مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 222
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- يلتزم الموكل قبل الوكيل : (أ) بأن يدفع له الأجر إذا كانت الوكالة مأجورة (ب) وأن يرد له ما أنفقه (ج) وأن يعوضه ما أصابه من الخسارة بسبب تنفيذ الوكالة .
2- والأصل أن تكون الوكالة بغير أجر، إلا إذا اتفق صراحة على الأجر أو استخلص هذا الإتفاق من حالة الوكيل كأن تكون الأعمال التي يقوم بها هي من أعمال حرفته، كما هو الأمر بالنسبة للمحامي . وفي الحالة الأخيرة، إذا إختلف الطرفان في تقدير الأجر قدره القاضي . أما في الحالة الأولى، إذا كان هناك إتفاق صريح على الأجر، فإن هذا الاتفاق يخضع لتقدير القاضي، يخفض الأجر أو يزيده تبعاً لما يتبينه من الظروف، إذ أن الطرفين قد يخطئان في تقدير قيمة العمل قبل تنفيذه القاضي أن يصلح هذا الخطأ . وهذا الحكم، وإن كان مخالفاً لقواعد العامة في العقود، هو من الأحكام التقليدية في الوكالة نقله التقنين المصري الحالي من القضاء الفرنسي، ونقله المشروع من التقنين الحالي. وزاد فيه ما أدخله القضاء المصري من التعديل في هذه المسألة، إذ قضى بأن الأجر إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة، لا يجوز بعد ذلك للقاضي أن يعدل فيه بالنقص أو بالزيادة . ذلك لأن الطرفين قد تبينا بعد تنفيذ الوكالة أهمية العمل الذي قام به الوكيل، فإذا دفع الموكل الأجر المتفق عليه طوعاً بعد ذلك وقبضه الوكيل، فهذا دليل على أنهما لم يريا ما يقتضي تعديل الأجر، فلا محل إذن لتحكيم القاضي .
3- وقد يقتضي تنفيذ الوكالة نفقات يصرفها الوكيل أو التزامات تترتب في ذمته فالنفقات، ما دامت معقولة، يستردها من الموكل "جميعاً مع فوائدها من وقت الإنفاق، وهذا إستثناء جديد للقاعدة التي تقضي بأن الفوائد لا تجب إلا من وقت المطالبة القضائية . ويسترد الوكيل النفقات سواء نجح في مهمته أو لم ينجح. وهذا فرق ما بين الوكالة من ناحية والفضالة والإثراء بلا سبب من ناحية أخرى، فإن الفضولي يسترد النفقات الضرورية والنافعة (م 369 من المشروع ) والدائن في الإثراء بلا سبب لا يسترد إلا أدنى القيمتين كما هو معروف (م 248 من المشروع. وقد تدل الظروف على أن الموكل يلتزم وإعطاء الوکیل مقدماً ما ينفق منه على شؤون الوكالة، کالمحامي يتقاضى من موكله مقدماً الرسوم القضائية الواجب دفعها . أما الالتزامات التي عقدها الوكيل بإسم الموكل فهي تنصرف إليه مباشرة، والذي عقدها باسمه الشخصي يلتزم الموكل بابراء ذمته منها، كما يلتزم الوكيل بنقل ما كسبه من الحقوق إلى الموكل فيما تقدم .
4- وإذا أصاب الوکیل ضرر من تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد، ولم يكن قد ارتكب خطأ تسبب عنه هذا الضرر، فإن له أن يرجع على الموكل بتعويض هذا الضرر كما يرجع الفضولی (م 269 من المشروع). مثال ذلك أن يضحي بصراحة شخصية له حرصاً على مصلحة أكبر للموكل.
5- وللوكيل، ضماناً لاستيفاء حقوقه، أن يحبس ما وقع في يده من مال الموكل بحكم الوكالة، كثمن ما وكل في بيعه والحق الذي استوفاه للموكل من مدينية. وهذا تطبيق ظاهر للمبدأ العام في الحبس ( يمكن حذف المادة 987 من المشروع اکتفاء بالنص الذي يقرر المبدأ العام : (م 331 من المشروع ).
6- وإذا تعدد الموكلون في العمل الواحد كانوا متضامنين في التزاماتهم قبل الوكيل دون حاجة إلى شرط خاص في ذلك . وفي هذا إستثناء من القاعدة التي تقضي بأن التضامن في المسئولية التعاقدية لا يكون إلا بشرط خاص . وإذا أريد نفي التضامن وجب اشتراط ذلك.
1- أتعاب المحاماة المتفق عليها أو التى تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة تعد أجر وكيل يخضع لتقدير قاضى الموضوع طبقاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدنى وله الحق فى تعديل هذا الأجر المتفق عليه سواء بتخفيضه أو بالزيادة عليه إلى الحد الذى يجعله مناسباً ، وهو استثناء من القاعدة العامة التى تقضى بأن الاتفاق شريعة المتعاقدين وبالتالى يشترط لاستعماله أن تكون هناك ظروف قد أثرت فى الموكل تأثيراً قد حمله على التعهد للوكيل بمقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال أو كان الطرفان قد أخطئا فى تقدير قيمة العمل موضوع الوكالة قبل تنفيذه .
(الطعن رقم 4372 لسنة 73 جلسة 2004/12/13 س 55 ع 1 ص 796 ق 146)
2- إذ كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته فى العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز أحد المتعاقدين فى بعض العقود قد لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوي فى الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل فى هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد أمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقا لا يزول أثره بالإجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع فى المادة 82 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من نهي المحامي عن الاتفاق على تقاضي أتعاب تزيد على عشرين فى المائة من قيمة ما حققه من فائدة لموكله فى العمل الموكول إليه.
(الطعن رقم 1427 لسنة 71 جلسة 2002/07/28 س 53 ع 2 ص 962 ق 187)
3- ولئن كانت أتعاب المحاماة المتفق عليها أو التى تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة تعد أجر وكيل يخضع لتقدير قاضى الموضوع طبقاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدنى الا أن لازم ذلك ومقتضاه وجوب إخضاع عقود أتعاب المحاماة الاتفاقية المقدمة من المؤجر لازم ذلك ومقتضاه وجوب إخضاع عقود أتعاب المحاماة الاتفاقية المقدمة من المؤجر لمطلق تقدير قاضى الموضوع ثم قيامه بتنبيه المستأجر لما يسفر عنه تقديره لها وقبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى أو الاستئناف .
(الطعن رقم 688 لسنة 63 جلسة 1997/02/27 س 48 ع 1 ص 374 ق 74)
4- أتعاب المحاماة تعدو حسب التكييف القانوني السليم أجراً للوكالة وكان أجر الوكالة المتفق عليه وإعمالاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني حتى فيما بين المتعاقدين تخضع لتقدير قاضى الموضوع فإنه لا تثريب على محكمة الإستئناف أن قدرت أتعاب المحاماة التي يلزم المستأجر بأدائها توقياً للحكم بإخلائه بإعتبارها من النفقات الفعلية بمبلغ عشرون جنيهاً دون اعتداد بالإتفاق الذي تم بين الطاعن ووكيله ولا عليها إن أغفلت من بعد الرد على دفاع الطاعن فى هذه الشأن.
(الطعن رقم 1732 لسنة 52 جلسة 1989/02/27 س 40 ع 1 ص 647 ق 112)
5- البين من مدونات الحكم المطعون فيه و من سائر أوراق الطعن - أن الشركة الطاعنة فوضت مورث المطعون ضدهما بخطابها المؤرخ 1974/10/8 بالتعاقد مع مقاول نقل عينته له للقيام بنقل كميات الجير التى تعهد بتوريدها وحددت له أجرة النقل بواقع 20 ديناراً ليبياً عن كل طن يصل إلى مخازنها بسبها فى ليبيا على أن يقدم مقاول النقل خطاب ضمان لصالحها وإذ تقاعس ذلك المقاول عن تقديم خطاب الضمان فقد طلبت الشركة الطاعنة من مورث المطعون ضدهما البحث عن مقاول آخر يتولى القيام بعملية النقل بذات الأجرة ولما تعذر عليه العثور على من يقبل النقل بالأجرة المحددة - إضطر إلى زيادتها بواقع 7/166 جنيه للطن رغم إعتراض الطاعنة وقام بسداد الفرق من ماله الخاص لأمين النقل خشية إخلاله بتنفيذ إلتزامه بالتوريد فى المواعيد المتفق عليها - و كان مفاد ذلك أن مورث المطعون ضدهما بالإضافة إلى صفته كبائع إلتزم بتوريد الجير - كان وسيطاً فى عملية نقله - تسرى عليه أحكام الوكالة بالعمولة للنقل التى نص عليها قانون التجارة فى المادة 90 وما بعدها - وهى ضمانة نقل البضاعة فى المواعيد المتفق عليها ، كذا أحكام الوكالة فى القانون المدنى - وأخصها إلتزام الوكيل بتنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة و إلتزام الموكل برد المصروفات التى ينفقها الوكيل من ماله الخاص متى كانت داخلة فى تلك الحدود - أما ما جاوز ذلك فلا يكون للوكيل حق الرجوع به على الموكل إستناداً إلى عقد الوكالة وإن جاز له ذلك تأسيساً على قاعدة الإثراء بلا سبب متى ثبت أن عمله قد عاد بمنفعة على الموكل .
(الطعن رقم 2190 لسنة 52 جلسة 1984/03/19 س 35 ع 1 ص 741 ق 141)
6- تحديد ما إذا كانت الوكالة مأجورة أو غير مأجورة هو من مسائل الواقع التى تبت فيها محكمة الموضوع بما لها من سلطة فى التعرف على حقيقة ما أراده المتعاقدان مستعينة بعبارات التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها دون ما رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك طالما كان استخلاصها سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة لها أصلها الثابت فى الأوراق .
(الطعن رقم 447 لسنة 42 جلسة 1983/03/31 س 34 ع 1 ص 873 ق 179)
7- تنص المادة 709 من القانون المدنى على أن " 1- الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة ، أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل . 2- فإذا إتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضى إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة ، وإذ كان المبلغ الذى طالب به الطاعن هو أتعاب محاماة تتفق عليها قبل تنفيذ الوكالة - فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يعد أجر وكيل يخضع لتقدير المحكمة عملاً بالمادة المذكورة ولا عليها إن خفضته .
(الطعن رقم 671 لسنة 46 جلسة 1980/02/06 س 31 ع 1 ص 413 ق 80)
8- إذ كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى تقدير أتعاب الطاعن عما قام به من أعمال لصالح المطعون ضدهم بما فيهم القصر المشمول بوصاية المطعون ضده الرابع إلى أهمية الدعاوى التى باشرها و ما قام به من إجراءات ودفاع والجهد الذى بذله والنتيجة التى حققها لهم ، ومن ثم فهو ليس فى حاجة إلى سرد بيان مفصل لجميع الأعمال التى باشرها إبان وكالته .
(الطعن رقم 671 لسنة 46 جلسة 1980/02/06 س 31 ع 1 ص 413 ق 80)
9- نص المادة 44 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 المنطبق على واقعة الدعوى ، مفاده أن أتعاب المحامى المتفق عليها أو التى تدفع طوعاً قبل تنفيذ الوكالة تخضع لتقدير القاضى طبقاً لما تقضى به الفقرة الثانية منالمادة 709 من القانون المدنى ، فإن الحكم المطعون فيه إذ إقتصر فى رفض طلب الطاعنة إسترداد المبلغ على أنه مقدم أتعاب دون أن يستظهر ما إذا كانت هناك ظروف أثرت فى الموكل " الطاعنة " تأثيراً حمله على أداء مقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال فيخضعه لتقديره وفقاً لما يستصوبه مراعياً الأعمال التى قام بها الوكيل " مورث المطعون ضدهم " والجهد الذى بذله وأهميته و ثروة الموكل ، و لكنه أغفل ذلك وحجبه عنه تطبيقه حكم المادة 120 من القانون 61 لسنة 1968 خطأ على واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 540 لسنة 42 جلسة 1975/12/31 س 26 ص 1757 ق 328)
10- السمسار وكيل فى عقد الصفقات ، و طبقاً للقواعد المتبعة فى عقد الوكالة ، يتولى قاضى الموضوع تقدير أجر الوكيل فى حالة عدم الإتفاق مستعيناً فى ذلك بأهمية العمل وما يقتضيه من جهد يبذله الوكيل و بما جرى عليه العرف فى هذه الحالة . ولما كان يبين من الحكم الإبتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة فى حدود سلطتها الموضوعية قدرت للمطعون عليه الأول أجراً عن وساطته بنسبة 2/1 2 % من قيمتة الصفقة و أبانت فى حكمها أن هذا التقدير يتفق مع ما بذله من مجهود وأهمية الصفقة التى تمت ببيع الفيلا إلى السفارة السوفيتية ، كما أنه يتفق مع العرف فى هذا الشأن لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد إلتزم صحيح القانون .
(الطعن رقم 539 لسنة 39 جلسة 1975/01/07 س 26 ع 1 ص 124 ق 33)
11- لما كانت المادة 709 من القانون المدنى تنص فى فقرتها الثانية على أنه " إذا إتفق على أجر للوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضى إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة " وكان المبلغ الذى طلب به المطعون ضده هو أتعاب محاماة متفق عليها قبل التنفيذ الوكالة فهو أجر وكيل يخضع لتقدير المحكمة عملاً بالمادة المذكورة . ومن ثم لا يكون معلوم المقدار وقت الطلب فلا تستحق عنه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بل من تاريخ الحكم النهائى .
(الطعن رقم 201 لسنة 38 جلسة 1974/02/05 س 25 ع 1 ص 285 ق 48)
12- إذا كان الثابت من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أن الوصى على القاصر قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الإستئناف بأن الإتفاق الذى أبرمته الوصية السابقة على القاصر فى شأن أتعاب الطاعن - الوكيل - غير ملزم للقاصر - الموكل - لعدم حصولها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية بإبرامه ، وكان يبين من الأوراق أن محكمة الأحوال الشخصية لم تأذن للوصية بإبرام هذا الإتفاق ولم تقره ، بل قررت حفظ المادة المتعلقة بذلك ، فإن إتفاق الوصية على هذه الصورة لا يكون ملزما للقاصر ، ولا يمنع المحكمة من إعمال سلطتها فى تقدير أجر الوكيل .
(الطعن رقم 57 لسنة 37 جلسة 1972/02/17 س 23 ع 1 ص 201 ق 31)
13- أنه وإن كان لقاضى الموضوع بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدنى الحق فى تعديل أجر الوكالة المتفق عليه سواء بتخفيضه أو بالزيادة عليه إلى الحد الذى يجعله مناسبا ، إلا أنه لما كان هذا الحق هو استثناء من القاعدة العامة التى تقضى بأن الاتفاق شريعة المتعاقدين فإنه يشترط لإستعماله أن تكون هناك ظروف قد أثرت فى الموكل تأثيراً حمله على التعهد للوكيل بمقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال أو أثرت فى الوكيل فجعلته يقبل أجراً بخساً لايتناسب مع العمل الذى أسند إليه أو كان الطرفان قد أخطآ فى تقدير قيمه العمل موضوع الوكالة قبل تنفيذه ، بحيث إذا انتفت هذه الإعتبارات تعين احترام إراده المتعاقدين واتباع القاعدة العامة التى تقضى بأن ما اتفق عليه الخصوم يكون ملزما لهم ، وهو ما يوجب على القاضى إذا ما رأى تعديل الأجر المتفق عليه بالزيادة أو النقص أن يعرض فى حكمه للظروف والمؤثرات التى أحاطت بالتعاقد و أدت إلى الخطأ فى الاتفاق على مقابل غير مناسب حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراحه لإرادة المتعاقدين يستند إلى اعتبارات مقبولة أم لا ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خفض مقدار أجر الوكالة دون أن يبين وجه الخطأ فى مقدار الأتعاب المتفق عليها فإنه مشوبا بالقصور ويستوجب نقضه .
(الطعن رقم 489 لسنة 35 جلسة 1970/02/26 س 21 ع 1 ص 329 ق 53)
14- نص الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدنى هو نص مطلق شامل لكل تعديل فى أجر الوكالة المتفق عليه سواء بالحط منه أو برفعه ، وإذ كان تقدير هذا الأجر مما يستقل به قاضى الموضوع ، وكانت محكمة الإستئناف عند تعديلها تقدير محكمة أول درجة للأجر الذى يستحقه الطاعن قد أقامت قضاءها فى ذلك على إعتبارات سائغة ، فإن إغفالها الإشارة إلى الأدلة و الحجج التى ساقها الطاعن فى هذا الخصوص و التى لا يترتب عليها تغير وجه الرأى فى التقدير لا يعتبر قصورا مبطلا للحكم المطعون فيه .
(الطعن رقم 112 لسنة 35 جلسة 1969/12/25 س 20 ع 3 ص 1322 ق 206)
15- هى تعويض قانونى عن التأخير فى الوفاء بالإلتزام بدفع مبلغ من النقود مصدره عقد الوكالة التى ثبت قيامها بين الطرفين و التى تستحق من تاريخ المطالبة الرسمية عملاً بنص المادة 226 من القانون المدنى التى تقرر حكما عاما لإستحقاق فوائد التأخير عن الوفاء بالإلتزام إذا كان محله مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب و تأخر المدين فى الوفاء به ، وإذ رفض الحكم القضاء بهذه الفوائد دون أن يبين سبب الرفض و لم يفصح عما إذا كان ما قدره من أجر قد روعى فيه تعويض الطاعن عن التأخير فى الوفاء بالأجر المحكوم له به أم لا فإنه يكون قاصر التسبيب .
(الطعن رقم 112 لسنة 35 جلسة 1969/12/25 س 20 ع 3 ص 1322 ق 206)
16- وحيث إنه لا مصلحة للمدعيين فى الطعن على الفقرة الأولى من المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، ولا على الفقرتين الثانية والرابعة منها،ذلك إن الفقرة الأولى من المادة (82) المشار إليها تقرر أمرين: أولهما حق المحامى فى الحصول على أتعاب عن أعمال المحاماة التى قام بها: وثانيهما الحق فى أن ترد إليه المصروفات التى يكون قد أنفقها فى سبيل مباشرة الأعمال التى وكل فيها. وكلا الأمرين لا خلاف عليه فى النزاع الراهن، ذلك أن الأعمال القانونية التى يقوم بها المحامى ممثلاً فيها لموكله، تعتبر من أعمال الوكالة وتسرى عليها أحكامها، كأصل عام. وقد يقوم المحامى إلى جانبها ببعض الأعمال المادية ، ويظل كذلك - حتى فى هذه الحالة - خاضعاً لقواعد الوكالة ملتزماً ضوابطها كلما كان العنصر الأغلب فى هذين النوعين من الأعمال، متصلاً بالأعمال القانونية والأصل المقرر فى الوكالة أنها تبرعية مالم يوجد اتفاق على الأجربين كل من الموكل والوكيل سواء كان هذا الاتفاق صريحاً أم كان ضمنياً. وتكون الوكالة مأجورة ضمناً إذا كان الوكيل ممن يحترفون مهنة يتكسبون منها، وكان العمل الموكل فيه يدخل فى إطار أعمال هذه المهنه. ويدل الواقع على أن الوكالة المأجورة هى الأكثر وقوعاً فى العمل، وأن الوكيل لا يقوم بأعمال الوكالة تفضلاً أو مجاملة إلا بدليل قاطع من الظروف المحيطة بها، وهو يؤجر على مابذل من جهد فى تنفيذ أعمال الوكالة ، ولو لم يكن قد بلغ نتيجة بذاتها، باعتبار أن إلتزامه الناشئ عقد الوكالة لا يعدو أن يكون إلتزاماً ببذل عناية ، وليس بتحقيق غاية . وسواء قام الطرفان بتعيين أجر الوكالة من البداية أم أغفلا تحديده، فإن تقديره فى النهاية مرده إلى القاضى عند الخلاف على مقداره، وهو ما لا يتصور إذا كان أجر الوكالة قد دفع تطوعاً بعد تنفيذها.
( طعن رقم 23 لسنة 14 جلسة 12/ 2 / 1994 دستورية )
17- لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت فيما القضية رقم 153 لسنة 19 ق دستورية والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (24) بتاريخ 17 / 6 / 1999 بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة 84 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 . وبسقوط كل من فقرتها الثالثة، والمادة 80 من هذا القانون وذلك بشأن تحديد الجهة المختصة بتقدير أتعاب المحاماة في حالة عدم الاتفاق عليها كتابة وكيفية الطعن على القرار الصادر من اللجنة الفرعية التابعة لنقابة المحامين المختصة بالتقدير وميعاد الطعن ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذا النص من اليوم التالي لنشر الحكم المذكور في الجريدة الرسمية ويمتنع على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها تطبيقه. وأصبح الخلاف بين المحامي وموكله حول تقدير الأتعاب يندرج في دائرة الخلاف بين الأصيل والوكيل بأجر عند عدم الاتفاق على أجر الوكيل باعتبار أن هذه المنازعات متحدة في جوهرها متماثلة في طبيعتها ويكون الاختصاص للقاضي الطبيعي والذي كفله الدستور. لكل مواطن وهو ما نص عليه المشرع الدستوري في المادة 68 منه أن لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي .
( طعن رقم 3414 لسنة 68 ق - 24 / 11 / 1999 )
تنص المادة 709 من التقنين المدني على ما يأتي : "1- الوكالة تبرعية، ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل" . "2- فإذا اتفق على أجر للوكالة، كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي، إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة" .
تقول الفقرة الأولى من المادة 709 مدني فيما رأينا : "الوكالة تبرعية، ما لم يتفق على غير ذلك ." فإذا لم يوجد بين الموكل والوكيل إتفاق على الأجر كانت الوكالة غير مأجورة وكان الوكيل متبرعاً، واعتبرت الوكالة في هذه الحالة من عقود التبرع.
ويخلص مما تقدم أن الوكيل لا يأخذ أجراً إلا إذا وجد إتفاق على ذلك . وقد يكون هذا الإتفاق صريحاً، ولكن في كثير من الأحوال يكون هذا الإتفاق ضمنياً . وقد أشارت الفقرة الأولى من المادة 709 مدني صراحة إلى ذلك حين تقول : "الوكالة تبرعية، ما لم يتفق على غيره ذلك صراحة، أو يستخلص منها ضمناً أن الوكالة مأجورة هي مهنته. فإذا كان الشخص يحترف مهنة يكسب منها عيشه، فالمفروض أن الوكالة التي تدخل في أعمال هذه المهنة تكون مأجورة . فمن وكل محامياً أو وكيلاً العمولة أو سمساراً أو رجل أعمال أو مأمور تفليسة ( سنديك ) أو مصرفاً أو صرفياً أو غير هؤلاء ممن يحترفون مهنة يتكسبون منها، وبخاصة إذا كانت هذه المهنة تجارية، يكون قد اتفق ضمناً مع الوكيل على إعطائه أجراً كما هي العادة. وقد انتشرت الوكالة المأجورة في الحياة العملية، حتى طغت على الوكالة المأجورة وهي الوكالة التي يقوم بها الصديق تفضلاً ومجاملة، وحتى أصبح الواقع هو عكس القانون، فالوكالة تكون في الكثرة الغالبة من الأحوال مأجورة ما لم يشترط أو يتبين من الظروف أنها غير مأجورة . وتقدير ما إذا كانت الوكالة مأجورة أو غير مأجورة يترك لقاضي الموضوع.
وإذا كان شخص واحد هو الوكيل عن الطرفين في الصفقة، وعلم كل منهما بذلك، استحق الوكيل الأجر المتفق عليه من كل من الطرفين . وإذا تعدد الوكلاء في الصفقة الواحدة، لم يكونوا متضامنين في استحقاقهم للأجر، بل يقسم الأجر عليهم بالتساوي، إلا إذا وجد اتفاق بخلاف ذلك.
مقدار الأجر : أما مقدار الأجر، إذا اتفق على أن تكون الوكالة مأجورة، فقد لا يقوم الطرفان بتعيينه، بأن يقتصر الوكيل على اشتراط الأجر دون أن يتفق مع الموكل على تعيين مقداره، أو كنا هو الغالب بأن يكون الإتفاق على الأجر ضمنياً مستخلصاً من مهنة الوكيل أو من أي ظرف آخر فيكون هناك اتفاق ضمني على أن تكون الوكالة مأجورة دون تعيين لمقدار الأجر . ففي جميع هذه الأحوال، إذا اختلف الطرفان في تعيين مقدار الأجر، تولى القاضي تعيين هذا المقدار، ويرجع في ذلك إلى أهمية العمل وإلى ما يقتضيه من جهد يبذله الوكيل، كما يرجع إلى العرف.
ولكن الغالب، إذا اتفق على أن تكون الوكالة مأجورة، أن يتفق الطرفان أيضاً على مقدار الأجر . والأصل أن ينسى هذا الإتفاق، فيتقاضى الوكيل من الموكل المقدار المتفق عليه دون نقص أو زيادة، أياً كانت النتيجة التي وصل إليها الوكيل في تأدية مهمته كما سبق القول . ولكن إذا حالت قوة قاهرة دون أن يؤدي الوكيل مهمته، أو أصبحت تأدية الوكالة مستحيلة بغير خطأ الموكل، أو لم يتم الوكيل تأدية المهمة، فإنه لا يستحق أجراً أو يخفض مقدار الأجر المتفق عليه بحسب الأحوال، ويترك ذلك لتقدير القاضي.
يمتنع على القاضي أن يعدل في مقدار الأجر بالنقض أو بالزيادة إذا دفع الموكل المقدار المتفق عليه طوعاً بعد تنفيذ الوكالة . ذلك أن دفع الموكل مقدار الأجر طوعاً وقبض الوكيل لهذا الأجر، بعد أن تبين من تنفيذ الوكالة قيمة ما أداه الوكيل من عمل، يكون بمثابة إقرار منهما بأن هذا العمل يستحق هذا المقدار من الأجر وحتى لو فرض أن مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل أو ينقص، فإن الموكل بدفعه طوعاً كل مقدار الأجر بعد أن تبين قيمة العمل يكون متبرعاً بالزيادة في الأجر، وكذلك الوكيل يكون متبرعاً بما ينقص فيه، وليس في هذا التبرع من كلا الجانبين ما يخالف النظام العام وقد نصت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 709 مدني صراحة على هذا الحكم، إذ قضت بعدم جواز تعديل مقدار الأجر "إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة".
لا يجوز الإتفاق، قبل تنفيذ الوكالة وتبين أهمية العمل الذي قام به الوكيل، على أنه ينزل الموكل عن حقه في المطالبة بتخفيض الأجر، أو أن ينزل الوكيل عن حقه في المطالبة بزيادة الأجر . ويجوز هذا النزول من كل من الجانبين بعد تنفيذ الوكالة، إذا يكون كل منهما قد تبين وقتئذ قيمة العمل الذي تم إنجازه ومقدار الأجر المستحق في ذمة الموكل للوكيل لا ينتج فوائد من وقت استحقاقه، كما تنتج المصروفات التي ينفقها الوكيل في تنفيذ الوكالة فوائد من وقت الاتفاق على ما يقضى به صريح النص ( م 760 مدني )، ولا من وقت الإعذار كما يقضي نص صريح بالنسبة إلى ما يتبقى في ذمة الوكيل من حساب الوكالة ( م 706/2 مدني ) . وإنما ينتج الأجر فوائد وفقاً لما تقضي به القواعد العامة لعدم ورود نص خاص في هذه المسألة، فلا يستحق الوكيل فوائد على الأجر الذي حل إلا من وقت أن يطالب الموكل به وبالفوائد مطالبة قضائية، وعند ذلك تستحق الفوائد بالسعر القانوني ( م 226 مدني ).(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول الصفحة : 659)
إذا لم يوجد اتفاق على الأجر كانت الوكالة غير مأجورة واعتبرت من عقود التبرع، ولكن رغم انتفاء الإتفاق فقد يستنتج الأجر من ظروف الوكيل أو من كون الوكيل لا يعمل إلا بأجر كالسمسار والوكيل التجاري ووكيل الأعمال والمحامي ولكن هذه قرينة يمكن استبعادها إذا فسر التوكيل بعلاقة الصداقة أو القرابة أو إذا كان للوكيل مصلحة خاصة في القيام بالتوكيل ويفصل قاضى الموضوع في هذه الأمور، كذلك يعتبر التوكيل في المسائل التجارية بأجر لأن الأصل فيها ألا تكون تبرعاً، كالوكالة بالعمولة.
فإذا وجد اتفاق على الاجر، صراحة أو ضمنا کوکالة السمسار والمحامي، التزم به الموكل، ولو لم ينجح الوكيل في مهمته، فالتزامه هو التزام ببذل عناية وليس التزاما بتحقيق غاية، فالسمسار يستحق أجره ولو لم تتم الصفقة طالما حقق المقصود من الوساطة إلا أنها لم تتم لعدول الاصيل عنها والمحامي يستحق أجره ولو لم يكسب القضية ما لم يتفق على عدم استحقاق الوكيل أجراً إلا إذا نجح في مهمته أو أنه يستحق جزء من الأجر إذا لم ينجح، لكن إذا كان عدم النجاح بسبب تقصير الموكل كما إذا كانت شروط العمل موضحة وأتم الوكيل العمل إلا أن الموكل لم يجزه لغير سبب مشروع ففي هذه الحالة يستحق الوكيل أجره كاملا، وإذا كلف عدة أشخاص بالعمل، قسم الأجر بينهم بالتساوي ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك. ولكن لا يستحق الوكيل أجره إذا تم العمل بدون وساطته فإن كان قد تسلم جزءاً منه التزم برده.
وإذا انتهت الوكالة فلا يستحق الوکیل أجراً عن الأعمال التي باشرها بعد ذلك إلا إذا كان ملزماً باتمامها بعد الوكالة.
ويجوز إنقاص الأجر إذا ارتكب الوكيل تقصيراً، وأجر الوكيل لا يخضع لتقدير القاضي إلا اذا اتفق عليه قبل القيام بالوكالة لتوفر مظنة الإكراه والاضطرار مالم يكن قد تم الوفاء به . أما إذا أتفق عليه بعد القيام بالوكالة أو قبل القيام بها ولكن للموكل أقر الأجر بعد إنتهاء الوكالة بقي الأجر نهائياً سواء كان الإقرار به قد تضمنه عقد أو عقد صلح أو عقد خاص، كما لا يجوز الإتفاق على حرمان الموكل من طلب تخفيض الأجر، وإذا توفي الموكل فلا يجوز لورثته طلب تخفيض أجر الوكالة، ولما كان التخفيض إستثناء من القاعدة العامة القاضية بأن الإتفاق شريعة المتعاقدين ومن ثم تعين عدم الأخذ به إلا إذا كانت الأتعاب باهظة أي تزيد زيادة فاحشة عن الحد اللائق مع مراعاة مكانة الوكيل، أما إذا كانت الزيادة ليست فاحشة وانتفت مظنة الإكراه والاضطرار لا محل تخفيض الأجر ويعتبر الموكل في هذه الحالة متبرعاً بالزيادة فلا يجوز له الرجوع فيها.
وكما يجوز للقاضي تخفيض الأجر المتفق عليه يجوز له زيادته، ولكن يمتنع عليه ذلك إذا دفع الموكل هذا الأجر طوعاً بعد تنفيذ الوكالة.
تحدد أتعاب المحامي وفقاً للإتفاق المبرم بينه وبين موكله مع مراعاة أنه لا يجوز أن تكون الأتعاب جزءاً من الحق المتنازع عليه فلا يجوز للمحامي أن يقايض عليه أو يأخذه عيناً أو يشارك فيه أو يقترضه وتقع هذه الاتفاقات باطلة وتتولى المحكمة تقدير الأتعاب في حالة عدم وجود إتفاق مكتوب بعد القضاء بعدم دستورية المادتين 84، 85 من قانون المحاماة بشأن إختصاص مجلس النقابة بتقدير الأتعاب، ولكن يجوز الإتفاق على أن تزيد الأتعاب أو تقل عن المقدار المتفق عليه بحسب ما يحكم به زيادة أو نقصاً عن مبلغ معين كما يجوز أن تكون الأتعاب مبالغ دورية تدفع كل شهر، ومتى تم الاتفاق على الأتعاب التزم الموكل بها دون النظر لنتيجة الدعوى ما لم يربط الإتفاق مقدار الأتعاب بهذه النتيجة ومع ذلك يكون هذا المقدار المتفق عليه كتابة خاضعاً لتقدير القاضي فله أن يخفضه أو يزيده وفقاً للمجهود الذي بذل في الدعوى الا إذا دفع الموكل للمحامى الأتعاب المتفق عليها طوعاً بعد انتهاء العمل أو كان الإتفاق عليها تم بعد الإنتهاء من العمل. وطالما خضعت الألعاب التقدير القاضي، فإن الفوائد عنها تسري من تاريخ الحكم النهائي وليس من تاريخ المطالبة القضائية، فإن لم تخضع لتقديره، سرت الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية.
ولا يجوز للمحامي أن يستند الى الاتفاق المكتوب على مقدار الأتعاب للتنفيذ به عن طريق أمر على عريضة ولا عن طريق وضع الصيغة التنفيذية على سند الاتفاق ولكن يجب عليه رفع دعوى أمام القضاء والحصول على حكم واجب التنفيذ. أما إذا لم يوجد اتفاق مكتوب على مقدار الأتعاب تولت المحكمة تقديرها.
وتقدر أتعاب المحامي، وفقا لما يقدر به أجر الوكيل، بالرجوع إلى الأعمال التي باشرها والنتائج التي حققها، والجهد الذي بذله سواء في المرافعة الشفوية حسبما يدل عليه محضر الجلسة، أو المرافعة المكتوبة حسبما تدل عليه مذكراته، والأدلة التي أعدها، وعلى قدر هذا الجهد يكون تقدير الأتعاب، فلا تقدر جزافاً وإنما وفقاً لعناصر توافرت الأدلة عليها، سواء تم التقدير بمعرفة المحكمة في حالة عدم وجود إتفاق مكتوب على الأتعاب، أو عند لجوء المحامي إلى القضاء بطلب إلزام الموكل بما تضمنه الإتفاق المكتوب، أو عند نظر استئناف الحكم الصادر في الدعوى التي رفعها المحامي، مما يتعين معه تسبيب الحكم على نحو يتفق والأدلة وعناصر التقدير التي توافرت في الأوراق، وإلا كان الحكم خاليا من الأسباب مما يشوبه بالبطلان.
أن أتعاب المحامي هي أجر وکیل، وأنها تخضع لتقدير القاضى إذا تم الاتفاق على تقديرها قبل تنفيذ الوكالة، أما إذا تم هذا الاتفاق بعد تنفيذها، فلا تخضع لتقدير القاضي وتصبح ديناً في ذمة الموكل .
وبالتالي يكون لتاريخ الاتفاق على تقدير الأتعاب أثر في إستحقاق المحامي الأتعاب، مما قد يؤدي به إلى تحرير الاتفاق بدون تاریخ حتى إذا انتهى العمل يضع تاريخاً يتفق مع قصده حتى يظهر الاتفاق بما لا يتفق مع الواقع، ثم يرفع دعوى بالزام الموكل بأن يؤدى له الأتعاب الثابتة بالاتفاق على سند من أن الأتعاب تم تقديرها بعد تنفيذ الوكالة، أو يتقدم بعريضة لاستصدار أمر بالأداء، أو يكون على علم بوقت إنتهاء العمل فيعطى الاتفاق تاريخاً لاحقاً لهذا الوقت.
ففي هذه الحالات تتوافر الصورية التدليسية بتوافر الغش،وبالتالي يجوز للموكل إثباتها بكافة الطرق المقررة قانونا بما في ذلك البينة والقرائن، كما تتوافر تلك الصورية إذا ظل الاتفاق بدون تاریخ وادعى المحامي صدوره بعد تنفيذ الوكالة، فلا يكلف إثبات تاریخ تحریر الاتفاق لأن الواقع يظاهره، وبالتالي يكلف الموكل اثبات الصورية إذا تمسك بذلك.
ومتى أثبت الموكل الصورية، خضعت الأتعاب لتقدير المحكمة، ولما كان وضع تاريخ على نحو ما تقدم على الورقة العرفية يؤدي إلى الإضرار بالموكل، فتتوافر جريمة التزوير مما يحوله دون إثبات الصورية باليمين الحاسمة.
الأصل أن تتقادم حقوق الوكيل بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم التالي لإتمام العمل محل الوكالة، إذ يبدأ من هذا اليوم حق الوكيل في الرجوع بأجره على الموكل، ولكن إذا وجد نص خاص بمدة تقادم مخالفة تعين الالتزام بها مثال ذلك ما نصت عليه المادة 86 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 من أن حق المحامي في أتعابه يسقط بمضي خمس سنوات إن لم يوجد إتفاق مكتوب متضمناً الأتعاب فإن وجد هذا الإتفاق سقط الحق بالتقادم الطويل.
وإذا وجدت أعمال متعددة قام بها المحامي ولم يثبت وجود إرتباط بينها من شأنه أن يجعلها عملاً واحداً، وحينئذ يبدأ تقادمها من اليوم التالى لإنتهائها العلم قابليتها للتجزئة إما وفقاً لطبيعتها أو بموجب اتفاق خاص، كاتفاق الموكل مع المحامي على أن يباشر الأخير الدعوى حتى يصدر فيها حكم بات، فيقوم بالمرافعة أمام أول درجة ثم أمام الاستئناف ثم أمام النقض. وحينئذ لا يبدأ التقادم إلا من اليوم التالي لصدور الحكم البات، فإن صدر الحكم الاستئنافى ولم يطعن فيها بالنقض، فإنه يكون باتاً من اليوم التالى لانقضاء ميعاد الطعن بالنقض فلا ترتد البيتونة إلى تاريخ صدوره، أما إن لم يوجد مثل هذا الإتفاق كان العمل الذي يتم أمام محكمة الدرجة الأولى بصدور حكم في الدعوى مستقلاً عن العمل الذي يتم أمام المحكمة الإستئنافية أو أمام محكمة النقض، ما لم تتجه إرادة المتعاقدين الضمنية إلى إعتبار كل هذه الأعمال عملاً واحداً، بأن تتوافر الأدلة التي لا تدع مجالاً للشك في إتجاه الإرادتين إلى ذلك، وهو استخلاص موضوعی يستقل بتقديره قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض طالما أقام قضاءه على أسباب سائغة وإذا تعددت القضايا التي يباشرها المحامي، كان كل منها مستقلاً عن الآخر في بدء تقادم حق المحامي في الأتعاب، فيبدأ تقادم كل منها اعتباراً من اليوم التالي لصدور الحكم فيها دون أن يرتبط ذلك بإنتهاء الدعاوى الأخرى، وإذا وجدت أعمال أخرى غير القضايا كأعمال الشهر العقارى، كانت مستقلة عن الدعاوى التي باشرها المحامي ويبدأ تقادم الأتعاب المستحقة عنها من اليوم التالى التسجيل التصرف وتعتبر كافة الأعمال اللازمة للشهر عملاً واحداً غير قابل للتجزئة كتقديم طلب الشهر ثم إعداد المحرر أو إتمام الإجراءات حتى يتم قيده في دفتر الشهر.
الوكالة بالعمولة أو الوكالة التجارية، يكون محلها دائماً من عروض التجارة، فيعهد الموكل للوكيل ببيع أو شراء بضائع وفقاً للشروط التي يتضمنها عقد الوكالة، ويحدد أجر الوكيل بمبلغ ثابت عن كل وحده من تلك العروض يكون بمثابة عمولة له، وقد يتحدد بنسبة مئوية من المبيعات أو المشتريات، والأصل في الوكالة بالعمولة أن تكون بأجر وليست تبرعاً خلافاً للوكالة العادية.
والوكالة بالعمولة، سواء تعلقت بعروض التجارة أو بنقلها، تكون تجارية بطبيعتها ويكون الوكيل تاجراً عندما يباشرها، وبالتالي يجوز إثباتها في مواجهته بكافة الطرق المقررة قانوناً ومنها البينة والقرائن، وتكون الفوائد المستحقة على المبالغ المتبقية في ذمته بواقع 5 % سنوياً من تاریخ استخدام هذه المبالغ لصالح نفسه، فإن لم يتمكن الموكل من إثبات أن الوكيل قد استخدمها لصالح نفسه، استحقت من تاريخ إعذاره بدفها، فإن لم يكن قد أعذر، استحقت من تاريخ المطالبة القضائية.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 98)
وواضح من هذا النص أن الأصل في الوكالة أنها غير مأجورة، فلا يتقاضى الوكيل أجراً عن عمله. ولعل ذلك يرجع إلى أسباب تاريخية تعزى إلى القانون الروماني، إذ كانت بعض المهن الحرة وبخاصة مهنة المحامي والطبيب من المكانة الرفيعة في نظر الرومان بحيث تتعالى عن الأجر. غير أن الأمر تطور إلى عكس ذلك مع تغير الظروف الاقتصادية واعتماد أصحاب المهن والحرف على ما يحصلون عليه من أجر من وكالتهم عن الغير، فأصبح الأصل في التطبيق العملى أن الوكالة بأجر.
الوكالة المأجورة :
يبين من نص الفقرة الأولى من المادة 709 مدنى أنه يجوز للموكل والوكيل الإتفاق على أن تكون الوكالة بأجر، يتقاضاه الوكيل عن عمله. وقد يكون الإتفاق صريحاً. كما يجوز أن يكون الإتفاق ضمنياً، وقد أشارت إلى ذلك الفقرة الأولى من المادة بقولها : "أو يستخلص ضمناً من حالة الوكيل".
فيجوز أن يستخلص الاتفاق الضمني على أجر الوكيل، من حالة الوكيل، كأن تكون الأعمال التي يقوم بها هي من أعمال حرفته، كالمحامي والسمسار وأمين التفليسة وغيرهم .
كما قد يستفاد الإتفاق على الأجر الضمني من الظروف فتكون الوكالة مأجورة دائماً إذا كان موضوعها عملاً تجارياً، لأن اشتراط المقابل من مستلزمات التجارة.
ويترك لقاضى الموضوع تقدير ما إذا كانت الوكالة تبرعية أو مأجورة، مستعيناً في ذلك بعبارات التوكيل وظروف الدعوى وملابساتها.
والغالب أن يكون أجر الوكيل نقوداً، ولكن لا يوجد ما يحول دون أن يكون الأجر عينياً، كأن يكون حصته من العين التي يشتريها الوكيل بمقتضى الوكالة.
غير أنه يستثنى من ذلك أتعاب المحامي عملاً بالمادة 4/82 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
شروط استحقاق الوكيل الأجر :
إذا اتفق الطرفان على شروط استحقاق الوكيل الأجر طبق اتفاقهما، كأن يتفقا على ألا يستحق الوكيل الأجر إلا إذا حقق النتيجة المقصودة من الوكالة، فيكون التزام الوكيل عندئذ التزاماً بتحقيق غاية، ويحدث ذلك عادة في توكيل السماسرة والوسطاء والطوافين والممثلين التجاريين ومندوبي التأمين، كما يحدث مع المحامي فيتفق معه على عدم استحقاق الأتعاب كلها أو المؤخر منها إلا إذا كسب الدعوى.
إما إذا لم يوجد إتفاق فإن الوكيل يستحق أجره ولو لم ينجح في مهمته، لأن التزامه يكون التزاما ببذل عناية، فيتقاضى أجره عن الجهد الذي بذله.
ولا يستحق الوكيل أجره إلا إذا كان قد نفذ الوكالة تنفيذاً كاملاً. فإذا لم يقم بالتنفيذ أصلاً سقط حقه في المطالبة بأجره، ولو كان عدم التنفيذ متسبباً عن قوة قاهرة أو حادث فجائي.
غير أنه يجوز للوكيل أن يطالب ببعض أجره إذا كان قد نفذ الوكالة تنفيذاً جزئياً، ثم حال بينه وبين عدم إتمام تنفيذها قوة قاهرة أو حادث فجائي. ويترك تقدير المستحق له لقاضي الموضوع.
كما يكون للوكيل أن يطالب بأجره كاملاً إذا كان عدم التنفيذ راجعاً إلى فعل الموكل، إذ لا يسوغ أن يتسبب الموكل بخطئه في حرمان الوكيل من الفائدة التي كان يرجوها من تنفيذ الوكالة. بل إن الموكل يصبح مسئولاً عن تعويض الوكيل في هذه الحالة عما فاته من الكسب، وهو ما يتحقق بالحكم لصالحه بتقاضى الأتعاب المقررة له بمقتضى العقد.
غير أنه إذا استحق الأجر للوكيل بتمام تنفيذ عمله، فلا ينال من ذلك إبطال العقد الذي أبرمه أو فسخه فيما بعد.
إذا اتفق الطرفان صراحة على أن الوكالة تكون بأجر ولكنهما لم يتفقا على مقدار الأجر، أو كان الإتفاق على الأجر ضمنياً مستخلصاً من مهنة الوكيل أو من ظروف أخرى. ثم ثار خلاف بين الطرفين على مقدار الأجر، فإن القاضي يتولى تقديره . ويدخل القاضي في اعتباره عند تقدير الأجر أهمية العمل وما يقتضيه من جهد وما جرى به العرف.
فلئن كان الأصل المقرر في المادة 147 مدنى أن العقد شريعة المتعاقدين، بحيث إذا اتفق المتعاقدان على أجر معين لمن يقوم بالخدمة سواء كان مقاولاً أو محاسباً أو عاملاً، فإنه لا يجوز تعديل هذا الأجر بالزيادة أو النقصان، إلا أن النص المذكور أتى استثناء من هذه القواعد العامة، وأجاز للقاضى إذا اتفق بين الموكل والوكيل قبل تنفيذ الوكالة على أجر للوكيل أن يعدل هذا الأجر، إذ نصت على أن يكون الأجر خاضعاً لتقديره"، وإذ وردت عبارة النص مطلقة فإنه يكون للقاضي زيادة الأجر أو تخفيضه .
وقد حددت محكمة النقض حالات استعمال القاضي السلطة التقديرية المخولة له في زيادة الأجر أو تخفيضه كالآتي:
1- أن تكون هناك ظروف قد أثرت في الموكل تأثيراً حمله على التعهد الوكيل بمقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال.
2- أن تكون هناك ظروف أثرت في الوكيل فجعلته يقبل أجراً بخساً لا يتناسب مع العمل الذي أسند إليه.
3- أن يكون الطرفان قد أخطأ في تقدير العمل موضوع الوكالة قبل تنفيذه.
وقد أوجبت على القاضى إذا ما رأى تعديل الأجر المتفق عليه بالزيادة أو النقص أن يعرض في حكمه للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الخطأ في الاتفاق على مقابل غير مناسب حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان اطراحه لإرادة المتعاقدين يستند إلى اعتبارات مقبولة أم لا.
وإذا كانت الوكالة المحامي فإن القاضي يلتزم عادة جانب الحيطة في زيادة الأتعاب، فلا يزيدها إلا إذا ثبت أن الدعوى اقتضت من المحامي لظروف استثنائية بذل جهود لم يكن يتوقعها. كأن تشعبت الدعوى واتسع نطاقها وأبديت فيها دفوع لم تكن منتظرة، ولم يكن المحامي ليقبل المقدار المتفق عليه لو أنه كان يعلم ذلك ويلاحظ أن المحامي أقدر من الموكل على تقدير الجهد الواجب بذله.
" والأحكام المتقدمة لا تسرى إلا على أجر الوكيل الذي يتفق عليه قبل تنفيذ الوكالة أو أثناء تنفيذها، أما الأجر الذي يتفق عليه بعد تنفيذ الوكالة فسنعرض له في البند التالي. له في البند التالي.
وإذا كان الوكيل قد تقاضي أتعابه مقدما، أو في خلال التنفيذ، فإنه يجوز . للموكل، الذي يطالب بتخفيض الأتعاب، أن يسترد الفرق بين ما يستحقه الوكيل من الأتعاب بحسب تقدير القاضي، وبين ما قبضه فعلاً تنفيذاً لشرط العقد.
لكن لا تسري فوائد المبالغ التي يكون للموكل الحق في استردادها إلا من تاريخ المطالبة القضائية تطبيقاً للقواعد العامة. ولا يجوز التحدى بنص المادة 706 للقول بسريان الفوائد في هذه الصورة من تاريخ الإعذار، لأن هذا النص لا ينطبق إلا على المبالغ التي قبضها الوكيل بصدد تنفيذ الوكالة، وليست الأتعاب من قبيل هذه المبالغ .
ولا يجوز الإتفاق قبل تنفيذ الوكالة وتبين أهمية العمل الذي قام به الوكيل أن ينزل كل من الطرفين عن حقه في تعديل الأجرة، ولكن يجوز ذلك بعد تنفيذ الوكالة وتبين أهمية العمل الذي قام به الوكيل.
عدم جواز تعديل الأجر المدفوع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة:
بعد أن نصت المادة 709 في فقرتها الثانية على أنه "فإذا اتفق على أجر الوكالة كان هذا الأجر خاضعاً لتقدير القاضي أردفت "إلا إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة".
ومفاد هذا النص أن الموكل إذا دفع أجر الوكيل طوعاً بعد تنفيذ الوكالة فلا يجوز للقاضي أن يعدل هذا الأجر بالزيادة أو النقصان. ذلك أنه بعد تنفيذ الوكالة يكون الموكل قد تبين قيمة العمل الذي أداه الوكيل ورأى أن ما دفعه هو الأجر المناسب لهذا العمل، كما يعتبر قبض الوكيل لهذا الأجر إقراراً منه بأنه الأجر المناسب للعمل الذي قام به. وحتى لو فرض أن مقدار الأجر يزيد على قيمة العمل أو ينقص، فإن الموكل بدفعه طوعاً كل مقدار الأجر بعد أن تبين قيمة العمل يكون متبرعاً بالزيادة في الأجر، وكذلك الوكيل بعد أن تبين مقدار جهده يكون متبرعاً بما ينقص منه، وليس في هذا التبرع من الجانبين ما يخالف النظام العام.
ويمكن أن يقاس على ذلك:
1- الاتفاق على أجر الوكيل بعد تنفيذ الوكالة لاتحاد العلة بين هذه الحالة والحالة الواردة بالنص.
2- حالة دفع الموكل طوعاً القدر المتفق عليه في عقد الوكالة بعد تنفيذها الإتحاد العلة.
3- حالة إقرار الوكيل بعد تنفيذ الوكالة بمديونيته للموكل بمبلغ معين أجراً له، ما دام لا يوجد غش أو إكراه من جانب الوكيل أو ظروف تحيط بالموكل تضطره إلى هذا الإقرار، لاتحاد العلة أيضاً.
يتقاضى الوكيل فوائد عن الأجر المستحق له قبل الموكل من يوم المطالبة القضائية طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها بالمادة 226 مدنی، فلا يوجد نص خاص يحدد تاريخاً آخر لاستحقاق هذه الفوائد .
لا شبهة في أن عمل المحامي يكون مقابل أجر. وهو ما يطلق عليه في قانون المحاماة "أتعاب" إذا اتفق صراحة على أتعاب تؤدي إليه مقابل العمل الذي يقوم به.
أما إذا لم يتفق صراحة بين الموكل والمحامي على أتعاب نظير عمله، فقد رأينا أن المادة 709 مدنی نصت في فقرتها الأولى على أن الأجر "يستخلص ضمناً من حالة الوكيل " ولما كان المحامي يتخذ من مهنته مصدراً لعيشه، فإن وكالة المحامي تكون في الأصل مقابل أجر، ولو لم يتفق صراحة على أجر له.
وتكون وكالة المحامي مأجورة ولو لم تكن متعلقة بدعوى مطروحة على جهات القضاء، كما لو كان محل الوكالة القيام بإنجاز عمل إداري لمنفعة الموكل.
غير أن ذلك لا ينفي أن تكون وكالة المحامي عن موكله بلا أجر في بعض الحالات، بشرط أن يثبت ذلك من ظروف الوكالة، ومثل ذلك أن تربط المحامي بموكله رابطة قرابة أو صداقة تعود معها ألا يأخذ أجراً على عمله من هذا القريب أو الصديق، أو أن تكون له مصلحة شخصية في القيام بالوكالة ولو دون أجر كما لو رفع دعوى في شأن مال شائع وهو أحد الملاك على الشيوع فقد تدل الظروف في هذه الحالة على أنه قبل التوكيل عن شركائه في الشيوع دون أجر.
كما أن هناك حالات يوجب فيها قانون المحاماة على المحامي الوكالة بغير أجر، وهو ما تعرض له في البند التالي.
أتعاب المحامي في الحالات التي يندب فيها للدفاع عن المتهم أو المرافعة عن الخصم :
هناك حالات يندب فيها المحامي للدفاع عن المتهم أو المرافعة عن الخصم، وينظم القانون كيفية حصول المحامي في هذه الحالات على أتعاب بالتفصيل الآتي:
1- تنص الفقرة الثانية من المادة 67 من الدستور على أن : "وكل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه وقد أكدت ذلك المادة 214/2 من قانون الإجراءات الجنائية التي أوجبت أن يندب المحامي العام من تلقاء نفسه محامياً لكل متهم بجناية صدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات إذا لم يكن قد وكل محامياً للدفاع عنه.
وتنص المادة 376 من القانون الأخير على أن المحامي المنتدب من قبل قاضي التحقيق أو النيابة العامة أو رئيس محكمة الجنايات أن يطلب تقدير أتعاب له على الخزانة العامة إذا كان المتهم فقيراً. وتقدر المحكمة هذه الأتعاب فی حكمها في الدعوى.
ويجوز للخزانة العامة متى زالت حالة فقر المتهم، أن تستصدر عليه أمر تقدير بأداء الأتعاب المذكورة.
2- تقوم مجالس النقابات الفرعية للمحامين بتشكيل مكاتب تابعة لها لتقديم المساعدات القضائية لغير القادرين من المواطنين في دائرة اختصاص كل منها.
وتشمل هذه المساعدات القضائية رفع الدعاوى والحضور فيها وفي تحقيقات النيابة العامة وإعطاء المشورة القانونية وصياغة العقود.
ويصدر مجلس النقابة العامة نظاماً لمكاتب المساعدات القضائية يبين كيفية ترتيب المحامين بهذه المكاتب والمكافأت التي تدفع لهم وشروط انتفاع - المواطنين بخدماتها. (م 93 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983).
ويجب على المحامي تقديم المساعدات القضائية للمواطنين غير القادرين وغيرهم في الحالات التي ينص عليها هذا القانون، وعليه أن يؤدي واجبه عمن يندب للدفاع عنه بنفس العناية التي يبذلها إذا كان موكلاً.
ولا يجوز للمحامي المنتدب للدفاع أن يتنحى عن مواصلة الدفاع إلا بعد استئذان المحكمة التي يتولى الدفاع أمامها وعليه أن يستمر في الحضور حتی تقبل تنحيته وتعيين غيره (مادة 64).
وعلى ذلك فإن نقابة المحامين هي التي تلتزم في هذه الحالة بمنح المحامي المكافأة يحددها النظام الذي يصدره مجلس النقابة العامة.
3- إذا رفض عدة محامين قبول الوكالة في دعوى من الدعاوى التي يتطلب القانون اتخاذ الإجراء القانوني فيها عن طريق مكتب محام، يندب مجلس النقابة الفرعية بناء على طلب صاحب الشأن محامياً لإتخاذ الإجراء القانوني والحضور والمرافعة، ويحدد مجلس النقابة أتعابه بموافقة صاحب الشأن (م95).
4- يندب مجلس النقابة الفرعية للمحامين محامياً للحضور عن المواطن الذي يقرره إعفاؤه من الرسوم القضائية لإعساره.
ويقوم المحامي المنتدب بالدفاع عنه أمام القضاء بغير اقتضاء أي أتعاب منه (م94).
ويذهب الفقه إلى أن المحامي الرجوع على من ندب عنه بعد زوال حالة فقره بأتعابه والمصاريف التي أنفقها لأنه إذا كان الغرض من المساعدة القضائية للفقراء هو مساعدتهم في الحصول على حقوقهم إلا أن هذا لا يمنع من الرجوع عليهم متى زالت حالة فقرهم.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع، الصفحة : 242)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
ماده704
1. تعتبر الوكالة بأجر ، ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمناً من ظروف الحال .
٢- ويخضع الأجر المتفق عليه للوكالة لتقدير القاضي ، الا انا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة .
هذه المادة 709 من التقنين الحالي.
فالأصل المقرر في التقنين الحالي وفي غيره من التقنينات أن الوكالة تبرعية ، فلا يكون للوكيل أجر إلا اذا اتفق عليه صراحة أو ضمناً .
ولكن التطور اليوم ادى الى انتشار الوكالة المأجورة في الحياة العملية، حتى طغت على الوكالة غير المأجورة وهي التي يقوم بها القريب او الصديق مجاملة . فاصبح الواقع على عكس ما يقضي به القانون . فطبقاً لهذا الواقع تكون الوكالة في الكثرة الغالبة من الأحوال مأجورة ما لم يشترط أو يتبين من الظروف أنها غير مأجورة .
لهذا رؤى ، في ضوء الواقع العملي السائد اليوم، أن يؤخد في المادة المقترحة بعكس الأصل المقرر في التفنين الحالي . فبمقتضی هذه المادة يكون الأصل في الوكالة أنها بأجر ،، ما لم يتفق علی غیر ذلك صراحة او يستخلص ضمناً من ظروف الحال . فاذا اتفق صراحة على أن تكون الوكالة بغير أجر ، صارت الوكالة من عقود التبرع. ويهدف ذلك أن يكون الاتفاق على أن الوكالة بدون اجر ضمنياً يستخلص من الظروف الملابسة . كان يتبين من الظروف أن الوكيل قصد القيام بالوكالة دون أجر لصداقة او قرابة تربطه بالموكل أو لأن له مصلحة شخصية في القيام بالوكالة ولو بدون اجر .
وكما هو الحكم في التقنين الحالي ، فان مقدار الأجر المتفق عليه يخضع لتقدير القاضي .
والمادة المقترحة تقابل المادة 940 من التقنين العراقي التي تتفق مع المادة ۷۰۹ من التقنين المصري الحالي .
وتقابل المادة ۷۱۱ من التقنين الكويتي .
و تقابل المادة 857 من التقنين الأردنی .
وأحكام الفقه الاسلامی ، فيما يتعلق باعتبار الوكالة ماجورة او غير ماجورة . تتفق مع أحكام التقنين المصري الحالي .
نصت المادة 1467 من المجله على ما يأتي : « اذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفاها الوكيل ، فيستحقها . وأن لم تشترط . ولم يكن الو کیل ممن يخدم بالاجرة ، فيكون متبرعاً وليس له المطالبة بالأجره .
ونسبت المادة ۹۰۳ من مرشد الحيران وصحتها المادة 810على ما يأتي : « اذا اشترطت الأجرة في الوكالة ، و اوفي الوكيل العمل ، فقد استحق الأجرة المسماة ان وقت وقتا أو ذکر عملا معينا يمكن أن يأخذ في العمل فيه في الحال . وان لم يشترط . وكان الوکیل ممن يعمل باجر ، فله أجر المثل والا فلا.
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله (محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية)بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
مادة 810)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفى الوكيل العمل فقد استحق الأجرة المسماة إن وقت وقتاً أو ذكر عملاً معيناً يمكن أن يأخذ في العمل فيه في الحال وإن لم تشترط وكان الوكيل ممن يعمل بأجر فله أجر المثل وإلا فلا.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1467) الأجرة في الوكالة
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفاها الوكيل فيستحقها وإن لمن تشترط ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة فيكون متبرعاً وليس له المطالبة بالأجرة.