مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة : 234
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تنتهي الوكالة انتهاء طبيعياً وإنهاء العمل وانتهاء الأجل المحدد . كما تنتهي موت الموكل أو الوكيل، لأن الشخصية كل متعاقد اعتباراً في نظر الآخر، فلا تحل الورثة محل المتعاقد في تنفيذ التزاماته إلا في حدود ضيقة ( انظر م 996 فقرة 2 ).
2- والوكالة عقد غير لازم . فللموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة، وله من باب أولى أن يقيد وكالته . وللوكيل أن يتنازل عن الوكالة قبل الفراغ من تنفيذها وينفذ التنازل بإعلانه للموكل. وتعتبر هذه القاعدة من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها . على أنه يرد على جواز عزل الوكيل أو تقييد وكالته قيدان : (أ) إذا كانت الوكالة بأجر، وعزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، وأصابه ضرر من ذلك، فانه يرجع بالتعويض على الموكل، لأن في العزل تعسفاً يستوجب التعويض . ( ب ) إذا كانت الوكالة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي كما إذا كان أحد منهما دائناً للموكل ورخص له في استيفاء حقه مما يقع في يد الوکیل من مال الموكل، فلا يجوز عزل الوكيل أو تقييد وكالته إلا بعد رضاء من كانت الوكالة في صالحه، الوكيل أو الأجنبي . كذلك يرد على جواز تنازل الوكيل عن الوكالة قیدان : (أ) إذا كانت الوكالة بأجر وتنازل عنها الوكيل في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، فانه يكون متعسفاً في هذا التنازل ويجب عليه التعويض، كما هو الأمر في حالة التعسفي في العزل . ( ب ) إذا كانت الوكالة لصالح أجنبي، فلا يجوز التنازل عن الوكالة إلا إذا وجدت أسباب جدية تبرر ذلك مع أخطار الأجنبي واعطائه الوقت الكافي لصيانة مصالحه، لأن الأجنبي قد تعلق حقه بالوكالة، فوجب ألا يكون تنازل الوکیل، بالنسبة له أيضاً، بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب . أما إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل، فهو حر في التنازل عنها في أي وقت شاء لأنه هو الذي يقدر مصلحته.
3- على أنه مهما كان السبب في انتهاء الوكالة، فما دام الوكيل لا يعلم بانتهائها في قائمة حتى يعلم . كما إذا عزل الموكل الوكيل ولم يخطره بذلك، أو مات الموكل ولم يعلم الوكيل بموته ( انظر م 995 فقرة أولى و م 160 من المشروع ). كذلك لو علم الوكيل بانتهاء الوكالة ولكن الغير لم يعلم، فإن الغير يستطيع أن يتمسك بالوكالة كما لوكانت لم تنقض. وقد تقدم ذكر ذلك .
1- إذ كان النص فى عقد الوكالة محل النزاع - والصادر من المطعون ضدها الأولى إلى الطاعن الأول - على حق الوكيل فى أن يبيع العقار لنفسه أو للغير وأنه لا يجوز إلغاء الوكالة إلا بحضور الوكيل شخصيا يدل على أن الوكالة موضوع الدعوى صادرة لصالح الوكيل فلا يجوز إلغاءها إلا بموافقته على ذلك ولما كانت عبارات الإقرار المؤرخ 21/6/1994 لا يستفاد منها موافقة الوكيل على ذلك لخلوها حتى من مجرد الإشارة إليه واستمرار حيازته لشقة النزاع بعد ذلك حتى بيعها للطاعنة الثانية فى 24/4/1996 فإن الحكم إذ استدل منه على حق الموكل فى إلغاء الوكالة فإنه يكون معيباً بالفساد فى الاستدلال. ولما كانت الطاعنة الثانية قد اشترت الشقة من الطاعن الأول الوكيل عن المطعون ضدها الأولى بمقتضى وكالة سارية المفعول على نحو ما سلف فإنها تكون قد تعاملت مع من يملك التصرف ويكون العقد نافذا فى حق الموكلة - المطعون ضدها الأولى - ولا مجال لتمسك الطاعنة الثانية بحسن النية استنادا إلى الوكالة الظاهرة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الوكالة وعدم نفاذ العقد المؤرخ 24/4/1996 فإنه يكون معيبا.
(الطعن رقم 2218 لسنة 70 جلسة 2001/05/03 س 52 ع 2 ص 628 ق 129)
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدعوى ما قرره من إنتفاء حق مورث الطاعنين فى التعويض عن عزله من الوكالة طبقا للإتفاق المبرم بينه وبين الشركة المطعون عليها والذى تضمنه البند الثالث عشر من العقد وأجاز لها هذا الحق مع إعفائها من أية مسئولية تترتب على ذلك فإنه يكون قد وافق صحيح القانون دون حاجة للرد على ما أثاره الطاعنون من أن ما تضمنه العقد من إتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية أو بحث مدى الضرر الذى ترتب على عزل الوكيل.
(الطعن رقم 731 لسنة 60 جلسة 1994/12/25 س 45 ع 2 ص 1661 ق 311)
3- النص فى المادة 715 من القانون المدنى على أن يجوز للموكل فى أى وقت أن ينهى الوكاله ... و لو وجد إتفاق يخالف ذلك فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذى لحقه من جراء عزله فى وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول " وفى المادة 120 من قانون المحاماه رقم 61 لسنة 1968 الذى يحكم واقعه الدعوى على أن للموكل أن يعزل محامية وفى هذه الحالة يكون ملتزماً بدفع كامل الأتعاب عن تمام مباشرة المهمة الموكلة إلى المحامى " يدل على أن الموكل وإن كان له أن يسحب ثقته من وكيله المحامى فيملك عزله متى تراءى له ذلك إلا أنه لما كان للوكيل مصلحه فى تقاضى أتعابة فقد وجب ألا يكون الموكل متعسفاً فى إستعمال حقه فلا يسوغ له عزل الوكيل المحامى فى وقت غير مناسب أو دون قيام مبرر مقبول ، فإذا ما تحقق هذا التعسف إلتزم بأداء كامل الأتعاب عن قيام مباشرة المهمة الموكله إلى المحامى .
(الطعن رقم 1133 لسنة 54 جلسة 1988/04/28 س 39 ع 1 ص 716 ق 140)
4- الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع فى إنعقادها و إنقضائها و سائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة فى القانون المدنى فيما عدا ما تضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها و إذ لم ينظم قانون التجارة طرق إنقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضى بنفس الأسباب التى ينقضى بها عقد الوكالة المدنية و لما كان مؤدى نص المادة 714 من التقنين المدنى أن الوكالة تنتهى بمؤت الموكل أو الوكيل وأن إستمرار الورثة فى إستغلال نشاط مورثهم بعد وفاته لا يعدو أن يكون شركة واقع فيما بينهم ، ولما كان مؤدى ما تقضى به المادتان 715 ، 716 من ذات القانون وعلى ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية أن الوكالة عقد غير لازم فإنه يجوز للموكل أن يعزل الوكيل فى أى وقت قبل إنتهاء العمل محل الوكالة ، وعزل الوكيل يكون بإرادة منفردة تصدر من الموكل موجهة إلى الوكيل فتسرى فى شأنها القواعد العامة ، ولما كان القانون لم ينص على أن تكون فى شكل خاص فأى تعبير عن الأرادة يفيد معنى العزل ، وقد يكون هذا التعبير صريحاً كما قد يكون ضمنياً فتعيين الموكل وكيلاً آخر لنفس العمل الذى فوض فيه الوكيل الأول بحيث يتعارض التوكيل الثانى مع التوكيل الأول يعتبر عزلاً ضمنياً للوكيل الأول ، وسواء كان العزل صريحاً أو ضمنيا فإنه لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم الوكيل طبقا للقواعد العامة .
(الطعن رقم 960 لسنة 46 جلسة 1983/04/18 س 34 ع 1 ص 991 ق 199)
5- تقدير ما إذا كان الوكيل المأجور قد أهمل فى تنفيذ الوكالة أو تنحى فى وقت غير لائق و بغير عذر مقبول هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة من مسائل الواقع التى تبت فيها محكمة الموضوع دون ما رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان إستخلاصها سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق .
(الطعن رقم 447 لسنة 42 جلسة 1983/03/31 س 34 ع 1 ص 873 ق 179)
6- تقضى المادة 224 من القانون المدنى بأنه " لا يكون التعويض الإتفاقى مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر ، ويجوز للقاضى أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أن الإلتزام الأصلى قد نفذ فى جزء منه . ويقع باطلاً كل إتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين ، و إذ كان قانون المحاماة 96 لسنة 1957 الذى يحكم واقعة الدعوى لا يمنع من تطبيق هذا النص على التعويض المتفق عليه بين المحامى و موكله فى حالة عزله من الوكاله ، لما كان ذلك ، فإن مبلغ ال5000ج المتفق عليه بين مورث المطعون ضدهم وبين الطاعنة كشرط جزائى على إخلالها بإلتزامها بعدم عزله قبل إتمام العمل دون سبب يدعو لذلك لا يكون مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يصبه ضرر ، وإذا لم يثبت ذلك و أصبح التعويض مستحقاً فإنه يخضع لتقدير القضاء بالتخفيض إذا أثبت المدين مبرره المنصوص عليه فى المادة 224 من القانون المدنى ، وإذ قضى الحكم على الطاعنة بالمبلغ المذكور بإعتبار أنه تعويض إتفاقى محدد لا يقبل المجادلة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، وقد حجبه ذلك عن إخضاع هذا التعويض لتقدير المحكمة مما يوجب نقضه .
(الطعن رقم 540 لسنة 42 جلسة 1975/12/31 س 26 ص 1757 ق 328)
7- إن ما نص عليه فى البند الثالث عن عقد الوكالة - الصادر من الطاعنة للمحامى - من أنه " لا يجوز للطاعنة عزل مورث المطعون ضدهم من عمله طالما كان يقوم به طبقاً للأصول القانونية فإذا عزلته قبل إنتهاء العمل دون سبب يدعو لذلك التزمت بتعويض إتفاقى لا يقبل المجادلة مقداره 5000 ج يستحق دون تنبيه أو إنذار أو حكم قضائى " هو إتفاق صحيح فى القانون ولا مخالفة فيه للنظام العام لأن الوكالة بأجر وهو صريح فى أنه شرط جزائى حدد مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه فى العقد طبقاً لما تقضى به المادة 223 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 540 لسنة 42 جلسة 1975/12/31 س 26 ص 1757 ق 328)
8- النص فى المادة 715/ 1 من القانون المدني ، يدل على أنه وإن كان للموكل أن يعزل الوكيل فى أي وقت ، إلا أنه فى حالة الوكالة بأجر يحق للوكيل أن يرجع على الموكل بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عزله إذا كان فى وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول ، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض على أنها أنهت الوكالة فى وقت غير مناسب لأنها أخطرت المطعون عليه بفسخ العقد مخالفة شروطه التي توجب أن يكون الإخطار قبل انتهاء المدة بثلاثة أشهر وأنها بذلك تكون قد أساءت استعمال حقها فى إنهاء عقد الوكالة وهو ما يكفى لإقامة الحكم على أساس قانوني سليم فى قضائه بالتعويض ، ومن ثم فإنه لا يكون فى حاجة بعد ذلك إلى بحث التعويض على أساس إنهاء الوكالة بغير عذر مقبول ، لأن أحد الأساسين يكفى وحده للقضاء بالتعويض .
(الطعن رقم 368 لسنة 40 جلسة 1975/04/29 س 26 ع 1 ص 854 ق 167)
9- متى كانت المحكمة قد قدرت الضرر الذى لحق المطعون عليه - وكيل بالعمولة لتوزيع منتجات شركة البيرة الطاعنة - من إنهاء الوكالة فى وقت غير مناسب بمبلغ ألفى جنيه منها ألف جنيه مقابل ما فاته من عمولة عن سنة 1959 مستهدية فى ذلك بالعمولات التى تقاضاها عن السنوات السابقة و ألف جنيه مقدار ما لحقه من خسارة بسبب الإستيلاء على مستودعه و تأمين الزجاجات الفارغة و التعويضات التى دفعها لعماله ، وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعنة بأنه لم يلحق الوكيل ضرر لأنه ما زال يتعامل معها بصفته صاحب مقهى و بار لأن إنهاء الوكاله قد أضاع على المطعون عليه العمولة التى كان يحصل عليها وهى بخلاف الأرباح التى كان يجنيها من بيع البيرة فى المقهى والبار قبل وبعد إنهاء الوكالة ، الأمر الذى لم تر معه المحكمة حاجة إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الإستعانه بخبير لتحقيق ما تدعيه الطاعنة بهذا الخصوص ، ومن ثم يكون النعى فى غير محله .
(الطعن رقم 368 لسنة 40 جلسة 1975/04/29 س 26 ع 1 ص 854 ق 167)
10- حكم حديث وهام لمحكمة النقض قضى بإلغاء الوكالة الصادرة لصالح الوكيل باعتبار عقد الوكالة تابعاً للعقد الأصلي ويدور في فلكه وجوداً وعدماً:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أصدر التوكيل الخاص موضوع الدعوى للمطعون ضده الأول ليقوم ببيع الأرض المملوكة له ونقل ملكيتها لنفسه أو للغير عقب سداده لمقدم الثمن والتزامه بسداد الباقى وحرر إقرارا مستقلا بذلك وإذ أخل المطعون ضده الأول بهذا الالتزام فى الأجل المتفق عليه فيحق له طلب إلغاء ذلك التوكيل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائى برفض الدعوى على سند مما أورده بأسبابه من عدم جواز إلغاء تلك الوكالة الصادرة لصالح الوكيل إلا باتفاق الطرفين دون استجلاء ظروف تحريرها وطبيعتها ومداها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى محله . ذلك أن عقد الوكالة يُلزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل . لما كان ذلك ، وكان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن العبرة فى تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق هى بحقيقة المقصــود من الطلبات المقدمة فيها ، وليس بالألفاظ التى تصاغ بها هذه الطلبات، وإذ كان المناط فى تكييف العقود هى بحقيقة ما عناه المتعاقدون دون اعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف أو ضمنوها من عبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدون وتخضع محكمة الموضوع فى ذلك لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أقام دعواه بطلب الحكم بإلغاء التوكيل الخاص .... لسنة 99 فارسكور الصادر منه للمطعون ضده الأول والذى يخوله فى بيع الأرض المملوكة له والمبينة بهذا التوكيل لنفسه أو للغير واتخاذ ما يلزم لإتمام البيع وقد بادر الوكيل " المطعون ضده " بسداد مقدم الثمن وتعهد بسداد الباقى فى أجل معلوم وحرر إقراراً بذلك بيد أنه أخل بالتزامه فوجه إليه إنذاراً بفسخ ذلك العقد وقد أقر المطعون ضده الأول بمذكرته المقدمة أمام أول درجة بجلسة 26/8/2000 بعدم تمام البيع وأن الطاعن لم يرد إليه مقدم الثمن فإنه يبين بجلاء أن إرادة الطرفين الحقيقية قد اتجهت لإبرام تلك الوكالة بقصد إتمام البيع ومن ثم فإن ذلك التوكيل لا يعد عقداً مستقلا بين الطرفين عن ذلك البيع بل تابعاً له ويدور فى فلكه وجوداً وعدماً ومن ثم يضحى التكييف الصحيح للطلبات المطروحة فى الدعوى أنها بطلب فسخ تلك الوكالة لعدم إبرام البيع لعدم سداد باقى الثمن مما يجيز له طلب إنهاء تلك الوكالة بطلب فسخها لإخلال أحد المتعاقدين بالتزامه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ووقف عند ظاهر عبارات تلك الوكالة وقضى برفض الدعوى بمقولة عدم جواز إلغاء تلك الوكالة إلا باتفاق الطرفين فإنه يكون قد أخطأ فى فهم الواقع فى الدعوى ولم يلتفت لدلالة ما أورده المطعون ضده بمذكرة دفاعه وأثره على الطلبات المطروحة فى الدعوى مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون ويوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه لما تقدم وكان الثابت بإقرار المطعون ضده الأول فى دفاعه أمام محكمة أول درجة بأن البيع لم يتم فإنه يكون قد أخل بالتزامه بإجراء البيع فى الموعد المحدد طبقاً لعقد الوكالة مما يحق معه للطاعن طلب فسخ هذه الوكالة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يتعين إلغاؤه .
(الطعن رقم 4999 لسنة 71 ق، جلسة 2014/6/9)
تنص المادة 715 من التقنين المدني على ما يأتي : "1- يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها، ولو وجد اتفاق يخالف ذلك . فإذا كانت الوكالة بأجر، فإن الموكل يكون ملزماً بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول" .
"على أنه إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي، فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه".
ويخلص من هذا النص أن للموكل أن يعزل الوكيل في أي وقت قبل أنتهاء العمل محل الوكالة، فتنتهي الوكالة بعزل الوكيل، ويمكن تعليل ذلك بأن الوكالة هي الأصل لمصلحة الموكل، ولذلك لم يجز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة في صالحه هو أو في صالح الغير إلا برضاء من كانت الوكالة في صالحه كما سيجئ فإذا رأى الموكل أن مصلحته في الوكالة لم تعد قائمة كان له أن ينهي الوكالة بعزل الوكيل وكما للموكل أن يعزل الوكيل، كذلك له من باب أولى أن يقيد من وكالته كأن يوكله في البيع وقبض الثمن ثم يقيد الوكالة بالبيع دون قبض الثمن ويكون هذا عزلاً جزئياً من الوكالة.
وعزل الوكيل يكون بإرادة منفردة تصدر من الموكل موجهة إلى الوكيل، فتسري في شأنها القواعد العامة ولما كان القانون لم ينص على أن تكون في شكل خاص فأي تعبير عن الإرادة ييد معنى العزل يكفي، وقد يكون هذا التعبير صريحاً كما قد يكون ضمنياً ومن أمثلة العزل الضمني للوكيل أن يعين الموكل وكيلاً أخر لنفس العمل الذي فوض فيه الوكيل الأول بحيث يتعارض التوكيل الثاني مع التوكيل الأول فيعتبر صدور التوكيل الثاني عزلاً ضمنياً للوكيل الأول ويبقى صدور التوكيل الثاني عزلاً ضمنياً للوكيل الأول حتى لو كان هذا التوكيل الثاني باطلاً، أو كان قد سقط بعدم قبول الوكيل الثاني إياه ذلك لأن مجرد توجه إرادة الموكل إلى توكيل شخص أخر لنفس العمل يفيد حتماً عزل الوكيل الأول ويعتبر كذلك عزلاً ضمنياً للوكيل أن يقوم الموكل بنفسه بتنفيذ العمل محل الوكالة وسواء كان العز صريحاً أو ضمنياً فإنه ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم الوكيل، طبقاً للقواعد العامة وقبل علم الوكيل بالعزل تبقى وكالته قائمة فإذا تعاقد مع شخص حسن النية انصرف أثر التعاقد إلى الموكل ولكن لا بموجب وكالة حقيقية كما في الحالة الأولى، بل طبقاً لقواعد الوكالة الظاهرة ومن ثم يتعين على الموكل حتى يكون بمأمن من ذلك أن يعلن الغير الذين يتعاملون عادة مع الوكيل بعزله لهذا الأخير.
على أن القانون قيد حق الموكل في عزل الوكيل في حالتين : ( الحالة الأولى ) إذا كانت الوكالة بأجر فإن الموكل يملك عزل الوكيل بالرغم من ذلك، ولكن لما كان للوكيل مصلحة في الأجر فقد أوجب القانون أن يكون عزل الوكيل لعذر مقبول وفي وقت مناسب . فإذا عزل الموكل الوكيل بغير عذر مقبول، أو في وقت غير مناسب، كان العزل صحيحاً وانعزل الوكيل عن الوكالة، ولكنه يرجع بالتعويض على الموكل عن الضرر الذي لحقه من جراء هذا العزل، كأن يقضي له بالأجر كله أو بعضه بحسب تقدير القاضي للضرر الذي لحق الوكيل، لأن العزل في هذه الحالة ينطوي على تعسف يستوجب التعويض والوكيل هو الذي يحمل عبء إثبات أن عزله كان في وقت غير مناسب أو كان بغير عذر مقبول، لأن الأصل أن الوكيل لا يتقاضي تعويضاً عن عزله، فإذا طالب بتعويض وجب عليه أن يثبت السب القانوني الذي يستحق من أجله التعويض.
( الحالة الثانية ) إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي، فإنه لا يجوز في هذه الحالة عزل الوكيل أو تقييد الوكالة دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه ( م 715/2 مدني ) . وتختلف هذه الحالة عن الحالة السابقة في أن عزل الوكيل هنا لا يكون صحيحاً ولا ينعزل الوكيل، بل تبقى وكالته قائمة بالرغم من عزله وينصرف أثر تصرفه للموكل، في حين أن العزل في الحالة الأولى يكون صحيحاً كما رأينا ويقتصر الوكيل على تقاضي تعويض من الموكل ومثل أن تكون الوكالة في صالح الوكيل أن يوكل الشركاء في الشيوع شريكاً منهم في إدارة الشائع، فهذه وكالة ليست فحسب في صالح الموكلين بل هي أيضاً في صالح الوكيل كذلك إذا وكل المؤمن له شركة التأمين فى الدعوى التي ترفع منه أو عليه بسبب الخطر المؤمن منه، فإن الوكالة تكون في هذا الفرض في صالح الوكيل وهو شركة التأمين ومثل أن تكون الوكالة في صالح الغير أن يوكل شخص شخصاً آخر في بيع منزل له وقبض الثمن ووفاء دين في ذمته للغير من هذا الثمن، فهذه وكالة في صالح الغير وهو الدائن ومن باب أولى لا يجوز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة في صالح كل من الوكيل والغير، كأن يوكل شخص في بيع منزل على أن يستوفي الوكيل من ثمنه ديناً له في ذمة الموكل وأن يوفي ديناً أخر في ذمة الموكل للغير ويجب على الوكيل أن يقدم الدليل على أن الوكالة صادرة لصالحه أو لصالح الغير.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول، الصفحة : 856)
ومن أسباب انتهاء الوكالة عزل الوكيل، ويكون بإرادة منفردة من الموكل إلا إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل أو الغير فلا تنتهي الوكالة إلا بموافقة صاحب المصلحة فيها، وليس للعزل شكل خاص، فقد يكون بخطاب أو إنذار أو شفاهة وأن كان الموكل يتحمل عبء إثباته، وأما أن يكون العزل صريحاً بتعبير يفيد دلالته أو يكون ضمنياً بتعيين وکيل آخر لذات العمل بحيث لا يجوز أن يشترك فيه وکيلان أو أن يقوم المركل نفسه بذات العمل، وحتى تنتهي الوكالة يجب أن يعلم الوكيل بالعزل والا كان له كافة صلاحياته کوکیل فتنصرف آثار تصرفاته للموكل ومن ثم يتعين على الموكل أخطار المتعاملين مع الوكيل بعزله ولا يغني في ذلك النشر بالصحف لأن القانون أقر هذا النشر الإعلان في وقائع حددها وليس منها الإعلان بالعزل ولكن يجوز إثبات علم الغير بكافة طرق الإثبات وإذا تعدد الموكلون وقام أحدهم بعزل الوكيل، اقتصر العزل على هذا الموكل وحده إلا إذا كان الموكلون يعملون بالاجماع أو بالأغلبية فهنا لا يكون للعزل المنفرد أثر، ولا يجوز الاتفاق على حرمان الموكل من عزل وکيله لتعلق ذلك بالنظام العام فيبطل كل اتفاق يخالف ذلك ومنه اشتراط الوكيل تعويضاً اذا عزل، ليس معنى ذلك حرمان الوكيل من التعويض اطلاقاً إذ يستحق تعويضاً إذا عزل بغير عذر في وقت غير مناسب متى كانت الوكالة بأجر فيرجع بما أصابه من ضرر متمثلاً في حرمانه من الأجر على أن يتحمل الوكيل إثبات ذلك ووفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية بإعتبار العزل فسخاً لعقد الوكالة، فللموكل أن يشترط عزل الوكيل في أي وقت ولو بغير عذر دون أن يستحق الأخير تعويضاً، أما أن كان للوكيل أو للغير مصلحة في الوكالة فلا يجوز عزل الوكيل أو تقييد الوكالة بدون موافقة صاحب المصلحة، ويستمر الوكيل، بالرغم من العزل، في مباشرة صلاحياته مثل ذلك أن يوكل الشركاء في الشيوع أحدهم لإدارة المال الشائع فتكون الوكالة في صالح الموكلين والموكل، وتكون الوكالة في صالح الغير عندما يوكل المدين وكيلاً لبيع شئ والوفاء بالدين، وعندما يوكل البائع المشتري أو محامي المشتري في إبرام البيع والتوقيع على العقد النهائي وإتخاذ إجراءات الشهر، ومتى ثبت أن الوكالة في صالح الغير، كانت لازمة دون حاجة الى النص في عقد الوكالة على أن الوكالة لازمة أو على أنه لا يجوز للموكل الرجوع فيها، فإن لم يلتزم الموكل بذلك ورجع في الوكالة أو عزل الوكيل بارادته المنفردة، كان تصرفه غير نافذ في حق الوكيل الذي يكون له الإستمرار في أعمال الوكالة في الحدود التي تضمنها عقدها، ومتى أتمها، كانت نافذة في حق الموكل حتى لو أنهى الوكالة أو عزل الوكيل على نحو ما تقدم.
وإذا تعلقت الوكالة الصادرة لصالح الغير بتصرف عقارى، وتضمنت تفويضاً للوكيل بالتوقيع على العقدين الابتدائي والنهائي وإتمام إجراءات الشهر، فإن هذه الوكالة لا تحول دون الموكل وإعادة التصرف في ذات العقار المبيع مرة أخرى، وحينئذ تكون الأفضلية للأسبق في التسجيل.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 182)
لما كانت الوكالة من العقود غير اللازمة من ناحية والتي تبنى على الثقة التي يضعها الموكل في وكيله من ناحية أخرى، كان بديهياً أن يكون للأول أن يسحب ثقته من الوكيل إذا تراءى له ذلك في أي وقت شاء، لأن الشخص إنما يمنح ثقته طوعاً، فلا يستساغ إكراهه عليها إذا تزعزعت عقيدته فيمن منحه ثقته.
كما أن الوكيل يتطوع لخدمة الموكل، فمن الطبيعي أن يكون من حقه أن يتنحى عن أداء هذه الخدمة إذا ناء بعبئها، أو لم يكن في مقدوره أن يستمر في أدائها.
ولذلك ميز المشرع عقد الوكالة بخاصة استثنائية، تتعارض مع القواعد العامة، وهي إمكان إنهائه بإرادة أحد الطرفين المنفردة.
وعلى ذلك يجوز للموكل عزل الوكيل متى أراد، يستوي أن يكون التوكيل بمقابل أو غير مقابل، لأن اشتراط المقابل لا يؤدي إلى حرمان الموكل من حقه الطبيعي في أن يغير رأيه فيمن فوض إليه أمره.
وكما يجوز للموكل أن يعزل الوكيل، فله من باب أولى أن يقيد من وكالته، كأن يوكله في البيع وقبض الثمن، ثم يقيد الوكالة بالبيع دون قبض الثمن، ويكون هذا عزلاً جزئياً من الوكالة.
ويجوز عزل الوكيل ولو لم يثبت خطأ أو إهمال من جانبه.
وليس هناك شكل خاص لعزل الوكيل. فأي تعبير عن الإرادة يفيد معنى العزل يكفي. غير أنه إذا تطلب القانون شكلاً معيناً لإنشاء الوكالة وانعقادها، فإن نفس الشكل يجب مراعاته في إلغائها.
والتعبير عن عزل الوكيل قد يكون صريحاً، كما يصح أن يكون ضمنياً يستفاد من أي عمل يأتيه الموكل إذا كان من شأنه أن يكشف عن إرادته عزل الوكيل.
إلا أنه إذا كان العزل ضمنيا فإن يجب أن يثبت قطعاً، ولا يصح استنتاجه من ظروف لا تدل عليه حتماً.
ومن أمثلة العزل الضمني تعيين الموكل وكيلاً جديداً النفس العمل الذي يعهد به إلى الوكيل. أو أن يقوم الموكل بنفسه بمباشرة العمل الذي وكل فيه غيره.
وتنتهي الوكالة السابقة ولو كانت الوكالة الجديدة باطلة، أو سقطت لعدم قبول الوكيل الجديد.
متى ينتج العزل أثره؟
سواء كان العزل صريحاً أو ضمنياً، فإنه لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم الوكيل طبقاً للقواعد العامة.
ويكفي لإثبات علم الوكيل بالعزل إعلانه بذلك على يد محضر، ولو كان هذا الإعلان باطلاً من ناحية الشكل، إذ لا يشترط شكل معين في العزل كما ذكرنا، وفي رأينا أنه يكفي في هذا العلم أيضاً إخطاره بالعزل بخطاب موصى عليه. أما قبل علم الوكيل بالعزل فتبقى وكالته قائمة. فإذا تعاقد مع شخص حسن النية انصرف أثر العقد إلى الموكل. وحتى بعد علم الوكيل بالعزل إذا تعاقد مع الغير حسن النية، فإن أثر التعاقد ينصرف أيضاً إلى الموكل، ولكن ليس بموجب الوكالة الحقيقية كما في الحالة الأولى، بل طبقاً لقواعد الوكالة الظاهرة ومن ثم يتعين على الموكل، حتى يكون بمأمن من ذلك، أن يعلن الأغيار الذين يتعاملون عادة مع الوكيل بعزله لهذا الأخير.
ولقاضي الموضوع سلطة تعيين الوقت الذي قصد الموكل أن يبدأ منه العزل.
وقد قضى بأن النشر بالجرائد عن عزل الوكيل لا يحتج به على من تعامل مع ذلك الوكيل، لأن نشر الإعلانات بواسطة الجرائد مرخص في مواضع معلومة مذكورة في القوانين. وليس هذا النشر من المطلوب قانوناً على العموم بالنسبة إلى الوكالة.
ولكن يجوز إثبات علم الغير بالبينة والقرائن .. وتصرف الوكيل بعد علمه بالعزل لا ينفذ في حق الموكل، فإن مضى في الوكالة كان هو المسئول عن ذلك ومن ثم لا يرجع بما أنفق من مصروفات على الموكل.
وإذا قارف الموكل خطأ من شأنه أن يحمل الغير حسن النية على الإعتقاد بأن الوكالة التي تعاقد بناء عليها لا زالت سارية فإن هذه التصرفات تسری قبله.
ويجب على الوكيل رغم عزله أن يصل بالأعمال التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف ( 1 / 717 مدنی).
حالة تعدد الوكلاء أو الموكلين:
إذا تعدد الوكلاء في عمل واحد وعزل الموكل أحدهم أو بعضهم، فإن ذلك لا يمنع الوكلاء الباقين من الاستمرار في تنفيذ الوكالة، ولو كان تعيينهم بعقد واحد، لأن سحب الموكل ثقته من أحد الوكلاء لا يعني ضياع ثقته في الآخرين. بل إنه يفسر - على العكس - برغبته في أن ينفرد الوكلاء الباقون بالعمل دون الوكيل المعزول.
وإذا تعدد الموكلون وانفرد أحدهم بعزل الوكيل، فإذا كانت الوكالة تقبل التجزئة اقتصر العزل على الموكل الذي صدر منه العزل. وبقيت الوكالة قائمة بالنسبة إلى الموكلين الآخرين.
أما إذا كانت الوكالة غير قابلة للتجزئة، فإن الوكيل الذي عزله أحد الموكلين لا يعزل، إذ يلزم في هذه الحالة إتفاق جميع الموكلين على عزله.
تقيد حق الموكل في عزل الوكيل في حالتين:
قيدت المادة (715) مدنی حق الموكل في عزل الوكيل في حالتين نتعرض لهما فيما يلي:
الحالة الأولى :
تعويض الوكيل إذا كانت الوكالة بأجر:
أوجبت الفقرة الأولى من المادة 715 مدني على الموكل في حالة عزل الوكيل المأجور تعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول.
فيشترط إذن لتعويض الوكيل في حالة عزله توافر الشروط الثلاثة التالية:
1- أن يكون الوكيل مأجوراً، لأن الوكيل غير المأجور يؤدي خدمة للموكل، وبالتالي ليست له ثمة مصلحة في استمرار الوكالة.
2- أن يكون العزل في وقت غير مناسب، أو بغير عذر مقبول.
ويكون العزل في وقت غير مناسب مثلاً إذا لم يخطر الموكل الوكيل بالعزل قبل حصوله، أو إذا اتفق بين الطرفين على إخطار الوكيل في حالة عزله قبل مدة معينة، فعزله الموكل دون التقيد بهذه المدة.
ويكون العزل بغير عذر مقبول، إذا كان الوكيل قد أدي عمله بأمانة وكفاءة ولم يبدر منه ثمة إهمال أو تقصير.
3- أن يترتب للوكيل ضرر نتيجة العزل، وغالباً يتمثل الضرر في حرمانه من باقي الأجر المستحق له عن مدة الوكالة.
ففي هذه الحالة يكون هناك تعسف في العزل وقع من جانب الموكل.
ويجوز الإتفاق بين الموكل والوكيل على تعويض يدفعه الأول إلى الثاني إذا عزله قبل انتهاء العمل الموكل فيه بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب، ويعتبر هذا الإتفاق شرطاً جزائياً يخضع لسائر أحكامه.
ويقع على عاتق الوكيل إثبات توافر الشروط سالفة الذكر، لأن الأصل أن الوكيل لا يتقاضى تعويضاً عن عزله، فإذا طالب بالتعويض وجب عليه أن يثبت السبب القانوني الذي يستحق من أجله التعويض.
والقاضي يستقل بتقدير التعويض الجابر لما حاق بالوكيل من ضرر. وقد يرى القضاء له بباقي الأجر الذي لم يتقاضاه كله أو بعضه.
والقواعد العامة لا تحول دون تعويض الوكيل المأجور أو غير المأجور، إذا كان العزل قد تم على نحو يلحق الضرر الأدبي به، بالإساءة إلى سمعته.
يجوز الإتفاق بين الموكل والوكيل على إعفاء الأول من المسئولية عند عزل الوكيل، في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم عملاً بالمادة 2/217 مدنی.
ومقتضى هذا النص أنه لا يجوز للموكل إنهاء الوكالة أو تقييدها فی حالتين، الأولى : إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل والثانية إذا كانت الوكالة صادرة لصالح أجنبي، إلا برضاء الوكيل في الحالة الأولى وبرضاء الأجنبي في الحالة الثانية وتكون الوكالة الصادرة لصالح الوكيل بأن يوكل المدين دائنه في بيع أحد أمواله أو في تحصيل حق له ليحصل على حقه من ثمرة تنفيذ الوكالة أو توكيل شركة التأمين في توجيه الدعوى المرفوعة على المستأمن الخاصة بالمخاطر موضوع التأمين، أو إذا وكل الشركاء على الشيوع أحدهم في إدارة العقار الشائع.
غير أنه لا يكفي أن تكون للوكيل مصلحة في استمرار الوكالة كما لو كان وكيلاً مأجوراً بل يجب أن تكون الوكالة صادرة لمصلحته أي أن يكون هدفها هو تحقيق مصلحة كما في الأمثلة السابقة .
ومن أمثلة الوكالة التي تكون لصالح الأجنبي، أن يوكل البائع المشتري في أن يسدد ديناً على البائع من ثمن الشئ المبيع، الضامن لسداد هذا الدين.
ومن باب أولى لا يجوز عزل الوكيل إذا كانت الوكالة في صالح كل من الوكيل والأجنبي كأن يوكل شخص في بيع منزل على أن يستوفي الوكيل من ثمنه ديناً له في ذمة الموكل وأن يوفي ديناً آخر في ذمة الموكل للغير.
ويترتب على عزل الوكيل دون موافقته في هاتين الحالتين، أن هذا العزل لا يكون صحيحاً ومن ثم تبقى وكالته قائمة بالرغم من عزله وينصرف أثر تصرفه إلى الموكل.
ويقع على عاتق الوكيل تقديم الدليل على أن الوكالة صادرة لصالحه أو مما الصالح الأجنبي .
فلا يجوز الإتفاق على أن الوكالة لا يجوز إنهاؤها أولا يجوز إنهاؤها قبل وقت معين.
ومفاد ذلك أن حق الموكل في عزل الوكيل مما يتعلق بالنظام العام . ويقع باطلاً بالتالي أي إتفاق على خلاف ذلك.
ويرى البعض أن أساس هذه القاعدة هو أن عقد الوكالة ينشئ للوكيل سلطة في تمثيل الموكل يجب ألا يفلت زمامها من يد الموكل في أي وقت وإلا انقلبت الوكالة إلى تنازل من الموكل عن جانب - صغير أو كبير- من شخصيته القانونية.
وينبني على ذلك أنه لا يجوز أيضاً للوكيل أن يشترط تقاضي تعويض إذا عزلة الموكل فإن في هذا تقييد الحرية الموكل في عزل الوكيل.
وقد أراد القانون الإحتفاظ للموكل بهذه الحرية كاملة.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع، الصفحة : 389)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / العشرون ، الصفحة / 42
عَدَمُ اللُّزُومِ:
2-اللُّزُومُ: مَعْنَاهُ عَدَمُ إِمْكَانِ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ، وَيُسَمَّى الْعَقْدُ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ (الْعَقْدَ اللاَّزِمَ) بِمَعْنَى أَنَّ الْعَاقِدَ لاَ يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ إِلاَّ بِرِضَا الْعَاقِدِ الآْخَرِ، فَكَمَا لاَ يُعْقَدُ الْعَقْدُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي لاَ يُفْسَخُ إِلاَّ بِالتَّرَاضِي (وَذَلِكَ بِالإْقَالَةِ) وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ تَعْرِيفُ عَدَمِ اللُّزُومِ فَهُوَ: إِمْكَانُ رُجُوعِ الْعَاقِدِ عَنِ الْعَقْدِ وَنَقْضِهِ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى التَّرَاضِي عَلَى ذَلِكَ النَّقْضِ.
فَهَذَا اللُّزُومُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ فَيَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ رَابِطَةِ الْعَقْدِ وَيَفْسَخَهُ بِمُجَرَّدِ إِرَادَتِهِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الآْخَرِ. وَتَخَلُّفُ اللُّزُومِ هُنَا مَبْعَثُهُ أَنَّ طَبِيعَةَ الْعَقْدِ وَغَايَتَهُ تَقْتَضِي عَدَمَ اللُّزُومِ، وَالْعَقْدُ عِنْدَئِذٍ (عَقْدٌ غَيْرُ لاَزِمٍ) إِذْ يَكُونُ عَدَمُ اللُّزُومِ صِفَةً مَلْحُوظَةً فِي نَوْعِ الْعَقْدِ.
وَمِنَ السَّهْلِ تَبَيُّنُ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَبَيْنَ طَبِيعَةِ عَدَمِ اللُّزُومِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، فَالتَّخْيِيرُ حَالَةٌ طَارِئَةٌ عَلَى الْعَقْدِ حَيْثُ إِنَّ الأْصْلَ فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ، فَالْعَقْدُ الْمُقْتَرِنُ بِخِيَارٍ هُوَ قَيْدٌ أَوِ اسْتِثْنَاءٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَبْدَأِ، ثُمَّ هُوَ فِي جَمِيعِ الْخِيَارَاتِ لَيْسَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ طَبِيعَةُ الْعُقُودِ، بَلْ هُوَ مِمَّا اعْتُبِرَ قَيْدًا عَلَى تِلْكَ الطَّبِيعَةِ لأِصَالَةِ اللُّزُومِ. أَمَّا فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ بِأَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنْ طَبِيعَتِهَا تَقْتَضِيهِ غَايَاتُهَا وَلاَ يَنْفَصِلُ عَنْهَا إِلاَّ لِسَبَبٍ خَاصٍّ فِيمَا لُزُومُهُ لَيْسَ أَصْلاً.
وَالْعُقُودُ اللاَّزِمَةُ تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَقَطْ أَمَّا الإْجَازَةُ فَلاَ مَجَالَ لَهَا، لأِنَّ الإْقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ وَالاِسْتِمْرَارَ فِيهِ يُغْنِي عَنْهَا، فِي حِينِ أَنَّ الْخِيَارَاتِ تَحْتَمِلُ الأْمْرَيْنِ.
وَهُنَاكَ فَارِقٌ آخَرُ بَيْنَ الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ وَبَيْنَ الْخِيَارَاتِ يَقُومُ عَلَى مُلاَحَظَةِ نَتِيجَةِ (الْفَسْخِ) الَّذِي هُوَ أَمْرٌ مُشْتَرَكٌ، فَحُكْمُ الْفَسْخِ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْهُ فِي الْخِيَارَاتِ، حَيْثُ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الأْولَى مُقْتَصِرًا (لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) لاَ يَمَسُّ التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةَ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (الْخِيَارَاتُ) فَالْفَسْخُ مُسْتَنَدٌ (لَهُ انْعِطَافٌ وَتَأْثِيرٌ رَجْعِيٌّ) يَنْسَحِبُ فِيهِ الاِنْفِسَاخُ عَلَى الْمَاضِي فَيَجْعَلُ الْعَقْدَ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ أَصْلِهِ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثاني والعشرون ، الصفحة / 135
الرُّجُوعُ فِي الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ:
14 - الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ (غَيْرُ اللاَّزِمَةِ) كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوَدِيعَةِ، عُقُودٌ غَيْرُ لاَزِمَةٍ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا يُبِيحُ الرُّجُوعَ فِيهَا إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْفُقَهَاءُ كَشَرْطِ نُضُوضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَشَرْطِ عِلْمِ الطَّرَفِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ، وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ، فَمَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ، وَأَرَادَ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ، فَإِنَّ الرُّجُوعَ الْفِعْلِيَّ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَحْصُدَ الزَّرْعَ، وَمَنْ أَعَارَ مَكَانًا لِدَفْنٍ، وَحَصَلَ الدَّفْنُ فِعْلاً فَلاَ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ، كَمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ الْمُقَيَّدَةَ بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ رُجُوعَ فِيهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الأْجَلُ أَوِ الْعَمَلُ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والأربعون ، الصفحة / 102
أَوَّلاً: الْعَزْلُ:
170 - لَمَّا كَانَتِ الْوَكَالَةُ مِنَ الْعُقُودِ غَيْرِ اللاَّزِمَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لأِيٍّ مِنَ الطَّرَفَيْن إِنْهَاؤُهَا، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ مِنْهَا وَيَنْهَاهُ عَنِ التَّصَرُّفِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ، كَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْهَا أَيْضًا، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ .
غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَزْلِ الْوَكِيلِ مِنَ الْمُوَكِّلِ الشُّرُوطُ التَّالِيَةُ:
الشَّرْطُ الأْوَّلُ: عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ:
171 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ الْعَزْلَ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، فَلاَ يَلْزَمُ حُكْمُهُ إِلاَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِنَّهُ لَوِ انْعَزَلَ قَبْلَ عِلْمِهِ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ، لأِنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَاتٍ فَتَقَعُ بَاطِلَةً. وَبِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَصَرَّفُ بِأَمْرِ مُوَكِّلِهِ، وَلاَ يَثْبُتُ حُكْمُ الرُّجُوعِ فِي حَقِّ الْمَأْمُورِ قَبْلَ عِلْمِهِ كَالْفَسْخِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ، فَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْعَزْلِ فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ، لأِنَّ الْعَزْلَ رَفْعُ عَقْدٍ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى رِضَا صَاحِبِهِ، فَلاَ يَفْتَقِرُ عَلَى عِلْمِهِ كَالطَّلاَقِ .
172 - وَيَتِمُّ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ- عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ- بِأُمُورٍ مِنْهَا:
أ- أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا الْعَزْلَ.
ب- إِذَا كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُوَكِّلُ كِتَابَ الْعَزْلِ، فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ وَعَلِمَ بِمَا فِيهِ. لأِنَّ الْكِتَابَ مِنَ الْغَائِبِ كَالْخِطَابِ مِنَ الْحَاضِرِ.
جـ- لَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمُوَكِّلُ رَسُولاً فَبَلَّغَهُ الرِّسَالَةَ، وَقَالَ لَهُ: فُلاَنٌ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَيَقُولُ: إِنِّي عَزَلْتُكَ عَنِ الْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ، كَائِنًا مَا كَانَ الرَّسُولُ، عَدْلاً كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا. لأِنَّ الرَّسُولَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُرْسَلِ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ عَنْهُ، فَتَصِحُّ سِفَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ صَحَّتْ عِبَارَتُهُ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ.
د- لَوْ أَخْبَرَ الْوَكِيلَ بِالْعَزْلِ رَجُلاَنِ عَدْلاَنِ كَانَا أَوْ غَيْرُ عَدْلَيْنِ، أَوْ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ يَنْعَزِلُ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ. سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إِذَا ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ، لأِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الْمُعَامَلاَتِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلاً فَخَبَرُ الْعَدْلَيْنِ أَوِ الْعَدْلِ أَوْلَى.
وَإِنْ أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ غَيْرُ عَدْلٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ يَنْعَزِلُ بِاتِّفَاقِهِمْ أَيْضًا.
أَمَّا إِنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِلُ حَتَّى وَإِنْ ظَهَرَ صِدْقُ الْخَبَرِ. لأِنَّ الإِْخْبَارَ عَنِ الْعَزْلِ لَهُ شَبَهُ الشَّهَادَةِ، لأِنَّ فِيهِ الْتِزَامَ حُكْمِ الْمُخْبَرِ بِهِ وَهُوَ الْعَزْلُ، وَهُوَ لُزُومُ الاِمْتِنَاعِ عَنِ التَّصَرُّفِ وَلُزُومُ الْعُهْدَةِ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بَعْدَ الْعَزْلِ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ، فَيَجِبُ اعْتِبَارُ أَحَدِ شُرُوطِهَا وَهُوَ الْعَدَالَةُ أَوِ الْعَدَدُ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الإِخْبَارَ عَنِ الْعَزْلِ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلاَتِ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ وَلاَ الْعَدَالَةُ كَمَا فِي الإْخْبَارِ فِي سَائِرِ الْمُعَامَلاَتِ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ قُلْنَا لاَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ حَتَّى يَبْلُغَهُ خَبَرُ عَزْلِهِ فَالْمُعْتَبَرُ خَبَرُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتِهِ دُونَ الصَّبِيِّ وَالْفَاسِقِ . الشَّرْطُ الثَّانِي: عَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْوَكَالَةِ:
173 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ عَزْلِ الْوَكِيلِ إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ.
فَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْعَزْلُ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْحَقِّ، لأِنَّ فِي الْعَزْلِ إِبْطَالَ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَلاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ كَمَنْ رَهَنَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَجَعَلَ الْمُرْتَهِنَ أَوِ الْعَدْلَ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ عِنْدَ حِلِّ الأْجَلِ، فَعَزْلُ الرَّاهِنِ الْمُسَلَّطِ عَلَى الْبَيْعِ لاَ يَصِحُّ بِهِ عَزْلُهُ.
وَكَذَلِكَ إِذَا وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلاً بِالْخُصُومَةِ مَعَ الْمُدَّعِي بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي فَعَزَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُدَّعِي لاَ يَنْعَزِلُ.
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلاً بِطَلاَقِ امْرَأَتِهِ إِنْ غَابَ، ثُمَّ عَزَلَهُ الزَّوْجُ مِنْ غَيْرِ حَضْرَةِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ غَابَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ يَصِحُّ عَزْلُهُ، لأِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ حَقُّ الْمَرْأَةِ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ عَزْلُهُ لأِنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الطَّلاَقِ وَلاَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْوَكَالاَتِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ: عَزَلْتُ الْوَكِيلَ أَوْ رَفَعْتُ الْوَكَالَةَ، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ أَخْرَجْتُهُ عَنْهَا، فَيَنْعَزِلُ، سَوَاءٌ ابْتَدَأَ تَوْكِيلَهُ، أَوْ وَكَّلَهُ بِسُؤَالِ الْخَصْمِ، بِأَنْ سَأَلَتْ زَوْجَهَا أَنْ يُوَكِّلَ فِي الطَّلاَقِ أَوِ الْخُلْعِ، أَوْ سَأَلَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ، أَوْ سَأَلَهُ خَصْمُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ .
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ إِذَا قَاعَدَ الْوَكِيلُ الْخَصْمَ ثَلاَثًا، سَوَاءٌ كَانَ التَّوْكِيلُ لِعُذْرٍ أَمْ لاَ .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَلاَّ تَقَعَ الْوَكَالَةُ عَلَى وَجْهِ الإْجَارَةِ :
174 - اشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لِصِحَّةِ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ أَنْ لاَ تَكُونَ الْوَكَالَةُ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى سَبِيلِ الإْجَارَةِ ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى سَبِيلِ الإْجَارَةِ فَهِيَ لاَزِمَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. أَمَّا إِذَا وَقَعَتِ الْوَكَالَةُ عَلَى سَبِيلِ الْجَعَالَةِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ وَعَدَمِهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (فَقْرَةِ 30).
أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْوَكَالَةُ عَلَى سَبِيلِ الإْجَارَةِ أَوِ الْجَعَالَةِ فَيَرَى بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا لاَزِمَةٌ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ فَقَطْ، خِلاَفًا لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ كَمَا سَبَق تَفْصِيلُهُ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَنْ صِفَةِ عَقْدِ الْوَكَالَةِ .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَلاَّ يَتَرَتَّبَ عَلَى الْعَزْلِ مَفْسَدَةٌ:
175 - قَالَ الشَّرَوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ تَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَزْلِ مَفْسَدَةٌ، كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِي مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَيْثُ جَوَّزْنَاهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إِذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ظَالِمٌ، أَوْ وَكَّلَ فِي شِرَاءِ مَاءٍ لِطُهْرِهِ، أَوْ ثَوْبٍ لِلسَّتْرِ بِهِ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ لِدَفْعِ الْحَرِّ أَوِ الْبَرْدِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ السَّتْرِ مَحْذُورٌ، تَيَمَّمَ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إِذَا عَزَلَ الْوَكِيلَ لاَ يَتَيَسَّرُ لَهُ ذَلِكَ، فَيَحْرُمُ الْعَزْلُ وَلاَ يَنْفُذُ .
عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ:
176 - لَمْ يَشْتَرِطْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عِلْمَ الْمُوَكِّلِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ مِنَ الْوَكَالَةِ، لأِنَّ فَسْخَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ يَحْتَاجُ لِلرِّضَا فِيهِ، وَمَا لاَ يَحْتَاجُ لِلرِّضَا فِيهِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْعِلْمِ فِيهِ كَذَلِكَ.
وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، حَيْثُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَزْلِ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ بِالْعَزْلِ .
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ اسْتَوْلَى عَلَى الْمَالِ جَائِرٌ حَرُمَ عَلَيْهِ الْعَزْلُ عَلَى الأْوْجَهِ كَالْمُوصِي، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ .
_____________________________________________________________________
مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان
(مادة 854)
للموكل أن يعزل وكيله عن الوكالة متى شاء شفاها وتحريراً بشرط علم الوكيل ما لم يتعلق به حق الغير.
فإن تعلق به حق الغير كما إذا رهن المديون ماله وعند حلول الأجل وكل آخر ببيع الرهن فلا يعزل ولا تبطل وكالته بالعزل.
مجلة الأحكام العدلية
مادة (1521) عزل الوكيل من الوكالة
للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة ولكن أن تعلق به حق الغير فليس له عزله كما إذا رهن مديون ماله وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضاء المرتهن كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي.
مادة (1522) إيفاء الوكالة
للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة ولكن لو تعلق به حق الغير كما ذكر آنفا يكون مجبورا على إيفاء الوكالة.
مادة (1524) إعلام الموكل بالعزل
إذا عزل الوكيل نفسه فيلزمه أن يعلم الموكل بعزله وتبقى الوكالة في عهدته إلى أن يعلم الموكل عزله.