مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 222
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- يلتزم الموكل قبل الوكيل : (أ) بأن يدفع له الأجر إذا كانت الوكالة مأجورة (ب) وأن يرد له ما أنفقه (ج) وأن يعوضه ما أصابه من الخسارة بسبب تنفيذ الوكالة .
2- والأصل أن تكون الوكالة بغير أجر، إلا إذا إتفق صراحة على الأجر أو استخلص هذا الإتفاق من حالة الوكيل كأن تكون الأعمال التي يقوم بها هي من أعمال حرفته، كما هو الأمر بالنسبة للمحامي . وفي الحالة الأخيرة، إذا إختلف الطرفان في تقدير الأجر قدره القاضي . أما في الحالة الأولى، إذا كان هناك إتفاق صريح على الأجر، فإن هذا الاتفاق يخضع لتقدير القاضي، يخفض الأجر أو يزيده تبعاً لما يتبينه من الظروف، إذ أن الطرفين قد يخطئان في تقدير قيمة العمل قبل تنفيذه القاضي أن يصلح هذا الخطأ . وهذا الحكم، وإن كان مخالفاً لقواعد العامة في العقود، هو من الأحكام التقليدية في الوكالة نقله التقنين المصري الحالي من القضاء الفرنسي، ونقله المشروع من التقنين الحالي. وزاد فيه ما أدخله القضاء المصري من التعديل في هذه المسألة، إذ قضى بأن الأجر إذا دفع طوعاً بعد تنفيذ الوكالة، لا يجوز بعد ذلك للقاضي أن يعدل فيه بالنقص أو بالزيادة . ذلك لأن الطرفين قد تبينا بعد تنفيذ الوكالة أهمية العمل الذي قام به الوكيل، فإذا دفع الموكل الأجر المتفق عليه طوعاً بعد ذلك وقبضه الوكيل، فهذا دليل على أنهما لم يريا ما يقتضي تعديل الأجر، فلا محل إذن لتحكيم القاضي .
3- وقد يقتضي تنفيذ الوكالة نفقات يصرفها الوكيل أو التزامات تترتب في ذمته فالنفقات، ما دامت معقولة، يستردها من الموكل "جميعاً مع فوائدها من وقت الإنفاق، وهذا إستثناء جديد للقاعدة التي تقضي بأن الفوائد لا تجب إلا من وقت المطالبة القضائية . ويسترد الوكيل النفقات سواء نجح في مهمته أو لم ينجح. وهذا فرق ما بين الوكالة من ناحية والفضالة والإثراء بلا سبب من ناحية أخرى، فإن الفضولي يسترد النفقات الضرورية والنافعة (م 369 من المشروع ) والدائن في الإثراء بلا سبب لا يسترد إلا أدنى القيمتين كما هو معروف (م 248 من المشروع. وقد تدل الظروف على أن الموكل يلتزم وإعطاء الوکیل مقدماً ما ينفق منه على شؤون الوكالة، کالمحامي يتقاضى من موكله مقدما الرسوم القضائية الواجب دفعها . أما الالتزامات التي عقدها الوكيل بإسم الموكل فهي تنصرف إليه مباشرة، والذي عقدها باسمه الشخصي يلتزم الموكل بابراء ذمته منها، كما يلتزم الوكيل بنقل ما كسبه من الحقوق إلى الموكل فيما تقدم .
4- وإذا أصاب الوکیل ضرر من تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد، ولم يكن قد ارتكب خطأ تسبب عنه هذا الضرر، فإن له أن يرجع على الموكل بتعويض هذا الضرر كما يرجع الفضولی (م 269 من المشروع). مثال ذلك أن يضحي بصراحة شخصية له حرصاً على مصلحة أكبر للموكل.
5- وللوكيل، ضماناً لاستيفاء حقوقه، أن يحبس ما وقع في يده من مال الموكل بحكم الوكالة، كثمن ما وكل في بيعه والحق الذي استوفاه للموكل من مدينية. وهذا تطبيق ظاهر للمبدأ العام في الحبس ( يمكن حذف المادة 987 من المشروع اکتفاء بالنص الذي يقرر المبدأ العام : م 331 من المشروع ).
6- وإذا تعدد الموكلون في العمل الواحد كانوا متضامنين في التزاماتهم قبل الوكيل دون حاجة إلى شرط خاص في ذلك . وفي هذا إستثناء من القاعدة التي تقضي بأن التضامن في المسئولية التعاقدية لا يكون إلا بشرط خاص . وإذا أريد نفي التضامن وجب اشتراط ذلك .
1- إن المقرر قانوناً بالمادة 1/142 من القانون المدني انه " فى حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد يعاد المتعاقدان إلي الحالة التي كانا عليها قبل العقد ..." فإذا كان العقد بيعاً وتقرر بطلانه رد المشتري المبيع إلي البائع ورد البائع الثمن إلي المشتري ، ويترتب علي ذلك أنه إذا كان البيع قد تم عن طريق الوكالة فيجب علي الوكيل أن يؤدي إلي الموكل ما حصلة من المشتري نتيجتة هذا البيع الباطل إذ ليس للوكيل ان يبحث فيما تسلمه لحساب الموكل هل هو مستحق له أو ليس مستحقاً له لأن الموكل وليس الوكيل فى في النهاية هو الذي يطالب برد غير المستحق لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد قدمت لمحكمة الموضوع إيصالين موقعين من المطعون ضدهما وغير منكورين منهما يفيدان استلامهما منها مبلغ خمسة وثلاثين ألف جنيه هي عبارة عن ثمن الشقة التي باعتها لحساب الأول ومقدارة 28000 جنيه وثمن منقولات اشترتها لنفسها ومقدارها 2200 جنية بزيادة قدرها 4800 عن ثمن الشقة والمنقولات طالبت بردها فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلباتها علي سند من بطلان عقد بيع الشقة وعدم وجود دليل علي شراء الطاعنة للمنقولات رغم أن بطلان عقد بيع الشقة لا ينفي تسلم الطاعنة لثمنها من المشتري بصفتها وكيله عن البائع - المطعون ضده الأول - وتسلم الأخير له منها كما أن الطاعنة هي المشترية لمنقولات الشقة وقد أقرت بذلك فى دعواها فإنه يكون قد اخطأ فى فهم واقع الدعوى .
(الطعن رقم 6341 لسنة 63 جلسة 2002/05/16 س 53 ع 2 ص 661 ق 127)
2- الأصل أن الموكل لا يكون مسئولاً عن الخطأ الذي ارتكبه وكيله، فالوكيل إذا كان ينوب عن الموكل فى التصرف أو العمل القانوني محل الوكالة، فتنصرف إليه أثاره، إلا انه لا ينوب عنه فى الخطأ الذي يرتكبه هو فى حق الغير بسبب تنفيذ الوكالة، فيلتزم الوكيل وحده بتعويض الغير الذي تضير بخطئه، طالما لم يقر الموكل وكيله على هذا الخطأ بقصد إضافة آثاره إلى نفسه .
(الطعن رقم 2972 لسنة 69 جلسة 2000/03/01 س 51 ع 1 ص 380 ق 69)
3- إن الشارع المصرى إذ أوجب على الموكل فى المادة 528 مدنى - قديم - أن يؤدى المصاريف المنصرفة من وكيله المقبولة قانوناً أياً كانت نتيجة العمل إذا لم يحصل من الوكيل تقصير فيه كان يعنى حتما تعويض الوكيل تعويضاً كاملا ويرمى إلى تحقيق هذا الغرض الذى لن يتوافر إلا بإحاطة الوكيل بسياج من الضمان يكفل له الحصول على مقابل الضرر الذى يتحمله فى شخصه وفى ماله . ولئن كانت هذه المادة منقولة عن المادة 1999 من المجموعة المدنية الفرنسية التى تليها المادة 2000 وفيها نص صريح على أن الموكل عليه تعويض الوكيل عن الخسارة التى يتحملها بغير تقصير منه بسبب قيامه بأعمال الوكالة ، إلا أنها فى الواقع شاملة لكلتا الحالتين فالمصاريف نوع من الخسائر وخروجها من مال الوكيل من شأنه أن ينقص هذا المال ويلحق به خسارة تعادل النقص الذى حل به وإذا كان المشروع الفرنسى قد عمد إلى الإسهاب والإيضاح فقد نحا المشرع المصرى فى القانون المدنى القديم منحى طابعه الإيجاز فقرر مبدأ التعويض وترك الباب مفتوحا أمام القاضى فى مجال التطبيق العملى ليسير بالمبدأ إلى غايته ويحمل الموكل تبعة تعويض الوكيل ما دام هذا الأخير يعمل فى حدود الوكالة ومادام الضرر لم يكن ناشئا عن خطئه وتقصيره ، وايراد المشرع المصرى لهذا المبدأ فى المادة 711 - مدنى جديد - التى تنص على أن الموكل يكون مسئولا عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا لم يقصد به الاستحداث بل زيادة الإيضاح .
(الطعن رقم 72 لسنة 19 جلسة 1951/02/01 س 2 ع 2 ص 294 ق 56)
4- مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلابد لمساءلته أن يكون ممن ساهم فى القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً فإذا كان حقيقة أن الموكل " الطاعن " لا يكتب للمحامى صحيفة الدعوى - التى تضمنت واقعة السرقة التى نسبت للمطعون ضده - إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه الصحيفة التى يبدو عمل المحامى فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل فى الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامى يبتدع الوقائع فيها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم مسئوليته عما ورد بصحيفة الجنحة المباشرة يكون غير سديد .
(الطعن رقم 2798 لسنة 53 جلسة 1984/05/15 س 35 ص 507 ق 112 ( جنائى ) )
تنص المادة 711 من التقنين المدني على ما يأتي : "يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً " .
الشرطان الواجب توافرهما لتحقيق مسئولية الموكل : ويتبين من النص سالف الذكر أن هناك شرطين يجب توافرهما حتى تتحقق مسئولية الموكل عما أصاب الوكيل من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة، (الشرط الأول) أن يكون تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد هو السبب في الضرر الذي أصاب الوكيل ( الشرط الثاني ) ألا يثبت خطأ في جانب الوكيل فإذا توافر هذان الشرطان تحققت مسئولية الموكل، وليس يلزم بعد ذلك أن يتوافر أي شرط آخر إذ النص لا يتطلب إلا هذين الشرطين .
ومتى توافر الشرطان المتقدمان الذكر فإن مسئولية الموكل تتحقق ويجب عليه تعويض الوكيل عما أصابه من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة
ويستوي في ذلك أن تكون الوكالة غير مأجورة أو تكون مأجورة فإن نص المادة 711 مدني لا يميز بين الوكيل غير المأجور والوكيل المأجور والوكيل المأجور ومن ثم يكون الموكل مسئولاً عن تعويض الوكيل عن الضرر الذي أصابه بسبب تنفيذه للوكالة حتى لو كان مأجوراً .
ويستوي في ذلك أيضاً أن يكون الوكيل قد نجح في مهمته او لم ينجح فان المادة 711 مدني لم تشترط نجاح الوكيل في مهمته حتى يرجع بالتعويض على الموكل عن الضرر الذي أصابه بسبب تنفيذ الوكالة ورجوع الوكيل على الموكل بالتعويض كرجوعه عليه بالمصروفات لا يشترط في كليهما أن يكون الوكيل قد نجح في مهمته وقد سبق ذلك في رجوع الوكيل بالمصروفات.
ويستوي في ذلك أخيراً أن يكون الضرر الذي أصاب الوكيل قد ظهر في أثناء تنفيذ الوكالة او ظهر بعد ان تم تنفيذها فما دام تنفيذ الوكالة هو السبب المباشر في الضرر فان الموكل يكون ملتزماً بالتعويض.
كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذه المسألة، فكانت المادة 987 من المشروع تنص على ما يأتي : "للوكيل الحق في حبس الأشياء التي يملكها الموكل وتكون في يد الوكيل بحكم الوكالة، وذلك ضماناً لتنفيذ الموكل لالتزاماته" وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة "لأن حكمها مستفاد من قواعد الحبس" ولما كان التزام الوكيل برد ما في يده للموكل مرتبطاً بالتزامات الموكل الناشئة عن عقد الوكالة، فإن المادة 246/1 مدني تغني عن النص المحذوف، وهي تقرر القاعدة العامة في الحبس إذ تقول : "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، مادام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو مادام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا" . فيجوز إذن للوكيل أن يحبس ما في يده للموكل حتى يستوفى منه ما هو ملتزم به بموجب عقد الوكالة . وقد قدمنا أن الوكيل يلتزم بأن يرد كل ما كسبه لحساب الموكل وكل ماقوع في يده من مال أو أوراق للموكل بسبب الوكالة فيرد ما اشتراه لحساب الموكل من بضائع وأعيان وأوراق مالية، وما قبضه لحساب الموكل من حقوق كدين أو ثمن أو أجرة، وما في يده من أوراق ومستندات تتعلق بالوكالة وتخص الموكل ومن ثم يكون له أن يحبس كل هذه الأشياء والأموال حتى يستوفي حقوقه من الموكل، من أجر ومصروفات وتعويض.( الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول، الصفحة : 7189)
جاء نص المادة 711 من القانون المدني، تطبيقاً لقواعد العدالة، فيكون الموكل مسئولاً عما يصيب الوكيل من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً أي دون أن ينسب إليه خطأ، سواء كان عقدياً أو تقصيرياً، إذ لولا الوكالة ما أصاب الوكيل الضرر، وطالما أن هذا التنفيذ قد يحقق نفعاً للموكل، فإنه يجب أن يتحمل أيضاً ما يترتب على ذلك مما يصيب الوكيل من ضرر دون أن يرتكب الأخير أي خطأ، ولا يشترط أن يتحقق الضرر وقت تنفيذ الوكالة، إنما يكفي أن يكون هذا التنفيذ ظرفاً ومناسبة لتحقق الضرر، فإن كان تنفيذ الوكالة يتطلب من الوكيل الإنتقال إلى جهة معينة، وأثناء انتقاله وقع حادث لوسيلة النقل التي كان يستغلها بدون خطأ منه، وتعذر حصوله على تعويض من المتسبب، فإنه يرجع بالتعويض على الموكل.
أما إذا تحقق الضرر بخطأ منه، كما لو كان هو المتسبب في الحادث، فلا يرجع على الموكل بشئ حتى لا يفيد من خطأه، كما لا يرجع إذا كان الضرر تحقق بخطأ مشترك بين الوكيل والغير، لورود نص المادة 511 سالف البيان مطلقاً وبالتالى يشمل أي قدر من الخطأ، سواء كان واجب الإثبات أو مفترضاً، فالوکیل المفوض بشراء سيارة، إذا صدم شخصاً بها أثناء تجربته لها، بأن قادها بحالة ينجم عنها الخطر وبرعونة، يتوافر في حقه الخطأ وهو هنا خطأ واجب الإثبات، فإن انتفى بالنسبة له هذا الخطأ، ولكن الزم بالتعويض على أساس قواعد الحراسة، فإن مسئوليته تكون قائمة على خطأ مفترض باعتباره حارساً على السيارة، وفي الحالتين لا يجوز له الرجوع على الموكل لتوافر الخطأ في حقه مما أدى إلى الإضرار بالغير، إذ كان عليه أن يتبصر في الحالة الأولى، وأن يتخذ الحيطة في الثانية وإذ لم يفعل، يكون قد خرج عن المألوف مما يتوافر به الخطأ التقصيري.
يدل على ذلك، وأن حق الوكيل في الرجوع على الموكل بالتعويض عما أصابه من ضرر، لا يقتصر على الضرر الذي يلحقه أثناء تنفيذ الوكالة، وإنما يمتد هذا الحق للضرر الذي يقع بمناسبة تنفيذها، أن نص المادة 711 من القانون التي قد جرى على أن يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة. فلم يتطلب المشرع أن يكون هذا الضرر قد نشأ أثناء تنفيذ الوكالة، وبالتالي فإن التعويض يكون مستحقاً كلما كانت الوكالة هي السبب في إحداث الضرر ولو لم يقع الضرر أثناء تنفيذها.
يدل ما تقدم، على أن المشرع إذا كان قد قصد حصر رجوع الوكيل التعويض على الحالة التي يحدث فيها الضرر أثناء تنفيذ الوكالة، كان قد نص على ذلك في المادة 711 من القانون المدني، أما وقد نص فيها على هذا الحق إذا - كن الضرر قد وقع بسبب تنفيذ الوكالة، فإنه يكون قد أجاز الرجوع إذا وقع الضرر أثناء تنفيذ الوكالة أو بسبب هذا التنفيذ، والمقرر أن إرادة المشرع إذا كانت جلية واضحة بالنسبة لحالة معينة، فإنها تتعداها إلى الحالات المماثلة، ومن ثم يتعين تفسير المادة 711 من القانون المدني على هدى تفسير المادة 16 من قانون التأمينات الإجتماعية رقم 79 لسنة 1975 وبالتالي يستحق الوكيل التعويض إذا كان الضرر الذي أصابه حدث أثناء أو بسبب تنفيذ الوكالة.
ومن ثم يشترط لرجوع الوكيل على الموكل بالتعويض عما أصابه من ضرر :
(1) أن يكون الضرر مترتباً على تنفيذ الوكالة وفقاً للحدود التي تضمنها عقدها، بحيث إذا تجاوزها الوكيل وأدى ذلك إلى الإضرار به، فلا يرجع على الموكل بشئ إذ يتوافر بالمجاوزة خطأ الوكيل مما يحول دون تحقق مسئولية الموكل. أو يكون الضرر قد ترتب بمناسبة تنفيذ الوكالة على نحو ما تقدم.
(2) ألا يكون هناك خطأ في جانب الوكيل، أما إذا ارتكب الوكيل خطأ في تنفيذ الوكالة كان وقع له الضرر بسبب تجاوز حدود الوكالة أو ارتكب جريمة بخطئه جعلته مسئولاً قبل الغير فإن الموكل لا يكون مسئولاً عن ذلك، ويقع على الوكيل إثبات أن الضرر رفع عليه دون خطأ منه ولا يهم بعد ذلك أن يكون الضرر بخطأ للموكل أو الغير أو بقوة قاهرة، وقسري هذه الأحكام سواء كانت الوكالة بأجر أو بغير أجر وسواء نجم الوكيل في مهمته أو لم ينجح وسواء ظهر الضرر أثناء تنفيذ الوكالة أو بعد تمام التنفيذ، ويجوز للموكل أن يشترط إعفاءه من هذه المسئولية فهي ليست من النظام العام، ويسقط التزام الموكل بالتعويض بخمس عشرة سنة من وقت حقق الضرر أو من وقت التعليق على الحساب.
تتحقق مسئولية الموكل عن الأعمال التي يقوم بها الوكيل إذا ارتكب الأخير غشاً وتدليساً عند تعاقده مع الغير تنفيذاً للوكالة، إذ يكون لمن تعاقد الوكيل معه حينئذ أن يبطل العقد ويرجع على الموكل والوكيل بالتعويض عما أصابه من ضرر، كذلك تتحقق مسئولية الموكل إذا نسب اليه خطأ تقصيري أدى إلى التنفيذ المعيب للوكالة كما لو وجه الوكيل توجيهاً من شأنه الأضرار بمن يتعاقد الأخير معه، أو كان الوكيل تابعاً له كالحال بالنسبة المحامي الشركة فهو وكيل عنها وتابعاً لها في ذات الوقت مادام موظفاً بها، فإن لم يكن موظفاً بها فلا يعد تابعاً لها حتى لو كان يتقاضى منها مبلغاً شهرياً إذ يكون وكيلاً وليس تابعاً فلا تسأل الشركة عن تصرفاته إلا إذا نسب إليها خطأ تقصيري.
ولما كانت الجريمة لا تنسب إلا لمن إرتكبها، سواء كان فاعلاً أو شريكة، فإن الجرائم التي يرتكبها الوكيل أثناء تنفيذ الوكالة، يسأل وحده عنها طالما لم يقم الدليل على إشتراك الموكل فيها بالإتفاق أو التحريض أو المساعدة، مما يحول دون الوكيل والرجوع على الموكل بالتعويض الذي دفعه للمضرور.
أما إذا نسيت الجريمة للموكل، كان وحده المسئول عنها مدنية وجنائية، مثال ذلك أن تتضمن صحيفة الدعوى عبارات قذف وسب موجهة للمدعى عليه، فإن الموكل وحده هو الذي يكون مسئولاً عنها، لأنه هو الذي يمد محاميه بالوقائع وينحصر عمل المحامي في الصياغة القانونية لصحيفة الدعوى بما يتفق مع تلك الوقائع، ومثل ذلك ما تضمنته المذكرات.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 127)
ويشترط لاستحقاق الوكيل التعويض عما يصيبه من ضرر توافر الشروط الآتية:
الشرط الأول:
أن يكون تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً هو سبب الضرر:
تنص المادة على أن يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً .
ذلك أنه بصرف النظر عن الأحوال التي يلتزم بها الموكل بالتعويض تطبيقاً للإثراء بلا سبب - كما في المثال الذي أشارت إليه مذكرة المشروع التمهيدي للتقنين المدني - والذي سیلی ذکره، أو لثبوت خطأ الوكيل الذي ألحق الضرر بالوكيل. فإن المادة لا يمكن أن تفسر إلا على أنها تنشئ على عاتق الموكل مسئولية أساسها تحمل التبعة مادام يلزمه بتعويض الوكيل عن مخاطر تنفيذ الوكالة عامة ولو لم ينسب إليه أي خطأ. لذلك يجب عدم التوسع في هذه المسئولية، فيجب أن يكون التعويض قاصراً على الضرر الذي يصيب الوكالة تنفيذاً معتاداً أي أن يكون تنفيذ الوكالة هو السبب المباشر في الضرر. فإذا خرج الوكيل في تنفيذ الوكالة عن السلوك المعتاد وأصيب من جراء ذلك بضرر لم يكن الموكل مسئولاً عن تعويض هذا الضرر.
ومن صور ذلك أن يكون الوكيل بين أن ينقذ مالاً مملوكاً له أو مالاً في يده الموكله، أو كان في وسعه أن يتحاشى هلاك مال الموكل بإستعمال ماله الخاص. أو إذا ضيع على نفسه صفقة في سبيل أن يحقق للموكل ربحاً أكثر مما خسره هو بسبب ضياع الصفقة عليه.
أما إذا لم يكن تنفيذ الوكالة هو السبب المباشر في الضرر، فإن الموكل لا يلتزم بتعويض الوكيل عن هذا الضرر، ولو كان الضرر وقع بمناسبة هذا التنفيذ، فإذا وكل محام في قضية تطلبت منه أن يسافر إلى مقر المحكمة فركب قطاراً أو سيارة أو سفينة وفي الطريق وقع اصطدام بالقطار أو بالسيارة أو غرقت السفينة فجرح المحامي أو قتل أو غرق لم يكن الموكل مسئولاً عن التعويض.
وفي هذا يختلف القانون المصري عن القانون الفرنسي، إذ استقر القضاء على أن المادة (2000) من التقنين المدني الفرنسي المقابلة لنص المادة (710) تقضي بتعويض الضرر الذي يقع بمناسبة تنفيذ الوكالة.
على أنه يجوز أن يصيب الوكيل ضرر في جسمه أو في ماله بسبب قيامه بأعمال الوكالة نفسها، فيكون الموكل مسئولاً عن التعويض كأن تكون الوكالة بالذات واقعة على استئجار قطار أو سيارة أو سفينة للقيام برحلة مدرسية
أو عمالية أو نحو ذلك، فيجرح الوكيل أو يقتل أو يغرق، فيكون الضرر قد أصابه بسبب تنفيذ الوكالة.
ويستوي أن يقع الضرر أثناء تنفيذ الوكالة أو بعد إنتهائها.
كما يستوي في إستحقاق التعويض أن يكون الوكيل مأجوراً أو متبرعاً.
الشرط الثاني :
ألا يقع خطأ في جانب الوكيل :
وتشترط المادة التحقق مسئولية الموكل عن الضرر المباشر الذي يلحق بالوكيل، أثناء تنفيذ الوكالة، ألا يصدر خطأ من الوكيل، وقد ورد النص على ذلك صراحة إذ جرت على أن : "يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر دون خطأ منه.
فإذا كان الوكيل وهو يجرب آلة سيتعاقد على شرائها لحساب الموكل قد أصيب بواسطة هذه الآلة، كان على الموكل أن يعوضه عن ذلك، إذا لم يكن هناك خطأ في جانب الوكيل أدى إلى وقوع الضرر. فإذا كان الوكيل لا يحسن إستعمال الآلة ومع ذلك تصدى لتجربتها بنفسه دون أن يعهد بذلك إلى فنی مختص فإنه يكون مخطئاً ولا يكون له حق التعويض.
ويجب أن يكون الخطأ الصادر من الوكيل الذي ينفي مسئولية الموكل عن التعويض، خطأ ثابتاً لا خطأ مفترضاً، كمسؤولية الوكيل باعتباره حارساً للشيء.
ومثال ذلك أيضاً أن يكون الوكيل قد تجاوز حدود الوكالة فأصبح مسئولاً قبل من تعامل معه، أو ارتكب خطأ جعله مسئولاً قبل الغير، أو ارتكب مخالفة حكم عليه بالغرامة فيها.
وبالتالي يكون الموكل مسئولاً عما يحدث للوكيل أثناء تنفيذ الوكالة، سواء بخطئه هو أو خطأ الغير أو قوة قاهرة أو حادث فجائي.
مسئولية الموكل قبل الوكيل مسئولية عقدية، ومن ثم يجوز الاتفاق بين الموكل والوكيل على إعفاء الموكل من المسئولية. إلا ما ينشأ عن غشه أو خطئه الجسيم (م 1 / 217 مدنی). ويمكن استخلاص الاتفاق على الإعفاء ضمناً من ظروف الوكالة ومن حالة الوكيل، وبخاصة إذا كان الوكيل بأجر، وكان الضرر الذي أصابه هو الضرر المألوف الذي يتعرض له بسبب مهنته .
كما يجوز - من باب أولى - الإتفاق على تعديل أحكام المسؤولية.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع، الصفحة : 303)
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 706
يكون الموكل مسئولاً عما أصاب الوكيل من ضرر بسبب تنفيذ الوكالة تنفيذاً معتاداً ، مالم يكن ذلك ناشئاً عن خطأ من الوكيل .
هذه المادة تتفق مع المادة ۷۱۱ من التقنين الحالي.
وتتفق مع المادة 859/2 من التقنين الأردنی .
وتتفق مع المادة 713 من التقنين الكويتي .
وتتفق مع ما هو مقرر في الفقه الاسلامي . فالقاعدة العامة في هذا الفقه ، كما هو الشأن في التقنين الوضعي . أن الضرر يزال (م ۲۰ من المجلة . وذلك بطبيعة الحال ما لم يكن الضرر ناشئاً عن خطأ من المضرور : حيث يتحمل المضرور في هذه الحالة تبعة خطئه) .
مجلة الأحكام العدلية
مادة (20) الضرر يزال
الضرر يزال.