loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 197

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تعرض المادتان 976 ، 977  للوكالة العامة و الوكالة الخاصة. فالوكالة العامة هي التي ترد في ألفاظ عامة دون أن يحدد لها عمل قانوني معين . فإذا وكل شخص آخر توكيلاً عاماً ، أنصرفت الوكالة إلى أعمال الإدارة الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات وقبض الحقوق ووفاء الديون والقيام بأعمال الحفظ والصيانة ، وكذلك قطع التقادم وقيد الرهن وتجديد القيد وتوقيع الحجز التحفظي ورفع الدعاوى المستعجلة ودعاوي وضع اليد .. ويدخل في أعمال الإدارة أعمال التصرف التي تقتضيها أعمال الإدارة ، کبيع المحصول و البضاعة وبيع ما يسرع إليه التلف وشراء مواش وآلات للزراعة . أما الوكالة الخاصة فهي التي تتحدد بعمل أو أعمال قانونية معينة ، كالتوكيل في البيع والشراء والصلح والتحكيم وكالتوكيل في الإيجار وفي بيع المحصول . ويتبين من ذلك أن الوكالة الخاصة قد ترد على عمل من أعمال التصرف أو على عمل من أعمال الإدارة، وقد ترد على العملين معاً في وقت واحد، والمهم أن تتخصص في عمل أو أعمال قانونية معينة .

 2- وأعمال الإدارة يصح أن تكون محلاً لوكالة عامة أو لوكالة خاصة كما تقدم . أما أعمال التصرف فلا يصح أن تكون محلاً إلا لوكالة خاصة لخطورتها . فلا يصح أن يوكل شخص آخر توكيلاً عاماً في جميع أعمال التصرفات دون أن يخصص أعمالاً معينة منها فإن خصص اقتصرت الوكالة على ما خصص ولا تتناول غير ذلك من أعمال التصرفات ، كما إذا وكل شخص آخر في بيع ماله وفي التصرف فيه بجميع أنواع التصرفات فلا تتناول الوكالة في هذه الحالة إلا البيع دون غيره . على أن التوكيل في البيع يتناول ما يقتضيه البيع من أمور تابعة له وفقاً لطبيعته وللعرف الجاري ، فيجوز للوكيل في البيع أن يقبض الثمن وأن يسلم المبيع.

3- ويلحق بأعمال التصرفات في وجوب أن تكون الوكالة فيها وكالة خاصة ، أعمال تنطوي على شيء من الخطورة يعلو بها عن مستوى أعمال الإدارة ، وهذه هي الصلح والإدلاء بإعتراف وتوجيه اليمين والدفاع أمام القضاء عن موضوع الحق .

4 - أما إذا كان العمل تبرعاً كالهبة والعارية ، فلا تكفي الوكالة الخاصة دون تعيين المال الذي يرد عليه العمل القانوني. وإذا صح أن يوكل شخص آخر في بيع ماله دون أن يعين المال الذي يباع ، فلا يجوز ذلك في التوكيل في الهبة ، بل يجب أن يعين التوكيل الخاص المال الذي يوهب ، ولا يجوز للوكيل هبة غير هذا المال وذلك الخطورة أعمال التبرعات .

5 - ويلاحظ أن تدرج الأعمال في الخطورة يتمشى معه تدرج الوكالة في التخصيص. فما كان من الأعمال محدود الخطورة ، أعمال الإدارة، تكفي فيه الوكالة العامة ، فإذا زادت خطورة العمل ، كما في أعمال التصرف وملحقاتها. وجب أن تتخصص الوكالة في نوع العمل القانوني. حتى إذا وصلت الخطورة إلى الذروة ، كما في أعمال التبرع، وجب أن تتخصص الوكالة في نوع العمل القانوني وفي محله .

الأحكام

1- إذ كان الثابت من وثيقة التأمين رقم 6050 ( وحدات بحرية ) أنها حررت بين المستأنف عليها ( شركة ..... ) – ثم عُدلت بتاريخ 13/2/1996 بجعل ممثل الشركة ( ..... ) مع سريان هذا التعديل من بداية التأمين الصادر فى 10/2/1996 وبين الشركة المستأنفة وتحدد فيها اسم الوحدة المؤمن عليها وهى ( ..... ) فندق عائم ومن سبق تعامل الشركة المستأنفة مع المستأنفة عليها من قبل وقوع حادث الغرق بقيامها بسداد تعويض للأخيرة عن شحوط هذه الوحدة يوم 18/4/1996 بين إدفو وإسنا نفاذاً لذات الوثيقة وخلال فترة سريانها ، وذلك وفقاً لصورة الإقرار الموقع عليه من ممثل الشركة المستأنفة والصادر على مطبوعات المستأنف عليها بتاريخ 5/8/1996 والمرفق بالأوراق ، وكان الثابت من السجل التجارى للمستأنف عليها والمقدم صورة منه أمام محكمة أول درجة من المستأنفة أن من أغراض هذه الشركة تشغيل وإدارة الباخرة السياحية ( ..... ) وغيرها والذى لا خلاف بين طرفى الاستئناف بأن هذه الباخرة هى الفندق العائم ( ..... ) - الوحدة المؤمن عليها - وكان إسناد تشغيل وإدارة هذه الوحدة إلى الشركة المستأنف عليها متى وردت دون تخصيص فإنها تعنى وفقاً لمفهوم المادة 701 من القانون المدنى القيام بأعمال تشغيلها فيما أعدت لها من رحلات نيلية وغيرها باعتبار أن ذلك يدخل فى نطاق الإدارة الحسنة ، وكذا الحق فى إبرام وثائق التأمين عنها ضد الحوادث التى تعد من أعمال الإدارة اليقظة ، كما يكون لها كذلك الحق فى رفع الدعاوى التى تنشأ عن هذه الأنشطة ومنها استيفاء حق ملاكها بمقابل ، وكان من أثر فقدان الوحدة النهرية المؤمن عليها لصلاحيتها للملاحة وصيرورتها حطاماً أن يزول عنها هذا الوصف ، ويضحى التصرف بشأنها إنما يخضع لقواعد الحيازة فى المنقول ، بما يضحى معه ما تمسكت به المستأنفة من نفى للصفة والمصلحة للمستأنف عليها فى رفع دعوى الترك وحقها فى التخلى عن الوحدة المؤمن عليها للمستأنفة بعد أن صارت حطاماً وفى تقاضى مبلغ التأمين الذى يمثل المقابل لثمن الوحدة نيابة عن ملاك هذه الوحدة يكون غير منتج ، ومن ثم غير مقبول .

(الطعن رقم 10593 لسنة 76 جلسة 2008/02/26 س 59 ص 261 ق 49)

2- مفاد نص المادة 828/3 من القانون المدنى من أنه " إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين عُدٌ وكيلاً عنهم " وأن طلب إخلاء العين المؤجرة والمطالبة بأجرتها يندرج ضمن إدارة المال الشائع ....... أن تعتبر هناك وكالة ضمنية صدرت إلى الشريك الذى تطوع لإدارة المال الشائع من باقى الشركاء ويعد هذا الشريك أصيلاً عن نفسه وكيلاً عن باقى الشركاء فى إدارة المال الشائع إدارة معتادة فتنفذ الأعمال التى تصدر منه فى حق الشركاء الباقين سواء من كان منها عملاً مادياً أو تصرفاً قانونياً تقتضيه الإدارة مما يعتبر معه هذا الشريك وكيلاً عن باقى الشركاء وكالة عامة بالإدارة فى مفهوم نص المادة 701 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 3426 لسنة 66 جلسة 2003/04/27 س 54 ع 1 ص 739 ق 126)

3- إذ كان الحكم الأبتدائى المؤيد لأسباب الحكم المطعون فيه قد فسر عبارات التوكيل الصادر من الطاعنين إلى الأستاذ ( ........... ) المحامى الذى أقتصر على تخويله الحق فى إقامة الدعاوى نيابة عنهما أمام المحاكم كافة بتمثيلها أمامها و أتخاذ كافة الإجراءات و التصرفات القانونية المتعلقة بها بأنه يبيح له القيام بأعمال الإدارة و إبرام عقود الإيجار التى تزيد مدتها على ثلاث سنوات نيابة عنهما مخالفاً بذلك مدلول المعنى الظاهر لعباراته بما لا تحتمله و رتب على ذلك الحكم بتأييد قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 601 لسنة 55 جلسة 1990/05/23 س 41 ع 2 ص 181 ق 203)

4- مقتضى الحكم بفرض الحراسة القضائية على المال الشائع ، أن تخلص إدارته للحارس ، و يحق له طبقاً للمواد 2/701 ، 733 ، 734 من القانون المدنى أن يؤجره لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات ، ما لم يقض حكم الحراسة بغير ذلك ، و إذ كان للحارس أن يعقد الإيجار إبتداء فإنه يحق له أن يقر الإيجار الذى عقده أحد الشركاء الذين ليس لهم الإنفراد بإدارته ، قبل فرض الحراسة ، و يصبح هذ الإيجار نافذاً فى حق باقى الشركاء .\

(الطعن رقم 870 لسنة 49 جلسة 1984/12/13 س 35 ع 2 ص 2088 ق 395)

5- النص فى المادة 733 من القانون المدنى على أن الحكم القاضى بالحراسة هو الذى يحدد ما على الحارس من إلتزامات وماله من حقوق وسلطة وإلا تطبق أحكام الوديعة و الوكالة ، وكانت المادة 701 قد نصت على أن " الوكالة الواردة فى ألفاظ عامة... لا تخول الوكيل صفة إلا فى أعمال الإدارة و يعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات ... " كما نصت المادة 559 على أنه لا يجوز لمن لا يملك الاحق الإدارة أن يعقد إيجار تزيد مدته على ثلاث سنوات الا بترخيص من السلطة المختصة ... " و نصت المادة 735 على أنه لا يجوز للحارس فى غير أعمال الإدارة أن يتصرف إلا برضاء ذوى الشأن جميعاً أو بترخيص من القضاء ، يدل على أن نيابة الحارس تتحدد بما ينص عليه القانون من أحكام فى هذا الصدد ، و أن سلطة الحارس تضيق أو تتسع بالقدر الذى يحدد ه الحكم القاضى بتعيينه و أنه إذا جاوز الحارس هذا النطاق المحدد فى الحكم أو فى القانون فإنه يكون قد خرج عن حدود نيابته .

(الطعن رقم 950 لسنة 46 جلسة 1981/05/09 س 32 ع 2 ص 1407 ق 255)

6- نص الإتفاق المعقود بين مصروالمملكة المتحدة ( بريطانيا ) بتاريخ 1959/2/28 والذى إعتبر نافذاً من تاريخ التوقيع عليه فى المادة الثالثة على إنهاء كافة تدابير الحراسة بالنسبة للمتلكات الرعايا البريطانيين كما نصت الفقرة 2 من الملحق ب من هذا الإتفاق على أن تتولى حكومة الجمهورية العربية المتحدة ( مصر) أمر إدارة هذه الممتلكات وحمايتها لحين تسليمها لأصحابها بناء على طلبهم . وإذا كان من مقتضى إنهاء الحراسة أن يعود حق التقاضى إلى الرعاية البريطانين من تاريخ إنهائها إلا أن المشرع تصور أن هناك فترة قد تمضى بين إنهاء الحراسة حكماً و بين إنتهائها فعلاً بتسلم هؤلاء الرعايا أموالهم فنص على أن تتولى حكومة مصر أمر إدارة هذه الأموال لحين تسليمها لأصحابها و بذلك أناب المشرع الحراس على تلك الأموال و نيابة قانونية فى إدارة أموال الرعايا البريطانيين الموضوعة فى حراستهم و إذ كانت هذه النيابة واردة فى ألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع العمل القانونى الحاصل فيه الإنابة ، فإنها حسبما تقضى به 701 من القانون المدنى لاتخول الحارس صفة إلا فى أعمال الإدارة ، وما يستتبع ذلك من حق التقاضى فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 701 من القانون المدنى تنص على أن وفاء الديون يعتبر من أعمال الإدارة ، ومن ثم فإن وفاء الديون متى كانت ثابتة فى ذمة المدين يدخل فى سلطة الحارس ، ويدخل فى سلطته تبعاً لذلك توجيه الإجراءات والإعلانات منه و إليه فيما ينشأ عن هذا الوفاء من منازعات . وإذ كان الحال فى الدعوى أن الدين الموقع به الحجز الإدارى - لصالح مصلحة الضرائب - لا شأن للمطعون عليها الأولى به ، إذ أن المدين به زوجها ، فانه لا يدخل فى نطاق أعمال الحارس على أموال المطعون عليها الأولى سلطة الوفاء من مالها بدين غير ثابت فى ذمتها ، وبالتالى له صفة فى تمثيلها فى تلقى الإعلانات عنها بشأن هذا الدين ، ومنها تلقى الإعلان بالحجز الإدارى وتكون المطعون عليها الأولى هى التى يجب أن تعلن بمحضر الحجز وفق حكم المادة 29 من قانون الحجز الإدارى رقم 308 لسنة 1955 ، الأمر الذى إستخلص الحكم المطعون فيه من واقع الدعوى وفق سلطته الموضوعية - عدم حصوله وهو ما لم يكن محل نعى من الطاعنة ، ورتب عليه الحكم إعتبار الحجز كأن لم يكن ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى النتيجة الصحيحة فى القانون وكان لا يؤثر فى سلامته ما يكون قد وقع فى بعض تقريراته القانونية من خطأ ، فإن الطعن يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 263 لسنة 37 جلسة 1974/06/09 س 25 ع 1 ص 1021 ق 168)

7- إذا كان الأمر العسكرى رقم 36 لسنة 1958 الصادر فى 18 من سبتمبر سنة 1958 الخاص بإنهاء الحراسة قد أنهى العمل بالأمر العسكرى رقم 5 لسنة 1956 فقد كان مقتضى هذا الإنهاء أن يعود حق التقاضى إلى الرعايا الفرنسيين منذ تاريخ هذا الأمر إلا أن المشرع تصور أن هناك فترة قد تمضى بين إنهاء الحراسة حكماً بصدور الأمر العسكرى المشار إليه وبين إنهائها فعلاً بتسلم هؤلاء الرعايا أموالهم فنص فى المادة الثانية من الأمر رقم 36 لسنة 1958 على إنه " يحتفظ الحارس العام والحراس الخاصون بسلطة إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة فى الحراسة إلى أن يتم تسليمها إلى أصحابها أو وكلائها " وبهذا النص أناب المشرع الحراس نيابة قانونية فى إدارة أموال الرعايا الفرنسيين الموضوعة فى حراستهم . وإذ كانت هذه النيابة واردة فى ألفاظ عامة ولا تخصيص فيها لنوع العمل القانونى الحاصل فيه الإنابة فإنها حسبما تقضى الفقرة الأولى من المادة 701 من القانون المدنى لا تخول الحارس صفة إلا فى أعمال الإدارة وما يستتبع ذلك من حق التقاضى فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات . ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 701 من القانون المدنى ، نصت على أن وفاء الديون يعد من أعمال الإدارة فإن وفاء الديون متى كانت ثابتة فى الذمة يدخل فى سلطة الحارس ويدخل فى سلطته تبعاً لذلك حق التقاضى فيما ينشأ عن هذا الوفاء من منازعات فيصح أن يكون مدعياً أو مدعى عليه فيها .

(الطعن رقم 308 لسنة 30 جلسة 1965/05/27 س 16 ع 2 ص 633 ق 102)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 701 من التقنين المدني على ما يأتي :

"1- الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل ، لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة" .

"2- ويعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون . ويدخل فيها أيضاً كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة ، كمبيع المحصول وبيع البضاعة أو المنقول الذي يسرع إليه التلف ، وشراء ما يستلزمه الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه واستغلاله".

ويخلص من النص المتقدم الذكر أن الوكالة العامة هي التي ترد في ألفاظ عامة ، فلا يعين فيها الموكل محل التصرف القانوني المعهود به للوكيل ، بل ولا يعين نوع هذا التصرف القانوني ذاته . فيقول الموكل للوكيل مثلاً : وكلتك في إدارة أعمالي، أو وكلتك في إدارة مزرعتي أو متجري، أو وكلتك عني في جميع أعمالي، أو وكلتك في مباشرة جميع ما تراه صالحاً لي، أو جعلتك وكيلاً مفوضاً عني ، أو نحو ذلك من العبارات التي تشير إلى الإدارة أو لا تشير إليها ولكنها حتى لو أشارت إلى الإدارة تكون في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها .

وسواء أشارت الوكالة العامة إلى الإدارة أو لم تشر ، فإنها لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة فلا يجوز للوكيل أن يقوم بأي عمل من أعمال التصرف، تبرعاً كان أو معاوضة ، إلا إذا كان هذا التصرف تقتضيه أعمال الإدارة كما سيأتي . ومن ثم لا يجوز للوكيل وكالة عامة أن يهب مال الموكل لا كله ولا بعضه، ولا أن يبيع أي مال للموكل ، أو يشارك به ، أو يقرضه، أو يصالح عليه، أو يحكم فيه ، أو يرهنه، أو يرتب عليه أي حق عيني أصلياً كان هذا الحق أو تبعياً.

ولكن الوكالة العامة تخول الوكيل الصفة في القيام بجميع أعمال الإدارة . وهذا لا يمنع بداهة الموكل من أن يقصر التوكيل على بعض أعمال الإدارة دون بعض أو أن يقصرها على عمل معين بالذات من أعمال الإدارة، ولكن الوكالة في هذه الحالة تكون وكالة خاصة لا عامة وتقتصر على أعمال الإدارة المحددة الوارد فيها دون غيرها . أما إذا وردت الوكالة عامة ، فإنها تشمل جميع أعمال الإدارة دون تفريق بين عمل وعمل كما قدمنا . وهذا بخلاف أعمال التصرف فإنه لا يصح أن ترد فيها الوكالة عامة ، بل لابد من تخصيص نوع التصرف محل الوكالة على الأقل ، وسيأتي بيان ذلك.

وقد أوردت الفقرة الثانية من المادة 701 مدني سالفة الذكر طائفة من أعمال الإدارة التي تشملها الوكالة العامة ، ولكن هذه الأعمال لم ترد على سبيل الحصر بل ذكرت على أنها من أبرز أعمال الإدارة . وأول هذه الأعمال هو الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات وليس معنى ذلك أن الإيجار لمدة تزيد على ثلاث سنوات ليس من أعمال الإدارة ، بل هو من أعمالها ولكن لا تشمله الوكالة العامة ولابد فيه من توكيل خاص . والإستئجار وإن كان من أعمال التصرف تشمله الوكالة العامة إذا اقتضته أعمال الإدارة ، كاستئجار الآلات الزراعية واستئجار السيارات ووسائل النقل الأخرى لنقل البضائع . وذكر النص بعد ذلك أعمال الحفظ والصيانة ، فتشمل الوكالة العامة العقود التي يبرمها الوكيل مع المقاولين للقيام بأعمال الترميمات البسيطة والجسيمة سواء كانت مستعجلة أو غير مستعجلة ، وللقيام بتشحيم السيارات والآلات الميكانيكية الأخرى وتزييتها وإصلاح ما تلف منها ، والعقود التي يبرمها لإيداع المحصول أو البضائع في المخازن المعدة لذلك ، واستئجار الأنفار لتنقية المزروعات من الحشرات ، وغير ذلك من أعمال الحفظ والصيانة . ويدخل في هذه الأعمال أيضاً رفع الدعاوي المستعجلة ، والتأمين من الحوادث ومن الحريق وغير ذلك من ضروب التأمين التي جرى العرف أن تعتبر من أعمال الإدارة اليقظة ثم ذكر النص استيفاء الحقوق ووفاء الديون فتشتمل الوكالة العامة قبض حقوق الموكل وإعطاء مخالصات بها للمدينين وإيداع المقبوض لحساب الموكل، ويجوز للوكيل أن يقبض الحقوق قبل حلول أجلها دون استنزال شيء منها، ولكن لا يجوز له أن يؤجل دفعها إلا بتوكيل خاص من الموكل . وتشمل الوكالة العامة كذلك وفاء ديون الموكل ، وتوفى الديون مما يكون بيد الوكيل من أموال للموكل من جنس الدين ولو كان قد حصل عليها بعد الوكالة عن طريق إدارته لأموال الموكل .

وليس ما تقدم هو كل أعمال الإدارة التي يستطيع أن يقوم بها الوكيل وكالة عامة، فهناك أعمال إدارة أخرى غيرها لم يذكرها النص ويمكن أن يقوم بها الوكيل .

وتقول الفقرة الثانية من المادة 701 مدني سالفة الذكر إن الوكالة لا تقتصر على أعمال الإدارة، بل تمتد أيضاً إلى أعمال التصرف إذا كانت أعمال الإدارة تقتضيها . ويشمل ذلك بيع المحصول وقبض ثمنه، وبيع البضاعة وبيع المنقول الذي يسرع إليه التلف وقبض أثمان ذلك كله، وشراء ما يستلزمه الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه واستغلاله كشراء مبيدات الحشرات وشراء الآلات الزراعية اللازمة والأسمدة والبذور والمواشي ووسائل النقل اللازمة لاستغلال المتاجر من سيارات ومركبات ونحو ذلك، والقيام في إدارة متجر بأعمال التجارة وسحب الكمبيالات وإعطاء الكفالات بل إن الوكالة العامة تشمل أن يستغل الوكيل ما بيده من مال للموكل في وجوه الاستغلال المختلفة مما يدخل في نطاق الإدارة الحسنة، كشراء أسهم وسندات بل وفي شراء المنقول والعقار إذا كانت مصلحة الموكل في ذلك واضحة وللوكيل وكالة عامة أن يصالح على حقوق موكله المتعلقة بالإدارة وقد تشمل الوكالة العامة بعض أعمال التبرع، كالمنح والهدايا المألوفة التي تعطى للخدم والمستخدمين إذ فيها معنى الأجرة.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الأول الصفحة : 548)

الوكالة العامة هي التي ترد في ألفاظ عامة لا تخصیص فيها التصرف محل الوكالة أو النوع التصرف محل الوكالة.

ومثل ذلك أن تتضمن الوكالة تخويل الوكيل مباشرة (كل الأعمال التي يراها في صالح الموكل) أو (كل التصرفات القانونية التي يصح أن تباشر بوكيل) أو (بجعل الوكيل مفوضاً عن الموكل).

والجامع في هذه العبارات أنها لا تعين محل التصرف القانوني المعهود به للوكيل، ولا نوع التصرف القانوني ذاته . وإن كان لا يمنع أن تتضمن عبارات الوكالة ما يشير إلى الإدارة كأن يوكل الموكل الوكيل في إدارة أعماله.

والوكالة العامة لا تخول الوكيل صفة إلا في أعمال الإدارة ، وتجیز له مباشرة أعمال الإدارة جميعها.

وقد أوردت الفقرة الثانية من المادة 701 مدنی عدة أمثلة لأعمال الإدارة هي :

1- الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات.

ولاشك أن الإيجار الذي تزيد مدته على ثلاث سنوات هو أيضاً من أعمال الإدارة، ولكنه يخرج عن نطاق الوكالة العامة، ويجب أن يصدر به وكالة خاصة.

2- أعمال الحفظ والصيانة.

3- إستيفاء الحقوق ووفاء الديون.

وهذه الأعمال - كما ذكرنا - وردت بالنص على سبيل المثال لا الحصر- فيصح أن يضاف إليها كل عمل آخر يعتبر من أعمال الإدارة حسب طبيعته وفقاً للعرف الجاري.

ومثال ذلك ما يأتي:

1- التنفيذ على أموال الموكل لاستيفاء حقوقه، بطريق حجز المنقول أو العقار أو حجز ما للمدين لدى الغير.

2- المطالبة بسداد الديون التي في ذمة الغير لموكله، وأن يباشر الدعاوى الخاصة بذلك عند اللزوم بشرط عدم الصلح فيها أو قبول التحكيم أوقبول الأحكام الصادرة ضد موكله إن كانت قابلة للطعن فيها.

3- تلقى الوفاء بالديون وتحرير مخالصات عنها.

4- رفع دعاوى وضع اليد، ولكن لا يجوز له رفع دعاوى الملكية أو القسمة لأن المرافعة فيها تقتضى المساس بأصل الحق.

5- قبول الوفاء بمقابل إذا لم يكن في ذلك إضرار بحقوق الموكل.

6- عرض وفاء دین الموكل بمقابل، بشرط أن يكون هذا المقابل منقولاً، الآن عرض العقار كمقابل للوفاء يعتبر من قبيل بيع العقار الذي يتطلب توكيلاً خاصاً.

7- الوكالة العامة، التي تفوض المحامي في إجراء كل ما يراه في مصلحة الموكل، تتضمن تفويضه في رفع الدعاوى باسم موكله دون حاجة إلى تفويض مستقل.

8- إتخاذ الإجراءات اللازمة لقطع التقادم ولكن ليس للوكيل أن يتنازل عن التقادم المكتسب.

9- بذل المنح المعتادة للخدم والعمال والمستخدمين في المناسبات المختلفة لأن مثل هذه العطايا تعتبر في الواقع جزءاً من الأجر.

ويمكن أن يقتصر التوكيل على بعض أعمال الإدارة، أو على عمل معين بالذات.

وفي هذه الحالة يكون التوكيل خاصاً لا عاماً.

مباشرة أعمال التصرف التي تقتضيها الإدارة:

بعد أن أوردت الفقرة الثانية من المادة 701 مدني بعض الأمثلة الأعمال الإدارة أردفت أنه ويدخل فيها (أي أعمال الإدارة) كل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة"، وأوردت أمثلة أيضاً لذلك ببيع المحصول وبيع البضاعة أو المنقول الذي يسرع إليه التلف وشراء ما يستلزمه الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه ولاستغلاله.

ومعنى ذلك أن هناك بعض أعمال التصرف تدخل في أعمال الإدارة، طالما أن هذا العمل تقتضيه أو تتطلبه الإدارة ويضاف إلى الأمثلة الواردة بالنص أمثلة أخرى منها :

1- استئجار عقارات لحساب الموكل، إذا استلزم ذلك حسن القيام بالإدارة المعهودة إلى الوكيل.

2- بیع نتاج الماشية.

3- افتراض المال اللازم لإدارة أموال الموكل من حفظ وصيانة وإصلاح وترميم.

4- شراء الآلات الزراعية والأسمدة والبذور والمواشي اللازمة للزراعة.

5- شراء وسائل النقل اللازمة لاستغلال المتاجر من سيارات ومركبات ونحو ذلك.

6- التوقيع على السندات الإذنية عن الموكل المتعلقة بأعمال الإدارة، لأنها وغيرها من الصكوك التجارية الوسيلة الطبيعية لنماء التجارة وسرعة تداول العروض، فإذا توقف التاجر الموكل عن دفع ديونه الثابتة بهذه السندات جاز الحكم يشهر إفلاسه.

7- استثمار أموال الموكل فيما يرى أنه يعود بالمنفعة عليه، سواء في شراء عقارات أو قيم منقولة.

فهو يتطلب منه أن يسهر على ضمان مصلحة الموكل حتى لا يتهم بسوء الإدارة.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء :التاسع ، الصفحة : 102)

الوكالة، قد تكون عامة أو خاصة، والوكالة العامة هي التي ترد في عقد الوكالة في صيغة عامة لا تدل على نوع معين من الأعمال القانونية المطلقة، كما لو تضمن العقد تفويض الوكيل في القيام بجميع أعمال الموكل وما يتطلبه ذلك من إجراءات وتصرفات، وحينئذ تثمر تلك الوكالة في القيام بأعمال الادارة وما تتطلبه من إجراءات وتصرفات، بإعتبار أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى هذه الأعمال وحلها، ومؤداها، إنحصار حدود هذه الوكالة في الأعمال القانونية التي لا يترتب عليها افتقار الموكل أو إعتناؤه إلا إذا كان ذلك نتيجة حتمية الأعمال الإدارة، وبالتالي يكون للوكيل تحصيل الإيرادات الناتجة عن الأعيان التي يديرها وقبض التعويضات من الضرر الذي لحقها وابرام عقود المقاولة لصيانة تلك الأعيان وشراء عاقد بنطليه ذلك من أدوات ودافع أجر المقاول والتكاليف المقررة عليها كالضرائب العقارية. أما التصرفات التي لا تتعلق باعمال الادارة فلا تتسع لها الوكالة العامة، فلا يجوز له الوفاء بديوان الموكل أو إبرام مقاولات التشييد بناء أو صيانة مال لم تشمله الوكالة، أو قبض الديون وإلا كان وفاء غير مبرئ لذمة المدين.

وله محو قيد الرهن بعد استيفاء الدين وله أن يقيد الرهن وأن يجدد القيد وأن يجدد الدين وأن يقطع التقادم ولكن ليس له التنازل عن التقادم ولا الإبراء من الدين وله أن يستخدم المبالغ التي يحملها في حفظ الأموال المعهود إليه بادراتها وأن يقيم الدعاوى للمطالبة بالوفاء وأن يوجه الاعلانات والإنذارات ورفع الدعاوى الشخصية وترقيع الحجوز المنقولة والعقارية ولكن ليس له رفع الدعاوى العقارية فهنا يتطلب توکیل خاص وليس له رفع دعوى القسمة، وله أن يؤمن من الحريق ويقترض لأعمال الادارة ولكن ليس له فسخ الإجارة كما يجوز للوكيل العام مباشرة أعمال التصرف متى كانت أعمال الإدارة تقتضيها كبيع المحصول والبضاعة والمنقول الذي يسرع إليه التلف وشراء ما يستلزمه الشيء من أدوات الحفظ واستغلاله كشراء المبيدات والآلات الزراعية والأسمدة والبذور والمواشي ووسائل النقل وله استغلال ما بيده من أموال للموكل في نطاق الادارة الحسنة کشراء أسهم وسندات، ومنح الهدايا المألوفة وأبرام بيوع ضرورية للوفاء بديون الموكل. أما أعمال التصرف الأخرى فلا تصح ألا بوكالة خاصة فلا تصح الوكالة العامة في جميع التصرفات إلا ما نص عليه صراحة منها، إذ يتضمن التوكيل العام في هذه الحالة، تفويضاً يخول الوكيل إبرام التصرف المحدد به، فإذا تضمن التفويض البيع، أنصرف الى بيع العقارات والمنقولات، وأن إنحصر في بيع المنقولات، شمل ذلك المنقولات المادية والمعنوية دون أن يمتد إلى العقارات، ولا يلزم تحديد للبيع الذي يجوز للوكيل بيعه طالما كان يتم معارضة أي بثمن، إذ ينحصر هذا التحديد في الحالة التي يقوم فيها الوكيل بالتبرع بالمنقول أو العقار وإذا تضمن التوكيل العام تخويل الوكيل في الصلح ، جاز له التصالح وهو ما يتضمن تنازلاً متبادلاً ، ولكن لا يجوز له التنازل من جانبه قط إذ يعتبر ذلك إبراء يتطلب تفويضاً خاصاً ، ولما كان مدير الشركة يعتبر وكيلاً وكالة عامة عن الشركاء في إدارة الشركة، فإن تفويضه في عقد الشركة بأعمال التصرف ينصرف الى التصرفات التي تقتضيها أعمال الإدارة، وبالتالي لا يجوز له التصرف في أي أصل من أصول الشركة.

وإذا تضمن التوكيل تفويضاً للوكيل پالسحب من البنوك، وجب تصديق البنك الذي يتم السحب منه على توقيعه.

وإذ تنص المادة 559 من القانون المدني على أنه لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجاراً تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة، فإذا عقد الإيجار لمدة أطول من ذلك، انقضت المدة الى ثلاث سنوات كل هذا ما لم يوجد نص يقضي بغيره. كما تنص المادة 701 من ذات القانون على أن الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل لا تخول الوکیل صفة إلا في أعمال الإدارة، ويعد من أعمال الإدارة الإيجار إذا لم تزد مدته على ثلاث سنوات.

مفاد ذلك، أن التوكيل يعتبر عاماً إذا جاء في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها حتى لنوع العمل القانوني الحاصل فيه التوكيل، كما لو تضمن تفويضاً بقيام الوكيل بكافة الأعمال القانونية التي تتطلبها مصلحة الموكل، وحين ينصرف هذا التوكيل لكافة أعمال الإدارة، كالإيجار الذي لم تزد مدته على ثلاث سنوات وأعمال الحفظ والصيانة واستيفاء الحقوق ووفاء الديون وكل عمل من أعمال التصرف تقتضيه الإدارة كبيع المحصول وبيع البضاعة أو النقل الذي يسرع إليه التلف وشراء ما يلزم الشيء محل الوكالة من أدوات لحفظه ولإستغلاله.

فإذا انحصر التوكيل في أعمال قانونية محددة، ولو جاءت بألفاظ عامة كمباشرة القضايا التي يرفعها الموكل أو التي ترفع عليه والطعون المتعلقة بها وكل ما يقتضيه ذلك من أعمال قانونية، فإن التوكيل يعتبر عاماً ولكنه لا ينصرف الى أي عمل خارج عن هذا النطاق، وبالتالي لا يتسع لإبرام عقود الإيجار أو غير ذلك من أعمال الإدارة .

ومتى توافرت الوكالة العامة التي تجيز إبرام الإيجار، وجب ألا تتجاوز ثلاث سنوات ويكون للوكيل الحق في قبض الأجرة وإعطاء المخالصات و توقيع الحجوز التحفظية و إستصدار أوامر الأداء والمطالبة بالأجرة ورفع دعاوى الإخلاء وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها، ولا يتسع هذا التوكيل لإبرام عقود إيجار تجاوز ثلاث سنوات لما يتطلبه ذلك من وكالة خاصة. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 9)

الفقه الإسلامي
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والأربعون  ، الصفحة / 26
 
ب- الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ:
 
47- الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ قَدْ تَكُونُ عَامَّةً فِي كُلِّ شَيْءٍ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، أَوْ يَقُولَ لَهُ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ:
 
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ الْعَامِّ فِي الْجُمْلَةِ . وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ. فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، أَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، يَكُونُ وَكِيلاً بِحِفْظٍ لاَ غَيْرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ، يَصِيرُ وَكِيلاً فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي طَلاَقٍ وَعِتَاقٍ وَوَقْفٍ، فَقِيلَ: يَمْلِكُ ذَلِكَ لإِطْلاَقِ تَعْمِيمِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ: لاَ يَمْلِكُ ذَلِكَ إِلاَّ إِذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلاَمِ وَنَحْوِهِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ.
 
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ، مَلَكَ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ حَتَّى إِذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يُعْلَمَ خِلاَفُهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ، وَعَنِ الإْمَامِ  أَبِي حَنِيفَةَ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ وَلاَ يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ وَوَهَبْتُ وَوَقَفْتُ أَرْضَكَ، فِي الأْصَحِّ لاَ يَجُوزُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ لاَ بِالإِْعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ، وَبِهِ يُفْتَى ا.هـ.
 
وَفِي الْخُلاَصَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
 
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ الطَّلاَقَ وَالْعَتَاقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يَمْلِكَ الإْبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنِ الْمَدْيُونِ لأِنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ وَأَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَرَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى، وَهَلْ لَهُ الإْقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ. فَإِنَّهُمَا بِالنَّظَرِ إِلَى الاِبْتِدَاءِ تَبَرُّعٌ فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً، مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يَمْلِكَهُمَا الْوَكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ الْعَامِّ لأِنَّهُ لاَ يَمْلِكُهُمَا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ، وَلِذَا لاَ يَجُوزُ إِقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلاَ هِبَتُهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي الاِنْتِهَاءِ.
 
وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَاعَ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالأْقَارِيرِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ، وَلاَ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي، لأِنَّ فِي ذَلِكَ بِالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لاَ فِي الْعَامِّ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً، فَهَلْ يَتَنَاوَلُ الطَّلاَقَ وَالْعَتَاقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، لأِنَّ مِنَ الأْلْفَاظِ مَا صَرَّحَ قَاضِيخَانَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَامٌّ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِعَدَمِهِ .
 
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لاَ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: وَكَّلْتُكَ، لأِنَّهُ لاَ يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ لِلْوَكِيلِ الأْمْرَ بِأَنْ يَقُولَ: وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً، أَوْ: فِي جَمِيعِ أُمُورِي، أَوْ: أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي أُمُورِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِذَا فَوَّضَ لَهُ فَيَمْضِي وَيَجُوزُ النَّظَرُ وَهُوَ الصَّوَابُ، أَيْ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ لاَ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، إِلاَّ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ: وَيَمْضِي مِنْكَ غَيْرُ النَّظَرِ، فَيَمْضِي إِنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لاَ يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ، وَلاَ تَضْمِينُ الْوَكِيلِ.
 
وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلاَ تَبْذِيرٍ. وَقَالُوا: لاَ يَمْضِي عَنِ الْوَكِيلِ طَلاَقُ زَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْكَاحُ بِكْرِهِ، وَبَيْعُ دَارِ سُكْنَاهُ فِي كُلٍّ مِنَ النَّظَرِ وَغَيْرِهِ؛ لأِنَّ هَذِهِ الأْمُورَ لاَ تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ .
 
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ التَّوْكِيلَ الْعَامَّ لاَ يَصِحُّ . فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ حَيْثُ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ، وَلاَ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لِي، أَوْ فِي كُلِّ أُمُورِي، أَوْ فَوَّضْتُ إِلَيْكَ كُلَّ شَيْءٍ، أَوْ: أَنْتَ وَكِيلِي فَتَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْتَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَعَظِيمِ الْخَطَرِ، وَإِنْ قَالَ وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَقَبْضِ دُيُونِي وَاسْتِيفَائِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ، صَحَّ وَإِنْ جَهِلَ الأْمْوَالَ  وَالدُّيُونَ وَمَنْ هِيَ عَلَيْهِ .
 
________________________________________________________________
 
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية  1891 افرنجيه
 
(مادة 803)
 
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقاً وأن يكون مقيداً بقيد أو معلقاً بشرط أو مضافاً إلى وقت مستقبل.
 
(مادة 806)
 
يصح تخصيص الوكالة بتخصيص الموكل به وتعميمها بتعميمه فن وكل غيره توكيلاً مطلقاً مفوضاً بكل حق هو له وبالخصومة في كل حق له صحت الوكالة ولو لم يعين المخاصم به والمخاصم.
 
(مادة 815)
 
يشترط لصحة التوكيل بالشراء أن يكون الشيء الموكل بشرائه معلوماً عيناً أو جنساً مع بيان قدره أيضاً إن كان من المقدرات كالمكيلات والموزونات ويكفي عن بيان قدره بيان قدر الثمن.
 
(مادة 816)
 
إذا كان الشيء الموكل بشرائه مجهولاً وفوض الأمر في شرائه لرأى الوكيل صحت الوكالة وله أن يشتري من أي جنس ومن أي نوع أراد.
 
مادة 827)
 
يصح للوكيل بالبيع عند الإطلاق أن يبيع الموكل ببيعه بنقصان لا يتغابن الناس فيه لا بفاحش الغبن ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير حالة أو إلى أجل متعارف.
 
فإن عين له الموكل القدر الذي يبيع به فليس له أن يبيع بأنقص منه فإن باعه بأنقص منه وسلمه للمشتري لا يملكه وللموكل فسخه واسترداد المبيع فلو هلك في يد المشتري كان للموكل الخيار إن شاء أخذ القيمة من المشتري وإن شاء أخذها من الوكيل.
 
فإن أخذها من المشتري لم يرجع بها على غيره وأن أخذها من الوكيل رجع بها على المشتري