مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 213
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- إذا تعدد الوكلاء في الأمر الواحد كان كل منهم مسئولاً عن التزاماته کوکیل . فيجب أن ينفذه الوكالة، ولا يصح أن يعمل الوكلاء إلا مجتمعين ماداموا قد عينوا في عقد واحد ولم ينص صراحة في العقد على انفرادهم . أما إذا عينوا في عقود متفرقة، أو في عقد واحد ونص صراحة على انفرادهم، جاز أن ينفرد كل مهم بتنفينه الوكالة . ويلتزم كل وكيل أيضاً بذل العناية الواجبة في تنفيذ الوكالة على النحو الذي تقدم . ويلتزم أخيراً بتقديم الحساب عما قام به من العمل .. وكل وکیل مسئول عن هذه الإلتزامات دون تضامن مع غيره من الوكلاء إلا في حالتين : (أ) إذا كانت الوكالة غير قابلة للإنقسام . مثال ذلك أن يوكل شخص وکیلين في شراء منزل معين، فلا يتصور في هذه الحالة أن ينفرد كل و كيل بالعمل إذ أن صفقة البيع لا تتجزأ ويجب على الوكيلين أن يعملا مجتمعين، ويكونان مسئولين بالتضامن قبل الموكل في الالتزامات المتقدمة الذكر . أما إذا انفرد أحدهم بمجاوزة حدود الوكالة أو بالتعسف في تنفيذها، كأن خالف شروط البيع التي اشترطها الموكل، أو التزمها ولكن تعمد إساءة العمل بها، ففي حالة المجاوزة لحدود الوكالة يكون مسئولاً وحده لا بالتضامن مع غيره من الوكلاء، قبل الغير الذي تعامل معه، إذا كان الموكل قد رفض إقرار عمل الوکیل ( انظر م 991 من المشروع )، وفي حالة التعسف في تنفيذ الوكالة يكون مسئولاً أيضاً وحده لا بالتضامن مع غيره من الوكلاء، قبل الموكل عن التعويض .
ب ) أما إذا كانت الوكالة قابلة للانقسام إدارة مزرعة، فإن كل وكيل يكون مسئولاً وحده لا بالتضامن مع غيره من الوكلاء عن تنفيذ التزاماته، سواء في ذلك عمل منفرداً بأن اختص في إدارة المزرعة بأعمال معينة أو عملي مع الوكلاء مجتمعین .
ومع ذلك لو ارتكب الوكلاء في هذه الحالة خطأ مشترکاً دروه فيما بينهم وترتب عليه الإضرار بمصلحة الموكل، فإنهم يكونون مسئولين بالتضامن عن التعويض سواء اعتبرت المسئولية تقصيرية أو تعاقدية .
وفي غير هاتين الحالتين لا يكون الوكلاء المتعددون متضامنين فيما بينهم إلا إذا اشترط التضامن .
2 ويجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره في تنفيذ الوكالة إلا إذا اشترط الموكل منعه من ذلك، وهذا خلاف التقنين الحالي (م 520 / 636 ) حيث يشترط في جواز الإنابة الترخيص الصريح. فإذا أناب عنه غيره، كان النائب مسئولاً عن جميع الالتزامات التي تقع على الوکیل، لا قبل الوکیل وجده، بل قبله وقبل الموكل، وبطريق مباشر . فيستطيع الموكل أن يرجع بدعوى مباشرة على النائب، كما يرجع النائب على الموكل بالدعوى المباشرة كذلك ( ولم ينص التقنين الحالي م 250/ 367 على الرجوع المباشر للنائب على الموكل ) .
يتم تحديد مسئولية الوكيل عن نائبه . وهنا يجب التفريق بين ما إذا كانت الإنابة لم ينص عليها أو كان مرخصاً فيها. ففي الحالة الأولى يكون الوكيل مسئولاً عن خطأ نائبه مسئولية المتبوع عن التابع، فإذا ارتكب النائب خطأ جاز للموكل أن يوجع بالتعويض على أي من الوكيل أو نائبه بدعوى مباشرة . وفي الحالة الثانية، إذا رخص الموكل للوكيل أن يقيم عنه نائباً، فإن لم يعين له شخص النائب، فإن الوكيل يكون مسئولاً عن خطئه في اختيار نائبه أو خطئه فيما أصدر له من التعليمات . فإن كان لم يقصر في حسن اختيار النائب ولم يرتكب خطأ في التعليمات التي أصدرها له، فلا يكون مسئولاً عن خطئه، ويرجع الموكل على النائب بالتعويض بطريق الدعوى المباشرة . أما إن عين المول للوكيل شخص النائب، فلا يكون الوكيل مسئولاً إلا عن خطئه فيما أصدر له من تعليمات .
1- النص فى المادة708من القانون المدنى على أنه "1) إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون ان يكون مرخصا له فى ذلك كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ، ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية 2) اما إذا رخص للوكيل فى اقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فإن الوكيل لا يكون مسئولا إلا عن خطئه فى اختيار نائبه او عن خطئه فى ما اصدره له من تعليمات. 3) ويجوز فى الحالتين السابقتين للموكل او لنائب الوكيل ان يرجع كل منهما مباشرة على الآخر ، يدل على أنه يجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره فى تنفيذ جميع ما وكل فيه أو فى جزء منه ما لم يكن ممنوعا من ذلك بنص خاص فى سنة وكالته ويكون له ذلك من باب أولى إذا تضمن سند التوكيل والترخيص له فى ذلك سواء عين الموكل شخص النائب أواطلق أمر اختياره للوكيل ويترتب على تلك الإنابة متى قامت صحيحة متوافرة الأركان قيام علاقة مباشرة بين نائب الوكيل والموكل ينصرف بموجبها إلى الأخير كافة التصرفات التى يبرمها النائب متى تحققت شروط أعمال هذا الأثر ولا يكون لوفاة الوكيل - بعد إبرامه عقد الإنابة - باعتباره من التصرفات التى يخولها له سند وكالته وينصرف أثرها مباشرة إلى الموكل - أى أثر فى علاقة النائب بالموكل فيما يأتيه من تصرفات أو توافر صفته فى القيام بأى إجراء يتسع له عقد الإنابة كنتيجة لتلك العلاقة المباشرة .
(الطعن رقم 2256 لسنة 65 جلسة 1996/05/08 س 47 ع 1 ص 748 ق 139)
2- إذ كان البنك الطاعن يقر بأن العلاقة بينه وبين البنك المركزى يحكمها التفويض الصادر من الأخير فى القيام نيابة عنه بصرف الشيكات الحكومية فى الأقاليم فإن الأمر ينطوى على وكالة صادرة له فى تنفيذ عقد الحساب الجارى القائم بين الجهات الحكومية والبنك المركزى دون أن يكون مرخصاً للأخير فى إجراء هذه الوكالة . ولما كانت المادة 708 من القانون المدنى تنص فى فقرتها الأولى على أنه إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له فى ذلك كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية كما يجوز طبقاً للفقرة الثالثة من ذات المادة للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر ، لما كان ذلك و كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وفاء البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور على عميله وفاء غير صحيح وغير مبرىء لذمة البنك فإن وفاء البنك بقيمة الشيك المزورلا يبرىء ذمته قبل العميل بحيث تقع تبعة الوفاء . وكان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى قيام خطأ فى جانب البنك الطاعن فى تنفيذ عقد الوكالة حين قام بصرف الشيكات المزورة دون أن يتأكد من صحة توقيع العميل بما يحقق مسئوليته العقدية تجاه الموكل فإنه يكون لدائن الأخير الرجوع عليه بموجب الدعوى المباشرة ولا يسقط حقه فى الرجوع عليه إلا بالتقادم العادى المنصوص عليه فى المادة 374 من القانون المدنى ذلك أن إلتزام البنك الطاعن فى هذه الحالة أساسه المسئولية العقدية و إذ إلتزام الحكم المطعون فيه هذا النظر و إنتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة فى القانون فإن النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون و تفسيره يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 430 لسنة 49 جلسة 1984/06/11 س 35 ع 2 ص 1602 ق 306)
3- إذ كان الثابت أن الطاعنة طلبت الحكم بإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يؤديا لها المبالغ التى قاما بتحصيلها لحسابها على أساس أن المطعون عليه الأول وكيل عنها وأنه أناب عنه المطعون عليه الثانى فى تنفيذ الوكالة دون أن ترخص له الطاعنة فى ذلك مما يجعلهما متضامنين فى المسئولية تطبيقاً لحكم المادة 1/708 من القانون المدنى ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن المطعون عليه الثانى لم يكن نائبا عن المطعون عليه الأول بل كان وكيلاً آخر عن الطاعنة ، فإن ذلك يمنع محكمة الموضوع من أن تقضى على المطعون عليه الثانى بالمبالغ التى ثبت أنه حصلها لحساب الطاعنة وبقيت فى ذمته على أساس أنه وكيل عن الطاعنة ، ولا يعتبر ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى مما تملكه المحكمة من تلقاء نفسها .
(الطعن رقم 150 لسنة 42 جلسة 1977/05/03 س 28 ع 1 ص 1118 ق 193)
4- وكيل ملزم بتنفيذ الوكالة لحساب الموكل ، فإذا أناب عنه غيره فى تنفيذها دون أن يكون مرخصا له فى ذلك كان مسئولا عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ، كما أنه ملزم بأن يقدم للموكل حسابا مفصلا شاملا لجميع أعمال الوكالة ومتضمنا المصاريف التى صرفها و المبالغ التى قبضها على ذمة الموكل و كل ما للموكل وما عليه ، والرصيد بعد إستنزال الخصوم من الأصول هو ما يجب على الوكيل الوفاء به للموكل .
(الطعن رقم 251 لسنة 35 جلسة 1969/05/29 س 20 ع 2 ص 829 ق 131)
5- مفاد المادتين 708 و 710 من القانون المدنى مرتبطين أنه يجوز لنائب الوكيل أن يرجع بدعوى مباشرة على الموكل يطالبه فيها بما إلتزم به نحو الوكيل الأصلى . ذلك سواء أكان الموكل قد رخص للوكيل الأصلى بتوكيل غيره فى تنفيذ الوكالة أو لم يرخص له بذلك و يكون رجوع نائب الوكيل على الموكل شأنه فى ذلك شأن ما يرجع به الوكيل الأصلى على الموكل - من المطالبة بالمصروفات الضرورية المشروعة التى أنفقها من ماله الخاص والتى إستلزمها تنفيذ الوكالة .
(الطعن رقم 388 لسنة 34 جلسة 1968/11/19 س 19 ع 3 ص 1386 ق 208)
ويتبين من هذا النص أن عقد الوكالة من الباطن ما بين الوكيل ونائبه بنشئ دعوى مباشرة للموكل ضد نائب الوكيل ولنائب الوكيل ضد الموكل .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء/ الثاني المجلد/ الثاني الصفحة/ 1281)
تنص المادة 708 من التقنين المدني على ما يأتي :
"1- إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة، دون أن يكون مرخصاً له في ذلك، كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية" .
"2- أما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب، فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطأه في اختيار نائبه، أو عن خطأه فيما أصدره له من تعليمات" .
"3- ويجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر" .
علاقة الموكل بنائب الوكيل : يفهم من الفقرة الأولى من المادة 707 مدني سالفة الذكر أن الوكيل إذا أناب عنه غيره دون أن يكون مرخصاً له في ذلك، كانت إنابته صحيحة ولكن يكون مسئولاً عن عمل النائب مسئوليته عن عمله الشخصي ويكون متضامناً معه في المسئولية . فيستخلص من ذلك أن للوكيل أن ينيب عنه غيره دون حاجة إلى ترخيص من الموكل، ومن باب أولى يكون له ذلك إذا رخص فيه الموكل فللوكيل إذن أن ينيب عنه غيره، ما لم يمنعه الموكل من ذلك فإذا منعه، وأناب الوكيل مع ذلك عنه غيره، فإن الإنابة تكون باطلة . ومن ثم لا تكون لنائب الوكيل صفة في مباشرة التصرف القانوني محل الوكالة، ويبقى الوكيل هو وحده المسئول عن تنفيذ الوكالة، وذلك ما لم يقر الموكل الإنابة بعد وقوعها فيكون لها عندئذ حكم الإنابة التي وقعت بترخيص من الموكل .
ونفرض الآن أن الوكيل أناب عنه غيره إنابة صحيحة، إما لآن الموكل رخص له في ذلك أو لم يمنعه منه، وإما لأن الموكل أقر الإنابة بعد منعها فعند ذلك تقوم علاقات مختلفة : علاقة بين الوكيل ونائبه، وعلاقة بين الوكيل والموكل، وعلاقة بين الموكل ونائب الوكيل .
فالعلاقة بين الوكيل ونائبه يحكمها عقد الإنابة الذي بموجبه أناب الوكيل نائبه، وهو عقد وكالة من الباطن أصبح بموجبه نائب الوكيل وكيلاً عن الوكيل . وقد يوكل الوكيل نائبه في كل ما هو موكل فيه، فيطابق مدى سعة عقد الإنابة مدى سعة عقد الوكالة الأصلية، وقد يوكله في بعض ما هو موكل فيه . وفي الحالتين يكون نائب الوكيل ملتزماً نحو الوكيل بجميع ما يلتزم به الوكيل نحو موكله في حدود عقد الإنابة : تنفيذ الوكالة بالقدر الذي اتسعت له الإنابة مع بذل العناية الواجبة في تنفيذها بحسب ما تكون الإنابة مأجورة أو غير مأجورة، وتقديم النائب حساباً للوكيل عن أعمال الإنابة، ورد النائب ما بيده متعلقاً بهذه الأعمال إلى الوكيل ويكون الوكيل ملتزماً نحو النائب بجميع ما يلتزم به الموكل نحو وكيله في حدود عقد الإنابة : دفع الآخر إذا كانت الإنابة مأجورة، ورد المصروفات التي أنفقت في تنفيذ النيابة، وتعويض النائب عما قد يلحقه من ضرر بسبب تنفيذ الإنابة.
مسئولية الوكيل عن نائبه : الأصل أن الوكيل مسئول عن نائبه تجاه الموكل . ومسئوليته في ذلك هي مسئولية عقدية عن الغير وقد توافرت شروطها . فهناك عقد الوكالة الأصلي الوكيل فيه مدين للموكل بتنفيذ الوكالة، وقد استخدم الوكيل في تنفيذ هذا الالتزام العقدي نائبه إذ كلفه بموجب عقد الإنابة بتنفيذ الإلتزام . فالمسئول عن الوكيل، والمضرور هو الموكل، وقد قام بينهما عقد صحيح هو عقد الوكالة الأصلي . والغير هو نائب الوكيل، وقد كلف اتفاقاً بتنفيذ التزام الوكيل العقدي فإذا ارتكب نائب الوكيل خطأ في تنفيذ الوكالة تحققت مسئوليته العقدية تجاه الوكيل، وتحققت مسئولية الوكيل العقدية عن نائبه تجاه الموكل، وأمكن أيضاً للموكل أن يرجع مباشرة على نائب الوكيل كما قدمنا . فيكون للموكل، إذا ارتكب نائب الوكيل خطأ، مدينان : الوكيل بموجب المسئولية العقدية عن الغير، ونائب الوكيل بموجب الدعوى المباشرة . والأصل أن الوكيل ونائبه لا يكونان مسئولين تجاه الموكل بالتضامن لتعدد المصدر بالرغم من وحدة المحل، وإنما يكونان مسئولين بالتضامم ( in solidum ) .
هذا هو مقتضى تطبيق القواعد العامة في مسئولية الوكيل عن نائبه . ولكن الفقرتين الأولى والثانية من المادة 708 مدني حورتا في هذه القاعدة، فقد ميزت هذه النصوص بين حالتين :
الحالة الأولى ـ حالة ما إذا لم يكن مرخصاً للوكيل في إنابة غيره : تقول الفقرة الأولى من المادة 708 مدني في هذا الصدد : "إذا أناب الوكيل عنه غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له في ذلك، كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو، ويكون الوكيل ونائبه في هذه الحالة متضامنين في المسئولية" . ويتبين من هذا النص أن قواعد المسئولية العقدية عن الغير قد طبقت في الحالة الأولى التي نحن بصددها، وذلك بإستثناء واحد هو أن الوكيل ونائبه يكونان مسئولين تجاه الموكل، لا بالتضامم كما هو مقتضى تطبيق القواعد العامة في المسئولية العقدية عن الغير، بل بالتضامن كما يقضي صريح النص . ويعتبر الخطأ الصادر من نائب الوكيل كأنه صادر من الوكيل نفسه، ويكون هذا مسئولاً عنه بمعيار المسئولية الذي ينطبق عليه هو لا بمعيار المسئولية الذي ينطبق على نائب الوكيل . فإذا كان الوكيل مأجوراً ونائب الوكيل غير مأجور، وبذل نائب الوكيل في تنفيذ الإنابة عنايته الشخصية وكانت هذه العناية دون عناية الشخص المعتاد، كان نائب الوكيل غير مسئول لأنه بذل العناية الواجبة عليه إذ هو غير مأجور، وكان الوكيل مسئولاً إذ العناية المطلوبة منه هي عناية الشخص المعتاد لأنه مأجور . أما إذا كان الوكيل غير مأجور، وكان نائبه مأجوراً، لم يكن الوكيل مسئولاً تجاه الموكل إلا عن عنايته الشخصية إذا كانت أدنى من عناية الشخص المعتاد لأنه غير مأجور، فإذا نزل نائب الوكيل عن عناية الشخص المعتاد دون أن ينزل عن عناية الوكيل الشخصية فإنه يكون مسئولاً تجاه الوكيل لأنه مأجور، ولكن الوكيل لا يكون مسئولاً تجاه الموكل لأن العناية التي بذلت هي العناية الواجبة على الوكيل ومع ذلك يرجع الموكل على نائب الوكيل بالدعوى المباشرة مادامت مسئولية نائب الوكيل تجاه الوكيل قد تحققت، إذ نزل الأول وهو مأجور عن عناية الشخص المعتاد.
الحالة الثانية ـ حالة ما إذا كان مرخصاً للوكيل في إنابة غيره : تقول الفقرة الثانية من المادة 708 مدني في هذا الصدد : "أما إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب، فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطأه في اختيار نائبه، أو عن خطأه فيما أصدره له من تعليمات" . فميز هذا النص بين فرضين : الترخيص للوكيل في الإنابة دون تعيين شخص النائب، والترخيص له في إنابة شخص بعينه . ففي الفرض الأول أعفى النص الوكيل من المسئولية العقدية عن عمل النائب، ولم يجعله مسئولاً إلا عن خطأه الشخصي إما في اختيار النائب وإما في توجيهه وفيما أصدره له من تعليمات . فإذا أخطأ الوكيل في اختيار النائب، كأن اختاره معسراً أو مشهوراً بالإهمال أو عدم الأمانة أو غير كفء للمهمة الموكولة إليه، سواء وجد ذلك وقت الاختيار أو جدَّ بعد ذلك لأن الوكيل ملتزم بمراقبة نائبه، كان هناك خطأ شخص من الوكيل وكان مسئولاً عنه تجاه الموكل بموجب عقد الوكالة الأصلي وكذلك الحكم لو أن الوكيل وجه نائبه توجيهاً خاطئاً وأصدر له تعليمات لا تتفق مع الواجب في تنفيذ الوكالة، فإن الوكيل يكون مسئولاً عن خطأه الشخصي تجاه الموكل ولا يكون هناك تضامن بين الوكيل ونائبه، لأن مسئولية الوكيل قائمة على خطأه الشخصي لا على المسئولية العقدية عن الغير. فإذا أحسن الوكيل اختيار نائبه ولم يصدر له تعليمات خاطئة، وارتكب نائب الوكيل خطأ في تنفيذ الوكالة، كان نائب الوكيل وحده هو المسئول تجاه الوكيل بموجب عقد الإنابة، وكان مسئولاً أيضاً تجاه الموكل بموجب الدعوى المباشرة، ولكن الوكيل لا يكون مسئولاً عن نائبه تجاه الموكل مسئولية عقدية عن الغير فقد أعفاه نص القانون من هذه المسئولية ما دام مرخصاً له في إنابة غيره بقى الفرض الثاني، وفيه يكون الوكيل مرخصاً له في إنابة شخص بعينه . ولم تعرض الفقرة الثانية من المادة 708 مدني مباشرة لهذا الفرض، ولكن المفهوم من النص أن الوكيل لا يكون مسئولاً عن اختيار نائبه، إذ أن الموكل قد وافق على هذا الإختيار ورخص فيه . ومن ثم لا يكون الوكيل مسئولاً في الفرض الثاني إلا عن خطأه الشخصي فيما أصدر له من تعليمات : وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تأكيداً لهذا المعنى : "أما إن عين الموكل للوكيل شخص النائب، فلا يكون الوكيل مسئولاً إلا عن خطئه فيما أصدر له من تعليمات" .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول، الصفحة : 619)
إذا أناب الوكيل غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يكون مصرحا له بذلك، كانت أنابته صحيحة ولكن يكون مسئولاً عن عمل نائبه مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ويكونان متضامنين وللموكل الرجوع عليهما أو على أحدهما بدعوى مباشرة. أما إذا كان الوكيل ممنوعاً من أنابة غيره فإن الإنابة تكون باطلة وتنتفي عن النائب الصفة في مباشرة التصرف ما لم يقر الموكل الإنابة فتنقلب صحيحة ومتى أناب الوكيل عنه غيره أنابة صحيحة قامت علاقات على النحو التالي :
أولاً : علاقة الوكيل مع الموكل : تبقى هذه العلاقة محكومة بعقد الوكالة بما رتبه من حقوق والتزامات .
ثانياً : علاقة نائب الوكيل مع الموكل : يجوز لكل منهما أن يرجع على الآخر بدعوى مباشرة فيرجع الموكل على النائب بجميع التزاماته الناشئة من عقد الانابة، ولا يجوز لنائب الوكيل أن يحتج على الموكل بمقاصه تقع بين التزاماته وبين ماله من حقوق قبل الوكيل، كما لا شأن له بعقد الوكالة الأصلي. ويرجع نائب الوكيل على الموكل بالتزامات الأخير نحو الوكيل الاصلي في حدود التزامات الأخير نحو نائب الوكيل بموجب عقد الانابة.
ذلك أن النص في المادة 708 من القانون المدني على أنه إذا رخص الموكل للوكيل في إقامة نائب عنه دون أن يعين شخص النائب فإن الوكيل لا يكون مسئولاً إلا عن خطئه فيما أصدره له من تعليمات. يدل على أنه يجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره في تنفيذ جميع ما وكل فيه ما لم يكن ممنوعاً من ذلك بنص خاص في سند وكالته، ويكون له ذلك من باب أولى إذا تضمن سند التوكيل الترخيص له في ذلك سواء عين الموكل شخص النائب أو أطلق أمر إختياره للوكيل. ويترتب على تلك الإنابة متى قامت صحيحة متوافرة الأركان، قیام علاقة مباشرة بين نائب الوكيل والموكل ينصرف بموجبها إلى الأخير كافة التصرفات التي يبرمها النائب، كما لو كان عقد الإنابة صادراً من الموكل نفسه وليس من الوكيل، وبالتالي يلتزم الموكل بما تضمنه عقد الإنابة في الحدود التي يتسع لها سند الوكالة، بإعتبار أن الوكيل ينيب غيره في تنفيذ ما وكل فيه، بحيث إذا خرج نائب الوكيل عن تلك السعة، أصبح النائب من الغير فلا ينفذ تصرفه في حق الموكل.
فإن لم يكن الوكيل ممنوعاً من إنابة غيره بموجب نص صريح في سند وكالته، جاز له أن ينيب عنه غيره بموجب عقد إنابة لا يتقيد فيه إلا بسعة وكالته، ولا يدخل في تلك السعة الشروط المتعلقة بتنفيذ الإنابة وحقوق طرفيها، كالأجر الذي يتم الإتفاق عليه ويستحقه النائب وكيفية الوفاء به، والتزامات كل طرف، وإذا تضمن شرطاً بأن عقد الإنابة لا يجوز الرجوع فيه، التزم بذلك، ليس الوكيل فحسب بل الموكل أيضاً دون حاجة لتضمین سند الوكالة الحق في النص على ذلك.
في عقد الإنابة، يعتبر الوكيل موکلاً، والنائب وكيلاً، وكان مؤدى ذلك أن عقد الإنابة ينتهي بموت أحد طرفيه عملاً بالمادة 714 من القانون المدني، ويفقد النائب صفته بوفاة من أقامه، وبالتالي لا تنصرف آثار التصرفات والأعمال القانونية التي باشرها بعد تلك الوفاة للأصيل في عقد الوكالة، ولكن يبین من نص المادة 708 من ذات القانون، أن الموكل إذا رخص للوكيل في إقامة نائب عنه، قامت علاقة مباشرة، بموجب هذا الترخيص، بين الموكل ونائب الوكيل، مما مقتضاه أنه لا حاجة لوجود الوكيل، لأن هذا الوجود لا يكون لازماً إلا إذا كانت العلاقة بين الموكل والنائب غير مباشرة فلا يرجع كل منهما على الآخر إلا عن طريق إختصام الوكيل وفقاً لقواعد الدعوى غير المباشرة.
ومتی رخص الموكل للوكيل في إقامة نائب عنه، فان الموكل يكون قد فوض وكيله في إبرام تصرف يتمثل في عقد وكالة، يبرمه الوكيل مع الغير، ويجب على الوكيل تنفيذ وكالته باذلاً في ذلك عناية الشخص المعتاد إن كان مأجوراً، أو عنايته التي يبذلها في إعماله الخاصة بما لا يجاوز عناية الشخص المعتاد إن كانت الوكالة بغير أجر، ومؤدى ذلك، إذا كان الموكل حدد الوكيل الجديد، وجب الإلتزام بذلك، فإن لم يحدد شخصاً معيناً، وجب إختياره على نحو يتحقق معه الغرض المقصود من الوكالة إذا ما بذل من تم اختياره عناية الشخص المعتاد إذا كان مأجوراً أو العناية الخاصة بما لا يجاوز عناية الشخص المعتاد إن لم يكن مأجوراً.
وينصرف بالتالى التصرف المتمثل في الوكالة الجديدة للموكل، فيصبح نائب الوكيل وكيلاً أصلياً للموكل وممثلاً له حتى بعد إنقضاء الوكالة الأولى أو وفاة الوكيل فيها.
فإن لم يكن الموكل قد رخص في إقامة نائب للوكيل، فلا تكون إرادته قد اتجهت لإبرام وكالة جديدة، وبالتالي لا تقوم علاقة مباشرة بينه وبين النائب، ويصبح الأخير تابعاً للوكيل، ويكونان معاً مسئولین قبل الموكل بالتضامن فيما بينهما، ويترتب على إنقضاء الوكالة بالوفاة أو لأي سبب آخر من أسباب انتهائها زوال صفة النائب بحيث إذا باشر عمل قانونی بعد انقضاء الوكالة، فلا ينفذ في حق الموكل إلا إذا أجازه صراحة أو ضمناً، كما يجوز استخلاص إرادة الموكل الضمنية بالترخيص للوكيل باقامة نائب عنه.
ثالثاً : علاقة الوكيل مع النائب : تسري على هذه العلاقة الأحكام العامة للوكالة النائب ما هو إلا وكيل للوكيل، في الحدود التي بينها عقد الإنابة، فقد يتضمن كافة أعمال الوكالة الأصلية وقد يقتصر على بعضها، فيلتزم النائب هذه الحدود، كما يلتزم ببذل العناية بحسب ما إذا كان مأجوراً أو غير مأجور وبتقديم حساب للوكيل وأن يرد له ما بيده كما يكون الوكيل ملتزما قبل نائبه بكافة التزامات الموكل من دفع الأجر ورد المصروفات .
رابعاً : علاقة نائب الوكيل مع الغير : يتعين على النائب أن يتعاقد باسم الموكل الاصلى حتى ينصرف أثر التصرف اليه، أما إذا تعاقد باسمه الشخصي أو باسم الوكيل فلا ينصرف أثر التصرف الى الموكل، فيكون النائب في هذه الحالة مسئولاً أمام الغير، وتنتهى الانابة حتما بانتهاء الوكالة الأصلية بموت الموكل.
مسئولية الوكيل عن نائبه :
إذا رخص الموكل للوكيل في انابة غيره ولم يعين له شخص النائب فيكون الوكيل مسئولاً عن خطئه في اختيار نائبه أو خطئه فيما أصدر له من تعليمات، فإن انتفى هذا الخطأ انتفت مسئوليته، أما إذا عين الموكل للوكيل شخص النائب فلا يكون الوكيل مسئولاً إلا عن خطئه فيما أصدر له من تعلیمات .(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 90)
ذلك أن الأصل أن يؤدى الوكيل العمل بنفسه لا بواسطة غيره، فإن عمد الوكيل إلى الإنابة، فإنه يصبح مسئولاً عن خطأ نائبه.
والنص هنا يطبق قواعد المسئولية التعاقدية عن فعل الغير على حالة إنابة الوكيل لغيره فيجعل الوكيل - وهو هنا المتبوع - مسئولاً عن أعمال نائب الوكيل. ويتفق تعبير "كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو" الذي استعمله النص مع ما يذهب إليه الفقه الحديث من أن أساس المسئولية التعاقدية عن فعل الغير هو فكرة النيابة في الأعمال التي تدمج - من الناحية القانونية - شخص النائب في شخص الأصيل وتجعل من النائب في العمل امتداداً لشخص الأصيل أو المتبوع، ومن ثم تكون مسئولية المتبوع عن فعل نائبه قائمة على أساس خطأ المتبوع لأن خطأ النائب أو التابع هو خطأ الأصيل أو المتبوع .
ولما كنا بصدد حالة من حالات المسئولية التعاقدية عن فعل الغير فإن مسئولية الوكيل عن أعمال نائبه لا تقوم إلا إذا توافرت شروط المسئولية التعاقدية عن فعل الغير. وأهم هذه الشروط هو ثبوت الخطأ التعاقدي للتابع وهو هنا نائب الوكيل، فلا يكون الوكيل مسئولاً قبل الموكل إلا إذا كان نائب الوكيل قد أخل بالتزاماته الناشئة من العقد الذي انعقد بينه وبين الوكيل.
وتكون مسئولية الوكيل عن خطأ نائبه بمعيار المسئولية الذي ينطبق عليه هو لا بمعيار المسئولية الذي ينطبق على نائب الوكيل. فإذا كان الوكيل مأجوراً ونائب الوكيل غير مأجور، وبذل نائب الوكيل في تنفيذ الإنابة عنايته الشخصية وكانت هذه العناية دون عناية الشخص المعتاد، كان نائب الوكيل غير مسئول لأنه بذل العناية الواجبة عليه إذ هو غير مأجور، وكان الوكيل مسئولاً إلى العناية المطلوبة منه هي عناية الشخص المعتاد لأنه مأجور. أما إذا كان الوكيل غير مأجور، وكان نائبه مأجوراً، لم يكن الوكيل مسئولاً تجاه الموكل إلا عن عنايته الشخصية إذا كانت أدنى من عناية الشخص المعتاد لأنه غير مأجور، فإذا نزل نائب الوكيل عن عناية الشخص المعتاد دون أن ينزل عن عناية الوكيل الشخصية فإنه يكون مسئولاً تجاه الوكيل لأنه مأجور، ولكن الوكيل لا يكون مسئولاً تجاه الموكل لأن العناية التي بذلت هي العناية الواجبة على الوكيل .
وبالترتيب على ما تقدم، فإن الوكيل يصبح مسئولاً بالتضامن مع نائبه في مواجهة الموكل عن سائر الأضرار التي نجمت بسبب النيابة بصددها. وبعبارة أخرى عن تلك الأضرار التي ما كانت لتقع لو أن الوكيل باشر التنفيذ بنفسه.
وإذا رخص الموكل للوكيل بإنابة غيره في تنفيذ الوكالة دون أن يعين شخص النائب سواء كان هذا الترخيص صريحاً أو ضمنياً، كتوكيل غير المحامي في رفع دعوى فإنه ينطوي على ترخيص ضمني له في توكيل محام، وكذلك توكيل غير السمسار في شراء أوراق مالية من البورصة فإنه يتضمن ترخيصاً في إنابة أحد السماسرة والمحكمة تستخلص التصريح الضمني الصادر من الموكل من أوراق الدعوى ومستنداتها.
وفي حالة الترخيص بالإنابة على هذا النحو، فإن الوكيل لا يسأل إلا عن خطئه الشخصي في اختيار النائب، كما إذا أناب شخصاً غير كفء أومشهوراً بالإهمال أو معسراً لأنه بذلك يكون قد عرض بخطئه مصالح الموكل للضياع فيسأل عن هذا الخطأ.
غير أنه يلاحظ أن بعض الأعمال قد لا تسمح طبيعتها بإختيار شخص ملئ وتكون الإنابة في مثل هذه الحالات محصورة في فئة يفترض فيها عدم اليسار، ومن ثم فإنه لا مسئولية على الوكيل في مثل هذه الأحوال، إذا كان النائب معسراً.
ويدخل في التزام الوكيل مراقبته للنائب منذ إنابته حتى انتهاء النيابة، فإذا اختار الوكيل شخصاً موسراً كامل الأهلية، مشهوداً له بالكفاءة ثم طرأ بعد التعيين ما سبب إعساره أو فقد أهليته، فإن الوكيل يسأل عما ينشأ نتيجة لذلك من ضرر.
وكذلك يسأل الوكيل عما يكون قد وجهه لنائبه من تعليمات خاطئة أو تعلیمات ناقصة أولم يصدر له تعليمات حيث كان ينبغي أن يصدرها.
ولما كانت مسئولية الوكيل عن أعمال نائبه قبل الموكل هي مسئولية شخصية، لأنها تقوم عن خطئه الشخصي في الإختيار والتوجيه، فلا يكون هناك تضامن بين الوكيل والنائب في مسئولية الوكيل قبل الموكل.
إذا كان الموكل رخص للوكيل بإنابة غيره في تنفيذ الوكالة، وعين شخص النائب - وهي حالة لم يتعرض فيها النص لمسئولية الوكيل - فالمفهوم أن مسئولية الوكيل تنتفي، لأنه لم يكن في ندبه النائب إلا منفذاً أوامر الموكل. فإن كان هذا الأخير قد أساء إختيار النائب فعرض بذلك مصالحه للضياع، فعليه وحده تقع تبعة سوء الإختيار ولا يكون له بذلك سبيل على الوكيل.
غير أنه حتى في هذه الحالة يظل الوكيل ملتزماً بمراقبة النائب، لأنه بتفويض الأمر إليه لا يتحلل كلية من التزامه بتنفيذ الوكالة. وهذا الإلتزام بالتنفيذ يقتضي في حالة الركون إلى النائب مراقبة الوكيل إياه. فإذا أثبت الموكل أن الضرر الذي لحقه نجم من عدم تزويد النائب بالتعليمات الضرورية، أو عن انصراف الوكيل أصلاً عن مراقبة النائب، أصبح الوكيل مسئولاً قبل الموكل .
قد يكون الموكل قد اتفق مع الوكيل على منعه من إنابة غيره، سواء كان هذا المنع صريحاً أو ضمنياً - وهي حالة لم يتعرض لها النص أيضاً - ولكن يستفاد من المادة أنه لا يجوز للوكيل أن ينقل إلى غيره سلطة العمل لحساب الموكل، فإذا أناب غيره لم تكن للأخير صفة في التعاقد، ولا ينفذ تصرفه في حق الموكل، إلا إذا أقر تصرفه.
العلاقة المباشرة بين الموكل و نائب الوكيل :
تنص الفقرة الثالثة من المادة 708 مدني على أنه: "يجوز في الحالتين السابقتين للموكل ولنائب الوكيل أن يرجع كل منهما مباشرة على الآخر".
والحالتان المشار إليهما، هما الحالة التي لا يرخص فيها الموكل للوكيل بإنابة غيره في تنفيذ الوكالة، والحالة التي يرخص فيها الموكل للوكيل بإنابة غيره في تنفيذ الوكالة دون تعيين شخص النائب وقد خول النص للموكل أن يرجع بدعوى مباشرة على نائب الوكيل يطالبه فيها بجميع التزاماته الناشئة من عقد الوكالة، كما خول نائب الوكيل الرجوع بدعوى مباشرة على الموكل يطالبه فيها بالتزاماته نحو الوكيل الأصلي الناشئة عن عقد الوكالة المبرم بين الموكل والوكيل.
ومن مقتضى ذلك أنه يجوز للموكل أن يرجع على النائب بالتضامن مع الوكيل بدعوى مباشرة.
ويلحق بالحالتين السابقتين حالة ما إذا أناب الوكيل الغير وأقر الموكل الإنابة بعد أن كان قد منعها.
وهذه الدعوى المباشرة إستثناء قصد به المشرع حماية الموكل من منافسة دائني الوكيل المعسر في اقتسام المبالغ التي يكون النائب قد قبضها لحساب الموكل. لأنه لولا الاعتراف بهذه الدعوى المباشرة لما كان للموكل أن يرجع على النائب إلا بالدعوى غير المباشرة، فيصبح المحكوم به حقاً للوكيل يتقاسمه دائنوه قسمة غرماء. أما وقد أصبح للموكل أن يرجع على النائب مباشرة فإن المبالغ التي قبضت لحسابه لا تمر بذمة الوكيل أصلاً فيختص بها الوكيل.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع الصفحة : 232)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 71
تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَهُ فِيهَا:
116 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إِنْ أَذِنَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ فِي تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهَا.
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إِذَا نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ مَعَ النَّهْيِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ .
117 - وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ غَيْرَهُ عِنْدَ إِطْلاَقِ التَّوْكِيلِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهَا، لأِنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم : «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ» .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَتَوَلاَّهَا الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ؛ فَأَمَّا إِذَا وَكَّلَهُ فِي أَمْرٍ لاَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُبَاشِرَهُ، أَوْ لاَ يُحْسِنُهُ، فَإِنَّهُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيهِ.
وَأَضَافَ الْمَالِكِيَّةُ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ لاَ تَكْثُرَ الْخُصُومَةُ الْمُوَكَّلُ بِهَا عَلَى الْوَكِيلِ، فَإِذَا كَثُرَتْ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ اسْتِقْلاَلاً.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ الْمُوَكَّلُ فِيهَا، وَلَمْ يُمْكِنِ الإْتْيَانُ بِجَمِيعِهَا لِكَثْرَتِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى الْمُمْكِنِ، وَلاَ يُوَكِّلُ فِي الْمُمْكِنِ، وَفِي وَجْهٍ يُوَكِّلُ فِي الْجَمِيعِ.
وَعَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فِيهَا .
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ يَخْلُو التَّوْكِيلُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَنْهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنِ التَّوْكِيلِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ خِلاَفٍ، لأِنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ.
الثَّانِي: أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لأِنَّهُ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَكَانَ لَهُ فِعْلُهُ كَالتَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَيْنِ خِلاَفًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ: وَكَّلْتُكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، لأِنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّلِ عَامٌّ فِيمَا شَاءَ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ التَّوْكِيلُ.
الثَّالِثُ: أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَلاَ يَخْلُو مِنْ أَقْسَامٍ ثَلاَثَةٍ:
الْقِسْمُ الأْوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَرْتَفِعُ الْوَكِيلُ عَنْ مِثْلِهِ كَالأْعْمَالِ الدَّنِيَّةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ لِكَوْنِهِ لاَ يُحْسِنُهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ، لأِنَّهُ إِذَا كَانَ مِمَّا لاَ يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ عَادَةً انْصَرَفَ الإْذْنُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الاِسْتِنَابَةِ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ إِلاَّ أَنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي عَمَلِهِ أَيْضًا، لأِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ جَمِيعِهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: عِنْدِي أَنَّهُ إِنَّمَا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ، لأِنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ، بِخِلاَفِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُ عَمَلُهُ بِنَفْسِهِ وَلاَ يَتَرَفَّعُ عَنْهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: لاَ يَجُوزُ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ، لأِنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ وَلاَ تَضَمَّنَهُ إِذْنُهُ فَلَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ نَهَاهُ، وَلأِنَّهُ اسْتِئْمَانٌ فِيمَا يُمْكِنُهُ النُّهُوضُ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ لِمَنْ لَمْ يَأْمَنْهُ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ.
وَالأْخْرَى: يَجُوزُ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ .
118 ـ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَكَّلَ شَخْصَانِ شَخْصًا وَاحِدًا بِالْخُصُومَةِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُخَاصِمُ صَاحِبَهُ، كَانَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَوَلَّى الْخُصُومَةَ عَنِ الضِّدَّيْنِ، لأِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى فَسَادِ الأْحْكَامِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُدَّعِيًا مِنْ جَانِبٍ، وَجَاحِدًا مِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ، وَالتَّضَادُّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَفِي الْخُصُومَةِ أَوْلَى.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخُصُومَةُ لِرَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فَوَكَّلُوا جَمِيعًا وَكِيلاً وَاحِدًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ جَائِزًا، لأِنَّ الْوَكِيلَ مُعَبِّرٌ عَنِ الْمُوَكِّلِ، وَالْوَاحِدُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنِ اثْنَيْنِ فَمَا زَادَ، كَمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ .
تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ:
قَدْ يَقُومُ الْوَكِيلُ بِتَنْفِيذِ الْوَكَالَةِ بِمُفْرَدِهِ، وَقَدْ يَقُومُ بِتَوْكِيلِ شَخْصٍ آخَرَ لِيُسَاعِدَهُ فِي تَنْفِيذِهَا أَوْ يَقُومَ بِتَنْفِيذِهَا بَدَلاً مِنْهُ.
وَتَوْكِيلُ الْوَكِيلِ قَدْ يَكُونُ بِإِذْنٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَقَدْ يُطْلِقُ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ فَلاَ يَأْذَنُ بِالتَّوْكِيلِ وَلاَ يَنْهَى عَنْهُ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ- حَالَةُ الإْذْنِ بِالتَّوْكِيلِ:
128 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ غَيْرَهُ إِذَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لأِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ أَذِنَ لَهُ فِيهِ بِالتَّوْكِيلِ فَجَازَ لَهُ فِعْلُهُ، كَأَيِّ تَصَرُّفٍ مَأْذُونٍ فِيهِ .
ب- حَالَةُ النَّهْيِ عَنِ التَّوْكِيلِ:
129 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إِذَا نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ ذَلِكَ، لأِنَّ مَا نَهَاهُ عَنْهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي إِذْنِهِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّوْكِيلُ كَمَا لَوْ لَمْ يُوَكِّلْهُ مُطْلَقًا وَالْمُوَكِّلُ لَمْ يَرْضَ إِلاَّ بِأَمَانَتِهِ هُوَ فَقَطْ .
ج - حَالَةُ التَّفْوِيضِ:
130 - حَالَةُ التَّفْوِيضِ هِيَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ، أَوْ تَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْتَ أَوِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ، وَذَلِكَ لإِطْلاَقِ التَّفْوِيضِ إِلَى رَأْيِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ بِهَذِهِ الأْلْفَاظِ لاَ يَكُونُ إِذْنًا بِالتَّوْكِيلِ فَلاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إِذَنْ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، لأِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الأْلْفَاظِ يَحْتَمِلُ مَا شِئْتَ مِنَ التَّوْكِيلِ، وَمَا شِئْتَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فَلاَ يُوَكِّلُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ كَمَا لاَ يَهَبُ .
د - حَالَةُ الإْطْلاَقِ:
131 - إِذَا صَدَرَتِ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً دُونَ إِذْنِهِ لِلْوَكِيلِ بِالتَّوْكِيلِ أَوْ نَهْيِهِ عَنْهُ وَدُونَ تَفْوِيضِهِ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى رَأْيَيْنِ: الرَّأْيُ الأْوَّلُ: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ، لأِنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَلأِنَّهُ إِنَّمَا رَضِيَ بِرَأْيِهِ، وَالنَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الآْرَاءِ فَلاَ يَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِهِ .
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ مَا وُكِّلَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ يُفَوِّضَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، أَوِ اصْنَعْ مَا شِئْتَ، لإِطْلاَقِ التَّفْوِيضِ إِلَى رَأْيِهِ .
فَإِنْ وَكَّلَ بِغَيْرِ إِذْنِ مُوَكِّلِهِ فَعَقَدَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ جَازَ لاِنْعِقَادِهِ بِرَأْيِهِ، وَكَذَا إِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ فَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ الأْوَّلُ جَازَ أَيْضًا لِنُفُوذِهِ بِرَأْيِهِ .
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ صُورَتَيْنِ حَيْثُ أَجَازُوا لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، وَهُمَا:
الصُّورَةُ الأْولَى: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَحَلُّ الْوَكَالَةِ يَتَرَفَّعُ الْوَكِيلُ عَنِ الْقِيَامِ بِمِثْلِهِ، كَالأْعْمَالِ الدَّنِيئَةِ فِي حَقِّ أَشْرَافِ النَّاسِ الْمُرْتَفِعِينَ عَنْ فِعْلِهَا فِي الْعَادَةِ كَبَيْعِ دَابَّةٍ فِي سُوقٍ، أَوْ يَعْجِزُ الْوَكِيلُ عَنِ الْعَمَلِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ لاَ يُحْسِنُهُ.
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأِنَّ الإْذْنَ يَنْصَرِفُ إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَلأِنَّ التَّفْوِيضَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الاِسْتِنَابَةُ.
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ يَعْلَمُ بِوَجَاهَةِ الْوَكِيلِ، أَوِ اشْتَهَرَ الْوَكِيلُ بِهَا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ بِهَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنَّ يُوَكِّلَ، وَيَضْمَنُ إِنْ وَكَلَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِتَعَدِّيهِ .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ الَّذِي فِيهِ التَّوْكِيلُ مِمَّا يَعْمَلُهُ الْوَكِيلُ بِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ يَعْجِزُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَانْتِشَارِهِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَدَى حَقِّ الْوَكِيلِ فِي التَّوْكِيلِ، بِمَعْنَى هَلْ يَحِقُّ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ الْعَمَلِ كُلِّهِ أَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى مَقْدِرَتِهِ فَقَطْ؟ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّوْكِيلِ إِلاَّ فِي الْعَمَلِ الزَّائِدِ فَقَطْ، لأِنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا دَعَتْ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فَقَطْ، بِخِلاَفِ وُجُودِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ.
غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: يُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وُكِّلَ فِيهِ لِيُعِينَهُ عَلَيْهِ لاَ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ اسْتِقْلاَلاً .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ فِي الْعَمَلِ كُلِّهِ، لأِنَّ الْوَكَالَةَ اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّوْكِيلِ، فَصَحَّ التَّوْكِيلُ فِي فِعْلِ الْعَمَلِ كُلِّهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي التَّوْكِيلِ بِلَفْظِهِ .
الرَّأْيُ الثَّانِي الْمُتَعَلِّقُ بِالْوَكَالَةِ فِي حَالَةِ الإْطْلاَقِ: ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ أِبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِمُطْلَقِ الْوَكَالَةِ .
اشْتِرَاطُ الأْمَانَةِ فِيمَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ:
132 - كُلُّ وَكِيلٍ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إِلاَّ أَمِينًا، رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْمُوَكِّلِ إِلاَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الأْوَّلُ غَيْرَ أَمِينٍ فَيَتَّبِعَ الْوَكِيلُ تَعْيِينَهُ، لأِنَّ الْمُوَكِّلَ قَطَعَ نَظَرَ الْوَكِيلِ بِتَعْيِينِهِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّ مَنْ عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَاسِقٌ وَأَنَّ الْمُوَكِّلَ لاَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لاَ يُعَيِّنُهُ .
133 - وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلاً أَمِينًا وَلَكِنَّهُ صَارَ خَائِنًا، فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الْخَائِنِ، لأِنَّ تَرْكَهُ يَتَصَرَّفُ مَعَ خِيَانَتِهِ تَضْيِيعٌ وَتَفْرِيطٌ، وَالْوَكَالَةُ تَقْتَضِي اسْتِئْمَانَ أَمِينٍ، وَهَذَا أَصْبَحَ غَيْرَ أَمِينٍ فَوَجَبَ عَزْلُهُ مِنَ الْوَكَالَةِ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ عَزْلَهُ، لأِنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ دُونَ الْعَزْلِ .
تَكْيِيفُ وَكَالَةِ مَنْ يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ:
134 - تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ صَرَاحَةً، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَصْلاً.
135 - فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ بِالإْذْنِ صَرَاحَةً فَإِنَّهُ لاَ يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّوْكِيلُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ: (وَكِّلْ عَنِّي)، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِقَوْلِهِ: (وَكِّلْ عَنْكَ)، أَوْ بِقَوْلِهِ: (وَكِّلْ).
فَإِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: وَكِّلْ عَنِّي، أَوْ وَكِّلْ وَلِيِّ أَوْ فَوِّضْ إِلَيْهِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ، لِوُجُودِ الرِّضَا حِينَئِذٍ بِرَأْيِ غَيْرِهِ أَيْضًا، فَلاَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ وَلاَ بِمَوْتِهِ لأِنَّ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ لَيْسَ وَكِيلاً لِلْوَكِيلِ، وَيَنْعَزِلاَنِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الأْوَّلَ لاَ يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ يَمْلِكُ الْوَكِيلُ الأْوَّلُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
أَمَّا إِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: «وَكِّلْ عَنْكَ» فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ عَمَلاً بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الأْوَّلِ وَمَوْتِهِ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ الأْوَّلِ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي نَظَرًا لِجِهَةِ وَكَالَتِهِ لَهُ. َنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي لأِنَّهُ فَرْعُ فَرْعِهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي وَجْهٍ كَذَلِكَ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ فَيَأْخُذُ حُكْمَ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ .
أَمَّا إِنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: «وَكِّلْ» وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلاَ عَنْكَ، أَوْ «فَوِّضْ».
فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يَكُونُ الثَّانِي وَكِيلَهُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ لاَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ وَلاَ بِمَوْتِهِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِلِ الأْصَحِّ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
136 - أَمَّا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ صَرِيحٍ مِنَ الْمُوَكِّلِ فَيُتَصَوَّرُ فِيمَا إِذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ فِيمَا لاَ يَتَوَلاَّهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ يُحْسِنُهُ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
137 - أَمَّا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَصْلاً فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ لأِنَّهُ فَوَّضَ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَ دُونَ التَّوْكِيلِ بِهِ، وَلأِنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الآْرَاءِ.
وَيَرَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ حَنْبَلٌ - وَابْنُ أِبِي لَيْلَى صِحَّةَ التَّوْكِيلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلَ الْوَكِيلِ .
الْوَكِيلُ أَمِينٌ:
138 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ أَمِينٌ عَلَى مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ أَمْوَالٍ لِمُوَكِّلِهِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِمَا يَهْلَكُ مِنْهَا إِلاَّ إِذَا تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ.
وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ يَعْمَلُ بِالأْجْرِ أَوْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالْعَمَلِ، لأِنَّ الْوَكِيلَ نَائِبُ الْمُوَكِّلِ - الْمَالِكِ - فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الْهَلاَكُ فِي يَدِهِ كَالْهَلاَكِ فِي يَدِ الْمَالِكِ - الْمُوَكَّلِ - وَلأِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، وَفِي تَعَلُّقِ الضَّمَانِ بِهَا مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مَقْصُودِ الإْرْفَاقِ وَالْمَعُونَةِ فِيهَا .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ أَمِينًا:
139 - يَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ أَمِينًا أَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ قَوْلَهُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ التَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطَ، فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، لأِنَّ مَبْنَى الْوَكَالَةِ عَلَى التَّسَامُحِ وَالْيُسْرِ وَالإْرْفَاقِ بِالنَّاسِ فَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الأْمِينِ مَعَ يَمِينِهِ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِلاَّ امْتَنَعَ النَّاسُ عَنِ الدُّخُولِ فِي الأْمَانَاتِ وَفِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ مَا فِيهِ .
اشْتِرَاطُ الضَّمَانِ أَوَ نَفْيُهُ عَلَى الْوَكِيلِ:
140 - نَصَّ ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ أَمَانَةً لاَ يَصِيرُ مَضْمُونًا بِشَرْطِهِ، لأِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَوْنُهُ أَمَانَةً، فَإِذَا شَرَطَ ضَمَانَهُ فَقَدِ الْتَزَمَ ضَمَانَ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ ضَمَانِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا لَوِ اشْتَرَطَ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ ضَمَانَ مَالٍ فِي يَدِ مَالِكِهِ.
وَمَا كَانَ مَضْمُونًا لاَ يَنْتَفِي ضَمَانُهُ بِشَرْطِهِ، لأِنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الضَّمَانُ، فَإِذَا شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ لاَ يَنْتَفِي مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ، كَمَا لَوْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِ مَا يَتَعَدَّى فِيهِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ بِشَرْطِهِ، وَالأْوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ . ضَمَانُ الْوَكِيلِ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ أَمْوَالٍ:
141 ـ الْوَكِيلُ أَثْنَاءَ قِيَامِهِ بِتَنْفِيذِ الْوَكَالَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا يَقْضِي بِهِ الشَّرْعُ مِنْ عَدَمِ الإِْضْرَارِ بِالْمُوَكِّلِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» وَمُقَيَّدٌ بِمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ، كَمَا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا يَقْضِي بِهِ الْعُرْفُ إِذَا كَانَتِ الْوَكَالَةُ مُطْلَقَةً عَنِ الْقُيُودِ، فَإِذَا خَالَفَ كَانَ مُتَعَدِّيًا وَوَجَبَ الضَّمَانُ .
وَلِتَوْضِيحِ ذَلِكَ نَذْكُرُ فِيمَا يَلِي بَعْضَ حَالاَتِ التَّعَدِّي وَالتَّفْرِيطِ:
142 ـ إِذَا تَعَدَّى الْوَكِيلُ فِيمَا تَحْتَ يَدِهِ مَنْ مَالٍ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ فَرَّطَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ، كَانَ ضَامِنًا لِمَا يَتْلَفُ مِنْهُ، فَلَوْ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ فَوْقَ طَاقَتِهَا، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ، أَوْ لَبَسَ الثَّوْبَ بِدُونِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَقْضِ الْعُرْفُ بِمِثْلِ هَذَا الاِسْتِعْمَالِ، أَوْ ضَيَّعَ الْمَالَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَبِيعٍ أَوْ ثَمَنٍ وَلاَ يَعْرِفُ كَيْفَ ضَاعَ أَوْ وَضَعَهُ فِي مَحَلٍّ فَنَسِيَهُ كَانَ ضَامِنًا .
143 ـ إِذَا خَلَطَ الْوَكِيلُ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِمَالِهِ خَلْطًا لاَ يَتَمَيَّزُ مِنْهُ وَكَانَ ذَلِكَ بِدُونِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَضَاعَ الْمَالُ كُلُّهُ كَانَ ضَامِنًا لِمَالِ مُوَكِّلِهِ، وَكَذَا إِذَا ضَاعَ أَحَدُهُمَا كَانَ ضَامِنًا لَهُ .
(ر: خَلْط ف 4).
144 ـ إِذَا طَلَبَ الْمُوَكِّلُ مِنَ الْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَالٍ لَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ بِدُونِ عُذْرٍ كَانَ ضَامِنًا لَهُ.
أَمَّا إِذَا امْتَنَعَ بِعُذْرٍ بِأَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّدِّ حَائِلٌ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ الرَّدَّ كَانَ ضَامِنًا .
145 ـ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إِلَى إِنْسَانٍ مَالاً لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ فَقَضَاهُ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَضَاهُ الْوَكِيلُ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ لَمْ يَعْلَمْ بِمَا فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الطَّالِبِ بِمَا قَبَضَ مِنَ الْوَكِيلِ، وَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ قَضَاهُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، لأِنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا قَضَاهُ بِنَفْسِهِ فَقَدْ عَزَلَ الْوَكِيلَ، إِلاَّ أَنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ، فَإِذَا عَلِمَ بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ فَقَدْ عَلِمَ بِالْعَزْلِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الدَّفْعِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّعَدِّي فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْوَكِيلِ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إِذَا أَدَّى الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَدَّى الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ عَلِمَ بِأَدَاءِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ أِبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، لأِنَّ الْوَكِيلَ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ مَأْمُورٌ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ هُوَ إِسْقَاطُ الْفَرْضِ بِتَمْلِيكِ الْمَالِ مِنَ الْفَقِيرِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ مِنَ الْوَكِيلِ لِحُصُولِهِ مِنَ الْمُوَكِّلِ، فَبَقِيَ الدَّفْعُ مِنَ الْوَكِيلِ تَعَدِّيًا مَحْضًا فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ.
فَأَمَّا قَضَاءُ الدَّيْنِ فَعِبَارَةٌ عَنْ أَدَاءِ مَالٍ مَضْمُونٍ عَلَى الْقَابِضِ، وَالْمَدْفُوعُ إِلَى الطَّالِبِ مَقْبُوضٌ عَنْهُ، وَالْمَقْبُوضُ بِجِهَةِ الضَّمَانِ مَضْمُونٌ، كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا بِجِهَةِ الْقَضَاءِ، وَالْمَقْبُوضُ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ مَضْمُونٌ عَلَى الْقَابِضِ، وَيُقَالُ: إِنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ عِبَارَةٌ عَنْ نَوْعِ مُعَاوَضَةٍ، وَهُوَ نَوْعُ شِرَاءِ الدَّيْنِ بِالْمَالِ، وَالْمَقْبُوضُ مِنَ الْوَكِيلِ مَقْبُوضٌ بِجِهَةِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِلاَفِ مَا إِذَا دَفَعَهُ عَلَى عِلْمِهِ بِدَفْعِ الْمُوَكِّلِ، لأِنَّ هُنَاكَ لَمْ يُوجَدِ الْقَبْضُ بِجِهَةِ الضَّمَانِ لاِنْعِدَامِ الْقَبْضِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ، فَبَقَى تَعَدِّيًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ التَّعَدِّي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِدَفْعِ الْمُوَكِّلِ، لأِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الأْمِينِ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ.
وَعَلَى هَذَا إِذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ حَتَّى قَضَى الدَّيْنَ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ ضَمِنَ .
146 ـ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى الْحُلُولِ لاَ يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ إِلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ ثَمَنَهُ، لِمَا فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَهُ مِنَ الْخَطَرِ، فَلَوْ سَلَّمَهُ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَجَحَدَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ ضَامِنًا لِلْمُوَكِّلِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَلَوْ مِثْلِيًّا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ .
147 ـ إِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، لأِنَّهُ مُفَرِّطٌ فِي إِمْسَاكِهِ بِدُونِ عُذْرٍ، أَمَّا لَوْ أَمْسَكَهُ بِعُذْرٍ: كَأَنْ ذَهَبَ لِيَدْفَعَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ حَائِلٌ فَهَلَكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ فِي الإْمْسَاكِ .
148 ـ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَذْبَحَ لَهُ بَقَرَةً أَوْ جَامُوسَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ فَأَخْطَأَ فِي الذَّبْحِ وَصَارَتْ مَيْتَةً لاَ تُؤْكَلُ، كَانَ الذَّابِحُ ضَامِنًا لَهَا، لأِنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ .
149 ـ إِذَا أَمَرَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ بِعَدَمِ قَبْضِ الْوَدِيعَةِ إِلاَّ جَمِيعَهَا وَلَكِنَّهُ قَبَضَ بَعْضَهَا فَقَطْ، كَانَ ضَامِنًا وَبَطَلَ قَبْضُهُ، فَإِنْ قَبَضَ الْبَاقِيَ قَبْلَ أَنْ يَهْلَكَ الأْوَّلُ يَسْقُطُ الضَّمَانُ .
كَيْفِيَّةُ الضَّمَانِ:
150 ـ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ مَالٍ لِمُوَكِّلِهِ إِذَا تَعَدَّى أَوْ فَرَّطَ. فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مِثْلِيًّا كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مِثْلِيًّا وَتَعَذَّرَ الْحُصُولُ عَلَى الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ.
وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ الَّتِي يَضْمَنُهَا الْوَكِيلُ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَالتَّلَفِ أَوِ الْهَلاَكِ، لاَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ آخَرَ، فَلاَ عِبْرَةَ بِمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ فِيهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ .
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (ضَمَان ف 54، 91) .
____________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 807)
يصح تفويض الرأي للوكيل فيتصرف فيما وكل به كيف شاء ويصح تقييده بتصرف مخصوص.
(مادة 808)
إذا كان الأمر مفوضاً لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره ويعتبر الوكيل الثاني وكيلاً عن الموكل فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1466) الإذن في التوكيل
ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له اعمل برأيك فعلى هذا الحال للوكيل أن يوكل غيره. ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلاً للموكل ولا يكون وكيلاً لذلك الوكيل حتى لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول أو بوفاته.