرة، إنما يختار من بينهم من يكون محلاً لثقته، ولا يضع الإنسان ثقته عادة إلا في الأشخاص المتصلين به والمقربين إليه.

وقد ورثت الوكالة هذا الطابع المجاني عن القانون الروماني القديم الذي اتخذ فيه عمل الوكيل طابع الخدمة بين الأصدقاء والذي كان لا يقر مبدأ الأجر إلا بالنسبة للعمل المادي. ولكن التطور الاجتماعي والاقتصادي في العصور الحديثة قد أضعف أهمية هذا الطابع الأصيل إذ ظهرت صور كثيرة من الوكالة المأجورة بل زادت أهمية الوكالة المأجورة بكثير من الأهمية عن الوكالة المجانية. ومع ذلك فمازال القانون ينظر إلى الوكالة على أنها في الأصل دون مقابل، إذ تنص المادة 709/1 على أن: "الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غيرذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل.

3- الوكالة عقد ملزم للجانبين، ويكون ذلك واضحاً إذا اتفق على أجر للوكيل، إلا أنها تكون كذلك أيضاً ولو كانت تبرعاً، إذ أن الموكل يلتزم في جميع الأحوال برد ما صرفه الوكيل في تنفيذ الوكالة و بتعويضه عما أصابه من الضرر، وهذان التزامان ينشآن من عقد الوكالة نفسه، وليس من الضروري أن تنشأ الالتزامات المقابلة في العقود الملزمة للجانبين معاصرة وقت إبرام العقد.

على أنه ليس من المحتم أن تكون الوكالة ملزمة للجانبين، فقد تكون ملزمة الجانب الوكيل وحده، ولا تنشأ التزامات في ذمة الموكل إذا كانت الوكالة بغير أجر ولم ينفق الوكيل مصروفات ولم يصبه ضرر يعوض عنه.

4- أن محل عقد الوكالة الأصلي هو القيام بعمل قانوني لحساب الموكل، إذ نصت المادة 699 مدني صراحة على أن الوكيل يلتزم "بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل"، وهذا ما يميز عقد الوكالة عن غيرها من العقود الواردة على العمل وخاصة عقدي المقاولة والعمل. فلا وكالة إذا كان التصرف ينصب على القيام بعمل مادي لمصلحة الغير.

وذكرنا أن محل عقد الوكالة (الاصلي) هو عمل قانونی، لأن الوكيل قد يقوم بأعمال مادية تبعاً للتصرف القانوني الذي وكل فيه، كما إذا وكل في قبض الدين، فإنه يجب في بعض الأحيان أن يسعى للمدين وأن يقوم ببعض الإجراءات المادية القبض الدين.

والواقع أن التفرقة بين العمل القانوني والعمل المادي تدق لأن القيام بأغلب الأعمال المادية يستلزم إبرام العقود. فإذا كان الشراء والبيع والصلح أعمالاً قانونية بلا شك وكانت قيادة السيارات أو جنى المحصول أو صنع الثياب أعمالاً مادية بلا شك فإن الأمر قد لا يعرض بهذا الوضوح.

إذا عهد شخص إلى آخر ببناء منزل، فهل يعتبر بناء المنزل عملاً مادياً أم عملاً قانونياً هو إبرام العقود اللازمة للقيام بهذا العمل المادي؟ والإجابة أنه إذا كان المعهود إليه ببناء المنزل مقاولاً محترفاً لا يكون العقد وكالة الأن رب العمل لا يخول المقاول سلطة القيام بأي تصرف قانوني لحسابه والمقاول إذا تعاقد مع الغير كوسيلة لقيامه ببناء المنزل فهو يتعاقد لحسابه الخاص. أما إذا كان رب العمل قد كلف شخصاً ليس مقاولاً بالإشراف على بناء المنزل الحسابه فإن ذلك يفهم على أن هذا الشخص يكون وكيلاً عنه سواء في التعاقد مع مقاول أو في شراء المواد اللازمة للبناء والتعاقد مع مهندس واستئجار العمال اللازمين إذا رأى عدم اللجوء إلى مقاول. أما إذا كان المكلف بالبناء س يقوم بنفسه ببناء منزل صغير مثلاً فلا شك في انعدام الوكالة. فالعبرة في وصف العمل بأنه مادي أو قانوني هي في الواقع بإرادة الطرفين.

5- أن محل عقد الوكالة الأصلي هو القيام بعمل قانوني لحساب الموكل وقد نصت المادة 699 مدنی صراحة على ذلك بقولها: "الوكالة.... بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل".

فمن أهم مميزات الوكالة والذي يفرق بينها وبين كثير من العقود الأخرى التي تشبهها، أن الوكيل ينوب عن الموكل، فهو يعمل ويتكلم بإسمه، بحيث أنه عند تمام العقد تكون الحال كما لو كان الموكل تعامل بنفسه، فيصير الموكل دائناً أو مديناً بناء على عمل الوكيل، الذي لا يلتزم شخصياً قبل من تعامل معهم من الغير، ولا يلتزمون هم أيضاً قبله، بل إن العمل الذي يعمله يلتزم به الموكل .

وليس معنى ذلك أن العمل القانوني يقوم به الوكيل حتماً بإسم الموكل وإن كان كان هذا هو الغالب بل يصح أن يقوم به باسمه الشخصى كما يقع في الاسم المستعار وفي الوكالة بالعمولة، ولكن يجب دائماً أن يعمل الوكيل لحساب الموكل لا لحسابه الشخصي. فيقدم عند انتهاء الوكالة حساباً للموكل عما قام به من الأعمال لتنفيذ الوكالة الوكالة تكون تارة مقترنة بالنيابة وتكون الوكالة غير نيابية عندما يعمل الوكيل باسمه الشخصي، وسواء عمل الوكيل بإسم الموكل في الوكالة النيابية أو عمل باسمه الشخصي في الوكالة غير النيابية فهو في الحالتين يعمل لحساب الموكل

6- تتميز الوكالة بتغليب الاعتبار الشخصي، فالموكل أدخل في اعتباره شخصية الوكيل، وكذلك الوكيل أدخل في اعتباره شخصية الموكل.

ويترتب على هذه الخاصية أن الوكالة تنتهي بموت الوكيل كما تنتهي بموت الموكل.

7- الوكالة عقد غير لازم. بمعنى أنه يمكن إنهاؤه بإرادة أحد الطرفين فقط. ففي وسع الموكل أن يعزل الوكيل في أي وقت شاء، فينهي بذلك ما بينهما من روابط قانونية. كما يستطيع الوكيل أن يتنحى عن الوكالة متى تراءى ذلك كما سنرى.

وتستقل محكمة الموضوع بالتعرف على ما عناه المتعاقدان من المحرر إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني لما قصداه وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.

الوكالة عقد كسائر العقود، فيجب أن تتوافر فيها الأركان الواجب توافرها في جميع العقود، وهي الرضا والمحل والسبب.

ونعرض لهذه الأركان بالتفصيل فيما يأتي :

(الرضاء في عقد الوكالة)

توافق الإيجاب والقبول الوكالة عقد رضائي لا يختص بأحكام استثنائية من القواعد العامة في التراضي.

فيجب لانعقاد الوكالة توافق الإيجاب والقبول على عناصر الوكالة، فيتم التراضي بين الموكل والوكيل على ماهية العقد والتصرف القانوني أو التصرفات القانونية التي يقوم بها الوكيل والأجر الذي يتقاضاه إن كان هناك أجر، ويكون كل ذلك خاضعاً للقواعد العامة المقررة في نظرية العقد.

والرضاء بالوكالة يجوز أن يكون ضمنياً - كما سنرى- بل يصح ألا يصدر رضاء من الموكل أصلاً ومع ذلك ينصرف إليه أثر التصرف الذي عقده الوكيل كما في حالة الوكالة الظاهرة وفي مجاوزة الوكيل لحدود الوكالة.

ويصح أن تكون الوكالة معلقة على شرط واقف أو فاسخ، أو أن تكون مضافة إلى أجل واقف أو فاسخ.

يجب أن تتوافر في محل الوكالة، الشروط الواجب توافرها في محل العقد بصفة عامة، باعتبار أن الوكالة عقد كسائر العقود. وهذا ما سنعرض له بإيجاز في البند التالي.

الشروط الواجب توافرها في محل عقد الوكالة:

(1) أن يكون التصرف ممكناً:

يجب أن يكون التصرف القانوني محل الوكالة ممكناً، فإذا كان مستحيلاً كان باطلاً لأنه لا التزام بمستحيل، و كانت الوكالة باطلة لبطلان التصرف.

واستحالة المحل قد تكون استحالة مادية، كما إذا وكل شخص آخر في شراء منزل، كان قد استحال في تاريخ سابق أنقاضاً بسبب غارة جوية دون أن يعلم الموكل ذلك أو التوكيل في تصرف تم إنجازه قبل التوكيل.

وقد تكون الاستحالة قانونية، كتوكيل المحامي في الطعن في حكم بطريق الاستئناف أو النقض، بعد فوات ميعاد الطعن فيه.

وقد يكون الفعل ممكناً ومع ذلك لا يجوز التوكيل فيه، لأنه يتطلب بطبيعته أن يباشره الشخص بنفسه كحلف اليمين، أو يكون من التصرفات التي تعلق صحتها بصدورها من صاحبها شخصياً كالوصية المكتوبة بخط الموصى)، أو التوكيل في الإمضاء لأنه لابد أن يصدر من صاحبه.

غير أن الموكل يكون مسئولاً نحو الغير حسن النية الذي يجهل أن الإمضاء ليس بخط الموكل، كما لو كان الإمضاء بخطه، مادام أن الموكل هو الذي طلب إلى الوكيل كتابة الإمضاء.

(2) أن يكون التصرف معيناً أو قابلاً للتعيين:

يجب أن يكون التصرف القانوني محل الوكالة معينة أو قابلاً للتعيين، فإذا وكل شخص آخر وجب عليه أن يعين التصرف الذي وكله فيه تعييناً نافياً للجهالة، غير أننا سنرى أن المادة 702/2 مدني تقضي بأنه في الوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع التصرفات القانونية تصح الوكالة ولو لم يعين محل هذا التصرف على وجه التخصيص، إلا إذا كان التصرف من التبرعات. فإذا كان التصرف محل الوكالة من أعمال التصرف وكان من عقود المعاوضة فإنه يكفي ذكر نوع التصرف محل الوكالة كالبيع أو الرهن أو الصلح أو القرض، دون أن يعين محل التصرف على وجه التخصيص، بأن يوكل الشخص في بيع منزل معين أو أرض بذاتها أو الصلح في نزاع معين. أما إذا كان التصرف من عقود التبرع فإنه يجب ذكر نوعه ومحله، فإذا كان التوكيل في هبة وجب تعيين الشئ الموهوب، كأن يوكل الشخص في هبة منزل معين أو سيارة بذاتها.

وإذا لم يكن التصرف محل الوكالة معيناً، وجب على الأقل أن يكون قابلاً التعيين، مثل أن يوكل المالك ناظر زراعته في إدارة الزراعة دون أن يعين على وجه التحديد التصرفات القانونية محل التوكيل. ففي هذه الحالة تكون هذه التصرفات قابلة للتعيين، فهي كل تصرف يتعلق بإدارة الزراعة كإيجار الأرض وأعمال الحفظ والصيانة وشراء البذور والأسمدة ومبيدات الحشرات ونوعها واستئجار عمال الزراعة والآلات الزراعية وبيع المحصول واستيفاء الحقوق ووفاء الدين.

(3) أن يكون التصرف مشروعاً :

يجب أن يكون التصرف القانوني محل الوكالة مشروعاً، بمعنى ألا يكون مخالفاً للقانون أو للنظام العام أو الآداب. وإلا كانت الوكالة باطلة.

ومثل ذلك أن يوكل شخص آخر في شراء مخدرات أو في عرض رشوة أو قبضها أو ارتكاب جريمة قتل أو سرقة أو في الاتفاق مع امرأة على معاشرة غير مشروعة أو إيجار منزل لممارسة أعمال منافية للآداب.

وكذا التوكيل في المراهنة أو المقامرة، لأن كل اتفاق خاص برهان أو بمقامرة باطل لعدم مشروعيته (م 739 مدنی) على أن يستثني الرهان الذي يعقده فيما بينهم المتبارون شخصياً في الألعاب الرياضية وما رخص فيه قانوناً من أوراق اليانصيب (م 740 مدنی).

وتكون صحيحة الوكالة في قبض دین القمار، ذلك أن قبض الحين منفصلاً عن القمار مشروع فتكون الوكالة فيه مشروعة. أما إذا كانت الوكالة في لعب القمار في قبض دينه أو دفعه فالوكالة باطلة في كل ذلك، لأن الوكالة في قبض دین القمار أو دفعه تصبح في هذه الحالة تابعة للوكالة في لعب القمار وتكون باطلة تبعا لها .

ويعتبر كذلك من قبيل التوكيل بتصرف غير مشروع أن يوكل أحد المذكورين في المادة 471 من القانون المدني الجديد غيره في شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها. إذ يترتب على تحريم هذا التصرف على هؤلاء الأشخاص أن يصبح غير مشروع بالنسبة لهم، فلا يجوز توكيل غيرهم.

وليس هناك ما يمنع من توكيل شخص في مباشرة عمل لا يصح له أن يباشره لحسابه. وبناء على ذلك يجوز توكيل أحد الأشخاص المذكورين في المادة 471 سالفة الذكر لشراء الحقوق المتنازع فيها المحرم عليهم شراؤها لأنفسهم. وتطبيقاً لذلك أيضاً يجوز توكيل الوكيل بالبيع في شراء الشيء لحساب شخص ثالث، مع أنه محظور عليه أن يشتري لنفسه ما هو موكل في بيعه (م 479 مدنی). وهذا مشروط بعدم التحايل على المنع فإذا ثبت أن المشتري الحقيقي هو الوكيل، وأن المشتري الظاهر إنما جيء به لدفع البطلان والتحايل على نص القانون، فالبيع باطل. كما أنه مشروط أيضاً بالحصول على ترخيص من الأصيل (م 108 مدنی).

جزاء تخلف شروط محل الوكالة:

إذا تخلفت شروط محل الوكالة الثلاثة سالفة الذكر أو تخلف بعضها، كانت الوكالة باطلة.

ويترتب على البطلان اعتبار الوكالة كأن لم تكن، فيعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. ويجوز لكل من المتعاقدين أن يتمسك بالبطلان.

وإذا كان الوكيل لم يقم بتنفيذ الوكالة، فإنه لا يلتزم بتنفيذها، ولايجوز للموكل مطالبته بذلك.

أما إذا كان قد قام بتنفيذها - وهذا يحدث في الوكالة غير المشروعة - فإنه لا يجوز لأي من الموكل والوكيل مطالبة الآخر بآثار الوكالة، فلو وكل شخص آخر في إدارة منزل لأغراض منافية الآداب، وحقق كسباً من وراء ذلك ما جاز للموكل مطالبته بهذا الكسب.

أما إذا كانت الوكالة مأجورة، أوكان الوكيل قد أنفق مصروفات في تنفيذ الوكالة، فإن الموكل يلتزم بدفع الأجر والمصروفات إذا كان الوكيل حسن النية، وأقدم على قبول الوكالة وتنفيذها وهو يجهل عدم مشروعية العمل الموكل فيه، ويقع على عاتق الموكل عبء إثبات علم الوكيل بأن محل الوكالة غير مشروع .

غير أن الوكيل لا يستند في مطالبته بالأجر ورد النفقات إلى عقد الوكالة، ذلك أن عقد الوكالة أصبح باطلاً، ولا يزيل هذا البطلان تنفيذ الوكالة، إنما يستند إلى المسئولية التقصيرية، ويقع على عاتق الوكيل عبء إثبات خطأ الموكل .

التصرفات التي يصح أن تكون محلاً للوكالة: أما تجوز الوكالة في أي تصرف قانوني تتوافر فيها شروط المحل الثلاثة التي ذكرناها سلفاً. ويستوي أن يكون التصرف القانوني عقداً أو تصرفاً من جانب واحد. فيصح التوكيل في البيع والشراء والرهن والارتهان والإيجار والاستئجار وفي سائر العقود الأخرى. كما يصح التوكيل في الوصية وفي قبولها وفي قبول الاشتراط لمصلحة الغير وفي تطهير العقار المرهون وكذلك في الإدلاء باعتراف وفي توجيه اليمين.

ويصح التوكيل في الزواج والطلاق.

ولكن الوكالة لا تجوز في بعض التصرفات التي يعتبرها القانون شخصية محضة كحلف اليمين (م2/ 115 من قانون الإثبات أو التصرفات التي تعلق صحتها بصدورها من صاحبها كالوصية المكتوبة بخط الموصي.

تتحدد مدى سعة الوكالة وبيان ما إذا كان تصرف معین داخلاً في حدودها أو خارجاً عن تلك الحدود أو مدى سلطة الوكيل في هذا التصرف، وفق إرادة الطرفين وما ينفقان عليه في عقد الوكالة، وما يستخلصه القاضي من إرادتهما ولو لم تثبت في عقد الوكالة - كما سنرى - وقد تتسع سلطة الوكيل فتشمل كافة التصرفات أو تضيق لتنحصر في تصرف واحد.

وقد تتسع حرية الوكيل في تنفيذ الوكالة وقد تضيق حريته في ذلك طبقاً لما يتفق عليه.

وقد يصل الموكل في تقييد حرية الوكيل إلى حد أن يحرمه من كل تقدير، ولا يبقى للوكيل إلا أن ينفذ تنفيذاً حرفياً تعليمات الموكل، ويكون الوكيل في هذه الحالة أقرب إلى الرسول. وذلك كموزع التذاكر على الجمهور لدخول المحال العامة أو الاستعمال وسائل النقل من سكك حديدية أو مينيبوس.. إلخ .

وقد تكون الوكالة مقيدة بالزمان، كأن تكون مقيدة بزمان معين تنقص بانقضائه أو بأن تبدأ في وقت معين، أو بالشخص كأن يحدد الموكل الشخص الذي يتعامل معه الوكيل أو من حيث الشكل كالتعاقد بالكتابة فقط، أو تكون معلقة على شرط .

لم ينص القانون على أهلية خاصة يجب توافرها في الموكل، ومن ثم فإنها تخضع للقواعد العامة.

وعلى ذلك يجب أن تتوافر في الموكل أهلية مباشرة التصرف موضوع الوكالة لأن آثار هذا التصرف تنصرف إليه، فإذا كان الموكل غير أهل المباشرة هذا التصرف، كانت الوكالة قابلة للإبطال لمصلحته. ويترتب على بطلانها بطلان التصرفات التي قام بها الوكيل مع الغير لحسابه، حتى لو كان الوكيل حسن النية، أو كان الغير الذي تعاقد معه حسن النية، ما لم يكن هناك محل التطبيق قواعد الوكالة الظاهرة .

فإذا كان محل الوكالة إبرام عقد بيع مثلاً وجب أن تتوافر في الموكل أهلية التصرف، وإذا كان محل الوكالة عملاً من أعمال الإدارة وجب توافر أهلية الإدارة فيه.

وبناء عليه لا تصح وكالة الصبي غير المميز ولا المجنون. ولاتصح وكالة الصبي المميز في الأمور التي هي ضرر محض فى حقه وإن أذن الولي، كالهبة وفي الأمور التي هي نفع محض يصح توكيله، وإن لم يأذن الولي كقبول الهبة.

وللصبي المميز المأذون له بالإدارة أن يوكل غيره في حدود أعمال الإدارة دون أعمال التصرف أو التبرع.

ولكن يجوز للصبي المميز الوكالة في الحقوق التي يجوز له التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون، وإذا كانت الوكالة بمقابل وجب أن تتوافر لدى الموكل أهلية التصرف. كما إذا وكل شخص آخر في إيجار قطعة أرض نظير أجر فإذا لم يكن لدى الموكل في هذه الصورة أهلية التصرف كانت الوكالة صحيحة فيما يتعلق بوكالة الوكيل عن الموكل وقابلة للإبطال فيما يتعلق بالتزام الموكل.

وإذا لم تتوافر الأهلية للموكل جاز أن تصدر الوكالة من نائبه في الحدود التي يقررها القانون.

العبرة في توافر الأهلية بوقت الوكالة ومباشرة العقد:

يذهب رأى إلى أن العبرة في تحديد أهلية الموكل بوقت عقد الوكالة لا بوقت إجراء التصرف الموكل فيه. فإذا وكل ناقص الأهلية غيره بالبيع مثلاً وقعت وكالته باطلة، وبطل البيع المترتب عليها ولو كان الأصيل قد بلغ سن الرشد وقت مباشرة الوكيل لهذا التصرف.

ويذهب رأي آخر - نؤيده - إلى أن العبرة في توافر الأهلية في الموكل بوقت الوكالة وبالوقت الذي يباشر فيه الوكيل العقد في وقت واحد، فلو أن الموكل لم يكن أهلاً لهذا العقد وقت إعطاء التوكيل لم تصح الوكالة، ولا تصح أيضاً إذا كان الموكل أهلاً وقت التوكيل وغير أهل وقت مباشرة العقد.

(ب) – أهلية الوكيل :

الوكيل لا يتأثر بالتصرفات التي يجريها لحساب الموكل ولذلك لا يشترط فيه أن يكون أهلاً لمباشرة هذه التصرفات. بناء على ذلك يجوز أن ينوب الشخص عن الغير في مباشرة تصرف قانوني لا يجوز له أن يباشره لحسابه. فيكفي إذن أن يكون الوكيل قادراً على التمييز لأنه طرف في العقد. فيجوز توكيل الصبي المميز في مباشرة عمل من أعمال التصرف، كما يجوز توكيل المحجور عليه للسفه في مثل ذلك. إنما لا يجوز توكيل الصبي غير المميز أو المجنون لأنه لا إرادة لهما، فلا ينعقد العقد بوجودهما.

جزاء عدم توافر الأهلية في الوكيل:

وإن كان لا يلزم في الوكيل - كما ذكرنا سلفا - الأهلية الواجبة لإجراء العمل القانوني الذي وكل فيه، وإنما يكفي أن يكون مميزاً إلا أنه لما كان طرفاً في عقد الوكالة، فإن هذا العقد يكون قابلاً للإبطال إذا كان قاصراً وهذا البطلان مقرر لمصلحة الوكيل القاصر، فلا يجوز للموكل أو الغير طلب إبطال عقد الوكالة لقصر الوكيل.

وإذا أبطلت الوكالة، بطلت نيابة الوكيل المستمدة من هذا العقد، فإذا كان قد قام بتنفيذ الوكالة أي بالتعاقد مع الغير، جاز للأخير التمسك بالوكالة باعتبارها وكالة ظاهرة، وفي الحدود التي يجوز فيها التمسك بهذه الوكالة.

أما إذا لم يكن قد نفذ الوكالة بالتعاقد مع الغير، فلا يجوز له التعاقد مع الغير لانعدام صفته بعد القضاء ببطلان الوكالة، غير أنه يجوز للغير التمسك بالوكالة باعتبارها وكالة ظاهرة إذا توافرت شروطها.

أما في العلاقة بين الموكل والوكيل، فلا يستطيع الموكل الرجوع عليه على أساس المسئولية العقدية بعد إبطال العقد، ولا يكون له إلا الرجوع عليه إما على أساس الإثراء بلا سبب وفي هذه الحالة لا يلزم ناقص الأهلية برد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد (م 2/ 142 مدنی)، أو على أساس المسئولية التقصيرية، ويتحقق ذلك بوجه خاص إذا كان في يد الوكيل مال للموكل وبدده.

أما إذا لم يطلب الوكيل القاصر إبطال الوكالة وقام بتنفيذها فإنه لا يجوز للموكل أن يرجع عليه بالتعويض إذا كان قد أساء تنفيذ الوكالة، إذ أنه باختياره شخصاً ناقص الأهلية يكون قد رضی مقدماً بأن يتحمل سائر النتائج التي تترتب على مثل هذا الاختيار.

ولا يكون له أن يطالب ناقص الأهلية بتنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد الوكالة، كتقديم حساب عن عمله مثلاً، لأن ناقص الأهلية لا تشغل ذمته بمثل هذا الالتزام ويستطيع أن يتمسك ببطلان الوكالة.

ومع ذلك يحق للموكل أن يطالب وكيله ناقص الأهلية برد المبالغ التي يكون قد قبضها من الغير تنفيذاً لعقد الوكالة، لأن تبديد ناقص الأهلية لهذه المبالغ يعتبر جريمة ونقص الأهلية لا يجعل الشخص بمنأى من المسئولية عن العمل الضار.

عيوب الإرادة في عقد الوكالة، كأي عقد آخر هي الغلط والتدليس والإكراه.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 104 من التقنين المدني على أنه: "إذا تم العقد بطريق النيابة كان شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة، أو في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة، أو افتراض العلم بها حتماً.

وإذن فبمقتضى الفقرة الأولى من المادة 104 يكون العقد الذي تم بطريق النيابة قابلاً للبطلان متى كان الوكيل واقعاً في غلط أو كان ضحية تدليس أو إكراه ولو لم تتعرض إرادة الأصيل العيب من هذه العيوب، وإذن فيكون للأصيل أن يرفع دعوى البطلان ويصل إلى الحكم بطلان العقد على أساس الغلط الذي وقع فيه وكيله أو التدليس أو الإكراه الواقع على الوكيل، بصرف النظر عن سلامة إرادة الأصيل من الغلط أو التدليس أو الإكراه.

ويلاحظ أن دعوى البطلان النسبي المترتبة على تعيب إرادة الوكيل هی الأصيل فهو الذي يرفع الدعوى بطلب إبطال العقد للغلط أو التدليس أو الإكراه الذي شاب إرادة وكيله وليس للوكيل أن يرفع تلك الدعوى اللهم إلا إذا كان لوكالته من الشمول ما يدخل في نطاقها مثل هذا العمل أو كان موكلاً فيها بالذات.

وهذا طبيعي مادامت آثار العقد الحاصل بطريق الوكالة عائدة إلى الأصيل فإن دعوى البطلان النسبي إن هي إلا أثر مترتب على العقد الذي يشوب إرادة أحد المتعاقدين فيه عيب من العيوب التي نص عليها القانون.

ففي الأحوال التي يرتب القانون فيها أثراً على حسن النية يتلمس حسن النية عند النائب لا عند الأصيل، فإذا كان النائب سئ النية واشترى من بائع معسر متواطئاً معه، فلدائن البائع الطعن في البيع بالدعوى البوليصية حتى لو كان الأصيل حسن النية.

تصرف الوكيل وفقاً لتعليمات الموكل :

تنص الفقرة الثانية من المادة 104 مدني على أنه: "ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً ويتصرف وفقاً لتعليمات معينة صدرت له من موكله، فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو، أو كان من المفروض حتماً أن يعلمها".

فالوكيل إذا تصرف وفقاً لتعليمات محددة صدرت له من الأصيل، وجب أن ينظر إلى نية هذا الأخير فإذا وكل شخص آخر في شراء شئ معين بالذات، وكان الموكل يعلم بما فيه من العيب والوكيل يجهل ذلك، لم يجز أن يرجع الموكل على البائع بدعوى العيب. فالأصل إذن أن العقد ينعقد بإرادة الوكيل لا بإرادة الأصيل، على أن إرادة الأصيل تكون محل اعتبار فيما يختص بعلمه وفيما يوجه فيه الوكيل إذ الوكيل في هذه الحالة يكون بمثابة الرسول.

تطبيق عيوب الإرادة بالنسبة لطرفي الوكالة:

من الممكن أن تشوب إرادة الموكل أو الوكيل في إبرام العقد عيب من عيوب الإرادة السابقة.

ومن أهم هذه العيوب في التطبيق العملي الغلط والإكراه، ومن ثم نعرض لهما فيما يلي.

الغلط :

تقوم الوكالة على الاعتبار الشخصي، ولذلك فإن الغلط في شخص الوكيل يؤثر على صحة العقد ويجعله قابلاً للإبطال، إن كان الوكيل يعلم بالغلط أو كان من السهل عليه أن يتبينه (م 120 مدنی).

ومثال ذلك أن يعتقد الموكل أنه يوكل شخصاً معيناً وإذ به يوكل شخصاً آخر.

وطلب الإبطال كثيراً ما يكون أصلح للموكل من عزل الوكيل. فقد يكون الوكيل غير قابل للعزل إذا كانت الوكالة لصالحه، وقد يكون مأجوراً، وأبرم فعلاً تصرفات باسم الموكل، ولا يريد الموكل أن يلتزم بها.

وقد يكون الغلط في شخص الموكل، بأن كان يعتقد الوكيل أنه يتعاقد مع موكل معين فإذا به شخص آخر، فيكون له طلب إبطال عقد الوكالة للغلط. ويحقق له إبطال العقد توقى تعويض الموكل عن الضرر الذي قد يصيبه إذا ما هو تنحى عن الوكالة في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول.

كما يتوقى أيضاً، في حالة ما إذا كانت الوكالة صادرة لصالح أجنبي، التقيد بها إذا لم توجد أسباب جدية تبرر التنحي وفقاً لأحكام المادة 716 مدنی.

الإكراه :

يجوز إبطال الوكالة إذا وقع إكراه أدبى على الوكيل، بأن يستغل شخص نفوذه الأدبي وشوكته لدى شخص آخر فيجعله يوكله في القيام بتصرفات تنتهي إلى الإضرار بالموكل.

ويتحقق ذلك عادة في وكالة الزوجة لزوجها ووكالة الإبن لأبيه. فإذا أثبتت الزوجة أو الإبن وقوع الإكراه الأدبي عليهما جاز إبطال العقد.

والإبطال يحقق للموكل ميزة عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على عاتقه، لو أنه قام بعزل الوكيل (م 716 مدنی).

والسبب ركن في عقد الوكالة كسائر العقود، ومن ثم فإنه يخضع في أحكامه للقواعد العامة.

ونكتفي هنا بالإشارة إلى ما نصت عليه المادة 136 مدني من أنه "إذا لم يكن للالتزام سبب، أو كان سببه مخالفاً النظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً"ومن ثم فإنه يجب أن يكون السبب مشروعاً، فإذا قبل شخص وكالة امرأة في أعمال إدارة أو تصرف مقابل استمرار علاقة غير مشروعة معها كانت تلك وكالة باطلة لمخالفتها للآداب.

والوكالة إن كانت من غير مقابل فإنها تكون من عقود التبرعات، ويكون السبب فيها رغبة المتبرع وميله نحو المتبرع له، وإن كانت بمقابل فإنها تكون من العقود الملزمة للطرفين، ويكون التزام كل عاقد سبباً في التزام الآخر.

ويتصل بالسبب في الوكالة الشخص الذي تنعقد الوكالة لمصلحته، والأصل أن الوكالة تنعقد لمصلحة الموكل. وقد تتعقد لمصلحة كل من الموكل والوكيل كما إذا وكل شخص دائنه في بيع مال له ليتقاضی حقه من ثمنه، أو وكل أحد الشريكين في الشيوع الشريك الآخر في إدارة المال الشائع. ولا تنعقد الوكالة لمصلحة الوكيل وحده، فلا تكون هناك وكالة إذا أشار شخص على آخر أن يعقد لنفسه صفقة رابحة.

وقد تنعقد الوكالة لمصلحة الموكل والغير، كما إذا وكل شخص آخر فی بيع مال له ليسدد من ثمنه ديناً في ذمته للغير، فالوكالة انعقدت هنا لمصلحة كل من الموكل ودائنه الذي يستوفي حقه من الثمن، ويجوز أن تكون الوكالة المصلحة الغير وحده، كما إذا قام فضولي بإدارة عمل للغير ووكل شخصاً آخر عنه في إدارة العمل أو في المضي فيه، وإذا انعقدت الوكالة لمصلحة الموكل والغير، جاز لكل منهما مطالبة الوكيل بتنفيذ الوكالة بموجب عقد الوكالة، والغير بموجب الاشتراط لمصلحته. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ التاسع الصفحة/ 5)

الوكالة هي عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل، وأن الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة فليس له أن يجاوزها فإذا جاوزها فإن العمل الذي يقوم به لا ينفذ في حق الموكل، إلا أن للموكل في هذه الحالة أن يقر هذا العمل فإن أقره أصبح كأنه قد تم في حدود الوكالة من وقت إجراء العمل لا - من وقت الإقرار مما مفاده أن الموكل هو الذي يملك التمسك يتجاوز الوكيل لحدود الوكالة - لما كان ذلك - و كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الوكيلين عن المستأجرة الأصلية قد تجاوزتا حدود الوكالة الصادرة إليهما حين تنازلتا عن شقة النزاع للطاعن على الرغم من أن الموكلة لم تتمسك بهذا التجاوز فإنه يكون قد أخطأ في تطبيقه القانون .

نقض مدني الطعن رقم 207 لسنة 49 ق - جلسة 1979/12/22 س 30 ص 261.(التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء/ الثاني )

 

 

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الثاني، الصفحة/ 27
تأقيت الوكالة لأجل:
55- يجوز تأقيت الوكالة بأجل عند جميع الفقهاء، كقوله: «وكلتك شهرا، فإذا مضى الشهر امتنع الوكيل عن التصرف» «ولو قال: وكلتك في شراء كذا في وقت كذا صح بلا خلاف» لأن الوكيل لا يملك من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل، وعلى الوجه الذي أراده، وفي الزمن والمكان الذي حدده.
والأصل في الوكالة أنها عقد جائز من الطرفين، لكل واحد منهما فسخها متى شاء، إلا إذا تعلق بها حق للغير؛ لأنه إذن في التصرف، فكان لكل واحد منهما إبطاله، كالإذن في أكل طعامه وهذا ما صرح به جمهور الفقهاء في الجملة. وللمالكية تفصيل في هذا تبعا للعوض وعدمه، يرجع فيه وفي التفصيلات الأخرى إلى الوكالة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الخامس، الصفحة/ 37
الإشهاد على ما وكل في قبضه:
19- عند تنازع الوكيل والموكل في دعوى على ما وكل في قبضه، فالوكيل كالمودع عند الحنفية في أنه أمين، إلا الوكيل بقبض الدين إذا ادعى بعد موت
الموكل أنه قبضة ودفعه في حال حياته، لم يقبل قوله إلا ببينة، والوكيل كالمودع أيضا عند الاختلاف في الرد عند المالكية والشافعية، وكذا الوكيل بغير أجر عند الحنابلة لا يختلف عن المودع يقبل قوله بلا إشهاد، فإن كان وكيل بأجر ففيه وجهان ذكرهما أبو الخطاب وهو قول ضعيف للشافعية.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ العاشر، الصفحة/ 41
الوكالة:
24- يصح تأقيت الوكالة عند الفقهاء. ففي جامع الفصولين: أنه لو وكله بالبيع أو الشراء اليوم ففعل ذلك في الغد، ففي صحته روايتين، ورجح عدم الصحة بناء على أن ذكر اليوم للتوقيت.
وذكر صاحب البدائع أنه لو وكله بأن يبيع هذه الدار غدا، فإنه لا يكون وكيلا قبل الغد.
وذكر المالكية أن الوكيل إذا خالف ما أمره به الموكل، بأن باع أو اشترى قبل أو بعد الوقت الذي عينه له الموكل، فللموكل الخيار في قبول ذلك أو عدم قبوله.
وصرحت الشافعية والحنابلة بأنه يمتنع على الوكيل التصرف بعد انتهاء وقت الوكالة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولى 1433 ه- 2012 م الجزء/ الحادي والثلاثون، الصفحة/ 326
التوكيل أثناء الغيبة:
5- ذهب الفقهاء إلى جواز توكيل الغائب غيره في العقود والتصرفات التي يملك الموكل إبرامها، كما أجازوا الوكالة بالخصومة في سائر الحقوق وإيفائها واستيفائها؛ لأن الحاجة داعية إليه، والشخص قد لا يحسن المعاملة أو لا يمكنه الخروج إلى السوق، أو لا يتفرغ للقيام بالعمل بنفسه.
6- واختلفوا في توكيل الغائب غيره في الحدود والقصاص.
فذهب المالكية والحنابلة وأبي حنيفة ومحمد وهو وجه عند الشافعية إلى أنه يجوز التوكيل بإثبات الحدود من الغائب، وكذا في القصاص؛ لأن خصومة الوكيل تقوم مقام خصومة الموكل.
وقال أبو يوسف- وهو وجه عند الشافعية- إنه لا يجوز التوكيل بإثبات الحدود والقصاص لأن ها نيابة، فيتحرز عنها في هذا الباب كالشهادة على الشهادة.
7- واختلفوا كذلك في استيفاء الحدود والقصاص بواسطة الوكيل:
فيرى المالكية والشافعية في الصحيح عندهم، وهو المنصوص عن أحمد، أنه يصح التوكيل في استيفاء حق لآدمي أو لله، كقود وحد زنا وشرب- ولو في غيبة الموكل- كسائر الحقوق والخصومات، قال ابن قدامة: كل ما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل وغيبته، كالحدود وسائر الحقوق، واحتمال العفو بعيد، والظاهر أنه لو عفا لبعث وأعلم وكيلة بعفوه، والأصل عدمه فلا يؤثر، ألا ترى أن قضاة رسول الله صلي الله عليه وسلم كانوا يحكمون في البلاد ويقيمون الحدود التي تدرأ بالشبهات مع احتمال النسخ.
وذهب الحنفية، وهو قول عند الشافعية والحنابلة، إلى أنه لا يجوز استيفاء القصاص وحد القذف إلا بحضرة الموكل، لأن ها عقوبة تندرئ بالشبهات، ولو استوفاه الوكيل مع غيبة الموكل كان مع احتم....