مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 249
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- بينت المادة 999 فقرة أولى التزام الوديع بأن يتسلم الوديعة ، بحيث لو امتنع تسلمها جاز إجباره على ذلك أو الحكم عليه بالتعويض .
2- ونصت الفقرة الثانية على واجب الامتناع عن استعمال الشيء دون ترخيص ومع ذلك صراحة أو ضمناً . ويجب على من يدعي هذا الترخيص أن يثبت صدوره لإذن بالاستعمال لا يفترض .
3- وقد بين المشروع ما يجب على الوديع من عناية في حفظ الوديعة ففرق بين ما إذا كانت الوديعة عادية ودون أجر، وما إذا كانت الوديعة بأجر ، أو كانت في مصلحة الوديع وحده ، أو كان الوديع قد تطوع لحفظ الشيء وأجرى على النوع الثاني القاعدة العامة التي تفرض على المدين عناية الرجل المعتاد. أما النوع الأول من الوديعة فقد رأى المشروع أن يخفف فيه حد العناية المطلوبة من الوديع ، فعدل عن المعيار المادي الذي يؤدي إلى مطالبة المدين بعناية الرجل المعتاد ، إلى المعيار الشخصي الذي يترتب عليه الإكتفاء من المدين بما يبذله عادة من عناية في شئون نفسه . ولما كان الغرض من ذلك التخفيف عن الوديع ، لا مطالبته بعناية تفوق عناية الرجل المعتاد ، ولما كان الوديع قد يكون في شئونه الخاصة أكثر حرصاً من متوسط الناس ، وجب عند الأخذ بالمعيار الشخصي وضع حد للعناية التي يصح أن يطالب بها الوديع بناءً على هذا المعيار ، فنص على أن يكتفي منه بمثل عنايته في شئون نفسه ، دون أن يؤدي ذلك في أي حال إلى مطالبته بعناية تفوق عناية الرجل المعتاد .
ويلاحظ في كلتا الحالتين أن التزام الوديع يعتبر التزاماً بوسيلة ، لا التزاماً بغاية ، فلا يكون تمت عدم وفاء متى قام الوديع بذل العناية المطلوبة منه في المحافظة على الشيء حتى لو لم تؤد هذه العناية إلى حفظ الشيء فعلاً .
4- وكما يجب على الوديع أن يحفظ الشيء من كل تلف مادى ، كذلك يجب عليه أن يتفادى بشأنه كل ضرر يترتب على اتخاذ إجراءات قانونية متعلقة به . فإذا حجز الشيء تحت يده ، أو رفعت عليه دعوى بإستحقاقه ، وجب عليه أن يخطر المودع بذلك فوراً . وإن أبطأ في ذلك لأي سبب ، لزمه إتخاذ الإجراءات التي تحفظ مصلحة المودع . ومتى أثبت الوديع صفته وجب إخراجه من الدعوى غير أنه إذا استمر النزاع إلى ما بعد المدة المحددة للوديعة جاز للوديع أن يحصل على ترخيص في إيداع الشيء في خزانة المحكمة أو عند أي شخص تعينه المحكمة لذلك ، على أن يسلم الشيء فيما بعد إلى من يثبت له الحق فيه .
5- ويفرض في الوديعة أن شخص الوديع له إعتبار خاص عند المودع ، فلا يجوز للوديع أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة ، دون إذن صريح من المودع ، إلا أن يكون مضطراً إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة ، إذ أن الضرورات تبيح المحظورات فإذا أحل الوديع غيره محله دون إذن بذلك ، كان مسئولاً عن فعل ذلك الغير وإن كان ذلك بإذن المودع ، فيكون الوديع مسئولاً عن سوء اختياره لذلك الغير وعن كل عيب في التعليمات التي أصدرها له بشأن حفظ الشيء ( انظر المادة 1006 من التقنين التونسي والمادة 792 من التقنين المراكشي والمادة 698 من التقنين اللبناني ) .
1- متى كان الحكم قد استظهر من عناصر الدعوى أن السند موضوع جريمة التبديد وإن تحرر باسم المتهم إلا أنه لم يكن لمصلحته وأنه تحرر باسمه وأودع أمانة لديه تأميناً لتنفيذ اتفاق تم بين المدعي المدني من جهة وبين أخويه من جهة أخرى يتأدى فى أن المدعي بالحق المدني يصادق لأخويه على صحة عقد صادر لهما من والدهما ببيع منزل وحرر بذلك إقراراً سلمه للمتهم على أن يقوم الأخوان الآخران بدفع عشرين جنيهاً للمدعي المدني عن طريق المتهم عند تسلمهما الإقرار منه وأن يحررا له عقداً ببيع ربع المنزل عند التصديق على صحة العقد أو أن يدفعا له مبلغ مائة جنيه زيادة عن العشرين الأولى وهي التي كتب بها السند باسم المتهم واتفق على أن يقوم المتهم بتحويلها للمدعي المدني إذا نفذ الأخير ما التزم به وحكم بصحة التعاقد وامتنع أخواه عن تحرير عقد بيع ربع المنزل له، وكان الحكم قد استظهر أيضاً أن المدعي المدني قد وفى بالتزاماته، وأنه قد حكم لأخويه بصحة التعاقد الصادر لهما من والدهما ببيع المنزل وأنهما امتنعا بعد ذلك عن تحرير عقد ببيع ربع المنزل للمدعي بالحق المدني وأن المتهم تواطأ معهما وسلم لهما السند المودع عنده على سبيل الأمانة إضراراً بالمدعي المدني، كما استظهر أن تسليم السند للمدينين وإن تم فى الظاهر بناء على شكوى منهما للبوليس فى حق المتهم بشأن السند المذكور إلا أنه حصل فى واقع الأمر باتفاق بينهما وبين المتهم بقصد التحايل على الإفلات من الالتزامات التي رتبها عقد الوديعة فى ذمة المتهم للإضرار بالدائن الحقيقي بمقتضى هذا العقد - متى كان ذلك فإن إدانة الطاعن بجريمة التبديد تكون صحيحة، ولا يقدح فى ذلك أن يكون السند قد حرر باسم الطاعن ما دام أن تحرير السند على المدين وإيداعه لدى الطاعن كان على وجه الأمانة بقصد تحويله لصاحب الحق فيه.
(الطعن رقم 17 لسنة 23 جلسة 1953/04/27 س 4 ع 3 ص 758 ق 276 ( جنائى ) )
تنص المادة 721 من التقنين المدني على ما يأتي :
"ليس للمودع عنده أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع ، إلا أن يكون مضطراً إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة".
وهنا نرى أن الوديعة تختلف عن الوكالة ، فقد رأينا في الوكالة أنه يجوز للوكيل أن ينيب عنه غيره في تنفيذه الوكالة ما لم يمنعه الموكل من ذلك، أما هنا في الوديعة فإنه يتبين من النص سالف الذكر أنه لا يجوز للمودع عنده أن ينيب عنه غيره في حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع . ونرى في ذلك أثراً واضحاً للإعتبار الشخصي الذي لعقد الوديعة ، حتى أنه ليزيد في ذلك على عقد الوكالة . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : "ويفرض في الوديعة أن شخص الوديع له إعتبار خاص عند المودع ، فلا يجوز للوديعة أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع ، إلا أن يكون مضطراً إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة ، إذ أن الضرورات تبيح المحظورات" ونرى من ذلك أن المودع عنده لا يجوز له أن ينيب عنه غير في حفظ الوديعة إلا في حالتين : ( 1 ) إذا إذن له المودع في ذلك إذناً صريحاً ، ( 2 ) أو إذا اضطر إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة ، كما إذا فجأة داع للسفر ولم يتمكن من رد الوديعة إلى صاحبها فاضطر إلى إيداعها عند من يأتمنه عليها ، أو كما إذا دوهم بحبس أو إعتقال فلم يتمكن إلا من نقل الوديعة إلى يد تحفظها . وعليه أن يخطر المودع بذلك بمجرد أن يتيسر له هذا الإخطار .(الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الأول ، الصفحة : 925)
الأصل في الوديعة، أن يقوم المودع عنده بنفسه بحفظ الوديعة، فلا يجوز له أن يعهد بها إلى الغير ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة عاجلة، أو كان المودع قد صرح بذلك .
فإن صرح المودع للمودع عنده أن ينيب عنه غيره في حفظ الوديعة. ظل مسئولاً عن خطأ هذا النائب إلا إذا كان المودع قد أعفاه من هذه المسئولية كما يلتزم المودع بأجر النائب، أما إذا لم يكن مصرحاً للمودع عنده بإنابة غيره، وهلكت الوديعة لدى النائب كان المودع عنده مسئولاً عن هلاكها ولو كان بسبب أجنبي ما لم يثبت أنها كانت سوف تهلك حتى لو بقيت لديه كأن يثبت أن الهلاك بسبب حريق أتي على منزله ومنزل من أنابه في وقت واحد أي غارة هدمت المنزلين معاً مما أدى إلى تلف ما بهما من منقولات. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 207)
القاعدة أنه ليس للوديع أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة دون إذن صريح من المودع. لأن أساس الوديعة هي الثقة التي يضعها المودع في الوديع الذي اختاره شخصياً للمحافظة على الشيء. ومن ثم لا يجوز الوديع أن يلقى على عاتق غيره عبء الاضطلاع بهذا الإلتزام الشخصي.
غير أنه يستثنى من هذا الأصل حالتان يجوز فيهما للوديع أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة هما :
الحالة الأولى :
أن يأذن المودع له في أن يحل غيره محله في حفظ الوديعة. ويجب أن يكون الإذن صريحاً ، فلا يكفي أن يتذرع الوديع بالإذن الضمني، وقصد من اشتراط الإذن الصريح أن يكون الإذن واضحاً لا يترك لإستنتاج القاضي من الظروف.
الحالة الثانية :
إذا اضطر الوديع إلى ذلك بسبب ضرورة ملجئة عاجلة، ذلك أن الضرورات تبيح المحظورات.
ومثل ذلك أن يتعرض الوديع للإعتقال أو الحبس فجأة، أو اضطر للسفر فجأة فترك الوديعة عند آخر.
ويلتزم الوديع بإخطار المودع بذلك بمجرد أن يتيسر له هذا الإخطار.
ويلتزم المودع في الحالتين سالفتي الذكر بالأجر الذي يكون نائب الوديع قد تقاضاه منه، إلا إذا كان الوديع يتقاضى أجراً من المودع يدخل فيه أجر النائب.
وفي هاتين الحالتين، يكون الوديع مسئولاً عن خطأ نائبه، لأنه هو المسئول عن سوء اختياره وعن كل عيب في التعليمات التي أصدرها له بشأن حفظ الشيء.
جزاء مخالفة الالتزام :
إذا أحل الوديع غيره محله في حفظ الوديعة في غير الحالتين سالفتي الذكر، كان مسئولاً عن فعل الغير. فهو مسئول عن هلاك الشيء بين يدي النائب ولا يعفيه من المسئولية أن يثبت كون الهلاك قد حصل بقوة قاهرة أو حادث مفاجئ، لأن مجرد تخليه عن الوديعة يعتبر إخلالاً بما تعهد به فتتقرر مسئوليته على أي حال.
على أنه في وسع الوديع - تطبيقاً للقواعد العامة - أن يتخلص من المسئولية إذا أثبت أن هلاك الشيء كان محققاً ولو بقى تحت يده، كأن يصاب منزلاً الوديع والنائب في غارة جوية، فيهلك ما فيهما من منقول ومتاع.
غير أنه لا يجوز للمودع أن يرجع على النائب بدعوى مباشرة إلا علاقة بينهما تجيز هذا الرجوع. لأن الدعوى المباشرة لا تكون إلا بنص. ولا يصح القياس على نص المادة 708 الواردة بصدد الوكالة لأنه نص إستثنائی. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع ، الصفحة : 457)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والأربعون ، الصفحة / 43
إِيدَاعُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْغَيْرِ:
40 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَإِسْحَاقُ وَالْقَاضِي شُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَدِيعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِهِ - مِمَّنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً - عِنْدَ غَيْرِ الشَّافِعِيَّةِ بِدُونِ إِذْنِ الْمَالِكِ، مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ ضَامِنًا، حَتَّى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَمِينًا.
لأِنَّ الْمُودِعَ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي حِفْظِهَا تَحْتَ يَدِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي وَضْعِهَا تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، كَانَ مُتَعَدِّيًا، لِخُرُوجِهِ فِي حِفْظِهَا عَنِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَلأِنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْحِفْظِ وَالأْمَانَةِ، وَالْمُودِعُ إِنَّمَا رَضِيَ بِحِفْظِهِ وَأَمَانَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى أَنْ يُودِعَهَا غَيْرَهُ، فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَى أَجْنَبِيٍّ، فَقَدْ صَارَ تَارِكًا الْحِفْظَ الَّذِي الْتَزَمَهُ، مُسْتَحْفِظًا عَلَيْهَا مَنِ اسْتَحْفَظَ مِنْهُ، وَذَلِكَ تَفْرِيطٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. وَإِنَّمَا اسْتَثْنَيْتُ حَالَةَ الْعُذْرِ، لأِنَّ الدَّفْعَ إِلَيْهِ فِيهَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْحِفْظِ، فَكَانَ مَأْذُونًا بِهِ مِنَ الْمَالِكِ دَلاَلَةً، فَارْتَفَعَ سَبَبُ الضَّمَانِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: لَهُ إِيدَاعُهَا عِنْدَ الأْجْنَبِيِّ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، لأِنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ إِحْرَازُهَا وَحِفْظُهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ، فَالإْنْسَانُ قَدْ يُودِعُ مَالَ نَفْسِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُ، كَمَا لَوْ حَفِظَهَا فِي حِرْزِهِ. وَبِأَنَّ مِنْ مَلَكَ شَيْئًا بِنَفْسِهِ، مَلَكَ تَفْوِيضَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ مَلَكَ الْوَدِيعُ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ، فَيَمْلِكُ تَفْوِيضَهُ إِلَى غَيْرِهِ .
وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِ إِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عِيَالِهِ فِي الْفِقْرَةِ (26).
41 - أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ عُذْرٌ فِي إِيدَاعِهَا عِنْدَ الأْجْنَبِيِّ ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُودِعَهَا عِنْدَ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى دَفْعِهَا إِلَى الْحَاكِمِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ، لأِنَّهُ أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ لِثِقَةٍ مَرْضِيٍّ، فَأَشْبَهَ إِيدَاعَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَلأِنَّهُ أَحَدُ سَبَبَيْ حِفْظِهَا، فَكَانَ مُوكَّلاً إِلَى اجْتِهَادِهِ كَالْحِرْزِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: إِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهَا إِلَى مَالِكِهَا أَوْ وَكِيلِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ إِلَيْهِمَا، دَفَعَهَا إِلَى الْقَاضِي، إِذِ الْقَاضِي يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا، دَفَعَهَا إِلَى أَمِينٍ ثِقَةٍ، لأِنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، فَإِنْ تَرَكَ الدَّفْعَ إِلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَدَفَعَهَا إِلَى الْحَاكِمِ الْعَدْلِ أَوِ الأْمِينِ، ضَمِنَ، لأِنَّهُ دَفَعَهَا إِلَى غَيْرِ مَالِكِهَا بِدُونِ إِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَضَمِنَهَا، كَمَا لَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بِلاَ عُذْرٍ. وَلَوْ دَفَعَهَا إِلَى أَمِينٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاكِمِ ضَمِنَ، لأِنَّ غَيْرَ الْحَاكِمِ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ . وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ إِيدَاعُهَا، لأِنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحْفَظَ لَهَا وَأَحَبَّ إِلَى صَاحِبِهَا .
أَمَّا الاِسْتِعَانَةُ بِالْغَيْرِ فِي حَمْلِ الْوَدِيعَةِ وَوَضْعِهَا وَحِفْظِهَا فِي الْحِرْزِ أَوْ سَقْيِهَا أَوْ عَلْفِهَا فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْوَدِيعِ وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ . قَالَ الشَّافِعِيَّةُ إِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا، لأِنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِالاِسْتِعَانَةِ، وَلأِنَّهُ مَا أَخْرَجَهَا عَنْ يَدِهِ وَلاَ فَوَّضَ حِفْظَهَا إِلَى غَيْرِهِ .
____________________________________________________________________
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفورله )محمد قدرى باشا) (الطبعة الثانية(بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 710 )
لا يجوز للمستودع أن يودع الوديعة عند أجنبي من غير عذر بدون إذن صاحبها فإن أودعها بلا إذنه وهلكت تعدى المستودع الثاني فلصاحب الوديعة الخيار ان شاء ضمن المستودع الاول أوالثاني فان ضمن الاول فله الرجوع على الثاني وان ضمن الثاني فلا رجوع له على أحد
وإن هلكت عند الثاني بدون تعديه وقبل مفارقة الاول فلا يضمن أحد منهما وإن هلكت بعد مفارقته فلصاحبها أن يضمن المستودع الأول دون الثاني
( مادة ۷۱۲)
ليس للمستودع أن يتصرف في العين المودعة عنده إجارة أو إعارة أو رهن بلا اذن صاحبها فان فعل ذلك وهلكت في يد المستأجر أو المستعير أو المرتهن فلمالكها الخيار في تضمين المستودع أو في تضمين المستأجر أوالمستعير اوالمرتهن
مجلة الأحكام العدلية
مادة (790) المستودع الضامن
ليس للمستودع إيداع الوديعة عند آخر بدون إذن وإذا أودعها فهلكت صار ضامناً ثم إذا كان هلاكها عند المستودع الثاني بتقصير أو تعد منه فالمودع مخيَّر إن شاء ضمنّها للثاني فإذا ضمّنها للمستودع الأول فيرجع على الثاني بما ضمنه.
مادة (791) المستودع الأول
إذا أودع المستودع الأول الوديعة عند آخر بإذن المودع خرج المستودع الأول من العهدة وصار الثاني مستودعاً.