مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء : الخامس ، الصفحة : 293
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تقابل إلتزامات الحارس السابقة الذكر حقوق مقررة له في المادة 1022.
قد نصت هذه المادة على حق الحارس في أن يتقاضى أجراً ما لم يكن قد تنازل عن ذلك د مخالفة هذا نص المادة 492 من التقنين الحالي الذي يقرر أن إيداع الأشياء المتنازع فيها يجوز أن يكون مقابل وقد أراد المشروع بذلك أن يعتمد ما غلب وقوعه في العمل، وما قررته المحاكم من أن الأصل في الحراسة أن تكون بأجر (استئناف أهلى 20 مارس سنة 1907 ، المحاكم 18 ص 4000 رقم 114 ).
2- وكذلك نصت هذه المادة على أن الحارس أن يسترد ما أنفقه من مصروفات على حفظ المال الموجود في حراسته وعلى إدارته . فاذا كان من البديهي أن الإدارة تستلزم مصروفات ، وأن للمدير أن يخصم المصروفات من الإيرادات أولاً بأول، فانه من الممكن أيضاً أن يتصور الحالة التي يحتاج فيها الحارس إلى المطالبة برد هذه المصروفات إليه ، وهي الحالة التي تنتهي فيها الحراسة بعد أن يكون الحارس قد أنفق هذه المصروفات ، وقبل أن يحصل من الإيرادات على ما يفي بسدادها.
3- وقد قررت الفقرة الثانية من هذه المادة للحارس الحق في حبس الأموال الموضوعة تحت الحراسة، إلى أن يستوفي أجره وما يجوز له استرداده من المصروفات التي ينفقها وتعتبر هذه الفقرة تطبيقاً للقاعدة العامة التي قررتها المادة 331 بشأن حق الحبس ، وينطبق عليه ما قلناه بشأن حق الحبس في الوديعة ( أنظر المذكرة على المادتين 1005 و 1006 من المشروع )، فإما أن تبقي ، وإما أن تحذف إکتفاء بالقاعدة العامة .
1- الحارس القضائي و لو كان منتدبا من خبراء وزارة العدل - إنما يستمد سلطته من الحكم الذى يقيمه وليس بناء على توجيهات أو أوامر صادرة من وزارة العدل و يلتزم بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده لصاحب الشأن عند إنتهاء الحراسة وبتقديم حساب عن إدارته له مما مقتضاه أنه يعتبر وكيلا عن أصحاب الشأن فى دعوى الحراسة فهو يقوم بإدارة الأموال محل الحراسة بصفته وكيلا لحسابهم و أن الحارس فى قيامه بهذا العمل لا يكون تابعا لوزارة العدل طالما أنه لا يقوم به لحسابها و إنما لحساب أصحاب الشأن فى دعوى الحراسة ومن ثم فإن ما يقع منه من أخطاء خلال ذلك العمل لا تسأل عنه وزارة العدل طبقا للمادة 174 من القانون المدنى .
(الطعن رقم 602 لسنة 40 جلسة 1984/01/01 س 35 ع 1 ص 102 ق 23)
2- الحارس القضائي ملزم بالمحافظة على الأعيان التى تحت يده الخاضعة للحراسة و القيام بإدارتها و ما يتبع ذلك من حق التقاضى فيما ينشأ عن هذه الأعمال من منازعات وهو إذا كان لا يسأل فى دعوى الحساب إلا عما قبضه بالفعل من إيراد الأعيان الخاضعة لحراسته ، إلا أنه بإعتباره وكيلاً عن ملاكها يعد مسئولاً فى ماله الخاص عما ينشأ عن تقصيره فى إدارتها يسيراً كان هذا التقصير أو جسيماً تبعاً لما إذا كانت الحراسة بأجر أو بغير أجر ، و إذا كان تنازل الحارس عن وضع يده على الأرض الخاضعة للحراسة أو عن غلتها دون صدور حكم قضائى فى مواجهته أو إذن كتابى من ملاكها يعتبر خروجاً عن حدود سلطته كحارس فإنه يكون مسئولاً عن تعويض ما ينشأ عن ذلك من ضرر لهم .
(الطعن رقم 648 لسنة 50 جلسة 1981/03/19 س 32 ع 1 ص 884 ق 163)
3- نصت المادة الثامنة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على أن تغطى أتعاب الحراس ومرتبات الموظفين وكذلك مصروفات الحراسة بأخذ نسبة مئوية على الأموال الموضوعة فى الحراسة وفوضت وزير المالية والاقتصاد فى تحديد قيمة وشروط تلك الأتعاب والمرتبات والمصروفات وأصدر وزير المالية والاقتصاد استناداً إلى هذا التفويض القرار رقم 333 لسنة 1956 بالإذن للحارسين العامين على أموال البريطانيين والفرنسيين فى أن يقتطعا من الأموال الخاضعة للحراسة نسبة مئوية قدرها 10 % ، ثم أصدر القرار رقم 113 لسنة 1957 وتنص مادته الأولى على أن يكون حساب هذه الإقتطاعات على النحو التالي "المنشآت التجارية والصناعية يقتطع فى كل سنة مالية 10 % من إجمالي المبالغ المقيدة فى جانب "له" فى حساب الأرباح والخسائر الخاص بالمنشآت الفردية والشركات والجمعيات ويشمل ذلك كل ما يجب قيده فى ذلك الجانب كرصيد حساب التشغيل أو المتاجرة أو البضائع أو الاستغلال... " ولما كان البنك الطاعن - بنك الكريدى ليونيه لم ينازع فى تصرف أو قرار أمرت به الجهة القائمة على تنفيذ الأمر الصادر بفرض الحراسة على أموال البنك ولم يمسه بالطعن مباشرة بطلب إلغائه أو بطريق غير مباشر بالمطالبة بالتعويض عنه ، وإنما انصبت دعواه على أن الحراسة خالفت القواعد التي نص عليها القرار الوزاري رقم 113 لسنة 1957 سالف الذكر عند احتساب نسبة ال10% المقدرة لمصروفات الإدارة المستحقة للحراسة تأسيساً على أنه كان يتعين عليها أن تحتسب هذه النسبة على الفرق بين الفوائد التي يدفعها البنك للمودعين وبين الفوائد التي يحصل عليها المقترضين باعتبار أن الفوائد الأولى هي من مصاريف المتاجرة المنصوص عليها فى القرار المذكور ، ومن ثم فإن الدعوى على هذه الصورة لا ينطبق عليها الحظر من سماعها الوارد فى القانون رقم 99 لسنة 1963 ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أنها تعتبر طعناً فى الإجراء الذي اتخذته الحراسة ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 273 لسنة 40 جلسة 1975/04/08 س 26 ع 1 ص 778 ق 151)
4- من الجائز أن يكون تقرير أجرة الحراسة القضائية باتفاق بين أصحاب الشأن لاحق للحكم القاضى بفرضها حتى و لو كان هذا الحكم قد نص على أن تكون بغير أجر . ذلك أن للخصوم فى الأحكام الصادرة فى المواد المدنية أن يتفقوا على خلاف ما قضت به .
(الطعن رقم 196 لسنة 19 جلسة 1952/01/24 س 3 ع 2 ص 390 ق 66)
5- إذا كانت عبارة الاقرار الصادر من المستحقين فى الوقف واضحة الدلالة على سريان أجرة الحراسة مادامت الطاعنة قائمة بادارة الوقف بوصفها حارسة عليه و ليس فيها أى نص يفيد توقيت الأجرة لمدة معينة قبل إنقضاء هذه الحراسة فان إعتبار المحكمة هذا الاقرار غير ملزم للموقعين عليه طوال مدة قيام الحراسة ذلك يكون خطأ فى تطبيق قانون العقد لما فيه من تحريف لعبارته الواضحة وخروج عن ظاهر مدلولها .
(الطعن رقم 196 لسنة 19 جلسة 1952/01/24 س 3 ع 2 ص 390 ق 66)
تنص المادة 736 من التقنين المدني على ما يأتي :
(للحارس أن يتقاضى أجراً ، ما لم يكن قد نزل عنه ) .
الأصل في الحارس أن يكون بأجر : والأصل في الحارس بخلاف الوكيل والمودع عنده – أن يكون بأجر ، حتى لو لم يشترط ذلك .
فإذا سكت الحارس عن الأجر كان مأجوراً ، ولا يكون غير مأجور إلا إذا نزل صراحة أو ضمناً عن الأجر، وقد رأينا عكس ذلك في الوكيل والمودع عنده ، فكلاهما لا يكون مأجوراً إلا إذا اشترط الأجر، وقد أراد المشرع بذلك ( أن يعتمد - كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي - ما غلب وقوعه في العمل ، وما قررته المحاكم من أن الأصل في الحراسة أن تكون بأجر ) .
كيف يقرر الأجر : يقدر الأجر الإتفاق إذا كانت الحراسة اتفاقية فإذا سكت الإتفاق عن تعيين الأجر ، أو كانت الحراسة قضائية ، تكفل القاضي بتعيين الأجر، ويراعي في ذلك الجهد الذي بذله الحارس ، وأهمية العمل الذي قام به ، والنتيجة التي وصل إليها في إدارته ، والمسئوليات التي تعرض لها ، وكفايته الخاصة في الإدارة ، وغير ذلك من العناصر التي تعين القاضي على تقدير الأجر المناسب للحارس.
ويقدر الأجر يأمر على عريضة من رئيس المحكمة التي عينت الحارس ، أو قاضي الأمور المستعجلة، أو رئيس المحكمة التي استؤنف أمامها حكم قاضي الأمور المستعجلة بحسب الأحوال .
من يلزم بأجر الحارس : إذا كانت دعوى الموضوع لا تزال منظورة ، رجع الحارس بأجره على طالب الحراسة ، وهذا يرجع بها على من يكسب دعوى الموضوع إذا لم يكن هو الذي كسبها ، أما إذا كانت دعوى الموضوع قد فصل فيها ، فإن الحارس يرجع بأجره على من كسب الدعوى أو على من حكم عليه بالمصروفات .
حق الحارس في استرداد المصروفات وفي التعويض :
كانت الفقرة الأولى من المشروع التمهيدي للمادة 736 مدني تجري على الوجه الآتي :
( للحارس أن يتقاضى أجراً ، ما لم يكن قد تنازل عن ذلك - وله أن يسترد ما أنفقه من مصروفات على حفظ المال الموجود في حراسته وعلى إدارته ) ، فحذفت في لجنة المراجعة العبارة الأخيرة من هذا النص الخاصة بإسترداد المصروفات ، اكتفاء بالقواعد العامة ، والقواعد العامة تقضي بأن يسترد الحارس ما أنفقه من مصروفات ضرورية في حفظ المال وفي إدارته، كمصروفات الترميمات الضرورية ومصروفات الزراعة من ثمن بذور وسماد ومواش وآلات ومبيدات للحشرات وأجور العمال والمستخدمين الذين يستعين بهم الحارس في أداء مهمته، وكذلك يسترد ما أنفقه من مصروفات نافعة ، كمصروفات أنفقها في تحسين العين، إذا حصل على موافقة ذوي الشأن أو إذن القاضي، كل هذا ولو كان يتقاضى أجراً، وللحارس، شأنه في ذلك شأن المودع عنده والوكيل، الرجوع بالتعويض عما يصيبه من ضرر يكون سببه المباشر قيامه بمهمته دون أن يكون في جانبه أي خطأ ، وتنص المادة 743/2 من التقنين المدني الكويتي على ما يأتي :
( وله أن يسترد ما أنفقه من مصروفات على حفظ وادارة المال المعهود إليه حراسته)
ويسترد الحارس المصروفات ويتقاضى التعويض من صاحب المال إذا كان النزاع قد فصل فيه، فإن لم يكن قد فصل فيه استرده من طالب الحراسة أو من الخصوم الآخرين، على أن يرجعوا به على من يحكم لصالحه عند حسم النزاع .
حق الحبس وحق الإمتياز : كان المشروع التمهيدي للمادة 736 مدني يشتمل على فقرة ثانية تجري على الوجه الآتي (وله للحارس) الحق في حبس الأموال الموضوعة تحت الحراسة حتى يستوفي الحقوق التي تخولها إياها هذه المادة، وذلك دون إخلال، مما يقرره هذا القانون له من حق إمتياز فحذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة، اكتفاء بالقواعد العامة، والقواعد العامة المقررة في الحبس تقضي بأن يكون للحارس حبس المال الموضوع تحت حراسته حتى يسترد أجره والمصروفات والتعويض (م 246 مدني وما بعدها )، ولا يؤثر في حق الحبس أن الأجر والمصروفات والتعويض مبالغ غير معينة المقدار ، مادامت محققة الوجود وللحارس حق إمتياز بالمبالغ التي صرفها لصيانة المنقول الموضوع تحت حراسته ( م 1140 مدني ).
تضامن طرفي الخصومة : وإذا إلتزم الخصوم المتعددون نحو الحارس بالأجر أو بالمصروفات أو بالتعويض، كانوا متضامنين نحوه في هذا الالتزام، تطبيقاً لأحكام الوكالة حيث تقضي يتضامن الموكلين المتعددين، وقد قدمنا أن أحكام الوكالة تسري على الحراسة فيما لا تتعارض فيه مع نص خاص ، ولم يكن في التقنين المدني القديم نص على تضامن الموكلين ، ومع ذلك فقد قضى بتضامن الخصوم نحو الحارس في عهد هذا التقنين. (الوسيط في شرح القانون المصري للدكتور/ عبد الرازق السنهوري، الطبعة الثانية بتنقيح الدكتور/ مصطفى الفقي، دار النهضة العربية 1994 الجزء : السابع ، المجلد : الأول ، الصفحة : 1213)
الأصل في الحراسة أن تكون بأجر ولو سكت الخصوم في الحراسة الإتفاقية أو الحكم في الحراسة القضائية عن بيان الأجر، إلا إذا نزل الحارس عنه صراحة أو ضمناً، ويستحق الحارس الأجر ولو كان شريكاً في ملكية العقار الموضوع تحت الحراسة، فان لم يحدد الخصوم أو الحكم الاجر تولى القاضي تحديده وذلك بأمر على عريضة من رئيس المحكمة التي عينت الحارس أو قاضي الأمور المستعجلة أو رئيس المحكمة الاستئنافية التي طعن أمامها في حكم قاضي الأمور المستعجلة، كما ينعقد الإختصاص على هذا النحو بالنسبة لنظر المعارضة في أمر التقدير، ويرجع الحارس بأجره على طالب الحراسة أو على كل واحد من الخصوم إذا كانت الحراسة لمصلحتهم جميعاً كحالة الحراسة عن العين في الشيوع متى كانت دعوى الموضوع لم يفصل فيها بعد، أما إذا كانت هذه الدعوى قد فصل فيها فيرجع الحارس بأجرة على من كسبها أو على من حكم عليه بالمصاريف في رأي آخر، وترجع الرأي الأول.
وكانت المادة 1032 من مشروع القانون المدني تنص على استحقاق الحارس للأجر وما أنفقه من مصروفات على حفظ المال واقترح الدكتور السنهوري حذف ما يتعلق بالمصروفات إكتفاء بالقواعد العامة فتم ذلك وتقضي هذه القواعد بأن يسترد الحارس ما أنفقه من مصروفات في حفظ المال وفي إدارته وكذلك المصروفات النافعة كتحسين العين متى نمت بموافقة ذوي الشأن أو بإذن من القاضي وله الرجوع بالتعويض عما قد يصيبه من ضرر بسبب قيامه بالحراسة متى انتفى الخطأ من جانبه، ويرجع بذلك على المالك إذا كان النزاع قد حسم موضوعياً فإن كان لم يحسم بعد رجع على طالب الحراسة أو على أي واحد من الخصوم ولمن دفع أن يرجع على المالك بعد حسم النزاع، وتقدر مصاريف الحارس يأمر على عريضة كمصاريف الخبراء من القاضي الذي عين الحارس ولو كان قاضي الأمور المستعجلة - ولقاضي الأمور المستعجلة أن يأمر في حكم الحراسة أو في أمر لاحق على عريضة بإيداع مبلغ من الريع لمصاريف الحارس تكون له امتياز المصروفات القضائية. وللحارس خصم الأجر والمصروفات والتعويض من المال الذي تحت يده عند تقديمه للحساب وللخصوم الذين لم يتسببوا في الحراسة الرجوع بالمبالغ التي استحقها الحارس على الباقين بدعوى موضوعية.
أما التعويض الذي يستحقه الحارس بسبب الضرر الذي لحقه من أعمال الحراسة، فإنه يرجع به بإقامة دعوى موضوعية تتصدى فيها المحكمة الأركان المسئولية العقدية في الحراسة الاتفاقية، أو المسئولية التقصيرية في الحراسة القضائية.
للحارس حبس الأموال حتى يستوفي الأجر :
للحارس حبس ما تحت يده من أموال حتى يستوفي الأجر والمصروفات والتعويض وفقاً للقواعد العامة الواردة بالمادة 246 مدتی وما بعدها ولو كانت لم تحدد بعد طالما أنها محققة الوجود وبدون إخلال بما له من حق امتياز وفقاً للمادة 1137 مدنی وما بعدها وإذا ما استبدل الحارس بأخر إنتقلت الأموال للحارس الجديد على أن يحبس تحت يده من الريع ما يوازي المبلغ المطلوب للحارس الأول حتى يتم الفصل فيها، ويختص القضاء المستعجل بالفصل في المعارضة في الأوامر التي تصدر منه في ألعاب ومصاريف الحارس.
وإذا إنتهت الحراسة، دون الوفاء للحارس بحقوقه، جاز له حبس الأموال التي تناسب مع ضمان هذه الحقوق ورد الباقي من قضى له بإستحقاقها.
وإذا تعدد الخصوم، فلا تضامن بينهم في مسئوليتهم قبل الحارس، إذ لا تضامن إلا بإتفاق أو نص في القانون، وبالتالي لا تضامن إلا إذا اتفق هؤلاء مع الحارس على تضامنهم نحوه، فإن لم يوجد إتفاق، وقد خلت نصوص الحراسة من هذا التضامن ، فلا تأمن، ولا يجوز للمحكمة أن تقرره.
ويرى البعض إعمال نصوص الوكالة إذ يتضامن الموكلون قبل الوكيل ، وهناك رأي آخر يؤسس التضامن على أحكام الوديعة.
والمقرر أن لكل عقد من العقود المسماة نصوصه التي يخضع لها، ولا قياس بصددها لأن مناط القياس عدم وجود حكم للمسألة.
ولا تضامن أيضاً بين الحراس . (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر، الصفحة : 322)
وعلى ذلك إذا سكت الحكم عن كون الحارس بأجر أو بغير أجر فإنه يكون بأجر، ولا يكون الحارس غير مأجور إلا نزل صراحة أو ضمناً عن الأجر.
كيفية تقدير أجر الحارس :
لا يوجد في القانون نص يحدد أجر الحارس القضائي ولأن الحارس القضائي نائب قضائي فإن القضاء هو الذي يقدر أجره .
ويراعى في تقدير الأجر الجهد الذي يبذله الحارس وأهمية العمل الذي قام به، والنتيجة التي وصل إليها في إدارته، والمسئوليات والأخطار التي تعرض لها، وكفايته الخاصة، وغير ذلك من العناصر التي تعين القاضي على تقدير الأجر المناسب للحارس .
وقد ينص في الحكم على أن تكون الحراسة بغير أجر، ثم يتفق أصحاب الشأن على أن تكون بأجر، ذلك أن للخصوم في الأحكام الصادرة في المواد المدنية أن يتفقوا على خلاف ما قضت به ويبقى الأجر المتفق عليه أو المحكوم به سارياً حتى يعدل بإتفاق أو بحكم جديد.
وإذا لم ينص في حكم الحراسة على أنها بغير أجر فلا يستفاد ذلك من مجرد أن الحارس شريك في ملكية العقار موضوع الحراسة.
من يلزم بأجر الحارس ؟
يتعين في هذا الشأن التفرقة بين حالتين : الحالة الأولى : أن تكون دعوى الموضوع لا تزال قائمة ولم يفصل فيها بعد.
والثانية : أن تكون دعوی الموضوع قد فصل فيها بحكم نهائي لمصلحة أحد الخصوم.
وفي الحالة الأولى ذهب رأي بأن للحارس أن يرجع بأجره على طالب الحراسة الذي يرجع بدوره على من يكسب دعوى الموضوع إذا لم يكن هو الذي كسبها .
بينما ذهب رأي ثان إلى أن للحارس مطالبة كل واحد من الخصوم بأتعابه خصوصاً إذا كانت الحراسة لمصلحة الجميع كحالة الحراسة الموضوعة على أعيان مشتركة بسبب حالة الشيوع بين الشركاء، كما يجوز له الرجوع بها على الخصم طالب الحراسة وحده .
وذهب رأي ثالث إلى أن للحارس الرجوع على أي من الخصوم الممثلين في الدعوى بأجره .
وذهب رأي رابع إلى أن للحارس أن يتوجه بالمطالبة إلى الخصوم جميعا استناداً إلى أن الحراسة إجراء تحفظي قصد به كفالة حقوقهم على السواء كما في حالة الشيوع، فإذا كانت الحراسة مقصوداً بها تحقيق مصلحة لشخص معين فهو الملزم بالمصروفات والأجر، كما لو كان سببها مديونية أحد الشركاء المشاعين أو أحد مستحقى الوقف فعندئذ يلتزم الدائن بها دون غيره.
وذهب رأى خامس إلى أن أجر الحارس يعد من المصروفات اللازمة الإدارة المال وصيانته والمحافظة عليه، وعلى ذلك إذا كانت الحراسة قد فرضت على المال الشائع أو المشترك الذي لا نزاع على أنصبة الشركاء فيه فإن الشركاء جميعاً يلزمون بأجر الحارس كل بحسب نصيبه.
أما إذا كان هناك نزاع على الملكية فإن الحارس يحصل على أجره في هذه الحالة من إيراد المال الموضوع تحت الحراسة أو من ذات المال المفروضة عليه الحراسة إذا كان قد تصرف فيه أو في جزء منه بإذن من القاضي.
وإذا كان مال الحراسة لا يغل إيراداً ولم يكن قد بيع منه شيء فللحارس في هذه الحالة أن يستأذن القاضي الذي عينه في الإقتراض على المال الموضوع تحت الحراسة وفاء لأجره أو التنفيذ بما له من أجر على مال الحراسة ويجوز له أن يرجع على أفراد الحراسة في مالهم الخاص الذي لا شأن له بالحراسة لأنه أجر عن عمل أداه لصالحهم.
ونرى الأخذ بالرأي الأول.
أما الحالة الثانية : فقد ذهب رأى إلى أن أتعاب الحارس يلزم بها من كسب الدعوى أو على من حكم عليه بالمصروفات .
بينما ذهب رأي آخر إلى أن أتعاب الحارس يلزم بها من كسب الدعوى.
ونرى الأخذ بالرأي الأخير.
الإختصاص بتقدير أجر الحارس :
يختص القاضي الذي عين الحارس بتقدير أجره بأمر يصدر على عريضة، فإن كان معيناً من قاضي الأمور المستعجلة فإنه هو الذي يقدر أجر الحارس. أما إذا كان قاضي الأمور المستعجلة قد قضى برفض الحراسة ثم استؤنف هذا الحكم وحكمت محكمة الدرجة الثانية بالحراسة، ففي هذه الحالة يكون رئيس الدائرة الاستئنافية هو المختص بتقدير أتعاب الحارس، دون القاضى المستعجل، حتى ولو كانت المحكمة الاستئنافية قد أمرت الحرس بأن يودع حساب إدارته قلم كتاب محكمة الدرجة الأولى لأن هذا الإيداع هو مجرد إجراء روعي فيه التيسير على الخصوم وكون هذه المحكمة هي التي تنظر النزاع الموضوعي.
ويقوم هذا الإختصاص على أساس علاقة التبعية بين الأصل التی هی دعوى الحراسة وبين الفرع الذي يتفرع عليها من تقدير مصروفاتها وما يلحق بها من أتعاب المحامي أو الخبير أو الحارس المعين فيها وذلك تطبيقاً للقاعدة العامة المقررة في المادة 189 مرافعات التي تقضي بأن :
تقدر مصاريف الدعوى في الحكم إن أمكن وإلا قدرها رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بأمر على عريضة يقدمها المحكوم له ويعلن هذا الأمر للمحكوم عليه بها ولا يسري على هذا الأمر السقوط المقرر في المادة 200 ".
ولذلك لا ضرورة لإستيفاء شرطي الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، ولا يغير من ذلك قيام دعوى لدى محكمة الموضوع للفصل في أصل الحق أو بطلب محاسبة الحارس عن إدارته للمال موضوع الحراسة.
ويختص القاضي الذي أمر بتقدير أتعاب الحارس بنظر التظلم في هذا الأمر طبقاً للقاعدة العامة الواردة بالمادة 190 من قانون المرافعات.
ويجوز لأطراف الحراسة جميعاً أن يتفقوا مع الحارس على أجره سواء كان ذلك أثناء نظر النزاع أم بعد الفصل فيه وهذا الإتفاق يكون ملزماً لأطرافه وتتقيد به المحكمة بإعتباره عقداً والعقد شريعة المتعاقدين وذلك في حالة ما إذا طالب الحارس بأجره استناداً إلى هذا الإتفاق والقاضي المختص في هذه الحالة هو قاضي الموضوع لأنه يطبق العقد.
وإذا اتفق أطراف الحراسة مع الحارس على الأجر على النحو السالف بيانه إلا أن الحارس تجاهل هذا الإتفاق ولجأ للقاضي الذي عينه أو لرئيس الدائرة التي عينته طالباً تقدير أتعابه بأمر على عريضة وأجيب إلى طلبه وتظلم أطراف الحراسة أو أحدهم من هذا الأمر وجب إلغاؤه لأنه يخالف العقد المبرم بين طرفيه والملزم لهم قانوناً.
حق الحارس في استرداد المصروفات :
للحارس القضائي بالإضافة إلي أجره الحق في اقتضاء كافة المبالغ التي يكون قد صرفها في أداء مهمته، وذلك سواء أكانت الحراسة بأجر أو بغير أجر .
والقواعد العامة تقضي بأن يسترد الحارس ما أنفقه من مصروفات ضرورية في حفظ المال وفي إدارته، كمصروفات الترميمات الضرورية ومصروفات الزراعة من ثمن بذور وسماد وموش وآلات ومبيدات الحشرات وأجور العمال والمستخدمين الذين يستعين بهم الحارس في أداء مهمته، كذلك يسترد ما أنفقه من مصروفات نافعة كمصروفات أنفقها في ثمن العين إذا حصل على موافقة ذوى الشأن أو إذن القاضي .
كما يستحق الحارس الديون التي اقترضها للاستعانة بها على أداء مأموريته وفي حدود هذه المأمورية.
من يلزم بالمصاريف التي أنفقها الحارس؟
يسري على الالتزام بالمصاريف التي أنفقها الحارس ما يسري على الإلتزام بأجر الحراسة.
الاختصاص بالفصل في المصاريف :
يجب على الحارس رفع دعوى أمام محكمة الموضوع للمطالبة بمصاريف الحراسة، ولا يجوز له استصدار أمر تقدير بها كالأجر، لأن تقدير المصاريف وتحديد قيمة المبالغ التي اقترضها الحارس يقتضي تصفية حساب الحارس ومراجعة مستندات الإيرادات والمصروفات عن مدة إدارته، وهذا العمل لا يمكن أن يضطلع به قاضي الأمور المستعجلة عندما يطلب منه أمراً بالتقدير لأن ولايته لا تتسع لهذا البحث إذ يعتبر ذلك فصلاً في نزاع موضوعي لا يختص به قانوناً .
كما يجوز للحارس المطالبة بهذه المصاريف بصفة فرعية في دعوى أخرى أو أثناء إجراءات التوزيع.
حق الحارس في التعويض :
للحارس القضائي أن يرجع بالتعويض عما يصيبه من ضرر ويكون سببه المباشر قيامه بمهمته دون أن يصدر من جانبه أو خطأ شخصی.
ويتقاضى الحارس التعويض من صاحب المال إذا كان النزاع قد فصل فيه، فإذا كان النزاع لم يفصل فيه، استرد التعويض من الخصوم .
وتتم المطالبة بالتعويض المستحق عن طريق رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة .
ومن ثم يكون للحارس الحق في حبس الأموال الموضوعة تحت حراسته سواء كانت من المنقولات أو العقارات إلى أن يستوفى أجره وما يكون قد أنفقه من مصاريف الصيانة ومصاريف الإدارة وما ينفقه في سبيل التقاضي وما يتحمله بسبب الإستغلال ذلك أن الحارس تغلب عليه صفتا المودع عنده والوكيل فيستفيد من الضمانات المقررة لهما قانوناً وأخصها حق الحبس بالنسبة لنفقاته وأتعابه.
وإذا نازع الخصوم في استحقاق الحارس للمبالغ التي يدعيها كان لهم إيداعها خزانة المحكمة ويسلم الشيء موضوع الحراسة وحينئذ يتحول النزاع إلى المبلغ المودع بالمحكمة.
ولا يؤثر في حق الحبس أن الأجر والمصروفات والتعويض مبالغ غير معينة المقدار مادامت محققة الوجود .
وللحارس حق امتياز بالمبالغ المستحقة له مقابل ما صرفه لصيانة المنقولات الموضوعة تحت حراسته وفقاً لحكم المادة 1140 مدنی .
وعلى أي حال لا يختص قاضي الأمور المستعجلة بالبت فيما إذا كان " الأجر أو المصروفات يتمتع بحق امتياز أم لا .
يذهب غالبية الفقهاء - وأيدتهم محكمة النقض - إلى أن مسئولية الحارس القضائي عن أعماله في الحراسة هي مسئولية عقدية، بإعتباره وكيلاً عن أصحاب المال الخاضع للحراسة، ومن ثم تسري على هذه المسئولية أحكام المسئولية الخاصة بالوكيل كما تسرى على بعض التزامات الحارس القضائي أحكام مسئولية المودع لديه .
ولئن كانت المادة 704 مدنی الواردة في آثار الوكالة تنص على أنه: "1 إذا كانت الوكالة بلا أجر وجب على الوكيل أن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة، دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الرجل المعتاد .
2- فإن كانت بأجر وجب على الوكيل أن يبذل دائماً في تنفيذها عناية الرجل المعتاد إلا أن المشرع خالف هذا النص بالنسبة للحارس وتطلب من الحارس أن يبذل في أداء إلتزاماته عناية الرجل المعتاد إذ نصت المادة 734/1 مدني - كما رأينا سلفاً - على أن يلتزم الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها، وبإدارة هذه الأموال، ويجب أن يبذل في كل ذلك عناية الرجل المعتاد، وبالتالي لا محل للتفرقة في مسئولية الحارس بين ما إذا كانت الحراسة بأجر أو بدون أجر .
والالتزامات تنقسم إلى نوعين : التزام بغاية والتزام بوسيلة .
والالتزام بغاية هو الالتزام الذي يتعهد فيه المدين بشيء معين، سواء أكان عملاً أم امتناعاً عن عمل أو نقل حق، أما الالتزام بوسيلة فلا يتعهد فيه المدين إلا ببذل عناية لتحقيق ما تعهد به من غير أن يضمن إيصال الدائن إلى نتيجة معينة بالذات.
والتزام الحارس بالمحافظة على الأموال المعهودة إليه حراستها - كما أوضحنا سلفاً - التزام بوسيلة لأن هذا الالتزام لا يفرض على الحارس نتيجة يلتزم بتحصيلها وإنما يفرض عليه قدراً من العناية يجب عليه القيام بها.
كذلك إلتزام الحارس القضائي بإدارة الأعيان التي توضع تحت حراسته هو التزام بوسيلة أيضاً لأن هذا الإلتزام لا يفرض على الحارس القضائي تحصيل نتيجة معينة. وإنما يلتزم بموجبه ببذل قدر من العناية حددها له المشرع.
أما التزام الحارس برد الأشياء المعهودة إليه حراستها عند إنتهاء مهمته، فهو التزام بغاية لأن الحارس القضائي إنما يلتزم بموجبه بتسليم هذه الأشياء مع غلتها المقبوضة لمن يقضي له بها أو بعبارة أخرى يلتزم بتحصيل نتيجة معينة وهي رد الأشياء الموضوعة تحت الحراسة لمن يثبت له الحق فيها. لهذا لا يبرأ الحارس من هذا الإلتزام إلا إذا أثبت أن عدم التنفيذ ناشئ عن سبب أجنبي من قوة قاهرة أو حادث فجائي أو فعل الغير الذي لا يسأل عنه.
أما التزام الحارس القضائي بتقديم حساب عن إدارته إما لأصحاب الشأن أو للقضاء، أو بما قد يكلفه به القضاء بجرد الأموال الموضوعة تحت الحراسة وتحرير محضر بذلك، فهى التزامات بغاية.
ونعرض بعد ذلك للأركان التي تقوم عليها مسئولية الحارس القضائي.
أركان المسئولية :
أركان المسئولية المدنية، سواء كانت عقدية أم تقصيرية ثلاثة هي : الخطأ والضرر وعلاقة السببية وعلى ذلك تتحقق مسئولية الحارس القضائي المدنية إذا وقع منه خطأ و لحق بالمضرور ضرر، ووجدت علاقة سببية بين الخطأ والضرر .
الركن الأول : الخطأ :
الخطأ هو أهم ركن من أركان مسئولية الحارس القضائي. ولا يفرق الفقه الحديث بين الخطأ التعاقدي والخطأ التعاقدي من حيث طبيعتهما.
ويعرف بعض الفقهاء الخطأ بأنه تقصير في مسلك الإنسان لا يقع من شخص يقظ وجد في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالمسئول .
والخطأ يتناول الفعل السلبي (الإمتناع) والفعل الإيجابي، وتتصرف دلالته إلى مجرد الإهمال والفعل العمدي على السواء .
والخطأ الذي يرتكبه الحارس القضائي يختلف باختلاف مدى التزاماته فإذا كان التزامه بغاية أي بتحقيق نتيجة معينة، فإنه إذا لم يحقق هذه الغاية أو النتيجة يكون مخطئاً، ومثال ذلك التزامه برد الأشياء المعهود إليه حراستها عند انتهاء مهمته، فإذا لم يقم بردها اعتبر مخطئاً.
أما إذا كان التزامه ببذل عناية أي التزام بوسيلة، مثل التزامه بالمحافظة على الأموال المعهود إليه حراستها أو إدارتها، فإنه إذا لم يبذل في حفظها أو إدارتها عناية الرجل المعتاد، كان مخطئاً .
الركنان الثاني والثالث : الضرر ورابطة السببية بين الخطأ والضرر :
يخضع هذان الركنان للقواعد العامة في المسئولية
يتعين التفرقة في إثبات مسئولية الحارس القضائي بين ما إذا كان التزام الحارس الذي أخل به إلتزاماً بتحقيق غاية (نتيجة) أو التزاما ببذل عناية (إلتزاماً بوسيلة) فإذا كان التزام الحارس التزاماً بتحقيق غاية، كان على الدائن إثبات أن الغاية المطلوبة لم تتحقق، فالحارس المدين يعتبر مقصراً بمجرد عدم تحقق الغاية مما يوفر ركن الخطأ في جانبه فإذا أراد الحارس دفع مسئوليته كان عليه إثبات تحقق الغاية، أو إثبات أن عدم تحقق الغاية يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه (م 215 مدني) وقد يكون هذا السبب قوة قاهرة أو حادثاً فجائياً أو خطأ الدائن ذاته، أو خطأ شخص لا يسأل الحارس عن فعله، فإذا أفلح الحارس فی ذلك فإنه يكون قد نفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
فإذا لم يقم الحارس القضائي برد الأشياء المعهودة إليه حراستها عند إنتهاء مهمته، كان ذلك إثباتاً لخطئه، ويقع على عاتقه نفي مسئوليته بإثبات السبب الأجنبي.
أما إذا كان التزام الحارس التزاماً ببذل عناية فلا يكفي الدائن إثبات وجود الإلتزام بل يقع على عاتقه إثبات أن الحارس لم يبذل في تنفيذ إلتزامه عناية ، الرجل المعتاد.
والدائن لا يستطيع إثبات ذلك إلا بإثبات كافة أركان المسئولية من خطأ في تنفيذ الحارس لالتزامه وضرر أصاب الدائن من هذا الخطأ، ورابطة سببية بينهما.
فإذا كان التزام الحارس هو المحافظة على أموال الحراسة أو إدارتها، فلا يكفي أن يثبت الدائن وجود الإلتزام، وإنما يجب عليه إثبات أن الحارس لم يبذل في تنفيذه عناية الرجل المعتاد.
مسئولية الحارس القضائي عن أعمال مساعدية :
إن مركز الحارس القضائي بالنسبة إلى أصحاب الشأن في الحراسة مركز النائب، وهو إذا تصرف في حدود نيابته، فإنما يتصرف لحساب من ينوب عنهم. فإذا عين مثلاً موظفين يساعدونه فيما عهد إليه من عمل، فإنه لا يكون مسئولاً عن هؤلاء الموظفين إلا إذا أمكن نسبة الخطأ إليه فيما يدخل في نطاق عمله. مثال ذلك إذا أساء اختيارهم أو أهمل في مراقبتهم أثناء قيامهم بعملهم .
ومتى انتفى خطأ الحارس القضائي، وكان تصرفه في حدود نطاق مأموريته المرسومة له، فإن مسئوليته تتفى تبعاً لذلك وتتحمل الحراسة وحدها، الأخطاء التي يرتكبها القائمون بالعمل مع الحارس القضائي، لأن سلطة الأمر والتوجيه التي له عليهم إنما يباشرها نيابة عن الحراسة، وليس لحسابه الخاص.
قد لا يرتكب الحارس خطئاً شخصياً ، وإنما قد يرتكب خطئاً مصلحياً ناتجاً عن قيامه بأداء المهمة المعهودة إليه فإذا حدث ضرر نتيجة لهذا الخطأ كانت الحراسة هي المسئولة عن تعويضه، لأن الحارس وهو يقوم بمأموريته إنما يقوم بها نيابة عمن يمثلهم فإذا تعاقد أو اقترض فإنه يقوم بذلك بصفته نائباً لا بصفته الشخصية، ومن ثم تتحمل الحراسة كل ما ينتج من أعمال الحارس القضائي بصفته هذه من تعويض على شرط ألا يكون في قيامه بعمله قد جاوز حدود سلطته المخولة بالحكم.
فإذا قام الحارس القضائي بفصل موظف كان يدير الأموال الموضوعة تحت الحراسة، وكان هذا الفصل يدخل في حدود سلطته الإدارية، وقد راعى فيه من جانبه مصلحة العمل الموكول إليه، فإنه لا يكون مسئولاً شخصياً لأنه لم يقع منه خطأ في قيامه بعمله.
أما إذا قضى لهذا الموظف بتعويض لأن فصله كان في وقت غير لائق، فإن الحراسة هي التي تتحمل التعويض لأن الحارس وهو يقوم بمأموريته يقوم بها نيابة عمن يمثلهم ولحسابهم.
أما إذا جاوز الحارس حدود سلطته، فإنه يكون ملزماً شخصياً عن تعويض الغير الذي يكون قد أصابه ضرر من ذلك إلا إذا بصر هذا الغير بالحدود الحقيقية لسلطته .
وإذا ارتكب الحارس القضائي خطأ قبل الغير رتب له ضرراً، كأن يقيم الحارس بناء على أرض الغير أو يؤجر الأعيان الموضوعة تحت الحراسة مرتين، أولاً يقدم للمستأجر التدفئة والمياه التي تستحق له طبقاً لعقد الإيجار، فإن الحراسة هي التي تكون مسئولة عن عمل الحارس لأن مسئولية الحراسة عن أعمال الحارس مسئولية عقدية وتكون إدارة الحارس إمتداداً لشخصية من ينوب عنهم .
عدم مسئولية وزارة العدل عن خطأ الحارس القضائي : -
لا تسأل وزارة العدل عن الخطأ الذي يقع من الحارس القضائي في أعمال الحراسة، ولو كان الحارس منتدباً من خبراء وزارة العدل لأن الحارس يستمد سلطته من الحكم الذي عينه حارساً وليس بناء على توجيهات صادرة من وزارة العدل، وهو يعتبر وكيلاً عن أصحاب الشأن.
يجوز تعديل مأمورية الحارس القضائي المحكوم بها إذا حصل تغيير في وقائع الدعوى المادية التي كانت مطروحة أمام القاضي الذي قضى بفرض الحراسة وتعيين الحارس وتحديد مأموريته، أو إذا حصل تعديل في المركز القانوني للخصوم، يقتضي تعديل مأمورية الحارس المعين في الحكم بالزيادة أو النقصان، أي بمد نطاق الحراسة على أموال لم تشملها، أو قصرها على بعض الأموال التي شملتها، أو بالإذن للحارس بتوزيع غلة العقار بدلاً من إيداعها خزينة المحكمة.
ومن دواعي تعديل مأمورية الحارس القضائي ما يأتي :
1- أن يكون النزاع على جزء من الأرض المفرزة الموضوعة تحت الحراسة قد انتهى رضاء أو قضاء بحكم نهائی، ففي هذه الحالة تعدل مهمة الحارس القضائي باستبعاد هذا الجزء من نطاق مأموريته.
2- أن يكون أحد الخصوم قد اشترى جزءاً مفرزاً من الأرض بعقد ليس عليه مطعن جدي، فيكون تعديل مهمة الحارس القضائي بإخراج هذا الجزء من الأرض من مهمته.
3- أن يكون من مصلحة الطرفين مد مهمة الحارس القضائي إلى الزراعة المحجوز عليها والقائمة على الأموال الموضوعة تحت الحراسة وذلك لجمعها وبيعها كلها .
الخصوم في دعوى تعديل مأمورية الحارس القضائي :
يجب اختصام أطراف الحراسة والحارس في دعوى تعديل مأمورية الحارس القضائي بالنقصان أو الزيادة.
ومع ذلك ذهب رأى في الفقه والقضاء إلى أنه لا يلزم إختصام الحارس القضائي في دعوى تعديل مأمورية الحارس القضائي بالزيادة .
وينتقد البعض - بحق - هذا الرأي استناداً إلى أن الحارس يعتبر خصماً أصيلاً في هذه الحالة فلا يجوز تعديل مأموريته بدون أن يختصم في الدعوى، ولا يجوز قياس هذه الحالة على حالة فرض الحراسة التي لا يشترط فيها اختصام المرشح الحراسة إذ أن هذا قياس مع الفارق لأن الحارس المعين ابتداءً عند فرض الحراسة له أن يقبلها وله أن يرفضها إذا تبين له أن المأمورية المكلف بها لا تناسبه، أما في حالة تعديل المأمورية، فليس له أن يطلب التنحى إلا برفع دعوى .
المحكمة المختصة بدعوى تعديل مهمة الحارس القضائي :
ترفع دعوى تعديل مهمة الحارس القضائي إلى قاضى الأمور المستعجلة أو المحكمة التي قضت بالحراسة وتعيين الحارس.
ويشترط لإختصاص القاضي المستعجل توافر ركنى الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق.
فالقاضى المستعجل لا يقضي بتعديل مهمة الحارس إلا إذا استبان له من ظاهر المستندات جدية السبب الذي يدعيه المدعى لتعديل مهمة الحارس أما إذا تبين له عدم جديته أو أن ظاهر المستندات لا يسمح بترجيح أحد الرأيين عند المنازعة في ذلك تعين عليه القضاء بعدم اختصاصه نوعياً بنظر الدعوى.
وغني عن البيان أن هذه المنازعة لا تعتبر متعلقة بالتنفيذ وبالتالي لا اختصاص للقاضي التنفيذي بالفصل فيها.
وإذا كان الحارس معيناً بأجر فيجوز للخصوم أو لبعضهم طلب استبداله بحارس آخر تتوافر فيه الصفات المطلوبة ويقبل الحراسة بدون أجر، ولو لم توجه ثمة مطاعن إلى هذا الحارس، فيكون إحلال حارس بغير أجر محل حارس بأجر سبباً كافياً لجواز الإستبدال.
ويتوافر الإستعجال في هذه الحالة من الضرر الذي يصيب أطراف الحراسة من تحملهم أتعاب الحراسة المتجددة خاصة إذا كان المال الموضوع تحت الحراسة لا يغل ريعاً كبيراً .
كما يجوز استبدال الحارس إذا كان تعيينه يقوم على إعتبارات جوهرية تتعلق بشخصه أو لما هو مشهود عنه بالنزاهة والاستقامة التي لولاها ما ارتضاه الخصوم، فإذا هو تخلى عن إدارة أعمال الحراسة ووكل شئونها إلى غيره، فللقاضي في هذه الحالة أن يستبدل به غيره. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء : التاسع ، الصفحة : 851)

