loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس، الصفحة :  234

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تنتهي الوكالة انتهاء طبيعياً وإنهاء العمل وانتهاء الأجل المحدد كما تنتهي موت الموكل أو الوكيل، لأن الشخصية كل متعاقد اعتباراً في نظر الآخر، فلا تحل الورثة محل المتعاقد في تنفيذ التزاماته إلا في حدود ضيقة ( انظر م 996 فقرة 2 ).

2- والوكالة عقد غير لازم . فللموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة، وله من باب أولى أن يقيد وكالته . وللوكيل أن يتنازل عن الوكالة قبل الفراغ من تنفيذها وينفذ التنازل بإعلانه للموكل. وتعتبر هذه القاعدة من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها . على أنه يرد على جواز عزل الوكيل أو تقييد وكالته قيدان : (أ) إذا كانت الوكالة بأجر، وعزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، وأصابه ضرر من ذلك، فانه يرجع بالتعويض على الموكل، لأن في العزل تعسفاً يستوجب التعويض . ( ب ) إذا كانت الوكالة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي كما إذا كان أحد منهما دائناً للموكل ورخص له في استيفاء حقه مما يقع في يد الوکیل من مال الموكل، فلا يجوز عزل الوكيل أو تقييد وكالته إلا بعد رضاء من كانت الوكالة في صالحه، الوكيل أو الأجنبي . كذلك يرد على جواز تنازل الوكيل عن الوكالة قیدان : (أ) إذا كانت الوكالة بأجر وتنازل عنها الوكيل في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، فانه يكون متعسفاً في هذا التنازل ويجب عليه التعويض، كما هو الأمر في حالة التعسفي في العزل . ( ب ) إذا كانت الوكالة لصالح أجنبي، فلا يجوز التنازل عن الوكالة إلا إذا وجدت أسباب جدية تبرر ذلك مع أخطار الأجنبي واعطائه الوقت الكافي لصيانة مصالحه، لأن الأجنبي قد تعلق حقه بالوكالة، فوجب ألا يكون تنازل الوکیل، بالنسبة له أيضاً، بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب . أما إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل، فهو حر في التنازل عنها في أي وقت شاء لأنه هو الذي يقدر مصلحته.

3- على أنه مهما كان السبب في انتهاء الوكالة، فما دام الوكيل لا يعلم بانتهائها في قائمة حتى يعلم . كما إذا عزل الموكل الوكيل ولم يخطره بذلك، أو مات الموكل ولم يعلم الوكيل بموته ( انظر م 995 فقرة أولى و م 160 من المشروع ). كذلك لو علم الوكيل بإنتهاء الوكالة ولكن الغير لم يعلم، فإن الغير يستطيع أن يتمسك بالوكالة كما لوكانت لم تنقض . وقد تقدم ذكر ذلك .

الأحكام

1- الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع فى إنعقادها و إنقضائها و سائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة فى القانون المدنى فيما عدا ما تضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها و إذ لم ينظم قانون التجارة طرق إنقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضى بنفس الأسباب التى ينقضى بها عقد الوكالة المدنية و لما كان مؤدى نص المادة 714 من التقنين المدنى أن الوكالة تنتهى بمؤت الموكل أو الوكيل وأن إستمرار الورثة فى إستغلال نشاط مورثهم بعد وفاته لا يعدو أن يكون شركة واقع فيما بينهم ، ولما كان مؤدى ما تقضى به المادتان 715 ، 716 من ذات القانون وعلى ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية أن الوكالة عقد غير لازم فإنه يجوز للموكل أن يعزل الوكيل فى أى وقت قبل إنتهاء العمل محل الوكالة ، وعزل الوكيل يكون بإرادة منفردة تصدر من الموكل موجهة إلى الوكيل فتسرى فى شأنها القواعد العامة ، ولما كان القانون لم ينص على أن تكون فى شكل خاص فأى تعبير عن الأرادة يفيد معنى العزل ، وقد يكون هذا التعبير صريحاً كما قد يكون ضمنياً فتعيين الموكل وكيلاً آخر لنفس العمل الذى فوض فيه الوكيل الأول بحيث يتعارض التوكيل الثانى مع التوكيل الأول يعتبر عزلاً ضمنياً للوكيل الأول ، وسواء كان العزل صريحاً أو ضمنيا فإنه لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم الوكيل طبقا للقواعد العامة .

(الطعن رقم 960 لسنة 46 جلسة 1983/04/18 س 34 ع 1 ص 991 ق 199)

2- لئن كان من حق الوكيل أن يقيل نفسه من الوكالة إذا ناء بعبئها أو رغب عن الإستمرار فى تنفيذها إلا أن المشرع لم يطلق الأمر لهوى الوكيل يتنحى متى أراد و فى أى وقت شاء بل أنه قيد هذا الحق بقيود ضمنها نص المادة 716 من القانون المدنى ، فإذا لم يراع الوكيل فى تنحيه الشروط و الأوضاع التى يحتمها كان ملزماً بالتعويضات قبل الموكل ، كما إذا أهمل - بالرغم من تنحية - القيام بجميع الأعمال المستعجلة التى يخشى من تركها على مصلحة الموكل [ م 717 من القانون المدنى ] ولا يعفى الوكيل من المسئولية عن عزل نفسه فى وقت غير مناسب أو اغفال السهر على مصالح الموكل المستعجلة إلا أن يثبت أن ما فرط إنما كان بسبب خارج عن إرادته أو إذا أثبت أنه لم يكن فى وسعه أن يستمر فى أداء مهمته إلا إذا عرض مصالحه لخطر شديد على سند من أنه لا يستساغ أن يفرض على الوكيل تضحية مصالحه الخاصة فى سبيل السهر على مصالح الموكل .

(الطعن رقم 447 لسنة 42 جلسة 1983/03/31 س 34 ع 1 ص 873 ق 179)

3- تقدير ما إذا كان الوكيل المأجور قد أهمل فى تنفيذ الوكالة أو تنحى فى وقت غير لائق و بغير عذر مقبول هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التى تبت فيها محكمة الموضوع دون ما رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك متى كان إستخلاصها سائغاً و له أصله الثابت فى الأوراق .

(الطعن رقم 447 لسنة 42 جلسة 1983/03/31 س 34 ع 1 ص 873 ق 179)

4- النص فى المادة 135 من القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة على أنه "لا يجوز للمحامى أن يتنازل عن التوكيل فى وقت غير لائق ويجب عليه أن يخطر موكله بكتاب موصى عليه بتنازله وأن يستمر فى إجراءات الدعوى شهراً على الأقل متى كان ذلك لازماً للدفاع عن مصالح الموكل ، ويتعين على المحكمة تأجيل الدعوى المدة الكافية لتوكيل محام آخر " يدل على أن الحكمه التى تغياها المشرع من وجود تأجيل الدعوى فى حالة تنازل المحامى عن التوكيل هى تمكين الموكل من توكيل محام آخر للدفاع عن مصلحته فيها مما مقتضاه أن الحكمة من التأجيل تنتفى فى حالة ما إذا كان قد وكل محامياً آخر بالفعل وباشر الحضور عنه فى الدعوى .

(الطعن رقم 636 لسنة 42 جلسة 1977/01/11 س 28 ع 1 ص 194 ق 46)

5- متى كان الحكم قد أقام قضاءه بطرد الطاعن " الوكيل " من المخزن المسلم إليه بسبب الوكالة على ما إستخلصه من ظاهر المستندات المقدمة إلى المحكمة من أن ضدها " الموكل " قد أنهت عقد الوكالة بإنذار وجهته إلى الطاعن إعمالاً للشرط الصريح الوارد بعقد الوكالة وأنه بذلك يصبح وضع يده من غير سند وبمثابة غصب يبرر الإلتجاء إلى القضاء المستعجل لإازالته ولم يقم الحكم وزناً لمنازعة الطاعن المؤسسة على أن إستعمال المطعون ضدها للحق الذى يخوله لها الإتفاق مبنى على التعسف - وهى منازعة يرمى الطاعن من ورائها إلى تعديل الإتفاق فى الآثار المترتبة عليه فإن الحكم لا يكون قد أخطأ أو عاره قصور ذلك أن مهمة قاضى الأمور المستعجلة فى هذه الحالة تقتصر على تنفيذ الإتفاقات دون إجراء أى تعديل فيها وليس فيما قرره الحكم مساس بالحق الذى يبقى محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الإختصاص .

(الطعن رقم 336 لسنة 32 جلسة 1966/05/26 س 17 ع 3 ص 1261 ق 173)

6- ألزم الشارع الموكل أن يعلن عن انقضاء الوكالة وحمله مسئولية إغفال هذا الإجراء. فإذا انقضت الوكالة بالعزل أو الاعتزال ولم يعلن الموكل خصمه بذلك سارت الإجراءات صحيحة فى مواجهة الوكيل. كذلك إذا انقضت الوكالة بوفاة الوكيل أو بعزله أو باعتزاله فإن ذلك لا يقطع سير الخصومة ويتعين على الموكل أن يتقدم إلى المحكمة لتمنحه أجلاً مناسباً يتمكن فيه وكيله الجديد من مباشرة الدعوى فإن هو تخلف عن ذلك أعملت المحكمة الجزاء الذي رتبه القانون على غياب الخصم.

(الطعن رقم 44 لسنة 26 جلسة 1961/04/20 س 12 ع 1 ص 382 ق 52)

شرح خبراء القانون

تنص المادة 716 من التقنين المدني على ما يأتي : "1- يجوز للوكيل أن ينزل في أي وقت عن الوكالة ولو وجد إتفاق يخالف ذلك ويتم التنازل بإعلانه للموكل فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الوكيل يكون ملزماً بتعويض الموكل عن الضرر الذي لحقه من جراء التنازل في أي وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول" . "2- غير أنه لا يجوز للوكيل أن ينزل عن الوكالة متى كانت صادرة لصالح أجنبي إلا إذا وجدت أسباب جدية تبرر ذلك على أن يخطر الأجنبي بهذا التنازل وأن يمهله وقت كافياً ليتخذ ما يلزم لصيانة مصالحة".

ويخلص من هذا النص أنه يجوز للوكيل أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه فتنتهي الوكالة بتنحي الوكيل، كما رأيناها تنتهي بعزله ويعلل ذلك بأن الوكيل حتى لو كان مأجوراً إنما يقصد أن يسدي خدمة للموكل، وعقد الوكالة بخلاف عقد المقاولة ليس من عقود المضاربة ولذلك جاز تعدي أجر الوكيل بالزيادة أو بالنقص لجعله متناسباً مع الخدمة التي أداها فأجاز القانون للوكيل أن يتنحى في أي وقت عن الوكالة إذا رأى أنه لم يعد من الملائم له أن يمضي في إسداء الخدمة للموكل، وقيد حق التنحي هذا كما سنرى لمصلحة الموكل فيما إذا كان الوكيل يتقاضى أجراً، ولمصلحة الغير فيما إذا كانت الوكالة قد صدرت لصالحه وتنحي الوكيل يكون بإرادة منفردة تصدر منه ولم ينص القانون على أن تكون في شكل خاص فأي تعبير عن الإرادة يفيد معنى التنحي يكفي، وكما يكون التنحي صحيحاً يصح كذلك أن يكون ضمنياً وسواء كان صريحاً أو ضمنياً، فإنه لا ينتج أثره إلا بوصوله إلى علم الموكل، ولهذا تقول الفقرة الأولى من المادة 716 مدني فيما رأينا : "ويتم التنازل بإعلانه للموكل" . فقبل إعلان التنحي تبقى الوكالة قائمة، ويكون الوكيل ملزماً بالمضي في تنفيذ الوكالة . أما بعد إعلان التنحي فإن الوكالة تنتهي، ولكن الوكيل يكون مع ذلك ملزماً بأن يصل بأعمال الوكالة التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف تطبيقاً لأحكام المادة 717 مدني، وقد سبق بيان ذلك وإذا استمر الوكيل، بعد أن أعلن تنحيه، في أعمال الوكالة وتعامل بإسم الموكل مع شخص حسن النية، فإن أحكام الوكالة الظاهرة هي التي تسري وقد مر تفصيلها .

وجواز تنحي الوكيل، كجواز عزله، قاعدة من النظام العام، فلا يجوز الإتفاق على ما يخالفها ومن ثم لا يجوز للموكل أن يشترط على الوكيل البقاء في الوكالة حتى يتم العمل الموكول إليه، حتى لو كانت الوكالة مأجورة، والنص صريح في هذا المعنى، إذ جاء في صدر الفقرة الأولى من المادة 716 مدني كما رأينا : "يجوز للوكيل أن ينزل في أي وقت عن الوكالة ولو وجد اتفاق يخالف ذلك" ويكون أيضاً باطلاً لمخالفته للنظام العام اشتراط الموكل أن يتقاضى تعويضاً من الوكيل إذا تنحى عن الوكالة، لأن في هذا تقييدا لحرية الوكيل في التنحي على أن القانون نفسه قيد حق الوكيل في التنحي في حالتين : ( الحالة الأولى ) إذا كانت الوكالة بأجر، فلا يجوز للوكيل أن يتنحى عن الوكالة بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب فإن هو فعل، صح التنحي، ولكن الوكيل يكون متعسفاً فيكون مسئولاً عن تعويض الموكل ( الحالة الثانية ) إذا كانت الوكالة صادرة لصالح أجنبي، كأن يكون الوكيل معهوداً إليه بوفاء دين لأجنبي في ذمة الموكل من المال الذي يقع في يده لهذا الأخير . فعند ذلك لا يجوز للوكيل التنحي بشروط ثلاثة : أن تقوم اسباب جدية تبرر التنحي، وأن يخطر الوكيل الأجنبي بالتنحي، وأن يمهله وقت كافياً ليتخذ ما يلزم لصيانة مصالحه . فإذا أخل الوكيل بشرط من هذه الشروط الثلاثة، فإنه لا يجبر مع ذلك على المضي في الوكالة إذ لا يجوز إجبار أحد على عمل شخصي، وإنما يكون مسئولاً عن تعويض الأجنبي أما إذا كانت الوكالة لصالح الوكيل نفسه، فإنه يجوز له التنحي دون شرط لأنه هو الذي يقدر مصلحته.(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع، المجلد : الأول، الصفحة : 868)

تنتهي الوكالة بتنحى الوكيل عنها بإرادته المنفردة بشرط وصول هذه الارادة الى الموكل بإعلانه بالتنحي والا التزم الوكيل بكافة الأعمال المنوطة به، وليس للاعلان شكل خاص على نحو ما سلف في المادة السابقة، واذا انتهت الوكالة بالتنحي وكانت هناك أعمال توجب تدخل الوكيل حتى لا يترتب ضرر على ترکها ظل التزام الوكيل حتى يتمها، ويقع باطلاً كل شرط يحرم الوكيل من التنحي ويبطل الشرط إلزام الوكيل بالتعويض إذا تنحى - على خلاف في الرأي فيجيز كامل مرسي للموكل اشتراط تعويض إذا اعتزل الوكيل كشرط جزائي ويؤيده محمد علی عرفه - ويلتزم الوكيل عندما يتنحى أن يتخير الوقت المناسب والا كان متعسفاً ويلزمه التعويض متى كانت الوكالة بأجر، كما لا يجوز له التنحي إذا كانت الوكالة لصالح أجنبي إلا إذا وجدت أسباب جدية مع اخطار الأجنبي وإعطائه الوقت الكافي ليرعى مصالحه.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 188)

فلما كان الوكيل – ولو كان مأجوراً - يتطوع بالخدمة فلا يسوغ إجباره على أدائها، ولذلك كان من حقه أن يقيل نفسه من الوكالة إذا ناء بعبئها أو رغب عن الاستمرار في تنفيذها. ومن ثم تنتهي الوكالة بتنحى الوكيل. وعقد الوكالة ليس من عقود المضاربة كعقد المقاولة، ولذلك جاز تعديل أجر الوكيل بالزيادة أو بالنقص لجعله متناسباً مع الخدمة التي أداها، فيكون للوكيل أن يتنحى عن الوكالة، إذا رأى أنه لم يعد من الملائم له أن يمضي في إسداء الخدمة.

وتنحى الوكيل عن الوكالة يصدر عن إرادة منفردة من الوكيل، ولم يشترط له القانون شكلاً خاصاً، والتعبير عن التنحي قد يكون صريحاً كما يكون ضمنياً.

وتوجب المادة 716 مدني إعلان الموكل بالتنازل. حتى يستعد لمباشرة شئونه بنفسه أو بإختيار وكيل آخر يفوض إليه رعاية مصالحه.

وليس من الضروري أن يحصل هذا الإعلان بإنذار صحيحاً شكلاً، بل يجوز حصوله بأي شكل يؤدي إلى علم الموكل بتنحى الوكيل. أو بمجرد خطاب موصى عليه فإذا لم يتم إعلان الموكل بالتنحي عن الوكالة، فإن الوكالة تظل قائمة، ويكون الوكيل ملزماً بالمضي في أعمال الوكالة.

ويجب على الوكيل رغم انتهاء وكالته بالتنحي أن يصل بالأعمال التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف عملاً بالمادة 717/1 كما سنرى.

وإذا تعامل الوكيل رغم تنحيه وإعلان التنحي إلى الموكل مع الغير حسن النية، فإنه تطبق نظرية الوكالة الظاهرة.

تعدد الموكلين:

إذا تعدد الموكلون وكان العمل محل الوكالة قابلاً للتجزئة، جاز للوكيل أن يتنحى عن الوكالة بالنسبة إلى بعض الموكلين دون البعض الآخر.

أما إذا كان العمل محل الوكالة غير قابل للتجزئة، فإنه لا يجوز للوكيل أن يتنحى عن الوكالة بالنسبة للبعض فقط، بل يجب عليه التنحي بالنسبة لجميع الموكلين.

فحق الوكيل في التنحي يتعلق بالنظام العام، كحق الموكل في عزل الوكيل، ومن ثم يقع باطلاً الاتفاق على حرمان الوكيل من التنحى إطلاقاً، أو بعد مدة معينة، حتى لو كانت الوكالة مأجورة.

ويذهب رأي في الفقه إلى أنه يصح الإتفاق مقدماً على التعويض الواجب دفعه عند تنحى الوكيل عن العمل، على أن ذلك يعتبر من قبيل تضمين العقد شرطاً جزائياً . وقد خول المشرع القاضي حق إعادة النظر في مبلغ التعويض المتفق عليه في العقد وتقديره بحيث يتناسب مع الضرر الذي يشكو منه المتعاقد الذي اشترط التعويض لمصلحته.

بينما ذهب رأي آخر - نؤيده - إلى أن هذا الاتفاق يكون باطلاً لمخالفته للنظام العام، لأن في هذا تقييداً لحرية الوكيل في التنحي.

تقييد حق الوكيل في التنحى في حالتين :

بعد أن أجازت المادة 716 مدني في صدرها للوكيل التنحي عن الوكالة في أي وقت ولو وجد اتفاق يخالف ذلك، قيدت حقه في التنحى في حالتين. سنعرض لهما في ما يلي:

الحالة الأولى:

إذا كانت الوكالة بأجر:

فقد نصت الفقرة الأولى من المادة على أنه: "فإذا كانت الوكالة بأجر فإن الوكيل يكون ملزماً بتعويض الموكل عن الضرر الذي لحقه من جراء التنازل في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول "- وواضح أن هناك خطأ مادياً فی النص والصحيح هو استبدال لفظ "أو" بلفظ (و) العطف، فيكون النص على الوجه الآتي: "من جراء التنازل في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول".

وعلى ذلك يكون الوكيل ملزما بالتعويض إذا تنحى في وقت غير مناسب، أو تنحى بغير عذر مقبول. وذلك حتى لا ينال الموكل ضرر من جراء ذلك، إلا إذا كان مستحيلاً عليه أن يؤدي الوكالة من غير أن يناله ضرر جسيم، كما فی حالة المرض أو تغيير محل الإقامة أو تغيير المهنة.

والمادة لم تنص على بطلان التنحي في هذه الحالة، ولذلك يقع التنحي صحيحاً ولكن يلتزم الوكيل بتعويض الموكل عما يلحقه من ضرر نتيجة لذلك.

وتقدير ما إذا كان الوكيل بأجر قد تنحى عن وكالته بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب مما يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى.

غير أنه يجوز - في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم - الإتفاق بين الطرفين على إعفاء الوكيل من مسئوليته عن التنحى ويعد هذا الإعفاء وارداً على الإعفاء من مسؤولية عقدية مما يجيزه القانون (م 2 / 217 مدنی)

فقد قيد المشرع حق الوكيل في التنحي عن الوكالة إذا كانت صادرة لصالح أجنبي، بثلاثة قيود:

الأول : أن توجد لدى الوكيل أسباب جدية تبرر هذا التنحي.

الثاني : أن يخطر الأجنبي بهذا التنازل.

الثالث : أن يمهل الوكيل الأجنبي وقتاً كافياً ليتخذ ما يلزم لصيانة مصالحه.

وحكمة هذه القيود أن الأجنبي قد تعلق حقه بالوكالة، فوجب ألا يكون تنازل الوكيل، بالنسبة له، بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب. أما إذا كانت الوكالة لمصلحة الوكيل، فهو حر في التنازل عنها في أي وقت شاء لأنه هو الذي يقدر مصلحته.

وإذا أخل الوكيل بأحد هذه القيود فإنه مع ذلك لا يجبر على الإستمرار في الوكالة، ولكن يكون مسئولاً عما أصاب الموكل من ضرر. كما يجوز للأجنبي الرجوع على الوكيل بالتعويض، وإن كان الأصل هو أن يرجع الأجنبي على الموكل الذي يرجع بدوره على الوكيل".

تنحي المحامي عن الوكالة :

نظم قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 أحكام تنحى المحامي عن وكالته، بما لا يخرج عن القواعد السابقة فقد نص على ما يأتي :

1- لا يجوز للمحامي أن يتنازل عن التوكيل في وقت غير لائق. ومثال ذلك أن يتنازل عن التوكيل قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى لمدة لا تمكن الموكل من توكيل محام آخر (م 92).

ولا يجوز للمحامي المنتدب طبقاً لنظام المساعدات القضائية الوارد بالفصل الرابع من الباب الثاني من قانون المحاماة سالف الذكر، التنحى إلا لأسباب تقبلها الجهة التي تندبه (م 2 / 97).

أو بعد استئذان المحكمة التي يتولى الدفاع أمامها وعليه أن يستمر في الحضور حتى تقبل تنحيته وتعيين غيره (م 2 / 64).

2- يجب على المحامي أن يخطرموكله بكتاب موصي عليه بتنازله عن التوكيل.

فالنص حدد وسيلة الإخطار بالتنازل عن التوكيل بكتاب موصي عليه، فلا يجوز أن يتم شفاهة أو بخطاب عادي، غير أنه يجوز أن يتم بطريقة أقوى، كإعلان على يد محضر.

ويترتب على عدم إخطار الموكل بالتنازل عن التوكيل إستمرار وكالة المحامي في الدعوى فتصير الإجراءات صحيحة في مواجهة المحامى الذى أنهى وكالته.

3- يجب على المحكمة تأجيل الدعوى المدة الكافية لتوكيل محام آخر.

ولما كانت الحكمة من هذا الشرط هي تمكين الموكل من توكيل محام آخر للدفاع عن مصلحته فيها فإن الحكمة من التأجيل تنتفي في حالة ما إذا كان قد وكل محامياً آخر بالفعل وباشر الحضور عنه في الدعوى.

هناك أسباب أخرى - غير الأسباب التي ذكرناها لإنتهاء الوكالة - تنتهی بها الوكالة تطبيقاً للقواعد العامة هي:

استحالة تنفيذ العمل محل الوكالة :

تنص المادة 373 مدني على أن: "ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد له فيه".

وهذه المادة تسري على عقد الوكالة كغيره من العقود، فتنتهي الوكالة إذا استحال تنفيذها بقوة قاهرة أو حادث مفاجئ كحريق المنزل الذي فوض الوكيل في بيعه أو شرائه أو رهنه أو إدارته، وهذه استحالة مادية.

ويسري على الإستحالة القانونية حكم الاستحالة المادية تطبيقاً للقواعد العامة فالشخص الموكل في شراء منزل أو بيعه تنتهي وكالته إذا تصرف الموكل في هذا المنزل للغير، وسجل المشتري عقد شرائه قبل مباشرة الوكيل مهمته، أو حتى بعد البدء في مباشرتها ولكن قبل إتمامها. وكذلك الحكم بالنسبة للمحامى الموكل بالطعن في حكم بأحد طرق الطعن المقررة في القانون، فإن وكالته تنتهى بفوات المواعيد المقررة للطعن في هذا الحكم.

تغير أهلية الموكل والوكيل :

لما كانت العبرة في توافر الأهلية في الموكل بوقت الوكالة وبالوقت الذي يباشر فيه الوكيل التصرف في آن واحد. فإنه ينبني على ذلك أنه إذا حجر على الموكل، فإنه لا يعقل أن يستمر الوكيل في النيابة عنه وإلزامه بالتصرفات التي يعقدها لحسابه بعد الحجر عليه، لأنه يصبح غير أهل للإلتزام بمثل هذه التصرفات وبالتالى غير أهل لصدور التوكيل منه، مما يتعين معه القول بانتهاء الوكالة.

غير أن مجرد الحجر على الموكل لا يكفي لانتهاء الوكالة، وإنما يجب أن يعلم الوكيل بالحجر، وإلا استمر في وكالته. كما يجوز أن يعتمد القيم الوكالة فتستمر الوكالة كما هي. ولا تنتهي الوكالة إذا كان الحجر ليس من شأنه أن يجعله غير أهل للتصرف الذي صدر منه التوكيل فيه، كأن كان التصرف من أعمال الإدارة وكان الموكل مأذوناً له في إدارة أمواله.

ويعتبر من قبيل تغير الأهلية المؤدي إلى انتهاء الوكالة الحكم على الموكل بعقوبة جناية، لكونه يستلزم حتماً حرمان المحكوم عليه من إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله. ولا يجوز له أن يتصرف في أمواله إلا بناء على إذن المحكمة. ويعين عليه قيم للنيابة عنه (م 4 / 25 عقوبات).

أما بالنسبة للوكيل، فإن تغيير أهليته الطارئ بعد إنعقاد الوكالة كالحجر عليه من شأنه أن يذهب بثقة الموكل فيه، ومن السهل جداً أن نفترض أن نية الموكل انصرفت إلى إنهاء الوكالة بمجرد تغير حالة الوكيل، لأنه وقد إختار وكيلاً كامل الأهلية أراد أن يتعامل مع شخص أهل لأن يلتزم بسائر الإلتزامات الناشئة عن عقد الوكالة كما أن الوكيل بالحجر عليه يصبح غير أهل للإلتزامات الناشئة عن الوكالة، حتى لو بقي أهلاً لمباشرة التصرف الموكل فيه، ومن ثم تنتهي وكالته، حتى لا يتحمل الموكل نتيجة خطئه دون أن يكون في وسعه أن يسأله عن هذا الخطأ.

الإفلاس :

المقرر أن يد المفلس تغل بمجرد صدور حكم شهر الإفلاس عن إدارة أمواله والتصرف فيها (م 1 / 589 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999). وتعين المحكمة في حكم الإفلاس وكيلاً لإدارة التفليسة يسمى "أمين التفليسة" (م 1 / 571) فالمفلس لا يستطيع إدارة أمواله أو التصرف فيها، ومن ثم لا يملك ذلك عن طريق وكيل، كما أن الوكيل المفلس وقد غلت يده عن أمواله، فأولى أن تغل يده عن أموال موكله.

ومن ثم يترتب على صدور الحكم بشهر إفلاس الموكل أو الوكيل إنتهاء الوكالة.

ويسري على الإعسار ما يسري على الإفلاس، وإذا أفلس الموكل أو أعسر، جاز للوكيل التمسك بانتهاء الوكالة، كما يجوز ذلك لدائني الوكيل.

ولكن لا يجوز للموكل نفسه أن يتمسك بذلك، كما لا يجوز الاحتجاج بانتهاء الوكالة على الوكيل قبل أن يعلم بحكم الإفلاس أو الإعسار. أما إذا أفلس الوكيل أو أعسر، فإن للموكل أن يتمسك بانتهاء الوكالة، ولا يجوز ذلك للوكيل.

وإذا تعدد الموكلون أو الوكلاء وأفلس أحدهم أو أعسر، فإن الوكالة تنتهي بالنسبة إليه وحده، ما لم تكن غير قابلة للتجزئة.

الفسخ وتحقق الشرط الفاسخ:

طبقاً للقواعد العامة يجوز لكل من الموكل والوكيل طلب فسخ عقد الوكالة إذا أخل الطرف الآخر بأحد الإلتزامات الناشئة عن العقد.

وتتحقق مصلحة الوكيل في طلب الفسخ لعدة أسباب، فقد يكون من غير الجائز له التنحي عن الوكالة، أو كان يرغب في مطالبة الموكل بالتعويض بجانب الفسخ، أو كان يرغب في توقي رجوع الموكل عليه بالتعويض.

وأيضاً يكون للموكل مصلحة في طلب فسخ عقد الوكالة، إذا كان لا يجوز له عزل الوكيل، أو كان يرغب في مطالبة الوكيل بالتعويض بجانب الفسخ، أو توقی رجوع الوكيل عليه بالتعويض.

وإذ علقت الوكالة على شرط فاسخ ثم تحقق هذا الشرط فإنها تنفسخ طبقاً للقواعد العامة دون حاجة لإجراء آخر.

وهذا يغني عن إرادة الوكيل كما في التنحي، وإرادة الموكل كما في العزل.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع الصفحة : 405)

الفقه الإسلامي

مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان

(مادة 856)
للوكيل بالخصومة وشراء معين أن يعزل نفسه من الوكالة ما لم يتعلق به حق الغير فيجبر على إبقاء الوكالة.
ويشترط علم الموكل بالعزل فيكون تصرف الوكيل جائزاً إلى أن يعلم الموكل.

 

مجلة الأحكام العدلية

مادة (1522) إيفاء الوكالة

للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة ولكن لو تعلق به حق الغير كما ذكر آنفا يكون مجبوراً على إيفاء الوكالة.